رد المحتار على الدر المختار

كِتَابُ الْفَرَائِضِ
هِيَ عِلْمٌ بِأُصُولٍ مِنْ فِقْهٍ وَحِسَابٍ تُعَرِّفُ حَقَّ كُلٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْحُقُوقُ هَاهُنَا خَمْسَةٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ لِأَنَّ الْحَقَّ إمَّا لِلْمَيِّتِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَلَا: الْأَوَّلُ التَّجْهِيزُ وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَهُوَ الدِّينُ الْمُطْلَقُ أَوْ لَا وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
نَصْبُ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَالْجُلُوسُ عَلَى الْيُسْرَى وَتَمَامُهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَلْدَةٍ بِهَا الطَّاعُونُ) الْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ أَوْ دَخَلَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ ط

(قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) هَذَا فِي غَيْرِ الْجِهَادِ الْمُتَعَيِّنِ، لِأَنَّ نَفْعَهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الْجِهَادِ حَيْثُ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ قَضَى الْمَدْيُونُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا، فَقَضَاهُ الْمَدْيُونُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ إلَخْ) صُورَتُهُ: اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَبَاعَهُ لِآخَرَ بِعِشْرِينَ إلَى أَجَلٍ هُوَ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، فَإِذَا قَضَاهُ بَعْدَ تَمَامِ خَمْسَةٍ أَوْ مَاتَ بَعْدَهَا يَأْخُذُ خَمْسَةً، وَيَتْرُكُ خَمْسَةً ط. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ وَبَاعَهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأَجَّلَ ذَلِكَ، فَيُحْسَبُ لَهُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ مَا مَضَى فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ إلَخْ) عَلَّلَهُ الْحَانُوتِيُّ بِالتَّبَاعُدِ عَنْ شُبْهَةِ الرِّبَا، لِأَنَّهَا فِي بَابِ الرِّبَا مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ وَوُجِّهَ أَنَّ الرِّبْحَ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ، لِأَنَّ الْأَجَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا، وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لَكِنْ اعْتَبَرُوهُ مَالًا فِي الْمُرَابَحَةِ إذَا ذُكِرَ الْأَجَلُ بِمُقَابَلَةِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ، فَلَوْ أَخَذَ كُلَّ الثَّمَنِ قَبْلَ الْحُلُولِ كَانَ أَخْذُهُ بِلَا عِوَضٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]
مُنَاسَبَتُهُ لِلْوَصِيَّةِ أَنَّهَا أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَلِوُقُوعِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَقِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَعْدَهُ وَلِذَا أُخِّرَ عَنْهَا، ثُمَّ الْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ: وَهِيَ مَا يُفْتَرَضُ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَفَرَائِضُ الْإِبِلِ مَا يُفْرَضُ كَبِنْتِ مَخَاضٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَقَدْ سُمِّيَ بِهَا كُلُّ مُقَدَّرٍ فَقِيلَ لِأَنْصِبَاءِ الْمَوَارِيثِ فَرَائِضُ، لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ لِأَصْحَابِهَا ثُمَّ قِيلَ لِلْعِلْمِ بِمَسَائِلِ الْمِيرَاثِ عِلْمُ الْفَرَائِضِ وَلِلْعَالِمِ بِهِ فَرْضِيٌّ وَفَارِضٌ وَفَرَّاضٌ مُعْرِبٌ (قَوْلُهُ هِيَ عِلْمٌ بِأُصُولٍ إلَخْ) أَيْ قَوَاعِدَ وَضَوَابِطَ تُعَرِّفُ أَيْ تِلْكَ الْأُصُولُ حَقَّ كُلٍّ أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ: أَيْ قَدْرَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْأُصُولِ الْمَوْصُوفَةِ بِمَا ذُكِرَ الْأُصُولُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَنْعِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالْحَجْبِ، بَلْ هِيَ الْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ إذْ بِدُونِهَا لَا تُعْرَفُ الْحُقُوقُ، وَلِذَا قَالُوا مَنْ لَا مَهَارَةَ لَهُ بِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ فَرِيضَةً، وَدَخَلَ فِيهَا مَعْرِفَةُ كَوْنِ الْوَارِثِ ذَا فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةً أَوْ ذَا رَحِمٍ، وَمَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْمِيرَاثِ وَالضَّرْبِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَافْهَمْ

(6/757)


وَالثَّالِثُ إمَّا اخْتِيَارِيٌّ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ أَوْ اضْطِرَارِيٌّ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَسُمِّيَ فَرَائِضَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَهُ بِنَفْسِهِ وَأَوْضَحَهُ وُضُوحَ النَّهَارِ بِشَمْسِهِ وَلِذَا سَمَّاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِصْفَ الْعِلْمِ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ لَا غَيْرُ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبِالنَّصِّ تَارَةً وَبِالْقِيَاسِ أُخْرَى وَقِيلَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ وَغَيْرُهُ بِالْحَيَاةِ أَوْ بِالضَّرُورِيِّ وَغَيْرُهُ بِالِاخْتِيَارِيِّ

وَهَلْ إرْثُ الْحَيِّ مِنْ الْحَيِّ أَمْ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَالْمُرَادُ بِالْفَرَائِضِ السِّهَامُ الْمُقَدَّرَةُ كَمَا مَرَّ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَصَبَاتُ، وَذُو الرَّحِمِ لِأَنَّ سِهَامَهُمْ مُقَدَّرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ بِتَقْدِيرٍ غَيْرِ صَرِيحٍ.
، وَمَوْضُوعُهُ: التَّرِكَاتُ، وَغَايَتُهُ: إيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَرْبَابِهَا، وَأَرْكَانُهُ: ثَلَاثَةٌ وَارِثٌ وَمُورَثٌ وَمَوْرُوثٌ. وَشُرُوطُهُ: ثَلَاثَةٌ: مَوْتٌ مُوَرِّثٍ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَمَفْقُودٍ، أَوْ تَقْدِيرًا كَجَنِينٍ فِيهِ غُرَّةٌ وَوُجُودُ وَارِثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ حَيًّا حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا كَالْحَمْلِ وَالْعِلْمِ بِجِهَةِ إرْثِهِ، وَأَسْبَابِهِ وَمَوَانِعِهِ سَيَأْتِي وَأُصُولُهُ: ثَلَاثَةٌ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي إرْثِ أُمِّ الْأُمِّ بِشَهَادَةِ الْمُغِيرَةِ وَابْنِ سَلَمَةَ، وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ فِي إرْثِ أُمِّ الْأَبِ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الدَّاخِلِ فِي عُمُومِ الْإِجْمَاعِ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ هُنَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ فِي أُمِّ الْأَبِ وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ وَاسْتِمْدَادَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ أَفَادَهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَهُ) الْأَوْلَى قَدَّرَهُ كَمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْفَرْضِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَمْ يُفَوِّضْ تَقْدِيرَهُ إلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّ النُّصُوصَ فِيهَا مُجْمَلَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97]- وَإِنَّمَا السُّنَّةُ بَيَّنَتْهَا زَيْلَعِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ لَا غَيْرُ) أَرَادَ بِالنَّصِّ مَا يَشْمَلُ الْإِجْمَاعَ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْمَوَارِيثِ لِأَنَّهُ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْمُقَدَّرَاتِ لِخَفَاءِ وَجْهِ الْحِكْمَةِ فِي التَّخْصِيصِ بِمِقْدَارٍ دُونَ آخَرَ ثُمَّ إنَّ هَذَا عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَوْ لِثُبُوتِهِ فَيَكُونُ عِلَّةً ثَانِيَةً لِتَسْمِيَتِهِ نِصْفَ الْعِلْمِ وَقِيلَ فِي وَجْهِ التَّسْمِيَةِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ، وَقِيلَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ فَتَصْدُقُ بِأَنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ، وَلَا نَبْحَثُ عَنْ وَجْهِهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَوْجُهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ يُرَادُ بِهِ أَحَدُ قِسْمَيْ الشَّيْءِ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَهُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا نِصْفٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ عَدَدُهُمَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَحْمَدَ «الطَّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» ، وَقَوْلُ الْعَرَبِ: نِصْفُ السَّنَةِ حَضَرٌ وَنِصْفُهَا سَفَرٌ أَيْ تَنْقَسِمُ زَمَانَيْنِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ عِدَّتُهُمَا، وَقَوْلُ شُرَيْحٍ وَقَدْ قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْت فَقَالَ: أَصْبَحْت وَنِصْفُ النَّاسِ عَلَيَّ غَضْبَانُ يُرِيدُ أَنَّهُمْ بَيْنَ مَحْكُومٍ لَهُ رَاضٍ وَمَحْكُومٌ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
إذَا مِتّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ ... وَآخَرُ رَاضٍ بِاَلَّذِي كُنْت أَصْنَعُ
وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ نِصْفُ الْوُضُوءِ: أَيْ أَنَّهُ نَوْعَانِ مُطَهِّرٌ لِبَعْضِ الْبَاطِنِ، وَمُطَهَّرٌ لِبَعْضِ الظَّاهِرِ، أَفَادَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ بِالنَّصِّ) أَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ أَوْ بِالضَّرُورِيِّ) أَيْ الْإِرْثِ وَالِاخْتِيَارِيِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ

(قَوْلُهُ وَهَلْ إرْثُ الْحَيِّ مِنْ الْحَيِّ إلَخْ) أَيْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي آخِرِ جَزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ زُفَرَ وَمَشَايِخِ الْعِرَاقِ، وَالثَّانِي قَوْلُ الصَّاحِبَيْنِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ مُوَرِّثِهِ، وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُ فَقَالَ لَهَا: إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْتِقُ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى الْمَوْتِ وَالْمِلْكُ ثَابِتٌ لَهُ قَبْلَهُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا تَعْتِقُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ بَعْدَهُ أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الْوَارِثُ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ مَوْلَاهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبِيرِيُّ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ.

(6/758)


الْمَيِّتِ؟ الْمُعْتَمَدُ: الثَّانِي شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ

(يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْخَالِيَةِ عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِعَيْنِهَا كَالرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي) وَالْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ وَالْمَبِيعِ الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ وَالدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَى التَّكْفِينِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَالِ قَبْلَ صَيْرُورَتِهِ تَرِكَةً (بِتَجْهِيزِهِ) يَعُمُّ التَّكْفِينُ (مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: وَبِهِ تَظْهَرُ فَائِدَةُ تَصْوِيرِهَا بِالزَّوْجِ وَإِلَّا فَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي) وَكَذَا ذَكَرَ الطَّرَابُلُسِيُّ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ أَنَّ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ الْخَالِيَةِ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِأَنَّ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْأَمْوَالِ صَافِيًا عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِعَيْنٍ مِنْ الْأَمْوَالِ كَمَا فِي شُرُوحِ السِّرَاجِيَّةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي التَّرِكَةِ الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ أَوْ بِالصُّلْحِ عَنْ الْعَمْدِ أَوْ بِانْقِلَابِ الْقِصَاصِ مَالًا بِعَفْوِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ، فَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُ الْمَيِّتِ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِعَيْنِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَلَّقَ (قَوْلُهُ كَالرَّهْنِ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ إذَا رَهَنَ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ فَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّجْهِيزِ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَهُ شَيْءٌ صُرِفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي) أَيْ فِي حَيَاةِ مَوْلَاهُ وَلَا مَالِ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَفْضُلَ بَعْدَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ.
[تَنْبِيهٌ] لَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْجَانِي هُوَ الْمَرْهُونَ قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَقْوَى لِثُبُوتِهِ عَلَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَمُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لَا فِي ذِمَّتِهِ ذَكَرَهُ يَعْقُوبْ بَاشَا فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ (قَوْلُهُ وَالْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ قَدَّمَ الْغُرَمَاءَ عَلَى التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ وَالْمَبِيعِ الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَمَاتَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ، فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالْعَبْدِ مِنْ تَجْهِيزِ الْمُشْتَرِي. قَالَ يَعْقُوبْ بَاشَا: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَمَاتَ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِرُجُوعِهِ لَا مُطْلَقًا، بَلْ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ كَمَا إذَا كَاتَبَهُ الْمُشْتَرَى أَوْ رَهَنَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ أَوْ جَنَى ذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ قَوِيٍّ، حَتَّى لَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ أَوْ فَكَّ الرَّهْنَ أَوْ فُدِيَ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْمَانِعِ اهـ وَنَقَلَ مِثْلَهُ ط عَنْ حَاشِيَةِ عَجَمْ زَادَهْ عَلَى شَرْحِ السَّيِّدِ ثُمَّ قَالَ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْبَائِعَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ عِنْدَنَا اهـ أَيْ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ إلَّا خِلَافَ الشَّافِعِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مَأْخُوذٌ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَالدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَى الْأُجْرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الْآجِرُ صَارَتْ الدَّارُ هُنَا بِالْأُجْرَةِ سَيِّدٌ قَالَ ط: زَادَ فِي رُوحِ الشُّرُوحِ عَلَى مَا ذُكِرَ الْعَبْدُ الَّذِي جُعِلَ مَهْرًا يَعْنِي إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تُقَدَّمُ عَلَى تَجْهِيزِ الزَّوْجِ، وَالْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْفَسْخِ: أَيْ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى مُقَدَّمٌ عَلَى تَجْهِيزِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذِهِ الْأَعْيَانِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يُقَدَّمُ فِي الْحَيَاةِ يُقَدَّمُ فِي الْوَفَاةِ دُرٌّ مُنْتَقًى، وَتَقْدِيمُهَا عَلَى التَّجْهِيزِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ، وَكَذَا شُرَّاحُ الْكَنْزِ وَالسِّرَاجِيَّةُ بَلْ حَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ السِّرَاجِيَّةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، فَمَا ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ وَأَنَّ الصَّحِيحَ تَقْدِيمُ التَّجْهِيزِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى مَنْظُورٌ فِيهِ، بَلْ تَعْلِيلُهُمْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَرِكَةٍ أَصْلًا اهـ أَيْ فَلَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ بِالتَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ بِتَجْهِيزِهِ) وَكَذَا تَجْهِيزُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، كَوَلَدٍ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَكَزَوْجَتِهِ، وَلَوْ غَنِيَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ دُرٌّ مُنْتَقًى.
(قَوْلُهُ يَعُمُّ التَّكْفِينُ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ السِّرَاجِيَّةِ: يَبْدَأُ بِتَكْفِينِهِ وَتَجْهِيزِهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ) التَّقْتِيرُ هُوَ التَّقْصِيرِ وَالتَّبْذِيرُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَشْهُورِ بِمَعْنَى الْإِسْرَافِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ الْإِسْرَافَ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا يَنْبَغِي زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالتَّبْذِيرُ

(6/759)


كَكَفَنِ السُّنَّةِ أَوْ قَدْرِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ هَلَكَ كَفَنُهُ فَلَوْ قَبْلَ تَفَسُّخِهِ كُفِّنَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَكُلُّهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ (ثُمَّ) تُقَدَّمُ (دُيُونُهُ الَّتِي لَهَا مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ) وَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ إنْ جُهِلَ سَبَبُهُ وَإِلَّا فَسِيَّانِ كَمَا بَسَطَهُ السَّيِّدُ، (وَأَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَوْصَى بِهِ وَجَبَ تَنْفِيذُهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَإِلَّا لَا ثُمَّ) تُقَدَّمُ (وَصِيَّتُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
صَرْفُهُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي صَرَّحَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ يَعْقُوبَ، وَعَلَيْهِ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْإِسْرَافِ بَدَلَ التَّبْذِيرِ مُوَافِقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67]- لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَشْهُورَ (قَوْلُهُ كَكَفَنِ السُّنَّةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَدْرِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ، وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: ثُمَّ الْإِسْرَافُ نَوْعَانِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ بِأَنْ يُزَادَ فِي الرَّجُلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، وَفِي الْمَرْأَةِ عَلَى خَمْسَةٍ وَمِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بِأَنْ يُكَفَّنَ فِيمَا قِيمَتُهُ تِسْعُونَ، وَقِيمَةُ مَا يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ سِتُّونَ مَثَلًا وَالتَّقْتِيرُ أَيْضًا نَوْعَانِ عَكْسُ الْإِسْرَافِ عَدَدًا وَقِيمَةً اهـ وَهَذَا إذَا لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ، فَلَوْ أَوْصَى تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ الْوَرَثَةُ بِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، فَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ لَا الْعَدَدُ، وَهَلْ لِلْغُرَمَاءِ الْمَنْعُ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ نَعَمْ دُرٌّ مُنْتَقًى: أَيْ فَيُكَفَّنُ بِكَفَنِ الْكِفَايَةِ وَهُوَ ثَوْبَانِ لِلرَّجُلِ وَثَلَاثَةٌ لِلْمَرْأَةِ ابْنُ كَمَالٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَدْرِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ) أَيْ مِنْ أَوْسَطِ ثِيَابِهِ، أَوْ مِنْ الَّذِي كَانَ يَتَزَيَّنُ بِهِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَالزِّيَارَاتِ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ هَلَكَ كَفَنُهُ إلَخْ) قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: وَإِذَا نُبِشَ قَبْرُ الْمَيِّتِ وَأُخِذَ كَفَنُهُ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَلَوْ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا مَا دَامَ طَرِيًّا وَلَا يُعَادُ غَسْلُهُ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَفَسَّخَ يُلَفُّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ مَالِهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ قَدْ قَبَضُوا التَّرِكَةَ، فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَسَمَ مَالَهُ، فَعَلَ كُلُّ وَارِثٍ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَأَصْحَابِ الْوَصَايَا لِأَنَّهُمْ أَجَانِبُ، وَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى قَبُولِ كَفَنِ مُتَبَرِّعٍ، لِأَنَّ فِيهِ لُحُوقَ الْعَارِ بِهِمْ إلَّا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، فَحِينَئِذٍ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ مَصْلَحَةً يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَخْتَارُوا الْقِيَامَ بِأَنْفُسِهِمْ فَحِينَئِذٍ هُمْ أَوْلَى بِهِ اهـ أَيْ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْكِبَارُ مِنْهُمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ) هُوَ مَا كَانَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْإِقْرَارِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ ط.
وَقَدْ يُرَجَّحُ بَعْضُهُ كَدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مُكَاتَبٍ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ يُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْمَوْلَى وَكَالدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَى نَصْرَانِيٍّ بِشَهَادَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الثَّابِتِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِ وَالدَّيْنُ الثَّابِتُ بِدَعْوَى الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ بِدَعْوَى كَافِرٍ إذَا كَانَ شُهُودُهُمَا كَافِرَيْنِ، أَوْ شُهُودُ الْكَافِرِ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ شُهُودُهُمَا مُسْلِمِينَ أَوْ شُهُودُ الْكَافِرِ فَقَطْ، فَهُمَا سَوَاءٌ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلرَّمْلِيِّ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ) هُوَ مَا كَانَ ثَابِتًا بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِيمَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ كَإِقْرَارِ مَنْ خَرَجَ لِلْمُبَارَزَةِ أَوْ أُخْرِجَ لِلْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ لِيُرْجَمَ ط عَنْ عَجَمْ زَادَهْ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ سَبَبُهُ) أَمَّا إذَا عُلِمَ بِأَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ عُلِمَ ثُبُوتُهُ بِطَرِيقِ الْمُعَايَنَةِ، كَمَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ مَلَكَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ كَانَ ذَلِكَ بِالْحَقِيقَةِ مِنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ إذْ قَدْ عُلِمَ وُجُوبُهُ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ، فَلِذَلِكَ سَاوَاهُ فِي الْحُكْمِ اهـ سَيِّدٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ وَذَلِكَ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهَا إلَّا إذَا أَوْصَى بِهَا؛ أَوْ تَبَرَّعُوا بِهَا هُمْ مِنْ عِنْدِهِمْ، لِأَنَّ الرُّكْنَ فِي الْعِبَادَاتِ نِيَّةُ الْمُكَلَّفِ وَفِعْلُهُ، وَقَدْ فَاتَ بِمَوْتِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الْوَاجِبِ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ، أَقُولُ: وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ تَبَرَّعُوا بِهَا لَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ عَنْهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُ وَلِأَنَّ فِعْلَهُمْ لَا يَقُومُ مَقَامَ فِعْلِهِ بِدُونِ إذْنِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي) أَيْ الْفَاضِلِ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَعَنْ دَيْنِ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ لَوْ اجْتَمَعَ مَعَ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى.
(قَوْلُهُ ثُمَّ تَقَدَّمَتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ

(6/760)


وَلَوْ مُطْلَقَةً عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ (مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ) بَعْدَ تَجْهِيزِهِ وَدُيُونِهِ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ فِي الْآيَةِ اهْتِمَامًا لِكَوْنِهَا مَظِنَّةَ التَّفْرِيطِ (ثُمَّ) رَابِعًا بَلْ خَامِسًا (يُقْسَمُ الْبَاقِي) بَعْدَ ذَلِكَ (بَيْنَ وَرَثَتِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
عَلَى الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: ثُمَّ هَذَا لَيْسَ بِتَقْدِيمٍ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي الْمَعْنَى، بَلْ هُوَ شَرِيكٌ لَهُمْ حَتَّى إذَا سُلِّمَ لَهُ شَيْءٌ سُلِّمَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُهُ أَوْ أَكْثَرُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ بِتَقْدِيمٍ فِي الْحَقِيقَةِ، بِخِلَافِ التَّجْهِيزِ وَالدَّيْنِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ وَالْمُوصَى لَهُ لَا يَأْخُذُونَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُمَا اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُطْبَقَةً عَلَى الصَّحِيحِ) كَذَا قَالَهُ السَّيِّدُ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً كَانَتْ مُقَدَّمَةً عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً كَأَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ رُبْعِهِ كَانَتْ فِي مَعْنَى الْمِيرَاثِ لِشُيُوعِهَا فِي التَّرِكَةِ فَيَكُونُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكًا لِلْوَرَثَةِ لَا مُقَدَّمًا عَلَيْهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَى شُيُوعِ حَقِّهِ فِيهَا كَحَقِّ الْوَارِثِ أَنَّهُ إذَا زَادَ الْمَالُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ زَادَ عَلَى الْحَقَّيْنِ، وَإِذَا نَقَصَ نَقَصَ عَنْهُمَا حَتَّى إذَا كَانَ مَالُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ مَثَلًا أَلْفًا، ثُمَّ صَارَ أَلْفَيْنِ فَلَهُ ثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ وَإِنْ انْعَكَسَ فَلَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ اهـ.
قَالَ الْأَكْمَلُ: وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَعَهُ فَإِنَّ التَّقْدِيمَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ بِجَعْلِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ مُتَعَلِّقًا بِالصُّورَةِ وَالْمَعْنَى إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَيَمْنَعُ تَعَلُّقَ حَقِّ الْوَارِثِ بِصُورَتِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ تَقْدِيمًا عَلَى الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَاكَ تَقْدِيمٌ اهـ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ) أَيْ مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَنَصُّهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِعَيْنٍ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَتَنْفُذُ وَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ، فَالْمُوصَى لَهُ شَرِيكٌ لِلْوَرَثَةِ يَزْدَادُ نَصِيبُهُ بِزِيَادَةِ التَّرِكَةِ، وَيَنْقُصُ بِنَقْصِهَا بِحَسَبِ الْمَالِ وَيَخْرُجُ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ كَمَا يَخْرُجُ نَصِيبُ الْوَارِثِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى قِسْمَةِ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لِمَا تَلَوْنَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الْوَصِيَّةِ بِعَيْنٍ كَالدَّارِ وَالثَّوْبِ مَثَلًا بِمَعْنَى أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِيهَا، فَتُفْرَزُ وَحْدَهَا، وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَا سِوَاهَا، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ فَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا شَائِعَةٌ فِي التَّرِكَةِ تَزْدَادُ بِزِيَادَتِهَا وَبِالْعَكْسِ. قَالَ: لَا تَقْدِيمَ فِيهَا بَلْ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكٌ لِلْوَرَثَةِ دَائِمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْأَخْذِ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ التَّرِكَةَ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ وَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ قَالَ: إنَّهَا مُقَدَّمَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفْرِزْ نَصِيبَهُ أَوَّلًا بَلْ اُعْتُبِرَ شَرِيكًا مَعَ الْوَرَثَةِ لَزِمَ أَنْ يَقْسِمَ لَهُ مَعَهُمْ كَأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَهُ ثُلُثُ التَّرِكَةِ مَثَلًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْخَلَلُ مَثَلًا لَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، وَأَوْصَتْ بِالثُّلُثِ لِزَيْدٍ فَيَخْرُجُ الثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ أَوَّلًا فَيَأْخُذُ زَيْدٌ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِيَ مِنْ سَبْعَةٍ، لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلشَّقِيقَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تُقْسَمَ التَّرِكَةُ مِنْ تِسْعَةٍ، فَيَأْخُذَ الْمُوصَى لَهُ اثْنَيْنِ، وَالزَّوْجُ ثَلَاثَةً وَالشَّقِيقَتَانِ أَرْبَعَةً، فَيَنْقُصَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ وَأَنْتَ إذَا حَقَّقْت النَّظَرَ يَظْهَرُ لَك أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْقَوْلَيْنِ يُسَلِّمُ مَا قَالَهُ الْآخَرُ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّ إخْرَاجَ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا هَلْ يُسَمَّى تَقْدِيمًا أَمْ لَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ السَّابِقُ وَكَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهُ تَابَعَ شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي الْقَوْلِ بِالْمُشَارَكَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ يُقَدَّمُ عَلَى قِسْمَةِ التَّرِكَةِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْمُشَارَكَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْقِيقَ الَّذِي هُوَ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
(قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى - {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]- (قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا مَظِنَّةَ التَّفْرِيطِ) لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ بِلَا عِوَضٍ فَتَشُقُّ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَلَا تَطِيبُ نُفُوسُهُمْ بِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ أَوْ لِكَوْنِهَا بِرًّا وَطَاعَةً، وَالدَّيْنُ مَذْمُومٌ غَالِبًا وَلِذَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ لِأَنَّ حُكْمَهَا كَانَ مَجْهُولًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَتَمَامُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ عَنْ الزَّمَخْشَرِيّ (قَوْلُهُ بَلْ خَامِسًا) بِاعْتِبَارِ الْبُدَاءَةِ قَبْلَ التَّجْهِيزِ بِعَيْنٍ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ، وَالْمُرَادُ بَيَانُ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ فَهِيَ حِينَئِذٍ أَرْبَعَةٌ (قَوْلُهُ يُقْسَمُ الْبَاقِي) لَمْ يَقُلْ يُقَدَّمُ كَمَا قَالَ

(6/761)


أَيْ الَّذِينَ ثَبَتَ إرْثُهُمْ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَطْعِمُوا الْجَدَّاتِ بِالسُّدُسِ» أَوْ الْإِجْمَاعِ فَجَعَلَ الْجَدَّ كَالْأَبِ وَابْنَ الِابْنِ كَالِابْنِ

(وَيُسْتَحَقُّ الْإِرْثُ) وَلَوْ لِمُصْحَفٍ بِهِ يُفْتَى وَقِيلَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْقَارِئِ مِنْ وَلَدَيْهِ صَيْرَفِيَّةٌ بِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ (بِرَحِمٍ وَنِكَاحٍ) صَحِيحٍ فَلَا تَوَارُثَ بِفَاسِدٍ وَلَا بَاطِلٍ إجْمَاعًا (وَوَلَاءٍ)

وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ مُرَتَّبَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَبْدَأُ بِذَوِي الْفُرُوضِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
فِي سَابِقِهِ لِأَنَّهُ آخِرُ الْحُقُوقِ فَلَمْ يَبْقَ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ الَّذِينَ ثَبَتَ إرْثُهُمْ بِالْكِتَابِ) أَيْ الْقُرْآنِ وَهُمْ الْأَبَوَانِ وَالزَّوْجَانِ وَالْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ (قَوْلُهُ أَوْ السُّنَّةِ) أَوْ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ فَتَصْدُقُ بِاجْتِمَاعِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا كَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ وَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ أَوْ قَوْلًا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ أَفَادَهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ (قَوْلُهُ أَوْ الْإِجْمَاعِ) أَيْ اتِّفَاقِ رَأْيِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَصْرٍ مَا عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: قَوْلُ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ كَإِطْلَاقِ الْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ، لِيَشْمَلَ مَنْ اخْتَلَفَ فِي وِرَاثَتِهِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِينَ وَلِأَنَّ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي وِرَاثَتِهِ دَلِيلُهُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ فَجُعِلَ الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَخْ) وَكَجَعْلِ الْجَدَّةِ كَالْأُمِّ وَبِنْتِ الِابْنِ كَالْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ وَالْأَخِ لِأَبٍ كَالشَّقِيقِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ كَالشَّقِيقَةِ سَكْبُ الْأَنْهُرِ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَقُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَوْ لِلْمَعْلُومِ، وَضَمِيرُهُ لِلْوَارِثِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا عِلَّةٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضُهَا فَلَا يُنَافِي حُصُولَ الِاسْتِحْقَاقِ بِاثْنَيْنِ مِنْهَا كَزَوْجَةٍ هِيَ بِنْتُ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقَةٌ فَيَرِثُ مِنْهَا الزَّوْجُ النِّصْفَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ أَوْ الْوَلَاءِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ وَلَا خَلْوَةٍ إجْمَاعًا دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ فَلَا تَوَارُثَ بِفَاسِدٍ) هُوَ مَا فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَشُهُودٍ، وَلَا بَاطِلٍ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُؤَقَّتِ وَإِنْ جُهِلَتْ الْمُدَّةُ، أَوْ طَالَتْ فِي الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَوَلَاءٍ) أَيْ بِنَوْعَيْهِ عَتَاقٍ وَمُوَالَاةٍ

(قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ) جَمَعَهَا الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ الشِّحْنَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي مَنْظُومَتِهِ الْفَرْضِيَّةِ الَّتِي شَرَحَهَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْفَقِيهُ إبْرَاهِيمُ السَّائِحَانِيِّ فَقَالَ:
يُعْطَى ذَوُو الْفُرُوضِ ثُمَّ الْعَصَبَهْ ... ثُمَّ الَّذِي جَادَ بِعِتْقِ الرَّقَبَهْ
ثُمَّ الَّذِي يَعْصِبُهُ كَالْجَدِّ ... ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ بَعْدَ الرَّدِّ
ثُمَّ مُحَمَّلٌ وَرَا مَوَالٍ ... ثُمَّ مُزَادٌ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ
وَأَرَادَ بِالْمَحْمَلِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِنَسَبٍ مَحْمَلٍ عَلَى الْغَيْرِ وَبِالْمُزَادِ الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَقُولُ: وَحَيْثُ ذَكَرَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ عَصَبَةِ الْمُوَالِي أَيْ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَيْضًا، فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ بَعْدَهُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فَالْأَصْنَافُ أَحَدَ عَشَرَ.
[تَنْبِيهٌ] قَيَّدَ بِالتَّرِكَةِ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ الْمَالِيَّةِ، أَمَّا الْحُقُوقُ فَمِنْهَا مَا يُورَثُ كَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَحَبْسِ الرَّهْنِ، وَمِنْهَا مَا لَا يُورَثُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالنِّكَاحِ: أَيْ حَقِّ التَّزْوِيجِ كَمَا لَوْ مَاتَ الشَّقِيقُ عَنْ ابْنٍ وَثَمَّ أَخٌ لِأَبٍ فَالْحَقُّ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ وَالْوِلَايَاتِ وَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَكُونُ وَارِثُهُ مُسْتَعِيرًا وَكَذَا الْمُودَعُ، وَكَذَا الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ، وَكَذَا الْوَلَاءُ كَأَنْ يَكُونَ لِلْمُعْتِقِ ابْنَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ عَنْ ابْنٍ فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ الْبَاقِي، فَلَوْ مَاتَ هَذَا عَنْ ابْنَيْنِ فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ ابْنِ الِابْنِ الْأَوَّلِ أَثْلَاثًا كَأَنَّهُمْ وَرِثُوا مِنْ جَدِّهِمْ لَا مِنْ آبَائِهِمْ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ، وَكَذَا الْإِجَارَةُ، وَكَذَا الْإِجَازَةُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَكَذَا الْأَجَلُ.

(6/762)


أَيْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ وَهُمْ اثْنَا عَشَرَ مِنْ النَّسَبِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الرِّجَالِ وَسَبْعَةٌ مِنْ النِّسَاءِ وَاثْنَانِ مِنْ التَّسَبُّبِ وَهُمَا الزَّوْجَانِ (ثُمَّ بِالْعَصَبَاتِ) أَلْ لِلْجِنْسِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَجَمَعَهُ لِلِازْدِوَاجِ (النَّسَبِيَّةِ) لِأَنَّهَا أَقْوَى (ثُمَّ بِالْمُعْتِقِ) وَلَوْ أُنْثَى وَهُوَ الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَاخْتَلَفُوا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَقِيلَ يُورَثُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الدُّرَرِ وَادَّعَى شَارِحُ الطَّحَاوِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الْقِصَاصِ، وَأَمَّا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُورَثُ، وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً وَكَذَا خِيَارُ الْوَصْفِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ خِيَارَ التَّغْرِيرِ يُورَثُ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فَوَاتَ الْوَصْفِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ وَمَالَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ إلَى خِلَافِهِ لَكِنَّهُ مَالَ فِي مَنْظُومَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ إلَى الْأَوَّلِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْأَشْبَاهِ وَشَرْحِهَا لِشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْبَعْلِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ) هِيَ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الرِّجَالِ) هُمْ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأَخُ لِأُمٍّ ح (قَوْلُهُ وَسَبْعَةٌ مِنْ النِّسَاءِ) هُنَّ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَالْأُخْتُ لِأُمٍّ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ ح (قَوْلُهُ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ أَلْ تَبْطُلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ بِحَيْثُ يَتَنَاوَلُ كُلُّ وَاحِدٍ كَالْفَرْدِ حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ يَحْنَثُ بِتَزَوُّجِ وَاحِدَةٍ، وَإِذَا قَالَ نِسَاءً لَا يَحْنَثُ إلَّا بِثَلَاثٍ يَعْقُوبُ (قَوْلُهُ وَجَمَعَهُ لِلِازْدِوَاجِ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ أَنَّهُ كَانَ الْأَخْصَرُ التَّعْبِيرَ بِالْعَصَبَةِ مُفْرَدًا كَمَا عَبَّرَ فِي قَسِيمِهِ وَهُوَ الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ وَالْجِنْسِيَّةُ فِيهِ أَظْهَرُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ جَمَعَهُ لَفْظًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَى الْجَمْعِ مُرَادَ التَّزَاوُجِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِذَوِي الْفُرُوضِ حَيْثُ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَوْ يُقَالُ جَمَعَهُ لِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِهِ مِنْ عَصَبَةٍ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الدَّاعِيَ إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ تَعَدُّدٌ، بَلْ يُقَدَّمُ وَلَوْ وَاحِدًا، بِخِلَافِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَتَقَدَّمُ وَحْدَهُ عَلَى الْعَصَبَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ مَعَهُ الْعَصَبَةُ إذْ لَيْسَ فِي أَصْحَابِ الْفُرُوضِ مَنْ يُحْرِزُ كُلَّ الْمَالِ وَحْدَهُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُعْطِي لِلْعَصَبَةِ إلَّا مَا أَبْقَاهُ لَهُ صَاحِبُ الْفَرْضِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَقْوَى) عِلَّةٌ لِلتَّقْدِيمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ثُمَّ وَمِنْ مُتَعَلِّقِ الْجَارِّ قَالَ السَّيِّدُ: فَإِنَّ الْعُصُوبَةَ النَّسَبِيَّةَ أَقْوَى مِنْ السَّبَبِيَّةِ يُرْشِدُك إلَى ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْفُرُوضِ النَّسَبِيَّةِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ دُونَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ السَّبَبِيَّةِ أَعْنِي الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالْمُعْتَقِ) الْأَوْلَى قَوْلُ السِّرَاجِيَّةِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ لِيَشْمَلَ الِاخْتِيَارِيَّةَ بِأَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ إعْتَاقٍ أَوْ فَرْعِهِ مِنْ تَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِشِرَاءِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَالِاضْطِرَارِيَّة بِأَنْ وَرِثَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، فَعَتَقَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ جِنْسُ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ، فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ وَالْمُنْفَرِدَ كَمَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى الْمُعْتَقَ بِوَاسِطَةٍ كَمُعْتَقِ الْمُعْتَقِ عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا وَكَمُعْتَقِ الْأَبِ، وَيَشْمَلُ أَيْضًا كَمَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ الْمَعْرُوفَ وَالْمُقَرَّ لَهُ وَيُقَدَّمُ الْمَعْرُوفُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُقِرِّ مَوْلَى عَتَاقَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُكَذِّبًا شَرْعًا اهـ.
[تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ] شَرْطُ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ أَنْ لَا تَكُونَ الْأُمُّ حُرَّةَ الْأَصْلِ بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّقِّ فِيهَا، وَلَا فِي أَصْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَتِيقُ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَلَا وَلَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ عَنْ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِيمَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ فَاحْفَظْهُ، فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ الْإِقْدَامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ) خَاصٌّ بِالْمُعْتَقِ دُونَ عَصَبَتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ مَجْمُوعُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَنْبَلِيِّ، وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي فَصْلِ الْعَصَبَاتِ، وَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ السَّيِّدِ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ أَجَابَ عَنْهُ يَعْقُوبُ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ عَصَبَتُهُ الذُّكُورُ

(6/763)


(ثُمَّ عَصَبَتُهُ الذُّكُورُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ (ثُمَّ الرَّدُّ) عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ النِّسْبِيَّةِ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ (ثُمَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ بَعْدَهُمْ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ) كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ وَلَهُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ (ثُمَّ الْمُقِرُّ لَهُ بِنَسَبٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَهُمَا الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ الذُّكُورُ) أَيْ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ، فَيَكُونُ مِنْ الذُّكُورِ قَطْعًا، وَكَوْنُهُ عَصَبَةً بِنَفْسِهِ لِمَوْلَى الْعَتَاقَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ عَصَبَةً سَبَبِيَّةً لِلْمَيِّتِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَنْبَلِيِّ، فَلَوْ تَرَكَ الْعَتِيقُ ابْنَ سَيِّدِهِ وَبِنْتَه فَالْإِرْثُ لِلِابْنِ فَقَطْ وَلَوْ تَرَكَ بِنْتَ سَيِّدِهِ وَأُخْتَه فَلَا حَقَّ لَهُمَا فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالذُّكُورِ الَّذِي قَالَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَكِنْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعْتَقِ مَا يَشْمَلُ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ كَالْمُعْتِقِ وَمُعْتِقِ الْمُعْتَقِ، وَهَكَذَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. أَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ وَهُوَ الْمُعْتِقُ الْقَرِيبُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِهِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِعَصَبَتِهِ الْعَصَبَةَ السَّبَبِيَّةَ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ كَمُعْتِقِ الْمُعْتَقِ وَمُعْتِقَةِ الْمُعْتَقِ وَالْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ أَيْضًا، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الثَّانِي مِنْ كَوْنِهِ عَصَبَةً بِالنَّفْسِ، فَيَكُونُ مِنْ الذُّكُورِ قَطْعًا كَمَا مَرَّ دُونَ الْعَصَبَةِ بِالْغَيْرِ أَوْ مَعَ الْغَيْرِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.
[تَنْبِيهٌ] اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعَصَبَةِ الْمُعْتَقِ عَصَبَةٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهُ بَيَانُهُ امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَالْمِيرَاثُ لِابْنِهَا، لِأَنَّهُ عَصَبَتُهَا فَلَوْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الْعَتِيقِ، فَلَا مِيرَاثَ لِزَوْجِهَا، لِأَنَّهُ عَصَبَةُ عَصَبَتِهَا، وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا ثُمَّ الْعَبْدُ أَعْتَقَ آخَرَ ثُمَّ الْآخَرُ أَعْتَقَ آخَرَ، وَمَاتَ الْعَتِيقُ الثَّالِثُ وَتَرَكَ عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ عَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، لَكِنْ لَا لِذَلِكَ، بَلْ لِأَنَّ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ جَرَّ وَلَاءَ هَذَا الْمَيِّتِ فَيَرِثُهُ عَصَبَةُ الْعَتِيقِ الْأَوَّلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ لِلْحَدِيثِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ. وَقَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ كَلَامٍ عَلَى الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الرَّدُّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْعَصَبَاتِ يُرَدُّ الْبَاقِي مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ النَّسَبِيَّةِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ السَّبَبِيَّةِ كَالزَّوْجَيْنِ، لِأَنَّ سَبَبَ الرَّدِّ هُوَ الْقَرَابَةُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ أَخْذِ الْفَرْضِ، وَقَرَابَةُ الزَّوْجِيَّةِ حُكْمِيَّةٌ لَا تَبْقَى بَعْدَ أَخْذِ الْفَرْضِ فَلَا رَدَّ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ، أَفَادَهُ يَعْقُوبُ لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ الْأَشْبَاهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْوَلَاءِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا فِي زَمَانِنَا وَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ) أَيْ قَدْرًا نِسْبِيًّا لَا عَدَدِيًّا، لِأَنَّ مَا يُعْطَى مِنْ الرَّدِّ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِمَّا يُعْطَى مِنْ الْفَرْضِ كَمَا فِي أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ وَمُسَاوِيًا كَمَا فِي أُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأُمٍّ وَأَكْثَرَ كَمَا فِي أُخْتٍ لِأُمٍّ وَجَدَّةٍ وَطَرِيقُ النِّسْبَةِ أَنَّ مَنْ لَهُ النِّصْفُ فَرْضًا لَهُ بِقَدْرِ سِهَامِ النِّصْفِ مِنْ الرَّدِّ وَمَنْ لَهُ الثُّلُثُ كَذَلِكَ، فَكَذَلِكَ مَثَلًا إذَا تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأُمًّا فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ نِصْفُهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِلشَّقِيقَةِ، وَثُلُثُهَا وَهُوَ اثْنَانِ لِلْأُمِّ وَجُمْلَةُ السِّهَامِ خَمْسَةٌ بَقِيَ وَاحِدٌ يُرَدُّ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ سِهَامِهِمَا، وَقَدْ كَانَ لِلشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْوَاحِدِ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فَلَهَا خُمُسَا الْوَاحِدِ وَتَرْجِعُ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ إلَى خَمْسَةٍ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ يَبْدَأُ بِهِمْ عِنْدَ عَدَمِ ذَوِي الْفُرُوضِ النَّسَبِيَّةِ وَالْعَصَبَاتِ فَيَأْخُذُونَ كُلَّ الْمَالِ، وَمَا بَقِيَ عَنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَهُمْ) أَيْ إذَا فُقِدَ ذَوُو الْأَرْحَامِ يُقَدَّمُ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَيْ الْقَابِلُ مُوَالَاةَ الْمَيِّتِ، حِينَ قَالَ لَهُ أَنْتِ مَوْلَايَ تَرِثُنِي إذَا مِتّ وَتَعْقِلُ عَنِّي إذَا جَنَيْت، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ، وَلَا مِنْ مَعَاتِيقِهِمْ وَلَا لَهُ وَارِثٌ نَسَبِيٌّ، وَلَا عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ مَوْلَى مُوَالَاةٍ آخَرُ فَيَرِثُهُ الْقَابِلُ بِلَا عَكْسٍ إلَّا إنْ شُرِطَ ذَلِكَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَتَحَقَّقَتْ الشَّرَائِطُ فِيهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ مَوْلَاهُ وَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَكَثِيرِينَ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ تَرِثُ أَيْضًا عَلَى تَرْتِيبِ عَصَبَةِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ سَائِحَانِيٌّ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَقَدَّمْنَاهُ مَعَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ وَبَيَانُهَا فِي الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْبَاقِي إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَلَهُ كُلُّ الْمَالِ إلَّا إنْ وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَلَهُ الْبَاقِي عَنْ فَرْضِهِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِنَسَبٍ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مَوْلَى

(6/764)


عَلَى غَيْرِهِ (لَمْ يَثْبُتْ) فَلَوْ ثَبَتَ بِأَنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ آخَرُ ثَبَتَ نَسَبُهُ حَقِيقَةً وَزَاحَمَ الْوَرَثَةَ وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ السِّرَاجِيَّةِ سِيَّمَا رَوْحُ الشُّرُوحِ وَقَدْ لَخَّصْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهَا

(ثُمَّ) بَعْدَهُمْ (الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) وَلَوْ بِالْكُلِّ وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُقَرُّ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
الْمُوَالَاةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ يُقَدِّمُ الْمُقَرَّ لَهُ بِنَسَبٍ إلَخْ فَيُعْطَى كُلَّ الْمَالِ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَيُعْطَى مَا فَضَلَ بَعْدَ فَرْضِهِ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى التَّحْمِيلِ فَعَدَّاهُ بِعَلَى أَيْ الْمَحْمُولُ نَسَبُهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي ضِمْنِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ ابْنُ ابْنِهِ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ هَذَا تَضَمَّنَ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْأَبِ أَوْ الِابْنِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا إذَا أَقَرَّ لِمَجْهُولِ النَّسَبِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْهُ، وَيَنْدَرِجُ فِي الْوَرَثَةِ النَّسَبِيَّةِ إذَا اشْتَمَلَ الْإِقْرَارُ عَلَى شَرَائِطِ صِحَّتِهِ كَالْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ فِي الْمُقِرِّ، وَتَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالنَّسَبِ، وَكَوْنِهِ بِحَيْثُ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا لَا يَصِحُّ مَعَ بَيَانِ الشُّرُوطِ وَحَرَّرْنَاهُ أَيْضًا فِي شَرْحِنَا عَلَى نَظْمِ فَرَائِضِ الْمُلْتَقَى الْمُسَمَّى بِالرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ شَرْحُ قَلَائِدِ الدُّرِّ الْمَنْظُومِ، وَفِي آخِرِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ يَلْزَمُ مُرَاجَعَتُهَا.
(قَوْلُهُ لَمْ يَثْبُتْ) قَيْدٌ ثَانٍ وَبَيَّنَ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَهُ وَزَادَ فِي السِّرَاجِيَّةِ ثَالِثًا، وَهُوَ مَوْتُ الْمُقِرُّ عَلَى إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، فَلَا يَرِثُ وَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِي الْمُقَرِّ لَهُ صَارَ عِنْدَنَا وَارِثًا فِي الْمَرْتَبَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ الْمُقِرَّ كَانَ مُقِرًّا بِشَيْئَيْنِ النَّسَبِ وَاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ بِالْإِرْثِ، لَكِنْ إقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ يَحْمِلُ نَسَبَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ دَعْوَى، فَلَا تُسْمَعُ وَيَبْقَى إقْرَارُهُ بِالْمَالِ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ لَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ سَيِّدٌ: أَيْ وَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَصِيَّةً مَعْنًى، وَلِذَا صَحَّ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى فَرْعِ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا أَصْلِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ الْأَبُ نَعَمْ هُوَ ابْنِي وَهُوَ أَخُوك وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِقْرَارِ اهـ مِنْ رُوحِ الشُّرُوحِ وَالْمُرَادُ وَرَثَةُ الْمُقِرِّ بِأَنْ قَالَ أَوْلَادُ الْمُقِرِّ هُوَ عَمُّنَا ط (قَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ هُوَ ابْنِي إذْ لَوْ عَلِمَ بِهِ كَانَ تَصْدِيقًا تَأَمَّلْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا حَمَلَ نَسَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَرِثَ مِنْهُ قَصْدًا وَمِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ) أَيْ مَعَ الْمُقِرِّ قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إلَّا بِبُرْهَانٍ وَمِنْهُ إقْرَارُ اثْنَيْنِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَأَفَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ الْمُوَرِّثُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ) قَالَ فِي رَوْحِ الشُّرُوحِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ مَعَ الْمُقِرِّ رَجُلٌ آخَرُ، أَوْ صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ عَلَيْهِ أَوْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِقْرَارِ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِصْرَارُ عَلَى الْإِقْرَارِ إلَى الْمَوْتِ، وَلَا يَنْفَعُ الرُّجُوعُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ حِينَئِذٍ اهـ وَفِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: وَصَحَّ رُجُوعُهُ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ مَعْنًى، وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ الْمُسَمَّى بِالْمِنْهَاجِ: وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقِرُّ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ إلَخْ فَقَوْلُ الْمِنَحِ عَنْ بَعْضِ شُرُوحِ السِّرَاجِيَّةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ صَوَابُهُ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا رَأَيْته فِي نُسْخَتِي مُصْلَحًا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَخْ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَلَّذِي أَوْقَعَهُ فِيهِ عِبَارَةُ الْمِنَحِ السَّابِقَةِ. وَقَدْ عَلِمْت مَا هُوَ الصَّوَابُ فِيهَا لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْمُقَرِّ لَهُ لَا يُثْبِتُ النَّسَبَ قَطْعًا، لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِذَلِكَ فَهُوَ مُتَّهَمٌ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِتَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُتَّهَمِ عَلَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ الَّذِي فِي رَوْحِ الشُّرُوحِ وَغَيْرِهِ هُوَ ثُبُوتُهُ بِتَصْدِيقِ الْمُقِرِّ عَلَيْهِ لَا الْمُقَرِّ لَهُ فَتَنَبَّهْ. وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فَارْجِعْ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَهُمْ إلَخْ) أَيْ إذَا عُدِمَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ يَبْدَأُ بِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَيُكْمِلُ لَهُ وَصِيَّتَهُ، لِأَنَّ مَنْعَهُ عَمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَلَهُ عِنْدَنَا مَا عَيَّنَ لَهُ كَمَلًا سَيِّدٌ، وَلَا يَخْفَى

(6/765)


لِأَنَّهُ نَوْعُ قَرَابَةٍ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ (ثُمَّ) يُوضَعُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) لَا إرْثًا بَلْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.

(وَمَوَانِعُهُ) عَلَى مَا هُنَا أَرْبَعَةٌ (الرِّقُّ) وَلَوْ نَاقِصًا كَمُكَاتَبٍ وَكَذَا مُبَعَّضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَا حُرٌّ فَيَرِثُ وَيَحْجُبُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، لَا يَرِثُ بَلْ يُورَثُ وَقَالَ أَحْمَدُ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مَسْأَلَةً يُورَثُ فِيهَا الرَّقِيقُ مَعَ رِقِّ كُلِّهِ. صُورَتُهَا مُسْتَأْمَنٌ جَنَى عَلَيْهِ فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ وَمَاتَ رَقِيقًا بِسِرَايَةِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ فَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا فَيُحَرَّرُ (وَالْقَتْلُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَأْخُذُ الزَّائِدَ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ، بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إجَارَةٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّ أَخْذَ الزَّائِدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الْوَرَثَةِ إذْ لَوْ أَجَازُوا جَازَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَوْعُ قَرَابَةٍ) الْأَوْلَى قَوْلُ السَّيِّدِ أَنَّ لَهُ نَوْعَ قَرَابَةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُوضَعُ) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُوصًى لَهُ بِالزَّائِدِ يُوضَعُ كُلُّ التَّرِكَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْبَاقِي عَنْ الزَّائِدِ إنْ وَجَدَ مُوصًى لَهُ بِمَا دُونَ الْكُلِّ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ يُقَدِّمُ إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ:
عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
(قَوْلُهُ لَا إرْثًا) نَفْيٌ لِمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيَّةُ لِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إرْثًا لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ بِالثُّلُثِ لِلْفُقَرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَمِنْ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ وَلِلْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ، وَلَوْ كَانَ إرْثًا لَمَا صَحَّ ذَلِكَ لَكِنْ أَفْتَى مُتَأَخِّرُو الشَّافِعِيَّةِ بِالرَّدِّ إنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ

(قَوْلُهُ وَمَوَانِعُهُ) الْمَانِعُ لُغَةً: الْحَائِلُ وَاصْطِلَاحًا: مَا يَنْتَفِي لِأَجْلِهِ الْحُكْمُ عَنْ شَخْصٍ لِمَعْنًى فِيهِ بَعْدَ قِيَامِ سَبَبِهِ، وَيُسَمَّى مَحْرُومًا فَخَرَجَ مَا انْتَفَى لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ مَحْجُوبٌ، أَوْ لِعَدَمِ قِيَامِ السَّبَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالْمَانِعِ هَاهُنَا الْمَانِعُ عَنْ الْوِرَاثِيَّةِ لَا الْمَوْرُوثِيَّةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا كَاخْتِلَافِ الدِّينِ مَانِعًا عَنْهُمَا كَمَا حَرَّرْته فِي الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُنَا) لِأَنَّ بَعْضَهُمْ زَادَ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرَهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ كَمُكَاتَبٍ) الْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ رِقَّهُ كَامِلٌ، وَمِلْكُهُ نَاقِصٌ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ اهـ ح وَقَدْ يُقَالُ كَمَالُ رِقِّهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلِذَا أَجَازَ عِتْقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَمَلَكَ أَكْسَابَهُ دُونَهُمَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِنِّ فَهُوَ نَاقِصٌ مِنْ حَيْثُ انْعِقَادُ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ مِثْلُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مُبَعَّضٌ إلَخْ) هُوَ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ فَيَسْعَى فِي فِكَاكِ بَاقِيهِ، وَهُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ بِمَنْزِلَةِ الْمَمْلُوكِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَقَالَا هُوَ حُرٌّ مَدْيُونٌ فَيَرِثُ وَيَحْجُبُ بِنَاءً عَلَى تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرِثُ بَلْ يُورَثُ) قِيلَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ يُورَثُ فِيهَا الرَّقِيقُ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ إلَى أَوَّلِ الْإِصَابَةِ ط (قَوْلُهُ جُنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِجِرَاحَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ بِسِرَايَةِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ) أَيْ الَّتِي أَصَابَتْهُ قَبْلَ الرِّقِّ ط (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ إلَخْ) أَيْ نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْإِصَابَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ بِهَا قَبْلَ الِاسْتِرْقَاقِ كَانَ إرْثُهُ لَهُمْ فَكَذَا بَعْدَهُ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ قَبْلَهُ ط (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا) هُمْ قَدْ اعْتَبَرُوا وَقْتَ الْإِصَابَةِ فِي مَسَائِلَ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَوْتَهُ صَدَرَ وَهُوَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَالدِّيَةُ لَهُ ط. أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ عِنْدَنَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْمُسْتَأْمَنِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ تَرَكَ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا فَأُسِرَ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَأُخِذَ أَوْ قُتِلَ سَقَطَ دَيْنُهُ، وَمَا غُصِبَ مِنْهُ وَصَارَ مَالُهُ كَوَدِيعَتِهِ وَمَا عِنْدَ شَرِيكِهِ، أَوْ فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا فَيْئًا، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ بِلَا غَلَبَةٍ عَلَيْهِمْ فَدَيْنُهُ وَقَرْضُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَصِرْ مَغْنُومَةً اهـ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدِّيَةَ دَيْنٌ عَلَى الْجَانِي فَتَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتِرْقَاقُهُ فَلَا تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا لِسَيِّدِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَرَقَّهُ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ،

(6/766)


الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ سَقَطَا بِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ عَلَى مَا مَرَّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مُطْلَقًا وَلَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ قَبْلَ الْمَقْتُولِ وَرِثَهُ الْمَقْتُولُ إجْمَاعًا (وَاخْتِلَافُ الدِّينِ) إسْلَامًا وَكُفْرًا وَقَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَرِثَ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُورَثُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قُلْت ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مَسْأَلَةً يُورَثُ فِيهَا الْكَافِرُ. صُورَتُهَا: كَافِرٌ مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ حَامِلًا وَوَقَفْنَا مِيرَاثَ الْحَمْلِ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ وَرِثَ الْوَلَدُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا (وَ) الرَّابِعُ (اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ) فِيمَا بَيْنَ الْكُفَّارِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْجَانِي بِشَيْءٍ فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْكَفَّارَةِ) الْأَوَّلُ هُوَ الْعَمْدُ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شِبْهُ عَمْدٍ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالسَّوْطِ وَخَطَأً كَأَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ إنْسَانًا وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ كَانْقِلَابِ نَائِمٍ عَلَى شَخْصٍ أَوْ سُقُوطِهِ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ، فَخَرَجَ الْقَتْلُ بِسَبَبٍ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُهُمَا كَمَا لَوْ أَخْرَجَ رَوْشَنًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ، فَقَتَلَ مُوَرِّثَهُ أَوْ أَقَادَ دَابَّةً أَوْ سَاقَهَا فَوَطِئَتْهُ، أَوْ قَتَلَهُ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ وَجَدَ مُوَرِّثَهُ قَتِيلًا فِي دَارِهِ أَوْ قَتَلَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ، وَكَذَا عَكْسُهُ إنْ قَالَ قَتَلْته وَأَنَا عَلَى حَقٍّ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ، وَخَرَجَ الْقَتْلُ مُبَاشَرَةً مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالْكَفَّارَةِ وَتَمَامُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَمْزًا إذَا قَتَلَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ أَوْ ذَاتَ رَحِمٍ مِنْ مَحَارِمِهِ الْمُؤَنَّثِ لِأَجْلِ الزِّنَا يَرِثُ مِنْهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ يَعْنِي مَعَ تَحَقُّقِ الزِّنَا أَمَّا بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ، فَلَا كَمَا يَقَعُ مِنْ فَلَّاحِي الْقُرَى بِبِلَادِنَا فَادْرِ ذَلِكَ رَمْلِيٌّ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُوجِبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْحُكْمُ فِيمَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَذَلِكَ كَمَنْ ضَرَبَ امْرَأَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَتُسْتَحَبُّ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ يُحْرَمُ الْإِرْثَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِحَقٍّ أَوْ لَا مُبَاشَرَةٍ أَوْ لَا، وَلَوْ بِشَهَادَةٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ لِشَاهِدٍ بِقَتْلٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ قَبْلَ الْمَقْتُولِ) بِأَنْ جَرَحَهُ جُرْحًا صَارَ بِهِ ذَا فِرَاشٍ فَمَاتَ الْجَارِحُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ إسْلَامًا وَكُفْرًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ عِنْدَنَا، لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُورَثُ عِنْدَنَا) أَيْ مِنْ كَسْبِ إسْلَامِهِ وَكَسْبِ رِدَّتِهِ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَالَا لِلْوَارِثِ الْمُسْلِمِ كَكَسْبِ الْمُرْتَدَّةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَقَالَ كَسْبَاهُ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَأَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَوْ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَرِثُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَهُوَ مُسْلِمٌ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعِنْدَ الْوِلَادَةِ تَبَعًا لَهَا: وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا) أَقُولُ: قَيَّدَ بِقَوْلِهِ صَرِيحًا لِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً فَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إرْثُ الْحَمْلِ فَأَضَافُوا الْإِرْثَ إلَيْهِ وَهُوَ حَمْلٌ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُمْ خُرُوجَهُ حَيًّا، فَلِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا: جَمَادٌ يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: مَتَى انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا إنَّمَا لَا يَرِثُ إذَا انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا فُصِلَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ، بَيَانُهُ إذَا ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَرِثَ، لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ عَلَى الضَّارِبِ الْغُرَّةَ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ فَإِذَا حَكَمْنَا بِالْجِنَايَةِ كَانَ لَهُ الْمِيرَاثُ وَيُورَثُ عَنْهُ نَصِيبُهُ، كَمَا يُورَثُ عَنْهُ بَدَلُ نَفْسِهِ وَهُوَ الْغُرَّةُ اهـ. أَقُولُ: فَقَدْ جَعَلُوهُ وَارِثًا وَمَوْرُوثًا، وَهُوَ جَنِينٌ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا فَلَمْ يُوجَدْ الْمَانِعُ حِينَ اسْتِحْقَاقِهِ الْإِرْثَ، وَإِنَّمَا وُجِدَ بَعْدَهُ فَكَانَ كَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ الْكَافِرِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ إرْثٌ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ بَلْ هُوَ إرْثُ كَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ. نَعَمْ يُتَصَوَّرُ عِنْدَنَا إرْثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ) اخْتِلَافُهُمَا بِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ: أَيْ الْعَسْكَرِيِّ، وَاخْتِلَافُ الْمِلْكِ كَأَنْ يَكُونَ

(6/767)


(حَقِيقَةً) كَحَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ (أَوْ حُكْمًا) كَمُسْتَأْمَنٍ وَذِمِّيٍّ وَكَحَرْبِيَّيْنِ مِنْ دَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ قُلْت وَبَقِيَ مِنْ الْوَاقِعِ جَهَالَةُ تَارِيخِ الْمَوْتَى كَالْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَالْهَدْمَى وَالْقَتْلَى كَمَا سَيَجِيءُ. وَمِنْهَا: جَهَالَةُ الْوَارِثِ وَذَلِكَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ أَوْ أَكْثَرَ مَبْسُوطَةٍ فِي الْمُجْتَبَى مِنْهَا أَرْضَعَتْ صَبِيًّا مَعَ وَلَدِهَا وَمَاتَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ فِي الْهِنْدِ وَلَهُ دَارٌ وَمَنَعَةٌ وَالْآخَرُ فِي التُّرْكِ، وَلَهُ دَارٌ وَمَنَعَةٌ أُخْرَى، وَانْقَطَعَتْ لِلْعِصْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَسْتَحِلَّ كُلٌّ مِنْهُمْ قِتَالَ الْآخِرِ فِهَتَانِ الدَّارَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَتَنْقَطِعُ بِاخْتِلَافِهِمَا الْوِرَاثَةُ لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْوِلَايَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَنَاصُرٌ وَتَعَاوُنٌ عَلَى أَعْدَائِهِمَا كَانَتْ الدَّارُ وَاحِدَةً وَالْوِرَاثَةُ ثَابِتَةً.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ وَكَالْحَرْبِيِّينَ فِي دَارَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَإِمَّا حُكْمًا فَقَطْ كَالْمُسْتَأْمَنِ وَاَلَّذِي فِي دَارِنَا فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهَا مُخْتَلِفَةً حُكْمًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ حُكْمًا، لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهَا، وَأَمَّا حَقِيقَةً فَقَطْ كَمُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِنَا وَحَرْبِيٍّ فِي دَارِهِمْ، فَإِنَّ الدَّارَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ حَقِيقَةً لَكِنْ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ حُكْمًا كَمَا عَلِمْت، فَهُمَا مُتَّحِدَانِ حُكْمًا وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ يَدْفَعُ مَالَ الْمُسْتَأْمَنِ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْأَمَانِ فِي مَالِهِ لِحَقِّهِ، وَإِيصَالُ مَالِهِ لِوَرَثَتِهِ مِنْ حَقِّهِ كَمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ صَرْفَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِمُصَنِّفِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، وَسَكْبِ الْأَنْهُرِ. أَقُولُ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الِاخْتِلَافُ حُكْمًا سَوَاءٌ كَانَ حَقِيقَةً أَيْضًا أَوْ لَا دُونَ الِاخْتِلَافِ حَقِيقَةً فَقَطْ، وَهَذَا مَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُؤَثِّرُ هُوَ الِاخْتِلَافُ حُكْمًا حَتَّى لَا تُعْتَبَرَ الْحَقِيقَةُ بِدُونِهِ اهـ (قَوْلُهُ حَقِيقَةً) يَعْنِي وَحُكْمًا لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ كَحَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ) أَيْ إذَا مَاتَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُ وَارِثٌ ذِمِّيٌّ فِي دَارِنَا أَوْ مَاتَ الذِّمِّيُّ فِي دَارِنَا وَلَهُ وَارِثٌ فِي دَارِهِمْ لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخِرِ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَإِنْ اتَّحِدَا مِلَّةً (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَكَحَرْبِيِّينَ إلَخْ) كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ مِنْ اخْتِلَافِ الدَّارِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ دَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَقِيقَةً، لَكِنَّهُمَا مُسْتَأْمَنَانِ فِي دَارِنَا فَهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ حَقِيقَةً، وَفِي دَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حُكْمًا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ دَارَيْنِ لَا فِي دَارَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْمَنِينَ بَدَلَ الْحَرْبِيَّيْنِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الْأَوْلَى إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُهُ مِثَالًا لِلِاخْتِلَافَيْنِ أَفَادَهُ السَّيِّدُ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا بَيْنَ الْكُفَّارِ: أَيْ اخْتِلَافُ الدَّارِ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ حَتَّى إنَّ الْمُسْلِمَ التَّاجِرَ أَوْ الْأَسِيرَ لَوْ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَرِثَ مِنْهُ وَرَثَتُهُ الَّذِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، كَمَا فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ. قَالَ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِابْنِ الْحَنْبَلِيِّ: وَأَمَّا قَوْلُ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا لَا يَرِثُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْأَصْلِيِّ فِي دَارِنَا وَلَا الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ مِمَّنْ أَسْلَمَ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُسْتَأْمَنًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فَمَدْفُوعٌ بِقَوْلِ بَعْضِ عُلَمَائِنَا يُخَايَلُ لِي أَنَّ هَذَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، حِينَ كَانَتْ الْهِجْرَةُ فَرِيضَةً أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَفَى الْوِلَايَةَ بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ، وَمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَالَ - {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72]- فَلَمَّا كَانَتْ الْوَلَايَةُ بَيْنَهُمَا مُنْتَفِيَةً كَانَ الْمِيرَاثُ مُنْتَفِيًا، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ عَلَى الْوِلَايَةِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْهِجْرَةِ قَدْ نُسِخَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي فَصْلِ الْحَرْقَى وَالْغَرْقَى (قَوْلُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ أَوْ أَكْثَرَ) زَادَ قَوْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ تَبَعًا لِلْمُجْتَبَى إشَارَةً إلَى أَنَّ عَدَّهَا

(6/768)


وَجُهِلَ وَلَدُهَا فَلَا تَوَارُثَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَ وَلَدُ مُسْلِمٍ مِنْ وَلَدِ نَصْرَانِيٍّ عِنْدَ الظِّئْرِ وَكَبِرَا فَهُمَا مُسْلِمَانِ وَلَا يَرِثَانِ مِنْ أَبَوَيْهِمَا زَادَ فِي الْمُنْيَةِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَيْنَ ذَوِي الْفَرْضِ مُقَدَّمًا لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ الْوِلَادِ إذْ مِنْهَا تَتَوَلَّدُ الْأَوْلَادُ

فَقَالَ (فَيُفْرَضُ لِلزَّوْجَةِ فَصَاعِدًا الثَّمَنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
خَمْسًا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْحَصْرُ لِإِمْكَانِ زِيَادَةِ غَيْرِهَا تَأَمَّلْ.
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا ثِنْتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ: رَجُلٌ وَضَعَ وَلَدَهُ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ لَيْلًا ثُمَّ نَدِمَ صَبَاحًا فَرَجَعَ لِرَفْعِهِ فَإِذَا فِيهِ وَلَدَانِ وَلَا يَعْرِفُ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَاتَ قَبْلَ الظُّهُورِ لَا يَرِثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَيُوضَعُ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَنَفَقَتُهُمَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ. وَالرَّابِعَةُ: حُرَّةٌ وَأَمَةٌ وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَدًا فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَلَا يُعْلَمُ وَلَدُ الْحُرَّةِ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَرِثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى الْأَمَةِ، وَالْخَامِسَةُ: رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ مِنْ حُرَّةٍ وَابْنٌ مِنْ أَمَةٍ لِإِنْسَانٍ أَرْضَعَتْهُمَا ظِئْرٌ وَاحِدَةٌ، حَتَّى كَبِرَا وَلَا يُعْرَفُ وَلَدُ الْحُرَّةِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُمَا حُرَّانِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْأَمَةِ وَلَا يَرِثَانِ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا تَوَارُثَ) أَيْ لَا يَرِثُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ مِنْ وَلَدِ) الْأَوْلَى بِوَلَدِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا) أَيْ الْوَلَدَانِ فَإِنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَعْدُوهُمَا، فَمَنْ أَخَذَ حِصَّةً وَهُوَ الْوَارِثُ حَقِيقَةً فَذَلِكَ مِنْ حَظِّهِ، وَيُعَدُّ مَا أَخَذَهُ الْآخَرُ هِبَةً مِنْ الْمُسْتَحِقِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَيْضًا اهـ ط. أَقُولُ: بَلْ إلَى كُلِّ الْمَسَائِلِ الْمَارَّةِ وَإِنَّ مَا مَرَّ مِنْ وَضْعِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَصْطَلِحَا تَأَمَّلْ.
[تَتِمَّةٌ] جُمْلَةُ الْمَوَانِعِ حِينَئِذٍ سِتَّةٌ وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ النُّبُوَّةَ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ التَّتِمَّةِ كُلُّ إنْسَانٍ يَرِثُ وَيُورَثُ إلَّا الْأَنْبِيَاءَ لَا يَرِثُونَ، وَلَا يُورَثُونَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَرِثَ خَدِيجَةَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنَّمَا وَهَبَتْ مَالَهَا لَهُ فِي صِحَّتِهَا اهـ. قُلْت: لَكِنْ كَلَامُ ابْنِ الْكَمَالِ وَسَكْبِ الْأَنْهُرِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ وَتَمَامُهُ فِي الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الرِّدَّةَ فَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا إجْمَاعًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ لِأَنَّهُ لَا مِلَّةَ لَهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَحَلِّهِ فَالْمَوَانِعُ حِينَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ تَاسِعًا وَهُوَ اللِّعَانُ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى. وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَوَانِعُ خَمْسَةٌ أَرْبَعَةُ الْمَتْنِ وَالرِّدَّةُ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ الشَّرْعِيِّ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا مَجَازٌ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَيْسَ بِوُجُودٍ مَانِعٍ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ أَوْ السَّبَبِ اهـ " بَيَانُهُ أَنَّ شَرْطَ الْإِرْثِ وُجُودُ الْوَارِثِ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي جَهَالَةِ تَارِيخِ الْمَوْتَى لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا تَوَارُثَ مَعَ الشَّكِّ، وَكَذَا فِي جَهَالَةِ الْوَارِثِ فَإِنَّهَا كَمَوْتِهِ حُكْمًا كَمَا فِي الْمَفْقُودِ، وَأَمَّا وَلَدُ اللِّعَانِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ أَبِيهِ وَبِالْعَكْسِ لِقَطْعِ نَسَبِهِ، فَعَدَمُ الْإِرْثِ فِي الْحَقِيقَةِ لِعَدَمِ السَّبَبِ، وَهُوَ نِسْبَتُهُ إلَى أَبِيهِ وَأَمَّا النُّبُوَّةُ فَفِي كَوْنِهَا مِنْ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ أَوْ السَّبَبِ كَلَامٌ يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِنَا الرَّحِيقِ الْمَحْتُومِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ كَوْنِهَا مِنْ الْمَوَانِعِ هِيَ كَوْنُ النُّبُوَّةِ مَعْنًى قَائِمًا فِي الْمُوَرِّثِ وَالْمَانِعُ هُوَ مَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ لِمَعْنًى قَائِمٍ فِي الْوَارِثِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَعْرِيفِهِ.
[تَكْمِيلٌ] عَدَّ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ الْمَوَانِعِ الدَّوْرَ الْحُكْمِيَّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ التَّوْرِيثِ عَدَمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ أَخٍ فَأَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثُ عِنْدَهُمْ، لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ، فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الِابْنِ فَلَا يَرِثُ لِأَنَّ إثْبَاتَ إرْثِهِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ فَيَنْتَفِي مِنْ أَصْلِهِ، وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ عُلَمَاؤُنَا لِصِحَّةِ إقْرَارِ الْمُقِرِّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ فَيَرِثُ الِابْنُ دُونَهُ كَمَا حَقَّقْته فِي الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ مُؤَيَّدًا بِالنَّقْلِ وَمَرَّ تَمَامُهُ فِي بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَصْلُ الْوِلَادِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَصْدَرُ وَلَدَ أَيْ أَصْلُ وِلَادَةِ الْأَصْلِ وَالْفُرُوعُ فَالْكُلُّ أَوْلَادُهَا غَالِبًا، لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الْوِلَادَةُ

(6/769)


مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ) وَأَمَّا مَعَ وَلَدِ الْبِنْتِ فَيُفْرَضُ لَهَا الرُّبْعُ (وَإِنْ سَفَلَ وَالرُّبْعُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا) فَلِلزَّوْجَاتِ حَالَتَانِ الرُّبْعُ بِلَا وَلَدٍ وَالثُّمُنُ مَعَ الْوَلَدِ

(وَالرُّبْعُ لِلزَّوْجِ) فَأَكْثَرَ كَمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ فَأَكْثَرَ نِكَاحَ مَيِّتَةٍ وَبَرْهَنَا وَلَمْ تَكُنْ فِي بَيْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا دَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُمْ يَقْسِمُونَ مِيرَاثَ زَوْجٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ (وَالنِّصْفُ لَهُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا) فَلِلزَّوْجِ حَالَتَانِ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ

(وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ) ثَلَاثُ أَحْوَالٍ الْفَرْضُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ (السُّدُسُ) وَذَلِكَ (مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ) وَالتَّعْصِيبُ الْمُطْلَقُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا وَالْفَرْضُ وَالتَّعْصِيبُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ. قُلْت: وَفِي الْأَشْبَاهِ الْجَدُّ، كَالْأَبِ إلَّا فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَسْأَلَةً خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
بِالتَّسَرِّي ثُمَّ هِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَإِنْ كَانَتْ أُمًّا لَكِنْ صِفَةُ الزَّوْجِيَّةِ سَابِقَةٌ عَلَى صِفَةِ الْأُمُومَةِ فَلِذَا لَمْ تُقَدَّمْ الْأُمُّ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ مَعَ وَلَدٍ) أَيْ لِلزَّوْجِ الْمَيِّتِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ مِنْ السُّفُولِ ضِدِّ الْعُلُوِّ مِنْ بَابِ نَصَرَ، وَبِضَمِّهَا مِنْ السَّفَالِ بِمَعْنَى الدَّنَاءَةِ مِنْ بَابِ شَرُفَ ابْنُ كَمَالٍ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ نِكَاحُ مَيِّتَةٍ) أَمَّا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً تَهَاتَرَ الْبُرْهَان: وَهِيَ لِمَنْ صَدَّقَتْهُ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ مَنْ كَذَّبَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ الْمُكَذِّبُ بِهَا وَإِنْ أَرَّخَا فَالسَّابِقُ أَحَقُّ ط. (قَوْلُهُ وَبَرْهَنَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ: لَوْ بَرْهَنَا عَلَى النِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَاسْتَوَى تَارِيخُهُمَا يَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرِثَانِ مِيرَاثَ زَوْجٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا، وَيَرِثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ وَهُمَا يَرِثَانِ مِنْ الِابْنِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِقْرَارُ وَالْيَدُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) هُوَ مَعْنَى مَا فِي رُوحِ الشُّرُوحِ، وَلَمْ تَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَفْهُومُهُ اعْتِبَارُ الْيَدِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالنِّصْفُ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ وَبَقِيَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ أَرْبَعَةٌ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُمْ هُنَا كَمَا فَعَلَ فِي بَقِيَّةِ الْفُرُوضِ، وَهُمْ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ عِنْدَ عَدَمِهَا إذَا انْفَرَدْنَ عَمَّنْ يُعَصِّبُهُنَّ

(قَوْلُهُ وَالْجَدِّ) أَيْ فَهُوَ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى وَهُوَ الْجَدُّ الصَّحِيحُ، فَإِنْ تَخَلَّلَ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُمٌّ كَانَ فَاسِدًا فَلَا يَرِثُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، لِأَنَّ تَحَلُّلَ الْأُمِّ فِي النِّسْبَةِ يَقْطَعُ النَّسَبَ إذْ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ الْفَرْضُ الْمُطْلَقُ) أَيْ عَنْ ضَمِيمَةِ التَّعْصِيبِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ) حَيْثُ قَيَّدَ الْفَرْضَ بِالْمُطْلَقِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْوَلَدَ بِالذَّكَرِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الْأُنْثَى، لَكِنْ تَرَكَهُ لِانْفِهَامِهِ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ) فَإِنَّ لَهُ السُّدُسَ فَرْضًا وَلِلْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لَهُ تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَسْأَلَةً) الْأَصْوَبُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ: ثَلَاثَ عَشَرَةَ بِتَذْكِيرِ الثَّلَاثَةِ وَتَأْنِيثِ الْعَشَرَةِ لِتَأْنِيثِ مَسْأَلَةً وَإِنْ كَانَ لَفْظِيًّا (قَوْلُهُ خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ) الْأَوْلَى أَنَّ أُمَّهُ لَا تَرِثُ مَعَهُ، وَتَرِثُ مَعَ الْجَدِّ. الثَّانِيَةُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ الْأَبَوَيْنِ وَأَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فَلِأُمِّهِ ثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَ نَصِيبِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي أَيْضًا. الثَّالِثَةُ: أَنَّ بَنِي الْأَعْيَانِ وَالْعِلَّاتِ كُلَّهُمْ يَسْقُطُونَ مَعَ الْأَبِ إجْمَاعًا وَيَسْقُطُونَ مَعَ الْجَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا عِنْدَهُمَا، الرَّابِعَةُ: أَنَّ أَبَا الْمُعْتِقِ مَعَ ابْنِهِ يَأْخُذُ سُدُسَ الْوَلَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَيْسَ لِلْجَدِّ ذَلِكَ، بَلْ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلِابْنِ وَلَا يَأْخُذُ الْجَدُّ شَيْئًا مِنْ الْوَلَاءِ عِنْدَ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ. الْخَامِسَةُ: لَوْ تَرَكَ جَدَّ مُعْتِقِهِ وَأَخَاهُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَخْتَصُّ الْجَدُّ بِالْوَلَاءِ وَقَالَا الْوَلَاءُ. بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ

(6/770)


وَبَاقِيهَا فِي غَيْرِهَا وَزَادَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ فِي زَوَاهِرِهِ أُخْرَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ: ضَمِنَ الْأَبُ مَهْرَ صَبِيِّهِ فَأَدَّى رَجَعَ لَوْ شُرِطَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
الْجَدِّ أَبٌ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ اتِّفَاقًا قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَهَذِهِ مُسْتَفَادٌ حُكْمُهَا مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ اهـ ح (قَوْلُهُ وَبَاقِيهَا فِي غَيْرِهَا) . الْأَوْلَى: لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ الْأَبُ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
الثَّانِيَةُ: تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ دُونَ جَدِّهِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ وَلَدِهِ إلَى مَوَالِيهِ دُونَ الْجَدِّ.
الرَّابِعَةُ: يَصِيرُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ جَدِّهِ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ تَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَمَالًا فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهُوَ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْجَدِّ.
السَّادِسَةُ: فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أَخٌ وَجَدٌّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَشْتَرِكَانِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ يَخْتَصُّ الْجَدُّ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ أَبٌ اخْتَصَّ اتِّفَاقًا.
السَّابِعَةُ: إذَا مَاتَ أَبُوهُ صَارَ يَتِيمًا وَلَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ لِإِزَالَةِ الْيَتِيمِ عَنْهُ.
الثَّامِنَةُ: لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا، وَلَا مَالَ لَهُ وَلَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبُو الْأَبِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ وَلَوْ كَانَ كَالْأَبِ كَانَ كُلُّهَا عَلَيْهِ اهـ ح. أَقُولُ: وَفِي الْخَامِسَةِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ قَبِيلَ شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ أَنَّ الْوِلَايَةَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ لِأَبِيهِ، ثُمَّ لِوَصِيِّ الْأَبِ، ثُمَّ لِلْجَدِّ، ثُمَّ لِوَصِيِّهِ، ثُمَّ لِلْقَاضِي، ثُمَّ لِوَصِيِّهِ فَالْجَدُّ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ، وَوَصِيِّهِ فَلَمْ يُخَالِفْ الْجَدُّ فِيهَا الْأَبَ تَأَمَّلْ، وَالسَّادِسَةُ: يَجْرِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِنَحِ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّامِنَةِ: وَلَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَشْبَاهِ، وَفِي بَعْضِهَا وَلَهُمْ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ الْعَائِدِ إلَى الصِّغَارِ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ نَفَقَةَ الصَّغِيرِ تَجِبُ عَلَى قَرِيبِهِ الْمَحْرَمِ بِقَدْرِ الْإِرْثِ كَمَا فِي الْمُتُونِ أَيْ بِقَدْرِ إرْثِ الْمَحْرَمِ مِنْ الصَّغِيرِ لَوْ مَاتَ فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ هُنَا أُمَّ الصِّغَارِ صَحَّ كَوْنُ الثُّلُثِ عَلَيْهَا وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ، لِأَنَّهُ قَدْرُ إرْثِهَا مِنْهُمْ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ أُمُّ أَبِيهِمْ الْمَيِّتِ يَكُونُ عَلَيْهَا السُّدُسُ، لِأَنَّهَا جَدَّةٌ لَهُمْ وَفَرْضُ الْجَدَّةِ السُّدُسُ لَا الثُّلُثُ فَلَا يَصِحُّ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ إلَى الْمَيِّتِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ إرْجَاعُهُ إلَى الصِّغَارِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ (قَوْلُهُ وَزَادَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَقُولُ: يُزَادُ أَيْضًا، أَنَّهُ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْجَدِّ الْمُعْسِرِ، وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ جَدِّهِ وَإِنَّ الْجَدَّ إذَا أَقَرَّ بِنَافِلَةٍ وَابْنُهُ حَيٌّ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ السَّيِّدُ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ وَزِدْت أُخْرَى أَيْضًا تَقَدَّمَتْ قَبِيلٍ فَصْلِ شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ وَهِيَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَأَبِي الْمَيِّتِ، فَلِلْوَصِيِّ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَأَبُو الْمَيِّتِ لَهُ بَيْعُهَا لِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ لَا لِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ تُحْفَظُ مِنْ الْخَصَّافِ، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَأَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ وَبِقَوْلِ الْخَصَّافِ يُفْتَى اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَدَّ الصَّغِيرِ خَالَفَ الْأَبَ وَوَصِيَّ الْأَبِ فِي هَذِهِ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْوَهْبَانِيَّةِ ذَكَرَهَا هُنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْأَبُ مَهْرَ صَبِيِّهِ) عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مَهْرَ زَوْجَةِ صَبِيِّهِ: أَيْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَمَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِصَبِيَّتِهِ بِالتَّاءِ فَتَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ لَوْ شَرَطَ) أَيْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حِينَ الْعَقْدِ لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ، وَأَشْهَدَ أَخْذًا مِمَّا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا نَقَدَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَ شَيْءٍ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ، وَنَوَى الرُّجُوعَ يَرْجِعُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً مَا لَمْ يُشْهِدْ وَلَوْ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ وَإِلَّا لَا اهـ.

(6/771)


وَإِلَّا لَا وَلَوْ وَلِيًّا غَيْرَهُ أَوْ وَصِيًّا رَجَعَ مُطْلَقًا انْتَهَى فَقَوْلُهُ لَوْ وَلِيًّا غَيْرَهُ يَعُمُّ الْجَدَّ فَيَرْجِعُ كَالْوَصِيِّ بِخِلَافِ الْأَبِ

(وَلِلْأُمِّ) ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ (السُّدُسُ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَعَ اثْنَيْنِ مِنْ الْأُخُوَّةِ أَوْ) مِنْ (الْأَخَوَاتِ) فَصَاعِدًا مِنْ أَيْ جِهَةٍ كَانَا وَلَوْ مُخْتَلِطَيْنِ وَالثُّلُثُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا وَثُلُثُ الْبَاقِي مَعَ الْأَبِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ

(وَ) السُّدُسُ (لِلْجَدَّةِ مُطْلَقًا) كَأُمِّ أُمٍّ وَأُمِّ أَبٍ (فَصَاعِدًا) يَشْتَرِكْنَ فِيهِ (إذْ كُنَّ ثَابِتَاتٍ) أَيْ صَحِيحَاتٍ كَالْمَذْكُورَتَيْنِ فَإِنَّ الْفَاسِدَةَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا سَيَجِيءُ (مُتَحَاذِيَاتٌ فِي الدَّرَجَةِ لِأَنَّ الْقُرْبَى تَحْجُبُ الْبُعْدَى) مُطْلَقًا كَمَا سَيَجِيءُ

(وَ) السُّدُسُ (لِبِنْتِ الِابْنِ) فَأَكْثَرَ (مَعَ الْبِنْتِ) الْوَاحِدَةِ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ

(وَ) السُّدُسُ (لِلْأُخْتِ) لِأَبٍ فَأَكْثَرَ (مَعَ الْأُخْتِ) الْوَاحِدَةِ (لِأَبَوَيْنِ) تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ

(وَ) السُّدُسُ (لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَالثُّلُثُ لِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) ذُكُورُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ

(وَ) الثُّلُثُ (لِلْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ لَهَا مَعَهُ السُّدُسُ) كَمَا مَرَّ (وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَالتَّزْوِيجُ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْأَبَ فَيَرْجِعُ إنْ أَشْهَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ اسْتِحْسَانًا لِلْعُرْفِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ رَجَعَ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِتَحَمُّلِهِ الْمَهْرَ عَنْ الصَّغِيرِ

(قَوْلُهُ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاثْنَانِ فَأَكْثَرَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُخْتَلَطِينَ) أَيْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَالثُّلُثَ عِنْدَ عَدَمِهِمْ) أَيْ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَالْعَدَدِ مِنْ الْأُخُوَّةِ وَالْأَخَوَاتِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَثُلُثَ الْبَاقِي إلَخْ) تَحْتَهُ صُورَتَانِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ ط: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يَعْنِي الثُّلُثَ وَثُلُثَ الْبَاقِي مَعَ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا فِيمَا سَيَأْتِي لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى جَمْعُ حَالَاتِ الْأُمِّ مُتَوَالِيَةً

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ لِأُمٍّ) أَوْ لِأَبٍ كَمَا مَثَّلَ. (قَوْلُهُ أَيْ صَحِيحَاتٍ) الْجَدَّةُ الصَّحِيحَةُ مَنْ لَيْسَ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الْمَيِّتِ جَدٌّ فَاسِدٌ: وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْمُدْلِيَةُ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ أَوْ بِمَحْضِ الذُّكُورِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ أَوْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ إلَى مَحْضِ الذُّكُورِ كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَى أَوْ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَى وَارِثَةً كَأُمِّ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ مَعَ أُمِّ أُمِّ الْأُمِّ أَوْ مَحْجُوبَةً بِالْأَبِ عِنْدَ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَجْبِ

(قَوْلُهُ وَالسُّدُسُ لِبِنْتِ الِابْنِ إلَخْ) لِلْبَنَاتِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٌ تَتَحَقَّقُ فِي بَنَاتِ الصُّلْبِ، وَبَنَاتِ الِابْنِ وَهِيَ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلْأَكْثَرِ وَإِذَا كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ عَصَّبَهُنَّ وَثَلَاثَةٌ تَنْفَرِدُ بِهَا بَنَاتُ الِابْنِ.
الْأَوْلَى: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
الثَّانِيَةُ: يَسْقُطْنَ بالصُّلْبِيَّتَيْن فَأَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ لَيْسَ أَعْلَى مِنْهُنَّ فَيُعَصِّبَهُنَّ.
الثَّالِثَةُ: يَسْقُطْنَ بِالِابْنِ الصُّلْبِيِّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا

(قَوْلُهُ وَالسُّدُسُ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ لِلْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ أُمٍّ سَبْعَةَ أَحْوَالٍ خَمْسَةٌ تَتَحَقَّقُ فِي الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ، وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ: وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْمَارَّةُ فِي بَنَاتِ الصُّلْبِ.
وَالرَّابِعَةُ: أَنَّهُنَّ يَصِرْنَ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ.
وَالْخَامِسَةُ: أَنَّهُنَّ يَسْقُطْنَ بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَبِالْأَبِ اتِّفَاقًا وَبِالْجَدِّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَثِنْتَانِ تَنْفَرِدُ بِهِمَا الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ: الْأُولَى: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُنَّ يَسْقُطْنَ مَعَ الشَّقِيقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ مَنْ يُعَصِّبُهُنَّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ السِّرَاجِيَّةِ، وَيَسْقُطْنَ بِالْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ إذَا صَارَتْ عَصَبَةً: أَيْ إذَا كَانَتْ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ قَالَ السَّيِّدُ: لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْأَخِ فِي كَوْنِهَا عَصَبَةً أَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ وَالسُّدُسُ لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) أَيْ لِلْأَخِ أَوْ الْأُخْتِ لِأُمٍّ وَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ ذَكَرَ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ أَنَّهُمْ يَسْقُطُونَ بِالْفَرْعِ الْوَارِثِ وَبِالْأَبِ وَالْجَدِّ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ لَهَا مَعَهُ السُّدُسُ) أَيْ أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ بَعْدَ فَرْضِ

(6/772)


أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) كَمَا قَدَّمْنَا وَذَلِكَ (فِي زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ) وَأُمٍّ فَلَهَا حِينَئِذٍ الرُّبْعُ (أَوْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ) وَأُمٍّ فَلَهَا حِينَئِذٍ السُّدُسُ وَيُسَمَّى ثُلُثًا تَأَدُّبًا مَعَ قَوْله تَعَالَى - {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11]-

(وَالثُّلُثَانِ لِكُلِّ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِمَّنْ فَرْضُهُ النِّصْفُ) وَهُوَ خَمْسَةٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَالزَّوْجُ (إلَّا الزَّوْجَ) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ الْعَصَبَاتُ النِّسْبِيَّةِ ثَلَاثَةٌ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ (يَحُوزُ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ كُلُّ ذَكَرٍ) فَالْأُنْثَى لَا تَكُونُ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا بَلْ بِغَيْرِهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا (لَمْ يَدْخُلْ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى) فَإِنْ دَخَلَتْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً كَوَلَدِ الْأُمِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْبَاقِي أَيْ ثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَأُمٌّ) لَفْظُ أُمٍّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ زَائِدٌ أَفَادَهُ ح أَيْ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهَا حِينَئِذٍ الرُّبْعُ) لِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعَ وَمَخْرَجُهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ لِلْأُمِّ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ رُبْعُ الْأَرْبَعَةِ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ فَلَهَا حِينَئِذٍ السُّدُسُ) لِأَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا يَبْقَى، وَهُوَ وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ تَأَدُّبًا إلَخْ) لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى - فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ - ثُلُثُ مَا وَرِثَهُ الْأَبَوَانِ سَوَاءٌ كَانَ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُطَوَّلَاتِ فَالثُّلُثُ هُنَا وَإِنْ صَارَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبْعَ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ سُدُسَهُ إلَّا أَنَّ الْأَدَبَ التَّعْبِيرُ بِهِ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْقُرْآنِ وَتَبَاعُدًا عَنْ إيهَامِ الْمُخَالَفَةِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ إمْكَانِ تَعَدُّدِهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ ذَاكَ تَعَدُّدًا لَا حَقِيقَةً وَلَا صُورَةً وَإِنَّمَا شَرَّكَ بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِلتَّرْجِيحِ، بِلَا مُرَجِّحٍ وَلِذَا لَمْ يُعْطَيَا إلَّا نَصِيبَ زَوْجٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا الزَّوْجَ تَبَعًا لِلْمَجْمَعِ مُسْتَدْرَكٌ تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْعَصَبَاتِ]
ِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الْعَصَبَةُ قَرَابَةُ الرَّجُلِ لِأَبِيهِ وَكَأَنَّهَا جَمْعُ عَاصِبٍ، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ بِهِ، مِنْ عَصَبُوا بِهِ إذَا أَحَاطُوا حَوْلَهُ ثُمَّ سُمِّيَ بِهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ لِلْغَلَبَةِ وَقَالُوا فِي مَصْدَرِهَا الْعُصُوبَةُ، وَالذَّكَرُ يُعَصِّبُ الْمَرْأَةَ أَيْ يَجْعَلُهَا عَصَبَةً اهـ فَالْعَصَبَاتُ جَمْعُ الْجَمْعِ كَالْجِمَالَاتِ أَوْ جَمْعُ الْمُفْرَدِ عَلَى جَعْلِ الْعَصَبَةِ اسْمًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ) سَيَأْتِي بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَالْأُنْثَى لَا تَكُونُ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ كُلُّ ذَكَرٍ الْعَصَبَةُ بِالْغَيْرِ، وَالْعَصَبَةُ مَعَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُمَا إنَاثٌ فَقَطْ وَأَمَّا الْمُعْتَقَةُ، فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا، فَهِيَ لَيْسَتْ نَسَبِيَّةً، وَالْمَقْصُودُ الْعَصَبَاتُ النَّسَبِيَّةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا، وَلِذَلِكَ خَرَجَ الْمُعْتَقُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ) الْمُرَادُ عَدَمُ تَوَسُّطِ الْأُنْثَى سَوَاءٌ تَوَسَّطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرٌ كَالْجَدِّ وَابْنِ الِابْنِ أَوْ لَا كَالْأَبِ وَالِابْنِ الصُّلْبِيِّ (قَوْلُهُ: كَوَلَدِ الْأُمِّ) أَيْ الْأَخِ لِأُمٍّ وَأَمَّا الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَإِنَّهُ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ دَاخِلَةٌ فِي نِسْبَتِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَا يَنْتَسِبُ بِالْأُنْثَى فَقَطْ، وَأَجَابَ السَّيِّدُ بِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ أَصْلٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعُصُوبَةِ، فَإِنَّهَا إذَا انْفَرَدَتْ كَفَتْ فِي إثْبَاتِ الْعُصُوبَةِ، بِخِلَافِ قَرَابَةِ الْأُمِّ، فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ بِانْفِرَادِهَا عِلَّةً لِإِثْبَاتِهَا فَهِيَ مُلْغَاةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعُصُوبَةِ لَكِنَّا جَعَلْنَاهَا بِمَنْزِلَةِ وَصْفٍ زَائِدٍ فَرَجَّحْنَا بِهَا الْأَخَ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ اهـ. أَقُولُ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي نِسْبَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِي قَرَابَتِهِ فَإِنَّ الْأُنْثَى دَاخِلَةٌ فِي قَرَابَتِهِ لِأَخِيهِ لَا فِي نِسْبَتِهِ إلَيْهِ، لِأَنَّ النَّسَبَ لِلْأَبِ فَلَا يَثْبُتُ بِوَاسِطَةِ غَيْرِهِ اهـ.

(6/773)


فَإِنَّهُ ذُو فَرْضٍ وَكَأَبِي الْأُمِّ وَابْنِ الْبِنْتِ فَإِنَّهُمَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (مَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ) أَيْ جِنْسُهَا (وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ) بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ الْعَصَبَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ جُزْءُ الْمَيِّتِ ثُمَّ أَصْلُهُ ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ (وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ) بِهَذَا التَّرْتِيبِ فَيُقَدَّمُ جُزْءُ الْمَيِّتِ (كَالِابْنِ ثُمَّ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ أَصْلُهُ الْأَبُ وَيَكُونُ مَعَ الْبِنْتِ) بِأَكْثَرَ (عَصَبَةً وَذَا سَهْمٍ) كَمَا مَرَّ (ثُمَّ الْجَدُّ الصَّحِيحُ) وَهُوَ أَبُو الْأَبِ (وَإِنْ عَلَا) وَأَمَّا أَبُو الْأُمِّ فَفَاسِدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ الْأَخُ) لِأَبَوَيْنِ (ثُمَّ) لِأَبٍ ثُمَّ (ابْنُهُ) لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (وَإِنْ سَفَلَ) تَأْخِيرُ الْإِخْوَةِ عَنْ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى خِلَافًا لَهُمَا وَلِلشَّافِعِيِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
فَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا النِّسْبَةُ إلَى الْمَيِّتِ لَا إلَى الْأَبِ، فَالْمُرَادُ بِهَا الْقَرَابَةُ لَا النَّسَبُ الشَّرْعِيُّ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تَكُونَ الْعَصَبَةُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ أَبًا أَوْ جَدًّا فَيَخْرُجُ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَنَحْوُهُمَا فَافْهَمْ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ يَعْقُوبَ قَدْ زَيَّفَ هَذَا الْجَوَابَ وَأَخْرَجَهُ عَنْ دَائِرَةِ الصَّوَابِ بِنَحْوِ مَا قُلْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَتَعْرِيفُ الْعَصَبَةِ لَا يَخْلُو عَنْ كَلَامٍ وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيرِ الْمُرَادِ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ فِي مَنْظُومَتِهِ:
وَلَيْسَ يَخْلُو حَدُّهُ عَنْ نَقْدِ ... فَيَنْبَغِي تَعْرِيفُهُ بِالْعَدِّ
وَأَيْضًا فَتَخْصِيصُهُ بِالْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ لَا دَاعِيَ لَهُ، وَقَدْ عَرَّفَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْمَجْمَعِ بِقَوْلِهِ هُوَ ذَكَرٌ نَسِيبٌ أَدْلَى إلَى الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَحْضِ الذُّكُورِ أَوْ مُعْتِقٌ فَقَوْلُهُ أَوْ مُعْتِقٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " ذَكَرٌ "، وَلَوْ حَذَفَ " مَحْضِ " لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْأَخُ الشَّقِيقُ وَبَعْدَ هَذَا فَفِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ ذُو فَرْضٍ) أَيْ فَقَطْ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ وَارِثٍ ذَا فَرْضٍ أَنْ لَا يَكُونَ عَصَبَةً فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ ذُو فَرْضٍ وَيَصِيرُ عَصَبَةً (قَوْلُهُ: أَيْ جِنْسُهَا) أَيْ قَالَ لِلْجِنْسِ فَتَبْطُلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ، فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ فَرْضٌ وَاحِدٌ وَحَازَ الْبَاقِيَ بَعْدَ إعْطَائِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ ط (قَوْلُهُ: بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: قَيَّدْنَا بِهِ حَتَّى لَا يَرِدَ أَنَّ صَاحِبَ الْفَرْضِ إذَا خَلَا عَنْ الْعُصُوبَةِ قَدْ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمَالِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِبَعْضِهِ بِالْفَرْضِيَّةِ وَالْبَاقِي بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: جُزْءُ الْمَيِّتِ إلَخْ) الْمُرَادُ فِي الْجَمِيعِ الذُّكُورُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ) أَرَادَ بِالْجَدِّ مَا يَشْمَلُ أَبَا الْأَبِ، وَمَنْ فَوْقَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِنْ عَلَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ عَمَّ الْأَبِ وَعَمَّ الْجَدِّ فِي كَلَامِهِ الْآتِي خَارِجَانِ عَنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَخْ) أَيْ الْأَقْرَبُ جِهَةً ثُمَّ الْأَقْرَبُ دَرَجَةً ثُمَّ الْأَقْوَى قَرَابَةً فَاعْتِبَارُ التَّرْجِيحِ أَوَّلًا بِالْجِهَةِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، فَيُقَدَّمُ جُزْؤُهُ كَالِابْنِ وَابْنِهِ عَلَى أَصْلِهِ كَالْأَبِ وَأَبِيهِ وَيُقَدَّمُ أَصْلُهُ عَلَى جُزْءِ أَبِيهِ كَالْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَأَبْنَائِهِمْ، وَيُقَدَّمُ جُزْءُ أَبِيهِ عَلَى جُزْءِ جَدِّهِ كَالْأَعْمَامِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَأَبْنَائِهِمْ وَبَعْدَ التَّرْجِيحِ بِالْجِهَةِ إذَا تَعَدَّدَ أَهْلُ تِلْكَ الْجِهَةِ اُعْتُبِرَ التَّرْجِيحُ بِالْقَرَابَةِ، فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى ابْنِهِ وَالْأَبُ عَلَى أَبِيهِ وَالْأَخُ عَلَى ابْنِهِ لِقُرْبِ الدَّرَجَةِ، وَبَعْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَالْقَرَابَةِ يُعْتَبَرُ التَّرْجِيحُ بِالْقُوَّةِ، فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ، وَكَذَا أَبْنَاؤُهُمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ الْجَعْبَرِيُّ حَيْثُ قَالَ:
فَبِالْجِهَةِ التَّقْدِيمُ ثُمَّ بِقُرْبِهِ ... وَبَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ اجْعَلَا

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْأَبِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ ط (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ الصَّحِيحُ) هُوَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبُ الْأَبِ) الْأَوْلَى رَسْمُ أَبُو بِالْوَاوِ بِنَاءً عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ إعْرَابِهِ بِالْحُرُوفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِأَبٍ) أَيْ ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ أَمَّا الْأَخُ لِأُمٍّ فَذُو فَرْضٍ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَبَوَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ

(6/774)


قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ الْعَمُّ) لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُهُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ ثُمَّ ابْنُهُ) كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَا فَأَسْبَابُهَا أَرْبَعَةٌ: بُنُوَّةٌ ثُمَّ أُبُوَّةٌ ثُمَّ أُخُوَّةٌ ثُمَّ عُمُومَةٌ (وَ) بَعْدَ تَرْجِيحِهِمْ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ (يُرَجَّحُونَ) عِنْدَ التَّفَاوُتِ بِأَبَوَيْنِ وَأَبٍ كَمَا مَرَّ (بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ فَمَنْ كَانَ لِأَبَوَيْنِ) مِنْ الْعَصَبَاتِ وَلَوْ أُنْثَى كَالشَّقِيقَةِ مَعَ الْبِنْتِ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ (مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ كَانَ لِأَبٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ» . وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ يُقَدَّمُ ذُو الْقَرَابَتَيْنِ وَعِنْدَ التَّفَاوُتِ فِيهَا يُقَدَّمُ الْأَعْلَى

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَيَصِيرُ عَصَبَةً بِغَيْرِهِ الْبَنَاتُ بِالِابْنِ وَبَنَاتُ الِابْنِ بِابْنِ الِابْنِ) وَإِنْ سَفَلُوا (وَالْأَخَوَاتُ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (بِأَخِيهِنَّ) فَهُنَّ أَرْبَعٌ ذَوَاتُ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ يَصِرْنَ عَصَبَةً بِإِخْوَتِهِنَّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) قَالَهُ صَاحِبُ السِّرَاجِيَّةِ فِي شَرْحِهِ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ عَمِّ الْأَبِ وَعَمِّ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَا) أَيْ ابْنُ عَمِّ الْأَبِ وَابْنُ عَمِّ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: فَأَسْبَابُهَا) أَيْ الْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ تَرْجِيحِهِمْ إلَخْ) أَيْ تَرْجِيحِ أَهْلِ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ كَتَرْجِيحِ الْإِخْوَةِ مَثَلًا عَلَى أَبْنَائِهِمْ يُرَجَّحُ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ إذَا تَفَاوَتُوا فِيهَا كَالْأَخِ الشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِأَبٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَبَوَيْنِ وَأَبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّفَاوُتِ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ حَالٌ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ مُتَعَلِّقٌ بِيُرَجَّحُونَ.
(قَوْلُهُ: كَالشَّقِيقَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَصَبَةِ بِالنَّفْسِ وَهَذِهِ عَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ لَكِنْ قَالَ السَّيِّدُ: إنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا لِمُشَارَكَتِهَا فِي الْحُكْمِ لِمَنْ هُوَ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: «إنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ» إلَخْ) تَمَامُ الْحَدِيثِ «يَرِثُ الرَّجُلُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ اهـ قَاسِمٌ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ بَنِي الْأَعْيَانِ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ وَأُمٍّ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَيْ أَبٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ بَنِي الْعَلَّاتِ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ عَلَّ مَنْ زَوْجَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَالْعَلَلُ الشُّرْبُ الثَّانِي يُقَالُ عَلَّهُ إذَا سَقَاهُ السَّقْيَةَ الثَّانِيَةَ، وَأَمَّا الْإِخْوَةُ لِأُمٍّ فَهُوَ بَنُو الْأَخْيَافِ كَمَا سَيَأْتِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِبَنِي الْأُمِّ فِي الْحَدِيثِ مَا يَشْمَلُ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْإِخْوَةَ لِأُمٍّ فَقَطْ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِأَعْيَانِهِمْ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْمُغْرِبِ أَعْيَانُ الْقَوْمِ أَشْرَافُهُمْ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ بَنُو الْأَعْيَانِ وَمِنْهُ حَدِيثُ «أَعْيَانُ بَنِي أُمٍّ يَتَوَارَثُونَ» اهـ. وَقَالَ السَّيِّدُ: وَالْمَقْصُودُ بِذِكْرِ الْأُمِّ هَاهُنَا إظْهَارُ مَا يَتَرَجَّحُ بِهِ بَنُو الْأَعْيَانِ عَلَى بَنِي الْعَلَّاتِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَيْهِمْ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَلِذَا كَانُوا أَعْيَانًا

(قَوْلُهُ: الْبَنَاتُ) اسْمُ يَصِيرُ مُؤَخَّرٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ عَصَبَةً بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ بِالِابْنِ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُنَّ عِنْدَ عَدَمِهِ صَاحِبَاتُ فَرْضٍ دَائِمًا وَابْنُ الِابْنِ لَا يُعَصِّبُ ذَاتَ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلُوا) أَيْ بَنَاتُ الِابْنِ وَابْنُ الِابْنِ (قَوْلُهُ: بِأَخِيهِنَّ) أَيْ الْمُسَاوِي لَهُنَّ قَرَابَةً دُرَرُ الْبِحَارِ قَالَ الطُّورِيُّ: وَفِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ وَلَا يُعَصِّبُ الشَّقِيقَةَ الْأَخُ لِأَبٍ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ فِي النَّسَبِ بَلْ تَأْخُذُ فَرْضَهَا وَلَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَ لِأَبٍ أَخٌ شَقِيقٌ بَلْ يَحْجُبُهَا لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا إجْمَاعًا اهـ وَفِي مَنْظُومَةِ الْمُصَنِّفِ الْمُسَمَّاةِ تُحْفَةَ الْقُرْآنِ:
وَلَا تَرِثْ أُخْتٌ لَهُ مِنْ الْأَبِ ... مَعْ صِنْوِهِ الشَّقِيقِ فَاحْفَظْ تُصِبْ
وَذَكَرَ فِي شَرْحِهَا عَنْ الْجَوَاهِرِ أَنَّ بَعْضَهُمْ ظَنَّ أَنَّ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ اهـ (قَوْلُهُ: ذَوَاتُ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ) خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْ أَرْبَعٍ أَيْ مَنْ لَهُنَّ النِّصْفُ إذَا انْفَرَدْنَ وَالثُّلُثَانِ إذَا تَعَدَّدْنَ، وَهُنَّ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ قِيلَ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ تُذْكَرَ الْأُمُّ مَعَ الْأَبِ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهَا إذَا كَانَا مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ

(6/775)


وَلَوْ حُكْمًا كَابْنِ ابْنِ ابْنٍ يُعَصِّبُ مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ (وَمَعَ غَيْرِهِ الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ) أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ لِقَوْلِ الْفَرْضِيِّينَ اجْعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً وَالْمُرَادُ مِنْ الْجَمْعَيْنِ هُنَا الْجِنْسُ (وَعَصَبَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَ) وَلَدِ (الْمُلَاعَنَةِ) (مَوْلَى الْأُمِّ) الْمُرَادُ بِالْمَوْلَى مَا يَعُمُّ الْمُعْتِقَ وَالْعَصَبَةَ لِيَعُمَّ مَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ حُرَّةَ الْأَصْلِ كَمَا بَسَطَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
كَمَا مَرَّ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ الْبَاقِيَ بِطَرِيقِ الْفَرْضِ لَا التَّعْصِيبِ وَأَشَارَ إلَى مَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَشَرْحِهَا مِنْ أَنَّ مَنْ لَا فَرْضَ لَهَا مِنْ الْإِنَاثِ وَأَخُوهَا عَصَبَةٌ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِأَخِيهَا كَالْعَمِّ وَالْعَمَّةِ إذَا كَانَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ وَكَذَا فِي ابْنِ الْعَمِّ مَعَ بِنْتِ الْعَمِّ وَفِي ابْنِ الْأَخِ مَعَ بِنْتِ الْأَخِ وَنَظَمْت ذَلِكَ بِقَوْلِي:
وَلَمْ يُعَصِّبْ غَيْرَ ذَاتِ سَهْمِ ... أَخٌ كَمِثْلِ عَمَّةٍ وَعَمِّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) تَعْمِيمٌ لِلْأَخِ بِالنَّظَرِ إلَى بِنْتِ الِابْنِ فَإِنَّ عُصُوبَتَهَا لَمْ تَخْتَصَّ بِأَخِيهَا فَقَطْ فَإِنَّهَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِهِ وَبِابْنِ عَمِّهَا، وَبِمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا إذَا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ فَرْضٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ

(قَوْلُهُ: الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ) أَيْ الْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، أَمَّا الْأُخْتُ لِأُمٍّ فَلَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا، وَهُوَ ذَكَرٌ فَعَدَمُ كَوْنِهَا عَصَبَةً مَعَ الْغَيْرِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ الْفَرْضِيِّينَ إلَخْ) جَعَلَهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا حَدِيثًا قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ خَرَّجَهُ، لَكِنَّ أَصْلَهُ ثَابِتٌ بِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ وَجَعَلَهُ ابْنُ الْهَائِمِ فِي فُصُولِهِ مِنْ قَوْلِ الْفَرْضِيِّينَ وَتَبِعَهُ شُرَّاحُهَا كَالْقَاضِي زَكَرِيَّا وَسِبْطٍ الْمَارْدِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا اهـ. [تَنْبِيهٌ]
الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعُصْبَتَيْنِ أَنَّ الْغَيْرَ فِي الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ، يَكُونُ عَصَبَةً بِنَفْسِهِ فَتَتَعَدَّى بِسَبَبِهِ الْعُصُوبَةُ إلَى الْأُنْثَى وَفِي الْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ، لَا تَكُونُ عَصَبَةً أَصْلًا، بَلْ تَكُونُ عُصُوبَةُ تِلْكَ الْعَصَبَةِ مُجَامِعَةً لِذَلِكَ الْغَيْرِ سَيِّدٌ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى وَجْهِ اخْتِصَاصِ الْأَوَّلِ بِالْبَاءِ وَالثَّانِي بِمَعَ. قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ وَالْإِلْصَاقُ بَيْنَ الْمُلْصَقِ وَالْمُلْصَقِ بِهِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ مُشَارِكِهِمَا فِي حُكْمِ الْمُلْصَقِ بِهِ، فَيَكُونَانِ مُشَارِكَيْنِ فِي حُكْمِ الْعُصُوبَةِ، بِخِلَافِ كَلِمَةِ مَعَ فَإِنَّهَا لِلْقِرَانِ وَالْقِرَانُ يَتَحَقَّقُ بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ بِغَيْرِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} [الفرقان: 35] أَيْ وَزِيرَهُ حَيْثُ كَانَ مُقَارَنًا بِهِ فِي النُّبُوَّةِ وَكَلَفْظِ الْقُدُورِيِّ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ: أَيْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ الْمُقَارَنَةُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ لَا أَنْ تَفُوتَهُمَا مَعًا فَتَكُونَ هِيَ عَصَبَةً دُونَ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَقَالَ بَدِيعُ الدِّينِ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ: الْفَرْقُ أَنَّ مَعَ قَدْ تُسْتَعَارُ لِلشَّرْطِ، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَسَطَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ) أَيْ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ نَقْلًا عَنْ الْجَوَاهِرِ، حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَتْ الْمُلَاعَنَةُ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَالْمِيرَاثُ لِمَوَالِيهِمَا وَهُمْ إخْوَتُهُمَا وَسَائِرُ عَصَبَةِ أُمِّهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً فَالْمِيرَاثُ لِمُعْتِقِهَا وَنَحْوُهُ ابْنُ الْمُعْتِقِ وَأَخُوهُ وَأَبُوهُ فَقَوْلُهُ: لِمَوَالِيهِمَا يَتَنَاوَلُ الْمُعْتِقَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ عَصَبَةُ أُمِّهِمَا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ أَقُولُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ شُرَّاحُ الْكَنْزِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ هُوَ أَوْ يُورَثَ بِالْعُصُوبَةِ إلَّا بِالْوَلَاءِ أَوْ الْوِلَادِ فَيَرِثُهُ مَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَعْتَقَ أُمَّهُ أَوْ مَنْ وَلَدَهُ بِالْعُصُوبَةِ وَكَذَا هُوَ يَرِثُ مُعْتِقَهُ أَوْ مُعْتِقَ مُعْتِقِهِ أَوْ وَلَدَهُ بِذَلِكَ اهـ.
فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ هُوَ أَوْ أُمُّهُ حُرَّ الْأَصْلِ فَلَا يَرِثُ أَوْ يُورَثُ بِالْعُصُوبَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَيْ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ، وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: ثُمَّ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، وَلَوْ قَرَابَةٌ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، فَلَا تَكُونُ عَصَبَةُ أُمِّهِ عَصَبَتَهُ، وَلَا أُمُّهُ عَصَبَةً لَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَصَبَةَ أُمِّهِ عَصَبَتُهُ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّ أُمَّهُ عَصَبَتُهُ لِمَا رَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «تُحْرِزُ الْمَرْأَةُ

(6/776)


لِأَنَّهُ لَا أَبًا لَهُمَا وَيَفْتَرِقَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهِيَ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأُمٍّ وَوَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ

(وَتُخْتَمُ الْعَصَبَاتُ بِ) الْعَصَبَةِ السَّبَبِيَّةِ أَيْ (الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتِهِ) بِنَفْسِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
ثَلَاثَ مَوَارِيثَ عَتِيقَهَا وَلَقِيطَهَا وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» وَقُلْنَا الْمِيرَاثُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالنَّصِّ وَلَا نَصَّ فِي تَوْرِيثِ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا فِي تَوْرِيثِ أَخٍ مِنْ أُمٍّ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ أَبِي الْأُمِّ وَنَحْوِهِ مِنْ عَصَبَةِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّ الْعُصُوبَةَ أَقْوَى أَسْبَابِ الْإِرْثِ وَالْإِدْلَاءُ بِالْأُمِّ أَضْعَفُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِهِ أَقْوَى أَسْبَابِ الْإِرْثِ وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّهَا تُحْرِزُ وَالْإِحْرَازُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعُصُوبَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُحْرِزَ فَرْضًا وَرَدًّا لَا تَعْصِيبًا. وَأَمَّا حَدِيثُ «عَصَبَتُهُ قَوْمُ أُمِّهِ» فَمَعْنَاهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِمَعْنَى الْعُصُوبَةِ: وَهِيَ الرَّحِمُ لَا فِي إثْبَاتِ حَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ اهـ مُلَخَّصًا. وَقَالَ فِي الْمُجْتَبَى شَرْحِ الْقُدُورِيِّ قَوْلُهُ: وَعَصَبَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مَوْلَى أُمِّهِمَا.
مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّ الْأُمَّ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ لَهُ وَلَا عَصَبَةَ الْأُمِّ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، إنَّمَا عَصَبَتُهُ مَوْلَى الْأُمِّ إذَا كَانَ لَهَا مَوْلًى وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأُمَّ لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَصَبَةً فِي حَقِّ غَيْرِ وَلَدِ الزَّانِيَةِ وَالْمُلَاعَنَةِ، فَكَذَا فِي حَقِّهِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا أَبَا لَهُمَا) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَزَادَ فِي الِاخْتِيَارِ مَا نَصُّهُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْحَقَ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ بِأُمِّهِ فَصَارَ كَشَخْصٍ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، فَوَجَبَ أَنْ يَرِثَهُ قَرَابَةُ أُمِّهِ وَيَرِثَهُمْ، فَلَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَأُمًّا وَالْمُلَاعِنَ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمَا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ فَرْضَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَرْضًا وَرَدًّا، وَلَوْ تَرَكَ أُمَّهُ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ وَابْنَ الْمُلَاعِنِ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي مَرْدُودٌ عَلَيْهِمَا، وَلَا شَيْءَ لِابْنِ الْمُلَاعِنِ لِأَنَّهُ لَا أَخَا لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَإِذَا مَاتَ وَلَدُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَرِثَهُ قَوْمُ أَبِيهِ، وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَلَا يَرِثُهُ قَوْمُ جَدِّهِ أَعْنِي الْأَعْمَامَ وَأَوْلَادَهُمْ وَبِهَذَا يُعْرَفُ بَقِيَّةُ مَسَائِلِهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ أَقُولُ: وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ حَيْثُ جَعَلَ لِأُمِّهِ الثُّلُثَ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ السُّدُسَ مَعَ أَنَّ أَخَاهُ عَصَبَةُ الْأُمِّ، فَلَوْ كَانَ عَصَبَةُ أُمِّهِ الْحُرَّةِ عَصَبَةً لَهُ لَأَخَذَ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: وَيَفْتَرِقَانِ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنَحِ وَسَكْبِ الْأَنْهُرِ وَغَيْرِهِمَا. أَقُولُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ اللِّعَانِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأُمٍّ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ شَهَادَاتِ الْجَامِعِ، وَقَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ إذَا كَانَ تَوْأَمًا فَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَالْجُمْهُورِ هُمَا كَالْأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَقَالَ مَالِكٌ: كَالْأَخَوَيْنِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّلِيلَ وَالتَّفَارِيعَ فَرَاجِعْهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مَذْهَبُ مَالِكٍ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَتُخْتَمُ الْعَصَبَاتُ إلَخْ) أَيْ خَتْمًا إضَافِيًّا وَإِلَّا فَالْخَتْمُ فِي الْحَقِيقَةِ بِعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ الْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتِقَ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَلَا مَعَ غَيْرِهِ لَكِنْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ النَّسَبِ، فَأَشَارَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَى تَأَخُّرِهِ عَنْ أَقْسَامِ الْعِصَابَاتِ النَّسَبِيَّةِ بِأَسْرِهَا لِأَنَّ النَّسَبِيَّ أَقْوَى مِنْ السَّبَبِيِّ، فَلِذَا غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْمُنَاسِبُ لِمَا سَبَقَ أَنْ يَقُولَ وَالْعَصَبَةُ السَّبَبِيَّةُ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَفَادَهُ يَعْقُوبُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُعْتِقِ) الْأَوْلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَصَبَتُهُ بِنَفْسِهِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ عَصَبَةَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ لَا تَرِثُ كَمَا بَيَّنَّاهُ سَابِقًا، وَاحْتَرَزَ بِالْعَصَبَةِ عَنْ أَصْحَابِ فُرُوضِ الْمُعْتِقِ كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ فَلَا يَرِثُونَ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْفَرْضِ فِي الْوَلَاءِ، وَقَيَّدَ الْعَصَبَةَ بِنَفْسِهِ احْتِرَازًا عَنْ الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ، وَمَعَ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ شَرَائِطِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ أَنْ لَا تَكُونَ الْأُمُّ حُرَّةَ الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانَتْ فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا.
(قَوْلُهُ: عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) فَتُقَدَّمُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ النَّسَبِيَّةِ بِنَفْسِهَا عَلَى عَصَبَتِهِ السَّبَبِيَّةِ أَعْنِي مُعْتِقَ الْمُعْتِقِ، وَمُعْتِقَهُ وَهَكَذَا فَيُقَدَّمُ

(6/777)


بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» (وَإِذَا تَرَكَ) الْمُعْتَقُ (أَبٌ مَوْلَاهُ وَابْنَ مَوْلَاهُ فَالْكُلُّ لِلِابْنِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِلْأَبِ السُّدُسُ (أَوْ) تَرَكَ (جَدَّهُ) أَيْ جَدَّ مَوْلَاهُ (وَأَخَاهُ فَهُوَ لِلْجَدِّ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ (وَقَالَا بَيْنَهُمَا) كَالْمِيرَاثِ وَلَيْسَ هُنَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَلَا مَعَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ» الْحَدِيثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
ابْنُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ، ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ، وَإِنْ عَلَا إلَخْ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا ابْنُ كَمَالٍ [تَنْبِيهٌ] ابْنٌ وَبِنْتٌ اشْتَرَيَا أَبِيهِمَا فَاشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ عَنْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ فَالْكُلُّ لِلِابْنِ لِأَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ النَّسَبِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْبِنْتِ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ سَبَبِيَّةٌ سَائِحَانِيٌّ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَتْ أَبَاهَا فَعَتَقَ عَلَيْهَا وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ بِنْتٍ أُخْرَى وَتَرَكَ مَالًا فَثُلُثَاهُ لَهُمَا فَرْضًا وَالْبَاقِي لِلْأُولَى تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ» ) أَيْ وُصْلَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي التَّهْذِيبِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ السَّيِّدُ: وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَيَاةٌ لِلْإِنْسَانِ إذْ بِهَا تَثْبُتُ صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ الَّتِي امْتَازَ بِهَا عَنْ سَائِرِ مَا عَدَاهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ وَالرِّقِّيَّةُ تَلَفٌ وَهَلَاكٌ فَالْمُعْتِقُ سَبَبٌ لِإِحْيَاءِ الْمُعْتَقِ، كَمَا أَنَّ الْأَبَ سَبَبٌ لِإِيجَادِ الْوَلَدِ وَكَمَا أَنَّ الْوَلَدَ مَنْسُوبٌ إلَى أَبِيهِ بِالنَّسَبِ، وَإِلَى أَقْرِبَائِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ، كَذَلِكَ الْمُعْتَقُ يُنْسَبُ بِالْوَلَاءِ يَعْنِي إلَى الْمُعْتِقِ، وَإِلَى أَقْرِبَائِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ فَكَمَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ بِالنَّسَبِ كَذَلِكَ يَثْبُتُ بِالْوَلَاءِ اهـ.
وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُجَرَّدِ أَنَّ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ مِنْ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَوْ عَصَبَتِهِ فَهُوَ وَارِثٌ دُونَ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْإِرْثِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي النَّسَبِ نَحْوُ إرْثِ الْأَبِ ابْنَهُ، وَبِالْعَكْسِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُشْعِرُ بِأَنَّ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَصَبَةٌ لِتَضَمُّنِهِ تَشْبِيهَهُ بِالْأَبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَبٌ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ الْعَصَبَاتِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَنْبَلِيِّ، فَالْأَوْلَى زِيَادَةُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمِيرَاثُ لِلْعَصَبَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ فَلِلْمَوْلَى» رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَرَكَ الْمُعْتَقُ) بِفَتْحِ تَاءِ الْمُعْتَقِ اسْمُ مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِلْأَبِ السُّدُسُ) هُوَ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِمَا وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْوَلَاءَ كُلَّهُ أَثَرُ الْمِلْكِ فَيَلْحَقُ بِحَقِيقَةِ الْمِلْكِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ مَالًا وَتَرَكَ أَبًا وَابْنًا كَانَ لِأَبِيهِ سُدُسُ مَالِهِ وَالْبَاقِي لِابْنِهِ فَكَذَا إذَا تَرَكَ وَلَاءً وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَثَرًا لِلْمِلْكِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ كَالْقِصَاصِ الَّذِي يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالْمَالِ، بِخِلَافِ الْوَلَاءِ فَلَا تَجْرِي فِيهِ سِهَامُ الْوَرَثَةِ بِالْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الْمَالِ، بَلْ هُوَ سَبَبٌ يُورَثُ بِهِ بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ، فَيُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالِابْنُ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْعَصَبَاتِ النَّسَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُنَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ.
مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ» .
(قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ) لَفْظُهُ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءً مُعْتَقُهُنَّ أَوْ مُعْتَقُ مُعْتَقِهِنَّ» وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ إلَّا وَلَاءُ مَا أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي كَاتَبْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَهُ أَوْ وَلَاءُ مَا دَبَّرْنَهُ أَوْ وَلَاءُ مَا دَبَّرَهُ مَنْ دَبَّرْنَهُ أَوْ جَرَّ وَلَاءُ مُعْتَقِهِنَّ، أَوْ الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ مَجْرُورُ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ وَحَذَفَ مِنْ كُلِّ نَظِيرٍ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ الْآخَرِ: أَيْ لَيْسَ لَهُنَّ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءُ مَا أَعْتَقْنَ،

(6/778)


وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شُذُوذٌ لَكِنَّهُ تَأَيَّدَ بِكَلَامِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْهُورِ كَمَا بَسَطَهُ السَّيِّدُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحَجْبِ فَقَالَ (وَلَا يُحْرَمُ سِتَّةٌ) مِنْ الْوَرَثَةِ (بِحَالٍ) أَلْبَتَّةَ (الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أَوْ وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ أَعْتَقْنَ، أَوْ وَلَاءُ مَا كَاتَبْنَ أَوْ وَلَاءُ مَا كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ وَلَاءُ مَا دَبَّرْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا دَبَّرَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ دَبَّرْنَهُ فَكَلِمَةُ مَا الْمَذْكُورَةُ وَالْمُقَدَّرَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مَرْقُوقٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِعْتَاقُ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ مَا يُتَمَلَّكُ مِمَّا لَا عَقْلَ لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج: 30] وَكَلِمَةُ مَنْ عِبَارَةٌ عَمَّنْ صَارَ حُرًّا مَالِكًا فَاسْتَحَقَّ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْعُقَلَاءِ فَعَبَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَا وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْ وَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتَصَرَّفٌ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَالثَّانِي مُتَصَرِّفٌ كَسَائِرِ الْمُلَّاكِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ جَرَّ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى الْمَحْذُوفِ، وَهُوَ وَلَاءُ وَوَلَاءُ الْمَذْكُورُ مَفْعُولُهُ وَمُعْتَقُهُنَّ فَاعِلُهُ وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ وَالْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37] أَيْ مُفْتَرًى أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مَوْصُوفٍ حُذِفَ، وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ وَوُضِعَ الْمُظْهَرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، وَالتَّقْدِيرُ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا كَذَا وَإِلَّا أَنْ جَرَّ أَيْ مَجْرُورَ مُعْتَقِهِنَّ، أَوْ الْوَلَاءَ جَرَّهُ مُعْتَقُهُنَّ، وَثَمَّ أَوْجُهٌ أُخَرُ لَا تَظْهَرُ وَصُورَةُ وَلَاءِ مُدَبَّرِهِنَّ: أَنَّ امْرَأَةً دَبَّرَتْ عَبْدًا ثُمَّ ارْتَدَّتْ، وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحُكِمَ بِلِحَاقِهَا وَبِحُرِّيَّةِ عَبْدِهَا الْمُدَبَّرِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَرَجَعَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ وَلَمْ يُخَلِّفْ عَصَبَةً نَسَبِيَّةً، فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ عَصَبَتُهُ وَحُكْمُ مُدَبَّرِ هَذَا الْمُدَبَّرِ كَذَلِكَ.
فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِحُرِّيَّةِ مُدَبَّرِهَا بِسَبَبِ لِحَاقِهَا فَاشْتَرَى عَبْدًا وَدَبَّرَهُ، ثُمَّ مَاتَ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ تَائِبَةً إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إمَّا قَبْلَ مَوْتِ مُدَبَّرِهَا أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ الثَّانِي وَلَمْ يُخَلِّفْ عَصَبَةً نَسَبِيَّةً فَوَلَاؤُهُ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ وَقَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ فِي تَصْوِيرِهِ وَجْهًا آخَرَ. وَصُورَةُ جَرِّهِ مُعْتَقُهُنَّ الْوَلَاءَ أَنَّ عَبْدَ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَ بِإِذْنِهَا جَارِيَةً قَدْ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، فَإِذَا أَعْتَقَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا جَرَّ ذَلِكَ الْعَبْدُ بِإِعْتَاقِهَا إيَّاهُ وَلَاءَ وَلَدِهِ إلَى مَوْلَاتِهِ، حَتَّى إذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ وَخَلَّفَ مُعْتِقَةَ أَبِيهِ فَوَلَاؤُهُ لَهَا وَصُورَةُ جَرٍّ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ الْوَلَاءَ أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا، فَاشْتَرَى الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَبْدًا وَزَوَّجَهُ بِمُعْتَقَةِ غَيْرِهِ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ فَإِذَا أَعْتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَبْدَهُ جَرَّ بِإِعْتَاقِهِ وَلَاءَ وَلَدِ مُعْتَقِهِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ إلَى مَوْلَاتِهِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَشُرُوطُ الْجَرِّ يُطْلَبُ مِنْ كِتَابِ الْوَلَاءِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شُذُوذٌ إلَخْ) الشَّاذُّ هُوَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ، فَإِذَا انْفَرَدَ الرَّاوِي بِشَيْءٍ نُظِرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لِذَلِكَ وَأَضْبَطُ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ شَاذًّا مَرْدُودًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُخَالِفٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ فَمَقْبُولٌ لَا يَقْدَحُ فِيهِ انْفِرَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُوثَقُ بِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ لِذَلِكَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ مِنْ دَرَجَةِ الْحَافِظِ الضَّابِطِ الْمَقْبُولِ تَفَرُّدُهُ، فَحَدِيثٌ حَسَنٌ وَإِلَّا فَشَاذٌّ مَرْدُودٌ هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي تَعْرِيفِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ تَأَيَّدَ إلَخْ) فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ، أَوْ كَاتَبْنَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَذَكَرَهُ رَزِينُ بْنُ الْعَبْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مِيرَاثُ الْوَلَاءِ لِلْأَكْبَرِ مِنْ الذُّكُورِ وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ» اهـ قَاسِمٌ (قَوْلُهُ: فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْهُورِ) الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ آحَادًا، ثُمَّ انْتَشَرَ فَصَارَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي وَمَنْ بَعْدَهُمْ مُتَوَاتِرًا وَلَمَّا كَانَ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ وَهُمْ الصَّحَابَةُ ثِقَاتٍ لَا يُتَّهَمُونَ صَارَتْ شَهَادَتُهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَوَاتِرِ حُجَّةً، حَتَّى قَالَ الْجَصَّاصُ إنَّهُ أَحَدُ قِسْمَيْ الْمُتَوَاتِرِ يَعْقُوبُ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحَجْبِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ بَيَانِ

(6/779)


أَيْ الْأَبَوَانِ وَالْوَلَدَانِ (وَالزَّوْجَانِ) وَفَرِيقٌ يَرِثُونَ بِحَالٍ، وَيُحْجَبُونَ حَجْبَ الْحِرْمَانِ بِحَالٍ أُخْرَى وَهُمْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ سَوَاءٌ كَانُوا عَصَبَاتٍ أَوْ ذَوِي فُرُوضٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا (أَنَّهُ يَحْجُبُ الْأَقْرَبُ مِمَّنْ سِوَاهُمْ الْأَبْعَدَ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ اتَّحَدَا فِي السَّبَبِ أَمْ لَا (وَ) الثَّانِي (أَنَّ مَنْ أَدْلَى بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَهُ) كَابْنِ الِابْنِ لَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ (إلَّا وَلَدَ الْأُمِّ) فَيَرِثُ مَعَهَا لِعَدَمِ اسْتِغْرَاقِهَا لِلتَّرِكَةِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ (وَالْمَحْرُومُ) كَابْنِ كَافِرٍ أَوْ قَاتِلٍ (لَا يَحْجُبُ) عِنْدَنَا أَصْلًا (وَيَحْجُبُ الْمَحْجُوبُ) اتِّفَاقًا كَأُمِّ الْأَبِ تُحْجَبُ بِالْأَبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
الْوَارِثِينَ مِنْ ذِي فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ، لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُحْجَبُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ عَنْ سَهْمٍ مُقَدَّرٍ إلَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَاصْطِلَاحًا مَنْعُ مَنْ يَتَأَهَّلُ لِلْإِرْثِ بِآخَرَ عَمَّا كَانَ لَهُ الْوَلَاءُ فَخَرَجَ الْقَاتِلُ وَالْكَافِرُ وَشَمِلَ نَوْعَيْ الْحَجْبِ، لِأَنَّ أَئِمَّتَنَا اصْطَلَحُوا عَلَى تَسْمِيَةِ مَا كَانَ الْمَنْعُ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ كَكَوْنِهِ رَقِيقًا أَوْ قَاتِلًا مَحْرُومًا، وَمَا كَانَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِ مَحْجُوبًا، وَقَسَمُوا الْحَجْبَ إلَى حَجْبِ حِرْمَانٍ، وَهُوَ مَنْعُ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ عَنْ الْإِرْثِ بِالْكُلِّيَّةِ، لِوُجُودِ شَخْصٍ آخَرَ وَحَجْبُ نُقْصَانٍ، وَهُوَ حَجْبُهُ مِنْ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ إلَى فَرْضٍ أَقَلَّ مِنْهُ لِوُجُودِ آخَرَ فَخَرَجَ انْتِقَاصُ السِّهَامِ بِالْعَوْلِ وَكَذَا انْتِقَاصُ حِصَصِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ بِالِاجْتِمَاعِ مَعَ مَنْ يُجَانِسُهُمْ عَنْ حَالَةِ الِانْفِرَادِ كَالزَّوْجَاتِ مَثَلًا، ثُمَّ حَجْبُ الْحِرْمَانِ يَدْخُلُ فِيمَنْ عَدَّ السِّتَّةَ الْمَذْكُورِينَ مَتْنًا وَحَجْبُ النُّقْصَانِ يَدْخُلُ فِي خَمْسَةٍ فَقَطْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَبَوَانِ) أَيْ الْأَبُ وَالْأُمُّ دُونَ مَنْ فَوْقَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْجَدِّ وِ الْجَدَّة قَدْ يُحْجَبُ حِرْمَانًا فَهُمَا مِنْ الْفَرِيقِ الْآخَرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدَانِ) أَيْ الِابْنُ وَالْبِنْتُ وَثَنَّاهُ لِلْمُنَاسَبَةِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانُوا عَصَبَاتٍ) وَكَذَا مَنْ بِمَعْنَى الْعَصَبَاتِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ حَجْبُ الْحِرْمَانِ فِي الْفَرِيقِ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ أَيْ مُتَرَتِّبٌ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِ مَجْمُوعِهِمَا، فَإِذَا وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا وُجِدَ وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ بَحْثٌ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: يَحْجُبُ الْأَقْرَبُ) أَيْ بِحَسَبِ الدَّرَجَةِ أَوْ الْقَرَابَةِ وَالضَّمِيرُ فِي سِوَاهُمْ لِلسِّتَّةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: اتَّحَدَا فِي السَّبَبِ) كَالْجَدَّاتِ مَعَ الْأُمِّ وَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الصُّلْبِيَّتَيْنِ أَمْ لَا كَالْإِخْوَةِ مَعَ الْأَبِ (قَوْلُهُ: مَنْ أَدْلَى) الْإِدْلَاءُ لُغَةً إرْسَالُ الدَّلْوِ فِي الْبِئْرِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ فِيهِ، وَلَوْ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ فَمَعْنَى يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ يُرْسِلُ قَرَابَتَهُ إلَيْهِ بِشَخْصٍ وَالْبَاءُ فِيهِ لِلْإِلْصَاقِ، فَالْقَرَابَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُدْلِي وَالْوَاسِطَةِ ط (قَوْلُهُ: كَابْنِ الِابْنِ إلَخْ) مِثَالٌ مِنْ الْعَصَبَاتِ وَمِثْلُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ أُمُّ الْأُمِّ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ [تَنْبِيهٌ]
يَرِدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: لُزُومُ حَجْبِ أُمِّ الْأُمِّ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ تُدْلِ بِهِ وَكَذَا حَجْبُ بِنْتِ الِابْنِ بِالْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ الصُّلْبِيَّةِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ بِالْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ وَابْنِ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ بِالْأَخِ لِأُمٍّ، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَاتِ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ لِلْفَرِيقِ الثَّانِي الَّذِينَ يَرِثُونَ تَارَةً وَيُحْرَمُونَ أُخْرَى، وَفِيهِمْ الْعَصَبَاتُ وَغَيْرُهُمْ، وَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَقْرَبَ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ إذَا كَانَ الْأَبْعَدُ مُدْلِيًا بِالْأَقْرَبِ فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِمَا أَصْلَيْنِ وَلَزِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَرِثَ وَلَدُ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ الَّذِي لَيْسَ بِأَبِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُدْلِي بِهِ أَفَادَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ انْفَرَدَتْ فَإِنَّهَا تَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ لَكِنْ بِجِهَتَيْ الْفَرْضِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَالْمَحْرُومَ) أَيْ مَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ عَنْ الْإِرْثِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَنَا) وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ يُحْجَبُ نُقْصَانًا لَا حِرْمَانًا كَالِابْنِ الْكَافِرِ مَثَلًا مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُحْجَبُ الْأَخُ لِأُمٍّ بِابْنٍ كَافِرٍ حَجْبَ حِرْمَانٍ (قَوْلُهُ: أَصْلًا) أَيْ لَا نُقْصَانًا وَلَا حِرْمَانًا (قَوْلُهُ: وَيَحْجُبُ الْمَحْجُوبُ) أَيْ الْمَحْجُوبُ حِرْمَانًا يَحْجُبُ غَيْرَهُ حِرْمَانًا وَنُقْصَانًا وَمَثَّلَ لِكُلٍّ بِمِثَالٍ (قَوْلُهُ: وَتَحْجُبُ أُمُّ

(6/780)


وَتَحْجُبُ أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ (كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) فَإِنَّهُمْ يُحْجَبُونَ بِالْأَبِ حَجْبَ حِرْمَانٍ (وَيَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ) حَجْبَ نُقْصَانٍ وَيَخْتَصُّ حَجْبُ النُّقْصَانِ بِخَمْسَةٍ بِالْأُمِّ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَالزَّوْجَيْنِ

(وَيَسْقُطُ بَنُو الْأَعْيَانِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ بِثَلَاثَةٍ (بِالِابْنِ) وَابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ (وَبِالْأَبِ) اتِّفَاقًا (وَبِالْجَدِّ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقَالَا يُقَاسِمُهُمْ عَلَى أُصُولِ زَيْدٍ وَيُفْتَى بِالْأَوَّلِ) وَهُوَ السُّقُوطُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأُصُولِ زَيْدٍ مَبْسُوطَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ:
وَمَا أَسْقَطَا أَوْلَادَ عَيْنٍ وَعَلَّةٍ ... وَقَدْ أَسْقَطَ النُّعْمَانُ وَهْوَ الْمُحَرَّرُ
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالسِّرَاجِيَّةِ وَإِنْ قَالَ مُصَنِّفُهَا فِي شَرْحِهَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْفَتْوَى (وَ) يَسْقُطُ (بَنُو الْعِلَّاتِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ (بِهِمْ) أَيْ بِبَنِي الْأَعْيَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أُمُّ الْأُمِّ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِتَكْرَارِ الْأُمِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي بَعْضِهَا مَرَّتَيْنِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِالْأُمِّ) فَإِنَّهَا تُحْجَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَبِالْعَدَدِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ (قَوْلُهُ: وَبِنْتِ الِابْنِ) تُحْجَبُ مَعَ الصُّلْبِيَّةِ مِنْ النِّصْفِ إلَى السُّدُسِ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْتِ لِأَبٍ) تُحْجَبُ مَعَ الشَّقِيقَةِ مِنْ النِّصْفِ إلَى السُّدُسِ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَيْنِ) فَالزَّوْجُ يُحْجَبُ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ وَالزَّوْجَةُ مَعَ الرُّبْعِ إلَى الثُّمُنِ بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ

(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بَنُو الْأَعْيَانِ) قَدَّمْنَا وَجْهَ تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى أُصُولِ زَيْدٍ) أَيْ ابْنِ ثَابِتٍ الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَاصِلُ أُصُولِهِ: أَنَّ الْجَدَّ مَعَ الْإِخْوَةِ حِينَ الْمُقَاسَمَةِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ إنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مَعَهُمْ عَنْ مِقْدَارِ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ ذِي الْفَرْضِ، وَعَنْ مِقْدَارِ السُّدُسِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَلَهُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَمِنْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ وَضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَعَهُ دُونَ مِثْلَيْهِ، فَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ لَهُ أَوْ مِثْلَاهُ فَسِيَّانِ أَوْ أَكْثَرَ فَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ وَصُوَرُ الْأَوَّلِ خَمْسٌ فَقَطْ جَدٌّ وَأَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ وَالثَّانِي ثَلَاثَةٌ جَدٌّ وَأَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ وَالثَّالِثُ لَا يَنْحَصِرُ وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ إعْطَاءِ ذِي الْفَرْضِ فَرْضَهُ مِنْ أَقَلِّ مَخَارِجِهِ خَيْرُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا الْمُقَاسَمَةُ كَزَوْجٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ وَإِمَّا ثُلُثُ الْبَاقِي كَجَدَّةٍ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ وَأُخْتٍ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَإِمَّا سُدُسُ كُلِّ الْمَالِ كَجَدَّةٍ وَبِنْتٍ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَمِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَلِيفَةِ الْأَعْظَمِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ أَعْلَمُ الصَّحَابَةِ وَأَفْضَلُهُمْ، وَلَمْ تَتَعَارَضْ عَنْهُ الرِّوَايَاتُ فِيهِ فَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى فِي الْجَدِّ بِمِائَةِ قَضِيَّةٍ يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَالْأَخْذُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَوْلَى: وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زَيْدٌ يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا وَلَا يَجْعَلُ أَبَا الْأَبِ أَبًا وَتَمَامُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إلَخْ) قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَقَالَ حَيْدَرُ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا اسْتَحْسَنُوا فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ الْفَتْوَى بِالصُّلْحِ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ، وَقَالُوا إذَا كُنَّا نُفْتِي بِالصُّلْحِ فِي تَضْمِينِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَالِاخْتِلَاف هُنَا أَظْهَرُ فَالْفَتْوَى فِيهِ بِالصُّلْحِ أَوْلَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ عَدَمُ النَّصِّ فِي إرْثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بَعْدَ اخْتِلَافٍ كَثِيرٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْكَلِ أَبْوَابِ الْفَرَائِضِ اهـ لَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَلِذَا أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى اخْتِيَارِهِ هُنَا وَفِيمَا سَبَقَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِبَنِي الْأَعْيَانِ) أَيْ الذُّكُورِ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، حَيْثُ

(6/781)


أَيْضًا (وَبِهَؤُلَاءِ) أَيْ بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَبِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَكَذَا بِالْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ إذَا صَارَتْ عَصَبَةً كَمَا عَلِمْته (وَيَسْقُطُ بَنُو الْأَخْيَافِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ (بِالْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَبِالْأَبِ وَالْجَدِّ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ مِنْ قَبِيلِ الْكَلَالَةِ كَمَا بَسَطَهُ السَّيِّدُ.
(وَ) تَسْقُطُ (الْجَدَّاتُ مُطْلَقًا) أَبَوِيَّاتٍ أَمْ أُمِّيَّاتٍ (بِالْأُمِّ وَالْأَبَوِيَّاتُ بِالْأَبِ) وَكَذَا بِالْجَدِّ إلَّا أُمَّ الْأَبِ وَإِنْ عَلَتْ فَإِنَّهَا تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهِ بَلْ هِيَ زَوْجَتُهُ فَكَانَا كَالْأَبَوَيْنِ (وَتَحْجُبُ الْقُرْبَى) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ (الْبُعْدَى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
عَبَّرَ بِبَنِي وَلَمْ يُعَبِّرْ بِأَوْلَادِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ فَسَّرَ بَنِي الْأَعْيَانِ بِالْإِنَاثِ أَيْضًا تَغْلِيبًا لِقَبُولِ الْمَقَامِ لَهُ أَمَّا هُنَا فَلَا يَقْبَلُهُ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْعَلَّاتِ لَا يَسْقُطُونَ بِالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَكَذَا بِالْأُخْتِ إلَخْ اهـ ح قُلْت: نَعَمْ لَكِنْ قَدْ يَسْقُطُ بَعْضُ أَوْلَادِ الْعَلَّاتِ بِالْإِنَاثِ مِنْ بَنِي الْأَعْيَانِ كَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ يَسْقُطْنَ بِالْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ مَا لَمْ يُعَصِّبْهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ كَمَا سَيَأْتِي وَعِبَارَةُ السِّرَاجِيَّةِ أَوْضَحُ وَنَصُّهَا وَبَنُو الْأَعْيَانِ وَبَنُو الْعَلَّاتِ كُلُّهُمْ يَسْقُطُونَ بِالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَبِالْأَبِ بِالِاتِّفَاقِ، وَبِالْجَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَسْقُطُ بَنُو الْعَلَّاتِ أَيْضًا بِالْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُخْتَ لِأَبٍ تَسْقُطُ بِالْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَمَا قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ كَشْفِ الْغَوَامِضِ وَتُحْفَةِ الْأَقْرَانِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَبِهَؤُلَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْجَدِّ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: إذَا صَارَتْ عَصَبَةً) أَيْ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ وَإِنَّمَا سَقَطُوا بِهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْأَخِ فِي كَوْنِهَا عَصَبَةً أَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ اهـ سَيِّدٌ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بَنُو الْأَخْيَافِ) الْخَيْفُ اخْتِلَافٌ فِي الْعَيْنَيْنِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا زَرْقَاءَ وَالْأُخْرَى كَحْلَاءَ وَفَرَسٌ أَخْيَفُ وَمِنْهُ الْأَخْيَافُ، وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِآبَاءٍ شَتَّى يُقَالُ إخْوَةٌ أَخْيَافٌ وَأَمَّا بَنُو الْأَخْيَافِ فَإِنْ قَالَهُ مُتْقِنٌ فَعَلَى إضَافَةِ الْبَيَانِ اهـ مُغْرِبٌ.
(قَوْلُهُ: بِالْوَلَدِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ أُنْثَى فَيَسْقُطُونَ بِسِتَّةٍ بِالِابْنِ وَالْبِنْتِ وَابْنِ الِابْنِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَيَجْمَعُهُمْ قَوْلُك الْفَرْعُ الْوَارِثُ وَالْأُصُولُ الذُّكُورُ وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ بِقَوْلِي:
وَيَحْجُبُ ابْنَ الْأُمِّ أَصْلٌ ذَكَرُ ... كَذَاكَ فَرْعٌ وَارِثٌ قَدْ ذَكَرُوا
(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَالْجَدِّ أَيْ بِخِلَافِ بَنِي الْأَعْيَانِ وَالْعَلَّاتِ فَفِي سُقُوطِهِمْ بِهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ مِنْ قَبِيلِ الْكَلَالَةِ) عِلَّةٌ لِسُقُوطِهِمْ بِمَنْ ذُكِرَ بَيَانُهُ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء: 12] الْآيَةَ الْمُرَادُ بِهِ أَوْلَادُ الْأُمِّ إجْمَاعًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ الْأُمِّ وَقَدْ اُشْتُرِطَ فِي إرْثِ الْكَلَالَةِ عَدَمُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ إجْمَاعًا فَلَا إرْثَ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ مَعَ هَؤُلَاءِ ثُمَّ لَفْظُ الْكَلَالَةِ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْإِعْيَاءِ، وَذَهَابِ الْقُوَّةِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِقَرَابَةِ مَنْ عَدَا الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ كَأَنَّهَا كَالَّةٌ ضَعِيفَةٌ بِالْقِيَاسِ إلَى قَرَابَةِ الْوِلَادِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا وَعَلَى مَنْ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَلَا وَالِدٍ مِنْ الْمُخَلَّفِينَ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ.
(قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ الْجَدَّاتُ إلَخْ) الْأَصْلُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ اتِّحَادِ السَّبَبِ، وَالْإِدْلَاءِ تَأْثِيرًا فِي الْحَجْبِ فَأُمُّ الْأَبِ تُحْجَبُ بِهِ لِلْإِدْلَاءِ فَقَطْ وَبِالْأُمِّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَهُوَ الْأُمُومَةُ وَأُمُّ الْأُمِّ تَرِثُ مَعَ الْأَبِ لِانْعِدَامِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَتُحْجَبُ بِالْأُمِّ لِوُجُودِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ مَعَهُ إلَّا جَدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَبَوِيَّاتِ يُحْجَبْنَ بِهِ وَالْأُمِّيَّاتِ الصَّحِيحَاتِ لَا يَزْدَدْنَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَبَدًا، وَأَمَّا الْجَدُّ فَتَرِثُ مَعَهُ وَاحِدَةٌ أَبَوِيَّةٌ وَهِيَ أُمُّ الْأَبِ أَوْ مَنْ فَوْقَهَا كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ وَإِذَا بَعُدَ بِدَرَجَتَيْنِ كَأَبِي أَبِي الْأَبِ تَرِثُ مَعَهُ أَبَوِيَّتَانِ إحْدَاهَا أُمُّ أَبِي الْأَبِ أَوْ مَنْ فَوْقَهَا كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ، وَالثَّانِيَةُ أُمُّ أُمِّ الْأَبِ، أَوْ مَنْ فَوْقَهَا كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهِ) أَيْ لَمْ تُدْلِ بِهِ وَأَيْضًا لَمْ يُوجَدْ اتِّحَادُ السَّبَبِ، لِأَنَّ جِهَتَهُ الْأُبُوَّةُ وَجِهَتَهَا الْأُمُومَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ زَوْجَتُهُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَوْ أَعْلَى مِنْهُ، فَهِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ أَوْ جَدَّتُهَا أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ

(6/782)


كَذَلِكَ (وَارِثَةً كَانَتْ الْقُرْبَى أَوْ مَحْجُوبَةً) كَمَا قَدَّمْنَاهُ (وَإِذَا اجْتَمَعَا وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَاتَ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ كَأُمِّ الْأَبِ) كَذَا فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ، وَالصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلسِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا: كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ وَقَدْ قُدِّمَ أَنَّ الْقُرْبَى تَحْجُبُ الْبُعْدَى مُطْلَقًا فَافْهَمْ (وَالْأُخْرَى ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ وَهِيَ أَيْضًا أُمُّ أَبِي الْأَبِ) بِهَذِهِ الصُّورَةِ: وَتَوْضِيحُهَا أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ ابْنَ ابْنِهَا بِنْتَ بِنْتِهَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ جَدَّتُهُ لِأَبَوَيْهِ (قَسَمَ مُحَمَّدٌ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا) بِاعْتِبَارِ الْجِهَاتِ (وَهُمَا) أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ (أَنْصَافًا) بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكَنْزِ فَقَالَ وَذَاتُ جِهَتَيْنِ كَذَاتِ جِهَةٍ

(وَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ فَرْضَهُنَّ) وَهُوَ الثُّلُثَانِ (سَقَطَ بَنَاتُ الِابْنِ وَ) سَقَطَ (الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ) أَيْضًا (إلَّا بِتَعْصِيبِ ابْنِ ابْنٍ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ أَخٍ) فِي الثَّانِيَةِ (مُوَازٍ) أَيْ مُسَاوٍ أَوْ نَازِلٍ أَيْ سَافِلٍ فَحِينَئِذٍ يُعَصِّبُهُنَّ وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلذَّكَرِ كَالْأُنْثَيَيْنِ.
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ قُلْت: وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ ابْنَ الْأَخِ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ كَالْعَمِّ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ وَابْنَ الْعَمِّ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ وَابْنَ الْمُعْتِقِ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بَلْ الْمَالُ لِلذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى لِأَنَّهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ فِي الرَّحَبِيَّةِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ: قُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ قُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمْنَاهُ) عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَحْجُبُ الْمَحْجُوبُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمَ إلَخْ) أَرَادَ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَنَّ الْمَتْنَ لَوْ كَانَ أُمُّ الْأَبِ لَحَجَبَتْ غَيْرَهَا وَلَمْ يَتَأَتَّ الْخِلَافُ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَصَاحِبَيْهِ اهـ ح (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ جَدَّتُهُ لِأَبَوَيْهِ) أَيْ جَدَّةٌ لِهَذَا الْوَلَدِ الَّذِي مَاتَ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ لِأَنَّهَا أُمُّ أَبِ أَبِيهِ وَمِنْ قِبَلِ أُمِّهِ لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ ثُمَّ نَقُولُ هُنَاكَ امْرَأَةٌ أُخْرَى قَدْ كَانَ تَزَوَّجَ بِنْتَهَا ابْنُ الْمَرْأَةِ الْأُولَى فَوُلِدَ مِنْ بِنْتِ الْأُخْرَى ابْنُ ابْنِ الْأُولَى الَّذِي هُوَ أَبُو الْمَيِّتِ فَهَذِهِ الْأُخْرَى أُمُّ أُمِّ أَبِي الْمَيِّتِ فَهِيَ ذَاتُ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكَنْزِ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: فَكَانَ هُوَ الْمُرَجَّحُ وَإِنْ اقْتَضَى صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ التَّرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْعِلَّةِ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ ثُمَّ الْوَضْعُ فِي ذَاتِ قَرَابَتَيْنِ اتِّفَاقِيٌّ لِإِمْكَانِ الزِّيَادَةِ إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْسَمُ أَنْصَافًا مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِاعْتِبَارِ الْجِهَاتِ وَإِنْ كَثُرَتْ فَلْيُحْفَظْ اهـ

(قَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْمُسْتَكْمِلَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ لَا مَجْمُوعُهُمَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: سَقَطَ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخٍ) أَيْ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: وَفِي إطْلَاقِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْمَجْمَعِ، وَيُجَابُ كَمَا فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ بِأَنَّ قَوْلَهُ مُوَازٍ أَوْ سَافِلٌ صِفَةٌ لِابْنِ ابْنٍ دُونَ الْأَخِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَصْفُ الْأَخِ بِالنُّزُولِ أَيْ فَإِنَّ ابْنَ الْأَخِ لَا يُسَمَّى أَخًا بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ دُونَهَا نَعَمْ كَانَ حَقُّهُ كَمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَخُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِهِمْ إلَخْ) حَاصِلُهُ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّ مَنْ لَا فَرْضَ لَهَا مِنْ الْإِنَاثِ وَأَخُوهَا عَصَبَةٌ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِأَخِيهَا وَقَدَّمْنَاهُ مَنْظُومًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ الْأُخْتُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، لَكِنَّ

(6/783)


وَلَيْسَ ابْنُ الْأَخِ بِالْمُعَصِّبِ ... مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ فِي النَّسَبِ
بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ مِمَّنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ سَهْمٍ وَيَسْقُطُ مَنْ دُونَهُ فَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ ابْنُ بَعْضِهِنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنِ آخَرَ كَذَلِكَ وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ كَذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ: مَيِّتٌ ابْنُ ابْنِ ابْنِ ابْنِ بِنْتِ ابْنِ ابْنِ ابْنِ بِنْتٍ ابْنُ بِنْتِ ابْنِ ابْنِ بِنْتٍ. ابْنُ بِنْتِ ابْنِ بِنْتِ ابْنِ بِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ
فَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ فَلَهُمَا النِّصْفُ وَالْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ تُوَازِيهَا الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي فَيَكُونُ لَهُمَا السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلسُّفْلِيَّاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامٌ فَيُعَصِّبُهَا وَمَنْ يُحَاذِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
بِنْتَ الْمُعْتِقِ لَيْسَتْ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِ الْمَيِّتِ، فَالْمُرَادُ مَنْ عَدَاهَا وَإِنَّمَا لَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ وَعَبَّرَ بِذَوِي وَلَمْ يَقُلْ ذَوَاتِ تَغْلِيبًا لِلذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] (قَوْلُهُ: مَنْ مِثْلَهُ) أَيْ فِي الدَّرَجَةِ كَأُخْتِهِ أَوْ بِنْتِ عَمِّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ) كَعَمَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ، وَإِلَّا صَارَ مَحْرُومًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي إرْثِ الْعَصَبَةِ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَقْرَبُ، وَلَوْ أُنْثَى عَلَى الْأَبْعَدِ وَلِذَا تُقَدَّمُ الْأُخْتُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ إذَا صَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَنْ فَوْقَهُ إنَّمَا صَارَتْ عَصَبَةً بِهِ، وَلَوْلَاهُ لَمْ تَرِثْ شَيْئًا فَكَيْفَ تَحْجُبُهُ، وَانْظُرْ مَا أَجَابَ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (قَوْلُهُ: ذَاتَ سَهْمٍ) أَيْ فَرْضٍ.
(قَوْلُهُ: لَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ) لِانْتِمَائِهَا إلَى الْمَيِّتِ بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ الْبَنَاتِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَهَا النِّصْفُ) لِأَنَّهَا قَامَتْ بِنْتٌ مَقَامَ بِنْتِ الصُّلْبِ عِنْدَ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ: تُوَازِيهَا الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِوَاسِطَتَيْنِ، وَأَمَّا السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ فَتُوَازِيهَا الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِثَلَاثِ وَسَائِطَ، وَأَمَّا السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي فَتُوَازِيهَا الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ لِانْتِمَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَيْهِ بِأَرْبَعِ وَسَائِطَ، وَأَمَّا السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ فَلَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ، لِأَنَّهَا تُدْلِي بِخَمْسِ وَسَائِطَ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْبَنَاتِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لَهُمَا السُّدُسُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُلْيَا مِنْ الْأَوَّلِ لَمَّا قَامَتْ مَقَامَ الصُّلْبِيَّةِ قَامَ مَنْ دُونَهَا بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مَقَامَ بَنَاتِ الِابْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِلسُّفْلِيَّاتِ) وَهِيَ السِّتُّ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْبَنَاتِ التِّسْعِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَمُلَ الثُّلُثَانِ لِتِلْكَ الثَّلَاثِ، فَلَمْ يَبْقَ لِلْبَاقِيَاتِ فَرْضٌ وَلَيْسَ لَهُنَّ عُصُوبَةٌ قَطْعًا فَلَا يَرِثْنَ مِنْ التَّرِكَةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ أَخَذَتْ الْعُلْيَا مِنْهُمْ النِّصْفَ، وَأَخَذَتْ الْوُسْطَى مِنْهُمْ مَعَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي السُّدُسَ وَيَكُونُ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَيْنَ الْغُلَامِ، وَبَيْنَ السُّفْلَى مِنْ الْأَوَّلِ وَالْوُسْطَى مِنْ الثَّانِي وَالْعُلْيَا مِنْ الثَّالِثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَخْمَاسًا، وَسَقَطَ سُفْلَى الثَّانِي وَوُسْطَى الثَّالِثِ وَسُفْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي كَانَ ثُلُثُ الْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُفْلَى الْأَوَّلِ، وَوُسْطَى الثَّانِي وَسُفْلَاهُ، وَعُلْيَا الثَّالِثِ، وَوُسْطَاهُ أَسْبَاعًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَسَقَطَتْ سُفْلَى الثَّالِثِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ كَانَ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَيْنَ الْغُلَامِ وَبَيْنَ السُّفْلَيَاتِ السِّتِّ أَثْمَانًا، وَإِنْ فَرَضَ الْغُلَامُ مَعَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُخْتِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلسُّفْلِيَّاتِ وَهُنَّ ثَمَانٍ وَإِنْ فَرَضَ مَعَ وُسْطَى الْأَوَّلِ، فَتَأْخُذُ عُلْيَا الْأَوَّلِ النِّصْفَ وَالْبَاقِي لِلْغُلَامِ مَعَ مَنْ يُحَاذِيهِ وَهِيَ وُسْطَى الْأَوَّلِ وَعُلْيَا الثَّانِي لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَكَذَا الْحَالُ إذَا فَرَضَ مَعَ عُلْيَا الثَّانِي

(6/784)


وَمَنْ فَوْقَهَا مِمَّنْ لَا تَكُونُ صَاحِبَةَ فَرْضٍ وَسَقَطَ السُّفْلَيَاتُ (وَيَأْخُذُ ابْنُ عَمٍّ) كَذَا فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ وَيَأْخُذُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمٍّ هُوَ أَخٌ (لِأُمٍّ السُّدُسَ) بِالْفَرْضِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآخَرُ زَوْجًا فَلَهُ النِّصْفُ (وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِي) بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالْعُصُوبَةِ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ إرْثِهِ بِهِمَا فَيَرِثُ بِجِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ وَإِمَّا بِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ مَعًا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَيْسَ إلَّا الْأَبُ وَأَبُوهُ.
قُلْت: وَقَدْ يَجْتَمِعُ جِهَتَا تَعْصِيبٍ كَابْنٍ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمٍّ بِأَنْ تَنْكِحَ ابْنَ عَمِّهَا فَتَلِدُ ابْنًا وَكَابْنٍ هُوَ مُعْتَقٌ وَقَدْ يَجْتَمِعُ جِهَتَا فَرْضٍ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَجُوسِ لِنِكَاحِهِمْ الْمَحَارِمَ وَيَتَوَارَثُونَ بِهِمَا جَمِيعًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِأَقْوَى الْجِهَتَيْنِ وَتَمَامُهُ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ وَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْغَرْقَى (وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا أَوْ جَدَّةً وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَإِخْوَةً لِأَبَوَيْنِ أَخَذَ الزَّوْجُ النِّصْفَ وَالْأُمُّ) أَوْ الْجَدَّةُ (السُّدُسَ وَوَلَدُ الْأُمِّ الثُّلُثَ وَلَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ وَلَمْ يَبْقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَأَمَّا تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ فَعَلَى مَا سَتُحِيطُ بِهِ فِيمَا بَعْدُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيرَادِهِ هُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْبَنَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ الدَّرَجَاتِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ يُسَمَّى مَسْأَلَةَ التَّشْبِيبِ لِأَنَّهَا بِدِقَّتِهَا وَحُسْنِهَا تَشْحَذُ الْخَوَاطِرَ وَتُمِيلُ الْآذَانَ إلَى اسْتِمَاعِهَا فَشُبِّهَتْ بِتَشْبِيبِ الشَّاعِرِ الْقَصِيدَةَ لِتَحْسِينِهَا وَاسْتِدْعَاءِ الْإِصْغَاءِ لِسَمَاعِهَا اهـ مِنْ شَرْحِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَكُونُ صَاحِبَةَ فَرْضٍ) أَمَّا مَنْ كَانَتْ صَاحِبَةَ فَرْضٍ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ سَهْمَهَا، وَلَا تَصِيرُ بِهِ عَصَبَةً وَهِيَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ الَّتِي أَخَذَتْ النِّصْفَ وَالْوُسْطَى مِنْهُ مَعَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي حَيْثُ أَخَذَتَا السُّدُسَ، وَهَذَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فِيمَنْ كَانَتْ فَوْقَهُ دُونَ مَنْ كَانَتْ بِحِذَائِهِ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُهَا مُطْلَقًا سَيِّدٌ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ السُّفْلَيَاتُ) أَيْ اللَّاتِي تَحْتَهُ فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: هُوَ أَخٌ لِأُمِّ) كَأَنْ تَزَوَّجَتْ بِأَخَوَيْنِ فَجَاءَتْ مِنْ كُلٍّ بِوَلَدٍ وَلِلْأَخَوَيْنِ وَلَدُ أَخٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهَا فَمَاتَ أَحَدُ وَلَدَيْهَا عَنْ أَخِيهِ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَمِّهِ وَعَنْ ابْنِ عَمِّهِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآخَرُ زَوْجًا) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَيْ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّهَا زَوْجَهَا ط.
(قَوْلُهُ: وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِي) وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ ط (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ إرْثِهِ بِهِمَا) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ فِي الْأُولَى فَإِنَّ لَهَا النِّصْفَ وَتَحْجُبُ ابْنَ الْعَمِّ عَنْ السُّدُسِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَخًا لِأُمٍّ، وَيَشْتَرِكُ هُوَ وَابْنُ الْعَمِّ الْآخَرِ فِي الْبَاقِي وَعَمَّا لَوْ كَانَ لِلزَّوْجَةِ فِي الثَّانِيَةِ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ فَإِنَّ لَهَا النِّصْفَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلزَّوْجِ فَرْضًا وَلَا شَيْءَ لَهُ كَابْنِ الْعَمِّ الْآخَرِ مِنْ حَيْثُ بُنُوَّةُ الْعَمِّ (قَوْلُهُ: بِجِهَتَيْ فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ) فَجِهَةُ الْفَرْضِ الزَّوْجِيَّةُ وَالْأُخُوَّةُ لِأُمٍّ وَجِهَةُ التَّعْصِيبِ كَوْنُهُ ابْنَ عَمٍّ ط (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِفَرْضٍ) أَيْ وَأَمَّا الْإِرْثُ بِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ ط (قَوْلُهُ: بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ) وَهِيَ الْأُبُوَّةُ ط (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَّا الْأَبُ وَأَبُوهُ) أَيْ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاسْمُ لَيْسَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْإِرْثِ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْأَبُ أَيْ إلَّا إرْثُ الْأَبِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ حُذِفَ، وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَهَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ لَيْسَ الطِّيبُ إلَّا الْمِسْكُ فِي جَوَازِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فِي الْمِسْكِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجْتَمِعُ جِهَتَا تَعْصِيبٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْإِرْثِ بِهِمَا لِأَنَّهُ هُنَا بِإِحْدَاهُمَا لِتَقْدِيمِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومَةِ وَجِهَةِ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجْتَمِعُ جِهَتَا فَرْضٍ) صُورَتُهُ نَكَحَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَه وَاسْتَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ بْنُ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ وَأَخٌ لَهَا فَإِذَا مَاتَ عَنْهَا مَاتَ عَنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ فَتَرِثُ بِالْجِهَتَيْنِ ط.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَجُوسِ) أَقُولُ: تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّ مِنْ شُبْهَةِ الْمَحَلِّ وَطْءَ مَحْرَمٍ نَكَحَهَا، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا النَّسَبُ عَلَى مَا حَرَّرَهُ فِي النَّهْرِ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ قَالَ: وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ وَفِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ الصَّحِيحِ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِأَقْوَى الْجِهَتَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي يَرِثُ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ مَاتَ ابْنٌ وَتَرَكَ أُمًّا هِيَ أُخْتُهُ تَرِثُ عِنْدَنَا بِالْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ بِجِهَةِ الْأُمِّيَّةِ وَالنِّصْفَ بِجِهَةِ الْأُخْتِيَّةِ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَتَرِثُ

(6/785)


لَهُمْ شَيْءٌ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ يُشَرَّكُ بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَأَنَّ الْكُلَّ أَوْلَادُ أُمٍّ وَكَذَلِكَ يَفْرِضُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ النِّصْفَ وَلِلْجَدِّ السُّدُسَ مَعَ زَوْجٍ وَأُمٍّ فَتَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ تَسْقُطُ الْأُخْتُ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَسْأَلَةُ الْمُشَرَّكَةِ اتِّفَاقًا وَلَا مَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا مَرَّ.