العناية
شرح الهداية (بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ) :
قَالَ (وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلَ عَنْ الْوَكَالَةِ)
لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ، إلَّا إذَا
تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ بِأَنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ
يُطْلَبُ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ
الْغَيْرِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
الْوَكَالَةُ، فَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَقَدْ أَنْفَقَ
بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا. وَقِيلَ: الْقِيَاسُ
وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ
الْمَدْيُونُ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا وَيُوَكِّلُهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِهَا
فَدَفَعَ الْوَكِيلُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَضَاءً عَنْهُ
فَإِنَّهُ فِي الْقِيَاسِ مُتَبَرِّعٌ، حَتَّى إذَا أَرَادَ الْمَأْمُورُ
أَنْ يَحْبِسَ الْأَلْفَ الَّتِي دُفِعَتْ إلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ
ذَلِكَ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ،
وَذَلِكَ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ لَيْسَ بِشِرَاءٍ فَلَا يَكُونُ
الْآمِرُ رَاضِيًا بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْوَكِيلِ، فَلَوْ
لَمْ يُجْعَلْ مُتَبَرِّعًا لَأَلْزَمْنَاهُ دَيْنًا لَمْ يَرْضَ بِهِ
فَجَعَلْنَاهُ مُتَبَرِّعًا قِيَاسًا. فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فَيَتَضَمَّنُ
الشِّرَاءَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِنْفَاقِ وَهُوَ أَمْرٌ بِشِرَاءِ
الطَّعَامِ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الدَّرَاهِمِ
الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ بَلْ بِمِثْلِهَا فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ ثَبَتَ
لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ فَكَانَ رَاضِيًا بِثُبُوتِ
الدَّيْنِ فَلَمْ يُجْعَلْ مُتَبَرِّعًا قِيَاسًا أَيْضًا، وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]
وَجْهُ تَأْخِيرِ بَابِ الْعَزْلِ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ إنْ كَانَ لِلطَّالِبِ فَعَزْلُهُ صَحِيحٌ
حَضَرَ الْمَطْلُوبُ أَوْ لَا، لِأَنَّ الطَّالِبَ بِالْعَزْلِ يَبْطُلُ
حَقُّهُ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ غَيْرِهِ وَهُوَ
الْمَذْكُورُ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
بِطَلَبٍ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِثْلُ
الْقَاضِي فَكَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ، فَأَمَّا إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ
بِالْوَكَالَةِ أَوْ لَا: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا
نَفَاذَ لِلْوَكَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ فَكَانَ الْعَزْلُ
امْتِنَاعًا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ
يَرُدَّهَا لَمْ يَصِحَّ فِي غَيْبَةِ الطَّالِبِ لِأَنَّ بِالتَّوْكِيلِ
ثَبَتَ لَهُ حَقُّ إحْضَارِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِثْبَاتُ الْحَقِّ
عَلَيْهِ، وَبِالْعَزْلِ حَالَ غَيْبَتِهِ يُبْطِلُ ذَلِكَ وَهُوَ
الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ مُسْتَثْنًى،
(8/137)
وَصَارَ كَالْوَكَالَةِ الَّتِي
تَضَمَّنَهَا عَقْدُ الرَّهْنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
وَصَحَّ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَبْطُلُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ
لَا يُمْكِنُهُ الْخُصُومَةُ مَعَ الْوَكِيلِ يُمْكِنُهُ الْخُصُومَةُ مَعَ
الْمُوَكِّلِ وَيُمْكِنُهُ طَلَبُ نَصْبِ وَكِيلٍ آخَرَ مِنْهُ، وَلَمْ
يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ دَلِيلَهُ يُلَوِّحُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ
قَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهَاهُنَا لَا إبْطَالَ
كَمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ فَصَارَ) أَيْ فَصَارَ التَّوْكِيلُ مِنْ
جِهَةِ الْمَطْلُوبِ إذَا كَانَ بِطَلَبٍ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ
(كَالْوَكَالَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا عَقْدُ الرَّهْنِ) بِأَنْ وَضَعَ
الرَّهْنَ عَلَى
(8/138)
قَالَ (فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ
فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ وَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ حَتَّى يَعْلَمَ) لِأَنَّ
فِي الْعَزْلِ إضْرَارًا بِهِ مِنْ حَيْثُ إبْطَالُ وِلَايَتِهِ أَوْ مِنْ
حَيْثُ رُجُوعُ الْحُقُوقِ إلَيْهِ فَيَنْقُدُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ
وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
يَدَيْ عَدْلٍ وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ مُسَلَّطًا
عَلَى الْبَيْعِ ثُمَّ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَعْزِلَ الْعَدْلَ عَنْ
الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَارَ حَقًّا
لِلْمُرْتَهِنِ وَبِالْعَزْلِ يَبْطُلُ هَذَا الْحَقُّ. فَإِنْ قِيلَ:
عَزْلُ الرَّاهِنِ الْعَدْلَ عَنْ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ
بِحَضْرَةِ الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ، بِخِلَافِ عَزْلِ
الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ بِالْخُصُومَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ إذَا كَانَ
بِحَضْرَةِ الطَّالِبِ رَضِيَ بِهِ أَوْ لَا، وَلَوْ كَانَتَا
مُتَشَابِهَتَيْنِ لَمَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا هَذِهِ التَّفْرِقَةُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ مَدَارَ جَوَازِ الْعَزْلِ وَعَدَمِهِ عَلَى بُطْلَانِ
الْحَقِّ وَعَدَمِهِ فَإِذَا بَطَلَ الْحَقُّ بَطَلَ الْعَزْلُ، وَفِي
الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَمْ يَبْطُلْ الْحَقُّ بِالْعَزْلِ
بِحَضْرَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فَكَانَ جَائِزًا، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ
الرَّهْنِ فَلَوْ صَحَّ الْعَزْلُ بِحَضْرَةِ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ حَقُّهُ
فِي الْبَيْعِ أَصْلًا إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُطَالَبَ الرَّاهِنُ
بِالْبَيْعِ.
قَالَ (فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ إلَخْ)
إذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ وَلَمْ يَبْلُغْهُ عَزْلُهُ فَهُوَ عَلَى
وَكَالَتِهِ وَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ حَتَّى يَعْلَمَ لِأَنَّ فِي عَزْلِهِ
إضْرَارًا بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ حَيْثُ بُطْلَانُ
وِلَايَتِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَصَرَّفُ عَلَى
(8/139)
فَيَضْمَنُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ،
وَيَسْتَوِي الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرُهُ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ،
وَقَدْ ذَكَرْنَا اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ أَوْ الْعَدَالَةِ فِي الْمُخْبِرِ
فَلَا نُعِيدُهُ
. قَالَ (وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَجُنُونِهِ
جُنُونًا مُطْبِقًا وَلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
ادِّعَاءِ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ ذَلِكَ، وَفِي الْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ
عِلْمِهِ تَكْذِيبٌ لَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ لِبُطْلَانِ وِلَايَتِهِ،
وَضَرَرُ التَّكْذِيبِ ظَاهِرٌ لَا مَحَالَةَ.
وَالثَّانِي مِنْ حَيْثُ رُجُوعُ الْحُقُوقِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَنْقُدُ
مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَيُسَلِّمُ
الْمَبِيعَ إنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ، فَإِذَا كَانَ مَعْزُولًا
كَانَ التَّصَرُّفُ وَاقِعًا لَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ فَيَضْمَنُهُ
فَيَتَضَرَّرُ بِهِ، وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ سِيَّانِ فِي
الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ أَوْ
الْعَدَالَةِ فِي الْمُخْبِرِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ فِي
كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِعَادَةِ.
قَالَ (وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ إلَخْ) قَدْ
تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ الْوَكَالَةِ مَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ فِيهِ أَنْ
يَعْزِلَ الْوَكِيلَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا أَحَدٍ، وَمِنْهَا
مَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ إلَّا بِرِضَا الطَّالِبِ، فَفِي الْأَوَّلِ
تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَجُنُونِهِ جُنُونًا
مُطْبِقًا وَلِحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا، لِأَنَّ التَّوْكِيلَ
(8/140)
لِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ غَيْرُ
لَازِمٍ فَيَكُونُ لِدَوَامِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ
قِيَامِ الْأَمْرِ وَقَدْ بَطَلَ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ، وَشَرْطٌ أَنْ
يَكُونَ الْجُنُونُ مُطْبِقًا لِأَنَّ قَلِيلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
تَصَرُّفٌ غَيْرُ لَازِمٍ، إذْ اللُّزُومُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَتَوَقَّفُ
وُجُودُهُ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ
لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْفَرِدُ فِي فَسْخِهَا، فَإِنَّ لِلْوَكِيلِ
أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْنَعَ
الْوَكِيلَ عَنْهَا، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ غَيْرُ لَازِمٍ لِدَوَامِهِ حُكْمُ
ابْتِدَائِهِ، لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ بِسَبِيلٍ مِنْ نَقْضِهِ فِي كُلِّ
لَحْظَةٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ يَتَجَدَّدُ عَقْدُ الْوَكَالَةِ فِي كُلِّ
سَاعَةٍ فَيَنْتَهِي فَكَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ
الْعَقْدِ،
(8/141)
بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ، وَحَدُّ
الْمُطْبِقِ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارًا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ
الصَّوْمُ. وَعَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ تَسْقُطُ
بِهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَصَارَ كَالْمَيِّتِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ:
حَوْلٌ كَامِلٌ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ جَمِيعُ الْعِبَادَاتِ فَقَدَّرَ
بِهِ احْتِيَاطًا. قَالُوا: الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي اللَّحَاقِ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ
فَكَذَا وَكَالَتُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ فَكَذَا فِيمَا هُوَ
بِمَنْزِلَتِهِ، وَقَدْ بَطَلَ الْأَمْرُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ فَلَا
تَبْقَى الْوَكَالَةُ مِنْ هَؤُلَاءِ كَمَا لَا تَنْعَقِدُ مِنْهُمْ
ابْتِدَاءً، وَنُوقِضَ بِالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ
وَيَتَقَرَّرُ بِالْمَوْتِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ
لِعَارِضِ الْخِيَارِ، فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ الْعَارِضُ وَتَقَرَّرَ
الْأَصْلُ، وَفِي الثَّانِي لَا تَبْطُلُ فَلَا تَبْطُلُ فِي صُورَةِ
تَسْلِيطِ الْعَدْلِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ، وَفِيمَا إذَا جَعَلَ أَمْرَ
امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي هَذَا النَّوْعِ صَارَ
لَازِمًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فَلَا يَكُونُ لِدَوَامِهِ
حُكْمُ ابْتِدَائِهِ فَلَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْأَمْرِ. وَكَلَامُ
الْمُصَنِّفِ عَنْ بَيَانِ التَّقْسِيمِ سَاكِتٌ وَهُوَ مِمَّا لَا بُدَّ
مِنْهُ. وَالْجُنُونُ الْمُطْبِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ هُوَ الدَّائِمُ،
وَشَرَطَ الْإِطْبَاقَ فِي الْجُنُونِ لِأَنَّ قَلِيلَهُ بِمَنْزِلَةِ
الْإِغْمَاءِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَكَالَةُ. وَحَدُّ الْمُطْبِقِ
شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَرَوَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارًا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ الصَّوْمُ، وَعَنْهُ
أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَوَاتُ
الْخَمْسُ فَصَارَ كَالْمَيِّتِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ آخِرًا: حَوْلٌ كَامِلٌ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ جَمِيعُ
الْعِبَادَاتِ فَقُدِّرَ بِهِ احْتِيَاطًا.
قَالَ الْمَشَايِخُ: الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي اللِّحَاقِ قَوْلُ أَبِي
حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ
عِنْدَهُ مَوْقُوفَةٌ وَالْوَكَالَةُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَتَكُونُ
مَوْقُوفَةً، فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ
الْحَرْبِ بَطَلَتْ، فَأَمَّا
(8/142)
فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِنْ قُتِلَ
أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، فَأَمَّا
عِنْدَهُمَا تَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةٌ فَلَا تَبْطُلُ وَكَالَتُهُ إلَّا
أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ يُحْكَمَ بِلَحَاقِهِ
وَقَدْ مَرَّ فِي السِّيَرِ
وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ امْرَأَةً فَارْتَدَّتْ فَالْوَكِيلُ عَلَى
وَكَالَتِهِ حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ
رِدَّتَهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي عُقُودِهَا عَلَى مَا عُرِفَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
عِنْدَهُمَا فَتَصَرُّفَاتُهُ جَائِزَةٌ فَلَا تَبْطُلُ وَكَالَتُهُ إلَّا
أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ يُحْكَمُ بِلِحَاقِهِ
حَتَّى يَسْتَقِرَّ أَمْرُ اللِّحَاقِ، وَقَدْ مَرَّ فِي السِّيَرِ: أَيْ
كَوْنُ تَصَرُّفِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفًا أَوْ نَافِذًا فِي بَابِ
أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ،
وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ امْرَأَةً فَارْتَدَّتْ فَالْوَكِيلُ وَكِيلٌ
حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، لِأَنَّ رِدَّتَهَا لَا
تُؤَثِّرُ فِي عُقُودِهَا لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ، مَا خَلَا التَّوْكِيلِ
بِالتَّزْوِيجِ فَإِنَّ رِدَّتَهَا تُخْرِجُ الْوَكِيلَ بِهِ
(8/143)
قَالَ (وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ
عَجَزَ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ الشَّرِيكَانِ
فَافْتَرَقَا، فَهَذِهِ الْوُجُوهُ تُبْطِلُ الْوَكَالَةَ عَلَى
الْوَكِيلِ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ بَقَاءَ
الْوَكَالَةِ يَعْتَمِدُ قِيَامَ الْأَمْرِ وَقَدْ بَطَلَ بِالْحَجْرِ
وَالْعَجْزِ وَالِافْتِرَاقِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
مِنْ الْوَكَالَةِ، لِأَنَّهَا حِينَ كَانَتْ مَالِكَةً لِلْعَقْدِ وَقْتَ
التَّوْكِيلِ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ فِي الْحَالِ ثُمَّ بِرِدَّتِهَا
تَخْرُجُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَالِكَةً لِلْعَقْدِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَزْلًا
مِنْهَا لِوَكِيلِهَا، فَبَعْدَمَا انْعَزَلَ لَا يَعُودُ وَكِيلًا إلَّا
بِالتَّجْدِيدِ.
قَالَ (وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ عَجَزَ إلَخْ) وَإِذَا وَكَّلَ
الْمُكَاتَبُ ثُمَّ عَجَزَ أَوْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ ثُمَّ حُجِرَ
عَلَيْهِ وَكَانَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ بَطَلَتْ
الْوَكَالَةُ، عَلِمَ بِذَلِكَ الْوَكِيلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. وَإِذَا
وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ثَالِثًا بِشَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَلِهِ
بِنَفْسِهِ فَافْتَرَقَا فَكَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ بَقَاءَ
الْوَكَالَةِ يَعْتَمِدُ قِيَامَ الْأَمْرِ وَقَدْ بَطَلَ بِالْعَجْزِ
وَالْحَجْرِ
(8/144)
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ
لِأَنَّ هَذَا عَزْلٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
وَالِافْتِرَاقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ
عَزْلٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ، كَالْوَكِيلِ
بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ، وَأَمَّا إذَا وَكَّلَ
الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ التَّقَاضِي
فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْعَجْزِ وَالْحَجْرِ لِأَنَّ الْعَبْدَ
مُطَالَبٌ بِإِيفَاءِ مَا وَلِيَهُ، وَلَهُ وِلَايَةُ مُطَالَبَةِ
اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ كَانَ بِعَقْدِهِ، فَإِذَا
بَقِيَ حَقُّهُ بَقِيَ وَكِيلُهُ عَلَى الْوَكَالَةِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ
ابْتِدَاءً بَعْدَ الْحَجْرِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ بِمُبَاشَرَتِهِ،
وَكَذَا إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَكِيلًا بِشَيْءٍ هُوَ
وَلِيُّهُ ثُمَّ افْتَرَقَا وَاقْتَسَمَا وَأَشْهَدَا أَنَّهُ لَا شَرِكَةَ
بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَمْضَى الْوَكِيلُ مَا وَكَّلَ بِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ
أَوْ لَا يَعْلَمُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ تَوْكِيلَ
أَحَدِهِمَا فِي حَالِ بَقَاءِ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ كَتَوْكِيلِهِمَا
فَصَارَ وَكِيلًا مِنْ جِهَتِهِمَا جَمِيعًا فَلَا يَنْعَزِلُ
بِنَقْضِهِمَا الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا لَا يَفْصِلُ بَيْنَ مَا وَلِيَهُ
وَبَيْنَ مَا لَمْ يَلِهِ، فَمَا الْفَارِقُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ أَحَدَ
الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا وَكَّلَ فِيمَا وَلِيَهُ كَانَ لِتَوْكِيلِهِ
جِهَتَانِ: جِهَةُ مُبَاشَرَتِهِ، وَجِهَةُ كَوْنِهِ شَرِيكًا، فَإِنْ
بَطَلَتْ جِهَةُ كَوْنِهِ شَرِيكًا بِفَسْخِ الشَّرِكَةِ لَمْ تَبْطُلْ
الْأُخْرَى وَهِيَ مُسْتَنِدَةٌ إلَى حَالِ الْمُفَاوَضَةِ، وَتَوْكِيلُ
أَحَدِهِمَا فِيهَا كَتَوْكِيلِهِمَا فَتَبْقَى فِي حَقِّهِمَا، وَإِذَا
وَكَّلَ فِيمَا لَمْ يَلِهِ كَانَ لِتَوْكِيلِهِ جِهَةُ كَوْنِهِ شَرِيكًا
لَا غَيْرُ وَقَدْ بَطَلَتْ بِفَسْخِ الشَّرِكَةِ فَتَبْطُلُ فِي
حَقِّهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ
وَكِيلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَى
صَاحِبِهِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَقِّ
صَاحِبِهِ
(8/145)
كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَهُ
الْمُوَكِّلُ.
قَالَ (وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا بَطَلَتْ
الْوَكَالَةُ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمْرُهُ بَعْدَ جُنُونِهِ وَمَوْتِهِ
(وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا) لَمْ يَجُزْ لَهُ
التَّصَرُّفُ إلَّا أَنْ يَعُودَ مُسْلِمًا قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ
مُحَمَّدٍ، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ.
لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَكَالَةَ إطْلَاقٌ لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
كَوَكِيلٍ مَأْذُونٍ بِالتَّوْكِيلِ لِتَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ
وَهُوَ الرِّبْحُ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ بِتَصَرُّفِ وَاحِدٍ
وَحُصُولُهُ بِاثْنَيْنِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ سَاكِتٌ عَنْ
التَّفْصِيلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا كَمَا تَرَى، وَفِيهِ مَا
فِيهِ. وَقَدْ أَوَّلَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ كَلَامَ الْقُدُورِيِّ فِي
افْتِرَاقِ الشَّرِيكَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ الْوَكَالَةُ
الَّتِي كَانَتْ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، فَإِنَّهُمَا إذَا
افْتَرَقَا بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ الْمُتَضَمَّنَةُ لَهَا فَتَبْطُلُ مَا
كَانَتْ فِي ضِمْنِهَا، هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يَخْتَصُّ
بِمَسْأَلَةِ الشَّرِكَةِ لَا غَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِعِبَارَةِ
الْكِتَابِ.
قَالَ (وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا إلَخْ)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعَوَارِضِ الْمُبْطِلَةِ لِلْوَكَالَةِ مِنْ جَانِبِ
الْمُوَكِّلِ شَرَعَ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ، فَإِذَا مَاتَ
الْوَكِيلُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ لِأَنَّهُ
لَا يَصِحُّ أَمْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجُنُونِهِ، وَالْأَمْرُ مَصْدَرٌ
مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ الَّذِي كَانَ
مَأْمُورًا بِهِ لَمْ يَبْقَ صَحِيحًا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ
لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ لِدَوَامِهِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ،
وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَصَرَّفَ
فِيمَا وُكِّلَ بِهِ
(8/146)
رُفِعَ الْمَانِعُ. أَمَّا الْوَكِيلُ
يَتَصَرَّفُ بِمَعَانٍ قَائِمَةٍ بِهِ وَإِنَّمَا عَجَزَ بِعَارِضِ
اللَّحَاقِ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ، فَإِذَا زَالَ الْعَجْزُ
وَالْإِطْلَاقُ بَاقٍ عَادَ وَكِيلًا. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إثْبَاتُ
وِلَايَةِ التَّنْفِيذِ، لِأَنَّ وِلَايَةَ أَصْلِ التَّصَرُّفِ
بِأَهْلِيَّتِهِ وَوِلَايَةُ التَّنْفِيذِ بِالْمِلْكِ وَبِاللَّحَاقِ
لَحِقَ بِالْأَمْوَاتِ وَبَطَلَتْ الْوِلَايَةُ فَلَا تَعُودُ كَمِلْكِهِ
فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
إلَّا أَنْ يَعُودَ مُسْلِمًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي
يُوسُفَ فَلَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا. لِمُحَمَّدٍ
أَنَّ التَّوْكِيلَ إطْلَاقٌ لِأَنَّهُ رَفَعَ الْمَانِعَ، وَمَعْنَاهُ
أَنَّ الْوَكِيلَ كَانَ مَمْنُوعًا شَرْعًا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ
لِمُوَكِّلِهِ، فَإِذَا وَكَّلَهُ رَفَعَ الْمَانِعَ، وَأَمَّا أَنْ
يَحْدُثُ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ وَوِلَايَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ
يَتَصَرَّفُ بِمَعَانٍ قَائِمَةٍ بِهِ وَهِيَ الْعَقْلُ وَالْقَصْدُ إلَى
ذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَالذِّمَّةُ الصَّالِحَةُ لَهُ، وَالْإِطْلَاقُ بَاقٍ
مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ عُرُوضِ هَذَا الْعَارِضِ. وَإِنَّمَا
عَجَزَ الْوَكِيلُ عَنْ التَّصَرُّفِ بِعَارِضِ اللِّحَاقِ لِتَبَايُنِ
الدَّارَيْنِ، فَإِذَا زَالَ الْعَجْزُ وَالْإِطْلَاقُ بَاقٍ عَادَ
وَكِيلًا، وَهَذَا يَنْزِعُ إلَى تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَمُخَلِّصُهُ
مَعْرُوفٌ.
وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إثْبَاتُ وِلَايَةِ التَّنْفِيذِ، وَمَعْنَاهُ
أَنَّ التَّوْكِيلَ تَمْلِيكُ وِلَايَةِ التَّنْفِيذِ، فَإِنَّ الْوَكِيلَ
إنَّمَا يَمْلِكُ تَنْفِيذَ تَصَرُّفِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْوَكَالَةِ،
وَوِلَايَةُ التَّنْفِيذِ بِالْمِلْكِ: أَيْ تَمْلِيكُ وِلَايَةِ
التَّنْفِيذِ مُلْصَقٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ بِلَا مِلْكٍ
غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ الْوَكِيلُ مَالِكًا لِلتَّنْفِيذِ
بِالْوَكَالَةِ وَقَدْ بَطَلَ الْمِلْكُ بِاللِّحَاقِ لِأَنَّهُ لَحِقَ
بِهِ بِالْأَمْوَاتِ فَصَارَ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ، وَإِذَا بَطَلَ
الْمِلْكُ بَطَلَتْ الْوِلَايَةُ، وَإِذَا بَطَلَتْ الْوِلَايَةُ بَطَلَ
التَّوْكِيلُ لِئَلَّا تَتَخَلَّفَ الْعِلَّةُ عَنْ الْمَعْلُولِ، وَإِذَا
بَطَلَتْ لَا تَعُودُ كَمِلْكِهِ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ،
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَحِقَ بِالْأَمْوَاتِ إلَى أَنَّ فَرْضَ
الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي
(8/147)
وَلَوْ عَادَ الْمُوَكِّلُ مُسْلِمًا
وَقَدْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ فِي
الظَّاهِرِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تَعُودُ كَمَا قَالَ فِي
الْوَكِيلِ. وَالْفَرْقُ لَهُ عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ مَبْنَى الْوَكَالَةِ
فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْمِلْكِ وَقَدْ زَالَ وَفِي حَقِّ
الْوَكِيلِ عَلَى مَعْنًى قَائِمٍ بِهِ وَلَمْ يَزَلْ بِاللَّحَاقِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
بِلِحَاقِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ
مِنْ الْوَكَالَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ
لِأَنَّ وِلَايَةَ أَصْلِ التَّصَرُّفِ بِأَهْلِيَّتِهِ فَإِنَّهُ بَعِيدُ
التَّعَلُّقِ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنَّهُ
إثْبَاتُ وِلَايَةِ التَّنْفِيذِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ فَيُقَالُ
الْوَكِيلُ لَهُ وِلَايَتَانِ وِلَايَةُ أَصْلِ التَّصَرُّفِ وَوِلَايَةُ
التَّنْفِيذِ، وَالْأُولَى ثَابِتَةٌ لَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ وَبَعْدَهُ،
وَالثَّانِيَةُ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ
بَعْدَهُ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ عَلَيْهِ شَيْءٌ سِوَى التَّوْكِيلِ فَكَانَتْ
ثَابِتَةً بِهِ،
وَلَوْ عَادَ الْمُوَكِّلُ مُسْلِمًا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ
بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ فِي ظَاهِرِ
الرِّوَايَةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تَعُودُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ
لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا عَادَ مُسْلِمًا عَادَ إلَيْهِ مَالُهُ عَلَى
قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَقَدْ تَعَلَّقَتْ الْوَكَالَةُ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ
فَيَعُودُ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ
عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ
بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَادَ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ. وَالْفَرْقُ لَهُ
عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ مَبْنَى الْوَكَالَةِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى
الْمِلْكِ وَقَدْ زَالَ بِرِدَّتِهِ وَالْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ، وَفِي حَقِّ
الْوَكِيلِ عَلَى مَعْنًى قَائِمٍ بِهِ وَلَمْ يَزُلْ بِاللِّحَاقِ وَأَبُو
يُوسُفَ سَوَّى فِي عَدَمِ الْعَوْدِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ، وَلَعَلَّ
إيرَادَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ عُرُوضِ الْعَوَارِضِ الْمَذْكُورَةِ
لِلْمُوَكِّلِ
(8/148)
قَالَ (وَمَنْ وَكَّلَ آخَرَ بِشَيْءٍ
ثُمَّ تَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ)
وَهَذَا اللَّفْظُ يَنْتَظِمُ وُجُوهًا: مِثْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ
بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ فَأَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ
الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُوَكِّلَهُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَوْ
بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَفَعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُوَكِّلَهُ بِطَلَاقِ
امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ
عِدَّتُهَا أَوْ بِالْخُلْعِ فَخَالَعَهَا، بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
كَانَ أَنْسَبَ، لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ الْعَوْدَ هَاهُنَا جَرَّدَ
ذِكْرَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (وَمَنْ وَكَّلَ آخَرَ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ فِيمَا
وَكَّلَ بِهِ إلَخْ) وَمَنْ وَكَّلَ آخَرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِثْبَاتَاتِ
أَوْ الْإِسْقَاطَاتِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهِ بِنَفْسِهِ بَطَلَتْ
الْوَكَالَةُ، فَإِذَا وَكَّلَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ
فَأَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ بِنَفْسِهِ بَطَلَتْ. وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ
بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ حَتَّى
لَوْ أَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ
لِانْقِضَاءِ الْحَاجَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ
فَأَبَانَهَا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِمُوَكِّلِهِ لِبَقَاءِ
الْحَاجَةِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ
فَاشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ
الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ
امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا بِنَفْسِهِ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ
عِدَّتُهَا بَطَلَتْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُطَلِّقَهَا،
وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ
عِدَّتُهَا لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ طَلَّقَهَا
بِنَفْسِهِ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ بَائِنَةً كَانَتْ أَوْ رَجْعِيَّةً
فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَالْأَصْلُ
فِيهِ أَنَّ مَا كَانَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ قَادِرًا عَلَى الطَّلَاقِ كَانَ
وَكِيلُهُ كَذَلِكَ وَمَا لَا فَلَا، وَكَذَا إذَا وَكَّلَ بِالْخُلْعِ
فَخَالَطَهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا
(8/149)
تَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ تَعَذَّرَ عَلَى
الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ فَبَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، حَتَّى لَوْ
تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ وَأَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ
يُزَوِّجَهَا مِنْهُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ انْقَضَتْ، بِخِلَافِ مَا
إذَا تَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَأَبَانَهَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ
الْمُوَكِّلَ لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ
عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ
قَاضٍ؛ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَيْسَ
لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّ بَيْعَهُ بِنَفْسِهِ
مَنْعٌ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَصَارَ كَالْعَزْلِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مَرَّةً
أُخْرَى لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ وَالْعَجْزُ
قَدْ زَالَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
تَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ تَعَذَّرَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ فَبَطَلَتْ
الْوَكَالَةُ) مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَمَبْنَاهُ انْقِضَاءُ
الْحَاجَةِ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ
بِنَفْسِهِ بَطَلَتْ، فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِالْقَضَاءِ؛ فَعَنْ
أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ
بِنَفْسِهِ مَنْعٌ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَصَارَ كَالْعَزْلِ. وَقَيَّدَ
بِقَوْلِهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَبِلَهُ
بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ
يَبِيعَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ كَالْعَقْدِ
الْمُبْتَدَإِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْوَكِيلُ
غَيْرُهُمَا فَكَانَ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ كَأَنَّ الْمُوَكِّلَ اشْتَرَاهُ
ابْتِدَاءً. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مَرَّةً أُخْرَى،
لِأَنَّ الْوَكَالَةَ
(8/150)
بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْهِبَةِ
فَوَهَبَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَهَبَ
لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الرُّجُوعِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلُ عَدَمِ
الْحَاجَةِ. أَمَّا الرَّدُّ بِقَضَاءٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَمْ
يَكُنْ دَلِيلُ زَوَالِ الْحَاجَةِ، فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ
مِلْكِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العناية]
بَاقِيَةٌ لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ وَهُوَ بَاقٍ، وَالِامْتِنَاعُ كَانَ
لِعَجْزِ الْوَكِيلِ وَقَدْ زَالَ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ
بِالْهِبَةِ فَوَهَبَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ
أَنْ يَهَبَ، لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُخْتَارٌ فِي الرُّجُوعِ فَكَانَ
ذَلِكَ دَلِيلُ عَدَمِ الْحَاجَةِ: أَمَّا الرَّدُّ بِقَضَاءٍ فَبِغَيْرِ
اخْتِيَارِهِ فَلَمْ يَكُنْ دَلِيلَ زَوَالِ الْحَاجَةِ، فَإِذَا عَادَ
إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(8/151)
|