المعتضد باللّه: أبو الفتح داود بن المتوكل أمه أم ولد تركية اسمها كزل.

بويع بالخلافة بعد خلع أخيه سنة خمس عشرة والسلطان حينئذ المؤيد فاستمر إلى أن مات في محرم سنة أربع وعشرين فقلد السلطنة ابنه أحمد ولقب المظفر وجعل نظامه ططر ثم قبض عليه ططر في شعبان فقلده الخليفة السلطنة ولقب الظاهر ثم مات ططر من عامه في ذي الحجة فقلد ابنه محمداً ولقب الصالح وجعل نظامه برسباي.

ثم وثب برسباي على الصالح فخلعه وقلده الخليفة في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين فاستمر إلى أن مات في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين فقلد ابنه يوسف ولقب العزيز وجعل جقمق نظامه فوثب جقمق على العزيز وقبض عليه في ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين فقلده الخليفة ولقب الظاهر فمات الخليفة في أيامه.

وكان المعتضد من سروات الخلفاء نبيلاً ذكياً فطناً يجالس العلماء والفضلاء ويستفيد منهم ويشاركهم فيما هم فيه سمحاً إلى الغاية.

مات في يوم الأحد رابع ربيع الأول سنة خمس وأربعين وقد قارب السبعين قال ابن حجر وأخبرتني ابنة أخيه أنه عاش ثلاثاً وستين.

ومن الحوادث الغريبة في أيامه سنة ست عشرة تولى الحبسة صدر الدين ابن الآدمي مضافة للقضاة وهو أول من جمع بين القضاء والحسبة.

وفي سنة تسع عشرة وليها منكلى بغا وهو أول من ولي الحسبة من الأتراك في الدنيا.

وفيها ظهر بمصر شخص يدعي أنه يصعد إلى السماء ويشاهد الباري تعالى ويكلمه واعتقده جمع العوام فعقد له مجلس واستتيب فلم يتب فعلق المالكي الحكم بقتله على شهادة اثنين بأنه حاضر العقل فشهد جماعة من أهل الطب أنه مختل العقل فقيد في البيمارستان.

وفي سنة إحدى وعشرين ولدت ببلبيس جاموسة مولوداً برأسين وعنقين وأربعة أيدي وسلسلتي ظهر ودبر واحد ورجلين اثنين لا غير وفرج واحد أنثى والذنب المفروق باثنين فكانت من بديع صنع اللّه.

وفي سنة اثنتين وعشرين وقع زلزلة عظيمة بارزنكان وهلك بسببها عالم كثير.

وفيها تمت المدرسة المؤيدية وجعل شيخها الشمس ابن المديري وحضر السلطان درسه وباشر ولد السلطان إبراهيم فرش سجادة الشيخ بيده.

وفي سنة ثلاث وعشرين ذبح جمل بغزة فأضاء لحمه كما يضيء الشمع ورمى منه قطعة لكلب فلم يأكلها.

وفي سنة أربع وعشرين استمرت زيادة النيل إلى آخر هاتور وغرق بذلك زرع كثير.

وفي سنة خمس وعشرين ولدت فاطمة بنت القاضي جلال الدين البلقيني ولداً خنثى له ذكر وفرج وله يدان زائدتان في كفه وفي رأسه قرنان كقرني الثور ومات بعد ساعة.

وفيها زلزلت القاهرة زلزلة لطيفة.

وفيها كثر النيل في ثامن عشري أبيب.

وممن مات في أيامه من الأعلام: الشهاب ابن حجة فقيه الشام والبرهان بن رفاعة الأديب والزين أبو بكر المراغي فقيه المدينة ومحدثها والحسام الأبيوردي والجمال ابن ظهيرة حافظ مكة والمجد الشيرازي صاحب القاموس وخلف النحريري من كبار المالكية والشمس ابن القباني من كبار الحنفية وأبو هريرة بن النقاش والوانوغي والأستاذ عز الدين بن جماعة وابن هشام العجمي والصلاح الأقفهسي والشهاب العزي أحد أئمة الشافعية والجلال البلقيني والبرهان البيجوري والولي العراقي والشمس ابن المديري والشرف القباني والعلاء بن المعلى والبدر بن الدماميني والتقي الحصني شارح أبي شجاع والهروي والسراج قارئ الهداية والنجم ابن حجي والبدر البشتكي والشمس البرماوي والشمس الشطنوفي والتقي الفاسي والزين القمني والنظام يحيى السيرافي وقراء يعقوب الرومي والشرف ابن مفلح الحنبلي والشمس ابن القشيري وابن الجزري شيخ القراءات وابن خطيب الدهشة والشهاب الإبشيطي والزين التفهني والبدر القدسي والشرف بن المقري عالم اليمن صاحب عنوان الشرف والتقي ابن حجة الشاعر والجلال المرشدي نحوي مكة والهمام الشيرازي تلميذ الشريف والجمال ابن الخياط عالم اليمن والبوصيري المحدث والشهاب ابن الحمرة والعلاء البخاري والشمس البساطي والجمال الكازروني عالم طيبة والمحب البغدادي الحنبلي والشمس ابن عمار وآخرون.