أسنى
المطالب في شرح روض الطالب [بَابُ بَيَانِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]
(بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) .
النَّجَاسَاتُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا قِسْمٌ لَا يُعْفَى
عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْمَاءِ وَقِسْمٌ يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا
وَقِسْمٌ يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ وَقِسْمٌ
بِالْعَكْسِ فَالْأَوَّلُ مَعْرُوفٌ وَالثَّانِي مَا لَا يُدْرِكُهُ
الطَّرَفُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالثَّالِثُ قَلِيلُ
الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ وَفَرَّقَ
الْعِمْرَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَاءَ
يُمْكِنُ صَوْنُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ الثَّانِي إنْ غُسِلَ الثَّوْبُ
كُلَّ سَاعَةٍ يَقْطَعُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِغَيْرِ
الْغُسْلِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَالرَّابِعُ الْمَيْتَةُ الَّتِي لَا نَفْسَ
لَهَا سَائِلَةٌ يُعْفَى عَنْهَا فِي الْمَاءِ وَلَا يُعْفَى عَنْهَا فِي
الثَّوْبِ حَتَّى لَوْ صَلَّى حَامِلًا لَهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ
وَأَثَرُ التَّجَمُّرِ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ حَتَّى
لَوْ سَالَ مِنْهُ عَرَقٌ وَأَصَابَ الثَّوْبَ عُفِيَ عَنْهُ فِي
الْأَصَحِّ دُونَ الْمَاءِ عَكْسَ مَنْفَذِ الطَّائِرِ فَإِنَّهُ إذَا
كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَوَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يُنَجِّسْهُ عَلَى
الْأَصَحِّ وَلَوْ حَمَلَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ.
(قَوْلُهُ وَلِكَوْنِ
(1/17)
الدَّبْغِ إحَالَةٌ لَمْ يَجِبْ فِيهِ
الْمَاءُ، وَلِهَذَا جَازَ بِالنَّجِسِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ كَمَا
تَقَرَّرَ، وَأَمَّا خَبَرُ «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ، وَالْقَرْظُ»
فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ أَمَّا
جِلْدُ الْكَلْبِ، وَنَحْوِهِ فَلَا يُطَهِّرُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ
نَجَاسَةِ الْمَيِّتَةِ تَعَرُّضُهَا لِلْعُفُونَةِ، وَالْحَيَاةُ أَبْلَغُ
فِي دَفْعِهَا فَإِذَا لَمْ تُفِدْ الطَّهَارَةُ فَالِانْدِبَاغُ أَوْلَى
(لَا شَعْرُهُ) فَلَا يُطَهِّرُهُ الِانْدِبَاغُ لِعَدَمِ تَأَثُّرِهِ
بِهِ.
وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ الْجِلْدِ فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ قَالَ النَّوَوِيُّ،
وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَيَطْهُرُ تَبَعًا، وَاسْتَشْكَلَهُ
الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِالدَّبْغِ كَيْفَ يَطْهُرُ
قَلِيلُهُ، وَأَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ يَطْهُرُ أَيْ يُعْطَى حُكْمَ
الطَّاهِرِ انْتَهَى، وَقَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا
لِلْمَشَقَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالدَّبْغِ كَمَا يَطْهُرُ دَنُّ
الْخَمْرِ تَبَعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخَلُّلٌ عَلَى أَنَّ
السُّبْكِيَّ قَالَ بِطَهَارَةِ الشَّعْرِ مُطْلَقًا أَخَذَ بِخَبَرٍ فِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ، وَهَذَا لَا شَكَّ عِنْدِي فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي
اخْتَارَهُ، وَأَفْتَى بِهِ (، وَيَصِيرُ) الْمُنْدَبِغُ (كَثَوْبٍ نَجِسٍ)
فِي أَنَّهُ (يُصَلِّيَ فِيهِ إنْ غُسِلَ، وَيُبَاعُ) ، وَإِنْ لَمْ
يُغْسَلْ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ (وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ) لِخَبَرِ
الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا»
(وَيَحْرُمُ ذَبْحُ مَا لَا يُؤْكَلُ) كَبَغْلٍ، وَحِمَارٍ، وَلَوْ
(لِجِلْدِهِ) أَيْ لِدَبْغِ جِلْدِهِ (أَوْ اصْطِيَادٍ بِلَحْمِهِ)
لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إلَّا لِمَأْكَلِهِ رَوَاهُ ابْنُ
حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الِاصْطِيَادِ مِنْ
زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَتَطْهُرُ خَمْرٌ) ، وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ
(تَخَلَّلَتْ، وَلَوْ بِتَشْمِيسٍ) أَوْ فَتْحِ رَأْسِ الدَّنِّ لِزَوَالِ
الشِّدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ حَلَّتْهَا (لَا) إنْ تَخَلَّلَتْ (مَعَ)
وُجُودِ (عَيْنٍ) فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي التَّخَلُّلِ
كَحَصَاةٍ، وَحَبَّةِ عِنَبٍ تَخَمَّرَ جَوْفُهَا (أَوْ) مَعَ (تَنَجُّسٍ)
لَهَا بِنَجِسٍ (وَلَوْ) وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الْعَيْنِ، وَالنَّجِسِ (فِي
عَصِيرِهِ) أَيْ الْخَلِّ أَوْ الْخَمْرِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُذَكِّرُهَا،
وَنُزِعَ النَّجَسُ مِنْهَا قَبْلَ تَخَلُّلِهَا فَلَا تَطْهُرُ
لِبَقَائِهَا عَلَى نَجَاسَتِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلِتَنْجِيسِهَا
بَعْدَ تَخَلُّلِهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهَا فِي الْأُولَى،
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ إذَا
نُزِعَتْ مِنْهَا الْعَيْنُ الطَّاهِرَةُ قَبْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ
(وَيَتْبَعُهَا) فِي الطَّهَارَةِ لِلضَّرُورَةِ (الدَّنُّ، وَإِنْ غَلَتْ)
حَتَّى ارْتَفَعَتْ، وَتَنَجَّسَ بِهَا مَا فَوْقَهَا مِنْهُ (وَتَشْرَبُ)
مِنْهَا فَإِنْ ارْتَفَعَتْ بِلَا غَلَيَانٍ بَلْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ قَالَ
الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَلَا يَطْهُرُ الدَّنُّ إذْ لَا ضَرُورَةَ،
وَكَذَا الْخَمْرُ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُرْتَفِعِ النَّجِسِ نَعَمْ لَوْ
غُمِرَ الْمُرْتَفِعُ قَبْلَ جَفَافِهِ بِخَمْرٍ أُخْرَى طَهُرَتْ
بِالتَّخَلُّلِ انْتَهَى، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِالْجَفَافِ كَلَامٌ ذَكَرْته
فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ، وَلَوْ نُقِلَتْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ
طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُخْرِجَتْ مِنْهُ ثُمَّ صُبَّ
فِيهِ عَصِيرٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ
أَنَّهَا نَجِسَةٌ فِيهِمَا، وَهْمٌ، وَخَرَجَ بِالْخَمْرِ النَّبِيذُ
فَلَا يَطْهَرُ بِالتَّخَلُّلِ لِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ، وَبِهِ صَرَّحَ
الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ
يَطْهُرُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ.
(وَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَوْ (اخْتَلَطَ عَصِيرٌ بِخَلٍّ مَغْلُوبٍ
ضَرَّ لِأَنَّهُ) لِقِلَّةِ الْخَلِّ فِيهِ (يَتَخَمَّرُ) فَيَتَنَجَّسُ
بِهِ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ (أَوْ) بِخَلٍّ (غَالِبٍ فَلَا) يَضُرُّ لِأَنَّ
الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي
الرَّهْنِ زِيَادَةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِتَشْمِيسٍ إلَى هُنَا مَذْكُورٌ
فِي الْأَصْلِ فِي الرَّهْنِ مَا عَدَا عَدَمِ طُهْرِهَا عِنْدَ
مُصَاحَبَةِ نَجِسٍ فَمِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي، وَبِهِ
أَفْتَى النَّوَوِيُّ.
(وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا) كَدَمِ بَيْضَةٍ
اسْتَحَالَ فَرْخًا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ
الْحَيَوَانُ (دُودَ كَلْبٍ) لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الدَّبْغِ إحَالَةً لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْمَاءُ) ، قَالَ الْغَزَالِيُّ
وَالْإِنْصَافُ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا وَالْخِلَافُ فِي الْمُغَلِّبِ
(قَوْلُهُ وَتَطْهُرُ خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ إلَخْ) لِأَنَّ عِلَّةَ
النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ وَقَدْ زَالَتْ وَلِأَنَّ
الْعَصِيرَ لَا يَتَخَلَّلُ إلَّا بَعْدَ التَّخَمُّرِ فَلَوْ لَمْ نَقُلْ
بِالطَّهَارَةِ لَتَعَذَّرَ اتِّخَاذُ الْخَلِّ وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا.
(قَوْلُهُ لَا إنْ تَخَلَّلَتْ مَعَ وُجُودِ عَيْنٍ فِيهَا إلَخْ) وَشَمِلَ
كَلَامُهُمْ الْعَنَاقِيدَ وَحَبَّاتِهَا بِأَنْ وُضِعَتْ فِي الدَّنِّ
فَتَخَمَّرَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي
وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهَا لَا تَضُرُّ قَالَا لِأَنَّ حَبَّاتِ
الْعَنَاقِيدِ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ طَاهِرٌ وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُمَا
عَلَى مَا قَالَاهُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا وُضِعَتْ فِي الْعَصِيرِ
وَبَقِيَتْ حَتَّى تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا تَضُرُّ وَالْجُمْهُورُ
عَلَى خِلَافِهِ لَكِنْ مَا قَالَاهُ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ
وَلَوْ اسْتَحَالَتْ أَجْوَافُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ خَمْرًا فَفِي
صِحَّةِ بَيْعِهَا اعْتِمَادًا عَلَى طَهَارَةِ طَاهِرِهَا وَتَوَقُّعِ
طَهَارَةِ بَاطِنِهَا وَجْهَانِ وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ وَقَدْ يُمْنَعُ
ذَلِكَ بِأَنَّ طَهَارَةَ بَاطِنِهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَخَلُّلَهُ مَعَ
وُجُودِ الْعَنَاقِيدِ وَالْحَبَّاتِ لِجَوَازِ تَخَلُّلِهِ بَعْدَ
عَصْرِهَا أَوْ حَمْلِهِ عَلَى عِنَبٍ لَا حَبَّ فِي جَوْفِهِ ش يُجَابُ
عَنْ إطْلَاقِ الْمَجْمُوعِ بِاغْتِفَارِ حَبَّاتِهَا كَاغْتِفَارِ
الْمَاءِ فِي خَلِّ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ.
(قَوْلُهُ وَيَتْبَعُهَا الدَّنُّ إلَخْ) وَإِنْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي
فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَنَقَلَهُ عَنْ
الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ غَمَرَ الْمُرْتَفِعَ قَبْلَ
جَفَافِهِ إلَخْ) تَقْيِيدُهُ بِمَا قَبْلَ الْجَفَافِ يَأْبَاهُ
تَعْلِيلُهُ فَلَعَلَّهُ تَصْوِيرٌ لِتَحْقِيقِ انْغِمَارِ مَوْضِعِ
الِارْتِفَاعِ. اهـ. (قَوْلُهُ طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ انْتَهَى)
لِوُجُودِهِ فِي الْكُلِّ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الدَّنِّ الْمُلَاقِيَةِ
لِلْخَلِّ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا تَبَعًا لَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ
جَفَافِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ فِيمَا لَوْ غَمَرَهُ بِهَا
بَعْدَ جَفَافِهِ وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَالْمُوَافِقُ
لِكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ مُطْلَقًا لِمُصَاحَبَتِهَا
عَيْنًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا ش. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ
الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ) نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ ش. (فَرْعٌ)
سُئِلَ عَنْ خَلِّ التَّمْرِ الَّذِي فِيهِ النَّوَى هَلْ يَحْكُمُ
بِطَهَارَتِهِ بِالِاسْتِحَالَةِ فَقَالَ صَاحِبُ التَّفْقِيهِ قَالَ
الْفَارِقِيُّ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَالْإِمَامُ وَجَمَاعَةٌ وَاسْتَدْرَكُوا
عَلَى الْأَصْحَابِ بِالْتِزَامٍ مَعْنَوِيٍّ قِيَاسِيٍّ مِنْ قِيَاسِ
الدَّلَالَةِ وَأَطْنَبُوا وَسَبَقَهُمْ إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ
فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ
يَطْهُرُ) ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا
صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ
الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ثُمَّ قَالَ
لَا يَحِلُّ خَلٌّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَبْدَأَ اللَّهُ
إفْسَادَهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَفْسَدَ الْخَمْرَ وَصَارَتْ
خَلًّا طَهُرَتْ وَإِذَا أَفْسَدَهَا الْآدَمِيُّ بِالِاسْتِعْجَالِ لَمْ
تَطْهُرْ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ السَّلَمِ بِجَوَازِهِ
فِي خَلِّ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَلَمْ
يَفْصِلُوا بَيْنَ أَنْ يَتَخَمَّرَ ثُمَّ يَتَخَلَّلَ أَمْ لَا وَهُوَ
الْمُوَافِقُ لِلتَّوْسِعَةِ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فَمَا ذَكَرَهُ
الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يُفْتَى بِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ ضَرُورِيٌّ
اهـ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ
السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا) ، قَالَ
الكوهكيلوني كَمَا إذَا انْقَلَبَ اللَّحْمُ دُودًا
(1/18)
لِلْحَيَاةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي دَفْعِ
النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا نَظَرَا بِزَوَالِهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ
زِيَادَتِهِ، وَلَوْ دُودَ كَلْبٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَخَلَّقَ مِنْ
الْكَلْبِ، وَقَدْ مَنَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ الدُّودَ
الْمُتَوَلِّدَ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُخَلَّقُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا
يَتَوَلَّدُ فِيهَا كَدُودِ الْخَلِّ لَا يُخَلَّقُ مِنْهُ بَلْ
يَتَوَلَّدُ فِيهِ (لَا) إنْ اسْتَحَالَ (رَمَادًا، وَمِلْحًا) ،
وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَطْهُرُ.
وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ثُمَّ النَّجَاسَةُ إمَّا
عَيْنِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَحُسُّ أَوْ حُكْمِيَّةٌ، وَهِيَ
بِخِلَافِهَا كَبَوْلٍ جَفَّ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ، وَلَا رِيحٌ،
وَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُمَا فَقَالَ (، وَيَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ
بِعَيْنِيَّةٍ بِغَسْلٍ مُزِيلٍ لِلطَّعْمِ) ، وَإِنْ عَسُرَ إزَالَتُهُ
لِسُهُولَتِهَا غَالِبًا فَأَلْحَقَ بِهِ نَادِرُهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ
يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ (وَكَذَا) مُزِيلٌ (لِلَوْنٍ وَرِيحٍ
سَهْلَيْنِ فَإِنْ عَسُرَ أَوْ بَقِيَا مَعًا) بِمَحْمَلٍ، وَاحِدٍ (لَمْ
يَطْهُرْ) أَيْ الْمُتَنَجِّسُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ
الْعَيْنِ (أَوْ) بَقِيَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ (وَلَوْ رِيحًا طَهُرَ)
لِلْمَشَقَّةِ (، وَمُزِيلُ الْعَيْنِ غَسْلَةٌ) ، وَاحِدَةٌ (وَإِنْ
تَعَدَّدَ) الْفِعْلُ (وَلَوْ) كَانَ الْغَسْلُ (مِنْ) نَجَاسَةٍ
(كَلْبِيَّةٍ) حَتَّى لَوْ لَمْ يُزِلْهَا إلَّا سِتُّ غَسَلَاتٍ مَثَلًا
حُسِبَتْ مَرَّةً، وَصُحِّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا تُحْسَبُ
سِتًّا (، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَلَ)
عَنْهُ (، وَلَمْ يَزِدْ) أَيْ الْمَصْبُوغُ (وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْلِ)
عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ، وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ
زَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ، وَزْنًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي
الْغُسَالَةِ (فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ) عَنْهُ (لِتَعَقُّدِهِ) بِهِ (لَمْ
يَطْهُرْ) لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ، وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ إلَّا
صَدَّرَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَا مَرَّ فَفِي الرَّوْضَةِ فِي
الْبَيْعِ (وَيَطْهُرُ) الْمُتَنَجِّسُ (فِي الْحُكْمِيَّةِ بِجَرَيَانِ
الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُعْصَرْ) لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ
(وَالصَّقِيلُ) مِنْ سَيْفٍ، وَسِكِّينٍ، وَنَحْوِهِمَا (كَغَيْرِهِ) فِي
أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِهِ فَلَا يَطْهُرُ بِمَسْحِهِ
(وَيُبَادِرُ) وُجُوبًا (بِهِ) أَيْ بِغَسْلِ الْمُتَنَجِّسِ (عَاصٍ
بِالتَّنْجِيسِ) كَأَنْ اسْتَعْمَلَ النَّجَاسَةَ فِي بَدَنِهِ بِغَيْرِ
عُذْرٍ خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْصِ
بِهِ (فَلِلصَّلَاةِ) أَيْ فَلْيُبَادِرْ بِذَلِكَ وُجُوبًا لِلصَّلَاةِ،
وَنَحْوِهَا فَقَطْ (وَنُدِبَ تَعْجِيلٌ) بِهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ نَعَمْ
إنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَيَنْبَغِي وُجُوبُ تَعْجِيلِ إزَالَتِهَا
مُطْلَقًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ،
وَالْعَاصِي بِالْجَنَابَةِ يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالْعَاصِي
بِالتَّنْجِيسِ قَالَ، وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الَّذِي عَصَى
بِهِ هُنَا مُتَلَبِّسٌ بِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) نُدِبَ (حَتٌّ)
بِالْمُثَنَّاةِ (وَقَرْصٌ) بِالْمُهْمَلَةِ إذَا (لَمْ يَجِبَا) بِأَنْ
لَمْ تَتَوَقَّفْ الْإِزَالَةُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ تَوَقَّفَتْ
عَلَيْهِمَا، وَجَبَا، وَقَوْلُهُ (لِنَحْوِ دَمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا،
وَتَقْيِيدُ نَدْبِهِمَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ جَمَعَ بِهِ
الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَ إطْلَاقِ قَوْلَيْ الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ (وَ)
نُدِبَ (التَّثْلِيثُ) بَعْدَ الْإِزَالَةِ اسْتِظْهَارًا كَطُهْرِ
الْحَدَثِ (و) نُدِبَ (لِنَحْوِ ثَوْبٍ) أَيْ لِغَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ
(عَصْرٌ) لَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَالتَّصْرِيحُ
بِنَدْبِ الْعَصْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَوْرَدَ) إنْسَانٌ أَوْ
غَيْرُهُ كَرِيحٍ (مُتَنَجِّسًا عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ) لِمَا
مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ (، وَالْمَاءُ الْوَارِدُ عَلَى
الْمُتَنَجِّسِ طَهُورٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَوْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ)
لِقُوَّتِهِ لِكَوْنِهِ فَاعِلًا فَإِنْ تَغَيَّرَ فَنَجِسٌ كَمَا مَرَّ
أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي
آخِرِ الْبَابِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْقَيْدِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ،
وَإِذَا كَانَ طَهُورًا فِيمَا ذُكِرَ (فَلْيُدِرْهُ فِي الْإِنَاءِ
يَطْهُرُ، وَلَا يَطْهُرُ مَائِعٌ، وَلَوْ) كَانَ (دُهْنًا) لِخَبَرِ أَبِي
دَاوُد، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ رِيحًا طَهُرَ) وَأَفْهَمَ
كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُسْرَ مِنْ لَوْنِ الْمُغَلَّظَةِ أَوْ
رِيحِهَا لَا يَضُرُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ
وَلِهَذَا لَا يَلْتَحِقُ جِلْدُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ بِجِلْدِ مَيْتَةِ
مَا سِوَاهُمَا فِي جَوَازِ تَجْلِيلِ الدَّابَّةِ وَمَا قَالَهُ قَدْ
يُؤَيَّدُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْكَلْبِ وَيُجَابُ
بِأَنَّ الدَّمَ يَسْهُلُ إزَالَةُ جُرْمِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا ش
(قَوْلُهُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ) وَالتَّعْلِيلُ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَا مَعًا فِي
مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَإِنْ بَقِيَا مُتَفَرِّقَيْنِ لَمْ يَضُرَّ
وَالْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دِمَاءٌ
مُتَفَرِّقَةٌ كُلٌّ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ لَكَثُرَتْ،
وَفِيهَا احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَمَيْلُهُ إلَى الْعَفْوِ وَكَلَامُ
التَّتِمَّةِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِخِلَافِهِ ج.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِلصَّلَاةِ) هَلْ الْمُوجِبُ لِإِزَالَةِ
النَّجَاسَةِ هُوَ مُلَابَسَتُهَا أَوْ دُخُولُ الْوَقْتِ أَوْ هُمَا مَعًا
أَوْ الْمُلَابَسَةُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ مَعًا يُتَّجَهُ
إلْحَاقُهَا فِي ذَلِكَ بِالْحَدَثِ ج. (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ)
أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَشَارَ إلَى
تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى
تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِمَا وَجَبَا) وَإِنْ
تَوَقَّفَتْ إزَالَتُهُ عَلَى أُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ جَزَمَ بِهِ
الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ
وَجَزَمَ بِهِ فِي تَحْقِيقِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَنْقِيحِهِ، لَكِنْ قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ فَفِي
الْبَحْرِ إذَا بَقِيَ لَوْنٌ لَا يُخْرِجُهُ الْمَاءُ يُحْكَمُ
بِالطَّهَارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ
أَوْجَبَ الِاسْتِعَانَةَ بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنْ صَابُونٍ وَأُشْنَانٍ
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، قَالَ وَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ
الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ يُعْتَمَدْ
عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِلدَّلِيلِ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِي خَبَرِ
أَسْمَاءَ غَيْرَ الْمَاءِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ، قَالَ وَمَا
فِي التَّحْقِيقِ لَعَلَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي
وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى بَقَاءِ الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا أَوْ
الطَّعْمِ أَيْ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ مَعَ
بَقَاءِ ذَلِكَ ش وَقَوْلُهُ وَجَبَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ
وَجَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ بَعْدَ الْإِزَالَةِ إلَخْ) ، قَالَ
الْجِيلِيُّ وَنُدِبَ التَّثْلِيثُ لَا فِي الْمُغَلَّظَةِ حَتَّى
يَغْسِلَهُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ صَرَّحَ فِي
الشَّامِلِ الصَّغِيرِ وَمُذَاكَرَةُ أَهْلِ الْيَمَنِ بِخِلَافِهِ،
وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلُ
وَالْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْفَقِيهُ تَقِيُّ
الدِّينِ الْأَسَدِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ وَقَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ
أَنَّهُ الْأَظْهَرُ انْتَهَى إذْ الْمُكَبِّرُ لَا يُكَبِّرُ وَهُوَ
نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى نِهَايَتُهُ فِي التَّغْلِيظِ
لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ
الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ غَلُظَتْ فِي
الْخَطَأِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ
قَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ تَضَعَّفَ أَنَّ الْجُبْرَانَ
لَا يُضَعَّفُ فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِنَحْوِ ثَوْبٍ عُصِرَ)
، قَالَ الْغَزِّيِّ وَيَجِبُ الْعَصْرُ اتِّفَاقًا فِيمَا لَهُ خَمْلَةٌ
كَالْبِسَاطِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى، قَالَ وَالِدِي وَكَلَامُ شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ فِيمَا لَوْ طُبِخَ لَحْمٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ يَقْتَضِي أَنَّ
الْعَصْرَ فِي الْبِسَاطِ مَحَلُّ وِفَاقٍ، قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ
عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَصْرِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ فَلْيُدِرْهُ فِي الْإِنَاءِ يَطْهُرُ) لَا إنْ بَقِيَتْ عَيْنُ
(1/19)
عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ
فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ
مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْخَطَّابِيِّ
«فَأَرِيقُوهُ» فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ،
وَالْجَامِدُ هُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ قِطْعَةٌ لَا يَتَرَادَّ
مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَحَلَّهَا عَلَى قُرْبٍ، وَالْمَائِعُ
بِخِلَافِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَلَوْ صُبَّ عَلَى مَوْضِعِ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (مِنْ
أَرْضٍ مَا أَغْمَرَهُ طَهُرَ، وَلَوْ لَمْ يَنْضُبْ) بِضَمِّ
الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَغُرْ (، وَاللَّبِنُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (إنْ
خَالَطَ نَجَاسَةً جَامِدَةً كَالرَّوْثِ لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ طُبِخَ)
بِأَنْ صَارَ آجُرًّا لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ (أَوْ) خَالَطَ (غَيْرَهَا
كَالْبَوْلِ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ) ، وَكَذَا (بَاطِنُهُ إنْ
نَقَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ (وَلَوْ مَطْبُوخًا إنْ كَانَ رَخْوًا
يَصِلُهُ الْمَاءُ) كَالْعَجِينِ بِمَائِعٍ نَجِسٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ
لَمْ يَكُنْ رَخْوًا (فَمَدْقُوقًا) أَيْ فَيَظْهَرُ بَاطِنُهُ مَدْقُوقًا
بِحَيْثُ يَصِيرُ تُرَابًا بِخِلَافِهِ غَيْرَ مَدْقُوقٍ، وَوَقَعَ فِي
نُسْخَةٍ مَا يُخَالِفُ مَا شَرَحْت عَلَيْهِ فَاعْلَمْهُ (وَإِنْ سُقِيَتْ
سِكِّينٌ أَوْ طُبِخَ لَحْمٌ بِمَاءٍ نَجِسٍ كَفَى غَسْلُهُمَا) ، وَلَا
يُحْتَاجُ إلَى سَقْيِ السِّكِّينِ، وَإِغْلَاءِ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ،
وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ (مَعَ عَصْرِ اللَّحْمِ) مَبْنِيٌّ عَلَى
ضَعِيفٍ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْعَصْرِ، وَاسْتَشْكَلَ الِاكْتِفَاءُ
بِغَسْلِ ظَاهِرِ السِّكِّينِ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الْآجُرِّ،
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِي الْآجُرِّ لِأَنَّ
الِانْتِفَاعَ بِهِ مُتَأَتٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَابَسَةٍ لَهُ فَلَا حَاجَةَ
لِلْحُكْمِ بِتَطْهِيرِ بَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ
بِخِلَافِ السِّكِّينِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُرَادُ الْقَائِلِ بِطَهَارَةِ
بَاطِنِهَا الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا قَالَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي
الشَّامِلِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَقَالَ طَهُرَتْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ
الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا لِتَعَذُّرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَعُفِيَ
عَنْهُ.
(وَيَطْهُرُ الزِّئْبَقُ) الْمُتَنَجِّسُ (بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ إنْ لَمْ
يَتَخَلَّلْ) بَيْنَ تَنَجُّسِهِ، وَغَسْلِهِ (تَقَطَّعَ) ، وَإِلَّا لَمْ
يَطْهُرْ كَالدُّهْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَطَّعُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ
الْمَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَتَقَطَّعُ عِنْدَ إصَابَةِ
النَّجَاسَةِ، وَلَا يَنْجُسُ إلَّا بِتَوَسُّطِ رُطُوبَةٍ لِأَنَّهُ
جَافٌّ فَلَوْ، وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَمَاتَتْ، وَلَا رُطُوبَةَ لَمْ
يَنْجُسْ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَالزِّئْبَقُ بِالْهَمْزِ، وَكَسْرِ
الزَّايِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا (، وَيَكْفِي غَسْلُ
مَوْضِعِ نَجَاسَةٍ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبٍ) ، وَلَوْ (عَقِيبَ عَصْرِهِ) ،
وَلَا يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهِ، وَعَقِيبُ بِالْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ،
وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ (وَكَذَا) يَكْفِي
غَسْلُ مَكَانِ نَجَاسَةٍ (لَوْ صُبَّ مَاءٌ عَلَى مَكَانِهَا،
وَانْتَشَرَ) حَوْلَهَا فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ
لِأَنَّ الْمَاءَ الْوَارِدَ عَلَى النَّجَاسَةِ طَهُورٌ مَا لَمْ
يَتَغَيَّرْ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا مَرَّ.
(وَ) يَكْفِي (فِي تَطْهِيرِ بَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ
اللَّبَنِ) لِلتَّغَذِّي (لَا صَبِيَّةٍ، وَخُنْثَى نَضْحٌ بِالْمَاءِ
بِشَرْطِ غَلَبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ) أَمَّا بَوْلُ الصَّبِيَّةِ،
وَالْخُنْثَى فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْغَسْلِ، وَيَحْصُلُ بِالسَّيَلَانِ
مَعَ الْغَلَبَةِ فَالنَّضْحُ الْمُرَادُ غَلَبَةُ الْمَاءِ بِلَا
سَيَلَانَ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ
الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ،
وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَفَرَّقَ
بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِحَمْلِهِ أَكْثَرُ، وَبِأَنَّ
بَوْلَهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ لُصُوقَ
بَوْلِهَا بِهِ، وَأُلْحِقَ بِبَوْلِهَا بَوْلُ الْخُنْثَى مِنْ أَيِّ
فَرْجَيْهِ خَرَجَ، وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ
النَّضْحَ تَحْنِيكُ الصَّبِيِّ بِتَمْرٍ، وَنَحْوِهِ، وَلَا تَنَاوَلَهُ
السَّفُوفُ، وَنَحْوُهُ لِلْإِصْلَاحِ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ النَّضْحِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ إذْ
الرَّضَاعُ بَعْدَهُ كَالطَّعَامِ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَسِيَاقُ
كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ
التَّثْلِيثُ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَوْجِيهُهُمْ
السَّابِقُ فِي التَّثْلِيثِ فِي غَيْرِهِ، وَتَصْرِيحُهُمْ بِذَلِكَ فِي
النَّجَاسَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ، وَأَنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ بِالنَّضْحِ
مَعَ بَقَاءِ أَوْصَافِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اللَّوْنِ،
وَالرِّيحِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
النَّجَاسَةِ الْمَائِعَةِ وَلَوْ مَغْمُورَةً بِالْمَاءِ
(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِي الْآجُرِّ
إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إنَّمَا
لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْبَاطِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا
مِنْ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَاللِّفْتِ إذَا صُلِقَ
بِالنَّشَادِرِ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي التَّطْهِيرِ بِمَا يُكْتَفَى
بِهِ فِي التَّنْجِيسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَرَيَانَ النَّجَاسَةِ إلَى
الْبَاطِنِ مُنَجِّسٌ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ
النَّجَسِ وَتَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ
السَّرَيَانِ وَالْوُصُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إفَاضَةِ الْمَاءِ
وَجَرَيَانِهِ عَلَى مَحَلِّ النَّجَاسَةِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فِي
السِّكِّينِ وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِالنَّجَاسَةِ وَلِهَذَا صَحَّحَ
النَّوَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِغَسْلِ ظَاهِرِ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ
بِالنَّجَاسَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَطْهِيرِ بَاطِنِهِ
عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَلَا سَبِيلَ إلَى طَرْحِ اللَّحْمِ
وَضَيَاعِ الْمَالِيَّةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُغْسَلُ وَيُعْصَرُ
كَالْبِسَاطِ أَوْ يُغْلَى بِمَاءٍ طَهُورٍ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ
السَّرَيَانَ لَا يَطْهُرُ فَوَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِغَسْلِ الظَّاهِرِ
وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الْبَاطِنِ تَبَعًا بِخِلَافِ الْآجُرِّ وَهَذَا
فَرْقٌ دَقِيقٌ (تَعَقُّبَاتٌ) وَكَتَبَ أَيْضًا وَبِأَنَّ الْآجُرَّ
يُمْكِنُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِهِ بِأَنْ يَسْتَحِقَّ وَيَصُبَّ
عَلَيْهِ مَا يُغْمَرُهُ مِنْ الْمَاءِ فَيَطْهُرُ كَالتُّرَابِ
الْمُتَنَجِّسِ يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السِّكِّينِ لَا
يَجُوزُ سَحْقُهَا لِأَدَائِهِ إلَى ضَيَاعِ مَالِيَّتِهَا أَوْ نَقْصُهَا
وَمَعَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ دَاخِلَ الْأَجْزَاءِ
الصِّغَارِ.
(قَوْلُهُ وَيَطْهُرُ الزِّئْبَقُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ إلَخْ) تَنْبِيهٌ
إذَا تَنَجَّسَ الزِّئْبَقُ بِدُهْنٍ كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ لَمْ يَطْهُرْ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرْ) أَيْ وَلَا بِأَنْ
تَخَلَّلَ تَقَطُّعٌ وَالْتَأَمَ ثُمَّ تَقَطَّعَ عِنْدَ غَسْلِهِ مِنْهُ
(قَوْله عَقِيبَ عَصْرِهِ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ عَقِبَ غَسْلِهِ
وَالنَّوَوِيُّ نَقَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ
مِنْ الْقَائِلِينَ بِاعْتِبَارِ الْعَصْرِ فِي مُسَمَّى الْغُسْلِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ إلَخْ) وَهُنَا أَمْرٌ مُهِمٌّ
وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِ
الْغَسْلِ فَأَقَامَ أَيَّامًا وَدَامَ فِيهَا عَلَى شُرْبِ اللَّبَنِ
فَإِنَّهُ يَنْضَحُ مِنْ بَوْلِهِ لِزَوَالِ الْمُغَيِّرِ مِنْ جَوْفِهِ
وَهَذَا كَمَأْكُولِ اللَّحْمِ إذَا أَكَلَ نَجَاسَةً فَإِنَّهُ يُحْكَمُ
بِنَجَاسَةِ بَوْلِهِ إذَا قُلْنَا بَوْلُهُ طَاهِرٌ فَإِنْ أَقَامَ
أَيَّامًا حَتَّى ذَهَبَ مَا فِي جَوْفِهِ عَادَ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ
بَوْلِهِ وَيَنْبَغِي طَرْدُ ذَلِكَ فِي السَّخْلَةِ إذَا أَكَلَتْ غَيْرَ
اللَّبَنِ ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ عَلَى شُرْبِ اللَّبَنِ أَيَّامًا ثُمَّ
ذُبِحَتْ أَنَّ إنْفَحَتَهَا تَكُونُ طَاهِرَةً وَهَذَا أَيْضًا قَدْ
ذَكَرُوا فِي الْجَلَّالَةِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ فِي بَوْلِ
الصَّبِيِّ وَالْإِنْفَحَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ لِلتَّغَذِّي)
لَمْ يُجَاوِزْ الْحَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ إذْ الرَّضَاعُ بَعْدَهُ
كَالطَّعَامِ إلَخْ) وَلِهَذَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأَعْرَابِ
الَّذِينَ لَا يَتَنَاوَلُونَ إلَّا اللَّبَنَ. (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ
الزَّرْكَشِيُّ فِي اللَّوْنِ وَالرِّيحِ) قَالَ لِأَنَّا لَوْ لَمْ
نَكْتَفِ بِهِ لَأَوْجَبْنَا غُسْلَهُ انْتَهَى ش
(1/20)
وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْغَالِبِ
مِنْ سُهُولَةِ زَوَالِهِ قَالَ، وَلَوْ شَرِبَ صَبِيٌّ لَبَنًا نَجِسًا
أَوْ مُتَنَجِّسًا فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْغَسْلِ مِنْ بَوْلِهِ كَمَا لَوْ
شَرِبَتْ السَّخْلَةُ لَبَنًا نَجِسًا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ إنْفَحَتِهَا،
وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي
الْمَقِيسِ عَلَيْهِ.
(فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِكَلْبٍ، وَخِنْزِيرٍ، وَفَرْعِ كُلٍّ)
أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا (أَوْ بِمُتَنَجِّسٍ بِذَلِكَ إلَّا بِسَبْعٍ) مِنْ
الْغَسَلَاتِ بِالْمَاءِ (إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا، وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ
فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ،
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» أَيْ
بِأَنْ يُصَاحِبَ السَّابِعَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد
«السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ
«أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ، وَبَيْنَ رِوَايَتَيْ
مُسْلِمٍ تَعَارُضٌ فِي مَحَلِّ التُّرَابِ فَتَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ
مَحَلِّهِ، وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي، وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا
فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ، وَيُقَاسُ
بِالْوُلُوغِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ، وَبِالْكَلْبِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ،
وَلَوْ تَنَجَّسَ خُفٌّ بِشَعْرِ خِنْزِيرٍ لَمْ يَطْهُرْ بِمَا ذُكِرَ
مَحَلُّ الْخَرْزِ لَكِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فَيُصَلَّى فِيهِ
الْفَرَائِضُ، وَالنَّوَافِلُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ
يُصَلِّ فِيهِ أَبُو زَيْدٍ الْفَرَائِضَ احْتِيَاطًا لَهَا ذَكَرَهُ فِي
الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ،
وَلَا يَقُومُ غَيْرُ التُّرَابِ كَأُشْنَانٍ، وَصَابُونٍ مَقَامَهُ
(وَإِنْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ، وَزَادَ فِي الْغَسَلَاتِ) فَجَعَلَهَا
ثَمَانِيًا مَثَلًا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّطْهِيرُ الْوَارِدُ،
وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ.
(وَلْيَكُنْ التُّرَابُ) الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ ذَلِكَ (طَاهِرًا غَيْرَ
مُسْتَعْمَلٍ) فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ كَالْمَاءِ، وَالتَّصْرِيحُ بِغَيْرِ
الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (يَعُمُّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ) بِأَنْ
يَكُونَ قَدْرًا يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ
أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ، وَلْيَكُنْ (مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ) قَبْلَ
وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ يُوضَعَا، وَلَوْ مَرَّ
تَبَيَّنَ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ
رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحَلِّ بَاقٍ عَلَى
طَهُورِيَّتِهِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا لَوْ، وَضَعَ
التُّرَابَ أَوَّلًا، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِلَا رَيْبٍ، وَهَذَا مُقْتَضَى
كَلَامِهِمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ،
وَغَيْرُهُ، وَمَا، وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْمَزْجُ
قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ،
وَأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ يُرَدُّ بِأَنَّهُ
خِلَافُ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ فَلَا يُرْتَكَبُ بِلَا ضَرُورَةٍ،
وَكَلَامُ الْجُوَيْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لَهُ إذْ عِبَارَتُهُ لَيْسَ
كَيْفِيَّةُ التَّعْفِيرِ تَغْبِيرُ الثَّوْبِ بِغُبَارِ التُّرَابِ ثُمَّ
غَسْلُهُ بَعْدَ نَفْضِهِ، وَإِنَّمَا التَّعْفِيرُ أَنْ يُخْلَطَ
التُّرَابُ بِالْمَاءِ خَلْطًا ثُمَّ يُغْسَلُ الْمَحَلُّ، وَهِيَ دَالَّةٌ
عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ غَسْلُهُ بَعْدَ نَفْضِ التُّرَابِ
أَوْ بِلَا مَزْجٍ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَزْجُهُ قَبْلَ الْغَسْلِ
سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْوَضْعِ أَمْ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ لَا
يُقَالُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُغْسَلُ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ مَزْجِهِ قَبْلَ
الْوَضْعِ لِأَنَّا نَقُولُ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْ، وَعُلِمَ مِنْ
تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَاءِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَزْجُ
بِغَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَعْبِيرُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ
الْأَصْلِ بِالْمَائِعِ، وَإِنْ وَفَّى كَلَامُهُ آخِرًا بِالْغَرَضِ
نَعَمْ، إنْ مَزَجَهُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِغَيْرِهِ كَفَى قَالَهُ
ابْنُ الصَّلَاحِ، وَفَرْضُهُ فِي الْخَلِّ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا
إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِذَلِكَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا (،
وَيُسَنُّ) جَعْلُ التُّرَابِ (فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ، وَالْأُولَى
أَوْلَى) لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَثْرِيبِ مَا
يَتَرَشَّشُ مِنْ جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ (وَكَفَتْ) أَيْ السَّبْعُ مَعَ
التَّتْرِيبِ فِي إحْدَاهَا.
(وَإِنْ تَعَدَّدَ الْكِلَابُ) كَأَنْ، وَلَغَتْ فِي الْإِنَاءِ (أَوْ
لَاقَى) مَحَلَّ التَّنْجِيسِ بِهَا (نَجِسًا آخَرَ، وَيَسْقُطُ تَتْرِيبُ
أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْأَصْحَابَ تَرَدَّدُوا فِي
نَجَاسَةِ لَبَنِ الْآدَمِيِّ وَلَمْ يَتَرَدَّدُوا فِي النَّضْحِ مِنْ
بَوْلِهِ فَلَوْ لَاحَظُوا النَّجَاسَةَ وَعَدَمَهَا لَفَرَّعُوا النَّضْحَ
عَلَى طَهَارَةِ لَبَنِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْ كَلْبَةِ
فَالْقِيَاسُ أَيْضًا كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ التَّغْلِيظِ لَا يَنْسَحِبُ
عَلَى الْمَخْرَجَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ لَمْ
يَجِبْ غَسْلُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ سَبْعًا وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُ
الْفَمِ سَبْعًا ت.
[فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ]
(فَصْلٌ لَا يَطْهُرُ مُتَنَجِّسٌ بِكَلْبٍ إلَخْ)
فَرْعٌ لَوْ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي بَوْلٍ نَجِسٍ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً.
(قَوْلُهُ إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ) تَنْبِيهٌ لَوْ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ
الْكَلْبِيَّةُ الْعَيْنِيَّةُ إلَّا بِغَسَلَاتٍ فَهَلْ يَكْفِي
التَّتْرِيبُ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا مَعَ بَقَاءِ جُرْمِ
النَّجَاسَةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا
يَكْفِي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ
أَنَّهَا تُعَدُّ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ غَسَلَاتٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ
وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهُ الْعَيْنِيَّةُ
إلَّا بِالْحَتِّ وَالْقَرْصِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ
أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ جَزْمًا لِغِلَظِ حُكْمِهَا وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ فِي
سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ت (قَوْلُهُ أَيْ بِأَنْ يُصَاحِبَ السَّابِعَةَ)
لَمَّا كَانَ التُّرَابُ جِنْسًا غَيْرَ الْمَاءِ جُعِلَ اجْتِمَاعُهُمَا
فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعْدُودًا بِاثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي
رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ) فَإِنَّ التُّرَابَ
يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَفْرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْفَاءِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ) وَلِأَنَّهُ غَلُظَ بِجَمْعِ
جِنْسَيْنِ كَالْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ
(قَوْلُهُ وَلْيَكُنْ التُّرَابُ طَاهِرًا غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ) سَيَأْتِي
جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ فَهُوَ فِي مَعْنَى
التُّرَابِ وَجَوَازُهُ هُنَا أَوْلَى، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمِمَّا
يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ الطَّفْلُ وَهُوَ الطِّينُ الْأَبْيَضُ
الَّذِي يُشْوَى وَيُؤْكَلُ سَفَهًا وَالتَّيَمُّمُ بِهِ جَائِزٌ وَكَذَا
الطِّينُ الْأَرْمِيُّ وَالْخُرَاسَانِيُّ وَالْمَخْتُومُ وَغَيْرُهُمَا
وَشَرْطُ الرَّمَلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غُبَارٌ يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَفِي
الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ يَجُوزُ التَّعْفِيرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِ
التُّرَابِ كَالتَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِغَيْرِ
الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ سَلَّارٌ
شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ وَمُقْتَضَى
كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّا
يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ ش وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ
سَلَّارٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ وَضْعِهِمَا
عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ) نَعَمْ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاضِحٌ
فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَجُّسُ حَصَلَ لِمَا يَتَأَتَّى خَلْطُ التُّرَابِ
عَلَيْهِ بِالْمَاءِ كَبَاطِنِ الْإِنَاءِ أَمَّا لَوْ كَانَ لِمَا لَا
يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيهِ كَالسَّيْفِ
وَالسِّكِّينِ وَظَاهِرِ إنَاءِ النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ
لَا بُدَّ مِنْ الْمَزْجِ قَبْلَ الْإِيرَادِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ
وَجَبَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَحَلٍّ وَمَحَلٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ت.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ جَعْلُ التُّرَابِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إلَخْ) ،
قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَإِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ غُسِلَ
سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَلَا يُطَهِّرُهُ
غَيْرُ ذَاكَ أَيْ غَيْرُ التَّسْبِيعِ وَالتَّتْرِيبِ لَا تَعَيُّنُ
إحْدَى الْغَسْلَتَيْنِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ
وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلْأَصْحَابِ ع
(قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ تَتْرِيبُ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ) أَمَّا
الْحَجَرِيَّةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّتْرِيبِ
(1/21)
إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ، وَتَعْبِيرُهُ بِ يَسْقُطُ
يَقْتَضِي أَنَّهُ، وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ، وَلَيْسَ مُرَادًا، وَتَعْبِيرُ
الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ تَنَجَّسَتْ أَرْضٌ تُرَابِيَّةٌ بِنَجَاسَةِ
كَلْبٍ كَفَى الْمَاءُ وَحْدَهُ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ (وَالْغَمْسُ فِي)
مَاءٍ (رَاكِدٍ) كَثِيرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (يَحْسَبُ مَرَّةً
وَإِنْ مَكَثَ) الْمَحَلُّ فِيهِ نَعَمْ إنْ حَرَّكَهُ فِيهِ سَبْعَ
مَرَّاتٍ حُسِبَتْ سَبْعًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ رَاكِدُ
الْجَارِي فَإِنَّهُ إذَا جَرَى مِنْهُ عَلَى الْمَحَلِّ سَبْعَ جِرْيَاتٍ
حُسِبَتْ سَبْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَفِي
بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَوْلِهِ رَاكِدٍ لَا جَارٍ، وَهُوَ إيضَاحٌ،
وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ يُحْسَبُ مَرَّةً، وَإِنْ مَكَثَ مِنْ
زِيَادَتِهِ
(وَلَا يَنْجُسُ كَثِيرُ الْمَاءِ الطَّهُورِ، وَلَا إنَاؤُهُ بِوُلُوغِهِ)
أَيْ الْكَلْبِ أَوْ نَحْوِهِ فِيهِ (إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ) عَنْ
قُلَّتَيْنِ نَعَمْ إنْ أَصَابَ مِنْ الْإِنَاءِ مَا لَمْ يَصِلْهُ مَعَ
رُطُوبَةِ أَحَدِهِمَا نَجَّسَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ
هَذَا لَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ تَنَجُّسَهُ حِينَئِذٍ
لَيْسَ بِالْوُلُوغِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ
أَصَابَ الْإِنَاءَ مِنْ دَاخِلِ الْمَاءِ لَمْ يَنْجُسْ، وَتَكُونُ
كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةٌ مِنْ تَنَجُّسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ
تَنَجَّسَ الْإِنَاءُ بِالْوُلُوغِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ فِيهِ ثُمَّ كَثُرَ
حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ الْمَاءُ دُونَ الْإِنَاءِ كَمَا
نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَأَقَرَّهُ، وَجَزَمَ بِهِ
غَيْرُهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي قَوْلِهِ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءِ
أَيْضًا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ،
وَخَرَجَ بِالطَّهُورِ غَيْرُهُ كَالْمُتَغَيِّرِ بِمُخَالَطَةِ طَاهِرٍ
يَسْهُلُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَنْجُسُ بِالْوُلُوغِ مُطْلَقًا
(، وَيَلْقَى سَمْنٌ جَامِدٌ تَنَجَّسَ و) كَذَا (مَا حَوْلَهُ) مِمَّا لَا
يَتَحَقَّقُ إلْقَاءُ الْمُتَنَجِّسِ إلَّا بِإِلْقَائِهِ، وَيَبْقَى
الْبَاقِي عَلَى طَهَارَتِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ فِي
أَثْنَاءِ الْبَابِ، وَذِكْرُ السَّمْنِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَطْعِمَةِ
مِثْلُهُ، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالطَّعَامِ فَإِنْ قُلْت
يَنْبَغِي إلْقَاءُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ مَا حَوْلَ الْمُتَنَجِّسِ إذَا
تَنَجَّسَ تَنَجَّسَ مَا حَوْلَهُ، وَهَكَذَا لِوُجُودِ الرُّطُوبَةِ قُلْت
رُدَّ بِأَنَّ مَا حَوْلَهُ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ،
وَمَا حَوْلَ هَذَا لَمْ يُلَاقِهَا، وَإِنَّمَا لَاقَى الْمُتَنَجِّسَ
حُكْمًا فَلَا يَنْجُسُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَبَرِ «أَلْقُوهَا، وَمَا
حَوْلَهَا» فَحَكَمَ بِتَنَجُّسِ مَا لَاقَى عَيْنَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ
مَعَ رُطُوبَةِ السَّمْنِ
(وَنُدِبَ إرَاقَةُ سُؤْرِ الْكَلْبِ) أَيْ بَاقِي مَا وَلَغَ فِيهِ
(فَوْرًا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ
فَلْيُرِقْهُ، وَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» ،
وَيُقَاسُ بِالْكَلْبِ الْخِنْزِيرُ، وَفَرْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَحَلُّ
نَدْبِ الْإِرَاقَةِ إذَا لَمْ يُرِدْ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ فَإِنْ
أَرَادَهُ، وَجَبَتْ، وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَلِلْغُسَالَةِ حُكْمُ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْغَسْلِ) طَهَارَةً،
وَنَجَاسَةً فَإِنْ طَهُرَ طَهُرَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ بَلَلَ
الْمَحَلِّ بَعْضُهَا، وَالْمَاءُ الْوَاحِدُ الْقَلِيلُ لَا يَتَبَعَّضُ
طَهَارَةً وَنَجَاسَةً هَذَا (إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَلَمْ تَزِدْ،
وَزْنًا) فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَوْ زَادَ، وَزْنُهَا أَيْ بَعْدَ اعْتِبَارِ
مَا أَخَذَهُ الْمَحَلُّ مِنْ الْمَاءِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ الْوَسَخِ
الطَّاهِرِ فَنَجَّسَهُ، وَالْمَحَلُّ حِينَئِذٍ نَجِسٌ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ
يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ
أَنَّ لِلْغُسَالَةِ الْقَلِيلَةِ حُكْمُ الْمَحَلِّ مُطْلَقًا، وَيُجَابُ
بِأَنَّ نَجَاسَتَهَا هُنَا دَلِيلُ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ، وَفِيمَا مَرَّ
بِالْعَكْسِ، وَإِذَا كَانَ لَهَا حُكْمُ الْمَحَلِّ (فَيُغْسَلُ مِنْ
رَشَاشِ) غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ (الْكَلْبِيَّةِ فِي) الْمَرَّةِ
(الْأُولَى سِتًّا) هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ الْغُسَالَةُ
قُلَّتَيْنِ (فَإِنْ بَلَغَتْ) قُلَّتَيْنِ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ
(فَطَهُورٌ) مُطْلَقًا (وَغُسَالَةُ الْمَنْدُوبِ) أَيْ مَا يُنْدَبُ
غَسْلُهُ أَصَالَةً (كَالتَّثْلِيثِ طَهُورٌ) أَمَّا غُسَالَةُ مَا
يُنْدَبُ غَسْلُهُ عَرْضًا، وَهِيَ غُسَالَةُ مَا يُعْفَى عَنْهُ كَدَمٍ
قَلِيلٍ فَهِيَ كَغُسَالَةِ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ
فِيهِ وُجُوبُ غَسْلِهِ لَكِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ (خَاتِمَةٌ)
إذَا غَسَلَ فَمَه الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ
لِيَغْسِلَ كُلَّ مَا فِي حَدِّ الظَّاهِرِ، وَلَا يَبْتَلِعُ طَعَامًا،
وَلَا شَرَابًا قَبْلَ غَسْلِهِ لِئَلَّا يَكُونَ آكِلًا لِلنَّجَاسَةِ
نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ، وَأَقَرَّهُ
(بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمِيَاهِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْيَانِ) .
الِاجْتِهَادُ وَالتَّحَرِّي وَالتَّأَخِّي بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَلَبِ
الْمَقْصُودِ (يَجِبُ التَّحَرِّي) وُجُوبًا مُضَيَّقًا بِضِيقِ الْوَقْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ يُحْسَبُ مَرَّةً وَإِنْ مَكَثَ) أَيْ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا
لِأَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ مُعْتَبَرٌ فَالْغَايَةُ بِاعْتِبَارِ
الْمَفْهُومِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَمْكُثْ لَا يُحْسَبُ أَكْثَرَ مِنْ
مَرَّةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ
تَعْبِيرَهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ
يَمْكُثْ يُحْسَبُ مَرَّةً مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ
وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَلَا يُحْسَبُ إلَّا مَرَّةً وَإِنْ مَكَثَ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ حَرَّكَهُ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حُسِبَ سَبْعًا)
وَأَجْزَأَ عَنْ التَّعْفِيرِ إنْ كَانَ كَدِرًا د.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا جَرَى مِنْهُ عَلَى الْمَحَلِّ إلَخْ) وَيَكْفِي
عَنْ التَّعْفِيرِ إنْ كَانَ كَدِرًا
(قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ) الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ
فِي مُعَايَاتِهِ وَالرُّويَانِيُّ فِي فُرُوقِهِ وَغَيْرُهُمْ ش.
(قَوْلُهُ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) وَإِنْ أَصَابَهُ
الْكَلْبُ بِجُرْمِهِ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا
حَالَةَ الْوُلُوغِ لَمْ يَنْجُسْ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
وَغَيْرُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَدْ تَنَجَّسَ فَلَا
يَطْهُرُ بِذَلِكَ وَقَدْ صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَا لَوْ وَقَعَ
الْإِنَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ ش
(قَوْلُهُ وَلِلْغُسَالَةِ حُكْمُ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْغُسْلِ) غُسَالَةٌ
لَعَيْن نَجِسَةٍ لَا يَكُونُ حُكْمُهَا بَعْدَ الْغُسْلِ حُكْمُ تِلْكَ
الْعَيْنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَصُورَتُهُ فِي التُّرَابِ
النَّجِسِ وَالطِّينِ وَنَحْوِهِمَا إذَا غَسَلَهُ فَإِنَّهُ يَعُودُ
طَهُورًا حَتَّى يَتَيَمَّمَ بِهِ وَيَغْسِلَ بِهِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ
وَأَمَّا غُسَالَتُهُ وَهُوَ الْمَاءُ الْمَأْخُوذُ بَعْدَ أَنْ صَفَا
وَرَسَبَ الطِّينُ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ عَلَى قَاعِدَةِ سَائِرِ
الْغُسَالَاتِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَلَمْ تَزِدْ وَزْنًا)
فَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْغُسَالَةُ أَوْ زَادَ وَزْنُهَا فَلَيْسَ لَهَا
حُكْمُ الْمَغْسُولِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ التَّطْهِيرَ مِنْهَا وَقَوْلُنَا
إنَّ الْغُسَالَةَ الْمُتَغَيِّرَةَ وَاَلَّتِي ثَقُلَتْ وَزْنًا تُخَالِفُ
حُكْمَ الْمَغْسُولِ أَيْ فِي النَّجَاسَةِ يُنَبَّهْ عَلَى أَنَّ
الْمُغَلَّظَةَ يَسْتَأْنِفُ التَّطْهِيرَ مِنْهَا بِسَبْعٍ إحْدَاهَا
بِالتُّرَابِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي انْفَصَلَتْ عَنْهُ يَطْهُرُ
بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ أت. (قَوْلُهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى
سِتًّا مَعَ التَّتْرِيبِ) إنْ لَمْ يُتَرِّبْ فِيهَا وَيَحْتَاجُ إلَى
تَتْرِيبِ مَا أَصَابَهُ رَشَاشُ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ لِانْتِفَاءِ
عِلَّةِ عَدَمِ وُجُوبِ تَعْفِيرِهَا وَهِيَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى
لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ لَكِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ)
لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُعْفَى عَنْهُ
فِي الْمَاءِ أَيْضًا كَغُبَارِ السَّرْجَيْنِ وَقَلِيلَ دُخَانُ
النَّجَاسَةِ وَرُطُوبَةُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةَ وَشُبِّهَ ذَلِكَ
ت. (قَوْلُهُ إذَا غَسَلَ فَمَه الْمُتَنَجِّسَ إلَخْ) وَلَوْ أَكَلَ
لَحْمَ كَلْبٍ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَغْسِلُ فَمَه سَبْعًا
وَيُعَفِّرُهُ وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ مِنْ أَجْلِ
الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ مَرَّةً وَاحِدَةً د. |