ثم غزوة بنى لحيان- بكسر اللام وفتحها، لغتان- فى ربيع الأول سنة ست من الهجرة. وذكرها ابن إسحاق فى جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من قريظة. قال ابن حزم: الصحيح أنها فى الخامسة.

قالوا: وجد رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- على عاصم بن ثابت وأصحابه وجدا شديدا، فأظهر أنه يريد الشام، وعسكر فى مائتى رجل ومعهم عشرون فرسا.

واستخلف على المدينة عبد اللّه بن أم مكتوم.

ثم أسرع السير حتى انتهى إلى غران- واد بين أمج وعسفان، وبينها وبين عسفان خمسة أميال- حيث كان مصاب أصحابه أهل الرجيع الذين قتلوا ببئر معونة، فترحم عليهم ودعا لهم.

(١) انظر هذه الغزوة فى (السيرة النبوية) لابن هشام (٢/ ٢٨١ و ٢٨٩) ، وابن سعد فى (طبقاته) (٢/ ٨٠- ٨٤) ، وابن كثير فى (البداية والنهاية) (٣/ ٢٨٦- ٢٩٦) .

فسمعت به بنو لحيان فهربوا فى رؤس الجبال، فلم يقدر منهم على أحد، فأقام يوما أو يومين يبعث السرايا فى كل ناحية. ثم خرج حتى أتى عسفان فبعث أبا بكر فى عشرة فوارس لتسمع به قريش فيذعرهم، فأتوا كراع الغميم، ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا.

وانصرف- صلى اللّه عليه وسلم- إلى المدينة ولم يلق كيدا وهو يقول: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) (١) وغاب عن المدينة أربع عشرة ليلة.

__________

(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٨٥ و ٣٠٨٦) فى الجهاد والسير، باب: ما يقول إذا رجع من الغزو، ومسلم (١٣٤٥) فى الحج، باب: ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره، من حديث أنس- رضى اللّه عنه-.