الجامع
الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير كتاب الطَّلَاق
بَاب طَلَاق السّنة
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ
لامْرَأَته وَهِي من ذَوَات الْحيض أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة وَلَا
نِيَّة لَهُ فَهِيَ طَالِق عِنْد كل طهر تَطْلِيقَة فَإِن نوى ان تقع
الثَّلَاث سَاعَات أَو رَأس كل شهر وَاحِدَة وقعن على مَا نوى وَإِن كَانَت
آيسة أَو كَانَت من ذَوَات الشُّهُور
بَاب طَلَاق السّنة
قَوْله عِنْد كل طهرالخ الان السّنة فِي الْإِيقَاع تفريقها على
الْأَطْهَار
قَوْله وقعن على مَا نوى لِأَنَّهُ نوى مَا يحْتَملهُ اللَّفْظ وَقَالَ زفر
لَا يَصح لِأَنَّهُ نوى ضد السّنة وَإِنَّا نقُول بِأَنَّهُ لما نوى
الثَّلَاث فقد نوى السّنة من طَرِيق الْوُقُوع دون الْإِيقَاع فَكَانَ
الْمَنوِي من محتملات لَفظه فَيصح وَكَذَلِكَ إِذا نوى أَن يَقع عِنْد رَأس
كل شهر تَطْلِيقَة وَاحِدَة لِأَن ذَلِك يحْتَمل ان يَقع فِي الطُّهْر
فَيكون سنياً فِي الْوُقُوع والإيقاع وَقد يحْتَمل أَن يَقع فِي الْحيض
فَيكون سنياً فِي الْوُقُوع دون الْإِيقَاع
قَوْله لَا تطلق إِلَّا وَاحِدَة وَذَلِكَ لِأَن الأَصْل فِي الطَّلَاق
الْخطر
لقَوْله (عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) أبْغض الْحَلَال إِلَى الله
الطَّلَاق وَقد ورد الشَّرْع بِالتَّفْرِيقِ
(1/191)
وَقع السَّاعَة الْوَاحِدَة وَبعد شهر
أُخْرَى وَبعد شهر أُخْرَى وَإِن نوى الثَّلَاث السَّاعَة وقعن وَتطلق
الْحَامِل للسّنة وَاحِدَة وَبعد شهر أُخْرَى وَبعد شهر أُخْرَى وَهُوَ
قَول ابو يُوسُف (رَحمَه الله) وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) لَا تطلق
إِلَّا وَاحِدَة وَهُوَ قَول زفر (رَحمَه الله) رجل قَالَ كل امْرَأَة
أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق فَتزَوج امْرَأَة فَطلقت ثمَّ تزَوجهَا لم
تطلق وان قَالَ كلما تزوجت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على فُصُول الْعدة لقَوْله تَعَالَى فطلقوهن لعدتهن فَفِي ذَوَات
الْأَقْرَاء فرق على الْأَطْهَار وَفِي الآيسة وَالصَّغِيرَة على الْأَشْهر
لِأَنَّهَا فِي حقهن كالقرء فِي حق ذَوَات الْحيض والشهر فِي حق الْحَاصِل
لَيْسَ من فُصُول الْعدة لِأَن مُدَّة الْحَامِل وَإِن صَارَت طَوِيلَة
لَيْسَ من فُصُول الْعدة فَإِنَّهُ طهر وَاحِد حَقِيقَة وحكمان فَلَا تطلق
إِلَّا وَاحِدَة وَلَهُمَا أَن إِبَاحَة الطَّلَاق لعِلَّة الْحَاجة والشهر
دليلها فَيَقَع الطَّلَاق فِيهِ كَذَا فِي شُرُوح الْهِدَايَة
قَوْله لم تطلق لِأَن كلمة كل أوجبت عُمُوم النِّسَاء لَا عُمُوم
التَّزَوُّج
قَوْله فَهُوَ ابْنه لِأَنَّهَا لما جَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر من حِين
تزَوجهَا ظهر أنهنا جَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر من وَقت الطَّلَاق
وَالْولد لَا يحصل الاقل من سِتَّة أشهر فَكَانَ الْعلُوق قبله وَيتَصَوَّر
أَن يكون من الزَّوْج فَصَارَت الْمَرْأَة فراشا لَهُ لِأَن الطَّلَاق
وَاقع بعد النِّكَاح لِأَن الْجَزَاء يُوجد بعد الشَّرْط وَأما كَمَال
الْمهْر لأَنا لما أثبتنا النّسَب مِنْهُ جَعَلْنَاهُ واطئاً بعد النِّكَاح
قبل الطَّلَاق وَالطَّلَاق بعد وطأ الزَّوْج يُوجب كَمَال الْمهْر فَإِن
قيل كَيفَ يتَصَوَّر جعله واطئا وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ الوطئ فِي تِلْكَ
السَّاعَة اللطيفة قيل لَهُ لما اقام الْفراش مقَام الوطئ حكما فَإِذا وجد
الْفراش وجد الوطئ حكما فَإِن قيل مَعَ قيام الْفراش احْتِمَال نزُول
المَاء حَقِيقَة شَرط وَلم يُوجد وَلِهَذَا لَو جَاءَت امْرَأَة الصَّبِي
بِالْوَلَدِ لَا يثبت مِنْهُ وَلَا احْتِمَال للْمَاء هَهُنَا لِأَنَّهُ
لَا بُد للنِّكَاح ثمَّ الوطئ ثمَّ الطَّلَاق ثمَّ مُضِيّ سِتَّة أشهر لوضع
الْحمل وَقد اعْتبرت الْمدَّة بِسِتَّة أشهر من حِين التَّزَوُّج قيل لَهُ
النِّكَاح تقوم مقَام المَاء فِي مَوضِع الِاحْتِمَال وَالِاحْتِمَال
هَهُنَا مَوْجُود وَهُوَ أَنه يخالط امْرَأَة وَدخل عَلَيْهِ رجال وَهُوَ
تزَوجهَا ويخالطها والداخلون يسمعُونَ كَلَامهمَا ثمَّ أنزل فَيكون
(1/192)
امْرَأَة فَهِيَ طَالِق طالقت فِي كل مرّة
يَتَزَوَّجهَا فَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا ثمَّ تزَوجهَا بعد زوج آخر طلقت
وَإِن قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَتَزَوجهَا فَجَاءَت بِولد
لسِتَّة أشهر من يَوْم تزَوجهَا فَهُوَ ابْنه وَعَلِيهِ مهر وَاحِد قَالَ
فِي الأمالي مهر وَنصف مهر للدخول وَمهر للتزويج رجل قَالَ لامْرَأَة إِن
تزوجت عَلَيْك فالتي أَتَزَوَّجهَا طَالِق فَتزَوج عَلَيْهَا فِي عدتهَا من
طَلَاق بَائِن لم تطلق الَّتِي تزوج
بَاب إِيقَاع الطَّلَاق
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ
لامْرَأَته أَنْت طَالِق فَأَي شَيْء نوى لم تكن إِلَّا وَاحِدَة يملك
الرّجْعَة وَإِن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقت التَّكَلُّم والوطئ وَاحِدًا وَالنّسب مِمَّا يحْتَاط فِيهِ لإثباته
فَوَجَبَ بناءه على هَذَا الِاحْتِمَال وَإِن كَانَ نَادرا فَيكون على
هَذَا الْوَجْه أَنَّهَا جَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر من وَقت
الطَّلَاق ولستة أشهر من حِين التَّزَوُّج وَإِن جَاءَت لأكْثر من سِتَّة
أشهر لَا يثبت النّسَب مِنْهُ لِأَنَّهَا جَاءَت بِالْوَلَدِ بعد الطَّلَاق
قبل الدُّخُول ظَاهرا لأكْثر من سِتَّة أشهر فَلَا يثبت النّسَب عندنَا
قَوْله لم تطلق الَّتِي تزوج لفقد الشَّرْط لِأَن الشَّرْط التَّزَوُّج
عَلَيْهَا والتزوج عَلَيْهَا أَن يدْخل عَلَيْهَا من ينازعها فِي الْفراش
ويزاحمها فِي الْقسم وَلم يُوجد
بَاب إِيقَاع الطَّلَاق
قَوْله لم تكن إِلَّا وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ طَلقتك
أَو أَنْت مُطلق يَقع وَاحِدَة يملك الرّجْعَة أما إِذا نوى الْإِبَانَة
لَا يَصح لِأَنَّهُ قصد تَنْجِيز الْمُعَلق لِأَن الْبَيْنُونَة معلقَة
بِانْقِضَاء الْعدة فَلَيْسَ ذَلِك فِي وَسعه وَلَو نوى ثَلَاثًا أَو
ثِنْتَيْنِ بطلت نِيَّته عندنَا وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ تصح
وَأَجْمعُوا على أَنه لَو قَالَ لَهَا أَنْت الطَّلَاق أَو طَالِق طَلَاقا
أَو طَلِّقِي نفسكي وَنوى ثَلَاثًا تصح وَلَو نوى الثِّنْتَيْنِ
(1/193)
قَالَ أَنْت طَالِق طَلَاقا أَو أَنْت
طَالِق الطَّلَاق أَو أَنْت الطَّلَاق وَنوى وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ
فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَإِن نوى ثَلَاث فَثَلَاث وَإِن قَالَ
أَنْت طَالِق وَاحِدَة أَولا فَلَيْسَ بِشَيْء وَإِن قَالَ لَهَا وَلم
يدْخل بهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة مَعَ وَاحِدَة أَو مَعهَا وَاحِدَة أَو
قبلهَا وَاحِدَة أَو وَاحِدَة بعد وَاحِدَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَهُوَ على هَذَا الِاخْتِلَاف
قَوْله فَلَيْسَ بِشَيْء وَذكر فِي الأَصْل أَن من قَالَ لامْرَأَته انمت
طَالِق وَاحِدَة أَولا على قَول أبي يُوسُف الأول وَهُوَ قَول مُحَمَّد
تطلق امْرَأَته وعَلى قَول أبي حنيفَة وَقَول أبي يُوسُف الآخر لَا تطلق
وَجه قَول مُحَمَّد أَنه أَدخل الشَّك فِي الْوَاحِدَة فَبَقيَ الْإِيقَاع
بِلَا شكّ حَتَّى لَو قَالَ أَنْت طَالِق أَولا لَا يَقع وَجه قَوْلهمَا
أَن الشَّك دخل فِي الْإِيقَاع فَلَا يَقع أَلا ترى أَنه لَو قَالَ
لامْرَأَته أَنْت طَالِق وَاحِدَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى لَا يَقع
قَوْله فَهِيَ اثْنَتَانِ أما فِي كلمة طلقت ثِنْتَيْنِ سَوَاء قَالَ مَعَ
وَاحِدَة أَو مَعهَا وَاحِدَة لِأَن كلمة مَعَ لِلْقُرْآنِ فَيتَوَقَّف
الأولى على التَّكَلُّم بِالثَّانِيَةِ تَحْقِيقا لمراده فوقعا مَعًا وَفِي
مسئلة قبل إِن قَالَ قبلهَا وَاحِدَة طلقت ثِنْتَيْنِ وَإِن قَالَ قبل
وَاحِدَة فطلقة وَاحِدَة وَفِي بعد الْعَكْس وأصل ذَلِك أَنه إِذا قَالَ
أَنْت طَالِق وَاحِدَة قبلهَا وَاحِدَة فقد جعل الْقَبِيلَة صفة
للثَّانِيَة وَلَيْسَ فِي وَسعه تَقْدِيم الثَّانِيَة على الأولى بَعْدَمَا
أوجبهَا بل فِي وَسعه الْقرَان فوقعا مَعًا وَأما إِذا قَالَ قبل وَاحِدَة
فهى صفة الأولى وَلَو لم يُقيد بِهَذِهِ الصّفة لَكِن قَالَ وَاحِدَة
وَاحِدَة وَقعت الأولى سَابِقَة وَلَا يَقع الثَّانِيَة فَإِذا قيد فَهُوَ
أولى وَإِذا قَالَ بعد وَاحِدَة فَهِيَ صفة للأولى فيقتضى تَأْخِير الأولى
وَلَيْسَ ذَلِك فِي وَسعه وَإِذا قَالَ بعْدهَا وَاحِدَة فَهِيَ صفة
للثَّانِيَة
قَوْله فَهِيَ ثَلَاث لِأَن نصف التطليقتين وَاحِدَة فَيكون جَمِيعه
الثَّلَاث
قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الخ لَهما ان الشَّيْء مَتى جعل
غَايَة لم يكن
(1/194)
فَهِيَ اثْنَتَانِ وَإِن قَالَ وَاحِدَة
بعْدهَا وَاحِدَة أَو وَاحِدَة وَاحِدَة أَو وَاحِدَة قبل وَاحِدَة فَهِيَ
وَاحِدَة وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثَة أَنْصَاف تَطْلِيقَتَيْنِ
فَهِيَ ثَلَاث وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق من وَاحِدَة إِلَى اثْنَتَيْنِ أَو
مَا بَين وَاحِدَة إِلَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة وَإِن قَالَ من
وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث أَو مَا بَين وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث فَهِيَ
ثِنْتَانِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رَحمَه الله) إِذا قَالَ من
وَاحِدَة إِلَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ وَإِن قَالَ إِلَى ثَلَاث
فَهِيَ ثَلَاث رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق وَاحِدَة فِي اثْنَتَيْنِ
وَنوى الضَّرْب والحساب أَو لم تكن لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بُد من وجود ليصلح غَايَة وَالطَّلَاق إِذا صَار مَوْجُودا يَقع فَلَا
يُمكن رفضه وَلأبي حنيفَة (رَحمَه الله) الِاحْتِجَاج بِالْعَادَةِ
فَإِنَّهُ مَتى ذكر هَذَا الْكَلَام يُرَاد بِهِ الْأَقَل من الْأَكْثَر
وَالْأَكْثَر من الْأَقَل
قَوْله وَنوى الضَّرْب إِلَخ وَقَالَ زفر فِي الأول إِن نوى الضَّرْب
والحساب يَقع ثِنْتَانِ وَفِي الْفَصْل الثَّانِي يَقع ثَلَاث هُوَ اعْتبر
حِسَاب الضَّرْب وَلنَا أَن ضرب الْعدَد فِي الْعدَد إِذا اسْتعْمل فِي
الْمَمْسُوح والمذروع وَفِي مَا لَهُ طول وَعرض يُرَاد بِهِ بَيَان المساحة
وَإِذا اسْتعْمل فِي مَا لَيْسَ بممسوح وَلَيْسَ لَهُ طول وَعرض يُرَاد
بِهِ تَكْثِير الاجزاء وَالطَّلَاق غيرممسوج وَلَيْسَ لَهُ طول وَعرض
فَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ تَكْثِير أَجْزَائِهِ وَالطَّلَاق الَّذِي هُوَ ألف
جُزْء مثل الطَّلَاق الَّذِي هُوَ جُزْء وَاحِد
قَوْله لم يَقع شيءلأنه يصلح إِخْبَارًا فَلَا يُمكن جعله إنْشَاء
قَوْله وَقع السَّاعَة لِأَنَّهُ لايصلح إِلَّا إنْشَاء فَيكون هَذَا
إِيقَاع الطَّلَاق فِي الْمَاضِي وإيقاع الطَّلَاق فِي الْمَاضِي لَا
يتَصَوَّر لَكِن إِيقَاع الطَّلَاق فِي الْمَاضِي يكون إيقاعاً فِي الْحَال
لِأَن الطَّلَاق مَتى وَقع فِي زمَان يبْقى فِي الازمنة المستقبلية
قَوْله فَأَنَّهُ يؤخذالخ أما فِي الْفَصْل الأول إِنَّمَا يَقع الطَّلَاق
فِي الْيَوْم لِأَن قَوْله أَنْت طَالِق الْيَوْم إِيقَاع فِي الْحَال
وَقَوله غَدا إِضَافَة إِلَى الْغَد أولواقع لَا يَصح إِضَافَته فَصَارَ
لَغوا وَأما فِي الثَّانِي إِنَّمَا لَا يَقع فِي الْحَال لِأَن قَوْله
أَنْت طَالِق غَدا إِضَافَة إِلَى الْغَد وَقَوله الْيَوْم إِيقَاع فِي
الْحَال والمضاف لَا يَصح
(1/195)
نِيَّة فهى وَاحِدَة وَإِن نوى وَاحِدَة
واثنتين فهى ثَلَاث وَإِن قَالَ اثْنَتَيْنِ فى اثْنَتَيْنِ وَنوى الضَّرْب
فَهِيَ اثْنَتَانِ وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق أمس وَقد تزَوجهَا الْيَوْم لم
يَقع شَيْء وَإِن كَانَ تزَوجهَا أول من أمس وَقع السَّاعَة وَإِن قَالَ
أَنْت طَالِق قبل أَن اتزوجك لم يَقع شَيْء وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق
الْيَوْم غَدا أَو غَدا الْيَوْم فَإِنَّهُ يُؤْخَذ بِأول الْوَقْتَيْنِ
الَّذِي تفوه بِهِ وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق مَتى لم أطلقك أَو مَتى مَا لم
أطلقك وَسكت طلقت وَلَو قَالَ إِذا لَك أطلقك أَو إِن لم أطلقك لم تطلق
حَتَّى يَمُوت وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق مَتى لم أطلقك أَنْت طَالِق فَهِيَ
طَالِق هَذِه التطليقة وَكَذَلِكَ قَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إِيقَاعه لِأَنَّهُ فِي معنى الْمُعَلق فَصَارَ لَغوا
قَوْله وَسكت إِلَخ إِنَّمَا يَقع فِي هَذِه الصُّورَة فِي الْحَال لأمتى
للْوَقْت فَكَانَ الطَّلَاق مُضَافا إِلَى وَقت خَال عَن التَّطْلِيق وَقد
وجد
قَوْله لم تطلق حَتَّى يَمُوت لِأَن كلمة إِن للشّرط فَكَانَ الطَّلَاق
مُعَلّقا بِعَدَمِ التَّطْلِيق والعدم لَا يثبت إِلَّا باليأس عَن
الْحَيَاة فَصَارَ كَمَا إِذا قَالَ إِن لم أَدخل الدَّار فَأَنت طَالِق
أَو قَالَ إِن لم آتٍ الْبَصْرَة فَأَنت طَالِق
قَوْله هَذِه التطليقة لِأَنَّهُ انْعَدم الْوَقْت الْخَالِي عَن التطليقة
فقد وجد الشَّرْط للبر فَلَا يَقع طَلَاق آخر
قَوْله حِين يسكت لَان كلمة إِذْ اللوقت مثل كلمة حَتَّى وَلأبي حنيفَة أَن
كلمة إِذا تسْتَعْمل للشّرط خَالِصا مثل كلمة إِن هَذَا قَول أهل الْكُوفَة
فَوَقع الشَّك فِي وُقُوع الطَّلَاق فِي الْحَال فَلَا يَقع الْحَال
بِالشَّكِّ
قَوْله لَا يدين فِي الْقَضَاء خَاصَّة لِأَنَّهُ نوى خلاف الظَّاهِر
لِأَنَّهُ وصفهَا بِالطَّلَاق فِي جَمِيع الْغَد فلايصدق فِي تَخْصِيص
الْغَد كَمَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق غَدا وَلأبي حنيفَة أَنه نوى
حَقِيقَة كَلَامه فَيصدق بَيَانه وَهُوَ أَنه جعل الْغَد ظرفا
(1/196)
(رحمهمَا الله) إِلَّا فِي قَوْله أَنْت
طَالِق إِذا لم أطلقك فَإِنَّهَا تطلق حِين يسكت
رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق فِي الْغَد وَلَا نِيَّة لَهُ يَقع فِي
أول النَّهَار وَإِن قَالَ نَوَيْت فِي آخر النَّهَار صدق فِي الْقَضَاء
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَا يدين فِي الْقَضَاء
خَاصَّة وَإِن قَالَ انت طَالِق غَدا لم يدين الْقَضَاء فِي قَوْلهم وَلَو
قَالَ أَنْت طَالِق وَأَنت مَرِيضَة يَعْنِي إِذا مَرضت لم يدين فِي
الْقَضَاء
قَوْله وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق بَائِن أَو الْبَتَّةَ فَهِيَ طَالِق
وَاحِدَة بَائِنَة إِن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للتطليق والظرف يَقْتَضِي وجود المظروف فِيهِ لااستيعابه الاأنه إِذا لم
يكن لَهُ نِيَّة يَقع فِي أول الْغَد لِأَنَّهُ فيترجح بِالسَّبقِ بِخِلَاف
مَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق غَدا لِأَنَّهُ أوقع الطَّلَاق فِي كل الْغَد
فَجعل جَمِيع الْغَد وقتا للطَّلَاق فَلَا يصدق إِذا قَالَ نَوَيْت آخر
النَّهَار
قَوْله لم يدين فِي الْقَضَاء لِأَن قَوْله وَأَنت مَرِيضَة جملَة تَامَّة
عطف على الأول فَلَا يتَغَيَّر بِهِ حكم الأول
قَوْله وَاحِدَة بَائِنَة سَوَاء دخل بهَا أَو لم يدْخل وَقَالَ
الشَّافِعِي يَقع وَاحِدَة رَجْعِيَّة إِن دخل بهَا لِأَن الزَّوْج لَا
يملك الْإِبَانَة بعد الدُّخُول عِنْده إِلَّا بطرِيق الْخلْع أَو
بِالثلَاثِ
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة إِلَخ أما قَوْله أَشد الطَّلَاق
فَإِنَّهُ وصف الطَّلَاق بالشدة وَشدَّة الطَّلَاق من حَيْثُ الحكم
إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ بَائِنا فَإِن حكمه لَا يقبل الانتفاض وَحكم
الرَّجْعِيّ يحْتَمل ذَلِك وَإِنَّمَا يحْتَمل نِيَّة الثَّلَاث لَان ذكر
الْمصدر
(1/197)
لم يكن لَهُ نِيَّة وَإِن قَالَ رجل
لامْرَأَته أَنْت طَالِق أَشد الطَّلَاق أَو أَنْت طَالِق كألف أَو مَلأ
الْبَيْت فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا وَإِن
قَالَ أَنْت طَالِق تَطْلِيقَة شديدية أَو عريضة أَو طَوِيلَة فَهِيَ
وَاحِدَة بَائِنَة
وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق من هَهُنَا إِلَى الشَّام يَنْوِي وَاحِدَة
فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق مَعَ موتِي أَو
مَعَ موتك قَالَ لَيْسَ بِشَيْء وَإِن قَالَ لَهَا وَهِي أمة أَنْت طَالِق
اثْنَتَيْنِ مَعَ عتق مَوْلَاك فَأعْتقهَا فَإِنَّهُ يملك الرّجْعَة
قَوْله وَذَا قَالَ لَهَا إِذا جَاءَ غَد فَأَنت طَالِق اثْنَتَيْنِ
وَقَالَ لَهَا مَوْلَاهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من غير وصف الشدَّة يحْتَمل الثَّلَاث وَهَذَا احق وَأولى وَأما قَوْله
كألف فَأَنَّهُ شبه الطَّلَاق بِالْألف وَقد يشبه بِهِ من حَيْثُ الْعدَد
وَقد يشبه بِهِ من حَيْثُ الْعظم وَالْقُوَّة وَعظم الطَّلَاق وقوته
بالبينونة فأيتهما نوى صحت نِيَّته وعنتد عدم النِّيَّة ثَبت أقلهما وَهِي
الْبَيْنُونَة بالواحدة وروى عَن مُحَمَّد أَنه يَقع الثَّلَاث لِأَن
الْألف اسْم الْعدَد هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَأما قَوْله أَنْت طَالِق مَلأ
الْبَيْت فَلِأَنَّهُ وصف الطَّلَاق بِأَنَّهُ مَلأ الْبَيْت وَالشَّيْء قد
يشغل الْوِعَاء تَارَة فَيمْلَأ الْوِعَاء بعظمه فِي نَفسه وَقد يمْلَأ
الْوِعَاء لكثرته فَأَي ذَلِك نوى صحت نِيَّته وَعند عدم النِّيَّة ثَبت
أقلهما وَهُوَ الْبَيْنُونَة
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة أما الشَّدِيدَة فَلَمَّا قُلْنَا وَأما
الطَّوِيلَة والعريضة فَلِأَن الطول وَالْعرض يحْتَمل الْكَمَال
وَالْقُوَّة يُقَال لَيْسَ لهَذَا الامر وَهَذَا الطول وَهَذَا الْعرض أَي
لَيْسَ لَهُ هَذِه الْقُوَّة وَذَلِكَ يكون فِي حكمه وَهِي والبينونة فَإِن
الرَّجْعِيّ فِي مُقَابلَته ضَعِيف وقصير وَإِن نوى الثَّلَاث فِي
الْفُصُول كلهَا صحت نِيَّته
قَوْله يملك الرّجْعَة وَقَالَ زفر بَائِنَة لِأَنَّهُ أكد وصف الطَّلَاق
بالطول وَلنَا أَنه وصف الطَّلَاق بِالْقصرِ لِأَنَّهُ حَيْثُ وَقع
الطَّلَاق فِي مَكَان وَقع فِي الْأَمَاكِن كلهَا وقصره من حَيْثُ الحكم
هُوَ الرَّجْعِيّ
قَوْله لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ أضَاف الطَّلَاق إِلَى حَال زَوَال الْملك
(1/198)
إِذا جَاءَ غَد فَأَنت حرَّة فجَاء غَد
عتقت وَطلقت اثنتني وَلَا يجل للزَّوْج حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وعدتها
ثَلَاث حيض وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) هما سَوَاء وَيملك الرّجْعَة
رجل قَالَ لامْرَأَته وَلم يدْخل بهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة فَمَاتَتْ بعد
قَوْله طَالِق قبل أَن يَقُول وَاحِدَة أَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا
إِن شَاءَ الله فَمَاتَتْ بعد قَوْله ثلاثاقبل الِاسْتِثْنَاء لم يَقع
شَيْء رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق هَكَذَا يُشِير بالإبهام والسبابة
وَالْوُسْطَى فَهِيَ ثَلَاث رجل اشْترى امْرَأَته ثمَّ طَلقهَا لم يَقع
شَيْء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَإِنَّهُ يملك الرّجْعَة لِأَنَّهُ علق الطَّلَاق مَعَ الْعتْق
لِأَنَّهُ كلمة مَعَ مَتى دخلت بَين مختلفي الْجِنْس يَقْتَضِي التَّأْخِير
كَقَوْلِه (تَعَالَى) {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا} ثمَّ الطَّلَاق صادفها
وَهِي حرَّة والحرة لَا تبين بالثنتين
قَوْله وَلَا تحل للزَّوْج إِلَخ لِأَن التَّطْلِيق يقارن الْإِعْتَاق
وَالْعِتْق ثمَّ الْإِعْتَاق وَالْعِتْق يصادفها وَهِي أمة فَكَذَا
التَّطْلِيق بِخِلَاف قَوْله أَنْت طَالِق ثِنْتَيْنِ مَعَ عتق مَوْلَاك
إياك لِأَن هُنَاكَ جعل الْعتْق شرطا للتطليق فَصَارَ مَعَ بِمَعْنى إِن
لِأَنَّهُ جعل التَّطْلِيق مُقَارنًا لِلْعِتْقِ ومقارنة لَا يتَصَوَّر
إِلَّا بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن يتَعَلَّق التَّطْلِيق بِالْعِتْقِ
حَتَّى يوجدا مَعًا لِأَن الْجَزَاء مَعَ الشَّرْط أَو يتَعَلَّق
التَّطْلِيق بِالْعِتْقِ حَتَّى يوجدا مَعًا لِأَن الْجَزَاء مَعَ الشَّرْط
أَو يتَعَلَّق كِلَاهُمَا بِشَرْط وَاحِد حَتَّى ينزلا مَعًا وَفِي هَذِه
المسئلة لم يتعلقا بِشَرْط وَاحِد فَتعين الْقُرْآن وَفِي مسئلتنا تعلقا
بِشَرْط وَاحِد وَهُوَ مَجِيء الْغَد فَلَا حَاجَة إِلَى أَن يتَعَلَّق
أَحدهمَا بِالْآخرِ
قَوْله لم يَقع شَيْء لِأَن الْوَاقِع صَادف حَالَة الْمَوْت فَلم يعْمل
وَالْمَوْت يُنَافِي الْإِيجَاب وَلَا يُنَافِي مَا يبطل بِهِ الْإِيجَاب
وَهُوَ الِاسْتِثْنَاء
قَوْله فَهِيَ ثَلَاث يُرِيد بِهِ الْإِشَارَة ببطون الْأَصَابِع لَا
بظهورها لَان التَّكَلُّم
(1/199)
رجل قَالَ لامْرَأَته أَنا مِنْك طَالِق
فَلَيْسَ بِشَيْء وَإِن نوى طَلَاقا وَإِن قَالَ أَنا مِنْك بَائِن أَو
عَلَيْك حرَام يَنْوِي الطَّلَاق فَهِيَ طَالِق رجل قَالَ لامْرَأَة يَوْم
أتزوجك فَأَنت طَالِق فَتَزَوجهَا لَيْلًا طلقت وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب
بَاب الْأَيْمَان فِي الطَّلَاق
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَعَ الْإِشَارَة ببطون الْأَصَابِع أقيم مقَام التَّلَفُّظ بِالْعدَدِ
عِنْد الْحَاجة بِالسنةِ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَام) الشَّهْر هَكَذَا
وَهَكَذَا وهكذااشارة بأصابع يَدَيْهِ كُله يُرِيد بِهِ أَنه ثَلَاثُونَ
وخنس إبهامه مرّة أُخْرَى فِي الْمرة الثَّالِثَة يُرِيد بِهِ تِسْعَة
وَعشْرين كَذَا هَذَا
قَوْله لم يَقع شيءلان الطَّلَاق ينْعَقد لإبطال الْحل الثَّابِت
بِالنِّكَاحِ وَلم يبْق الْحل لِأَنَّهُ صَار فرعا لملك الرَّقَبَة
قَوْله طلقت لِأَن الْيَوْم مَتى أضيف إِلَى فعل يصير عبارَة عَن مُطلق
الْوَقْت
بَاب الْأَيْمَان فِي الطَّلَاق
قَوْله بَاب الْأَيْمَان فِي الطَّلَاق اعْلَم أَن تَعْلِيق الطَّلَاق
وَنَحْوه يَمِين خلافًا لداؤد الْأَصْفَهَانِي وَهَذَا لوُرُود الشَّرْع
وَالْعرْف بِهِ قَالَ (عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) من حلف بِالطَّلَاق
وَيُقَال حلف فلَان بِالطَّلَاق كَمَا يُقَال حلف بِاللَّه وَإِنَّمَا سمي
التَّعْلِيق يَمِينا لِأَنَّهُ يتقوى بِهِ وجود الْفِعْل وَالْيَمِين
الْقُوَّة لُغَة وينسب الْيَمين إِلَى الْجَزَاء فَيُقَال يَمِين
بِالطَّلَاق كَمَا يُقَال يَمِين بِاللَّه لِأَنَّهُ مقسم بِهِ كاسم الله
(تَعَالَى) لِأَن الْمقسم بِهِ مَا يقْصد بِذكرِهِ تَأْكِيد الْبر
مُرَاعَاة لِحُرْمَتِهِ وَهَهُنَا كَذَلِك لِأَنَّهُ يقصدد بِذكر الْجَزَاء
من الطَّلَاق وَالْعتاق وَغَيره تَأْكِيد الْبر رِعَايَة لحُرْمَة
النِّكَاح
(1/200)
لامْرَأَته إِذا ولدت غُلَاما فَأَنت
طَالِق وَاحِدَة وَإِذا ولدت جَارِيَة فَأَنت طَالِق اثْنَتَيْنِ فَولدت
غُلَاما وَجَارِيَة لَا يدْرِي أَيهمَا أول لزمَه فِي الْقَضَاء تَطْلِيقَة
وَفِي التَّنَزُّه تَطْلِيقَتَانِ وَانْقَضَت الْعدة بِوَضْع الْحمل
قَوْله رجل قَالَ لامْرَأَته إِن كلمت أَبَا عَمْرو وَأَبا يُوسُف فَأَنت
طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ طَلقهَا وَاحِدَة فَبَانَت وَانْقَضَت عدتهَا فكملت
أَبَا عَمْرو ثمَّ تزَوجهَا فكلمت أَبَا يُوسُف فَهِيَ طَالِق ثَلَاثًا
مَعَ الْوَاحِدَة الأولى رجل قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت
طَالِق ثَلَاثًا فَطلقهَا اثْنَتَيْنِ وَتَزَوَّجت غَيره وَدخل بهَا ثمَّ
رجعت إِلَى الأول فَدخلت الدَّار طلقت ثَلَاثًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْمَال لما تعلق بِهِ من الْمصَالح دينا وَدُنْيا
قَوْله لزمَه فِي الْقَضَاء تَطْلِيقَة إِلَخ لِأَنَّهَا لَو ولدت
الْغُلَام أَولا وَقعت وَاحِدَة وَتصير مُعْتَدَّة وَإِذ ولدت الْجَارِيَة
بعده تَنْقَضِي الْعدة بِوَضْع الْجَارِيَة فَلَا يَقع شَيْء لِأَنَّهُ لَو
وَقع وَقع مَعَ الِانْقِضَاء بِالْوَضْعِ وَالطَّلَاق لَا يَقع مَعَ
انْقِضَاء الْعدة وَلَو ولدت الْجَارِيَة أَولا وَقعت تَطْلِيقَتَانِ
وتنقضي الْعدة بِوَضْع الْغُلَام وَلَا يَقع شَيْء فَإِذا فِي حَال يَقع
تَطْلِيقَتَانِ وَفِي حَال تَطْلِيقَة وَفِي الْوَاحِدَة يَقِين وَفِي
الزِّيَادَة شكّ فَلَا تقع الثَّانِيَة بِالشَّكِّ وَلَكِن فِي التَّنَزُّه
يجب أَن يَأْخُذ بتطليقتين لاحْتِمَال وقوعهما
قَوْله فكلمت أَبَا عَمْرو إِلَخ هَذِه المسئلة على اربعة أوجه أَمَام أَن
وجد الشرطان فِي الْملك بِأَن كلمت أَبَا عَمْرو وَأَبا يُوسُف فِي الْملك
قبل الطَّلَاق أَو وجدا فِي غير الْملك بِأَن كلمت أَبَا عَمْرو وَأَبا
يُوسُف بعد طَلاقهَا وانقضاء عدتهَا أَو وجد الأول فِي الْملك وَالثَّانِي
فِي غير الْملك أَو وجد الأول فِي غير الْملك وَالثَّانِي فِي الْملك فعلى
الْوَجْه الأول يَقع الطَّلَاق وَفِي الْوَجْه الثَّانِي وَالثَّالِث لَا
يَقع وَفِي الْوَجْه الرَّابِع اخْتلفُوا فَقَالَ علماءنا الثَّلَاثَة يَقع
وَقَالَ زفر لَا يَقع هُوَ اعْتبر الشَّرْط الأول بِالثَّانِي لِأَنَّهُمَا
سَوَاء ثمَّ الْملك شَرط عِنْد وجود الشَّرْط الثَّانِي فَكَذَا عِنْد وجود
الشَّرْط الأول وَلنَا أَن الْملك إِنَّمَا يشْتَرط حَال انْعِقَاد
الْيَمين
(1/201)
وَقَالَ مُحَمَّد (رَحمَه الله) هِيَ
طَالِق مَا بَقِي من الطَّلَاق وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا فَتزوّجت غَيره
وَدخل بهَا ثمَّ رجعت إِلَى الأول فَدخلت الدَّار لم يَقع شَيْء
رجل قَالَ لامْرَأَته إِن جامعتك فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فجامعها فَلَمَّا
التقى الختانان لبث سَاعَة لم يجب عَلَيْهِ الْمهْر وَإِن أخرجه ثمَّ
أدخلهُ وَجب عَلَيْهِ الْمهْر وَكَذَلِكَ إِن قَالَ لأمته إِن جامعتك
فَأَنت حرَّة
رجل قَالَ لامْرَأَته إِذا حِضْت فَأَنت طَالِق طلقت حِين ترى الدَّم
وَإِذا قَالَ إِذا حِضْت حَيْضَة لم تطلق حَتَّى تطهر وَإِذا قَالَ أَنْت
طَالِق إِذا صمت يَوْمًا طلقت حِين تغيب الشَّمْس من الْيَوْم الَّذِي
تَصُوم وَلَو قَالَ انت طَالِق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَوُجُود الشَّرْط الأول مُسْتَغْنى عَنهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَقت نزُول
الْجَزَاء وَلَا وَقت انْعِقَاد الْيَمين فَاسْتَوَى الْوُجُود والعدم
قَوْله مَا بَقِي من الطَّلَاق أَي الْوَاحِد إِذا طلقت قبل ذَلِك
ثِنْتَيْنِ وثنتان لَو طلقت وَاحِدَة لَان بوطئ الزَّوْج الثَّانِي بعد
الطلقات الثَّلَاث يَنْتَهِي التَّحْرِيم الْحَاصِل بهَا وَيثبت الْحل
الْجَدِيد على الأَصْل فَيملك الطلقات الثَّلَاث وَأما وَطئه بعد الطلقتين
أَو الطَّلقَة فَلَا يثبت الْحل الْجَدِيد فَلَا يملك الزَّوْج إِلَّا مَا
بَقِي
وَلأبي حنيفَة ان وطئ الزَّوْج الثَّانِي يهدم الطلقات الثَّلَاث فَمَا
دونهَا أولى فَثَبت الْحل الْجَدِيد فِي جَمِيع الصُّور وَزِيَادَة
تَحْقِيق هَذِه المسئلة فِي شُرُوح أصُول الْبَزْدَوِيّ وَغَيرهَا من كتب
الْأُصُول
قَوْله لم يجب عَلَيْهِ المهرلان الْجِمَاع إِدْخَال الْفرج فِي الْفرج
وَلم يُوجد ذَلِك بِخِلَاف مَا إِذا خرج ثمَّ أَدخل لِأَنَّهُ وجد
الْجِمَاع وَهُوَ إِدْخَال الْفرج
قَوْله حِين ترى الدَّم وَدم الْحيض لَا يعرف إِلَّا أَن يَمْتَد ثَلَاثَة
أَيَّام فَإِذا وجد ذَلِك وَقع الطَّلَاق من حِين رَأَتْ الدَّم لوُجُود
الْحيض
قَوْله لم تطلق حَتَّى تطهرلأنه وصف الْحيض بالكمال وَكَمَال الْحيض
بانتهائها وَذَلِكَ بِالطُّهْرِ إِذا كَانَ عشرَة أَيَّام أَو بِالطُّهْرِ
وَالْغسْل أَو مَا يقوم مقَام الْغسْل
(1/202)
إِذا صمت فشرعت فِي الصَّوْم طلقت لوُجُود
الشَّرْط
رجل قَالَ لامْرَأَته إِن كنت تحبين ان يعذبك الله بنارجهنم فَأَنت طَالِق
ثَلَاثًا وعبدي حر فَقَالَت أحب أَو قَالَ إِذا حِضْت فَأَنت طَالِق
وَهَذِه مَعَك فَقَالَت قد حِضْت أَو قَالَ إِن كنت تحبيني فَأَنت طَالِق
وَهَذِه مَعَك فَقَالَت أحبك طلقت وَلم يعْتق العَبْد وَلم تطلق صاحبتها
وَهَذَا مَحْمُول على مَا إِذا كذبهَا الزَّوْج وَإِن قَالَ إِن كنت تحبيني
بقلبك فَقَالَت أحبك وَكَانَت كَاذِبَة وَقع الطَّلَاق وَعند مُحَمَّد
(رَحمَه الله) لَا يَقع وَالله أعلم
بَاب الْكِنَايَات
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) رجل قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إِذا كَانَ أَيَّامهَا دون الْعشْرَة
قَوْله حِين تغيب الشَّمْس لِأَنَّهُ اسْم لبياض النَّهَار إِذا قرن بِهِ
مَا يَمْتَد وَالصَّوْم مِمَّا يَمْتَد
قَوْله وَلم يعْتق العَبْد إِلَخ لِأَنَّهَا فِي حق نَفسهَا أمينته وَفِي
حق الزَّوْج شاهدة وَشَهَادَة الْفَرد مَرْدُودَة
قَوْله وَعند مُحَمَّد لَا يَقع هُوَ يَقُول بِأَن الطَّلَاق علق بالمحبة
والمحبة عمل الْقلب الاان اللِّسَان جعل خلفا عِنْد تيسيراً وَالتَّقْيِيد
بِالْقَلْبِ مِمَّا يبطل خِلَافه اللِّسَان عَنهُ وهما يَقُولَانِ إِن
الْمحبَّة لما لم يكن إِلَّا بِالْقَلْبِ وَكَانَ الْإِطْلَاق
وَالتَّقْيِيد بِالْقَلْبِ سَوَاء وَلَو أطلق تطلق فَكَذَا إِذا قيد
بِالْقَلْبِ
بَاب الْكِنَايَات
قَوْله رجل قَالَ لامْرَأَته إِلَخ هَذِه المسئلة فِي مَا إِذا نوى
الزَّوْج بقوله
(1/203)
لامْرَأَته اخْتَارِي وَنوى الطَّلَاق
فَقَالَت أَنا أخْتَار نَفسِي فَهِيَ طَالِق وَإِن قَالَ اخْتَارِي
اخْتَارِي اخْتَارِي فَقَالَت اخْتَرْت الأولى أَو الْوُسْطَى أَو
الْأَخِيرَة طلقت فِي قَول أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنهُ) ثَلَاثًا
وَوَاحِدَة فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) وَإِن قَالَت قد
اخْتَرْت اختيارة فَهِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اخْتَارِي لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يخْتَار نَفسهَا أَو اياها وَهَذَا
اسْتِحْسَان وَالْقِيَاس أَن لَا تطلق لِأَنَّهُ يحْتَمل الْوَعْد فَلَا
يصير جَوَابا مَعَ الِاحْتِمَال كَمَا إِذا قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك
فَقَالَت أَنا أطلق نَفسِي لَا يَقع كَذَا هَذَا وَجه الِاسْتِحْسَان أَن
هَذَا جعل جَوَابا وإيجاباً فِي الشَّرْع فَإِنَّهُ لما نزل قَوْله
تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة
الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وَإِن كنتن تردن
الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا
عَظِيما} نَادَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَائِشَة (رَضِي الله
عَنْهَا) فَقَالَ يَا عَائِشَة إِنِّي أخيرك فِي أَمر فَلَا تحيبيني حَتَّى
تَسْتَأْمِرِي ابويك فَأخْبرهُ بنزول الْآيَة فَقَالَت أَفِي هَذَا
أَستَأْمر أَبَوي لَا بل أخْتَار الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وأرادت بِهَذَا الِاخْتِيَار الْجَواب فِي الْحَال وَجعل
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الْكَلَام مِنْهَا إِيجَابا
للْحَال
قَوْله فِي قَوْله أبي حنيفَة إِلَخ وَلَا يحْتَاج عِنْده إِلَى نِيَّة
الزَّوْج وَإِنَّمَا لم يحْتَج لِأَن هَذَا الْكَلَام لَا يذكر على وَجه
التّكْرَار إِلَّا فِي حق الطَّلَاق لِأَن الِاخْتِيَار فِي حق الطَّلَاق
يتَكَرَّر أما فِي حق أَمر آخر فَلَا لَهما أَن الأولى وَالْوُسْطَى
والأخيرة غير مُفِيد فِي حق التَّرْتِيب لَكِن مُفِيد فِي حق الِانْفِرَاد
لَان قصيده يحْتَمل التَّرْتِيب فَيعْتَبر فِي مَا يُفِيد وَلأبي حنيفَة
أَن الْمَرْأَة إِنَّمَا تتصرف بِحكم الْملك لِأَن الزَّوْج ملك
التَّصَرُّف وَلَا تَرْتِيب فِي مَا ملكته وَلِأَن الْمُجْتَمع فِي الْملك
كالمجتمع فِي الْمَكَان وَذَلِكَ لَا يحْتَمل التَّرْتِيب فَإِن الْقَوْم
المجتمعين فِي مَكَان لَا يُقَال هَذَا جَاءَ أَولا وَهَذَا جَاءَ آخرا
فَيكون التَّرْتِيب فِي مجيئها لَا فِي ذَاتهَا فَإِذا لم يكن فِي
الْمَمْلُوك لَغَا قَوْلهَا الأولى أَو الْوُسْطَى أَو الْأَخِيرَة فَبَقيَ
قَوْلهَا اخترته وَلَو قَالَت اخْتَرْت وسكتت وَقع الثَّلَاث فَكَذَا هَذَا
(1/204)
ثَلَاث فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن قَالَت
قد طلقت نَفسِي وَاحِدَة أَو اخْتَرْت نَفسِي بتطليقة فَهِيَ وَاحِدَة لَا
يملك الرّجْعَة وَإِن قَالَ أَمرك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَة أَو اخْتَارِي
تَطْلِيقَة فَاخْتَارَتْ نَفسهَا فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة
وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت خلية أَو بَريَّة أَو بتة اَوْ بَائِن اَوْ حرَام
اَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله ثَلَاثًا أما مَذْهَب أبي حنيفَة فَكَمَا ذكر عَن الْحسن بن أبي
مُطِيع أَنه احْتج فَقَالَ الِاخْتِيَار مُذَكّر وَالْمَرْأَة أخرجت
الْكَلَام مخرج التَّأْنِيث حَيْثُ قَالَت الأولى وَلم تقل الأول فَبَطل
قَوْلهَا الأولى وَبَقِي قَوْلهَا اخْتَرْت وَذكر عَن ابْن سَلام أَنه
احْتج لأبي حنيفَة فَقَالَ لِأَن الزَّوْج جمع الخيارات وأتبع بَعْضهَا
بَعْضًا فَصَارَ قبُول الْبَعْض بِمَنْزِلَة قبُول الْكل الا يرى لَو
ردَّتْ الْبَعْض يرد الْكل فَكَذَلِك إِذا قبلت الْبَعْض
قَوْله فِي قَوْلهم جَمِيعًا لِأَن قَوْلهَا اختيارة يذكر للمرة فَيكون
مَعْنَاهُ اخْتَرْت بِمرَّة وَالِاخْتِيَار بِمرَّة إِنَّمَا يتَحَقَّق
إِذا اخْتَارَتْ نَفسهَا بِالثلَاثِ
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة لَا يملك الرّجْعَة لِأَن الْمَوْجُود من جَانب
الزَّوْج لَيْسَ بِصَرِيح الطَّلَاق وَهِي إِنَّمَا تملك بِحَسب مَا يملك
الزَّوْج وَالزَّوْج ملكهَا بِلَفْظَة الِاخْتِيَار وَهِي لَا تعقب
الرّجْعَة وَإِن أَتَت بِصَرِيح الطَّلَاق كَذَا ذكر فِي الْجَامِع
الْكَبِير وَذكر فِي بعض النّسخ من هَذَا الْكتاب أَنه تقع وَاحِدَة
رَجْعِيَّة وَهَذَا غلط من الْكَاتِب
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة لِأَنَّهُ جعل لَهَا أَن يخْتَار
نَفسهَا لَكِن بتطليقة والتطليقة معقبة للرجعة
قَوْله وَإِن قَالَ لَهَا إِلَخ الْكِنَايَات ثَلَاثَة أَقسَام فِي هَذَا
الْبَاب مِنْهَا مَا يصلح جَوَابا لَا غير وَذَلِكَ ثَلَاث أَمرك بِيَدِك
واختاري واعتدي وَمِنْهَا مَا يصلح جَوَابا ردا لَا غير فسبعة أَلْفَاظ
أَخْرِجِي واذهبي واغربي وقومي وتقنعي واستتري وتخمري وَمِنْهَا مَا يصلح
جَوَابا وردا وسباً وَذَلِكَ خَمْسَة خلية وبرية بَائِن بتة حرَام وَرُوِيَ
عَن أبي يُوسُف انه الْحق بالقسم الاول خَمْسَة
(1/205)
اعْتدي أَو أَمرك بِيَدِك أَو اخْتَارِي
فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وَقَالَ لم أنو الطَّلَاق فَالْقَوْل قَوْله وَإِن
كَانَ فِي ذكر الطَّلَاق لم يدين فِي شَيْء من ذَلِك وَإِن كَانَ فِي غضب
لم يدين فِي قَوْله اعْتدي وأمرك بِيَدِك واختاري وَدين فِيمَا بَقِي وَإِن
نوى فِي الخلية والبرية والبتة والبائن وَالْحرَام ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة
بَائِنَة فَهُوَ على مَا نوى واعتدي لَا يكون إِلَّا وَاحِدَة يملك
الرّجْعَة
وَإِن قَالَ لَهَا أَخْرِجِي أَو اذهبي أَو اغربي أَو قومِي أَو تقنعي أَو
استتري أَو تخمري أَو أَنْت حرَّة يَنْوِي ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاث وَإِن
نوى اثْنَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة وَإِن نوى لم ينْو عددا فَوَاحِدَة
بَائِنَة وَإِن قَالَ لأمته أَنْت طَالِق أَو تخمري أَو بَائِن يَنْوِي
الْعتْق لم تعْتق وَإِن قَالَ لزوجته انت بَائِن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أُخْرَى وَهُوَ قَوْله خليت سَبِيلك وسرحتك وَلَا ملك لي عَلَيْك وَلَا
سَبِيل لي عَلَيْك والحقي بأهلك
والاحول الثَّلَاثَة حَالَة مُطلقَة وَهِي حَالَة الرِّضَا وَحَالَة مذاكرة
الطَّلَاق وَهِي أَن تسْأَل هِيَ طَلاقهَا أَو غَيرهَا طَلاقهَا وَحَالَة
الْغَضَب اما فِي حَالَة الْمُطلقَة لَا يعْتَبر شَيْء من الْأَقْسَام
الثَّلَاثَة طَلَاقا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي ترك
النِّيَّة لِأَنَّهَا مُحْتَملَة للأشياء وَلَا دلَالَة على الْحَال وَفِي
حَال مذاكرة الطَّلَاق لَا يصدق فِي شَيْء من الْأَقْسَام الثَّلَاثَة
قَضَاء إِلَّا فِي مَا يصلح جَوَابا وردا لِأَنَّهُ يحْتَمل الْإِجَابَة
وَالرَّدّ فَيثبت الْأَدْنَى وَهُوَ الرَّد فَأَما فِي حَالَة الْغَضَب
يصدق فِي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة إِلَّا فِي مَا يصلح جَوَابا لَا غير
لِأَنَّهُ يصلح الطَّلَاق الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْغَضَب فَيجْعَل طَلَاقا
قَوْله لم تعْتق والمسئلة مَعْرُوفَة وَهِي ان صَرِيح الطَّلَاق وكتايته
إِذا نوى بهما الْعتْق عندنَا لَا تعْتق وَقَالَ الشَّافِعِي تعْتق
قَوْله دين فِي الْقَضَاء لَان الانسان بعد الطَّلَاق بِأَمْر امْرَأَته
بالاعتداد
قَوْله فَهِيَ ثَلَاث لِأَنَّهُمَا ذكرنَا بعد مذاكرة الطَّلَاق فتعينتا
بِدلَالَة الْحَال
(1/206)
يَنْوِي انثين لم يكن اثْنَيْنِ وَإِن
قَالَ لَهَا اعْتدي اعْتدي اعْتدي وَقَالَ نَوَيْت بِالْأولَى طَلَاقا
وبالباقيتين الْحيض دين الْقَضَاء وَإِن قَالَ لم أنو بالباقيتين شَيْئا
فَهِيَ ثَلَاث وَإِن قَالَ أَمرك بِيَدِك الْيَوْم وَبعد غَد لم يدْخل
اللَّيْل فِي ذَلِك وَإِن ردَّتْ الْأَمر فِي يَوْمهَا بَطل أَمر ذَلِك
الْيَوْم وَكَانَ بِيَدِهَا بعد غَد وَإِن قَالَ أَمرك بِيَدِك الْيَوْم
وَغدا دخل اللَّيْل فِي ذَلِك وَلَو قَالَ أَمرك بِيَدِك الْيَوْم كَانَ
الْأَمر بِيَدِهَا إِلَى غرُوب الشَّمْس وَلَو قَالَ فِي الْيَوْم يخرج
الْأَمر من يَدهَا بقيامها من الْمجْلس
وَلَو قَالَ أَمرك بِيَدِك يَوْم يقدم فلَان فَلم تعلم بقدومه حَتَّى مضى
ذَلِك الْيَوْم وَعلمت بقدومه بِاللَّيْلِ فَلَا خِيَار لَهَا وَلَو قَالَ
لامْرَأَة يَوْم أتزوجك فَأَنت طَالِق فَتَزَوجهَا لَيْلًا حنث وَإِن جعل
امرها بِيَدِهَا فَمَكثَ يَوْمًا لم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله دخل اللَّيْل فِي ذَلِك حَتَّى لَو ردَّتْ الْأَمر فِي يَوْمهَا لم
يبْق الْأَمر فِي يَدهَا فِي الْغَد لِأَن فِي الْفَصْل الأول جعل الْأَمر
فِي يَدهَا فِي وَقْتَيْنِ منفصلين فَلَا يَصح أَن يجعلا كوقت وَاحِد لتخلل
مَا يُوجب الْفَصْل وَهُوَ الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَعند اخْتِلَاف الْوَقْت
لَا يُمكن القَوْل باتحاد الْأَمر فإبطال أَحدهمَا لَا يتَعَدَّى إِلَى
الآخر وَلَا يدْخل اللَّيْل فِي الْأَمر لِأَن كل وَاحِد من الْأَمريْنِ
ذكره مُنْفَردا وَفِي الْفَصْل الثَّانِي الْأَمر مُتحد لِأَن تخَلّل
اللَّيْل فِي يَوْمَيْنِ لَا يجعلهما مدتين لِأَن الْقَوْم قد يَجْلِسُونَ
للمشورة فَيبقى الْمجْلس إِلَى الْغَد فَإِذا ردَّتْ الامر فِي الْيَوْم
الا يبْقى الْأَمر فِي يَدهَا فِي الْغَد
قَوْله وَلَو قَالَ فِي الْيَوْم إِلَخ هَذَا يُوَافق مَا تقدم قَوْله
أَنْت طَالِق غَدا أَو أَنْت طَالِق فِي الْغَد
قَوْله حنث لِأَن الشَّرْع جعل الْيَوْم فِي النِّكَاح وَاقعا على الْوَقْت
الْمُطلق وَفِي الْأَمر بِالْيَدِ يَقع على بَيَاض النَّهَار لَان الْيَوْم
بطلق على مُطلق الْوَقْت وَيسْتَعْمل لبياض النَّهَار قَالَ الله
(تَعَالَى) {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} وَأَرَادَ بِهِ مُطلق الْوَقْت
وَقَالَ الله (تَعَالَى) {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة}
وَأَرَادَ بِهِ
(1/207)
تقم فالامر مَا لم تَأْخُذ فِي عمل آخر
وَإِن كَانَت قَائِمَة فَجَلَست أَو قَاعِدَة فاتكأت أَو متكئة فَقَعَدت
أَو قَالَت أدع إِلَى أبي أَسْتَشِيرهُ أَو شُهُودًا أشهدهم فَهِيَ على
خِيَارهَا وَإِن كَانَت تسير على دَابَّة أَو فِي محمل فوقفت فَهِيَ على
خِيَارهَا وَإِن سَارَتْ بَطل الْخِيَار والسفينة بِمَنْزِلَة الْبَيْت
وَإِن قَالَ لَهَا أَمرك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَت اخْتَرْت
نَفسِي بِوَاحِدَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَيَاض النَّهَار وَاللَّيْل لَا يسْتَعْمل إِلَّا للسواد خَاصَّة
وَالنَّهَار لَا يسْتَعْمل إِلَّا للبياض خَاصَّة فَإِذا كَانَ كَذَلِك
وَجب الْعَمَل بِمَا يُوجب تَرْجِيح أحد الْوَجْهَيْنِ على الآخر فَينْظر
فِيهِ إِن أضيف إِلَى أَمر يَمْتَد علم أَنه أَرَادَ بِهِ بِمَا يُوجب
بَيَاض النَّهَار لِأَنَّهُ أدنى مَا يَمْتَد ليجعل ذَلِك معياراً لَهُ
وَإِن أضيف إِلَى فعل لَا يَمْتَد علم أَنه أَرَادَ بِهِ مُطلق الْوَقْت
والتزوج مِمَّا لَا يَمْتَد فَحمل على مُطلق الْوَقْت فَدخل اللَّيْل فِي
ذَلِك فَفِي أَي وَقت نزوج تطلق فَإِذا قدم فلَان وَهِي لَا تعلم بقدومه
حَتَّى مضى النَّهَار فَلَا خِيَار لَهَا لِأَنَّهَا علمت بعد انْقِضَاء
الْأَمر وَالْجهل لَا يكون عذرا فِي مثل هَذَا
قَوْله مَا لم تَأْخُذ فِي عمل آخر فَإِن أخذت فِي عمل آخر خرج الْأَمر من
يَدهَا لِأَن هَذَا تمْلِيك الطَّلَاق وَلَيْسَ بإنابة لِأَن الْمُتَصَرف
فِي الْإِنَابَة عَامل لغيره لَا لنَفسِهِ وَهِي عاملة لنَفسهَا لَا
لغَيْرهَا فَدلَّ أَن هَذَا تمْلِيك يتقصر على الْمجْلس
قَوْله فَهِيَ على خِيَارهَا لِأَن قعُود الْقَائِم دَلِيل على الإقبال دون
الْإِعْرَاض لِأَن هَذَا عَادَة من يستجمع الرَّأْي واما قعُود المتكئ
فَلِأَنَّهُ دَلِيل الإقبال دون الْإِعْرَاض واتكاء الْقَاعِد كَذَلِك
وَكَذَلِكَ دُعَاء الشُّهُود لِأَنَّهُ دَلِيل التَّأَمُّل دون الْأَعْرَاض
وَكَذَلِكَ إِن لبست ثِيَابهَا
قَوْله بِمَنْزِلَة الْبَيْت لِأَن سير السَّفِينَة لَا يُضَاف إِلَى
راكبها لِأَنَّهَا لَا تساق وَلكنهَا تجْرِي بِالْمَاءِ وَالرِّيح وَلَيْسَ
المَاء وَالرِّيح فِي يَد أحد
قَوْله فَهِيَ ثَلَاث لِأَن الِاخْتِيَار يصلح جَوَابا لِلْأَمْرِ
بِالْيَدِ لِأَنَّهُ جعل جَوَابا للتَّمْلِيك بِالْإِجْمَاع وَهَذَا
تمْلِيك وَقَوْلها اخْتَرْت نَفسِي بِوَاحِدَة أَي بِمرَّة وَاحِدَة
(1/208)
فَهِيَ ثَلَاث وَإِن قَالَت قد طلقت نَفسِي
وَاحِدَة أَو قد اخْتَرْت نَفسِي بتطليقة فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة وَإِن
قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَت قد اخْتَرْت فَهُوَ بَاطِل وَإِن قَالَ
اخْتَارِي نَفسك أَو اخْتَارِي اختيارة فَقَالَت قد اخْتَرْت فَهِيَ
وَاحِدَة بَائِنَة وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت وَاحِدَة يَنْوِي الطَّلَاق
فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
بَاب المشية
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل قَالَ
لامْرَأَته طَلِّقِي نَفسك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَت قد طلقت نَفسِي
ثَلَاثًا فَهِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة لِأَنَّهُ نعت فَرد فيقتضى مصدرا محذوفاً
فَوَجَبَ إِثْبَات الْمصدر على مُوَافقَة الْفِعْل
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة لِأَنَّهُ نوى مَا يحْتَمل كَلَامه
لِأَن وَاحِدَة يحْتَمل أَن يكون نعتاً لمصدر مَحْذُوف كَمَا يصلح وَصفا
لشخصها لِأَن حذف المنعوت وَإِقَامَة النَّعْت مقَامه أَمر سَائِغ فِي
اللُّغَة حَتَّى قَالَ بعض أَصْحَابنَا إِذا أعرب الْوَاحِدَة بِالرَّفْع
لم يَقع شَيْء وَإِن نوى لِأَنَّهَا صفة شخصها وَإِن أعرب بِالنّصب يَقع من
غير نِيَّة لِأَنَّهُ نعت مصدر مَحْذُوف وَإِن سكن وَلم يَتَحَرَّك بإعراب
فَيحْتَاج إِلَى النِّيَّة وَقَالَ عَامَّة مَشَايِخنَا لَا بل الْكل على
الِاخْتِلَاف لِأَن الْعَامَّة لَا يميزون بَين وُجُوه الْإِعْرَاب فَلَا
يَصح عَلَيْهِ بِنَاء حكم يرجع إِلَيْهِ إِلَى الْعَامَّة على هَذَا وَهُوَ
الصَّحِيح
بَاب المشية
قَوْله فَهِيَ ثَلَاث لِأَن نِيَّة الثَّلَاث قد صحت من الزَّوْج لِأَن
قَوْله طَلِّقِي نَفسك مُخْتَصر من أفعلي فعل التَّطْلِيق وَهُوَ اسْم جنس
يَقع على الْأَقَل وَيحْتَمل الْكل فَإِذا نوى الْكل يَصح وَإِن نوى
الثِّنْتَيْنِ يَقع وَاحِدَة لانه نوى الْعدَد وَاللَّفْظ
(1/209)
ثَلَاث وَإِن طلقت نَفسهَا وَاحِدَة وَلَا
نِيَّة للزَّوْج فِي الْعدَد أَو نوى وَاحِدَة فَهِيَ وَاحِدَة يملك
الرّجْعَة وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك فَقَالَت أبنت نَفسِي طلقت
وَإِن قَالَت قد اخْتَرْت نَفسِي لم تطلق وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك
فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهِ وَإِن قَامَت من مجلسها بَطل الْأَمر
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لرجل طَلقهَا إِن شِئْت وَإِن قَالَ لرجل طَلقهَا
فَلهُ أَن يطلقهَا فِي الْمجْلس وَغَيره مَا لم يَنْهَهُ
وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا فَطلقت وَاحِدَة فَهِيَ
وَاحِدَة وَإِن أَمر بِوَاحِدَة فَطلقت ثَلَاثًا لم يَقع شَيْء وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يَقع وَاحِدَة وان امرها ان تطلق
طَلَاقا بِملك الرّجْعَة فَطلقت بَائِنَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَا يحْتَمل الْعدَد فَلَا تصح نِيَّة الثِّنْتَيْنِ إِلَّا إِذا كَانَت
تَحْتَهُ أمة
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة أما الْوَاحِدَة فَلِأَنَّهُ ملكهَا
التَّطْلِيق وَهُوَ اسْم لفعل وَاحِد فملكت ذَلِك فَإِذا طلقت وَقعت
وَاحِدَة فَتكون رَجْعِيَّة لِأَن الطَّلَاق بعد الدُّخُول معقب للرجعة
وَلِأَن الْمُفَوض إِلَيْهَا صَرِيح الطَّلَاق
قَوْله لم تطلق لِأَن الْإِبَانَة من أَلْفَاظ الطَّلَاق حَقِيقِيَّة
وَحكما فَأَما الِاخْتِيَار لَيْسَ من أَلْفَاظ الطَّلَاق وصعا وَحكما
قَوْله فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهِ فَإِن قَالَ طَلِّقِي ضرتك لَهُ أَن
يرجع عَنهُ وَلَا يقْتَصر على الْمجْلس وَكَذَلِكَ لَو قَالَ للْأَجْنَبِيّ
طَلقهَا لَهُ أَن يرجع عَنهُ وَلَا بقتصر على الْمجْلس لِأَن قَوْله
طَلِّقِي نَفسك تمْلِيك وَالتَّمْلِيك يقْتَصر على الْمجْلس بِالْإِجْمَاع
وَلَا يقبل الرُّجُوع وَقَوله طَلقهَا إنابة وَهِي لَا تقتصر على الْمجْلس
وَيقبل بِالرُّجُوعِ عَنهُ
(1/210)
أَو أمرهَا أَن تطلق بَائِنَة فَطلقت
رَجْعِيَّة وَقع عَلَيْهَا مَا أَمر بِهِ الزَّوْج وَإِن قَالَ لَهَا
طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا إِن شِئْت فَطلقت وَاحِدَة لم يَقع شَيْء
وَكَذَلِكَ إِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك وَاحِدَة ان شِئْت فَطلقت
ثَلَاثًا لم يَقع شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله)
يَقع فِي هَذَا الْوَجْه وَاحِدَة
وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق إِن شِئْت فَقَالَت قد شِئْت إِن شِئْت
فَقَالَ قد شِئْت يَنْوِي الطَّلَاق لم يَقع إِلَّا أَن يَقُول مجيباً
لَهَا قد شِئْت طَلَاقك فَيَقَع حِينَئِذٍ وَلَو قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق
إِذا شِئْت فَقَالَ قد شِئْت إِن شَاءَ أبي لم تطلق وَلَو قَالَت قد شِئْت
إِن كَانَ كَذَا لشَيْء قد مضى طلقت
وَلَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق إِذا شِئْت أَو إِذا مَا شِئْت اَوْ مَتى
شِئْت اَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله وَكَذَلِكَ إِلَخ لِأَن هَذَا الْكَلَام فِي حق الْأَجْنَبِيّ يصلح
للتوكيل وَيصْلح للتَّمْلِيك فَإِن صرح بالتمليك جعل تَمْلِيكًا وَلَا
فَلَا وَهَهُنَا صرح بالتمليك لِأَنَّهُ علقه بالمشية فَجعل تَمْلِيكًا
قَوْله فَهِيَ وَاحِدَة لِأَنَّهَا ملكت إِيقَاع الثَّلَاث فَيملك إِيقَاع
الْوَاحِدَة
قَوْله لم يَقع شَيْء هَذَا بالِاتِّفَاقِ لِأَن وُقُوع الطَّلَاق مُعَلّق
بمشيتها الثَّلَاث وَلم يُوجد
قَوْله لم يَقع شَيْء لِأَن وُقُوع الطَّلَاق مُعَلّق بمشيتها الْوَاحِدَة
وَلم يُوجد
قَوْله وَاحِدَة لِأَن مشْيَة الثَّلَاث مشْيَة الْوَاحِدَة وَعِنْده
لَيْسَ كَذَلِك
قَوْله فَقَالَت قد شِئْت إِن شِئْت إِلَخ لَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق
إِن شِئْت فَقَالَت شِئْت إِن كَانَ كَذَا لأمر مَاض طلقت لِأَنَّهُ علق
الطَّلَاق بنتجيز المشية وَالتَّعْلِيق بِشَرْط كَائِن تَنْجِيز وَإِن
قَالَت شِئْت إِن كَانَ كَذَا لأمر لم يَجِيء بعد فَهُوَ
(1/211)
مَتى مَا شِئْت فَردَّتْ الْأَمر لم يكن
ردا فَإِن قَامَت أَو أخذت فِي عمل آخر أَو فِي كَلَام آخر فلهَا أَن تطلق
نَفسهَا وَلَا تطلق إِلَّا وَاحِدَة وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق كلما
شِئْت فلهَا أَن تطلق نَفسهَا وَاحِدَة بعد وَاحِدَة حَتَّى تطلق نَفسهَا
ثَلَاثًا وَإِن تزَوجهَا بعد زوج آخر فَطلقت نَفسهَا لم يَقع شَيْء
وَلَيْسَ لَهَا أَن تطلق نَفسهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَاطِل لِأَنَّهُ تَعْلِيق وَخرج الْأَمر من يَدهَا لِأَنَّهَا اشتغلت
بِمَا لَا يعنيها وَلَو قَالَت قد شِئْت إِن شِئْت فَقَالَ الزَّوْج مجيباً
لَهَا قد شِئْت يَنْوِي الطَّلَاق لَا يَقع الطَّلَاق إِلَّا أَن يَقُول
الزَّوْج شِئْت طَلَاقك فَحِينَئِذٍ يكون هَذَا إيقاعاً مبتدء فَيَقَع
وَإِن قَالَ أردْت طَلَاقك لم يَقع وَالْفرق أَن المشية مَأْخُوذ من
الشَّيْء وَأَنه اسْم للموجود بِخِلَاف أردْت لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من الرود
وَهُوَ الطّلب والطلب قد يكون فَلَا يُوجد
قَوْله فَيَقَع حِينَئِذٍ لِأَن المشية فِي الاصل مَأْخُوذ من الشَّيْء وخو
اسْم للشَّيْء الْمَوْجُود فَكَانَ قَوْله شِئْت بِمَعْنى أوجدت وإيجاد
الطَّلَاق بإيقاعه بِخِلَاف الْإِرَادَة فَإِنَّهَا فِي اللُّغَة عبارَة
عَن الطّلب قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحمى رائد الْمَوْت
أَي طَالبه فَإِن قيل ذهب عُلَمَاؤُنَا فِي أصُول الدّين إِلَى أَن
الْإِرَادَة والمشية وَاحِدَة فَمَا هَذِه التَّفْرِقَة فَالْجَوَاب أَنه
يجوز أَن يكون بَينهمَا تَفْرِقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعباد وتسوية
بِالنِّسْبَةِ إِلَى الله تَعَالَى لِأَن مَا شَاءَ الله كَانَ لَا محَالة
كَذَا مَا يُريدهُ بِخِلَاف العَبْد
قَوْله لم يكن ردا وَلَا يقْتَصر على الْمجْلس وَلها أَن تطلق نَفسهَا فِي
كل زمَان وَاحِدَة لِأَن كلمة مَتى تعم الْأَوْقَات دون الْأَفْعَال فتملك
التَّطْلِيق فِي كل زمَان وَلَا تملك تطليقاً بعد تطليق وَلَو قَالَ إِذا
شِئْت أَو إِذا مَا شِئْت فَكَذَلِك عِنْد الْكل أما على أَصلهمَا فَظَاهر
وَأما على أصل أبي حنيفَة فَلِأَنَّهُ يسْتَعْمل للْوَقْت وللشرط وَقد صَار
فِي يَدهَا فِي الْمجْلس فَلَا يخرج من يَدهَا بِالْقيامِ عَن الْمجْلس
بِالشَّكِّ
(1/212)
وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق حَيْثُ
شِئْت أَو أَيْن شِئْت لم تطلق حَتَّى تشَاء فَإِن قَامَت من مجلسها فَلَا
مشْيَة لَهَا وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق كَيفَ شِئْت طلقت تَطْلِيقَة
يملك الرّجْعَة فَإِن قَالَت قد شِئْت وَاحِدَة بَائِنَة أَو ثَلَاثًا
وَقَالَ ذَلِك نَوَيْت فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِن قَالَ أَنْت طَالِق كم
شِئْت أَو مَا شِئْت طلقت نَفسهَا مَا شَاءَت فَإِن قَامَت من مجلسها بَطل
الامر وان ردَّتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْله ثَلَاثًا لِأَن كلمة كلما تعم الْأَفْعَال كَمَا تعم الْأَزْمَان
وَإِن قَامَت من الْمجْلس بَطل أمرهَا فِي ذَلِك الْمجْلس لَكِن لَهَا
مشْيَة أُخْرَى فَإِن شَاءَت الثَّلَاث جملَة لم يَصح لِأَنَّهُ لم يُفَوض
إِلَيْهَا الثَّلَاث جملَة وَأَنه فوض إِلَيْهَا الْوَاحِدَة فِي كل مشْيَة
فَإِذا شَاءَت الثَّلَاث جملَة لم يَقع الثَّلَاث فَهَل يَقع الْوَاحِدَة
فعلى الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ يَعْنِي عِنْد أبي حنيفَة لَا تقع
وَعِنْدَهُمَا تقع
قَوْله حَتَّى تشَاء لِأَن كلمة أَيْن من ظروف الْمَكَان وحَيْثُ من
أَسمَاء الْمَكَان وَلَا اتِّصَال للطَّلَاق بِالْمَكَانِ وَالطَّلَاق لَا
يخْتَلف باخْتلَاف الْمَكَان فَيلْغُو ذكر الْمَكَان وَيبقى ذكر المشية فِي
الطَّلَاق بِخِلَاف الزَّمَان
قَوْله طلقت إِلَخ لم يحك هَهُنَا خلافًا وَذكر فِي الأَصْل أَن هَذَا قَول
أبي حنيفَة وَأما على قَوْلهمَا فَلَا تقع مَا لم توقع الْمَرْأَة وَلَكِن
إِن شَاءَت اوقعت تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة وان شَاءَت توقعت بَائِنَة ان
شَاءَت أوقعت الثَّلَاث لَهما أَن هَذَا تَفْوِيض أصل الطَّلَاق إِلَيْهَا
على أَي وصف شَاءَت فملكت ذَلِك وَلأبي حنيفَة أَن المشية دخلت على وصف
الطَّلَاق فَبَقيَ أَصله بِلَا مشْيَة فَوَقع
قَوْله فَهُوَ كَمَا قَالَ يُرِيد بِهِ أَن الزَّوْج يَقُول نَوَيْت بِهِ
ذَلِك
قَوْله مَا شَاءَت لَان كم ومَا يستعملان للعدد ويقتصر على الْمجْلس
قَوْله وَقَالَ ابو يُوسُف ومُحَمَّد إِلَخ فهما يجعلان كلمة من للتمييز
لِأَن مَا مُحكم فِي التَّعْمِيم وَكلمَة من يسْتَعْمل للتمييز فَيحمل على
تَمْيِيز الْجِنْس كَمَا إِذا قَالَ كل من طَعَامي مَا شِئْت أَو طلق من
نسَائِي من شِئْت وَهُوَ يَجْعَل
(1/213)
كَانَ ردا وَإِن قَالَ لَهَا طَلِّقِي
نَفسك من ثَلَاث مَا شِئْت فلهَا أَن تطلق نَفسهَا وَاحِدَة واثنتين وَلَا
تطلق ثَلَاثًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تطلق ثَلَاثًا
إِن شَاءَت وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
بَاب الْخلْع
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة (رَضِي الله عَنْهُم) فِي رجل خلع
امْرَأَته على خمر بَينهَا أَو خِنْزِير أَو ميتَة فالخلع وَاقع وَلَا
شَيْء لَهُ وَإِن كَاتب عبدا على ذَلِك فالكتابة فَاسِدَة فَإِن اداء عتق
وَعَلِيهِ الْقيمَة رجل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للتَّبْعِيض فَإِن طلقت ثَلَاثًا لم يَقع شَيْء عِنْد أبي حنيفَة لما عرف
من أَصله فان الْمَأْمُور بِالْوَاحِدِ اَوْ الثنيتن اذا اوقع الثَّلَاث
لَا يَقع شَيْء
بَاب الْخلْع
قَوْله وَلَا شَيْء لَهُ لِأَن الْملك الَّذِي يسْقط عَنهُ بِالطَّلَاق
لَيْسَ بِمَال مُتَقَوّم فَلَا يجب الْبَدَل إِلَّا بِاعْتِبَار
التَّسْمِيَة والمسمى لَيْسَ بِمَال مُتَقَوّم
قَوْله وَعَلِيهِ الْقيمَة لِأَن الْملك الَّذِي يسْقط عَنهُ
بِالْإِعْتَاقِ مَال مُتَقَوّم فَإِذا لم يسلم لَهُ الْعِوَض الْمَشْرُوط
لفساده يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو
أعْتقهُ على ذَلِك فَقبل عتق وَعَلِيهِ قِيمَته لما قُلْنَا وَكَذَلِكَ لَو
تزوج امْرَأَة على ذَلِك فَقبلت جَازَ النِّكَاح وَعَلِيهِ مهر الْمثل
لِأَن النِّكَاح نَظِير الْكِتَابَة لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ عِنْد
الدُّخُول فِي ملك الزَّوْج مَال مُتَقَوّم فَإِذا لم يجب الْمُسَمّى لفساد
التَّسْمِيَة وَجب قيمَة الْبضْع وَلِهَذَا لَو تزوج بِدُونِ الْمهْر يجب
الْمهْر الْمثل
قَوْله وَهِي صَغِيرَة وَإِن خلع الصَّغِيرَة على مهرهَا فَإِن لم يضمن
الْأَب شَيْئا توقف على قبُولهَا إِن كَانَت من أهل الْقبُول بِأَن كَانَت
تعرف كَون الْخلْع سالباً وَالنِّكَاح جالباً فَإِن قبلت وَقع وَلم يبطل من
مهرهَا شَيْء بل يبْقى الْكل إِن دخل
(1/214)
خلع ابْنَته بمهرها وَهِي صَغِيرَة لم يجز
فَإِن خلعها على ألف على أَنه ضَامِن فالخلع وَاقع وَالْألف عَلَيْهِ رجل
قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق على ألف فَقبلت طلقت وَعَلَيْهَا الْألف
وَهُوَ كَقَوْلِه أَنْت طَالِق بِأَلف وَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق
وَعَلَيْك ألف فَقبلت أَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر وَعَلَيْك ألف فَقبل
عتق العَبْد وَطلقت الْمَرْأَة للرجعة وَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) على كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف
دِرْهَم وَلَو لم يقبلا طلقت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بهَا وَالنّصف إِن لم يدْخل بهَا وَإِن لم يقبل هِيَ وَقبل الْأَب عَنْهَا
فعلى هَذَا رِوَايَتَانِ وَأما إِذا ضمنه الْأَب فَإِن كَانَ الْمهْر
الْفَا فَالْقِيَاس ان يحب عَلَيْهِ الْألف وَلها على الزَّوْج خَمْسمِائَة
إِن كَانَ قبل الدُّخُول بهَا وَفِي الِاسْتِحْسَان يجب خَمْسمِائَة
عَلَيْهِ وعَلى الزَّوْج أَيْضا كَذَلِك
قَوْله وَالْألف عَلَيْهِ لِأَن اشْتِرَاط بدل الْخلْع على الاجنبي صَحِيح
لانه يسلم للْعَبد بِالْعِتْقِ شَيْء وَلَا يسلم ذَلِك للْأَجْنَبِيّ
فَافْتَرقَا وَفِي الْخلْع يسْقط فَلَا يسلم للْمَرْأَة شَيْء كَمَا لَا
يسلم للْأَجْنَبِيّ فاستويا
قَوْله على كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف دِرْهَم لَهما أَن هَذَا الْكَلَام
يسْتَعْمل فِي مَوضِع الْمُعَارضَة وَالشّرط أَلا ترى أَن من قَالَ احْمِلْ
هَذَا الْمَتَاع إِلَى منزلي وَلَك دِرْهَم كَانَ مثل قَوْله بدرهم وَهَذَا
لِأَن الْوَاو يصلح للْحَال كَمَا فِي قَوْله إِن دخلت الدَّار وَأَنت
راكبة فَأَنت طَالِق فَيكون شرطا عِنْد دلَالَة الشَّرْط وعوضاً عِنْد
دلَالَة الْمُعَاوضَة وَلأبي حنيفَة أَن قَوْله وَعَلَيْك ألف دِرْهَم
جملَة تَامَّة فَلَا يَجْعَل مُتَّصِلا بِمَا قبله إِلَّا بِدلَالَة وَلم
يُوجد لِأَن الطَّلَاق شرع بِمَال وَبِغير مَال بِخِلَاف مَا إِذا اسْتعْمل
فِي مَوضِع الْمُعَاوضَة لِأَنَّهُ مَا شرع إِلَّا مُعَاوضَة غَالِبا فيصلح
دلَالَة
قَوْله طَابَ الْفضل للزَّوْج لقَوْله تَعَالَى فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا
فِي مَا افتدت بِهِ وَفِي رِوَايَة الأَصْل يكره لما روى أَن امْرَأَة
ثَابت بن قيس بن
(1/215)
الْمَرْأَة وَعتق العَبْد عِنْد أبي حنيفَة
(رَضِي الله عَنهُ) وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) إِذا لم
يقبلا لَا تطلق الْمَرْأَة وَلَا يعْتق العَبْد
امْرَأَة اخْتلعت على أَكثر من مهرهَا والنشوز مِنْهَا طَابَ الْفضل
للزَّوْج وَإِن كَانَ النُّشُوز مِنْهُ كره لَهُ الْفضل وَجَاز فِي
الْقَضَاء امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا اخلعني على مَا فِي يَدي من
الدَّرَاهِم فَفعل وَلم يكن فِي يَدهَا شَيْء فَإِنَّهَا تعطيه ثَلَاثَة
دَرَاهِم رجل قَالَ لامْرَأَته طَلقتك أمس على ألف فَلم تقبلي فَقَالَت
فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَإِن قَالَ لرجل بِعْتُك هَذَا العَبْد بِأَلف
دِرْهَم أمس فَلم تقبل وَقَالَ المُشْتَرِي قبلت فَالْقَوْل قَول
المُشْتَرِي رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق على ألف دِرْهَم على أَنِّي
بِالْخِيَارِ أَو على أَنَّك بِالْخِيَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شماس أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أبْغض زَوجي لَا
أَنا وَلَا ثَابت فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته
(والحديقة كَانَت مهرهَا) قَالَت نعم مَعَ زِيَادَة فَقَالَ عَلَيْهِ
السَّلَام أما الزِّيَادَة فَلَا
قَوْله كره لَهُ الْفضل وَلَا يكره أَخذ مهرهَا الَّذِي قبضت لما تلونا من
الْآيَة وَفِي رِوَايَة الأَصْل يكره لقَوْله (تَعَالَى) {وَإِن أردتم
استبدال زوج مَكَان زوج} الْآيَة
قَوْله فَالْقَوْل قَول الزَّوْج لِأَن الطَّلَاق بِمَال يَمِين من جَانب
الزَّوْج حَتَّى لَا يَصح الرُّجُوع عَنهُ وَالْيَمِين يتم من غير قبُول
إِنَّمَا الْقبُول شَرط الْحِنْث فَلَا يكون الْإِقْرَار بِهِ إِقْرَارا
بِالْقبُولِ أما البيع إِيجَاب وَقبُول فَلَا يتم إِلَّا بِالْقبُولِ
فَكَانَ الاقرار مِنْهُ للْبيع إِقْرَارا بِالْقبُولِ فَإِذا أنكر فقد
رَجَعَ عَن بعض مَا أقرّ بِهِ
قَوْله اذا كَانَ الزَّوْج لِأَنَّهُ يَمِين من جَانِبه من حَيْثُ
الْمَعْنى حَتَّى لَا يَصح رُجُوعه عَنهُ فَلَا يحْتَمل خِيَار الشَّرْط
قَوْله فَإِن ردَّتْ الْخِيَار إِلَخ فَإِن اخْتَارَتْ الطَّلَاق فِي
الثَّلَاث فالطلاق وَاقع وَالْألف لَازم وَعِنْدَهُمَا الطَّلَاق وَاقع
وَالْمَال لَازم وَالْخيَار بَاطِل لِأَن قبُولهَا شَرط الْيَمين فَلَا
يحْتَمل الْخِيَار كَسَائِر الْأَيْمَان وَلأبي حنيفَة أَن الْخلْع من
جَانبهَا
(1/216)
ثَلَاثَة فَقبلت فَالْخِيَار بَاطِل إِذا
كَانَ للزَّوْج وَهُوَ جَائِز إِذا كَانَ للْمَرْأَة فَإِن ردَّتْ
الْخِيَار فِي الثَّلَاث بَطل الْخِيَار وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
الطَّلَاق وَاقع وَعَلَيْهَا ألف دِرْهَم رجل تزوج امْرَأَة وَأَحَدهمَا
بِالْخِيَارِ جَازَ النِّكَاح وَبَطل الْخِيَار فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا
امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا طَلقنِي ثَلَاثًا على ألف فَقَالَ أَنْت طَالِق
وَاحِدَة فَهِيَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة بِغَيْر شَيْء وَقَالَ أَبُو
يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله لَهُ ثلث الْألف وَإِن قَالَت طَلقنِي
ثَلَاثًا بِأَلف فَقَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة فَلهُ ثلث الْألف فِي
قَوْلهم جَمِيعًا امْرَأَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يشبه البيع لِأَنَّهُ تمْلِيك مَال بعوض وَلِهَذَا لَو رَجَعَ صَحَّ
رُجُوعهَا وَلَو قَامَت بَطل كَمَا فِي البيع وَلَا يتَوَقَّف على مَا
وَرَاء الْمجْلس وَالْمَبِيع يحْتَمل الْخِيَار وَإِنَّمَا جعل ذَلِك شرطا
فِي حق الزَّوْج وَأما فِي حق نَفسهَا تمْلِيك مَال بعوض
قَوْله وَبَطل الْخِيَار فرق أَبُو حنيفَة بَين الْخلْع فِي جَانبهَا
وَبَين النِّكَاح فَإِن اشْتِرَاطه الْخِيَار فِي النِّكَاح لَا يَصح وَإِن
كَانَ كِلَاهُمَا تَمْلِيكًا من جَانبهَا حَتَّى لَو تزوج امْرَأَة بِشَرْط
الْخِيَار يبطل الْخِيَار وَالْفرق أَن الْخِيَار أَثَره فِي إِثْبَات حق
الْفَسْخ بعد تَمام الْإِيجَاب وَالنِّكَاح بَعْدَمَا تمّ لَا يحْتَمل
الْفَسْخ وَلِهَذَا لَا يحْتَمل الاقامة وَإِيجَاب المَال فِيهِ تَابع
وَلِهَذَا يَصح بِدُونِ ذكر المَال فَلم يُمكن إِفْرَاده بِحكمِهِ أما
المَال فِي بَاب الْخلْع مَقْصُود فَأمكن إِفْرَاده بِحكمِهِ
قَوْله لَهُ ثلث الْألف لِأَن كلمة على فِي الْمُعَاوَضَات بِمَنْزِلَة
الْبَاء فِي الْعَادة فَإِنَّهُ لَا فرق بَين قَول الرجل احْمِلْ هَذَا
الْمَتَاع إِلَى منزلي بدرهم وَبَين قَوْله على دِرْهَم ولابي حنيفَة ام
كلمة على بِمَعْنى الشَّرْط لِأَن أَصْلهَا اللُّزُوم فاستعير للشّرط
لِأَنَّهُ يلازم الْجَزَاء وَالشّرط لَا يَنْقَسِم على الْجَزَاء
قَوْله فَلهُ ثلث الْألف لَان الْبَاء نصحت الاعواض والعوض يَنْقَسِم على
(1/217)
اخْتلعت على عبد لَهَا آبق على أَنَّهَا
بريئة من ضَمَانه لم تَبرأ وَعَلَيْهَا الْوَفَاء بِالْعَبدِ اَوْ
بِقِيمَتِه وَالله اعْلَم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المعوض كَرجل قَالَ لرجل بِعْ هَؤُلَاءِ العبيد الثَّلَاثَة بِأَلف دِرْهَم
فَبَاعَ الْوَاحِد بِثلث الْألف صَحَّ كَذَا هَذَا
قَوْله لم تَبرأ لِأَنَّهُ شَرط فَاسد لِأَن الْخلْع مُعَاوضَة فَتَصِير
السَّلامَة مُسْتَحقَّة بِهِ وَالتَّسْلِيم وَاجِب عَلَيْهَا فَإِذا فَاتَ
كَانَ عَلَيْهَا الْقيمَة فَكَانَ اشْتِرَاط الْبَرَاءَة شرطا فَاسِدا
فَيلْغُو الشَّرْط لَكِن لَا يبطل الْخلْع لِأَنَّهُ لَا يبطل بِالشُّرُوطِ
الْفَاسِدَة
(1/218)
|