مجمع
الضمانات [بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ
الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]
الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ
لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، وَلَا
دَلَالَةٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ
الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ
بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ
الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا.
وَالثَّالِثَةُ: مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا
قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ
إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ
مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
وَمَنْ طَبَخَ لَحْمَ غَيْرِهِ أَوْ طَحَنَ حِنْطَتَهُ أَوْ رَفَعَ
جَرَّتَهُ فَانْكَسَرَتْ أَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَطِبَتْ كُلُّ
ذَلِكَ بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ، وَضَعَ
الْمَالِكُ اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ، وَالْقِدْرُ عَلَى الْكَانُونِ
فَأَوْقَدَ رَجُلٌ النَّارَ فَطَبَخَهُ أَوْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ فِي
دَوْرَقٍ، وَرَبَطَ الدَّابَّةَ عَلَيْهِ فَسَاقَهَا رَجُلٌ فَطَبَخَهَا
أَوْ رَفَعَ الْجَرَّةَ، وَأَمَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَأَعَانَهُ عَلَى
رَفْعِهَا رَجُلٌ فَانْكَسَرَتْ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَوْ حَمَلَ عَلَى
دَابَّتِهِ فَسَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فَحَمَلَ رَجُلٌ مَا سَقَطَ عَلَى
دَابَّتِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ
(1/143)
اسْتِحْسَانًا لِوُجُودِ الْإِذْنِ
دَلَالَةً مِنْ أُضْحِيَّةِ الْهِدَايَةِ.
ذَبَحَ شَاةً، وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ ضَمِنَ.
وَلَوْ أَحْضَرَ فَعَلَةً لِهَدْمِ دَارِهِ فَهَدَمَهُ آخَرُ بِلَا إذْنٍ
لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا إذْ الْأَصْلُ فِي جِنْسِهَا أَنَّ كُلَّ
عَمَلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ يَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ
لِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً وَمَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ
الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَدُّ
الْوَزْعِ لِيَسْقِيَ زَرْعَهُ فَفَتَحَ رَجُلٌ فُوَّهَةَ الْأَرْضِ
فَسَقَاهَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْحَجِّ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ
الْفُصُولَيْنِ.
رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ
اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا كَذَا فِي شَرْحِ
الشَّافِي، وَفِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ: عِنْدَ زُفَرَ
لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ.
رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَتَوَرَّمَ
ظَهْرُ الْحِمَارِ فَشَقَّ صَاحِبُ الْحِمَارِ ذَلِكَ الْوَرَمَ
فَانْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةُ الْحِمَارِ إنْ انْدَمَلَ مِنْ غَيْرِ
نُقْصَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْتَقَصَ لَا يَخْلُو إنْ
انْتَقَصَ مِنْ الْوَرَمِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ
الشَّقِّ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْحِمَارُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا
فَقَالَ الْغَاصِبُ: مَاتَ مِنْ الشَّقِّ، وَقَالَ صَاحِبُهُ: مَاتَ مِنْ
الْوَرَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ
مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ.
وَفِيهَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا، وَوَضَعَهُ فِي
مَنْزِلٍ آخَرَ مِنْهَا فَضَاعَ الثَّوْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ
الْبَيْتَيْنِ تَفَاوُتٌ فِي الْحِرْزِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ
بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَضْمَنُ انْتَهَى.
دَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ، وَأَخَذَ مَتَاعًا مِنْ بَيْتٍ، وَحَوَّلَهُ إلَى
بَيْتٍ آخَرَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ إلَى صَحْنِ الدَّارِ، وَصَاحِبُ
الدَّارِ مَعَ غِلْمَانِهِ يَسْكُنُ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَهَلَكَ
الْمَتَاعُ فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إنْ
كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِثْلَ الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ.
رَجُلٌ صَلَّى فَوَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهَا
رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ إنْ وَضَعَهَا حَيْثُ لَا تُسْرَقُ لَمْ
يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ.
رَجُلٌ بَعَثَ رَجُلًا إلَى مَاشِيَةٍ لِيَأْتِيَ بِهَا فَرَكِبَ
الْمَأْمُورُ دَابَّةَ الْآمِرِ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ
الْبَلْخِيّ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فِي أَنْ يَفْعَلَ فِي
مَالِهِ مِثْلَ هَذَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ.
قَطَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضٍ فَغَرَسَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ
تِلْكَ الْأَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ: الشَّجَرَةُ
تَكُونُ لِلْغَارِسِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ لِلْمَالِكِ يَوْمَ
الْقَطْعِ، وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ
الْأَرْضَ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ
شَجَرَةٍ لَيْسَ لَهَا حَقُّ الْقَرَارِ.
رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ إنْسَانٍ، وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ
آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ عَنْ رَأْسِهِ قَالُوا: إنْ كَانَتْ
الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا، وَأَمْكَنَهُ
رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ؛ لِأَنَّ
ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
كَذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:
وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الَّذِي رَفَعَ الْقَلَنْسُوَةَ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ
الطَّارِحِ انْتَهَى.
دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ، وَأَخَذَ إنَاءً مِنْ بَيْتِهِ
بِغَيْرِ إذْنِهِ يَنْظُرُ فِيهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ قَالَ
النَّاطِفِيُّ: لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ
لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً، وَلَوْ أَنَّهُ أَخَذَ سَوِيقًا يَبِيعُهُ
فِي إنَاءٍ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ
فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ، وَانْكَسَرَ يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ غَيْرُ
مَأْذُونٍ بِذَلِكَ دَلَالَةً بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِذْنَ
بِدُخُولِ الْمَنْزِلِ إذْنٌ بِذَلِكَ دَلَالَةً.
سَكْرَانُ لَا يَعْقِلُ وَهُوَ نَائِمٌ وَوَقَعَ ثَوْبُهُ فِي الطَّرِيقِ
فَأَخَذَ رَجُلٌ
(1/144)
ثَوْبَهُ لِيَحْفَظَهُ لَا يَضْمَنُ،
وَإِنْ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ أَخَذَ خَاتَمًا مِنْ
يَدِهِ أَوْ كِيسًا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ دِرْهَمًا مِنْ كُمِّهِ
لِيَحْفَظَهُ لِأَنَّهُ خَافَ ضَيَاعَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كَانَ
مَحْفُوظًا بِصَاحِبِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارِ إنْسَانٍ فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ،
وَضَاعَ ضَمِنَ لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْحِرْزِ، وَإِلَّا فَلَا مِنْ
الْفُصُولَيْنِ.
إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى إنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ
فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ
فَمَاتَتْ، وَادَّعَى إنْ كَانَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ
فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ.
مَيِّتٌ دُفِنَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ كَانَ
الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَ
بِإِخْرَاجِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ شَاءَ سَوَّى الْأَرْضَ، وَزَرَعَ
فَوْقَهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ ظَاهِرَهَا، وَبَاطِنَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ
مِنْ وَقْفِ قَاضِي خَانْ.
جَمَاعَةٌ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِرْآتَهُ وَنَظَرَ
فِيهَا، وَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ فَنَظَرَ فِيهَا ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ
يَضْمَنْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهِ
دَلَالَةً حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا يَجْرِي الشُّحُّ بِاسْتِعْمَالِهِ
يَكُونُ غَاصِبًا.
رَفَعَ قَدُومَ النَّجَّارِ، وَهُوَ يَرَاهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ
فَاسْتَعْمَلَهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ.
نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِمَارَ
صَاحِبِهِ الْخَاصَّ، وَطَحَنَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَكَلَ الْحِمَارُ
الْحِنْطَةَ فِي الرَّحَى، وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْإِذْنِ
دَلَالَةً فِي ذَلِكَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمْ يُعْجِبْنَا
ذَلِكَ لِاعْتِقَادِنَا الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ لَكِنْ عُرِفَ بِجَوَابِهِ
هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا يُوجَدُ الْإِذْنُ دَلَالَةً، وَإِنْ
لَمْ يُوجَدْ صَرِيحًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْأَبُ بِحِمَارِ وَلَدِهِ
ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحِمَارِ
الْآخَرِ، وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً.
وَلَوْ أَرْسَلَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ
إذْنِهَا وَأَبَقَتْ لَا يَضْمَنُ، وَبِضَرْبِ عَبْدِ الْغَيْرِ لَا
يَصِيرُ غَاصِبًا مِنْ الْقُنْيَةِ.
سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ
الْغَيْرِ أَوْ جَارِيَةَ الْغَيْرِ، وَأَبَقَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ
فَهُوَ ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ إذَا أَبَقَ مِنْ يَدِهِ، وَمَنْ
اسْتَعْمَلَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ
حَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَمَاتَ فِي خِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُ، وَفِي
الدَّابَّةِ لَا يَضْمَنُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ اسْتِعْمَالَ
عَبْدِ الْغَيْرِ يُوجِبُ الضَّمَانَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ
الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: إنِّي حُرٌّ
فَاسْتَعْمِلْنِي فِي عَمَلِ كَذَا فَاسْتَعْمَلَهُ، وَهَلَكَ الرَّجُلُ
ثُمَّ ظَهَرَ إنَّهُ عَبْدٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ سَوَاءٌ عَلِمَ
أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَهَذَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلِ نَفْسِهِ
أَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ
كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: ارْتَقِ الشَّجَرَةَ، وَانْثُرْ
الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَهُ أَنْتَ فَسَقَطَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ
قَالَ لِتَأْكُلَ أَنْتَ وَأَنَا يَضْمَنُ.
غُلَامٌ حَمَلَ كُوزَ مَاءٍ لِيَنْقُلَ الْمَاءَ إلَى بَيْتِ الْمَوْلَى
بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَدَفَعَ رَجُلٌ كُوزَهُ لِيَحْمِلَ مَاءً لَهُ مِنْ
الْحَوْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي الطَّرِيقِ
قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: مَرَّةً يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ
ثُمَّ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَةِ
الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَارَ نَاسِخًا لِفِعْلِ الْمَوْلَى فَيَصِيرُ
غَاصِبًا كُلَّ الْعَبْدِ.
لَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا فَرَغَ
مِنْ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ
كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا غَصَبَ دَابَّةَ رَجُلٍ مِنْ الْإِصْطَبْلِ ثُمَّ
رَدَّهَا إلَى الْإِصْطَبْلِ لَا إلَى الْمَالِكِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
فِي رِوَايَةٍ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَبْرَأُ
وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْبَةِ
الْمَالِكِ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى فَمَا لَمْ
يَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إجْمَاعًا كَمَا
لَوْ غَصَبَهُ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ.
إذَا اسْتَخْدَمَ
(1/145)
عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ أَوْ سَاقَهَا أَوْ
حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَوْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ عَطْبٍ فِي
تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ مِنْ
الْغَصْبِ أَقُولُ: وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فِي الْغَصْبِ
كَثِيرٌ. |