الحجة
على أهل المدينة // كتاب الْمَنَاسِك
//
- بَاب الْقرَان بَين الْحَج وَالْعمْرَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة الْقرَان بَين
الْحَج وَالْعمْرَة افضل من افراد الْحَج وافراد الْعمرَة فان قرن بَينهمَا
طَاف لَهما طوافين وسعى لَهما سعيين وَمَا عجل من الاحرام فَهُوَ افضل إِذا
قوي عَلَيْهِ قبل ان يبلغ وقته وَلَا يُجَاوز وقته إِلَى مَكَّة إِلَّا
محرما
(2/1)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة افراد الْحَج افضل
من الْقرَان وَمن غَيره فان قرن طَاف لَهما طَوافا وَاحِدًا وسعى لَهما
سعيا وَاحِدًا وَلَا يَنْبَغِي ان يعجل الاحرام قبل الْمِيقَات وان عجل
لزمَه والميقات افضل وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ يكون الافراد بِالْحَجِّ افضل
من الْقرَان وَهُوَ يرجع بِعُمْرَة وَحجَّة قَالُوا لِأَن من قرن وَجب
عَلَيْهِ هدي وانما يجب عَلَيْهِ الْهَدْي لما يدْخل الْحَج من النُّقْصَان
قيل لَهُم أَلَيْسَ هَذَا الْهدى للمتعة وَلَو كَانَ للنقصان لَكَانَ
الْمَكِّيّ إِذا جَاءَ من الْعرَاق فَدخل مَكَّة بِالْعُمْرَةِ فِي اشهر
الْحَج ثمَّ حج من عَامه وَجب عَلَيْهِ الْهدى لِأَنَّهُ صنع مَا صنع
الْكُوفِي والكوفي عَلَيْهِ الْهدى إِذا فعل ذَلِك والمكي لَا هدى عَلَيْهِ
لِأَنَّهُ من أهل حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام وَلَو كَانَ الْهدى للنقصان
لما كَانَ لَهُم ايضا فِي ذَلِك حجَّة لِأَن الْهدى صَار مَكَان
النُّقْصَان وَصَارَ ذَلِك الْهدى وَفَاء بِالنُّقْصَانِ فتم الْحَج
بِالْهدى وَصَارَت عمْرَة فاضلة فَرجع الْقَارِن بِالْعُمْرَةِ فِي
قَوْلنَا
(2/2)
وقولكم جَمِيعًا وَرجع بِحجَّة تَمامهَا
الْهَدْي فَصَارَ حجَّة مُفْردَة لَا هدي فِيهَا وَعمرَة زَائِدَة مَعهَا
وَقد جَاءَ فِي ذَلِك آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن أبي حنيفَة قَالَ حَدثنَا مَنْصُور بن
الْمُعْتَمِر عَن ابراهيم
(2/3)
عَن أبي نصر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي
الله عَنهُ قَالَ إِذا اهللت بِالْعُمْرَةِ وَالْحج جَمِيعًا فَطُفْ لَهما
طوافين وَاسع لَهما سعيين بَين الصَّفَا والمروة
(2/5)
قَالَ مَنْصُور فَلَقِيت مُجَاهدًا وَهُوَ
يُفْتى بِطواف وَاحِد لمن قرن فَحَدَّثته بِهَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَو كنت
سمعته لم أَنْت إِلَّا بطوافين فَأَما بعد الْيَوْم فَلَا أفتى إِلَّا بهما
(2/6)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة نرى على الْقَارِن
طَوافا وَاحِدًا وسعيا وَاحِدًا
(2/7)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو
حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ انه
نهى عَن الْإِفْرَاد يَعْنِي إفرادا الْعمرَة فَأَما الْقرَان فَلَا
(2/8)
أخبرنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا عَمْرو
بن مرّة عَن عبد الله بن سَلمَة عَن عَليّ
(2/9)
ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ
تَمام الْحَج وَالْعمْرَة ان تحرم بهما من جَوف
(2/10)
دو يرتك
(2/12)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُجَاهِد كَانَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/15)
وَعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا يقدمان علينا متمعنين قَالَ فَجعل عبد الله بن عمر الإهلال مرّة
بِالْحَجِّ فِي هِلَال ذِي الْحجَّة وَآخر مرَّتَيْنِ يَوْم التَّرويَة
(2/16)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن ذَر
الْهَمدَانِي عَن مُجَاهِد ان
(2/17)
الصَّبِي بن معبد أهل بِعُمْرَة وَحجَّة
بالعذيب فَمر بِهِ زيد بن صوحان وسلمان ابْن ربيعَة فَلَمَّا سمعا الَّذِي
أهل بِهِ قَالَا لهَذَا اضل من جمل اهله أَو اقل عقلا من جمل اهله فاحتفظ
من قَوْلهمَا وَمضى حَتَّى قدم على عمر
(2/18)
ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَأخْبرهُ
بِالَّذِي صنع وبقولهما فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ هديت لسنة نبيك
مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن أبان قَالَ حَدثنَا
مُحَمَّد بن رَاشد السّلمِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نصر بن عَمْرو
السّلمِيّ عَن أَبِيه قَالَ
(2/19)
خرجت حَاجا وَأَنا أُرِيد عَليّ بن أبي
طَالب رَضِي الله عَنهُ فأحرمت قبل ان ادخل الْمَدِينَة قَالَ فَدخلت
الْمَدِينَة حَتَّى خرج عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَأَدْرَكته بذى الحليفة
وَقد أهل بِعُمْرَة وَحجَّة فَقلت مَا خرجت إِلَّا إِلَيْك فَأَدْخلنِي فِي
احرامك قَالَ وَكَيف أدْخلك فِي احرامي وَقد أَحرمت بِحجَّة وأحرمت بِحجَّة
وَعمرَة وَلَكِن اقم على إحرامك وأقيم على إحرامي قَالَ فَأَقَمْنَا على
إحرامنا نلبي حَتَّى دَخَلنَا مَكَّة فَطَافَ طوافين بِالْبَيْتِ وَبَين
الصَّفَا والمروة طَوافا لعمرته وطوافا لحجته ثمَّ أَقَمْنَا إحرامين
حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر
أخبرنَا مُحَمَّد بن أبان عَن مُوسَى ابْن أبي كثير ومُوسَى الْجُهَنِيّ
(2/20)
عَن مُجَاهِد عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَنه اعْتَمر قبل أَن يحجّ ثَلَاث عمر فِي ذِي الْقعدَة
ثمَّ حج وَقرن
(2/21)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو
مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن الصَّبِي بن معبد
قَالَ كنت حَدِيث عهد بالجاهلية والنصرانية فَأسْلمت
(2/22)
وقرنت الْحَج وَالْعمْرَة فَأَهْلَلْت بهما
فمررت على زيد بن صوحان وسلمان ابْن ربيعَة بالعذيب وان أهل بهما فَقَالَ
احدهما لصَاحبه لهَذَا اضل من بعير اهله وَقَالَ الآخر ايهل بهما جَمِيعًا
قَالَ فَخرجت كَأَنِّي احملها على عنقِي حَتَّى دخلت على عمر رَضِي الله
عَنهُ فَذكرت لَهُ مَا قَالَا قَالَ إنَّهُمَا لَا يَقُولَانِ شَيْئا هديت
لسنة نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/23)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ سَمِعت مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر يذكر عَن
إِبْرَاهِيم عَن مَالك بن الْحَارِث عَن أبي نصر السّلمِيّ قَالَ لقِيت
عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَقد أهل بِالْعُمْرَةِ وَالْحج فَقلت
لَهُ إِنِّي اهللت بِالْحَجِّ أفأستطيع ان اضم إِلَيْهِ عمْرَة فَقَالَ لَا
إِنَّك لَو كنت
(2/25)
بدأت بِالْعُمْرَةِ فَأَرَدْت ان تضيف
إِلَيْهَا حجَّة فَقلت كَيفَ اصْنَع إِذا اردت ذَلِك قَالَ تفيض عَلَيْك
إداوة ثمَّ تهل بهما جَمِيعًا فَإِذا قدمت طفت لكل وَاحِد مِنْهُمَا طَوافا
ثمَّ لَا يحل مِنْك شَيْء حَتَّى يَوْم النَّحْر فَقَالَ مَنْصُور فَذكرت
ذَلِك لمجاهد فَقَالَ قد كُنَّا نفتى بِطواف وَاحِد فَأَما
(2/26)
الْآن فَلَنْ أفتى إِلَّا بطوافين قَالَ
مُحَمَّد وَبقول عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ نَأْخُذ يُضَاف
الْحَج
(2/32)
إِلَى الْعمرَة وَلَا يُضَاف الْعمرَة
إِلَى الْحَج فَإِن أضَاف الْعمرَة إِلَى الْحَج قبل
(2/34)
ان يعْمل لِلْحَجِّ لزمَه ذَلِك وَقد اساء
(2/35)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن صَدَقَة بن يسَار عَن ابْن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ عمْرَة فِي الْحَج أحب إِلَيّ من عمْرَة فِي
(2/36)
الْعشْرين الْبَوَاقِي
(2/37)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان الثَّوْريّ عَن بكير بن عَطاء عَن حُرَيْث بن سليم انه سمع عَليّ
بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ وَالْحج جَمِيعًا
(2/39)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن طَاوس قَالَ لَو حججْت الف حجَّة لم ادْع
الْقرَان حَتَّى لقد كُنَّا نَدْعُوهُ الْحَج الْأَكْبَر وَالْحج
الْأَصْغَر ونرى ان حج من لم يقرن لم يكمل
(2/41)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
الْهَيْثَم عَن عبد الرَّحْمَن بن اذينة عَن ابيه
(2/45)
قَالَ قلت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ من ايْنَ اعْتَمر قَالَ ائْتِ عليا
(2/47)
رَضِي الله عَنهُ فَأتيت عليا رَضِي الله
عَنهُ فَسَأَلته فَقَالَ من حَيْثُ بدأت فَأتيت عمر فَأَخْبَرته فَقَالَ
احسن
(2/48)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
خَالِد بن عبد الله عَن اسماعيل بن
(2/49)
أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ الْقَارِن
يطوف بطوافين وَيسْعَى سعيين
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا نَافِع ان عبد الله بن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا
(2/50)
خرج فِي الْفِتْنَة مُعْتَمِرًا وَقَالَ ان
صددت عَن الْبَيْت صنعنَا
(2/51)
كَمَا صنعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَخرج فَأهل بِعُمْرَة وَسَار حَتَّى إِذا ظهر على
ظهر الْبَيْدَاء الْتفت الى اصحابه وَقَالَ مَا امرهما
(2/52)
إِلَّا وَاحِد اشهدكم اني قد اوجبت الْحَج
مَعَ الْعمرَة قَالَ فَخرج حَتَّى إِذا اتى الْبَيْت طَاف بِهِ وَطَاف بَين
الصَّفَا والمروة سبعا
(2/53)
سبعا لم يزدْ عَلَيْهِ وَرَأى ذَلِك مجزيا
عَنهُ واهدى قَالَ مُحَمَّد فقد قرن
(2/54)
عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بَين
الْحَج وَالْعمْرَة بِغَيْر سِيَاق وانتم تنهون
(2/55)
عَن ذَلِك الا بسياق فتروون الحَدِيث ثمَّ
تَدعُونَهُ عيَانًا الى غير حَدِيث مثله
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن مُحَمَّد بن عبد
الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن سُلَيْمَان بن يسَار ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
(2/56)
عَام حجَّة الْوَدَاع كَانَ من اصحابه من
أهل بِحجَّة وَمِنْهُم من اهل
(2/57)
بِعُمْرَة وَمِنْهُم من جمع بَين الْحَج
وَالْعمْرَة قَالَ فَحل من كَانَ أهل بِعُمْرَة واما من كَانَ أهل
بِالْحَجِّ أَو جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة
(2/59)
فَلم يحلوا
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن صَدَقَة بن يسَار قَالَ سَمِعت عبد الله بن
عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ودخلنا عَلَيْهِ قبل يَوْم التَّرويَة بيومين أَو
ثَلَاثَة وَدخل عَلَيْهِ النَّاس يسألونه فَدخل عَلَيْهِ رجل من أهل الْيمن
ثَائِر الراس وَقد ضفر رَأسه فَقَالَ يَا ابا عبد الرَّحْمَن إِنِّي ضفرت
راسي وأحرمت
(2/61)
بِعُمْرَة مُفْردَة فَمَا ترى قَالَ ابْن
عمر لَو كنت مَعَك حِين احرمت لأمرتك ان تهل بهما جَمِيعًا فَإِذا قدمت طفت
بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وَكنت على إحرامك لَا يحل مِنْك شَيْء حَتَّى
تحل مِنْهُمَا جَمِيعًا يَوْم النَّحْر وتنحر هديك وَقَالَ لَهُ ابْن عمر
خُذ مَا تطاير من شعرك واهد
(2/62)
فَقَالَت لَهُ امْرَأَة فِي الْبَيْت وَمَا
هَدْيه يَا ابا عبد الرَّحْمَن قَالَ هَدْيه ثَلَاثًا كل ذَلِك يَقُول
هَدْيه ثمَّ سكت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حَتَّى إِذا اردنا
الْخُرُوج قَالَ أما وَالله لَو لم أجد إِلَّا شَاة لَكَانَ أرى ان أذبحها
أحب إِلَيّ من ان اصوم
(2/63)
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَهَذَا ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَو كنت مَعَك لأمرتك ان تهل بهما جَمِيعًا
وَلم يقل ان تفرد بِالْحَجِّ فَكيف رَأَيْتُمْ افراد الْحَج دون الْقرَان
وَقد قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا هَذَا القَوْل وَأَنْتُم الَّذِي
تروونه ثمَّ تَدعُونَهُ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ
حَدثنَا نَافِع ان عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا خرج فِي
الْفِتْنَة مُعْتَمِرًا وَقَالَ إِن صُدِدْنَا عَن الْبَيْت صنعنَا كَمَا
صنعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج فَأهل
بِالْعُمْرَةِ حَتَّى إِذا ظهرنا عل ظهر الْبَيْدَاء الْتفت إِلَى
أَصْحَابه وَقَالَ مَا أَمرهمَا إِلَّا وَاحِد اشْهَدُوا إِنِّي قد ادخلت
الْحَج مَعَ الْعمرَة
(2/64)
فَخرج حَتَّى إِذا جَاءَ الْبَيْت طَاف
وطفنا
(2/66)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مسعر بن كدام قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن مرّة
(2/67)
عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ سَمِعت عَليّ بن
أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي
(2/68)
بهما جَمِيعًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن بكير بن عَطاء
اللَّيْثِيّ ان رجلا من بني عذرة قَالَ إِنَّه سمع عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ
(2/69)
يُلَبِّي بِحجَّة وَعمرَة مَعًا أهل بهما
قلت أطاف لَهما طوافين وسعى لَهما سعيين قَالَ نعم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن يحيى بن
أبي إِسْحَاق
(2/70)
عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه
سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/71)
انه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَقُول لبيْك عمْرَة وحجا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن حميد
الطَّوِيل عَن أنس
(2/75)
ابْن مَالك رَضِي الله عَنهُ ان رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بهما جَمِيعًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن يزِيد بن
أبي زِيَاد
(2/76)
عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ لَو اعْتَمَرت ثمَّ رجعت إِلَى أَهلِي ثمَّ اعْتَمَرت
وَرجعت إِلَى أَهلِي ثمَّ اعْتَمَرت ثمَّ رجعت إِلَى أَهلِي ثمَّ حججْت
حجَّة لجعلت مَعهَا عمْرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو بكر بن عبد الله
النَّهْشَلِي عَن الْهَيْثَم قَالَ مَا قدم طَاوس مَكَّة الا قَارنا موافيا
يَعْنِي بذلك تَأْخِير الْقدوم
(2/77)
- بَاب مَتى يقطع الرجل التَّلْبِيَة فِي
الْحَج وَالْعمْرَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ يقطع الْمهل بِالْعُمْرَةِ
التَّلْبِيَة حِين يسْتَلم الرُّكْن للطَّواف بِالْبَيْتِ لعمرته وَيقطع
التَّلْبِيَة فِي الْحَج فِي أول حَصَاة يَرْمِي بهَا جَمْرَة الْعقبَة
يَوْم النَّحْر
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من اعْتَمر من التَّنْعِيم فانه يقطع التَّلْبِيَة
حِين يرى الْبَيْت وَمن اعْتَمر من بعض الْمَوَاقِيت وَهُوَ من أهل
الْمَدِينَة أَو غَيرهم فانه يقطع
(2/80)
التَّلْبِيَة إِذا انْتهى إِلَى الْحرم
وَيقطع الْحَاج التَّلْبِيَة إِذا انْتهى إِلَى الْحرم حِين يروح إِلَى
الْموقف عَشِيَّة عَرَفَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف اخْتلف الْمهل من التَّنْعِيم والمهل من
الْوَقْت مَا حَالهمَا إِلَّا وَاحِد أَرَأَيْتُم لَو أهل على مسيرَة
لَيْلَة من الْحرم مَتى يقطع التَّلْبِيَة أَو أهل من فديد أَو من عسفان
أَو من بطن مر أَو من خلف التَّنْعِيم بأميال مَتى يقطع التَّلْبِيَة انه
يقطع التَّلْبِيَة حِين يسْتَلم الرُّكْن فِي آثَار غير وَاحِدَة كَثِيرَة
(2/81)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو
حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ يقطع الْمحرم بِالْعُمْرَةِ
التَّلْبِيَة إِذا اسْتَلم الْحجر وَيقطع التَّلْبِيَة فِي الْحَج فِي أول
حَصَاة يَرْمِي بهَا جَمْرَة الْعقبَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ
سَأَلت مُجَاهدًا مَتى
(2/82)
يقطع الْمُعْتَمِر التَّلْبِيَة قَالَ
كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يُلَبِّي حَتَّى يسلتم الرُّكْن
وَكَانَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا قدم مُعْتَمِرًا قطع
التَّلْبِيَة إِذا رأى بيُوت مَكَّة قَالَ مُحَمَّد وَقَول ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا احب إِلَيْنَا
(2/84)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ يُلَبِّي الْمُعْتَمِر حَتَّى يسْتَلم الرُّكْن
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
خصيف عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يقطع
التَّلْبِيَة الْمُعْتَمِر إِذا اسْتَلم الْحجر
(2/86)
5
- اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح
الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ أَفَاضَ ابْن مَسْعُود رَضِي
الله عَنهُ من عَرَفَات
(2/87)
يُلَبِّي فَجعل النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ
فَقَالَ مَا شَأْنهمْ أَضَلُّوا سنة
(2/88)
نَبِيّهم أم نسوا ثمَّ رفع صَوته فَقَالَ
لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك عدد التُّرَاب لبيْك فلبى حَتَّى رمى جَمْرَة
الْعقبَة
(2/91)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن زيد
(2/94)
ابْن اسْلَمْ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله
عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
يهل عِنْد الْجَمْرَة فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
(2/95)
فِيمَا إهلالك قَالَ وَهل قضينا نسكنا بعد
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ أخبرنَا
حُصَيْن ابْن عبد الرَّحْمَن عَن كثير ابْن مدرك الْأَشْجَعِيّ عَن عبد
الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ
(2/96)
سَمِعت ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
يجمع وَهُوَ يَقُول سَمِعت الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة
يَقُول هَاهُنَا لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
الاعمش عَن ابارهيم النَّخعِيّ عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ كَانَ عمر وَعبد
الله بن مَسْعُود يلبيان لَيْلَة عَرَفَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
خصيف عَن مُجَاهِد
(2/97)
قَالَ قَالَ عبد الله بن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ الْفضل بن عَبَّاس كنت رَدِيف رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَمَا زلت أسمعهُ يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة
فَلَمَّا رَمَاهَا قطع التَّلْبِيَة
(2/98)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سَلام بن
سليم عَن أبي يَعْفُور عَن هِلَال ابْن خباب قَالَ كُنَّا نسير مَعَ عبد
الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَمُحَمّد
(2/99)
ابْن حنيفَة من منى إِلَى عَرَفَات وَكَانَ
ابْن عمر يكبر وَكَانَ مُحَمَّد يُلَبِّي
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن حبيب ابْن أبي
ثَابت
(2/100)
عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ لبّى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رمى
الْجَمْرَة
(2/101)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سُفْيَان
الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا عبد الْكَرِيم
(2/102)
عَن مُجَاهِد قَالَ حَدثنَا من رأى عمر بن
الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي بعد مَا افاض من جمع
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مسعر بن كدام عَن عبد الرَّحْمَن بن
الْأسود قَالَ أَخْبرنِي من سمع ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي
بعد مَا أَفَاضَ من عَرَفَات
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن عَامر بن
شَقِيق بن جَمْرَة الاسدي عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي
الله عَنهُ انه لم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة
(2/104)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
ابراهيم بن يزِيد الْمَكِّيّ قَالَ سَمِعت طاوسا يَقُول لِابْنِ عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا إِن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يمسك عَن
التَّلْبِيَة قبل عَرَفَة قَالَ فَإِنِّي اشهدكم على عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ فَإِنِّي سمعته يُلَبِّي عَشِيَّة عَرَفَة عِنْد الْموقف
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مَالك بن أنس عَن مُحَمَّد بن أبي بكر
(2/105)
الثَّقَفِيّ أَنه سَأَلَ أنسا وهما غاديان
إِلَى عَرَفَة كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْيَوْم قَالَ كَانَ يهل الْمهل منا فَلَا يُنكر
عَلَيْهِ وَيكبر المكبر منا فَلَا يُنكر عَلَيْهِ
(2/106)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا ابْن شهَاب عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ كل ذَلِك قد رايت النَّاس يَفْعَلُونَهُ وَأما نَحن فنكبر
(2/107)
قَالَ مُحَمَّد وَهَذَانِ الحديثان يدلان
على أَن التَّلْبِيَة هِيَ الْوَاجِبَة فِي ذَلِك الْيَوْم إِلَّا أَن
التَّكْبِير لَا يُنكر فِي حَال من الْحَالَات وَلَا يكره والتلبية تكره
إِلَّا فِي موَاضعهَا الَّتِي تنبغي فَإِذا كَانَ الملبي
(2/108)
لَا يُنكر عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْموضع
فَهَذَا دَلِيل على ان التَّلْبِيَة تنبغي فِي ذَلِك الْمَكَان وَأما
التَّكْبِير فَلَا يُنكر فِي الْحَج كُله والتهليل وَالتَّسْبِيح أَلا ترى
أَن المكبر لَو كبر فِي أول الْإِحْرَام مَعَ التَّلْبِيَة لم يكن بذلك
بَأْس وَلَو لبّى رجل بعد رمي الْجَمْرَتَيْن كره لَهُ ذَلِك فالتلبية تكره
إِلَّا فِي موَاضعهَا وَالتَّكْبِير لَا يكره فِي حَال من الْحَالَات فان
كَانَ الْمهل لَا يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَال فَهِيَ حَال
التَّلْبِيَة وَقد كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يقدم
(2/111)
حَاجا فيطوف بِحجَّة وَيسْعَى فيكبر على
الصَّفَا والمروة وَيرْفَع صَوته بِالتَّكْبِيرِ والتهليل وَالتَّسْبِيح
والتحميد وَهَذَا قبل انْقِطَاع التَّلْبِيَة فالتكبير وَالتَّسْبِيح
والتهليل والتحميد لَا يُنكر فِي أول الْإِحْرَام وَلَا فِي آخِره والتلبية
لَا تكون إِلَّا فِي موَاضعهَا وَهِي مَكْرُوهَة فِي سوى ذَلِك فَأَما إِذا
لم ينكرها فَذَلِك موضعهَا
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا هِلَال بن
خباب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أَفَاضَ من
عَرَفَات فَجعل يُلَبِّي حَتَّى قدم جمعا ثمَّ أَفَاضَ من جمع فَجعل
يُلَبِّي فَقلت يَا ابْن عَبَّاس أَلا تقطع التَّلْبِيَة قَالَ حججْت مَعَ
عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِحْدَى عشرَة حجَّة فَكَانَ يُلَبِّي
حَتَّى يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة فلبى ابْن عَبَّاس حَتَّى رمى الْجَمْرَة
ثمَّ أمسك وَقَالَ تفتح الْآن الْحل
(2/112)
- بَاب الْعمرَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ الْعمرَة لَيست بواجبة وَمن
اعْتَمر فقد احسن واخذ بِالْفَضْلِ وَلَا بَأْس ان يعْتَمر الرجل مَا احب
من الْعمرَة
(2/114)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة الْعمرَة سنة
وَلَا نعلم أحدا من الْمُسلمين رخص فِي تَركهَا وَلَا نرى لأحد أَن يعْتَمر
فِي السّنة مرَارًا
قَالَ مُحَمَّد وَلَا بَأْس بذلك أَن يعْتَمر الرجل فِي السّنة مرَارًا
وَقد
(2/117)
بلغنَا أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
اعْتَمَرت فِي السّنة مرَارًا قَالُوا لَان عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قد
فرطت فِي ذَلِك قبل تِلْكَ السّنة فاعتمرت فِي تِلْكَ السّنة مرَارًا
لذَلِك
(2/118)
قيل لَهُم فان كَانَ هَذَا يجوز أَن
يَفْعَله من فرط فِي الْعمرَة وانما الْعمرَة تطوع
(2/119)
لَو تَركهَا لم يضرّهُ وَلَا بَأْس بِأَن
يعْتَمر مرَارًا من لم يفرط وَقد
(2/122)
بلغنَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ أَنه قَالَ فِي كل شهر عمْرَة وَقد بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا أَيْضا أَنه كَانَ لَا يرخص لأحد من أهل مَكَّة يخرج من
الْحرم إِلَّا رَجَعَ محرما إِلَّا الحطابين والعلافين
(2/125)
واصحاب مَنَافِعهَا فَهَذَا قد أَمرهم
بِأَن يعتمروا فِي الشَّهْر الْوَاحِد أَن يحرموا مرَارًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن صَدَقَة بن
يسَار عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَنَّهَا اعْتَمَرت فِي سنة
ثَلَاث مَرَّات
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الْقَاسِم
بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ قلت هَل عَابَ ذَلِك
عَلَيْهَا اُحْدُ
(2/126)
قَالَ سُبْحَانَ الله أم الْمُؤمنِينَ
رَضِي الله عَنْهَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا إِسْرَائِيل عَن يُونُس بن أبي
إِسْحَاق قَالَ أخبرنَا يُونُس بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن عَليّ بن
أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ اعْتَمر فِي الشَّهْر مرَارًا إِن
اسْتَطَعْت
(2/127)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عباد بن
الْعَوام عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ أخبرنَا الْحجَّاج بن أَرْطَأَة
قَالَ سَأَلت عَطاء بن أبي رَبَاح أيعتمر الرجل فِي كل شهر مرّة قَالَ نعم
ومرتين قَالَ وَأرَانِي لَو قلت سبعا لقَالَ سبعا
قَالَ مُحَمَّد واخبرنا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عَطاء بن أبي
رَبَاح انه كَانَ لَا يرى بَأْسا ان يعْتَمر الرجل فِي الشَّهْر مرّة
ومرتين وَثَلَاثًا
- بَاب الْمُعْتَمِر يواقع أَهله
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ فِي الْمُعْتَمِر يواقع
أَهله قبل الطّواف ان عَلَيْهِ فِي ذَلِك هَديا وَعمرَة اخرى ويبتدئ بهَا
بعد اتمام الَّتِي افسد وَيحرم حَيْثُ احب الا انه لَا يحرم بِالْعُمْرَةِ
من الْحرم
(2/129)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا وَقع
الْمُعْتَمِر بأَهْله فَعَلَيهِ هدى وَعمرَة اخرى يَبْتَدِئ بهَا بعد
اتمامه الَّتِي أفسد وَيحرم من حَيْثُ احرم للْعُمْرَة الَّتِي افسد الا ان
يكون احرم من مَكَان ابعد من مِيقَاته فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يحرم الا من
مِيقَاته
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَئِن كَانَ يجب عَلَيْهِ فِي قَضَاء
الْإِحْرَام على مَا أحرم للْعُمْرَة إِنَّه ليجب عَلَيْهِ أَن يحرم
بِعُمْرَة الْقَضَاء من حَيْثُ احرم بِالْأولَى وَلَئِن لَا يجب عَلَيْهِ
ذَلِك ان احل لَهُ لوقت لعمرته لانه يُمكنهُ مُقيم حَلَال حَيْثُ احل من
عمرته الْفَاسِدَة أَرَأَيْتُم رجلا أهل بِحَجّ ففاته
(2/130)
الْيَسْ يهل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من
قَابل ارايتم ان اقام بِمَكَّة حَتَّى يحرم بِالْحَجِّ من قَابل وَيَقْضِي
حجَّته انما يجْزِيه ذَلِك حَتَّى يرجع الى مِيقَاته لَئِن وَجب عَلَيْهِ
ان يرجع الى مِيقَاته ليجب عَلَيْهِ ان يرجع الى الْموضع الَّذِي احرم
مِنْهُ
- بَاب الرجل يدْخل مَكَّة بِعُمْرَة فيطوف الْبَيْت وَهُوَ جنب أَو على
غير وضوء
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من دخل مَكَّة بِعُمْرَة
فَطَافَ بِالْبَيْتِ وسعى بَين الصَّفَا والمروة وَهُوَ جنب أَو على غير
وضوء نَاسِيا ثمَّ وَقع بأَهْله ثمَّ ذكر قَالَ يجب عَلَيْهِ هدي بالمواقعة
وَيُعِيد الطّواف وَالسَّعْي ويحلق رَأسه وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء عمرته
لِأَن الطّواف وَإِن كَانَ جنبا
(2/131)
أَو على غير وضوء يجزى إِلَّا أَنِّي آمره
بإعادته فَإِن رَجَعَ إِلَى أَهله
(2/133)
قبل أَن يُعِيدهُ فَعَلَيهِ دم لطوافه
وسعيه جنبا أَو على غير وضوء وَلَيْسَت
(2/134)
عَلَيْهِ عمره سوى عمرته وَكَذَلِكَ
الْمَرْأَة إِذا أَصَابَهَا زَوجهَا أَو قد فعلت مثل الَّذِي فعل
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من دخل مَكَّة بِعُمْرَة فَطَافَ بِالْبَيْتِ وسعى
بَين الصَّفَا والمروة وَهُوَ جنب أَو على غير وضوء نَاسِيا ثمَّ وَقع
بأَهْله ثمَّ ذكر فَإِنَّهُ يغْتَسل أَو يتَوَضَّأ ثمَّ يعود فيطوف
بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة ويعتمر عمْرَة اخرى وَيهْدِي قَالُوا
وعَلى الْمَرْأَة إِذا اصابها زَوجهَا وَهِي مُحرمَة مثل ذَلِك
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ايضا وَمن طَاف من اسبوعه اشواطا ثمَّ احدث انْتقض
ذَلِك وَلم يجز بِهِ وَقَالُوا هُوَ بِمَنْزِلَة الصَّلَاة فَمَا افسد
الصَّلَاة من امْر الْحَدث افسد الطّواف
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف شبهتم الصَّلَاة بِالطّوافِ وَالرجل
يطوف وَهُوَ يتحدث فِي طَوَافه وَهَذَا لَو كَانَ فِي الصَّلَاة لم يجزه
ارايتم رجلا لَو طَاف من طَوَافه ثَلَاثَة اشواط أَو اربعة ثمَّ اقيمت
الصَّلَاة فَدخل مَعَهم فِي صلَاتهم ثمَّ يسلم الامام الْيَسْ يقوم فيبنى
على مَا مضى وَلَو كَانَ
(2/135)
صنع هَذَا وَهُوَ فِي وسط الصَّلَاة قد دخل
فِيهَا لكَانَتْ فَاسِدَة وَكَانَ عَلَيْهِ ان يستقبلها فَمَا شَأْن
الطّواف لَا يكون كَذَلِك أَرَأَيْتُم رجلا طَاف سِتَّة اشواط وَهُوَ يرى
انه قد طَاف سَبْعَة اشواط فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس ينْتَظر الصَّلَاة
فصلى مَعَ الْقَوْم ثمَّ ذكر بعد ذَلِك انه إِنَّمَا طَاف سِتَّة اشواط
اينبغي لَهُ أَن يسْتَقْبل الطّواف لما دخل فِيهِ من الصَّلَاة ام يجْزِيه
ذَلِك ارايتم رجلا طَاف وَعَلِيهِ ثوب فِيهِ دم كثيرا أَو قذر لَا يعلم
حَتَّى فرغ من سَبْعَة فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رأى ذَلِك ايجزيه ام
يسْتَقْبل فانكم قد قُلْتُمْ فِي الصَّلَاة انه ان رأى ذَلِك بعد مَا مضى
الْوَقْت اجزاه فَكيف يكون هَذَا فِي الطّواف وَمَتى وَقت الطّواف الَّذِي
يجزى وَعَلِيهِ الْإِعَادَة إِذا لم يمض أَرَأَيْتُم إِن طَاف شوطا أَو
اثْنَيْنِ ثمَّ رأى بِثَوْبِهِ دَمًا كثيرا فَأَلْقَاهُ فَمضى ايجزيه
فَإِنَّكُم قد قُلْتُمْ فِي الصَّلَاة إِذا صلى رَكْعَة ثمَّ رأى الدَّم
فِي الثَّوْب فَأَلْقَاهُ مضى على صلَاته فَكَذَلِك الطّواف وان كَانَ
الصَّلَاة وَالطّواف سَوَاء فِي هَذَا فَأَي الْقَوْلَيْنِ أعجب من
قَوْلكُم فِي الصَّلَاة وَالطّواف جَمِيعًا إِلَّا أَنه إِن رأى الثَّوْب
فِي بعض الصَّلَاة أَو فِي بعض الطّواف وَفِيه الدَّم أَلْقَاهُ وَبني
وَإِذا رَآهُ بعد الْفَرَاغ أعَاد الصَّلَاة مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا
مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ فَمَا وَقت الطّواف حَتَّى نعرفه من
قَوْلكُم بِوَقْت الصَّلَاة وَمن أَيْن افترق بعض الصَّلَاة وَالطّواف
واتمامهما فِي الثَّوْب الَّذِي فِيهِ الدَّم
(2/136)
لَئِن استقام ان يُصَلِّي شَيْئا من صلَاته
فِي ذَلِك الثَّوْب أَو يطوف شَيْئا فِي طَوَافه فِي ذَلِك الثَّوْب انه
ليجزيه إِذا طَاف الطّواف كُله وَصلى الصَّلَاة كلهَا وَمَا بَين هذَيْن
فرق وَلَا عنْدكُمْ فِي افتراقهما سنة وَلَا اثر وَلَو كَانَ لاحتججتم بِهِ
وَالله أعلم
- بَاب الْمَرْأَة تهل بِعُمْرَة ثمَّ تحيض
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ فِي الْمَرْأَة الْحَائِض
تهل بِعُمْرَة ثمَّ تدخل مَكَّة موافية لِلْحَجِّ فَلَا تَسْتَطِيع الطّواف
بِالْبَيْتِ قَالَ تهل بِالْحَجِّ وترفض الْعمرَة إِذا خشيت الْفَوات ثمَّ
تنفذ على حجتها وتقضى مَنَاسِك الْحَج كلهَا غير الطّواف بِالْبَيْتِ
وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة حَتَّى تطهر لَان السَّعْي لَا يكون الا
بعد الطّواف فَإِذا قَضَت حَجهَا خرجت الى التَّنْعِيم فأهلت مِنْهَا
بِعُمْرَة قَضَاء لعمرتها وَعَلَيْهَا هدي لرفضها الْعمرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله قَالَ
اُخْبُرْنَا خَالِد الْحذاء
(2/137)
عَن أبي قلَابَة ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ذبح عَن
(2/138)
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي عمرتها
بقرة يَعْنِي الَّتِي قدمت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا
قَالَ مُحَمَّد وَكَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهَا هدى الْعمرَة لانها
رفضتها وَمَضَت فِي الْحَج فعلَيْهَا لرفضها هدي
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا قدمت معتمرة موافية لِلْحَجِّ وَهِي حَائِض
فَلم تستطع الطّواف بِالْبَيْتِ إِنَّهَا إِذا خشيت الْفَوات أهلت
بِالْحَجِّ ثمَّ نفذت فَكَانَت
(2/139)
مثل من قرن بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة فِي
أمرهَا كُله وأجزاها طواف بِالْبَيْتِ وَاحِد وَهُوَ طواف الزِّيَارَة
لحجتها وعمرتها وَكَانَ عَلَيْهَا الْهَدْي فَأَما الْعمرَة من التَّنْعِيم
فانه من شَاءَ ان يخرج من الْحرم ثمَّ يحرم فانه يجزى ذَلِك عَنهُ ان شَاءَ
الله وَلَكِن الْفضل ان يهل من الْمِيقَات الَّذِي وقته رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَا هُوَ أبعد من التَّنْعِيم
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف تكون هَذِه الْمَرْأَة قارنة وَقد بدأت
(2/143)
بِالْوَقْفِ بِعَرَفَة قبل الْعمرَة وانما
السّنة ان يبْدَأ بِالْعَمَلِ بِالْعُمْرَةِ قبل الْعَمَل فِي الْحَج مَعَ
مَا جَاءَ فِي ذك من الْآثَار المأثورة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حِين دخل على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَهِي حَائِض فَقَالَ
ارفضى عمرتك
(2/144)
وامضى فِي حجتك فَلَمَّا فرغت قَالَت يَا
رَسُول الله أترجع نساؤك بِحجَّة وَعمرَة وَأَنا أرجع بِحجَّة فَلَو كَانَت
قارنة لقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انك قضيت حجَّة وَعمرَة
وَكَانَ الطّواف الْوَاحِد لَهَا جَمِيعًا وَلكنه لم يقل ذَلِك وَلم يرهَا
اعْتَمَرت فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا ان
يُخرجهَا إِلَى التَّنْعِيم ليعمرها فترجع بِعُمْرَة وَحجَّة كَمَا رَجَعَ
غَيرهَا من ازواج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا آخر فعل رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وَلم نعلم شَيْئا نسخه
واعجب من ذَلِك انكم تَزْعُمُونَ ان الطّواف يجزى لَهما جَمِيعًا وانتم
تأمرونها بالتقصير إِذا رمت وذبحت حل لَهَا كل شَيْء الا الْجِمَاع
وَالطّيب وَلم تطف لعمرتها بعد فَأنْتم تأمرونها ان تقصر لعمرتها قبل ان
تَطوف وتسعى وتبرقع وَتَكون حَلَالا مِمَّا يحل مِنْهُ الْمُعْتَمِر غير
الْجِمَاع وَالطّيب وَلم تطف بِالْبَيْتِ وَلم تسع بَين الصَّفَا والمروة
لعمرتها فان قُلْتُمْ ان هَذَا
(2/146)
التَّقْصِير انما هُوَ لِلْحَجِّ خَاصَّة
فَلَا بُد من ان تَقولُوا إِذا طافت وسعت قصرت تقصيرا آخر للْعُمْرَة وَلَا
يَنْبَغِي ان يحل مِنْهَا شَيْء حَتَّى تقصر التَّقْصِير الثَّانِي
وَيَنْبَغِي لكم ان تجْعَلُوا عَلَيْهَا الْهَدْي فِي التَّقْصِير الأول
لِأَنَّهَا قصرت لِلْحَجِّ وَهِي مُحرمَة فَيجب عَلَيْهَا فِي قَوْلكُم
التَّقْصِير رَأسهَا وَهِي مُحرمَة بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة هَذَا مِمَّا
لَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ ان يتَكَلَّم فِيهِ وَقد جَاءَت فِيهِ سنة من
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه لم يرى عَائِشَة قَضَت عمْرَة
مَعَ حج حَتَّى امْر عبد الرَّحْمَن فأعمرها عمْرَة مَكَان عمرتها الَّتِي
رفضتها
قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن وَقد اُخْبُرْنَا فقيهكم مَالك بن
انس قَالَ حَدثنَا ابْن شهَاب مُحَمَّد عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا
(2/147)
أَنَّهَا قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع فأهللنا بِعُمْرَة فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مَعَه الْهَدْي فليهل
بِالْحَجِّ مَعَ الْعمرَة ثمَّ لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا
قَالَت فَقدمت مَكَّة وانا حَائِض وَلم اطف بِالْبَيْتِ وَلَا بَين
الصَّفَا والمروة فشكوت ذَلِك الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ انْقَضى راسك وامتشطي واهلي بِالْحَجِّ ودعى الْعمرَة قَالَت
فَفعلت فَلَمَّا
(2/148)
قضينا الْحَج أَرْسلنِي رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا
الى التَّنْعِيم فاعتمرت ثمَّ قَالَ هَذِه مَكَان عمرتك
قَالَ مُحَمَّد وَهَذَا يدل على ان الْعمرَة الأولى قد رفضت وَخرجت
عَائِشَة من ان تكون معتمرة مُحرمَة لعمرتها الأولى حَيْثُ قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعِي الْعمرَة وامتشطي ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك
هَذِه مَكَان عمرتك فَلَو كَانَت قد قَضَت عمرتها مَا قَالَ لَهَا هَذِه
مَكَان عمرتك ولكانت هَذِه عمْرَة أُخْرَى
(2/149)
- بَاب مَا يَأْكُل الْمحرم من الصَّيْد
وَمَا هُوَ مَا يَشْتَرِيهِ وَهُوَ محرم
-
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ مَا وجد المحرمون من لُحُوم
الصَّيْد على الطَّرِيق فَلَا بَأْس بابتياعه وَأكله إِذا كَانَ الَّذِي
صَاده وذبحه حَلَالا وَإِن كَانَ إِنَّمَا صَاده وذبحه لاجله ان ذَلِك لَا
يفْسد عَلَيْهِ شَيْئا لَان الصَّائِد والذابح حَلَال لَهُ مَا فعل
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مَا وجد الْمحرم من الصَّيْد على الطَّرِيق فَمَا
كَانَ من ذَلِك يعْتَرض بِهِ الْحَاج وَمن اجلهم صيد فانا نكرهه للْمحرمِ
وننهاه عَن ذَلِك واما شَيْء يكون عِنْد الرجل وَلم يرد بِهِ المحرمين
فَوَجَدَهُ
(2/150)
محرم عِنْده فابتاعه فَلَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد مَا بَين هذَيْن فرق وَلَئِن حل احدهما ليحلن الاخر وَقد
ورد فِي ذَلِك رخص وكراهية فَأَما أَن يكره ذَلِك كُله وَأما أَن لَا يرى
بذلك كُله بَأْس
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَأما نَحن فَلَا نرى بذلك كُله باسا
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة انا نَأْخُذ فِي هَذَا بقول عُثْمَان بن عَفَّان
رَضِي الله عَنهُ
(2/151)
أَنه أهدي إِلَيْهِ صيد وَهُوَ محرم
فَقَالَ لأَصْحَابه كلوه وَقَالَ من أجلى صيد قيل إِن ذَلِك لم يكن من
عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ على وَجه التَّحْرِيم وَلَكِن كَانَ
ذَلِك مِنْهُ على وَجه التَّنَزُّه لِأَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ رد عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ فِي أكل لحم الصَّيْد فَنَهَاهُ عَنهُ فتنزه
(2/152)
عُثْمَان عَن أكله لذَلِك وَأمر بِأَكْلِهِ
غَيره من المحرمين فَلَو كَانَ لَا يحل لَهُ اكله مَا حل لَهُ ان يَأْمر
بِأَكْلِهِ وَعَلمُوا يَقِينا ان عُثْمَان لم يصطد ذَلِك الصَّيْد كُله من
اجله وَلَكِن اصطيد لَهُ ولاصحابه وَمَا كَا يجزى عُثْمَان رَضِي الله
عَنهُ ذَلِك الا أَقَله وَلَقَد علم ان ذَلِك اصطيد لَهُ ولاصحابه فَكيف
امْر اصحابه بِأَكْلِهِ وَكَيف لم يتْرك اصحابه ذَلِك كَمَا ترك عُثْمَان
بن عَفَّان
(2/153)
رَضِي الله عَنهُ انما نضع هَذَا من
عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ على وَجه التَّنَزُّه حَيْثُ عيب عَلَيْهِ أكل
الصَّيْد وَهُوَ محرم ان صيد لَهُ أَو لم يصد لَهُ قُلْنَا نهى عَن ذَلِك
تنزها عَن اكله وامر اصحابه ان يأكلوه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي رجل محرم صيد من اجله وَلم يَأْمر
بِهِ صَاده حَلَال وصنع لَهُ من ذَلِك الصَّيْد فَأكل مِنْهُ وَهُوَ يعلم
انه من اجله صيد فَلَا بَأْس بذلك وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة عَلَيْهِ جَزَاء ذَلِك الصَّيْد إِذا أكل مِنْهُ وَهُوَ
(2/154)
يعلم أَنه صيد من اجل صَاحبه فَلَيْسَ
عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يكون محرمان يحل الصَّيْد لاحدهما وَيحرم على
الآخر وَلم يصيدا وَلم يذبحا وَلم يأمرا انما نوى الرجل الْحَلَال ان
الذَّابِح يكون صَاد وَذبح لاحدهما أفيجزى عَن الْمحرم نِيَّته عَن غَيره
أَرَأَيْتُم لَو قَالَ الَّذِي صَاده وذبحه لم أصده وَلم أذبحه من اجله
فَصدقهُ وَأكل ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك قد صدته من اجلك ايجب عَلَيْهِ
الْجَزَاء أَرَأَيْتُم ان لم يكن قَالَ فِي الأول شَيْئا حَتَّى اكل
الْمحرم ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك
(2/155)
أيجب عَلَيْهِ الْجَزَاء بقول الرجل
الَّذِي صَاد للصَّيْد وَكَيف يجب الْجَزَاء على الْآكِل بنية غَيره انما
تجب الْكَفَّارَة بأعمال الْعباد الَّتِي يعملونها فَأَما ان تجب
الْكَفَّارَة على الرجل بأعمل الْعباد الَّتِي يعملونها فَأَما ان تجب
الْكَفَّارَة على الرجل بنية غَيره فَهَذَا مِمَّا لَا يكون
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ حَدثنَا أَبُو سَلمَة عَن رجل
عَن
(2/156)
أبي هُرَيْرَة قَالَ مَرَرْت
بِالْبَحْرَيْنِ فسألوني عَن لحم الصَّيْد يصيده الْحَلَال هَل يصلح
للْمحرمِ ان يَأْكُلهُ فأفتيتهم بِأَكْلِهِ وَفِي نَفسِي مِنْهُ شَيْء
فَقدمت على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَذكرت لَهُ مَا قلت لَهُم
فَقَالَ لَو قلت
(2/157)
غير ذَلِك لم تقل بَين اثْنَيْنِ مَا بقيت
اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن
عُثْمَان بن مُحَمَّد أَو مُحَمَّد بن عُثْمَان عَن طَلْحَة بن عبيد الله
قَالَ تَذَاكرنَا لحم الصَّيْد يَأْكُلهُ
(2/158)
الْمحرم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم نَائِم فارتفعت اصواتنا فاستيقط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ فيمَ تنازعتم قُلْنَا فِي لحم الصَّيْد يَأْكُلهُ الْمحرم فَأمرنَا
بِأَكْلِهِ
(2/160)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
اسامة بن زيد الْمدنِي قَالَ حَدثنَا سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أبي
هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ انه يحدث عبد الله بن عمر
(2/161)
قَالَ أَقبلت من الْبَحْرين فسالني نَاس من
أهل الْعرَاق عَن لحم الصَّيْد يَأْكُلهُ الْمحرم فَأَمَرتهمْ بِأَكْلِهِ
ثمَّ قدمت على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلته عَن ذَلِك
فَقَالَ بِمَ أفتيتهم قلت افتيتهم بِأَكْلِهِ فَقَالَ لَو قلت غير ذَلِك
مَا أَفْتيت رجلا مَا كنت حَيا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن
أبي نجيح عَن ابيه
(2/162)
عَن رجل من بني ضَمرَة قَالَ خرجنَا مَعَ
عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فافرد بِالْمَسِيرِ مَعَه فِي سَبْعَة ركب
قَالَ فآوانا اللَّيْل الى خيمة اعرابي فَإِذا
(2/163)
قدر مغطى قَالَ مَا هَذَا قَالَ لحم صيد
صدناه بالْأَمْس فَأكل مِنْهُ وَنحن محرمون
وَقد جَاءَت فِي لحم الصَّيْد هَذِه الرُّخص وَلم يفسروا فيقولوا لَا بَأْس
بِمَا كَانَ فِي ذَلِك لم يصطد للْمحرمِ وَلَا خير فِيمَا اصطيد لَهُ بل قد
جَاءَت فِيهِ الْآثَار مُبْهمَة وَلَا تَفْسِير فِي هَذَا فَهِيَ عندنَا
على جُمْلَتهَا حَتَّى تَأتي الْبَيِّنَة بتفسيرها فَأَما مَا رويتم عَن
عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَلَا حجَّة لكم فِيهِ
(2/164)
أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ حَدثنِي ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله
انه سمع ابا هُرَيْرَة يحدث اباه عبد الله ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم انه
قَالَ مر بِهِ قوم محرمون بالربذة فاستفتوه فِي
(2/165)
لحم صيد وجدوا احله يَأْكُلُونَهُ فأفتاهم
بِأَكْلِهِ قَالَ ثمَّ قدم على عمر بن الْخطاب فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك
فَقَالَ عمر بِمَا أفتيتهم قَالَ بِأَكْلِهِ قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ
لَو افتيتهم بِغَيْرِهِ لاوجعتك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك قَالَ حَدثنَا أَبُو النَّضر
مولى عمر
(2/166)
ابْن عبيد الله عَن نَافِع مولى أبي
قَتَادَة عَن أبي قَتَادَة انه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق تخلف مَعَ أَصْحَاب لَهُ محرمين
وَهُوَ غير محرم فَرَأى حمارا وحشيا فَاسْتَوَى
(2/167)
على فرسه فَسَأَلَ أَصْحَابه أَن يناولوه
سَوْطه فأبوه فَسَأَلَهُمْ ان يناولوه رمحة فَأَبَوا فَأَخذه ثمَّ شدّ على
الْحمار فَقتله فَأكل مِنْهُ بعض اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وأبى بَعضهم فَلَمَّا أدركوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ طعمة اطعكموها الله
(2/168)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار ان كَعْب
الاحبار اقبل من الشَّام فِي ركب محرمين حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض
الطَّرِيق وجدوا لحم صيد فأفتاهم كَعْب بِأَكْلِهِ فَلَمَّا قدمُوا على عمر
بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ من افتاكم بِهَذَا
قَالُوا كَعْب قَالَ فَإِنِّي قد امرته عَلَيْكُم حَتَّى ترجعوا ثمَّ لما
(2/169)
كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق طَرِيق مَكَّة
مرت بهم رجل من جَراد فأفتاهم كَعْب بِأَن يأكلوه ويأخذوه فَلَمَّا قدمُوا
على عمر رَضِي الله عَنهُ ذكرُوا لَهُ ذَلِك فَقَالَ مَا حملك على ان
تفتيهم بِهَذَا قَالَ هُوَ من صيد الْبَحْر قَالَ وَمَا يدْريك قَالَ يَا
امير الْمُؤمنِينَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ان هُوَ الا نثرة حوت
يَنْثُرهُ فِي كل عَام مرَّتَيْنِ
(2/170)
قَالَ مُحَمَّد فقد امرهم رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أبي قَتَادَة بِأَكْل الصَّيْد وَحسن ذَلِك
لَهُم وَلم يسْأَل ابا قَتَادَة أَمن أجل المحرمين اصطدته أم من اجل غَيرهم
وَلَو كَانَ الْأَمر على مَا وصف اهل
(2/171)
الْمَدِينَة مَا رخص لَهُم رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أكله حَتَّى سَأَلَ ابا قَتَادَة من اجل الْقَوْم
المحرمين صَاد الْحمار أم من اجل غَيرهم
(2/172)
- بَاب الْمحرم يقتل الصَّيْد أَو يدل
عَلَيْهِ أَو يضْطَر إِلَى الْميتَة فيأكلها
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة فِي الْمحرم يضْطَر الى
الْميتَة أيصيد الصَّيْد فيأكله أَو يَأْكُل الْميتَة قَالَ يَأْكُل
الْميتَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مثل قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا قتل الْمحرم أَو ذبح من الصَّيْد فَلَا يحل أكله
لحلال وَلَا كمحرم لِأَنَّهُ لَيْسَ بذكي خطأ كَانَ أَو عمدا وَكَذَلِكَ
قَالَ أهل الْمَدِينَة وَقَالَ مَالك بن انس إِنَّه سمع ذَلِك من غير
وَاحِد من أهل الْعلم
(2/174)
مَا يَنْبَغِي ان يشكل على اُحْدُ من
الْفُقَهَاء هَذَا اعظم وزرا فِيمَا صنع من الْآثَار الْكَثِيرَة الَّتِي
جَاءَت فِيهِ
قَالَ مُحَمَّد وَذكر شريك بن عبد الله عَن الركين عَن عِكْرِمَة مولى ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان محرما اشار الى أهل مَا يبيض فَجعل
عَلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
الْجَزَاء
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم عَن دَاوُد بن
أبي هِنْد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ اتى عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ
(2/176)
رجل فَقَالَ يَا امير الْمُؤمنِينَ انى
اشرت الى ظَبْي وانا محرم فَقتله صَاحِبي فَقَالَ عمر لعبد الرَّحْمَن بن
عَوْف رَضِي الله عَنْهُمَا مَا ترى قَالَ شَاة قَالَ وانا ارى ذَلِك
قَالَ مُحَمَّد وَهَذَا خلاف مَا قَالَ أهل الْمَدِينَة قَالَ وروى هَذَا
عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي
الله عَنْهُم
(2/178)
- بَاب الْمحرم يقتل الصَّيْد فَيحكم
عَلَيْهِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد فَيحكم
عَلَيْهِ بِطَعَام انه يقوم الصَّيْد كم ثمنه من الطَّعَام ثمَّ يطعم كل
مِسْكين نصف صَاع بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وان شَاءَ صَامَ
عَن مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا فَينْظر كم عدَّة الْمَسَاكِين فَإِن
كَانُوا عشرَة صَامَ عشرَة أَيَّام وَإِن كَانُوا عشْرين صَامَ عشْرين
يَوْمًا
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد فَيحكم عَلَيْهِ فِيهِ
أَن يقوم الصَّيْد الَّذِي أصَاب فَينْظر كم ثمنه من الطَّعَام فيطعم كل
مِسْكين مدا أَو يَصُوم مَكَان كل مد يَوْمًا وَينظر كم عدَّة الْمَسَاكِين
فَإِن كَانُوا عشرَة صَامَ عشرَة ايام وان كَانُوا عشْرين صَامَ عشْرين
يَوْمًا
قَالَ مُحَمَّد انما قَالَ الله تَعَالَى {فجزاء مثل مَا قتل من النعم يحكم
بِهِ}
(2/179)
{ذَوا عدل مِنْكُم هَديا بَالغ الْكَعْبَة
أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} فانما طَعَام الْمَسَاكِين غداء وعشاء
وَينظر كم يشبعه فِي يَوْم وَلَيْلَة فَأَما الْمَدّ فَلَيْسَ يكون شبعا
لَاحَدَّ فِي يَوْم وَلَيْلَة نعلمهُ قَالَ مُحَمَّد وَقد جَاءَت الْآثَار
فِي ذَلِك كَثِيرَة وَالله أعلم
(2/180)
- بَاب الْحَلَال يقتل الصَّيْد فِي الْحرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الْحَلَال يقتل الصَّيْد فِي
الْحرم انه يحكم عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة مَا يحكم على الَّذِي يقتل الصَّيْد
فِي الْحرم وَهُوَ محرم الا فِي خصْلَة وَاحِدَة الْحَلَال إِذا قتل
الصَّيْد فِي الْحرم لم يجزه الصَّوْم وَكَانَ بِمَنْزِلَة شَجَرَة قطعهَا
فِي الْحرم فَلَيْسَ يجزى فِيهِ الصَّوْم انما فِيهَا الْهَدْي أَو
الطَّعَام وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يحكم على الَّذِي يقتل الصَّيْد فِي
الْحرم وَهُوَ حَلَال بِمثل مَا يحكم بِهِ على الَّذِي يقتل الصَّيْد فِي
الْحرم وَهُوَ محرم
(2/181)
- بَاب الْمحصر فِي غير عَدو
-
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من حبس عَن الْحَج بَعْدَمَا يحرم
لمَرض أَو عَن الْعمرَة بَعْدَمَا يحرم بهَا لمَرض اصابه لَا يقدر على
النَّفاذ فَإِنَّهُ يبْعَث الْهدى ويواعدهم فِيهِ بِيَوْم ينْحَر فِيهِ
الْهَدْي فَإِذا نحر حل فَإِن كَانَ أهل بِعُمْرَة فَعَلَيهِ عمْرَة
مَكَانهَا وَإِن كَانَت حجَّة فعلية حجَّة وَعمرَة مَكَانهَا اما الْحجَّة
فقضاء لحجته واما الْعمرَة فَإِن الرجل إِذا فَاتَهُ الْحَج حل من حجَّته
بِعُمْرَة فَجعل عَلَيْهِ هَذِه الْعمرَة لذَلِك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة
من احْتبسَ لمَرض فَلَيْسَ يحل إِلَّا بِالطّوافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي
بَين الصَّفَا والمروة لَا يحله هدي ينحره
(2/182)
قَالَ مُحَمَّد إِنَّمَا جَاءَت الْآثَار
فِي الْمحصر أَنه يحل إِذا نحر هَدْيه وَلَا يُبَالِي أعدو حصره أم مرض
إِنَّمَا يُرَاد من ذَلِك الْعذر الَّذِي يمنعهُ من الذّهاب الى مَكَّة
فَإِذا جَاءَ من الْمَرَض مَا لَا يقدر مَعَه على الانطلاق الى مَكَّة صَار
كَالَّذي حصره الْعَدو وانما يَنْبَغِي ان يُقَاس على مَا صنع رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا ينزل ارأيتم رجلا احصر بِكَسْر فَيرى كَسره
ذَلِك على أَمر يعلم انه لَا يقدر على إتْيَان مَكَّة على حَال من
الْحَالَات ايبقى محرما حَتَّى يَمُوت ارأيتم ان ادخله مَرضه ذَلِك فِي
حَال الْكبر حَتَّى بلغ من كبره ان صَار لَا يَسْتَطِيع ان يحمل إِلَى
مَكَّة فِي محمل
(2/183)
وَلَا غَيره ايكون هَذَا حَرَامًا حَتَّى
يَمُوت فَهَذَا إِن شَاءَ الله أعذر من الَّذِي يحْبسهُ الْعَدو لِأَن
الْعَدو إِن حَبسه الْيَوْم لم يحْبسهُ الْأَبَد وَهَذَا قد جَاوز حَال انه
لَا يقدر فِيهَا على الْمُضِيّ إِلَى الْكَعْبَة أبدا وَكَيف يحل
بِالطّوافِ وَهُوَ لَا يقدر عَلَيْهِ وَهل كلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا
مَعَ آثَار كَثِيرَة قد جَاءَت فِي هَذَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا
الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير
ومروان بن الحكم أَجمعُوا فِي امْر سعيد بن حزابة المَخْزُومِي وَكَانَ
اصابه جدري وَحصر فَأَجْمعُوا
(2/184)
على أَن يبْعَث بِهَدي فينحر عَنهُ وَيحل
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا بن الْعَوام قَالَ أخبرنَا الْحجَّاج بن
أَرْطَاة عَن من سمع عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ بن أبي طَالب
مثل قَول ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير فِي الْمحصر
(2/185)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا حُسَيْن بن
حسان الاسدي قَالَ حَدثنَا عمَارَة
(2/186)
ابْن عُمَيْر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد
قَالَ خرجنَا عمارا فلدغ صَاحب لنا بِذَات السفوق فَلم نقدر على حمله
فخرجنا نَنْظُر الطَّرِيق هَل نرى أحدا فنسأله فَإِذا نَحن بِعَبْد الله بن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن انا خرجنَا
عمارا فلدغ صَاحب لنا بِذَات السفوق قَالَ فليبعث بِهَدي وَاجْعَلُوا
بَيْنكُم وَبَينه يَوْمًا يحل فِيهِ ثمَّ عَلَيْهِ الْعمرَة إِذا برأَ
(2/187)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ سَأَلت مُجَاهدًا عَن الرجل يعرض لَهُ
الْعرض فيحبسه من الْكسر أَو الْمَرَض فيبعث بهديه ويواعده يَوْمًا يحل
فِيهِ وَلَا يبلغ الْهَدْي فِي ذَلِك الْيَوْم وَيحل هُوَ قَالَ يهدي هَديا
مَعَ هَدْيه لانه حل قبل ان يبلغ الْهَدْي فِي ذَلِك الْيَوْم وَيحل هُوَ
قَالَ يهدي هَديا مَعَ هَدْيه لِأَنَّهُ حل قبل ان يبلغ الْهَدْي مَحَله
قلت فَإِن ضل هَدْيه قَالَ فَعَلَيهِ هدي مَكَان هَدْيه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن خازم عَن الاعمش عَن
ابراهيم عَن عَلْقَمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة
لله} قَالَ هِيَ فِي قِرَاءَة عبد الله ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
واتموا الْحَج وَالْعمْرَة لله إِلَى الْبَيْت قَالَ
(2/188)
لَا تجَاوز بِالْعُمْرَةِ الْبَيْت قَالَ
فَإِن احصرتم فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى قَالَ إِذا أهل بِالْحَجِّ فأحصر
بعث بِمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى شَاة فان هُوَ عجل قبل أَن يبلغ الْهدى
مَحَله فحلق رَأسه وتداوى كَانَ عَلَيْهِ فديَة من صِيَام أَو صَدَقَة أَو
نسك فالصيام ثَلَاثَة ايام والصدقه ثَلَاثَة آصَع لسِتَّة مَسَاكِين لكل
مِسْكين نصف صَاع والنسك شَاة قَالَ {فَإِذا أمنتم} قَالَ فَإِذا برأَ
مِمَّا كَانَ بِهِ فَمضى من وَجهه ذَلِك حَتَّى يأتى الْبَيْت حل من حجه
بِعُمْرَة وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَج من قَابل وَإِن رَجَعَ وَلم يتم إِلَى
الْبَيْت
(2/189)
من وَجهه كَانَ عَلَيْهِ لحجة وَعمرَة دم
وَدم لتأخيره الْعمرَة فَإِن خرج مُتَمَتِّعا فِي أشهر الْحَج كَانَ
عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى شَاة فان لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة
أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ ابراهيم
آخرهَا يَوْم عَرَفَة يَعْنِي الثَّلَاثَة قَالَ وَقَالَ ابراهيم ذكرت
ذَلِك لسَعِيد فَقَالَ هَكَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي هَذَا كُله
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا بكير بن عَامر البَجلِيّ عَن
ابراهيم النَّخعِيّ فِي الْمحصر الَّذِي يهل بِعُمْرَة أَو حجَّة أَو بهما
جَمِيعًا ثمَّ يحْبسهُ عَن الْبَيْت مرض أَو شَيْء لَا يملكهُ فَليقمْ
حَرَامًا حَيْثُ اصابه ذَلِك أَو ليرْجع
(2/190)
إِلَى أَهله إِن شَاءَ لَا يحل مِنْهُ
شَيْء ثمَّ ليَبْعَث بِثمن هدي ان كَانَ أهل بِالْعُمْرَةِ وَحدهَا أَو
بِالْحَجِّ وَحده وان كَانَ أهل بهما جَمِيعًا بعث بهديين أَو بِثمن هديين
ثمَّ يواعد صَاحبه الْيَوْم الَّذِي ينْحَر فِيهِ الْهَدْي فَإِذا كَانَ
ذَلِك الْيَوْم حل وَكَانَت عَلَيْهِ ان كَانَ أحرم بِالْعُمْرَةِ وَحدهَا
عمْرَة وان كَانَ أهل بِالْحَجِّ وَحده فَعَلَيهِ عمْرَة وَحجَّة وان كَانَ
احرم بهما مَكَان عمرته جَمِيعًا فعمرتان وَحجَّة من عَام قَابل
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي رجل قدم مُعْتَمِرًا فِي أشهر الْحَج
فَقضى عمرته ثمَّ أهل بِالْحَجِّ من مَكَّة ثمَّ كسر أَو اصابه امْر لَا
يقدر على ان يحضر مَعَ النَّاس الْموقف قَالَ لَا يكون الرجل محصرا
بِمَكَّة يحمل حَتَّى يشْهد الْموقف فان لم يَفْعَلُوا ذَلِك حَتَّى يطلع
الْفجْر من يَوْم النَّحْر فقد فَاتَهُ
(2/191)
الْحَج وليطف بِالْبَيْتِ أَو يُطَاف بِهِ
ان لم يقدر وبالصفا والمروة ثمَّ يحل وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَالْهَدْي
عَلَيْهِ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة اذ كسر أَو اصابه امْر لَا يقدر على ان
يحضر مَعَ النَّاس الْموقف اقام حَتَّى إِذا برأَ خرج الى الْحل على ذَلِك
الاحرام ثمَّ يرجع الى مَكَّة فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة
ثمَّ يحل ثمَّ عَلَيْهِ الْحَج من قَابل وَالْهَدْي
وَقَالَ مُحَمَّد وَلم كَانَ عَلَيْهِ الْخُرُوج إِلَى الْحل وَهُوَ محرم
على احرامه الأول هَل امْر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي
فَاتَهُ الْحَج ان يرجع الى الْحل وَقد روى فقيهكم مَالك بن انس ان
(2/192)
هَبَّار بن الْأسود وابا ايوب الانصاري
امرهما عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حِين فاتهما الْحَج واتيا يَوْم
النَّحْر ان يحلا بِعُمْرَة ثمَّ يرجعان حلالان حَتَّى يحجا عَاما قَابلا
وَلم يأمرهما ان يخرجَا الى الْحل وانما اتياه يَوْم النَّحْر وَهُوَ فِي
الْحرم إِمَّا يجمع وَإِمَّا بمنى واما بَين ذَلِك فَكل ذَلِك حرم
- بَاب الاحصار بالعدو
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ الاحصار بالعدو كالاحصار
بِالْمرضِ
(2/193)
وايما رجل أهل بِعُمْرَة فأحصر بعدو حَبسه
عَن الْبَيْت فانه يبْعَث بِهَدي
(2/194)
يحل بِهِ فَإِذا نحر عَنهُ حل وَكَانَت
عَلَيْهِ عمْرَة مَكَان عمرته وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من أحْصر بعدو
وَهُوَ محرم فَإِنَّهُ ينْحَر عَنهُ الْهَدْي ويحلق رَأسه حَيْثُ حبس وَيحل
من كل شَيْء وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وان كَانَ لَا يقدر على ان يبْعَث هَدْيه
الى الْحرم نَحره فِي مَوْضِعه وَحل بِهِ وَلم يكن عَلَيْهِ قَضَاء لإحرامه
وَذَلِكَ حجا كَانَ أَو عمْرَة
وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجزى ان ينْحَر هَدْيه وَلَا يكون بِهِ حَلَالا
حَتَّى ينْحَر فِي الْحرم بلغنَا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نحر هَدْيه يَوْم
(2/195)
الْحُدَيْبِيَة فِي الْحرم فَلَيْسَ يجزى
محصرا نحر الْهَدْي أَو ذبحه فِي غير الْحرم لإن الله تَعَالَى يَقُول فِي
كِتَابه {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} فَلَا يكون الْهَدْي حَتَّى يبلغ الْحرم
وَذَلِكَ تَفْسِير قَوْله {بَالغ الْكَعْبَة} فَأَما قَول أهل الْمَدِينَة
فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فَكيف قَالُوا ذَلِك وانما رَجَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة على شَرط الْمُشْركين أَنه يرجع
عَامهمْ هَذَا ثمَّ يعود من قَابل ثمَّ يدْخل مَكَّة باحرام ويخلون لَهُ
الْبَيْت ثَلَاثًا فَإِنَّمَا كَانَت الْعمرَة
(2/196)
الثَّانِيَة من قَابل قَضَاء لعمرة
الْحُدَيْبِيَة هَذَا مَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاء انهم قَالُوا إِنَّمَا جعل
الْعمرَة الْعَام الثَّانِي مَكَان عمْرَة الْحُدَيْبِيَة وَكَانَت تسمى
عمْرَة الْقَضَاء وَفِي هَذَا آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام قَالَ سَمِعت حمادا
يَقُول قَالَ لي ابراهيم النَّخعِيّ سل سعيد بن جُبَير عَن الْمحصر
فَسَأَلته فَقَالَ مثل قَول ابراهيم قلت يَا حَمَّاد وَمَا قَالَا قَالَ
كَمَا سَمِعْتُمْ اقول قَالَ وَسَعِيد يَقُول إِذا أحرم بِحجَّة وَعمرَة
بعث بهديين أَو بِثمن هديين فَإِذا كَانَ يَوْم النَّحْر حل وَكَانَت
عَلَيْهِ عمرتان وَحجَّة وَإِذا احرم بِحجَّة فَإِذا كَانَ يَوْم النَّحْر
حل وَكَانَت عَلَيْهِ عمْرَة وَحجَّة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن عمر الاسلمي قَالَ
اُخْبُرْنَا
(2/197)
معمر بن رَاشد عَن ابْن أبي نجيح عَن
مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ من احصر بِالْحَجِّ
فليبعث بِهَدي فَإِذا نحر الْهَدْي حل وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة فَإِن مضى
وَقضى عمرته فَعَلَيهِ الْحَج من قَابل وان اخر عمرته حَتَّى يعتمرها فِي
اشهر الْحَج ثمَّ اقام حَتَّى حج فَعَلَيهِ الْهَدْي
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابْن الْمُبَارك عَن معمر بن رَاشد
عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ
إِذا احصر
(2/198)
الرجل وَهُوَ حَاج حل على عمْرَة وَحجَّة
هَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَوْلنَا فَأَما مَا قَالَ أهل الْمَدِينَة لَا
قَضَاء عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِشَيْء وَالْجمع على خلاف مَا قَالُوا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن عمر الاسلمي قَالَ
اخبرني ابْن أبي ذِئْب
(2/199)
قَالَ سَمِعت ابْن شهَاب يَقُول شرك رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين اصحابه فِي الْهَدْي يَوْم
الْحُدَيْبِيَة وامرهم ان يعتمروا فِي قَابل قَضَاء لعمرتهم
(2/200)
قَالَ فعجبا لقَوْل أهل الْمَدِينَة لَا
قَضَاء لمن احصر بالعدو وَهَذِه أَحَادِيثهم تدل على غير ذَلِك قَالَ
وَكَانَ ابْن أبي ذِئْب وَابْن شهَاب عِنْدهم غير متهمين فِي حَدِيثهمْ
(2/201)
- بَاب نِكَاح الْمحرم
-
(2/202)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ
لَا بَأْس بَان يتَزَوَّج الْمحرم ويزوج غَيره وَلَكِن لَا يَنْبَغِي
للَّذي يتَزَوَّج وَهُوَ محرم ان يقبل وَلَا يُبَاشر وَلَا يضع شَيْئا
مِمَّا يحل للْحَلَال ان يَفْعَله بِزَوْجَتِهِ من الْقبْلَة واللمس وَغير
ذَلِك
(2/209)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يتَزَوَّج
الْمحرم وَإِن تزوج فَالنِّكَاح مَرْدُود
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف لَا يتَزَوَّج الْمحرم وَهُوَ لَا يصنع شَيْئا
مِمَّا حرمه الله عَلَيْهِ من الْجِمَاع قَالُوا لِأَن هَذِه عقدَة يحل
بهَا الْجِمَاع قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي رجل اشْترى جَارِيَة وَهُوَ
محرم من رجل أَيجوزُ ذَلِك فان قَالُوا نعم الشِّرَاء جَائِز وَلَكِن لَا
يَطَأهَا وَلَا يقبلهَا حَتَّى يحل قُلْنَا قد أصبْتُم وتركتم قَوْلكُم فِي
النِّكَاح ايضا كَذَلِك يجوز التَّزْوِيج وَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ ان
يتَعَرَّض لَهَا بقبلة وَلَا بغَيْرهَا حَتَّى يحل
قُلْنَا وأخبرونا عَن تَحْرِيم النِّكَاح لاي شَيْء حرمتموه وكرهتموه
للآثار فَمَا روى فِي تَحْلِيله أَكثر أم الَّذِي فِي تَحْرِيمه فهاتوا مَا
عنْدكُمْ من الْقيَاس يَنْبَغِي لمن حرم تَزْوِيج الْمحرم وان يحرم
شِرَاءَهُ لِلْجَارِيَةِ وَيَنْبَغِي لَهُ ان يحرم شِرَاءَهُ للطيب
والزعفران وَمَا لَا يحل للْمحرمِ
ارأيتم رجلا ظَاهر من امْرَأَته لَيست عَلَيْهِ حَرَامًا حَتَّى يكفر
ارأيتم ان كفر وَهُوَ محرم اتجزيه تِلْكَ الْكَفَّارَة وانما حصلت لَهُ
وَهُوَ محرم
(2/210)
ارأيتم رجلا طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة يملك
بهَا الرّجْعَة وَهُوَ حَلَال ثمَّ احرم وَأشْهد على رَجعتهَا وَهُوَ محرم
وَخَافَ ان تَنْقَضِي عدتهَا قبل
(2/211)
الاحلال أتكون تِلْكَ الرّجْعَة وَهَذَا
ترك لقولكم لَان فِي الرّجْعَة تَصْحِيح النِّكَاح وَقد قُلْتُمْ ايضا انه
لَا يجوز للْمحرمِ ان يُزَوّج غَيره ارأيتم عبد رجل تزوج ومولاه حَلَال
فاجاز النِّكَاح بَعْدَمَا أحرم أَيجوزُ
(2/212)
ارأيتم رجلا وكل رجلا بِأَن يُزَوجهُ
فُلَانَة وهما محرمان جَمِيعًا فَلم يفعل حَتَّى حلا فَزَوجهُ ايجوز ذَلِك
ام لَا يجوز ارأيتم ان امْرَهْ وهما حلالان جَمِيعًا ثمَّ احرما ثمَّ زوجه
ايجوز ارأيتم ان لم يُزَوجهُ حَتَّى حلا ثمَّ زوجه فَكَانَ لأمر وهما
حلالان وَالنِّكَاح هما حلالان بَينهمَا احرام ايجوز ذَلِك يَنْبَغِي لمن
ابطل النِّكَاح وَهُوَ محرم ان يبطل الْوكَالَة بِالنِّكَاحِ وَهُوَ محرم
وَقد جَاءَ فِي ذَلِك مَعَ هَذَا آثَار كَثِيرَة واصلها ان رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة بنت الْحَارِث رَضِي الله عَنْهُمَا
وَهُوَ محرم قَالُوا بلغنَا انه تزَوجهَا حَلَالا روى ذَلِك سُلَيْمَان بن
يسَار ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث ابا رَافع مَوْلَاهُ
ورجلا من الْأَنْصَار فزوجاه مَيْمُونَة بنت الْحَارِث رَضِي الله عَنْهَا
(2/214)
وبلغنا عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا وَهِي خَالَته مَعَ فقهه وَعلمه لَا شكّ فِيهِ أَنه قَالَ إِن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم
(2/217)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم بن أبي الْهَيْثَم ان
(2/218)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج
مَيْمُونَة بنت الْحَارِث بعسفان وَهُوَ محرم
(2/219)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُحَمَّد بن أبان عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة ابْنة الْحَارِث رَضِي الله عَنْهَا
وَهُوَ محرم
(2/221)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُحَمَّد بن ابان عَن حَمَّاد قَالَ قلت لابراهيم
(2/222)
النَّخعِيّ الْمحرم يتَزَوَّج قَالَ نعم ان
شَاءَ وَلَكِن لَا يقربهَا بقبلة وَلَا غير ذَلِك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا جرير بن حَازِم عَن الاعمش عَن
ابراهيم عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا بَأْس بِأَن
يتَزَوَّج الْمحرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ
قَالَ حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن أَبِيه عَن سَوْدَة بنت
حَارِثَة امْرَأَة عَمْرو بن
(2/223)
حزم ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم تزوج مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا وَهُوَ محرم
(2/224)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
ابراهيم بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا شريك بن أبي نمر وَدَاوُد بن الْحصين
عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم مثل ذَلِك
- بَاب الرجل يَمُوت وَلم يحجّ فيوصي أَن يحجّ عَنهُ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الرجل يَمُوت وَلم يحجّ فيوصي ان
يحجّ
(2/225)
عَنهُ ان ذَلِك من ثلثه وان لم يبلغ ذَلِك
ثلثه احج عَنهُ من حَيْثُ يبلغ الثُّلُث الا ان يخْتَار الْوَرَثَة ان
يحجوا عَنهُ من بِلَاده بِمَا بلغ
قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان تطوع رجل عَن رجل فحج عَنهُ وَقد
مَاتَ وَلم يحجّ فَذَلِك جَائِز وليا كَانَ لَهُ أَو غير ولي فَلَو ان رجلا
ادركه الْكبر وَلم يحجّ حجَّة الاسلام فحج عَنهُ بعض وَلَده أَو ولي غَيره
اجزاه ذَلِك ان شَاءَ الله تَعَالَى
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَجْزِي ان يحجّ حَيّ عَن حَيّ قدر المحجوج
عَنهُ على الْحَج أَو لم يقدر فَإِذا مَاتَ فان كَانَ الَّذِي يحجّ عَنهُ
وليا فَلَا بَأْس بِأَن يتَطَوَّع عَنهُ فَأَما غير ولي فَلَا يعجبنا فان
اوصى انفذت وَصيته
قَالَ مُحَمَّد مَا جَاءَت عَامَّة الْآثَار الا فِي الْحَيّ وَقد رُوِيَ
فقيهكم مَالك ابْن انس عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/227)
ان امْرَأَة جَاءَت الى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم مستفتية فَقَالَت يَا نَبِي الله ان فَرِيضَة الله على
عباده فِي الْحَج ادركت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع ان يثبت على
الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ قَالَ نعم وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع قَالَ
مُحَمَّد وَهَذَا فِي آخر حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/228)
قَالَ مُحَمَّد اُخْبُرْنَا ايضا مَالك بن
انس عَن ابْن أبي تَمِيمَة عَن ابْن سِيرِين عَن رجل اخبره عَن ابْن
عَبَّاس ان رجلا جَاءَ الى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا
رَسُول الله إِن أُمِّي امْرَأَة كَبِيرَة لَا نستطيع ان
(2/229)
نحملها على الْبَعِير وان ربطتها خفت ان
تَمُوت أفأحج عَنْهَا قَالَ نعم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن ابْن أبي
تَمِيمَة عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين ان رجلا جعل على نَفسه لَا يبلغ اُحْدُ
من وَلَده الْحَلب فيحلب وَيشْرب ويسقيه الا حج وَحج بِهِ فَبلغ رجل من
وَلَده الَّذِي
(2/230)
قَالَ وَقد كبر الشَّيْخ فجَاء ابْنه الى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ ان أبي قد
كبر وَلَا يَسْتَطِيع ان يحجّ افأحج عَنهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نعم
فَهَذَا كُله حجَّة عَلَيْهِم فِي الْحَيّ وَقد جَاءَ فِي الْمَيِّت أَيْضا
آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ
سَالَتْ مُجَاهدًا عَن الرجل يحجّ عَن الرجل قَالَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا
حجَّة توفّي عَن صَاحبه
(2/231)
وَلَا ينقص ذَلِك حجه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد ابان عَن جَعْفَر بن
مُحَمَّد بن عَليّ عَن ابيه قَالَ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ لرجل كَبِير لم يحجّ انفق على رجل فليحج عَنْك
(2/232)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كنت عِنْد ابْن عَبَّاس
(2/233)
فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت ان امي نذرت
ان تحج وانها مَاتَت وَلم تحج قَالَ تركت امك دينا قَالَت نعم قَالَ
فقضيتيه قَالَت نعم قَالَ خير غرمائكم الله حجي عَن امك أَو امْرَأَة
مَكَانهَا
(2/234)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
أَبُو كُدَيْنَة يحيى بن الْمُهلب البَجلِيّ عَن أبي إِسْحَاق
الشَّيْبَانِيّ عَن يزِيد بن الاصم قَالَ كنت جَالِسا عِنْد ابْن عَبَّاس
اذ جَاءَ
(2/235)
رجل فَقَالَ إِن أبي مَاتَ وَلم يحجّ أفأحج
عَنهُ قَالَ نعم فانك ان لم تزِدْه خيرا لم تزِدْه شرا
قَالَ مُحَمَّد والْآثَار فِي هَذَا كَثِيرَة وَهَذَا الامر الْمُجْتَمع
عَلَيْهِ لَا اخْتِلَاف بَين الْفُقَهَاء فِيهِ الا من قَالَ برايه ونبذ
الاثار خلف ظَهره
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك ابْن انس قَالَ حَدثنَا ابْن
شهَاب ان سُلَيْمَان ابْن يسَار اخبره ان عبد الله بن عَبَّاس اخبره قَالَ
كَانَ الْفضل بن عَبَّاس رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَأَتَتْهُ امْرَأَة من خثعم
(2/236)
تستفتيه قَالَ فَجعل الْفضل ينظر اليها
وَتنظر اليه وَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصرف وَجه الْفضل
بِيَدِهِ الى الشق الآخر فَقَالَت يَا رَسُول الله ان فَرِيضَة الله على
عباده فِي الْحَج ادركت أبي شَيخا كَبِيرا
(2/239)
لَا يَسْتَطِيع ان يثبت على الرَّاحِلَة
أفأحج عَنهُ قَالَ نعم وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان قَالَ
سَمِعت طاوسا
(2/240)
يَقُول ان رجلا اتى رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ان أبي شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع ان يركب الا
مُعْتَرضًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حج عَن ابيك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان قَالَ
سَمِعت طاوسا يَقُول
(2/241)
إِن امْرَأَة اتت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت ان امي مَاتَت وَعَلَيْهَا حجَّة فَقَالَ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم حجي عَن امك
(2/242)
- بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يقتل الْمحرم من
الدَّوَابّ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ جَاءَت الْآثَار فِي خمس من
الدَّوَابّ من قتلهن وَهُوَ محرم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ الْغُرَاب والحدأة
وَالْعَقْرَب والفارة وَالْكَلب الْعَقُور قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الذِّئْب
هُوَ مثل الْكَلْب الْعَقُور فَأَما مَا سوى ذَلِك مثل الاسد والنمر والفهد
والضبع والثعلب واشباههن فَكل مَا لم يؤذك من ذَلِك فَقتلته فَعَلَيْك
فِيهِ الْهَدْي وَلَا يُجَاوز بِهِ الدَّم واما مَا آذَاك من ذَلِك فَقتلته
فَلَا شَيْء عَلَيْك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الْكَلْب الْعَقُور ان كل
مَا عقر النَّاس وَعدا عَلَيْهِم واخافهم مثل الاسد والنمر والفهد
وَالذِّئْب فَهُوَ الْكَلْب الْعَقُور واما مَا كَانَ من السبَاع الَّتِي
لَا تعدو مثل الضبع والثعلب والهر وَمَا اشبههن من السبَاع فَلَا يقْتله
الْمحرم وان قَتله فدَاه وَقَالَ مُحَمَّد انما جَاءَ الاثر فِي الْكَلْب
الْعَقُور وانما هُوَ عندنَا الْكَلْب خَاصَّة وَلَيْسَ على غَيره الا ان
يعدو عَلَيْك فَيكون بِمَنْزِلَة الْكَلْب الْعَقُور وانما قُلْنَا فِي
الذِّئْب لَا شَيْء على من قَتله وان لم يعد للأثر الَّذِي بلغنَا عَن ابْن
عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن وبرة بن
(2/243)
عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول يقتل الْمحرم الذِّئْب واما قَول أهل
الْمَدِينَة ان الضبع لَا يعدو وانما جعلُوا فِيمَا يعدو فَهِيَ اشد عدوا
واخبث من الذِّئْب وانما يُؤْخَذ فِي هَذَا
(2/244)
بِمَا جَاءَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ انه قتل ضبعا وامر بكبش فذبح وَقَالَ انا ابتدأت بهَا وَلذَلِك نقُول
مَا ابتدأته من السبَاع وَلم يعد
(2/245)
عَلَيْك فَعَلَيْك فِيهِ الْفِدَاء وَمَا
ابتدأك فَقتلته فَلَا شَيْء عَلَيْك فِيهِ وَهَذَا قِيَاس قَول عمر رَضِي
الله عَنهُ الَّذِي رُوِيَ عَنهُ
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة واما مَا ضرّ من الطير فَلَا يقْتله الْمحرم الا
مَا سمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغُرَاب والحدأة فان قتل
الْمحرم شَيْئا من الطير سواهُمَا فدَاه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَا يقتل الْمحرم من الطير شَيْئا لم يبتدأه
(2/246)
بايذاء الا الْغُرَاب والحدأة فَأَما
الْعقَاب الَّتِي تقتل الانسان وَنَحْوه فان اذت الانسان وَهُوَ محرم
فَقَتلهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لانها تعدو فَتقْتل وَقد زَعَمُوا ان مَا
عدا من السبَاع فَلَا بَأْس بِأَن يقْتله الْمحرم وان لم يعد عَلَيْهِ إِذا
كَانَ مِمَّا يعدو عَلَيْهِ وَالْعِقَاب تعدو فَرُبمَا فقأت الْعين
وَرُبمَا ضربت الضَّرْب الشَّديد يَنْبَغِي ان لَا يرَوا بقتلها باسا وان
لم تعد وَلَكنَّا
(2/247)
لَا نقُول هَذَا ان لم ترده فَقَتلهَا
فَعَلَيهِ الْجَزَاء وان ارادت الْمحرم فَقَتلهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن
أبي نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
يَجْعَل فِي الضبع كَبْشًا إِذا اصابها الْمحرم وَيَقُول هِيَ صيد
(2/248)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح
(2/250)
عَن عبد الله بن يزِيد السَّعْدِيّ قَالَ
سَأَلت سعيد بن الْمسيب عَن الضبع فَقَالَ لَا يصلح اكلها فَقَالَ لَهُ شيخ
عِنْده ان شِئْت حدثتك بِمَا سَمِعت ابا الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ
يَقُول سمعته يَقُول نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اكل كل
نهبة وَعَن كل خطْفَة وَعَن كل مجثمة وَعَن كل ذِي نَاب من السبَاع قَالَ
سعيد صدقت
قَالَ مُحَمَّد قد جعلهَا عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ صيدا وَجعل
فِيهَا كَبْشًا وأكلها مَكْرُوه وَلم يَجْعَل فِيهَا الْكَفَّارَة لانها
لَا تعدو وَلَكِن
(2/251)
الْكَفَّارَة جعلت فِيهَا لانها صيد وان
كَانَ اكلها لَا يَنْبَغِي وَكَذَلِكَ كل سبع فَهُوَ صيد وان كَانَ اكلها
لَا يَنْبَغِي وَفِيه الْكَفَّارَة إِذا قَتله الْمحرم لَان السّنة جَاءَت
بذلك وَقد حل دم من هُوَ احرم من السَّبع إِذا عدا وَلَو ان مُسلما عدا على
رجل فَقتله بسلاح حل بذلك دَمه وَقد كَانَ قبل ذَلِك حَرَامًا قَالَ
مُحَمَّد وَكَذَلِكَ السَّبع فَقتله مَكْرُوه للْمحرمِ فان عدا عَلَيْهِ
(2/252)
حل لَهُ من قَتله مَا يحل من دم الْحر
الْمُسلم وَقد جَاءَت الْآثَار فِي اشياء من ذَلِك مَعْلُومَة رخص فِيهَا
قَتلهَا حَلَال ان عدت وان لم تعد الا ترى ان الْغُرَاب والحدأة لَا يعدوان
وَقد جَاءَت الرُّخْصَة فِي قَتلهمَا للْمحرمِ
(2/255)
- بَاب الْحجامَة للْمحرمِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بالحجامة للْمحرمِ
اضْطر أَو لم يضْطَر مَا لم يحلق شعرًا
(2/256)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يحتجم الْمحرم
الا من ضَرُورَة قَالَ مُحَمَّد وَكَيف يَقُول هَذَا أهل الْمَدِينَة وَقد
احْتجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم وَمَا ذكر فِي
ذَلِك ضَرُورَة
(2/257)
وَلَا غَيرهَا وَقد ذكر ذَلِك فقيهكم
وصاحبكم مَالك بن انس عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار ان رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ محرم فَوق رَأسه وَهُوَ
يَوْمئِذٍ بلحيى جمل مَكَان بطرِيق
(2/258)
مَكَّة فَمَا ذكر ضَرُورَة وَلَا غَيرهَا
(2/259)
- بَاب مَا يجوز للْمحرمِ ان يَفْعَله
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس ان يقرد الْمحرم
بعيره وَينْزع عَنهُ الحلمة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة احب الينا ان لَا يقرد
بعيره وَلَا ينْزع عَنهُ حلمه وَقَالَ مُحَمَّد هَذَا امْر لم اكن اظن ان
بَين النَّاس فِيهِ اخْتِلَافا
(2/260)
للْحَدِيث الْمَعْرُوف فِيهِ عَن عمر رَضِي
الله عَنهُ انه يقرد بعيره بالسقيا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَيْسَ على
هَذَا الْعَمَل قَالَ مُحَمَّد اخبرونا عَنهُ هَل جَاءَ اخْتِلَاف
للْحَدِيث فِيهِ عَن عمر ام جَاءَ الحَدِيث عَن غَيره من هُوَ اوثق واقضى
مِنْهُ مَا عِنْدهم فِي ذَلِك حَدِيث عَمَّن هُوَ اوثق من عمر رَضِي الله
عَنهُ وَمَا يجحدون حَدِيثه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عبر الله بن عمر بن حَفْص بن
عَاصِم بن
(2/261)
عمر بن الْخطاب عَن مُحَمَّد بن ابراهيم
التَّيْمِيّ عَن ربيعَة بن عبد الله بن الهدير انه قَالَ رَأَيْت عمر بن
الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يقرد بَعِيرًا لَهُ بالسقيا
(2/262)
وَهُوَ محرم فَيَجْعَلهُ فِي الطين قَالَ
مُحَمَّد وَقد روى ذَلِك ايضا فقيهكم مَالك بن انس عَن يحيى بن سعيد عَن
مُحَمَّد بن ابراهيم التَّيْمِيّ بِهَذَا الاسناد
(2/263)
1 - قَالَ مُحَمَّد وَقد جَاءَ الثبت عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه امْر مَوْلَاهُ عِكْرِمَهْ ان يقرد
بعيره وَهُوَ محرم فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة اقرد الْبَعِير وانا محرم
فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عَبَّاس يَا عِكْرِمَة فانحره فَقَامَ لينحره
فَقَالَ لَا ام لَك لَو نَحرته كم من قراد قتلت قَالَ مُحَمَّد وَلَا بَأْس
بقتل القراد والحلمة والذباب والبعوض والنملة وَالرجل محرم
(2/264)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ
اُخْبُرْنَا إِسْحَاق بن سعيد بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ سَمِعت ابا
حَرْب الاموي يذكر عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/265)
انه قَالَ لَيْسَ فِي البعوض وَلَا فِي
النملة وَلَا فِي الذُّبَاب فديَة على الْمحرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسامة بن زيد الْمَدِينِيّ قَالَ
حَدثنِي عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا هَل يقرد الْمحرم قَالَ فَأمر بناقته لتنحر كم من قراد قتلت
(2/266)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا ثُوَيْر بن سعيد قَالَ الق القراد وانت
محرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قل اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو قَالَ اُخْبُرْنَا
عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه لم
يكن يرى بَأْسا للْمحرمِ ان يقرد بعيره
(2/267)
- بَاب النّظر فِي الْمرْآة للْمحرمِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن ينظر الْمحرم
فِي الْمرْآة مَخَافَة ان يرى فِي وَجهه شَيْئا أَو فِي راسه شعثا
فَيُصْلِحهُ قَالَ مُحَمَّد وَلَا بَأْس بذلك لَو لم يَأْخُذ من شعره وان
رأى فِي وَجهه شَيْئا فأصلحه من غير ان يَأْخُذ شعرًا فَلَا بَأْس بذلك
بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/268)
انه كَانَ يَقُول لَا بَأْس ان ينظر
الْمحرم فِي الْمرْآة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْمَكِّيّ
قَالَ اُخْبُرْنَا عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا انه لم يكن يرى بَأْسا لمحرم ان ينظر فِي الْمرْآة مَا لم يصلح
شَيْئا مَا لم يسرح رَأسه أَو لحيته أَو يَأْخُذ من شعره شَيْئا فَهَذَا
لَا يَنْبَغِي
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنِي
الزبير بن الخريت عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه
كَانَ لَا يرى بَأْسا لمحرم ان يقلم ظفره إِذا انْكَسَرَ وَيدخل الْحمام
وَينظر فِي الْمرْآة
(2/269)
- بَاب استظلال الْمحرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن يستظل الْمحرم
إِذا جافى ذَلِك عَن رَأسه فَلم يلصقه بِشَيْء لعذر أَو غير عذر وَقَالَ
أهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي ان يستظل الْمحرم
(2/270)
قَالَ مُحَمَّد الحَدِيث الْمَعْرُوف عَن
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا انها كَانَت تسدل الثَّوْب على وَجههَا من
فَوق رَأسهَا وَهِي مُحرمَة وانما الاحرام من الْمَرْأَة فِي وَجههَا
قَالُوا لَا نرى بذلك بَأْسا للْمَرْأَة ونكره هَذَا للرجل
(2/271)
وان كَانَ الرجل مزاملا لامْرَأَته فَلَا
بَأْس أَن يستظل مَعهَا قيل لَهُم وَكَيف جَازَ ذَلِك مَعَ امْرَأَته وَحرم
عَلَيْهِ خَاصَّة فِي وَجه مَا يحرم فِي غَيره قَالُوا إِذا جَاءَ بالعذر
عذر قيل لَهُم إِن الْمحرم يعْذر بالعذر وَيكون عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك فديَة
ارأيتم رجلا وجد الْبرد فِي رَأسه فَلَيْسَ الْعِمَامَة وَهُوَ محرم اما
تجب علية الْكَفَّارَة قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَهَذَا مُضْطَر وَإِن
كُنْتُم رخصتم للْمحرمِ إِذا زامل امراته ان يستظل للضَّرُورَة فَمُرُوهُ
بِالْكَفَّارَةِ كَمَا يَجْعَل على الْمُضْطَر فِي غير ذَلِك قيل لَهُم
ارأيتم ان استظل بِيَدِهِ بِثَوْب أَو بِعُود ينصبه فيستظل بِهِ قَالُوا
هما مفترقان لِأَن الْعود يَدُوم وَالْيَد لَا يَدُوم قيل لَهُم والقليل من
هَذَا إِذا كَانَ مَكْرُوها وَالْكثير سَوَاء وان كَانَ احدهما اعظم جرما
فِي كثرته من الاخر لِأَن كَانَ
(2/272)
الْكثير مَكْرُوها انه لينبغي ان يكره
الْقَلِيل على قدره ارايتم لَو كَانَ إِذا ستر بِالثَّوْبِ بِيَدِهِ فطال
ذَلِك مِنْهُ وصبر حَتَّى يطول أَيكُون قَرِيبا من الْعود من ايْنَ افترق
هَذَا وَالْعود قَالُوا لَان ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ
(2/273)
اضح لما خرجت لَهُ قيل هَلُمَّ وَالَّذِي
استتر بِثَوْب لم يضح لما خرج لَهُ فَكيف فرقتم بَينهمَا كأنكم من قَوْلكُم
على غير يَقِين
(2/274)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
خَالِد بن عبد الله عَن الْعَلَاء بن الْمسيب بن رَافع عَن عَطاء بن أبي
رَبَاح انه قَالَ لَا بَأْس ان يستظل الْمحرم
- بَاب تَقْلِيد الْهَدْي وَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ يُقَلّد الْإِبِل وَالْبَقَرَة
وَلَا يُقَلّد
(2/275)
الْغنم وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا
يُقَلّد الْغنم ووافقوا ابا حنيفَة
|