|
رد
المحتار على الدر المختار [بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]
تَأْخِيرُ هَذَا الْبَابِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ
بَعْدَ الْوُجُودِ مِعْرَاجٌ. (قَوْلُهُ تُفْسَخُ) إنَّمَا قَالَ:
تُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ قَوْلَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ عَدَمُ
انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالْعُذْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي
الذَّخِيرَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ لَا لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ
بِوَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ
فَاتَتْ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ عَوْدُهَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ
ابْنُ كَمَالٍ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالتَّتِمَّةِ: إذَا سَقَطَ
حَائِطٌ أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ
وَلَا يَمْلِكُهُ بِغَيْبَةِ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ
انْهَدَمَتْ الدَّارُ كُلُّهَا فَلَهُ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ حَضْرَتِهِ،
لَكِنْ لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَفْسَخْ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ
بِالْعَرْصَةِ مُمْكِنٌ. وَفِي إجَارَاتِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ: إذَا
انْهَدَمَتْ كُلُّهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ لَكِنْ سَقَطَ
الْأَجْرُ فَسَخَ أَوْ لَا إتْقَانِيٌّ، وَقَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ
الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ. (قَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا)
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ
وَالْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ رَبَطَهُ بِالْكُلِّ، وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي
قَرِيبًا. (قَوْلُهُ بِخِيَارِ شَرْطٍ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ
الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ،
(6/76)
وَرُؤْيَةٍ) كَالْبَيْعِ خِلَافًا
لِلشَّافِعِيِّ (وَ) بِخِيَارِ (عَيْبٍ) حَاصِلٍ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ
بَعْدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ (يَفُوتُ النَّفْعُ بِهِ) صِفَةُ
عَيْبٍ (كَخَرَابِ الدَّارِ وَانْقِطَاعِ مَاءِ الرَّحَى وَ) انْقِطَاعِ
(مَاءِ الْأَرْضِ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ تُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ
فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ فَلَا أَجْرَ خَانِيَّةٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ
تَنْفَسِخْ عَلَى الْأَصَحِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
فَلَوْ اسْتَأْجَرَ دُكَّانًا شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَفْسَخُ فِيهَا، فَلَوْ فَسَخَ فِي الثَّالِثِ مِنْهَا
لَمْ يَجِبْ أَجْرُ الْيَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ
وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ
حُضُورُ صَاحِبِهِ وَلَا عِلْمُهُ خِلَافًا لِلطَّرَفَيْنِ وَالْأَوَّلُ
أَصَحُّ، وَقِيلَ لِلْمُفْتَى الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي
الْمُضْمَرَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَهَذَا خِلَافُ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ
الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَرُؤْيَةٍ) فَلَوْ اسْتَأْجَرَ قِطْعَاتٍ مِنْ
الْأَرْضِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ رَأَى بَعْضَهَا فَلَهُ فَسْخُ
الْإِجَارَةِ فِي الْكُلِّ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي
هَذَا الْفَسْخِ الْقَضَاءُ وَلَا الرِّضَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
فِيهِ خِلَافُ خِيَارِ الشَّرْطِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ
بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ أَنَّ لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ خِيَارُ
الرُّؤْيَةِ فِي كُلِّ عَمَلٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ أَوْ الرِّضَا فِي خِيَارِ
الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ.
وَأَمَّا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَفِي نَحْوِ انْهِدَامِ الدَّارِ كُلِّهَا
يُفْسَخُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ انْهِدَامِ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ
كَمَا مَرَّ.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَصَحَّ
أَنَّ الْعُذْرَ إنْ كَانَ ظَاهِرًا يَنْفَرِدُ وَإِنْ مُشْتَبَهًا لَا
يَنْفَرِدُ.
ثُمَّ إنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَثْبُتُ لِلْعَاقِدَيْنِ، أَمَّا خِيَارُ
الرُّؤْيَةِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُؤَجِّرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ.
قَالَ الْحَمَوِيُّ وَلَمْ أَرَهُ، وَهَكَذَا بَحَثَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ
ظَاهِرُ اسْتِدْلَالِهِمْ هُنَا بِالْحَدِيثِ «مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا
وَلَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ» وَقَوْلُهُمْ إنَّهَا بَيْعُ
الْمَنْفَعَةِ وَبِهِ أَفْتَى مُنْلَا عَلَيَّ التُّرْكُمَانِيِّ.
(قَوْلُهُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَمْ يَرَهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ
رَآهُ فَلَا خِيَارَ لِرِضَاهُ بِهِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَلَوْ
اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فِيمَا لَهُ الْخِيَارُ بِحُدُوثِهِ يَلْزَمُهُ
الْأَجْرُ كَامِلًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْإِجَارَةِ يُفَارِقُ
الْبَيْعَ فِي أَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ
لَا بَعْدَهُ، وَفِي الْإِجَارَةِ يَنْفَرِدُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالرَّدِّ
قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ اهـ وَلَا تَنْسَ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ
يَفُوتُ النَّفْعُ بِهِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْعَيْبَ إذَا حَدَثَ
بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَإِنْ أَثَّرَ فِي الْمَنَافِعِ يَثْبُتُ
الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَالْعَبْدِ إذَا مَرِضَ وَالدَّارِ إذَا
انْهَدَمَ بَعْضُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ
كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَحُدُوثُ عَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ
الْخِيَارَ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمَنَافِعِ فَلَا كَالْعَبْدِ
الْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِدْمَةِ إذَا ذَهَبَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ أَوْ سَقَطَ
شَعْرُهُ، وَكَالدَّارِ إذَا سَقَطَ مِنْهَا حَائِطٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ
فِي سُكْنَاهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ
الْعَيْنِ وَهَذَا النَّقْصُ حَصَلَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ
وَالنَّقْصُ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ
إتْقَانِيٌّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: إذَا قَلَعَ الْآجِرُ شَجَرَةً مِنْ
أَشْجَارِ الضِّيَاعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ
الْفَسْخِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةً (قَوْلُهُ وَانْقِطَاعُ
مَاءِ الرَّحَى) فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَادَ الْمَاءُ لَزِمَتْ
وَيُرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ، قَبْلَ حِسَابِ أَيَّامِ
الِانْقِطَاعِ، وَقِيلَ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْمَاءِ،
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ
(6/77)
كَمَا مَرَّ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ جَاءَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَزْرَعُ بَعْضَهَا
فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ كُلَّهَا
أَوْ تَرَكَ وَدَفَعَ بِحِسَابِ مَا رَوَى مِنْهَا. وَفِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِغَيْرِ شُرْبِهَا فَانْقَطَعَ
مَاءُ الزَّرْعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُرْجَى فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ
انْقَطَعَ قَلِيلًا قَلِيلًا وَيُرْجَى مِنْهُ السَّقْيُ فَالْأَجْرُ
وَاجِبٌ.
وَفِي لِسَانِ الْحُكَّامِ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا فِي قَرْيَةٍ فَفَزِعُوا
وَرَحَلُوا سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْهُ، وَإِنْ نَفَرَ بَعْضُ النَّاسِ لَا
يَسْقُطُ الْأَجْرُ (أَوْ يُخِلُّ) عَطْفٌ عَلَى يَفُوتُ (بِهِ) أَيْ
بِالنَّفْعِ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ (كَمَرَضِ الْعَبْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
الرِّوَايَةِ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ: الْمَاءُ إذَا
انْقَطَعَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَلَمْ يَفْسَخْهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى
مَضَى الشَّهْرُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ
مَنْفَعَةُ السُّكْنَى مَعْقُودًا عَلَيْهَا مَعَ مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ
وَجَبَ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى كَذَا فِي التتارخانية،
وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَجْرُ بَيْتِ الرَّحَى صَالِحًا لِغَيْرِ
الطَّحْنِ كَالسُّكْنَى مَا لَمْ تَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا. وَنُقِلَ
بَعْدَهُ عَنْ الْقُدُورِيِّ: إنْ كَانَ الْبَيْتُ يُنْتَفَعُ بِهِ
لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ اهـ وَنَحْوُهُ
مَا يَأْتِي عَنْ التَّبْيِينِ تَأَمَّلْ وَالِانْقِطَاعُ غَيْرُ قَيْدٍ،
لِمَا فِي التتارخانية أَيْضًا: وَإِذَا انْتَقَصَ الْمَاءُ، فَإِنْ
فَاحِشًا فَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الْقُدُورِيُّ:
إذَا صَارَ يَطْحَنُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَهُوَ فَاحِشٌ. وَفِي
وَاقِعَاتِ النَّاطِفِي لَوْ يَطْحَنُ عَلَى النِّصْفِ لَهُ الْفَسْخُ
وَهَذِهِ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْقُدُورِيِّ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ حَتَّى
طَحَنَ كَانَ رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ صَرِيحًا قُبَيْلَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ خَرِبَتْ الدَّارُ سَقَطَ كُلُّ الْأَجْرِ وَلَا
تَنْفَسِخُ بِهِ مَا لَمْ يَفْسَخْهَا الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْأَصَحُّ اهـ
وَدَلَالَةً مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تُفْسَخُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ عَدَمَ
الِانْفِسَاخِ، وَقَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ التتارخانية
وَالْأَتْقَانِيِّ
(قَوْلُهُ وَدَفَعَ بِحِسَابِ مَا رَوَى مِنْهَا) نَظِيرُهُ مَا قَدَّمَهُ
الشَّارِحُ عَنْ الْوَهْبَانِيَّةِ قُبَيْلَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
لَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ يَسْقُطُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ،
لَكِنْ قَدَّمْنَا هُنَاكَ مِنْ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ
خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَأَمَّلْ
1 -
(قَوْلُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ
الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَفِيهَا: وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا
بِشِرْبِهَا سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ مِنْ
الِانْتِفَاعِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمَاءُ لَكِنْ سَالَ
عَلَيْهَا حَتَّى لَا تَتَهَيَّأُ لَهُ الزِّرَاعَةُ فَلَا أَجْرَ
عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَصَارَ كَمَا إذَا
غَصَبَهُ غَاصِبٌ اهـ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ شِرْبِهَا) أَقُولُ: تَقَدَّمَ
فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنَّ
لِلْمُسْتَأْجِرِ الشِّرْبَ وَالطَّرِيقَ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ الْفَرْقَ
بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى
التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ الشِّرْبِ تَأَمَّلْ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ فُرُوعٌ
مُتَعَلِّقَةٌ بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَرَاجِعْهَا
(قَوْلُهُ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا إلَخْ) فِي التتارخانية: سُئِلَ شَمْسُ
الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا فِي قَرْيَةٍ
فَنَفَرَ النَّاسُ وَوَقَعَ الْجَلَاءُ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ هَلْ
يَجِبُ الْأَجْرُ؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الرِّفْقَ بِالْحَمَّامِ
فَلَا.
وَأَجَابَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ بِلَا مُطْلَقًا وَلَوْ بَقِيَ
بَعْضُ النَّاسِ وَذَهَبَ الْبَعْضُ يَجِبُ الْأَجْرُ اهـ. وَالظَّاهِرُ
أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّفْقِ بِهِ الِارْتِفَاقُ أَيْ الِانْتِفَاعُ
بِنَحْوِ السُّكْنَى وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا مَضَتْ
الْمُدَّةُ، فَلَوْ لَمْ تَمْضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ خِيَارَ
الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ مُخِلٌّ بِالْمَنْفَعَةِ كَمَسْأَلَةِ الْجَوْهَرَةِ
تَأَمَّلْ، وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّ
الْحَمَّامَ لَوْ غَرِقَ يَجِبُ بِقَدْرِ مَا كَانَ مُنْتَفَعًا. (قَوْلُهُ
فَفَزِعُوا وَرَحَلُوا) عِبَارَةُ لِسَانِ الْحُكَّامِ فَوَقَعَ الْجَلَاءُ
وَنَفَرَ النَّاسُ. (قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ دُونَ الِانْتِفَاعِ
الْمُعْتَادِ
1 -
(قَوْلُهُ كَمَرَضِ الْعَبْدِ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ عَبْدًا
لِلْخِدْمَةِ فَمَرِضَ الْعَبْدُ، إنْ كَانَ يَعْمَلُ دُونَ الْعَمَلِ
الْأَوَّلِ لَهُ خِيَارُ الرَّدِّ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ
(6/78)
وَدَبَرِ الدَّابَّةِ) أَيْ قُرْحَتِهَا
وَبِسُقُوطِ حَائِطِ دَارٍ.
وَفِي التَّبْيِينِ: لَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى وَالْبَيْتُ مِمَّا
يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ
لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَتْهُ
حِصَّتُهُ (فَإِنْ لَمْ يُخِلَّ الْعَيْبُ بِهِ أَوْ أَزَالَهُ
الْمُؤَجِّرُ) أَوْ انْتَفَعَ بِالْمُخِلِّ (سَقَطَ خِيَارُهُ) لِزَوَالِ
السَّبَبِ.
(وَعِمَارَةُ الدَّارِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ (وَتَطْيِينُهَا وَإِصْلَاحُ
الْمِيزَابِ وَمَا كَانَ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ) وَكَذَا
كُلُّ مَا يُخِلُّ بِالسُّكْنَى (فَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا) أَنْ يَفْعَلَ
(كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ)
الْمُسْتَأْجِرُ (اسْتَأْجَرَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ وَقَدْ رَآهَا) لِرِضَاهُ
بِالْعَيْبِ.
(وَإِصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَتَمَّتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى
الْعَمَلِ أَصْلًا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ
الرَّحَى يَجِبُ أَنْ يُقَالَ إذَا عَمِلَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عَمَلِهِ
لَهُ الرَّدُّ اهـ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَكَذَا لَوْ أَبَقَ فَهُوَ
عُذْرٌ أَوْ كَانَ سَارِقًا؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ نُقْصَانًا فِي
الْخِدْمَةِ اهـ وَقَيَّدَ بِمَرَضِ الْعَبْدِ، إذْ لَوْ مَرِضَ الْحُرُّ
الْمُسْتَأْجَرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ بِأُجَرَائِهِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ،
وَإِنْ بِنَفْسِهِ فَعُذْرٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ
وَدَبَرُ الدَّابَّةِ) بِالْفَتْحِ: جُرْحُ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ
خُفِّهَا قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ ط. (قَوْلُهُ وَبِسُقُوطِ حَائِطِ
دَارِ) أَيْ إنْ كَانَ يَضُرُّ بِالسُّكْنَى وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ
يَفْسَخَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ
(قَوْلُهُ وَفِي التَّبْيِينِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ
وَالْبَيْتُ) أَيْ بَيْتُ الرَّحَى. (قَوْلُهُ لِغَيْرِ الطَّحْنِ)
كَالسُّكْنَى مَثَلًا (قَوْلُهُ بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِحِصَّةِ مَا
يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ الطَّحْنِ.
(قَوْلُهُ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) يُشْعِرُ بِأَنَّ
مَنْفَعَةَ غَيْرِ الطَّحْنِ مَعْقُودٌ عَلَيْهَا، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ
مَعْقُودًا عَلَيْهَا فَلَا أَجْرَ، وَقَدَّمْنَا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة
أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ يَشْهَدُ لِهَذَا،
لَكِنَّ قَوْلَهُ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ
يَسْتَوْفِهِ بِالْفِعْلِ لَا يَجِبُ، وَلَوْ كَانَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ
لَوَجَبَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ فَتَأَمَّلْ، وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ
مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى
الْقَوْلِ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ مَا
لَمْ يَفْسَخْهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَوْضِعِ مَسْكَنٌ بَعْدَ انْهِدَامِ
الْبِنَاءِ وَيَتَأَتَّى فِيهِ السُّكْنَى بِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ فَبَقِيَ
الْعَقْدُ، لَكِنْ لَا أَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ
مِنْ الِانْتِفَاعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ
اهـ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ قُبَيْلَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا
لَوْ سَكَنَ فِي السَّاحَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُخِلَّ الْعَيْبُ بِهِ)
أَيْ بِالنَّفْعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ عَوَرِ الْعَبْدِ وَسُقُوطِ
شَعْرِهِ وَسُقُوطِ حَائِطِ الدَّارِ الَّذِي لَا يُخِلُّ (قَوْلُهُ أَوْ
أَزَالَهُ الْمُؤَجِّرُ) أَيْ أَزَالَ الْعَيْبَ كَمَا لَوْ بَنَى
الْمُنْهَدِمَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ زَالَ بِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ بَرِئَ
الْعَبْدُ الْمَرِيضُ. وَفِي التتارخانية وَغَيْرِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ -
رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي السَّفِينَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ: إذَا نُقِضَتْ
وَصَارَتْ أَلْوَاحًا ثُمَّ رُكِّبَتْ وَأُعِيدَتْ سَفِينَةً لَمْ يُجْبَرْ
عَلَى تَسْلِيمِهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهَا بِالنَّقْضِ
لَمْ تَبْقَ سَفِينَةً فَفَاتَ الْمَحَلُّ كَمَوْتِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ
انْهِدَامِ الدَّارِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ انْتَفَعَ بِالْمُخِلِّ)
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ: أَيْ بِالشَّيْءِ
الْمُسْتَأْجَرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْعَيْبِ الْمُخِلِّ أَوْ
بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ
بِالْعَيْبِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ
لِزَوَالِ السَّبَبِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَزَالَهُ الْمُؤَجِّرُ؛
لِأَنَّ الْعَقْدَ يَتَجَدَّدُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَمْ يُوجَدْ الْعَيْبُ
فِيمَا يَأْتِي بَعْدَهُ فَسَقَطَ الْخِيَارُ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ وَتَطْيِينُهَا) أَيْ تَطْيِينُ سَطْحِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ
فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَهُ مُخِلٌّ بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ
تَطْيِينِ جُدْرَانِهَا تَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ عَلَى
الْمَالِكِ وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
(قَوْلُهُ وَإِصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِثْلُ
مَا قَبْلَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا مَعْنَى لِفَصْلِهَا بِكَلَامٍ
عَلَى حِدَةٍ ح
(6/79)
وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ عَلَى
صَاحِبِ الدَّارِ) لَكِنْ (بِلَا جَبْرٍ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا
يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ (فَإِنْ فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَهُوَ
مُتَبَرِّعٌ) وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ إنْ أَبَى رَبُّهَا خَانِيَّةٌ: أَيْ
إلَّا إذَا رَآهَا كَمَا مَرَّ وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَهُ أَنْ
يَنْفَرِدَ بِالْفَسْخِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارَيْنِ
فَسَقَطَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ إحْدَاهُمَا فَلَهُ تَرْكُهُمَا لَوْ عَقَدَ
عَلَيْهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً. قُلْتُ: وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ
مُعَزِّيًا لِلنِّهَايَةِ، إنْ الْعُذْرُ ظَاهِرًا يَنْفَرِدُ، وَإِنْ
مُشْتَبِهًا لَا يَنْفَرِدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَبِعُذْرٍ) عَطْفٌ عَلَى
بِخِيَارِ شَرْطِ (لُزُومِ ضَرَرٍ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ إنْ
بَقِيَ) الْعَقْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَتَفْرِيغُ الْبِئْرِ إذَا امْتَلَأَتْ عَلَى الْمَالِكِ بِلَا جَبْرٍ
أَيْضًا، قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ
مَنْفَعَةُ السُّكْنَى وَشَغْلَ بَاطِنِ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ
الِانْتِفَاعَ بِظَاهِرِهَا مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى، وَلِهَذَا لَوْ
سَكَنَهُ مَشْغُولًا لَزِمَهُ كُلُّ الْأَجْرِ، وَإِنَّمَا
لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ الْمَعْقُودُ
عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَاءِ
لِقَوْلِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِصْلَاحُ بِئْرِ الْبَالُوعَةِ وَالْمَاءِ
إلَخْ وَكَذَا تَفْرِيغُهُمَا، وَلَوْ امْتَلَأَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ
عَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَأَفْتَى بِهِ فِي
الْحَامِدِيَّةِ، وَكَذَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَنَقَلَهُ عَنْ عِدَّةِ
كُتُبٍ، وَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَأَمَّا الْبَالُوعَةُ
وَأَشْبَاهُهَا فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَفْرِيغُهَا
اسْتِحْسَانًا.
وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ؛ لِأَنَّ الشَّغْلَ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهِ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَشْغُولَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَاطِنُ
الْأَرْضِ فَلَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَقْدِ،
وَلَوْ شَرَطَهُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حِينَ آجَرَهُ فِي
الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا
يَقْتَضِيهِ وَلِأَحَدِهِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ امْتَلَأَ مَسِيلُ الْحَمَّامِ فَعَلَى
الْمُسْتَأْجِرِ تَفْرِيغُهُ ظَاهِرًا كَانَ أَوْ بَاطِنًا اهـ. وَفِيهَا
وَتَسْيِيلُ مَاءِ الْحَمَّامِ وَتَفْرِيغُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ
شَرَطَ نَقْلَ الرَّمَادِ وَالسِّرْقِينِ رَبُّ الْحَمَّامِ عَلَى
الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى رَبِّ
الْحَمَّامِ فَسَدَ اهـ فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى
الْقِيَاسِ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَفِي
اسْتِئْجَارِ الطَّاحُونَةِ فِي كِرَى نَهْرِهَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ،
وَفِيهَا خَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْبَيْتِ وَفِيهِ تُرَابٌ أَوْ
رَمَادٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ الْبَالُوعَةِ، وَإِنْ
اخْتَلَفَا فِي التُّرَابِ الطَّاهِرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ
أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا وَهُوَ فِيهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ
عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ) قَالَ الْحَمَوِيُّ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا
التَّعْلِيلِ أَنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ وَقْفًا يُجْبَرُ النَّاظِرُ
عَلَى ذَلِكَ اهـ ط. (قَوْلُهُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ) أَيْ وَلَا يُحْسَبُ
لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ.
بَقِيَ هَلْ لَهُ قَلْعُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ.
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَنَى بِلَا أَمْرٍ ثُمَّ انْفَسَخَتْ
الْإِجَارَةُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا، فَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ
لَبِنٍ اُتُّخِذَ مِنْ تُرَابِ الدَّارِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ رَفْعُ
الْبِنَاءِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ التُّرَابِ لِمَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ
طِينٍ لَا يُنْقَضُ إذْ لَوْ نُقِضَ يَعُودُ تُرَابًا اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَمَّرَ بِمَا لَوْ نَقَضَ يَبْقَى مَالًا فَلَهُ
نَقْضُهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ
سَائِحَانِيٌّ
1 -
(قَوْلُهُ فَلَهُ تَرْكُهُمَا) عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ: فَلَهُ تَرْكُ
الْأُخْرَى لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ
1 -
(قَوْلُهُ وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ إلَخْ) قَالَ أَبُو السُّعُودِ فِي
حَاشِيَتِهَا: ثُمَّ الْفَسْخُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْقَضَاءِ عَلَى
رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ، حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ دُكَّانَهُ
قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ يَكُونُ
بِدُونِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَالْأُولَى أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ
مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ كَالرُّجُوعِ فِي
الْهِبَةِ.
قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ: وَهَذَا فِي الدَّيْنِ خَاصَّةً أَمَّا فِي
أَعْذَارٍ أُخَرَ يَنْفَرِدُ مَنْ لَهُ الْعُذْرُ بِالْفَسْخِ بِلَا
قَضَاءٍ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ
وَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعُذْرَ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجْ
إلَى الْقَضَاءِ وَإِلَّا كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ يَحْتَاجُ
إلَيْهِ لِيَصِيرَ الْعُذْرُ بِالْقَضَاءِ ظَاهِرًا.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ: الْقَوْلُ بِالتَّوْفِيقِ هُوَ
الْأَصَحُّ، وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ بِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ
الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ مُنَاسَبَةٍ فِي التَّوْزِيعِ فَيَنْبَغِي
اعْتِمَادُهُ.
وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ: مَا يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ
مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ،
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوَّلَ الْبَابِ تُفْسَخُ
بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي مَعَ إيهَامِهِ
اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ أَيْضًا، وَقَدْ
عَلِمْتَ مَا فِيهِ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ هُنَاكَ
فَتَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ إنْ الْعُذْرُ ظَاهِرًا) كَمَسْأَلَةِ سُكُونِ
الضِّرْسِ وَاخْتِلَاعِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ وَبِعُذْرٍ إلَخْ) فَلَا
تُفْسَخُ بِدُونِهِ
(6/80)
كَمَا فِي سُكُونِ ضِرْسٍ اُسْتُؤْجِرَ
لِقَلْعِهِ وَمَوْتِ عُرْسٍ أَوْ اخْتِلَاعِهَا اُسْتُؤْجِرَ) طَبَّاخٌ
(لِطَبْخِ وَلِيمَتِهَا)
[مَطْلَبٌ إصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ وَالْبَالُوعَةِ وَالْمَخْرَجِ
وَإِخْرَاجُ التُّرَابِ وَالرَّمَادِ]
(وَ) بِعُذْرِ (لُزُومِ دَيْنٍ) سَوَاءٌ كَانَ ثَابِتًا (بِعِيَانٍ) مِنْ
النَّاسِ (أَوْ بَيَانٍ) أَيْ بَيِّنَةٍ (أَوْ إقْرَارٍ وَ) الْحَالُ
أَنَّهُ (لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
إلَّا إذَا وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ كَالِاسْتِكْتَابِ
فَلِصَاحِبِ الْوَرِقِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ، وَأَصْلُهُ فِي
الْمُزَارَعَةِ لِرَبِّ الْبَذْرِ الْفَسْخُ دُونَ الْعَامِلِ أَشْبَاهٌ،
وَفِي حَاشِيَتِهَا لِأَبِي السُّعُودِ عَنْ الْبِيرِيِّ: وَالْحَاصِلُ
أَنَّ كُلَّ عُذْرٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ
إلَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ
الْفَسْخِ.
[مَطْلَبٌ فِي رَجْمِ الدَّارِ مِنْ الْجِنِّ هَلْ هُوَ عُذْرٌ فِي
الْفَسْخِ]
قَالَ الْبِيرِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّجْمَ الَّذِي يَقَعُ
كَثِيرًا فِي الْبُيُوتِ وَيُقَالُ إنَّهُ مِنْ الْجَانِّ عُذْرٌ فِي
فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الضَّرَرِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ
اهـ.
أَقُولُ: يَظْهَرُ هَذَا لَوْ كَانَ الرَّجْمُ لِذَاتِ الدَّارِ أَمَّا
لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مَخْصُوصٍ فَلَا، وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ
الرُّفَقَاءِ أَنَّ أَهْلَ زَوْجَتِهِ سَحَرُوا أُمَّهُ، فَكُلَّمَا
دَخَلَتْ دَارِهِ يَحْصُلُ الرَّجْمُ وَإِذَا خَرَجَتْ يَنْقَطِعُ،
وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
[مَطْلَبٌ فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ] 1
ِ [فَرْعٌ كَثِيرُ الْوُقُوعِ] قَالَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ: لَوْ
أَظْهَرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الدَّارِ الشَّرَّ كَشُرْبِ الْخَمْرِ
وَأَكْلِ الرِّبَا وَالزِّنَا وَاللُّوَاطَةِ يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ
وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ وَلَا لِجِيرَانِهِ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَذَلِكَ لَا
يَصِيرُ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ
الْأَرْبَعَةِ.
وَفِي الْجَوَاهِرِ: إنْ رَأَى السُّلْطَانُ أَنْ يُخْرِجَهُ فَعَلَ اهـ.
وَقَدَّمْنَا عَنْ الْإِسْعَافِ: لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ
يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُهَا الْقَاضِي
وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ فَلْيُحْفَظْ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي سُكُونِ
ضِرْسٍ إلَخْ) التَّقْيِيدُ بِسُكُونِ الضِّرْسِ وَمَوْتِ الْعُرْسِ أَوْ
اخْتِلَاعِهَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِدُونِهِ لَا يَكُونُ لَهُ
الْفَسْخُ.
قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَقْطَعَ
يَدَهُ لِلْأَكْلَةِ أَوْ لِهَدْمِ بِنَاءٍ لَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي
ذَلِكَ كَانَ عُذْرًا إذْ فِي إبْقَاءِ الْعَقْدِ إتْلَافُ شَيْءٍ مِنْ
بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْكُنْ
الْوَجَعُ يَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ اهـ.
أَقُولُ: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كُلُّ فِعْلٍ هُوَ سَبَبُ نَقْصِ
الْمَالِ أَوْ تَلَفِهِ فَهُوَ عُذْرٌ لِفَسْخِهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ
لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبَهُ أَوْ لِيُقَصِّرَ أَوْ لِيَقْطَعَ أَوْ يَبْنِيَ
بِنَاءً أَوْ يَزْرَعَ أَرْضَهُ ثُمَّ نَدِمَ لَهُ فَسْخُهُ اهـ.
زَادَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْكَرْخِيِّ: أَوْ لِيُفْصِدَ أَوْ
لِيُحْجِمَ أَوْ يَقْلَعَ ضِرْسًا لَهُ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ لَا
يَفْعَلَ فَلَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِهْلَاكَ
مَالٍ أَوْ غُرْمًا أَوْ ضَرَرًا اهـ.
ثُمَّ رَأَيْتُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحَثَ كَمَا قُلْنَاهُ وَقَالَ: ثُمَّ
رَأَيْتُهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَّا مَسْأَلَةَ الْخُلْعِ لَكِنَّهُ يُفِيدُ
ذَلِكَ اهـ.
أَقُولُ: وَذَكَرَ شُرَّاحُ الْجَامِعِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلشَّافِعِيِّ -
رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا تَقُولُ فِيمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِقَلْعِ سِنٍّ أَوْ
اتِّخَاذِ وَلِيمَةٍ ثُمَّ زَالَ الْوَجَعُ وَمَاتَتْ الْعُرْسُ
فَحِينَئِذٍ يُضْطَرُّ إلَى الرُّجُوعِ عَنْ قَوْلِهِ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ
الْقَيْدَ ذُكِرَ لِزِيَادَةِ الْإِلْزَامِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ
فَتَنَبَّهْ
(قَوْلُهُ وَبِعُذْرِ لُزُومِ دَيْنٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ
وَالْكَثِيرَ كَمَا فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ،
وَإِذَا فُسِخَتْ يَبْدَأُ مِنْ الثَّمَنِ بِدَيْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا
فَضَلَ لِلْغُرَمَاءِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ لَا
تُفْسَخُ كَمَا فِي الزِّيَادَاتِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالدِّرْهَمُ دَيْنٌ قَادِحٌ تُفْسَخُ بِهِ
بِخِلَافِ الْأَقَلِّ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: أَرَادَ نَقْضَ
الْإِجَارَةَ وَبَيْعَ الدَّارِ لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ أَهْلِهِ
لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا لَهُ ذَلِكَ: وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ
لِلسَّرَخْسِيِّ: قِيلَ يَفْسَخُهَا الْقَاضِي ثُمَّ يَبِيعُ
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ ضِمْنَ الْقَضَاءِ بِنَفَاذِ الْبَيْعِ
أَبُو السُّعُودِ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَحَكَى فِي الْخُلَاصَةِ قَوْلَيْنِ
فِي فَسْخِهَا لِلنَّفَقَةِ: الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ، وَالثَّانِي
عَدَمُ الْفَسْخِ عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ. (قَوْلُهُ بِعِيَانٍ أَوْ بَيَانٍ
إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُغْنٍ عَنْ الْآخَرِ وَأَنَّ
الْمُرَادَ بِالْإِقْرَارِ
(6/81)
أَيْ غَيْرُ الْمُسْتَأْجَرِ؛ لِأَنَّهُ
يُحْبَسُ بِهِ فَيَتَضَرَّرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ
الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا أَشْبَاهٌ (وَ) بِعُذْرِ (إفْلَاسِ
مُسْتَأْجِرِ دُكَّانٍ لِيَتَّجِرَ وَ) بِعُذْرِ (إفْلَاسِ خَيَّاطٍ
يَعْمَلُ بِمَالِهِ) لَا بِإِبْرَتِهِ. (اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيَخِيطَ
فَتَرَكَ عَمَلَهُ وَ) بِعُذْرِ (بَدَاءِ مُكْتَرِي دَابَّةٍ مِنْ سَفَرٍ)
وَلَوْ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَلَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ إنْ اسْتَوَيَا
صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَإِلَّا فَبِقَدْرِهِ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ
وَخَانِيَّةٌ (بِخِلَافِ بَدَاءِ الْمُكَارِي) فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ
إذْ يُمْكِنُهُ إرْسَالُ أَجِيرِهِ.
وَفِي الْمُلْتَقَى: وَلَوْ مَرِضَ فَهُوَ عُذْرٌ فِي رِوَايَةِ
الْكَرْخِيِّ دُونَ رِوَايَةِ الْأَصْلِ، قُلْتُ: وَبِالْأُولَى يُفْتَى،
ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دُكَّانًا لِعَمَلِ الْخِيَاطَةِ
فَتَرَكَهُ لِعَمَلٍ آخَرَ فَعُذْرٌ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
الْإِقْرَارُ السَّابِقُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ
يَكُونَ حُجَّةً مُتَعَدِّيَةً مُنْلَا مِسْكِينٌ، وَفِي كَلَامِ
الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ
بِالْعِيَانِ مُشَاهَدَةُ النَّاسِ وَبِالْبَيَانِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ،
وَيُنَافِي الثَّانِي قَوْلُهُمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِلْإِمَامِ جَوَابًا
عَنْ قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ يَضُرُّ
الْمُسْتَأْجِرَ فَلَمْ يَجُزْ فِي حَقِّهِ، وَلِلْإِمَامِ أَنَّ
الْإِقْرَارَ يُلَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ
فَيَصِحُّ ثُمَّ يَتَعَدَّى اهـ تَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْتُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ صَرَّحَ
بِكَوْنِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَتَأَيَّدَ
مَا قُلْنَاهُ.
[فَرْعٌ] أَقَرَّ بِدَارِهٍ لِرَجُلٍ بَعْدَ مَا آجَرَهَا صَحَّ فِي حَقِّ
نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ يُقْضَى
لِلْمُقِرِّ لَهُ وَلْوَالْجِيَّةٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْبَسُ بِهِ)
بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَصْدُقُ عَلَى عَدْمِ مَالٍ آخَرَ ابْنُ
كَمَالٍ (قَوْلُهُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا) أَيْ قِيمَةَ الْعَيْنِ
الْمُسْتَأْجَرَةِ: أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي قِيمَتِهَا فَضْلٌ عَلَى
دَيْنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ وَبِهِ صَرَّحَ
فِي الزِّيَادَاتِ، فَقَوْلُ الْحَانُوتِيِّ: هَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ فِي
فَسْخِهَا وَهُوَ غَرِيبٌ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ أَفَادَهُ
أَبُو السُّعُودِ
1 -
(قَوْلُهُ وَبِعُذْرِ إفْلَاسِ مُسْتَأْجِرِ دُكَّانٍ) وَكَذَا إذَا كَسَدَ
سُوقُهَا حَتَّى لَا يُمْكِنُهُ التِّجَارَةُ هِنْدِيَّةٌ. وَفِي
الْمُنْيَةِ: لَا يَكُونُ الْكَسَادُ عُذْرًا اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ
عَلَى نَوْعِ كَسَادٍ سَائِحَانِيٌّ.
أَمَّا لَوْ أَرَادَ التَّحَوُّلَ إلَى حَانُوتٍ آخَرَ هُوَ أَوْسَعُ أَوْ
أَرْخَصُ وَيَعْمَلُ ذَلِكَ الْعَمَلَ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا، وَإِنْ
لِيَعْمَلَ عَمَلًا آخَرَ فَفِي الصُّغْرَى عُذْرٌ، وَفِي فَتَاوَى
الْأَصْلِ إنْ تَهَيَّأَ لَهُ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ الدُّكَّانِ فَلَا،
وَإِلَّا فَنَعَمْ تَتَارْخَانِيَّةٌ، فَالْإِفْلَاسُ غَيْرُ قَيْدٍ
وَسَيَأْتِي
1 -
(قَوْلُهُ لَا بِإِبْرَتِهِ) ؛ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِ حِينَئِذٍ إبْرَةٌ
وَمِقْرَاضٌ فَيَعْمَلُ بِالْأَجْرِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ
الْعُذْرُ إلَّا بِأَنْ تَظْهَرَ خِيَانَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ
فَيَمْنَعُونَهُ عَنْ تَسْلِيمِ الثِّيَابِ تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ
اسْتَأْجَرَ عَبْدًا إلَخْ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِخَيَّاطٍ
(قَوْلُهُ وَبِعُذْرِ بَدَاءِ مُكْتَرِي دَابَّةٍ) الْبَدَاءُ بِالْمَدِّ
وَفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ بَدَا لَهُ: أَيْ ظَهَرَ لَهُ رَأْيٌ غَيْرُ
الْأَوَّلِ مَنَعَهُ عَنْهُ مِنَحٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ فِي قَوْلِهِ
مِنْ سَفَرٍ بِمَعْنَى عَنْ أَوْ لِلْبَدَلِيَّةِ تَأَمَّلْ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَأْجِرُ إبِلًا فَهَذَا
عُذْرٌ اهـ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَأَرَادَ التَّحَوُّلَ
إلَيْهِ، وَالْفَرْقُ مَكَانُ إكْرَاءِ الدَّارِ لَا الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ
الرُّكُوبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ، بِخِلَافِ السُّكْنَى
بَزَّازِيَّةٌ. (قَوْلُهُ وَسُهُولَةً) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ط.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَدَاءِ الْمُكَارِي) أَيْ بِلَا سَبَبٍ ظَاهِرٍ
يَصْلُحُ عُذْرًا كَمَا إذَا وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُ بِأَكْثَرَ
وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ مَا لَوْ مَاتَ الْمُكَارِي فِي الطَّرِيقِ
(قَوْلُهُ قُلْتُ وَبِالْأُولَى يُفْتَى) نَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ عَنْ
الْقُهُسْتَانِيِّ، وَقَالَ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ:
أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ)
أَيْ فِي الْمُلْتَقَى. (قَوْلُهُ فَعُذْرٌ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي
الْبَزَّازِيَّةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ مَا قَدَّمْنَا آنِفًا
مِنْ التَّفْصِيلِ، وَسَيَنْقُلُهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ.
مَطْلَبٌ تَرْكُ الْعَمَلِ أَصْلًا عُذْرٌ
بَقِيَ شَيْءٌ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُمْ فَتَرَكَهُ لِعَمَلٍ آخَرَ مَعَ
هَذَا التَّفْصِيلِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ أَصْلًا كَانَ
عُذْرًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا
لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ تَرْكُ الزِّرَاعَةِ أَصْلًا كَانَ عُذْرًا
اهـ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْإِفْلَاسَ فِي مَسْأَلَةِ الدُّكَّانِ غَيْرُ
قَيْدٍ وَهَكَذَا حَرَّرَهُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَاسْتَشْهَدَ
لَهُ بِمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا سَنَةً
وَصَارَ بِحَالٍ
(6/82)
عَقَارًا ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ اهـ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: سَفَرُ مُسْتَأْجِرِ دَارٍ لِلسُّكْنَى عُذْرٌ
دُونَ سَفَرِ مُؤَجِّرِهَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ
لِلْمُسْتَأْجِرِ فَيَحْلِفُ بِأَنَّهُ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: تَحَوُّلُهُ عَنْ صَنْعَتِهِ إلَى غَيْرِهَا
عُذْرٌ وَإِنْ لَمْ يُفْلِسْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَعَاطَاهَا
فِيهِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ: لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ الذَّهَابُ مَعَهَا
وَلَا إرْسَالُ غُلَامٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِتَخْلِيَتِهَا (وَ)
بِخِلَافِ (تَرْكِ خِيَاطَةِ مُسْتَأْجِرِ) عَبْدٍ لِيَخِيطَ (لِيَعْمَلَ)
مُتَعَلِّقٌ بِتَرَكَ (فِي الصَّرْفِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ (وَ)
بِخِلَافِ (بَيْعِ مَا آجَرَهُ) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ بِدُونِ لُحُوقِ
دَيْنٍ كَمَا مَرَّ وَيُوقَفُ بَيْعُهُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا هُوَ
الْمُخْتَارُ، لَكِنْ لَوْ قَضَى بِجَوَازِهِ نَفَذَ وَتَمَامُهُ فِي
شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ. وَفِيهِ مُعَزِّيًا لِلْخَانِيَّةِ: لَوْ بَاعَ
الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَفْسَخَ
بَيْعَهُ لَا يَمْلِكُهُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ
الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُهُ.
(وَتَنْفَسِخُ) بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْفَسْخِ (بِمَوْتِ أَحَدِ
عَاقِدَيْنِ) عِنْدَنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
لَا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْغَلَّةِ قَدْرُ الْأُجْرَةِ وَأَرَادَ أَنْ
يَرُدَّ الْحَمَّامَ إنْ لَمْ يَعْمَلْ الْحَمَّامِيُّ فَلَهُ أَنْ
يَرُدَّهُ: أَيْ حِيلَتُهُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ إلَخْ فَرَاجِعْهُ
وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يَحْلِفُ كَمَسْأَلَةِ السَّفَرِ الْآتِيَةِ
تَأَمَّلْ.
[مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي
الْفَسْخِ فِي الْإِجَارَة] 1
مَطْلَبٌ إرَادَةُ السَّفَرِ أَوْ النُّقْلَةِ مِنْ الْمِصْرِ عُذْرٌ فِي
الْفَسْخِ
(قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ) وَكَذَا الِانْتِقَالُ مِنْ الْمِصْرِ
عُذْرٌ فِي نَقْضِ إجَارَةِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ
الِانْتِفَاعُ إلَّا بِحَبْسِ نَفْسِهِ وَهُوَ ضَرَرٌ جَامِعُ الْفَتَاوَى
وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ، ثُمَّ قَالَ رَامِزًا طِبْ،
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرَوِيَّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فِي
الشِّتَاءِ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ فِي الصَّيْفِ إلَى قَرْيَتِهِ أَوْ
الْمِصْرِيَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى الرُّسْتَاقِ صَيْفًا فَلَهُ نَقْضُ
الْإِجَارَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ
مَسِيرَةُ سَفَرٍ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِي قَرْيَةٍ وَهُوَ سَاكِنٌ
فِي أُخْرَى، إنْ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ فَعُذْرٌ وَإِلَّا فَلَا
اهـ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا) بِأَنْ قَالَ
الْمُسْتَأْجِرُ: أُرِيدُ السَّفَرَ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ: إنَّهُ
يَتَعَلَّلُ. (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ،
وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ، وَقِيلَ يَسْأَلُ
رُفْقَتَهُ، وَقِيلَ يَحْكُمُ زِيُّهُ وَثِيَابُهُ، وَقِيلَ الْقَوْلُ
لِمُنْكِرِ السَّفَرِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَلَوْ خَرَجَ إلَى السَّفَرِ بَعْدَ الْفَسْخِ ثُمَّ
رَجَعَ وَقَالَ: بَدَا لِي فِي ذَلِكَ وَقَالَ خَصْمُهُ: إنَّهُ كَاذِبٌ
يَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنَّكَ صَادِقٌ فِي خُرُوجِكَ بَعْدَ الْفَسْخِ
1 -
(قَوْلُهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ عَنْ
خُوَاهَرْ زَادَهْ.
ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ
يُرْسِلَ غُلَامًا يَتْبَعُ الدَّابَّةَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى
الْآجِرِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ
وُجِدَ فَيَجِبُ الْأَجْرُ اهـ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْأَوَّلِ كَمَا لَا
يَخْفَى، وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُهُ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي
الْأَشْبَاهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ تَرْكِ خِيَاطَةِ إلَخْ)
تَرْكِيبٌ رَكِيكُ الْمَعْنَى مَعَ تَتَابُعِ الْإِضَافَةِ وَلَوْ قَالَ
وَبِخِلَافِ خَيَّاطٍ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِيَاطَةِ فَتَرَكَهَا
لِيَعْمَلَ فِي الصَّرْفِ لَكَانَ أَوْضَحَ ط. (قَوْلُهُ لِيَخِيطَ)
مُتَعَلِّقٌ بِمُسْتَأْجِرٍ. (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ) إذْ
يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْقِدَ الْغُلَامَ لِلْخِيَاطَةِ فِي نَاحِيَةٍ
وَيَعْمَلَ فِي الصَّرْفِ فِي نَاحِيَةٍ مِنَحٌ. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ
بَيْعِ مَا آجَرَهُ) أَيْ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ فِي
الْبَزَّازِيَّةِ: فَلَوْ أَذِنَ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ ثُمَّ
الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعَ بِطَرِيقٍ لَيْسَ بِفَسْخٍ لَا تَعُودُ
الْإِجَارَةُ بِلَا إشْكَالٍ، وَإِنْ بِطَرِيقٍ هُوَ فَسْخٌ تَعُودُ،
وَبِهِ يُفْتَى اهـ وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِمَا فِي التتارخانية عَنْ
الْمُحِيطِ، اشْتَرَى شَيْئًا وَآجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ
عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ.
(قَوْلُهُ نَفَذَ) ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي يَجُوزُ
الْبَيْعُ بَزَّازِيَّةٌ قُلْتُ: هَذَا فِي غَيْرِ قُضَاةِ زَمَانِنَا
فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُهُ) قَالَ
الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ
مَوْقُوفٌ فَيُفْتَى بِأَنَّ بَيْعَ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَرْهُونِ
صَحِيحٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَلَا يَمْلِكَانِ فَسْخَهُ فِي
الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِكَوْنِهِ
مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا عِنْدَهُمَا يَمْلِكُ النَّقْضَ، وَعِنْدَ
أَبِي يُوسُفَ لَا يَمْلِكُ مَعَ عِلْمِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ اهـ
رَحْمَتِيٌّ
(قَوْلُهُ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْفَسْخِ) بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَلِذَا
عَبَّرَ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ تُفْسَخُ وَهُنَا بِقَوْلِهِ تَنْفَسِخُ
(6/83)
لَا بِجُنُونِهِ مُطْبِقًا (عَقَدَهَا
لِنَفْسِهِ) إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَوْتِهِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا
حَاكِمَ فِي الطَّرِيقِ فَتَبْقَى إلَى مَكَّةَ، فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى
الْقَاضِي لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ فَيُؤَجِّرَهَا لَهُ لَوْ أَمِينًا أَوْ
يَبِيعَهَا بِالْقِيمَةِ وَيَدْفَعَ لَهُ أُجْرَةَ الْإِيَابِ إنْ بِرَهْنٍ
عَلَى دَفْعِهَا وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ هُنَا بِلَا خَصْمٍ؛ لِأَنَّهُ
يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْ ثَمَنِ مَا فِي يَدِهِ أَشْبَاهٌ
وَفِي الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ أَرْضًا
شَهْرًا فَسَكَنَ شَهْرَيْنِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الثَّانِي: إنْ
مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ نَعَمْ، وَإِلَّا لَا، وَبِهِ يُفْتَى. قُلْتُ:
فَكَذَا الْوَقْفُ وَمَالُ الْيَتِيمِ، وَكَذَا لَوْ تَقَاضَاهُ الْمَالِكُ
وَطَالَبَهُ بِالْأَجْرِ فَسَكَتَ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ بِسُكْنَاهُ
بَعْدَهُ وَلَوْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ هَلْ
يَلْزَمُهُ أَجْرُ ذَلِكَ؟ قِيلَ: نَعَمْ لِمُضِيِّهِ عَلَى الْإِجَارَةِ
وَقِيلَ هُوَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ لَا بِجُنُونِهِ مُطْبَقًا) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى:
وَلَا بِرِدَّتِهِ إلَّا أَنْ يُلْحَقَ بِدَارِهِمْ وَيُقْضَى بِهِ، فَإِنْ
عَادَ مُسْلِمًا فِي الْمُدَّةِ عَادَتْ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي
الْبَاقَانِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةِ) قَالَ
فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، وَقَدْ تَقَرَّرَ اسْتِثْنَاءُ
الضَّرُورِيَّاتِ، فَمِنْ الظَّنِّ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَوْتِ
الْمَزَارِعِ أَوْ الْمُكَارِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا
يَنْفَسِخُ حَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَمَا
تُنْتَقَضُ بِالْأَعْذَارِ تَبْقَى بِالْأَعْذَارِ فَلْيُحْفَظْ، نَعَمْ
يُشْكِلُ بِمَوْتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ
يَنْفَسِخُ اهـ.
قُلْتُ: وَتَبْطُلُ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا
كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَبِمِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ الْعَيْنَ بِمِيرَاثٍ
أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا فِي التتارخانية. (قَوْلُهُ
كَمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ فَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ
لَزِمَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَلْوَالْجِيَّةٌ. (قَوْلُهُ فِي
طَرِيقِ مَكَّةَ وَلَا حَاكِمَ) قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: قَالُوا
هَذَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِ وَلَيْسَ
ثَمَّةَ قَاضٍ وَلَا سُلْطَانٌ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَيْهِ فَكَانَ
الْمُؤَثِّرُ فِي بَقَاءِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ اهـ،
وَذَكَرَ فِي التتارخانية أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا
فِي الطَّرِيقِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهَا لَا يَرْجِعُ
عَلَى وَرَثَةِ الْمُكَارِي (قَوْلُهُ فَيُؤَجِّرَهَا) أَيْ مِمَّنْ هِيَ
فِي يَدِهِ لِلْإِيَابِ. (قَوْلُهُ بِلَا خَصْمٍ) أَوْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي
وَصِيًّا عَنْهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ
يُرِيدُ إلَخْ) وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْخَصْمُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ
إذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ يَدِهِ
وَلْوَالْجِيَّةٌ
(قَوْلُهُ إنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ نَعَمْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي
كِتَابِ الْغَصْبِ: بِأَنْ بَنَاهُ لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ
قِيلَ أَوْ أَجَّرَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى الْوَلَاءِ وَبِمَوْتِ رَبِّ
الدَّارِ وَبَيْعِهِ يَبْطُلُ الْإِعْدَادُ، وَلَوْ بَنَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ
أَرَادَ أَنْ يُعِدَّهُ، فَإِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَيُخْبِرُ النَّاسَ
صَارَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ
بِالْعَقَارِ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -
1 -
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) لَكِنْ لَوْ دَفَعَ أُجْرَةَ مَا سَكَنَ لَا
يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي التتارخانية وَلَمْ
يُقَيِّدْهُ بِالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ. (قَوْلُهُ قُلْتُ فَكَذَا
الْوَقْفُ إلَخْ) هَذِهِ الْمُلْحَقَاتُ مُصَرَّحٌ بِهَا فِي شَرْحِ
الْوَهْبَانِيَّةِ ح (قَوْلُهُ وَطَالَبَهُ بِالْأَجْرِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ
عَلَى تَقَاضَاهُ: أَيْ طَلَبَ مِنْهُ أَجْرَ الشَّهْرِ الثَّانِي ح.
1 -
(قَوْلُهُ قِيلَ: نَعَمْ) فِي التتارخانية عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى:
عَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ مَضَى عَلَى الْإِجَارَةِ وَمَا غُصِبَ
خُصُوصًا فِي مَوَاضِعَ أُعِدَّتْ لِلْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ
كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) أَيْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا سَكَنَ شَهْرَيْنِ ح،
وَهَذَا الْقَوْلُ رَجَّحَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: سَكَنَ
الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ، قِيلَ يَجِبُ الْأَجْرُ
بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالْمُخْتَارُ
لِلْفَتْوَى جَوَابُ الْكِتَابِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَجْرِ قِيلَ طَلَبَهُ،
أَمَّا إذَا سَكَنَ بَعْدَ طَلَبِ الْأَجْرِ يَلْزَمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ
الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ فِي
ابْتِدَاءِ الطَّلَبِ.
وَفِي الْمُحِيطِ: وَالصَّحِيحُ لُزُومُ الْأَجْرِ إنْ مُعَدًّا بِكُلِّ
حَالٍ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي سُكْنَاهُ بَعْدَ
الْمَوْتِ كَمَا فِي سُكْنَاهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ
أَوْ تَقَاضَاهُ هُوَ أَوْ الْوَارِثُ يَلْزَمُ وَإِلَّا لَا، وَمِثْلُهُ
لَوْ تَقَاضَاهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا الْوَقْفُ؛
لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِيرَاثًا وَلَا تَفْسُدُ إجَارَتُهُ بِمَوْتِ
الْمُؤَجِّرِ
(6/84)
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَظْهَرَ
الِانْفِسَاخُ هُنَا مَا لَمْ يُطَالَبْ الْوَارِثُ بِالتَّفْرِيغِ أَوْ
بِالْتِزَامِ أَجْرٍ آخَرَ وَلَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ
فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسَمَّى أَوْ أَجْرُ
الْمِثْلِ؟ ظَاهِرُ الْقُنْيَةِ الثَّانِي، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ
الْوَهْبَانِيَّةِ. .
وَفِي الْمُنْيَةِ: مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالزَّرْعُ بَقْلٌ بَقِيَ الْعَقْدُ
بِالْمُسَمَّى حَتَّى يُدْرِكَ، وَبَعْدَ الْمُدَّةِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ رَضِيَ الْوَارِثُ وَهُوَ كَبِيرٌ
بِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ وَرَضِيَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ جَازَ اهـ أَيْ
فَيَجْعَلُ الرِّضَا بِالْبَقَاءِ إنْشَاءَ عَقْدٍ: أَيْ لِجَوَازِهَا
بِالتَّعَاطِي فَتَأَمَّلْهُ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ: الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُرْتَهِنُ
وَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِالْعَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ لَوْ
الْعَقْدُ صَحِيحًا، وَلَوْ فَاسِدًا فَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ
فَلْيُحْفَظْ.
(فَإِنْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ كَوَكِيلٍ) أَيْ
بِالْإِجَارَةِ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ إذَا مَاتَ
تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَوْكِيلٌ
بِشِرَاءِ الْمَنَافِعِ فَصَارَ كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْأَعْيَانِ
فَيَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَصِيرُ مُؤَجِّرًا
لِلْمُوَكِّلِ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّ الْمُوَكِّلَ
بِالِاسْتِئْجَارِ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ، كَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ
عَنْ الذَّخِيرَةِ.
قُلْتُ: وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْبَزَّازِيَّةِ
وَالْعِمَادِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ قُلْتُ: هَذَا يَسْتَقِيمُ
عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِعْدَادَ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَيُخَالِفُ مَا
قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ)
مَذْكُورٌ فِي الْخَانِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمِنَحِ مُصَدَّرًا
بِقَوْلِهِ وَقَالَ مَوْلَانَا إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِهِ قَاضِي خَانْ لَا
صَاحِبُ الْبَحْرِ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ فَافْهَمْ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا
يَظْهَرُ الِانْفِسَاخُ أَيْ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ
يَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ السَّابِقِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ
عَنْ الْمُنْيَةِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُطَالِبْ
الْوَارِثُ إلَخْ) أَيْ فَيَظْهَرُ حُكْمُ الِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّ
مُطَالَبَتَهُ بِالتَّفْرِيغِ دَلِيلُ عَدَمِ رِضَاهُ بِالْمُضِيِّ عَلَى
الْعَقْدِ السَّابِقِ وَبِإِنْشَاءِ عَقْدٍ لَاحِقٍ، وَمُطَالَبَتَهُ
بِالْتِزَامِ أَجْرٍ آخَرَ دَلِيلُ رِضَاهُ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ لَاحِقٍ
وَنَقْضِ حُكْمِ الْعَقْدِ السَّابِقِ، فَيَظْهَرُ حِينَئِذٍ حُكْمُ
الِانْفِسَاخِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ
السَّابِقِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ) لَا يَخْفَى
أَنَّ قَاعِدَةَ لَوْ الْوَصْلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ نَقِيضُ مَا بَعْدَهَا
أَوْلَى بِالْحُكْمِ نَحْوُ أُكْرِمُكَ وَلَوْ أَهَنْتَنِي وَهُنَا
كَذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ الِانْفِسَاخُ فِي الْمُعَدِّ
بِالْمُطَالَبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ الْإِعْدَادَ دَلِيلُ بَقَاءِ
الْإِجَارَةِ فَغَيْرُ الْمُعَدِّ أَوْلَى فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ
فَصْلٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَظْهَرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُ
إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ قَوْلِهِ، وَيَنْبَغِي الَّذِي
بَحَثَهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَمَّا ذَلِكَ الْبَحْثُ فَقَدْ عَلِمْتَ
أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي
الْعَقْدِ السَّابِقِ. وَأَمَّا بَعْدَهَا، فَإِنْ طَالَبَهُ
بِالتَّفْرِيغِ وَسَكَنَ بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ
لَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ دُونَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ
السَّابِقِ لِظُهُورِ انْفِسَاخِهِ، وَإِنْ طَالَبَهُ بِأَجْرٍ آخَرَ
وَسَكَنَ بَعْدَهُ يَنْبَغِي لُزُومُ ذَلِكَ الْأَجْرِ الَّذِي طَالَبَهُ
بِهِ كَمَا سَيَظْهَرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ عَنْ الْأَشْبَاهِ
(قَوْلُهُ وَفِي الْمُنْيَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ التَّفْرِقَةُ فِيمَا إذَا
لَمْ يُدْرَكْ الزَّرْعُ بَيْنَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي أَثْنَاءِ
الْمُدَّةِ وَبَيْنَ انْقِضَائِهَا، فَفِي الْأَوَّلِ يُتْرَكُ إلَى
الْحَصَادِ بِالْمُسَمَّى، وَفِي الثَّانِي بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَقَدْ
تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ مَتْنًا فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ
الْإِجَارَةِ، وَحَرَّرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الْعَقْدَ انْفَسَخَ بِالْمَوْتِ
حَقِيقَةً وَاعْتُبِرَ بَاقِيًا حُكْمًا لِلضَّرُورَةِ فَلِذَا وَجَبَ
الْمُسَمَّى، فَقَوْلُهُ هُنَا بَقِيَ الْعَقْدُ أَيْ حُكْمًا لَا
حَقِيقَةً فَتَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ أَيْ لِجَوَازِهَا بِالتَّعَاطِي) ؛
لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ لَفْظٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا،
وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ مُبْتَدَأٍ
اهـ.
أَمَّا لَوْ قَالَ: اُتْرُكْهَا فِي يَدِي بِالْأَجْرِ السَّابِقِ فَقَالَ
رَضِيتُ أَوْ نَعَمْ فَهُوَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ صَرِيحَانِ لَا يَحْتَاجُ
التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. وَفِي التتارخانية عَنْ الْمُلْتَقَطِ: اسْتَأْجَرَ
أَجِيرًا لِلْحِفْظِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ وَصِيُّهُ
لِلْأَجِيرِ: اعْمَلْ عَلَى مَا كُنْتَ تَعْمَلُ فَإِنَّا لَا نَحْبِسُ
عَنْكَ الْأَجْرَ ثُمَّ بَاعَ الْوَصِيُّ الضَّيْعَةَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي
لِلْأَجِيرِ كَذَلِكَ، فَمِقْدَارُ مَا عَمِلَ فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ
يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي تَرِكَتِهِ وَفِيمَا عَمِلَ لِلْوَصِيِّ
وَالْمُشْتَرِي أَجْرُ الْمِثْلِ. قَالَ الْفَقِيهُ: إذَا لَمْ يَعْلَمَا
مِقْدَارَ الْمَشْرُوطِ مِنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ عَلِمَاهُ فَالْمُسَمَّى
أَيْضًا، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ عَنْ الْأَشْبَاهِ
السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولٌ إلَخْ
1 -
(قَوْلُهُ وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ
قُبَيْلَ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ
أَحَقُّ
(6/85)
مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ
ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ. وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو
طَاهِرٍ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً، وَبِهِ جَزَمَ
فِي الْكَنْزِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ لَا يَسْتَقِيمُ،
وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ اهـ.
قُلْتُ: وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى مَا
ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَيْضًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ عِتْقِ
قَرِيبِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَالْمُوجِبُ
لِلْعِتْقِ وَالْفَسَادِ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ. ثُمَّ قَالَ:
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ
الْمُسْتَأْجِرِ وَالنَّقْلُ بِهِ مُسْتَفِيضٌ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَوَصِيٍّ) وَأَبٍ وَجَدٍّ وَقَاضٍ (وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ) لِبَقَاءِ
الْمُسْتَحَقِّ لَهُ وَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ مَاتَ
الْمَعْقُودُ لَهُ بَطَلَتْ دُرَرٌ، إلَّا إذَا كَانَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ
خَاصٍّ بِهِ وَجَمِيعُ غَلَّاتِهِ لَهُ كَمَا فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ
مُعَزِّيًا لِلْوَهْبَانِيَّةِ. قَالَ: وَإِطْلَاقُ الْمُتُونِ
بِخِلَافِهِ.
قُلْتُ: وَبِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ، فَكَانَ
هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي
حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ
أَرْبَعِ أَوْرَاقٍ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ مُؤَجِّرِ
الْوَقْفِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِيمَا إذَا آجَرَهَا الْوَاقِفُ ثُمَّ
ارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ لِبُطْلَانِ الْوَقْفِ بِرِدَّتِهِ، وَفِيمَا إذَا
آجَرَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
لَوْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَسَيَذْكُرُهُ أَيْضًا
فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ عَنْ جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ
وَالْبَزَّازِيَّةِ: بَيْنَ فَاسِدِ هَذِهِ الْعُقُودِ وَصَحِيحِهَا فَرْقٌ
مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ أَوْ
الْبَيْعُ بِدَيْنٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى
الْآجِرِ أَوْ الْبَائِعِ ثُمَّ فَسَخَا الْعَقْدَ وَكَانَ فَاسِدًا لَا
يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْحَبْسِ
لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا فِي سَائِرِ
الْغُرَمَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَالرَّهْنُ
الْفَاسِدُ كَالصَّحِيحِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ فَالْمُرْتَهِنُ
أَحَقُّ بِهِ لَكِنْ إذَا لَحِقَ الدَّيْنَ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ، أَمَّا
لَوْ سَبَقَ الدَّيْنُ ثُمَّ تَفَاسَخَا بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ أَحَقُّ
بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ اهـ مُلَخَّصًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ
الْمُرَادَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْفَرْقِ
بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَلَا يُخَالِفُ مَا
مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ عِتْقِ قَرِيبِ
الْوَكِيلِ) أَيْ لَوْ اشْتَرَاهُ، وَتَمَامُ عِبَارَةِ شَيْخِهِ
الرَّمْلِيِّ: وَعَدَمُ فَسَادِ نِكَاحِهَا لَوْ اشْتَرَاهَا. (قَوْلُهُ
وَالْفَسَادِ) أَيْ فَسَادِ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى
بِالْوَكَالَةِ امْرَأَتَهُ مِنْ سَيِّدِهَا. (قَوْلُهُ بِمَوْتِ
الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ الْوَكِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ ح. (قَوْلُهُ
وَالنَّقْلُ بِهِ مُسْتَفِيضٌ) قَالَ السَّائِحَانِيُّ: فَفِي الْبَدَائِعِ
أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ
طَرَفِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ.
قُلْتُ: وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ قَاضِي خَانْ. وَفِي
التتارخانية: كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذَا مَاتَ
تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ لَهُ
لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ عَاقِدًا يُرِيدُ الْوَكِيلَ
وَالْوَصِيَّ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ اهـ
(قَوْلُهُ لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ
وَالْمِنَحِ: لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحِقِّ اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ
الْأُجْرَةَ، وَبِالثَّانِي أَهْلُ الْوَقْفِ وَنَحْوُهُمْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قُلْتُ وَإِطْلَاقُ الْمُتُونِ بِخِلَافِهِ) ذَكَرَ هَذِهِ
الْعِبَارَةَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ بَدَلٌ
قُلْتُ وَضَمِيرُهُ لِصَاحِبِ الْأَشْبَاهِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ
الْبَرِّ: وَاَلَّذِي فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ
بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ فِي الْوَقْفِ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ سَوَاءٌ
الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَيِّمِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي، وَذَلِكَ
مُقْتَضَى تَعْلِيلَاتِهِمْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا كَانَ نَاظِرًا لَا
تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِجَمِيعِ الرِّيعِ إذْ لَا
مِلْكَ لَهُ فِي الرَّقَبَةِ وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي الْغَلَّةِ،
وَذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ ط. (قَوْلُهُ أَفْتَى قَارِئُ
الْهِدَايَةِ) حَيْثُ قَالَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ
الْمُؤَجِّرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ بِانْفِرَادِهِ. (قَوْلُهُ
إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَمَّا فِي
الْأُولَى فَلِأَنَّهُ بَطَلَ بِالرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي
التَّعْلِيلِ وَصَارَتْ مِيرَاثًا بِالْمَوْتِ فَتَأَمَّلْ، وَأَمَّا فِي
الثَّانِيَةِ فَلِمَا قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: إنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ
وَقْفٌ أُوجِرَ وَهَذَا مُؤَجِّرُ مِلْكٍ لَا وَقْفٍ. (قَوْلُهُ عَلَى
مُعَيَّنٍ) الَّذِي فِي مُعَايَاةِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا عَلَى
غَيْرِ
(6/86)
تَنْفَسِخُ. وَفِي وَقْفِ فَتَاوَى ابْنِ
نُجَيْمٍ سُئِلَ إذَا آجَرَ النَّاظِرُ ثُمَّ مَاتَ فَأَجَابَ لَا
تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْوَقْفِ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ
وَالْمُسْتَأْجِرِ كَذَا رَأَيْتُهُ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ لَكِنَّهُ
مُخَالِفٌ لِمَا فِي إجَارَةِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ فَتَنَبَّهْ.
وَفِيهَا أَيْضًا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ الْغَلَّةُ
لَهُ بِمُفْرَدِهِ فَتَنَبَّهْ. وَفِي الْفَيْضِ الْوَاقِفُ لَوْ آجَرَ
الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ، فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ؛
لِأَنَّهُ آجَرَ لِغَيْرِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي
السِّرَاجِيَّةِ: وَحُكْمُ عَزْلِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي كَالْمَوْتِ
فَلَا تَنْفَسِخُ
(وَ) تَنْفَسِخُ أَيْضًا (بِمَوْتِ أَحَدِ مُسْتَأْجِرَيْنِ أَوْ
مُؤَجِّرَيْنِ فِي حِصَّتِهِ) أَيْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ لَوْ عَقَدَهَا
لِنَفْسِهِ (فَقَطْ) وَبَقِيَتْ فِي حِصَّةِ الْحَيِّ.
[فَرْعٌ] فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ: تَخْلِيَةُ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ،
فَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَرْيَةً وَهُوَ بِالْمِصْرِ لَمْ يَصِحَّ
تَخْلِيَتُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَنْبَغِي لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَذْهَبَ
إلَى الْقَرْيَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ، فَيُخَلِّي بَيْنَهُ
وَبَيْنَهَا أَوْ يُرْسِلُ وَكِيلَهُ أَوْ رَسُولَهُ إحْيَاءً لِمَالِ
الْوَقْفِ فَلْيُحْفَظْ.
قُلْتُ: لَكِنْ نَقَلَ مُحَشِّيهَا ابْنُ الْمُصَنِّفِ فِي زَوَاهِرِ
الْجَوَاهِرِ عَنْ بُيُوعِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ مَتَى
مَضَى مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا
كَانَ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا فَتَنَبَّهْ اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
مُعَيَّنٍ.
(قَوْلُهُ تَنْفَسِخُ) ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ كَانَ لِنَفْسِهِ ح.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ إلَخْ) أَقُولُ: بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ
لِسَائِرِ الْمُتُونِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ بِأَنْ
يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي كَلَامِهِ
النَّاظِرَ وَأَنَّهُ قَصَدَ الْجَوَابَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى
إذَا آجَرَ النَّاظِرُ أَرْضَ الْوَقْفِ، وَالثَّانِيَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ
النَّاظِرُ أَرْضًا مِنْ شَخْصٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ يَسْتَغِلُّهَا
لِلْوَقْفِ ح. (قَوْلُهُ وَفِيهَا أَيْضًا) هَذَا أَيْضًا مِمَّا يَرُدُّ
عَلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ
مُتَوَلِّيَ وَقْفٍ خَاصٍّ وَجَمِيعُ غَلَّتِهِ لَهُ، فَالْأَوْلَى ذِكْرُ
ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنُ نُجَيْمٍ، وَأَشَارَ
بِقَوْلِهِ فَتَنَبَّهْ إلَى الرَّدِّ الْمَذْكُورِ ط.
(قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ فِي حِصَّةِ الْحَيِّ) وَلَا يَضُرُّهُ الشُّيُوعُ؛
لِأَنَّهُ طَارِئٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) كَوَكِيلِهِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي عِبَارَةِ
الْأَشْبَاهِ. (قَوْلُهُ إحْيَاءً لِمَالِ الْوَقْفِ) ؛ لِأَنَّهُ بِدُونِ
التَّسْلِيمِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ
التَّسْلِيمَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ
أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ
الِانْتِفَاعِ يَجِبُ الْأَجْرُ، أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا يَجِبُ
إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ ظَاهِرَ
الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ
بِالتَّمَكُّنِ، فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ
يَتَمَكَّنْ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَنْ بُيُوعِ فَتَاوَى قَارِئِ
الْهِدَايَةِ) وَنَصُّهَا: سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا
بِبَلْدَةٍ وَهُمَا بِبَلْدَةٍ أُخْرَى وَبَيْنَ الْبَلْدَتَيْنِ مَسَافَةُ
يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا، بَلْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَ
الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعِ التَّخْلِيَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِيَتَسَلَّمَ،
فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ التَّخْلِيَةُ كَالتَّسْلِيمِ.
أَجَابَ: إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِحَضْرَتِهِمَا وَقَالَ الْبَائِعُ:
سَلَّمْتُهَا لَكَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي تَسَلَّمْتُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ
قَبْضًا مَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ قَرِيبَةً مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ
الْمُشْتَرِي عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا وَالْإِغْلَاقِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ
قَابِضًا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ
الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ قَابِضًا اهـ.
[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ] 1
وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ تَخْلِيَةَ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ مُخَالِفٌ لِمَا
فِي الْمُحِيطِ كَمَا هُوَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَفِي ابْنِ الْهُمَامِ
قُبَيْلَ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَدْ أَطْنَبْنَا فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالدُّخُولِ فِيهَا) أَقُولُ: فَائِدَةُ ذِكْرِهِ حُصُولُ
التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، إذْ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ
الدُّخُولِ فِيهَا لِوُجُودِ غَاصِبٍ وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ
كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الدُّخُولَ نَفْسَهُ شَرْطٌ
فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
(6/87)
مَسَائِلُ شَتَّى (أَحْرَقَ حَصَائِدَ)
أَيْ بَقَايَا أُصُولِ قَصَبٍ مَحْصُودٍ (فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ
مُسْتَعَارَةٍ) وَمِثْلُهُ أَرْضُ بَيْتِ الْمَالِ الْمُعَدَّةِ لِحَطِّ
الْقَوَافِلِ وَالْأَحْمَالِ وَمَرْعَى الدَّوَابِّ وَطَرْحِ الْحَصَائِدِ
قُلْتُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ فِي
الْأَرْضِ يَضْمَنُ مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَانِهِ بِنَفْسِ الْوَضْعِ لَا
مَا نَقَلَتْهُ الرِّيحُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ شَيْخُنَا
(فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ
تَسَبُّبٌ لَا مُبَاشَرَةٌ (إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ) فَلَوْ
كَانَتْ مُضْطَرِبَةً ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ
فِي أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُبَاشِرًا
(وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ كَانَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِيهِ) أَيْ
فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (لَا يَضْمَنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]
مَسَائِلُ شَتَّى.
(قَوْلُهُ أَيْ بَقَايَا إلَخْ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ: قَالَ فِي الْمِنَحِ:
حَصَائِدُ جَمْعُ حَصِيدٍ وَحَصِيدَةٍ، وَهُمَا الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ،
وَالْمُرَادُ بِهَا هَهُنَا مَا يَبْقَى مِنْ أُصُولِ الْقَصَبِ
الْمَحْصُودِ فِي الْأَرْضِ اهـ أَيْ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ
بِإِحْرَاقِهِ. (قَوْلُهُ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُسْتَعَارَةٍ) قَالَ
مُنْلَا مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيهِمَا
دُونَ أَرْضِ مِلْكِهِ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ هُنَا فَعَدَمُ الضَّمَانِ
بِالْإِحْرَاقِ فِي أَرْضِهِ بِالْأَوْلَى اهـ. وَمُقْتَضَى هَذِهِ
الْعِبَارَةِ مَعَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فِي أَرْضِ
الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَان
تَعَدَّتْ إلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، فَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ:
أَوْقَدَ نَارًا فِي أَرْضٍ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ ضَمِنَ مَا
أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَان أُوقِدَتْ فِيهِ لَا مَا أَحْرَقَتْهُ فِي مَكَان
آخَرَ تَعَدَّتْ إلَيْهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالنَّارِ، فَإِنَّهُ
لَوْ أَسَالَ الْمَاءَ إلَى مِلْكِهِ فَسَالَ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ
وَأَتْلَفَ شَيْئًا ثَمَّةَ ضَمِنَ، بِخِلَافِ النَّارِ إذْ طَبْعُ
النَّارِ الْخُمُودُ، وَالتَّعَدِّي يَكُونُ بِفِعْلِ الرِّيحِ وَنَحْوِهِ
فَلَمْ يُضَفْ إلَى فِعْلِ الْمُوقِدِ فَلَمْ يَضْمَنْ وَمِنْ طَبْعِ
الْمَاءِ السَّيَلَانُ فَالْإِتْلَافُ يُضَافُ إلَى فِعْلِهِ اهـ
فَتَدَبَّرْ رَمْلِيٌّ.
أَقُولُ: لَكِنَّ هَذَا حَيْثُ زَالَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِمُزِيلٍ،
فَلَوْ زَالَتْ لَا بِمُزِيلٍ يَضْمَنُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْخَانِيَّةِ
وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ) قَالَهُ
شَيْخُهُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ) لَيْسَ حَاصِلًا
لِمَا نَحْنُ فِيهِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ
بِنَفْسِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَحْرَقَتْهُ. (قَوْلُهُ لَا مَا نَقَلَتْهُ
الرِّيحُ) أَيْ الَّتِي هَبَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا
سَيَأْتِي ح (قَوْلُهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَيْ مِنْ
التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: إنَّهُ
أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ
الْحَلْوَانِيُّ إذَا وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ أَوْ مَرَّ بِنَارٍ
فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ فِيهِ (قَوْلُهُ؛
لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ) وَشَرْطُ الضَّمَانِ فِيهِ التَّعَدِّي وَلَمْ
يُوجَدْ، فَصَارَ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَتَلِفَ بِهِ
إنْسَانٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَمَى سَهْمًا فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ
إنْسَانًا حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ
التَّعَدِّي زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ) أَيْ
بِأَنْ كَانَتْ سَاكِنَةً وَقْتَ الْوَضْعِ ح، وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ بِمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ
مِثْلُهَا وَنُقِلَ عَنْ غَيْرِهَا لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا.
ثُمَّ نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ: أَحْرَقَ شَوْكًا أَوْ
تِبْنًا فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ الرِّيحُ بِشَرَارَاتٍ إلَى أَرْضِ
جَارِهِ وَأَحْرَقَتْ زَرْعَهُ، إنْ كَانَ بِبُعْدٍ مِنْ أَرْضِ الْجَارِ
عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ الشَّرَرُ عَادَةً لَمْ يَضْمَنْ؛
لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ هَدَرٌ، وَلَوْ بِقُرْبٍ
مِنْ أَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ يَصِلُ إلَيْهِ الشَّرَرُ غَالِبًا ضَمِنَ إذْ
لَهُ الْإِيقَادُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ اهـ
وَمِثْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ: هَذَا كَمَا إذَا سَقَى أَرْضَ
نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ) أَيْ
اسْتِحْسَانًا طُورِيٌّ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ
إلَخْ) يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الرِّيحُ تَتَحَرَّكَ
خَفِيفًا بِحَيْثُ لَا يَتَعَدَّى الضَّرَرُ ثُمَّ
(6/88)
عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ
الْمَوْضُوعِ شَيْءٌ) سَوَاءٌ تَلِفَ بِهِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ أَوْ
بَعْدَ مَا زَالَ عَنْهُ (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاضِعِ
فِيهِ حَقُّ الْوَضْعِ) حَيْثُ يَضْمَنُ الْوَاضِعُ إذَا تَلِفَ بِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، وَكَذَا بَعْدَ مَا زَالَ، لَا بِمُزِيلٍ
كَوَضْعِ جَرَّةٍ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ آخَرَ أُخْرَى فَتَدَحْرَجَتَا
فَانْكَسَرَتَا ضَمِنَ كُلٌّ جَرَّةَ صَاحِبِهِ، وَإِنْ زَالَ بِمُزِيلٍ
كَرِيحٍ وَسَيْلٍ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي
هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ
فَاحْتَرَقَ بِذَلِكَ شَيْءٌ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِالْوَضْعِ (وَكَذَا)
يَضْمَنُ (فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ إلَّا
إذَا هَبَّتْ بِهِ) أَيْ بِالْوَضْعِ (الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ) لِنَسْخِهَا
فِعْلَهُ، وَكَذَا لَوْ دَحْرَجَ السَّيْلُ الْحَجَرَ (وَبِهِ يُفْتَى)
خَانِيَّةٌ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْحَدَّادُ الْحَدِيدَ مِنْ الْكِيرِ فِي
دُكَّانِهِ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِمِطْرَقَةٍ فَخَرَجَ الشَّرَارُ إلَى
الطَّرِيقِ وَأَحْرَقَ شَيْئًا ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْهُ
وَأَخْرَجَهُ الرِّيحُ لَا زَيْلَعِيٌّ
(سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا لَا تَحْتَمِلُهُ فَتَعَدَّى) الْمَاءُ (إلَى
أَرْضِ جَارِهِ) فَأَفْسَدَهَا (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لَا
مُتَسَبِّبٌ.
(أَقْعَدَ خَيَّاطٌ أَوْ صَبَّاغٌ فِي حَانُوتِهِ مَنْ يَطْرَحُ عَلَيْهِ
الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ) سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْعَمَلُ أَوْ اخْتَلَفَ
كَخَيَّاطٍ مَعَ قَصَّارٍ (صَحَّ) اسْتِحْسَانًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
زَادَتْ لَمْ يَضْمَنْ فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ
سَوَاءٌ تَلِفَ إلَخْ. (قَوْلُهُ ثُمَّ آخَرَ) أَيْ ثُمَّ وَضَعَ آخَرَ
فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ وَضَعَ، وَقَالَ ح هُوَ عَطْفٌ عَلَى
فَاعِلِ الْوَضْعِ الْمَحْذُوفِ: أَيْ كَوَضْعِ شَخْصٍ جَرَّةً فِي
الطَّرِيقِ ثُمَّ وَضَعَ آخَرُ أُخْرَى اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ ط. (قَوْلُهُ
فَتَدَحْرَجَتَا) فَلَوْ تَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى
وَانْكَسَرَتْ الْمُتَدَحْرِجَةُ ضَمِنَ صَاحِبُ الْوَاقِفَةِ وَكَذَا
دَابَّتَانِ أُوقِفَا، وَلَوْ عَطِبَتْ الْوَاقِفَةُ لَا ضَمَانَ
لِانْتِسَاخِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ سَائِحَانِيٌّ عَنْ قَاضِي خَانْ
(قَوْلُهُ وَكَذَا يَضْمَنُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إلَخْ) هَذَا لَمْ
يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ بَلْ اعْتَبَرَ حَقَّ الْوَضْعِ
وَعَدَمَهُ.
وَقَدْ يُثْبِتُ حَقَّ الْمُرُورِ وَلَا يُثْبِتُ حَقَّ الْوَضْعِ كَمَا
فِي الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا الَّذِي اعْتَبَرَ حَقَّ الْمُرُورِ وَعَدَمَهُ
صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى.
قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَفَصَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ فِيمَا لَوْ سَقَطَ
مِنْهُ جَمْرَةٌ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ بَيْنَ
أَنْ يَقَعَ مِنْهُ فَيَضْمَنَ وَبَيْنَ إنْ ذَهَبَتْ بِهَا الرِّيحُ فَلَا
يَضْمَنُ.
قَالَ وَهَذَا أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَغَالِبُ الْكُتُبِ عَلَى
مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ط. (قَوْلُهُ مِنْ الْكِيرِ) هُوَ بِالْكَسْرِ:
زِقٌّ يَنْفُخُ فِيهِ الْحَدَّادُ، وَأَمَّا الْمَبْنِيُّ مِنْ الطِّينِ
فَكُورٌ وَالْجَمْعُ أَكْيَارٌ وَكِيَرَةٌ كَعِنَبَةٍ وَكِيرَانٌ. قَامُوسٌ
فَالْمُنَاسِبُ الْكُورُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ ط،
لَكِنْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا»
فَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ تَأَمَّلْ، وَعَبَّرَ الأتقاني بِالْكُورِ.
(قَوْلُهُ وَأَحْرَقَ شَيْئًا ضَمِنَ) وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ
فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إتْقَانِيٌّ
(قَوْلُهُ لَا تَحْتَمِلُهُ) يَعْنِي لَا تَحْتَمِلُ بَقَاءَهُ بِأَنْ
كَانَتْ صُعُودًا وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَى
أَرْضَهُ نَفَذَ إلَى جَارِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي
أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ
بِالْأَحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ وَيَكُونُ هَذَا كَإِشْهَادٍ عَلَى
حَائِطٍ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
أَقُولُ: زَادَ فِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ
ضَمِنَ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَصِيرَ
مَانِعًا وَيُمْنَعُ عَنْ السَّقْيِ قَبْلَ وَضْعِ الْمُسَنَّاةِ. وَفِي
الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: لَا يُمْنَعُ عَنْ السَّقْيِ يَعْنِي بِالْفَصْلِ
الْأَوَّلِ صُورَةَ عَدَمِ التَّقَدُّمِ اهـ. وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ
حَصَلَ الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ ط بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا
يُتَصَوَّرَ انْتِفَاعُ رَبِّ الصَّاعِدَةِ اهـ فَافْهَمْ.
وَفِي شُرْبِ الْخُلَاصَةِ الْمَذْكُورِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ
إذَا سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ وَإِنْ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ
1 -
(قَوْلُهُ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الصَّنَائِعِ يَتَقَبَّلُ كُلٌّ
مِنْهُمَا الْعَمَلَ عَلَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ يَكُونُ أَصْلًا فِيهِ
بِنَفْسِهِ وَوَكِيلًا عَنْ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا
وَهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَا يُلْقِيهِ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَانُوتِ
مِنْ الْعَمَلِ يَعْمَلُهُ الصَّانِعُ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً
عَنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَيَكُونُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ
رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ
وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّهُ
(6/89)
لِأَنَّهُ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، فَهَذَا
بِوَجَاهَتِهِ يُقْبَلُ وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يُعْمَلُ (كَاسْتِئْجَارِ
جَمَلٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مَحْمَلًا وَرَاكِبَيْنِ إلَى مَكَّةَ وَلَهُ
الْمَحْمَلُ الْمُعْتَادُ وَرُؤْيَتُهُ أَحَبُّ) وَكَذَا إذَا لَمْ يَرَ
الطَّرَّاحَةَ وَاللِّحَافَ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ تَكَارَى إلَى مَكَّةَ إبِلًا مُسَمَّاةً
بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا جَازَ وَيَحْمِلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَمْلًا فِي
ذِمَّةِ الْمُكَارِي وَالْإِبِلُ آلَةٌ وَجَهَالَتُهَا لَا تُفْسِدُ.
قُلْتُ: فَمَا يَفْعَلُهُ الْحُجَّاجُ مِنْ الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ أَوْ
الرُّكُوبِ إلَى مَكَّةَ بِلَا تَعْيِينِ الْإِبِلِ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ
تَعَالَى أَعْلَمُ
(اسْتَأْجَرَ جَمَلًا لِحَمْلِ مِقْدَارٍ مِنْ الزَّادِ فَأَكَلَ مِنْهُ
رَدَّ عِوَضَهُ) مِنْ زَادٍ وَنَحْوِهِ (قَالَ لِغَاصِبِ دَارِهِ
فَرِّغْهَا وَإِلَّا فَأُجْرَتُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَمْ يُفَرِّغْ
وَجَبَ) عَلَى الْغَاصِبِ (الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا (إلَّا
إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ مِلْكَهُ وَإِنْ أَثْبَتَهُ بِبَيِّنَةٍ) ؛
لِأَنَّهُ إذَا أَنْكَرَهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِالْإِجَارَةِ (أَوْ
أَقَرَّ) عَطْفٌ عَلَى أَنْكَرَ (بِهِ) أَيْ يَمْلِكُهُ (وَلَكِنْ لَمْ
يَرْضَ بِالْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِعَدَمِ الرِّضَا، فِي
الْأَشْبَاهِ السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
اسْتِئْجَارٌ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ
كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ) فِيهِ
تَعْرِيضٌ بِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ جَعَلَهَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ.
وَرَدَّهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ أَنْ يَشْتَرِكَا
عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا وَلَيْسَ فِي هَذَا
بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ. وَأَجَابَ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ
بِهَا الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا بَلْ مَا وَقَعَ فِيهَا تَقَبُّلُ الْعَمَلِ
بِالْوَجَاهَةِ يُرْشِدُكَ إلَيْهِ قَوْلُهُ هَذَا بِوَجَاهَتِهِ يَقْبَلُ
وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يَعْمَلُ اهـ وَفِيهِ بُعْدٌ. (قَوْلُهُ
كَاسْتِئْجَارِ جَمَلٍ) التَّشْبِيهُ فِي كَوْنِ صِحَّةِ كُلٍّ عَلَى
خِلَافِ الْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ مَحْمِلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأَوَّلِ
وَكَسْرِ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ: الْهَوْدَجُ الْكَبِيرُ
الْحَجَّاجِيُّ إتْقَانِيٌّ عَنْ الْمُغْرِبِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ
الْمَحْمِلُ الْمُعْتَادُ) أَيْ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الرَّاكِبِينَ أَوْ
يَقُولُ عَلَى أَنْ أُرْكِبَ مَنْ أَشَاءُ. أَمَّا إذَا قَالَ:
اسْتَأْجَرْتُ عَلَى الرُّكُوبِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى
الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الْحِزَامِ وَالْقَتَبِ وَالسَّرْجِ وَالْبَرَّةِ
الَّتِي فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ وَاللِّجَامِ لِلْفَرَسِ وَالْبَرْذَعَةِ
لِلْحِمَارِ، فَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ فِي يَدِ الْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ
كَالدَّابَّةِ، وَعَلَى الْمُكْرِي إشَالَةُ الْمَحْمِلِ وَحَطُّهُ
وَسَوْقُ الدَّابَّةِ وَقَوْدِهَا وَأَنْ يُنْزِلَ الرَّاكِبِينَ
لِلطَّهَارَةِ وَصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَلَا يَجِبُ لِلْأَكْلِ وَصَلَاةِ
النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ فِعْلُهَا عَلَى الظَّهْرِ، وَعَلَيْهِ
أَنْ يُبَرِّكَ الْجَمَلَ لِلْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ وَالشَّيْخِ
الضَّعِيفِ. (قَوْلُهُ وَرُؤْيَتُهُ أَحَبُّ) نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ
وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ وَفِي
الْوَلْوَالِجيَّةِ) عِبَارَتُهَا: وَإِذَا تَكَارَى مِنْ الْكُوفَةِ إلَى
مَكَّةَ إبِلًا مُسَمَّاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا فَالْإِجَارَةُ
جَائِزَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ
حِينَئِذٍ مَجْهُولٌ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لَا بِعَيْنِهِ لَا
يَجُوزُ.
قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ الْكَافِي: لَيْسَ صُورَةُ
الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُكَارِيَ إبِلًا مُسَمَّاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا،
لَكِنْ صُورَتُهَا أَنَّ الْمُكَارِيَ يَقْبَلُ الْحُمُولَةَ، كَأَنْ قَالَ
الْمُسْتَكْرِي: احْمِلْنِي إلَى مَكَّةَ عَلَى الْإِبِلِ بِكَذَا فَقَالَ
الْمُكَارِي: قَبِلْتُ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَمْلًا فِي
ذِمَّةِ الْمُكَارِي وَإِنَّهُ مَعْلُومٌ وَالْإِبِلُ آلَةُ الْمُكَارِي
لِيَتَأَدَّى مَا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ، وَجَهَالَةُ الْآلَةِ لَا تُوجِبُ
إفْسَادَ الْإِجَارَةِ.
قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: عِنْدِي يَجُوزُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ
اهـ وَمُرَادُهُ بِالْكِتَابِ الْأَصْلُ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ
الْمَذْكُورُ أَوَّلًا، فَقَدْ نَقَلَهُ فِي التتارخانية عَنْهُ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَيُفْتَى بِالْجَوَازِ لِلْعُرْفِ، فَإِنْ لَمْ
يَصِرْ مُعْتَادًا لَا يَجُوزُ اهـ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَجْعَلُ
الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَخْ هُوَ تَفْسِيرُ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَقَدْ
عَلِمْتَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ إنْ تُعُورِفَ
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) قَالَ الأتقاني: وَكَذَا غَيْرُ الزَّادِ مِنْ
الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا انْتَقَصَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عِوَضَ ذَلِكَ
1 -
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَنْكَرَهُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى،
وَهَلْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؟ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ يَجِبُ
فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا أَنْكَرَ الْمِلْكَ فِي الْمُعَدِّ
لِلِاسْتِغْلَالِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا ظَاهِرًا سَائِحَانِيٌّ أَيْ
(6/90)
فَلَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ: اُسْكُنْ
بِكَذَا وَإِلَّا فَانْتَقِلْ أَوْ قَالَ الرَّاعِي: لَا أَرْضَى
بِالْمُسَمَّى، بَلْ بِكَذَا فَسَكَتَ لَزِمَ مَا سَمَّى.
بَقِيَ لَوْ سَكَتَ ثُمَّ لَمَّا طَالَبَهُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ كَلَامَكَ
هَلْ يُصَدَّقُ إنْ بِهِ صَمَمٌ؟ نَعَمْ وَإِلَّا لَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ
(لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُؤَجَّرَ) بَعْدَ قَبْضِهِ قِيلَ
وَقَبْلَهُ (مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ، وَأَمَّا مِنْ مُؤَجِّرِهِ فَلَا)
يَجُوزُ وَإِنْ تَخَلَّلَ ثَالِثٌ بِهِ يُفْتَى لِلُزُومِ تَمْلِيكِ
الْمَالِكِ، وَهَلْ تَبْطُلُ الْأُولَى بِالْإِجَارَةِ لِلْمَالِكِ؟
الصَّحِيحُ لَا وَهْبَانِيَّةٌ.
قُلْتُ: وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُضْمَرَاتِ:
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ مُعَزِّيًا
لِلْجَوْهَرَةِ الْأَصَحُّ نَعَمْ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ،
وَنَقَلَ هُنَا عَنْ الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ قَبَضَهُ مِنْهُ
بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِطَلَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
فَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ الْمُعَدَّ
لِلِاسْتِغْلَالِ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ. (قَوْلُهُ
فَلَوْ قَالَ إلَخْ) فِي التتارخانية اكْتَرَى دَارًا سَنَةً بِأَلْفٍ
فَلَمَّا انْقَضَتْ قَالَ: إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَهِيَ
عَلَيْكَ كُلُّ شَهْرٍ بِأَلْفٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُقِرٌّ لَهُ بِالدَّارِ
فَإِنَّا نَجْعَلُ فِي قَدْرِ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ
وَبَعْدَ ذَلِكَ بِمَا قَالَ الْمَالِكُ. (قَوْلُهُ بَقِيَ لَوْ سَكَتَ
إلَخْ) هَذِهِ حَادِثَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ 966 أَجَابَ عَنْهَا
الْمُصَنِّفُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ قُبَيْلَ بَابِ ضَمَانِ
الْأَجِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِالْحُكْمِ هَكَذَا فِي
كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ.
مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُؤَجِّرُ إلَخْ) أَيْ مَا
اسْتَأْجَرَهُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى أَوْ بِأَنْقَصَ، فَلَوْ
بِأَكْثَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا مَرَّ
أَوَّلَ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَقَبْلَهُ)
أَيْ فَالْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ كَالْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ،
فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ لَا
خِلَافَ فِي الْإِجَارَةِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، فَلَوْ
مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي التتارخانية (قَوْلُهُ
مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مُؤَجِّرُهُ مَالِكًا أَوْ
مُسْتَأْجِرًا مِنْ الْمَالِكِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي؛
لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِكِ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ.
وَوَقَعَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ
الثَّانِيَ إذَا آجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ، وَقَدْ
رَاجَعْتُ الْخُلَاصَةَ فَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَهَكَذَا
رَأَيْتُ فِي هَامِشِ الْمِنَحِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ
رَاجَعَ عِدَّةَ نُسَخٍ مِنْ الْخُلَاصَةِ فَلَمْ يَجِدْ ذَلِكَ
فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ ثَالِثٌ) أَيْ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ
مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ شَخْصٌ فَآجَرَ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ
بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ ابْنُ
الشِّحْنَةِ. (قَوْلُهُ لِلُزُومِ تَمْلِيكِ الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ
الْمُسْتَأْجِرَ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ
فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ مِنَحٌ.
وَفِي التتارخانية: اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالْإِيجَارِ مِنْ
الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا.
وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: كُنْتُ أُفْتِي بِهِ ثُمَّ رَجَعْتُ
وَأَفْتَى بِالْجَوَازِ.
أَقُولُ: يَظْهَرُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ
اسْتَأْجَرَ الْوَقْفَ مِمَّنْ آجَرَهُ لَهُ، وَقَدْ تَوَجَّهَ فِيهِ
بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَالَ لَمْ أَرَهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ الصَّحِيحُ لَا) بَلْ فِي التتارخانية عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ
أَنَّ الْقَوْلَ بِالِانْفِسَاخِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ
وَالْأَوَّلَ صَحِيحٌ أَيْ وَالْفَاسِدُ لَا يَرْفَعُ الصَّحِيحَ.
(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا) أَيْ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ) وَنَصُّهَا: وَتَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ فِي
النَّوَازِلِ أَنَّ الْآجِرَ قَبَضَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ
بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَ مِنْهُ بِدُونِ
الْإِجَارَةِ سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَذَا أَوْلَى:
قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ فَعَلَى
الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ الْأَجْرُ اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي انْفِسَاخِ الْأُولَى
وَعَدَمِهِ. وَسُقُوطُ الْأَجْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ الِانْفِسَاخَ كَمَا لَا
يَخْفَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي التتارخانية عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ
إنْ قَبَضَهَا رَبُّ الدَّارِ سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَا
دَامَتْ فِي يَدَيْهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّسْلِيمِ
اهـ فَقَدْ صَرَّحَ بِسُقُوطِ الْأَجْرِ وَبِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ
بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَلَوْ انْفَسَخَتْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ ذَلِكَ
(6/91)
وَإِلَّا لَا فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ
فَتَأَمَّلْ؛ وَهَلْ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ مَا دَامَ فِي يَدِ
الْمُؤَجِّرِ؟ خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ
[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ]
(وَكَّلَهُ بِاسْتِئْجَارِ عَقَارٍ فَفَعَلَ) الْوَكِيلُ (وَقَبَضَ وَلَمْ
يُسَلِّمْهَا) أَيْ لَمْ يُسَلِّمْ الْوَكِيلُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ
(إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُوَكِّلِ (حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ) فَالْأَجْرُ
عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَ (رَجَعَ الْوَكِيلُ
بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْآمِرِ) لِنِيَابَتِهِ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ فَصَارَ
قَابِضًا حُكْمًا (وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ شَرَطَ) الْوَكِيلُ (تَعْجِيلَ
الْأَجْرِ وَقَبْضَ) الدَّارَ (وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْ
الْآمِرُ) الدَّارَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا لِصَيْرُورَةِ
الْآمِرِ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ (وَإِنْ طَلَبَ)
الْآمِرُ الدَّارَ (وَأَبَى) الْوَكِيلُ (لِيُعَجِّلَ) الْأَجْرَ (لَا)
يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ بِحَقٍّ لَمْ تَبْقَ يَدُهُ
يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَضُرَّ الْمُوَكِّلَ قَابِضًا حُكْمًا فَلَا
يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ
(يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي الْأَجْرَ عَلَى كُتُبِ الْوَثَائِقِ)
وَالْمُحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ (قَدْرَ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ
كَالْمُفْتِي) فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى كِتَابَةِ
الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِاللِّسَانِ دُونَ
الْكِتَابَةِ بِالْبَنَانِ، وَمَعَ هَذَا الْكَفِّ أَوْلَى احْتِرَازًا
عَنْ الْقِيلِ وَالْقَالِ وَصِيَانَةً لِمَاءِ الْوَجْهِ عَنْ
الِابْتِذَالِ بَزَّازِيَّةٌ، وَتَمَامُهُ فِي قَضَاءِ الْوَهْبَانِيَّةِ
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: حَكَمَ وَطَلَبَ أُجْرَةً لِيَكْتُبَ شَهَادَتَهُ
جَازَ، وَكَذَا الْمُفْتِي لَوْ فِي الْبَلْدَةِ غَيْرُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ غَيْرُ
ظَاهِرٍ فَتَعَيَّنَ مَا قَالَهُ ح الَّذِي يَظْهَرُ مَا فِي
الْوَهْبَانِيَّةِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ وَلِتَصْحِيحِ قَاضِي خَانْ
وَالْمُضْمَرَاتِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ إلَخْ) أَقُولُ:
الَّذِي فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ
أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ. وَنَقَلَ فِي
الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ مُوَافَقَةَ الْبَلْخِيّ. وَذَكَرَ
فِي الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ
لَا يَكُونُ فَسْخًا، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
مَا دَامَ فِي يَدِ الْآجِرِ اهـ مُلَخَّصًا.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّوْفِيقِ مَحَلُّهُ هُنَا
عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا، بِأَنْ يُقَالَ: إنْ قَبَضَهُ مِنْ
الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا فَتَدَبَّرْ، وَقَدْ
أَفَادَتْ عِبَارَةُ الْمُنْتَقَى أَنَّ الْإِعَارَةَ حُكْمُهَا
كَالْإِجَارَةِ فِي الصَّحِيحِ. .
[فَرْعٌ]
فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ: إذَا تَقَابَلَ الْمُؤَجِّرُ الْأَوَّلُ
وَالْمُسْتَأْجِرُ مِنْهُ فَالتَّقَابُلُ صَحِيحٌ وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى
وَالثَّانِيَةُ اهـ
(قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ) سَوَاءٌ
مَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوْ لَا دُرَرٌ. وَنَقَلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ
الرُّجُوعَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. ثُمَّ قَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا
يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ بِالْحَبْسِ صَارَ
غَاصِبًا وَالْغَصْبُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ مُتَصَوَّرٌ اهـ وَمِثْلُهُ
فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ جَدِّ صَاحِبِ الْمُحِيطِ.
[فَرْعٌ]
وَهَبَ الْآجِرُ الْأَجْرَ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ أَبْرَأهُ صَحَّ،
وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ خُلَاصَةٌ.
مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي.
(قَوْلُهُ يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي الْأَجْرَ إلَخْ) قِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي
إذْ بِهِ إحْيَاءُ حَقِّهِ فَنَفْعُهُ لَهُ، وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ إذْ هُوَ يَأْخُذُ السِّجِلَّ، وَقِيلَ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ
الْكَاتِبَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَحَدٌ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي فَعَلَى
مَنْ يَأْخُذُ السِّجِلَّ، وَعَلَى هَذَا أُجْرَةُ الصَّكَّاكِ عَلَى مَنْ
يَأْخُذُ الصَّكَّ فِي عُرْفِنَا، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ جَامِعُ
الْفُصُولَيْنِ. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الزَّاهِدِيِّ: هَذَا إذَا لَمْ
يَكُنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قَدْرَ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ) قَالَ فِي جَامِعِ
الْفُصُولَيْنِ: لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ، وَمَا
قِيلَ فِي كُلِّ أَلْفٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لَا نَقُولُ بِهِ وَلَا يَلِيقُ
ذَلِكَ بِالْفِقْهِ، وَأَيُّ مَشَقَّةٍ لِلْكَاتِبِ فِي كَثْرَةِ
الثَّمَنِ؟ وَإِنَّمَا أَجْرُ مِثْلِهِ بِقَدْرِ مَشَقَّتِهِ أَوْ بِقَدْرِ
عَمَلِهِ فِي صَنْعَتِهِ أَيْضًا كَحَكَّاكٍ وَثَقَّابٍ يَسْتَأْجِرُ
بِأَجْرٍ كَثِيرٍ فِي مَشَقَّةٍ قَلِيلَةٍ اهـ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ:
أَفْهَمَ ذَلِكَ جَوَازَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ وَإِنْ كَانَ
الْعَمَلُ مَشَقَّتُهُ قَلِيلَةٌ وَنَظَرُهُمْ لِمَنْفَعَةِ الْمَكْتُوبِ
لَهُ اهـ.
قُلْتُ: وَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ عَنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، فَإِنَّ مَنْ
تَفَرَّغَ لِهَذَا الْعَمَلِ كَثَقَّابِ اللَّآلِئِ مَثَلًا لَا يَأْخُذُ
الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ مَشَقَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ بِمُؤْنَتِهِ،
وَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ ذَلِكَ لَزِمَ ضَيَاعُ هَذِهِ الصَّنْعَةِ فَكَانَ
ذَلِكَ أَجْرَ مِثْلِهِ
1 -
(قَوْلُهُ لِيَكْتُبَ شَهَادَتَهُ)
(6/92)
وَقِيلَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ
لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَيْهِ. وَفِيهَا: اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْتُبَ لَهُ
تَعْوِيذًا لِأَجْلِ السِّحْرِ جَازَ إنْ بَيَّنَ قَدْرَ الْكَاغِدِ
وَالْخَطِّ وَكَذَا الْمَكْتُوبُ
[مَطْلَبٌ فِي أُجْرَةِ صَكِّ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي]
(الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِيجَارِ وَالرَّهْنِ
وَالشِّرَاءِ) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ
الْعَيْنِ (بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي) وَالْمَوْهُوبِ لَهُ لِمِلْكِهِمَا
الْعَيْنَ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْآجِرِ مَعَ الْمُشْتَرِي
قَوْلَانِ.
(وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَفَسْخُهَا وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ
وَالْمُضَارَبَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْإِيصَاءُ
وَالْوَصِيَّةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَة) وَالطَّلَاقُ (وَالْعَتَاقُ
وَالْوَقْفُ) حَالَ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ (مُضَافًا) إلَى
الزَّمَانِ الْمُسْتَقِلِّ كَأَجَّرْتُكَ أَوْ فَاسَخْتُكَ رَأْسَ
الشَّهْرِ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ (لَا) يَصِحُّ مُضَافًا لِلِاسْتِقْبَالِ
كُلُّ مَا كَانَ تَمْلِيكًا لِلْحَالِ مِثْلُ (الْبَيْعِ وَإِجَازَتِهِ
وَفَسْخِهِ وَالْقِسْمَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ
وَالرَّجْعَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ وَإِبْرَاءِ الدَّيْنِ) وَقَدْ مَرَّ
فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ
(زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيدَ أَحَدٌ
فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى
الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى) بِهِ يُفْتَى (فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ
تَعْجِيلِ الْبَدَلِ فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبَدِّلِ حَتَّى
يَسْتَوْفِيَ مَالَهُ مِنْ الْمُبَدِّلِ) وَصَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ
فَاسِدًا لَوْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلْيُحْفَظْ
(اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ) لَا
الْمَشْغُولِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ حَرَّرَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ أَنَّ
الرَّاجِحَ صِحَّةُ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ
وَالتَّسْلِيمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا خَطُّهُ الَّذِي يُكْتَبُ عَلَى الْوَثِيقَةِ
وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الْقَاضِي لَا الشَّاهِدِ ط. (قَوْلُهُ وَقِيلَ
مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ غَيْرُهُ، وَهُوَ
ظَاهِرُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِلتَّعْلِيلِ
الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ السِّحْرِ) أَيْ لِأَجْلِ إبْطَالِهِ
وَإِلَّا فَالسِّحْرُ نَفْسُهُ مَعْصِيَةٌ بَلْ كُفْرٌ لَا يَصِحُّ
الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ بَيَّنَ قَدْرَ الْكَاغَدِ)
لِيَظْهَرَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُهُ مِنْ السُّطُورِ عَرْضًا وَالتَّفَاوُتُ
فِي الزِّيَادَةِ لِبَعْضِ الْكَلِمَاتِ مُغْتَفَرٌ، وَقَوْلُهُ وَالْخَطُّ
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدَدُ الْأَسْطُرِ ط. (قَوْلُهُ وَكَذَا
الْمَكْتُوبُ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَكْتُبَ كِتَابًا إلَى
حَبِيبِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْخَطِّ وَالْكَاغَدَ
مِنَحٌ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي) فَإِنَّهُ يَكُونُ خَصْمًا لِلْكُلِّ
مِنَحٌ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: مَا فِي
الصُّغْرَى مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ
يَعْنِي بِانْفِرَادِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْآخَرِ يُخَالِفُهُ
مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي: آجَرَ ثُمَّ بَاعَ
وَسَلَّمَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ
كَانَ الْآجِرُ غَائِبًا، لَكِنْ نُقِلَ بَعْدَهُ مَا يُوَافِقُ مَا فِي
الصُّغْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ
وَالْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ. (قَوْلُهُ كُلُّ مَا كَانَ
تَمْلِيكًا لِلْحَالِ) أَيْ أَمْكَنَ تَنْجِيزُهُ لِلْحَالِ فَلَا حَاجَةَ
لِإِضَافَتِهَا. بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ
وَمَا شَاكَلَهَا لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهَا لِلْحَالِ وَكَذَا
الْوَصِيَّةُ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ وَالْقَضَاءُ فَمِنْ بَابِ
الْوِلَايَةِ، وَالْكَفَالَةُ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ زَيْلَعِيٌّ
(قَوْلُهُ وَإِبْرَاءِ الدَّيْنِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْإِبْرَاءِ عَنْ
الْكَفَالَةِ فَيَصِحُّ مُضَافًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ
(قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) أَيْ بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا فَكَانَ
عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَهُ كَمَا فَعَلَ فِي السِّوَادَةِ قُبَيْلَ
بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ فَاسِدًا إلَخْ)
هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ قُبَيْلَ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ
مِنْ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَمُخَالِفٌ لِظَاهِرِ مَا
قَدَّمَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ وَقَدَّمْنَا
تَأْوِيلَهُ
(قَوْلُهُ اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا إلَخْ) تَقَدَّمَتْ أَوَّلَ
بَابِ مَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ حَرَّرَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ إلَخْ)
حَيْثُ قَالَ: يَنْبَغِي حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَاضِي خَانْ،
وَهُوَ لَوْ اسْتَأْجَرَ ضَيَاعًا بَعْضُهَا فَارِغٌ وَبَعْضُهَا
مَشْغُولٌ. قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ تَجُوزُ فِي الْفَارِغِ الْمَشْغُولِ
اهـ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ بَيْتًا مَشْغُولًا لَا يَجُوزُ
وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ وَالتَّسْلِيمِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا
فِي الْخَانِيَّةِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الضِّيَاعِ فَقَطْ
اهـ.
(6/93)
مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَلَهُ
الْفَسْخُ فَتَنَبَّهْ
(اسْتَأْجَرَ شَاةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ أَوْ جَدْيَةً لَمْ يَجُزْ)
لِعَدَمِ الْعُرْفِ (. الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا إذَا آجَرَ صَحِيحًا
جَازَتْ) لَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ فِي الْأَصَحِّ مُنْيَةٌ (وَقِيلَ لَا)
وَتَقَدَّمَ الْكُلُّ، وَالْكُلُّ فِي الْأَشْبَاهِ
[فُرُوعٌ] .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَاطَعَةَ إذَا وَقَعَتْ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ
صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي وَقَدَّمْنَاهُ فِي
الْجِهَادِ. صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ بِبَيَانِ الْأَجْرِ وَالْمُدَّةِ
اسْتَأْجَرَ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَانْتَفَعَ بِهِ
فِي الْمِصْرِ، فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا لَزِمَ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ
دَابَّةً لَا. سَاقَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا لَزِمَ الْأَجْرُ إلَّا
لِعُذْرٍ بِهَا
أَخْطَأَ الْكَاتِبُ فِي الْبَعْضِ، إنْ الْخَطَأُ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ
خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَى أَجْرَ مِثْلِهِ أَوْ تَرَكَهُ
عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ فِي الْبَعْضِ أَعْطَاهُ
بِحِسَابِهِ مِنْ الْمُسَمَّى. الصَّيْرَفِيُّ بِأَجْرٍ، إذَا ظَهَرَتْ
الزِّيَافَةُ فِي الْكُلِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَفِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ: كَانَتْ الدَّارُ
مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْآجِرِ بِالْأَرْضِ مَزْرُوعَةً، قِيلَ لَا
تَصِحُّ الْإِجَارَةُ، وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ، لَكِنْ لَا يَجِبُ
الْأَجْرُ مَا لَمْ تُسَلَّمْ فَارِغَةً أَوْ يَبِيعُ ذَلِكَ مِنْهُ،
وَلَوْ فَرَّغَ الدَّارَ وَسَلَّمَهَا لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ. (قَوْلُهُ مَا
لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ) كَمَا إذَا كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يُسْتَحْصَدْ.
(قَوْلُهُ فَلَهُ الْفَسْخُ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَهُوَ " يَكُنْ
"
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْعُرْفِ) وَلِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى إتْلَافِ
الْعَيْنِ، وَقَدْ مَرَّ فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ
الْفَاسِدَةِ. (قَوْلُهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَاسِدًا إلَخْ) تَقَدَّمَتْ
أَوَّلَ بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ الْكُلُّ)
أَيْ كُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ لَكَ مَوَاضِعَهَا.
(قَوْلُهُ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ) أَمَّا مَا يَفْعَلُونَهُ فِي هَذِهِ
الْأَزْمَانِ حَيْثُ يَضْمَنُهَا مَنْ لَهُ وِلَايَتُهَا لِرَجُلٍ بِمَالٍ
مَعْلُومٍ لِيَكُونَ لَهُ خَرَاجُ مُقَاسَمَتِهَا وَنَحْوُهُ فَهُوَ
بَاطِلٌ، إذْ لَا يَصِحُّ إجَارَةً لِوُقُوعِهِ عَلَى إتْلَافِ
الْأَعْيَانِ قَصْدًا وَلَا بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ كَمَا بَيَّنَهُ
فِي الْخَيْرِيَّةِ.
[مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُقْطَعِ وَانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ
وَإِخْرَاجُهُ لَهُ] 1
(قَوْلُهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ) سُئِلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ: هَلْ
لِلْجُنْدِيِّ أَنْ يُؤَجِّرَ مَا أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَرَاضِي
بَيْتِ الْمَالِ.
فَأَجَابَ: نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا أَثَرَ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الْإِمَامِ
لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا لَا أَثَرَ لِجَوَازِ مَوْتِ
الْمُؤَجِّرِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِذَا مَاتَ أَوْ
أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ اهـ مُلَخَّصًا.
أَقُولُ: وَقَدَّمْنَا الْبَحْثَ فِي مُدَّةِ إجَارَتِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ
أَوَّلَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ تَزِدْ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى
ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهَلْ تَنْفَسِخُ لَوْ فَرَّغَ الْمُؤَجَّرَ لِغَيْرِهِ
وَقَرَّرَ السُّلْطَانُ الْمَفْرُوغَ لَهُ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إخْرَاجَ
الْأَوَّلِ أَمْ لَا كَالْبَيْعِ؟ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ وَهِيَ
حَادِثَةُ الْفَتْوَى.
ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيَّ فِي كِتَابِهِ
الْفَتَاوَى النُّعْمِيَّةِ ذَكَرَ الِانْفِسَاخَ بِالْفَرَاغِ وَالْمَوْتِ
أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: مَنْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ لِغَيْرِهِ لَا
تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَوَكِيلٍ؛ لِأَنَّهُمْ آجَرُوا لِغَيْرِهِمْ أَوْ
اسْتَأْجَرُوا لِغَيْرِهِمْ قَالَ: وَهُنَا آجَرَ لِنَفْسِهِ وَرُبَّمَا
يَتَضَرَّرُ مَنْ سَيَصِيرُ لَهُ لَوْ لَمْ تُفْسَخْ اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ صَحَّ اسْتِئْجَارُ قَلَمٍ إلَخْ) فِي التتارخانية: اسْتَأْجَرَ
قَلَمًا لِيَكْتُبَ بِهِ، إنْ بَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا صَحَّتْ وَإِلَّا
فَلَا.
وَفِي النَّوَازِلِ: إذَا بَيَّنَ الْوَقْتَ وَالْكِتَابَةَ صَحَّتْ
(قَوْلُهُ لَزِمَ الْأَجْرُ) قَالَ الْفَقِيهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى
خَيْرٍ وَفِي الدَّابَّةِ إلَى شَرٍّ، وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي
الدَّابَّةِ إلَى ذِكْرِ الْمَكَانِ وَفِي الثَّوْبِ إلَى ذِكْرِ الْوَقْتِ
بَزَّازِيَّةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ بِهَا) أَيْ بِحَيْثُ
لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ
(قَوْلُهُ وَأَعْطَى أَجْرَ مِثْلِهِ) وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى
وَلْوَالْجِيَّةٌ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ
الْكَاغَدِ وَالْحِبْرِ (قَوْلُهُ أَعْطَاهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْمُسَمَّى)
هَذَا فِيمَا أَصَابَ بِهِ وَيُعْطِيهِ لِمَا أَخْطَأَ أَجْرَ مِثْلِهِ؛
لِأَنَّهُ وَافَقَ فِي الْبَعْضِ وَخَالَفَ فِي الْبَعْضِ
(6/94)
اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ، وَفِي الْبَعْضِ
بِحِسَابِهِ.
إنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ
إنْ مَشَى لِأَجْلِهِ مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَلَهُ كَذَا فَهُوَ
بَاطِلٌ وَلَا أَجْرَ لِمَنْ دَلَّهُ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْمَوْضِعَ
اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ حَوْضٍ عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ وَبَيَّنَ الْعُمْقَ
فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ لَهُ رُبْعُ الْأَجْرِ الْكُلُّ مِنْ
الْأَشْبَاهِ. وَفِيهَا: جَازَ اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ لِلْمُرُورِ إنْ
بَيَّنَ الْمُدَّةَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
ذَكَرَهُ فِي الوالوالجية (قَوْلُهُ اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ إلَخْ) ؛
لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ لِيُمَيِّزَ الزُّيُوفَ مِنْ
الْجِيَادِ.
[مَطْلَبٌ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِي
فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ] 1
ِ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا
مِنْ دَرَاهِمِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ
الْقَبْضَ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
[مَطْلَبٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا]
1
. (قَوْلُهُ إنْ دَلَّنِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ إنْ دَلَلْتَنِي.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة: رَجُلٌ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ
فَقَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ
ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ بِأَنْ قَالَ: مَنْ دَلَّنِي
فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ وَالْإِشَارَةَ لَيْسَتْ
بِعَمَلٍ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ
الْخُصُوصِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ: إنْ دَلَلْتَنِي عَلَى كَذَا
فَلَكَ كَذَا إنْ مَشَى لَهُ فَدَلَّهُ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَشْيِ
لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ
إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ،
وَإِنْ دَلَّهُ بِغَيْرِ مَشْيٍ فَهُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. قَالَ فِي
السِّيَرِ الْكَبِيرِ: قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى
مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ
بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَيَّنَ
الْمَوْضِعَ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ كَلَامِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ:
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ
إذْ لَا عَقْدَ إجَارَةٍ هُنَا، وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ
الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ بَيَّنَ الْمَوْضِعَ اهـ يَعْنِي
أَنَّهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ تَبْطُلُ إلَّا إذَا عَيَّنَ
الْمَوْضِعَ فَهِيَ مُخَصَّصَةٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السِّيَرِ؛ لِأَنَّ
قَوْلَ الْأَمِيرِ عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فِيهِ تَعْيِينُهُ، بِخِلَافِ مَنْ
ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا: أَيْ عَلَى تِلْكَ
الضَّالَّةِ فَلَا تَصِحُّ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَوْضِعِ إلَّا إذَا
عَرَّفَهُ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ بِعَيْنِهِ فَقَالَ: مَنْ دَلَّنِي
عَلَى دَابَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ،
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْمَوْضِعَ،
وَقَوْلِ الْأَشْبَاهِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَخْ،
وَحَاصِلُهُ الْبَحْثُ فِي كَلَامِ السِّيَرِ، فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ
عَامًا لَمْ يُوجَدْ قَابِلٌ يَقْبَلُ الْعَقْدَ فَانْتَفَى الْعَقْدُ.
أَقُولُ: حَيْثُ انْتَفَى الْعَقْدُ أَصْلًا كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ
يُقَالَ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الضَّالَّةِ.
وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ مِنْ
أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ هَذَا الشَّخْصُ وَالْعَقْدُ بِحُضُورِهِ وَقَبُولُهُ
خِطَابَ الْأَمِيرِ بِمَا ذُكِرَ، فَيَجِبُ الْمُسَمَّى لِتَحَقُّقِ
الْعَقْدِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ لِفِعْلٍ مَعْلُومٍ. وَأَمَّا
إذَا لَمْ يَكُنْ الْفِعْلُ مَعْلُومًا كَمَسْأَلَةِ الضَّالَّةِ فَلَا
يَجِبُ شَيْءٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ مُعَيَّنًا لِوُقُوعِ
الْعَقْدِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْيِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَوَجَبَ
أَجْرُ الْمِثْلِ فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ،
وَقَدْ خَفِيَ عَلَى بَعْضٍ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ فَوَقَعَ فِي
الِاشْتِبَاهِ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَتَعَيَّنْ
الشَّخْصُ بِحُضُورِهِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ صَاحِبِ الضَّالَّةِ
كَمَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ فَيَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَشْيِ وَإِنْ
لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَوْضِعُ كَمَا لَوْ خَاطَبَ مُعَيَّنًا
فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ) بِالنَّصْبِ تَمْيِيزٌ: أَيْ مُقَدَّرًا
عَشَرَةً طُولًا فِي عَشَرَةٍ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَبَيَّنَ الْعُمْقَ) أَيْ
الْمَوْضِعَ.
قَالَ فِي التتارخانية: لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْمَوْضِعَ وَطُولَ
الْبِئْرِ وَعُمْقَهُ وَدَوْرَهُ اهـ وَتَمَامُ تَفَارِيعِهِ فِيهَا مِنْ
الْفَصْلِ 25. (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ رُبْع الْأَجْرِ) ؛ لِأَنَّ
الْعَشَرَةَ فِي الْعَشَرَةِ مِائَةٌ وَالْخَمْسَةَ فِي الْخَمْسَةِ
خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ
(6/95)
قُلْتُ: وَفِي حَاشِيَتِهَا هَذَا
قَوْلُهُمَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ شَرْحُ مَجْمَعٍ وَفِي الِاخْتِيَارِ:
مَنْ دَلَّنَا عَلَى كَذَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَتَعَيَّنُ
بِدَلَالَتِهِ. وَفِي الْغَايَةِ: دَارِي لَكَ إجَارَةُ هِبَةً صَحَّتْ
غَيْرَ لَازِمَةٍ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ
فَلْيُحْفَظْ.
وَفِي لُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ تَصْحِيحَانِ أُرِيدُ عَدَمَ
لُزُومِهَا بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي الْمُجْتَبَى لَا تَجُوزُ
إجَارَةُ الْبِنَاءِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ تَجُوزُ لَوْ مُنْتَفِعًا بِهِ
كَجِدَارٍ وَسَقْفٍ وَبِهِ يُفْتَى وَمِنْهُ إجَارَةُ بِنَاءِ مَكَّةَ
وَكُرِهَ إجَارَةُ أَرْضِهَا وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ.
وَفِي الْكَلْبِ وَالْبَازِي قَوْلَانِ وَالْبِنَا ... كَأُمِّ الْقُرَى
أَوْ أَرْضِهَا لَيْسَ تُؤْجَرُ
وَلَوْ دَفَعَ الدَّلَّالُ ثَوْبًا لِتَاجِرٍ ... يُقَلِّبُهُ لَوْ رَاحَ
لَيْسَ يُخَسَّرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
فَكَانَ رُبْعَ الْعَمَلِ أَشْبَاهٌ. (قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُهُمَا وَهُوَ
الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ تَصِحُّ إجَارَةُ
الْمَشَاعِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ
الْفَاسِدَةِ. وَفِي الْبَدَائِعِ اسْتَأْجَرَ طَرِيقًا مِنْ دَارٍ
لِيَمُرَّ فِيهِ وَقْتًا مَعْلُومًا لَمْ يَجُزْ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ؛
لِأَنَّ الْبُقْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَكَانَ إجَارَةُ الْمَشَاعِ،
وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ
1 -
(قَوْلُهُ مَنْ دَلَّنَا إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ السِّيَرِ الْكَبِيرِ،
وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْمُسَمَّى لَتَعَيُّنِ
الْمَوْضِعِ وَالْقَابِلُ لِلْعَقْدِ بِالْحُضُورِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ
مَنْ عَامًّا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَتَعَيَّنُ أَيْ يَلْزَمُ
وَيَجِبُ (قَوْلُهُ إجَارَةً هِبَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ:
وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ هِبَةً إجَارَةٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ
إجَارَةٍ هِبَةً فَهِيَ إجَارَةٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ
فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيَّرُ أَوَّلَهُ وَأَوَّلُهُ يَحْتَمِلُ
التَّغْيِيرَ بِذِكْرِ الْعِوَضِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ
الْمَذْكُورَ أَوَّلًا مُعَاوَضَةٌ فَلَا تَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ إلَى
التَّبَرُّعِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا تَكُونُ
إعَارَةً وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ اهـ
مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ غَيْرَ لَازِمَةٍ إلَخْ) قَالَ الأتقاني: وَلَمْ
يَذْكُرْ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَازِمَةٌ أَوْ لَا وَحَكَى عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ حَامِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْخَصَّافِ وَاسْتَفَدْنَا
مِنْهُ فَوَائِدَ إحْدَاهَا هَذِهِ وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ فَلِكُلٍّ
الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، لَكِنْ إذَا سَكَنَ يَجِبُ
الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِاللَّفْظَيْنِ فَيُعْمَلُ
بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ اهـ
مُلَخَّصًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى.
وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ التَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ أَجْرِ
الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ
تَصْحِيحَانِ) عَبَّرَ بِاللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ
فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا مِنْ صِحَّتِهَا
بِالْإِجْمَاعِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى) لِمَا
فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ كَانَتْ مُضَافَةً إلَى الْغَدِ ثُمَّ بَاعَ مِنْ
غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْفَتْوَى عَلَى
أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَهُوَ
اخْتِيَارُ الْحَلْوَانِيِّ اهـ.
وَقَدَّمْنَا بَقِيَّةَ الْكَلَامِ أَوَّلَ الْكِتَابِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ
أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ جَانِبِ
الْمُؤَجِّرِ فَقَطْ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى
إطْلَاقِهِمْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي أَوَّلِ الْإِجَارَةِ
الْفَاسِدَةِ وَتَكَلَّمْنَا هُنَاكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ:
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ
بِالْبِنَاءِ وَحْدَهُ
1 -
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ إجَارَةُ أَرْضِهَا) هَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ:
وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ آجَرَ أَرْضَ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ
فَإِنَّ رَقَبَةَ الْأَرْضِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ قَالَ: وَمَفْهُومُهُ
يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إيجَارِ الْبِنَاءِ شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْبَيْتَ الْخَامِسَ
وَالشَّطْرَ الثَّانِيَ مِنْ الْبَيْتِ الرَّابِعِ مِنْ نَظْمِ ابْنِ
الشِّحْنَةِ وَلَيْسَ أَيْضًا مِنْ نَظْمِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ كَمَا قِيلَ
(قَوْلُهُ وَفِي الْكَلْبِ) أَيْ كَلْبِ الصَّيْدِ أَوْ الْحِرَاسَةِ
(قَوْلُهُ وَالْبَازِي) بِالتَّشْدِيدِ. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) يَعْنِي
رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا قَاضِي خَانْ: الْأُولَى لَا يَجِبُ الْأَجْرُ،
وَالثَّانِيَةُ إنْ بَيَّنَ وَقْتًا مَعْلُومًا يَجِبُ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَا يَجُوزُ فِي السِّنَّوْرِ لِأَخْذِ الْفَأْرِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ
الْمُسْتَأْجِرَ يُرْسِلُ الْكَلْبَ وَالْبَازِي فَيَذْهَبُ بِإِرْسَالِهِ
فَيَصِيدُ وَصَيْدُ السِّنَّوْرِ بِفِعْلِهِ. وَفِي اسْتِئْجَارِ الْقِرْدِ
لِكَنْسِ الْبَيْتِ خِلَافٌ، وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ كَأُمِّ
الْقُرَى) هِيَ مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ أَيْ فِي إيجَارِ بِنَائِهَا
قَوْلَانِ قَالَ النَّاظِمُ: وَإِنَّمَا نَصَّصْتُ عَلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ
يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَرْضُهَا) مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ،
وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ الِاسْتِئْنَافِيَّة تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَوْ
رَاحَ إلَخْ) أَيْ لَوْ ذَهَبَ التَّاجِرُ
(6/96)
وَمَنْ قَالَ قَصْدِي أَنْ أُسَافِرَ فَافْسَخَنْ ... فَحَلِّفْهُ أَوْ
فَاسْأَلْ رِفَاقًا لِيَذْكُرُوا
وَيُفْسَخُ مِنْ تَرْكِ التِّجَارَةِ مَا اكْتَرَى ... وَلَوْ كَانَ فِي
بَعْضِ الطَّرِيقِ وَمُؤْجَرُ
لَهُ فَسْخُهَا لَوْ مَاتَ مِنْهَا مُعَيَّنُ ... وَأَطْلَقَ يَعْقُوبُ
وَبِالضِّعْفِ يُذْكَرُ
وَإِيجَارُ ذِي ضَعْفٍ مِنْ الْكُلِّ جَائِزٌ ... وَلَوْ أَنَّ أَجْرَ
الْمِثْلِ مِنْ ذَاكَ أَكْثَرُ
وَمَنْ مَاتَ مَدْيُونًا وَأَجْرُ عَقَارَهُ ... تَوَفَّاهُ
لِلْمُسْتَأْجِرِ الْحَيْسُ أَجْدَرُ
كِتَابُ الْمُكَاتَبِ مُنَاسَبَتُهُ لِلْإِجَارَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ
مِنْهُمَا الرَّقَبَةُ لِشَخْصٍ وَالْمَنْفَعَةُ لِغَيْرِهِ. (الْكِتَابَةُ
لُغَةً مِنْ الْكَتْبِ) وَهُوَ جَمْعُ الْحُرُوفِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ
فِيهِ ضَمَّ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ. وَشَرْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
بِالثَّوْبِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ الدَّلَّالُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ
مَأْذُونٌ لَهُ فِي هَذَا الدَّفْعِ عَادَةً. قَالَ قَاضِي خَانْ وَعِنْدِي
إذَا فَارَقَهُ ضَمِنَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ
تَرَكَهُ عِنْدَ مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَالنَّظْمُ لَا إشْعَارَ لَهُ
بِاخْتِيَارٍ قَاضِي خَانْ شَرْحٌ. (قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ إلَخْ)
تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي بَابِ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ فَافْسَخَنْ) أَمْرٌ مِنْ الْفَسْخِ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ وَفِي
بَعْضِ النُّسَخِ فَامْتَحِنْ مِنْ الِامْتِحَانِ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلِ
بِتَحْكِيمِ الزِّيِّ وَالْهَيْئَةِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِقَوْلِهِ
فَحَلَّفَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ مِنْ تَرْكِ التِّجَارَةِ) أَيْ مِنْ
أَجْلِ تَرْكِهَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ مَا
اكْتَرَى) مَفْعُولُ يَفْسَخُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ
الْمُسْتَأْجِرُ يَعْنِي لَوْ سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَبَدَا لَهُ أَنْ
لَا يَذْهَبَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. (قَوْلُهُ
وَمُؤْجِرُ) مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ لَهُ فَسْخُهَا خَبَرٌ، وَالْمَعْنَى
لَوْ اسْتَأْجَرَ دَوَابَّ بِعَيْنِهَا وَتَسَلَّمَهَا فَمَاتَتْ
انْفَسَخَتْ لَا لَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَعَلَى الْآجِرِ أَنْ يَأْتِيَ
بِغَيْرِهَا وَعَنْ الثَّانِي ثُبُوتُ الْفَسْخِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ
وَبِالضَّعْفِ يُذْكَرُ) أَيْ ضَعْفِ الْمُؤَجِّرِ أَيْ وَلِلْمُؤَجِّرِ
فَسْخُهَا إذَا مَرَّ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ
الرِّوَايَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ يُذْكَرُ لَكِنْ قَدَّمَ
الشَّارِحُ أَنَّ بِهِ يُفْتِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ذِي ضَعْفٍ) أَيْ
مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْكُلِّ جَائِزٌ) أَيْ نَافِذٌ
مِنْ كُلِّ مَالِهِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ
بِالْمَنَافِعِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى
بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْوَرَثَةِ
وَالْغُرَمَاءِ. اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مِنْ ذَاكَ) أَيْ مِنْ الْأَجْرِ
الَّذِي أَجَّرَ بِهِ الْمَرِيضُ (قَوْلُهُ وَأَجْرُ عَقَارِهِ) مُبْتَدَأٌ
وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ تَوَفَّاهُ أَيْ تَعَجَّلَهُ
لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ (قَوْلُهُ أَجْدَرُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ
أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ لَا
يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى أَعْلَمُ. |