أسنى المطالب في شرح روض الطالب

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ]
[الْجِنْس الْأَوَّل الْمَحْرَمِيَّةُ]
[السَّبَب الْأَوَّلُ الْقَرَابَةُ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ) (وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ الْأَوَّلُ الْمَحْرَمِيَّةُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ الْوَصْلَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلنِّكَاحِ أَبَدًا (وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ الْأَوَّلُ الْقَرَابَةُ وَيَحْرُمُ بِهَا سَبْعٌ) الْأَوَّلُ (الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي الْبَقِيَّةِ (وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْهَا نَسَبُك بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهِنَّ وَفِي بَقِيَّةِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ آيَةُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] (وَ) الثَّانِي (الْبَنَاتُ وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدْتهَا أَوْ وَلَدْت مَنْ وَلَدَهَا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (وَ) الثَّالِثُ (الْأَخَوَاتُ وَهُنَّ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَهَا أَبَوَاك أَوْ أَحَدُهُمَا وَ) الرَّابِعُ الْعَمَّاتُ (وَهُنَّ كُلُّ أُخْتِ ذَكَرٍ وَلَدَكَ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (وَ) الْخَامِسُ (الْخَالَاتُ وَهُنَّ أُخْتُ كُلِّ أُنْثَى) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ وَهُنَّ كُلُّ أُخْتِ أُنْثَى (وَلَدَتْك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَأُخْتُ أَبِي الْأُمِّ عَمَّةٌ) ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَك بِوَاسِطَةٍ.
(وَأُخْتُ أُمِّ الْأَبِ خَالَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْك بِوَاسِطَةٍ (وَ) السَّادِسُ وَالسَّابِعُ (بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَإِنْ بَعُدْنَ لَا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ وَالْخَوْلَةِ) فَلَا تَحْرُمُ وَلِضَبْطِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ عِبَارَتَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ الْأُولَى تَحْرُمُ نِسَاءُ الْقَرَابَةِ إلَّا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ أَوْ وَلَدِ الْخَوْلَةِ الثَّانِيَةِ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ أَوَّلِ أُصُولِهِ فَالْأُصُولُ الْأُمَّهَاتُ وَالْفُصُولُ الْبَنَاتُ وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْأُولَى لِتِلْمِيذِهِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ أَرْجَحُ لِإِيجَازِهَا وَنَصُّهَا عَلَى الْإِنَاثِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ.

(فَرْعٌ لَهُ نِكَاحُ بِنْتِ مَنْ زَنَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَاؤُهُ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ شَرْعًا بِدَلِيلِ انْتِفَاءِ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهَا سَوَاءٌ أَطَاوَعَتْهُ أُمُّهَا عَلَى الزِّنَا أَمْ لَا (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ فَغَيْرُهُ مِنْ جِهَتِهِ أَوْلَى وَلَوْ أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ بِلَبَنِ الزَّانِي صَغِيرَةً فَكَبِنْتِهَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا نِكَاحُ ابْنِهَا مِنْ الزِّنَا لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بُرْئِهِ مِنْ مَرَضِهِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ) (قَوْلُهُ وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهِنَّ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ اُخْتُلِفَ فِي انْصِرَافِ التَّحْرِيمِ إلَى مَاذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إلَى الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا وَالثَّانِي إلَى الْعَقْدِ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُحَرَّمٌ بِالْعَقْلِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ أَرْجَحُ لَا يُجَازِهَا إلَخْ) وَلِمَجِيئِهَا عَلَى نَمَطٍ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب: 50] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُنَّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَمْنُوعٌ

[فَرْعٌ نِكَاحُ بِنْتِ مَنْ زَنَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَائِهِ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مَائِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مَاءَ الرَّجُلِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(3/148)


كَعُضْوٍ مِنْهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِنِسْبَةٍ لِلْأَبِ

(وَتَحْرُمُ الْمَنْفِيَّةُ بِاللِّعَانِ) عَلَى نَافِيهَا (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَفِي عَنْهُ قَطْعًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ (وَفِي) وُجُوبِ (الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ (بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ) نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ أَشْبَهَهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ هُنَا نَعَمْ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ فَاغْتَرَّ بِهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَزَوْا تَصْحِيحَهُ إلَى نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ لَهُ عَنْ التَّتِمَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهَا وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَحْشَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا وَقِيسَ بِهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ

(السَّبَبُ الثَّانِي الرَّضَاعُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ)
لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ وَفِي أُخْرَى حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ (فَمُرْضِعَتُك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ وَمُرْضِعَاتُهَا) أَيْ وَمُرْضِعَاتُ مُرْضِعَتِك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ (وَمُرْضِعَاتُ مَنْ وَلَدَك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (أُمَّهَاتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتُك أَوْ ذَا لَبَنِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك وَلَبَنِ فُرُوعِك نَسَبًا وَرَضَاعًا بِنْتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) الْمُرْتَضِعَةُ (بِلَبَنِ أَحَدِ أَبَوَيْك) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أُخْتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) قِسْ (عَلَى هَذَا) بَقِيَّةَ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلُ

(فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ) فِي التَّحْرِيمِ كَمَا مَرّ قَرِيبًا مَعَ دَلِيلِهِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْهُ (أُمُّ الْأَخِ) وَالْأُخْتِ (وَأُمُّ وَلَدِ الْوَلَدِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَجَدَّةُ الْوَلَدِ) وَإِنْ عَلَتْ (وَأُخْتُهُ) وَإِنْ سَفَلَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَأُمُّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأُمُّ الْخَالِ وَالْخَالَةِ (فَإِنَّهُنَّ يَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حَرُمْنَ فِي النَّسَبِ لِكَوْنِ الْأُولَى أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ وَطْئًا مُحْتَرَمًا وَالثَّانِيَةُ بِنْتًا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ كَذَلِكَ وَالثَّالِثَةُ أُمًّا أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ أَوْ مَوْطُوءَةً كَذَلِكَ وَالرَّابِعَةُ بِنْتًا أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَةٍ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ جَدَّةٌ أَوْ مَوْطُوءَةُ جَدٍّ كَذَلِكَ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُنَّ فِي الرَّضَاعِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أُمُّ الْأَخِ.
كَذَا اسْتَثْنَى الصُّوَرَ الْمَذْكُورَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُنَّ) إنَّمَا (حَرُمْنَ) فِي النَّسَبِ (لِمَعْنًى آخَرَ) لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ كَمَا قَرَرْته وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ نَسَبٍ بِأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا أُمٌّ مِنْ رَضَاعٍ بِأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةَ زَيْدٍ أَوْ صَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا

(السَّبَبُ الثَّالِثُ الْمُصَاهَرَةُ فَيَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) وَإِنْ عَلَوْنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (وَزَوْجَاتُ أُصُولِك) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَإِنْ عَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] (وَ) زَوْجَاتُ (فُرُوعِك) مِنْ ابْنٍ وَحَافِدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] .
وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] لِإِخْرَاجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا زَوْجَةِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ وَقُدِّمَ عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَتَعْبِيرُهُ بِفُرُوعِك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِابْنِك وَابْنِ ابْنِك أَمَّا الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلُّ الْمَنْكُوحَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ يَطَّرِدُ الْوَجْهَانِ فِي الْهِبَةِ لَهَا أَوْ يُقْطَعُ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ يَعْنِي بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ حَيْثُ ذَكَرُوهُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ فِي الْمَانِعِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ النَّسَبِ ش وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَاتِبُهُ

[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ]
(قَوْلُهُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَحْجُبُ بِخِلَافِ الْأُخْتِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا) يُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْهُولًا فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُو الْمَرْأَةِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَصَدَّقَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِهِ

[السَّبَبُ الثَّانِي مِنْ الْمُحَرَّمَاتُ مِنْ النِّكَاحِ أَبَدًا الرَّضَاعُ]
(قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلَ) قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَبَّهَ عَلَى تَحْرِيمِهِنَّ كُلِّهِنَّ بِالْمَذْكُورَتَيْنِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ السَّبْعَ إنَّمَا حَرُمْنَ لِمَعْنَى الْوِلَادَةِ وَالْإِخْوَةِ فَالْأُمُّ وَالْبِنْتُ بِالْوِلَادَةِ وَالْبَاقِي بِالْإِخْوَةِ أُمًّا لَهُ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ وَتَحْرِيمُ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بِوِلَادَةِ الْإِخْوَةِ

[فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ]
(قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ) صُورَتُهَا فِي امْرَأَةٍ لَهَا ابْنٌ ثُمَّ إنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ فَذَاكَ الِابْنُ أَخُو ابْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهَذَا الَّذِي هُوَ أَخُو ابْنِهَا وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ
أُخْتُ ابْنِهِ وَأَخُو ابْنِهَا وَجَدَّةُ ابْنِ مُرْضِعِهِ ... وَكَذَاك أُمُّ أُخْتِهِ مَعَ عَمٍّ وَخَالٍ فَاسْمَعْهُ

[السَّبَبُ الثَّالِثُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ الْأَبَدِيَّةِ الْمُصَاهَرَةُ]
(قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالزَّوْجَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْمَاضِي حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ نَكَحَ صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ فَإِنَّ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَلَا نَظَرَ إلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] قَالَ فِي الْأُمِّ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ عِلْمِكُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ لَيْسَ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فَعَلُوهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ

(3/149)


(وَ) تَحْرُمُ (بِنْتُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَإِنْ سَفْلَتَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا بِخِلَافِ أُمِّهَا كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ فَحَرُمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا (نَسَبًا وَرَضَاعًا) مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ (فَرْعٌ لَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتُ وَلَا أُمُّهُ وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ أَوْ الرَّابِّ) لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ.

(فَصْلٌ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ الشُّبْهَةِ) فِي الْحَيَاةِ (كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمِ) كَأُخْتِهِ (يُثْبِتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ) حَتَّى تَحْرُمَ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى ابْنِ الْوَاطِئِ وَأَبِيهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا بِذَلِكَ (وَيُسْتَثْنَى مِنْ) حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ (الشُّبْهَةِ حِلُّ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمَسِّ وَالْمُسَافَرَةِ) فَلَا يَحِلُّ لِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ النَّظَرُ إلَى أُمِّ مَوْطُوءَتِهِ وَبِنْتِهَا وَلَا الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِهِمَا وَلَا مَسُّهُمَا كَالْمَوْطُوءَةِ بَلْ أَوْلَى وَمَشَقَّةُ احْتِجَابِ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ وَبِنْتُهَا فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِمَا مُنْتَفِيَةٌ هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْمَسِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ اخْتَصَّتْ الشُّبْهَةُ بِأَحَدِهِمَا فَالِاعْتِبَارُ) فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ (بِالرَّجُلِ) أَيْ بِشُبْهَتِهِ لَا شُبْهَةِ الْمَرْأَةِ (كَالنَّسَبِ وَالْعِدَّةِ)

(وَلَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ بِزِنًا وَ) لَا (لِوَاطَ) بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْمُحْرِمِ (وَلَا بِاللَّمْسِ) وَلَوْ (بِشَهْوَةٍ) كَمَا لَا تَثْبُتُ الْعِدَّةُ (وَ) لَا (وَطْءُ مَا سِوَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ) لِمَا ذُكِرَ.
(وَتَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ وَالْعِدَّةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْإِحْصَانِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِهِ لِلْمُفَوِّضَةِ وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ وَالْغُسْلِ وَالْمَهْرِ فِي صُورَةِ الشُّبْهَةِ (بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ زَوْجٍ) أَوْ سَيِّدٍ (أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ لَا) بِاسْتِدْخَالِ (مَاءِ زِنَا الزَّوْجِ) أَوْ السَّيِّدِ أَيْ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ يَثْبُتُ) جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ فِي زَوْجَتِهِ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِزِنًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِمَا بِثُبُوتِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ وَعَلَى الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّحْرِيمِ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ الزَّوْجِ وُجُودُ الزَّوْجِيَّةِ حَالَ الْإِنْزَالِ وَالِاسْتِدْخَالِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَاءِ الْأَجْنَبِيِّ قِيَامُ الشُّبْهَةِ فِي الْحَالَيْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُحْتَرَمًا فِيهِمَا.

(فَرْعٌ طَرَيَان مَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ) عَلَى نِكَاحٍ (يَقْطَعُ النِّكَاحَ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَ) تَزَوَّجَ (ابْنُهُ ابْنَتِهَا وَزُفَّتَا) إلَيْهِمَا بِأَنْ زُفَّتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا (فَوَطِئَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْأُخْرَى غَلَطًا انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ) ؛ لِأَنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ مَوْطُوءَةُ ابْنِهِ وَأُمُّ مَوْطُوءَتِهِ بِالشُّبْهَةِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ وَبِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ بِالشُّبْهَةِ (وَلَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (لِمَوْطُوءَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَى السَّابِقِ) مِنْهُمَا (بِالْوَطْءِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَفَعَ نِكَاحَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (وَهَلْ يَلْزَمُ الْآخَرُ) وَهُوَ الثَّانِي (لِزَوْجَتِهِ كَذَلِكَ) أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِيهِ (أَوْجُهٌ) أَحَدُهَا لَا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ ثَانِيهَا نَعَمْ إذْ لَا صُنْعَ لَهَا (ثَالِثُهَا) وَهُوَ الْأَوْجَهُ (يَجِبُ لِصَغِيرَةٍ لَا تَعْقِلُ وَمُكْرَهَةٍ) وَنَائِمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَيْهَا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَجِبُ لِعَاقِلَةٍ مُطَاوِعَةٍ فِي الْوَطْءِ وَلَوْ غَلَطًا كَمَا لَوْ اشْتَرَتْ حُرَّةٌ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
(فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ) عَلَى الثَّانِي (رَجَعَ عَلَى السَّابِقِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَبِنْتُ مَدْخُولٍ بِهَا) أَيْ حَالَ حَيَاتِهَا (قَوْلُهُ {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] إنَّمَا اخْتَصَّ الْقَيْدَ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ بِالْحَرْفِ وَالْأَوَّلُ بِالْإِضَافَةِ وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَامِلِ يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً إلَخْ) وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ فِي الْأُمَّهَاتِ مِنْ الرِّقَّةِ وَالْمَحَبَّةِ لِبَنَاتِهِنَّ مَا لَيْسَ فِي الْبَنَاتِ لِأُمَّهَاتِهِنَّ فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ رِقَّةً لَمْ تُنَفِّسْ عَلَى بِنْتِهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا فَكَانَ الدُّخُولُ بِهَا شَرْطًا فِي تَحْرِيمِ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا رُبَّمَا ضَنَّتْ بِالزَّوْجِ بِهَا بَعْدَ دُخُولِهِ مَا لَمْ تَضِنَّ بِهِ قَبْلَهُ وَالْبِنْتُ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ حُبًّا نَفَّسَتْ عَلَى أُمِّهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ فَيُفْضِي إلَى الْقَطِيعَةِ

[فَصْلٌ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ الشُّبْهَةِ]
(فَصْلُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ أَوْ الشُّبْهَةُ) لَا فَرْقَ فِي الشُّبْهَةِ بَيْنَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا شُبْهَةَ الْمَرْأَةِ) إذْ شُبْهَتُهَا لَا تُعْتَبَرُ إلَّا فِي الْمَهْرِ

(قَوْلُهُ وَتَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ) شَمَلَ تَحْرِيمَ الرَّبِيبَةِ بِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ زَوْجٍ إلَخْ) فَلَوْ أَمْنَى فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه فَحَبِلَتْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِيهَا فَاسْتَنْجَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَحَبِلَتْ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ أَمَةُ شَخْصٍ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَهَا بِنْتٌ مِنْ غَيْرِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِجَزْمِهِمَا بِثُبُوتِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ) وَفِي الزَّوَائِدِ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ لِلشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَاءِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي احْتِرَامِهِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ

[فَرْعٌ طَرَيَان مَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ عَلَى نِكَاحٍ يَقْطَعُ النِّكَاحَ]
(قَوْلُهُ طَرَيَان مَا يُثْبِتُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ إلَخْ) لَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ وَطِئَهَا أَبَاهُ بِشُبْهَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى زَوْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ.
وَعَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ احْتَرَزَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ عَلَى نِكَاحٍ قَطَعَهُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَطْرَأْ بَلْ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ دَائِمٌ اهـ يَرِدُ بِطُرُوِّ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ عَلَى زَوْجِهَا بِصَيْرُورَتِهَا مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ (تَنْبِيهٌ) إنَّمَا كَانَتْ مَوَانِعُ النِّكَاحِ تَمْنَعُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ لِتَأَيُّدِهَا وَاعْتِضَادِهَا بِكَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْأَبْضَاعِ هُوَ الْحُرْمَةُ (قَوْلُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحَانِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَحْرَمًا لِلْوَاطِئِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَبِنْتِ أَخِيهِ أَمْ لَا وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالشِّقِّ الثَّانِي س (قَوْلُهُ ثَالِثُهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(3/150)


عَلَيْهِ نِكَاحَهَا (لَكِنْ) يَرْجِعُ (بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا بِمَا غَرِمَ كَمَا فِي الرَّضَاعِ (وَإِنْ وَطِئَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَهَلْ يَتَرَاجَعَانِ) أَيْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا كَانَ يَرْجِعُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ وَيُهْدَرُ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهَا حَرُمَتْ بِفِعْلِهِمَا كَنَظِيرِهِ فِي الِاصْطِدَامِ وَثَانِيهِمَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ بِفِعْلِهِمَا جَمِيعًا فَيُنْسَبُ الْفِرَاقُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ أَوْ خَالَعَهَا وَيُفَارِقُ الِاصْطِدَامَ بِأَنَّ فِعْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا هُنَا لَوْ انْفَرَدَ لَحَرُمَتْ بِهِ الزَّوْجَتَانِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَلَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ وَلَا مَعِيَّةٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَجِبُ لِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحَانِ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِزَوْجَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ.

(فَرْعٌ وَإِنْ نَكَحَ) الشَّخْصُ (جَاهِلًا امْرَأَةً وَبِنْتَهَا مُرَتَّبًا فَالثَّانِي) مِنْ النِّكَاحَيْنِ (بَاطِلٌ) لِحُصُولِ الْجَمْعِ الْمُحَرَّمِ بِهِ (فَإِنْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ عَالِمًا) بِالتَّحْرِيمِ (فَنِكَاحُ الْأُولَى بِحَالِهِ) ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِيَةِ زِنًا فَلَا أَثَرَ لَهُ (أَوْ جَاهِلًا) بِهِ (بَطَلَ) نِكَاحُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنْتُهَا (وَلَزِمَ لِلْأُولَى نِصْفُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا ارْتَفَعَ بِصُنْعِ الزَّوْجِ (وَحَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) لِمَا مَرَّ (وَلِلْمَوْطُوءَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أَبَدًا إنْ كَانَتْ هِيَ الْأُمَّ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ (لَا) إنْ كَانَتْ هِيَ (الْبِنْتَ) فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا (فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا) ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةُ امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (إلَّا إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ الْأُمَّ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ (وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا وَأُشْكِلَتْ) أَيْ الْمَوْطُوءَةُ وَعُرِفَتْ السَّابِقَةُ (فَنِكَاحُ السَّابِقَةِ عَلَى حَالِهِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ) مِنْ اسْتِمْرَارِ صِحَّتِهِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ السَّابِقَةَ (حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا) كَالثَّانِيَةِ (نَظَرًا إلَى الْحَالِ) وَهُوَ الِاشْتِبَاهُ كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ.
(وَإِنْ عُرِفَتْ الْمَوْطُوءَةُ وَأُشْكِلَتْ السَّابِقَةُ فَنِكَاحُ الْمَوْطُوءَةِ مَوْقُوفٌ) فَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ (وَلَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْكَحُ) لِلِاشْتِبَاهِ كَمَا فِي إنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ (وَالْأُخْرَى) أَيْ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ (مُحَرَّمَةٌ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ مَوْطُوءَتِهِ أَوْ بِنْتُهَا (وَإِنْ أُشْكِلَا) بِأَنْ اشْتَبَهَتْ الْمَوْطُوءَةُ وَالسَّابِقَةُ (مَعًا وُقِفَا) أَيْ النِّكَاحَانِ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْبِنْتِ وَالدُّخُولِ بِالْأُمِّ فَتَحْرُمَانِ عَلَيْهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَلَا تُنْكَحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ (أَبَدًا وَإِنْ وَطِئَهُمَا جَمِيعًا) مَعَ الْإِشْكَالِ (حَرُمَتَا أَبَدًا فَإِنْ بَانَ الْأَمْرُ وَجَبَ لِلثَّانِيَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نِكَاحُهَا سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَ وَطْؤُهَا أَمْ تَأَخَّرَ (وَ) يَجِبُ (لِلْأُولَى إنْ وَطِئَهَا أَوَّلًا الْمُسَمَّى وَإِلَّا) بِأَنْ وَطِئَهَا ثَانِيًا (فَنِصْفُهُ وَمَهْرُ الْمِثْلِ) يَجِبَانِ لَهَا أَمَّا النِّصْفُ فَلِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِصُنْعِ الزَّوْجِ وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَلِأَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ

(فَصْلٌ) لَوْ (اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ حَرُمْنَ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (إلَّا إذَا كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ) كَنِسَاءِ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ فَلَا يَحْرُمْنَ إعْمَالًا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ مَعَ كَوْنِ الْحَرَامِ مُنْغَمِرًا كَمَا فِي الِاصْطِيَادِ مِنْ صَيُودٍ مُبَاحَةٍ اشْتَبَهَ بِهَا صَيْدٌ مَمْلُوكٌ وَإِلَّا انْحَسَمَ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَيْهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ كَكَثِيرٍ مَحْرَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِثَالٌ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِمُحَرَّمَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِيَشْمَلَ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَلِعَانٍ وَنَفْيٍ وَتَوَثُّنٍ وَغَيْرِهَا (وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ مَا تَعَسَّرَ عَدُّهُ عَلَى وَاحِدٍ) كَمَا ضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ وَقَدَّمْته مَعَ ذِكْرِ ضَابِطٍ لِلْغَزَالِيِّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ نَكَحَ الشَّخْصُ جَاهِلًا امْرَأَةً وَبِنْتَهَا مُرَتَّبًا]
(قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ فَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالنِّكَاحَانِ بَاطِلَانِ لِأَنَّ الْبِنْتَ نَكَحَهَا وَعِنْدَهُ أُمُّهَا وَالْأُمُّ أُمُّ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ اهـ فَعَقْدُ الْبِنْتِ لَمْ يَصِحَّ وَعَقْدُ الْأُمِّ بَطَلَ بِوَطْئِهِ بِنْتَهَا بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمَا بِأَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ: نِكَاحُ الْبِنْتِ هُوَ الْبَاطِلُ وَنِكَاحُ الْأُمِّ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ فَقَطَعَهُ وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بِسَبَبٍ مِنْهَا وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ بَاطِلٌ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ

[فَصْلٌ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ]
(فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةٍ إلَخْ) (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ) فَيَنْكِحُ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَبْقَى جُمْلَةً لَوْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِهِنَّ مَنَعَ مِنْهُنَّ كَمِائَةٍ وَدُونَهَا فَلَوْ قَالَ فِي الْمَحْصُورَاتِ إحْدَى هَؤُلَاءِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا أَعْرِفُ عَيْنَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَيَأْتِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ حَقِيقَتُهُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ أَنَّهَا الْمُحَرَّمَةُ مَا لَوْ امْتَازَتْ بِصِفَةٍ كَسَوَادٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ جَدْعٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ قَلِيلَةً فِي الْقَرْيَةِ الْكَبِيرَةِ فَلَا رَيْبَ فِي نِكَاحِ مَنْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَكَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَحْصُورِ إلَخْ) لَوْ اخْتَلَطَ غَيْرُ الْمَحْصُورِ بِغَيْرِ الْمَحْصُورِ كَمَا إذَا اشْتَبَهَ مِائَةُ امْرَأَةٍ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ مَحَارِمَ أَوْ مَحَارِمُ وَمُحَرَّمَاتٌ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِعَدَمِ غَلَبَةِ الْحَلَالِ فَإِنْ غَلَبَ الْحَلَالُ جَازَ النِّكَاحُ وَتَصْرِيحُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ وَاشْتَبَهْنَ بِغَيْرِ مَحْصُورَاتٍ فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ عَدَدَهُنَّ كَعِشْرِينَ قَسَّمْنَا نِسَاءَ الْبَلَدِ عِشْرِينَ قِسْمًا فَإِنْ صَارَ كُلُّ قِسْمٍ مَحْصُورًا حَرُمَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ مَحَارِمِهِ فَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِنِسْوَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ وَاحِدَةً بِالِاجْتِهَادِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ بِمَحْصُورَاتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَبِهَاتِ وَلَا مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ لِجَوَازِ الْوُقُوعِ فِي خَامِسَةٍ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَعَقَدَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى ثَلَاثٍ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا نِكَاحُهُ بِرِجَالِ بَلْدَةٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهَا وَهِيَ لَا تَعْرِفُ عَيْنَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي حَقِّهَا كَهُوَ فِي حَقِّهِ فَحَيْثُ مَنَعْنَاهُ مَنَعْنَاهَا وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ جَوَّزْنَا لَهَا

(3/151)


ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ.

(الْجِنْسُ الثَّانِي) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (مَا لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْأَوَّلُ الْجَمْعُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعٌ يَحْرُمُ تَنَاكُحُهُمَا إنْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَلِخَبَرِ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَتَغَيَّرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَهُنَّ» كَمَا زَادَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا (لَا الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتُهُ مِنْ أُخْرَى) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَصَلَتْ بِفَرْضِ أُمِّ الزَّوْجِ ذَكَرًا فِي الْأُولَى وَبِفَرْضِ بِنْتِهِ ذَكَرًا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ وَلَا رَضَاعٌ بَلْ مُصَاهَرَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا رَحِمٌ يُحْذَرُ قَطْعُهَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ قَيْدِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ بِأَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ أَيَّتِهِمَا قُدِّرَتْ ذَكَرًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى فَتَخْرُجُ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الزَّوْجِ مَثَلًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا زَوْجَةُ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَكِنَّ زَوْجَةَ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى بَلْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً عَنْهَا وَقَدْ يُقَالُ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ السَّيِّدَةُ وَأَمَتُهَا الصِّدْقُ الضَّابِطُ بِهِمَا مَعَ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ مِنْ التَّحْرِيمِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ الْمُقْتَضِي لِمَنْعِ النِّكَاحِ فَتَخْرُجُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا قَدْ يَزُولُ وَبِأَنَّ السَّيِّدَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَلَّ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا (وَ) لَا (بِنْتُ رَجُلٍ وَرَبِيبَتُهُ) وَلَا امْرَأَةٌ وَرَبِيبَةُ زَوْجِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) لَا (أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أَبِيهِ) إذْ لَا تَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ أَحَدِهِمَا.
(وَحَيْثُ حَرُمَ الْجَمْعُ) بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ (فَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا بَطَلَتَا) أَيْ الْمَرْأَتَانِ أَيْ نِكَاحُهُمَا إذْ لَيْسَ تَخْصِيصُ إحْدَاهُمَا بِالْبُطْلَانِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى (وَإِلَّا) بِأَنْ نَكَحَهُمَا مُرَتَّبًا (بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِهَا حَصَلَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ السَّابِقِ بَطَلَا وَإِنْ عَلِمَ ثُمَّ اشْتَبَهَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ كَمَا فِي إنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ (اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ)

(وَلَهُ نِكَاحُ أُخْتٍ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (لَا) أُخْتِ مُطَلَّقَتِهِ (الرَّجْعِيَّةِ) وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ (فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَائِهَا وَهِيَ مُنْكِرَةٌ) لِذَلِكَ (وَأَمْكَنَ انْقِضَاؤُهَا فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَهَا (لَكِنْ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا (وَلَوْ وَطِئَهَا حُدَّ) لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا (أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً (فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِرَاشَ قَدْ انْقَطَعَ

[فَصْلٌ اشْتَرَى أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ]
(فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى) مَثَلًا (أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا) مِنْ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ (صَحَّ) الشِّرَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْوَطْءِ وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الشِّرَاءُ لِلْوَطْءِ لَمْ يُفْضِ الْجَمْعُ فِيهِ إلَى التَّقَاطُعِ (لَكِنْ إنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (حَرُمَتْ الْأُخْرَى) لِئَلَّا يَحْصُلَ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا) قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُولَى (لَمْ تَحِلَّ وَلَمْ تَحْرُمْ الْأُولَى) إذْ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الثَّانِيَةَ لِئَلَّا يَجْمَعَ الْمَاءَ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ.
(وَيَبْقَى تَحْرِيمُهَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) عَلَى نَفْسِهِ بِإِزَالَةِ (مِلْكٍ كَبَيْعٍ) أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهَا مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنٍ فِي الْهِبَةِ (أَوْ) بِإِزَالَةِ (حَلٍّ كَتَزْوِيجٍ أَوْ كِتَابَةٍ) إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ (لَا رَهْنَ وَلَا إحْرَامَ وَعِدَّةٍ وَرِدَّةٍ) وَنَحْوِهَا كَحَيْضٍ وَبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ لَمْ تُزِلْ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ (وَلَا يَكْفِي) لِحِلِّ الْأُخْرَى (اسْتِبْرَاؤُهَا) أَيْ الْأُولَى (وَ) لَا (تَحْرِيمُهَا بِالْقَوْلِ) كَقَوْلِ حَرَّمْتهَا عَلَيَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ الْفِرَاشَ (فَإِنْ) عَادَ حَلُّهَا كَأَنْ بَاعَهَا ثُمَّ (رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ) أَوْ إقَالَةٍ (أَوْ) زَوَّجَهَا ثُمَّ (طَلُقَتْ) أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ عَجَزَتْ (ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا) فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الْجِنْسُ الثَّانِي مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَا لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُ] [النَّوْع الْأَوَّلُ الْجَمْعُ بَيْن الْمَحَارِم]
قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ) شَمَلَ جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ وَفِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْأُخْرَى بِزَوْجِيَّةٍ وَعُلِمَ مِنْهُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْرُمْ أَجْمَعُهُمَا بِنِكَاحٍ كَمَنْ لَهُ جَارِيَةٌ يَمْلِكُ أُخْتَيْهَا إحْدَاهُمَا مِنْ أُمِّهَا وَالْأُخْرَى مِنْ أَبِيهَا فَأَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْأُخْتَيْنِ جَازَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ جَارِيَتِهِ الَّتِي كَانَ يَمْلِكُهَا وَبَيْنَ إحْدَى هَاتَيْنِ فِي الْوَطْءِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا) قَالَ فِي الْوَافِي لَوْ غَابَ مَعَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ عَادَ وَذَكَرَ مَوْتَهَا حَلَّ لِأُخْتِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ وَلَوْ غَابَتْ زَوْجَتُهُ مَعَ أُخْتِهَا ثُمَّ قَدِمَتْ الْأُخْتُ فَذَكَرَتْ مَوْتَ أُخْتِهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ مَوْتِهَا قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ مَالِكٌ لِبُضْعِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ مَوْتِهَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُمْتَنَعُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَأُخْتِهَا الَّتِي نَفَاهَا وَالِدُهَا بِلِعَانٍ احْتِيَاطًا إذْ هِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ قَطْعًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَتَى اسْتَلْحَقَهَا لَحِقَتْهُ كَاتَبَهُ.
(قَوْلُهُ لَا الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا) أَوْ زَوْجَةُ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَحَهُمَا مَعًا بَطَلَتَا) لَوْ قَالَ فَإِنْ نَكَحَهُمَا بِعَقْدٍ كَانَ أَوْلَى لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ مَعًا هَلْ تَقْتَضِي الِاتِّحَادَ فِي الزَّمَانِ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ التَّحْرِيمُ فِي الْإِمَاءِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ فِي الْمَنْكُوحَاتِ

(3/152)


تَخَيَّرَ) بَيْنَ أَيَّتِهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا حِينَئِذٍ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَجُزْ وَطْءُ الْعَائِدَةِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأُخْرَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَالْأُولَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى.

(فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ أُخْتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ) أَوْ نَسَبٍ (فَوَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ مُحَرَّمَةٌ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ الْمَذْكُورَ لَا يَكُونُ إلَّا شُبْهَةً

(وَلَوْ مَلَكَ أُمًّا) وَفِي نُسْخَةٍ أَمَةً (وَبِنْتَهَا وَوَطِئَ إحْدَاهُمَا حَرُمَتْ الْأُخْرَى) أَبَدًا (فَإِنْ وَطِئَ الْأُخْرَى) وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (حُرِّمَتَا مَعًا وَالْمَنْكُوحَةُ تُحَرِّمُ وَطْءَ أُخْتِهَا) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (الْمَمْلُوكَةِ وَإِنْ سَبَقَ) وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْمِلْكِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ وَالْمِيرَاثُ وَغَيْرُهَا وَالْأَقْوَى لَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ اللَّاحِقِ وَيَدْفَعُ الْأَضْعَفُ السَّابِقَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ وَهَذَا فِي الِاسْتِفْرَاشِ وَالْمِلْكُ نَفْسُهُ أَقْوَى مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ وَاسْتِفْرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ اسْتِفْرَاشِ الْمِلْكِ.

(فَصْلٌ الْمُرْتَدَّةُ) بَعْدَ الدُّخُولِ (مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ) فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا نِكَاحُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَأَمَةٍ وَإِنْ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهَا لِلْإِسْلَامِ وَاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ (فَإِنْ بَانَتْ بِثَلَاثٍ أَوْ خُلْعٍ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (حَلَّتْ لَهُ أُخْتُهَا) وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِذَلِكَ إنْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ وَبِالرِّدَّةِ إنْ لَمْ تَعُدْ لَهُ

(وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْمُرْتَدَّةِ أَوْ أُخْتُهَا) فِي الْعِدَّةِ (زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ وُقِفَ) نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ (فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ) أَيْ الْكَبِيرَةُ (فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (الصَّغِيرَةُ) لِتَبِينَ بَيْنُونَةَ الْكَبِيرَةِ بِرِدَّتِهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) فِيهَا (حَرُمَتَا كَمَا ذَكَرَهُ) الْأَصْلُ فِي نَظِيرِهِ (فِي الرَّضَاعِ) أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ فِي الْأُولَى مَعَ أُخْتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ فَلِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ فِي الْأُولَى مَعَ أُخْتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ بِنْتِ أُخْتِهَا فِيهِ.
(وَعَلَيْهِ) حِينَئِذٍ (لِلْكَبِيرَةِ الْمُسَمَّى وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَتَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِلْكَبِيرَةِ (وَنِصْفِهِ) لِلصَّغِيرَةِ

[النَّوْعُ الثَّانِي فِي بَيَانِ قَدْرِ الْعَدَدِ الْمُبَاحِ فِي النِّكَاحِ]
(النَّوْعُ الثَّانِي فِي) بَيَانِ قَدْرِ (الْعَدَدِ الْمُبَاحِ) فِي النِّكَاحِ (فَيَحِلُّ لِلْعَبْدِ) وَلَوْ مُكَاتَبًا (ثِنْتَانِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ كَمَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَ) تَحِلُّ (لِلْحُرِّ أَرْبَعٌ) فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] الْآيَةَ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحُوهُ (فَإِنْ جَمَعَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (لَمْ يَصِحَّ) نِكَاحُهُنَّ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَاتِ.
(فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ اخْتَصَّتَا بِالْبُطْلَانِ) دُونَ غَيْرِهِمَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (أَوْ كَانَتَا فِي سَبْعٍ) بَطَلَ (الْجَمِيعُ) وَكَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَى أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ وَكَالْأُخْتَيْنِ كُلِّ اثْنَتَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا

(فَرْعٌ) لَوْ (عَقَدَ) عَلَى سِتٍّ (بِثَلَاثٍ) أَيْ عَلَى ثَلَاثٍ (مَعًا وَثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْ) الْعُقُودِ (فَنِكَاحُ الْوَاحِدَةِ صَحِيحٌ) بِكُلِّ تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ إلَّا أُولَى أَوْ ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ فَإِنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْعَقْدَيْنِ كَانَ ثَانِيهِمَا بَاطِلًا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا (قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَنِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَقْدَيْ الْفِرْقَتَيْنِ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ.
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الصِّحَّةِ (وَغَلَّطَهُ) الشَّيْخُ (أَبُو عَلِيٍّ فَقَالَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ) وَهُوَ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَلَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ (فَيُوقَفُ نِكَاحُ الْخَمْسِ وَيُؤَاخَذُ) الزَّوْجُ (بِنَفَقَتِهِنَّ) مُدَّةَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِأَجْلِهِ وَيُسْأَلُ عَنْ الْبَيَانِ (فَإِنْ ادَّعَى سَبْقَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ وَصَدَّقَهُ أَهْلُهُ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ (ثَبَتَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدَّعِ سَبْقًا كَأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَوْ ادَّعَاهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَهْلُهُ (فَلَا) يَثْبُتُ (وَلَهُنَّ طَلَبُ الْفَسْخِ لِلضَّرُورَةِ) فَإِنْ رَضِينَ بِالضَّرَرِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ اعْتَدَّتْ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَمَنْ دَخَلَ بِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ مَلَكَ أُخْتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ فَوَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ]
قَوْلُهُ وَالْمَنْكُوحَةُ تُحَرِّمُ وَطْءَ أُخْتِهَا إلَخْ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ وَكَانَ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هَلْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَوْ يَفْسَخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ لِأُخْتِ الزَّوْجَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَقْلًا وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ إذْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ أَوْ أَمَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يَفْسَخُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ إلَخْ) وَأَيْضًا التَّرْجِيحُ هُنَا فِي عَيْنَيْنِ وَهُنَاكَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فس

[فَصْلٌ أَحْكَام الْمُرْتَدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ]
(قَوْلُهُ وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ) قَدْ تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ لِلْحُرِّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ تَوَقَّفَ عَلَى الْحَاجَةِ كَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ وَالْحُرِّ النَّاكِحِ الْأَمَةَ وَقَدْ لَا يَنْحَصِرُ كَمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْأُلْفَةُ وَالْمُؤَانَسَةُ وَهِيَ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ تَفُوتُ وَأَمَّا مَعَ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّهُ بِالْقَسْمِ يَغِيبُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ إلَخْ) وَالثَّلَاثُ لِلْعَبْدِ كَالْخَمْسِ لِلْحُرِّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُخْتَانِ إلَخْ) فِي مَعْنَى الْأُخْتَيْنِ مَا لَوْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمُحْرِمَةٍ وَمُلَاعَنَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَأَمَةٍ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ الْأَمَةُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ فَالرَّاجِحُ فِيمَا إذَا جَمَعَ الْحُرُّ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ثَلَاثِ حَرَائِرَ أَوْ أَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ بُطْلَانُهُ فِي الْأَمَةِ وَصِحَّتُهُ فِي الْحَرَائِرِ

(3/153)


الْأَكْثَرُ مِنْهَا وَمِنْ الْأَقْرَاءِ) احْتِيَاطًا (وَتُعْطَى الْمُنْفَرِدَةُ رُبْعَ مِيرَاثِهِنَّ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ (لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ عَقْدِ الثَّلَاثَةِ) مَعَهَا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَعَهَا عَقْدَ الثَّلَاثِ فَلَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَ الرُّبْعِ الْمَأْخُوذِ وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ عَقْدِ الثِّنْتَيْنِ فَتَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ.
(وَيُوقَفُ ثُلُثَاهُ) أَيْ مِيرَاثُهُنَّ (بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ وَ) يُوقَفُ (نِصْفُ سُدُسِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ (بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ) فَالِاصْطِلَاحُ فِي الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالثِّنْتَيْنِ وَفِي نِصْفِ السُّدُسِ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ (وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلِلْمُنْفَرِدَةِ الْمُسَمَّى وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَإِنْ دَخَلَ بِهِنَّ قُوبِلَ بَيْنَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرِ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ وَ) بَيْنَ (عَكْسِهِ) وَهُوَ مُسَمَّى الثِّنْتَيْنِ وَمَهْرُ مِثْلِ الثَّلَاثِ (وَتَأْخُذُ الْأَكْثَرَ) مِنْ الْقَدْرَيْنِ (مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ احْتِيَاطًا لَهُنَّ (وَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ الْأَقَلَّ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (وَيُوقَفُ الْبَاقِي) إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ (مِثَالُهُ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَمُسَمَّى الثَّلَاثِ وَمَهْرُ مِثْلِ الثِّنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ عَكْسِهِ) بِخَمْسِينَ (فَنَأْخُذُهَا) أَيْ الْأَرْبَعَمِائَةِ مِنْ التَّرِكَةِ (وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَيُوقَفُ مِنْ الْبَاقِي) وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ (مِائَةٌ بَيْنَ النِّسْوَةِ الْخَمْسِ وَخَمْسُونَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثَّلَاثِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ فَالْمِائَةُ لَهُمَا وَالْخَمْسُونَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ) بَانَ (صِحَّةُ نِكَاحِ الثَّلَاثِ فَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ لَهُنَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (لَمْ يُعْطِهِنَّ) فِي الْحَالِ (شَيْئًا وَوَقَفَ أَكْثَرُ الْمُسَمَّيَيْنِ) بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ التَّرِكَةِ.
(وَهُوَ فِي مِثَالِنَا ثَلَاثُمِائَةٍ مِائَتَانِ بَيْنَ الْخَمْسِ وَمِائَةٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثَّلَاثِ وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ أَخَذْنَا الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّى الْمَدْخُولِ بِهِنَّ فَقَطْ وَمِنْ مَهْرِ مِثْلِهِنَّ مَعَ مُسَمَّى الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى) الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَأَعْطَيْنَا الْمَوْطُوآتِ الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ مِثْلِهِنَّ وَوُقِفَ الْبَاقِي فَإِنْ دَخَلَ بِالثِّنْتَيْنِ فِي مِثَالِنَا أَخَذَتَا مَهْرَ مِثْلِهِمَا مَعَ مُسَمَّى الثَّلَاثِ وَهُوَ) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا (أَرْبَعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّاهُمَا وَأَعْطَيْنَاهُمَا مِائَةً) كُلَّ وَاحِدَةٍ خَمْسِينَ (وَوَقَفْنَا مِائَةً بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ وَمِائَتَيْنِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ دَفَعْنَا الْمِائَةَ) الْمَوْقُوفَةَ بَيْنَهُمَا (إلَيْهِمَا وَالْبَاقِي) وَهُوَ مِائَتَانِ (لِلْوَرَثَةِ أَوْ) بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ (الثَّلَاثِ فَالْكُلُّ) أَيْ الْمَوْقُوفُ وَهُوَ الثَّلَثُمِائَةِ (لَهُنَّ وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّلَاثِ فَالْمَأْخُوذُ) مِنْ التَّرِكَةِ (ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ) وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهِنَّ مَعَ مُسَمَّى الثِّنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّى الثَّلَاثِ فَنُعْطِي كُلًّا مِنْهُنَّ خَمْسِينَ مِنْهَا.
(وَالْمَوْقُوفُ مِائَتَانِ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ) وَهُوَ أَنَّا نَقِفُ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ بَيْنَ الْخَمْسِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثَّلَاثِ أَعْطَيْنَاهُنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِ الثِّنْتَيْنِ أَعْطَيْنَاهُمَا الْمِائَتَيْنِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ (بِحَالِهَا وَنَكَحَ فِي عَقْدٍ) رَابِعٍ (أَرْبَعًا) أُخَرَ وَجُهِلَ السَّابِقُ (وَالْمَهْرُ كَمَا مَثَّلْنَا) مِنْ أَنَّ مُسَمَّى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَمَهْرَ مِثْلِهَا خَمْسُونَ (عَمَّ الْإِشْكَالُ) الْوَاحِدَةَ أَيْضًا (لِاحْتِمَالِ) وُقُوعِ (نِكَاحِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ) نِكَاحِ (الْوَاحِدَةِ) وَقَوْلُهُ وَالْمَهْرُ كَمَا مَثَّلْنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ شَرْطًا فِي عُمُومِ الْأَشْكَالِ بَلْ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ الْآتِي بَيَانُهُ (فَيُوقَفُ) إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ (مِيرَاثُ أَرْبَعٍ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ وَلَا نُعْطِي وَاحِدَةً مِنْهُنَّ شَيْئًا وَأَمَّا الْمَهْرُ (فَإِنْ وَطِئَهُنَّ أَخَذْنَا) مِنْ التَّرِكَةِ (الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّى أَرْبَعٍ مَعَ مَهْرِ مِثْلِ سِتٍّ وَمِنْ مُسَمَّى ثَلَاثٍ مَعَ مَهْرِ مِثْلِ سَبْعٍ وَهُوَ) أَيْ الْأَكْثَرُ (سَبْعُمِائَةٍ وَنُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلَّ) مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا.
(وَهُوَ خَمْسُونَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي) وَهُوَ مِائَتَانِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَخَذْنَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرَ مِنْ مُسَمَّاهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا وَأَعْطَيْنَاهَا أَقَلَّهُمَا وَوَقَفْنَا الْبَاقِيَ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعُقُودِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْأَصْلِ لَكَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الْمِثَالِ أَلْفًا فَيَلْزَمُ إدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثَلَثِمِائَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ وَأَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَعَ الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ الثِّنْتَيْنِ (فَالْمَوْقُوفُ الْأَكْثَرُ مِنْ مُسَمَّى الْأَرْبَعِ وَ) مِنْ (مُسَمَّى الْوَاحِدَةِ مَعَ) مُسَمَّى (الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ) مُسَمَّى (الثِّنْتَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ فِي مِثَالِنَا وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَوُقِفَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى) لَهَا (وَمَهْرُ مِثْلِهَا وَأُعْطِيَتْ) مِنْهُ (الْأَقَلَّ) مِنْهُمَا.
(وَوُقِفَ الْبَاقِي) بَيْنَهَا وَبَيْنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3/154)


الْوَرَثَةِ وَتَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ وكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ أَيْضًا لَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ بَلْ لِيُقَلِّلَ الْمَأْخُوذَ فَيَقُولُ وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ لِعَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِنَّ وَمَهْرِ مِثْلِ مَنْ عَدَاهُنَّ مِمَّنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَلَوْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ ثَلَاثٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَلَوْ دَخَلَ بِسَبْعٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ سِتٍّ وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ نِصْفَهَا وَنُوقِفُ نِصْفَهَا وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْكِتَابِ أُخِذَ أَلْفٌ فِي الْمِثَالَيْنِ نُعْطِي مِنْهُ الْمَدْخُولَ بِهِنَّ فِي الْأَوَّلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ ثَمَانُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَفِي الثَّانِي ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَيُوقَفُ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ (وَقَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ) السَّابِقُ (هُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ قَرِيبًا) فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الرَّابِعِ (مِنْ أَنَّهُ إذَا) وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عَقْدَانِ وَقَدْ (جُهِلَ السَّابِقُ بَطَلَ الْعَقْدُ) الصَّادِقُ بِالْعَقْدَيْنِ (وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا قَدْ أُشْكِلَ هُنَا) كَمَا مَرَّ (وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ) قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ وَاحِدَةٌ وَالزَّوْجُ مُتَعَدِّدٌ وَلَمْ يُعْهَدْ جَوَازُهُ أَصْلًا بَلْ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَهُنَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ عُهِدَ جَوَازُهُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي ذَاكَ.

(النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرِّ ثَلَاثًا) فِي نِكَاحٍ أَوْ أَنْكِحَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ) لَمْ يُنْزِلْ أَوْ (بَقِيَ) مِنْ ذَكَرِهِ بَعْدَ قَطْعِهَا (أَكْثَرُ) مِنْ قَدْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَغْيِيبُ جَمِيعِ الْبَاقِي وَلْتَكُنْ غَيْبَةُ ذَلِكَ (فِي قُبُلِهَا) لَا فِي غَيْرِهِ كَدُبُرِهَا كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ (فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) لَا فِي غَيْرِهِ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ وَشُبْهَةٍ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ (وَإِنْ كَانَ) الْغَيْرُ (نَائِمًا) أَوْ هِيَ نَائِمَةً وَيُحْتَمَلُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا بِأَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَائِمًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ فِي ذَاتِهِ يُلْتَذُّ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحِسَّ بِهِ لِعَارِضِ غَيْبَةِ الْعَقْلِ (أَوْ عَلَيْهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ (حَائِلٌ) كَأَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً فَإِنَّهُ يَكْفِي تَغْيِيبُهَا كَمَا يَكْفِي فِي تَحْصِينِهَا (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) لِلْآلَةِ.
(وَإِنْ ضَعُفَ) الِانْتِشَارُ وَاسْتَعَانَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ أُصْبُعِهَا لِيَحْصُلَ ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ الْآتِي فِي الْخَبَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْمُعْتَبَرُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ السَّلِيمُ ذَكَرَهُ بِأُصْبُعِهِ بِلَا انْتِشَارٍ لَمْ يُحَلِّلْ كَالطِّفْلِ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ (تَنْفِيرًا مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أَيْ الثَّالِثَةَ {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْوَطْءُ نَفْسُهُ سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ.

(فَرْعٌ وَتَحِلُّ) لَهُ (بِوَطْءِ كَبِيرٍ وَكَذَا صَغِيرٍ غَيْرِ رَقِيقٍ يَتَأَتَّى مِنْهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ عَقَدَ عَلَى سِتٍّ بِثَلَاثٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْ الْعُقُودِ]
قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ فَرْقُ الشَّارِحُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ خِلَافِهِ

[النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرُّ ثَلَاثًا إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَحْتَمِلُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَالتَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ وَالزَّوْجَةُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ مَا تَزَوَّجْت زَوْجًا آخَرَ بَعْدَمَا طَلَّقَك الْمُوَرِّثُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ إقْدَامَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ وَلَوْ طَلَبَ الْوَرَثَةُ يَمِينَهَا لَمْ تَحْلِفْ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ لَا مِنْهُمْ اهـ وَسُئِلَ الْقَفَّالُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ (قَوْلُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) التَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ هَلْ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ أَوْ إلَى الثَّالِثَةِ فَقَطْ فِيهِ تَرَدُّدٌ يُؤَثِّرُ فِيمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالثَّالِثَةِ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا هَلْ يَغْرَمَانِ الثُّلُثَ أَوْ الْكُلَّ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ وَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ كُلَّ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبُضْعِ كَالثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ) لِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الْآلَةُ الْحَسَّاسَةُ وَبِهَا الِالْتِذَاذُ وَبِهَذَا سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ الْعُسَيْلَةُ (قَوْلُهُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) وَالْمُعْتَبَرُ الْحَشَفَةُ الَّتِي كَانَتْ لِهَذَا الْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا إنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ الِافْتِضَاضِ لِأَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيْضِ وَهُوَ فِي الْبِكْرِ يَضِيقُ عَنْ مَدْخَلِ الذَّكَرِ فَإِذَا دَخَلَ اتَّسَعَ الثُّقْبُ وَانْخَرَقَتْ بِهِ الْجِلْدَةُ فَزَالَتْ الْبَكَارَةُ الَّتِي هِيَ ضِيقُ الْمَنْفَذِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تَغِيبُ الْحَشَفَةُ وَلَا تَزُولُ الْبَكَارَةُ فِي الْغَوْرَاءِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ لِلْآلَةِ) أَيْ وَإِزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِدْخَالِ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ إلَخْ) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: 230] إلَخْ) قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ لَا يَحْصُلُ الْحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَكَيْفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَوْ السُّنَّةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَيَخْلُفُهُ التَّحْرِيمُ إلَى الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ وَمِنْ الطَّلَاقِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُمَا تَحْرِيمَانِ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّصِّ عَلَيْهِمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ إلَخْ) الْعُسَيْلَةُ الْجِمَاعُ كَمَا وَرَدَ تَفْسِيرُهَا بِهِ

(3/155)


الْوَطْءُ بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ وَبِخِلَافِ صَغِيرٍ رَقِيقٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِالْإِجْبَارِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا مَجْنُونٌ وَمُحْرِمٌ) بِنُسُكٍ (وَخَصِيٌّ وَلَوْ) كَانَ صَائِمًا أَوْ (كَانَتْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُظَاهِرًا مِنْهَا أَوْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ مُعْتَدَّةً مِنْ شُبْهَةٍ وَقَعَتْ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ) أَوْ مُحْرِمَةً بِنُسُكٍ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكِنْ جَزَمَ فِي الذَّخَائِرِ بِالْمَنْعِ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى كَالطِّفْلِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَعْنَى يَدْفَعُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ التَّنْفِيرُ مِمَّا مَرَّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْبَةِ حَشَفَةِ الطِّفْلِ (لَا) إنْ كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) وَإِنْ رَاجَعَهَا (وَ) لَا (مُعْتَدَّةً لِرِدَّةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ.
(وَتُتَصَوَّرُ) الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ (بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاسْتَدْخَلَتْهُ وَارْتَدَّتْ) الْأُولَى ثُمَّ ارْتَدَّتْ (ثُمَّ وَطِئَهَا) فَهَذَا الْوَطْءُ لَا يُحَلِّلُ لِوُجُودِهِ فِي حَالِ ضَعْفِ النِّكَاحِ (وَتَحِلُّ ذِمِّيَّةٌ لِمُسْلِمٍ بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ) وَكِتَابِيٍّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (فِي نِكَاحٍ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ تَرَافُعِهِمْ إلَيْنَا) كَمَا يُحَصِّنُونَهَا بِذَلِكَ

(فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَهَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْوَطْءِ بَطَلَ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَكَذَا إنْ شَرَطَ طَلَاقَهَا) قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَمْنَعُ دَوَامَ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ التَّأْقِيتَ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا طَلَّقَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفُرْقَةَ بَلْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(فَلَوْ تَوَاطَآ) أَيْ الْعَاقِدَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَقَدَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ (بِلَا شَرْطٍ كُرِهَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا صَرَّحَ بِهِ أَبْطَلَ إذَا أَضْمَرَهُ كُرِهَ وَمِثْلُهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا وَطِئَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَتَصْرِيحُ الْمُصَنِّفِ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا قَالَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) نَكَحَهَا (عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (أَوْ) عَلَى أَنَّهُ (لَا يَطَؤُهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ) إلَّا (مَرَّةً) مَثَلًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا نَهَارًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (بَطَلَ) النِّكَاحُ (إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ جِهَتِهَا لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَ الْعَقْدِ لَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِمُسَاعِدَةِ غَيْرِ الشَّارِطِ لِلشَّارِطِ وَالْمُسَاعَدَةُ مِنْهُ تَرْكٌ لِحَقِّهِ وَمِنْهَا مَنْعٌ لَهُ فَهَلَّا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ فَقَدْ تَعَارَضَ مُقْتَضِيَا الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ لِقُوَّتِهِ وَعَنِيَ بِمُقْتَضَى الصِّحَّةِ شَرْطَ الزَّوْجِ أَوْ مُسَاعَدَتَهُ وَفِي اقْتِضَائِهِ لَهَا نَظَرٌ إذْ غَايَتُهُ عَدَمُ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اقْتِضَاؤُهُ الصِّحَّةَ.
وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ إلْزَامٌ وَالْمُسَاعَدَةَ الْتِزَامٌ وَالشَّرْطَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ لِلْمُلْزَمِ وَلَا عَكْسَ وَرَدَّهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّ هَذَا إنْ ظَهَرَ فِي شَرْطِهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْتِزَامٌ لَا إلْزَامٌ وَمُسَاعَدَتُهَا بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّرْكِ مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَمِنْ جِهَتِهَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَهُوَ إلْزَامٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ بَلْ لِلْمَعْنَى أَيْضًا إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ قَامَ بِهِ عُنَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا هَذَا وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنْ يُقَالَ الْبَادِئُ بِالشَّرْطِ إنْ كَانَ صَاحِبَ الْحَقِّ فَهُوَ تَارِكٌ لِحَقِّهِ ابْتِدَاءً وَالْآخَرُ لَيْسَ مَانِعًا لَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ صَاحِبِ الْحَقِّ فَاشْتِرَاطُهُ مُفْسِدٌ لِمَا بَدَأَ بِهِ فَمُسَاعَدَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا تُفِيدُ تَمَامَ الْعَقْدِ لِفَسَادِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا لِلْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِالْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَأْيُوسُ مِنْ احْتِمَالِهَا الْوَطْءَ مُطْلَقًا أَوْ حَالًا إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الِاحْتِمَالِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.
وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا أَنْ يَكُونَ كَهِيَ (وَلَوْ تَزَوَّجَ) بِهَا (عَلَى أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَلِلتَّنَاقُضِ (أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْبُضْعَ وَأَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْبُضْعِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (فَكَشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَ) هَا (وَإِنْ أَرَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا

(فَرْعٌ يُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا (فِي التَّحْلِيلِ) بِيَمِينِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
مَرْفُوعًا عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ

[فَرْعٌ تَحِلُّ لَهُ بِوَطْءِ كَبِيرٍ وَكَذَا صَغِيرٍ غَيْرِ رَقِيقٍ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ]
(قَوْلُهُ أَوْ صَغِيرَةٌ لَا تُشْتَهَى) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مُطَلِّقُهَا أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ وَجْهٌ ضَعَّفَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَتُتَصَوَّرُ الْعِدَّةُ بِلَا وَطْءٍ) أَيْ فِي الْقُبُلِ. (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ) أَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ

[فَرْعٌ نَكَحَهَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْوَطْءِ]
(قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا رَتْقَاءُ أَوْ قَرْنَاءُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَطْعًا قَالَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً وَحَرَّمْنَا وَطْأَهَا فَشَرَطَتْ تَرْكَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الشِّفَاءَ مُتَوَقَّعٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُزْمِنَةَ إذَا طَالَتْ دَامَتْ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي التَّحْلِيلِ بِيَمِينِهَا]
(قَوْلُهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي التَّحْلِيلِ) أَيْ فِي أَنَّهَا نَكَحَتْ زَوْجًا وَأَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ قَالَ شَيْخُنَا وَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا أَوْ عَيَّنَتْهُ وَكَذَّبَهَا فِي الْوَطْءِ وَصَدَّقَهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ قَبُولِ قَوْلِهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُطَلِّقِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يُزَوِّجْهَا كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قَبْلَ بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ مَحْكِيٌّ عَنْ الْقَاضِي لَكِنْ فِي فَتَاوِيهِ مَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَوْ ادَّعَتْ عِلْمَ الْوَلِيِّ بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ وَأَنْكَرَ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ

(3/156)


عِنْدَ الْإِمْكَانِ (وَإِنْ كَذَّبَهَا الثَّانِي) فِي وَطْئِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا وَالْوَطْءُ مِمَّا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (لَكِنْ إنْ حَلَفَ الثَّانِي) عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا (لَا يَلْزَمُهُ) لَهَا (إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا بِيَمِينِهَا (فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) مِنْ الثَّانِي (عِنْدَ الْإِمْكَانِ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَائِهَا.
(وَلَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (تَزَوُّجُهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا) لِقَبُولِ قَوْلِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِظَنٍّ لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ (لَكِنْ يُكْرَهُ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ يُمْنَعُ ذَلِكَ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْأَنْوَارِ (فَإِنْ كَذَّبَهَا) بِأَنْ قَالَ هِيَ كَاذِبَةٌ (مَنَعْنَاهُ) مِنْ تَزَوُّجِهَا (إلَّا إنْ قَالَ) بَعْدَهُ (تَبَيَّنْت صِدْقَهَا) فَلَهُ تَزَوُّجُهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْكَشَفَ لَهُ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَلَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ أَيْ الثَّانِي وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الْحِلَّ قَالَ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا نَكَحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُصِيبَتْ وَلَا يَعْلَمُ حَلَّتْ لَهُ انْتَهَى وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُوَافِقُهُ وَكَذَا إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَإِنْ كَذَّبَهَا الثَّانِي لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَا شَاهِدَ فِيهِ وَلَوْ قَالَتْ أَنَا لَمْ أَنْكِحْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ كَذَبْت بَلْ نَكَحْت زَوْجًا وَوَطِئَنِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْت وَأَمْكَنَ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَلَهُ نِكَاحُهَا.
وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ كَذَبْت مَا طَلَّقَنِي إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلَهَا التَّزَوُّجُ بِهِ بِغَيْرِ تَحْلِيلٍ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَبْطُلْ بِرُجُوعِهَا حَقًّا لِغَيْرِهَا

(فَرْعٌ وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ) الْأَمَةُ بِإِزَالَةِ مَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ (ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ

[الْجِنْسُ الثَّالِثُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الرِّقُّ]
(الْجِنْسُ الثَّالِثُ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (الرِّقُّ وَلَا يَجْتَمِعُ الْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ) لِتَنَاقُضِ حُكْمَيْهِمَا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ فَسَقَطَ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى وَأَقْوَاهُمَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالنِّكَاحُ لَا يُفِيدُ إلَّا ضَرْبًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ (فَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِمَا مَرَّ أَمَّا فِي مِلْكِهِ لَهَا فَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَكَوْنُهَا مِلْكَهُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ وَلَوْ مَلَّكَهَا الْمِلْكَ نَفْسَهُ.
وَأَمَّا فِي مِلْكِهَا لَهُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْهُ كَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالسَّفَرِ إلَى الشَّرْقِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْغَرْبِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي أَشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ فَيَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَسْقُطُ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى

(وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ لَا الْمُبَعَّضِ أَمَةُ غَيْرِ وَلَدِهِ وَ) لَا (الْمُبَعَّضَةُ إلَّا بِشُرُوطٍ) بِخِلَافِ الْمُبَعَّضِ وَكُلُّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ بِلَا شَرْطٍ مِمَّا يَأْتِي وَبِخِلَافِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهُمَا مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي وَكَذَا أَمَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا وَالشُّرُوطُ هُنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ كَذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ وَلِمَفْهُومِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ بِالْأُولَى.
(فَلَوْ كَانَتْ) تَحْتَهُ حُرَّةٌ (لَكِنَّهَا صَغِيرَةٌ) لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ (أَوْ رَتْقَاءُ) أَوْ قَرْنَاءُ (أَوْ بَرْصَاءُ) أَوْ مَجْذُومَةٌ (أَوْ هَرِمَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ فَكَالْمَعْدُومَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ فَوُجُودُهَا كَالْعَدَمِ فَتَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ وَقِيلَ لَا تَحِلُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِتَزْوِيجِهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَيَجْتَمِعُ مَا هُنَا وَمَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ لَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْغَائِبِينَ وَنَحْوِهِمْ فَإِذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ طَلَاقِهِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَتَزْوِيجُ الْحَاكِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ بِشَائِبَةِ نِيَابَةٍ عَنْ الْوَلِيِّ لَا وِلَايَةٍ فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ فَقَالَتْ زَوَّجَنِي وَلِيٌّ بِعَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَكَذَّبَهَا الْوَلِيُّ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا يُحْكَمُ بِقَوْلِهَا لِأَنَّهَا تُقِرُّ عَلَى نَفْسِهَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا كَالْمُقِرَّةِ عَلَى الْوَلِيِّ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالثَّالِثُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَفِيفَةِ وَالْفَاسِقَةِ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ تُقَيِّدَ الْإِقْرَارَ وَتُضِيفَ التَّزْوِيجَ إلَى الْوَلِيِّ فَيُكَذِّبَهَا وَبَيْنَ أَنْ تُطْلِقَ ثُمَّ قَالَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِي تَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا كَانَتْ قَدْ عَيَّنَتْهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِهِمَا لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَالْكَذِبِ هَذِهِ عِبَارَتُهُ وَبِهَا يَظْهَرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَكْذِيبَ الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ يَقْدَحُ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَقْدَحُ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ فَقَالَ فِي بَابِ التَّحْلِيلِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّهُ أَصَابَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ الثَّانِي لَمْ أَدْخُلْ بِهَا وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الدُّخُولَ هَلْ لِلْأَوَّلِ نِكَاحُهَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ الَّذِينَ ادَّعَتْ انْعِقَادَ النِّكَاحِ بِحُضُورِهِمْ وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ وَأَشَارَ الْبَغَوِيّ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ مَعَ تَكْذِيبِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ ت

[فَرْعٌ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ]
(قَوْلُهُ أَمَّا فِي مِلْكِهِ لَهَا) أَيْ مِلْكًا تَامًّا (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي مِلْكِهَا لَهُ) أَيْ مِلْكًا تَامًّا

(قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ لَا الْمُبَعَّضِ أَمَةُ غَيْرِ وَلَدِهِ إلَخْ) لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَمْلِ أَمَةٍ دَائِمًا ثُمَّ أَعْتَقَ تِلْكَ الْأَمَةَ لَمْ يَجُزْ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بِشُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِأَجْلِ إرْقَاقِ الْوَلَدِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَمَةِ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ غَيْرِهَا لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَقَلَّ أَنْ يَتَفَطَّنَ لَهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْوَارِثُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ أَمَةِ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ إلَخْ) وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدٍ يَمْلِكُ فَرْعَهَا أَوْ مُكَاتَبِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ لِلْأَمَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ زَوْجَةٌ لِتَدْخُلَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ

(3/157)


وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلْمُهَذَّبِ وَالْقَاضِي وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» مَحْمُولٌ عَلَى حُرَّةٍ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ

الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى حُرَّةٍ لِعَدَمِهَا أَوْ فَقْرِهِ أَوْ غَيْبَةِ مَالِهِ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ وَجَدَهَا رَاضِيَةً بِهِ وَوَجَدَ صَدَاقَهَا فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَنَحْوِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ.
(وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (كِتَابِيَّةً) لِمَا مَرَّ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنَاتِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي الْمُؤْمِنَةِ وَمِنْ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْمُؤْمِنَةِ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْكِتَابِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْضَى بِالْمُؤْمِنِ إلَّا بِمَهْرٍ كَثِيرٍ (لَا مُعْتَدَّةً) عَنْ غَيْرِهِ وَلَا رَتْقَاءَ وَلَا قَرْنَاءَ وَلَا مَجْذُومَةً وَلَا بَرْصَاءَ وَلَا مَجْنُونَةً وَلَا طِفْلَةً فَلَا يَحْرُمُ مَعَهُنَّ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ غَائِبَةٍ) عَنْ بَلَدِهِ (تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ) فِي قَصْدِهَا (أَوْ يَخَافُ الْعَنَتَ) مُدَّةَ قَصْدِهَا كَمَا أَشَارَ إلَى مَا قَدَّرَتْهُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ (دُونَهَا نَكَحَ الْأَمَةَ) وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ لَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ إذْ أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ انْتَهَى وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يَنْسُبَ مُتَحَمِّلَهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَكَذَا) لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ (لَوْ وَجَدَهَا) أَيْ الْحُرَّةَ (بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطُّهْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ (أَوْ رَضِيَتْ بِلَا مَهْرٍ) لِوُجُوبِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ وَلِأَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْفَرْضِ فِي الْحَالِ فَتَشْتَغِلَ ذِمَّتُهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ.
(أَوْ) رَضِيَتْ (بِإِمْهَالِهِ) بِالْمَهْرِ وَإِنْ تَوَقَّعَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَشْتَغِلُ فِي الْحَالِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَمَّا يَتَوَقَّعُهُ (أَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ) بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تَفِي بِصَدَاقِهَا أَوْ مَنْ يَبِيعُهُ نَسِيئَةً مَا يَفِي بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ مَنْ يُقْرِضُهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَا يَلْحَقُهُ الْأَجَلُ فَرُبَّمَا يُطْلَبُ مِنْهُ فِي الْحَالِ (أَوْ مَنْ يَهَبُ لَهُ) مَالًا أَوْ أَمَةً لِعِظَمِ الْمِنَّةِ (نَعَمْ لَوْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) لَهَا وَهُوَ (يَجِدُهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَالْمِنَّةُ بِالنَّقْصِ فِيهِ قَلِيلَةٌ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا إذْ وَجَدَ الْمَاءَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ لَا يَتَيَمَّمُ (وَتَحِلُّ) الْأَمَةُ (لِمَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ) يَحْتَاجُهُمَا وَلَمْ تَصْلُحُ الْخَادِمُ لِلتَّمَتُّعِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُمَا وَصَرْفُ ثَمَنِهِمَا إلَى مَهْرِ الْحُرَّةِ (لَا) مَنْ لَهُ (ابْنٌ مُوسِرٌ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ ابْنِهِ لِوُجُوبِ إعْفَافِهِ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَلَدِ (فَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ الْأَمَةَ حَيْثُ حَلَّتْ لَهُ (وَأَيْسَرَ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ.
(أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي خَوْفِ الْعَنَتِ وَالْإِحْرَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَالْإِسْلَامِ

الشَّرْطُ (الثَّالِثُ خَوْفُ الْعَنَتِ وَهُوَ الزِّنَا) بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الزِّنَا بَلْ تَوَقَّعَهُ لَا عَلَى نُدْرَةٍ (فَمَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ وَلَهُ تَقْوَى أَوْ مُرُوءَةٌ أَوْ حَيَاءٌ يَسْتَقْبِحُ مَعَهَا الزِّنَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ وَكَذَا لَوْ قَوِيَتْ الشَّهْوَةُ وَالتَّقْوَى) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الزِّنَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرِقَّ وَلَدَهُ لِقَضَاءِ وَطَرٍ وَكَسْرِ شَهْوَةٍ وَأَصْلُ الْعَنَتِ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] وَالطَّوْلُ السَّعَةُ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ.
قَالَ الرُّويَانِيُّ بِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ (وَلَا تَحِلُّ) الْأَمَةُ (لِمَجْبُوبٍ) ذَكَرُهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الزِّنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ فَقْرِهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَدَمُ رِضَاهَا بِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَةُ مَالِهِ) وَيُخَالِفُ مَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ غَائِبَةً حَيْثُ مُنِعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى وَجْهٍ لِأَنَّ تَطْلِيقَ الْغَائِبَةِ مُمْكِنٌ وَإِحْضَارُ الْمَالِ الْغَائِبِ فِي الْحَالِ غَيْرُ مُمْكِنٍ (قَوْلُهُ دُونَهَا) بِمَعْنًى بَيِّنٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةَ جِدًّا فِي حُكْمِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ بِأَنْ كَانَ يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ مِنْهَا وَيَلْزَمُهُمْ حُضُورُ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَجَدَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْل إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هَذَا إنْ كَانَ الزَّائِدُ يُعَدُّ بَذْلُهُ إسْرَافًا وَإِلَّا فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ وَفَرَّقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الطُّهْرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ وَعَلَى هَذَا جَرَى النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ أَمَةً وَحُرَّةً وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يَرْضَى سَيِّدُهَا بِنِكَاحِهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا سَأَلَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ.
قَالَ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ تَوَزَّعَ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ حُرَّةً تَطْلُبُ دِينَارًا مَثَلًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَأَمَةً يَطْلُبُ سَيِّدُهَا دِينَارًا مَثَلًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا تَطْلُبُهُ الْحُرَّةُ قَدَّمَهَا وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْأَمَةِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِمْهَالِهِ) وَفَارَقَ وُجُوبَ شِرَاءِ الْمَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَإِنَّهُمَا يَجِبَانِ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ وَالْقُدْرَةُ بِمَالِ الْوَلَدِ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ كَالْقُدْرَةِ بِمَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ) بَلْ لَا مِنَّةَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكَاسِدَةِ الْمُحْتَاجَةِ

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: الْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطَّوْلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا س.
مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَاضِحٌ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَشِقَ امْرَأَةً وَنَفْسُهُ تَخَافُ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَكَذَا مَا حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ أَيِّ الْوُجُوهِ حَرُمَ لَمْ أُرَخِّصْ لَهُ فِي نِكَاحِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَوْفَ الْعَنَتِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي مَوْضِعِ لَذَّةٍ يُحِلُّ بِهَا الْمُحَرَّمَ

(3/158)


وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْفِعْلِ الْمُؤْثِمِ؛ لِأَنَّ الْعَنَتَ الْمَشَقَّةُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْعِنِّينِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ رِقِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ

(فَإِنْ وَجَدَتْ الْأَمَةُ زَوْجَهَا الْحُرَّ مَجْبُوبًا) وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ (وَادَّعَى) الزَّوْجُ (حُدُوثَهُ) أَيْ الْجَبُّ بَعْدَ النِّكَاحِ (وَأَمْكَنَ حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ) ؛ لِأَنَّهَا إنْ صَدَّقَتْهُ فَذَاكَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَدَعْوَاهَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهَا بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ.
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مُنْدَمِلًا وَقَدْ عُقِدَ النِّكَاحُ أَمْسِ حُكِمَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ

(وَمَنْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ أَوْ) كَانَ قَدْ (مَلَكَهَا) وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلتَّمَتُّعِ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ الْعَنَتِ (فَإِنْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ) كَأُخْتِهِ وَأَعَمُّ مِنْهُ قَوْلُ أَصْلِهِ أَمَةً غَيْرَ مُبَاحَةٍ (لَزِمَهُ بَذْلُهَا فِي قِيمَةِ أَمَةٍ أَوْ صَدَاقِ حُرَّةٍ) إنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا بَذَلَهَا فِي صَدَاقِ أَمَةٍ

الشَّرْطُ (الرَّابِعُ كَوْنُ الْأَمَةِ مُسْلِمَةً تُوطَأُ لَا صَغِيرَةً) لَا تُوطَأُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ بِهَا الْعَنَتَ وَيُقَاسُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا كَرَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ.
(وَلَوْ مَلَكَهَا) أَيْ الْمُسْلِمَةَ (كَافِرٌ) فَإِنَّهَا تَكْفِي وَلَا يُؤَثِّرُ كُفْرُ سَيِّدِهَا لِحُصُولِ صِفَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا (فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ وَلَوْ عَلَى رَقِيقٍ مُسْلِمٍ) أَيْ تَحْرُمُ عَلَى مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا نُقْصَانٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَثَرٌ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ وَهُمَا الْكُفْرُ وَالرِّقُّ فَلَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا كَالْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ لِاجْتِمَاعِ نَقْصِ الْكُفْرِ وَعَدَمِ الْكِتَابِ وَأَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ (لَا عَلَى كِتَابِيٍّ) حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّيْنِ وَكَمَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَيُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ خَوْفَ الْعَنَتِ وَفَقْدِ الْحُرَّةِ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ أَوْ الْوَثَنِيُّ الْأَمَةَ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ الْوَثَنِيَّةَ كَالْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ.

(فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ) الْحُرِّ (وَطْءُ أَمَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ لَا الْمَجُوسِيَّةِ) وَنَحْوُهَا كَالنِّكَاحِ فِي حَرَائِرِهِمْ (وَفِي) جَوَازِ (نِكَاحِ الْمَحْضَةِ) أَيْ خَالِصَةِ الرِّقِّ (مَعَ تَيَسُّرِ) نِكَاحِ (الْمُبَعَّضَةِ تَرَدُّدٌ) لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ وَالشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا فَإِنْ قُلْنَا يَنْعَقِدُ حُرًّا كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ امْتَنَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا

(فَصْلٌ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ) لَا يَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ أَوْ نَكَحَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ (رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا وَإِنْ كَانَ) الْوَلَدُ مِنْ عَرَبِيٍّ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ أَوْ شُبْهَةٍ: أَوْ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ وَلَدَهَا مِنْ زِنًا

(فَصْلٌ لَوْ جَمَعَ عَبْدٌ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً صَحَّ) إذْ لَا مَانِعَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ (أَوْ) جَمَعَهُمَا حُرٌّ فِي عَقْدٍ (صَحَّ فِي الْحُرَّةِ) دُونَ الْأَمَةِ (وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحُرَّةِ لَا تُقَارِنُهَا وَلَيْسَ هَذَا كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى فَبَطَلَ نِكَاحُهُمَا مَعًا (وَإِذَا جَمَعَ رَجُلٌ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا) كَوَثَنِيَّةٍ (صَحَّ فِي الْمُسْلِمَةِ) دُونَ الْأُخْرَى عَمَلًا بِمَا قُلْنَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إلَخْ) مَا قَالَهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] وَهَذَا لَا يَخْشَى الْعَنَتَ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَطْعًا وَلَا نَنْظُرُ إلَى طُرُوُّ الْبُلُوغِ وَتَوَقُّعِ الْحَبَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَا نَظَرَ إلَى طُرُوُّ الْيَسَارِ فِي حَقِّ نَاكِحِ الْأَمَةِ وَبِنِكَاحِ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَبِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يُعْتَقُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ وَهُوَ فِي الْبَطْنِ كَمَا لَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ أَبِيهِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ إلَخْ) أَيْ لَا يَحْتَاجُ لِخِدْمَتِهَا

(قَوْلُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ كُفْرُ سَيِّدِهَا) اسْتَشْكَلَ مُجَلِّي تَصْوِيرَهَا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهَا تُقِرُّ فِي يَدِ الْكَافِرِ وَفِي مُكَاتَبَةٍ أَسْلَمَتْ أَوْ قِنَّةٍ لَمْ يَجِدْ زَبُونَهَا أَوْ وَجَدَ وَلَكِنْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا بِدُونِهِ وَفِي أَمَةِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ يُمْتَنَعُ بَيْعُهَا بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّوَسُّطِ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ يَخَافُ الْعَنَتَ وَلَا يَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ وَإِلَّا فَيُمْتَنَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ فَصَارَ حُكْمُ الذِّمِّيِّ مَعَهَا كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَعَ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَاسُوا الْأَصَحَّ عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْكِحُهَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَإِنْ قِيلَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ فَمَا صُورَةُ الْمَنْعِ هُنَا قُلْنَا صُورَتُهُ إذَا طَلَبُوا تَزْوِيجَهَا مِنْ قَاضِينَا

[فَرْعٌ لِلْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَطْءُ أَمَتِهِ الْكِتَابِيَّةِ لَا الْمَجُوسِيَّةِ]
(قَوْلُهُ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الكوهكيلوني الْأَفْقَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الرَّقِيقَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ إلَخْ) بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ يَسْرِي إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا جَرَى فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ السِّيَرِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ مُبَعَّضٌ فَقَالَ وَيَتَبَعَّضُ الْوَلَدُ حُرِّيَّةً وَرِقًا كَوَلَدِ الْمُبَعَّضَةِ

[فَصْل وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ]
(فَصْلٌ وَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ رَقِيقٌ) (قَوْلُهُ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِزَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ إلَخْ) أَمَّا مَنْ وَطِئَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ

(3/159)


نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا مَا يَخُصُّ مَهْرَهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرَيْهِمَا وَكَالْجَمْعِ الْمَذْكُورِ وَالْجَمْعِ بَيْنِ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ خَلِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَيُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ) بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ وَإِنْ صَحَّ فِي الْأُولَى فَقَطْ (بِأَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه وَأَمَتَهُ أَوْ يُوَكِّلَهُ) أَيْ الزَّوْجُ لَهُمَا (الْوَلِيَّانِ) أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْآخَرَ (فَيَقُولُ) الْمُزَوِّجُ (زَوَّجْتُك هَذِهِ وَهَذِهِ) بِكَذَا (وَيَقْبَلُ) الْمُخَاطَبُ (نِكَاحَهُمَا) بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي هَذِهِ بِكَذَا وَزَوَّجْتُك أَمَتِي هَذِهِ بِكَذَا فَفَصَّلَ) الْمُخَاطَبُ (فِي الْقَبُولِ) أَيْضًا بِأَنْ قَالَ قَبِلْت نِكَاحَ بِنْتِك وَقَبِلْت نِكَاحَ أَمَتِك (صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ حَصَلَ التَّفْصِيلُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ) دُونَ الْآخَرِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعْلُومَتَانِ مِنْ الَّتِي قَبْلَهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ لِيُبَيِّنَ بِهِمَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِكَذَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ) تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ.

(وَإِذَا جَمَعَ) رَجُلٌ فِي عَقْدٍ (بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَأَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ صَحَّ) النِّكَاحُ (فِي الْأَمَةِ) دُونَ الْأُخْتَيْنِ عَمَلًا بِمَا مَرَّ (وَمَتَى قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك هَذَا الْخَمْرَ) بِكَذَا (أَوْ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَابْنِي) أَوْ وَفَرَسِي فَقِبَلَهُمَا (صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ) لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَضْمُومِ لِلْبَيْعِ فِي الْأُولَى وَلِلنِّكَاحِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَيَصِحُّ نِكَاحُ الْبِنْتِ فِيهِمَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ

(وَإِنْ تَزَوَّجَ) حُرٌّ (أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا) وَإِنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ (كَالْأُخْتَيْنِ)

[الْجِنْسُ الرَّابِعُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الْكُفْرُ]
(الْجِنْسُ الرَّابِعُ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (الْكُفْرُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ) التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (مِنْ الْمَجُوسِ) وَإِنْ كَانَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ إذْ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا نَتَيَقَّنُهُ قَبْلُ فَيُحْتَاطُ (وَ) مِنْ (الْمُتَمَسِّكِينَ بِصُحُفِ شِيثٍ) وَإِدْرِيسَ (وَإِبْرَاهِيمَ وَزَبُور دَاوُد وَ) مِنْ (سَائِرِ الْكُفَّارِ) كَعَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالصُّوَرِ وَالنُّجُومِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالزَّنَادِقَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ يَحِلُّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي قَالَ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ حِلٌّ لَكُمْ وَقَالَ {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] فَالْمُرَادُ مِنْ الْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ دُونَ سَائِرِ الْكُتُبِ قَبْلَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ بِنُظُمٍ تُدَرَّسُ وَتُتْلَى وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا.
وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا اجْتَمَعَ فِيهِ نُقْصَانُ الْكُفْرِ فِي الْحَالِ وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ وَالْكِتَابِيَّةُ فِيهَا نَقْصٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كُفْرُهَا فِي الْحَالِ

(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ وَهِيَ إسْرَائِيلِيَّةٌ وَغَيْرُهَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (يَصِحُّ نِكَاحُ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَكَذَا غَيْرُهُنَّ) مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (مِمَّنْ دَخَلَ قَوْمُهَا) أَيْ آبَاؤُهَا أَيْ أَوَّلُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ (قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ) لَهُ (أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ) وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ (وَ) لَكِنَّهُمْ (تَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ) يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا (لَا) إنْ دَخَلُوا (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَتَبْدِيلِهِ أَوْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَقَبْلَ تَبْدِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَتَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ كَمَا فُهِمَ مِمَّا مَرَّ.
فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ وَحُرْمَتِهِ بِالنَّسْخِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالتَّبْدِيلِ الْمَذْكُورِ وَفِي الثَّالِثَةِ (وَكَذَا) لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا (إنْ جُهِلَ الْحَالُ) وَفِي نُسْخَةٍ حَالُهُمْ أَيْ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ (وَلَوْ جُهِلَ حَالُ آبَاءِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ) فِي أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ أَوْ عُلِمَ دُخُولُهُمْ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَقَبْلَ نَسْخِهِ (لَمْ يَحْرُمْنَ) لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ (بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا) فِي ذَلِكَ الدِّينِ (بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ) أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ جَمَعَ عَبْدٌ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً]
قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُنُّوا لَهُمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا مُرْسَلًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَيُؤَكِّدُهُ إجْمَاعُ الْجُمْهُورِ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْكِتَابِيِّ أَيْضًا وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ اهـ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تَصِيرَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اهـ هَذَا غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ تَحِلُّ إلَخْ) ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إبَاحَةِ الْكِتَابِيَّةِ مَا يُرْجَى مِنْ مَيْلِهَا إلَى دِينِ زَوْجِهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى النِّسَاءِ الْمَيْلُ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارِهِنَّ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلِهَذَا حَرُمَتْ الْمُسْلِمَةُ عَلَى الْمُشْرِكِ إشْفَاقًا مِنْ أَنْ تَمِيلَ إلَى دِينِهِ

[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ]
(قَوْلُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ إلَخْ) قَالَ الطُّوفِيُّ وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ أَيُّوبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ بَنِي الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ فَأَيُّوبُ ابْنُ أَخِي إسْرَائِيلَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ إسْرَائِيلَ وَمِنْهُمْ آدَم وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَصَالِحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ وَإِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ وَهُودٌ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالتَّهَوُّدُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالتَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْأَصَحِّ.
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى هَلْ نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى أَوْ خَصَّصَتْهَا وَالنَّاسِخُ شَرِيعَتُنَا وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَالِدِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيعَةٍ نَسَخَتْ الَّتِي قَبْلَهَا فَشَرِيعَةُ عِيسَى نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى وَشَرِيعَتُنَا نَسَخَتْ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ قَالَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ

(3/160)


وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ كَمَا مَرَّ.

(فَرْعٌ مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ مِنْ السَّامِرَةِ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (أَوْ) وَافَقَ (النَّصَارَى مِنْ الصَّابِئِينَ) وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (فِي الْأُصُولِ) أَيْ أُصُولِ دِينِهِمْ (نَاكَحْنَاهُمْ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ (وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُبْتَدِعَةٌ فَهُمْ كَمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ (لَا إنْ شَكَكْنَا) فِي مُوَافَقَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْأُصُولِ أَوْ عَلِمْنَا مُخَالَفَتَهُمْ لَهُمْ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْمُخَالَفَةِ مِمَّا مَرَّ وَبِالْأَوْلَى مِنْ هُنَا فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى سَامِرَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ وَالثَّانِيَةُ صَابِئَةً قِيلَ لِنِسْبَتِهَا إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَا قُلْنَا هُوَ الْمُرَادُ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَرَكَهُمْ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ.

(فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ)
ذِمِّيَّةٍ أَوْ حَرْبِيَّةٍ (مَكْرُوهٌ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ أَوْ وَلَدَهُ (وَ) لَكِنَّ نِكَاحَ (الْحَرْبِيَّةِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا وَلِلْخَوْفِ مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ بِدَارِهِمْ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ قَالَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَرَاهَةَ التَّسَرِّي أَيْضًا أَيْ هُنَاكَ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ إذَا وَجَدَ مُسْلِمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَلَهَا) أَيْ لِلْكِتَابِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ (أَحْكَامُ الْمُسْلِمَةِ) الْمَنْكُوحَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُفْضِيَةِ لِذَلِكَ (إلَّا فِي التَّوَارُثِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِتَوَقُّفِ حِلِّ الْوَطْءِ عَلَيْهِ (وَ) مِنْ (الْجَنَابَةِ) لِتَوَقُّفِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَكَذَا الْمُسْلِمَةُ) لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمَا تُجْبَرُ) عَلَيْهِ (الْمُسْلِمَةُ الْمَجْنُونَةُ وَيَسْتَبِيحُ) بِالْغُسْلِ الْمَذْكُورِ (الْوَطْءَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ) أَيْ الْمُغْتَسِلَةُ لِلضَّرُورَةِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ الْمُمْتَنِعَةِ إذَا غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا وَذِكْرُ حُكْمِ الْمُسْلِمَةِ الْعَاقِلَةِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ (عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ) وَالْعَانَةِ (وَالظُّفْرِ) لِمَا مَرَّ (وَعَلَى اجْتِنَابِ) تَنَاوُلِ (الْمُؤْذِيَاتِ كَالثُّومِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَكَذَا النَّبِيذُ) وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ تَسْكَرْ بِهِ (وَإِنْ اسْتَحَلَّتْهُ الْمُسْلِمَةُ) أَيْ اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ (وَعَلَى غُسْلِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ أَعْضَائِهَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ ثِيَابِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ كَرِيهٌ.
(وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ لُبْسِ جِلْدِ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَ) لُبْسِ (ثَوْبٍ كَرِيهٍ) أَيْ لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ كَأَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ (وَ) لَهُ مَنْعُهَا (مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ) وَكَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ السَّيِّدُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ) وَنَحْوِهِمَا (عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَ) هَا (الْأَمَانَ مِنْ الْقَتْلِ) فَأَشْبَهَتْ الْمُسْتَأْمَنَةَ وَلَيْسَ كَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَا يَعْظُمُ الْأَمْرُ فِيهِ كَتَبْدِيلِ الدِّينِ وَلِأَنَّ غُسْلَهَا غُسْلُ تَنْظِيفٍ لَا غُسْلُ عِبَادَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَالتَّنْظِيفُ حَقُّ الزَّوْجِ فَجَازَ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ حَتَّى يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ

(فَصْلٌ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ) أَهْلُهُ عَلَيْهِ (إلَى مِثْلِهِ) كَيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ تَنَصَّرَ أَوْ عَكْسِهِ (أَوْ إلَى مَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ) كَيَهُودِيٍّ تَوَثَّنَ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَوَثَنِيٍّ تَهَوَّدَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ.
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَلِأَنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ أَصَرَّ عَلَيْهِ أَمْ عَادَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضِيلَةٌ لِبُطْلَانِهَا بِالِانْتِقَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى لَمْ تَنْسَخْ شَرِيعَةَ مُوسَى فَإِنَّ عِيسَى مُقَرِّرٌ لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ إلَّا مَا نُسِخَ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ ثُمَّ ذَكَرَ تَأْوِيلَ النَّصِّ وَبَسَطَ ذَلِكَ. اهـ. فس وَقَوْلُهُ إنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ عِيسَى دَعَا الْيَهُودَ إلَى دِينِهِ فَلَوْ لَمْ يَنْسَخْ دِينَهُمْ بِدِينِهِ وَكِتَابَهُمْ بِكِتَابِهِ لَأَقَرَّهُمْ وَلَدَعَا غَيْرَهُمْ اهـ.
فَالدَّاخِلُ فِي الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ عِيسَى عَلَى الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْرُمْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

[فَرْعٌ حُكْم مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ أَوْ وَافَقَ النَّصَارَى فِي الْأُصُولِ فِي النِّكَاح]
(قَوْلُهُ فَهُمْ كَمُبْتَدَعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ لَمْ يُنَاكَحُوا قَطْعًا

[فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ]
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ) وَعَلَّلَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّكْفِيرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ) صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْكَافِرَةِ وَزَوْجِ الْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ إلَخْ) هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ أَمْ لَا وَهَلْ فِي تَرْكِهَا نَوْعٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ تَرْكَهَا لَيْسَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ

(3/161)


عَنْهُ وَصَارَ كَالْمُرْتَدِّ (لَكِنَّهُ يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ) كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ ثُمَّ هُوَ حَرْبِيٌّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ وَيُفَارِقُ مَنْ فَعَلَ مَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُ مِنْ قِتَالٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يُقْتَلُ وَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَيْنَا بِخِلَافِ الْمُنْتَقِلِ ضَرَرُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَذِكْرُ تَبْلِيغِهِ الْمَأْمَنَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ فَإِنَّهُ يُقِرُّ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا ثُمَّ قَالَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ كَلَامُهُمْ فِي الضَّرْبِ الثَّالِثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا قُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ.

(وَإِذَا تَنَصَّرَتْ) أَوْ تَوَثَّنَتْ (يَهُودِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) كَالْمُرْتَدَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً) لَهُ (فَهِيَ كَالْمُرْتَدَّةِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (تَمَجَّسَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كِتَابِيٍّ لَا يَرَى نِكَاحَهَا فَكَتَمَجُّسِهَا تَحْتَ مُسْلِمٍ فَتَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِشَرْطِهَا) أَيْ فَتَتَنَجَّزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ فَإِنْ أَسْلَمَا فِيهَا دَامَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ التَّمَجُّسِ فَإِنْ رَأْي نِكَاحَهَا أَقْرَرْنَاهُمَا

(وَلَا يَحِلُّ) لِأَحَدٍ (نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ) لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ لَا تُقِرُّ كَالْوَثَنِيَّةِ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَلَا مِنْ الْمُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الدَّوَامُ وَهِيَ لَيْسَتْ مُبْقَاةً (فَإِنْ ارْتَدَّتْ) وَلَوْ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ (أَوْ بَعْدَهُ وَقَفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ) فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِيهَا دَامَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهَا اخْتِلَافُ دِينٍ طَرَأَ بَعْدَ الْمَسِيسِ فَلَمْ يُوجِبْ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ كَإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَأُلْحِقَتْ رِدَّتُهُمَا بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهَا أَفْحَشُ وَلَيْسَتْ كَإِسْلَامِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا إذَا أَسْلَمَا مُكِّنَا مِنْ الْوَطْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّا.
(وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِمَا حَدَثَ (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ (وَتَجِبُ عِدَّةٌ) مِنْهُ (وَهُمَا) أَيْ عِدَّةُ الرِّدَّةِ وَعِدَّةُ الْوَطْءِ (عِدَّتَا شَخْصٍ) وَاحِدٍ كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ

(فَرْعٌ الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ حَرَامٌ) وَإِنْ كَانَ الْكِتَابِيُّ الْأَبَ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَسَائِرُ الْأَدْيَانِ تَتَقَاوَمُ وَلَا يَعْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ هَذَا فِي صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (فَإِنْ) بَلَغَتْ عَاقِلَةً ثُمَّ (تَبِعَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا أُلْحِقَتْ بِهِ) فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا (قَالَهُ الشَّافِعِيُّ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا شُعْبَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّا غَلَّبْنَا جَانِبَ التَّحْرِيمِ مَا دَامَتْ تَابِعَةً لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فَإِذَا بَلَغَتْ وَاسْتَقَلَّتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ قَوِيَتْ تِلْكَ الشُّعْبَةُ.
(وَقِيلَ لَا) تُلْحَقُ بِهِ فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا كَالْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَجُوسِيَّيْنِ (وَتَأَوَّلَ) قَائِلُهُ (النَّصَّ) عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا (وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) فَقَالَ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْحِلِّ فَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ نِسْبَةَ التَّصْحِيحِ لِلرَّافِعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَأْوِيلُ النَّصِّ بِمَا ذُكِرَ عَجِيبٌ فَقَدْ صَوَّرَهَا فِي الْأُمِّ بِأَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ نَصْرَانِيٌّ وَالْآخَرَ مَجُوسِيٌّ انْتَهَى وَأَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْأَوَّلِ فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِدُونِهِ كَذَلِكَ

(تَتِمَّةٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَنْ يَنْكِحَ جِنِّيَّةً وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَفِي تَعْلِيلِهِ بِهَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ حُكْم مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إلَى مِثْلِهِ فِي النِّكَاح]
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ إلَخْ) مَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ) أَيْ قَبْلَ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ كَالْمُرْتَدِّ) هَذَا إذَا كَانَ حَرْبِيًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ قَبْلَ الِانْتِقَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ ع.
(قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَبْقَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ وَالْوَجْهُ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الدَّوَامُ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ تَحَتُّمِ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ حَيْثُ لَا عِدَّةَ بِاسْتِدْخَالٍ أَوْ غَيْرِهِ

[فَرْعٌ حُكْم الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ فِي النِّكَاح]
(قَوْلُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَوَانِعِ يُنِيفُ عَلَى الْعِشْرِينَ كَوْنُهَا مِنْ الْمَحَارِمِ إمَّا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ يَكُونُ تَحْتَ الزَّوْجِ أُخْتُهَا أَوْ عَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا أَوْ تَكُونُ خَامِسَةً أَوْ يَكُونُ النَّاكِحُ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ أَوْ مَمْلُوكَةً لِلنَّاكِحِ أَوْ رَقِيقَةً وَالنَّاكِحُ حُرٌّ فَاقِدُ الشُّرُوطِ أَوْ تَكُونُ أَمَةً كِتَابِيَّةً أَوْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً دَانَتْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ أَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ أَوْ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَنْكُوحَةَ الْغَيْرِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ وَالثَّيِّبَ الصَّغِيرَةَ وَالْيَتِيمَةَ وَالْمُحْرِمَةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ كَمَجُوسِيَّةٍ تَدِينُ الْيَهُودِيَّةَ بَعْدَ الشَّرْعِ

[تَتِمَّةٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ]
(قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ) وَقَالَ الْقَمُولِيُّ يَجُوزُ وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْجِنِّ (قَوْلُهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا) وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ يَقْتَضِي اسْتِحَالَتَهُ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَقَدْ رَأَيْت شَيْخًا كَبِيرًا صَالِحًا أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَ جِنِّيَّةً.
قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَقَدْ رَأَيْت أَنَا آخَرَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي حُكْمِ طَلَاقِهَا وَلِعَانِهَا وَالْإِيلَاءِ مِنْهَا وَعِدَّتِهَا وَنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَالْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ جَوَازُهُ فَإِنَّهُمْ يُسَمُّونَ نِسَاءً وَرِجَالًا وَسَمَّاهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إخْوَانَنَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَنَّ بِلْقِيسَ الْمَلِكَةَ تَزَوَّجَتْ قَبْلُ بِسُلَيْمَانَ وَقِيلَ بِغَيْرِهِ بَعْدَمَا أَسْلَمَتْ وَأَنَّهَا كَانَتْ جِنِّيَّةً وَاسْمُهَا بَارِعَةُ فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْجِنِّ لَمَا جَازَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ مَنْ فِي أَحَدِ أَبَوَيْهَا مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ هَلْ يُجْبِرُهَا عَلَى مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التَّشْكِيلِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ

(3/162)


الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي النِّكَاحِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مَرْفُوعًا نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ.

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ) وَهُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ (وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَنَا مُنَاكَحَتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ الْمَسِيسِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ (وَإِلَّا تَوَقَّفَتْ عَلَى) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ «امْرَأَةً أَسْلَمَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت وَعَلِمْت بِإِسْلَامِيِّ فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَوْجِهَا الثَّانِي وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ» وَفِي مَعْنَى الْمَسِيسِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (ثَبَتَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ إسْلَامِ الْأَوَّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا.

(وَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ) وَلَوْ وَثَنِيًّا (وَالْمَرْأَةُ حُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ فِيهَا الْأَمَةُ وَبِالْكِتَابِيَّةِ نَحْوُ الْوَثَنِيَّةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ «رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي صِفَةِ الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا كَمَا مَرَّ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي الْمَعِيَّةِ (بِآخِرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ (وَإِسْلَامُ أَبَوَيْ الزَّوْجَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَإِسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا) فِيمَا ذُكِرَ وَكَالصَّغِيرَيْنِ الْمَجْنُونَانِ

(وَإِنْ أَسْلَمَتْ) الزَّوْجَةُ (الْبَالِغَةُ وَأَبُو زَوْجِهَا الطِّفْلِ مَعًا) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَالَ الْبَغَوِيّ بَطَلَ النِّكَاحُ لِتَرْتِيبِ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَدْ سَبَقَتْهُ) بِالْإِسْلَامِ.
(وَفِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي تَقَدُّمُهَا فَيُتَّجَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْفِقْهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلطِّفْلِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيّ (قَالَ) الْبَغَوِيّ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الطِّفْلُ (بَطَلَ) النِّكَاحُ (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ يَحْصُلُ حُكْمًا وَإِسْلَامُهَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ وَالْحُكْمِيُّ يَكُونُ سَابِقًا لِلْقَوْلِيِّ فَلَا يَتَحَقَّقُ إسْلَامُهُمَا مَعًا.

(فَرْعٌ وَطْءُ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا) عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ (حَرَامٌ) لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ (وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا) فِي الْعِدَّةِ (مَوْقُوفٌ) كُلٌّ مِنْهَا (فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ مِنْ حِينِ إيقَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ صَرِيحَ التَّعْلِيقِ فَلَأَنْ يَقْبَلَ تَقْدِيرَهُ أَوْلَى وَتَعْتَدُّ لِلطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَا) وُقُوعَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ قَبْلَ إيقَاعِهِ (وَإِنْ قَذَفَهَا وَاجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ) الدَّفْعُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ (وَإِلَّا فَلَا) يُلَاعِنُ (فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِتَخَلُّفِهِ هُوَ) بِالْإِسْلَامِ (حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ مُسْلِمَةٍ (أَوْ) بِتَخَلُّفِهَا (هِيَ عُزِّرَ) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ كَافِرَةٍ.

(وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى وَثَنِيَّةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا (فِي الْعِدَّةِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَنْكِحْ فِي الْعِدَّةِ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ زَوَالَ نِكَاحِهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا

(فَإِنْ نَكَحَ الْمُتَخَلِّفُ أُخْتَ الْمُسْلِمَةِ) الْكَافِرَةَ (فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فِي الْعِدَّةِ تَخَيَّرَ إحْدَاهُمَا) كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ أَسْلَمَا (بَعْدَهَا اسْتَقَرَّتْ الْأُخْرَى) أَيْ الثَّانِيَةُ

[فَصْلٌ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ]
(فَصْلٌ وَإِنَّمَا نُقِرُّهُمَا) بَعْدَ إسْلَامِهِمَا (عَلَى نِكَاحٍ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) وَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ (أَوْ قَارَنَهُ) مُفْسِدٌ عِنْدَنَا (وَاعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا مُسْتَمِرًّا وَلَمْ يُقَارِنْ الْإِسْلَامَ مَا يَمْنَعَ ابْتِدَاءَهُ) أَيْ النِّكَاحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَدْ يَحْصُلُ النَّفْرَةُ وَهَلْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ مِنْ أَمْرِ وَلِيِّهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَهَلْ يَجُوزُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْ قَاضِيهِمْ وَهَلْ إذَا رَآهَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ الَّتِي أَلِفَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا هِيَ هَلْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا وَهَلْ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانُ بِمَا يَأْلَفُونَهُ مِنْ قُوتِهِمْ كَالْعَظْمِ وَغَيْرِهِ إذَا أَمْكَنَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ