درر الحكام شرح غرر الأحكام

[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

(2/281)


وَهِيَ لُغَةً الْحِفْظُ وَمِنْهُ الْوَكِيلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ: وَكَّلْتُك فِي مَالِي يَمْلِكُ الْحِفْظَ فَقَطْ، وَقِيلَ التَّرْكِيبُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّفْوِيضِ وَالِاعْتِمَادِ، وَمِنْهُ التَّوَكُّلُ يُقَالُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا أَيْ فَوَّضْنَا أُمُورَنَا وَسَلَّمْنَا، وَعَلَى هَذَا (التَّوْكِيلُ) لُغَةً تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى الْغَيْرِ وَشَرْعًا (تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ) فِي أَمْرِهِ (إلَى غَيْرِهِ) وَإِقَامَتِهِ مُقَامَهُ (وَالرِّسَالَةُ تَبْلِيغُ الْكَلَامِ إلَى الْغَيْرِ) بِلَا دَخْلٍ فِي التَّصَرُّفِ، (وَشَرْطُ جَوَازِهِ كَوْنُ الْمُوَكِّلِ أَهْلَ تَصَرُّفٍ) لَمْ يَقُلْ أَهْلَ التَّصَرُّفِ لِئَلَّا يُفْهَمَ إرَادَةُ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ لِاسْتِلْزَامِهَا بُطْلَانَ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِبَيْعِ الْخَمْرِ، (وَ) كَوْنُ (الْوَكِيلِ يَعْقِلُهُ) أَيْ يَعْقِلُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ وَالْفَاحِشَ (وَيَقْصِدُهُ) حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ هَازِلًا لَا يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ، فَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ كَوْنُ الْمُوَكِّلِ أَهْلَ تَصَرُّفٍ بِقَوْلِهِ (فَصَحَّ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِبَيْعِ الْخَمْرِ) ، وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْوَكِيلُ يَعْقِلُهُ وَيَقْصِدُهُ بِقَوْلِهِ (وَالْحُرُّ) أَيْ وَيَصِحُّ أَيْضًا تَوْكِيلُ الْحُرِّ (الْبَالِغِ وَالْمَأْذُونِ) عَبْدًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا (مِثْلَهُمَا) ، فَيَتَنَاوَلُ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ (وَصَبِيًّا يَعْقِلُهُ وَعَبْدًا) حَالَ كَوْنِهِمَا (مَحْجُورَيْنِ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي كُلٍّ مِمَّا ذَكَرَ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ هَاهُنَا وَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى مُوَكِّلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا بَعْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا (وَالتَّوْكِيلُ) عُطِفَ عَلَى تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ (بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ) فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَازِهِ دَفْعًا لِحَاجَتِهِ (لِنَفْسِهِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْوَكِيلِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا أُمِرَ بِهِ حَتَّى لَوْ صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا جَازَ (وَبِالْخُصُومَةِ) عُطِفَ عَلَى بِكُلٍّ (فِي كُلِّ حَقٍّ) إذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَهْتَدِي إلَى وُجُوهِ الْخُصُومَاتِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، (وَلَمْ يَلْزَمْ) أَيْ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ اتِّفَاقِيٌّ وَالْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ (بِلَا رِضَا خَصْمِهِ) الْمُتَأَخِّرُونَ اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ مِنْ الْخَصْمِ التَّعَنُّتَ فِي إبَاءِ الْوَكِيلِ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَقْبَلُ التَّوْكِيلَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ الْقَصْدَ إلَى الْإِضْرَارِ بِصَاحِبِهِ فِي التَّوْكِيلِ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي (إلَّا الْمُوَكِّلُ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ) أَيْ غَائِبٌ مَسَافَةَ ثَلَاثِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا (أَوْ مُرِيدٌ لِلسَّفَرِ) بِأَنْ يَنْظُرَ لِلْقَاضِي فِي حَالِهِ وَفِي عُدَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَخْفَى هَيْئَةُ مَنْ يُسَافِرُ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ (أَوْ مُخَدَّرَةٌ) لَمْ تَجْرِ عَادَتُهَا بِالْبُرُوزِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ.

(وَصَحَّ) أَيْضًا التَّوْكِيلُ (بِإِيفَائِهِ) أَيْ بِإِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ (وَاسْتِيفَائِهِ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (بِغَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ) عَنْ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالشُّبُهَاتِ فَلَا يُسْتَوْفَى بِمَا يَقُومُ مَقَامَ الْغَيْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ شُبْهَةٍ (قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ وَكِيلًا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ، وَلَوْ زَادَ جَائِزٌ أَمْرُهُ كَانَ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ. . . إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً تَكُونُ عَيْنًا فَيَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَالْحُرِّ الْبَالِغِ) مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِبَيْعِ الْخَمْرِ غَنِيَّةً عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ بَالِغًا، وَإِذَا كَانَ لَا يَخْتَصُّ وَصَحَّ تَوْكِيلُ الْبَالِغِ كَافِرًا فَكَذَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ فَيَتَنَاوَلُ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ) لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا انْحِصَارُ الصُّوَرِ فِيمَا ذَكَرَ لِصِحَّةِ تَوْكِيلِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ حُرًّا وَبَالِغًا (قَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يُقْعِدُهُ بِنَفْسِهِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ الْمُسْلِمَ بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ حَتَّى أَنَّهُ يَقَعُ الْقَرْضُ لِلْوَكِيلِ لَكِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُ التَّوْكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ.
(قَوْلُهُ أَوْ مُخَدَّرَةٌ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْحَيْضُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْحَبْسُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي تَرَافَعُوا إلَيْهِ اهـ فَامْتَنَعَ الْحَصْرُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُك مُقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةَ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَخْتَلِفُ لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا تِجَارَةً مَعْرُوفَةً تَنْصَرِفُ إلَيْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ جَائِزٌ أَمْرُهُ كَانَ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) أَقُولُ هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ كَلَامِ الصُّغْرَى الَّذِي غَيَّاهُ بِظُهُورِ غَيْرِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي غَيْرُهُ وَهُوَ مَا قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُك يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّعْمِيمِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوُهُ بِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعُك رَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَا فِي الْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ قَالَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَرِيبٌ

(2/282)


لَوْ زَادَ جَائِزٌ أَمْرُهُ فَهُوَ وَكِيلٌ فِي الْحِفْظِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَقَاضِي دُيُونِهِ وَحُقُوقِهِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفَ عَامًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَيَمْلِكُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى لَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ صَنِيعَهُ وَهَذَا مِنْ صَنِيعِهِ ثُمَّ، قَالَ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ جَازَ فَيُفْتَى بِهَذَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ (حُقُوقُ عَقْدٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي تَتَعَلَّقُ بِهِ (يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ) فِي عُرْفِ أَهْلِ الْمُعَامَلَةِ (كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ إقْرَارٍ) أَمْثِلَةٌ لِلْعَقْدِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ يَقُولُ بِعْت هَذَا مِنْك وَلَا يَقُولُ بِعْت هَذَا مِنْك مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَقُولُ اشْتَرَيْت هَذَا مِنْك وَلَا يَقُولُ لِأَجْلِ فُلَانٍ (تَتَعَلَّقُ) أَيْ تِلْكَ الْحُقُوقُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَكِيلِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْوَكِيلُ (مَحْجُورًا) احْتِرَازٌ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ فَإِنَّ تَوْكِيلَهُمَا جَائِزٌ لَكِنَّ حُقُوقَ عَقْدِهِمَا تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَمَثَّلَ حُقُوقَ الْعَقْدِ بِقَوْلِهِ (كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ) إنْ وُكِّلَ بِالْبَيْعِ (وَقَبْضِهِ) إنْ وُكِّلَ بِالشِّرَاءِ (وَقَبْضِ ثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ مَبِيعِهِ (وَالْمُطَالَبَةِ بِثَمَنِ مُشْتَرِيهِ) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ (وَالرُّجُوعِ بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ (عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ مَا بَاعَ أَوْ رُجُوعِهِ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ مَا اشْتَرَى (وَالْمُخَاصِمَةِ) أَيْ يُخَاصِمُ، وَيُخَاصَمُ (فِي شُفْعَةِ مَا بِيعَ وَفِي الْعَيْبِ فَيَرُدُّهُ) أَيْ الْمَعِيبَ إلَى الْبَائِعِ (لَوْ) كَانَ (بِيَدِهِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ) يَرُدُّهُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ الْمُوَكِّلِ (وَلِلْمُشْتَرِي مَنْعُ الثَّمَنِ مِنْ مُوَكِّلِ بَائِعِهِ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ الْمُوَكِّلُ طَلَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَهُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ كَمَا بَيَّنَّا (وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (صَحَّ وَلَا يُطَالِبُهُ بَائِعُهُ) ، يَعْنِي الْوَكِيلَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ حَقُّهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَزْعِهِ مِنْهُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي لِوُصُولِ الثَّمَنِ إلَى مُسْتَحِقِّيهِ (وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً لَكِنَّ خِلَافَهُ عَنْ الْوَكِيلِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْحُقُوقُ رَاجِعَةً إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمِلْكِ فَأَجَابَ عَنْهُ بِهَذَا، وَقَالَ نَعَمْ الْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ خِلَافُهُ عَنْ الْوَكِيلِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ خَلَفٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ اسْتِفَادَةِ التَّصَرُّفِ، وَالْمُوَكِّلُ خَلَفٌ عَنْ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ إذَا قَبِلَ الْهِبَةَ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمَوْلَى ابْتِدَاءً، (وَقِيلَ) الْمِلْكُ يَثْبُتُ (لِلْوَكِيلِ لَكِنْ لَا يَتَقَرَّرُ) بَلْ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِلَا مُهْلَةٍ (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يُعْتَقُ قَرِيبٌ شَرَاهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (عُرْسَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ) أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ الْعِتْقَ وَفَسَادَ النِّكَاحِ يَقْتَضِيَانِ تَقَرُّرَ الْمُلَّكِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدَا لَمْ يَحْصُلَا وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ، وَهُوَ الْمِلْكُ الْمُقَرَّرُ وَالْمُجْتَهِدُ غَيْرُ غَافِلٍ، وَإِنَّمَا فَرَّعَهُمَا الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ (وَحُقُوقُ عَقْدٍ يُضِيفُهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (إلَى الْمُوَكِّلِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ دَمٍ عَمْدٍ وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَكِتَابَةٍ وَهِبَةٍ وَتَصَدُّقٍ وَإِعَارَةٍ وَإِيدَاعٍ وَرَهْنٍ وَإِقْرَاضٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ) وَسَرُّهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ، لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
مِمَّا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْوَكِيلُ إنْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً مَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ وَوَقْفَ الْبَيْتِ وَقَدْ كَتَبْنَا فِيهَا رِسَالَةً اهـ.
(قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَأْذُونَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا الْحُقُوقُ مُطْلَقًا.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ تَلْزَمُهُ الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا بَلْ الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ فِي الْإِيضَاحِ إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ فَفَعَلَ جَازَ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَجَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ نَسِيئَةً كَانَ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ دُونَ الْآمِرِ وَذَكَرَ وَجْهَ كُلٍّ فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ حُقُوقَ عَقْدِهِمَا تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ) يَعْنِي مَا لَمْ يُعْتَقْ فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ لَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ لَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَعْنِي عَلَى الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَالْمُخَاصَمَةُ فِي شُفْعَةِ مَا بِيعَ) ذَكَرَهُ فِي الشُّفْعَةِ أَيْضًا بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ كَمَا بَيَّنَّا) لَعَلَّ صَوَابَهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ إذْ الْمُشْتَرِي نَفْسُهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَبَائِعُهُ الْوَكِيلُ فَالْعَقْدُ مُتَعَلِّقٌ بِحُقُوقِهِ بِهِمَا أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُوَكِّلُ فَأَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(2/283)


وَالْوَكِيلُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْحُكْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ لِيَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لِلسَّبَبِ أَمَّا النِّكَاحُ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبُضْعِ الْحُرْمَةُ فَكَانَ النِّكَاحُ إسْقَاطًا لَهَا، وَالسَّاقِطُ لَا يَتَلَاشَى فَلَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُ السَّبَبِ عَنْ شَخْصٍ عَلَى سَبِيلِ الْأَصَالَةِ وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِغَيْرِهِ فَجَعَلَ سَفِيرًا لِيَقْتَرِنَ الْحُكْمُ بِالسَّبَبِ حَتَّى لَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ لَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ السَّبَبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِيَارٍ فَجَازَ صُدُورُ السَّبَبِ عَنْ شَخْصٍ أَصَالَةً وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِغَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَلِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلنِّكَاحِ وَالنَّاكِحُ الْمَرْءُ وَالْمَنْكُوحَةُ الْمَرْأَةُ وَالْوَكِيلُ إمَّا مِنْهُ أَوْ مِنْهَا، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ سَفِيرًا مَحْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَإِنَّهُ أَيْضًا إسْقَاطٌ مَحْضٌ لَا تَشُوبُهُ مُعَاوَضَةٌ بَلْ فِدَاءُ يَمِينٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَالْوَكِيلُ أَجْنَبِيٌّ سَفِيرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا الْحَالُ فِي الْبَوَاقِي هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَيَضْمَحِلُّ بِهِ مَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ، وَأَمَّا الصُّلْحُ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي الْإِضَافَةِ فَإِنَّ زَيْدًا إذَا ادَّعَى دَارًا عَلَى عَمْرٍو فَوَكَّلَ عَمْرُو وَكِيلًا عَلَى أَنْ يُصَالِحَ عَلَى الْمِائَةِ، فَيَقُولُ زَيْدٌ صَالَحْت عَنْ دَعْوَى الدَّارِ عَلَى عَمْرٍو بِالْمِائَةِ، وَيَقْبَلُ الْوَكِيلُ هَذَا الصُّلْحَ يَتِمُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَنْ إقْرَارٍ يَكُونُ كَالْبَيْعِ فَتُرَجَّحُ الْحُقُوقُ إلَى الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَتَسْلِيمُ بَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِذَا كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ فِدَاءُ يَمِينٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَتِمُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ تَمَامُهُ بِلَا اعْتِبَارِ إضَافَتِهِ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ إلَى الْوَكِيلِ وَفِي صُورَةِ الْإِنْكَارِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَيْنُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَإِنْ أَرَادَ تَمَامَهُ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْإِضَافَةِ كَانَ اعْتِرَافًا بِصِحَّةِ كَلَامِ الْقَوْمِ فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ الْفَرْقِ وَالْقَوْلِ بِالتَّسْوِيَةِ، وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَفِيرًا مَحْضًا بِقَوْلِهِ (فَلَا يُطَالَبُ) مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ (وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ (بِالْمَهْرِ وَوَكِيلُهَا بِتَسْلِيمِهَا وَبِبَدَلِ الْخُلْعِ) لِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَفِيرًا مَحْضًا.

(التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ) حَتَّى لَا يَثْبُتَ بِهِ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ وَنُقِضَ بِالتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَهُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ وَفِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ عِوَضٌ فَافْتَرَقَا (لَا الرِّسَالَةِ) فَإِنَّهَا غَيْرُ بَاطِلَةٍ لِانْتِفَاءِ التَّصَرُّفِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ سَفِيرٌ مَحْضٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ.

[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]
(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) (إنْ عُمِّمَتْ) أَيْ الْوَكَالَةُ جَزَاءُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ الْآتِي صَحَّتْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مَنْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَمَبْلَغِ ثَمَنِهِ لِيَصِيرَ الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا لِيُمْكِنَهُ الِائْتِمَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَكَالَةً عَامَّةً، فَيَقُولُ ابْتَعْ مَا رَأَيْت لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يَشْتَرِيهِ يَكُونُ مُمْتَثِلًا (أَوْ عُلِمَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يَكُونُ مَعْلُومًا بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (مَا وُكِّلَ بِشِرَائِهِ أَوْ جَهِلَ جَهَالَةً يَسِيرَةً) وَهِيَ جَهَالَةُ النَّوْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ)

(2/284)


صَحَّتْ) أَيْ الْوَكَالَةُ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ (وَإِنْ) شَرْطِيَّةً (جُهِلَ) أَيْ مَا وُكِّلَ بِهِ (جَهَالَةً فَاحِشَةً) وَهِيَ جَهَالَةُ الْجِنْسِ (لَا) أَيْ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (بَيَّنَ الثَّمَنَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ (وَإِنْ) شَرْطِيَّةً (جُهِلَ) أَيْ مَا وُكِّلَ بِهِ (جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً) وَهِيَ مَا بَيْنَ النَّوْعِ وَالْجِنْسِ، (فَإِنْ بُيِّنَ النَّوْعُ أَوْ ثَمَنٌ عَيَّنَ نَوْعًا صَحَّتْ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ حِينَئِذٍ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ لِكَوْنِ الْجَهَالَةِ يَسِيرَةً (وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَاهُنَا أَيْضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِثَالِ لِكَوْنِ الْجَهَالَةِ فَاحِشَةً، (الْأَوَّلُ) وَهُوَ مَا جُهِلَ جَهَالَةً يَسِيرَةً (كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوْ الْمَرْوِيِّ وَالثَّانِي) وَهُوَ مَا جُهِلَ جَهَالَةً فَاحِشَةً (كَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ، وَالثَّالِثُ) وَهُوَ مَا جُهِلَ جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً (كَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالدَّارِ فَإِذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ فَرَسٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا ذَكَرَ (صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
(وَ) إذَا وُكِّلَ (بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ إنْ بُيِّنَ النَّوْعُ) كَالتُّرْكِيِّ (أَوْ ثَمَنٌ عَيَّنَ نَوْعًا) مِنْ أَنْوَاعِ الْعَبِيدِ وَجُعِلَ مُلْحَقًا بِجَهَالَةِ النَّوْعِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ وَأُلْحِقَ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِامْتِثَالَ.
(وَ) إذَا وُكِّلَ (بِشِرَاءِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ (وَإِنْ بَيَّنَهُ) أَيْ الثَّمَنَ إذْ بِمُجَرَّدِ بَيَانِهِ لَا تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ.

(التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ طَعَامٍ يَقَعُ عَلَى الْبُرِّ وَدَقِيقِهِ) يَعْنِي دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ اشْتَرِ لِي طَعَامًا يَشْتَرِي الْبُرَّ وَدَقِيقَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَشْتَرِيَ كُلَّ مَطْعُومٍ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْيَمِينِ عَلَى الْأَكْلِ إذْ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُطْعَمُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا قُرِنَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عُرْفًا وَلَا عُرْفَ فِي الْأَكْلِ فَبَقِيَ عَلَى الْوَضْعِ (وَقِيلَ) يَقَعُ (عَلَى الْبُرِّ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ وَالْخُبْزِ فِي قَلِيلِهِ وَالدَّقِيقِ فِي مُتَوَسِّطِهِ) رِعَايَةً لِلتَّنَاسُبِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ (وَفِي مُتَّخِذِ الْوَلِيمَةِ) يَقَعُ (عَلَى الْخَبَرِ مُطْلَقًا) يَعْنِي قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ كَثُرَتْ لِدَلَالَةِ الْحَالِ.

(وُكِّلَ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ صَحَّ) يَعْنِي إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا هَذَا الْعَبْدَ فَاشْتَرَاهُ صَحَّ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ حَتَّى لَوْ مَاتَ مَاتَ عَلَيْهِ (وَإِنْ أُطْلِقَ) يَعْنِي وُكِّلَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِالْأَلْفِ عَبْدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ (فَاشْتَرَى عَبْدًا كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ (لِلْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُوَكِّلُ) حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَاتَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ بَعْدَهُ مَاتَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَقَالَا هُوَ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْوَجْهَيْنِ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ لَهُمَا أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ دَيْنًا كَانَتْ أَوْ عَيْنًا حَتَّى لَوْ تَبَايَعَا عَيْنًا بِدَيْنٍ، ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فَصَارَ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فِي الدَّيْنِ سَوَاءً فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَلَهُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَاتِ حَتَّى وَلَوْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِالْعَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ فَإِنْ بُيِّنَ النَّوْعُ) بُيِّنَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ بُيِّنَ النَّوْعُ الْمُسْتَلْزِمُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ تُرْكِيٍّ (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٌ عَيَّنَ نَوْعًا) أَقُولُ عَيَّنَ فِعْلٌ وَفَاعِلُهُ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى ثَمَنٍ وَنَوْعًا مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْجِنْسَ مَعَ النَّوْعِ وَلَا الثَّمَنَ مَعَ الْجِنْسِ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ، لَكِنَّهُ قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي حِمَارًا أَوْ فَرَسًا صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ وَيَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي دَارًا بِبَغْدَادَ فِي مَحَلَّةِ كَذَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ فَرَسٍ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً يَسِيرَةً (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِمَّا ذَكَرَ) يَعْنِي كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ وَالْمَرْوِيِّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ وَإِذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ مَدْخُولِ فَاءَ التَّفْرِيعِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً، وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمَجْهُولِ جَهَالَةً فَاحِشَةً عَقِبَ الْأَوَّلِ لِمُنَاسَبَةِ التَّرْتِيبِ كَمَا كَرَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَهُ وَنَحْوِهِ يَعْنِي الْأَمَةَ وَالدَّارَ (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٌ) عُطِفَ عَلَى نَائِبِ الْفَاعِلِ وَالْعَامِلُ فِيهِ بُيِّنَ أَيْ بُيِّنَ ثَمَنٌ وَبَيَانُهُ بِذِكْرِ قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَوَصْفِهِ، وَقَوْلُهُ عَيَّنَ فِعْلٌ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلثَّمَنِ وَنَوْعًا مَفْعُولُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ بَيَانَ الثَّمَنِ مَعَ الْجِنْسِ كَبَيَانِ الْجِنْسِ مَعَ النَّوْعِ، فَإِنَّ جَهَالَةَ نَوْعِهِ تَنْدَفِعُ بِذِكْرِ مَبْلَغِ ثَمَنِهِ لِكَوْنِهَا يَسِيرَةً فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمِائَةٍ هِيَ ثَمَنُ التُّرْكِيِّ مِنْ أَنْوَاعِهِ.

(قَوْلُهُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الطَّعَامِ. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْفَارِقُ بَيْنَ ذَلِكَ الْعُرْفُ وَيُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ حَتَّى إذَا عُرِفَ أَنَّهُ بِالْكَثِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُرِيدُ بِهِ الْخُبْزَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلِيمَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْخُبْزَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ الطَّعَامُ فِي عُرْفِنَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ يَعْنِي الْمُهَيَّأَ لِلْأَكْلِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ وَنَحْوِهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَ ذِكْرِهِ التَّفْصِيلَ عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ فَإِنَّ عُرْفَهُمْ اسْمُ الطَّعَامِ إنْ كَانَ مَقْرُونًا بِالشِّرَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ أَمَّا فِي عُرْفِنَا اسْمُ الطَّعَامِ إنْ كَانَ مَقْرُونًا بِالشِّرَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَطْبُوخِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالشِّوَاءِ، وَمَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ أَوْ وَحْدَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالدَّقِيقِ فِي مُتَوَسِّطِهِ) لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَتْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَهُوَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلَ مَا اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ فَصَارَ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فِي الدَّيْنِ سَوَاءً) يَعْنِي فِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ

(2/285)


مِنْهَا أَوْ بِالدَّيْنِ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَهْلَكَ الْعَيْنَ أَوْ أَسْقَطَ الدَّيْنَ بِإِسْقَاطِ رَبِّ الدَّيْنِ عَنْ الْمَدْيُونِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ، وَإِذَا تَعَيَّنَتْ كَانَ هَذَا تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِلَا تَوْكِيلٍ بِقَبْضِهِ أَوْ كَانَ أَمْرًا بِدَفْعِ شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَهُوَ الدَّيْنُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى الْوَكِيلِ فَيَهْلِكُ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْوَكِيلِ فَيَصِيرُ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي فَيَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ.

(وَكَّلَ عَبْدًا بِشِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ (فَإِنْ قَالَ لَهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَبَاعَ صَحَّ) ، فَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصِحُّ لَأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا عَنْ مَالِيَّتِهِ، وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتُهُ فِي يَدِهِ، فَإِذَا أَضَافَهُ إلَى الْآمِرِ صَحَّ فِعْلُهُ لِلِامْتِثَالِ فَيَقَعُ الْعَقْدُ لِلْآمِرِ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ) بَلْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِنَفْسِي، أَوْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ لِي أَوْ لِفُلَانٍ (عَتَقَ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِمَا مَرَّ أَنَّهَا يَصْلُحُ لِشِرَاءِ نَفْسِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقَعُ الِامْتِثَالُ بِالِاحْتِمَالِ فَيَصِيرُ التَّصَرُّفُ وَاقِعًا لِنَفْسِهِ (وَالثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْوَجْهَيْنِ لَا عَلَى الْآمِرِ، أَمَّا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ لِلْآمِرِ فَلِأَنَّ الْمُبَاشِرَ هُوَ الْعَبْدُ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالثَّمَنِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ قِيلَ الْعَبْدُ هُنَا مَحْجُورٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ قُلْنَا زَالَ الْحَجْرُ هُنَا بِالْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَ مُقْتَرِنًا بِإِذْنِ الْمَوْلَى.

(وَكَّلَ عَبْدٌ مَنْ يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (بِأَلْفٍ دَفَعَ) إلَى وَكِيلِهِ (فَإِنْ قَالَ) أَيْ وَكِيلُهُ (لَهُ) أَيْ لِمَوْلَاهُ (اشْتَرَيْته لِنَفْسِهِ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَشِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ قَبُولُ الْإِعْتَاقِ بِبَدَلٍ، وَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ عَنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ فَلَزِمَ، وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) وَكِيلُهُ اشْتَرَيْته (لِنَفْسِهِ كَانَ) أَيْ الْعَبْدُ (لِوَكِيلِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ لِلْمُعَاوَضَةِ، وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فَيُرَاعَى ذَلِكَ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ فِيهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ (ثَمَنُهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ (وَالْأَلْفُ) الَّذِي دَفَعَهُ الْعَبْدُ (لِلْمَوْلَى) لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ.

(قَالَ) أَيْ الْمَأْمُورُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ (شَرَيْت عَبْدًا لِلْآمِرِ فَمَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ، (وَقَالَ) أَيْ الْآمِرُ (بَلْ) شَرَيْت (لِنَفْسِك فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَبْدُ (مُعَيَّنًا فَلَوْ) كَانَ حَيًّا (فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ لَا، (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَكَذَا) أَيْ الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُودًا (فَلِلْآمِرِ) أَيْ الْقَوْلُ لَهُ (وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (فَكَذَا) أَيْ الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ (إنْ كَانَ) أَيْ الثَّمَنُ (مَنْقُودًا) ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا (فَلِلْآمِرِ) سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. قَالَ فِي الْكَافِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ لَا وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حَيًّا حِينَ أَخْبَرَ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ أَوْ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ شِرَائِهِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ بِالْإِجْمَاعِ مَنْقُودًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ غَيْرَ مَنْقُودٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَالْمُخَيَّرُ بِهِ فِي التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ يَسْتَغْنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَهْلَكَ الْعَيْنَ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ هَلَكَ الْعَيْنُ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْوَكَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا بَعْدَهُ عِنْدَ عَامَّتِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ وَسِيلَةٌ إلَى الشِّرَاءِ فَتُعْتَبَرُ بِالشِّرَاءِ وَعَزَاهُ إلَى الزِّيَادَاتِ وَالذَّخِيرَةِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُمَا مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَبَاعَ صَحَّ) يَعْنِي إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ) أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْآمِرِ الْآمِرُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا خُصُوصَ الْأَمْرِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ سَيِّدًا وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ عَتَقَ) يَعْنِي بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى.

(2/286)


عَنْ الْإِشْهَادِ فَيُصَدَّقُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا حِينَ أَخْبَرَ فَقَالَ هَلَكَ عِنْدِي بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَغَرَضُهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ، وَالْآمِرُ مُنْكِرٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَقَدْ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَقَالَ الْمَأْمُورُ اشْتَرَيْته لَك فَقَالَ الْآمِرُ لَا بَلْ هُوَ عَبْدُك فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا، فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَغَرَضُهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَالْآمِرُ مُنْكِرٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت، وَمَاتَ عِنْدِي وَقَالَ لِلْآمِرِ اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكَرِ وَفِي الثَّانِي هُوَ أَمِينٌ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ فَلَا يَتِمُّ بِهِ الْفَرْقُ أَقُولُ الْأَمْرُ لَيْسَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ لَا يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمَأْمُورُ أَمِينٌ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَمِينًا إذَا كَانَ قَابِضًا لِلثَّمَنِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ (الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى آمِرِهِ) إذَا فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ سَوَاءٌ (دَفَعَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (إلَى بَائِعِهِ أَوْ لَا وَ) لَهُ أَيْضًا (حَبْسُ الْمَبِيعِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ آمِرِهِ (لِقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ) أَيْ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ انْعِقَادِ مُبَادَلَةٍ حُكْمِيَّةٍ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ (فَإِنْ هَلَكَ) أَيْ الْمَبِيعُ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَبْلَ الْحَبْسِ فَعَلَى الْآمِرِ) أَيْ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ، (وَلَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا لَمْ يَحْبِسْ يَصِيرَ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا بِيَدِهِ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ لِمَا ذُكِرَ، (وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حَبْسِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُورِ (وَسَقَطَ) أَيْ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ كَالْبَائِعِ مِنْهُ فَكَانَ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَغْرِيرِ الْآمِرِ حَيْثُ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ (إلَّا إذَا شَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى أَوْ بِغَيْرِ النُّقُودِ أَوْ) شَرَى (غَيْرَهُ بِأَمْرِهِ بِغَيْبَتِهِ) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فَنَفَذَ عَلَيْهِ (فَإِنْ حَضَرَ) أَيْ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ (فَلِآمِرِهِ) أَيْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ لِحُصُولِ رَأْيِ وَكِيلِهِ وَعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ، (وَفِي غَيْرِ عَيْنٍ) أَيْ إذَا وُكِّلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (هُوَ لَهُ) أَيْ مَا شَرَاهُ لِلْوَكِيلِ (إلَّا إذَا أَطْلَقَ وَنَوَاهُ) أَيْ كَوْنُ الْمَبِيعِ (لِآمِرِهِ) أَيْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ مُطْلَقٍ بِلَا تَقْيِيدٍ كَوْنُهُ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ لَكِنْ نَوَى الشِّرَاءَ لَهُ فَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ (أَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مَالِهِ) أَيْ مَالِ آمِرِهِ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت بِهَذَا الْأَلْفِ، وَهُوَ مَالُ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ الثَّمَنُ مِنْهُ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَالِ نَفْسِهِ كَانَ حَمْلًا لِحَالِهِ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
(قَوْلُهُ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَلَى الْعَبْدِ أَلْفٌ عَلَى الصَّحِيحِ غَيْرُ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ الْوَكِيلِ لِسَلَامَةِ تِلْكَ لِلْمَوْلَى لِكَوْنِهَا كَسْبَ عَبْدِهِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَيْ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا فَلَوْ كَانَ حَيًّا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ يَدَّعِي مَوْتَهُ فَكَيْفَ يُقَالُ فَإِنْ كَانَ حَيًّا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَفْظَةِ فَمَاتَ مِنْ دَعْوَى الْوَكِيلِ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ شِرَاؤُهُ) أَيْ لَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ مُتَصَوَّرًا حَتَّى لَوْ تَلَفَّظَ بِشِرَائِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ نَوَاهُ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا، وَصَرَّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَهُ لِمِلْكِهِ عَزْلَ نَفْسِهِ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ دُونَ غَيْبَتِهِ.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا شَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى) كَشِرَائِهِ بِدَنَانِيرَ وَوَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ.

(قَوْلُهُ وَالْإِسْلَامُ) إنَّمَا عَدَلَ بِهِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالسَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ التَّوْكِيلَ بِقَبُولِ السَّلَمِ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَ فَعَبَّرَ بِالْإِسْلَامِ لِيَخْتَصَّ بِخِلَافِ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِقَبُولِهِ

(2/287)


مَا يَحِلُّ شَرْعًا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ عَادَةً إذْ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى مَالِ غَيْرِهِ مُسْتَنْكَرٌ شَرْعًا وَعَادَةً.

(صَحَّ) التَّوْكِيلُ (بِعَقْدِ التَّصَرُّفِ وَالْإِسْلَامِ) الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كُتُبِ الْقُدَمَاءِ عَقْدُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ. قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَائِرُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ أَيْ شِرَاءُ شَيْءٍ بِعَقْدِ السَّلَمِ (لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ (بِقَبُولِ السَّلَمِ) ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِبَيْعِ الْكُرِّ بِعَقْدِ السَّلَمِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إذْ الْوَكِيلُ يَبِيعُ طَعَامًا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ (الْعِبْرَةُ لِمُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (لَا مُفَارَقَةِ الْآمِرِ) يَعْنِي إنْ فَارَقَ الْوَكِيلُ صَاحِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْعَقْدَيْنِ بَطَلَا لِوُجُودِ الِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا عِبْرَةَ لِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَالْمُعْتَبَرُ قَبْضُ الْعَاقِدِ وَهُوَ الْوَكِيلُ فَيَصِحُّ قَبْضُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الْحُقُوقُ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ فِي الْعَقْدِ لَا الْقَبْضِ.

(قَالَ بِعْنِي هَذَا لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَمْرَ زَيْدٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَوْلِهِ لِزَيْدٍ (فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ كَذَّبَ الْمُشْتَرِيَ (زَيْدٌ) فِي إنْكَارِهِ، وَقَالَ أَنَا أَمَرْته (أَخَذَهُ) أَيْ زَيْدٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي لِزَيْدٍ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْوَكَالَةِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْآمِرُ بَعْدَهُ صَارَ مُنَاقِضًا، وَالْمُنَاقِضُ لَا قَوْلَ لَهُ فَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ فِي إنْكَارِهِ (لَا) أَيْ لَا يَأْخُذُهُ زَيْدٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي ارْتَدَّ بِرَدِّهِ (إلَّا بِرِضَاهُ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ لَمَّا جَحَدَ الْآمِرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَطَلَ إقْرَارُ الْمُقِرِّ، وَلَزِمَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا سَلَّمَهُ وَأَخَذَهُ صَارَ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي (أَمَرَ بِشِرَاءٍ مِنْ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَشَرَى مَنَوَيْنِ بِهِ مِمَّا يُبَاعُ مَنٌّ بِهِ لَزِمَ الْآمِرَ مَنٌّ بِنِصْفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ مَنٍّ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشِرَاءِ الزِّيَادَةِ فَيَنْفُذُ شِرَاءُ الْمَنِّ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ (أَوْ) أَمَرَ (بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِلَا ذِكْرِ ثَمَنٍ فَشَرَى أَحَدَهُمَا أَوْ أَمَرَ بِشِرَائِهِمَا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ فَشَرَى أَحَدَهُمَا بِنِصْفِهِ أَوْ أَقَلَّ وَقَعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْآمِرِ فِي الصُّورَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَابَلَ الْأَلْفَ بِهِمَا، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَيَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ دَلَالَةً فَكَانَ آمِرًا بِشِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ الشِّرَاءُ بِهَا مُوَافَقَةً وَبِأَقَلَّ مِنْهَا مُخَالَفَةً إلَى خَيْرٍ وَبِالْأَكْثَرِ مُخَالَفَةً إلَى شَرٍّ فَيَقَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا شَرَى الْبَاقِيَ بِالْبَاقِي قَبْلَ الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْأَوَّلَ بَاقٍ، وَقَدْ حَصَلَ غَرَضُهُ الْمُصَرَّحُ بِهِ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتْ الِانْقِسَامُ إلَّا دَلَالَةً وَالصَّرِيحُ يَفُوتُهَا.

(قَالَ الْوَكِيلُ شَرَيْته بِأَلْفٍ، وَقَالَ الْآمِرُ بِنِصْفِهِ فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْآمِرُ (أَلَّفَهُ) أَيْ أَعْطَاهُ الْأَلْفَ (صُدِّقَ الْمَأْمُورُ إنْ سَاوَاهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْأَلْفَ يَعْنِي إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ آخَرَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ، وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْته بِنِصْفِهِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَعْطَاهُ الْأَلْفَ وَهُوَ يُسَاوِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ، وَقَدْ ادَّعَى الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْآمِرُ يَدَّعِي عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ، وَهُوَ مُنْكِرٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ بَلْ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ (فَالْآمِرُ) أَيْ صُدِّقَ الْآمِرُ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ وَالْمَأْمُورُ اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَيَقَعُ فَيَضْمَنُ خَمْسَمِائَةٍ (وَإِنْ لَمْ يُؤَلِّفْهُ وَسَاوَى نِصْفَهُ) أَيْ خَمْسَمِائَةٍ (صُدِّقَ) أَيْ الْآمِرُ بِلَا يَمِينٍ (وَإِنْ سَاوَاهُ تَحَالَفَا) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ وَالْوَكِيلَ هُنَا كَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ فَيَجِبُ التَّحَالُفُ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فَيُلْزِمُ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ (كَذَا مُعَيَّنٌ لَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا فَشَرَاهُ، وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِهِ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَهُ اشْتَرِ هَذَا الْعَبْدَ لِي، وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَاهُ فَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْته بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقَالَ الْمَأْمُورُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ تَحَالَفَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ لَا بِقَبُولِ السَّلَمِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ كَانَ الْوَكِيلُ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ فَيَجِبُ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَرَأْسُ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لَهُ وَإِذَا سَلَّمَهُ إلَى الْآمِرِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مِنْهُ كَانَ قَرْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ الْعِبْرَةُ بِمُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِهِ فَلَا تَضُرُّهُ مُفَارَقَتُهُ الْوَكِيلَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى خُوَاهَرْ زَادَهْ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي بَابِ الْبَيْعِ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ.

(قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ قَابَلَ الْأَلْفَ بِهِمَا. . . إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَيْسَ الثَّمَنُ مَذْكُورًا فِيهَا وَلَا الْقِيمَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اتِّحَادِ الْقِيمَةِ وَاخْتِلَافِهَا فِيهِمَا، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ كَوْنُ هَذَا تَعْلِيلًا لِلثَّانِيَةِ فِي كَلَامِهِ، وَوَجْهُ الْأُولَى أَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِثَمَنٍ فَلَهُ شِرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ وَبِزِيَادَةٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا، (قَوْلُهُ وَبِالْأَكْثَرِ مُخَالَفَةً إلَى شَرٍّ فَيَقَعُ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى النِّصْفِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْأَلْفِ بِمَا يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِمِثْلِهِ الْعَبْدَ الْبَاقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ) مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَاحِشَ ضِعْفُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ خَمْسَمِائَةٍ) صَوَابُهُ فَيَضْمَنُ الْأَلْفَ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا) يُنْظَرُ بِمَنْ يَبْدَأُ بِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمَأْمُورُ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ تَحَالَفَا) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ. قِيلَ لَا يَتَحَالَفَانِ هُنَا لِأَنَّ الْخِلَافَ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ إذْ هُوَ حَاضِرٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هُوَ غَائِبٌ فَاعْتُبِرَ الِاخْتِلَافُ، وَإِلَى هَذَا مَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ أَصَحُّ وَمَالَ أَبُو نَصْرٍ إلَى الْأَوَّلِ أَعْنِي التَّحَالُفَ وَقَوْلُ الْبَائِعِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآمِرِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ بَيْنَهُمَا

(2/288)


لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى التَّحَالُفِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.

(الْوَكِيلُ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْآمِرِ إنْ كَانَ خِلَافًا إلَى خَيْرٍ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ يَنْفُذُ وَلَوْ) وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ كَذَلِكَ فَبَاعَهُ (بِمِائَةِ دِينَارٍ لَا) أَيْ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ خَيْرًا) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]
(فَصْلٌ) (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ وَزَوْجٍ وَعُرْسِ وَسَيِّدٍ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَشَرِيكِهِ فِيمَا يَشْتَرِكَانِهِ لِأَنَّ مَوَاضِعَ التُّهَمِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ الْوَكَالَاتِ وَهَذَا مَوْضِعُ التُّهْمَةِ بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُطْلِقْ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ مِمَّنْ شِئْت فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ يُتَّهَمُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ

(وَصَحَّ بَيْعُ الْوَكِيلِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالْعَرْضِ وَالنَّسِيئَةِ) لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ (وَ) صَحَّ أَيْضًا (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ الْوَكِيلِ (رَهْنًا وَكَفِيلًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَضْمَنُ إنْ ضَاعَ) أَيْ الرَّهْنُ (فِي يَدِهِ أَوْ تَوَى مَا عَلَى الْكَفِيلِ) لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ يُنَافِي الضَّمَانَ (وَيُقَيَّدُ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ مُقَوِّمٌ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا التَّحْدِيدُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِمَا فَأَمَّا مَا لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي الْبَلْدَةِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا فَزَادَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ شَيْئًا قَلِيلًا كَالْفَلْسِ وَنَحْوِهِ (وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ صَحَّ) لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ الِاجْتِمَاعِ.
(وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي) فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ لِأَنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً فَيَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ (إلَّا إذَا رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ بِبَيِّنَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَالَ فِي الْكَافِي هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

فَصْلٌ (قَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجَازَهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُ الْوَكِيلِ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةً وَغَبَنٍ فَاحِشٍ وَعَرْضٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ كَبِعْهُ وَاقْضِ بِهِ دَيْنِي أَوْ لِلنَّفَقَةِ، وَقَالَا كَالشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَخْذُهُ رَهْنًا وَكَفِيلًا بِالثَّمَنِ فَلَا يَضْمَنُ إنْ ضَاعَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ أَوْ تَوَى مَا عَلَى الْكَفِيلِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ.
وَفِي النِّهَايَةِ الْمُرَادُ بِالْكَفَالَةِ هُنَا الْحَوَالَةُ لِأَنَّ التَّوَى لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْكَفَالَةِ وَقِيلَ الْكَفَالَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا فَإِنَّ التَّوَى يَتَحَقَّقُ فِيهَا بِأَنْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ مُفْلِسَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا تَوًى يُضَافُ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا لَمْ يَتْوِ دَيْنُهُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالتَّوَى الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ كَفِيلًا أَيْضًا لَتَوِيَ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَاسِدٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتْوِي فِيهَا بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنَّمَا يَتْوِي بِمَوْتِهِمَا مُفْلِسَيْنِ فَصَارَ كَالْكَفَالَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّوَى تَوًى يُضَافُ إلَى أَخْذِهِ الْكَفِيلَ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمُرَافَعَةِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ عَنْ الدَّيْنِ بِالْكَفَالَةِ وَلَا يَرَى الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مَالِكِيًّا وَيَحْكُمُ بِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْكَفِيلُ مُفْلِسًا. اهـ.
قُلْت وَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ نَصَّ عَلَيْهِ النَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي بِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ كَفِيلًا فَتْوَى الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ بِأَنْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ يَرَى بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَيَحْكُمُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَيَتْوِي الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالْإِجْمَاعِ) الْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ فِي الشِّرَاءِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَمَّا رَأَى الصَّفْقَةَ خَاسِرَةً نَسَبَهَا إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُتَّهَمُ اهـ.
وَتَفْسِيرُ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ وَالْفَاحِشِ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ حَدُّ الْفَاحِشِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ وَفِي الْحَيَوَانِ عُشْرُ الْقِيمَةِ وَفِي الْعَقَارِ خَمْسُ الْقِيمَةِ وَفِي الدَّرَاهِمِ رُبُعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَفِي الشِّرَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي) شَامِلٌ لِمَا كَانَ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَإِذَا رُدَّ مَبِيعٌ بِعَيْبٍ عَلَى وَكِيلِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ) اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَاضِي بِأَنْ لَا يَعْرِفَ تَارِيخَ الْبَيْعِ فَاحْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ لِيُظْهِرَ التَّارِيخَ أَوْ كَانَ عَيْبٌ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ أَوْ النِّسَاءُ، وَقَوْلُهُنَّ وَقَوْلُ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوْجِيهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فَيُفْتَقَرُ إلَيْهَا لِلرَّدِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي عَايَنَ الْمَبِيعَ وَكَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا فِي الْكَافِي

(2/289)


أَوْ نُكُولِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (أَوْ إقْرَارِهِ فِيمَا لَا يَحْدُثُ رَدَّهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (عَلَى الْآمِرِ، وَ) بِإِقْرَارِهِ (فِيمَا يَحْدُثُ لَا) أَيْ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ بَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ شَيْئًا إذَا بَاعَهُ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إذْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَرُدُّهُ عَلَى الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ الْإِقْرَارِ فِي عَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ.

(الْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ الْخُصُوصُ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْتُك وَكِيلًا فِي مَالِي يَصِيرُ حَافِظًا لِمَالِهِ فَقَطْ.
(وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْعُمُومُ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْتُك مُضَارِبًا كَانَ مُضَارِبًا فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ (فَإِنْ بَاعَ) أَيْ الْوَكِيلُ (نَسَأَ فَقَالَ آمِرُهُ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ أَطْلَقْتَ صُدِّقَ الْآمِرُ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِ التَّقْيِيدِ أَصْلًا فِي الْوَكَالَةِ.
(وَفِي الْمُضَارَبَةِ) يَعْنِي إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ نَسْئًا فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِنَقْدٍ وَقَالَ أَطْلَقْتَ (صُدِّقَ الْمُضَارِبُ) بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْإِطْلَاقِ أَصْلًا فِيهَا وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(لَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا لَا بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ مُقَدَّرًا لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الرَّأْيِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَفِي اخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ لَا مَانِعَ فِيهِ عَنْ الِاجْتِمَاعِ وَيَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (إلَّا فِي خُصُومَةٍ) فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ فِيهَا مُتَعَذِّرٌ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشَّغَبِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَمْ يُعَوَّضَا) إذْ لَا يُحْتَاجُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَى الرَّأْيِ بَلْ هُوَ تَعْبِيرٌ مَحْضٌ وَعِبَارَةُ الْوَاحِدِ وَالْمُثَنَّى سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُمَا طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا أَوْ قَالَ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ إلَى مَشِيئَتِهِمَا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى الرَّأْيِ وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ) بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا وَالْآخَرُ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا وَقْتَ تَوْكِيلِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ فَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَ لَمْ يَجُزْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بَلْ وَعَدَ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ ضَمِينٌ (لَا يُوَكِّلُ) أَيْ الْوَكِيلُ (إلَّا بِإِذْنِ آمِرِهِ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَنَحْوِهِ) كَاصْنَعْ مَا شِئْت مَثَلًا (فَإِنْ وَكَّلَ بِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْآمِرِ (كَانَ وَكِيلَ الْآمِرِ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ) وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَكَّلَ) أَيْ الْوَكِيلُ (بِلَا إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ الْمُوَكِّلِ (فَعَقَدَ) أَيْ وَكِيلُهُ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الثَّانِي (أَوْ) عَقَدَ (بِغَيْبَتِهِ) فَبَلَغَهُ (وَأَجَازَهُ) أَيْ عَقْدَهُ (أَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدَّرَ الثَّمَنَ صَحَّ) أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ حُضُورُ رَأْيِهِ قَدْ حَصَلَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ لِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ ظَاهِرًا وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ وَقَدَّرَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ إلَيْهِمَا مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارٌ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدُّهُ عَلَى الْآمِرِ) كَذَا فِي الْكَنْزِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِالتَّرَاضِي فَصَارَ كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ لِأَنَّ فِيهِ نُزُولًا مِنْ اللُّزُومِ إلَى أَنْ لَا يُخَاصَمَ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنْ لَا يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ اهـ.
وَكَذَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِإِقْرَارٍ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلُزُومُ الْمُوَكِّلِ رِوَايَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ) هَذَا مِنْ مَدْخُولِ قَيْدِ عَدَمِ انْفِرَادِ أَحَدِ الْوَكِيلِينَ وَلَيْسَ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ لِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ وَلَعَلَّ صَوَابَهُ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي خُصُومَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا لَا يَمْتَنِعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْخُصُومَةِ مُمْتَنِعٌ كَمَا ذَكَرَهُ وَكَذَلِكَ يَتَأَتَّى الْكَلَامُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا هُوَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا فِي تَصَرُّفٍ يَمْتَنِعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) عِبَارَتُهُ وَهَذَا فِي تَصَرُّفٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ وَكَانَ تَوْكِيلُهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ اهـ فَجُعِلَ إمْكَانُ الِاجْتِمَاعِ مُرَاعًى فِي قَيْدِ تَوْكِيلِهِمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ

(قَوْلُهُ وَكَّلَ بِلَا إذْنِهِ. . . إلَخْ) هَذَا فِي وَكِيلٍ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَطَلَّقَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فَكَأَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلَّقَهُ بِلَفْظِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ

(2/290)


تَقْدِيرِ الثَّمَنِ ظَهَرَ أَنَّ غَرَضَهُ اجْتِمَاعَ رَأْيِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ.

(قَالَ فَوَّضْت إلَيْك أَمْرَ امْرَأَتِي صَارَ وَكِيلًا بِالطَّلَاقِ وَتَقَيَّدَ بِالْمَجْلِسِ) فَإِنْ طَلَّقَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا (بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَكَّلْتُك فِي أَمْرِ امْرَأَتِي) حَيْثُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ صَحَّ (مَنْ لَا يَلِي غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّهِ) لِأَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوِلَايَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ الثَّانِيَةُ انْتَفَتْ الْأُولَى (فَإِذَا بَاعَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مَالَ صَغِيرِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَوْ شَرَى) وَاحِدٌ مِنْهُمْ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَالِ (لَمْ يَجُزْ) لِانْتِفَاءٍ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (كَذَا تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ

(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)
اعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ الْخُصُومَةِ وَقَدْ رَضِيَ بِهَا دُونَهُ، وَلَهُمْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ إتْمَامَهُ وَتَمَامُ الْخُصُومَةِ وَانْتِهَاؤُهَا بِالْقَبْضِ وَقَالُوا الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلِهَذَا قُلْت (الْوَكِيلُ بِهَا وَبِالتَّقَاضِي لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ وَبِهِ يُفْتَى) لِظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي الْوُكَلَاءِ وَقَدْ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَضْعًا يُقَالُ اقْتَضَيْت حَقِّي أَيْ قَبَضْته فَإِنَّهُ مُطَاوِعُ قَضَى لَكِنَّ الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ وَهُوَ قَاضٍ عَلَى الْوَضْعِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا لَا يَمْلِكُهُ.

(وَ) الْوَكِيلُ (بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُهَا) أَيْ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّائِنَ اسْتَوْفَاهُ مِنْهُ أَوْ أَبْرَأَهُ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
(وَ) الْوَكِيلُ بِقَبْضِ (الْعَيْنِ لَا) أَيْ لَا يَمْلِكُهَا (فَلَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَبْضِ عَبْدٍ أَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاعَهُ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَالِبُ) . صُورَتُهُ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ عَبْدٍ لَهُ وَغَابَ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ وَكَّلَهُ بِالْقَبْضِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي إثْبَاتِ الشِّرَاءِ وَتُقْبَلُ فِي دَفْعِ الْخُصُومَةِ فَتَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَيُعِيدَ الْبَيِّنَةَ (كَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ) يَعْنِي إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَلَى الْعَتَاقِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَقْلِهِمْ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى إثْبَاتِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَتُقْبَلُ فِي قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ

(الْوَكِيلُ بِهَا) أَيْ الْخُصُومَةِ (إذَا أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ عَنْ الْخُصُومَةِ (لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا بَلْ وَعَدَ أَنْ يَتَبَرَّعَ (بِخِلَافِ الْكَفِيلِ) حَيْثُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ ضَمِينٌ كَمَا مَرَّ (إذَا وَكَّلَ بِخُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمُوَكِّلِ جَازَ فَلَوْ أَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ) كَذَا فِي الصُّغْرَى.

(صَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَأَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُوَكِّلُهُ الْمُدَّعِي فَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ (عِنْدَ الْقَاضِي) صَحَّ (دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَشَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ (وَإِنْ انْعَزَلَ بِهِ) حَتَّى لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْوَكَالَةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ (كَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ وَأَقَرَّ عِنْدَهُ) يَعْنِي إذَا اسْتَثْنَى الْمُوَكِّلُ الْإِقْرَارَ بِأَنْ قَالَ وَكَّلْتُك غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ مَنْ لَا يَلِي غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّهِ) النَّفْيُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى لَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ التَّصَرُّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]
(قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُهَا أَيْ الْخُصُومَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ خِلَافًا لَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ الدَّائِنُ وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ دَيْنِ الْغَائِبِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.

(قَوْلُهُ الْوَكِيلُ بِهَا أَيْ الْخُصُومَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) يَعْنِي مَا لَمْ يَغِبْ مُوَكِّلُهُ وَإِذَا غَابَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ رَهْنٍ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا تُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِالْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُتْبَعُ الدَّائِنُ بِدَفْعِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الصُّغْرَى) وَقَدْ أَسْنَدَهُ فِيهَا مُصَنِّفُهَا إلَى وَالِدِهِ بِقَوْلِهِ هَكَذَا قَالَهُ الْوَالِدُ بُرْهَانُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(قَوْلُهُ صَحَّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ) هَذَا فِي غَيْرِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْخُصُومَةِ جُعِلَ تَوْكِيلًا بِالْجَوَابِ مَجَازًا فَتَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ فَيُورِثُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ مَا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَيَّدَ بِالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إنَّمَا مَلَكَ الْإِقْرَارَ لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْجَوَابِ وَالصُّلْحُ مُسَالَمَةٌ لَا مُخَاصَمَةٌ وَلِهَذَا قُلْنَا الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِعَقْدٍ لَا يُبَاشِرُ عَقْدًا آخَرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ كَذَا إذَا اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ) مِثْلُهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْإِنْكَارِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ الْإِنْكَارُ مِنْهُمَا اهـ.
وَجَعَلَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى

(2/291)


وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ.

(لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ (تَوْكِيلُ كَفِيلٍ بِمَالٍ يَقْبِضُهُ) صُورَتُهُ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ فَوَكَّلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِقَبْضِهِ مِنْ الْغَرِيمِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ (بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَوَكِيلِ الْإِمَامِ بِبَيْعِ الْغَنَائِمِ، وَ) الْوَكِيلِ (بِالتَّزْوِيجِ) حَيْثُ يَصِحُّ ضَمَانُهُمْ بِالثَّمَنِ وَالْمَهْرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ. ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا كَفَلَ صَحَّ وَبَطَلَتْ الْوَكَالَةُ) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أَقْوَى مِنْ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا لَازِمَةً فَتَصْلُحُ نَاسِخَةً لَهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَ) الْوَكِيلُ (بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ عَنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ رَجَعَ) لِبُطْلَانِهِ (وَبِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ حُكْمِ الضَّمَانِ (لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا

(مُصَدِّقُ التَّوْكِيلِ بِقَبْضٍ لَوْ غَرِيمًا أُمِرَ بِدَفْعِ دَيْنِهِ إلَى الْوَكِيلِ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا يَدْفَعُهُ خَالِصُ حَقِّهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَى الدَّيْنَ إلَى الدَّائِنِ لَا يُصَدَّقُ إذْ لَزِمَهُ الدَّفْعُ إلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ (فَإِنْ) حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ تَمَّ الْأَمْرُ وَإِنْ (كَذَّبَهُ الْغَائِبُ دَفَعَ) أَيْ الْمُصَدِّقُ (إلَيْهِ) أَيْ الْغَائِبُ (ثَانِيًا) إذْ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ لِإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الدَّفْعِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَلَمْ تَحْصُلْ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَهُ (وَإِنْ ضَاعَ لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ مُحِقٌّ بِالْقَبْضِ وَهُوَ مَظْلُومٌ فِي هَذَا الْأَخْذِ وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ (إلَّا إذَا ضَمَّنَهُ) أَيْ شَرَطَ عَلَى مُدَّعِي الْوَكَالَةِ الضَّمَانَ (عِنْدَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفْعِ مَا ادَّعَاهُ (أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ التَّوْكِيلَ (وَدَفَعَ) إلَيْهِ (عَلَى رَجَاءِ الْإِجَازَةِ) أَيْ إجَازَةِ الْغَائِبِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ (أَوْ) دَفَعَ إلَيْهِ (مُكَذِّبًا لَهُ) فِي دَعْوَاهُ التَّوْكِيلَ (وَلَوْ) لَمْ يَكُنْ مُصَدِّقُ التَّوْكِيلِ غَرِيمًا بَلْ (مُودَعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَعَلَّلَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الْإِنْكَارَ قَدْ يَضُرُّ الْمُوَكِّلَ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى وَدِيعَةً أَوْ بِضَاعَةً فَلَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ وَتُسْمَعُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ اهـ. ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ اسْتَثْنَى إنْكَارَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَذَا إنْكَارُهُ اهـ.
(قُلْت) يَعْنِي وَكَذَا إذَا اسْتَثْنَى إقْرَارَهُ لَا إنْكَارَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِحُّ إنْكَارُهُ مَعَ اسْتِثْنَائِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْإِنْكَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ. ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا يَصِيرُ الْمُوَكِّلُ مُقِرًّا بِالتَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَارِ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَائِلًا وَقَالَ عَلِيٌّ الطَّوَاوِيسِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ بِالْخُصُومَةِ وَيَقُولُ خَاصِمْ فَإِذَا رَأَيْت لُحُوقَ مُؤْنَةٍ أَوْ خَوْفَ عَارٍ عَلَيَّ فَأَقِرَّ بِالْمُدَّعَى اهـ.
وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ لَوْ وَكَّلَهُ غَيْرَ جَائِزِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ قِيلَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِعَدَمِ بَقَاءِ فَرْدٍ تَحْتَهُ وَقِيلَ يَصِحُّ لِبَقَاءِ السُّكُوتِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّسُولِ إلَى قَوْلِهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) أَيْ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ. . . إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَكِيلُ الْإِمَامِ بِبَيْعِ الْغَنَائِمِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ يَرْجِعُ) أَيْ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْبَيْعِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ التَّبَرُّعُ حَاصِلٌ فِي أَدَائِهِ إلَيْهِ بِجِهَةِ الضَّمَانِ كَأَدَائِهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ أَمْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ إلَى الدَّائِنِ لَا يُصَدَّقُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَهُ أَنْ يَتَّبِعَ رَبَّ الدَّيْنِ وَيَسْتَحْلِفَهُ وَلَا يَسْتَحْلِفُ الْوَكِيلَ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الطَّالِبَ قَدْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَجْرِي فِي الْأَيْمَانِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ حَيْثُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ لَهُ فَكَانَ حَلِفُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ اهـ وَإِنْ أَرَادَ الْغَرِيمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَيْ الدَّائِنَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلْته لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ سُكُوتٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ بِالْوَكَالَةِ وَلَا نَفْيِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الدَّائِنَ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ تَكْذِيبٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ وَإِنْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَظْلُومُ) أَيْ الْمَدْيُونُ الْمُصَدِّقُ عَلَى الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ أَيْ شَرَطَ عَلَى مُدَّعِي الْوَكَالَةِ الضَّمَانَ) يَعْنِي ضَمَانَ مَا يَأْخُذُهُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ ثَانِيًا لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ صُورَةُ هَذَا الضَّمَانِ أَنْ يَقُولَ الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ نَعَمْ أَنْتَ وَكِيلُهُ لَكِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ الْوَكَالَةَ وَيَأْخُذَ مِنِّي ثَانِيًا وَيَصِيرَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنِّي ظُلْمًا فَهَلْ أَنْتَ كَفِيلٌ عَنْهُ بِمَا أَخَذَهُ مِنِّي ثَانِيًا فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ فَيَكُونُ صَحِيحًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الطَّالِبُ ثَانِيًا غَصْبٌ وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ الْوَكِيلُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهَا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَيْ فِي دَعْوَاهُ) أَرَادَ بِعَدَمِ التَّصْدِيقِ السُّكُوتَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ دَفَعَ مُكَذِّبًا لَهُ لِأَنَّ عَدَمَ التَّصْدِيقِ يَشْمَلُ السُّكُوتَ وَالتَّكْذِيبَ صَرِيحًا

(2/292)


الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمِثْلِهِ كَمَا مَرَّ (كَذَا لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَصَدَّقَهُ) يَعْنِي لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا وَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ (وَأُمِرَ بِهِ) أَيْ بِالدَّفْعِ (لَوْ قَالَ) أَيْ الْمُدَّعِي (تَرَكَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ (الْمُودِعُ مِيرَاثًا فَصَدَّقَهُ) أَيْ الْمُودَعُ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ بِمَوْتِهِ وَاتَّفَقَا أَنَّهُ مَالُ الْوَارِثِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ

(وَكَّلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ جَعَلَ رَجُلٌ وَكِيلًا (بِقَبْضِ مَالٍ وَادَّعَى الْغَرِيمُ قَبْضَ دَائِنِهِ دَفَعَ) أَيْ الْغَرِيمُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَكِيلِ يَعْنِي يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يُنْكِرْ الْوَكَالَةَ وَادَّعَى الْإِيفَاءَ وَفِي ضِمْنِ دَعْوَاهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ وَبِالْوَكَالَةِ وَإِذَا كَانَ إقْرَارًا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ فِي زَعْمِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ (وَاسْتَخْلَفَ) أَيْ الْغَرِيمُ (دَائِنَهُ عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ) لِأَنَّ قَبْضَهُ يُوجِبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَسْتَحْلِفُهُ (لَا الْوَكِيلَ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ) إذْ لَا تَجْرِيَ النِّيَابَةُ فِي الْيَمِينِ

(وَكَّلَهُ بِعَيْبٍ) أَيْ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ عَيْبٍ (فَادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَرُدَّ) أَيْ الْوَكِيلُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ (حَتَّى يُحَلِّفَ) أَيْ الْبَائِعُ (الْمُشْتَرِيَ) بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ التَّدَارُكَ مُمْكِنٌ هُنَاكَ بِاسْتِرْدَادِ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ نُكُولِهِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْعَيْبِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْفَسْخِ نَافِذٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَصِحُّ الْقَضَاءُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ الْمُشْتَرِي بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إذْ لَا يَجُوزُ فَسْخُ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ قَضَاءٌ بَلْ أَمْرٌ بِالتَّسْلِيمِ فَإِذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ فِيهِ أَمْكَنَ نَزْعُهُ مِنْهُ وَدَفْعُهُ إلَى الْغَرِيمِ بِلَا نَقْضِ الْقَضَاءِ

(دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ عَشَرَةً يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً أُخْرَى فَهِيَ بِهَا اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ فَيَرُدُّ الْعَشَرَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ لَا يَكُونُ بِدُونِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ التَّوْكِيلُ بِهِ تَوْكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ الْعَقْدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ

(الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ) قَالَ فِي الصُّغْرَى الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا أَحْضَرَ خَصْمًا فَأَقَرَّ بِالتَّوْكِيلِ فَأَنْكَرَ الدَّيْنَ لَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْوَكِيلُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِالْكُوفَةِ وَبِقَبْضِهِ وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَلَمْ يُحْضِرْ الْوَكِيلُ أَحَدًا لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ حَتَّى يُحْضِرَ خَصْمًا جَاحِدًا ذَلِكَ أَوْ مُقِرًّا بِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْمَعُ وَيُقَرِّرُ الْوَكَالَةَ فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ غَرِيمًا يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَلَوْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ جَاءَ بِخَصْمٍ آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى

(بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ)
(يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ.
(وَ) بِعَزْلِ (نَفْسِهِ) بِأَنْ يَقُولَ عَزَلْت نَفْسِي (بِشَرْطِ عِلْمِ الْآخَرِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي إذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِهِ وَإِنْ عَزَلَ نَفْسَهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ بِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ فَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَأُمِرَ بِهِ أَيْ بِالدَّفْعِ لَوْ قَالَ تَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَصَدَّقَهُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَى لِي بِهَا وَصَدَّقَهُ حَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْمَالِ بِالْقَبْضِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَصِحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ) يَعْنِي الْمُجَرَّدَةَ عَنْ إحْضَارِ خَصْمٍ يَلْزَمُ بِمُوجَبِهَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. . . إلَخْ)
قَالَ فِيهَا بَعْدَهُ لَوْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ دَفْعَةً عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقْبَلُ عَلَى الْوَكَالَةِ لَا غَيْرُ فَإِذَا قَضَى بِهَا يُؤْمَرُ الْوَكِيلُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَيُقْضَى بِالْوَكَالَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْمَالِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي دَعْوَى الْوِصَايَةِ أَوْ الْوِرَاثَةِ مَعَ الْمَالِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ عِلْمِ الْآخَرِ فِيهِمَا) أَيْ صُورَتَيْ الْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(2/293)


عَلَى وَكَالَتِهِ وَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ حَتَّى يَعْلَمَ (بِإِخْبَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعِلْمِ (عَدْلٍ أَوْ اثْنَيْنِ وَلَوْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً صَبِيًّا كَانَ أَوْ بَالِغًا وَكَذَا الْعَزْلُ عِنْدَهُمَا.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَثْبُتُ الْعَزْلُ إلَّا بِالْعَدَدِ أَوْ الْعَدَالَةِ (وَ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا (بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ) هَكَذَا وَقَعَتْ عِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ وَوَقَعَتْ فِي الْكَافِي وَالْوِقَايَةِ هَكَذَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْوَكِيلِ هَاهُنَا فَائِدَةٌ تَرَكْته (وَ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا (بِجُنُونِ أَحَدِهِمَا) مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ جُنُونًا (مُطْبِقًا) لِأَنَّ قَلِيلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ وَهُوَ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَحَوْلٌ كَامِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ (وَالْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ) أَيْ لُحُوقِ أَحَدِهِمَا (بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا) فَإِنَّ لُحُوقَهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِذَا حَكَمَ بِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَمَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا يَنْعَزِلُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَكَانَ لِبَقَائِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فَيُشْتَرَطُ لِقِيَامِ الْأَمْرِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مَا يُشْتَرَطُ لِلِابْتِدَاءِ (وَذَا) أَيْ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ فِي صُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ (إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِالتَّوْكِيلِ (حَقُّ الْغَيْرِ) وَأَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ فَلَا يَنْعَزِلُ كَمَا إذَا شُرِطَتْ الْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ كَمَا مَرَّ أَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ فِي يَدِهَا ثُمَّ جُنَّ الزَّوْجُ (وَ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا (بِتَصَرُّفِهِ بِنَفْسِهِ) أَيْ تَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ (بِحَيْثُ يَعْجِزُ الْوَكِيلُ عَنْ الِامْتِثَالِ بِهِ) كَمَا إذَا وَكَّلَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ بَيْعِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَمَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ خَالَعَهَا أَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا بِنَفْسِهِ عَجَزَ الْوَكِيلُ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ ضَرُورَةً حَتَّى إنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَالْعِدَّةُ قَائِمَةٌ بَقِيَتْ الْوَكَالَةُ لِإِمْكَانِ تَنْفِيذِ مَا وَكَّلَ بِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ وَأَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ لِزَوَالِ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَأَبَانَهَا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُوَكِّلُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ بَاقِيَةٌ

(وَتَعُودُ الْوَكَالَةُ إذَا عَادَ إلَيْهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَدِيمُ مِلْكِهِ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ ثَانِيًا كَذَا فِي الصُّغْرَى (أَوْ بَقِيَ أَثَرُهُ) أَيْ أَثَرُ مِلْكِهِ كَمَا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ بِأَنْ يُوقِعَ الْبَاقِي (وَ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا (بِافْتِرَاقِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ) هَذَا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الِافْتِرَاقُ بِهَلَاكِ الْمَالَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ) يَشْمَلُ الْفَاسِقَيْنِ وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ وَهِيَ وَيُشْتَرَطُ لِعَزْلِهِ خَبَرُ عَدْلَيْنِ أَوْ مَسْتُورَيْنِ اهـ فَأَخْرَجَ الْفَاسِقَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْوَكِيلِ هُنَا فَائِدَةٌ تَرَكَتْهُ) يُقَالُ إنَّ لَهُ فَائِدَةً وَهِيَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ لَتُوُهِّمَ انْتِقَالُ مَا كَانَ لَهُ إلَى وَرَثَتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ فَمَاتَ فَحَقُّ قَبْضِ الثَّمَنِ لِوَرَثَتِهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَقِيلَ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذِكْرِ جُنُونِ الْمُوَكِّلِ وَالْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ مُرْتَدًّا دُونَ الْوَكِيلِ إذْ هُمَا كَالْمَوْتِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَذْكُرَ مَوْتَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقَدْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَيَنْعَزِلُ أَيْضًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوْ غَابَ أَوْ ارْتَدَّ قِيلَ تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَقِيلَ لَا (قَوْلُهُ وَهُوَ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَبِهِ يُفْتَى.
وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ لِأَنَّ مَا دُونَهُ فِي حُكْمِ الْعَاجِلِ فَكَانَ قَصِيرًا وَالشَّهْرُ فَصَاعِدًا فِي حُكْمِ الْآجِلِ فَكَانَ طَوِيلًا اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْغَايَةِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ (قَوْلُهُ وَذَا أَيْ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ. . . إلَخْ) صُورَةُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالتَّوْكِيلِ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ مِنْ الْمَطْلُوبِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهَذَا إذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ عَزْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا شَرَطَ الْوَكَالَةَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبِعْ وَأَمَّا الَّذِي بَاعَهُ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ ثَانِيًا لِانْتِهَاءِ التَّوْكِيلِ بِبَيْعِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَحْصُلْ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ أَثَرُهُ) أَيْ أَثَرُ مِلْكِهِ كَمَا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ بِأَنْ يُوقِعَ الْبَاقِي كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْمُرَادُ بِالْبَاقِي الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ الْبَاقِيَةُ لَا أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مُفِيدٌ إيقَاعَ الْوَاحِدَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلْقَةٍ سَابِقَةٍ وَلِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالتَّطْلِيقِ لَا يَقْتَضِي إيقَاعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(2/294)


أَوْ مَالِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَبْطُلُ بِهِ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ الَّتِي فِي ضِمْنِهَا عَلِمَا بِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ مُصَرَّحًا بِهَا عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ جَازَ فَلَوْ افْتَرَقَا انْعَزَلَ هَذَا الْوَكِيلُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحَا بِالْإِذْنِ فِي التَّوْكِيلِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا الْوَجْهَيْنِ إذْ لَوْ بَقِيَ الِافْتِرَاقُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِفَسْخِ الشَّرِكَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْوَكَالَةِ بِلَا عِلْمِ صَاحِبِهِ (وَ) يَنْعَزِلُ أَيْضًا (بِعَجْزِ مُوَكِّلِهِ لَوْ) كَانَ الْمُوَكِّلُ (مُكَاتَبًا وَحَجْرِهِ لَوْ) كَانَ (مَأْذُونًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ مُعْتَبَرٌ بِابْتِدَائِهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ فَيُشْتَرَطُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ قِيَامُ الْأَمْرِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ بَطَلَ بِالْعَجْزِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَوْ لَا لِأَنَّ الْبُطْلَانَ حُكْمِيٌّ كَمَا مَرَّ (إذَا وَكَّلَ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ انْعِزَالِ وَكِيلِ الْمُكَاتَبِ بِعَجْزِهِ، وَوَكِيلِ الْمَأْذُونِ بِحَجْرِهِ إذَا وَكَّلَ ذَلِكَ الْوَكِيلَ (فِي الْعُقُودِ وَالْخُصُومَاتِ لِإِقْضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ اقْتِضَائِهِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ مُطَالَبٌ بِإِيفَاءِ مَا وَلِيَهُ وَلَهُ مُطَالَبَةُ اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ كَأَنَّهُ بِعَقْدِهِ فَإِذَا بَقِيَ حَقُّهُ بَقِيَ وَكِيلُهُ عَلَى الْوَكَالَةِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْحَجْرِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ بِمُبَاشَرَتِهِ (لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمَوْلَى وَكِيلَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ) لِأَنَّهُ حَجْرٌ خَاصٌّ وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ إلَّا عَامًّا فَكَانَ الْعَزْلُ بَاطِلًا أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ نَهْيَهُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ الْإِذْنِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي) فَإِنَّهُ إذَا عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بَلْ كَانَ وَكِيلًا لَهُ وَهَذَا يُسَمَّى وَكِيلًا دَوْرِيًّا وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ (يَقُولُ فِي عَزْلِهِ عَزَلْتُك ثُمَّ عَزَلْتُك) فَإِنَّهُ إذَا قَالَ عَزَلْتُك كَانَ مَعْزُولًا نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمَنْصُوبًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ حَيْثُ قَالَ مَتَى عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي وَإِذَا قَالَ ثُمَّ عَزَلْتُك يَنْعَزِلُ عَنْ الْوَكَالَةِ الثَّانِيَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّ مَتَى يُفِيدُ عُمُومَ الْأَوْقَاتِ لَا عُمُومَ الْأَفْعَالِ (وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي) لَا يَكُونُ مَعْزُولًا بَلْ كُلَّمَا عُزِلَ كَانَ وَكِيلًا لِأَنَّ كُلَّمَا يُفِيدُ عُمُومَ الْأَفْعَالِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ (يَقُولُ) فِي عَزْلِهِ (رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ) فَإِذَا رَجَعَ عَنْهَا لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ فِيمَا يَقُولُ بَعْدَهَا (وَعَزَلْتُك عَنْ) الْوَكَالَةِ (الْمُنْجَزَةِ) الْحَاصِلَةِ مِنْ لَفْظِ كُلَّمَا فَحِينَئِذٍ يَنْعَزِلُ