العناية شرح الهداية

 (بَابُ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) :
قَالَ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَأَمَرَ إنْسَانًا فَحَمَلَهُ فَأَخْرَجَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ مُضَافٌ إلَى الْآمِرِ فَصَارَ كَمَا إذَا رَكِبَ دَابَّةً فَخَرَجَتْ (وَلَوْ أَخْرَجَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ (وَلَوْ حَمَلَهُ بِرِضَاهُ لَا بِأَمْرِهِ لَا يَحْنَثُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
مَكَّةَ لِيَتَوَطَّنَ بِهَا فَلَمَّا دَخَلَهَا وَتَوَطَّنَ بِهَا بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى خُرَاسَانَ فَمَرَّ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهَا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ وَطَنَهُ بِالْكُوفَةِ انْتَقَضَ بِوَطَنِهِ بِمَكَّةَ، وَإِنْ بَدَا لَهُ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ أَنْ لَا يَسْتَوْطِنَ مَكَّةَ وَيَرْجِعَ إلَى خُرَاسَانَ فَمَرَّ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْكُوفَةِ أَرْبَعًا لِأَنَّ وَطَنَهُ بِالْكُوفَةِ قَائِمٌ مَا لَمْ يَتَّخِذْ وَطَنًا آخَرَ، فَكَذَا هَذَا.
وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَوْلُهُ قَالُوا لَا يَبَرُّ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ مَسْكَنٍ آخَرَ، أَمَّا إذَا كَانَ وَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا فَلَا يَحْنَثُ فِي الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِلْ إلَى السِّكَّةِ أَوْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ طَرْحُ الْأَمْتِعَةِ فِي السِّكَّةِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]
ذِكْرُ الْخُرُوجِ هَاهُنَا ظَاهِرُ التَّنَاسُبِ لِأَنَّ لَهُ مُنَاسَبَةَ الْمُضَادَّةِ بِالدُّخُولِ، وَأَمَّا الْإِتْيَانُ وَالرُّكُوبُ فَمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْخُرُوجِ فَاسْتَصْحَبَهُمَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ. قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ) ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الدَّارِ وَالْبَيْتِ. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ أَخْرَجَهُ مُكْرَهًا) صُورَتُهُ أَنْ يَحْمِلَهُ إنْسَانٌ فَيُخْرِجَهُ مُكْرَهًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْفِعْلُ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَأَمَّا إذَا هَدَّدَهُ غَيْرُهُ فَخَرَجَ خَوْفًا مِنْ الْمُكْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ، ثُمَّ هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ إذَا حَمَلَ مُكْرَهًا، قِيلَ تَنْحَلُّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَهَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ وَأَلْقَتْهُ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَقِيلَ لَا تَنْحَلُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(5/108)


فِي الصَّحِيحِ، لِأَنَّ الِانْتِقَالَ بِالْأَمْرِ لَا بِمُجَرَّدِ الرِّضَا.
قَالَ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ فَخَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى حَاجَةً أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْمَوْجُودَ خُرُوجٌ مُسْتَثْنًى، وَالْمُضِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ وَهُوَ الشَّرْطُ، إذْ الْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتِيهَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَهَا) لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُصُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا} [الشعراء: 16] وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَيْهَا قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ، وَقِيلَ هُوَ كَالْخُرُوجِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
وَقَوْلُهُ (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِامْتِنَاعِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ صَارَ كَالْآمِرِ بِالْإِخْرَاجِ.
وَقَوْلُهُ (وَالْمُضِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ) يَعْنِي أَنَّ الْخُرُوجَ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْتِقَالِ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ وَلَمْ يُوجَدْ.
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ) هَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ: الْخُرُوجُ وَالْإِتْيَانُ وَالذَّهَابُ وَالْأَوَّلُ شَرْطُ الْحِنْثِ بِهِ الِانْفِصَالُ بِمُجَاوَزَةِ عِمْرَانِ مِصْرِهِ قَاصِدًا لِذَلِكَ دُونَ الْوُصُولِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 100] وَأَرَادَ بِهِ الِانْفِصَالَ.
وَالثَّانِي شَرْطُهُ الْوُصُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} [الشعراء: 16] فَإِذَا وَصَلَ حَنِثَ سَوَاءٌ كَانَ قَاصِدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالثَّالِثُ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ} [طه: 43] وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِتْيَانُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُرُوجِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: 33]

(5/109)


وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوَالِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّ الْبَصْرَةَ فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ) لِأَنَّ الْبِرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوٌّ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا إنْ اسْتَطَاعَ فَهَذَا عَلَى اسْتِطَاعَةِ الصِّحَّةِ دُونَ الْقُدْرَةِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ: إذَا لَمْ يَمْرَضْ وَلَمْ يَمْنَعْهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَجِئْ أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِهِ فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ، وَإِنْ عَنَى اسْتِطَاعَةَ الْقَضَاءِ دَيْنٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى) وَهَذَا لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِطَاعَةِ فِيمَا يُقَارِنُ الْفِعْلَ وَيُطْلَقُ الِاسْمُ عَلَى سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَصِحَّةِ الْأَسْبَابِ فِي الْمُتَعَارَفِ. فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَتَصِحُّ نِيَّةُ الْأَوَّلِ دِيَانَةً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ ثُمَّ قِيلَ وَتَصِحُّ قَضَاءً أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّا، وَقِيلَ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
وَالْإِذْهَابُ الْإِزَالَةُ، فَيَكُونُ الذَّهَابُ زَوَالًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُصُولُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوَالِ) .
(وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّهُ غَدًا إنْ اسْتَطَاعَ فَهَذَا عَلَى اسْتِطَاعَةِ الصِّحَّةِ دُونَ الْقُدْرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدِهِمَا صِحَّةُ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَفَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ. وَالثَّانِي الْقُدْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَهِيَ نَوْعٌ عَلَى حِدَةٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْفِعْلُ عِنْدَ إرَادَتِهِ إرَادَةً جَازِمَةً يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ الْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ عِنْدَنَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} [هود: 20] إذَا عَرَفْت هَذَا فَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَلَامُهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ، وَإِنْ عَنَى الثَّانِيَ وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ بِاسْتِطَاعَةِ الْقَضَاءِ صَدَقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ نَوَى أَيْ أَرَادَ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ. وَقِيلَ يَصْدُقُ قَضَاءً أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَضَاءً لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَعَارَفُ وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ.

(5/110)


(وَمَنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ مَرَّةً أُخْرَى بِغَيْرِ إذْنِهِ حَنِثَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي كُلِّ خُرُوجٍ) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى خُرُوجٌ مَقْرُونٌ بِالْإِذْنِ، وَمَا وَرَاءَهُ دَاخِلٌ فِي الْحَظْرِ الْعَامِّ. وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
وَلَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ احْتَاجَ إلَى الْإِذْنِ لِكُلِّ خُرْجَةٍ) حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ حَنِثَ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى خُرُوجٌ مَقْرُونٌ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجِي إلَّا خُرُوجًا مُلْصَقًا بِإِذْنِي لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ فَيَقْتَضِي مُلْصَقًا وَمُلْصَقًا بِهِ فَيَكُونُ مَا وَرَاءَهُ: أَيْ مَا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى دَاخِلًا تَحْتَ الْحَظْرِ الْعَامِّ (وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْبَاءِ. وَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ

(5/111)


(وَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ آذَنَ لَك فَأَذِنَ لَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ غَايَةٍ فَتَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ حَتَّى آذَنَ لَك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
آذَنَ لَك كَفَى إذْنٌ وَاحِدٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] وَكَانَ تَكْرَارُ الْإِذْنِ لَازِمًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب: 53] وَتَمَامُ التَّقْدِيرِ فِيهِ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَنْوَارِ وَالتَّقْدِيرِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ غَايَةٍ: أَيْ كَلِمَةٌ تُفِيدُ مَعْنَى الْغَايَةِ لِأَنَّ إلَّا أَنَّ لَيْسَ مَوْضُوعًا لَهَا بَلْ لِلِاسْتِثْنَاءِ، وَتَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْإِذْنِ حَتَّى يُسْتَثْنَى الْإِذْنُ مِنْهُ فَيُجْعَلُ مَجَازًا عَنْ حَتَّى لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِمَا بَعْدَهَا، كَمَا أَنَّ حُكْمَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ يُخَالِفُ حُكْمَ مَا بَعْدَهُ.

(5/112)


(وَلَوْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ الْخُرُوجَ فَقَالَ إنْ خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَلَسَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ) وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ رَجُلٌ ضَرْبَ عَبْدِهِ فَقَالَ لَهُ آخَرُ إنْ ضَرَبْته فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَرَكَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ تُسَمَّى يَمِينَ فَوْرٍ. وَتَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِإِظْهَارِهِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ الرَّدُّ عَنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ وَالْخُرْجَةِ عُرْفًا، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
قَالَ (وَلَوْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ الْخُرُوجَ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرَةٌ (وَتُسَمَّى هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينَ فَوْرٍ) وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ فَارَتْ الْقِدْرُ إذَا غَلَتْ، فَاسْتُعِيرَ لِلسُّرْعَةِ ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ الْحَالَةُ الَّتِي لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَا لَبْثَ، فَقِيلَ جَاءَ فُلَانٌ وَخَرَجَ فُلَانٌ مِنْ فَوْرِهِ: أَيْ مِنْ سَاعَتِهِ (وَتَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِإِظْهَارِهِ) أَيْ بِاسْتِنْبَاطِهِ، وَكَانَ النَّاسُ قَبْلَهُ يَعْلَمُونَ الْيَمِينَ عَلَى نَوْعَيْنِ: مُؤَبَّدَةٍ، وَمُؤَقَّتَةٍ لَفْظًا. ثُمَّ اسْتَنْبَطَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا النَّوْعَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْمُؤَبَّدُ لَفْظًا وَالْمُؤَقَّتُ مَعْنًى، وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْ

(5/113)


اجْلِسْ فَتَغَدَّ عِنْدِي قَالَ إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ فَخَرَجَ فَرَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ وَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَيَنْطَبِقُ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً.
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ مَدْيُونٍ أَوْ غَيْرِ مَدْيُونٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ دُعِيَا إلَى نُصْرَةِ رَجُلٍ فَحَلَفَا أَنْ لَا يَنْصُرَاهُ ثُمَّ نَصَرَاهُ وَلَمْ يَحْنَثَا، وَاعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ فَإِنَّ الْحَالِفَ فِي الْعَادَةِ يَقْصِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ مَنْعَهُمَا عَنْ الْخُرْجَةِ الَّتِي تَهَيَّأَتْ لَهَا إلَّا مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى التَّأْيِيدِ، فَإِذَا عَادَتْ فَقَدْ تَرَكَتْ تِلْكَ الْخُرْجَةَ وَانْتَهَتْ الْيَمِينُ فَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَتْ وَالْعُرْفُ لَهُ اعْتِبَارٌ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ؛ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ الرَّجُلُ ضَرْبَ عَبْدِهِ فَقَالَ آخَرُ إنْ ضَرَبْته فَعَبْدِي حُرٌّ يَتَقَيَّدُ بِتِلْكَ الضَّرْبَةِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ اجْلِسْ تَغَدَّ عِنْدِي فَقَالَ إنْ تَغَدَّيْت فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ. وَلَوْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ يُجْعَلُ مُبْتَدِئًا لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى مِقْدَارِ الْجَوَابِ. فَفِي تَطْبِيقِهِ عَلَى السُّؤَالِ إلْغَاءُ الزِّيَادَةِ. فَإِنْ قِيلَ: الزِّيَادَةُ لَا تَضُرُّ كَوْنُهُ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18] فِي جَوَابِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: 17] كَيْفَ زَادَ عَلَى مِقْدَارِ الْجَوَابِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَصَايَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا. أُجِيبَ بِأَنَّ كَلِمَةَ " مَا " تُسْتَعْمَلُ لِلسُّؤَالِ عَنْ الذَّاتِ وَالسُّؤَالِ عَنْ الصِّفَاتِ، وَحَيْثُ وَقَعَتْ فِي حَيِّزِ السُّؤَالِ اشْتَبَهَ عَلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ الذَّاتِ أَوْ الصِّفَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ مُجِيبًا عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: إلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَلَاغَةِ قَالُوا: إنَّ " مَا " يُسْأَلُ بِهَا عَنْ وَصْفِ الْعُقَلَاءِ وَالْعَصَا لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةً سَلَّمْنَا، وَلَكِنْ الْأَفْعَالُ الْمُسْنَدَةُ إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا تَكُونُ أَوْصَافًا؛ وَلَئِنْ كَانَتْ لَا تَكُونُ أَوْصَافًا لِلْعَصَا. وَأَقُولُ: الزِّيَادَةُ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ لَا تَصْرِفُهُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا لَهُ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا يُجْعَلُ كَلَامًا مُبْتَدَأً إذَا كَانَ ثَمَّةَ مَصْرِفٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ إعْمَالًا لِلزِّيَادَةِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذَلِكَ فَلَمْ يُصْرَفْ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا يَلُوحُ إلَى هَذَا قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ مُبْتَدِئًا.
(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ) الدَّابَّةُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا يَدِبُّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ:

(5/114)


لَمْ يَحْنَثْ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ وَإِنَّ نَوَى لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِيهِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمَوْلَى لَكِنَّهُ يُضَافُ إلَى الْعَبْدِ عُرْفًا، وَكَذَا شَرْعًا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَهُوَ لِلْبَائِعِ» الْحَدِيثَ فَتَخْتَلُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْمَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا: يَحْنَثُ إذَا نَوَاهُ لِاخْتِلَالِ الْإِضَافَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ إذْ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ لِلسَّيِّدِ عِنْدَهُمَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
أَيْ يَتَحَرَّكُ مَشْيًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] وَيَتَعَلَّقُ الرُّكُوبُ بِهَا بِعَيْنِ مَا يَرْكَبُ مِنْهَا مُرَادًا كَالْبَغْلِ وَالْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ وَالْحِمَارِ وَالْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ وَالْفِيلِ فِي الْقِيَاسِ. وَاسْتَحْسَنَ الْعُلَمَاءُ فِي عَقْدِ الْيَمِينِ عَلَى مَا يُرْكَبُ فِي غَالِبِ الْبُلْدَانِ وَهُوَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] ذَكَرَ مِنَّةَ الرُّكُوبِ فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ: فَأَمَّا فِي الْأَنْعَامِ فَقَدْ ذَكَرَ مَنْفَعَةَ الْأَكْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} [النحل: 5] الْآيَةَ، وَبِالْعُرْفِ؛ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ رَكِبَ فُلَانٌ دَابَّةً لَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَقَرَ أَوْ الْفِيلَ وَإِنْ كَانَ يَرْكَبُ فِي بِلَادِ الْهِنْدِ، إلَّا إذَا نَوَى جَمِيعَ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ مَدْيُونٍ أَوْ غَيْرِ مَدْيُونٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ، فَأَمَّا إذَا نَوَى وَرَكِبَ دَابَّةَ الْعَبْدِ فَيَحْنَثُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِيهِ عِنْدَهُ: أَيْ فِيمَا مَلَكَهُ الْعَبْدُ الْمَدْيُونُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ عَبْدِهِ لَا يُعْتَقُ وَتَلْمَحُ مِمَّا ذَكَرْنَا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي أَظْهَرْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِهَا لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْمَوْلَى لَكِنَّهُ يُضَافُ إلَى الْعَبْدِ عُرْفًا حَيْثُ يُقَالُ دَابَّةُ عَبْدِ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ دَابَّةَ فُلَانٍ. وَشَرْعًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ» فَتَخْتَلُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْمَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْنَثُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ إذَا نَوَى.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْمَوْلَى عِنْدَهُ إلَّا أَنَّهُ يُضَافُ إلَى الْعَبْدِ فَتَخْتَلُّ الْإِضَافَةُ إلَى الْمَوْلَى فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْإِضَافَةِ إلَّا بِالنِّيَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ لِلسَّيِّدِ إذْ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ لِلسَّيِّدِ عِنْدَهُمَا.

(5/115)