أسنى المطالب في شرح روض الطالب

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]
[الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الرَّضَاعَة]
(كِتَابُ الرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ إلَخْ) وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمَالِ وَوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَسُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ وَسُقُوطِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا مَالَ الْآخَرِ، وَمَنْعِ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً) يَشْمَلُ الْجِنِّيَّةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَرِّمَ لَبَنُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ قَالَ النَّاشِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ نِكَاحِهَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَنْ يُنْكَحُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَطْلَقُوا فِي الْوَصَايَا أَنَّ مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ بَلَغَ الْغَرْغَرَةَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَوْتَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ، وَلَا لِفِعْلِهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالطِّفْلَ إذَا بَلَغَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْحَالَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالِارْتِضَاعِ، وَالْإِرْضَاعُ حُكْمٌ وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجِنَايَاتِ وَبَيَانَ مَا فِيهَا. اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِلَبَنِ الْجِنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالطِّفْلَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الرَّضَاعَ تَقْرِيبٌ أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ عَنْ التِّسْعِ زَمَانٌ لَا يَسَعُ أَقَلَّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَرَأَتْ الدَّمَ حُكِمَ بِالْحَيْضِ كَمَا إذَا بَقِيَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَلَا يَثْبُتُ، وَإِنْ بَقِيَ يَوْمٌ

(3/415)


بِلَبَنِ رَجُلٍ وَخُنْثَى حَتَّى يَتَّضِحَ) كَوْنُهُ امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ؛ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ النَّصِّ فِي لَبَنِ الرَّجُلِ (وَ) بِلَبَنِ (بَهِيمَةٍ) حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ؛ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ، وَمِنْهَا يَنْتَشِرُ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ.
(وَ) لَا (بِلَبَنٍ انْفَصَلَ عَنْ مَيِّتَةٍ كَمَا لَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ) أَيْ حُرْمَتُهَا (بِوَطْئِهَا) وَلِضَعْفِ حُرْمَتِهِ بِمَوْتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ لَبَنُ الْحَيَّةِ إلَى جَوْفِ الْمَيِّتِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ فَكَذَا إنْ انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا (فَإِنْ انْفَصَلَ) مِنْهَا (وَهِيَ حَيَّةٌ) وَأُوجِرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِهَا (حَرُمَ) ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْهَا، وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا تَحْرِيمَ بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ، وَاللَّبَنُ فَرْعُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَتْهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا فَاحْتِمَالُ الْبُلُوغِ قَائِمٌ وَالرَّضَاعُ تِلْوُ النَّسَبِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ، وَالسِّنِينَ هُنَا قَمَرِيَّةٌ تَقْرِيبِيَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: سِنَّ الْحَيْضِ.

(الرُّكْنُ الثَّانِي اللَّبَنُ وَيَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ) عَنْ هَيْئَتِهِ حَالَةَ انْفِصَالِهِ عَنْ الثَّدْيِ (كَالْجُبْنِ وَالزُّبْدِ أَوْ عُجِنَ بِهِ دَقِيقٌ أَوْ خَالَطَهُ مَاءٌ أَوْ خَمْرٌ) أَوْ نَحْوُهُمَا (وَغَلَبَ) اللَّبَنُ عَلَى الْخَلِيطِ بِأَنْ ظَهَرَتْ إحْدَى صِفَاتِهِ الْآتِيَةِ لِوُصُولِ عَيْنِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ وَحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ مَغْلُوبًا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَبْقَ مِنْ صِفَاتِهِ الثَّلَاثِ) الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرِّيحِ حِسًّا وَتَقْدِيرًا (شَيْءٌ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ لِذَلِكَ وَلَيْسَ كَالنَّجَاسَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ حَيْثُ لَا تُؤَثِّرُ فَإِنَّهَا تُجْتَنَبُ لِلِاسْتِقْذَارِ، وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالْكَثْرَةِ وَلَا كَالْخَمْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي غَيْرِهَا حَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَدٌّ فَإِنَّ الْحَدَّ مَنُوطٌ بِالشِّدَّةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِذَلِكَ (شُرْبُ الْجَمِيعِ فَإِنْ شَرِبَ بَعْضَهُ مُتَحَقِّقًا أَنَّهُ وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ) إلَى الْجَوْفِ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ (حَرَّمَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ اللَّبَنِ) الْمَخْلُوطِ (مِقْدَارَ مَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَثَّرَ) فِي التَّحْرِيمِ بِأَنْ يُمْكِنَ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ (وَلَا يَضُرُّ) فِي التَّحْرِيمِ (غَلَبَةُ الرِّيقِ لِقَطْرَةِ اللَّبَنِ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الْفَمِ إلْحَاقًا لَهُ بِالرُّطُوبَاتِ فِي الْمَعِدَةِ. (فَرْعٌ: لَبَنُ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُخْتَلِطُ يُثْبِتُ أُمُومَتَهُمَا وَفِي الْمَغْلُوبِ) مِنْ اللَّبَنَيْنِ (التَّفْصِيلُ) السَّابِقُ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ لِغَالِبَةِ اللَّبَنِ، وَكَذَا لِمَغْلُوبَتِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ.

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمَحَلُّ، وَهِيَ مَعِدَةُ) أَوْ دِمَاغُ (الطِّفْلِ الْحَيِّ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً سَوَاءٌ أَوَصَلَ إلَيْهِمَا اللَّبَنُ بِالِارْتِضَاعِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِيجَارِ وَلَوْ نَائِمًا (لَا) الطِّفْلِ الْمَيِّتِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي وَنَبَاتِ اللَّحْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ (وَلَا ابْنِ حَوْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ، وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] الْآيَةَ جَعَلَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَهُمَا بِخِلَافِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سَهْلٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ نَزَلَ فِي التَّبَنِّي وَالْحِجَابِ مَا قَدْ عَلِمْت فَمَاذَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِهِنَّ عَلَيْك فَفَعَلْت فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا» فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِسَالِمٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ (بِالْأَهِلَّةِ مِنْ تَمَامِ الِانْفِصَالِ) لِلْوَلَدِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَوَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْبِهُ تَرْجِيحَ التَّأْثِيرِ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ حَقِيقَةً، وَهُوَ قِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ فِيمَنْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ فَخُرْجَانُ رَقَبَتِهِ، وَهُوَ حَيٌّ مِنْ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهِ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ حِينَ ارْتَضَعَ. انْتَهَى.
وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ارْتِكَابِ إحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثٍ إذْ الْمَحْكِيُّ فِي ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ ابْتِدَاءُ الْخُرُوجِ وَانْتِهَاؤُهُ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْحَزِّ مَعَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ نَظَائِرِهَا فَلَا اضْطِرَابَ فِيهِمَا اسْتِصْحَابًا لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ إذْ الْجَنِينُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ (وَيُتَمَّمُ الْمُنْكَسِرُ) مِنْ الْأَهِلَّةِ (ثَلَاثِينَ) مِنْ الشَّهْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ) قَالَ شَيْخُنَا مَعْنَى كَوْنِهِ حَلَالًا مُحْتَرَمًا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ، وَإِلَّا فَهُوَ حَلَالٌ أَيْضًا، وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْ مَيِّتَةٍ (قَوْلُهُ: فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ) ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَبَّرَ بِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ لِاقْتِضَاءِ الْوِلَادَةِ تَقَدُّمَ الْحَمْلِ، وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَالسِّنِينَ هُنَا قَمَرِيَّةٌ تَقْرِيبِيَّةٌ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ كَثِيرِينَ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ التِّسْعَ هُنَا تَحْدِيدِيَّةٌ.

اللَّبَنُ (مِنْ أَرْكَانِ الرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: الرُّكْنُ الثَّانِي اللَّبَنُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا فِي الْجُبْنِ وَنَحْوِهِ الْقَدْرَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا لَوْ كَانَ لَبَنًا أَمْكَنَ أَنْ يَرْتَضِعَ مِنْهُ خَمْسَةَ رَضَعَاتٍ، وَأَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ مَوْجُودًا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ، وَلَا يَضُرُّ فِي أَكْلِهِ الشِّبَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْكُولِ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا ذَكَرَهُ فِي اللَّبَنِ، وَلَوْ امْتَصَّ مِنْ ثَدْيِهَا دَمًا أَوْ قَيْحًا فَلَا تَحْرِيمَ صَرَّحَ بِهِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَلَوْ امْتَصَّ مَاءً فَفِي الْإِيضَاحِ أَنْ قَالَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ هُوَ لَبَنٌ رَقَّ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ، وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا ابْنُ حَوْلَيْنِ) لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَإِذَا لَمْ تَتِمَّ لَهُ الْخَامِسَةُ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ تَمَامِ الِانْفِصَالِ إلَخْ) هَذَا مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ أَنْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْعِدَدِ: إنَّ أَحْكَامَ الْجَنِينِ بَاقِيَةٌ لِلْمُنْفَصِلِ بَعْضُهُ كَمَنْعِ الْإِرْثِ وَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّتِهَا فِي الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(3/416)


الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ كَنَظَائِرِهِ (وَيَثْبُتُ) التَّحْرِيمُ (بِحُصُولِهِ) أَيْ اللَّبَنِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (وَلَوْ تَقَيَّأَهُ) فِي الْحَالِ لِوُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ التَّغَذِّي (وَفِي الدِّمَاغِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ إذْ الْأَدْهَانُ إذَا وَصَلَتْ إلَيْهِ انْتَشَرَتْ فِي الْعُرُوقِ وَتَغَذَّتْ بِهَا كَالْأَطْعِمَةِ الْوَاصِلَةِ إلَى الْمَعِدَةِ (وَلَوْ) حَصَلَ فِيهِمَا (بِجِرَاحَةٍ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ (وَلَا يَثْبُتُ) التَّحْرِيمُ (بِتَقْطِيرِهِ فِي أُذُنٍ وَدُبُرٍ، وَإِحْلِيلٍ) وَجِرَاحَةٍ لَمْ تَصِلْ إلَى الْمَعِدَةِ وَالدِّمَاغِ (وَإِنْ أَفْطَرَ بِهِ) إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إلَيْهِمَا مَا عَدَا الدُّبُرَ، وَأَمَّا الدُّبُرُ فَلِعَدَمِ التَّغَذِّي بِالتَّقْطِيرِ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَفْطَرَ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْفِطْرِ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةٌ وَلَا دِمَاغٌ وَيُعْتَبَرُ حُصُولُهُ فِيهِمَا مِنْ مَنْفَذٍ فَلَا يَحْرُمُ حُصُولُهُ فِيهِمَا بِصَبِّهِ فِي الْعَيْنِ بِوَاسِطَةِ الْمَسَامِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَصْلٌ: وَلَا أَثَرَ لِدُونِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ يُتْلَى عَلَيْكُمْ حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِهِ، وَقُدِّمَ مَفْهُومُ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ (إلَّا إنْ حَكَمَ بِهِ) أَيْ التَّأْثِيرِ بِدُونِ الْخَمْسِ (حَاكِمٌ) يَرَاهُ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صِفَّاتِهِنَّ حَتَّى لَوْ شَرِبَ بَعْضًا، وَأَسْعَطَ بَعْضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَإِيجَارٍ (حَرُمَ وَالْمُعْتَمَدُ فِي التَّعَدُّدِ الْعُرْفُ) إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ (فَإِنْ لَفَظَ) الْمُرْتَضِعُ (الثَّدْيَ) فِي أَثْنَاءِ الرَّضْعَةِ (لَتَحَوَّلَ) مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ لِنَفَاذِ مَا فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ نَامَ أَوَّلَهَا) عَنْ الِارْتِضَاعِ فِي أَثْنَائِهِ (لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ) إلَيْهِ حَالًا (وَكَذَا إنْ طَالَ) كُلٌّ مِنْ النَّوْمِ وَاللَّهْوِ (وَالثَّدْيِ فِي فَمِهِ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ عَادَتْ) إلَى الْإِرْضَاعِ (فَوَاحِدَةٌ) لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ، وَمَا إذَا قَطَعَتْهُ لِشُغْلٍ طَوِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ وَتَخْصِيصُ تَقْيِيدِ كَوْنِ الثَّدْيِ فِي فَمِهِ بِحَالَةِ طُولِ اللَّهْوِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (فَإِنْ قَطَعَهُ) الْمُرْتَضِعُ (إعْرَاضًا وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ) آخَرَ (ثُمَّ عَادَ) وَارْتَضَعَ (أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ، وَأَطَالَتْهُ فَرَضْعَتَانِ) التَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْإِطَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً اُعْتُبِرَ التَّعَدُّدُ) فِيهِ (بِمِثْلِ هَذَا) فَلَوْ أَكَلَ لُقْمَةً ثُمَّ أَعْرَضَ وَاشْتَغَلَ بِشُغْلٍ طَوِيلٍ ثُمَّ عَادَ، وَأَكَلَ حَنِثَ وَلَوْ أَطَالَ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ، وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ وَيَتَحَدَّثُ فِي خِلَالِ الْأَكْلِ وَيَقُومُ وَيَأْتِي بِالْخُبْزِ عِنْدَ نَفَاذِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَكْلَةً وَاحِدَةً.
(فَرْعٌ) لَوْ (حَلَبَتْ لَبَنَهَا دَفْعَةً، وَأَوْجَرَتْهُ) الصَّبِيَّ (خَمْسًا أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا خَمْسَ دَفَعَاتٍ، وَأَوْجَرَتْهُ دَفْعَةً (فَرَضْعَةٌ) نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْأُولَى، وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ تَعَدَّدَا) أَيْ الِانْفِصَالُ وَالْإِيجَارُ (مَعًا وَلَمْ يُخْلَطْ فَخَمْسٌ، وَإِنْ خُلِطَا ثُمَّ فُرِّقَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ فَكَمَا لَوْ لَمْ يُخْلَطْ) فَيُعَدُّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (وَإِنْ خُلِطَ لَبَنُ خَمْسٍ) مِنْ النِّسْوَةِ (وَأَوْجَرَهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ) أَوْ دَفْعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (رَضْعَةٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْأُبُوَّةُ إنْ كَانَ) لَبَنُهُنَّ (لَبَنَهُ. فَرْعٌ: إذَا شُكَّ فِي اسْتِكْمَالِ الْخَمْسِ أَوْ الْحَوْلَيْنِ أَوْ) فِي (وُصُولِهِ جَوْفَهُ) أَوْ فِي أَنَّهُ لَبَنُ امْرَأَةٍ أَوْ فِي أَنَّهُ حُلِبَ فِي حَيَاتِهَا (فَلَا حُرْمَةَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ (وَلْيُتَوَرَّعْ) فِي ذَلِكَ.

(فَصْلٌ: تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ، وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ (لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ) كَعَكْسِهِ فِيمَا لَوْ دُرَّ لَبَنُ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَذَلِكَ (كَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتٍ رَجُلٍ أَوْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ) مَوْطُوءَاتٍ (وَمُسْتَوْلَدَةٍ) لَهُ بِلَبَنِهِ (رَضْعَةً رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا) فَيَصِيرُ وَلَدًا لِذِي اللَّبَنِ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ، وَهُنَّ كَالظُّرُوفِ لَهُ، وَقَدْ تَعَدَّدَتْ الرَّضَعَاتُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ لَمْ تُرْضِعْهُ خَمْسًا (وَيَحْرُمْنَ) أَيْ الْخَمْسُ (عَلَى الطِّفْلِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ) وَبَعْضُهُنَّ فِي الثَّانِيَةِ زَوْجَاتُ أَبِيهِ، وَقَوْلُهُ رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَلَوْ دَفْعَةً كَانَ أَوْلَى لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمْته عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْفَرْعِ (وَلَوْ أَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ (وَلَا غُرْمَ عَلَى مُسْتَوْلَدَتِهِ) إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَمْلُوكِهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَاتُهُ الثَّلَاثُ، وَمُسْتَوْلَدَاتُهُ فَالْجَانِي الْأَخِيرَةُ) مِنْهُنَّ إنْ أَرْضَعَتْهَا مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يَتَعَلَّقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ عَدَد الرَّضَاع الْمُحْرِم]
قَوْلُهُ: فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ النَّاسِخَ مِنْ السُّنَّةِ لَا أَنَّهُ قُرْآنٌ وَنُسِخَ أَيْضًا بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ مَفْهُومَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) وَلِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ إذَا عَرَى عَنْ جِنْسِ الِاسْتِبَاحَةِ افْتَقَرَ إلَى الْعَدَدِ كَاللِّعَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرَ عَنْ جِنْسِ الِاسْتِبَاحَةِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الْعَدَدِ كَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَفَظَ الثَّدْيَ) (فَائِدَةٌ) الثَّدْيُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالتَّذْكِيرُ أَكْثَرُ وَيَكُونُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ لَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَهَا لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ) قَيَّدَ فِي الشَّرْحَيْنِ، وَالرَّوْضَةِ الِاتِّحَادَ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِهِ لِلَّهْوِ بِبَقَاءِ الثَّدْيِ فِي فِيهِ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَاسْتَشْهَدَ بِنَصِّ الْمُخْتَصَرِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ لَكِنْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ بَانَ مِنْ فِيهِ رَضْعَتَانِ.

[فَصْلٌ ثُبُوتُ الْأُبُوَّةُ بِالرَّضَاعِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ]
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ إلَخْ) ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْأُمُومَةَ قَدْ تَثْبُتُ دُونَ الْأُبُوَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصْلٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ، وَلَوْ دُفْعَةً كَانَ أَوْلَى إلَخْ) لَوْ قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْمَعِيَّةُ فِي ارْتِضَاعِهِ مِنْهُنَّ

(3/417)


بِإِرْضَاعِهَا (فَتَغْرَمُ) مَهْرَ الصَّغِيرَةِ (إنْ كَانَتْ زَوْجَةً) لَا إنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً (، وَإِنْ) أَرْضَعْنَهَا مَعًا كَأَنْ (أَوْجَرْنَهَا لَبَنَهُنَّ مَعًا فَعَلَى الزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ) مِنْ مَهْرِهَا بِعَدَدِ رَضَعَاتِهِنَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى مُسْتَوْلَدَتَيْهِ فَلَوْ جُهِلَتْ الْأَخِيرَةُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ أَوْ جُهِلَ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ إرْضَاعُ الثَّلَاثِ هَلْ أَرْضَعْنَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَصِرْنَ أُمَّهَاتِ الصَّغِيرَةِ (وَإِنْ أَوْجَرَهَا الزَّوْجَاتُ) الثَّلَاثُ الرَّضْعَةَ (الْخَامِسَةَ مَعًا اسْتَوَيْنَ فِي الْغُرْمِ وَلَوْ تَفَاضَلْنَ فِي الْإِرْضَاعِ) لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي الْإِرْضَاعِ الْمُوجِبِ لِلْغُرْمِ، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ لِتَغْرِيمِ الزَّوْجِ الْمُرْضِعَةِ عَدَمَ إذْنِهِ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ (وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ) أَيْ امْرَأَةٌ صَغِيرًا (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) فِي الْحَوْلَيْنِ (وَتَمَّ الْحَوْلَانِ فِي أَثْنَاءِ) الرَّضْعَةِ (الْخَامِسَةِ صَارَتْ أُمَّهُ) ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّهُ.
(فَرْعٌ: لَا يَصِيرُ) الشَّخْصُ (جَدًّا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْبَنَاتِ) لَهُ (وَلَا خَالًا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْأَخَوَاتِ) لَهُ (مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ لَا يَصِيرُ جَدًّا مِنْ أُمٍّ لِمُرْتَضِعِ بَنَاتِهِ وَلَا خَالًا لِمُرْتَضِعِ أَخَوَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْجُدُودَةَ لِأُمٍّ والخئولة إنَّمَا يَثْبُتَانِ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ تَثْبُتُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ كَمَا مَرَّ.
(فَرْعٌ: وَلَوْ ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ) تَحْتَ رَجُلٍ (مِنْ مَوْطُوآته الْخَمْسِ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ (رَضْعَةً وَاللَّبَنُ لِغَيْرِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا رَبِيبَتَهُ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْجُمْهُورِ فِيهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ تَرْكَهُ أَوْ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فَلَا تَحْرِيمَ) بَيْنَهُمَا.

(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ) وَتَحْرِيمُهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ ذِي اللَّبَنِ ثُمَّ تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ (فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الطِّفْلِ) الرَّضِيعِ (لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَآبَاؤُهَا وَأُمَّهَاتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى حَرُمَ عَلَى الْأَجْدَادِ نِكَاحُهَا أَوْ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْجَدَّاتِ (وَالْفُرُوعُ كَفُرُوعِ النَّسَبِ) فَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ، وَأَخَوَاتُهُ وَإِخْوَتُهَا، وَأَخَوَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْأُخْوَة وَالْأَخَوَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ فَالْمُرَادُ بِالْفُرُوعِ مَا يَشْمَلُ الْحَوَاشِيَ (فَإِنْ نَزَلَ اللَّبَنُ) مِنْ امْرَأَةٍ (عَلَى وَلَدٍ مَنْسُوبٍ) لِشَخْصٍ (وَلَوْ مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَأَبُوهُ أَبُو الرَّضِيعِ) وَجَدُّهُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ عَمُّهُ وَابْنُهُ ابْنُ أَخِيهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ إقْرَارُهُ بِالْوَطْءِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّضِيعِ (مَعَ سَائِرِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ حُكْمُ ابْنِ النَّسَبِ) الْأَوْلَى حُكْمُ وَلَدِ النَّسَبِ مَعَ سَائِرِ فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ فِي التَّحْرِيمِ (إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَنَاتِ الْمُرْضِعَةِ) ، وَإِنْ كُنَّ أَخَوَاتِ وَلَدِهِ (وَأُمَّهَاتِهَا) ، وَإِنْ كُنَّ جَدَّاتِ وَلَدِهِ (وَلِأَخِيهِ أَنْ يَنْكِحَ الْمُرْضِعَةَ) وَبَنَاتِهَا وَأُمَّهَاتِهَا (بِخِلَافِ) نَظِيرِ ذَلِكَ فِي (النَّسَبِ) لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ (وَالْعِلَّةُ هُنَاكَ الْمُصَاهَرَةُ) أَيْ وُجُودُهَا، وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ هُنَا وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَعَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَتَمَحَّضُ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ حُرْمَةَ الرَّضِيعِ تَنْتَشِرُ مِنْهُ إلَى فُرُوعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ لَا إلَى أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ، وَأَنَّ حُرْمَتَيْ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ تَنْتَشِرَانِ إلَى الْجَمِيعِ.
(فَرْعٌ: لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِ الزَّانِي) فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ الصَّغِيرَةَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ (وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ بِنْتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ لَبَنِهِ كَمَا يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ.

(فَرْعٌ: يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ وَيَلْحَقُ بِلُحُوقِهِ) فَلَوْ نَفَى الزَّوْجُ وَلَدًا بِاللِّعَانِ فَارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ بِلَبَنِهِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ وَلَوْ ارْتَضَعَتْ بِهِ ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَمَّ الْحَوْلَانِ) أَيْ أَوْ مَاتَتْ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَا يَصِيرُ جَدًّا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْبَنَاتِ لَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ، وَابْنُ ابْنٍ، وَأَبٌ وَجَدٌّ، وَأَخٌ فَأَرْضَعَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً مَرَّةً مَرَّةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى زَيْدٍ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ مِنْ خَمْسَةِ أُخُوَّة طِفْلَةً لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً لَهَا بِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَأَرْضَعَتْ لِلْعُلْيَا طِفْلًا ثَلَاثًا، وَالْأُخْرَيَانِ مَرَّةً مَرَّةً لَمْ تَصِرْ جَدَّةً لِلطِّفْلِ (قَوْلُهُ: حَرُمَتْ لِكَوْنِهَا رَبِيبَةً) قَالَ الْفَتَى هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ شَرْطَ الرَّبِيبَةِ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ، وَلَا أُمُومَةَ هُنَا لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا تَفْرِيعًا عَلَى ضَعِيفٍ فَأَعْمَلَهُ فَغَيَّرْته، وَقُلْت لَمْ تَحْرُمْ فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا، وَقَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ: مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَأَمَةٌ مَوْطُوءَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلَةً بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّحْرِيمِ تَفْرِيعًا عَلَى ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ صَوَابُهُ الْأُمُومَةُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ) (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الطِّفْلِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمُرْضِعَةِ، وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِ، وَفُرُوعِهِ وَحَوَاشِيهِ وَيَنْتَشِرُ مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ دُونَ أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ، وَهَذَا اخْتِصَارُ التَّطْوِيلِ الَّذِي فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْتِبَارُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّهُ الصَّحِيحُ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَمَا أَصَابَهَا أَيْ، وَلَمْ تَحْبَلْ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّهَا دُونَهُ، وَقَالَ فِي زَوَائِدِهِ: حُرْمَتُهُ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا.

[فَرْعٌ يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ]
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ) وَيَلْحَقُ بِلُحُوقِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا الْوَجْهَيْنِ فِي نِكَاحِ الَّتِي نَفَاهَا، وَلَا تَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ.

(3/418)


لَاعَنَ انْتَفَى الرَّضِيعُ عَنْهُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ لَحِقَ الرَّضِيعُ أَيْضًا (وَلِلرَّضِيعِ) بَعْدَ كَمَالِهِ (الِانْتِسَابُ إلَى أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ) اللَّذَيْنِ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُؤَثِّرُ فِي الطِّبَاعِ، وَمَحِلُّهُ (بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ، وَ) مَوْتِ (أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهُ يَنْتَسِبُونَ) إلَى مَنْ يَنْتَسِبُ هُوَ إلَيْهِ (كَهُوَ) وَبَعْدَ تَعَذُّرِ إلْحَاقِ الْقَائِفِ لِلْوَلَدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ تَحَيَّرَ وَلَمْ يَنْتَسِبْ الْوَلَدَ وَلَا أَوْلَادَهُ أَوْ انْتَسَبَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ لِهَذَا وَبَعْضَهُمْ لِآخَرَ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الِانْتِسَابُ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْوَلَدِ. (وَيُجْبَرُونَ) أَيْ الْوَلَدُ، وَأَوْلَادُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِانْتِسَابِ لِضَرُورَةِ النَّسَبِ (وَلَا يُجْبَرُ) عَلَيْهِ (الْمُرْتَضِعُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّسَبَ تَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقٌ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الْإِشْكَالِ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِالرَّضَاعِ حُرْمَةُ النِّكَاحِ وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ سَهْلٌ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْمُرْتَضِعُ (كَمَا لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) وَيُفَارِقُ الْوَلَدَ بِأَنَّ مُعْظَمَ اعْتِمَادِ الْقَائِفِ عَلَى الْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْأَخْلَاقِ وَجَوَازِ انْتِسَابِهِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَمِيلُ إلَى مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهِ، وَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ ابْنَهُ فَلَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الْآخَرِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ (فَإِنْ لَمْ يَنْتَسِبْ) إلَيْهِ (لَمْ يَنْكِحْ بِنْتَ أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا أُخْتُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ.

(فَصْلٌ: وَتَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ بِاللَّبَنِ) وَلَوْ (بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ قَصُرَ الزَّمَانُ أَوْ طَالَ كَعَشْرِ سِنِينَ وَلَوْ انْقَطَعَ اللَّبَنُ وَعَادَ) أَوْ نَكَحَتْ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَلَمْ تَلِدْ إذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا يُحَالُ اللَّبَنُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ (وَالْحَمْلُ) مِنْ النَّاكِحِ الثَّانِي (لَا يُثْبِتُهَا) أَيْ الْأُبُوَّةَ (لِلثَّانِي مَا لَمْ تَلِدْ) مِنْهُ، وَإِنْ زَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ تَبَعٌ لِلْوَلَدِ وَالْوَلَدُ لَهُ (وَإِذَا حَبِلَتْ مُرْضِعٌ) وَفِي نُسْخَةٍ مُرْضِعَةٌ (مُزَوَّجَةٌ مِنْ) وَطْءِ (زِنًا فَاللَّبَنُ لِلزَّوْجِ مَا لَمْ تَضَعْ ثُمَّ) بَعْدَ الْوَضْعِ (هُوَ لَبَنُ الزِّنَا) نَظِيرُهُ مَا لَوْ حَبِلَتْ بِغَيْرِ زِنًا (وَإِنْ نَزَلَ لِبِكْرٍ لَبَنٌ وَتَزَوَّجَتْ وَحَبِلَتْ) مِنْ الزَّوْجِ (فَاللَّبَنُ لَهَا لَا لِلثَّانِي) الْأَوْلَى لَا لِلزَّوْجِ (مَا لَمْ تَلِدْ) وَلَا أَبٌ لِلرَّضِيعِ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ.

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ) وَحُكْمُ الْغُرْمِ بِهِ (وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي الْغُرْمِ) بِهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْ مَنْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَجُلٍ (بِنْتُهَا كَأُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا زَوْجَةُ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلِبَانِهِمْ) أَيْ بِلَبَنِهِمْ (الْإِرْضَاعَ الْمُحَرِّمَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) بِالنَّصْبِ بِأَرْضَعَتْ (حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ أُخْتَهُ أَيْضًا أَوْ بِنْتَ ابْنِهِ أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ كَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الِابْنَ إذَا وَطِئَ زَوْجَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَطُرُوِّ الرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ لِعَدَمِ إيجَابِهِمَا التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ أَمَّا إذَا كَانَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ فَلَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ تَصِيرَ رَبِيبَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ عَلَيْهِ (وَلَزِمَهُ) لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا (نِصْفُ الْمُسَمَّى) إنْ صَحَّ (أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مِنْ جِهَتِهَا فَيُشْطَرُ الْمَهْرُ لَهُ كَالطَّلَاقِ (وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُرْضِعَةٌ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ تَقْصِدْ بِإِرْضَاعِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ غَرَامَةَ الْإِتْلَافِ لَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (بِنِصْفِ مَهْرِ) الْمِثْلِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَا جَمِيعَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا جَمِيعَ الْمُسَمَّى وَلَا نِصْفَهُ وَفَارَقَ ذَلِكَ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ الزَّوْجُ بِجَمِيعِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِأَنَّ فُرْقَةَ الرَّضَاعِ حَقِيقَةٌ فَلَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ وَفِي الشَّهَادَةِ النِّكَاحَ بِأَنْ يَزْعُمَ الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ لَكِنَّهُمْ بِشَهَادَتِهِمْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُضْعِ فَغَرِمُوا قِيمَتَهُ كَالْغَاصِبِ الْحَائِلِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمَغْصُوبِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ نِكَاحِ الْكَبِيرَةِ وَمَهْرِهَا.
(وَيُؤْخَذُ مِنْ كَسْبِ) الزَّوْجِ (الْعَبْدِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ مِثْلِ (زَوْجَتِهِ) الصَّغِيرَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا (وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ لَمْ يَفُتْ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَكَانَ لِلسَّيِّدِ كَعِوَضِ الْخُلْعِ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً) بِتَفْوِيضِ سَيِّدِهَا (فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ) مَثَلًا (فَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي كَسْبِهِ وَلَا يُطَالِبُ) سَيِّدُهُ الْمُرْضِعَةَ (إلَّا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَصَوَّرُوا ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ بِاللَّبَنِ]
قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ بَعْدَ الْوَضْعِ لَبَنُ الزِّنَا إلَخْ) سَكَتُوا عَمَّا لَوْ وَضَعَتْ حَمْلًا مِنْ الزِّنَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِيهِ اللَّبَنُ عَنْ الزَّوْجِ بِهَذَا اللَّبَنِ الْمُتَجَدِّدِ كَالشُّبْهَةِ، وَالنِّكَاحِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَبَنَ وَلَدِ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي قَطْعِهِ لِمَنْ لَهُ حُرْمَةٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّانِيَةَ إذَا وَضَعَتْ، وَلَدًا مِنْ الزِّنَا ثُمَّ أَرْضَعَتْ بِلِبَانِهِ صَبِيًّا فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ تَثْبُتُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَوَلَدِ الزِّنَا.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ]
[الطَّرَف الْأَوَّل فِي الْغُرْمِ بِالرَّضَاعِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ)
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ، وَلَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْغُرْمِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ فَإِذَا أَذِنَ فَلَا غُرْمَ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا فِيمَا إذَا أَكْرَهَهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ: لَوْ نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً إلَخْ) يُتَصَوَّرُ فِي الْحُرِّ أَيْضًا بِصُوَرٍ. الْأُولَى إذَا كَانَ مَمْسُوحًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَتَيْنِ، وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِالْأَمْنِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ، وَمِنْهَا إذَا نَكَحَ ذِمِّيٌّ أَمَةً صَغِيرَةً ثُمَّ تَرَافَعُوا إلَيْنَا بَعْدَ حُصُولِ الرَّضَاعَةِ، وَمِنْهَا أَنْ يَنْكِحَ الذِّمِّيُّ أَمَةً صَغِيرَةً ثُمَّ يُسْلِمَ، وَهُوَ مُسْتَكْمِلٌ لِلشَّرَائِطِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي بَابِهِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.

(3/419)


بِالْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْحُرَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الْمُتْعَةِ فِي الْكَسْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (أَوْجَرَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ (أَجْنَبِيٌّ لَبَنَ أُمِّ الزَّوْجِ) سَوَاءٌ أَحَلَبَهُ مِنْهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (فَالرُّجُوعُ) لِلزَّوْجِ بِالْغُرْمِ (عَلَيْهِ) لَا عَلَى أُمِّ الزَّوْجِ (وَلَوْ أَكْرَهَ) الْأَجْنَبِيُّ (الْأُمَّ) عَلَى إرْضَاعِهَا (فَأَرْضَعَتْهَا فَالْغُرْمُ عَلَيْهَا) طَرِيقًا وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ لِيُوَافِقَ قَاعِدَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَبِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمُكْرَهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَعَ دُخُولِ إتْلَافِهِ فِي الْقَاعِدَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا الْحَيْلُولَةُ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَشُهُودِ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا. (وَإِنْ أَوْجَرَهَا خَمْسَةٌ) مِنْ النَّاسِ (مَرَّةً غَرِمُوهُ) أَيْ مَا لَزِمَهُمْ بِالْإِيجَارِ (أَخْمَاسًا) وَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ وَاحِدَةٍ اعْتِبَارًا بِالْعَدَدِ (أَوْ) أَوْجَرَهَا (ثَلَاثَةٌ مُتَفَاضِلِينَ) بِأَنْ أَوْجَرَهَا وَاحِدٌ مَرَّةً وَالْآخَرَانِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ (فَعَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ) يَغْرَمُونَ (لَا) عَلَى عَدَدِ (الرُّءُوسِ) ؛ لِأَنَّ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَعَلَى الْأَوَّلِ خُمُسُ الْغُرْمِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ خُمُسَاهُ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّغْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِاخْتِصَاصِهِ بِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ اخْتَصَّ الْغُرْمُ بِالْأَخِيرِ كَمَا مَرَّ.

(فَرْعٌ) لَوْ (أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَوْ أُخْتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا فِي الْأُولَى أُخْتَيْنِ، وَالْكَبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ خَالَةٌ لِلصَّغِيرَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ عَمَّةٌ لِأُمِّهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (وَيَنْكِحُ) بَعْدَ ذَلِكَ (إحْدَاهُمَا) إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا (فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُ الْكَبِيرَةِ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جَدَّةَ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَدْخُولًا بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ رَبِيبَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا (وَالْغُرْمُ) فِيمَا ذُكِرَ (كَمَا سَبَقَ) فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ (إلَّا أَنَّ الْمَمْسُوسَةَ تُطَالِبُهُ بِكُلِّ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِتَفْوِيتِهَا مَنَافِعَ الْبُضْعِ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ شَهِدُوا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأَنْكَرَتْ فَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَنَكَحَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرَّجْعَةِ لِلْأَوَّلِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى الثَّانِي وَتَغْرَمُ لِلْأَوَّلِ مَهْرَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ بُضْعَهَا عَلَيْهِ (، وَإِنْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ وَارْتَضَعَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجَةِ الْكَبِيرَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَى ذَاتِ اللَّبَنِ وَلَوْ أَمْكَنَهَا الدَّفْعُ) بِأَنْ تَكُونَ مُسْتَيْقِظَةً سَاكِتَةً؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا (وَلَا مَهْرَ لِلصَّغِيرَةِ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَذَلِكَ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ (بَلْ يَرْجِعُ) الزَّوْجُ (فِي مَالِهَا بِنِسْبَةِ مَا غَرِمَ لِلْكَبِيرَةِ) فَيَرْجِعُ فِيهِ بِمَهْرِ مِثْلِ الْكَبِيرَةِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ حَمَلَتْ الرِّيحُ اللَّبَنَ) مِنْ الْكَبِيرَةِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُمَا (وَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ) فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ (مَرَّتَيْنِ، وَأَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ ثَلَاثًا سَقَطَ) مِنْ نِصْفِ مَهْرِهَا (الْخُمُسَانِ) وَلَزِمَ الزَّوْجَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى أُمِّهِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا) أَرْبَعًا (ثُمَّ دَبَّتْ إلَى الْمُرْضِعَةِ) الْخَامِسَةِ فَأَرْضَعَتْهَا (سَقَطَ الْخُمُسُ لَكِنْ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ) بِزِيَادَةٍ لَكِنْ بِلَا حَاجَةٍ وَلَزِمَ الزَّوْجَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ (وَيَرْجِعُ عَلَى أُمِّهِ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) هَذَا، وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّغْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرِ وَلَفْظَةُ نِصْفِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُصَاهَرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضَاعِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مُرْضِعَةُ زَوْجَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) مُرْضِعَةُ (مُطَلَّقَتِهِ الصَّغِيرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ أَوْجَرَ الصَّغِيرَةَ أَجْنَبِيٌّ لَبَنَ أُمِّ الزَّوْجِ]
قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: لَا يَسْتَقِيمُ قِيَاسُهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ حَتَّى يُعَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِتْلَافِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمَغْصُوبَةِ قَطْعًا، وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ قِيَاسُ الْأَبْضَاعِ عَلَى الْأَمْوَالِ لَوَجَبَ عَلَى قَاتِلِ الزَّوْجَةِ غَرَامَةُ مَهْرِهَا لِلزَّوْجِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الْغُرْمَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لِلْحَيْلُولَةِ، وَالْمُكْرَهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حَيْلُولَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا، وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ إلَخْ) لَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الزَّوْجِ الصَّغِيرَةَ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ ارْتَضَعَتْ الصَّغِيرَةُ مِنْهَا، وَهِيَ قَائِمَةٌ الْخَامِسَةَ فَهَلْ يُحَالُ التَّحْرِيمُ عَلَى الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ الْخَمْسَ وَصَاحِبَةُ اللَّبَنِ قَائِمَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُرْمٌ وَيَسْقُطُ مَهْرُ الصَّغِيرَةِ أَوْ يَحِلُّ عَلَى الْجَمِيعِ فَيَسْقُطُ مِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى خُمُسُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ وَالتَّحْرِيمَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُحَلِّلِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالثَّالِثَةِ، وَلَوْ أَوْجَرُوهَا ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ مُرَتَّبِينَ أُمُّ الزَّوْجِ، وَاحِدٌ مَرَّةً وَآخَرَانِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَهَلْ يُوَزَّعُ الْغُرْمُ أَثْلَاثًا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ صُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ، وَالصَّوَابُ يَقْتَضِي مَا سَبَقَ مِنْ النَّصِّ فِي الْخُلْعِ تَرْجِيحُ أَنَّ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ أَرْضَعَ الْخَامِسَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[فَرْعٌ أَرْضَعَتْ أُمُّ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَوْ أُخْتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ]
(قَوْلُهُ: فَلَا غُرْمَ عَلَى ذَاتِ اللَّبَنِ) ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا الدَّفْعُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ تَصْحِيحَ النَّوَوِيِّ هَذَا غَلَطٌ فَقَدْ جَزَمَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ قَالَ: وَهُوَ الْحَقُّ فَقَدْ جَعَلُوا مِثْلَ هَذَا تَمْكِينًا مَنْسُوبًا إلَيْهِ كَمَا إذَا أَتْلَفَ شَخْصٌ وَدِيعَةً تَحْتَ يَدِهِ أَوْ صَبَّ فِي جَوْفِهِ، وَهُوَ صَائِمٌ مُفْطِرًا أَوْ حَمَلَهُ فَدَخَلَ بِهِ لِدَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا. اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا التَّغْلِيطُ غَلَطٌ فِيمَا أَظُنُّ، وَالتَّمْكِينُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى السُّكُوتِ الْمُجَرَّدِ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ فِيهِ نَوْعُ إسْعَافٍ بِخِلَافِ السُّكُوتِ لَا صُنْعَ لَهَا مَعَهُ أَصْلًا قَالَ: وَفِيمَا شَبَّهَ بِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ يُدْرِكُهُ الْمُتَأَمِّلُ، وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ، وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ الضَّمَانُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفِعْلُ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ

(3/420)


كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ مُطَلَّقَةٌ) مِنْ رَجُلٍ زَوْجَهَا (الصَّغِيرَ بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ حَرُمَتْ) أَبَدًا (عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ وَلَدِهِ) وَعَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَزَوْجَةُ أَبِيهِ (وَإِنْ فَسَخَتْ كَبِيرَةٌ نِكَاحَ صَغِيرٍ بِعَيْبٍ) فِيهِ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَارْتَضَعَ الصَّغِيرُ بِلَبَنِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ صَارَ ابْنًا لِلْكَبِيرِ فَهِيَ زَوْجَةُ ابْنِ الْكَبِيرِ وَزَوْجَةُ أَبِي الصَّغِيرِ بَلْ أُمُّهُ إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهَا (، وَإِنْ زَوَّجَ مُسْتَوْلَدَةً لِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ (فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّهُ، وَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ (وَحَرُمَتْ عَلَى السَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ (أَوْ) أَرْضَعَتْهُ (بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ ابْنًا لَهُ فَلَا تَكُونُ هِيَ زَوْجَةُ ابْنِهِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ أَمَتُهُ الْمَوْطُوءَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) بِلَبَنِهِ أَوْ (بِلَبَنِ غَيْرِهِ حَرُمَتَا عَلَيْهِ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ ابْنَتُهُ إنْ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ وَابْنَةُ مَوْطُوءَتِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ الْمُطَلَّقَةُ الصَّغِيرَ الَّذِي نَكَحَتْهُ بِغَيْرِ لَبَنِ الزَّوْجِ) الْمُطَلِّقِ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَإِنْ طَلَّقَ زَيْدٌ صَغِيرَةً، وَعُمَرُ كَبِيرَةً، وَتَزَوَّجَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْأُخْرَى) بِأَنْ تَزَوَّجَ زَيْدٌ الْكَبِيرَةَ وَعَمْرٌو الصَّغِيرَةَ (ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ بِلَبَنِ غَيْرِهِمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا الْكَبِيرَةُ) أَبَدًا (لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِمَا، وَكَذَا) تَحْرُمُ (الصَّغِيرَةُ) أَبَدًا (عَلَى مَنْ دَخَلَ) مِنْهُمَا (بِالْكَبِيرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِ أَحَدِهِمَا حَرُمَتَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ بِنْتُهُ وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ عَلَى الْآخَرِ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ (وَإِنْ طَلَّقَهُمَا زَيْدٌ) بِأَنْ كَانَتَا تَحْتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهُمَا (ثُمَّ تَزَوَّجَهُمَا عَمْرٌو، وَأَرْضَعَتْهَا) أَيْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ (فَالتَّحْرِيمُ كَذَلِكَ) فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ عَلَى مَنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ (لَكِنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا) مِنْ عَمْرٍو (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ عَمْرٌو بِالْكَبِيرَةِ لِلْجَمْعِ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا فِي نِكَاحِهِ وَفِيمَا مَرَّ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ (وَيَغْرَمُ لِلصَّغِيرَةِ) زَوْجُهَا (وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ كَمَا سَبَقَ) فَيَغْرَمُ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفَ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا شَيْءَ لِلْكَبِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ جَاءَ مِنْهَا.

(فَصْلٌ) لَوْ (أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ) زَوْجَتَهُ (الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا) لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ (وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ) عَلَيْهِ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ أَرْضَعَتْهَا) الْكَبِيرَةُ (بِلَبَنِهِ) ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (فَهِيَ رَبِيبَةٌ) لَهُ (لَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ) ، وَإِلَّا حَرُمَتْ عَلَيْهِ (وَيَغْرَمُ) الزَّوْجُ (لِلصَّغِيرَةِ نِصْفَ الْمُسَمَّى) إنْ صَحَّ، وَإِلَّا فَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَتَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) كَمَا مَرَّ (وَلَا شَيْءَ لَهَا) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ مَمْسُوسَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْسُوسَةً لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا) عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ إذَا غَرِمَهُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَهَا قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إخْلَاءِ نِكَاحِهَا عَنْ الْمَهْرِ فَتَصِيرُ كَالْمَوْهُوبَةِ وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ كَمَا لَوْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَأَنْكَرَتْ فَصَدَّقْنَاهَا بِيَمِينِهَا فَنَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ ثُمَّ صَدَّقَتْ الْأَوَّلَ فِي الرَّجْعَةِ حَيْثُ يُغَرِّمُهَا الْأَوَّلُ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ ثَمَّ بَاقٍ بِزَعْمِهِ وَزَعْمِهَا إلَّا أَنَّهَا حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِالْيَمِينِ وَلِذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا الثَّانِي أَوْ مَاتَ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَهْرِ إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ) الِارْتِضَاعُ فِيمَا ذُكِرَ (بِفِعْلِ الصَّغِيرَةِ) كَأَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ الْكَبِيرَةِ، وَهِيَ نَائِمَةٌ (فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ وَلِلْكَبِيرَةِ) عَلَيْهِ (الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِالْغُرْمِ عَلَى الصَّغِيرَةِ) كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ أَمَةَ غَيْرِهِ) تَعَلَّقَ الْغُرْمُ (بِرَقَبَتِهَا) ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهَا كَجِنَايَتِهَا وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (أَوْ) كَانَتْ (أَمَتَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) لَهُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَمْلُوكِهِ مَالًا (إلَّا إنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً) فَعَلَيْهَا الْغُرْمُ لَهُ فَإِنْ عَجَزَهَا سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْغُرْمِ كَمَا تَسْقُطُ النُّجُومُ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَاتِهِ الْخَمْسَ فَأَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ صَارَتْ بِنْتًا لَهُ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِالْغُرْمِ إنْ أَرْضَعْنَ مَعًا، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْغُرْمِ عَلَى الْخَامِسَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ) بِلَبَنِهِ أَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَاتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
فِي التَّحْرِيمِ، وَالسُّكُوتُ لَيْسَ فِعْلًا كَالنَّوْمِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُصَاهَرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضَاعِ]
ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْضَعَتْ مُطَلَّقَةٌ زَوْجَهَا الصَّغِيرَ إلَخْ) قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُطَلَّقَةَ بِالْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ إذْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الصَّغِيرِ الْأَمَةَ (قَوْلُهُ: بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ) فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ غَيْرِ الْمُطَلِّقِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا أَوْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْمُطَلِّقِ.

[فَصْلٌ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ]
(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(3/421)


(وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ مَوْطُوآته سَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْكَبِيرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَنِصْفُهُ لِكُلِّ صَغِيرَةٍ، وَعَلَى الْكَبِيرَةِ الْغُرْمُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ (فَيَحْرُمْنَ لِلْجَمْعِ) أَيْ لِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي نِكَاحِهِ وَلِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ فِيهِ لَا مُؤَبَّدًا (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا) كَأَنْ أَوْجَرَتْهُنَّ (أَوْ) أَرْضَعَتْ (وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا) انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِصَيْرُورَةِ الصَّغَائِرِ أَخَوَاتٍ وَاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَةَ الْأُولَى صَارَتْ بِنْتَ الْكَبِيرَةَ وَالْأُخْرَيَيْنِ صَارَتَا أُخْتَيْنِ مَعًا (أَوْ) أَرْضَعَتْ (ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ) انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ مَعَ الْكَبِيرَةِ لِثُبُوتِ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِاجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ (وَبَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ) لِانْفِرَادِهَا وَوُقُوعِ إرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا وَأُخْتِهَا (فَإِنْ تَعَاقَبْنَ) فِي الِارْتِضَاعِ (انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى) مَعَ الْكَبِيرَةِ (بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْكَبِيرَةِ) الَّتِي صَارَتْ أُمَّهَا فِي النِّكَاحِ (وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ) أُخْتِهَا (الثَّانِيَةِ) فِي النِّكَاحِ (وَكَذَا) يَنْفَسِخُ (نِكَاحُ الثَّالِثَةِ مَعَهَا) لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي النِّكَاحِ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِمُجَرَّدِ ارْتِضَاعِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً وَلَمْ تَجْتَمِعْ هِيَ وَأُمٌّ وَلَا هِيَ وَأُخْتٌ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ مَعًا، وَكَذَا مُرَتَّبًا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِلْجَمْعِ) أَيْ لِاجْتِمَاعِ الْأُخْتَيْنِ فِي نِكَاحِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَجْنَبِيَّةُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ (أَوْ) أَرْضَعَتْ (زَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعَ مَعًا أَوْ مُثَنًّى) أَيْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا (انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ) لِاجْتِمَاعِ الْأَخَوَاتِ فِي نِكَاحِهِ.
(وَكَذَا إنْ تَرَتَّبُوا) بِأَنْ أَرْضَعَتْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً لِذَلِكَ فَإِنْ أَرْضَعَتْ ثَلَاثًا مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةً لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ عَدَاهَا وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَثَلَاثُ كَبَائِرَ فَأَرْضَعَتْهَا كُلُّ كَبِيرَةٍ خَمْسًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْكَبَائِرَ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ، وَالصَّغِيرَةَ بِنْتُ زَوْجَاتِهِ وَحَرُمَتْ الْكَبَائِرُ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِكَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

[فَرْعٌ تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا وَاحِدَةً مِنْ الصَّغِيرَتَيْنِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا وَاحِدَةً) مِنْ الصَّغِيرَتَيْنِ (وَالْأُخْرَى الْأُخْرَى انْفَسَخَ) نِكَاحُهُنَّ (وَحَرُمْنَ مُؤَبَّدًا إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَتَيْنِ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَلَهُ نِكَاحُ الصَّغِيرَتَيْنِ مَعًا) ، وَمُرَتَّبًا لِعَدَمِ أُخُوَّتِهِمَا بِخِلَافِ الْكَبِيرَتَيْنِ تَحْرُمَانِ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهُمَا أُمَّا زَوْجَتَيْهِ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا إحْدَى الْكَبِيرَتَيْنِ مُرَتَّبًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى مَعَ الْمُرْضِعَةِ) لِاجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نِكَاحِ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ أُمٍّ وَلَا أُخْتٍ (وَإِنْ أَرْضَعَتْهُمَا) الْكَبِيرَةُ (الْأُخْرَى) بَعْدَ إرْضَاعِ الْأُولَى (عَلَى تَرْتِيبِ) إرْضَاعِ (الْأُولَى لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ) الصَّغِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِذَلِكَ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ الثَّانِيَةِ بِإِرْضَاعِ الصَّغِيرَةِ الْأُولَى (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا الْأُخْرَى عَلَى عَكْسِ تَرْتِيبِ إرْضَاعِ الْأُولَى (انْفَسَخَ) نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا وَلَهُ نِكَاحُ كُلِّ صَغِيرَةٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْكَبِيرَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (أَوْجَرَتْ الْكَبِيرَتَانِ الصَّغِيرَةَ لَبَنَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ دَفْعَةً) بِأَنْ كَانَ مَخْلُوطًا (تَأَيَّدَ تَحْرِيمُ الْكَبِيرَتَيْنِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا) لِاجْتِمَاعِ الْبِنْتِ مَعَ أُمِّهَا فِي النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ تَحْرُمْ الصَّغِيرَةُ (وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ (لِلصَّغِيرَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَهُمَا عَلَيْهِ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ (إنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا وَيَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لِنِكَاحِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَفِعْلِ صَاحِبَتِهَا فَسَقَطَ النِّصْفُ بِفِعْلِهَا وَوَجَبَ النِّصْفُ عَلَى صَاحِبَتِهَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (رُبْعُ الْمُسَمَّى) أَوْ رُبْعُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ (وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (بِرُبْعِ مَهْرِ مِثْلِ صَاحِبَتِهَا) ، وَإِنْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا تَمَامُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلِلْأُخْرَى رُبْعُهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا بِرُبْعِ مَهْرِ مِثْلِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَإِنْ أَوْجَرَهَا اللَّبَنَيْنِ فِي) الرَّضْعَةِ (الْخَامِسَةِ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (فَالتَّحْرِيمُ بِحَالِهِ) السَّابِقِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُمَا (وَ) لَكِنْ (لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوجِرَةِ) فَقَطْ (فِي غُرْمِهِ لَهُمَا) أَيْ بِغُرْمِهِ لِلصَّغِيرَةِ وَلِغَيْرِ الْمُوجِرَةِ لِلْخَامِسَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3/422)


(وَلَا شَيْءَ لِلْمُوجِرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْفُرْقَةِ.
(إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْسُوسَةً فَلَهَا الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْهُ فَتَحْرُمُ الصَّغِيرَةُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ (وَلَوْ ثَبَتَتْ الْأُبُوَّةُ فَقَطْ) بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضَ الْخَمْسِ (وَتَفَاضَلَتَا) أَيْ الْكَبِيرَتَانِ فِي الْإِرْضَاعِ (بِأَنْ حَلَبَتَا لَبَنَهُمَا مِنْ الزَّوْجِ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي ثَلَاثَةِ آنِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْأُخْرَى دَفْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي إنَاءَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ جُمِعَ) الْجَمِيعُ (وَأَوْجَرَتْهُ إحْدَاهُمَا الصَّغِيرَةَ) وَلَوْ ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَخْلُوطَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ النِّسَاءِ، وَإِنْ أُوجِرَ دَفْعَةً (غَرِمَتْ وَحْدَهَا) ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِفِعْلِهَا وَحَرُمَتْ الصَّغِيرَةُ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهَا ابْنَتُهُ (وَإِنْ أَوْجَرَتَاهُ) لَهَا مَعًا (غَرِمَتَا بِالسَّوِيَّةِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا، وَإِنْ أَرْضَعَتَا مُتَفَرِّقًا كَأَنْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَالْأُخْرَى مَرَّتَيْنِ فَالْغُرْمُ عَلَى مُرْضِعَةِ الْخَامِسَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْ ثَلَاثُ خَالَاتٍ لَهُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي نِكَاحِهِنَّ (لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ بَنَاتِ الْخَالَاتِ فِي نِكَاحِهِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ) بَعْدَ ذَلِكَ (أُمُّ أُمِّهِ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي أُمِّهِ بِلَبَنِهِ) زَوْجَتَهُ (لِرَابِعَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا (لِأَنَّهَا صَارَتْ خَالَتَهُ وَخَالَتَهُنَّ) أَيْ الصَّغَائِرِ الثَّلَاثِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ صَيْرُورَتِهَا خَالَةً لَهُنَّ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ بِهِ قَوْلُهُ (وَكَذَا) يَنْفَسِخُ (نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ لِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُنَّ) وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ (وَلَوْ كُنَّ) الْأَفْصَحُ كَانَتْ (الْخَالَاتُ) اللَّاتِي أَرْضَعْنَ الثَّلَاثَ (مُتَفَرِّقَاتٍ، وَأَرْضَعَتْ) الصَّغِيرَةَ (لِرَابِعَةٍ أُمُّ أُمِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأَبِ) ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ لَمْ تَصِرْ خَالَةً لَهَا (وَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةُ الرَّابِعَةِ امْرَأَةَ أَبِي أُمِّهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا الْخَالَةُ لِلْأُمِّ) لِذَلِكَ (وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْخَالَاتِ (إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ) أَيْ الصَّغَائِرَ الثَّلَاثَ (ثَلَاثُ عَمَّاتٍ) لَهُ (وَأَرْضَعَتْ) الصَّغِيرَةَ (الرَّابِعَةُ) بَعْدَ ذَلِكَ (أُمُّ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي أَبِيهِ بِلَبَنِهِ. فَرْعٌ)
لَوْ (أَرْضَعَ) تِ (بَنَاتِ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ) ، وَهُنَّ ثَلَاثٌ (ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ) بِأَنْ أَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً (وَهِيَ) أَيْ الْكَبِيرَةُ (مَدْخُولٌ بِهَا حَرُمَ) عَلَيْهِ (الْكُلُّ مُؤَبَّدًا) سَوَاءٌ أَرَضَعْنَ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ جَدَّةُ نِسَائِهِ وَالصَّغَائِرَ حَوَافِدُهَا (وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْكَبِيرَةِ عَلَى بَنَاتِهَا إنْ أَرْضَعْنَ مَعًا) لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرْضَعْنَ مُرَتَّبًا (فَعَلَى الْأُولَى) مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهَا الْمُفْسِدَةُ لِنِكَاحِهِ (وَ) يَرْجِعُ (بِمَهْرِ) الْأُولَى بِغُرْمِ (كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْكَبِيرَةُ (مَدْخُولًا بِهَا، وَأَرْضَعْنَ الْمَرَّةَ الْخَامِسَةَ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ) لِاجْتِمَاعِ الْجَدَّةِ مَعَ الْحَوَافِدِ فِي نِكَاحِهِ (وَحَرُمَتْ) عَلَيْهِ (الْكَبِيرَةُ مُؤَبَّدًا دُونَهُنَّ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغَائِرِ (نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَالرُّجُوعُ بِهِ كَمَا سَبَقَ) فَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَبِغُرْمِ الْكَبِيرَةِ عَلَى الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سُدُسٌ (أَوْ) أَرْضَعْنَ (مُرَتَّبًا انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (فِي الْكَبِيرَةِ وَالْأُولَى) وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ بِالْغُرْمِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نِكَاحِ الْبَاقِيَتَيْنِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ (وَلَا يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِيَيْنِ سَوَاءٌ أَرَضَعَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَصِيرَا أُخْتَيْنِ وَلَا اجْتَمَعَتَا مَعَ الْجَدَّةِ فِي النِّكَاحِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْبَاقِيَيْنِ وَرَضَعَتَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَرْضَعَتْ ثِنْتَانِ صَغِيرَتَيْنِ مَعًا ثُمَّ أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةُ الثَّالِثَةَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ، وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيَرْجِعُ بِغُرْمِ كُلِّ صَغِيرَةٍ عَلَى مُرْضِعَتِهَا وَتَغْرَمُ الْكَبِيرَةُ عَلَى الْمُرْضِعَتَيْنِ جَمِيعًا.
(فَرْعٌ) لَوْ (زَوَّجَ) رَجُلٌ (ابْنَ ابْنِهِ بِنْتَ ابْنِهِ فَأَرْضَعَتْ جَدَّتُهُمَا أُمُّ أَبِيهِمَا) أَيْ أَبِي كُلٍّ مِنْهُمَا (إحْدَاهُمَا أَوْ) أَرْضَعَتْهُ (أُمُّ أَبِي أَحَدِهِمَا بِلَبَنِ جَدِّهِمَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهَا إنْ أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَ صَارَ عَمًّا لِلصَّغِيرَةِ أَوْ الصَّغِيرَةُ صَارَتْ عَمَّةً لِلصَّغِيرِ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا صُوَرًا تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا مَرَّ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّضَاع]
[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الرَّضَاعِ وَحُكْمِهَا]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي دَعْوَى الرَّضَاعِ) وَحُكْمِهَا (فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ النِّكَاحِ بِرَضَاعٍ) بَيْنَهُمَا مُحَرِّمٍ (مُمْكِنٍ حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَة ثَلَاث زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ)

(3/423)


وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ حَيْثُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِ فُرْقَةِ الْبَيْنُونَةِ وَخَرَجَ بِالْمُمْكِنِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي، وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجَيْنِ تَجَوُّزٌ سَهَّلَهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ النِّكَاحِ (حُكِمَ بِفَسَادِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ جَاهِلَةً وَدَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (الزَّوْجُ، وَأَنْكَرَتْ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى) أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (وَلَهُ تَحْلِيفُهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) هَا (أَوْ) وَطِئَهَا (وَكَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ) مِنْ الْمُسَمَّى (فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) ، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (فَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهَا إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ) فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ (أَوْ تَمْكِينٌ) لَهُ مِنْ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ حِلَّهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا نَقِيضُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى وَقْفَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطْئِهَا (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ مَا تَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يُنَاقِضُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (وَلَا شَيْءَ لَهَا إنْ لَمْ يَطَأْ) عَمَلًا بِقَوْلِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى) أَوْ بَعْضَهُ (فَلَهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ، وَكَذَّبَهَا) فَلَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهَا لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا (وَالْوَرَعُ) لَهُ (أَنْ يُطَلِّقَهَا) طَلْقَةً لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً.

(فَرْعٌ: يَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ أَمَةٍ أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَبْلَ الشِّرَاءِ) مِنْهُ لَهَا (وَكَذَا) بَعْدَهُ (وَقَبْلَ التَّمْكِينِ) ، وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ فِي هَذِهِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةَ نَسَبٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلٌ يُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ) فِي الرَّضَاعِ (وَالْمُنْكِرُ لِلرَّضَاعِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهِ فِي الِارْتِضَاعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا (وَمُدَّعِيهِ) يَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ بَعْدَ نُكُولِ صَاحِبِهِ) عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ فِعْلَ الْغَيْرِ وَلَوْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا وَلَا كَذِبُهَا لَمْ يَحْلِفْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِرْضَاعِ (يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ، وَ) فِي (حَلْبِ لَبَنِهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ بِرَجُلٍ، وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ (وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَالْإِيجَارِ) لِلَّبَنِ (إلَّا رَجُلَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا (وَيُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَبِنْتِهَا) مَعَ غَيْرِهِمَا (حِسْبَةً بِلَا تَقَدُّمِ دَعْوَى) ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ الزَّوْجَةِ مُدَّعِيَةً؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ (كَمَا يَشْهَدُ أَبُوهَا وَابْنُهَا) أَوْ ابْنَاهَا (بِالطَّلَاقِ) لَهَا مِنْ زَوْجِهَا (حِسْبَةً) بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَتْهُ (وَكَذَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا (إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَتْ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهَا (لَا عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهَا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ شَهَادَةُ بِنْتِهَا بِذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الزَّوْجَ ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا أَوْ نَحْوِهَا أَمَّا شَهَادَتُهَا بِأَنَّ أُمَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُمْكِنُ لِاسْتِحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) بِأَنْ قَالَتْ أَرْضَعَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجُرَّ بِشَهَادَتِهَا نَفْعًا وَلَمْ تَدْفَعْ بِهَا ضَرَرًا وَفِعْلُهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا بِوِلَادَتِهَا لِجَرِّهَا نَفْعَ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِمَا وَبِخِلَافِ شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ بِحُكْمِهِ لِتَضَمُّنِهَا تَزْكِيَةَ نَفْسِهِ لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ مَقْصُودٌ بِالْإِثْبَاتِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَحِلِّ الْخَلْوَةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ بِهَا حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ (إلَّا إنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ حُكْمٍ بِفَسَادِهِ) لَوْ قَالَ الزَّوْجَاتُ عَلِمْنَا الرَّضَاعَ قَبْلَ الْوَطْءِ دُونَ التَّحْرِيمِ أَوْ قَالَتْهُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُشْبِهُ قَبُولَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ تَقْتَضِي الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِي الْحَدِّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ سَبَقَ مِنْهَا إذْنٌ إلَخْ) فِي الشَّرْحَيْنِ، وَالرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ أَنَّ مَنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا إلَّا إذَا ذَكَرَتْ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمَوْجُودُ هُنَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سَمَاعُهَا مُطْلَقًا، وَالتَّحْلِيفُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ.

[فَرْعٌ حُكْم وَطْء السَّيِّدِ أَمَة أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ]
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ فِي هَذِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْوَجْهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ سُئِلَ وَالِدِي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَحِمَهُ - عَنْهَا بِمَا حَاصِلُهُ بَلْ نَصُّهُ عَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّمْكِينِ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الْحُرَّةُ ذَلِكَ هَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَى السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ. اهـ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ مُطْلَقًا، وَفِي الرَّضَاعِ كَذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فِيهِمَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) قَالَ شَيْخُنَا، وَالْعُبَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلِيٌّ إلَخْ) وَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ، وَالرَّضَاعُ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِهِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ فِي الرَّضَاعِ]
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) ، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِحَلِفِهِ.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ الشَّهَادَةُ) (قَوْلُهُ: وَفِي حَلْبِ لَبَنِهَا إلَخْ) أَمَّا الشَّهَادَةُ بِرَضَاعِ لَبَنٍ حُلِبَ فِي آنِيَةٍ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ رَجُلَيْنِ

(3/424)


طَلَبَتْ أُجْرَةً) عَنْ الرَّضَاعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (شَهِدَتْ وَاحِدَةٌ) أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ (بِالرَّضَاعِ بَيْنَ رَجُلٍ) وَامْرَأَةٍ (فَالْوَرَعُ) لَهُ (أَنْ يَجْتَنِبَهَا) بِأَنْ لَا يَنْكِحَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ نَكَحَهَا (وَيُطَلِّقَ) هَا (إنْ نَكَحَهَا) لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنِ أَبِي إهَابٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَقَالَ لَهَا لَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ» .
(فَرْعٌ: لَا يَقْدَحُ) فِي الشَّهَادَةِ (نَظَرُ الشَّاهِدَيْنِ إلَى الثَّدْيِ، وَإِنْ تَعَمَّدَاهُ) ، وَكَانَ نَظَرُهُمَا (لَا لِلتَّحَمُّلِ) لَهَا (لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ) فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (إلَّا إنْ اعْتَادَا ذَلِكَ) يَعْنِي أَصَرَّا عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّغَائِرِ بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا فَيُقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمَا.

(فَصْلٌ: شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ ذَكَرَ شُرُوطَهُ) الْآتِيَةَ فَلَا يَكْفِي فِيهَا بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ فَاشْتُرِطَ التَّفْصِيلُ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ (فَإِنْ شَهِدَ) الشَّاهِدُ بِالرَّضَاعِ (وَمَاتَ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا) أَيْ شَهَادَتِهِ (فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْقَاضِي) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ التَّوَقُّفِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ التَّوَقُّفِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ (وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ) فِي الشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ (بِإِطْلَاقِ الْفَقِيهِ) الْمَوْثُوقِ بِمَعْرِفَتِهِ (الْمُوَافِقِ) لِمَذْهَبِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْمُخَالِفِ لَهُ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الْوَاقِعَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُقَلِّدًا فَإِنْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ مُطْلَقًا، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُوَافِقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَإِقْرَارُ الْفَقِيهِ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (كَافٍ، وَفِي) إقْرَارِ (غَيْرِهِ) كَذَلِكَ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ، وَيَحْسُنُ فِي الْفَقِيهِ تَقْيِيدُهُ بِالْمُوَافِقِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاهِدِ لِيَكُونَ غَيْرُهُ كَغَيْرِ الْفَقِيهِ قَالَ وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ. اهـ. وَكَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَنَّهَا لَا تَكْفِي ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ فَقَالَ (فَيَذْكُرُ) الشَّاهِدُ (عَدَدَ الرَّضَعَاتِ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَكَذَا) يَذْكُرُ (وُصُولَ اللَّبَنِ الْجَوْفَ) أَوْ الدِّمَاغَ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ كَمَا يَذْكُرُ الْإِيلَاجَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا؛ وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَكَذَا ذُكِرَ، وَفِي التَّعَرُّضِ لِلرَّضَعَاتِ مَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ التَّفَرُّقِ، وَنَازَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ أَطْلَقَهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ، وَمَأْخَذُ الِاشْتِرَاطِ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاهِدِ الْمُطْلِق لِذِكْرِ الْخَمْسِ فَقِيهًا أَوْ لَا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَغَالِبُ النَّاسِ يَجْهَلُ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ أَوْ قَطْعَ الرَّضِيعِ الِارْتِضَاعَ لِلَهْوٍ وَتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِمَا وَعَوْدَهُ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ مُصَرِّحٌ أَوْ كَالْمُصَرِّحِ بِاعْتِبَارِ التَّفَرُّقِ وَلِذَلِكَ طَرَحَ مِنْ الرَّوْضَةِ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُطْلَقَةَ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا أَوْ أُخُوَّةً أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ لَوَازِمِ فِعْلِ الرَّضَاعِ، وَالِارْتِضَاعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَذَكَرَ مَعَ هَذَا حُكْمَ الْإِقْرَارِ السَّابِقِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِفِعْلِ الرَّضَاعِ وَالِارْتِضَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِمَا إنْ وَقَعَا بِنَفْسِ الْفِعْلِ فَإِنْ وَقَعَا مُلَازَمَةً فَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْفَرْقِ السَّابِقِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ فِي الْأَمْرَيْنِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالرَّضَاعِ (لِرُؤْيَةِ الِامْتِصَاصِ) لِلَّبَنِ (وَحَرَكَةِ الِازْدِرَادِ) لَهُ (وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) مِنْهُ (بِكَوْنِهَا ذَاتَ لَبَنٍ) حَالَ الِارْتِضَاعِ أَوْ قُبَيْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوُصُولِ اللَّبَنِ الْجَوْفَ وَلَا لِلرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ عِلْمِهِ تِلْكَ الْقَرَائِنَ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ أَخْذِ الطِّفْلِ تَحْتَ ثِيَابِهَا، وَإِدْنَاؤُهُ مِنْهَا كَهَيْئَةِ الْمُرْضِعَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُوجِرُ لَبَنَ غَيْرِهَا فِي شَيْءٍ كَهَيْئَةِ الثَّدْيِ، وَلَا سَمَاعُ صَوْتِ الْمَصِّ فَقَدْ يَمْتَصُّ أُصْبُعَهُ أَوْ أُصْبُعَهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: بِحَيْثُ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِمَا طَاعَاتِهِمَا) أَيْ أَوْ اسْتَوَيَا.

[فَصْلٌ شَرْطُ شَهَادَةِ الرَّضَاعِ]
(قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا وُجُوبُ الْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا فِي وُجُوبِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْسُنُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّفْصِيلُ مِنْ الْمُوَافِقِ، وَالْمُخَالِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ التَّفْصِيلِ إلَّا مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ (قَوْلُهُ: وَمَا نَقَلَهُ مِنْ الْفَرْقِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ) أَنَّ إقْرَارَ غَيْرِ الْفَقِيهِ مُطْلَقًا كَافٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ، وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا قَبُولُهَا (قَوْلُهُ: قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَطْرُقَهُ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(3/425)


(كِتَابُ النَّفَقَاتِ)
جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَجَمْعُهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَمُوجِبَاتُهَا النِّكَاحُ وَالْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ) وَالْأَوَّلَانِ يُوجِبَانِهَا لِلزَّوْجَةِ وَالرَّقِيقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَلَا عَكْسَ وَالثَّالِثُ يُوجِبُهَا لِكُلٍّ مِنْ الْقَرِيبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِشُمُولِ الْبَعْضِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ (وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي) نَفَقَةِ (الزَّوْجَةِ) بَدَأَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِوُجُوبِهَا بِالْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرِهَا بِالْمُوَاسَاةِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْعَجْزِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَخَبَرُ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَبَرُ «مَا حَقُّ زَوْجَةِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ قَالَ تُطْعِمُهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوَّلِ الْمُوجِبُ الْأَوَّلُ، وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ (وَفِيهِ) وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ وَلَوْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ لَكَانَ فِي الْبَابِ أَبْوَابٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُصْطَلَحِ وَلَكَانَ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَبْوَابٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ أَصْلِهِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَيَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى سِتَّةِ أَبْوَابٍ أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَوَاجِبَةٌ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ وَفِيهَا (ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَكَيْفِيَّتِهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ) مِنْ الْوَاجِبَاتِ (الْأَوَّلُ الطَّعَامُ فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ) عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ) أَوْ ذِمِّيَّةً (مُدَّانِ، وَ) لِزَوْجَةِ (الْمُعْسِرِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (مُدٌّ) وَلِزَوْجَةِ (الْمُتَوَسِّطِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (مُدٌّ، وَنِصْفٌ) وَالْعِبْرَةُ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ رَطْلِ بَغْدَادَ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] الْآيَةَ.
وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هَلْ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَتَقَرَّرُ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةَ الْأَذَى فِي الْحَجِّ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا (مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِهَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ قُوتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَالِبٌ (فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا) هُوَ الْوَاجِبُ (وَالْمُعْسِرُ مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ) الْوَاسِعِ فَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ. وَقَضِيَّةُ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا (وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ) يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَ (يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمَدِينِ) لَهُ (مِسْكِينًا) وَالْمُوسِرُ بِخِلَافِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، وَقِلَّةِ الْعِيَالِ، وَكَثْرَتِهِمْ (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا، وَإِنْ كَثُرَ مَالُهَا (مُعْسِرٌ) لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْمُبَعَّضِ وَعَدَمِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا، وَإِلْحَاقُ الْمُبَعَّضِ بِالْمُعْسِرِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ كَفَّارَةَ الْمُوسِرِ وَذَكَرَ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ نَحْوَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْمُعْسِرِ لَمَا صَرَفَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَا أَنْفَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ