مجلة الأحكام العدلية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
"بعد صورة الخط الهمايوني"
(ليعمل بموجبه)
الْكِتَابُ الْعَاشِرُ: الشَّرِكَاتُ
في أنواع الشركات ويشتمل على مقدمة وثمانية أبواب
الْمُقَدِّمَةُ: فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ
(الْمَادَّةُ 1045) الشَّرِكَةُ فِي الْأَصْلِ هِيَ اخْتِصَاصُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ مِنْ النَّاسِ بِشَيْءٍ وَامْتِيَازُهُمْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ. لَكِنْ تُسْتَعْمَلُ أَيْضًا عُرْفًا وَاصْطِلَاحًا فِي مَعْنَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِهَذَا الِاخْتِصَاصِ. فَلِذَلِكَ تُقْسَمُ الشَّرِكَةُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ إلَى قِسْمَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: شَرِكَةُ الْمِلْكِ , وَتَحْصُلُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ
وَالثَّانِي: شَرِكَةُ الْعَقْدِ , وَتَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ. وَتَأْتِي تَفْصِيلَاتُ الْقِسْمَيْنِ فِي بَابِهِمَا الْمَخْصُوصِ

(1/202)


وَيُوجَدُ سِوَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ شَرِكَةُ الْإِبَاحَةِ , وَهِيَ كَوْنُ الْعَامَّةِ مُشْتَرِكِينَ فِي صَلَاحِيَّةِ التَّمَلُّكِ بِالْأَخْذِ وَالْإِحْرَازِ لِلْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ مِلْكًا لِأَحَدٍ كَالْمَاءِ.
(الْمَادَّةُ 1046) الْقِسْمَةُ بِمَعْنَى التَّقْسِيمِ. وَتَعْرِيفُهَا وَتَفْصِيلُهَا يَأْتِي فِي بَابِهَا الْمَخْصُوصِ.
(الْمَادَّةُ 1047) الْحَائِطُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِدَارِ وَالطَّبْلَةِ والجيت وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْأَغْصَانِ وَجَمْعُهُ حِيطَانُ.
(الْمَادَّةُ 1048) الْمَارَّةُ بِوَزْنِ الْعَامَّةِ وَهُمْ الْمَارُّونَ وَالْعَابِرُونَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ.
(الْمَادَّةُ 1049) الْقَنَاةُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَجْرَى الْمَاءِ تَحْتَ الْأَرْضِ قَسْطَلًا أَوْ سِيَاقًا وَجَمْعُهَا قَنَوَاتٌ.
(الْمَادَّةُ 1050) الْمُسَنَّاةُ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَسِينٍ مَفْتُوحَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ , الْحَدُّ وَسَدُّ الْمَاءِ وَأَطْرَافُ سَدِّ الْمَاءِ وَحَافَّاتُ فُوَّهَاتِ الْمَاءِ وَجَمْعُهَا مُسَنَّيَاتٍ.
(الْمَادَّةُ 1051) الْإِحْيَاءُ بِمَعْنَى الْإِعْمَارِ , وَهُوَ جَعْلُ الْأَرْضِ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ.
(الْمَادَّةُ 1052) التَّحْجِيرُ وَضْعُ الْأَحْجَارِ وَغَيْرِهَا فِي أَطْرَافِ الْأَرَاضِي لِأَجْلِ أَنْ لَا يَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهَا.
(الْمَادَّةُ 1053) الْإِنْفَاقُ عِبَارَةٌ عَنْ صَرْفِ الْإِنْسَانِ مَالَهُ.
(الْمَادَّةُ 1054) النَّفَقَةُ الدَّرَاهِمُ وَالزَّادُ وَالذَّخِيرَةُ الَّتِي تُصْرَفُ فِي الْحَوَائِجِ وَالتَّعَيُّشِ.
(الْمَادَّةُ 1055) التَّقَبُّلُ هُوَ تَعَهُّدُ الْعَمَلِ وَالْتِزَامُهُ.

(1/203)


(الْمَادَّةُ 1056) الْمُفَاوِضَانِ عَاقِدَا شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ.
(الْمَادَّةُ 1057) رَأْسُ الْمَالِ عبارة عن السرماية
(الْمَادَّةُ 1058) الرِّبْحُ عِبَارَةٌ عَنْ الْكَسْبِ.
(الْمَادَّةُ 1059) الْإِبْضَاعُ هُوَ إعْطَاءُ شَخْصٍ لِآخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ عَائِدًا لَهُ وَيُسَمَّى رَأْسُ الْمَالِ بِضَاعَةً وَالْمُعْطِي الْمُبْضِعُ وَالْآخِذُ الْمُسْتَبْضِعُ.
الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ
وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ وَتَقْسِيمِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ
(الْمَادَّةُ 1060) شَرِكَةُ الْمِلْكِ هِيَ كَوْنُ الشَّيْءِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ أَيْ مَخْصُوصًا بِهِمْ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوَارُثِ أَوْ بِخَلْطٍ , وَاخْتِلَاطُ الْأَمْوَالِ يَعْنِي بِخَلْطِ الْأَمْوَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِصُورَةٍ لَا تَكُونُ قَابِلَةً لِلتَّمْيِيزِ وَالتَّفْرِيقِ أَوْ بِاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ بِتِلْكَ الصُّورَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مَالًا أَوْ وَهَبَهُ أَحَدٌ لَهُمَا أَوْ أَوْصَى بِهِ وَقَبِلَا أَوْ وَرِثَ اثْنَانِ مَالًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَيَكُونَانِ ذَوَيْ نَصِيبٍ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَمُتَشَارِكَيْنِ فِيهِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرِيكَ الْآخَرِ فِيهِ. كَذَلِكَ إذَا خَلَطَ اثْنَانِ ذَخِيرَتَهُمَا بَعْضَهَا بِبَعْضٍ أَوْ اخْتَلَطَتْ ذَخِيرَتُهُمَا بِبَعْضِهَا بِانْخِرَاقِ عُدُولِهِمَا فَتَصِيرُ هَذِهِ الذَّخِيرَةُ الْمَخْلُوطَةُ أَوْ الْمُخْتَلِطَةُ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ.

(الْمَادَّةُ 1061) إذَا اخْتَلَطَ دِينَارُ أَحَدٍ بِدِينَارَيْنِ لِآخَرَ مِنْ جِنْسِهِ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمْيِيزَ ثُمَّ ضَاعَ اثْنَانِ مِنْهُمَا فَيَكُونُ الدِّينَارُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ.

(1/204)


(الْمَادَّةُ 1062) تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ قِسْمَيْنِ: اخْتِيَارِيٌّ وَجَبْرِيٌّ.
(الْمَادَّةُ 1063) الشَّرِكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ هِيَ الِاشْتِرَاكُ الْحَاصِلُ بِفِعْلِ الْمُتَشَارِكِينَ كَالِاشْتِرَاكِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَبِخَلْطِ الْأَمْوَالِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا.
(الْمَادَّةُ 1064) الشَّرِكَةُ الْجَبْرِيَّةُ هِيَ الِاشْتِرَاكُ الْحَاصِلُ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُتَشَارِكِينَ كَالِاشْتِرَاكِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ التَّوَارُثِ وَاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ.
(الْمَادَّةُ 1065) اشْتِرَاكُ الْوُدَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ أَمَّا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ وَأَلْقَتْ ثِيَابَ أَحَدٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَشَرِكَةُ أَصْحَابِ الدَّارِ فِي حِفْظِ هَذِهِ الثِّيَابِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الْجَبْرِيَّةِ.
(الْمَادَّةُ 1066) تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ إلَى قِسْمَيْنِ: شَرِكَةُ عَيْنٍ وَشَرِكَةُ دَيْنٍ.
(الْمَادَّةُ 1067) شَرِكَةُ الْعَيْنِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْجُودِ كَاشْتِرَاكِ اثْنَيْنِ شَائِعًا فِي شَاةٍ أَوْ فِي قَطِيعِ غَنَمٍ.
(الْمَادَّةُ 1068) شَرِكَةُ الدَّيْنِ الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّيْنِ كَاشْتِرَاكِ اثْنَيْنِ فِي قَدْرِ كَذَا دِرْهَمًا فِي ذِمَّةِ آخَرَ.

(1/205)


الفصل الثاني: في بيان كيفية التصرف في الأعيان المشتركة
(الْمَادَّةُ 1069) مِثْلَمَا يَتَصَرَّفُ صَاحِبُ الْمِلْكِ الْمُسْتَقِلِّ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ فَأَصْحَابُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ يَتَصَرَّفُونَ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ كَذَلِكَ.
(الْمَادَّةُ 1070) يَسُوغُ لِأَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَسْكُنُوا فِيهَا مَعًا , لَكِنْ إذَا أَدْخَلَ أَحَدُهُمْ أَجْنَبِيًّا إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ.
(الْمَادَّةُ 1071) يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ مُسْتَقِلًّا فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِإِذْنِ الْآخَرِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ.
الْمَادَّةُ (1072) لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُجْبِرَ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ: بِعْنِي حِصَّتَك أَوْ اشْتَرِ حِصَّتِي. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَالشَّرِيكُ لَيْسَ بِغَائِبٍ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمُهَايَأَةَ كَمَا سَيَجِيءُ تَفْصِيلُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي.
(الْمَادَّةُ 1073) تَقْسِيمُ حَاصِلَاتِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ بَيْنَ أَصْحَابِهِمْ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ. فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ حِصَّةٌ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ نِتَاجِهِ لَا يَصِحُّ.
(الْمَادَّةُ 1074) النِّتَاجُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِيَّةِ , مَثَلًا لَوْ نَزَا حِصَانُ أَحَدٍ عَلَى فَرَسِ آخَرَ فَالْفِلْوُ الْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ذَكَرُ حَمَامٍ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى فَالْفِرَاخُ الْحَاصِلَةُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى.
(الْمَادَّةُ 1075) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدٌ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا فِي

(1/206)


حِصَّةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ , أَمَّا فِي سُكْنَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ صَاحِبَ مِلْكٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ. مَثَلًا لَوْ أَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ أَجَّرَهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَتَلِفَ الْبِرْذَوْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ. كَذَلِكَ إذَا رَكِبَ أَحَدُهُمَا الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ حَمَّلَهُ حِمْلًا بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَ الْبِرْذَوْنُ أَثْنَاءَ السَّيْرِ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّتَهُ , وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً فَصَارَ هَزِيلًا وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَكُونُ ضَامِنًا نُقْصَانَ قِيمَةِ حِصَّتِهِ. أَمَّا إذَا سَكَنَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فِيهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ مُدَّةً فَيَكُونُ قَدْ سَكَنَ فِي مِلْكِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةٍ لِأَجْلِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَاذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ قَضَاءً فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا.
(الْمَادَّةُ 1076) لَوْ زَرَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَرَاضِيَ الْمُشْتَرَكَةَ فَلَا صَلَاحِيَةَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ حِصَّةً كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ حَسْبَ عَادَةِ الْبَلْدَةِ , لَكِنْ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْأَرْضِ لِزِرَاعَتِهَا فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ قِيمَةَ نُقْصَانِ حِصَّتِهِ.
(الْمَادَّةُ 1077) لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ يُعْطِي الْآخَرَ حِصَّتَهُ مِنْهَا وَيَرُدُّهَا إلَيْهِ.

(الْمَادَّةُ 1078) يَسُوغُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ إذَا وُجِدَ رِضَاؤُهُ دَلَالَةً كَمَا سَيَبِينُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ.
(الْمَادَّةُ 9 7 1) يُعَدُّ الْغَائِبُ رَاضِيًا عَنْ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُضِرٍّ بِالْغَائِبِ.
الْمَادَّةُ (1080) لَا يُوجَدُ رِضَاءٌ مِنْ الْغَائِبِ دَلَالَةً فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الثِّيَابِ الْمُشْتَرَكَةِ لُبْسُهَا

(1/207)


فِي غِيَابِ الْآخَرِ , وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْكَبَ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا فِي غِيَابِ الْآخَرِ أَمَّا فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَتَحْمِيلِ الْحِمْلِ وَالْحَرْثِ فَلَهُ الِاسْتِعْمَالُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ , وَكَذَلِكَ إذَا غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَهُ اسْتِخْدَامُ الْخَادِمِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ.
(الْمَادَّةُ 1081) السُّكْنَى فِي الدَّارِ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَعَلَيْهِ إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ فَلِلْآخَرِ الِانْتِفَاعُ بِالدَّارِ عَلَى وَجْهٍ كَأَنْ يَسْكُنَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِيهَا وَأَنْ يَتْرُكَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَكِنْ إذَا كَانَتْ عَائِلَتُهُ كَثِيرَةً فَتُصْبِحُ مِنْ قَبِيلِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَلَا يَكُونُ لِلْغَائِبِ رِضَاءٌ دَلَالَةً فِي ذَلِكَ.
الْمَادَّةُ (1082) لَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ فِي حِصَّةِ الْغَائِبِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا كَانَتْ حِصَصُهُمَا مُفْرَزَةً عَنْ بَعْضِهَا , لَكِنْ إذَا خِيفَ خَرَابُهَا مِنْ عَدَمِ السُّكْنَى فَالْقَاضِي يُؤَجِّرُ هَذِهِ الْحِصَّةَ الْمُفْرَزَةَ وَيَحْفَظُ أُجْرَتَهَا لِلْغَائِبِ.

الْمَادَّةُ (83 0 1) إنَّمَا تُعْتَبَرُ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ ; فَعَلَيْهِ إذَا سَكَنَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ مُدَّةً مُسْتَقِلًّا بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً عَنْ حِصَّةِ الْآخَرِ فَلَا يَسُوغُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي أُجْرَةَ حِصَّتِي عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِمَّا أَنْ أَسْكُنَ بِقَدْرِ مَا سَكَنْت. إلَّا أَنَّ لَهُ - إنْ شَاءَ - تَقْسِيمَ الدَّارِ إنْ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ الْمُهَايَأَةَ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَيْ مِنْ تَارِيخِ الْمُخَاصَمَةِ وَلَكِنْ إذَا غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَسَكَنَ الْحَاضِرُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُدَّةً - كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ - فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا بِقَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ.
الْمَادَّةُ (1084) إذَا أَجَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا وَحَفِظَ حِصَّةَ الْغَائِبِ وَأَوْقَفَهَا جَازَ , وَحِينَ حُضُورِ الْغَائِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ.

(1/208)


الْمَادَّةُ (1085) إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرَاضِيِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ زِرَاعَتَهَا لَا تُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ بَلْ نَافِعَةٌ لَهَا فَلِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ كَامِلَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ وَإِذَا زَرَعَهَا فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَزْرَعَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ زِرَاعَتُهَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَتَرْكُهَا نَافِعٌ لَهَا وَمُؤَدٍّ لِخِصْبِهَا فَيُعْتَبَرُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إذَنْ دَلَالَةً مِنْ الْغَائِبِ بِزِرَاعَتِهَا , فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَنِصْفِهَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً. وَإِذَا كَانَ يُرِيدُ الزِّرَاعَةَ تَكْرَارًا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَزْرَعُ أَيْضًا ذَلِكَ النِّصْفَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي سَنَةٍ أَحَدَ طَرَفَيْهَا وَفِي السَّنَةِ الْأُخْرَى الطَّرَفَ الْآخَرَ , وَإِذَا زَرَعَ جَمِيعَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ. وَالتَّفْصِيلَاتُ السَّابِقَةُ هِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ مُرَاجَعَةِ الْحَاضِرِ الْقَاضِيَ , أَمَّا إذَا رَاجَعَ الْقَاضِيَ فَالْقَاضِي يُؤْذِنُهُ فِي زِرَاعَةِ جَمِيعِ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ مَنْعًا لِضَيَاعِ عُشْرِ أَوْ خَرَاجِ تِلْكَ الْأَرْضِ , وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ لَا يَكُونُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ حَقٌّ بِادِّعَاءِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ.

الْمَادَّةُ (86 0 1) إذَا غَابَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ يَقُومُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ الْكَرْمِ وَعِنْدَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَيَسْتَهْلِكُهَا. وَلَهُ أَيْضًا بَيْعُ حِصَّةِ الْغَائِبِ وَوَقْفُ ثَمَنِهَا , لَكِنْ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا عِنْدَ حُضُورِهِ إنْ شَاءَ أَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ الْمَوْقُوفَ وَإِنْ شَاءَ لَا يُجِيزُهُ وَضَمِنَهُ حِصَّتَهُ.
الْمَادَّةُ (1087) حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ نَفْسِهِ لِآخَرَ فَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (88 0 1) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إنْ شَاءَ بَيْعُ حِصَّتِهِ إلَى شَرِيكِهِ إنْ شَاءَ بَاعَهَا لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 1 2) أَمَّا فِي

(1/209)


صُورَةِ خَلْطِ الْأَمْوَالِ وَاخْتِلَاطِهَا الَّتِي بُيِّنَتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَسُوغُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمَخْلُوطَةِ أَوْ الْمُخْتَلِطَةِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (1090) إذَا أَخَذَ الْوَرَثَةُ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ وَعَمِلَ فِيهِ فَخَسَارُهُ يَعُودُ عَلَيْهِ , كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَبِحَ لَا يَأْخُذُ الْوَرَثَةُ حِصَّةً فِيهِ.
الفصل الثالث: في بيان الديون المشتركة
الْمَادَّةُ (1 9 0 1) إذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي ذِمَّةِ وَاحِدٍ دِينٌ نَاشِئٌ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ فَهُوَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ شَرِكَةَ مِلْكٍ , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ مُتَّحِدًا فَلَيْسَ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ كَمَا يَظْهَرُ وَيَتَّضِحُ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ.
الْمَادَّةُ (2 9 0 1) كَمَا تَكُونُ أَعْيَانُ الْمُتَوَفَّى الْمَتْرُوكَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ وَارِثِيهِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ كَذَلِكَ يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَارِثِيهِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ.
الْمَادَّةُ (1093) يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ ضَمَانًا لِإِتْلَافِهِ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِ ذَلِكَ الْمَالِ.

(1/210)


الْمَادَّةُ (4 9 0 1) إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَحَدٍ صَارَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ إلَى آخَرَ نُقُودًا عَلَى طَرِيقِ الِانْفِرَادِ - أَيْ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ - صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ.
الْمَادَّةُ (5 9 0 1) إذَا بِيعَ مَالُ وَاحِدٍ مُشْتَرَكٍ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ تُذْكَرْ وَلَمْ تُسَمَّ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَالدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا , وَأَمَّا إذَا سُمِّيَ وَعُيِّنَ حِينَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ حِصَّةِ كُلِّ مِقْدَارٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ نَوْعِهَا مَثَلًا لَوْ فُرِّقَتْ وَمُيِّزَتْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ قِيلَ: إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَحِصَّةَ الْآخَرِ بِكَذَا دِرْهَمًا , أَوْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِمَسْكُوكَاتٍ خَالِصَةٍ وَحِصَّةُ الْآخَرِ بِمَسْكُوكَاتٍ مَغْشُوشَةٍ , فَلَا يَكُونُ الْبَائِعَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ , كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ إلَى أَحَدٍ بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا مُسْتَقِلًّا.
الْمَادَّةُ (1096) لَوْ بَاعَ اثْنَانِ مَالَهُمَا لِآخَرَ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حِصَانٌ وَلِلْآخَرِ فَرَسٌ فَيَبِيعَانِهِمَا مَعًا بِكَذَا دِرْهَمًا فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ. وَأَمَّا إذَا سَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا لِحَيَوَانِهِ كَذَا دِرْهَمًا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ كَذَلِكَ إذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَالًا عَلَى حِدَةٍ لِآخَرَ فَلَا يَكُونُ ثَمَنَا الْمَبِيعَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنَيْنِ دَيْنًا مُسْتَقِلًّا.
الْمَادَّةُ (1097) إذَا أَدَّى اثْنَانِ دَيْنَ أَحَدٍ حَسَبَ كَفَالَتِهِمَا فَإِنْ أَدَّيَاهُ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ مَطْلُوبُهُمَا مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا.
الْمَادَّةُ (1098) إذَا أَمَرَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِأَدَاءِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنَهُ فَأَدَّيَاهُ فَإِنْ أَدَّيَاهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا

(1/211)


وَإِذَا كَانَتْ النُّقُودُ الَّتِي أَعْطَيَاهَا غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ وَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزَةً حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبُهَا مِنْهُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بِمُجَرَّدِ أَدَائِهِمَا النُّقُودَ مَعًا.
الْمَادَّةُ (1099) إذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَطْلُبَ وَيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ عَلَى حِدَةٍ وَيُحْسَبُ مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ.
الْمَادَّةُ (0 0 1 1) إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ , وَإِذَا رَاجَعَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْقَاضِيَ فِي غِيَابِ الدَّائِنِ الْآخَرِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَيُؤْمَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْأَدَاءَ.
الْمَادَّةُ (1 0 1 1) مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَلَا يَسُوغُ لِلْقَابِضِ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ.
الْمَادَّةُ (2 0 1 1) إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ وَقَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ الدَّائِنِ الْآخَرَ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1103) إذَا لَمْ يَقْبِضْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لَكِنَّهُ اشْتَرَى مَتَاعًا مِنْ الْمَدِينِ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَتَاعِ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الِاشْتِرَاكِ يَكُونُ الْمَتَاعُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.
الْمَادَّةُ (1104) إذَا صَالَحَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَنْ حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى كَذَا أَثْوَابِ قُمَاشٍ وَقَبَضَ تِلْكَ الْأَثْوَابِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَى

(1/212)


شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَثْوَابِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِقْدَارًا مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي تَرَكَهُ.
الْمَادَّةُ (5 0 1 1) إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ تَمَامِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا أَوْ اشْتَرَى مَالًا بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ أَوْ صَالَحَ الْمَدِينَ عَلَى مَالٍ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ فَيَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إنْ شَاءَ أَجَازَ شَرِيكُهُ هَذِهِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَيَطْلُبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ , وَإِذَا هَلَكَ الدَّيْنُ عِنْدَ الْمَدِينِ يَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَكُونُ عَدَمُ إجَازَتِهِ قَبْلًا مَانِعًا مِنْ الرُّجُوعِ.
الْمَادَّةُ (6 0 1 1) إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْمَدِينِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَضَاءً فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ هَذَا الْمَقْبُوضِ , لَكِنْ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى حِصَّةَ نَفْسِهِ وَيَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي عِنْدَ الْمَدِينِ عَائِدًا إلَى شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (7 0 1 1) إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ بِأُجْرَةٍ فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ.
الْمَادَّةُ (8 0 1 1) إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الْمَدِينِ رَهْنًا فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ وَتَلِفَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ فِي ذَلِكَ مَثَلًا إذَا كَانَ مِقْدَارُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ رَهْنًا لِأَجْلِ حِصَّتِهِ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَلِفَ هَذَا الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَقَدْ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَلِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَضْمَنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْعَائِدَةَ إلَى حِصَّتِهِ.
الْمَادَّةُ (1109) إذَا أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ كَفِيلًا مِنْ الْمَدِينِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ أَحَالَهُ بِهَا عَلَى آخَرَ فَلِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ

(1/213)


فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ.
الْمَادَّةُ (0 1 11) إذَا وَهَبَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ لِلْمَدِينِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْهَا فَهِبَتُهُ أَوْ إبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ.
الْمَادَّةُ (1 1 1 1) إذَا أَتْلَفَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مَالَ الْمَدِينِ وَتَقَاصَّا بِحِصَّتِهِ ضَمَانًا فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْهُ لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِسَبَبٍ مُقَدَّمٍ عَنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ حَصَلَتْ الْمُقَاصَّةُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ.
الْمَادَّةُ (2 1 1 1) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ.
لاحقة
مادة: (1113) إذا باع واحد مالا لاثنين فيطالب كل واحد بحصته على حدة مالم يكن أحد المشتريين كفيلا للآخر لا يطالب بدينه.
البَابٌ الثاني: فِي بَيَانِ الْقِسْمَةِ
وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ:
الفصل الأول: في تعريف القسمة وتقسيمها
الْمَادَّةُ (1114) الْقِسْمَةُ هِيَ تَعْيِينُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ , يَعْنِي إفْرَازُ وَتَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِمِقْيَاسٍ مَا كَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذِّرَاعِ.
الْمَادَّةُ (1115) الْقِسْمَةُ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ تُقَسَّمَ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ أَيْ الْأَشْيَاءُ الْمُتَعَدِّدَةُ الْمُشْتَرَكَةُ إلَى أَقْسَامٍ وَبِذَلِكَ تَكُونُ قَدْ جُمِعَتْ الْحِصَصُ الشَّائِعَةُ

(1/214)


فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْقَسْمِ كَتَقْسِيمِ ثَلَاثِينَ شَاةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ثَلَاثَةٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ كُلُّ قِسْمَةٍ عَشْرُ شِيَاهٍ وَيُقَالُ لَهَا: قِسْمَةُ جَمْعٍ. وَإِمَّا أَنْ تُقَسَّمُ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ فَتُعَيَّنُ الْحِصَصُ الشَّائِعَةُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهُ كَتَقْسِيمِ عَرْصَةٍ إلَى قِسْمَيْنِ وَيُقَالُ: قِسْمَةُ تَفْرِيقٍ وَقِسْمَةُ فَرْدٍ.
الْمَادَّةُ (1116) الْقِسْمَةُ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ. مَثَلًا إذَا كَانَتْ كَيْلَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا , فَإِذَا قُسِمَتْ جَمِيعُهَا إلَى قِسْمَيْنِ مِنْ قَبِيلِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ وَأُعْطِيَ أَحَدُ أَقْسَامِهَا إلَى وَاحِدٍ وَالثَّانِي إلَى الْآخَرِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَادَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ شَرِيكَهُ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ حِصَّةٍ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَإِذَا قُسِمَتْ قِسْمَيْنِ قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ وَأُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْمَةً يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَادَلَ شَرِيكَهُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ.

الْمَادَّةُ (1117) جِهَةُ الْإِفْرَازِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ رَاجِحَةٌ. فَلِذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ دُونَ إذْنٍ , لَكِنْ لَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ مَا لَمْ تُسَلَّمْ حِصَّةُ الْغَائِبِ إلَيْهِ , وَإِذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الْغَائِبِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ تَكُونُ الْحِصَّةُ الَّتِي قَبَضَهَا شَرِيكُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا.
الْمَادَّةُ (1118) جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ رَاجِحَةٌ وَالْمُبَادَلَةُ تَكُونُ إمَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي , فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ.
الْمَادَّةُ (1119) الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ كُلُّهَا مِثْلِيَّاتٌ أَمَّا الْأَوَانِي الْمَصْنُوعَةُ بِالْيَدِ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ فَهِيَ قِيَمِيَّةٌ. وَكَذَلِكَ كُلُّ جِنْسٍ مِثْلِيٍّ خُلِطَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ فِي صُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمْيِيزَ وَالتَّفْرِيقَ كَالْحِنْطَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِالشَّعِيرِ

(1/215)


هُوَ قِيَمِيٌّ. وَكَذَلِكَ الذَّرْعِيَّاتُ قِيَمِيَّةٌ. أَمَّا الذَّرْعِيَّاتُ كَالْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْقُمَاشُ مِنْ مَصْنُوعَاتِ الْمَعَامِلِ الَّتِي لَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِهَا وَيُبَاعُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا دِرْهَمًا فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ الَّتِي يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِهَا تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ وَالْأَصْفَرِ هِيَ قِيَمِيَّةٌ. وَكُتُبُ الْخَطِّ قِيَمِيَّةٌ وَكُتُبُ الطَّبْعِ مِثْلِيَّةٌ.
الْمَادَّةُ (1120) يَنْقَسِمُ كُلٌّ مِنْ قِسْمَةِ الْجَمْعِ وَقِسْمَةِ التَّفْرِيقِ إلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ , وَالنَّوْعُ الثَّانِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ.
الْمَادَّةُ (1121) قِسْمَةُ الرِّضَاءِ هِيَ الْقِسْمَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُتَقَاسِمِينَ أَيْ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِالرِّضَاءِ فَيَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي أَوْ يَقْسِمُهُ الْقَاضِي بِرِضَائِهِمْ جَمِيعًا.
الْمَادَّةُ (1122) قِسْمَةُ الْقَضَاءِ هِيَ تَقْسِيمُ الْقَاضِي الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ جَبْرًا وَحُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ أَيْ بِطَلَبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ.
الفصل الثاني: في بيان شرائط القسمة
الْمَادَّةُ (1123) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا , فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الْقَبْضِ. مَثَلًا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دُيُونٌ فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ وَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ عَلَى أَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَمَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْهُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْوَارِثُ الْآخَرُ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ.
الْمَادَّةُ (1124) لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ إلَّا بِإِفْرَازِ الْحِصَصِ وَتَمْيِيزِهَا , مَثَلًا إذَا قَالَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الصُّبْرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ لِلْآخَرِ: خُذْ أَنْتَ

(1/216)


ذَلِكَ الطَّرَفَ مِنْ الصُّبْرَةِ وَهَذَا الطَّرَفُ لِي لَا يَكُونُ قِسْمَةً.
الْمَادَّةُ (1125) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ مِلْكَ الشُّرَكَاءِ حِينَ الْقِسْمَةِ , فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِكُلِّ الْمَقْسُومِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ , وَكَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَيَلْزَمُ تَكْرَارُ تَقْسِيمِ الْمَقْسُومِ. كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمَجْمُوعِ حِصَّةٍ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فِي حِصَّةٍ أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا فَيَكُونُ صَاحِبُ تِلْكَ الْحِصَّةِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ لَا يَفْسَخُهَا وَرَجَعَ بِمِقْدَارِ نُقْصَانِ حِصَّتِهِ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى مَثَلًا لَوْ قُسِمَتْ عَرْصَةٌ مِسَاحَتُهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ ذِرَاعًا إلَى قِسْمَيْنِ فَظَهَرَ بَعْدَ التَّقْسِيمِ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِ حِصَّتِهِ فَلِصَاحِبِ الْحِصَّةِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِرُبْعِ حِصَّتِهِ , يَعْنِي يَأْخُذُ مِنْ حِصَّتِهِ مَحِلَّ عِشْرِينَ ذِرَاعًا , وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ فَإِذَا كَانَتْ الْحِصَصُ مُتَسَاوِيَةً فَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَإِذَا كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا قَلِيلَةً وَحِصَّةُ الْآخَرِ كَثِيرَةً فَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَيَكُونُ كَأَنَّمَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فِي حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَكُونُ مَنْ أَصَابَ حِصَّتَهُ أَكْثَرِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ مُخَيَّرًا كَمَا مَرَّ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ.
الْمَادَّةُ (1126) قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا. مَثَلًا إذَا قَسَّمَ أَحَدٌ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا تَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً وَنَافِذَةً لَكِنْ لَوْ أَجَازَ أَصْحَابُهُ قَوْلًا بِأَنْ قَالُوا: أَحْسَنْتَ أَوْ تَصَرَّفُوا بِحِصَصِهِمْ الْمُفْرَزَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَعْنِي بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةً وَنَافِذَةً.
الْمَادَّةُ (1127) يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً أَيْ أَنْ تُعْدَلَ الْحِصَصُ بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنْ لَا تَكُونُ بِإِحْدَاهَا نُقْصَانٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمَقْسُومُ لَهُمْ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ بَعْدَ إقْرَارِهِمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ.

(1/217)


الْمَادَّةُ (1128) يُشْتَرَطُ فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ رِضَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ , بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا غَابَ أَحَدُهُمْ لَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ وَإِذَا كَانَ مِنْ ضِمْنِهِمْ صَغِيرٌ فَيَقُومُ مَقَامَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي فَيُنَصِّبُ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَتُقْسَمُ بِمَعْرِفَتِهِ.
الْمَادَّةُ (1129) يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ , فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ مِنْ الْقَاضِي جَبْرًا مَا لَمْ يَقَعْ طَلَبٌ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ.
الْمَادَّةُ (1130) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيَقْسِمُهُ الْقَاضِي جَبْرًا إنْ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقْسِمُهُ. عَلَى مَا يُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ.
الْمَادَّةُ (1131) قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بِالْقِسْمَةِ.
الفصل الثالث: في بيان قسمة الجمع
الْمَادَّةُ (1132) تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ , يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِي يُقَسِّمُ ذَلِكَ حُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ , سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ.

الْمَادَّةُ (1133) بِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَقِسْمَتُهَا , عَدَا أَنَّهَا غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِأَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ , يَكُونُ قَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ وَحَصَلَ عَلَى تَمَامِيَّةِ مِلْكِهِ بِهَا , فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ

(1/218)


وَأَصْبَحَ مَالِكًا لِلْحِنْطَةِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّتَهُ. وَكَذَا دِرْهَمًا مِنْ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ , وَكَذَا أُقَّةً مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ سَبِيكَةَ حَدِيدٍ , وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ , وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْبَزِّ , وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَيْضِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1134) وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ إلَّا أَنَّهُ بِاعْتِبَارِهِ جُزْئِيًّا صَارَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَعُدَّتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا , وَكَذَا مِائَةَ جَمَلٍ وَمِائَةَ بَقَرَةٍ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1135) لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ أَيْ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَيْ لَا يَسُوغُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْسِمَهَا قِسْمَةَ جَمْعٍ جَبْرًا بِطَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَيْ لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَثَلًا مِقْدَارَ كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا كَيْلَةَ شَعِيرٍ ; أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا كَذَا شَاةً وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا إبِلًا أَوْ بَقَرَةً , أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا سَيْفًا وَاعَطَاءِ الْآخَرِ سِرْجًا , أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا دَارًا وَاعَطَاءِ الْآخَرِ حَانُوتًا أَوْ ضَيْعَةً. أَمَّا قِسْمَةُ الرِّضَاءِ الْجَارِيَةِ بِرِضَائِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَجَائِزَةٌ.

الْمَادَّةُ (1136) الْأَوَانِي الْمُخْتَلِفَةُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ وَلَوْ كَانَتْ مَصْنُوعَةً مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ تُعَدُّ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ.
الْمَادَّةُ (1137) الْحُلِيَّاتُ وَكِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ أَيْضًا , أَمَّا الْجَوَاهِرُ الصَّغِيرَةُ مِثْلُ اللُّؤْلُؤِ الصَّغِيرِ وَأَحْجَارِ الْمَاسِ الصَّغِيرَةِ فَتُعَدُّ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ.
الْمَادَّةُ (1138) الدُّورُ الْعَدِيدَةُ وَالدَّكَاكِينُ وَالضِّيَاعُ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةَ جَمْعٍ , مَثَلًا لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِأَنْ يُعْطَى لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدُّورِ الْمُتَعَدِّدَةِ

(1/219)


وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى بَلْ تُقَسَّمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي بَيَانِ قِسْمَةِ التَّفْرِيقِ
الْمَادَّةُ (1139) إذَا كَانَ تَفْرِيقُ وَتَبْعِيضُ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ غَيْرَ مُضِرٍّ بِأَيْ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ , مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ عَرْصَةٌ وَكَانَ يُنْشَأُ أَبْنِيَةٌ وَتُغْرَسُ أَشْجَارٌ وَتُحْفَرُ بِئْرٌ فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْعَرْصَةِ بَاقِيَةً. وَكَذَلِكَ لَوْ قُسِّمَتْ دَارٌ فِيهَا مَنْزِلَانِ وَاحِدٌ لِلرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِلْحَرِيمِ فَتَفْرِيقُهَا وَتَقْسِيمُهَا إلَى دَارَيْنِ لَا يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى الْمَقْصُودَةَ مِنْ الدَّارِ وَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ صَاحِبَ دَارٍ مُسْتَقِلَّةٍ , فَلِذَلِكَ تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ , سَوَاءٌ فِي الْعَرْصَةِ أَوْ فِي الدَّارِ , يَعْنِي إذَا طَلَب أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُقَسِّمُهَا الْقَاضِي جَبْرًا.
الْمَادَّةُ (1140) إذَا كَانَ تَبْعِيضُ وَتَفْرِيقُ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ نَافِعًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَمُضِرًّا بِالْآخَرِ يَعْنِي أَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِمَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ فَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ لِلْقِسْمَةِ الْمُنْتَفَعَ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُهَا كَذَلِكَ حُكْمًا. مَثَلًا إذَا كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ قَلِيلَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالسُّكْنَى فِيهَا وَصَاحِبُ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ يَطْلُبُ قِسْمَتَهَا فَالْقَاضِي يُقَسِّمُهَا قَضَاءً.

الْمَادَّةُ (1141) لَا تَجْرِي قِسْمَةٌ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يَضُرُّ تَفْرِيقُهَا وَتَبْعِيضُهَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ. مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ الطَّاحُونُ فَلَا تُسْتَعْمَلُ طَاحُونًا بَعْدُ , فَلِذَلِكَ تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا. وَعَلَيْهِ فَلَا يَسُوغُ لِلْقَاضِي قِسْمَتُهَا بِطَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَمَّا بِالتَّرَاضِي فَتُقَسَّمُ , وَالْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَالْقَنَاةُ وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ أَوْ الْحَائِطُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ هِيَ كَذَلِكَ

(1/220)


وَالْعُرُوضُ الْمُحْتَاجَةُ إلَى الْكَسْرِ وَالْقَطْعِ كَحَيَوَانٍ وَاحِدٍ وَمَرْكَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَرْجٍ وَاحِدٍ وَجُبَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحَجَرِ خَاتَمٍ وَاحِدٍ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي أَيْ وَاحِدٍ مِنْهَا.
الْمَادَّةُ (1142) كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ أَوْرَاقِ الْكِتَابِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ الْكِتَابِ الْمُنْقَسِمِ إلَى مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةٍ جِلْدًا فَجِلْدًا.
الْمَادَّةُ (1143) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَةَ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ الَّتِي لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا مُطْلَقًا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ تُقَسَّمُ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ إلَّا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ عَلَى حِدَةٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ الْحَالِ تُقَسَّمُ.
الْمَادَّةُ (1144) الْمَسِيلُ الْمُشْتَرَكُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ , فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَحِلٌّ لِإِسَالَةِ مَائِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَحِلٌّ آخَرُ لِاِتِّخَاذِهِ مَسِيلًا فَيُقَسَّمُ وَإِلَّا فَلَا يُقَسَّمُ.
الْمَادَّةُ (1145) كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ طَرِيقَهُ الْمِلْكَ عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِيهَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَقْتَسِمَ اثْنَانِ عَقَارَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ يَعْنِي مَلَكِيَّتَهُ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْ يَكُونَ لِلثَّانِي حَقُّ الْمُرُورِ فَقَطْ.
الْمَادَّةُ (1146) كَمَا يَجُوزُ تَرْكُ الْحَائِطِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ مُشْتَرَكًا فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ تَجُوزُ أَيْضًا الْقِسْمَةُ عَلَى جَعْلِهِ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا.

(1/221)


الفصل الخامس: في بيان كيفية القسمة
الْمَادَّةُ (1147) يُقَسَّمُ الْمَكِيلُ الْمُشْتَرَكُ بِالْكَيْلِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَبِالْوَزْنِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَبِالْعَدَدِ إنْ كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ وَبِالذِّرَاعِ إنْ كَانَ مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ.
الْمَادَّةُ (1148) بِمَا أَنَّ الْعَرْصَةَ وَالْأَرَاضِي مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ فَيُقَسَّمَانِ بِالذِّرَاعِ أَمَّا مَا عَلَيْهِمَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ فَيُقَسَّمُ بِتَقْدِيرِ الْقِيمَةِ.
المادة: (1149) إِذَاكَانَ فِيْ تَقْسِيْمِ الدَّارِ أَبْنِيَةُ إِحْدَى الْحِصَّتَيْنِ أَغْلَى ثَمَنًا مِنَ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ تَعْدِيْلُهُا بِإِعْطَاءِ مِقْدَارٍ مِنَ الْعَرَصَةِ فِيْهَا وَإِلَّا فَتُعْدَلُ بِالنُّقُوْدِ.
الْمَادَّةُ (1150) إذَا أُرِيدَ قِسْمَةُ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ فَوْقَانِيّهَا لِوَاحِدٍ وَتَحْتَانِيّهَا لِآخَرَ فَيَقُومُ كُلٌّ مِنْ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ وَتُقَسَّمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ.

الْمَادَّة (1151) إذَا أُرِيدَ تَقْسِيمُ دَارٍ فَعَلَى الْقَسَّامِ أَنْ يُصَوِّرَهَا عَلَى الْوَرِقِ وَيَمْسَحَ عَرْضَهَا بِالذِّرَاعِ وَيُقَوِّمَ أَبْنِيَتِهَا وَيُسَوِّيَ وَيُعَدِّلَ الْحِصَصَ بِنِسْبَةِ حِصَصِ أَصْحَابِهَا وَيَفْرِزَ حَقَّ الطَّرِيقِ وَالشُّرْبِ وَالْمَسِيلِ بِصُورَةِ أَنْ لَا يَبْقَى تَعَلُّقٌ لِكُلِّ حِصَّةٍ فِي الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ وَيُلَقِّبَ الْحِصَصَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثُمَّ يُقْرِعَ فَتَكُونُ الْأُولَى لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ابْتِدَاءً وَالثَّانِيَةُ لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ثَانِيًا وَالثَّالِثَةُ لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ثَالِثًا وَيَجْرِي عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إذَا وُجِدَتْ حِصَصٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
الْمَادَّةُ (1152) إذَا كَانَتْ التَّكَالِيفُ الْأَمِيرِيَّةُ لِأَجَلِ مُحَافَظَةِ النُّفُوسِ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَا يَدْخُلُ فِي دَفْتَرِ التَّوْزِيعِ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ , وَإِذَا كَانَتْ لِمُحَافَظَةِ الْأَمْلَاكِ فَتُقَسَّمُ عَلَى مِقْدَارِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ كَمَا ذُكِرَ فِي مَادَّةِ 87.

(1/222)


الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي بَيَانِ الْخِيَارَاتِ
الْمَادَّةُ (1153) يَكُونُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ فِي تَقْسِيمِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا يَكُونُ فِي الْبَيْعِ , مَثَلًا إذَا قُسِّمَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ كَذَا مِقْدَارَ حِنْطَةٍ وَلِآخَرَ كَذَا مِقْدَارَ شَعِيرٍ وَلِآخَرَ كَذَا غَنَمًا وَلِآخَرَ فِي مُقَابِلِهِ كَذَا رَأْسَ بَقَرٍ فَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمْ الْخِيَارَ إلَى كَذَا يَوْمًا فَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ إنْ شَاءَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَرَ الْمَالَ الْمَقْسُومَ يَكُنْ مُخَيَّرًا أَيْضًا عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا ظَهَرَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ مَعِيبَةً فَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا.
الْمَادَّةُ (1154) يَكُونُ فِي تَقْسِيمِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ خِيَارُ شَرْطٍ وَرُؤْيَةٍ وَعَيْبٍ , مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ مِائَةُ شَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ أَصْحَابِهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ شَرَطَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَ الْغَنَمَ بَعْدُ يَكُنْ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَ الْغَنَمَ بَعْدُ يَكُنْ مُخَيَّرًا حِينَ رُؤْيَتِهَا , وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْغَنَمِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّةَ أَحَدِهِمْ فَكَذَلِكَ يَكُون مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا.
الْمَادَّةُ (1155) لَا يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَلَكِنْ يَكُونُ فِيهَا خِيَارُ الْعَيْب , مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ إلَى كَذَا يَوْمًا فَلَا يَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا وَإِذَا لَمْ يَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحِنْطَةَ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهَا. أَمَّا إذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ وَجْهِ الصُّبْرَةِ وَالْآخَرُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَظَهَرَ أَسْفَلُهَا مَعِيبًا فَيَكُونُ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ.

(1/223)


الفصل السابع: في بيان فسخ القسمة وإقالتها
الْمَادَّةُ (1156) تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِإِجْرَاءِ الِاقْتِرَاعِ كَامِلًا.
الْمَادَّةُ (1157) لَا يَسُوغُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِسْمَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا.
الْمَادَّةُ (1158) إذَا جَرَى الِاقْتِرَاعُ أَثْنَاءَ الْقِسْمَةِ عَلَى أَكْثَرِ الْحِصَصِ مَثَلًا وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الرُّجُوعَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ رِضَاءٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ قَضَاءٍ فَلَا رُجُوعَ.
الْمَادَّةُ (1159) لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَسْخُ الْقِسْمَةِ وَإِقَالَتُهَا بِرِضَائِهِمْ وَجَعْلُ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ كَمَا فِي السَّابِقِ.
الْمَادَّةُ (1160) إذَا تَبَيَّنَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي الْقِسْمَةِ تُفْسَخُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً.
الْمَادَّة (1161) إذَا ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ إلَّا إذَا أَدَّى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَهُمْ الدَّائِنُونَ مِنْهُ أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَقْسُومِ وَأَوْفَى الدَّيْنَ مِنْهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ.
الفصل الثامن: في بيان أحكام القسمة
الْمَادَّةُ (1162) يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَا يَبْقَى عَلَاقَةٌ لِأَحَدِهِمْ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بَعْدُ. وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصَّتِهِ

(1/224)


كَيْفَمَا يَشَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَوْ قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَصَابَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا الْبِنَاءُ وَحِصَّةَ الْآخَرِ الْعَرْصَةُ الْخَالِيَةُ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا وَأَقْنِيَةً وَأَنْ يُنْشِئَ أَبْنِيَةً فِيهَا وَيُعَلِّيَهَا إلَى حَيْثُ شَاءَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ مَنْعُهُ وَلَوْ سَدَّ عَلَيْهِ الْهَوَاءَ وَالشَّمْسَ.
الْمَادَّةُ (1163) تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فِي قِسْمَةِ الْأَرَاضِي , وَكَذَا الْأَشْجَارُ مَعَ الْأَبْنِيَةِ فِي تَقْسِيمِ الْمَزْرَعَةِ يَعْنِي فِي أَيْ حِصَّةٍ وُجِدَتْ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا وَالتَّصْرِيحُ عَنْهَا حِينَ الْقِسْمَةِ أَوْ إدْخَالِهَا بِتَعْبِيرٍ عَامٍّ كَالْقَوْلِ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا أَوْ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا.
الْمَادَّةُ (1164) لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالْفَاكِهَةُ فِي تَقْسِيمِ الْأَرَاضِي وَالْمَزْرَعَةِ مَا لَمْ يُذْكَرْ وَيُصَرَّحْ بِذَلِكَ وَيَبْقَيَانِ مُشْتَرَكَيْنِ كَمَا كَانَا سَوَاءً ذُكِرَ تَعْبِيرٌ عَامٌّ حِينَ الْقِسْمَةِ كَقَوْلِهِمْ: بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يُذْكَرْ.
الْمَادَّةُ (1165) يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ فِي الْأَرْضِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَقْسُومِ فِي كُلِّ حَالٍ يَعْنِي فِي أَيِّ حِصَّةٍ وَقَعَ يَكُونُ مِنْ حُقُوقِ صَاحِبِهَا سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ.
الْمَادَّةُ (1166) إذَا شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ أَنْ تَكُونَ طَرِيقُ حِصَّةٍ أَوْ مَسِيلُهَا فِي حِصَّةٍ أُخْرَى فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ.
الْمَادَّةُ (1167) إذَا كَانَ لِحِصَّةِ طَرِيقٍ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى وَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهُ حِينَ الْقِسْمَةِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا صَرْفُهُ وَتَحْوِيلُهُ فَيُصْرَفُ وَيُحَوَّلُ سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يُقَلْ. أَمَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلصَّرْفِ وَالتَّحْوِيلِ إلَى طَرَفٍ آخَرَ فَيُنْظَرُ: فَإِنْ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا تَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ التَّعْبِيرُ الْعَامُّ كَقَوْلِهِمْ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا تَنْفَسِخُ الْقِسْمَةُ , وَالْمَسِيلُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ عَيْنِهَا.
الْمَادَّةُ (1168) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ طَرِيقٌ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَرَادَ صَاحِبَا الدَّارِ

(1/225)


تَقْسِيمَهَا فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ مَنْعُهُمَا. لَكِنَّهُمَا يَتْرُكَانِ طَرِيقَهُ حِينَ الْقِسْمَةِ عَلَى حَالِهِ , وَإِذَا بَاعَ الثَّلَاثَةُ بِالِاتِّفَاقِ الدَّارَ مَعَ الطَّرِيقِ فَإِذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ثَلَاثَتِهِمْ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. وَإِذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ لِصَاحِبَيْ الدَّارِ وَلِذَلِكَ الْآخَرِ حَقُّ الْمُرُورِ فَقَطْ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَذَلِكَ أَنْ تُقَوَّمَ الْعَرْصَةُ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ مَرَّةً وَتُقَوَّمَ ثَانِيَةً خَالِيَةً عَنْ حَقِّ الْمُرُورِ وَالْفَضْلُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَكُونُ لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ وَبَاقِيهَا لِصَاحِبَيْ الدَّارِ. وَالْمَسِيلُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ يَعْنِي إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ حَقُّ مَسِيلٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَعَلَى صَاحِبَيْ الدَّارِ حِينَ تَقْسِيمِهَا تَرْكُ الْمَسِيلِ عَلَى حَالِهِ.
الْمَادَّةُ (1169) إذَا كَانَ فِي سَاحَةِ دَارٍ مَنْزِلٌ لِآخَرَ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ يَمُرُّ مِنْ تِلْكَ السَّاحَةِ وَأَرَادَ أَصْحَابُ الدَّارِ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ مَنْعُهُمْ لَكِنْ يَتْرُكُونَ حِينَ الْقِسْمَةِ لَهُ طَرِيقًا بِقَدْرِ عَرْضِ بَابِ الْمَنْزِلِ.
الْمَادَّةُ (1170) دَارٌ قُسِّمَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُقَسِّمَيْنِ حَائِطٌ فَإِذَا كَانَتْ رُءُوسُ جُذُوعِ أَحَدِ الْمُقَسَّمَيْنِ الْوَاقِعَةُ عَلَى حَائِطٍ آخَرَ وَاقِعَةً رُءُوسُهَا الْأُخْرَى عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ فَتُرْفَعُ تِلْكَ الْجُذُوعُ إنْ شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ رَفْعُهَا وَإِلَّا فَلَا تُرْفَعُ. وَكَذَلِكَ إذَا قُسِّمَ عَلَى صُورَةٍ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ الْوَاقِعُ بَيْنَ مُقَسِّمَيْنِ مِلْكًا لِصَاحِبِ حِصَّةٍ وَالْجُذُوعُ الْمَوْضُوعَةُ رُءُوسُهَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ مِلْكًا لِصَاحِبِ حِصَّةٍ أُخْرَى فَحُكْمُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
الْمَادَّةُ (1171) أَغْصَانُ الْأَشْجَارِ الْوَاقِعَةِ فِي قِسْمٍ إذَا كَانَتْ مُدَلَّاةً عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ شُرِطَ قَطْعُهَا حِينَ الْقِسْمَةِ فَلَا تُقْطَعُ.
الْمَادَّةُ (1172) إذَا قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا وَنَافِذَةً عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ مَنْعُهُمْ.
الْمَادَّةُ (1173) إذَا بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ ثُمَّ طَلَبَ الْآخَرُونَ

(1/226)


الْقِسْمَةَ تُقَسَّمُ فَإِنْ أَصَابَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ حِصَّةَ بَانِيهِ فَبِهَا , وَإِنْ أَصَابَتْ حِصَّةَ الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَ بَانِيهِ هَدْمَهُ وَرَفْعَهُ.
الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي بَيَانِ الْمُهَايَأَةِ
الْمَادَّةُ (1174) الْمُهَايَأَةُ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ.
الْمَادَّةُ (1175) لَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ بَلْ تَجْرِي فِي الْقِيَمِيَّاتِ حَتَّى يُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَالَ بَقَاءِ عَيْنِهَا.
الْمَادَّةُ (1176) الْمُهَايَأَةُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ , الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا كَمَا لَوْ تَهَايَأَ. اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا سَنَةً وَالْآخَرُ سَنَةً أُخْرَى. أَوْ عَلَى سُكْنَى أَحَدِ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُنَاوَبَةً سَنَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا كَمَا لَوْ تَهَايَأَ اثْنَانِ فِي الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا الْآخَرِ , أَوْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي قِسْمٍ مِنْهَا وَالْآخَرُ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ أَوْ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي الطَّابَقِ الْعُلْوِيِّ وَالْآخَرُ فِي السُّفْلِيِّ أَوْ فِي الدَّارَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَالْآخَرُ فِي الْأُخْرَى.
الْمَادَّةُ (1177) كَمَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْحَيَوَانِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِالْمُنَاوَبَةِ تَجُوزُ أَيْضًا فِي الْحَيَوَانَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا وَالْآخَرُ الْآخَرَ.
الْمَادَّةُ (1178) الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا نَوْعٌ مِنْ الْمُبَادَلَةِ , فَتَكُونُ مَنْفَعَةُ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ فِي نَوْبَتِهِ مُبَادِلَةً بِمَنْفَعَةِ حِصَّةِ الْآخَرِ فِي نَوْبَتِهِ , وَعَلَيْهِ فَالْمُهَايَأَةُ زَمَانًا فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ وَتَعْيِينُهَا فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا كَكَذَا يَوْمًا وَكَذَا شَهْرًا لَازِمٌ.

(1/227)


الْمَادَّةُ (1179) الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا نَوْعٌ مِنْ الْإِفْرَازِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مَثَلًا شَائِعَةٌ أَيْ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ , فَبِالْمُهَايَأَةِ تُجْمَعُ مَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا فِي قِطْعَةٍ مِنْ الدَّارِ وَمَنْفَعَةُ الْآخَرِ فِي الْقِطْعَةِ الْأُخْرَى فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا ذِكْرُ وَتَعْيِينُ الْمُدَّةِ.
الْمَادَّةُ (1180) كَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي إجْرَاءُ الْقُرْعَةِ فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا لِأَجَلِ الْبَدْءِ - يَعْنِي أَيْ أَصْحَابَ الْحِصَصِ يُنْتَفَعُ أَوَّلًا - كَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا تَعْيِينُ الْمَحِلِّ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1181) إذَا طَلَبَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ مُتَّفِقَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا. مَثَلًا دَارَانِ مُشْتَرَكَتَانِ طَلَب أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ إحْدَاهُمَا وَأَنْ يَسْكُنَ الْآخَرُ الْأُخْرَى , أَوْ حَيَوَانَانِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُهُمَا وَاحِدًا وَالْآخَرُ الْآخَرَ , وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. أَمَّا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ وَلِلْآخَرِ إيجَارُ الْحَمَّامِ أَوْ عَلَى سُكْنَى أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْآخَرِ الْأَرَاضِيَ فَالْمُهَايَأَةُ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ تَكُنْ جَائِزَةً إلَّا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْآخَرُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا.
الْمَادَّةُ (1182) إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ تُقْبَلُ دَعْوَى الْقِسْمَةِ وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ دُونَ أَنْ يَطْلُبَ أَيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ.
الْمَادَّةُ (1183) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ.
الْمَادَّةُ (1184) كُلُّ مَا يَنْتَفِعُ الْعَامَّةُ بِأُجْرَتِهِ مِنَ الْعَقَارَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ كَالسَّفِيْنَةِ وَالطَّاحُوْنِ وَالْقَهْوَةِ وَالْحَمَّامِ يُؤَجَّرُ لِأَرْبَابِهِ وَتُقْسَمُ أُجْرَتُهُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِمْ، وَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ عَنْ الْإِيْجَارِ

(1/228)


يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ لَكِنْ إِذَا زَادَتْ غَلَّتُهَا أَيْ أُجْرَتُهَا فِيْ نَوْبَةِ أَحَدِهِمْ فَتُقْسَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ.
الْمَادَّةُ (1185) كَمَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ الْمُقَسَّمَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّتَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ إلَى آخَرَ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِهِ.
الْمَادَّةُ (1186) إذَا أَجَّرَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ نَوْبَتَهُ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ ابْتِدَاءً عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَكَانَتْ غَلَّةُ أَحَدِهِمْ فِي نَوْبَتِهِ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ مُشَارَكَتُهُ فِي الزِّيَادَةِ. أَمَّا إذَا جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ ابْتِدَاءً عَلَى الِاسْتِغْلَالِ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أُجْرَةَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ شَهْرًا وَالْآخَرُ شَهْرًا فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ مُشْتَرَكَةً. أَمَّا إذَا حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا غَلَّةَ إحْدَى الدَّارَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ غَلَّةَ الدَّارِ الْأُخْرَى وَكَانَتْ غَلَّةُ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَكْثَرَ فَلَا يُشَارِكُهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ.
الْمَادَّةُ (1187) لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ عَلَى الْأَعْيَانِ , فَلَا تَصِحُّ الْمُهَايَأَةُ عَلَى ثَمَرَةِ الْأَشْجَارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَا عَلَى لَبَنِ الْحَيَوَانَاتِ وَصُوفِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ثَمَرَةُ مِقْدَارٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْجَارِ وَلِلْآخَرِ ثَمَرَةُ مِقْدَارٍ مِنْهَا أَوْ عَلَى لَبَنِ قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ الْمُشْتَرَكِ وَصُوفِهِ لِوَاحِدٍ وَلَبَنِ قَطِيعٍ آخَرَ وَصُوفِهِ لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَعْيَانِ.
الْمَادَّةُ (1188) وَإِنْ جَازَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ عَقْدِهَا لَكِنْ إذَا أَجَّرَ أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ لِآخَرَ فَلَا يَجُوزُ لِشَرِيكِهِ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ.
الْمَادَّةُ (1189) وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ الْجَارِيَةَ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلِكُلِّهِمْ فَسْخُهَا بِالتَّرَاضِي.

(1/229)


الْمَادَّةُ (1190) إذَا أَرَادَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ أَوْ يُقَسِّمَهَا فَلَهُ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ , أَمَّا لَوْ أَرَادَ فَسْخَهَا بِلَا سَبَبٍ لِيُعِيدَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ إلَى حَالِهِ الْقَدِيمِ فَلَا يُقِرُّهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ.
الْمَادَّةُ (1191) لَا تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَوْ بِمَوْتِهِمْ جَمِيعًا.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحِيطَانِ وَالْجِيرَانِ
وَيَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِيْ بَيَانِ بَعْضِ قَوَاعِدِ أَحْكَامِ الْأَمْلَاكِ
الْمَادَّةُ (1192) كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ. لَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ تَصَرُّفِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ. مَثَلًا: الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيِّهَا مِلْكٌ لِأَحَدٍ وَتَحْتَانِيِّهَا لِآخَرَ فَبِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقُّ الْقَرَارِ فِي التَّحْتَانِيِّ وَلِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقُّ السَّقْفِ فِي الْفَوْقَانِيِّ أَيْ حَقُّ التَّسَتُّرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مُضِرًّا بِالْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ نَفْسِهِ.
الْمَادَّةُ (1193) إذَا كَانَ بَابُ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ مِنْ الشَّارِعِ وَاحِدًا فَصَاحِبَا الْمَحِلَّيْنِ يَسْتَعْمِلَانِ ذَلِكَ الْبَابَ مُشْتَرَكًا وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.

(1/230)


الْمَادَّةُ (1194) كُلُّ مَنْ مَلَكَ مَحِلًّا يَمْلِكُ مَا فَوْقَهُ وَمَا تَحْتَهُ أَيْضًا. يَعْنِي مَنْ يَمْلِكُ عَرْصَةً يَقْتَدِرُ عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا وَأَنْ يُعَلِّيَهَا بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ وَأَنْ يَحْفِرَ أَرْضَهَا وَيَبْنِيَ مَخْزَنًا وَأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا عَمِيقَةً كَمَا يَشَاءُ.
الْمَادَّةُ (1195) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُبْرِزَ رَفْرَافَ غُرْفَتِهِ الَّتِي أَحْدَثَهَا فِي دَارِهِ عَلَى دَارِ جَارِهِ فَإِنْ أَبْرَزَهُ يَقْطَعُ الْقَدْرَ الَّذِي جَاءَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ.
الْمَادَّةُ (1196) إذَا امْتَدَّتْ أَغْصَانُ شَجَرِ بُسْتَانِ أَحَدٍ إلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ بُسْتَانِهِ فَلِلْجَارِ أَنْ يُكَلِّفَهُ تَفْرِيغَ هَوَائِهِ بِرَبْطِ الْأَغْصَانِ وَجَرِّهَا إلَى الْوَرَاءِ أَوْ قَطْعِهَا. وَلَكِنْ لَا تُقْطَعُ الشَّجَرَةُ بِدَاعِي أَنَّ ظِلَّهَا مُضِرٌّ بِمَزْرُوعَاتِ بُسْتَانِ الْجَارِ.
الْمَادَّةُ (1197) لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُفَصَّلُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي.
الفصل الثاني: في حق المعاملات الجوارية
الْمَادَّةُ (1198) مَا يَضُرُّ الْبِنَاءَ أَيْ يُوجِبُ وَيُسَبِّبُ انْهِدَامَهُ أَوْ يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ أَيْ الْمَنْفَعَةَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْبِنَاءِ كَالسُّكْنَى هُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ.
المادة (1199) وَالضَّرَرُ الْفَاحِشُ هُوَ كُلُّ مَا يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُوْدَةَ مِنَ الْبِنَاءِ كَالسُّكْنََى، أَوْ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ أَيْ يَجْلِبُ لَهُ وَهْنًًا وَيَكُوْنُ سَبَبَ انْهِدَامِهِ.
الْمَادَّةُ (1200) يُدْفَعُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَثَلًا لَوْ اتَّخَذَ فِي اتِّصَالِ دَارٍ دُكَّانَ حَدَّادٍ أَوْ طَاحُونٍ وَكَانَ يَحْصُلُ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ وَدَوَرَانِ الطَّاحُونِ وَهَنٌ لِبِنَاءِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ أَحْدَثَ فُرْنٌ أَوْ مَعْصَرَةٌ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الدَّارِ السُّكْنَى فِيهَا لِتَأَذِّيهِ مِنْ الدُّخَانِ أَوْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ فَهَذَا كُلُّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَتُدْفَعُ هَذِهِ الْأَضْرَارُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَتُزَالُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَرْصَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِدَارِ آخَرَ وَشَقَّ فِيهَا قَنَاةً وَأَجْرَى الْمَاءَ مِنْهَا لِطَاحُونِهِ فَحَصَلَ وَهَنٌ لِحَائِطِ الدَّارِ أَوْ اتَّخَذَ

(1/231)


أَحَدٌ فِي أَسَاسِ جِدَارِ جَارِهِ مَزْبَلَةً وَأَلْقَى الْقِمَامَةَ عَلَيْهَا فَأَضَرَّ بِالْجِدَارِ فَلِصَاحِبِ الْجِدَارِ طَلَبُ دَفْعِ الضَّرَرِ , وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بَيْدَرًا فِي قُرْبِ دَارِ آخَرَ وَتَأَذَّى صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ غُبَارِ الْبَيْدَرِ بِحَيْثُ أَصْبَحَ لَا يَسْتَطِيعُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ فَيَدْفَعُ ضَرَرَهُ , كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً مُرْتَفِعًا فِي قُرْبِ بَيْدَرِ آخَرَ وَسَدَّ مَهَبَّ الرِّيحِ فَيُزَالُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مَطْبَخًا فِي سُوقِ الْبَزَّازِينَ وَكَانَ دُخَانُ الْمَطْبَخِ يُصِيبُ أَقْمِشَةً وَيَضُرُّهَا فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ. وَكَذَلِكَ لَوْ انْشَقَّ بَالُوعُ دَارِ أَحَدٍ وَجَرَى إلَى دَارِ جَارِهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيَجِبُ تَعْمِيرُ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورِ وَإِصْلَاحُهُ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْجَارِ.

الْمَادَّةُ (1201) مَنْعُ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَسَدِّ هَوَاءِ دَارٍ أَوْ نَظَّارَتِهَا أَوْ مَنْعِ دُخُولِ الشَّمْسِ لَيْسَ بِضَرَرٍ فَاحِشٍ. لَكِنَّ سَدَّ الْهَوَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً فَسَدَّ بِهِ نَافِذَةَ غُرْفَةِ جَارِهِ الَّتِي لَهَا نَافِذَةٌ وَاحِدَةٌ فَصَارَتْ مُظْلِمَةً بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ مِنْ الظُّلْمَةِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ حَيْثُ إنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ , وَلَا يُقَالُ فَلْيَأْخُذْ الضِّيَاءَ مِنْ بَابِهَا لِأَنَّ بَابَ الْغُرْفَةِ يَحْتَاجُ إلَى غَلْقِهِ مِنْ الْبَرْدِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَإِنْ كَانَ لِتِلْكَ الْغُرْفَةِ نَافِذَتَانِ فَسُدَّتْ إحْدَاهُمَا بِإِحْدَاثِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ فَلَا يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا.
الْمَادَّةُ (1202) رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ كَالْمَطْبَخِ وَبَابِ الْبِئْرِ وَصَحْنِ الدَّارِ يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا , فَإِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَافِذَةً أَوْ بَنَى مُجَدِّدًا بِنَاءً وَفَتَحَ فِيهِ نَافِذَةً عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ أَوْ جَارِهِ الْمُقَابِلِ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ وَيَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا إذَا عَمِلَ حَائِطًا مِنْ الْأَغْصَانِ الَّتِي يَرَى مِنْ بَيْنِهَا مَقَرَّ نِسَاءِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِسَدِّ مَحَلَّاتِ النَّظَرِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِهِ وَبِنَاءِ حَائِطٍ مَحِلَّهُ.
الْمَادَّةُ (1203) إذَا كَانَتْ لِأَحَدٍ نَافِذَةٌ فِي مَحِلٍّ أَعْلَى مِنْ قَامَةِ الْإِنْسَانِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ

(1/232)


يَطْلُبَ سَدَّهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَضَعُ سُلَّمًا وَيَنْظُرُ إلَى مَقَرِّ نِسَاءِ ذَلِكَ الْجَارِ.
الْمَادَّةُ (1204) لَا تُعَدُّ الْجُنَيْنَةُ مَقَرَّ نِسَاءٍ , فَإِذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ لَا يُرَى مِنْهَا مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ لَكِنْ تُرَى جُنَيْنَتُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مَنْعَ نَظَّارَتِهِ عَنْ تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ بِدَاعِي رُؤْيَةِ نِسَائِهِ مِنْ الدَّارِ حِينَ خُرُوجِهِنَّ إلَى الْجُنَيْنَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ.
الْمَادَّةُ (1205) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ شَجَرَةُ فَاكِهَةٍ فِي جُنَيْنَتِهِ وَفِي صُعُودِهِ عَلَيْهَا يُشْرِفُ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ صُعُودِهِ إعْطَاءُ الْخَبَرِ لِأَجَلِ تَسَتُّرِ النِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ يَمْنَعُهُ الْقَاضِي مِنْ الصُّعُودِ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ.
الْمَادَّةُ (1206) إذَا اقْتَسَمَ اثْنَانِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَكَانَ يَرَى مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي أَصَابَتْ أَحَدَهُمَا مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ فَيُؤْمَرَانِ أَنْ يَتَّخِذَا سُتْرَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا.
الْمَادَّةُ (1207) إذَا كَانَ أَحَدٌ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ تَصَرُّفًا مَشْرُوعًا فَجَاءَ آخَرُ وَأَحْدَثَ فِي جَانِبِهِ بِنَاءً وَتَضَرَّرَ مِنْ فِعْلِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ. مَثَلًا إذَا كَانَ لِدَارٍ قَدِيمَةٍ نَافِذَةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ دَارٍ مُحْدَثَةٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ الْمُحْدَثَةِ أَنْ يَدْفَعَ بِنَفْسِهِ مَضَرَّتَهُ وَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ الْقَدِيمَةِ , كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي عَرْصَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِدُكَّانِ حَدَّادٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَعْطِيلَ دُكَّانِ الْحَدَّادِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَحْصُلُ لِدَارِهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ , وَكَذَا إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي الْقُرْبِ مِنْ بَيْدَرٍ قَدِيمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ الْبَيْدَرِ مِنْ التَّذْرِيَةِ بِدَاعِي أَنَّ غُبَارَ الْبَيْدَرِ يُصِيبُ دَارِهِ.
الْمَادَّةُ (1208) إذَا كَانَتْ نَوَافِذُ قَدِيمَةٌ أَيْ عَتِيقَةٌ فِي مَنْزِلٍ مُشْرِفَةً عَلَى عَرْصَةٍ خَالِيَةٍ فَاحْتَرَقَ هَذَا الْمَنْزِلُ فَأَحْدَثَ أَوَّلًا صَاحِبُ الْعَرْصَةِ دَارًا فِي الْعَرْصَةِ ثُمَّ أَعَادَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِنَاءَ مَنْزِلِهِ عَلَى وَضْعِهِ الْقَدِيم فَصَارَتْ نَوَافِذُهُ مُشْرِفَةً عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ

(1/233)


مِنْ الدَّارِ الْمُحْدَثَةِ فَصَاحِبُ الدَّارِ هُوَ يَرْفَعُ الْمَضَرَّةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ بِقَوْلِهِ: امْنَعْ نَظَّارَتَكَ.
الْمَادَّةُ (1209) إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ نَوَافِذَ فِي دَارِهِ وَكَانَ لِجَارِهِ غُرْفَةٌ مُرْتَفِعَةٌ تَقَعُ بَيْنَ النَّوَافِذِ وَمَقَرِّ نِسَاءِ الْجَارِ وَكَانَ لَا يَرَى لِذَلِكَ مَقَرَّ النِّسَاءِ مِنْ تِلْكَ النَّوَافِذِ فَهَدَمَ الْجَارُ تِلْكَ الْغُرْفَةَ وَأَصْبَحَ مَقَرُّ النِّسَاءِ يُرَى مِنْ تِلْكَ النَّوَافِذِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ: اقْطَعْ نَظَّارَتَكَ أَوْ سُدَّ النَّوَافِذَ بِدَاعِي أَنَّ النَّوَافِذَ مُحْدَثَةٌ بَلْ يَلْزَمُ الْجَارَ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ.
الْمَادَّةُ (1210) لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُعَلِّيَهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ قَصْرًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا بِالْآخَرِ أَوْ لَا , لَكِنْ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ جُذُوعٍ لِبِنَاءِ غُرْفَةٍ فِي عَرْصَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ تَرْكِيبَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ وَبِمَا أَنَّهُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَضَعَ جُذُوعًا بِقَدْرِ مَا يَضَعُ هُوَ مِنْ الْجُذُوعِ فَلَهُ أَنْ يَضَعَ نِصْفَ عَدَدِ الْجُذُوعِ الَّتِي يَتَحَمَّلُهَا الْحَائِطُ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ تَجَاوُزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ جُذُوعٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا تَزْيِيدَ جُذُوعِهِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ.

الْمَادَّةُ (1 121) لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُحَوِّلَ جُذُوعَهُ الَّتِي عَلَى الْحَائِطِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا أَوْ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى , أَمَّا إذَا كَانَتْ رُءُوسُ جُذُوعِهِ عَالِيَةً فَلَهُ تَسْفِيلُهَا.
الْمَادَّةُ (1112) إذَا أَنْشَأَ أَحَدٌ كَنِيفًا أَوْ بَالُوعَةً قُرْبَ بِئْرِ مَاءِ أَحَدٍ وَأَفْسَدَ مَاءَ تِلْكَ الْبِئْرِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ دَفْعُ الضَّرَرِ بِوَجْهٍ مَا فَيُرْدَمُ الْكَنِيفُ أَوْ الْبَالُوعَةُ , كَذَلِكَ إذَا كَانَ مَاءُ الْبَالُوعَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا أَحَدٌ قُرْبَ مَسِيلِ مَاءٍ يَصِلُ الْمَاءَ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ دَفْعُ الضَّرَرِ بِصُورَةٍ غَيْرَ الرَّدْمِ فَتُرْدَمُ تِلْكَ الْبَالُوعَةِ.

(1/234)


الفصل الثالث: في الطريق
الْمَادَّةُ (1213) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارَانِ عَلَى طَرَفَيْ الطَّرِيقِ وَأَرَادَ إنْشَاءَ جِسْرٍ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى أُخْرَى يُمْنَعُ وَلَا يُهْدَمُ بَعْدَ إنْشَائِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَارِّينَ لَكِنْ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ قَرَارٍ فِي الْجِسْرِ وَالْبُرُوزِ الْمُنْشَأَيْنِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ , أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْجِسْرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ بِنَاءَهُ فَيُمْنَعُ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1214) تُرْفَعُ الْأَشْيَاءُ الْمُضِرَّةُ بِالْمَارِّينَ ضَرَرًا فَاحِشًا وَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً كَالْبُرُوزِ الْوَاطِئِ وَكَذَا الْغُرْفَةُ الدَّانِيَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ.
الْمَادَّةُ (1215) إذَا أَرَادَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ دَارِهِ فَلَهُ عَمَلُ الطِّينِ فِي جَانِبٍ مِنْ الطَّرِيقِ وَصَرْفُهُ فِي بِنَائِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْمَارِّينَ.
الْمَادَّةُ (1216) يُؤْخَذُ لَدَى الْحَاجَةِ مِلْكُ أَيِّ أَحَدٍ بِقِيمَتِهِ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَيَلْحَقُ بِالطَّرِيقِ , وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ مِلْكُهُ مِنْ يَدِهِ مَا لَمْ يُؤَدَّ لَهُ الثَّمَنُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (251 و 622) .
الْمَادَّةُ (1217) يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ فَضْلَةَ الطَّرِيقِ مِنْ جَانِبِ الْمِيرِيِّ (بَيْتُ الْمَالِ) بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَيُلْحِقُهَا بِدَارِهِ حَالَ عَدَمِ الْمَضَرَّةِ عَلَى الْمَارَّةِ.
الْمَادَّةُ (1218) يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مُجَدَّدًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ.
الْمَادَّةُ (1219) لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ أَنْ يَفْتَحَ إلَيْهِ بَابًا مُجَدَّدًا.

الْمَادَّةُ (1220) الطَّرِيقُ الْخَاصُّ كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِمَنْ لَهُمْ

(1/235)


فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ , فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِينَ.
مادة (1221) لَيْسَ لِأَحْدَ أَصْحَابِ الطَّرِيْقِ الْخَاصِّ أَنْ يَجْعَلَ مِيْزَابَ دَارِهِ الَّتِيْ بَنَاهَا مُجَدَّدًا إِلَى ذَلِكَ الطَّرِيْقِ إِلَّا بِإِذْنِ سَائِرِ أَصْحَابِهِ.
مادة (1222) إِذَا سَدَّ أَحَدٌ بَابَهُ الَّذِيْ هُوَ إِلَى الطَّرِيْقِ الْخَاصِّ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ مُرُوْرِهِ بِسَدِّهِ إِيَّاهُ فَيَجُوْزُ لَهُ وَلِمَنِ اشْتَرَى مِنْهُ أَنْ يَفْتَحَهُ ثَانِيًا.
الْمَادَّةُ (1223) لِلْمَارِّينَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَقُّ الدُّخُولِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ عِنْدَ كَثْرَةِ الِازْدِحَامِ فَلَا يَسُوغُ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَنْ يَبِيعُوهُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يَقْتَسِمُوهُ بَيْنَهُمْ أَوْ يَسُدُّوا مَدْخَلَهُ.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِيْ بَيَانِ حَقِّ الْمُرُوْرِ وَالْمَجْرَى وَالْمَسيْلِ
الْمَادَّةُ (1224) يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَجْرَى وَحَقِّ الْمَسِيلِ. يَعْنِي تُتْرَكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَتَبْقَى عَلَى وَجْهِهَا الْقَدِيمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ السَّادِسَةِ يَبْقَى الشَّيْءُ الْقَدِيمُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَغَيَّرُ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ. أَمَّا الْقَدِيمُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ. فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَعْمُولَ بِغَيْرِ صُورَةٍ مَشْرُوعَةٍ فِي الْأَصْلِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ وَلَوْ كَانَ قَدِيمًا وَلَا يُزَالُ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (27) مَثَلًا إذَا كَانَ بَالُوعُ دَارٍ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْمَارَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قِدَمُهُ وَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ.
الْمَادَّةُ (1225) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ وَالْعُبُورِ.

(1/236)


الْمَادَّةُ (1226) لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ , وَالضَّرَرُ لَا يَلْزَمُ بِالْإِذْنِ وَالرِّضَاءِ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ وَمَرَّ فِيهَا بِمُجَرَّدِ إذْنِ صَاحِبِهَا مُدَّةً فَلِصَاحِبِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ إذَا شَاءَ.
الْمَادَّةُ (1227) إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي مَمَرٍّ مُعَيَّنٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ فَأَحْدَثَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْمَمَرِّ بِإِذْنِ صَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ مُرُورِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا بَعْدَ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51.
الْمَادَّةُ (1228) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ جَدْوَلٌ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُهُ قَائِلًا: لَا أَدَعْهُ يَجْرِي فِيمَا بَعْدُ , وَعِنْدَ احْتِيَاجِهِمَا إلَى الْإِصْلَاحِ وَالتَّعْمِيرِ يَدْخُلُ صَاحِبُهُمَا إلَى الْمَجْرَى وَيُعَمِّرُهُمَا وَيُصْلِحُهُمَا إذَا كَانَ مُمْكِنًا , أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَمْرُ التَّعْمِيرِ إلَّا بِالدُّخُولِ إلَى الْعَرْصَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ صَاحِبُهَا بِالدُّخُولِ إلَيْهَا فَيُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ إلَى عَرْصَتِكِ وَإِمَّا أَنْ تُعَمِّرَ أَنْتَ.
الْمَادَّةُ (1229) إذَا كَانَ مَاءُ مَطَرِ دَارٍ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ إلَى دَارِ الْجَارِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ قَائِلًا: لَا أَدَعْهُ يَسِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ.

الْمَادَّةُ (1230) إذَا كَانَتْ مِيَاهُ دُورٍ وَاقِعَةٍ عَلَى طَرِيقٍ تَنْصَبُّ مِنْ الْقَدِيمِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ وَمِنْهَا تَجْرِي مِنْ عَرْصَةٍ وَاقِعَةٍ تَحْتَ الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ سَدُّ الْمَسِيلِ الْقَدِيمِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَتِهِ فَإِذَا سَدَّهُ يُرْفَعُ سَدُّهُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَيُعَادُ إلَى وَضْعِهِ الْقَدِيمِ.
الْمَادَّةُ (1231) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْرِيَ مِيَاهَ غُرْفَتِهِ الْمُحْدَثَةِ إلَى دَارِ آخَرَ.
الْمَادَّةُ (1232) لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِمُشْتَرِيهَا إذَا بَاعَهَا مَنْعُ الْمَجْرُورِ الَّذِي لَهُ حَقُّ مَسِيلٍ فِي دَارِهِ مِنْ السَّيْلِ كَالسَّابِقِ.

(1/237)


الْمَادَّةُ (233 1) إذَا امْتَلَأَ الْمَجْرُورُ الْجَارِي بِحَقٍّ فِي دَارِ آخَرَ أَوْ تَشَقَّقَ وَحَصَلَ مِنْهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْمَجْرُورِ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ.
الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْإِبَاحَةِ
وَيَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْغَيْرِ الْمُبَاحَةِ
الْمَادَّةُ (1234) الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ مُبَاحَةٌ , وَالنَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ شُرَكَاءُ.
الْمَادَّةُ (1235) الْمِيَاهُ الْجَارِيَةُ تَحْتَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لِأَحَدٍ.
الْمَادَّةُ (1236) الْآبَارُ الَّتِي لَيْسَتْ مَحْفُورَةً بِسَعْيِ وَعَمَلِ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بَلْ هِيَ مِنْ الْقَدِيمِ لِانْتِفَاعِ كُلِّ وَارِدٍ هِيَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ.
الْمَادَّةُ (1237) الْبِحَارُ وَالْبُحَيْرَاتُ الْكَبِيرَةُ مُبَاحَةٌ.
الْمَادَّةُ (1238) الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ. وَهِيَ الْأَنْهَارُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي مُقَاسِمٍ أَيْ فِي مَجَارِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ - مُبَاحَةٌ أَيْضًا كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ والطونة والطونجة.

(1/238)


الْمَادَّةُ (1239) الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ وَهِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي مُقَاسِمٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ نَوْعَانِ , النَّوْعُ الْأَوَّلُ: هُوَ الْأَنْهَارُ الَّتِي يَتَفَرَّقُ وَيَنْقَسِمُ مَاؤُهَا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَكِنْ لَا يَنْفُذُ جَمِيعُهُ فِي أَرَاضِي هَؤُلَاءِ بَلْ تَجْرِي بَقِيَّتُهُ لِلْمَفَازَاتِ أَيْ الْبَرَارِي الْمُبَاحَةِ لِلْعَامَّةِ , وَبِمَا أَنَّ الْأَنْهَارَ الَّتِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ فَتُسَمَّى بِالنَّهْرِ الْعَامِّ وَلَا تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ , النَّوْعُ الثَّانِي النَّهْرُ الْخَاصُّ وَهُوَ الَّذِي يَتَفَرَّقُ وَيَنْقَسِمُ مَاؤُهُ عَلَى أَرَاضِي أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ وَاَلَّذِي يَنْفُذُ مَاؤُهُ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهمْ وَلَا يَنْفُذُ إلَى مَفَازَةِ الشُّفْعَةِ إنَّمَا تَجْرِي فِي هَذَا النَّوْعِ فَقَطْ.
الْمَادَّةُ (1240) الطَّمْي الَّذِي يَأْتِي بِهِ النَّهْرُ إلَى أَرَاضِي أَحَدٍ هُوَ مِلْكُهُ وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ.
الْمَادَّةُ (1 4 2 1) كَمَا أَنَّ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا مُبَاحٌ كَذَلِكَ الْكَلَأُ النَّابِتُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ بِدُونِ تَسَبُّبِهِ مُبَاحٌ أَيْضًا. أَمَّا إذَا تَسَبَّبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ بِأَنْ أَعَدَّ أَرْضَهُ وَهَيَّأَهَا بِوَجْهٍ مَا لِأَجَلِ الْإِنْبَاتِ كَسَقْيِهِ أَرْضَهُ أَوْ إحَاطَتِهَا بِخَنْدَقٍ مِنْ أَطْرَافِهَا فَالنَّبَاتَاتُ الْحَاصِلَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ تَكُونُ مَالَهُ فَلَا يَسُوغُ لِآخَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا فَإِذَا أَخَذَ شَيْئًا وَاسْتَهْلَكَهُ يَكُونُ ضَامِنًا.
الْمَادَّةُ (1242) الْكَلَأُ هُوَ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ , وَلَا يَشْمَلُ الْأَشْجَارَ , وَالْفِطْرُ أَيْضًا فِي حُكْمِ الْحَشِيشِ.
الْمَادَّةُ (1243) الْأَشْجَارُ الَّتِي نَبَتَتْ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ أَيْ الْجِبَالِ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي يَدِ تَمَلُّكِ أَحَدٍ مُبَاحَةٌ.
الْمَادَّةُ (1244) الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ مِنْ نَفْسِهَا فِي مِلْكِ أَحَدٍ هِيَ مِلْكُهُ فَلَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَحْتَطِبَهَا بِدُونِ إذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ يَضْمَنُ.

(1/239)


الْمَادَّةُ (1245) إذَا طَعَّمَ أَحَدٌ شَجَرَةً فَكَمَا أَنَّ الْخَلَفَ الَّذِي هُوَ مِنْ قَلْمِ التَّطْعِيمِ يَكُونُ مِلْكَهُ كَذَلِكَ ثَمَرَتُهُ تَكُونُ لَهُ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1246) كُلُّ نَوْعٍ مِنْ حَاصِلَاتِ الْبَذْرِ الَّذِي زَرَعَهُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ هُوَ مِلْكُهُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا مِنْ أَحَدٍ.
الْمَادَّةُ (1247) الصَّيْدُ مُبَاحٌ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ اسْتِمْلَاكِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ
الْمَادَّةُ (1248) أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ , النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ مِنْ مَالِكٍ إلَى مَالِكٍ آخَرَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.
الثَّانِي: أَنْ يُخْلِفَ أَحَدٌ آخَرَ كَالْإِرْثِ.
الثَّالِثُ: إحْرَازُ شَيْءٍ مُبَاحٍ لَا مَالِكَ لَهُ
وَهَذَا إمَّا حَقِيقِيٌّ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ حَقِيقَةً عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِمَّا حُكْمِيٌّ وَذَلِكَ بِتَهْيِئَةِ سَبَبِهِ كَوَضْعِ إنَاءٍ لِجَمْعِ الْمَطَرِ وَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِأَجَلِ الصَّيْدِ.
الْمَادَّةُ (1249) كُلُّ مَنْ يُحْرِزُ شَيْئًا مُبَاحًا يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا , مَثَلًا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ نَهْرٍ مَاءً بِوِعَاءٍ كَالْجَرَّةِ وَالْبِرْمِيلِ فَبِإِحْرَازِهِ وَحِفْظِهِ فِي ذَلِكَ الْوِعَاءِ صَارَ مِلْكَهُ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ صَلَاحِيَّةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ , وَإِذَا أَخَذَهُ آخَرُ بِدُونِ إذْنِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ يَكُونُ ضَامِنًا.
الْمَادَّةُ (0 25 1) يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَازُ مَقْرُونًا بِالْقَصْدِ , فَلِذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ إنَاءٍ فِي مَحِلٍّ بِقَصْدِ جَمْعِ مِيَاهِ الْمَطَرِ فِيهِ فَيَكُونُ مَاءُ الْمَطَرِ الْمُتَجَمِّعِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِلْكَهُ.

(1/240)


كَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَجَمِّعُ فِي الْحَوْضِ أَوْ الصِّهْرِيجِ الْمُنْشَأَيْنِ لِأَجَلِ جَمْعِ الْمَاءِ فِيهِمَا مِلْكٌ لِصَاحِبِهِمَا. أَمَّا مِيَاهُ الْمَطَرِ الَّتِي تَجَمَّعَتْ فِي إنَاءٍ وَضَعَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَلَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَيَسُوغُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّانِيَةَ.
الْمَادَّةُ (1 25 1) يُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِ الْمَاءِ انْقِطَاعُ جَرْيِهِ , وَعَلَيْهِ فَالْمِيَاهُ الَّتِي فِي الْبِئْرِ الَّذِي يَنْبُعُ فِيهِ الْمَاءُ لَا تُحَرَّزُ فَلَوْ أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ الْمَاءِ النَّابِعِ وَالْمُجْتَمِعِ فِي بِئْرٍ كَهَذَا بِدُونِ إبَاحَةِ صَاحِبِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَتَابِعُ الْوُرُودُ أَيْ مَاءُ الْحَوْضِ الَّذِي بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَاءٌ مِنْ جِهَةٍ يَدْخُلُ إلَيْهِ مَاءٌ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى غَيْرُ مُحَرَّزٍ.
الْمَادَّةُ (1252) يُحْرَزُ الْكَلَأُ النَّابِتُ مِنْ نَفْسِهِ بِجَمْعِهِ وَبِحَصْدِهِ وَتَجْزِيزِهِ.
الْمَادَّةُ (1253) لِكُلِّ شَخْصٍ أَيًّا كَانَ أَنْ يَحْتَطِبَ الْأَشْجَارَ النَّابِتَةَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَبِمُطْلَقِ الِاحْتِطَابِ يَعْنِي بِجَمْعِهَا يَصِيرُ مَالِكًا وَلَا يُشْتَرَطُ الرَّبْطُ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لِلْعَامَّةِ
الْمَادَّةُ (1254) يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِالْمُبَاحِ , لَكِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْعَامَّةِ.
الْمَادَّةُ (1255) لَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ آخَرَ مِنْ أَخْذِ وَإِحْرَازِ الشَّيْءِ الْمُبَاحِ.

الْمَادَّةُ (1256) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ حَيَوَانَهُ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْمَحَالِ الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا وَيَأْخُذُ وَيُحْرِزُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُرِيدُ.

(1/241)


الْمَادَّةُ (1257) الْكَلَأُ النَّابِتُ مِنْ نَفْسِهِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ أَيْ بِدُونِ تَسَبُّبِهِ وَإِنْ يَكُنْ مُبَاحًا إلَّا أَنَّ لِصَاحِبِهِ مَنْعَ الْغَيْرِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ.
الْمَادَّةُ (1258) إذَا أَخَذَ أَحَدٌ الْحَطَبَ الَّذِي احْتَطَبَهُ آخَرُ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَتَرَكَهُ فِيهَا فَلِلْمُحْتَطِبِ اسْتِرْدَادُهُ.
الْمَادَّةُ (1259) لِأَيِّ أَحَدٍ كَانَ أَنْ يَقْطِفَ فَاكِهَةَ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَفِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمُرَاعِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا.
الْمَادَّةُ (1260) إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْبَرَارِي أَوْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ فَمَا يَجْمَعُهُ الْأَجِيرُ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ مَا يُمْسِكُهُ مِنْ الصَّيْدِ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ.
الْمَادَّةُ (1261) إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرِينَ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا أَمَّا إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي صَحْرَاءَ لَيْسَتْ بِمِلْكِ أَحَدٍ فَلِسَائِرِ النَّاسِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا وَذَلِكَ بِالتَّدْفِئَةِ وَخِيَاطَةِ شَيْءٍ عَلَى نُورِهَا وَإِشْعَالِ الْقِنْدِيلِ مِنْهَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّارِ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا جَمْرًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبهَا.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي بَيَانِ حَقِّ الشُّرْبِ وَالشَّفَةِ
الْمَادَّةُ (1262) الشُّرْبُ هُوَ نَوْبَةُ الِانْتِفَاعِ لِسَقْيِ الزَّرْعِ وَالْحَيَوَانِ.
الْمَادَّةُ (263 1) حَقُّ الشَّفَةِ هُوَ حَقُّ شِرْبِ الْمَاءِ.
الْمَادَّةُ (1264) كَمَا يَنْتَفِعُ كُلُّ أَحَدٍ بِالْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ الْكَبِيرَةِ.

(1/242)


الْمَادَّةُ (1265) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ الْأَنْهُرِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ , وَلَهُ أَنْ يَشُقَّ جَدْوَلًا وَمَجْرًى لِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَلِإِنْشَاءِ طَاحُونٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَضَرَّةِ بِالْآخَرِينَ فَلِذَلِكَ إذَا أَفَاضَ الْمَاءُ وَأَضَرَّ بِالْخَلْقِ أَوْ انْقَطَعَتْ مِيَاهُ النَّهْرِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ انْعَدَمَ سَيْرُ الْفُلْكِ فَيُمْنَعُ.
الْمَادَّةُ (266 1) لِجَمِيعِ النَّاسِ وَالْحَيَوَانَاتِ حَقُّ الشَّفَةِ فِي الْمَاءِ الَّذِي لَمْ يُحْرَزْ.
الْمَادَّةُ (1267) حَقُّ الشِّرْبِ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ أَيْ فِي الْمِيَاهِ الدَّاخِلَةِ فِي الْمَجَارِي الْمَمْلُوكَةِ هُوَ لِأَصْحَابِهَا وَلِلْآخَرِينَ فِيهَا حَقُّ الشَّفَةِ فَعَلَيْهِ لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ نَهْرٍ مَخْصُوصٍ بِجَمَاعَةٍ أَوْ جَدْوَلٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ بِلَا إذْنِهِمْ لَكِنْ يَسُوغُ لَهُ شُرْبُ الْمَاءِ بِسَبَبِ حَقِّ شَفَتِهِ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُورِدَ حَيَوَانَاتِهِ وَيَسْقِيَهَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْ تَخْرِيبِ النَّهْرِ أَوْ الْجَدْوَلِ أَوْ الْقَنَاةِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْهَا إلَى دَارِهِ وَجُنَيْنَتِهِ بِالْجَرَّةِ وَالْبِرْمِيلِ.

الْمَادَّةُ (1268) إذَا كَانَ ضِمْنَ مِلْكِ أَحَدٍ حَوْضٌ أَوْ بِئْرٌ أَوْ نَهْرٌ مَاؤُهُ مُتَتَابِعُ الْوُرُودِ فَلَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ الدُّخُولِ , وَلَكِنْ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي قُرْبِهِ مَاءٌ مُبَاحٌ غَيْرُهُ لِلشُّرْبِ فَصَاحِبُ الْمِلْكِ مَجْبُورٌ عَلَى إخْرَاجِ الْمَاءِ لَهُ أَوْ أَنْ يَأْذَنَهُ بِالدُّخُولِ لِأَخْذِ الْمَاءِ وَإِذَا لَمْ يُخْرِجْ لَهُ الْمَاءَ فَلَهُ حَقُّ الدُّخُولِ وَأَخْذُ الْمَاءِ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ أَيْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ إيقَاعِ ضَرَرٍ كَتَخْرِيبِ حَافَةِ الْحَوْضِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ.
الْمَادَّةُ (1269) لَيْسَ لِشَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ نَهْرًا " أَيْ جَدْوَلًا " أَوْ مَجْرًى إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِينَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ نَوْبَتَهُ الْقَدِيمَةَ أَوْ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فِي نَوْبَتِهِ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَا حَقَّ شِرْبٍ لَهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ , وَإِذَا رَضِيَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ الْآخَرُونَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَهُمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ.

(1/243)


الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ
الْمَادَّةُ (1270) الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا هِيَ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ , وَتَكُونُ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ أَيْ الَّتِي لَا يُسْمَعُ مِنْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ مِنْ أَقْصَى الدُّورِ الَّتِي فِي طَرَفِ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَة.
الْمَادَّةُ (1271) الْأَرَاضِي الْقَرِيبَةُ مِنْ الْعُمْرَانِ تُتْرَكُ لِلْأَهَالِيِ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَرْعًى أَوْ بَيْدَرًا أَوْ مُحْتَطَبًا وَتُدْعَى هَذِهِ الْأَرَاضِي الْأَرَاضِيَ الْمَتْرُوكَةَ.
الْمَادَّةُ (1272) إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ يَصِيرُ مَالِكًا لَهَا , وَإِذَا أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ وَكِيلُهُ أَحَدًا بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فَقَطْ وَلَا يَتَمَلَّكَهَا فَيَتَصَرَّفَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ تِلْكَ الْأَرْضَ.
الْمَادَّةُ (1273) إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا فَيَكُونُ مَالِكًا لِمَا أَحْيَاهُ وَلَا يَمْلِكُ بَاقِيَهَا , لَكِنْ إذَا بَقِيَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا جُزْءٌ خَالٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْجُزْءُ لَهُ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1274) إذَا أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَأَحْيَوْا الْأَرَاضِيَ الَّتِي فِي أَطْرَافِهَا الْأَرْبَعَةِ فَتَتَعَيَّنُ طَرِيقُ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي أَحْيَاهَا الْمُحْيِي الْأَخِيرُ أَيْ يَكُونُ طَرِيقُهُ مِنْهَا.
الْمَادَّةُ (1375) كَمَا أَنَّ زَرْعَ الْبَذْرِ وَغَرْسَ شَتْلِ الْأَشْجَارِ إحْيَاءٌ لِلْأَرْضِ , كَذَلِكَ كِرَابُ الْأَرْضِ أَوْ سَقْيُهَا أَوْ شَقُّ مَجْرًى وَجَدْوَلٍ لِلسَّقْيِ إحْيَاءٌ لَهَا أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1276) - (إذَا أَحَاطَ أَحَدٌ أَطْرَافَ أَرْضٍ مِنْ الْأَرَاضِي

(1/244)


الْمَوَاتِ بِجِدَارٍ أَوْ عَلَى أَطْرَافَهَا بِبِنَاءِ مُسَنَّاةٍ بِقَدْرِ مَا تَحْفَظُهُ مِنْ مَاءِ السَّيْلِ فَيَكُونُ قَدْ أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ.
الْمَادَّةُ (1277) إحَاطَةُ جَوَانِبِ الْأَرْضِ الْأَرْبَعَةِ بِالْأَحْجَارِ أَوْ الشَّوْكِ أَوْ جُذُوعِ الْأَشْجَارِ أَوْ تَنْقِيَةُ الْحَشَائِشِ مِنْهَا أَوْ إحْرَاقِ الْأَشْوَاكِ الَّتِي فِيهَا أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ لِتِلْكَ الْأَرْضِ بَلْ هُوَ تَحْجِيرٌ فَقَطْ.
الْمَادَّةُ (1278) إذَا حَصَدَ أَحَدٌ مَا فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ مِنْ الْحَشَائِشِ أَوْ الْأَشْوَاكِ وَوَضَعَهُ فِي أَطْرَافِهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِ التُّرَابَ وَلَمْ يُتِمَّ مُسَنَّاتِهَا بِوَجْهٍ يَمْنَعُ مَاءَ السَّيْلِ إلَيْهَا فَلَا يَكُونُ أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ وَلَكِنْ يَكُونُ حَجَرَهَا.
الْمَادَّةُ (1279) إذَا حَجَرَ أَحَدٌ مَحَلًّا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ مُدَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِذَا لَمْ يُحْيِهِ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السِّنِينَ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى لِغَيْرِهِ لِإِحْيَائِهِ.
الْمَادَّةُ (1280) مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَامَّةً فِي الْأَرْضِي الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَهِيَ مِلْكُهُ.
الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي بَيَانِ حَرِيمِ الْآبَارِ الْمَحْفُورَةِ وَالْمِيَاهِ الْمُجْرَاةِ وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ
الْمَادَّةُ (1281) حَرِيمُ الْبِئْرِ: أَيْ حُقُوقُ سَاحَتِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ.
الْمَادَّةُ (1282) حَرِيمُ الْأَعْيُنِ أَيْ الْمَنَابِعِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مَاؤُهَا مِنْ مَحَلٍّ وَتَجْرِي مِيَاهُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ.

(1/245)


الْمَادَّةُ (1283) حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ مِقْدَارُ نِصْفِ النَّهْرِ فَيَكُونُ مِقْدَارُ حَرِيمِهِ مُسَاوِيًا عَرْضَ النَّهْرِ.
الْمَادَّةُ (1284) حَرِيمُ النَّهْرِ الصَّغِيرِ الْمُحْتَاجِ لِلْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ , أَيْ الْمَجَارِي وَالْجَدَاوِلِ , وَكَذَلِكَ حَرِيمُ الْقَنَاةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ هُوَ مِقْدَارُ مَا يَلْزَمُهَا حِينَ الْكَرْيِ مِنْ الْمَحَلِّ لِطَرْحِ أَحْجَارِهَا وَأَوْحَالِهَا.
الْمَادَّةُ (1285) حَرِيمُ الْقَنَاةِ الْجَارِي مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَالْعُيُونِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ.
الْمَادَّةُ (1286) حَرِيمُ الْآبَارِ مِلْكُ أَصْحَابِهَا فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِوَجْهٍ وَإِذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي حَرِيمِ آخَرَ يُرْدَمُ وَحَرِيمُ الْيَنَابِيعِ وَالْأَنْهُرِ وَالْقَنَوَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1287) إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرِ الْآخَرِ فَيَكُونُ حَرِيمُ هَذِهِ الْبِئْرِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَيْضًا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مِنْ جِهَةِ الْبِئْرِ الْأُولَى عَلَى حَرِيمِهَا.
الْمَادَّةُ (1288) إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي خَارِجِ حَرِيمِ بِئْرٍ فَتَسَرَّبَتْ مِيَاهُ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى تِلْكَ الْبِئْرِ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ , كَمَا أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ دُكَّانًا فِي جَانِبِ دُكَّانٍ آخَرَ وَكَسَدَتْ تِجَارَةُ الْأَوَّلِ فَلَا تُغْلَقُ الثَّانِيَةُ.

الْمَادَّةُ (1289) حَرِيمُ الشَّجَرَةِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ غَرْسُ شَجَرَةٍ ضِمْنَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ.
الْمَادَّةُ (1290) طَرَفَا الْجَدْوَلِ الْجَارِي فِي عَرْصَةِ آخَرَ بِقَدْرِ مَا يُحْفَظُ الْمَاءُ هُمَا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ , وَإِذَا كَانَ طَرَفَاهُ مُرْتَفِعَيْنِ فَمَا ارْتَفَعَ مِنْهُمَا أَيْضًا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرَفَاهُ مُرْتَفِعَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا ذُو يَدٍ بِأَنْ

(1/246)


كَانَ عَلَيْهِمَا أَشْجَارٌ مَغْرُوسَةٌ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ فَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ ذَانِكَ الْمَحَلَّانِ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ لَكِنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ حَقُّ طَرْحِ وَإِلْقَاءِ الطِّينِ فِي طَرَفَيْ الْجَدْوَلِ وَقْتَ كَرْيِهِ.
الْمَادَّةُ (1291) لَيْسَ لِبِئْرٍ حَفَرَهَا شَخْصٌ فِي مِلْكِهِ حَرِيمٌ , وَلِجَارِهِ أَيْضًا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أُخْرَى فِي مِلْكِ نَفْسِهِ قُرْبَ تِلْكَ الْبِئْرِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ حَفْرِ الْبِئْرِ بِقَوْلِهِ: أَنَّهَا تَجْذِبُ مَاءَ بِئْرِي.
الْفَصْلُ السَّابِعُ: فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الصَّيْدِ
الْمَادَّةُ (1292) صَيْدُ الصَّيْدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْآلَاتِ كَالرُّمْحِ وَالْبُنْدُقِيَّةِ , أَوْ بِالْحَيَوَانَاتِ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ , أَوْ بِالْجَوَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ.
الْمَادَّةُ (1293) الصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ الْمُتَوَحِّشُ أَيْ الَّذِي يَخَافُ وَيَنْذَعِرُ مِنْ الْإِنْسَانِ.
الْمَادَّةُ (1294) كَمَا لَا تُصْطَادُ الْحَيَوَانَاتُ الْأَهْلِيَّةُ لَا تُصْطَادُ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ الْمُسْتَأْنَسَةُ بِالْإِنْسَانِ أَيْضًا , فَلَوْ أَمْسَكَ أَحَدٌ الْحَمَامَ الْمَعْلُومَ أَنَّهُ غَيْرُ بَرِّيٍّ بِدَلَالَةِ أَمْثَالِهِ أَوْ الصَّقْرَ الَّذِي بِرِجْلِهِ الْجَرَسُ أَوْ الْغَزَالَ الَّذِي فِي عُنُقِهِ الطَّوْقُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اللُّقَطَةِ فَيَجِبُ عَلَى مُمْسِكِهَا أَنْ يُعْلِنَ عَنْهَا لِتُعْطَى لِصَاحِبِهَا عِنْدَ ظُهُورِهِ.
الْمَادَّةُ (1295) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مُمْتَنِعًا عَنْ الْإِنْسَانِ أَيْ أَنْ يَكُونَ بِحَالَةٍ يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ بِرِجْلَيْهِ أَوْ جَنَاحَيْهِ , فَإِذَا صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الْفِرَارِ وَالْخَلَاصِ كَوُقُوعِ غَزَالٍ مَثَلًا فِي بِئْرٍ فَيَكُونُ قَدْ خَرَجَ مِنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ.
الْمَادَّةُ (1296) مَنْ أَخْرَجَ صَيْدًا عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَقَدْ أَمْسَكَهُ.
الْمَادَّةُ (1297) الصَّيْدُ لِمَنْ أَمْسَكَهُ , مَثَلًا إذَا رَمَى شَخْصٌ صَيْدًا فَجَرَحَهُ بِصُورَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ وَالْخَلَاصِ مِنْهَا صَارَ مَالِكًا لَهُ , أَمَّا إذَا جَرَحَهُ

(1/247)


جُرْحًا خَفِيفًا أَيْ بِصُورَةٍ يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا فَلَا يَمْلِكُهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ بِصُورَةٍ أُخْرَى يَكُونُ مَالِكًا لَهُ , وَكَذَا لَوْ أَصَابَ شَخْصٌ صَيْدًا وَبَعْدَ أَنْ أَوْقَعَهُ نَهَضَ ذَلِكَ الصَّيْدُ وَهَرَبَ فَأَخَذَهُ آخَرُ فَيَمْلِكُهُ.
الْمَادَّةُ (1298) إذَا أَصَابَ رَصَاصُ الصَّيَّادَيْنِ الصَّيْدَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً.
الْمَادَّةُ (1299) إذَا أَرْسَلَ صَيَّادَانِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ وَأَصَابَا مَعًا صَيْدًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا كَذَلِكَ بَيْنَ صَاحِبَيْهِمَا , وَإِذَا أَمْسَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَيْدًا فَيَكُونُ مَا يُمْسِكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ اثْنَانِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ فَأَوْقَعَ أَحَدُهُمَا الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ فَإِذَا كَانَ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ جَعَلَهُ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا فَذَلِكَ الصَّيْدُ لِصَاحِبِهِ.
الْمَادَّةُ (1300) لِآخَرَ أَنْ يَصِيدَ وَيَتَمَلَّكَ السَّمَكَ الْمَوْجُودَ فِي مَجْرَى , وَجَدْوَلِ أَحَدٍ الَّذِي لَا يُمْسَكُ بِدُونِ صَيْدٍ.
الْمَادَّةُ (1301) إذَا هَيَّأَ شَخْصٌ مَحَلًّا فِي حَافَةِ الْمَاءِ لِصَيْدِ السَّمَكِ فَجَاءَهُ سَمَكٌ كَثِيرٌ فَإِذَا قَلَّتْ الْمِيَاهُ وَأَصْبَحَ ذَلِكَ السَّمَكُ يُمْسَكُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى صَيْدِهِ فَيَكُونُ السَّمَكُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّمَكُ مُحْتَاجًا لِلصَّيْدِ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ فَلَا يَكُونُ السَّمَكُ الْمَذْكُورُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلِآخَرَ أَنْ يَصِيدَهُ وَيَتَمَلَّكَهُ.
الْمَادَّةُ (1302) إذَا دَخَلَ صَيْدٌ دَارَ إنْسَانٍ فَأَغْلَقَ بَابَهُ لِأَجْلِ أَخْذِهِ فَيَصِيرُ مَالِكًا لَهُ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ إحْرَازِهِ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَهُ آخَرُ يَمْلِكُهُ.
الْمَادَّةُ (1303) - (إذَا وَضَعَ شَخْصٌ فِي مَحَلٍّ شَيْئًا كَالشَّرَكِ وَالشَّبَكَةِ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ يَكُونُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ لَكِنْ إذَا نَشَرَ أَحَدٌ شَبَكَةً بِقَصْدِ تَجْفِيفِهَا فِي مَحَلٍّ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي حُفْرَةٍ فِي أَرَاضِي أَحَدٍ فَيَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِأَخْذِهِ لَكِنْ إذَا حَفَرَ

(1/248)


صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْحُفْرَةَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَيَصِيرُ أَحَقَّ بِالصَّيْدِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ.
الْمَادَّةُ (1304) إذَا عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ وَبَاضَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا أَخَذَ آخَرُ بَيْضَهُ أَوْ نِتَاجَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ اسْتِرْدَادُهُ وَلَكِنْ إذَا هَيَّأَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ بُسْتَانَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَبِيضَ وَتَلِدَ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ فِيهِ فَيَكُونَ بَيْضُ وَنِتَاجُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي جَاءَتْ وَبَاضَتْ وَأَنْتَجَتْ لَهُ.
الْمَادَّةُ (1305) عَسَلُ النَّحْلِ الَّذِي اتَّخَذَ مَكَانًا فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ هُوَ مِلْكٌ لَهُ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ مَنَافِعِ الْبُسْتَانِ , فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ عُشْرِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ.
الْمَادَّةُ (1306) النَّحْلُ الْمُجْتَمِعُ فِي خَلِيَّةِ أَحَدٍ يُعَدُّ مَالًا مُحْرَزًا وَعَسَلُهُ أَيْضًا مَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ. الْمَادَّةُ (1307) إذَا طَلَعَ طَرْدُ النَّحْلِ مِنْ خَلِيَّةِ أَحَدٍ إلَى دَارِ آخَرَ وَأَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَلِصَاحِبِ الْخَلِيَّةِ اسْتِرْدَادُهُ.
الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ النَّفَقَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ
وَيَحْتَوِي عَلَى فَصْلَيْنِ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ تَعْمِيرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبَعْضِ مَصْرُوفَاتِهَا الْأُخْرَى
الْمَادَّةُ (1308) إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ فَيَعْمُرُهُ أَصْحَابُهُ بِالِاشْتِرَاكِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ.

(1/249)


الْمَادَّةُ (1309) إذَا عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الْآخَرِ وَصَرَفَ مِنْ مَالِهِ قَدْرًا مَعْرُوفًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ أَيْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ.
الْمَادَّةُ (1310) إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْمُحْتَاجِ لِلتَّعْمِيرِ وَأَرَادَ الْآخَرُ التَّعْمِيرَ فَيَأْخُذُ الْإِذْنَ مِنْ الْقَاضِي وَيَقُومُ إذْنُ الْقَاضِي مَقَامَ إذْنِ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ , يَعْنِي إذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيَكُونُ فِي حُكْمِ أَخْذِهِ الْإِذْنَ مِنْ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ.
الْمَادَّةُ (1311) إذَا عَمَّرَ أَحَدٌ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمِلْكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
الْمَادَّةُ (1312) إذَا طَلَبَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَكَانَ شَرِيكُهُ مُمْتَنِعًا وَعَمَّرَهُ مِنْ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ وَإِذَا رَاجَعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ 25 وَلَكِنْ يَسُوغُ أَنْ تُقْسَمَ جَبْرًا وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي حِصَّتِهِ مَا يَشَاءُ.

الْمَادَّةُ (1313) إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ إلَى الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرًا مَعْرُوفًا مِنْ الْمَالِ وَيُعَمِّرَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَكُونَ مِقْدَارُ مَا أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَصَارِيفِ التَّعْمِيرِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ وَيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ هَذَا مِنْ أُجْرَتِهِ وَإِذَا عَمَّرَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَ

(1/250)


وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ.
الْمَادَّةُ (1314) إذَا انْهَدَمَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بِالْكُلِّيَّةِ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَأَصْبَحَ عَرْصَةً صِرْفَةً وَأَرَادَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ بِنَاءَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَتُقْسَمُ الْعَرْصَةُ.
الْمَادَّةُ (1315) إذَا انْهَدَمَتْ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيُّهَا لِأَحَدٍ وَتَحْتَانِيُّهَا مِلْكٌ لِآخَرَ أَوْ احْتَرَقَتْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعَمِّرُ أَبْنِيَتَهُ كَمَا فِي السَّابِقِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ , وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ لِلتَّحْتَانِيِّ: أَنْشِئْ أَبْنِيَتَكَ حَتَّى أُقِيمَ أَبْنِيَتِي فَوْقَهَا فَامْتَنَعَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ فَأَخَذَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي وَأَنْشَأَ التَّحْتَانِيَّ وَالْفَوْقَانِيَّ فَلَهُ مَنْعُ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالتَّحْتَانِيِّ حَتَّى يُعْطِيَهُ حِصَّةَ مُصْرَفِهِ.
الْمَادَّةُ (1316) إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَارَيْنِ وَكَانَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ لَهُمَا كَقَصْرٍ أَوْ رُءُوسِ جُذُوعٍ وَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ امْتِنَاعِ الْآخَرِ فَلَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ وَضْعِ حُمُولَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ نِصْفَ مُصْرَفِهِ.

الْمَادَّةُ (1317) إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ فَصَارَ يُرَى مِنْ إحْدَاهُمَا مَقَرُّ نِسَاءِ الْأُخْرَى وَأَرَادَ لِذَلِكَ صَاحِبُ إحْدَى الدَّارَيْنِ تَعْمِيرَ الْحَائِطِ مُشْتَرَكًا وَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْأُخْرَى فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَكِنْ يُجْبَرَانِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى اتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ مِنْ أَخْشَابٍ أَوْ أَشْيَاءَ أُخْرَى.
الْمَادَّةُ (1318) إذَا حَصَلَ لِلْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ جَارَيْنِ وَهْنٌ وَخِيفَ سُقُوطُهُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى النَّقْضِ وَالْهَدْمِ بِالِاشْتِرَاكِ.

(1/251)


الْمَادَّةُ (1319) إذَا احْتَاجَ الْعَقَارُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ صَغِيرَيْنِ أَوْ بَيْنَ وَقْفَيْنِ إلَى التَّعْمِيرِ وَكَانَ إبْقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ مُضِرًّا وَكَانَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُ الْمُتَوَلِّيَيْنِ يَطْلُبُ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ. مَثَلًا إذَا كَانَ بَيْنَ دَارَيْ صَغِيرَيْنِ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ خِيفَ سُقُوطُهُ وَأَرَادَ وَصِيُّ أَحَدِهِمَا التَّعْمِيرَ وَأَبَى وَصِيُّ الْآخَرِ فَيُرْسَلُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَمِينٌ وَيَنْظُرُ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ فِي تَرْكِ هَذَا الْحَائِطِ عَلَى حَالِهِ ضَرَرًا فِي حَقِّ الصَّغِيرَيْنِ فَيُجْبَرُ الْوَصِيُّ الْآبِي عَلَى تَعْمِيرِ ذَلِكَ الْحَائِطِ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْوَصِيِّ الْآخَرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ وَقْفَيْنِ مُحْتَاجَةً لِلتَّعْمِيرِ وَطَلَبَ أَحَدُ الْمُتَوَلِّيَيْنِ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ.
الْمَادَّةُ (1320) إذَا كَانَ حَيَوَانٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا إعَاشَتَهُ وَرَاجَعَ الْآخَرُ الْقَاضِيَ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْآبِيَ بِقَوْلِهِ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ حِصَّتَك وَإِمَّا أَنْ تُعَيِّشَ الْحَيَوَانَ مُشْتَرَكًا.
الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَالْمَجَارِي وَإِصْلَاحِهَا
الْمَادَّةُ (1321) كَرْيُ النَّهْرِ غَيْرٍ الْمَمْلُوكِ أَوْ إصْلَاحُهُ أَيْ تَطْهِيرُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَعَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَيُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى تَطْهِيرِهِ.
الْمَادَّةُ (1322) تَطْهِيرُ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى أَصْحَابِهِ أَيْ عَلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الشِّرْبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ أَصْحَابُ حَقِّ الشَّفَةِ فِي مَئُونَةِ الْكَرْيِ وَالْإِصْلَاحِ.
الْمَادَّةُ (1323) إذَا طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ تَطْهِيرَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْبَعْضُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ النَّهْرُ عَامًّا فَيُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْكَرْيِ مَعَ الْآخَرِينَ

(1/252)


وَإِذَا كَانَ النَّهْرُ خَاصًّا فَالطَّالِبُونَ يَكْرُونَ ذَلِكَ النَّهْرَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَمْنَعُونَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْكَرْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ النَّهْرِ.
الْمَادَّةُ (1324) إذَا امْتَنَعَ كَافَّةُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ مِنْ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِذَا كَانَ نَهْرًا عَامًّا فَيُجْبَرُونَ كَذَلِكَ عَلَى الْكَرْيِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَلَا يُجْبَرُونَ.
الْمَادَّةُ (1335) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ مَحَلٌّ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ عَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ أَوْ مَمْلُوكًا وَكَانَ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ آخَرُ يُمَرُّ مِنْهُ لِأَجْلِ الِاحْتِيَاجَاتِ كَشُرْبِ الْمَاءِ وَكَرْيِ النَّهْرِ فَلِلْعَامَّةِ الْمُرُورُ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ.
الْمَادَّةُ (1326) تَبْتَدِئُ مَئُونَةُ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَإِصْلَاحِهِ مِنْ الْأَعْلَى وَيَشْتَرِكُ فِي الِابْتِدَاءِ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ فِي ذَلِكَ فَعِنْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الَّذِي فِي الطَّرَفِ الْأَعْلَى مِنْ النَّهْرِ يَخْلُصُ وَهَكَذَا يُنْزَلُ إلَى أَسْفَلِهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (87) . مَثَلًا إذَا لَزِمَ كَرْيُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَمَصَارِفُ أَعْلَى حِصَّةِ شَرِيكٍ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهَا تُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التِّسْعَةِ وَإِذَا مَرَّ مِنْ أَرَاضِي الثَّانِي فَعَلَى الثَّمَانِيَةِ ثُمَّ يُسَارُ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ وَيَشْتَرِكُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ فِي جَمِيعِ الْمُصْرَفِ وَيُقَوَّمُ فِي الْآخَرِ بِمُصْرَفِ حِصَّتِهِ وَحْدَهُ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مُصْرَفُ الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْعُلْوِ أَقَلَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَمُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ أَكْثَرَ مِنْ الْجَمِيعِ.
الْمَادَّةُ (1327) مَئُونَةُ نَزْحِ الْمَجَارِيرِ الْمُشْتَرَكَةِ تَبْتَدِئُ مِنْ الْأَسْفَلِ فَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِي مُصْرَفِ حِصَّةِ الْمَجْرُورِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَةِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى وَكُلَّمَا تَجُوزُ مِنْهُ إلَى مَا فَوْقَهُ يَبْرَأُ صَاحِبُ تِلْكَ الْحِصَّةِ وَهَكَذَا يَبْرَءُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا وَصَاحِبُ الْحِصَّةِ الْعُلْيَا يَعْمَلُ حِصَّتَهُ وَحْدَهُ فَلِذَلِكَ يَكُونُ مُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى أَقَلَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَمُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْعُلْيَا أَكْثَرَ مِنْهُمْ.

(1/253)


الْمَادَّةُ (1328) تَعْمِيرُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَيْضًا يَبْدَأُ مِنْ الْأَسْفَلِ كَالْمَجَارِيرِ وَيُعْتَبَرُ فَمُهُ أَيْ مَدْخَلُهُ أَسْفَلَ وَمُنْتَهَاهُ أَعْلَى وَيَشْتَرِكُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مَدْخَلِهِ فِي مَصَارِفِ التَّعْمِيرِ الْعَائِدَةِ إلَى حِصَّتِهِ أَمَّا صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَاهُ فَعَدَا عَنْ اشْتِرَاكِهِ فِي مُصْرَفِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تُعْمَلُ حِصَّتُهُ وَحْدَهُ.
الْبَابُ السَّادِسُ: فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ
وَيَحْتَوِي عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ وَتَقْسِيمِهَا
الْمَادَّةُ (1329) شَرِكَةُ الْعَقْدِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ شَرِكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ.
الْمَادَّةُ (1330) رُكْنُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى. مَثَلًا إذَا أَوْجَبَ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ لِآخَرَ: شَارَكَتْك بِكَذَا دِرْهَمًا رَأْسِ مَالٍ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَقَبِلَ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ قَبِلْت فَبِمَا أَنَّهُمَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ , وَإِذَا أَعْطَى أَحَدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: ضَعْ أَنْتَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَيْهَا وَاشْتَرِ مَالًا وَفَعَلَ الْآخَرُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ لِكَوْنِهِ قَبِلَ مَعْنًى.
الْمَادَّةُ (1331) تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْعَقْدِ إلَى قِسْمَيْنِ فَإِذَا عَقَدَ الشُّرَكَاءُ عَقْدَ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ بِشَرْطِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ وَأَدْخَلُوا مَالَهُمْ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَكَانَتْ

(1/254)


حِصَصُهُمْ مُتَسَاوِيَةً فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ تَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ فَلِأَوْلَادِهِ أَنْ يَعْقِدُوا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِاِتِّخَاذِهِمْ مَجْمُوعَ الْأَمْوَالِ الَّتِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ رَأْسَ مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرُوا وَيَبِيعُوا كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يُقْسَمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى التَّسَاوِي وَلَكِنْ وُقُوعُ شَرِكَةٍ كَهَذِهِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ نَادِرَةٌ وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ بِدُونِ اشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ تَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ.
الْمَادَّةُ (1332) تَكُونُ الشَّرِكَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا إمَّا شَرِكَةَ أَمْوَالٍ وَإِمَّا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ وَإِمَّا شَرِكَةَ وُجُوهٍ , فَإِذَا وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ لِيَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَعَقَدُوا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَبِيعُوا وَيَشْتَرُوا مَعًا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ مُطْلَقًا وَعَلَى أَنْ يُقْسَمَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمْ تَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ أَمْوَالٍ. وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ بِأَنْ جَعَلُوا عَمَلَهُمْ رَأْسَ مَالٍ عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ مِنْ آخَرَ أَيْ تَعَهُّدِهِ وَالْتِزَامِهِ وَعَلَى أَنْ يَقْسِمُوا الْكَسْبَ الَّذِي سَيَحْصُلُ أَيْ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمْ فَتَكُونُ شَرِكَةَ أَعْمَالٍ , وَتُسَمَّى أَيْضًا هَذِهِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ أَبْدَانٍ وَشَرِكَةَ صَنَائِعَ وَشَرِكَةَ تَقَبُّلٍ كَاشْتِرَاكِ خَيَّاطَيْنِ أَوْ اشْتَرَاك خَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ. وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ رَأْسِ مَالٍ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَشْتَرُوا مَالًا نَسِيئَةً عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَيَبِيعُوهُ وَأَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّبْحَ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمْ فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ وُجُوهٍ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ شَرَائِطِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْعُمُومِيَّةِ
الْمَادَّةُ (1333) يَتَضَمَّنُ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْوَكَالَةَ , وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فِي تَصَرُّفِهِ يَعْنِي فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِي تَقَبُّلِ الْعَمَلِ مِنْ الْغَيْرِ بِالْأُجْرَةِ فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالتَّمْيِيزَ

(1/255)


شَرْطٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيُشْتَرَطُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ عَاقِلِينَ وَمُمَيِّزِينَ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1334) تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ الْكَفَالَةَ أَيْضًا وَلِذَلِكَ فَأَهْلِيَّةُ الْمُتَفَاوِضِينَ شَرْطٌ لِلْكَفَالَةِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1335) تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ الْوَكَالَةَ فَقَطْ وَلَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ , فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْكَفَالَةُ حِينَ عَقْدِهَا فَلَا يَكُونُ الشُّرَكَاءُ كُفَلَاءَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ , وَلِذَلِكَ فَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ عَقْدُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ لَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الْكَفَالَةُ حِينَ عَقْدِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ يَكُونُ الشُّرَكَاءُ كُفَلَاءَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.
الْمَادَّةُ (1336) يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَجْهِ الَّذِي سَيُقْسَمُ فِيهِ الرِّبْحُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ , وَإِذَا بَقِيَ مُبْهَمًا وَمَجْهُولًا تَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً.
الْمَادَّةُ (1337) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الرِّبْحِ الَّذِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ فَإِذَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ كَذَا دِرْهَمًا مَقْطُوعًا مِنْ الرِّبْحِ تَكُونُ الشَّرِكَةُ بَاطِلَةً.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ بِشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ
الْمَادَّةُ (1338) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ.
الْمَادَّةُ (1339) الْمَسْكُوكَاتُ النُّحَاسِيَّةُ الرَّائِجَةُ مَعْدُودَةٌ عُرْفًا مِنْ النُّقُودِ.
الْمَادَّةُ (1340) إذَا كَانَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْمُعْتَادِ بَيْنَ النَّاسِ التَّعَامُلُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

(1/256)


غَيْرِ الْمَسْكُوكَيْنِ فَيَكُونَانِ فِي حُكْمِ النُّقُودِ وَإِلَّا فَفِي حُكْمِ الْعُرُوضِ.
الْمَادَّةُ (1341) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ عَيْنًا وَلَا يَكُونُ دَيْنًا أَيْ لَا يَكُونُ الْمَطْلُوبُ مِنْ ذِمَمِ النَّاسِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ. مَثَلًا لَيْسَ لِاثْنَيْنِ أَنْ يَتَّخِذَا دَيْنَهُمَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ آخَرَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَيَعْقِدَا عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ , وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ دَيْنًا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1342) لَا يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ النُّقُودِ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ , أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ , وَلَكِنْ إذَا أَرَادَ اثْنَانِ اتِّخَاذَ أَمْوَالِهِمَا الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَبَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ اشْتِرَاكُهُمَا بِبَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ لِلْآخَرِ فَلَهُمَا عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى مَالِهِمَا الْمُشْتَرَكِ هَذَا , وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَ اثْنَانِ مَالَهُمَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمِقْدَارَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ مَثَلًا بِبَعْضِهِ فَحَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَلَهُمَا أَنْ يَتَّخِذَا هَذَا الْمَالَ الْمَخْلُوطَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَيَعْقِدَا عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ.

الْمَادَّةُ (1344) إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ أَحَدُهُمَا أَمْتِعَتَهُ عَلَى دَابَّةِ آخَرَ لِلْجَوْبِ بِهَا وَبَيْعِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَجْرَ دَابَّتِهِ أَيْضًا

(1/257)


وَالدُّكَّانُ كَالدَّابَّةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا أَمْتِعَتَهُ فِي دُكَّانِ الْآخَرِ وَأَنْ
يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونَ رِبْحُ الْأَمْتِعَةِ لِصَاحِبِهَا
وَيَأْخُذَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ أَجْرَ مِثْلِ دُكَّانِهِ أَيْضًا.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي بَعْضِ الضَّوَابِطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ
الْمَادَّةُ (1345) يَتَقَوَّمُ الْعَمَلُ بِالتَّقْوِيمِ , أَيْ أَنَّ الْعَمَلَ يَتَقَوَّمُ بِتَعْيِينِ الْقِيمَةِ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ شَخْصٍ أَكْثَرَ قِيمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى عَمَلِ شَخْصٍ آخَرَ. مَثَلًا إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ مُتَسَاوِيًا وَكَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ كِلَيْهِمَا فَإِذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا حِصَّةٌ زَائِدَةً فِي الرِّبْحِ جَازَ , لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مَهَارَةً مِنْ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَمَلُهُ أَزْيَدَ وَأَنْفَعَ.
الْمَادَّةُ (1346) ضَمَانُ الْعَمَلِ نَوْعٌ مِنْ الْعَمَلِ , فَلِذَلِكَ إذَا تَشَارَكَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ بِأَنْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي دكانة آخَرَ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ عَلَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ هُوَ مِنْ الْأَعْمَالِ يَعْمَلُهُ ذَلِكَ الْآخَرُ وَأَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْكِسْبِ أَيْ الْأُجْرَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً جَازَ , وَإِنَّمَا اسْتِحْقَاقُ صَاحِبِ الدُّكَّانِ الْحِصَّةَ هُوَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ وَتَعَهُّدِهِ إيَّاهُ كَمَا أَنَّهُ يَنَالُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ أَيْضًا مَنْفَعَةَ دكانه.

الْمَادَّةُ (1347) يَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ أَحْيَانًا بِالْمَالِ أَوْ بِالْعَمَلِ وَأَحْيَانًا أَيْضًا بِالضَّمَانِ (بِحُكْمِ مَادَّةِ 85) فَلِذَلِكَ يَسْتَحِقُّ فِي الْمُضَارَبَةِ رَبُّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ بِمَالِهِ وَالْمُضَارِبُ بِعَمَلِهِ. وَإِذَا وَضَعَ

(1/258)


أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ تِلْمِيذًا عِنْدَهُ وَأَعْمَلَهُ فِيمَا تَقَبَّلَهُ وَتَعَهَّدَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِنِصْفِ أُجْرَتِهِ جَازَ وَالْكَسْبُ أَيْ الْأُجْرَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَمَلِ كَمَا يَسْتَحِقُّ التِّلْمِيذُ نِصْفَهَا بِعَمَلِهِ يَسْتَحِقُّ الْأُسْتَاذُ نِصْفَهَا الْآخَرَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ وَتَعَهُّدِهِ إيَّاهُ.
الْمَادَّةُ (1348) إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ أَيْ الْمَالُ وَالْعَمَلُ وَالضَّمَانُ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ. مَثَلًا إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اتَّجِرْ أَنْتَ بِمَالِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا فَلَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ , وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَأْخُذُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ.
الْمَادَّةُ (1349) الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى الشَّرْطِ الَّذِي أُورِدَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ , وَلَيْسَ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَمَلِ الَّذِي عُمِلَ , فَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ عَمَلُهُ فَيُعَدُّ كَأَنَّهُ عَمِلَ , مَثَلًا إذَا شُرِطَ عَمَلُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي شَرِكَةٍ صَحِيحَةٍ وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَبِمَا أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِبَعْضٍ فَبِعَمَلِ شَرِيكِهِ يُعَدُّ كَأَنَّهُ عَمِلَ أَيْضًا وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ.
الْمَادَّةُ (1350) الشَّرِيكَانِ أَمِينَا بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ وَمَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ , فَإِذَا تَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (1351) يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا. أَمَّا فِي صُورَةِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ فَإِذَا اُتُّفِقَ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا تَكُونُ مُضَارَبَةً كَمَا سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الْمَخْصُوصِ , وَإِذَا كَانَ تَمَامُ الرِّبْحِ سَيَعُودُ لِلْعَامِلِ بِضَاعَةً يَكُونُ قَرْضًا , وَإِذَا شُرِطَ أَنْ يَعُودَ تَمَامُ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونَ رَأْسَيْ الْمَالِ فِي يَدِ الْعَامِلِ

(1/259)


بِضَاعَةً وَيَكُونَ الْعَامِلُ مُسْتَبْضِعًا وَبِمَا أَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ وَكِيلٌ مُتَبَرِّعٌ فَيَعُودُ جَمِيعُ الرِّبْحِ وَالْخَسَارِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ.
الْمَادَّةُ (1352) إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ أَمَّا فِي صُورَةِ كَوْنِ الشُّرَكَاءِ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَكُونُ انْفِسَاخُ الشَّرِكَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ الْمَجْنُونِ فَقَطْ وَتَبْقَى الشَّرِكَةُ فِي حَقِّ الْآخَرِينَ.
الْمَادَّةُ (1353) تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِفَسْخِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ , وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْآخَرُ بِفَسْخِهِ , وَلَا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ بِفَسْخِ الشَّرِيكِ.
الْمَادَّةُ (1354) إذَا فَسَخَ الشَّرِيكَانِ الشَّرِكَةَ وَاقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ لِأَحَدِهِمَا وَالدُّيُونُ الَّتِي فِي الذِّمَمِ لِلْآخَرِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ , وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَهْمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهَا كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ يَبْقَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1123.
الْمَادَّةُ (1355) إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَمَاتَ أَثْنَاءَ الْعَمَلِ بِهِ مُجَهَّلًا فَتُسْتَوْفَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 801.
الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَالْوُجُوهِ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ
الْمَادَّةُ (1356) الْمُفَاوِضَانِ كَفِيلٌ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَكَمَا يَنْفُذُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهُمَا شَاءَ , وَمَهْمَا

(1/260)


تَرَتَّبَ دَيْنٌ عَلَى أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْجَارِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ أَيْضًا ; وَكَذَلِكَ مَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ رَدُّهُ عَلَى الْآخَرِ بِالْعَيْبِ , كَذَلِكَ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُ الْآخَرُ بِالْعَيْبِ.
الْمَادَّةُ (1357) الْمَأْكُولَاتُ وَالثِّيَابُ وَسَائِرُ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ تَكُونُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقٌّ فِيهَا لَكِنْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ بِثَمَنِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1358) كَمَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُفَاوِضَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَفِي حِصَصِهِمَا فِي الرِّبْحِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ أَيْ نُقُودٌ أَوْ أَمْوَالٌ فِي حُكْمِ النُّقُودِ. أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ لَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ عُرُوضٌ أَوْ عَقَارٌ أَوْ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ فَلَا يَضُرُّ بِالْمُفَاوَضَةِ.

الْمَادَّةُ (1359) إذَا عَقَدَ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَلْتَزِمَ أَيَّ عَمَلٍ كَانَ وَأَنْ يَكُونَا ضَامِنَيْنِ لِلْعَمَلِ وَمُتَعَهِّدَيْنِ بِهِ سَوِيَّةً وَمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرَرِ وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَتَكُونُ مُفَاوَضَةً. وَتَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَةُ أَيَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأُجْرَةِ الْأَجِيرِ وَأُجْرَةِ الْحَانُوتِ , وَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمَتَاعٍ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ حَتَّى وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ.
الْمَادَّةُ (1360) إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى شِرَاءِ الْمَالِ نَسِيئَةً وَبَيْعِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى وَثَمَنُهُ وَرِبْحُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً

(1/261)


وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلُ الْآخَرِ فَتَكُونُ مُفَاوَضَةَ شَرِكَةِ وُجُوهٍ.
الْمَادَّةُ (1361) يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ ذِكْرُ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ تَعْدَادُ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ , وَإِذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَكُونُ عِنَانًا.
الْمَادَّةُ (1362) إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ تَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ عِنَانًا. مَثَلًا إذَا دَخَلَ إلَى يَدِ أَحَدٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مَالٌ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ أَوْ الْهِبَةِ فَإِذَا كَانَ مَالًا كَالنُّقُودِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ تَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ عِنَانًا أَمَّا إذَا كَانَ مَالًا كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَلَا تَحِلُّ بِالْمُفَاوَضَةِ.
الْمَادَّةُ (1363) كُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعِنَانِ كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ.
الْمَادَّةُ (1364) كُلُّ مَا جَازَ مِنْ التَّصَرُّفِ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ يَجُوزُ أَيْضًا لِلْمُفَاوِضَيْنِ.
الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ
وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ:
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ
الْمَادَّةُ (1365) لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْآخَرِ , وَلَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْبُورًا عَلَى إدْخَالِ جَمِيعِ نُقُودِهِ فِي رَأْسِ

(1/262)


الْمَالِ بَلْ لَهُمَا أَنْ يَعْقِدَا الشَّرِكَةَ عَلَى مَجْمُوعِ مَالِهِمَا أَوْ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ , فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ لَهُمَا مَالٌ يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ غَيْرَ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ.
الْمَادَّةُ (1366) كَمَا يَجُوزُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى عُمُومِ التِّجَارَاتِ كَذَلِكَ يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى نَوْعِ تِجَارَةٍ خَاصَّةٍ أَيْضًا كَعَقْدِهَا مَثَلًا عَلَى تِجَارَةِ الْغِلَالِ.
الْمَادَّةُ (1367) عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ يُرَاعَى ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ.
الْمَادَّةُ (1368) يُقْسَمُ الرِّبْحُ وَالْفَائِدَةَ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ , فَإِذَا شُرِطَ رِبْحٌ زَائِدٌ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ.
الْمَادَّةُ (1369) الضَّرَرُ وَالْخَسَارَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ تُقْسَمُ فِي كُلِّ حَالٍ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رُءُوسِ الْأَمْوَالِ , وَإِذَا شُرِطَ خِلَافُ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ.
الْمَادَّةُ (1370) إذَا شَرَطَ الشَّرِيكَانِ تَقْسِيمَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا صَحَّ , وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ سَوَاءٌ شُرِطَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ أَوْ شُرِطَ عَمَلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ فَيَكُونُ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْبِضَاعَةِ.

الْمَادَّةُ (1371) إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ لِأَحَدِهِمَا حِصَّةٌ زَائِدَةٌ مِنْ الرِّبْحِ كَثُلُثَيْهِ مَثَلًا , فَإِذَا كَانَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ مَشْرُوطًا فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1345) , أَمَّا إذَا شُرِطَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيُنْظَرُ: وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي

(1/263)


حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ زَائِدَةٌ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّرِيكُ بِمَالِهِ وَبِعَمَلِهِ الزِّيَادَةَ , لَكِنْ حَيْثُ كَانَ رَأْسُ مَالِ شَرِيكِهِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةً شَبِيهَةً بِالْمُضَارَبَةِ. وَأَمَّا إذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ قَلِيلَةٌ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا حَيْثُ إنَّهُ إذَا قُسِمَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مُقَابِلٌ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ ضَمَانٍ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْعَامِلِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ.
الْمَادَّةُ (1372) إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَفَاضِلًا كَأَنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي فَيَكُونُ بِمَعْنَى أَنَّهُ شُرِطَ زِيَادَةُ حِصَّةٍ فِي الرِّبْحِ لِلشَّرِيكِ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَأْسِ مَالِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَشَرْطِ رِبْحٍ زَائِدٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا , فَلِذَلِكَ إذَا عُمِلَ شَرْطُ كِلَيْهِمَا أَوْ شَرْطُ عَمَلِ الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الزَّائِدَةِ فِي الرِّبْحِ أَيْ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ وَاعْتُبِرَ الشَّرْطُ , وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْكَثِيرِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا.
الْمَادَّةُ (1373) يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ.
الْمَادَّةُ (1374) يَجُوزُ لِأَيٍّ كَانَ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَمْوَالَ بِالنَّقْدِ وَبِالنَّسِيئَةِ لَكِنْ إذَا اشْتَرَى مَالًا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَيَكُونُ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ.
الْمَادَّةُ (1375) لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالًا لِلشَّرِكَةِ فَإِذَا اشْتَرَى يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لَهُ.

(1/264)


الْمَادَّةُ (1376) إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حِصَّةٌ فِيهِ , أَمَّا إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مَالًا مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ لِلشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ نَفْسِهِ , مَثَلًا إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى تِجَارَةِ الْأَقْمِشَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ حِصَانًا كَانَ لَهُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ حِصَّةٌ فِي ذَلِكَ الْحِصَانِ , أَمَّا إذَا اشْتَرَى قُمَاشًا فَيَكُونُ لِلشَّرِكَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ حِينَ شِرَاءِ الْقُمَاشِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَشْتَرِي هَذَا الْقُمَاشَ لِنَفْسِي وَلَيْسَ لِشَرِيكِي حِصَّةٌ فِيهِ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْقُمَاشُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (1377) حُقُوقُ الْعَقْدِ إنَّمَا تَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ , فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا فَقَبَضَهُ مَعَ تَأْدِيَةِ ثَمَنِهِ يَكُونُ لَازِمًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ , وَلِهَذَا يُطْلَبُ ثَمَنُ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَقَطْ وَلَا يُطَالَبُ شَرِيكُهُ بِهِ. وَكَذَا قَبْضُ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ أَحَدُهُمَا إنَّمَا هُوَ حَقُّهُ , وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْآخَرِ يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ فَقَطْ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ , وَلِهَذَا أَيْضًا لَوْ وَكَّلَ الشَّرِيكُ الْعَاقِدُ آخَرَ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ عَزْلُهُ , وَلَكِنْ إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ آخَرَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ عَزْلُهُ.
الْمَادَّةُ (1378) بِمَا أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ أَيْضًا فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَمَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْآخَرِ.
الْمَادَّةُ (1379) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إيدَاعُ أَوْ إبْضَاعُ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِعْطَاؤُهُ مُضَارَبَةً وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ إيجَارًا أَيْ أَنَّ لَهُ مَثَلًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ حَانُوتًا أَوْ أَجِيرًا لِحِفْظِ مَالِ الشَّرِكَةِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ

(1/265)


أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِمَالِهِ وَلَا أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةً مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِذَا فَعَلَ وَضَاعَ مَالُ الشَّرِكَةِ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (1380) لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ شَرِيكُهُ , لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَمَهْمَا اسْتَقْرَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ النُّقُودِ يَكُونُ دَيْنُ شَرِيكِهِ أَيْضًا بِالِاشْتِرَاكِ.
الْمَادَّةُ (1381) إذَا ذَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى لِأَجْلِ أُمُورِ الشَّرِكَةِ يَأْخُذُ مُصْرَفَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ.
الْمَادَّةُ (1382) إذَا فَوَّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُمُورَ الشَّرِكَةِ لِرَأْيِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ لَهُ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) أَوْ (اعْمَلْ مَا شِئْت) فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي هِيَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ , فَيَجُوزُ لَهُ رَهْنُ مَالِ الشَّرِكَةِ وَالِارْتِهَانُ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَالسَّفَرِ بِمَالِ الشَّرِكَةِ وَخَلْطُ مَالِ الشَّرِكَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ مَعَ آخَرَ , لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ الْمَالِ وَلَا التَّمَلُّكُ بِلَا عِوَضٍ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ , مَثَلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ وَلَا أَنْ يَهَبَ مِنْهُ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ.
الْمَادَّةُ (1383) إذَا نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ " لَا تَذْهَبْ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى أَوْ لَا تَبِعْ الْمَالَ نَسِيئَةً " فَلَمْ يَسْمَعْ وَذَهَبَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى أَوْ بَاعَ الْمَالَ نَسِيئَةً يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْخَسَارِ الْوَاقِعِ.

الْمَادَّةُ (1384) لَا يَسْرِي إقْرَارُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِدَيْنٍ فِي مُعَامَلَاتِهَا عَلَى الْآخَرِ , فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ إنَّمَا لَزِمَ بِعَقْدِهِ وَمُعَامَلَتِهِ فَقَطْ فَيَلْزَمُهُ إيفَاؤُهُ بِتَمَامِهِ , وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ

(1/266)


مِنْ مُعَامَلَتِهِمَا مَعًا فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ نِصْفِهِ , وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ مِنْ مُعَامَلَةِ شَرِيكِهِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ.
الْمَبْحَثُ الثَّانِي: بَيَانُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْأَعْمَالِ
الْمَادَّةُ (1385) شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ شَرِكَةٍ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ فَالْأَجِيرَانِ الْمُشْتَرِكَانِ يَعْقِدَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى تَعَهُّدِ وَالْتِزَامِ الْعَمَلِ الَّذِي يُطْلَبُ وَيُكَلَّفُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَأْجِرِينَ سَوَاءٌ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاضِلَيْنِ فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ , أَيْ سَوَاءٌ عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَعَهُّدِ الْعَمَلِ وَضَمَانِهِ مُتَسَاوِيًا أَوْ شَرَطَا ثُلُثَ الْعَمَلِ لِأَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَيْنِ لِلْآخَرِ.
الْمَادَّةُ (1386) يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْعَمَلَ وَيَتَعَهَّدَهُ , وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ وَيَعْمَلَ الْآخَرُ , وَيَجُوزُ أَيْضًا لِلْخَيَّاطَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْأَقْمِشَةَ وَيَقُصَّهَا وَيُفَصِّلَهَا وَأَنْ يُخَيِّطَهَا الْآخَرُ.

الْمَادَّةُ (1387) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلُ الْآخَرِ فِي تَقَبُّلِ الْعَمَلِ , فَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إيفَاءُ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ أَيْضًا , وَعَلَيْهِ فَشَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْلُبَ إيفَاءَ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْبَرًا عَلَى إيفَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْعَمَلَ يَقْبَلُهُ شَرِيكِي فَلَا دَخْلَ لِي فِيهِ.
الْمَادَّةُ (1388) شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي خُصُوصِ اقْتِضَاءِ الْبَدَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْضًا , أَيْ أَنَّ لِكُلِّ

(1/267)


وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُطَالَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ وَإِذَا دَفَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَيِّهِمَا يَبْرَأُ.
الْمَادَّةُ (1389) غَيْرُ مُجْبَرٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى إيفَاءِ مَا تَقَبَّلَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِالذَّاتِ فَإِنْ شَاءَ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْمَلَ شَرِيكَهُ أَوْ شَخْصًا آخَرَ , لَكِنْ إنْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَمَلَهُ بِالذَّاتِ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ عَمَلُهُ بِذَاتِهِ.
الْمَادَّةُ (1390) يَقْسِمُ الشَّرِيكَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ. يَعْنِي إنْ شَرَطَا تَقْسِيمَهُ مُتَسَاوِيًا فَيَقْسِمَانِهِ عَلَى التَّسَاوِي وَإِنْ شَرَطَا تَقْسِيمَهُ مُتَفَاضِلًا كَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا فَيُقْسَمُ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً.
الْمَادَّةُ (1391) إذَا شُرِطَ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَالتَّفَاضُلُ فِي الْكَسْبِ جَازَ. مَثَلًا إذَا شَرَطَ الشَّرِيكَانِ أَنْ يَعْمَلَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَنْ يَقْسِمَا الرِّبْحَ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً جَازَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَمْهَرَ فِي الصَّنْعَةِ وَأَجْوَدَ فِي الْعَمَلِ.
الْمَادَّةُ (1392) الشَّرِيكَانِ يَسْتَحِقَّانِ الْأُجْرَةَ بِضَمَانِ الْعَمَلِ , فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا لِمَرَضِهِ أَوْ لِذَهَابِهِ إلَى مَحَلٍّ أَوْ لِقُعُودِهِ عَنْ الْعَمَلِ وَعَمِلَ شَرِيكُهُ فَقَطْ فَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ أَيْضًا.

الْمَادَّةُ (1393) إذَا أُتْلِفَ وَتَعَطَّلَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِصُنْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَيَضْمَنُهُ مَعَ شَرِيكِهِ بِالِاشْتِرَاكِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَضْمَنَ مَالَهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ وَيُقْسَمُ هَذَا الْخَسَارُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ الضَّمَانِ , مَثَلًا إذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ وَتَعَهُّدِهَا مُنَاصَفَةً فَيُقْسَمُ الْخَسَارُ مُنَاصَفَةً أَيْضًا , وَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ وَتَعَهُّدِهَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَيُقْسَمُ الْخَسَارُ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً.

(1/268)


الْمَادَّةُ (1394) عَقْدُ الْحَمَّالِينَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا مُشْتَرَكِينَ فِي التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ صَحِيحٌ.
الْمَادَّةُ (1395) إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْعَمَلَ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْحَانُوتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَدَوَاتُ وَالْآلَاتُ مِنْ الْآخَرِ يَصِحُّ.
الْمَادَّةُ (1396) إذَا عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ صَحَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1346 ".
الْمَادَّةُ (1397) لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ بَغْلَةٌ وَلِآخَرَ بَعِيرٌ وَعَقَدَا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا وَيَتَعَهَّدَا مُتَسَاوِيًا نَقْلَ الْأَحْمَالِ عَلَيْهِمَا صَحَّ وَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ حَمْلِ الْجَمَلِ أَزْيَدَ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يَسْتَحِقَّانِ الْبَدَلَ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ بِضَمَانِ الْعَمَلِ , لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْقَدْ الشَّرِكَةُ عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ بَلْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَ الْبَغْلَةَ وَالْبَعِيرَ عَيْنًا وَعَلَى تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَإِذَا أُجِرَ أَيٌّ مِنْ الْبَغْلَةِ أَوْ الْجَمَلِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ إلَى صَاحِبِهِ لَكِنْ إذَا أَعَانَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي التَّحْمِيلِ وَالنَّقْلِ يَأْخُذُ مِثْلَ عَمَلِهِ.

الْمَادَّةُ (1398) إذَا عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَتِهِ مَعَ ابْنِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُعَدُّ وَلَدُهُ مُعِينًا , كَمَا أَنَّهُ إذَا غَرَسَ أَحَدٌ شَجَرًا فَأَعَانَهُ وَلَدُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَيَكُونُ الشَّجَرُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُشَارِكُهُ وَلَدُهُ فِيهِ.

(1/269)


الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ
الْمَادَّةُ (1399) لَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى مَثَلًا فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَرَيَاهُ مِنْ الْمَالِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا.
الْمَادَّةُ (1400) اسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ إنَّمَا هُوَ بِالضَّمَانِ.
الْمَادَّةُ (1401) ضَمَانُ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى يَكُونُ بِنِسْبَةِ حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ.
الْمَادَّةُ (1402) تَكُونُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرِّبْحِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى , فَإِذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ عَنْ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى فَالشَّرْطُ لَغْوٌ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى. مَثَلًا إذَا شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ الْمُشْتَرَاةُ مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ الرِّبْحُ أَيْضًا مُنَاصَفَةً , وَإِنْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا فَيَكُونُ الرِّبْحُ أَيْضًا ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا , وَلَكِنْ إذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ الْمُشْتَرَاةُ مُنَاصَفَةً فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً.

الْمَادَّةُ (1403) يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ بَاشَرَا عَقْدَ الشِّرَاءِ مَعًا أَوْ بَاشَرَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ , مَثَلًا إذَا تَضَرَّرَ شَرِيكَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ فِي بَيْعِهَا وَشِرَائِهَا فَإِذَا كَانَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَيُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ بِالتَّسَاوِي أَيْضًا , وَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى

(1/270)


كَوْنِ الْحِصَّةِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ أَيْضًا ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا سَوَاءٌ اشْتَرَيَا الْمَالَ الَّذِي خَسِرَا فِيهِ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَقَطْ.
الْبَابُ السَّابِعُ: فِي حَقِّ الْمُضَارَبَةِ
وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي تَعْرِيفِ وَتَقْسِيمِ الْمُضَارَبَةِ
الْمَادَّةُ (1404) الْمُضَارَبَةُ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ طَرَفٍ وَالسَّعْيُ وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ , وَيُدْعَى صَاحِبُ الْمَالِ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ مُضَارِبًا.
الْمَادَّةُ (1405) رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ , مَثَلًا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا مُضَارَبَةً وَاسْعَ وَاعْمَلْ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ رِبْحُهُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً أَوْ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا. أَوْ قَالَ قَوْلًا يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَقَوْلِهِ: خُذْ هَذِهِ النُّقُودَ وَاجْعَلْهَا رَأْسَ مَالٍ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا عَلَى نِسْبَةِ كَذَا , وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ , تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ.
الْمَادَّةُ (1406) الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مُضَارَبَةٌ مُطْلَقَةٌ , وَالْآخَرُ مُضَارَبَةٌ مُقَيَّدَةٌ.
الْمَادَّةُ (1407) الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تَتَقَيَّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ أَوْ بِتَعْيِينِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ , وَإِذَا تَقَيَّدَتْ بِأَحَدِ هَذِهِ فَتَكُونُ مُضَارَبَةً مُقَيَّدَةً. مَثَلًا إذَا قَالَ: اعْمَلْ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِعْ

(1/271)


وَاشْتَرِ مَالًا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ عَامِلْ فُلَانًا وَفُلَانًا أَوْ أَهَالِيَ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ. تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُقَيَّدَةً.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْمُضَارَبَةِ
الْمَادَّةُ (1408) تُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ لِلتَّوْكِيلِ وَالْمُضَارِبِ لِلْوَكَالَةِ.
الْمَادَّةُ (1409) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَالًا صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ بَابِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعُرُوض وَالْعَقَارُ وَالدُّيُونُ الَّتِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَةِ. لَكِنْ إذَا أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ وَقَالَ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ هَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً , وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ وَقَبَضَهُ وَبَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَاِتَّخَذَ بَدَلَهُ النُّقُودَ رَأْسَ مَالٍ وَبَاعَ وَاشْتَرَى فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً , كَذَلِكَ إذَا قَالَ: اقْبِضْ كَذَا دِرْهَمًا الدَّيْنَ الَّذِي لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَاسْتَعْمِلْهُ فِي طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ , وَقَبِلَ الْآخَرُ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً.
الْمَادَّةُ (1410) يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ.
الْمَادَّةُ (1411) يُشْتَرَطُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا كَشَرِكَةِ الْعَقْدِ أَيْضًا وَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَلَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِأَنْ قِيلَ مَثَلًا " الرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا " يُصْرَفُ إلَى الْمُسَاوَاةِ.

(1/272)


الْمَادَّةُ (1412) إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا بِأَنْ لَمْ تُعَيَّنْ مَثَلًا حِصَّةُ الْعَاقِدَيْنِ جُزْءًا شَائِعًا بَلْ قُطِعَتْ وَعُيِّنَتْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمَا كَذَا دِرْهَمًا مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ
الْمَادَّةُ (1413) الْمُضَارِبُ أَمِينٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ , وَمِنْ جِهَةِ تَصَرُّفِهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَكِيلٌ لِرَبِّ الْمَالِ , وَإِذَا رَبِحَ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ.
الْمَادَّةُ (1414) يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ فِي لَوَازِمِ الْمُضَارَبَةِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ , فَلِذَلِكَ لَهُ أَوَّلًا: شِرَاءُ الْمَالِ لِأَجْلِ بَيْعِهِ وَالرِّبْحِ مِنْهُ , لَكِنْ إذَا اشْتَرَى مَالًا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ يَكُونُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي حِسَابِ الْمُضَارَبَةِ , ثَانِيًا: لَهُ الْبَيْعُ سَوَاءٌ كَانَ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ لَكِنْ لَهُ الْإِمْهَالُ لِلدَّرَجَةِ الْجَارِي الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِيهَا بَيْنَ التُّجَّارِ. ثَالِثًا: لَهُ قَبُولُ الْحَوَالَةِ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ. رَابِعًا: لَهُ تَوْكِيلُ شَخْصٍ آخَرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. خَامِسًا: لَهُ إيدَاعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ. سَادِسًا: لَهُ السَّفَرُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
(الْمَادَّةُ (1415) لَا يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ مَأْذُونًا

(1/273)


بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ بِخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ وَلَا بِإِعْطَائِهِ مُضَارَبَةً , لَكِنْ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ مِنْ الْعَادَةِ فِيهَا أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِمْ فَيَكُونُ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْضًا.
الْمَادَّةُ (1416) إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ قَدْ فَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْمُضَارِبِ أُمُورَ الْمُضَارَبَةِ بِقَوْلِهِ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ يَكُونُ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فِي كُلِّ حَالٍ , وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَأْذُونًا أَيْضًا بِالْهِبَةِ وَالْإِقْرَاضِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا بِالدُّخُولِ تَحْتَ دَيْنٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يَتَوَقَّفُ إجْرَاءُ ذَلِكَ عَلَى إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ.
(الْمَادَّةُ (1417) إذَا خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ عَلَى مِقْدَارِ رَأْسَيْ الْمَالِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ رِبْحَ رَأْسِ مَالِهِ وَيُقْسَمُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ.
(الْمَادَّةُ (1418) الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُضَارِبُ بِالنَّسِيئَةِ زِيَادَةً عَنْ رَأْسِ الْمَالِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ.
الْمَادَّةُ (1419) إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ لِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا يَأْخُذُ مَصْرِفَهُ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ.
الْمَادَّةُ (1420) يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُقَيَّدَةِ مُرَاعَاةُ قَيْدِ وَشَرْطِ رَبِّ الْمَالِ مَهْمَا كَانَ.
الْمَادَّةُ (1421) إذَا خَرَجَ الْمُضَارِبُ عَنْ مَأْذُونِيَّتِهِ وَخَالَفَ

(1/274)


الشَّرْطَ يَكُونُ غَاصِبًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَعُودُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ فِي بَيْعِ وَشِرَاءِ الْمُضَارِبِ عَلَيْهِ , وَإِذَا تَلِفَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ ضَامِنًا.
الْمَادَّةُ (1423) إذَا وَقَّتَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَبِمُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ.
الْمَادَّةُ (1424) إذَا عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ فَيَلْزَمُ إعْلَامُهُ بِعَزْلِهِ وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُ الْمُضَارِبِ الْوَاقِعَةُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْعَزْلِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى الْعَزْلِ التَّصَرُّفُ بِالنُّقُودِ الَّتِي فِي يَدِهِ لَكِنْ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَمْوَالٌ غَيْرُ النُّقُودِ فَلَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى النَّقْدِ بِبَيْعِهَا.
الْمَادَّةُ (1425) إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ فِي مُقَابِلَةِ عَمَلِهِ أَمَّا الْعَمَلُ فَيَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَأَيُّ مِقْدَارٍ يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ.
الْمَادَّةُ (1426) اسْتِحْقَاقُ رَبِّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ هُوَ بِمَالِهِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ بِمَنْزِلَةِ أَجِيرِ الْمِثْلِ لَكِنْ لَا يَتَجَاوَزُ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ حِينَ الْعَقْدِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ.
الْمَادَّةُ (1427) إذَا تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَيُحْسَبُ فِي بَادِئِ الْأَمْرِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَسْرِي إلَى رَأْسِ الْمَالِ , وَإِذَا تَجَاوَزَ مِقْدَارَ الرِّبْحِ وَسَرَى إلَى رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً.

(1/275)


(الْمَادَّة 1428) يَعُودُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ.
الْمَادَّةُ (1429) إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْمُضَارِبُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا تَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ.
الْمَادَّةُ (1430) إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجَهِّلًا فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي تَرِكَتِهِ.
الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ
وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ
وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ:
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي تَعْرِيفِ الْمُزَارَعَةِ وَتَقْسِيمِهَا وَرُكْنِهَا
الْمَادَّةُ (1431) الْمُزَارَعَةُ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى كَوْنِ الْأَرَاضِيِ مِنْ طَرَفٍ وَالْعَمَلِ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ أَيْ أَنْ تُزْرَعَ الْأَرَاضِي وَتُقْسَمَ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا.
الْمَادَّةُ (1432) رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ أَيْ الْمُزَارِعِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ كَذَا حِصَّةً وَقَالَ الزَّارِعُ: قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ قَالَ قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ أَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي أَرْضَكَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ لِأَعْمَلَ فِيهَا وَرَضِيَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ.
الْمَبْحَثُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْمُزَارَعَةِ
الْمَادَّةُ (1433) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ عَاقِلَيْنِ

(1/276)


وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا فَلِذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ.
الْمَادَّةُ (1434) يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّرْعِ أَيْ مَا سَيُزْرَعُ أَوْ تَعْمِيمُهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الزَّارِعُ مَا يَشَاءُ.
الْمَادَّةُ (1435) يُشْتَرَطُ حِينَ الْعَقْدِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الزَّارِعِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ فَإِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ حِصَّتُهُ أَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَى إعْطَائِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ الْحَاصِلَاتِ أَوْ قُطِعَتْ عَلَى مِقْدَارِ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَالْمُزَارَعَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
الْمَادَّةُ (1436) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَأَنْ تُسَلَّمَ لِلزَّارِعِ.
(الْمَادَّةُ 1437) إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ.
الْمَادَّةُ (1438) كَيْفَمَا شَرَطَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ تُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ.
الْمَادَّةُ (1439) تَكُونُ جَمِيعُ الْحَاصِلَاتِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَيَأْخُذُ أُجْرَةَ أَرْضِهِ وَإِذَا كَانَ الزَّارِعُ فَيَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ.
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ أَسْبَابِ انْفِسَاخِ الْمُزَارَعَةِ
(الْمَادَّةُ 1440) إذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ أَخْضَرُ فَالزَّارِعُ يُدَاوِمُ عَلَى الْعَمَلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعَ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْعُهُ وَإِذَا تُوُفِّيَ الزَّارِعُ فَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ شَاءَ دَاوَمَ عَلَى عَمَلِ الزِّرَاعَةِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَنْعُهُ.

(1/277)


الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ الْمُسَاقَاةِ
وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ:
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ الْمُسَاقَاةِ وَرُكْنِهَا
(الْمَادَّةُ 441 1) الْمُسَاقَاةُ هِيَ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ وَأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا.
(الْمَادَّةُ 1442) رُكْنُ الْمُسَاقَاةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ لِلْعَامِلِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَشْجَارَ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ثَمَرَتِهَا كَذَا حِصَّةً وَقَبِلَ الْعَامِلُ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي سَيُرَبِّي تِلْكَ الْأَشْجَارَ تَنْعَقِدُ الْمُسَاقَاةُ.
الْمَبْحَثُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ شُرُوطِ وَأَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ
(الْمَادَّةُ 43 4 1) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَاقِلَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا.
الْمَادَّةُ (1444) يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ.
الْمَادَّةُ (1445) يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْأَشْجَارِ إلَى الْعَامِلِ.
(الْمَادَّةُ 1446) يُقْسَمُ الثَّمَرُ فِي الْمُسَاقَاتِ الصَّحِيحَةِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ.
الْمَادَّةُ (1447) يَكُونُ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ بِتَمَامِهِ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْضًا.
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ أَسْبَابِ انْفِسَاخِ الْمُسَاقَاةِ

الْمَادَّةُ (1448) إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ وَالثَّمَرُ غَيْرُ نَاضِجٍ يَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَنْضَجَ الثَّمَرُ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْعُهُ وَإِذَا مَاتَ الْعَامِلُ

(1/278)


فَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ مَنْعُهُ.
قاضي دار الخلافة العلية سابقًا سيف الدين
أمين الفتوى: السيد خليل
ناظر المعارف العمومية أحمد جودت
عن أعضاء مجلس تدقيقات شرعية أحمد خالد
عن أعضائ ديوان أحكام عدلية أحمد حلمي
مفتي دارالشورى العسكرية أحمد خلوصي

(1/279)