أسنى المطالب في شرح روض الطالب

[كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَات وَفِيهِ أَبْوَابٌ]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى]
(كِتَابُ الدَّعَاوَى)
بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (وَالْبَيِّنَاتِ) الدَّعْوَى لُغَةً الطَّلَبُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57] وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ لِلْمُخْبِرِ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْبَيِّنَةُ الشُّهُودِ سُمُّوا بِهَا لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضُعِّفَ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبَ الْمُنْكِرِ قَوِيَ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى وَفِيهِ مَسَائِلُ) سَبْعَةٌ (الْأُولَى فِي مُوجِبِ الرَّفْعِ) إلَى الْقَاضِي (فَإِنْ كَانَ) الْحَقُّ (عُقُوبَةً كَقِصَاصٍ وَ) حَدِّ (قَذْفٍ اُشْتُرِطَ الرَّفْعُ) فِيهَا (إلَى الْقَاضِي) فَلَا يَسْتَقِلُّ صَاحِبُهَا بِاسْتِيفَائِهَا لِعِظَمِ خَطَرِهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ نَعْمَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَقَدَّمْتُ هَذَا أَيْضًا فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ.
(وَكَذَا مَنْ لَهُ عَيْنٌ) عِنْدَ غَيْرِهِ (وَخَشِيَ بِأَخْذِهَا) اسْتِقْلَالًا (فِتْنَةً) يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِهِ بِغَيْرِ إثَارَةِ فِتْنَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَهَا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا (أَوْ) كَانَ لَهُ (دَيْنٌ عَلَى مُقِرٍّ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ) مِنْ أَدَائِهِ (طَالَبَهُ) بِهِ لِيُؤَدِّيَهُ وَلَيْسَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشُهُودٍ فَبَانُوا مَرْدُودِينَ]
كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قِيلَ إنَّ أَوَّلَ دَعْوَى وَقَعَتْ فِي الْأَرْضِ دَعْوَى قَابِيلِ عَلَى هَابِيلِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِنِكَاحِ تَوْأَمَتِهِ فَتَنَازَعَا إلَى آدَمَ فَأَمَرَهُمَا بِمَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا بِقَوْلِهِ {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [المائدة: 27] فَقَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلًا فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي) الْقَاضِي مَثَلٌ فَالْمُحَكِّمُ كَذَلِكَ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمَظَالِمِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَالْوَزِيرُ وَالْمُحْتَسِبُ وَنَحْوُهُمْ إذَا تَضَمَّنَتْ وِلَايَاتُهُمْ ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ يَسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى رَقِيقِهِ وَفُهِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاشْتِرَاطِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ لَكِنْ يَقَعُ فِي الْقِصَاصِ الْمَوْقِعَ فَتُحْمَلُ عِبَارَتُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا إذَا قُتِلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ قُذِفَ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يُحْتَاجُ لِدَعْوَى الْحِسْبَةِ بَلْ فِي سَمَاعِهَا خِلَافٌ ثَانِيهُمَا قُتِلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الَّذِي لَمْ يَتُبْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ دَعْوَى لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ لَهُ عَيْنٌ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَخْ) وَلَيْسَ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ حَبْسُهَا عَنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ أَمِينٍ بَاذِلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عِلْمِهِ وَلَا دُخُولَ مَنْزِلِهِ لِأَجْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَقْبُوضًا وَالْبَائِعُ بَاذِلٌ لَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَذَى وَالْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ أَلَا تَرَاهُمْ بَوَّبُوا بَابَ أَخْذِ الْحَقِّ مِمَّنْ يَمْنَعُهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ عَيْنُ جِلْدِ الْمَيِّتَةِ وَالسِّرْقِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ إذَا غُصِبَ وَلَا بَيِّنَةً لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ كَسْرُ الْبَابِ وَنَقْبُ الْجِدَارِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا إلَّا لِلْمَالِ. اث وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فِتْنَةَ) أَوْ ضَرَرًا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي) اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَخْذُ عَيْنِهِ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَإِنْ خَافَ فِتْنَةً لَا يَنْتَهِي الْحَالُ فِيهَا إلَى ارْتِكَابِ مَفْسَدَةِ مُقْتَضِيَةٍ لِلتَّحْرِيمِ وَتَعْبِيرُهُ يَقْتَضِي امْتِنَاعُ الْأَخْذِ بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ جَازَ وَالْفِتْنَةُ امْتَنَعَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَاحْتِمَالَانِ وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَحْذُورِ وَنَظِيرُهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ لِحَجِّ الْفَرْضِ، وَتَعَيُّنُ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّفْعَ إلَى مَنْ لَهُ إلْزَامُ الْحُقُوقِ وَالْإِجْبَارِ وَعَلَيْهَا مِنْ أَمِيرٍ وَوَزِيرٍ وَمُحْتَسِبٍ وَلَا سِيمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا عِنْدَهُمْ ر (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَهَا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَيْ عَيْنًا غُصِبَتْ مِنْهُ وَكَذَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مَنْ ائْتَمَنَهُ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَبَذَلَ لَهُ الثَّمَنَ

(4/386)


لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي تَعْيِينِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَى الْمَدِينِ (فَإِنْ) خَالَفَ وَ (أَخَذَ مِنْ مَالِهِ) شَيْئًا (رَدَّهُ) إلَيْهِ إنْ بَقِيَ (فَإِنْ تَلِفَ) عِنْدَهُ (ضَمِنَهُ فَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْحَقَّانِ (جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ (عَلَى) مُقِرٍّ (مُمَاطِلٍ) بِهِ (أَوْ مُنْكِرٍ) لَهُ (يَحْتَاجُ) فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ (إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَحْلِيفٍ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ) اسْتِقْلَالًا وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي (جِنْسَ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ بِهِ) وَلَا يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِخَبَرِ هِنْدَ «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً وَتَضْيِيعَ زَمَانٍ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ تَقْدِيمُ النَّقْدِ عَلَى غَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا.
(وَيُنَقِّبُ) جَوَازًا (لَهُ) أَيْ لِأَخْذِهِ (الْحِرْزَ إنْ لَمْ يَصِلْ) إلَيْهِ (إلَّا بِهِ) أَيْ بِالنَّقْبِ الشَّامِلِ لِكَسْرِ الْبَابِ لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ (بِلَا ضَمَانٍ) عَلَيْهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحِرْزُ لِلدَّيْنِ وَغَيْرَ مَرْهُونٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَإِجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وَكَّلَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ (ثُمَّ يَتَمَلَّكُ الْجِنْسَ) الْمَأْخُوذَ أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ بَدَلًا عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْصِدُ أَخْذَ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ؛ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ وَمَنْ لَهُ الْعَيْنُ حَقِيقَةً هُوَ مَالِكُهَا فَيَخْرُجُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا بَلْ مُقْتَضَى عِبَارَتِهِمْ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ بِالْأَخْذِ لِلْمَالِكِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ بِالْمَالِكِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُؤَبَّدَةً وَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي التَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسْتَحِقُّ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَسَيَأْتِي مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ تَجْوِيزِ الْأَخْذِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُمَاطِلٍ) مِثْلُهُ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزُ وَالْهَارِبُ (قَوْلُهُ أَوْ مُنْكِرٍ لَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَكَتَبَ أَيْضًا بِمَا يَتَحَقَّقُ امْتِنَاعُهُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ أَحَدُهُمَا بِجُحُودِهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَالثَّانِي بِأَنْ يُطَالِبَهُ فَيَأْبَى وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ لِحَاكِمٍ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَعَجَزَ عَنْ الْأَخْذِ لِقُوَّةِ سُلْطَانِ الْغَرِيمِ قَالَ فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ كَانَ بَابُ الْحَاكِمِ فَاسِدًا وَكَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ يَلِي أَمَرَهُ مِنْ مَالِ مَنْ جَحَدَهُ إذَا قُدِّرَ عَلَيْهِ مِثْلُ حَقِّهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَرَضًا بَاعَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ مِقْدَارَ حَقِّهِ. اهـ. (تَنْبِيهٌ)
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي مَعْنَى الْمُنْكِرِ غَيْرُ مَقْبُولِ الْإِقْرَارِ كَالسَّفِيهِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَنَبَّهَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ بِأَخْذِ الْجِنْسِ مَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَهُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ بِوَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ بَاعَ عَرَضَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ حَقَّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَسَّمُوا الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِذِكْرِهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ بِيَدِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَكَالدَّيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ لَا سِيَّمَا الْمُؤَبَّدَةُ كَالْمَالِكِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْجِنْسِ عِنْدَ الظَّفْرِ لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ احْتَاجَ فِي أَخْذِهِ إلَى رُكُوبٍ خَطَرٍ لِشِدَّةِ إحْرَازِهِ أَخَذَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَا لِأَنَّ الشُّهُودَ رُبَّمَا جُرِحُوا (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بِهِ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ بِالْقَاضِي أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا حَرَّرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ جَوَازِ كَسْرِ بَابِ الْغَرِيمِ وَنَقْبِ جِدَارِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ الْمُمْتَنِعِ أَوْ الْمُنْكِرِ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْغَائِبِ الْمَعْذُورِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَفِي مَعْنَى الْمَالِ الْمُخْتَصِّ كَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِلْمَدِينِ) أَيْ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بِلَا عُذْرٍ أَمَّا الْغَائِبُ الَمَعْذُورِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وُكِّلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَقُولُ خِلَافُهُ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لَهُ تَمَلُّكُهُ أَيْ تَمَوُّلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْأَخْذِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَخَذَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ تَمْلِيكٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَعِبَارَةُ تَعْلِيقِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فَإِنْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا أَخَذَهُ مِلْكَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكِ. اهـ. بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ

(4/387)


فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ عَنْ حَقِّهِ مَلَكَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ فَمَعْنَى يَتَمَلَّكُهُ يَتَمَوَّلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ (وَلَهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (إنْ لَمْ يَطَّلِعْ الْقَاضِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ عَلَى الْحَالِ (بِيعَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ لِأَنَّ الْمَدِينَ بِامْتِنَاعِهِ سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَالْأَخْذِ وَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مُؤْنَةٌ وَمَشَقَّةٌ فَوْقَ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدَ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَ الْأَصْلُ جَوَازَ بَيْعِهِ اسْتِقْلَالًا بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا مَعَ وُجُودِهَا وَبَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِهِ بِهَا وَإِنَّمَا يَبِيعُ (بِالنَّقْدِ) أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ (وَيَشْتَرِي) بِهِ (الْجِنْسَ) أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا) أَيْ نَقْدُ الْبَلَدِ وَيَنْبَغِيَ أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِ مَا أَخَذَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (فَإِنْ قَصَّرَ) فِيهِ (وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ) مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ إلَى حِينِ تَلَفِهِ كَالْغَاصِبِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِهِ كَالْمُسْتَامِ بَلْ أَوْلَى لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ وَلِأَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا أَخَذَ ثَوْبَ غَيْرِهِ لِدَفْعِ الْحَرِّ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ فَكَذَا هُنَا (وَإِنْ أَخَّرَ بَيْعَهُ) الْأَوْلَى وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ (ضَمِنَ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَا إنْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَأْخُوذَ فَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ قِيمَتِهِ كَالْغَاصِبِ (وَزِيَادَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ) لِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ (أَوْ التَّمَلُّكِ) لِجِنْسِ حَقِّهِ مِلْكٌ (لِلْمَالِكِ) وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ أَوْ التَّمَلُّكُ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ جِنْسَ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ (فَإِنْ بَاعَهُ الْآخِذُ وَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ ثُمَّ وَفَّاهُ الْمَدْيُونُ) دَيْنَهُ (رَدَّ) إلَيْهِ (قِيمَتَهُ كَغَاصِبٍ رَدَّ) الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (وَقَدْ تَمَلَّكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثَمَنَ مَا ظَفِرَ بِهِ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ (مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ) فَإِنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ مَا أَخَذَهُ وَبَاعَهُ لَكِنْ مَنْعُ الْأَخْذِ هُنَا وَتَمَلُّكُهُ الثَّمَنَ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ الْغَرِيمِ وَمَا دَامَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا فَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ وَالْقِيمَةُ تُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ.
فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَهُنَا الْمُسْتَحَقُّ الدَّيْنُ فَإِذَا بَاعَ وَأَخَذَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا وَلَا يُعْطِيَ شَيْئًا وَقَدْ بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْأُمِّ (فَإِنْ أَخَذَ) مِنْ مَالٍ غَرِيمِهِ (فَوْقَ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ) أَيْ وَأَخَذَ قَدْرَهُ فَقَطْ (مُمْكِنٌ ضَمِنَ الزَّائِدَ) لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ فَقَطْ (فَلَا) يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ مَعَ الْعُذْرِ بِخِلَافِ الْعُذْرِ بِخِلَافِ قَدْرِ حَقِّهِ (وَالِانْتِفَاعُ بِالْمَأْخُوذِ تَعَدٍّ) فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ قَدْرِ حَقِّهِ) فَقَطْ (بَاعَ الْجَمِيعَ) وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ قَدْرَ حَقِّهِ (وَرَدَّ مَا زَادَ) عَلَيْهِ إلَى غَرِيمِهِ (بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ ذَلِكَ بَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَرَدَّ مَا زَادَ كَذَلِكَ (وَيَتَمَلَّكُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً عَنْ صِحَاحٍ) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مَعَ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ (لَا عَكْسَهُ) وَقِيمَةُ الصِّحَاحِ أَكْثَرُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ (فَلْيَبِعْهَا بِدَنَانِيرَ وَيَشْتَرِي بِهَا) دَرَاهِمَ (مُكَسَّرَةً وَيَتَمَلَّكُهَا) فَلَا يَبِيعُهَا بِدَرَاهِمَ مُكَسَّرَةٍ لَا مُتَفَاضِلًا لِلرِّبَا وَلَا مُتَسَاوِيًا أَيْ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لِلْإِجْحَافِ بِالْغَرِيمِ (وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ) كَأَنْ يَكُونُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ مَلَكَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ وَالشَّارِعِ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَبَضَهُ إيَّاهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْمَدِينُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَلِهَذَا قَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْجِنْسِ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ لَا بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ) لِأَنَّهُ بِأَخْذِ الْجِنْسِ عَنْ الْحَقِّ صَارَ مُسْتَوْفِيًا فَمِلْكٌ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ فَيَمْلِكُهُ إنْ كَانَ بِصِفَتِهِ وَإِلَّا فَكَغَيْرِ الْجِنْسِ وَسَيَأْتِي. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَوَكَّلَ لَهُ إلَّا مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت فَمَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُرَافَعَةِ إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ قُلْت فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا ظَفَرَ بِالْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِ مَا أَخَذَهُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ) لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ أَخَّرَهُ لَذَهَبَتْ مَالِيَّتُهُ أَوْ مُعْظَمُهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بَدَّلَا عَنْ حَقِّهِ بِالْقِيمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ هُنَا نَظَرَا لَهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْ تَمَلُّكِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَّرَ فِيهِ وَتَلَفَ الْمَأْخُوذُ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ فَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بِهَذَا الْقَصْدِ فَكَلَامُهُمْ هُنَا فِي غَيْرِ الْجِنْسِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لِيُبَاعَ وَيَسْتَوْفِي مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ الْبَدَلِيَّةِ فَالْوَجْهُ الْجُرْمُ بِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا لَوْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَأَوْلَى وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي الْمَأْخُوذَ إلَّا مُؤَجَّلًا هَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ وَيَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ وَيَرْضَى بِالْأَجَلِ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمِثْلَ هُنَا بِمِثْلِهِ وَيَكُونُ كَلَامُهُمْ مَفْرُوضًا فِي قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ غ وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَأْخُوذَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بَاقِيًا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقِيمَةِ إذْ الْبَيْعُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا لَا بِالْقِيمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَقَدْ قُلْنَا أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِتَرْكِ الْبَيْعِ حَتَّى تَلْفِتْ الْعَيْنُ كَانَتْ قِيمَتُهَا قِصَاصًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَاضِحٌ وَظَنِّي أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ وَلَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورِ الْفَرْقِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا وَفَّاهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي النِّهَايَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ) وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ إنَّهُ إذَا

(4/388)


لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَا لَهُ عَلَى عَمْرٍو.
(وَإِنْ رَدَّ) الْغَرِيمُ (إقْرَارَهُ) أَيْ إقْرَارَ غَرِيمِ الْغَرِيمِ (لَهُ) أَوْ جَحَدَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ اسْتِحْقَاقَ رَدِّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا أَيْضًا وَعَلَى الِامْتِنَاعِ يُحْمَلُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذَ أَنْ يُعْلِمَ الْغَرِيمَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ حَتَّى إذَا طَالَبَهُ الْغَرِيمُ بَعْدُ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ (وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ) لَهُ عَلَى آخَرَ جَاحِدٍ لَهُ (بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) لَهُ عَلَيْهِ (قَدْ قُضِيَ) أَيْ أُدِّيَ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَدَاءَهُ (وَلَهُ جَحْدُ مَنْ جَحَدَهُ) أَيْ وَلِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ جَحَدَ حَقَّ الْآخَرِ إنْ جَحَدَ الْآخَرُ حَقَّهُ لِيَحْصُلَ التَّقَاصُّ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جَحَدَ مِنْ حَقِّهِ بِقَدْرِهِ

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَدِّ الْمُدَّعِي) وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعِي (مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفُ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَانِبِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُحْوِجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُطَالِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجَّتِهِ إذَا تَخَاصَمَا وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ خَالَفَ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْلَمْنَا مَعًا) فَالنِّكَاحُ بَاقٍ (وَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَالنِّكَاحُ مُرْتَفِعٌ (فَالزَّوْجُ) عَلَى الْأَصَحِّ (مُدَّعٍ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسِلَامَيْنِ مَعًا بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَعًّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهِمَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (أَسْلَمْتِ قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَنَا (وَلَا مَهْرَ) لَك (وَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْنَا (مَعًا صُدِّقَ) فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ (بِيَمِينِهِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ إذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ حَقِّهِ أَوْ دُونَهَا أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ قَهْرِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْوَدِ فِيهِ وَالضَّابِطُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ مَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى دَفْعِ مِثْلِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ نَوْعًا أَوْ صِفَةً فَلَا كَمَا لَوْ كَانَ حَقُّهُ مِنْ نَوْعٍ رَدِيءٍ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ نَوْعٍ جَيِّدٍ أَوْ كَانَ حَقُّهُ مَعِيبًا وَالْمَأْخُوذُ سَلِيمًا وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ إذَا رَضِيَ بِهِ وَسَامَحَ بِالْجَوْدَةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ حَقُّهُ وَجَبَ عَنْ سَلَمٍ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَسْتَبْدِلَ عَنْهُ غَيْرَ نَوْعِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ النَّوْعِ هُنَا كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ إقْرَارَهُ لَهُ أَوْ جَحَدَ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلِ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ قَدْ قُضِيَ) يُظْهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَيْثُ نُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْمُسْقِطَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ وَهُوَ إنَّمَا يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِذَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ غَيْرَهُ لَمْ يُطَابِقْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحُكْمِ وَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ فَهَلْ لَهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صَدَاقِهَا وَتَحْلِفُ عَلَيْهِ وَتَأْخُذُ الدَّيْنَ وَتَوَفِّيهِ عَنْهُ فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ ضَمِنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا أَوْ بِإِذْنِهِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُؤَدِّيَ عَنْهُ الدَّيْنَ أَوَّلًا ثُمَّ تَحْلِفُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِفَهُ بِكَوْنِهِ صَدَاقًا فَإِنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا التَّعَرُّضَ لِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مُشْكِلٌ غ

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ: الظَّاهِرَ) الظَّاهِرُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلُهُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الظَّنُّ الْأَرْجَحُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ اسْتِصْحَابُ مَا كَانَ مِنْ وُجُودٍ وَعَدَمٍ وَكُلٌّ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مُدَّعِيًا أَبَدًا لِأَنَّ دَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ هَذَا وَآخَرُ عَلَى بَرَاءَةِ هَذَا وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْقَرَائِنِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَادِثَةِ فَتَارَةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الطَّالِبِ وَأُخْرَى صِدْقُ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّالِثُ فَلَمْ تُجْعَلْ الْمَرْأَةُ مُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ وَهِيَ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا بَلْ تَتْرُكُ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يَلْتَزِمُ الثَّالِثُ وَيُمْنَعُ كَوْنُ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ مُسْتَصْحِبَةً بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ ر وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ نَعْنِي بِهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاسْتِصْحَابَ فَإِنْ قَالَ الْمَرْأَةُ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ أَوْ نَقُولُ نَعْنِي بِهِ مَا يَخْرُجُ عَلَى وَفْقِ الْغَالِبِ الْمُسْتَمِرِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَاقُبَ كَذَلِكَ لَا التَّسَاوُقَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا جَاءَا نَا مَعًا وَمَا إذَا جَاءَتْنَا أَوَّلًا وَعَكْسَهُ (قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ) يُمْكِنُ أَنْ يَعْكِسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَيُقَالُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِزَعْمِهَا ارْتِفَاعُ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ غ (قَوْلُهُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَجِيئُهُمَا مُسْلِمَيْنِ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا.

(4/389)


لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ هُوَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْيَمِينِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مُدَّعٍ) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ (يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَثَبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ (وَفِي التَّحَالُفِ كُلٌّ) مِنْ الْخَصْمَيْنِ (مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ) لِاسْتِوَائِهِمَا

(فَصْلٌ لِلدَّعْوَى) أَيْ لِصِحَّتِهَا (شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْأَمْرِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي الْعِلْمَ (بِبَيَانِ جِنْسِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ) وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ إنْ كَانَ دَيْنًا نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَكَذَا) بِبَيَانِ (صِحَّةِ وَتَكَسُّرِ نَقْدَانِ أَثَّرَا) فِي قِيمَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ بِهِمَا كَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ وَإِنْ غَلَبَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَارَقَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الثَّمَنِ بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا نَعَمْ مُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ النَّقْدِ بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ دَيْنَ السَّلَمِ فَاعْتَبَرَا بَيَانَهُمَا فِيهِ وَأَضَافَ الْمُصَنِّفُ صِحَّةً إلَى مِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ تَكَسُّرٌ (وَ) بِبَيَانِ (صِفَةِ سَلَمٍ فِي) دَعْوَى (عَيْنٍ تَنْضَبِطُ) بِالصِّفَةِ كَحُبُوبٍ وَحَيَوَانٍ.
(وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَإِنْ تَلِفَتْ اكْتِفَاءً بِالصِّفَةِ (وَ) لَكِنْ (يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي) دَعْوَى (مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي أُخْرَى وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِ تَنْضَبِطُ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيَقُولُ جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ (وَيُقَوَّمُ بِفِضَّةِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِذَهَبٍ) ادَّعَى بِهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا يُقَوَّمُ بِذَهَبِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ (وَ) يُقَوَّمُ (بِأَحَدِهِمَا) السَّيْفُ (إنْ حُلِّيَ بِهِمَا) لِلضَّرُورَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا لَكِنْ الْأَصْلُ صَحَّحَ فِي الْغَصْبِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ ثُمَّ إنَّ الْحُلِيَّ يُضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْغَرَامَاتِ وَالْمُصَنِّفُ جَرَى ثُمَّ عَلَى أَنَّ تِبْرَ الْحُلِيِّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَصِفَتِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ثُمَّ (وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ كَعَكْسِهِ) فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ) أَيْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ

[فَصْلٌ شُرُوط الدَّعْوَى]
(فَصْلٌ لِلدَّعْوَى شَرْطَانِ) (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) فَيَقْدَحُ فِيهَا جَهَالَةٌ تَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَوْجِيهِ الْمُطَالَبَةِ نَحْوِهِ وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ فَلَا يَكْفِي اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ صَاعًا بِرْنِيًّا لِصِدْقِهِ بِالرُّطَبِ وَالْبَلَحِ وَالتَّمْرِ (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا) مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَنْ بَيْعٍ بَاعَهُ فِي الْوَقْتِ جَازَ الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ) حَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْوَزْنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الذَّهَبِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِنْ نَقْدِهِمْ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَالْعِرَاقِ وَأَعْرَابِ هَذِهِ الْأَمْصَارِ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ فِي الدَّعْوَى مُرَادَهُ بِالدِّينَارِ لِئَلَّا يَقَعَ الْحُكْمُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ أَوْ الْوَاجِبِ غ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ) وَهَلْ يَكْفِي الدِّرْهَمُ الْفُلُوسُ إطْلَاقَهُ، كَالدِّرْهَمِ الْفِضَّةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي غ (تَنْبِيهٌ)
ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى نَقْدًا وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ جِهَةً يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْحُلُولُ كَالْقَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحُلُولِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي دَعْوَى مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَبِيعَةً لَمْ تُقْبَضْ وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَبْلَ التَّلَفِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مَبِيعَةً لَزِمَهُ ذِكْرُ ثَمَنِهَا لِضَمَانِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ قُلْتُ تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ قُبَيْلَ التَّلَفِ وَانْتِقَالِ الثَّمَنِ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَقَّ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ صُوَرِ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَصْلًا فَلَا يَنْبَغِي اسْتِدْرَاكُهَا ع (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَفِي الْحَاوِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْأَلْوَانِ ذَكَرَ اللَّوْنَ ثُمَّ حَرَّرَ الدَّعْوَى وَنَفَى الْجَهَالَةَ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِهَا.
(قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ بِأَحَدِهِمَا إنْ حُلَى بِهِمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَعْنِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا عِنْدَ التَّقَارُبِ فِي الْمِقْدَارِ أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ نُقَوِّمَهُ بِالنَّقْدِ الْآخَرِ لَا مَحَالَةَ مِثَالُهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمِ نُقَوِّمُهُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ الْأَصْلُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ لِرِبَا إلَخْ) قَالَ وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَنَّ صِفَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي التِّبْرِ فَإِنْ قُلْنَا مُتَقَوِّمٌ ضِمْنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ وَإِنْ قُلْنَا مِثْلِيَّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ اهـ

(4/390)


أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَيُبَيِّنُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ النَّاحِيَةَ وَالْبَلَدَ وَالْمَحَلَّةَ وَالسِّكَّةَ وَالْحُدُودَ) وَأَنَّهُ فِي يَمْنَةِ دَاخِلِ السِّكَّةِ أَوْ يَسْرَتِهِ أَوْ صَدْرِهَا ذَكَرُهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ (صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارٍ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ كَالْإِقْرَارِ بِهِ (وَ) فِي (وَصِيَّةٍ) تَحَرُّزًا عَنْ ضَيَاعِهَا وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهْلَ فَكَذَا دَعْوَاهَا (وَ) فِي (فَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ) لِأَنَّهَا تَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْبَيَانُ وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ وَحَطُّ الْكِتَابَةِ وَالْغُرَّةُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ فِي إبِلِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِيهَا (أَوْ) فِي (مَمَرٍّ أَوْ) حَقِّ (إجْرَاءِ مَاءٍ فِي أَرْضٍ حُدِّدَتْ) اكْتِفَاءً بِتَجْدِيدِ الْأَرْضِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (كَالشَّهَادَةِ بِهَا) أَيْ بِالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا (وَلَوْ) أَحْضَرَ وَرَقَةً فِيهَا دَعْوَاهُ ثُمَّ (ادَّعَى مَا فِي الْوَرَقَةِ وَهُوَ مَوْصُوفٌ) بِمَا مَرَّ (فَوَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ إذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ

الشَّرَطُ (الثَّانِي أَنْ تَكُونَ) الدَّعْوَى (مُلْزِمَةً فَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (هِبَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ دَيْنًا) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ (فَلْيَذْكُرْ) فِي دَعْوَاهُ (وُجُوبَ التَّسْلِيمِ) كَأَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَى أَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ وَيَفْسَخُ الْبَائِعُ وَيَكُونُ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا (وَلَوْ قَصَدَ) بِالدَّعْوَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ) وَبِهِ صَرَّحَ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ زَائِفَةٌ فَادَّعَاهَا لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ حَتَّى يَقُولَ قِيمَتُهَا كَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ إذَا كَانَتْ تَجُوزُ فِي الْبَلَدِ وَيُتَعَامَلُ عَلَيْهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً وَأَصْلُهُ الْوَجْهَانِ فِي جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمَغْشُوشَ مِثْلِيٌّ فَذَاكَ فِيمَا تَظْهَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَغْشُوشًا لَمْ تَظْهَرْ مُمَاثَلَةٌ لِغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى مِنْ مَغْشُوشِ بَلَدِ كَذَا أَوْ قَدْ ظَهَرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارِهِ إلَخْ) قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ الصُّوَرَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ إلَى مِائَةِ صُورَةٍ وَصُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَفِيهِ أَفْتَيْت

(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُلْزَمَةً) مُقْتَضَى كَلَامُهُمْ إنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَصِحُّ بِمَا يُضْمَنُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُسْمَعُ بِالْكَلْبِ الَّذِي يُقْتَنَى وَالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ لِطَلَبِ الرَّدِّ لَا لِلضَّمَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُنَاقِضَةٍ لِمَا قَبْلَهَا وَأَنْ تَكُونَ جَازِمَةً وَأَنْ لَا تَكُونَ فِيمَا يُكَذِّبهُ الْحِسُّ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ فِي غَيْرِ أَبْوَابِ الزَّكَاةِ وَمَوَاضِعِ الْحَاجَاتِ وَالضَّرُورَاتِ وَأَنْ تَكُونَ صَادِرَةً فِي مَحَلِّ عَمَلِ الْحَاكِمِ وَأَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ تَقَعَ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ إقَامَتُهَا لِغَرَضِ الْمُدَّعِي الْغَرَضَ الْمُعْتَبَرَ أَوْ لِفَائِدَةٌ مُحَصَّلَةٍ كَالتَّسْجِيلِ بِسَبَبِ الْأَمْلَاكِ وَالْوُقُوفَاتِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَنْشَأُ الدَّعْوَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا مُطَالِبٍ وَأَنْ تَنْشَأَ فِيمَا هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَمُضَافٌ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا مُحَكِّمٌ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ وَشَرْطُ الْمُدَّعِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَاءِ الدَّعْوَى مُنْفَرِدًا وَشَرْطُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحَالَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا أَوْ مُقِرًّا مُمْتَنِعًا (فَرْعٌ)
قَالَ شَيْخُنَا قَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْشِيحِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى (فَرْعٌ)
لَوْ ادَّعَى الرَّهْنَ عِنْدَ وَلَمْ يَدَّعِ الْقَبْضَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ فَلِيَذْكُرْ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إيهَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي دَعْوَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ تَمَّتْ الدَّعْوَى وَتَوَجَّهَ الْجَوَابُ عَلَى الْخَصْمِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ تَسَامُحٌ فِي التَّعْبِيرِ أَوْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ مُؤْذِنًا بِإِقْبَاضٍ مُتَقَدِّمٍ ثُمَّ حَصَلَ الْمَنْعُ

(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) يُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِ الْمَدْيُونِ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ الثَّانِيَةُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ أُحَلِّفَهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ أَدْفَعُهَا لَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ أَيْ عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ وَذَكَرَ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ مَالًا أَوْ قَتْلًا وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ يُحْكَمْ لَهُ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ إلَى الْآنَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَأَنْ يَدَّعِي عَلَى امْرَأَةٍ وَطْئًا وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَكَارَةِ فَتَحْلِفُ مَعَهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِمَالٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ أَنَّك تَسْتَحِقُّ هَذَا الْمَالَ وَلَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ وَلَكِنْ قَالَ بَاطِنُ الْأَمْرِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْآنَ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَى الْمُودِعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى السَّبَبِ حَلَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِهِ وَفِي الْجِرَاحِ فِي الْعُضْوِ الْبَاطِنِ إذَا قَالَ إنَّهُ كَانَ صَحِيحًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ حَلَفَ مَعَهَا وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ نَظَرٌ وَفِيهَا مَا الْحَلِفُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ ر

(4/391)


دَفْعَ (الْمُنَازَعَةِ) لَا تَحْصِيلَ الْحَقِّ (فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعَنِيهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِيَدِهِ (وَلِلْقَاضِي طَلَبُ الْجَوَابِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى (وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى خَصْمِهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةً) وَلَا مُعَامَلَةً وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَتَصِحُّ دَعْوَى دَنِيءٍ عَلَى شَرِيفٍ وَإِنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ الْحَالِ بِكَذِبِهِ كَأَنْ ادَّعَى دَنِيءٌ اسْتِئْجَارَ أَمِيرٍ أَوْ فَقِيهٍ لِعَلْفِ دَوَابِّهِ وَكَنْسِ بَيْتِهِ (وَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مَعْلُومًا) وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ (فَشَهِدَا لَهُ بِإِقْرَارٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِغَصْبِ ثَوْبٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِفَاهُ لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تُبَيِّنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهَا لِلْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَلَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ إذْ يَشْتَرِطُ فِيهَا مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ (وَلَوْ ادَّعَى دَرَاهِمَ مَجْهُولَةً قَالَ لَهُ الْقَاضِي بَيِّنْ أَقَلَّ مَا يَتَحَقَّقُ أَوْ) ادَّعَى (ثَوْبًا) مَجْهُولًا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ أَيْ عِنْدَهُ قَالَهُ الْأَصْلُ

الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] (إلَّا إنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَدَاءً) لِلْحَقِّ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ (أَوْ شِرَاءً) لَهُ (وَنَحْوَهُ) كَاتِّهَابِهِ وَقَبْضِهِ (قَبْلَ) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا نَادَى مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ (لَا) إنْ ادَّعَى (بَعْدَ الْحُكْمِ) حُدُوثَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يَحْلِفُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَكَذَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ نُقِلَ عَنْهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافُهُ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُنَا مِنْ تَصَرُّفِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي (تَنْبِيهٌ)
أَوْ رَدَّ عَلَى إطْلَاقِ الْأَدَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ لَوْ قَالَ قَدْ حَجَجْتُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَا يَمِينٍ (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبِهِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ لَنَفَعَهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ بِكُلِّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَهُ كَأَنْ ادَّعَى (إقْرَارَهُ لَهُ بِكَذَا) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (وَقَدْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ) مَرَّةً (قَبْلَهَا أَوْ سَأَلَ الْقَاذِفَ) وَقَدْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ حَدَّهُ (تَحْلِيفَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ) تَحْلِيفَ (وَارِثِهِ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ زَنَى فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ) لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ إيضَاحٌ (وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي) وَلَا (الشُّهُودِ) وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ الْخَصْمَ تَكْذِيبُهُمَا أَنْفُسَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى التَّحْلِيفَ (وَفِي تَحْلِيفِهِ) أَيْ الْخَصْمِ (أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ بَرِئَ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَلَى إنْكَارٍ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ (وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةِ دَافِعَةٌ) لِلْحَقِّ (اسْتَفْسَرَ إنْ كَانَ جَاهِلًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا (فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً) لِلدَّفْعِ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ (بِطَلَبِهِ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةِ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاثْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ وَلَوْ عَادَ وَلَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ حَيْثُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهَا) إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا مُطْعِنَ لَهُ وَلَا دَافِعَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ إمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَضَاءَ الدَّيْنِ وَسَأَلَ إحْلَافه أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَدْ أَحْلَفَهُ قَالَ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي مِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ فَحَصَلَ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْعُدَّةِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ يُصَحِّحُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي بِغَيْرِ حَلِفٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يُحَلِّفُهُ هُنَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينَ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قُبِلَ مِنْهَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا وَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(فَرْعٌ) فِي يَدِهِ دَارٌ فَادَّعَاهَا آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي فَقَالَ نَعَمْ هِيَ دَارُك بِعْتنِيهَا وَأَقَامَ عَلَى الشِّرَاءِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ وَقِيلَ تُقْبَلُ إذَا وَصَلَ بِهِ كَلَامَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنْ يُقَالَ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَيْ كَانَتْ دَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ مِلْكِي هَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ لِفُلَانٍ هَذَا ذَكَرَهُ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا) فَإِنْ أَحْضَرَهَا فَذَاكَ وَإِنْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدًا وَاحِدًا وَاسْتَظْهَرَ بِالثَّانِي اُنْتُظِرَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَلَوْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدَيْنِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا اُنْتُظِرَ بِهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ لِبَيِّنَةٍ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ لِمِثْلِهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَوْثِقَةً فِي مُدَّةٍ الْإِمْهَالِ أُجِيبَ فَإِنْ احْضِرْ لَهُ بِكَفِيلٍ فَذَاكَ وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(4/392)


الضَّرَرِ بِالتَّأْخِيرِ (فَإِنْ لَمْ) يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ (ادَّعَى جِهَةً أُخْرَى بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْمُدَّةِ لَمْ يُمْهَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَإِذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَلَمْ تُعَدَّلْ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً لِلتَّعْدِيلِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَسْأَلَةُ

(الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الدَّمِ التَّفْصِيلُ) لَهَا (كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِهَا (لَا فِي) دَعْوَى (عَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهَا (بَلْ يَصِفَهُ) فِيهَا (بِالصِّحَّةِ) فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَمَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِشْهَادُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي) دَعْوَى (النِّكَاحِ) سَوَاءٌ ادَّعَى ابْتِدَاءَهُ أَوْ دَوَامَهُ (أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَيَصِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ) وَيَصِفُ (الْمَرْأَةَ بِالرِّضَا) بِالنِّكَاحِ (حَيْثُ شُرِطَ) رِضَاهَا بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (وَالْوَلِيَّ بِأَنَّهُ أَهْلُ الْوِلَايَةِ) إلَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَتُهُ بِالشَّوْكَةِ (وَالْعَقْدَ بِالصِّحَّةِ) لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ كَالدَّمِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي فِي الدَّعْوَى بِهَا أَنْ يَقُولَ هَذِهِ زَوْجَتِي وَإِنْ ادَّعَى اسْتِمْرَارَ نِكَاحِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي تَقْرِيرَهُ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ فِيهَا إذَا كَانَ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا مِنْ قَوْلِهِ نَكَحْتهَا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ أَمَّا دَعْوَى الْمَالِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّ أَسْبَابَ تَحْصِيلِهِ لَا تَنْحَصِرُ فَيَشُقُّ ضَبْطُهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَلَا التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلِكَثْرَتِهَا (وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشُّهُودِ) بِالنِّكَاحِ (كَذَلِكَ) تَبَعًا لِلدَّعْوَى (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِ الْفِرَاقِ) بِأَنْ يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ فَتَضْعِيفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ بِمَا يَأْتِي عَقِبَهُ لَكِنْ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِنَفْسِ النِّكَاحِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا بِنِكَاحٍ) لِأَنَّهَا لَا تُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ فِي النِّكَاحِ (وَلَا قَوْلُ شُهُودِهِ لَا نَعْلَمُهُ فَارَقَهَا) أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ (وَيَتَعَرَّضُ) وُجُوبًا (فِي) دَعْوَى (نِكَاحِ الْأَمَةِ) مَعَ مَا مَرَّ (لِعَجْزِهِ عَنْ) مَهْرِ (الْحُرَّةِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ) الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَلِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً إذَا كَانَ مُسْلِمًا وَلَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا (وَالدَّعْوَى) بِالنِّكَاحِ (وَتَكُونُ) إمَّا (عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى) وَلِيِّهَا (الْمُجَبِّرِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِهِمَا بِهِ (وَقَدْ سَبَقَ) ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ الْمَرْأَةَ شَخْصَيْنِ

الْمَسْأَلَةُ (الْخَامِسَةُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ) بِالتَّفْصِيلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْ بِحَقٍّ) مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لَهَا أَيْضًا فَتُثْبِتُهُ وَتَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حُقُوقِهَا (وَلَيْسَ إنْكَارُهُ) النِّكَاحَ (طَلَاقًا) بَلْ هُوَ كَسُكُوتِهِ فَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَحِينَئِذٍ (فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ إنْ اعْتَرَفَ) بِالنِّكَاحِ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ وَيُشْبِهُ قَبُولَ رُجُوعِهِ عَنْ إنْكَارِهِ بِمَا إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ قَالَتْ غَلِطْت فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا (وَإِنْ حَلَفَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) لَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَحِينَئِذٍ (فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ) زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ انْدَفَعَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا (حَتَّى يُفَارِقَهَا) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلْيَرْفِقْ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَقُولَ إنْ كُنْت نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ) لِيَحِلَّ لَهَا النِّكَاحُ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ وَاسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) وَغَيْرَهُمَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا حَلَفَتْ حَكَمَ لَهَا عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَحَلَّ لَهُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَقْدَ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِ التَّمَتُّعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِيمَا إذَا زَالَ عَنْهُ ظَنُّ حُرْمَتِهَا

(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ بَلْ يَصِفُهُ فِيهَا بِالصِّحَّةِ) لَوْ تَبَايَعَ الْكُفَّارُ بُيُوعًا فَاسِدَةً وَتَقَابَضُوا إمَّا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِإِلْزَامِ حَاكِمِهِمْ أَمْضَيْنَاهَا عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ فِي الْوَسِيطِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ يَعْنِي فِي الْوَجِيزِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِي بَيْعًا صَحِيحًا مُعَلَّمٌ بِالْوَاوِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا فَتُسْمَعُ عَلَى الْأَبِ وَالْجِدِّ فِي الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى نِكَاحِ ثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنِّي نَكَحْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَالْمَذْهَبُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي فِي إنْكَاحِهِ مَجْنُونَةٍ فَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ إنْكَارٌ لِلْقَضَاءِ وَهَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَكَحَهَا فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَصِفَ الْعَقْدَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الْبِضْعِ لَا النِّكَاحَ قَالَهُ ابْن أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُهَا بِوَلِيٍّ) خَرَجَ بِالْوَلِيِّ مَالِكُ الْأَمَةِ فَيَقُولُ فِيهَا زَوَّجَنِيهَا مَالِكُهَا الَّذِي لَهُ إنْكَاحُهَا أَوْ مَنْ يَلِي أَمْرَ نِكَاحِهَا أَوْ وَلِيُّ مَالِكَتِهَا الْعَدْلِ بِإِذْنِ مَالِكَتِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ مُبَعَّضَةٌ بِوَلِيٍّ وَمَالِكٍ (قَوْلُهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ) كَالدَّمِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الرَّبِّ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ فِي شُرُوطِهِ خِلَافًا لِلْعُلَمَاءِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَنَحْنُ لَا نَعْتَبِرُ رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُهُ فَلِمَ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِظَاهِرِ الدَّعْوَى حَتَّى يَعْلَمَ وُجُودَ الشَّرَائِطِ لِئَلَّا يَحْكُمَ بِصِحَّةِ مَا هُوَ خَطَأٌ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا) أَيْ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَابِ دَعْوَى الزَّوْجِ نِكَاحِهَا (قَوْلُهُ وَيَتَعَرَّضُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ) أَوْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ

(قَوْلُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ بِاعْتِبَارِهِ عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفَسَّخَ بِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ

(4/393)


تَحْتَ زَوْجٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ قَالُوا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا) بِأَنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (سَقَطَتَا) إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَخِيرَةِ لِاحْتِمَالِ تَوَافُقِهِمَا فِي التَّارِيخِ (وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخٌ) لِأَحَدِهِمَا (قُدِّمَ السَّابِقُ) تَارِيخًا كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِنِكَاحِ خَلِيَّةٍ (وَتُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ) بِالنِّكَاحِ (عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارِهَا) بِهِ (كَمَا لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ بِعَيْنٍ لِرَجُلٍ) فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ (وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ زَيْدًا غَصَبَهَا مِنْهُ) فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ النِّكَاحِ وَالْغَصْبِ تَشْهَدُ بِمُحَقَّقٍ وَبَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِإِخْبَارٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا لِوَاحِدٍ لَا تُسْمَعُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ قُدِّمَتْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي فَتَاوِيهِ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ (فَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) بِالنِّكَاحِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (فَكَمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ) فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِاثْنَيْنِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْقَ نِكَاحِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ) ذَاتَ وَلَدٍ عَلَى رَجُلٍ (نِكَاحًا وَوَلَدًا مِنْهُ وَاعْتَرَفَ بِالْوَلَدِ) دُونَ النِّكَاحِ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي أَوْ وَلَدِي مِنْ غَيْرِهَا (لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ فَإِنْ قَالَ) هُوَ (وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ) لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالنَّسَبِ اعْتِرَافٌ بِالْإِصَابَةِ ظَاهِرًا وَهِيَ تَقْتَضِي الْمَهْرَ وَلَا تَحْمِلُ عَلَى اسْتِدْخَالِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (وَإِنْ أَقَرَّ) لَهَا (بِالنِّكَاحِ وَقَالَتْ كُنْت مُفَوِّضَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ) لَهَا (إنْ لَمْ يَطَأْهَا) (وَإِنْ وَطِئَهَا) (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) وَإِنْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ وَالنَّسَبَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

الْمَسْأَلَةُ (السَّادِسَةُ) لَوْ (ادَّعَى) شَخْصٌ (رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ) وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِرِقٍّ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَسَبَقَ مِنْ مُدَعِّي رِقِّهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّقِّ ظَاهِرًا كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِأَنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ إنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ فِيمَا هُوَ مَالٌ فِي نَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا عَتِيقٌ وَسَيَأْتِي وَمَا لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ لِاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ وَأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ وَالْيَدُ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ فَلَا تَنْتَقِلُ بِدَعْوَاهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِذَلِكَ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ (فَإِنْ حَلَفَ) الْبَالِغُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ (رَجَعَ) الْمُدَّعِي (عَلَى بَائِعِهِ) بِالثَّمَنِ (وَلَوْ اعْتَرَفَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ بِرِقِّهِ) وَقَالَ إنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ (أَوْ اعْتَمَدَ) فِي اعْتِرَافِهِ بِهِ (ظَاهِرَ الْيَدِ وَإِنْ قَالَ) الْبَالِغُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (أَعْتَقَنِي مَنْ بَاعَنِي) لَكَ أَوْ أَعْتَقَنِي (طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ (وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (صُدِّقَ) إنْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فِي يَدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ (لَا إنْ الْتَقَطَهُ) فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (فَإِنْ بَلَغَ) بِغَيْرِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي رِقِّهِ (وَأَنْكَرَ) الرِّقَّ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِالرِّقِّيَّةِ أَمَّا إذَا ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ (وَيَجُوزُ شِرَاءُ بَالِغٍ سَاكِتٍ) عَنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ وَعَنْ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ (عَمَلًا بِالْيَدِ) وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَبِيعُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا نُقِلَ مِنْ تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي حَتَّى يُخَمَّسْنَ وَيُقَسَّمْنَ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيِهِنَّ

الْمَسْأَلَةُ (السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ وَلَا يُحَالُ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا) وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ) لَا مُخَالَفَةً بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي صُورَتُهُ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِشَخْصٍ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ شَهْرٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ) فِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا كَمَا لَوْ نَكَحَهَا رَشِيدَةً بِإِذْنِهَا وَهُوَ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَمَكَّنَتْهُ مُخْتَارَةً فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ كَانَتْ الْوَلَدِيَّةُ عَنْ اسْتِيلَادٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ غ

(قَوْلُهُ بَالِغٌ) أَيْ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ) وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لَا تُقْبَلُ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى نَسَبِهِ وَحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَلَا لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ بِدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلْطَنَةً عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ أَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْيَدِ) وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا عَرَفَ اسْتِنَادَ يَدِهِ لِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا لِذَلِكَ وَلَا لِالْتِقَاطٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَيُصَدَّقُ الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَإِنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَ الْبَالِغِ لِلْأَصْلِ وَالْغَلَبَةِ الدَّالِّينَ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُمَا مُجَرَّدُ الِاسْتِخْدَامِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَرَجَّحَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وُجُودِهِمَا فِي حَقِّ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ) نَعَمْ أَنَّهُ صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فَكَاَلَّذِي فِي يَدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ لَا يَعْرِفَ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ وَالْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَمْ يُكَلَّفْ فِي وَقْتٍ كَالصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيهِنَّ) نَوْعٌ مِنْ الْجَوَارِي وَالْعَبِيدِ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَهُوَ مَا سَبَاهُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ يَبِيعُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا خُمْسَ عَلَى الْكُفَّارِ

(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) خَرَجَ الدَّعْوَى بِدَيْنِ حَالٍ عَلَى عَبْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ إذَا أُرِيدَ إثْبَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ دِيَةً مُؤَجَّلَةٍ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ تُسْمَعْ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لُزُومِهِ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ أَوْ إعْسَارِهِ آخِرِهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ

(4/394)


مَنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ كَسَلَمٍ وَقَصْدَ بِدَعْوَاهُ بِهِ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ سُمِعَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَتُسْمَعُ أَيْضًا بِدَيْنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ حَالٌّ وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلَ تَبَعًا لِلْحَالِّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ (وَتُسْمَعُ بِاسْتِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ) بِصِفَةٍ وَلَوْ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ نَاجِزَةٌ وَسَتَأْتِي الْأَخِيرَتَانِ فِي التَّدْبِيرِ أَيْضًا (وَجَوَابُ) دَعْوَى (مَنْ ادَّعَى دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ) وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِلدَّعْوَى لِأَنَّ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ لَا تُسْمَعُ كَمَا مَرَّ (وَفِي) جَوَازِ (إنْكَارِ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيَّ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا حَكَاهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) لَهُ خَصْمُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ (بِثَوْبٍ) مَثَلًا (وَادَّعَى تَلَفَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ) إلَى الْمُدَّعِي (ثُمَّ) بَعْدَ تَحْلِيفِهِ (يَقْنَعُ) مِنْهُ (بِالْقِيمَةِ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي (عَلَى بَقَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ)

(الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى) (إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى (وَأَصَرَّ) عَلَى ذَلِكَ (جُعِلَ نَاكِلًا) عَنْ الْيَمِينِ (وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ قَالَ) لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِي مَخْرَجٌ مِنْ دَعْوَاكَ أَوْ لَكَ) عَلَيَّ (أَكْثَرُ) مِمَّا ادَّعَيْت (أَوْ الْحَقُّ يُؤَدَّى) أَيْ أَحَقُّ أَنْ يُؤَدَّى (أَوْ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ) مِمَّا لَكَ (فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ لَهُ) لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ فِي الْأُولَى بِالْإِنْكَارِ وَأَنْ يُرِيدَ فِي الثَّانِيَةِ لَك مِنْ الْحَقِّ عِنْدِي مَا تَسْتَحِقُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَيْت وَأَنَّ الْمَعْنَى فِي الثَّالِثَةِ حَيْثُ يَكُونُ حَقُّهُ فَأَمَّا أَنَا فَبَرِيءٌ وَأَنْ يُرِيدَ فِي الرَّابِعَةِ الِاسْتِهْزَاءَ أَوْ أَنَّ لِزَيْدٍ حُرْمَةً وَحَقًّا أَكْثَرَ مِمَّا لَكَ وَ (لَا) بِإِقْرَارٍ (لِزَيْدٍ) فِي الرَّابِعَةِ (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَامَةَ فَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ) مِمَّا ادَّعَيْت (فَإِقْرَارٌ لِزَيْدٍ وَيُفَسَّرُ) أَيْ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِأَقَلَّ) مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ تَنْزِيلًا عَلَى كَثْرَةِ الْبَرَكَةِ أَوْ الرَّغْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ

(فَصْلٌ فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ الْأُولَى) لَوْ (ادَّعَى) عَلَيْهِ غَيْرُهُ (عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي لَمْ يَكْفِ) فِي الْجَوَابِ (فَلْيَقُلْ) مَعَهُ (وَلَا شَيْءَ مِنْهَا وَكَذَا يُسْتَحْلَفُ) لِأَنَّ مُدَّعِيَهَا مُدَّعٍ لَهَا وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ سَائِرِ أَجْزَائِهَا (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ (إلَّا عَلَى) نَفْيِ (عَشَرَةٍ لَمْ تَلْزَمْهُ) بِتَمَامِهَا (وَعُدَّ نَاكِلًا عَمَّا دُونَهَا وَلِلْمُدَّعِي) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلِلْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ عَلَى) اسْتِحْقَاقِ (مَا دُونَهَا وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ دَعْوَى) بِهِ وَيُطَالِبُهُ بِهِ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ (إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْعَشَرَةِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ تَحْلِيفِهِ (عَلَى عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا) فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ عَشَرَةٍ وَالنَّاكِلُ عَنْهَا لَا يَكُونُ نَاكِلًا عَنْ بَعْضِهَا هَذَا إذَا لَمْ يُسْنِدْهَا إلَى عَقْدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْنَدَهَا إلَيْهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ (نَكَحْتَنِي أَوْ بِعْتنِي دَارَك بِعَشَرَةٍ فَحَلَفَ مَا نَكَحْتُك أَوْ) مَا (بِعْتُك بِعَشَرَةٍ كَفَى) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهَا (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ) مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا (إلَّا بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ) فَلَهَا أَنْ تَحْلِفَ لِنُكُولِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ ادَّعَى مِلْكَ دَارٍ بِيَدِ غَيْرِهِ فَأَنْكَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي حَلِفِهِ لَيْسَتْ لَكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا) وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا كَفَاهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

الْمَسْأَلَةُ (الثَّانِيَةُ) لَوْ (ادَّعَى) عَلَيْهِ غَيْرُهُ (شُفْعَةً أَوْ مَالًا مُضَافًا إلَى سَبَبٍ كَقَرْضٍ وَبَيْعٍ كَفَاهُ) -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ

[الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى) (قَوْلُهُ إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَصَرَّ جُعِلَ نَاكِلًا) مَحَلَّ جَعْلِهِ نَاكِلًا مَا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِأَنَّهُ نَاكِلٌ بِالسُّكُوتِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنِهِ لِدَهْشَةٍ أَوْ غُبَارٍ وَنَحْوِهِمَا وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ شَرْحَهُ لَهُ ثُمَّ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا يَحِلُّ لِلْوَلِيِّ السُّكُوتَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ بِمَا يَعْرِفُهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى السُّكُوتِ فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جِدًّا أَوْ وَصِيًّا أَحَدُهُمَا عَرَفَهُ الْحَاكِمُ قَدَحَ ذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ وَلِهَذَا السُّكُوتُ شُبِّهَ بِعَضَلِ الْوَلِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَيَّمَ الْحَاكِمَ زَجَرَهُ وَأَقَامَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ صَمَمٌ وَلَا خَرَسٌ أَمَّا الْأَصَمُّ وَالْأَخْرَسُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ فَكَالنَّاطِقِ وَإِلَّا فَكَالْغَائِبِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَصَمُّ أَوْ الْأَخْرَسُ الَّذِي لَا يَفْهَمُ كَاتِبًا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كِتَابَتُهُ دَعْوَى وَجَوَابًا كَعِبَارَةِ النَّاطِقِ

[فَصْلٌ مَسَائِلَ فِي الدَّعَاوَى]
(قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) مَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَتْ نَكَحْتنِي إلَخْ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى بِمَبْلَغٍ مُسْنَدٍ إلَى عَقْدٍ وَإِلَّا كَفَاهُ نَفْيِ الْعَقْدِ بِالْمَجْمُوعِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَعْضِ لِلْمُنَاقَضَةِ (قَوْلُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا) شَمَلَ قَوْلُهُ مَا دُونَهَا مَالًا يَتَمَوَّلُ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ فِي حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) قَالَ الْفَتَى لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَضَرَبَتْهُ فَصَارَ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا فَلِتُضْرَبْ النُّسَخُ (تَنْبِيهٌ)
فِي الْحَاوِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفًا ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِيهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ نَصَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا

(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَوْ ادَّعَى شُفْعَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ أَوْ شُفْعَةٌ كَفِي لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ الشُّفْعَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا فِي الشَّرْحِ وَلَا النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شُفْعَةٌ وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ لَا شُفْعَةَ لَكَ عِنْدِي وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ وَلِلِاكْتِفَاءِ بِهِ وَجْهٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا نَفْيٌ يَعُمُّ الشُّفْعَةَ وَغَيْرَهَا فَيُكْتَفَى بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ

(4/395)


فِي الْجَوَابِ (لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا) أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِلسَّبَبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِيمَا ادَّعَاهُ وَيَعْرِضُ مَا يُسْقِطُ الْحَقَّ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ فَلَوْ نَفَى السَّبَبَ كَانَ كَاذِبًا أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى الْمُسْقِطَ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِ الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ (أَوْ) ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ (أَنَّهُ طَلَّقَهَا كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ (أَنْت زَوْجَتِي وَحَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ وَأَفْضَى الْأَمْرَ إلَى حَلِفِهِ (كَجَوَابِهِ أَوْ عَلَى نَفْيِ السَّبَبِ) وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ السَّبَبِ عَيْنًا (وَإِنْ أَجَابَ بِنَفْيِ السَّبَبِ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ) لِيُطَابِقَ الْيَمِينُ الْجَوَابَ (وَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (مَرْهُونًا مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرًا) مَعَهُ (كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ (لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ) إلَيْك (أَوْ يَقُولَ) لَهُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ بَيِّنَةٍ بِالرَّهْنِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَخَافَ جَحْدَ الْمُدَّعِي لَهُمَا لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمِلْكِ (إنْ ادَّعَتْ مِلْكًا مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُنِي) تَسْلِيمُهُ (أَوْ مَرْهُونًا) أَوْ مُؤَجَّرًا (عِنْدِي فَأَذْكُرُهُ حَتَّى أُجِيبَ) وَيُحْتَمَلُ هَذَا التَّرْدِيدُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ دَيْنًا وَخَافَ الرَّاهِنُ جَحْدَ الْمُدَّعِي الرَّهْنَ لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالدَّيْنِ يَقُولُ فِي جَوَابِهِ (إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا لَا رَهْنَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُنِي أَوْ بِهِ رَهْنٌ فَاذْكُرْهُ) حَتَّى أُجِيبَ (وَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِذَلِكَ) هُنَا وَلَا فِيمَا مَرَّ (وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ) بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيَقُولَ إنْ ادَّعَيْت عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَقْبُوضٍ فَاذْكُرْهُ حَتَّى أُجِيبَ أَوْ عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ فَلَا يَلْزَمُنِي مُطْلَقًا وَذِكْرُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِهَذَا مَثَّلَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيَقُولَ إنْ ادَّعَيْت عَنْ ثَمَنِ كَذَا فَاذْكُرْهُ حَتَّى أُجِيبَ أَوْ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يَلْزَمُنِي (فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ (أَلْفًا صَدَاقًا كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالزَّوْجِيَّةِ فَمَهْرُ مِثْلٍ)
يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يُثْبِتْ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ

الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ) لَوْ (ادَّعَى عَلَيْهِ) غَيْرُهُ (عَيْنًا) عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا (فِي يَدِهِ فَقَالَ هِيَ لِمَجْهُولٍ) أَيْ فَأَضَافَهَا لَهُ كَأَنْ قَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لِطِفْلٍ أَوْ لِمَسْجِدٍ (أَوْ لِطِفْلِي أَوْ لِلْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ) وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لَيْسَتْ لِي أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا أُسْنِدَ فِيهِ الْإِقْرَارُ لِمَنْ تَتَعَذَّرُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ (لَمْ تُنْزَعْ) مِنْ يَدِهِ (وَلَمْ يُعْذَرْ) بِذَلِكَ أَيْ لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ بِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ الْمِلْكُ وَمَا صَدَرَ عَنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ فَإِنْ أَقَرَّ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِمَجْهُولٍ أَوْ قَوْلِهِ لَيْسَتْ لِي قَبْلُ وَانْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ وَإِلَّا (فَلْيُثْبِتْ الْمُدَّعِي) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا) إلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَتَثْبُتُ لَهُ (وَإِنْ ادَّعَاهَا) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بَعْدُ لِنَفْسِهِ سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّي وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ الْمَنْعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَ أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحِقَّةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي كَالْمَدِينِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُهَا كَالْغَصْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا قُبِلَ تَفْسِيرُ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ لَفْظَهُ عَلَيَّ تُسْتَعْمَلُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ هَذَا التَّرْدِيدُ إلَخْ) أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى اسْتِشْكَالِهِ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا سَمِعْنَاهُ أَحْوَجْنَا الْمُدَّعِي إلَى تَعْيِنِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ نُحْوِجَهُ إلَى بَيِّنَةٍ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ أَوْ يُكْتَفَى بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقَةٍ فَإِنْ اكْتَفَيْنَا بِهَا لَمْ يَقْنَعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالتَّفْصِيلِ وَإِنْ أَحْوَجْنَاهُ إلَى بَيِّنَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَضَرَّرَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا قَدْ تُسَاعِدُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِأَلْفٍ مُطْلَقٍ وَلَا يُمْكِنُهُمْ تَعْيِنَ الْجِهَةِ وَكَمَا اكْتَفَيْنَا بِالْجَوَابِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَيْ لَا يَلْزَمَهُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَوْ عَيَّنَ الْجِهَةَ وَعَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ الدَّافِعَةِ وَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِإِطْلَاقِ الْمُدَّعِي وَلَا نَحْوِجُهُ إلَى التَّعْيِينِ كَيْ لَا يَفُوتَ عَلَيْهِ مَا هُوَ فَائِتٌ لِلْعَجْزِ عَنْ الْبَيِّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَأُسْقِطَ هَذَا مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ هَذَا التَّرْدِيدُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَمَلَ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ إذَا جَحَدَ الْمِلْكَ فَرُبَّمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْجِزُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ (قَوْلُهُ فَمَهْرُ مِثْلٍ يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ كَافٍ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ أَوْ أَبْرَأَتْهُ فَهُوَ جَوَابٌ صَحِيحٌ ثُمَّ يَنْظُرُ أَتُصَدِّقُهُ أَوْ لَا وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ اعْتَرَفَ بِالسَّبَبِ الْمُلْزِمِ لَا يَكْفِي فِي جَوَابِهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا كَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى كَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ وَقَبَضْته وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَقًّا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ تَعَدِّيًا أَوْ خَطَأً بِغَيْرِ إذْنِي فَقَالَ أَتْلَفَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِك وَهُوَ مِلْكُك لَكِنْ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيَّ قِيمَتُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا فَلَا يُسْمَعُ هَذَا الْجَوَابُ مِنْهُ إجْمَاعًا

(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَدْعُو إلَيْهَا الضَّرُورَاتُ (قَوْلُهُ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسَمِّيه) أَوْ قَدْ نَسِيت اسْمَهُ وَعَيْنَهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِطِفْلِي) فِي مَعْنَى الطِّفْلِ: الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ فَلَوْ قَالَ لِمَحْجُورِي كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْمَسْجِدِ) فَإِنْ كَانَ نَاظِرُهُ غَيْرَهُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوَلَيْسَتْ لِي) مُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَتْ لِي جَوَابٌ كَافٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُضَادٌّ لِلْمُدَّعِي فَيُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَصْرَرْت عَلَيْهِ صِرْت مُنْكِرًا وَجُعِلْت بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْك نَاكِلًا فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَحْكُمُ لَهُ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ الْمُعْتَبَرُ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْبَابِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِنَظِيرِهِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى مَجْهُولٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفَهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ وَقِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُقِرَّ لِمَعْرُوفٍ أَوْ نَجْعَلُك نَاكِلًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ الْمَنْعُ) وَرَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ

(4/396)


(وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ) فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ (وَصَدَّقَهُ انْتَقَلَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِظَاهِرِ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَتْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ) أَقَرَّ بِهَا (لِغَائِبٍ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ) إلَيْهِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بِهَا (الْمُدَّعِي) بَيِّنَةً (فَقَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ) فَيَحْلِفُ مَعَهَا وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلهِ عَنْ تَرْجِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى حَاضِرٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا رَجَّحُوهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ (فَإِنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ) أَنَّهَا لِلْغَائِبِ (وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْغَائِبِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) بِذَلِكَ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا إذَنْ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً (بِوَكَالَةٍ) لَهُ عَنْ الْغَائِبِ (وَأَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ سُمِعَتْ) بَيِّنَتُهُ لَا لِتُثْبِتَ الْعَيْنَ لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ بَلْ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ الْيَمِينُ وَتُهْمَةُ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَتَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهَا فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ الْخُصُومَةُ خُصُومَةٌ لِلْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ) الْغَائِبُ (كَاذِبًا) فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (هِيَ رَهْنٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ كَإِجَارَةٍ (مَعِي) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ (تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ (لِتَضَمُّنِهَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ) بِلَا نِيَابَةٍ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (تَحْلِيفُهُ حَيْثُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا) إلَيْهِ أَوْ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لَهُ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ وَيُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلثَّانِي (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعَيْنِ ثَانِيًا (وَغَرِمَ) لَهُ (الْقِيمَةَ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْعَيْنِ) أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ (رَدَّ الْقِيمَةَ) وَأَخَذَ الْعَيْنَ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَقَدْ زَالَتْ (فَرْعٌ)
لَوْ (ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (وَقْفَ دَارٍ) بِيَدِهِ (عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهَا ذُو الْيَدِ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ) قِيمَتَهَا (لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْوَقْفَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَالْحَيْلُولَةِ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا مَرَّ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ اسْتَقَرَّ بِالْبَيِّنَةِ وَخَرَجَ الْإِقْرَارُ عَنْ أَنْ تَكُونَ الْحَيْلُولَةُ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

الْمَسْأَلَةُ (الرَّابِعَةُ) لَوْ (اشْتَرَى شَيْئًا وَادَّعَاهُ آخَرُ فَأَقَرَّ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ أَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ (وَاسْتَحَقَّهُ لَمْ يَرْجِعْ) مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (لِتَقْصِيرِهِ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ نُكُولِهِ (وَإِنْ انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (بِالْبَيِّنَةِ رَجَعَ) عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ (وَإِنْ قَالَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ هِيَ مِلْكُ بَائِعِي أَوْ مِلْكِي أَوْ قَالَ حَالَةَ الشِّرَاءِ بِعْنِي مِلْكَك) هَذَا (مُعْتَمِدًا) فِي ذَلِكَ (ظَاهِرَ الْيَدِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْمُقِرِّ) لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ (أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً (بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ) عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ بِلَا نِيَابَةٍ كَيْفَ وَالْمُدَّعِي لَوْ أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْبَيِّنَةِ بِالْإِقْرَارِ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ (لَكِنْ لَوْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ) وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَالْمُحَرَّرُ وَالْمِنْهَاجُ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) وَمَا رَجَّحُوهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (تَنْبِيهٌ)
فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَعَدْلَهَا فَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَيْنِ لِآخَرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَكَمَ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي فَهَلْ يَحْكُمُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُقِرِّ، لَهُ قَالَ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي إقْرَارِهِ حَكَمَ بِتِلْكَ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِ الْمُقِرِّ، لَهُ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ إعَادَةَ الدَّعْوَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعِيدُهَا أَيْضًا غ (قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى) لَوْ أَقَامَ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بَعْدَ رُجُوعِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَانْتَزَعَ الْعَيْنَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ قَالَ الْإِمَامُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْمِلْكَ قَدْ اسْتَقَرَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَخَرَجَ الْإِقْرَارُ عَنْ كَوْنِهِ مُقْتَضِيًا حَيْلُولَةٍ قَالَ وَلَا مُبَالَاةَ بِاقْتِضَاءِ الْإِقْرَارِ لَهُ مَا يُرَجِّحُ بَيِّنَتُهُ إذَا كَانَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى الْبَيِّنَةِ وَمَا أَحْسَنَ عِبَارَةَ الْبَسِيطِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْغَائِبَ لَوْ عَادَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَحُكِمَ لَهُ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لِيَنْكُلَ فَيُغَرِّمَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ سَقَطَ أَثَرُ إقْرَارِهِ فَكَانَ كَإِقْرَارِهِ بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ فَيُحَالُ زَوَالُ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَالْحَيْلُولَةُ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ) إنَّمَا تَكُونُ الْحَيْلُولَةُ كَالْإِتْلَافِ فِيمَا يَقْبَلُ الِاعْتِيَاضَ وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِقِيمَةٍ عِنْدَ الْإِتْلَافِ لِلضَّرُورَةِ. (مَسْأَلَةٌ)
تَقَعُ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ وَقْفٍ أَوْ تَبَايُعٍ ذِكْرُ الْحُدُودِ ثُمَّ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فَيُطْلَب مِنْ الْقَاضِي إثْبَاتَ تِلْكَ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْكِتَابِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا فَعَلْته قَطُّ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ مَثَلًا هُوَ الْعَقْدُ الصَّادِرُ عَلَى الْمَحْدُودِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِتِلْكَ الْحُدُودِ الْبَتَّةِ وَإِنَّمَا سَمِعَ لَفْظَ الْعَاقِدِ فَهُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ وَالْحُدُودُ مَحْكِيَّةٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَثَلًا وَهَذَا كِتَابُ الْإِقْرَارِ الْمَشْهُودِ بِهِ فِيهِ إقْرَارُ الْمُقِرِّ وَالْحُدُودِ مِنْ كَلَامِ الشَّاهِدِ فَلَوْ حَصَلَتْ شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ فِي كِتَابِ تَبَايُعٍ أَوْ وَقْفٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ فُلَانًا مَالِكٌ حَائِزٌ لِلْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي حُدُودُهُ كَذَا وَكَذَا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَكَانُ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ وَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهِ أَوْ فِيهَا وَقَدْ مَاتَ الْمَشْهُودُ وَالْمَكْتُوبُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمْ وَيَطْلُبُ الَّذِي بِيَدِهِ الْمَكْتُوبُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ فِي الْحُدُودِ وَيُنْزَعُ مِنْ صَاحِبِ يَدٍ بَعْضُ مَا فِي يَدِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ وَيَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْحُدُودَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِمُقْتَضَى مَكْتُوبِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ طَلَبَ مِنِّي ذَلِكَ وَلَمْ أَفْعَلْهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَعْلَمُ مِلْكَ زَيْدٍ عِلْمًا يَسُوغُ لَهُ بِهِ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْحُدُودُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ بِحَقٍّ فَلَا تُنْزَعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ يَدَهُ عَادِيَةٌ وَلَا يُعْتَمَدُ فِي رَفْعِ يَدِهِ عَلَى كِتَابٍ قَدِيمٍ

(4/397)


بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي سُمِعَتْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ إذَا بَانَ إقْرَارُ الْبَائِعِ مِنْ قَبْلُ لَغَا إقْرَارُ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا) وَادَّعَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ (فَأَقَرَّ) لَهُ (الْمُشْتَرِي بِحُرِّيَّتِهِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَائِعِ (بِأَنَّهُ غَرَّهُ بِبَيْعِهِ حُرًّا) لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلِكُلِّ أَحَدٍ إثْبَاتُهَا وَإِذَا ثَبَتَتْ ثَبَتَ الرُّجُوعُ وَلَا تَكْفِي فِيهِ بَيِّنَةٌ بِمُطْلَقِ الْحُرِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَهُ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِالْبَيِّنَةِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْبَائِعَ) كَانَ (اشْتَرَاهَا) الْأَوْلَى اشْتَرَاهُ (مِنْ الْمُدَّعِي) سُمِعَتْ وَ (نُقِضَ الْحُكْمُ) الْأَوَّلُ (وَتَقَرَّرَ الشِّرَاءُ) فَتَكُونُ الْعَيْنُ لِلْمُشْتَرِي

[فَصْلٌ ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرهَا فَاسْتَحَقَّهَا بِحُجَّةٍ وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ]
(فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرهَا فَاسْتَحَقَّهَا) بِحُجَّةٍ (وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ تَكُنْ زَانِيَةً بِإِقْرَارِهِ) بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ مَا يَقُولُ (وَلَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَادُ وَحُرِّيَّةُ الْوَلَدِ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ (وَإِنْ وَافَقَتْهُ) الْجَارِيَةُ فِي إكْذَابِهِ نَفْسَهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَرْتَفِعُ مَا حُكِمَ بِهِ بِرُجُوعٍ مُحْتَمَلٍ (فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ) إنْ لَمْ تَعْتَرِفْ هِيَ بِالزِّنَا (وَالْأَرْشُ) إنْ نَقَصَتْ وَلَمْ يُولِدْهَا (وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ) إنْ أَوْلَدَهَا (وَلَا يَطَؤُهَا) بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ فَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ شِرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ (عَتَقَتْ) عَمَلًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ (وَوُقِفَ وَلَاؤُهَا) إنْ مَاتَ قَبْلَ شِرَائِهَا (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ أَنْكَرَ مَالِكُ الْجَارِيَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ صَاحِبُ الْيَدِ (وَحَلَفَ) أَنَّهَا لَهُ (وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) فَلَا تَكُونُ زَانِيَةً بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْإِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالْأَرْشُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ وَلَا يَطَؤُهَا إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ وَوُقِفَ وَلَاؤُهَا وَيَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي الْحَالَيْنِ

الْمَسْأَلَةُ (الْخَامِسَةُ الدَّعْوَى) فِي الْعُقُوبَةِ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ تَكُونُ (عَلَى الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِيهَا دُونَ السَّيِّدِ (وَفِي مُوجِبِ الْمَالِ) تَكُونُ (عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ مِلْكٌ لَهُ وَلِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ فِيهِ لَا يُقْبَلُ (فَلَوْ ادَّعَى) بِهِ (عَلَى الْعَبْدِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ وَالْوَجْهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ) وَسُمِعَتْ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ قَالَ فِي الْأَصْلِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ يَعْنِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ وَاَلَّذِي نَقُولُهُ نَحْنُ إنَّ الْمُتَوَجِّهَ سَمَاعُهَا لِيُقِرَّ بِالْأَرْشِ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَوْ يَنْكَلُ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِيَحْلِفَ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا أَيْضًا وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى مَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ سَمَاعِهَا إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَالَ وَقَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِالشَّيْءِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَكَذَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجَلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ بَلْ قَالُوا إنَّ الدَّعْوَى بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ تُسْمَعُ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَيُؤَاخَذُ الْعَاقِلَةُ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَعَلَهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا وَمَا مَالَ إلَيْهِ هُوَ مَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ

الْمَسْأَلَةُ (السَّادِسَةُ يُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفِيلِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَتَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرِهَا إلَخْ)

(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الدَّعْوَى فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَبْدِ إلَخْ) قَدْ يَدَّعِي عَلَى الْعَبْدِ بِمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ، وَذَلِكَ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ خَطَأٌ أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ مُكَاتِبَةٍ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ فَلَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ وَأَنْكَرَتْ حَلَفَتْ فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيُقْبَلُ فِي نِصْفِهِ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَمَتَى صَحَّحْنَا تَصَرُّفَهُ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ وَقَضَيْنَاهُ مِنْ مَالِهِ وَمَتَى لَمْ نُصَحِّحْهُ كَانَ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ وَلِيَنْظُرْ فِي الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ هَلْ تُبْنَى عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْبِنَاءُ عَلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا مَالَ إلَيْهِ) هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بَقِيٍّ أُمُورٌ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا مِنْهَا النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِمَا جَمِيعًا وَمِنْهَا ضَمَانُ الْإِحْضَارِ وَمِنْهَا النَّسَبُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ مَا قَبْلَ إقْرَارِ الْمُبَعَّضِ بِهِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ وَمَا لَا فَعَلَى السَّيِّدِ وَلَا تُسْمَعُ عَلَى الْمُبَعَّضِ إلَّا إنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ (تَنْبِيهٌ)
فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرِهِ وَادَّعَى الْمُطَلِّقُ أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ تَطْلِيقِي إيَّاهَا كَانَ فِي وَقْتِ كَذَا وَلَا يُحْتَمَلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ وَأَنَا أُرِيدُ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَا لَا يَسْمَعُ حَاكِمٌ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُرِدْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى بِدُونِ الْبَيِّنَةِ مُفِيدَةٌ شَيْئًا وَفِيهَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَأَوْصَتْ فِي أَمْرِ مَالِهَا إلَى رَجُلٍ فَجَاءَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنَ عَمِّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ عَلَى مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ نَفَعَ إقْرَارُهُ وَقُبِلَ وَنُفِّذَ وَهَهُنَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ وَالْوَصِيُّ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يُنَفَّذْ إقْرَارُهُمَا

(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ يُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفِيلِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَأْمُونًا لَا يُخْشَى هَرَبُهُ وَلَا إفْسَادُهُ الْعَيْنَ أَوْ تَضْيِيعُهَا بِحِيلَةٍ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِكَفِيلٍ وَلَا يُحْبَسَ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ جِنَايَةٍ وَإِنْ خُشِيَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ الْعَيْنَ أَوْ تَأْتِي بِكَفِيلٍ لِبَدَنِك أَوْ يُوكَلُ

(4/398)


بِمَا عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي حَالِ الْبَيِّنَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ الْعَدَالَةُ (لَا قَبْلَهَا) فَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ اعْتَادَ الْقَضَاءُ خِلَافَهُ (فَإِنْ لَمْ يَكْفُلْ) أَيْ يُقِمْ كَفِيلًا (حُبِسَ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إقَامَةِ كَفِيلٍ لَا لِثُبُوتِ الْحَقِّ وَامْتِنَاعِهِ مِنْهُ

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ) (وَفِيهِ أَطْرَافٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نَفْسِ الْحَلِفِ وَالْمَقْصُودُ) الْآنَ (بَيَانُ قَاعِدَتَيْنِ الْأُولَى التَّغْلِيظُ) فِي الْأَيْمَانِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الدَّعَاوَى مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ وَتَأْكِيدًا لِأَمْرِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ) نَدْبًا (وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ) تَغْلِيظَهَا (فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ) وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ وَقَوَدٍ وَعِتْقٍ (وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ أَوْ) لَمْ يَبْلُغْهُ لَكِنْ (رَآهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ (قَاضٍ) لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ نِصَابِ الزَّكَاةِ مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تُغَلَّظَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ قِيمَةً وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ اُعْتُبِرَ بِالذَّهَبِ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا وَحُقُوقُ الْأَمْوَالِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالٍ هُوَ نِصَابٌ غُلِّظَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا.
وَاحْتُجَّ لِلتَّغْلِيظِ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ أَعَلَى دَمٍ فَقَالُوا لَا قَالَ فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْمَالِ قَالُوا لَا قَالَ خَشِيت أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ التَّغْلِيظَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرُهُ بِقَوْلِهِ (فَيُغَلَّظُ فِيهَا) أَيْ فِي الْيَمِينِ (عَلَى عَبْدٍ خَسِيسٍ) لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابَ الزَّكَاةِ (ادَّعَى) عَلَى سَيِّدِهِ (عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً) فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ لَيْسَ بِمَالٍ (لَا عَلَى سَيِّدِهِ) إذَا حَلَفَ لِأَنَّ قَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ مَالٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَفِيسًا (وَ) يُغَلَّظُ (فِي الْوَقْفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا عَلَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا (وَ) أَمَّا (الْخُلْعُ بِالْقَلِيلِ) مِنْ الْمَالِ (إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ وَحَلَفَتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ (فَلَا تَغْلِيظَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ هِيَ (غُلِّظَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ قَصْدَهَا الْفِرَاقُ وَقَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ أَمَّا الْخُلْعُ بِالْكَثِيرِ فَتُغَلَّظُ فِيهِ مُطْلَقًا.
(وَالْمَرِيضُ وَالزَّمِنُ وَالْحَائِضِ) وَالنُّفَسَاءُ (لَا تُغَلَّظُ) الْيَمِينُ (عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ) لِعُذْرِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ كَالْمُخَدَّرَةِ وَكَالْجُنُبِ لِإِمْكَانِ اغْتِسَالِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ ذَكَرُوا فِي اللِّعَانِ أَنَّ الْحَائِضَ يُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مِثْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ (وَلَا) يُغَلَّظُ (عَلَى حَالِفٍ بِالطَّلَاقِ مِنْ التَّغْلِيظِ) أَيْ حَالِفٌ بِهِ أَنْ لَا يَحْلِفَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ مُسْتَحَبٌّ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ بِالطَّلَاقِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ وَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَالتَّغْلِيظُ) هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (كَمَا فِي اللَّعَّانِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَبِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِك إلَى تَعْدِيلِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْبِسُكَ فَإِنَّ أَجَابَ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَنَعَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَإِنْ عَانَدَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ مِنْ التَّوْكِيلِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْهُ غ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ) (قَوْلُهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ) أَوْ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْحُقُوقَ كَالسِّرْجِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَتْ مَالًا وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا الْمَالُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا وَلِوَكَالَةٍ فِي الْمَالِ يُغَلَّظُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَالُ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِفَهْمِهِ مِنْ الْمَالِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَ زَكَاةٍ بِالْأُولَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَكَالَةِ الْوِلَايَةُ (قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ) فِي الْوَسِيطِ كَالنِّهَايَةِ التَّغْلِيظُ يَجْرِي فِي كُلِّ مَا لَهُ خَطَرٌ مِمَّا لَا يَثْبُت بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَجَرَى فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ لَا لِنُقْصَانِ الْخَطَرِ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ تَقْيِيدُ التَّغْلِيظِ فِي غَيْرِ الْمَالِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي إنَّ الضَّابِطَ لِذَلِكَ إنَّ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ تُغَلَّظُ فِيهِ وَمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ) الْمُرَادُ بِالنِّصَابِ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ فَلَا تَغْلِيظَ هُنَا لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّفْوِيتُ أَوْ الْإِثْبَاتُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّغْلِيظَ بِذِكْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ جَرَاءَةُ الْحَالِفِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّ التَّغْلِيظَ بِاللَّفْظِ مَوْكُولٌ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَهُوَ تَحْدِيدٌ وَعِبَارَةُ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ وَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ وَنَحْوِهَا عِبَارَةُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ غُلِّظَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ مِنْ التَّغْلِيظِ) مِنْ تَعْلِيلِهِ أَوْ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ عَنْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّغْلِيظُ هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَاللِّعَانِ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالزَّمَانُ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَرَجَبِ وَرَمَضَانَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَبْدًا غُلِّظَتْ يَمِينُهُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَالْحُرِّ فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حِفْظِ مَالِ سَيِّدِهِ فَخَافَ ضَيَاعَهُ إنْ فَارَقَهُ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا تَوَلَّى حِفْظَ مَالِهِ وَحُمِلَ الْعَبْدُ إلَى مَكَانِ التَّغْلِيظِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى حِفْظِهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحْلِفِ أَنْتَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ تَنْظُرَهُ بِالْيَمِينِ إلَى وَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ حُضُورِ الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ تَعْجِيلِ إحْلَافِهِ فِي مَكَانِهِ قُلْت وَلِيَنْظُرْ فِي الْحُرِّ إذَا كَانَتْ

(4/399)


الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ) الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (وَمَا أَشْبَهُهُ) كَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ (وَنُدِبَ وَضْعُ الْمُصْحَفِ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ) بِهِ وَأَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] الْآيَةَ وَأَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا زِيَادَةً فِي التَّغْلِيظِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا تُغَلَّظُ هُنَا بِحُضُورِ الْجَمْعِ) لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَلَا بِتَكْرِيرِ الْأَلْفَاظِ لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِيهِمَا

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ اشْتِرَاطُ مُطَابَقَةِ الْيَمِينِ لِلْإِنْكَارِ فَإِنْ قَالَ) فِي جَوَابِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَرْضًا (مَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ حَلِفَ كَمَا أَنْكَرَ وَيَلْغُو) الْحَلِفُ (قَبْلَ تَحْلِيفِ الْقَاضِي) وَطَلَبِ الْخَصْمِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ «رُكَانَةُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَ مَرَّةً أُخْرَى فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ بَلْ أَعَادَهَا عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ) لَهُ الْقَاضِي فِي تَحْلِيفِهِ (قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ أَوْ) قُلْ (وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ فَقَالَ وَاَللَّهِ وَسَكَتَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَغْلِيظِ الْمَكَان وَالزَّمَانِ فَنَاكِلٌ) إذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ اجْتِهَادِ الْقَاضِي (أَوْ قَالَ) لَهُ قُلْ (وَاَللَّهِ فَقَالَ بِاَللَّهِ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ بِالْعَكْسِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نُكُولٌ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَثَانِيهُمَا لَا لِأَنَّهُ حَلَفَ بِالِاسْمِ الَّذِي حَلَّفَهُ بِهِ وَالتَّفَاوُتُ فِي مُجَرَّدِ الصِّلَةِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَنَسَبَهُ لِلنَّصِّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَيْسَ نُكُولًا خِلَافًا لِلْقَفَّالِ

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَهُوَ عَلَى الْبَتِّ) فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ (إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك أَوْ غَصَبَنِي أَوْ بَاعَ مِنِّي مُوَكِّلُك)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَيْنُهُ مُسْتَأْجَرَةً وَكَانَ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعِ التَّغْلِيظِ يُعَطِّلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْعَمَلُ فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي إمَّا أَنْ تُحَلِّفَهُ مَكَانَهُ أَوْ تَنْظُرَهُ إلَى فَرَاغِ مَا عَلَيْهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ إتْيَان مَكَانِ الْحَلِفِ مِنْ الْجَامِعِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعَبْدِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوُجُوبِ غ.
(قَوْلُهُ الطَّالِبُ الْغَالِبُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَمَاعِي مِنْ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْحُسَيْنُ خَلِيفَةُ الْحُكْمِ بِمِصْرَ إنَّ الْحَلِفَ بِالطَّالِبِ الْغَالِبِ لَا يَجُوزُ وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ يَنْقُلُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ طَالِبًا غَالِبًا فَأَسْمَاؤُهُ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ قُلْت وَالظَّاهِرُ إنَّ أَصْلَهُ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ وَمِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحُكَّامِ فِي تَغْلِيظِ الْأَيْمَانِ وَتَوْكِيدِهَا أَنْ يَقُولُوا بِاَللَّهِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ وَلَيْسَ يُسْتَحْسَنُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ يُطْلَقَ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَسْمَائِهِ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنُوا ذِكْرَهَا فِي الْأَيْمَانِ لِيَقَعَ الرَّوْعُ بِهَا وَلَوْ جَازَ أَنْ يَعُدَّ ذَلِكَ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَجَازَ أَنْ يَعُدَّ فِيهَا الْمُخْزِيَ الْمُضِلَّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ بِمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ وَإِنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّا يَقْتَضِي مَدْحًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ دُونَ الصِّفَةِ فَالْتُحِقَ بِالْأَفْعَالِ وَإِضَافَةِ الْأَفْعَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَوْقِيفٍ وَلِذَلِكَ تَوَسَّعَ النَّاسُ فِي تَحْمِيدَاتِهِمْ وَتَمْجِيدَاتِهِمْ وَغَيْرِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ
جَاءَتْ سُحَيْمَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... وَلَيُغَلَبَنَّ مَغَالِبَ الْغُلَّابِ
وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ ع غ.
(قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ كَوَاللَّهِ إلَخْ) هَذَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَالدَّهْرِيُّ وَالْمُلْحِدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ وَالْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ فَقَطْ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَى مَا يُعَظِّمُونَهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلَا يُشْرَعُ الْقِيَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ إلَّا فِي يَمِينِ اللِّعَانِ وَقِيلَ يُغَلَّظُ بِالْقِيَامِ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ هـ

(قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ حَلَّفَهُ ابْتِدَاءَ بِالرَّحْمَنِ كَانَ كَافِيًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِ الْقَاضِي قُلْ وَالرَّحْمَنِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوَتَاللَّهِ أَوْ بِالرَّحْمَنِ أَوْ بِالرَّحِيمِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْمَكَانِ فَامْتَنَعَ كَانَ نَاكِلًا وَقَوْلَهُ كَانَ كَافِيًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا لِأَنَّهُ إلَخْ) هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ إلَخْ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ

(قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ فِي الْإِثْبَاتِ مِنْهُ حَلَفَ مُدَّعِي النَّسَبِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَمُدَّعِي الْإِعْسَارِ لِأَنَّهُ نَفَى مِلْكَ نَفْسِهِ زِيَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَخْصُوصٍ وَحَلَفَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ صَاحِبِهِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ إثْبَاتًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ وَفِي النَّفْيِ وَالْمَطْلُوبُ بِالدَّعْوَى لَاقَاهُ ابْتِدَاءً وَيُمْكِنُ اطِّلَاعُهُ عَلَى سَبَبِ الْمُلَاقَاةِ حَالَ صُدُورِهِ وَلَيْسَ مِمَّا يَغِيبُ غَالِبًا عَنْهُ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يُلَاقِهِ ابْتِدَاءَ لِأَنَّهُ وَارِثٌ أَوْ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالسَّبَبِ الْمُدَّعَى بِهِ عِنْدَ صُدُورِهِ أَوْ لَاقَاهُ ابْتِدَاءً، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُهُ عَلَى سَبَبِ الْمُلَاقَاةِ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْتَهِرَ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ دَائِمًا إلَّا إذَا كَانَتْ لِدَفْعِ مُعَارِضٍ لَا لِإِثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ مَعَ تَصَوُّرِ الْحَلِفِ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
(قَوْلُهُ إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ النَّفِيَّ الْمُطْلَقَ لَا الْمَحْصُورَ كَحَلِفِ الْمُودِعِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِتَلَفِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الدَّعَاوَى بِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ كَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ بِنَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَوْ عَامِلُ الْقِرَاضِ أَوْ الْمُكَاتِبُ وَقَدْ عَامَلُوا عَلَى أَعْيَانٍ أَوْ دُيُونٍ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى حَلِفِ الْمَالِكِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا فَكَيْفَ الْحَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى تَصَرُّفِهِمْ أَهْوَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَوْ يَحْلِفُ هَاهُنَا كَمَا يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لَمْ يَحْضُرْنِي الْآنَ فِيهِ شَيْءٌ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَنَقْلٍ خَاصٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فَأَطْلُبُهُ وَفِي

(4/400)


وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَعْلَمُ وُجُودَهُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ وَلِأَنَّ النَّفْيَ الْمُطْلَقَ يَعْسُرُ الْوُقُوفُ عَلَى سَبَبِهِ وَلِهَذَا لَا يَشْهَدُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا لِسُهُولَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ وَبِخِلَافِهِ فِي نَفْيِ فِعْلِهِ لِإِحَاطَتِهِ بِحَالِ نَفْسِهِ (وَلَا يُكَلِّفُهُ) أَيْ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ (الْقَاضِي الْبَتَّ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فَلَوْ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ ظَلَمَ لَكِنْ يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا فُلَانٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَتُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ غَيْرِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (أَتْلَفَ عَلَيَّ عَبْدُك أَوْ بَهِيمَتُك) كَذَا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلَهُ كَفِعْلِهِ وَلِذَلِكَ سُمِعَتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَضَمَانُ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا.
(وَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ دَيْنًا (عَلَى مُوَرِّثِهِ فَلْيَذْكُرْ) مَعَ ذِكْرِ الدَّيْنِ وَوَصْفِهِ (مَوْتَهُ وَحُصُولِ التَّرِكَةِ بِيَدِهِ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِدَيْنِهِ) عَلَى مُوَرِّثِهِ (فَيَحْلِفُ) فِي الْمَوْتِ وَالدَّيْنِ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَفِي عَدَمِ حُصُولِ التَّرِكَةِ) بِيَدِهِ (عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ مَعًا وَأَرَادَ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ التَّرِكَةِ) فَقَطْ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (تَحْلِيفُهُ مَعَهَا) أَيْ التَّرِكَةِ أَيْ مَعَ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا بِيَدِهِ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْوَارِثِ شَيْءٌ فَلَعَلَّهُ يَظْفَرُ بِوَدِيعَةٍ أَوْ دَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حَقَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفْهِمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لِلْمَيِّتِ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَوْ عَلَى الْمُعْسِرِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ (وَيَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَخَطِّ أَبِيهِ) الثِّقَةِ وَخَطِّهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا (وَنُكُولِ خَصْمِهِ) عَنْ الْحَلِفِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا اعْتِمَادُ الْخَطِّ لِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ.
(وَيُعْتَبَرُ) فِي صِحَّةِ الْحَلِفِ (نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) وَاعْتِقَادُهُ لَا نِيَّةُ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادُهُ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» وَحُمِلَ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمُحَكَّمَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ (فَلَا يَدْفَعُ الْإِثْمَ) أَيْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ (بِتَأْوِيلٍ وَاسْتِثْنَاءٍ) كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَنَحْوُهُ) كَشَرْطِ وَصْلِهِ بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْقَاضِي عَلَى خِلَافِ نِيَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا لِمَا نَوَاهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَخْذِهِ مِمَّا أَطْلَقُوهُ هُنَا هُنَا تَوَقُّفْ وَقَوْلُهُ أَهْوَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ) مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَسِعْهُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بَهِيمَتِك) الْمُرَادُ بَهِيمَةٌ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِهِ) وَمِنْهُ حَلَفَ بَائِعُ الرَّقِيقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِدِينِهِ) وَهَكَذَا كُلُّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِي عَدَمِ حُصُولِ التَّرِكَةِ بِيَدِهِ عَلَى الْبَتِّ) فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ آخَرُ هَلْ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ إعَادَةِ التَّحْلِيفِ أَوْ لَا أَجَبْت بِالْأَوَّلِ لِثُبُوتِ عَدَمِ وَضْعِهِ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَقَدْ أَوْضَحَتْهُ فِي الْفَتَاوَى وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ) لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ إلَخْ) ثُمَّ رَأَيْت شُرَيْحًا قَالَ فِي رَوْضَتِهِ وَإِنْ جَحَدَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ حَلَفَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ عَلَى أَبِيهِ شَيْئًا وَمَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى التَّرِكَةِ فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَحْلِفُ وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ قَبْلَ ظُهُورِ التَّرِكَةِ وَهَذَا أَصَحُّ وَقَالَ الْخَفَّافُ يَحْلِفُ هـ.
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِبَارَةٌ نَاقِصَةٌ وَتَمَامُهَا أَنْ يَقُولَ الْمُوَافَقَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي الْحَلِفِ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةٍ تُخَالِفُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي الْحَلِفِ فَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ بِغَيْرِ صَكٍّ لَمْ يَقْبِضْهُ وَدَيْنٌ بِصَكٍّ قَبَضَهُ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ الَّذِي بِالصَّكِّ وَحَلَفَ مَعَهُ وَنِيَّةُ الْحَلِفِ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي بِلَا صَكٍّ وَنِيَّةُ الْقَاضِي الَّذِي بِالصَّكِّ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْقَاضِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاجِبَ فِي الْحَلِفِ اسْتِحْقَاقُهُ الدَّيْنَ الشَّرْعِيَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي الصَّكِّ وَكَذَا حُكْمُ يَمِينِ الرَّدِّ وَالِاسْتِظْهَارِ قَالَ وَهَذَا مُسْتَمَدٌّ مِمَّا لَوْ جَحَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ بِغَيْرِ صَّكِّ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِصَكٍّ قَدْ قَبَضَهُ وَشُهُودُهُ لَا يَعْلَمُونَ قَبْضَهُ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيَقْبِضَهُ بِدَيْنِهِ الْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ قَالَ إنِّي قَبَضْت مَا فِي هَذَا الصَّكِّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَسَامَحَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الِاسْتِظْهَار وَقَصْدُهُ بِقَوْلِهِ مَا قَبَضَهُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا الدَّيْنُ بِالصَّكِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِبَارَةٌ نَاقِصَةٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَدْفَعُ الْإِثْمَ بِتَأْوِيلٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِقَصْدِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ أَوْ اعْتِقَادِ خِلَافِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ كَالْحَنَفِيِّ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَمِنْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ وَلَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرُ فَدِرْهَمُ: قَبِيلَةٌ، وَدِينَارُ: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ، وَمَا قَبْلِي ثَوْبٌ وَلَا شُفْعَةٌ وَلَا قَمِيصٌ فَالثَّوْبُ الرُّجُوعُ وَالشُّفْعَةُ الْبُعْدُ وَالْقَمِيصُ غِشَاءُ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ظَاهِرُهُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْفَعُ فِي الْمَاضِي حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ قَدْ قَامَ لَا يَحْنَثُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ هَكَذَا الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَمَعْنَى ذَلِكَ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا قَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَلَا يَقَعَ شَيْءٌ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(4/401)


بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَالَ خَصْمُهُ لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَحْلِيفِ الْحَنَفِيِّ الشَّافِعِيَّ عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْ (فَإِنْ سَمِعَهُ الْقَاضِي) يَأْتِي بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ (عَزَّرَهُ) إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ جَوَازِهِ (وَأَعَادَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَصَلَهَا بِكَلَامٍ وَلَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي نَهَاهُ) عَنْهُ (وَأَعَادَهَا) عَلَيْهِ وُجُوبًا فَإِنْ قَالَ كُنْت أَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا وَقْتَهُ. ذَكَرَهُ الْأَصْلُ

(فَرْعٌ لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا فَحَكَمَ عَلَى شَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ نَفَذَ) حُكْمُهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ وَالْمُجْتَهِدِ (وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ فَحَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَثِمَ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي وَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ) هُنَا وَفِي سَائِرِ الدَّعَاوَى (قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَمْ يَأْثَمْ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ) أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالشَّافِعِيِّ (أَوْ) حَلَّفَهُ (غَيْرُ الْقَاضِي) مِنْ قَاهِرٍ أَوْ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَوَرَّى لَمْ يَحْنَثْ) وَنَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ بِغَيْرِ اللَّهِ كَآحَادِ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْأَذْكَارِ نَفْعَهَا لَهُ فِيمَا لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَنْ يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالْحَنَفِيِّ وَهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعَ بُعْدِهِ عَنْ الْمَعْنَى أَيْضًا وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَحْلِيفِ الْخَصْمِ فَأَلْحَقَهُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي مُحْتَجًّا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ «يَمِينُك مَا يُصَدِّقُك عَلَيْهِ صَاحِبُك» قَالَ أَرَادَ بِهِ الْخَصْمَ وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَمْ يَأْثَمْ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحَالِفِ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى (وَهُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمِنْهَاجَ عَبَّرَ بَدَلَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ بِيَمِينٍ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَقِيلَ كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرَ مَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ شَرْحٌ لِلْأُولَى انْتَهَى وَمُحَصِّلُ الضَّابِطِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحَلِّفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرِهِ لَا أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرِهِ يَحْلِفُ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي حَيْثُ لَا يَحْلِفَانِ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّ أَلْزَمَهُمَا الْحَقَّ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِمَا وَيَجْرِي التَّحْلِيفُ (فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ) كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ (وَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَلَوْ شَتْمًا وَضَرْبًا أَوْجَبَا تَعْزِيرًا) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَخَبَرِ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى) وَتَعْزِيرِهِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى دَعْوَى الْحِسْبَةِ فَلَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ حَلِفٌ (نَعَمْ لَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٌّ كَأَنْ (قَذَفَهُ) غَيْرُهُ (فَطَالَبَهُ بِالْحَدِّ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا زَنَى) كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ) حَلَفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) وَالْعِبْرَةُ هُنَا بِنِيَّةِ الْحَالِفِ الْمُحِقِّ

(فَرَعٌ) (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي) هَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ كُلُّ مَنْ وَلِيٍّ قَاضِيًا سَوَاءٌ اتَّصَفَ بِالْأَهْلِيَّةِ أَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِهَا أَوْ بِأَكْثَرِ شُرُوطِهَا أَمْ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا نِيَّةُ الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَهْلِ الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّوَلِّيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَفَّذْنَا حُكْمَهُ اعْتَبَرْنَا تَحْلِيفَهُ وَنِيَّتَهُ وَمَنْ لَا فَلَا غ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَمْ يَأْثَمْ) وَكَذَا لَوْ حَلَّفَهُ قَبْلَ طَلَبِ الْمُدَّعِي تَحْلِيفِهِ أَوْ بِطَلَبِهِ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ أَوْ نَاقِصَةٍ أَوْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَوْ حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ وَمَا أَشْبَهَهُ

(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحَالِفِ وَهُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَخْ) (ضَابِطٌ) لَا يَكُونُ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فِي غَيْرِ الرَّدِّ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ بَابُ الْقَسَامَةِ وَبَابُ اللِّعَانِ وَبَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَبَابُ الْأُمَنَاءِ الْمُدَّعِينَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ غَيْرُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجَرُونَ لِلْمُتْلِفِ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ جُعِلَ أَمِينًا مَا خَوَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا اُؤْتُمِنَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضٍ وَوِلَادَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَوْضِعِهِ وَالْبَابُ الْخَامِسُ بَابُ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ جُعِلَتْ فِيهِ فِي الْإِثْبَاتِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إنَّ جَمِيعَ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ الْيَمِينُ فِيهَا يُعْمَلُ بِهَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ فِي التَّحَالُفِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقًّا وَلِهَذَا أَسْقَطَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَامِعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ شَرْحٌ لِلْأُولَى رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ التَّفْسِيرَ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنَّ فِيهِ خَلَلًا سَنَذْكُرُهُ وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَالَ فِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ شَيْئَانِ يَقْتَضِيَانِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ اخْتِلَافَ الْمَعْنَى أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَقَدْ قِيلَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْعِبَارَةُ الْمَأْلُوفَةُ فِي الْحَالِفِ وَالثَّانِي قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ صُوَرٍ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ وَمَا قَالَ الضَّبْطَيْنِ قَالَ شَيْءٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمُحَرَّرِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عِنْدَهُ لِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا. اهـ. وَتَفْسِيرُ الرَّوْضَةِ الْحَالِفُ بِمَا تَقَدَّمَ أَرَادَ بِهِ الْحَالِفَ ابْتِدَاءَ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ نَزَلَ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْأُمَنَاءِ وَأَمَّا أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَابِطِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِينَ وَلَا تَتَوَجَّهَ إلَيْهِمْ دَعْوَى تَحْقِيقًا وَلَا تَقْدِيرًا وَكَذَلِكَ الْحَالِفُ مَعَ شَاهِدَهُ وَالْحَالِفُ يَمِينِ الرَّدِّ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الضَّابِطِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ بِحَيْثُ لَوْ أَقَرَّ ثَبَتَ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ يَمِينٌ وَلَا رَدَّهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِلدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرُ تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى إذَا تَعَلَّقَ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَأَذَى النَّاسِ وَسَبِّهِمْ وَطَرْحِ الْحِجَارَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِفْسَادِ الْآبَارِ وَنَحْوِهِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي

(4/402)


حُدَّ الْقَاذِفُ.
وَإِنْ (نَكَلَ وَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ وَلَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا) عَلَى الْمَقْذُوفِ (بِحَلِفِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَكَذَلِكَ) لَهُ (تَحْلِيفُ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ) أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ زَنَى (إنْ طَالَبَهُ) بِالْحَدِّ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ (وَيَثْبُتُ) بِالْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ (الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ) هَذِهِ الْإِحَالَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْوَجْهُ تَرْكُهَا لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثَمَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا فِيهِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَإِنْ) أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا وَقُلْنَا لَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ وَادَّعَى شُبْهَةً كَأَنْ (وَطِئَ أَمَةَ أَبِيهِ وَقَالَ ظَنَنْتُهَا تَحِلُّ) لِي (وَأَمْكَنَ) مَا قَالَهُ (وَحَلَفَ) عَلَيْهِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ (وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ وَهُوَ مُشْكِلٌ (وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الصِّبَا إنْ احْتَمَلَ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ) وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ (إلَّا كَافِرًا) وَقَعَ فِي السَّبْيِ (أُنْبِتَ) أَيْ نَبَتَتْ عَانَتُهُ (وَقَالَ اسْتَعْجَلْتُهُ) أَيْ الْإِنْبَاتَ بِالْعِلَاجِ (فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَاسْتَشْكَلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَدَّعِي الصِّبَا لَكِنْ اعْتَمَدُوا فِي تَحْلِيفِهِ الْإِنْبَاتَ وَقَالُوا كَيْفَ يُتْرَكُ الدَّلِيلُ الظَّاهِرُ بِزَعْمٍ مُجَرَّدٍ.
(وَحُكِمَ بِرِقِّهِ) كَسَائِرِ الصِّبْيَانِ الْمَسْبِيِّينَ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (قُتِلَ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ (وَلَا يَحْلِفُ فِي الدَّعْوَى) بِحَقٍّ (عَلَى مَيِّتٍ وَصِيٌّ غَيْرُ وَارِثٍ) لَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ الْإِقْرَارُ وَهُوَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ (وَكَذَا قَيِّمُ الْقَاضِي) لَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا وَارِثَيْنِ فَيَحْلِفَانِ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِمَا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيِّ (وَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ) لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ حُضُورُهُ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ (وَيُكْتَفَى فِيهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ أَيْ إثْبَاتِهَا (بِعِلْمِ الْقَاضِي) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ لِلْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ) وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا (وَهِيَ قَطْعُ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ) لَا سُقُوطُ حَقِّ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصُحِّحَ إسْنَادُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَلَمْ يَجْعَلْ الْيَمِينَ مُبَرِّئَةً فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَإِنْ نَفَاهَا الْمُدَّعِي حِينَ الْحَلِفِ كَأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً لِمَا ذُكِرَ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ نُكُولَهُ لِلتَّوَرُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَرَّأُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ الْوَدِيعَةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَمَنْ كَذَّبَ شُهُودَهُ سَقَطَتْ بَيِّنَتُهُ) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا (لَا دَعْوَاهُ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحِقًّا فِيهَا وَالشُّهُودُ مُبْطَلِينَ بِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] (وَلَوْ أَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا أَنَّهُ كَذَّبَ شُهُودَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ) مَعَهُ (لِيَجْرَحَ الشُّهُودَ لَمْ يُمَكَّنْ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ الطَّعْنُ فِي الشُّهُودِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ (وَلَوْ أَقَامَ) الْمُدَّعِي (شَاهِدَيْنِ بِمِلْكٍ) ادَّعَاهُ (وَكَانَا قَدْ اشْتَرَيَاهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلَا) لِلتُّهْمَةِ.
(وَلَوْ شَهِدَا) لِشَخْصٍ (بِمِلْكٍ فَقَامَتْ) عَلَيْهِمَا (بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِمَا حِينَ تَصَدَّيَا لِلشَّهَادَةِ أَنْ لَا شَهَادَةَ مَعَهُمَا) بِذَلِكَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (أَوْ) قَامَتْ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَقَرَّ أَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا خَمْرًا وَقْتَ كَذَا وَقَصُرَتْ الْمُدَّةُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِمَا بِمَا ذَكَرَ قَبْلَ تَصَدِّيهِمَا لِلشَّهَادَةِ أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَا) تُرَدُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا) عِبَارَتُهُ ثُمَّ فَلَوْ نَكَلَ السَّارِقُ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ مَا عَزَاهُ إلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الْفَتَى (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَيَّمَ الْقَاضِي وَمُنْكِرُ الْوَكَالَةِ) أَيْ مُنْكِرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالسَّفِيهُ فِي إتْلَافِ الْمَالِ وَمُنْكِرُ الْعِتْقِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ إذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَغْرَمْ وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ أَيْ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَإِذَا ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ظَاهِرًا مُسْقِطًا فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ إيجَابًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَالدَّعْوَى بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ نَعَمْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ إنْ ادَّعَتْهَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَوْ طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَرَامَ تَحْلِيفِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرو فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ بِيَدِهِ أَعْيَانًا لِلْغَائِبِ وَطَلَبَ الْوَفَاءَ مِنْ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ وَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ

(قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) أَيْ وَالنَّسَائِيُّ (قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) مِثْلُ الْبَيِّنَةِ: الشَّاهِدُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحُوا فِي الشَّهَادَاتِ، وَكَتَبَ أَيْضًا تَنَاوَلَ إطْلَاقُهُ الْحُجَّةَ الْكَامِلَةَ وَكَذَا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ إذَا حَلَفَ مَعَهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ وَغَلَّظَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ ر (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(4/403)


شَهَادَتُهُمَا إذْ لَا مَانِعَ وَلَوْ حَذَفَ رُدَّتْ الْأُولَى كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ) شَهِدَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ وَ (لَمْ يُعَيِّنَا) فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِالشُّرْبِ أَنَّ الْمُقِرَّ عَيَّنَ (وَقْتًا) لِلشُّرْبِ (سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَعُمِلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ) تَعْيِينُهُ (وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ قَالَ) لِلْقَاضِي (لَا تَحْكُمْ بِبَيِّنَتِي حَتَّى تُحَلِّفَهُ) بَطَلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتَرِفِ بِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا (قَالَ النَّوَوِيُّ قُلْت) هَذَا مُشْكِلٌ فَقَدْ يَقْصِدُ تَحْلِيفَهُ لِيُقِيمَ بَعْدَهُ الْبَيِّنَةَ وَيُظْهِرَ إقْدَامَهُ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي قَدْحًا فِي الْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ (يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ) بَيِّنَتُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا كَلَامُ مَنْ سَبَقَ فَهْمُهُ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَهُ بَعْدَهَا فَتَبْطُلُ بِمَا أَيَّدَاهُ مِنْ الْفَائِدَةِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيِّنَةِ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَفِيهِ خَلَلٌ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ انْتَهَى وَمَعَ ذَلِكَ فَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بَاقٍ بِحَالِهِ (وَلَوْ قَالَ) الْخَصْمُ (لِلْقَاضِي قَدْ حَلَّفْتنِي لَهُ) مَرَّةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِطَلَبِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفِي (وَلَمْ يَذْكُرْ) الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ (حَلَّفَهُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ بَيِّنَةً (فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِلْقَاضِي (قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) أَوْ أَطْلَقَ (فَحَلِّفْهُ) أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي (مُكِّنَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَقَوْلِي أَوْ أَطْلَقَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَسْتَفْسِرُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ يُحَلِّفُهُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ كَتَحْلِيفِ الْقَاضِي لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ خَصْمُهُ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ (وَلَا يَسْمَعُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي) بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ فَقَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَنَّنِي مَا حَلَّفْته فَحَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ (فَإِنْ) أَقَامَ بَيِّنَةً تَخَلَّصَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ (اسْتَمْهَلَ فِي) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ عَلَى قِيَاسِ الْبَيِّنَاتِ الدَّوَافِعِ (فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ ثُمَّ يُطَالِبُهُ) بِالْحَلِفِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُطَالَبُ بِالْمَالِ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَالِ تَقَدَّمَتْ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ مَالٌ بَعْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ.
(وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ) وَسَقَطَتْ الدَّعْوَى (لَا يَمِينَ الْأَصْلِ إلَّا بِدَعْوَى أُخْرَى) لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى الْأُولَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ انْتَهَى وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ لَا وَجْهَ لِإِبْطَالِ الدَّعْوَى الْأُولَى بِالْعَارِضِ الَّذِي زَالَ حُكْمُهُ وَلِي بِمَا قَالَهُ أُسْوَةٌ (وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ (مَالًا فَحَلَفَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ) إلَيْهِ (ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَاهُ) عَلَيْهِ (وَقَالَ) لَهُ حَلَفْت يَوْمَئِذٍ لِأَنَّك (كُنْت مُعْسِرًا) لَا يَلْزَمُك تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيَّ (وَالْيَوْمَ يَلْزَمُك) لِأَنَّك قَدْ أَيْسَرْت (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ لِإِمْكَانِهَا وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَا لَمْ تَتَكَرَّرْ) فَإِنْ تَكَرَّرَتْ لَمْ تُسْمَعْ لِظُهُورِ تَعَنُّتِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (تَأْخِيرُ الْيَمِينِ) أَيْ يَمِينُ خَصْمِهِ وَتَحْلِيفِهِ إيَّاهَا (بِالدَّعْوَى السَّابِقَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْهَا (وَلَغَتْ يَمِينُ) الْخَصْمِ (قَبْلَ طَلَبِ الْمُدَّعِي) لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ لَا تَلْغُو إذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي لِكَوْنِهِ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّحْلِيفَ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِجَهْلٍ أَوْ عِيٍّ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ (لَمْ يُحَلِّفْهُ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى) لِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْهَا فِي الدَّعْوَى الْأُولَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ الْآتِي بَيَانُهُ فِي نُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَرَاوِزَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَسُوغُ لَهُ الدَّعْوَى ثَانِيًا انْتَهَى وَيَفْرُقُ بِأَنَّ إبْرَاءَهُ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَقْتَضِي إسْقَاطَ الْحَقِّ فَسَاغَ لَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى بِهِ بِخِلَافِ نُكُولِهِ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ فِيمَا يَأْتِي ثَمَّ

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ) (لَا يُقْضَى لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (بِنُكُولِ خَصْمِهِ) عَنْ الْيَمِينِ (بَلْ يَرُدُّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ) لِيَحْلِفَ لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ نُكُولَ الْخَصْمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَاذِبَةِ فَلَا يُقْضَى بِهِ مَعَ التَّرَدُّدِ فَرُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي (وَيَعْرِفُ اسْتِحْقَاقَهُ بِهَا) لِمَا ادَّعَاهُ (إنْ جَهِلَ) تَحَوُّلَهَا إلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ بِهَا.
(فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي لَا قَبْلَهُ قُضِيَ لَهُ) وَإِنَّمَا يُرَدُّ الْيَمِينُ إذَا كَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي (احْلِفْ أَوْ قُلْ وَاَللَّهِ) أَوْ بِاَللَّهِ (لَا) أَنْ يَقُولَ لَهُ (أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ لَا أَوْ يَقُولُ أَنَا نَاكِلٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ) لَفْظُهَا إذَا قَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ عَلَى الْحَاكِمِ تَحْلِيفُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ تَحْلِيفُهُ بَلْ يَقُولُ احْضِرْ الْبَيِّنَةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً أَيْ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ حَلِّفْهُ لَعَلَّهُ يُقِرَّ فَلَا يَجُوزُ وَجْهًا وَاحِدًا وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً فَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ قَالَ لَا تَحْكُمُ بِشَيْءٍ حَتَّى تُحَلِّفَهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ بَاطِلَةٌ قُلْت وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ لَا تَحْكُمُ بِشَيْءٍ حَتَّى تُحَلِّفَهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ غ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُطَالِبُ بِالْمَالِ سَبْقِ قَلَمٍ) لَيْسَ بِسَبْقِ قَلَمٍ بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ إذْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُهْدَةِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ حَلَّفَنِي الْمُدَّعِي مَرَّةً (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَرَاوِزَةِ) وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَاهُ

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ فِي الْيَمِينِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ) (قَوْلُهُ أَنَا نَاكِلٌ أَوْ نَكَلَتْ) فَلَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ وَأَعْطَى الْمَالَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَّعِي الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِهِ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ نَكَلَ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْحَلِفَ فَقَالَ لَا تَحْلِفْ وَأَنَا أُعْطِيك الْمَالَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ اسْتِرْدَادَهُ فَيَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُقِرَّ بِالْحَقِّ أَوْ حَلِفَ الْمُدَّعِي

(4/404)


فَقَوْلُهُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ نُكُولٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ نُكُولًا بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ أَتَحْلِفُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ وَلِهَذَا لَوْ بَدَرَ الْخَصْمُ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَا نَاكِلٌ بَعْدَ الْحَلِفِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالسُّكُوتُ) عَنْ الْحَلِفِ بَعْدَ الِاسْتِحْلَافِ (لَا لِدَهْشٍ وَنَحْوِهِ) كَغَبَاوَةٍ (نُكُولٌ) كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْجَوَابِ فِي الِابْتِدَاءِ إنْكَارٌ هَذَا (مَعَ الْحُكْمِ بِهِ) لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ رَدَّ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَبِخِلَافِ سُكُوتِ الدَّهْشِ أَوْ نَحْوِهِ لَيْسَ نُكُولًا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهُ نُكُولٌ (وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حُكْمٌ بِنُكُولِهِ) أَيْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ فِي سُكُوتِهِ (وَيُسْتَحَبُّ عَرْضُهَا) أَيْ الْيَمِينِ (عَلَى النَّاكِلِ ثَلَاثًا وَ) عَرْضُهَا (عَلَى سَاكِتٍ) عَنْهَا (آكَدُ) مِنْ عَرْضِهَا عَلَى النَّاكِلِ (وَيُبَيَّنُ حُكْمُ النُّكُولِ لِجَاهِلٍ) بِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحُكِمَ) بِنُكُولِهِ (نَفَذَ) حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ وَقَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُمَا لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ بِالْوُجُوبِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ.
وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ الْحُكْمِ عِنْدَ تَرْكِهِ (وَلَهُ) بَعْدَ نُكُولِهِ (الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ وَإِنْ هَرَبَ وَعَادَ) فَإِنْ حُكِمَ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا بِأَنْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُدَّعِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدُ احْلِفْ فَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَ احْلِفْ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَقَرَّ بِهِمَا نَعَمْ بَلْ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَلَوْ رَضِيَّ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ بَعْدَ النُّكُولِ جَازَ) لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (لَكِنْ إنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي) يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ بِيَمِينِ الْخَصْمِ

(فَصْلٌ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ اسْتَحَقَّ) مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الرَّدِّ (وَنُكُولُ خَصْمِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَإِقْرَارِهِ) لَا كَالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِنُكُولِهِ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ بِهِ فَيَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَالْإِقْرَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا تُسْمَعُ) بَعْدَ ذَلِكَ (بَيِّنَتُهُ بِأَدَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَإِبْرَاءٍ وَاعْتِيَاضٍ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا لِأَنَّ قَوْلَنَا أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ بِأَمْرٍ تَحْقِيقِيٍّ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْخَامِسِ عَلَى الصَّوَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ ثَمَّ (وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي عَنْ) الْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) بِلَا عُذْرٍ (نُكُولٌ) عَنْهَا (يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ) بِحَقِّهِ (وَ) مِنْ (الْيَمِينِ وَلَا يَنْفَعُهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا الْبَيِّنَةَ) وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْخَصْمُ وَلِئَلَّا يَتَكَرَّرَ دَعْوَاهُ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْهَرَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى خَصْمِهِ إذْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا تُرَدُّ لِأَنَّا لَوْ رَدَدْنَاهَا لَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَيْثُ امْتَنَعَ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ بِخِلَافِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالسُّكُوتُ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مُطْلَقِ السُّكُوتِ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ سُكُوتِهِ زَمَنٌ يَسَعُ قَوْلَهُ لَا أَحْلِفُ أَوْ أَنَا نَاكِلٌ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ حُكْمِهِ عِنْدَ تَرْكِهِ) فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِمَالَيْنِ مَعَ عِلْمِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي حُكْمَ النُّكُولِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُمَا عِنْدَ جَهْلِ الْقَاضِي بِحَالِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْحُكْمِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَدْرِي أَنَّ امْتِنَاعَهُ يُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ بَلْ عَلَى الْقَاضِي إعْلَامُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ لَمْ يُنَفَّذْ حُكْمُهُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْرِي فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إزَالَةَ الْمُحْتَمَلِ بِإِظْهَارِ حُكْمِ النُّكُولِ. اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ) كَأَنْ يَقُولَ جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ نَكَّلْتُك بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا قِيلَ لَهُ احْلِفْ إلَخْ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ

[فَصْلٌ حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ]
(قَوْلُهُ وَنُكُولُ خَصْمِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَإِقْرَارِهِ) لِأَنَّ النُّكُولَ صَدَرَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ وَضَعَّفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُقَابِلَهُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَقْذُوفِ حَدُّ الزِّنَا وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ سَرَقْت فَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَجَبَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَتْ كَالْبَيِّنَةِ لَحُدَّ فِي الصُّورَتَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَيُجْعَلُ نُكُولُهُ رُجُوعًا (قَوْلُهُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِأَدَاءٍ وَنَحْوِهِ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ لِمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الْعَصْرِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ سَمَاعِهَا) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي عَنْ الْمَرْدُودَةِ نُكُولٌ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ حَلِفُ الْمُدَّعِي يُثْبِتُ لَهُ حَقًّا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ يُسْقِطُ حَقًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَهُ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ خَصْمِهِ بِالْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ أَقَبَّضْته لَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ.
وَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُدَّعِي لِلْقَبْضِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُلْزَمُ بِالْأَلْفِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءَ ثَانِيهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حَقٌّ لِلَّهِ مُؤَكَّدٌ يَسْقُطُ عَنْ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْقُطْ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي كَمَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ وَلَدْت ثُمَّ طَلَّقْتُك وَقَالَتْ وَلَدْت بَعْدَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ

(4/405)


الْخَصْمِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ وَالْحُكْمِ بِيَمِينِهِ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّؤَالُ (وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) عَنْهَا (بَلْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ) أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا (أَوْ) قَالَ (اُنْظُرْ فِي حِسَابِي أَوْ نَحْوِهِ) كَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ (أُمْهِلَ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فَقَطْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ وَيُفَارِقُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيِّنَةِ أَبَدًا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَجْهَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً فَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ مُدَّةٍ (لِيَحْلِفَ مُكِّنَ) مِنْهُ (فَإِنْ نَسِيَ الْقَاضِي نُكُولَ خَصْمِهِ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً (بِهِ وَحَلَفَ وَكَذَا) لَهُ إثْبَاتُهُ (عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) وَيَحْلِفُ (وَلَا يُمْهَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ.
(نَعَمْ يُمْهَلُ) بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ (فِي) ابْتِدَاءِ (الْجَوَابِ) لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ أَوْ نَحْوَهُ (إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ (ثُمَّ يَحْلِفُ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى كَمَا لَوْ حَضَرَ مُوَكِّلُ الْمُدَّعِي) بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى (وَنُكُولُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ كَنُكُولِهِ عَنْ) الْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) فِيمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ) أَنْتَ (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ (إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) وَإِقَامَةُ الشَّاهِدِ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَةَ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا كَلَامَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكَلْ عَنْهَا وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْقَسَامَةِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ وَقْفُهُ

(فَصْلٌ) مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي هُوَ الْأَصْلُ لَكِنْ (قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ (كَمَا إذَا غَابَ ذِمِّيٌّ) ثُمَّ عَادَ (وَادَّعَى الْإِسْلَامَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ) حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهُ قِسْطُ الْجِزْيَةِ وَادَّعَى عَامِلُهَا إسْلَامَهُ بَعْدَهَا حَتَّى يُلْزِمَهُ تَمَامَهَا فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ (وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِهَا) عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (طُولِبَ بِتَمَامِ الْجِزْيَةِ وَلَيْسَ) ذَلِكَ (قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ) فَإِنْ لَمْ يَغِبْ وَادَّعَى ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكْتُمُهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا فَلَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ (وَكَوَلَدٍ مُرْتَزِقٍ ادَّعَى بُلُوغًا بِاحْتِلَامٍ) وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ (وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَثْبُتُ اسْمُهُ) فِيهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ بُلُوغُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ وَاجِبَةٌ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ (وَكَمُرَاهِقٍ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَادَّعَى احْتِلَامًا) وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتَلَةِ (وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُسْهَمُ لَهُ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُوجَدْ.
(وَكَمُتَّهَمٍ بِمَالِ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ) فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَنَكَلَ (حُبِسَ لِيَحْلِفَ) عَلَى نَفْيِهِ فَيُعْرَضُ عَنْهُ (أَوْ يَقِرَّ) بِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ حُكِمَ فِيهَا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِيهَا أَصْلٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ فَأَخَذْنَا بِالْأَصْلِ وَهُنَا لَا مُسْتَنَدَ إلَّا النُّكُولُ وَالنُّكُولُ الْمَحْضُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ (وَكَذَا قُيِّمَ وَقْفٌ وَمَسْجِدٌ إذَا) ادَّعَى لَهُمَا شَيْئًا وَ (نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامٌ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَكَوَصِيِّ مَيِّتٍ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ) فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ وَقِيلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَالُ وَقِيلَ يُتْرَكُ لَكِنْ يَأْثَمُ إنْ كَانَ مُعَانِدًا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ صَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِشَيْءٍ عَلَى مُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ أَوْ ادَّعَى هُوَ شَيْئًا لِمُوَلِّيهِ عَلَى غَيْرِهِ فَنَكَلَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهَلْ الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلَهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي إلَخْ) لَا فَائِدَةَ فِي تَفْسِيرِهِ بِالْمُدَّعِي لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسْبِ مَا فَهِمَهُ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَمَّا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو سَعْدٍ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْهِلُهُ لِآخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ. اهـ. وَحَكَى شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ أَمْهِلْنِي فَإِنَّ لِي بَيِّنَةً أُقِيمُهَا أَوْ أَنْظُرُ فِي حِسَابِي أَنَّهُ يُمْهِلُ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي. اهـ. وَقَالَ فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْبَارِزِيِّ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَلَا يُزَادُ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُدَّعِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.
(قَوْلُهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) الرَّاجِحُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ إلَّا بِتَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَرْجِيحِهِ الْعَوْدُ لِلْحَلِفِ هُنَا وَتَرْجِيحُ عَدَمِ عَوْدِهِ لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ) وَقَالَ الْهَرَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَ دَعْوَى جَازَ لَهُ الْحَلِفُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكُلْ عَنْهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَهُوَ وَاضِحٌ.

[فَصْلٌ تَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ النُّكُولُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرَكِ الْحَقِّ فَتَعَيَّنَ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ

(4/406)


بِقَوْلِهِ (فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ) وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ) كَإِتْلَافٍ مِنْ غَيْرِهِ (لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ دَفْعًا) وَلَا (إثْبَاتًا) لِأَنَّ الْحَقَّ لِمُوَلِّيهِ لَا لَهُ وَلَا هُوَ ثَابِتُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَإِثْبَاتُ الْحَقِّ لِلشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ بَعِيدٌ وَلَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ (بَلْ يَكْتُبُ) أَيْ الْقَاضِي بِهِ وَبِمَا جَرَى (مَحْضَرًا وَيَنْظُرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةَ الْمَجْنُونِ) فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ أَمَّا إذَا بَاشَرَهُ كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِمُوَلِّيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ. اهـ.
وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ مَنْعَ التَّحْلِيفِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ قَالَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْصِيلِ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّدَاقِ فِي بَابِهِ وَالْوَكِيلُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَيَحْلِفُ السَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ لَهُ إذَا نَكَلَ خَصْمُهُ (وَيَقُولُ) لَهُ (وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَى وَلِيِّي) وَلَا يَقُولُ إلَيَّ بِخِلَافِ وَلِيِّهِ فِي دَعْوَاهُ عَنْهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ لَفْظَةِ وَلِيِّي حَيْثُ قَالَ حَلَفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَقُولُ إلَيَّ.

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي الْأَمْلَاكِ فَإِذَا ادَّعَيَا) أَيْ اثْنَانِ (عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةٌ وَلَمْ يُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْقُطَانِ وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْبَابِ الْأَوَّلِ (وَيَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (يَمِينًا) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعِيرٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ بِيَدِهِمَا فَأَبْطَلَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَنَّ خَصْمَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشُهُودٍ فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى لِمَنْ خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّنَازُعَ كَانَ فِي قِسْمَةٍ أَوْ عِتْقٍ (وَإِنْ أَقَرَّ) بِالْعَيْنِ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِهَا) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (أَوْ) أَقَرَّ لَهُ (قَبْلَ تَمَامِهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ تَمَامُهُمَا أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ (قُضِيَ لَهُ بِالْيَدِ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْعَيْنِ لِمَنْ أَقَامَهَا (وَهِيَ بِيَدِهِمَا فَكُلٌّ تُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ لَكِنْ يُعِيدُ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (بَيِّنَتَهُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ (لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ تَبْقَى) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا) كَمَا كَانَتْ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا غَيْرُهُمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَقَطْ حُكِمَ لَهُ) بِهِ (وَبَقِيَتْ) أَيْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِمَا (أَيْضًا وَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَبْقَى) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا) أَيْضًا (سَوَاءٌ حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ أَوْ نَكَلَا) الْأَوْلَى أَوْ نَكَلَ (وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ إذَا أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعَيْنِ (أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) فَيُقْضَى لَهُ بِجَمِيعِهَا سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِجَمِيعِهَا أَمْ بِالنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِ الْآخَرِ.
(وَمَنْ حَلَفَ) مِنْهُمَا (ثُمَّ نَكَلَ صَاحِبُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ) وَرَغِبَ الْآخَرُ فِي الْيَمِينِ (كَفَى الْآخَرَ يَمِينٌ) وَاحِدَةٌ (لِلنَّفْيِ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ (وَالْإِثْبَاتُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ أَوْ يَقُولُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي (وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً (بِدَارٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِنِصْفِهَا أَوْ ثُلُثِهَا تَعَارَضَتَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ عَلَى مَا بَاشَرَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِهِ لَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ إنَّ مَا هُنَا حَلِفُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ) (قَوْلُهُ فِي يَدِ تَالِفٍ) أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَابْنِ حِبَّانَ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ بِالْكُلِّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَهَا وَكَذَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَحَمَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا كُلَّهَا لَهُ وَلَكِنَّ الدَّعْوَى لَا تَقَعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا بِالنِّصْفِ فَلَوْ ادَّعَى بِالْكُلِّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ إلَّا بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَعَرُّضٌ لِقِيمَةٍ تَتَبَعَّضُ فَيُؤَدِّي تَبْعِيضُهَا إلَى الْجَهَالَةِ وَفِي الْمَطْلَبِ إذَا امْتَزَجَتْ الدَّعْوَى بِدَعْوَى الْمُعَارِضَةِ سُمِعَتْ فِي الْجَمِيعِ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا وَتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا وَيَقُولُ الْآخَرُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَيَّ بَلْ كُلُّ الدَّارِ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ تَرْكَ الْمُنَازَعَةِ وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْكُلِّ، وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَمْ يَبْعُدْ وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُعِيدُ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ آخِرَ هَذَا الْكَلَامِ يُنَافِي أَوَّلَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْكُلِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا وَقَدْ قَالَ آخَرُ إنَّهَا تُعَادُ وَالتَّحْقِيقُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَتَانِ إذَا أُقِيمَتَا مَعًا إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلِّ وَاحِدٍ فِيهِ خَارِجٌ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى إقَامَتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ دَاخِلٌ فَإِنْ تَرَتَّبَتَا سُمِعَتْ بَيِّنَةُ السَّابِقِ فِيمَا هُوَ خَارِجٌ فِيهِ دُونَ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَبَيِّنَةُ الْمُتَأَخِّرِ مُطْلَقًا لِتَقَدُّمِ بَيِّنَةِ السَّابِقِ فِيمَا لِمُتَأَخِّرٍ دَاخِلٍ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَبْقَى فِي يَدِهِمَا كَمَا كَانَتْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْيَدِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَبْقَى بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الِاحْتِيَاجُ إلَى الْحَلِفِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَسَبَطَهُ وَصَوَّرَهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ يَدٌ عَلَيْهَا لَيْسَتْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَقَارًا أَوْ مَتَاعًا مُلْقَى فِي الطَّرِيقِ وَلَيْسَا عِنْدَهُ

(4/407)


فِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ وَسَلَّمَ الْبَاقِي لِمُدَّعِي الْكُلِّ أَوْ) أَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَالدَّارُ (فِي يَدِهِمَا بَقِيَتْ بِيَدِهِمَا) كَمَا كَانَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلْيُصَوَّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْكُلِّ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَدَّعِي إلَّا النِّصْفَ وَهُوَ ذُو يَدٍ فِيهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَا الْيَدِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ فِي الِابْتِدَاءِ (وَإِنْ ادَّعَى زَيْدٌ نِصْفَ دَارٍ بِيَدِ رَجُلٍ فَصَدَّقَهُ وَادَّعَى عَمْرٌو النِّصْفَ الْآخَرَ فَكَذَّبَاهُ وَلَمْ يَدَّعِيَاهُ) لِنَفْسِهِمَا (نُزِعَ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ (وَحُفِظَ) إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ ذُهُولٌ عَمَّا صَحَّحَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ كَمَا كَانَ لَكِنْ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِلْكُهُ وَمَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ

(فَرْعٌ دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ وَكُلٌّ) مِنْهُمْ (يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ فِي جَمِيعِهَا) وَلَا بَيِّنَةَ (إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ النِّصْفُ مِلْكِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِفُلَانٍ) الْغَائِبِ (وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٌ) أَوْ وَدِيعَةٌ (وَالثَّانِي كَذَلِكَ يَدَّعِي الْيَدَ فِي جَمِيعِهَا وَ) أَنَّ مَا (يَمْلِكُهُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْغَائِبِ) وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٌ أَوْ وَوَدِيعَةٌ (وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ وَيَقُولُ مِلْكِي) مِنْهَا (السُّدْسُ وَالْبَاقِي لِلْغَائِبِ) وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٌ (فَيَقِرُّ فِي يَدِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (الثُّلُثُ) وَتَبْقَى فِي الدَّارِ فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَتْ (لَكِنْ نِصْفُ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي السُّدْسِ لِلْغَائِبِ) بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ) مِنْهَا (مَا يَدَّعِيهِ) مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ (لَمْ يُعْطَ صَاحِبُ السُّدْسِ إلَّا السُّدْسَ) أَيْضًا وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ (وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بَيِّنَةً عَلَى مَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ حُكِمَ) لَهُ (بِهِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ فِيمَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ بَيِّنَةً وَيَدًا وَلِلْأَوَّلِ فِي الثُّلُثِ بَيِّنَةً وَيَدًا وَفِي السُّدْسِ الْبَاقِي بَيِّنَةٌ وَالْآخَرَانِ لَا يَدَّعِيَانَهُ وَلْيُصَوَّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَامَ مُدَّعِي النِّصْفِ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَى إقَامَتِهَا لِلسُّدُسِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بِيَدِهِ وَالْآخَرَانِ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَرْعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي احْتِيَاجِ الْآخَرَيْنِ إلَى بَيِّنَةٍ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُمَا وَهُمَا صَاحِبَا يَدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْكُلَّ كَمَا مَرَّ وَأَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً بِهِ لِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي بَعْضِهِ وَدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي بَعْضِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ لَكِنْ يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ بَيِّنَةٍ لِلثُّلُثِ الَّذِي بِيَدِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَيَجْرِي نَظِيرُهُ فِيمَا يَأْتِي.
(وَإِنْ ادَّعَى) شَخْصٌ (دَارًا وَآخَرُ ثُلُثَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ أَيْضًا) لَكِنْ لَا بِجِهَةِ التَّسَاقُطِ وَلَا بِجِهَةِ التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ
(فَرْعٌ) لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا فَالْبَيِّنَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْغَصْبُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ فَقَدْ أَقَرَّ هُوَ بِالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِهِ فَلَغَا إقْرَارَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَلَا غُرْمَ هَاهُنَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدَّعِيَاهُ لِنَفْسِهِمَا) يُصَدَّقُ بِأَنْ يُسْنِدَهَا صَاحِبُ الْيَدِ إلَى زَيْدٍ وَإِلَى مَنْ لَا تَمْكُنُ مُخَاصَمَتُهُ مِنْ مَجْهُولٍ وَنَحْوِهِ وَبِأَنْ يَنْفِيَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُسْنِدُهَا إلَى أَحَدٍ وَبِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَكْذِيبِ عَمْرو وَلَا يَنْفِيهَا عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ذُهُولٌ عَمَّا صَحَّحَاهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا إلَخْ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسْمِيَهُ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ كَمَا كَانَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَعَلَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَوْلَى بِالْإِبْقَاءِ فِي يَدِهِ فَتَأَمَّلْ غ وَكَتَبَ أَيْضًا يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا خَافَ الْحَاكِمُ ضَيَاعَهُ مِنْ بَقَائِهِ فِي يَدِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَاَلَّذِي يُتَخَيَّلُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَاكَ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَهُنَا لَمْ يَنْفِهِ عَنْ نَفْسِهِ صَرِيحًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ بِسَبَبٍ لَمْ يَعْرِفْهُ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَعْرِفْهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَهُوَ إذًا وَغَيْرُهُ فِي احْتِمَالِ هَذَا النِّصْفِ لَهُ سَوَاءٌ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ.

[فَرْعٌ دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ فِي جَمِيعِهَا وَلَا بَيِّنَةَ]
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى دَارًا وَآخَرُ ثُلُثَهَا إلَخْ) حَكَى الْبَنْدَنِيجِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ عَمْرو شَاةٌ فَادَّعَاهَا زَيْدٌ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ بِهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا قُضِيَ لِزَيْدٍ بِهَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَيَدًا وَلِعَمْرٍو بَيِّنَةً بِلَا يَدٍ وَإِنْ كَانَ قُضِيَ بِهَا لِعَمْرٍو لِعَدَالَةِ بَيِّنَتِهِ دُونَ بَيِّنَةِ زَيْدٍ أُقِرَّتْ بِيَدِ عَمْرٍو لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْفَاسِقَةَ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ أَعَادَتْ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ الثَّانِي عَلَى أَيْ وَجْهٍ وَقَعَ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَأَشْكَلَ الْحَالُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَنْقُضُ أَيْضًا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي تَرْجِيحُهُ وَلَوْ تَدَاعَيَا شَيْئًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمَا وَلَا خُصُومَةَ إلَّا أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِي وَإِنَّ هَذَا بِمَا نَعْنِي فَتُسْمَعُ فَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ تَعَارَضَتَا وَبَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ الْحَالِ لِيَتَّضِحَ عِنْدَهُ وَلِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ اُشْتُبِهَ الْأَمْرُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ وَذَكَرَ شُرَيْحٌ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فُلَانٌ الْحَاكِمُ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَهَلْ يَتَرَجَّحُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَجْهَانِ قَالَ وَذَكَرَ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِالْمِلْكِ لِفُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ الْآنَ لِفُلَانٍ فَهَذِهِ أَوْلَى لِأَنَّ حَرْفَ الْآنَ آخِرُ حَدِّ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَأَوَّلُ حَدِّ الزَّمَانِ الثَّانِي فَفِيهِ تَحْدِيدُ الْمِلْكِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْحَاكِمَ قَضَى لَهُ بِهَا وَلَمْ يُزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ سُلِّمْت لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِالْحُكْمِ فَيُسْتَصْحَبُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ زَوَالَهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَقَدْ قِيلَ الْحُكْمُ الْأَخِيرُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَوَّلَ اُسْتُصْحِبَ حُكْمُهُ إلَى وَقْتِ الْحُكْمِ الثَّانِي ثُمَّ ثَبَتَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِمُوجِبِ الْحُكْمِ الثَّانِي وَقِيلَ يَتَعَارَضُ الْحُكْمَانِ وَيَبْطُلَانِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ الشَّيْءَ مِلْكٌ وَادَّعَى خَصْمُهُ أَنَّهُ فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَوْلَى فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ فَالثَّانِي أَوْلَى بِهِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ قَالَ الْهَرَوِيُّ وَقَدَّمْت أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا قُطِعَ بِإِثْبَاتِ الْمَشْهُودِ

(4/408)


وَآخَرُ نِصْفَهَا وَآخَرُ ثُلُثَهَا وَهِيَ فِي يَدِ خَامِسٍ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ فَثُلُثٌ لَا يُعَارِضُ فِيهِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَالْبَاقِي يَقَعُ فِيهِ التَّعَارُضِ فَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ يَتَعَارَضُ فِيهِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَ) بَيِّنَةُ (مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ وَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ يَتَعَارَضُ فِيهِ بَيِّنَتُهُمَا وبَيِّنَةُ مُدَّعِي النِّصْفِ وَفِي الثُّلُثِ الْبَاقِي تَتَعَارَضُ الْبَيِّنَاتُ الْأَرْبَعُ فَيَسْقُطُ الْبَيِّنَاتُ فِي الثُّلُثَيْنِ) فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ يَمِينًا (وَيُسَلِّمُ الثُّلُثَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ جُعِلَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا) لِأَنَّهُمْ إنْ أَقَامُوا بَيِّنَاتٍ فَبَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ تُرَجَّحُ فِي الرُّبْعِ الَّذِي بِيَدِهِ بِالْيَدِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي الرُّبْعِ الَّذِي بِيَدِهِ فَإِذَا حَلَفُوا كَانَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا (وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (النِّصْفَ وَالثَّانِي الثُّلُثَ وَالثَّالِثُ السُّدْسَ أُعْطِيَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مَا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالثَّالِثُ الثُّلُثَ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثُ) بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ (وَلِمُدَّعِي الْكُلِّ أَيْضًا نِصْفُ الثُّلُثِ) الْبَاقِي بِبَيِّنَتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارِضَةِ (وَنِصْفُهُ) الْآخَرُ (يَسْقُطُ لِلتَّعَارُضِ) بَيْنَ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ (وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الثَّالِثِ) بِيَمِينِهِ

(فَصْلٌ وَإِنْ تَعَارَضَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (وَلِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ (يَدٌ) وَيُسَمَّى الدَّاخِلَ (قُضِيَ لَهُ) بِمَا ادَّعَاهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ بَيِّنَتِهِ لِتَرَجُّحِهَا بِالْيَدِ كَخَبَرَيْنِ مَعَ أَحَدِهِمَا قِيَاسًا وَإِنَّمَا لَمْ تُرَجَّحْ الْبَيِّنَةُ بِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ اللَّقِيطِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ بِخِلَافِ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ أَنْ تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ لِيَقْضِيَ لَهُ كَمَا فِي الْخَارِجِ (وَإِنَّمَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ مَعَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) لَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً وَتُسْمَعُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ لِأَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الزَّوَالِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى دَفْعِ الطَّاعِنِ عَنْهَا وَحَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ مَنْعَ إقَامَتِهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي إقَامَتِهَا دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الدَّاخِلِ بِتُهْمَةِ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعَهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْخَارِجِ الْبَيِّنَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِ التُّهْمَةِ قَالَ فَإِذَا أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ فَهَلْ يَحْتَاجُ الدَّاخِلُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ (وَتُسْمَعُ) بَيِّنَتُهُ (بَعْدَ الْحُكْمِ) لِلْخَارِجِ (وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ) لِلْمَالِ إلَيْهِ. (وَكَذَا) تُسْمَعُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ
(إنْ أَسْنَدَتْ) أَيْ الْمِلْكَ (إلَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاسْتِدَامَتِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى (وَاعْتَذَرَ) الدَّاخِلُ بِغَيْبَةِ (شُهُودِهِ) أَوْ نَحْوِهَا (وَتُقَدَّمُ) عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي الْحَالَيْنِ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ أَمَّا سَمَاعُهَا وَتَقْدِيمُهَا فِي الْأَوَّلِ فَلِبَقَاءِ الْيَدِ حِسًّا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْيَدَ إنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْنَدْ الْمِلْكُ إلَى مَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَأَسْنَدَتْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَذِرْ بِمَا مَرَّ (فَهُوَ) الْآنَ (مُدَّعٍ خَارِجٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (وَإِنْ قَالَ الْخَارِجُ) هُوَ (مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك) وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً (قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالِانْتِقَالِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً (فَالدَّاخِلُ) تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُقَدَّمٌ فَهُنَا أَوْلَى وَكَذَا لَوْ قَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي وَقَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِهِ فَكَأَنَّهُ خَامَرَ قَلْبَهُ رَيْبٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ بِإِثْبَاتِ الْمَشْهُودِ بِهِ

[فَصْلٌ تَعَارَضَتَا الْبَيِّنَتَانِ وَلِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ يَدٌ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ قُضِيَ لَهُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَقَضَى لِلَّذِي بِيَدِهِ» وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ كَالتَّصَرُّفِ وَالْحِسِّيَّةِ كَالْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَا سَبَبَ الْمِلْكِ أَوْ تُطْلَقَا وَلَا بَيْنَ إسْنَادِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِطْلَاقِهِمَا وَأَنْ يَتَّفِقَ السَّبَبَانِ أَوْ يَخْتَلِفَا وَبَيْنَ إسْنَادِهِ إلَى شَخْصَيْنِ وَكَذَا إلَى شَخْصٍ إذَا لَمْ يَسْبِقْ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ سَمَاعَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَعْدَ الْحُكْمِ) وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَتَكْفِيهِ هُنَا الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ وَمُرَجَّحٍ لِبَقَاءِ يَدِهِ.
(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ شُهُودِهِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ فِي الْبَهْجَةِ وَأَصْلِهَا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْعُذْرُ إنَّمَا يُطْلَبُ إذَا ظَهَرَ مِنْ صَاحِبِهِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ قُلْت وَلَعَلَّ ذِكْرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّصْوِيرِ دُونَ التَّقْيِيدِ ع وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ جَمَاعَةٌ فِي التَّصْوِيرِ وَعَلَى مُقْتَضَاهُ فَلَا يَنْبَغِي الْحَصْرُ فِيهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِأَنَّهَا تُسْمَعُ مِنْهُ مَعَ حُضُورِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ ر وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ وَإِنْ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ هُنَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ دَارًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً بِأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِلْكِهَا فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهَا لِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَيِّنَةٌ فَنَزْعُهَا مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَجَبَ أَنْ يَتَبَيَّنَ فَسَادُ حُكْمِهِ بِهَا لِعَمْرٍو لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً مَعَ يَدِهِ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ حَكَمَ بِهَا لَهُ لِعَدَالَةِ بَيِّنَتِهِ وَجَرْحِ بَيِّنَةِ زَيْدٍ فَإِنْ أَعَادَهَا بَعْدَ تَأَهُّلِهَا لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ أَقَامَ غَيْرَهَا حَكَمَ لَهُ بِالدَّارِ وَنَقَضَ الْحُكْمُ بِهَا لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجِ) مَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ زَوَالَ الْيَدِ مَعْلُومٌ وَقَدْ حَصَلَ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ فَالتَّرْجِيحُ حَاصِلٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ ر (قَوْلُهُ اشْتَرَيْته مِنْك) أَوْ اتَّهَبْته وَقَبَضْته أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالِانْتِقَالِ) فِي مَعْنَاهُ مَا إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَأَقْبَضَهُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ

(4/409)


(وَفِي قَوْلِ الدَّاخِلِ) لِلْخَارِجِ (اشْتَرَيْته مِنْك لَا تُنْزَعُ يَدُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ بَيِّنَتَهُ فَإِنْ قَالَ هِيَ غَائِبَةٌ اُنْتُزِعَ) الْمَالُ (فَإِنْ بَانَ عَدَمُهَا اُسْتُرِدَّ) قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ إلَى هُنَا سَهْوٌ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي قَوْلِهِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْك لَا يُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِ بَيِّنَتِهِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فَالتَّأْخِيرُ إلَى إقَامَتِهَا سَهْلٌ فَلَا مَعْنَى لِلِانْتِزَاعِ وَالرَّدِّ فَإِنْ قَالَ هِيَ غَائِبَةٌ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ أَثْبَتَ مَا يَدَّعِيهِ اُسْتُرِدَّ قَالَ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا فَقَالَ الْخَصْمُ أَبْرَأَنِي مِنْهُ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لَا يُلْزَمُ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ إقَامَتِهَا (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الشِّرَاءَ مِنْ الْآخَرِ وَأَقَامَ) بِهِ (بَيِّنَةً وَجَهِلَ التَّارِيخَ قُدِّمَ الدَّاخِلُ) لِانْفِرَادِهِ بِالْيَدِ

(فَصْلٌ مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مَنْ أَقَرَّ (بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا إنْ ادَّعَى انْتِقَالًا) لَهَا (مِنْهُ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيُسْتَصْحَبُ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ (بِخِلَافِ مَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَتِهِ) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ انْتِقَالًا كَالْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَأَضَافَتْهُ إلَى سَبَبٍ يَتَعَلَّقُ بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ صَدَرَا مِنْهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَتُقَدَّمُ) عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (بَيِّنَةُ خَارِجٍ قَالَ) لَهُ (غَصَبْتهَا مِنِّي أَوْ أَجَّرْتُكَهَا) أَوْ أَوْدَعْتُكهَا لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ اُنْتُزِعَتْ مِنْ دَاخِلٍ) لَا بَيِّنَةَ لَهُ حَاضِرَةً وَقَدْ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا (ثُمَّ جَاءَ) الدَّاخِلُ (بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ) كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فَانْتِزَاعُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ لَا تُسْمَعَ) عِبَارَةُ الْمُهِمَّاتِ وَالصَّحِيحُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ عَدَمُ سَمَاعِهَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ لَا كَالْبَيِّنَةِ انْتَهَى وَتُقَدَّمُ ثُمَّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ مَا هُنَا وَالْأَوْجَهُ مَا هُنَاكَ وَمَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ.
(وَلَوْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً) عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ بِحِينٍ بَدَلَ حَتَّى وَبِإِقَامِهَا بَدَلَ بَانَ عَدَمُهَا وَمَعْنَاهَا وَاضِحٌ وَحِينَئِذٍ (فَاعِلُ قَالَ) وَأَقَامَهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الدَّاخِلِ وَقَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ بِحِينٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ) لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لِلْخَارِجِ (قَوْلُهُ وَجَهِلَ التَّارِيخَ قُدِّمَ الدَّاخِلُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ ظَهَرَ التَّارِيخُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى

[فَصْلٌ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ]
(قَوْلُهُ إلَّا إنْ ادَّعَى انْتِقَالًا لَهَا مِنْهُ) هَلْ يَكْفِي فِي دَعْوَى الِانْتِقَالِ أَنْ يَقُولَ انْتَقَلَ إلَيَّ مِنْهُ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُشْبِهُ تَخْرِيجَهُ عَلَى مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ إنْسَانٍ وَقَدْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ بِمِلْكِهَا فَجَاءَ خَارِجٌ وَادَّعَى انْتِقَالَ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْهُ وَشَهِدُوا عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَفْتَى فُقَهَاءُ هَمْدَانَ فِيهَا بِالسَّمَاعِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ السَّبَبَ وَرَأَيْت فَتْوَى الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ بِخَطِّهِمَا بِذَلِكَ قَالَ وَمَيْلِي إلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يُبَيِّنُوهُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ر غ وَكَتَبَ أَيْضًا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْهِبَةِ عَنْ النَّصِّ لَوْ قَالَ وَهِبَتُهُ لَهُ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهَا بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ وَحَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ الْبَغَوِيّ فَلَوْ قَالَ هُوَ مِلْكُهُ وَلَمْ يُنْسِبْهُ إلَى هِبَةٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ إقْرَارِي عَنْ هِبَةٍ لَمْ تُقْبَضْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْأَبِ فِي عَيْنٍ أَنَّهَا مِلْكُ وَلَدِهِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ عَنْ هِبَةٍ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْجَحِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَاصِلٌ لِلْوَلَدِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَحَلَّفُوهُ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ.
وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَالَ بِثَمَنِهِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَالُوا إنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَهَا الْمُتَعَاقِدَانِ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِدُخُولِهِمَا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْأَرْجَحُ يُقِيمُهَا مَنْ ذَكَرَ عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلِ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّقْيِيدُ بِالْبَيِّنَةِ يُشْعِرُ بِسَمَاعِ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بِعْته وَأَنَا لَا أَمْلِكُهُ ثُمَّ مَلَكْته بِالْإِرْثِ مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ قَالَ حِينَ بَاعَ هُوَ مِلْكِي لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِعْتُك سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُهُ قَالَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ وَقْفٌ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَمَا سَبَقَ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِانْتِقَالُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ وَهِبَتُهُ لَهُ وَمَلَكَهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَقَدَ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ (قَوْلُهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ انْتِقَالًا وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَفَائِدَةُ سَمَاعِهَا: مُعَارَضَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ الْعَيْنُ بِهَا وَرُجُوعُهَا إلَى يَدِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ بَعْدَهُ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِنَاءً عَلَى تَقَدُّمِ الدَّاخِلِ.
(قَوْلُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ) وَكَمَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بَعْدَ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْدَعْتُكهَا) أَوْ أَعَرْتُكهَا (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عَمَلِهَا بِمَا ذَكَرَ) لِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ أَنْ لَا تُسْمَعَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا مُفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَنَكَلَ الدَّاخِلُ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ جَاءَ الدَّاخِلُ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ اهـ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَيَانِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ زَالَ الْآنَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَةٍ لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ زَالَ عَنْهُ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ

(4/410)


(بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ بِشَاتَيْنِ وَفِي يَدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (شَاةٌ قُضِيَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بِمَا فِي يَدِهِ) لِاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ (وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَلَا تُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَوَرُّعِهِمْ) أَوْ فِقْهِهِمْ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ لِلشَّهَادَةِ نِصَابًا فَيُتَّبَعُ وَلَا ضَابِطَ لِلرِّوَايَةِ فَيُعْمَلُ بِأَرْجَحِ الظَّنَّيْنِ (وَلَا) يُرَجَّحُ (رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بَلْ) يُرَجَّحَانِ (عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَبْعَدُ عَنْ تُهْمَةِ الْحَالِفِ بِالْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) مَعَهُمْ الْأَوْلَى مَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا (يَدٌ فَيُرَجَّحُ) أَيْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ (عَلَى الرَّجُلَيْنِ) .
وَقَوْلُهُ وَلَا يُرَجَّحُ إلَى آخِرِهِ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَتُرَجَّحُ) إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ (بِسَبْقِ التَّارِيخِ) مِنْهَا بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ (فِي نِكَاحٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ عَقْدٍ وَمِلْكٍ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ أَكْثَرَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ بِلَا مُعَارَضَةٍ وَفِي وَقْتٍ بِمُعَارَضَةٍ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي الثَّانِي وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا فِي الْأَوَّلِ وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمُتَقَدِّمِ يَمْنَعُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا عَنْهُ وَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا وَصَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ بِمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ مَعَ ذَلِكَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ (وَسَوَاءٌ) فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ (اشْتَرَيَا مِنْ شَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ فَلَوْ أَطْلَقَتْ أَحَدَاهُمَا) الْمِلْكَ (وَبَيَّنَتْ الْأُخْرَى سَبَبَ الْمِلْكِ) مِنْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ أَنَّهُ زَرَعَ الْأَرْضَ) الْمُدَّعَاةَ بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ الْأَرْضَ لَهُ زَرْعُهَا (أَوْ أَنَّ الثَّمَرَ وَالْحِنْطَةَ مِنْ شَجَرِهِ وَبَذْرِهِ قُدِّمَتْ عَلَى الْمُطْلَقَةِ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَلِإِثْبَاتِهَا ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ لِصَاحِبِهَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ:
(وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ) لِأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِيهَا وَيَبْقَى مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الْيَدُ وَمِنْ الْآخَرِ الْمِلْكُ السَّابِقُ وَالْيَدُ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُزَالُ بِهَا فَلَوْ كَانَتْ سَابِقَةُ التَّارِيخِ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةٌ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ قُدِّمَتْ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَد عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرْتِيبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَكَثِيرٌ تَقْدِيمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ قَوِيُّ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا تَقْدِيمُ سَابِقَةِ التَّارِيخِ حِينَئِذٍ (وَالْمُؤَرَّخَةُ كَالْمُطْلَقَةِ) فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَلْ تُسَاوِيهَا لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ لَوْ بُحِثَ عَنْهَا نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْحَقِّ وَالْأُخْرَى بِالْإِبْرَاءِ أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى قُدِّمْت بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ

(فَصْلٌ لَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ لِأَحَدٍ (بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَمْسِ لَمْ تُسْمَعْ) كَمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ وَبِمُعَارَضَةِ السَّبْقِ الْيَدِ الدَّالَّةِ عَلَى الِانْتِقَالِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ ظَنُّ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لَهُ بِمِلْكِهِ أَمْسِ (حَتَّى تَشْهَدَ) لَهُ (بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ تَقُولُ لَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا) أَوْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ وَأَمَّا مَا يُصَحِّحُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَلَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَصَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدِّمُ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ) قَالَ الكوهكيلوني هَلْ تُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَلَى الْمَضِيفَةِ أَوْ يَعْكِسُ وَهَلْ تُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ يَعْكِسُ وَهَلْ تُقَدَّمُ الْمَضِيفَةُ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ يَعْكِسُ (قَوْلُهُ فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِانْتِقَالِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مِنْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَلِأَنَّ الثَّانِي اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ مَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِأَنَّ الْيَدَ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لِلْأَوَّلِ وَيَدُ الثَّانِي حَادِثَةٌ عَلَيْهَا فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْقَى الْعَقْدَانِ فَيُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْيَدَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا نَعْمَلُ بِهَا وَنُقَدِّمُهَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ حُدُوثَهَا فَإِنْ عَلِمْنَا فَالْيَدُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأَوْلَى فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ مَعَهَا مُرَجِّحًا وَهُوَ الْيَدُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَسَلَّمَهُ ثَمَنَهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَسْبَقُ تَارِيخًا سُلِّمَتْ لَهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ادَّعَى بِأَنَّ أَبَاهُ خَلَفَ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ وَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمَيِّتِ بِأَنَّهُ عَوَّضَهَا لَهَا عَنْ صَدَاقِهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ بَيِّنَتَهَا أَوْلَى لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ قَالَ الدَّاخِلُ هُوَ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي وَقَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمُ سَابِقَةِ التَّارِيخِ حِينَئِذٍ) أَيْ قَطْعًا وَقَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ نَسَبَ الْعَقْدَيْنِ إلَى وَاحِدٍ فَالسَّابِقُ أَوْلَى لَا مَحَالَهْ غ.
(قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ وَأَقَرَّ الْمُقِرّ لَهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُقِرّ دَيْنًا وَلَا بَقِيَّةً مِنْ دَيْنٍ وَالْإِقْرَارُ أَنَّ جَمِيعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ أَيُّهُمَا قَبْلُ فَبِأَيِّهِمَا يَعْمَلُ وَهَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ يَحْكُمُ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ الْمُثْبَتِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِهِ أَصْلُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ إذْ لَوْلَاهُ لَجَعَلَنَا إقْرَارَ الْمُقَرِّ لَهُ تَكْذِيبًا لِلْمُقِرِّ وَلَا يُصَارُ إلَى ذَلِكَ بِالِاحْتِمَالِ وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الشَّغْلِ وَالْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ الْإِقْرَارَيْنِ مَعًا فَلَا يُصَارُ إلَى تَصْدِيقِهِمَا بِتَقْدِيرِ تَأَخُّرِ الْإِقْرَارِ النَّافِي عَنْ الْإِقْرَارِ الْمُثْبَتِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِ طَرَيَان الْبَرَاءَةِ وَالْإِسْقَاطِ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ أَصْلَ الشَّغْلِ بِاحْتِمَالِ تَعَقُّبِ الْمُسْقَطِ فَيَتَعَيَّنُ تَصْدِيقُهُمَا فِي وُقُوعِ الْإِقْرَارِ النَّافِي قَبْلَ إقْرَارِ الْمُثْبِتِ وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا فَذَاكَ مَقُولٌ

[فَصْلٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدٍ بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَمْسِ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ حَتَّى تَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ) لَوْ شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الْمَمْلُوكَ وَضَعَتْهُ أَمَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ

(4/411)


الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْيَدِ أَمْسِ فَسَيَأْتِي آخِرُ الْفَصْلِ (وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ) لَهُ (بِالْمِلِكِ فِي الْحَالِ اسْتِصْحَابًا) لِحُكْمِ مَا عَرَفَهُ كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ (وَلَا يُصَرِّحُ) فِي شَهَادَتِهِ (بِالِاسْتِصْحَابِ) فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ بِامْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا كَلَامٌ وَأَنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَنْ مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِ الِاسْتِصْحَابِ تَرَدُّدٍ (وَيُسْمَعُ) قَوْلُهُ هُوَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ (اشْتَرَاهُ) مِنْ خَصْمِهِ أَمْسِ (أَوْ أَقَرَّ) لَهُ (بِهِ أَمْسِ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ (وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (وَيَحْلِفُ مَعَ قَوْلِهِمْ) أَيْ الشُّهُودُ فِيمَا مَرَّ (لَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا) لَا مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْخَصْمَ غَاصِبٌ أَوْ نَحْوُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجْهُ الْحَلِفِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِإِسْقَاطٍ مَا مَعَ الْخَصْمِ مِنْ الظَّاهِرِ فَأُضِيفَ إلَيْهَا الْيَمِينُ.
(فَإِنْ قَالَ) الشَّاهِدُ (لَا أَدْرِي أَزَالَ مِلْكَهُ أَمْ لَا لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُرْتَابٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَحُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِدَامَةٌ لِحُكْمِ الْإِقْرَارِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَقَارِير وَفَارِقٌ مَا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ أَمْسِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِإِقْرَارٍ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ يَقِينِيٍّ تَحْقِيقِيٍّ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ثُمَّ يُسْتَصْحَبُ وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ تَخْمِينِيٍّ فَإِذَا لَمْ يَنْضَمْ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ لَمْ يُؤَثِّرْ قَالَ الْإِمَامُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَمْسِ مِنْ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَصْمِ وَالْإِقْرَارِ مِنْهُ مِمَّا يُعْرَفُ يَقِينًا وَلَيْسَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِالشِّرَاءِ أَمْسِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ لِأَنَّ نَفْسَ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى ذِي الْيَدِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (الْخَصْمُ كَانَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ (مِلْكُك أَمْسِ وَأَخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ فَتُنْزَعُ) مِنْهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا أَمْسِ وَفَارَقَتْ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكُهُ أَمْسِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ وَالشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ قَدْ يَتَسَاهَلُ وَيَعْتَمِدُ تَخْمِينً فَإِذَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْجَزْمُ فِي الْحَالِ ضُعِّفَ (أَوْ) قَالَ لَهُ كَانَتْ (فِي يَدِك أَمْسِ فَلَا) يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْيَدَ قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَقَّةٌ وَقَدْ لَا تَكُونُ فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً أَخَذْنَا بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا الِاسْتِصْحَابُ فَإِذَا زَالَتْ ضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
(وَلَوْ شَهِدَتْ) أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ (بِيَدِهِ أَمْسِ اُشْتُرِطَ أَنْ تَقُولَ) مَعَ ذَلِكَ (فَأَخَذَهُ الْخَصْمُ مِنْهُ) أَوْ نَحْوُهُ كَغَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ قَهَرَهُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي وَيُجْعَلُ صَاحِبُ يَدٍ وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ دَارًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ وَالْغَصْبُ وَيَلْغُو إقْرَارُ الْغَاصِبِ لِغَيْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

(فَصْلُ الْبَيِّنَةُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْمُطْلَقَةُ (تُظْهِرُ الْمِلْكَ) لَهُ (وَلَا تُوجِبَهُ فَيَجِبُ) لِصِدْقِهَا (تَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا) وَلَوْ (بِلَحْظَةٍ) لَطِيفَةٍ (فَلَوْ شَهِدَتْ) لَهُ (بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ) الْمَوْجُودَ عِنْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
هَذِهِ الثَّمَرَةَ أَثْمَرَتْهَا نَخْلَتُهُ فِي مِلْكِهِ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ أَنَّ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضِهِ أَوْ الْآجُرَّ مِنْ طِينِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا كَانَ عَبْدَهُ وَأَعْتَقَهُ وَفَرَّقُوا بِفَرْقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَاكَ بِمِلْكٍ مَقْصُودٍ غَيْرُ تَابِعٍ لِغَيْرِهِ وَلِهَذَا لَمْ تُقْبَلْ بِمِلْكٍ كَانَ حَتَّى يَصِلَ ذَلِكَ بِحَالَةِ التَّنَازُعِ وَهَاهُنَا لِشَهَادَةٍ بِالتَّبَعِ وَالْأَصْلُ مِلْكٌ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْحَالِ فَثَبَتَتْ الثِّمَارُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ النَّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ لَمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِمَا مِلْكٌ صَارَ فِي حُكْمِ تَمَلُّكِهِمَا أَصْلًا وَثَمَّ الْمِلْكُ لَمَّا تَقَدَّمَ فِيهِ مَالِكٌ صَارَ فِي مِلْكِهِ فَرْعًا وَحُكْمُ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ مَا عَرَفَهُ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِاعْتِمَادِ الِاسْتِصْحَابِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْيَسَارِ (قَوْلُهُ كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهِبِ وَنَحْوِهِمْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْهُ بِالْمِلْكِ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ إلَى مُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ مَعَ جَهْلِهِ بِمِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُوَرِّثِ وَنَحْوِهِمْ فَاعْلَمْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى تَحْقِيقٍ) وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُؤَاخِذْهُ بِهِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْأَقَارِير (قَوْلُهُ وَعَنْ النَّصِّ أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) قَالَ الْهَرَوِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ

[فَصْلُ الْبَيِّنَةُ]
(فَصْلٌ الْبَيِّنَةُ تُظْهِرُ الْمِلْكَ وَلَا تُوجِبَهُ) (قَوْلُهُ فَيَجِبُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا) وَلَوْ بِلَحْظَةٍ حُكِيَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ تَقَدُّمُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ عَلَيْهَا وَمُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لَهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمِلْكِ قُبَيْلَ الدَّعْوَى لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا تَقَدُّمَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُنْشِئُ الْمِلْكَ وَإِلَّا لَكَانَ الْحُكْمُ مُرَتَّبًا عَلَى دَعْوَى لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهَا وَلَا وَافَقَتْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَاهُ وُجُودَ الْمِلْكِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَبْلَهَا فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِالْمِلْكِ إلَّا قُبَيْلَ الشَّهَادَةِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَا لَمْ تَضْمَنْهُ الدَّعْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْمَعَ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ سَلَكُوا فِيهِ طَرِيقَ التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ تَضَمُّنُ شَهَادَتِهِمْ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي أَكْثَرِ مِنْ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَاحْتِمَالُ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُنْكَرُ وَهُوَ الْكَافِي فِي سَمَاعِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا سَمَاعُ الشَّهَادَةِ انْتِظَامُهَا وَإِمْكَانُهَا ظَاهِرٌ إلَّا مُوَافَقَتَهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقَامُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَيَتَعَذَّرُ عِنْدَ طَلَبِهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ كَأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْمِلْكِ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْضًا فَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى.
(قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الْحَمْلَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ إقَامَتِهَا) وَلَوْ انْفَصَلَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا بِمِلْكِ بَهِيمَةٍ حَامِلٍ أَوْ نَخْلَةٍ قُبَيْلَ اطِّلَاعِهَا ثُمَّ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ وَضَعَتْ فِيهَا الْبَهِيمَةُ أَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ التَّحْلِيفُ لِأَسْبَابٍ كَالسَّعْيِ فِي إكْمَال الْبَيِّنَةِ ثُمَّ لَمْ يَتَّفِقْ إكْمَالُهَا أَوْ غِيبَةِ الْقَاضِي أَوْ مَرَضِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ يَحْلِفُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْعَيْنِ فَهَلْ نَقُولُ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْ حِينِ أَدَاءِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ حَتَّى تَكُونَ الْفَوَائِدُ الْحَادِثَةُ بَعْدَهَا لَهُ أَوْ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ وَيَكُونُ مَا حَدَثَ قَبْلَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِمَ يَقَعُ

(4/412)


إقَامَتِهَا تَبَعًا لِلْأُمِّ كَمَا فِي الْعُقُودِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْفِصَالُهُ مِنْهُ بِوَصِيَّةٍ (لَا النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ) الظَّاهِرَةَ وَسَائِرًا لِزَوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ عِنْدَ إقَامَتِهَا بَلْ تَبْقَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ) لِغَيْرِهِ (بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ غَيْرُ مُؤَرَّخَةٍ (رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) بِالثَّمَنِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْتِقَالُهُ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهِ مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حُكِمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ وَقِيلَ لَا رُجُوعَ بِذَلِكَ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَالْأَوَّلُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةِ كُلُّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ وَهَذَا مُحَالٌ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ (وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) لِغَيْرِهِ (وَانْتُزِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي) الثَّانِي (رَجَعَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى بَائِعِهِ) فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِ بَائِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِبَائِعِهِ وَفُهِمَ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ مُطْلَقَةٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْحُجَّةِ الْمُؤَرَّخَةِ بِزَمَنِ الشِّرَاءِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يُنْزَعْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ إذْ إقْرَارُهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا بِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ ادَّعَى مِلْكًا وَذَكَرَ سَبَبَهُ فَشَهِدُوا بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ لَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالتَّابِعِ (لَكِنْ لَا تَرْجِيحَ) لِلْبَيِّنَةِ (بِالسَّبَبِ) لِوُقُوعِهِ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ وَالِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهِ (حَتَّى يَدَّعِيَ) الْمُدَّعِي (الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَيَشْهَدُونَ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَ) فِي دَعْوَاهُ (سَبَبًا) لِلْمِلْكِ (وَذَكَرُوا) سَبَبًا (غَيْرِهِ رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمْ لِلتَّنَاقُضِ (وَلَوْ شَهِدُوا بِانْتِقَالِ مِلْكٍ مِنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ لَمْ يُبَيِّنُوهُ فَفِي سَمَاعِهَا خِلَافٌ) قِيلَ تُسْمَعُ كَمَا لَوْ بَيَّنُوا السَّبَبَ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ أَسْبَابَ الِانْتِقَالِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ فُلَانًا وَارِثُ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ تُبَيَّنْ جِهَةُ الْإِرْثِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ السَّبَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ السَّمَاعُ هُنَا

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ الدَّارِ) مَثَلًا (أَوْ) فِي (قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي قَدْرِهِمَا) وَلَا بَيِّنَةَ (تَحَالَفَا وَفُسِخَ) الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّحَالُفِ (وَسَلَّمَ) الْمُكْتَرِي (أُجْرَةَ) مِثْلِ (مَا سَكَنَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِالشَّهَادَةِ أَوْ بِالْيَمِينِ أَوْ بِهِمَا وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَالثَّمَرَةَ الظَّاهِرَةَ) قَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ لِكَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَوْ بِالنُّورِ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرَةِ فَاسْتَحَقَّهَا مُقِيمُ الْبَيِّنَةِ بِمِلْكِ الشَّجَرَةِ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ شَاهِدٌ لَهُ ثُمَّ حَكَى تَعْبِيرَ النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ وَثَمَرَتُهَا بَادِيَةٌ وَإِنْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَا تَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَفِي الْمَطْلَبِ الْمُرَادُ بِالْبَادِيَةِ الْمُؤَبَّرَةُ لِأَنَّهَا لَا تُتْبَعُ فِي الْبَيْعِ فَفِي الشَّهَادَةِ أَوْلَى. اهـ. وَقَوْلُهُ قَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِينَ وَشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَخْذُهُ لِلْمَذْكُورَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَدْعَاةَ أَصَالَةٍ، وَلَا جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ فَصَحَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ ش.
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ إلَخْ) قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي) أَوْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي الْمَرْدُودَةِ (وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يُنْزَعْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي) أَيْ الصَّرِيحِ أَوْ الضِّمْنِيّ كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ التَّعَرُّضُ لِلسَّبَبِ بَلْ لَوْ شَهِدَا بِدَيْنٍ أَوْ مِلْكٍ ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا سَبَبَهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُثْبِتَةِ لِلدَّيْنِ وَالْمِلْكِ وَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدَانِ يَظُنَّانِ مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا لَهُمَا وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِكَثْرَةِ أَسْبَابٍ لِلْمِلْكِ وَالدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدُ ذِكْرَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذِكْرُ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَنَاقَضَ فِيهِ) فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَتْ مُنَاقِضَةً لِلدَّعْوَى وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ بِأَنَّهَا تُسْمَعُ وَلَا يَكُونُ مَا صَدَرَ مِنْهُ قَادِحًا فِيهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ إذَا غَيَّرَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ فَزَادَ فِيهَا أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا نَصٌّ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِ فَقَدْ يَشْهَدُ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ فَلَا يُؤْثِرُ فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ وَيَشْهَدُونَ بِهِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ ذِكْرَهُمْ السَّبَبِ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ هَؤُلَاءِ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَوَائِدِ الْحَادِثَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الدَّعْوَى وَيَذْكُرَ السَّبَبَ ثُمَّ يَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ السَّمَاعُ هُنَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاضِحٌ

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعُقُودِ) (قَوْلُهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا اكْتَرَى مِنْ الدَّار إلَخْ) إذَا اخْتَلَفَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي فِي الرِّفَافِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مُتَّصِلٍ كَالْأَبْوَابِ وَالتَّأْزِيرَاتِ وَالسَّلَالِمِ الْمُسَمَّرَةِ وَمَا لَا يَتَّصِلُ بِالدَّارِ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُكْتَرِي لِيَدِهِ وَأَمَّا الرِّفَافُ غَيْرُ الْمُسَمَّرَةِ أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالسَّلَالِمِ الْمُنْفَصِلَةِ وَإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْعُرْفُ فِيهِ مُضْطَرِبٌ وَالْيَدُ فِيهِ مُشْتَرَكَةٌ قَالَهُ شُرَيْحٌ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقُمَاشِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُكْرِيَ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الدَّارِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُكْتَرِي لَا يَتْرُكُ قُمَاشَهُ فِيهَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَرْكِ الرِّفَافِ وَتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُكْتَرِي وَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُكْتَرِي نَصَبَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ فَيَتَعَارَضُ الْأَمْرَانِ فَقُلْنَا يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ تَكُونُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجِيءُ أَنْ يُقَالَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا وَرُبَّمَا يَنْصِبُ السَّاكِنُ الرِّفَافَ بِالْمِسْمَارِ أَيْضًا وَقَدْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ اهـ

(4/413)


فِي الدَّارِ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ بِهَا (وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) لِتَكَاذُبِهِمَا فَتَسَاقَطَتَا (ثُمَّ تَحَالَفَا) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَثْبُتُ الْأَلْفَانِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ وَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ التَّارِيخُ بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّارِيخُ) بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّ كَذَا مُكْرًى سَنَةً مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَالْأُخْرَى بِأَنَّ كَذَا مُكْرِيٍّ سِنَةٌ مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا لِأَنَّ الْعَقْدَ السَّابِقَ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَكْثَرِ صَحَّ وَلَغَا الْعَقْدُ عَلَى الْأَقَلِّ بَعْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الثَّانِي فِي الْأَقَلِّ دُونَ الْبَاقِي (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ) لَمْ يَجْرِ إلَّا (عَقْدًا وَاحِدًا) فَتَتَعَارَضَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا وَتَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ الدَّارُ (مِنْهُ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ وَطَالَبَ بِتَسْلِيمِهَا) لَهُ (فَأَقَرَّ لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ أَقَامَ) أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ أَقَامَاهُمَا وَبَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ) تَارِيخًا (سُلِّمْت لَهُ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي (وَطَالَبَهُ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ) جَوَازًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ (وَلَا يُحَلِّفُهُ) لِتَغْرِيمِ الْعَيْنِ بِنَاءً فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ دَعْوَاهُ أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ انْفَسَخَ بِتَفْوِيتِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلَأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ الدَّارَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِمُطَالَبَةِ الْآخَرِ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (تَعَارَضَتَا) بِأَنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَاسْتَمَرَّ الثَّالِثُ عَلَى التَّكْذِيبِ (حَلِفَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَدَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ (وَلَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ) مِنْهُ إذْ لَا تَعَارُضَ فِيهِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا شَهِدَتْ بِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي الدَّارِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَسَقَطَتَا فِيهَا دُونَ الثَّمَنِ (لَا إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ) فَلَيْسَ لَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَمَنْ شَهِدَتْ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِالْمِلْكِ) فِي الْمُدَّعَى (لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ) دُونَ الْأُخْرَى (قُدِّمَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى سَابِقَةً لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَالْأُخْرَى لَا تُوجِبُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَحَدُهُمَا) لِمَنْ بِيَدِهِ دَارٌ (اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَ) قَالَ (الْآخَرُ) اشْتَرَيْتهَا (مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهِيَ مِلْكُهُ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى مَالًا بِيَدِ شَخْصٍ وَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) إذْ الزِّيَادَةُ الْمُرَجَّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ مَا فِيهِ التَّنَافِي كَإِسْنَادٍ إلَى سَبَبٍ وَسَبْقٍ وَانْتِقَالٍ عَنْ اسْتِصْحَابِ أَصْلٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا قَالَهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ إنَّمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ مُقَدَّمَةٌ وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا التَّخْرِيجُ فَيُقَالُ لَوْ قُلْنَا بِهِ لَزِمَ كَثْرَةُ التَّقْدِيرِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِهِ إذَا قَلَّ تَجْوِيزُهُ إذَا كَثُرَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا فَتَارَةً يَتَعَرَّضَانِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَتَارَةً لَا يَتَعَرَّضَانِ لِاخْتِلَافٍ وَلَا اتِّفَاقَ وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا قُلْنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفِقًا فَلِمَ عَيَّنْت احْتِمَالَ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرَ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ قُلْنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ هُوَ تَارِيخُ الْمُؤَرَّخَةِ وَقَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَنَافٍ ثَبَتَ أَكْثَرُ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ قُلْنَا هَذَا رُجُوعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ الَّذِي هُوَ خِلَافُ النَّصِّ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصْدِرْ الْمُتَأَخِّرُ حَالَةَ الْخِيَارِ فَإِنْ صَدَرَ فِي الْخِيَارِ فُسِخَ الْأَوَّلُ وَكَانَ هُوَ صَحِيحًا فَإِنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي لِذَلِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَيُقْضَى لِلْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَلَكِنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ حَالُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

[فَرْعٌ شِرَاء الدَّار الْمُخْتَلَفُ فِي مِلْكِيَّتِهَا]
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا) وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا جَمِيعًا جُعِلَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا مَبِيعًا لِكُلٍّ نِصْفُهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ إنْ صَدَّقَاهُ عَلَى قَدْرِهِ فَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَّفَاهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا تَرَجَّحَتْ يَدُهُ أَوْ فِي يَدِهِمَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ نَائِبَةً عَنْ الْبَائِعِ أَوْ عَنْ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ عَنْهُمَا كَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ غَيْرَ نَائِبَةٍ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ لِنِسْبَتِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تُوجِبُ بَيِّنَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتِزَاعَ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ بَيْعَ غَيْرِهِ لَهَا لَا يَجْعَلُهُ مَالِكًا لَهَا وَلَا مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِهَا لِذِي الْيَدِ أَيْضًا بَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ لِأَجَلِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا حُكِمَ بِإِبْطَالِ الْبَيْعَيْنِ وَأَخْذِ الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى هَذَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَإِنْ عَارَضَهَا ذُو الْيَدِ بِبَيِّنَتِهِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا رُفِعَتْ يَدُهُ وَثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مِلْكَهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ فِي إحْدَى السَّنَتَيْنِ حُكِمَ بِالْبَيْعِ لِمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْبَيْعِ وَالْمِلْكِ دُونَ الْآخَرِ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَبَطَلَ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْمِلْكِ وَالْبَيْعِ ثَبَتَ حُكْمُ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ تَعَارَضَتَا) وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا

(4/414)


وَهُوَ مِلْكُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ) أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي (اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ تَسَلَّمْتُهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ كَالشَّهَادَةِ) يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ اشْتَرَاهَا وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ (لَا) فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ (مِنْ ذِي يَدٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ.
(وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ لِلْمُدَّعِي فِيمَا ذَكَرَ (بِأَنَّهُ بَاعَهُ) مَا ادَّعَاهُ (وَآخَرَانِ أَنَّ الْبَائِعَ) كَانَ (يَمْلِكُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْبَيْعِ (جَازَ وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً (بِالشِّرَاءِ) لِلدَّارِ مِنْ مَالِكٍ لَهَا (وَ) أَقَامَ (آخَرُ) بَيِّنَةً (بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُثْبِتِ) الْأَوَّلِ (كَفَى) فِي شَهَادَتِهِ بَيِّنَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُثْبِتِ الْأَوَّلِ وَأَنْتَ تَمْلِكُهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامُهُ كَمَا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَهُ لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَالْيَدِ (وَحُكِمَ لِلْآخَرِ) بِبَيِّنَتِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذِي الْيَدِ بِعْتُكهَا) بِكَذَا (وَهِيَ مِلْكِي فَأَدِّ الثَّمَنَ فَأَقَرَّ لَهُمَا) بِمَا ادَّعَيَاهُ (أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِهَا مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسِعَهُ مَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا إقْرَارَ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ (أَوْ لَمْ يَمْضِ) بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ) مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدِ الثَّانِي (لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ) لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَلَوْ حَذَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ وَأَخَّرَ تَعَارَضَتَا عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْضَحُ وَأَخْصَرُ (وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ) فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ فَلَا يَلْزَمَانِهِ لِلتَّعَارُضِ.
(وَلَوْ شَهِدَا) عَلَيْهِ (بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَتْلِ فِي وَقْتٍ وَ) شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ (الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ سَاكِتًا) فِيهِ لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا (تَعَارَضَتَا) بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ) لِسَيِّدِهِ (أَعْتَقَتْنِي وَقَالَ الْآخَرُ بِعْتنِيهِ) بِكَذَا (فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا) بِمَا ادَّعَاهُ (لَمْ يُحَلِّفْهُ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَإِقْرَارُهُ إتْلَافٌ مِنْهُ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى إتْلَافِ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ نَعَمْ إنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا يَنْفُذُ فِيهِ عِتْقُ الْبَائِعِ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ لَقُبِلَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِيهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ التَّصْوِيرُ بِالْعِتْقِ بَلْ سَائِرِ أَسْبَابِهِ مِنْ تَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَذَلِكَ (وَلِمُسَلِّمِ الثَّمَنِ) بِدَعْوَاهُ وَهُوَ الْآخَرُ (طَلَبُهُ) أَيْ الثَّمَنِ مِنْهُ فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ يَمِينًا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (قُدِّمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا تَارِيخًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا (تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ) وَالْإِرْثِ لَوْ (مَاتَ نَصْرَانِيٌّ) أَيْ رَجُلٌ عُرِفَ تَنَصُّرُهُ عَنْ أَبْنَاءٍ (وَفِي أَبْنَائِهِ مُسْلِمٌ فَادَّعَى إسْلَامَهُ) أَيْ إسْلَامُ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَرِثَهُ وَأَنْكَرَ الْبَاقُونَ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ (فَإِنْ قَامَتْ) بِذَلِكَ (بَيِّنَتَانِ) مُطْلَقَتَانِ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ لَهَا (كَمَا لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ وَارِثٍ) أَقَامَهَا (بِتَرِكَةٍ ادَّعَاهَا) إرْثًا (وَ) بَيِّنَةُ (زَوْجَةٍ) لِلْمَيِّتِ أَقَامَتْهَا عَلَى (أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا) أَوْ بَاعَهَا لَهَا (فَتُقَدَّمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ أَوْ تَسَلَّمْتهَا مِنْهُ) أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالتَّسْلِيمِ فِيمَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ كَالشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ بَلْ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُولُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ مَالِكًا لَهُ قَالَ وَعِنْدِي يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهِ مِنْ فُلَانٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مَالِكًا بَلْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَلِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ فَمُطْلَقُ الشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ خَاصَّةً إذَا شَهِدُوا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ تَارِيخُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا) بِأَنْ عَيَّنَا وَقْتًا وَاحِدًا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ يَضِيقُ عَنْ وُقُوعِ عَقْدَيْنِ فِيهِ عَقْدٌ عَقِبَ عَقْدٍ وَلَيْسَ اتِّحَادُ التَّارِيخِ هُنَا كَاتِّحَادِ التَّارِيخِ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي تِلْكَ تَحْصِيلُ رَقَبَةِ ذَلِكَ الَّذِي وَقَعَتْ الدَّعْوَى بِهِ وَالْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَّسِعُ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالِكَهَا وَالْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الثَّمَنِ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ مُتَّسِعَةٌ لِلُزُومِ أَثْمَانٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ) كَقَوْلِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ شَيْءٍ مِنْ الشَّمْسِ بِطُلُوعِهَا وَالْأُخْرَى إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ نِصْفِهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي آخَرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ذَهَبًا وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الذَّهَبُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ وَأَنَّهُ حَانِثٌ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّصْرَانِيِّ بِيَمِينِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ) (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا) هَكَذَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَعِنْدِي أَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ كَافٍ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِذَلِكَ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّنَصُّرِ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا بِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ وَحُدُوثُ كُفْرِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَأَلَّا يَرِثَهُ أَحَدٌ وَأَمَّا قَوْلُ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا فَهَذَا لَيْسَ إطْلَاقًا وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ بِحَالَةِ الْمَوْتِ اهـ

(4/415)


بَيِّنَتُهَا) لِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ إنَّك عَبْدِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ (فَإِنْ) قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ كَأَنْ (قَالَتْ إحْدَاهُمَا آخِرُ كَلَامِهِ التَّوْحِيدُ) أَيْ الْإِسْلَامُ أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا.
(وَ) قَالَتْ (الَأُخْرَى) آخِرُ كَلَامِهِ (التَّثْلِيثَ تَعَارَضَنَا) لِتَنَاقُضِهِمَا (فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ وَأَشَارَ بِالتَّثْلِيثِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ التَّنَصُّرِ أَنْ تُفَسَّرَ كَلِمَتُهُ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّصْرَانِيُّ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُ الْأَبِ وَلَا بَيِّنَةٌ) وَالْمَالُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (وَيُقَسَّمُ) الْمَالُ (بِحُكْمِ الْيَدِ) يَعْنِي بِحُكْمِ أَنَّهُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (نِصْفَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ) وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ذُو الْيَدِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا (فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ) بِمَا ذَكَرَ (وَتَعَارَضَتَا) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ اهـ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ (وَيُدْفَنُ) هَذَا الْمَيِّتُ الْمَشْكُوكُ فِي إسْلَامِهِ (فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُ) مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ (أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ.
(وَلَوْ خَلَفَ) الرَّجُلُ (مَكَانُ الِابْنِ) الْمُسْلِمِ (أَخًا وَزَوْجَةً مُسْلِمَيْنِ وَأَوْلَادًا كَفَرَةً) فَادَّعَى الْمُسْلِمَانِ إسْلَامَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَ أَوْلَادُهُ (وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِ الْمَيِّتِ) وَلَا بَيِّنَةٌ (وُقِفَ الْمَالُ) بَيْنَهُمْ (حَتَّى يَنْكَشِفَ) الْحَالُ (أَوْ يَصْطَلِحُوا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْإِمَامُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى أَيْ الَّتِي قَدَّمْتُ فِيهَا كَلَامَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ بِأَنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَفَرَ صُدِّقَ الْأَوْلَادُ بِأَيْمَانِهِمْ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنْ أُطْلِقَتَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمَيْنِ وَإِنْ قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ تَعَارَضَتَا (فَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ) عَنْ أَبْنَاءٍ وَوُجِدَ فِيهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْلِمٌ (وَقَالَ ابْنُهُ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْتُ بَعْدَهُ) فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا (وَقَالُوا) بَلْ أَسْلَمْت (قَبْلَهُ) فَلَا تَرِثْهُ (أَوْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَقَالَ) ابْنُهُ الْمُسْلِمُ (أَسْلَمْت فِي شَوَّالِ وَقَالُوا) بَلْ أَسْلَمْت (فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ (وَوَرِثَ) مِنْهُ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِهَا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَقَالَ مَاتَ فِي شَعْبَانَ وَقَالُوا بَلْ فِي شَوَّالِ) وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقُوا لِأَنَّ الْأَصْلَ) بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهَا تَنْقِلُ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى تَسْتَصْحِبُ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالِ (إلَّا إنْ قَالَتْ بَيِّنَتُهُمْ) فِي هَذِهِ (رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالِ فَيَتَعَارَضَانِ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ) الْمَحْكُومُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ حَلَفَ وَوَرِثَ (كُنَّا نَسْمَعُ تَنَصُّرَهُ إلَى نِصْفِ شَوَّالِ) الْأُولَى إلَى بَعْدَ الْمَوْتِ (فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ) أَيْضًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ

(فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْإِسْلَامِ مُطْلَقَةً وَبِالنَّصْرَانِيَّةِ مُقَيَّدَةً فَلَا تَعَارُضَ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَتَانِ وَيُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا وَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُقَيَّدَةً فَالْعَمَلُ بِالْمُقَيَّدَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَالَتْ الْأُخْرَى آخِرُ كَلَامِهِ التَّثْلِيثُ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ أَوْ بِأَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ سِوَاهُ.
(قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ بِاعْتِبَارِ مَا شَاهَدْته كُلُّ بَيِّنَةِ لَا تُعَارِض فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَلِمَةُ التَّنَصُّرِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْكَلَامِ بِحَضْرَتِهِمْ ثُمَّ إنَّهَا ذَهَبَتْ وَاسْتَصْحَبَتْ السُّكُوتَ وَجَاءَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ فَتَكَلَّمَ فِي حَضْرَتِهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ وَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ لَوْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا كَذَا وَمَكَثَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ وَدُفِنَ قَالَ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ عَلِمْنَا الْحَالَةَ الَّتِي شَاهَدَتْهُ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ فِيهَا وَلَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ عَلِمْنَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَلَكِنَّهُ تَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ أَطْلَقَاهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْوُجُوبَ سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَاضِي فِيمَا يُسَلِّمُ بِهِ الْكَافِرُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ وَتَعَارَضَتَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا عِنْدِي مَمْنُوعٌ بَلْ الصَّوَابُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَطْرَأُ عَلَى التَّنَصُّرِ فَيَقْطَعُهُ وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَقْطَعُهُ إلَّا الرِّدَّةُ وَلَا مِيرَاثَ مَعَهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَكَذَا يُقَيِّدُ الدُّعَاءَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ تَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِمْ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا حَالَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْكُفْرِ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ الْكُفْرَ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْكُفْرِ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ فَتَتَعَارَضَانِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِاحْتِمَالِ اسْتِنَادِ بَيِّنَةِ شَعْبَانَ لِإِغْمَاءٍ أَوْ اسْتِفَاضَةِ مَوْتٍ

(4/416)


مُسْلِمٌ) وَلَهُ ابْنَانِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ (وَاخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِ إسْلَامِ الْآخَرِ) عَلَى مَوْتِهِ (فَقَالَ) لَهُ (الْأَوَّلُ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ إسْلَامِك) وَقَالَ هُوَ بَلْ بَعْدَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ الْأَوَّلُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ الْأَبِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْأَوَّلُ لِلْآخَرِ أَسْلَمَتْ فِي شَوَّالِ) وَقَالَ هُوَ بَلْ أَسْلَمَتْ فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ (وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِذَلِكَ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ فَادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي شَوَّالِ وَقَالَ الْأَوَّلُ بَلْ مَاتَ فِي شَعْبَانَ صُدِّقَ الْآخَرُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَفِي التَّعَارُضِ) بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ (تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (فَإِنْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا) وَأَنْتَ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ (وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَا وَجُعِلَ) الْمَالُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا يَقُولُهُ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا أَيْضًا وَنَازَعَهُ الْأَوَّلُ فَقَالَ كُنْت نَصْرَانِيًّا وَإِنَّمَا أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ يَشْهَدُ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَقِسْ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ (مَا لَوْ) مَاتَ الْأَبُ حُرًّا وَ (كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا) بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَاخْتَلَفَا هَلْ عَتَقَ الْأَوَّلُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ بَعْدَهُ (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَاتَ) مُوَرِّثُنَا (عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ) لِأَنَّ وَلَدَهُمَا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ابْتِدَاءً تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ وَقِيلَ يُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْأَمْرُ أَوْ يَصْطَلِحُوا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ (وَإِنْ مَاتَ ابْنُ رَجُلٍ وَزَوْجَتُهُ) أَيْ الرَّجُلُ فَاخْتَلَفَ هُوَ وَأَخُوهَا (فَقَالَ) هُوَ (مَاتَتْ أَوَّلًا فَوَرِثَهَا ابْنِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (ثُمَّ) مَاتَ الِابْنُ وَ (وَرِثْته) أَنَا (وَقَالَ أَخُوهَا بَلْ) مَاتَتْ (آخِرًا فَوَرِثَتْ الِابْنَ) قَبْلَ مَوْتِهَا (ثُمَّ) وَرِثْتهَا أَنَا وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقَ) الْأَخُ (فِي مَالِ أُخْتِهِ وَالزَّوْجُ فِي مَالِ ابْنِهِ بِيَمِينِهِمَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا لَمْ يَرِثْ مَيِّتٌ مِنْ مَيِّتٍ فَمَالُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَخِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِذَلِكَ (تَعَارَضَتَا فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ) مِنْ الِابْنِ وَالزَّوْجَةِ (يَوْمَ الْجُمُعَةِ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَاخْتُلِفَ فِي مَوْتِ الْآخَرِ) قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (صُدِّقَ مَنْ ادَّعَاهُ بَعْدُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِذَلِكَ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَنْ ادَّعَاهُ قَبْلُ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (وَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ لِزَوْجَتِهِ) كُنْت أَمَةً ثُمَّ (عَتَقَتْ) بَعْدَ مَوْتِهِ (أَوْ) كُنْت كَافِرَةً ثُمَّ (أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ) بَلْ عَتَقْتُ أَوْ أَسْلَمْتُ (قَبْلُ صُدِّقُوا) بِأَيْمَانِهِمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ (وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَزَلْ حُرَّةً أَوْ مُسْلِمَةً صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا (دُونِهِمْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) السَّيِّدُ (لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْت فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْت حُرٌّ فَأَثْبَتَ الْعَبْدُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمُوجِبِ عِتْقِهِ) بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي الْأُولَى أَنَّهُ قُتِلَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ (وَ) أَقَامَ (الْوَارِثُ) بَيِّنَةً فِي الْأُولَى (بِمَوْتِهِ) حَتْفَ أَنْفِهِ (أَوْ) فِي الثَّانِيَةِ (بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْقَتْلِ فِي الْأُولَى وَبِحُدُوثِ الْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا قِصَاصَ) فِي الْأُولَى لِأَنَّ الْوَارِثَ مُنْكِرٌ لِلْقَتْلِ (فَإِنْ أَثْبَتَ الْوَارِثُ) أَيْ أَقَامَ فِي الثَّانِيَةِ بَيِّنَةً (بِمَوْتِهِ فِي شَعْبَانَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَلَوْ حُكِمَ بِشَاهِدَيْ رَمَضَانَ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ مَاتَ فِي شَوَّالِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيُجْعَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ مَعًا أَوْ لَا فَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ تَخْرِيجُ قَوْلَيْنِ فِيهِ كَمَا لَوْ بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ فَكَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنَانِ كَافِرَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حُكِمَ بِإِسْلَامِ وَلَدِهِمَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا وَكَانَ أَحَقَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْ ابْنَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ كُفْرُ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَادَّعَاهُ ابْنَاهُ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُدُوثِ وِلَادَتِهِ وَعَلَى شَكٍّ مِنْ تَقَدُّمِهَا وَإِنْ كَانَ النِّزَاعُ فِي وَقْتِ إسْلَامِ الْأَبَوَيْنِ فَادَّعَى أَبَوَاهُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَادَّعَى ابْنَاهُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنَيْنِ مَعَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا عَلَى الْكُفْرِ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ لِأَنَّ وَلَدَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُهُ قُصُورُ ذَلِكَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ وَطِئَ مَجُوسِيٌّ أُخْتَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتَ عَنْ جَدَّيْهِ أَبِي أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّهِ وَهِيَ أُمُّ أَبِيهِ أَيْضًا وَتَنَازَعَا مَعَ وَلَدٍ لَهُ مُسْلِمٍ فِي كُفْرِهِ وَإِسْلَامِهِ كَانَ كَذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا فَرَضْنَا ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِ لِأَنَّ هُنَا أَصْلًا مُسْتَصْحَبًا وَهُوَ كُفْرُ الْأَصْلِ لِلْأَدْنَى فَإِنَّهُ لَوْ تَخَلَّلَ أَبٌ وَأُمٌّ وَكَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْجَدَّيْنِ وَالِابْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَصْلٌ مُسْتَصْحِبٌ لِلْكُفْرِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْجَدَّيْنِ قَالَ وَقَدْ يُفْرَضُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةِ الْكُفَّارِ وَلَا حَاجَةَ فِي التَّصْوِيرِ لِذِكْرِ الِابْنَيْنِ بَلْ الِابْنُ الْوَاحِدُ كَافٍ وَكَذَا ابْنُ الِابْنِ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ كُفْرُ الْأَبَوَيْنِ الْأَصْلِيِّ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُنَازِعِ فَلَا خِلَافَ فِي تَصْدِيقِهِمَا وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْفَتْوَى عَلَى الْوَقْفِ لِزَوَالِ الِاسْتِصْحَابِ قَالَ وَلَمْ أَرَ هَذَا الَّذِي حَقَّقْنَاهُ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ إنَّ الْوَقْفَ أَرْجَحُ دَلِيلًا إنَّمَا يَكُونُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَنَا أَصْلٌ فِي الْأَبَوَيْنِ نَسْتَصْحِبَهُ فَإِنْ ثَبَتَ فَقَوْلُ الْأَبَوَيْنِ قَطْعًا.
(قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ) هَذَا إذَا كَانَ الِابْنَانِ بَالِغَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُمَا مُسْلِمَةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ أَوْ أُمُّهُمَا كَافِرَةً وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِسْلَامِهِمَا أَوْ أَقَرَّ الْجَدَّانِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَتَكُونُ الدَّعْوَى مِنْ النَّاظِرِ فِي مَالِهِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ

[فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْتَ حُرٌّ]
(قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِي الْأُولَى إلَخْ) نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ الْعَقْلَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ

(4/417)


كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ نَقْضِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الضَّعِيفِ فَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ رَمَضَانَ فَلَا نَقْضَ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتَّ فَأَنْت حُرٌّ وَشَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِقَتْلِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَقُ الْعَبْدُ لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ فَقَدْ مَاتَ (وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِمَوْتِهِ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَ) عِتْقَ (غَانِمٍ بِمَوْتِهِ فِي شَوَّالٍ أَوْ بِالْبُرْءِ مِنْ مَرَضِهِ فَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمُوجِبِ عِتْقِهِمَا (تَعَارَضَتَا وَرُقَّا) وَجْهُ التَّعَارُضِ فِي الثَّانِيَةِ تُقَابِلُ زِيَادَةُ عِلْمِ إحْدَاهُمَا بِالْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ وَزِيَادَةُ عِلْمِ الْأُخْرَى بِالْبُرْءِ وَفِي الْأُولَى تَقَابُلُ عِلْمَيَّ الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمَوْتِ فِي الْوَقْتَيْنِ وَقِيلَ تُقَدَّمُ فِيهَا بَيِّنَةُ سَالِمٍ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ غَانِمٍ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَه تَقْدِيمُ بَيِّنَةُ سَالِمٍ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْأَنْوَارِ جَزَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ مِتَّ فِي رَمَضَانَ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ

(وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجِهَةِ) أَيْ جِهَةُ الْوِرَاثَةِ كَأُبُوَّةٍ وَأُخُوَّةٍ (وَ) مِنْ ذِكْرِ (الْوَارِثَةِ) وَذَلِكَ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلْحُكْمِ) لَهُ بِهَا (فَيَقُولُ أَنَا ابْنُهُ وَوَارِثُهُ فَإِذَا أَشْهَدَ عَدْلَانِ خَبِيرَانِ) بِبَاطِنِ حَالِ مُوَرِّثِهِ لِصُحْبَةٍ وَجِوَارٍ وَحَضَرٍ وَسَفَرٍ وَنَحْوِهَا إنَّ هَذَا وَارِثُهُ وَ (أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ دُفِعَتْ إلَيْهِ التَّرِكَةُ فَإِنْ كَانَ ذَا فَرْضٍ وَشَهِدَا لَهُ هَكَذَا أُعْطِيَ) فَرْضَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُطَالِبُ وَاحِدًا مِنْهَا بِضَمِينِ لِأَنَّ طَلَبَهُ مَعَ إقَامَةِ الشُّهُودِ طَعْنٌ فِيهِمْ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ لَمْ يَقُولَا لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ أَوْ قَالَا) (وَلَمْ يَكُونَا خَبِيرَيْنِ) بِبَاطِنِ الْحَالِ (وَكَانَ سَهْمُهُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ) كَانَ مُقَدَّرًا لَكِنْ (كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ لَمْ يُعْطَ) شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ (حَتَّى يَبْحَثَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ حَالِ مُوَرِّثِهِ (الْقَاضِي) فِي الْبِلَادِ الَّتِي سَكَنَهَا أَوْ طَرَقَهَا فَيَكْتُب إلَيْهَا لِلِاسْتِكْشَافِ (وَيُنَادِي) الْمُرَادُ وَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي فِيهَا أَنْ فُلَانًا مَاتَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَلِيَأْتِ الْقَاضِي أَوْ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ (وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ثُمَّ يُعْطِيَهُ) حَقَّهُ (بِلَا ضَمِينٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً مُوسِرًا اكْتِفَاءً بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ. ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ مُقَدَّرًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ أُعْطِيَ أَقَلَّ فَرْضِهِ عَائِلًا) بِلَا بَحْثٍ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ فَالزَّوْجَةُ تُعْطَى رُبْعَ الثُّمْنِ عَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَالزَّوْجُ يُعْطَى الرُّبْعُ عَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ مَعَهُ وَيُعْطَى الْأَبُ السُّدُسَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَلَامًا سَقَطَ صَدْرُهُ وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ شَوَّالٍ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَوَافَقَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ دَارٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَقَالَ رَدَدْتهَا عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ فَمُرْهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَا بِأَلْفٍ قَالَ الْبَغَوِيّ يُجْعَلُ قَوْلُهُ السَّابِقُ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَاهُ بِهِ وَقَالَ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ إلَيْك الْيَوْمَ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ مُقِرًّا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ وَإِنَّمَا يَثْبُت بِالصَّرِيحِ اهـ وَالصَّرِيحُ الْوَاقِعُ هُنَا مُطْلَقُ الشِّرَاءِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ سَالِمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ ادَّعَى نِصْفَ عَيْنَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى إحْدَاهُمَا أَوْ ادَّعَى إحْدَاهُمَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى نِصْفَهُمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ كَذَا فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلشِّرَاءِ قُبِلَتْ قَالَ الْقَاضِي كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ لِي بَيِّنَةٌ أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا فَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ نُكِحَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَوَّلُ أَنَّهَا نُكِحَتْ فِي عِدَّتِي لَمْ تُسْمَعْ مَا لَمْ يَقُلْ لِي بَيِّنَةٌ أُقِيمُهَا عَلَى أَنِّي طَلَّقْتهَا يَوْمَ كَذَا وَلَا يُحْتَمَلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً حَالَةَ الْعَقْدِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّغَرِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْبَيْعِ طِفْلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ (فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ الْخَصْمُ أُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ أَحْلِفُ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرَادَ الْيَمِينَ فِي خَمْسَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ حَصَلَ مَقْصُودُ الْمُدَّعِي فِي الْبَعْضِ وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَأَنْكَرَ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَرَثَتَهَا مِنْ أَبِي ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَمْ تَكُنْ بِعْتهَا مِنِّي أَوْ مِنْ أَبِي نُزِعَتْ مِنْهُ وَسُلِّمَتْ لِلْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ هَذَا ثُمَّ جَاءَتْ زَوْجَتُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا تُنْزَعُ مِنْ الْمُدَّعِي وَتُسَلَّمُ إلَيْهَا بِبَيِّنَتِهَا ثُمَّ الْمُدَّعِي يُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِإِصْدَاقِهَا الزَّوْجَةِ وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً فَقُضِيَ لَهُ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ تَشْهَدُ بِالْقَضَاءِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْأَمْسِ مِلْكًا لَهُ وَإِنْ شَهِدَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ بِالْمِلْكِ وَلَا نَعْرِفُ زَوَالَ مِلْكِهِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكُ جَدِّهِ وَقَدْ وَرِثَهَا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ لِجَدِّهِ وَهُوَ وَارِثُهُ فَالْأَوْلَى أَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُمَا وَقَدْ وَرِثَهَا شَهَادَةٌ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقَوْلُهُمَا إنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ مَاتَ أَبِي وَتَرَكَ هَذَا الْمَالَ لِي وَلِأَخِي هَذَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَلَسْت بِابْنِهِ فَالْمَالُ لِي دُونَك جُعِلَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِالْأُخُوَّةِ فَيَدْفَعُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ نِصْفَهُ وَيَتْرُكُ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ بِحُكْمِ الْيَدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَاتَتْ زَوْجَتِي فُلَانَةُ وَخَلَفَتْ هَذَا الْمَالَ مِيرَاثًا لِي وَلِأَخِيهَا هَذَا فَقَالَ الْأَخُ أَنَا أَخُوهَا وَلَسَتْ زَوْجًا لَهَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الْأَخِ نَصِيبَهِ وَيَتْرُكُ نَصِيبَ الزَّوْجِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ

(4/418)


عَائِلًا بِتَقْدِيرِ أَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَالْأُمُّ السُّدُسَ عَائِلًا بِتَقْدِيرِ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهَا (وَبَعْدَ الْبَحْثِ) إذَا لَمْ يَظْهَرْ غَيْرُ الْمَشْهُودِ لَهُ (يُعْطَى الْبَاقِي) وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً (وَلَا يُؤْخَذُ ضَمِينٌ لِلْمُتَيَقِّنِ وَالزَّائِدِ) عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ (فَلَوْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَمْ يُقْدَحْ فِيهِمْ) أَيْ فِي شَهَادَتِهِمْ وَالْأَوْلَى فِيهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ) بِهَا (خَطَأً) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمَا اعْتَقَدَاهُ وَلَمْ يَقْصِدَا الْكَذِبَ (وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوِرَاثَةَ) أَيْ كَوْنُهُ وَارِثًا (نُزِعَ) بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ (الْمَالُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ (وَأُعْطِيَهُ بَعْدَ بَحْثِ الْقَاضِي) وَقِيلَ لَا يُعْطَى الْأَخُ لِأَنَّهُ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ (وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا فِي الْبَلَدِ سِوَاهُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْهِمُ أَنَّ لَهُ وَارِثًا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْعِتْقِ) وَالْوَصِيَّةِ (قَدْ تَقَرَّرَ) فِي الْفِقْهِ (أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدَيْنِ مُرَتِّبًا كُلًّا) مِنْهُمَا (ثُلُثَ مَالِهِ وَلَمْ يَجْزِ الْوَرَثَةُ) مَا زَادَ عَلَيْهِ (عَتَقَ الْأَوَّلُ) فَقَطْ (أَوْ) أَعْتَقَهُمَا (مَعًا) أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَعِيَّةٌ وَلَا تَرْتِيبَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنُسَخِ الْكَبِيرِ الْمُعْتَمَدَةِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (أَوْ عُلِمَ سَبْقٌ) لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ (أَوْ) عُلِمَ (سَابِقُ) مِنْهُمَا (وَجُهِلَ) بَعْدُ (فَمِنْ) أَيْ فَيَعْتِقُ مِنْ (كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) وَلَا قُرْعَةَ لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى إرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْعَكْسِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِهَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِهَذَا بِثُلُثِهِ وَلَمْ تُجْزَ الْوَرَثَةُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَكَذَا هُنَا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الِعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَلَا تَارِيخَ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُجْزَ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلِامْتِنَاعِ الْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ بِرِقِّ الْحُرِّ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ فَقَالَ قُلْت الْمَذْهَبُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْإِقْرَاعُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي الْحُدُودِ (وَإِنْ أُرِّخَتَا) بِتَارِيخَيْنِ (وَاتَّحَدَا أُقْرِعَ) لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ وَهَلْ يَحْلِفُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ قَوْلَانِ قَالَهُ الْقَاضِي فَإِنْ اخْتَلَفَا تَارِيخًا قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (فَإِنْ كَانَ) فِي الِاتِّحَادِ (أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ سُدْسَ الْمَالِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ هُوَ وَ) عَتَقَ مَعَهُ (نِصْفُ الْآخَرِ) لِيَكْمُلَ الثُّلُثُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْآخَرِ عَتَقَ وَحْدُهُ (وَلَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ) أُطْلِقَتْ (إحْدَاهُمَا عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثَاهُ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخِرَ بِسُدُسِهِ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثِي مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ مِمَّا تَقَرَّرَ (وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ بِتَعْلِيقِ عِتْقِهِمَا بِمَوْتِهِ) أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا (وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) لِمَالِهِ (وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) مَا زَادَ عَلَيْهِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَمْ أُرِّخَتَا لِأَنَّ الْعِتْقَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْمَوْتِ كَالْوَاقِعَيْنِ مَعًا فِي الْمَرَضِ

(وَيُقْبَلُ فِي الْعِتْقِ) وَالْوَصِيَّةِ (شَهَادَةُ الْوَارِثِ فَلَوْ شَهِدَا أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَوَارِثَانِ) لَهُ (حَائِزَانِ) لِمِيرَاثِهِ (أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ هَذَا الْإِيصَاءِ (إلَى عِتْقِ) أَيْ الْإِيصَاءُ بِعِتْقِ (سَالِمٍ وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ لِسَالِمٍ) بِشَهَادَةِ الْوَارِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِلرُّجُوعِ عَنْ غَانِمٍ بَدَلًا يُسَاوِيهِ فَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُمَا وَلَا نَظَرَ إلَى تَبْدِيلِ الْوَلَاءِ لِأَنَّ الثَّانِي قَدْ لَا يَكُونُ أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ وَقَدْ لَا يُوَرَّثُ بِالْوَلَاءِ وَمُجَرَّدِ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَوْ رُدَّتْ بِهِ الشَّهَادَةَ لِمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ قَرِيبٍ لِمَنْ يَرِثُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَصْفُو عَنْ إشْكَالٍ لِأَنَّ الْغَرَضَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِاسْتِبْقَاءِ غَانِمٍ وَإِنْ سَاوَاهُ سَالِمٌ فِي الْقِيمَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التُّهْمَةَ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ هِيَ التُّهْمَةُ الْقَوِيَّةُ دُونَ الضَّعِيفَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ هَذَا إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ.
(فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِاحْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهُ (وَثُلُثَا سَالِمٍ) اللَّذَانِ هُمَا قَدْرُ مَا يَحْتَمِلهُ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ غَانِمٍ مُؤَاخَذَةً لِلْوَارِثَيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَانَ غَانِمًا تَلِفَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِشَهَادَتِهِمَا لِفِسْقِهِمَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْعِتْقِ الْمُنْجَزِ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الرُّويَانِيِّ عِتْقُهُمَا جَمِيعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فَيُقَالُ إنْ كَانَ غَانِمُ دَخَلَ فِي يَدِ الْوَارِثَيْنِ قَبْلَ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَتَقَ جَمِيعُ سَالِمٍ وَإِلَّا فَثُلُثَاهُ لِأَنَّ غَانِمًا إذَا دَخَلَ فِي يَدِهِمَا فَكَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ عَتَقَ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنْجَزَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الِاتِّحَادُ بِمُقْتَضَى تَعْلِيقٍ وَتَنْجِيزٍ بِأَنْ يَقُولَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ يَعْتِقُ غَانِمًا فَيَعْتِقُ سَالِمًا مَعَ عِتْقِ غَانِمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ وَالْمَشْرُوطَ يَقَعَانِ مَعًا وَهُوَ الْمُرَجَّحُ وَهَذَا تَارِيخٌ مُتَّحِدٌ وَلَا إقْرَاعَ وَيَتَعَيَّنُ السَّابِقُ وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَه وَزَفَّهَا مَعَ الْجِهَازِ وَقَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا يُوَرَّثُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَمَاتَتْ فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ جِهَازُهَا فَلِي فِيهِ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ مَعَ يَمِينِهِ قُلْت وَفِيهِ إشْكَالٌ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً. (قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ) فَإِذَا أَعْتَقْنَا مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ عَتَقَ نِصْفُ الْمُتَقَدِّمِ وَعِتْقُهُ مُسْتَحَقٌّ وَرُقَّ نِصْفُ الْمُتَأَخِّرِ وَرِقُّهُ مُسْتَحَقٌّ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو قُسِمَ بَيْنَهُمَا

(قَوْلُهُ حَائِزَانِ) ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ بَلْ وَلَا وَارِثَيْنِ

(4/419)


الْمُعْتَقَيْنِ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ حُسِبَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ امْتِدَادِ يَدِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ دُونَ الرِّقِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَيْهِ عَتَقَ وَلَوْ خَرَجَتْ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ فَقَطْ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَا حَسَبْنَاهُ عَلَى الْوَارِثِ بَعْدَ الِامْتِدَادِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَا يُنَافِي يَدَهُ بِخِلَافِ الَّذِي قَدَّرْنَا مَوْتَهُ فَإِنَّهُ وُجِدَ فِيهِ مَا يُنَافِي الْمِلْكَ وَهُوَ الْحُكْمُ بِعِتْقِهِ قَالَ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ وَالسُّؤَالُ قَوِيٌّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ سَالِمٌ كُلُّهُ مُطْلَقًا لِاعْتِقَادِ الْفَاسِقَيْنِ أَنَّ غَانِمًا مِلْكُهُمَا وَأَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا وَقَطَعَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى مَا يَشْهَدُ لَهُ.
(وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا) وَهُمَا عَدْلَانِ (لِلرُّجُوعِ) عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ غَانِمٍ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) كَمَا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَجَانِبَ نَعَمْ إنْ قَالَا إنَّمَا أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ فِيمَا يَظْهَرُ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ لِاحْتِمَالِ ثُلُثِ الْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ لَهُمَا (وَإِنْ كَانَ سَالِمُ السُّدْسَ) أَيْ سُدُسُ الْمَالِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ) عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ غَانِمٍ لِلتُّهْمَةِ بِرَدِّ الْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ (وَيُعْتَقُ سَالِمٌ) بِإِقْرَارِهِمَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ (أَيْضًا) أَيْ مَعَ عِتْقِ غَانِمٍ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ (أَوْ) يُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ (قَدْرُ نَصِيبِهِمَا مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ نِصْفِ غَانِمٍ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ لَهُ بَدَلًا فَيُعْتَقُ هُوَ مَعَ كُلِّ سَالِمٍ وَالْمَجْمُوعُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ الْمَبْنِيُّ عَلَى النَّصِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِرَجُلٍ) فِيمَا إذَا كَانَ سَالِمُ السُّدْسُ (وَشَهِدَ الْوَارِثَانِ) وَهُمَا عَدْلَانِ (بِالرُّجُوعِ عَنْ) الْإِيصَاءِ بِعِتْقِ (سَالِمٍ لِغَانِمٍ كَمَا مَرَّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ مِنْ غَانِمٍ لِسَالِمٍ (زَالَتْ التُّهْمَةُ) لِأَنَّ لَهُمَا رَدُّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ (فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) بِالرُّجُوعِ عَنْ غَانِمٍ.
(وَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا) بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْنَ عِتْقِ سَالِمٍ فَيُعْطَى (الثُّلُثَانِ) مِنْهُ (لِلْمُوصَى لَهُ) بِالثُّلُثِ (وَثُلُثٌ) مِنْهُ (يُعْتِقُ بِهِ مِنْ الْعَبْدِ) وَهُوَ سَالِمٌ (ثُلُثَاهُ) وَهُمَا ثُلُثُ الثُّلُثِ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ لَكِنَّ رَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْوَصَايَا بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ الثُّلُثُ وَقَبُولُ شَهَادَةُ الرُّجُوعِ تُوجِبُ إرْقَاقَ غَانِمٍ وَحِرْمَانِهِ عَنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ مَحَلُّ تُهْمَةٍ لِتَعْلِيقِ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِ الْعَبِيدِ وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُهُ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ فَيُظْهِرْ أَنَّهُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ مِنْ غَانِمٍ وَسَالِمٍ نِصْفُهُ وَخَمْسُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ وَأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِثْلَ مَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ وَظَاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَدُورُ إذْ مَا يُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ كَالتَّالِفِ وَمَعْرِفَتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ بِالْعَكْسِ وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ شَيْءُ وَمِنْ سَالِمٍ نِصْفُ شَيْءٍ لِمُسَاوَاتِهِ نِصْفَ غَانِمٍ وَيُفْرَضُ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْءٌ وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثُونَ يَبْقَى لِلْوَارِثَيْنِ ثَلَاثُونَ إلَّا شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا فَاتَ عَلَيْهِمَا بِالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ وَعَتَقَ سَالِمُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وَمَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ كَالتَّالِفِ كَمَا مَرَّ فَيُجْبَرُ وَيُقَابَلُ فَثَلَاثُونَ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ الْوَاحِدِ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ نَظِيرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا مَرَّ وَالْبَاقِي أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَسِتَّةُ أَجَزَاءَ مِمَّا ذُكِرَ ثُلُثُهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَجُزْآنِ مِنْهُ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَعِتْقُ سَالِمٍ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَا ذَلِكَ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَلِعِتْقِ سَالِمٍ ثُلُثُهُ وَهُوَ نِصْفُ ذَلِكَ وَالْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِلْوَارِثَيْنِ وَهِيَ ضِعْفُ مَا فَاتَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ مَا عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ.
(فَإِنْ كَانَا) فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ (فَاسِقَيْنِ عَتَقَا مَعًا) غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَسَالِمٌ بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ وَهُوَ دُونَ ثُلُثِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ بَعْدَ غَانِمٍ وَهَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ فِيهَا أَمَّا عَلَى النَّصِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَا رَجَّحَهُ هُوَ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ السُّدْسُ هُوَ غَانِمٌ) الْأُولَى وَإِنْ كَانَ غَانِمُ السُّدْسَ وَسَالِمُ الثُّلُثَ (وَرَجَعَا) أَيْ شَهِدَا بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ (وَهُمَا فَاسِقَانِ عَتَقَا إلَّا سُدْسَ سَالِمٍ لَتَلَفِ سُدْسَ الْمَالِ) بِعِتْقِ غَانِمٍ فَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَهِيَ قَدْرُ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ عَتَقَ سَالِمٌ فَقَطْ (وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي الْمَرَضِ وَشَهِدَ) الْوَارِثَانِ (الْحَائِزَانِ) عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ فَاسِقَيْنِ (أَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثٌ) لِمَالِهِ (عَتَقَ) غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَسَالِمٌ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَجَوَابُهُ إنَّمَا حَسِبْنَاهُ عَلَى الْوَارِثِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ فِيمَا يَظْهَرُ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلَهُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحَقِّ

(4/420)


سَالِمٍ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا (وَقَالَ الرُّويَانِيُّ) وَالْخُوَارِزْمِيّ الْمُعَبَّرُ عَنْهُمَا فِي الْأَصْلِ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قِيَاسُهُ) يَعْنِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ وَكَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ (أَنْ يَعْتِقَ مِنْ سَالِمٍ قَدْرَ ثُلُثِ الْبَاقِي) بَعْدَ عِتْقِ غَانِمٍ فَقَطْ وَكَانَ غَانِمًا تَلَفَ (وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ شَهِدَا) وَهُمَا عَدْلَانِ (وَلَمْ يُكَذِّبَا) الْأَجْنَبِيَّيْنِ بَلْ قَالَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَلَا نَدْرِي هَلْ أَعْتَقَ غَانِمًا أَوْ لَا (وَجُهِلَ السَّبَقُ) وَالْمَعِيَّةُ الْأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ وَبِكَلَامِ أَصْلِهِ وَلَمْ يُؤَرِّخَا (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُهُ) .
كَمَا لَوْ كَانَ شُهُودُ الْعَبْدَيْنِ أَجَانِبَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ فَيُعْتَقَانِ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ آنِفًا وَيُقْرَعُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُقَدَّمُ السَّابِقُ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الشُّهُودُ أَجَانِبَ (وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ (وَنِصْفُ سَالِمٍ) بِاعْتِرَافِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فِيمَا قَبْلَهَا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَكَثِيرِينَ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا سَهْوٌ وَصَوَابُهُ أَنْ يُعْتَقَ خُمُسَاهُ وَذُكِرَ تَوْجِيهُهُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ بَيَانِ وَجْهِ السَّهْوِ (فَلَوْ كَانَ سَالِمُ سُدْسِ الْمَالِ فَقِسْ) حُكْمُهُ (عَلَى مَا سَبَقَ) فَيُقَالُ إنْ كَذِبَ الْوَارِثَانِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَتَقَا جَمِيعًا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ وَلَمْ يُؤَرَّخَا عَتَقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثَاهُ بِتَوْزِيعِ الثُّلُثِ عَلَى قِيمَتِيِّ الْعَبْدَيْنِ وَإِنْ أُرِّخَتَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أُقْرِعَ أَوْ اخْتَلَفَ قُدِّمَ السَّابِقُ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ وَثُلُثَا سَالِمٍ

(فَصْلٌ) لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِبَكْرٍ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِعَمْرٍو وَشَهِدَ لِكُلٍّ) مِنْهُمْ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مَعَ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ (شَاهِدَانِ وَلَوْ وَارِثَيْنِ سُلِّمَ لِعَمْرٍو) فَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا بِالرُّجُوعِ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِمَا شَهِدَا بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بَدَلًا (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو وَآخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا) الْأَوْلَى إحْدَاهُمَا (وَلَمْ يُعَيِّنَا) الْمَرْجُوعَ عَنْهَا (لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِإِبْهَامِهَا كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا (وَقُسِّمَ) الثُّلُثُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو وَآخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا وَأُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا السُّدْسَ أَمَّا إذَا عَيَّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا فَيُعْطَى الثُّلُثُ فِي الْأُولَى وَالسُّدْسُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْآخَرِ

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَسَائِل مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَسَائِل مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى) (يَحْضُرُ الْخَصْمُ) مَجْلِسَ الْحُكْمِ (وَلَوْ يَهُودِيًّا فِي) يَوْمِ (سَبْتٍ) وَنَصْرَانِيًّا فِي يَوْمِ أَحَدٍ (وَمُسْلِمًا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لَا وَقْتَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِهَا فَلَا يَحْضُرُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْهُمَا (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (أَنَّهُ غَصَبَهُ) كَذَا (بُكْرَةً وَآخَرَانِ) أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ (عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا) فَلَا يُحْكَمُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاحْتِمَالُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مَعَ بَيَانِ وَجْهِهِ) عِبَارَتُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا سَهْوٌ لِأَنَّ غَانِمًا أَيْضًا لَا يَسْتَحِقُّ بِقَوْلِ الْوَارِثِينَ إلَّا عِتْقِ النِّصْفِ وَقَدْ حَكَمْنَا بِعِتْقِ جَمِيعِهِ فَنِصْفِهِ كَالْمَغْصُوبِ أَوْ الْهَالِكِ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ وَنِصْفِهِ سُدْسِ التَّرِكَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ عَبْدًا لَا سُدْسَ عَبْدٍ وَقَدْ أُعْتِقَا نِصْفَ عَبْدٍ فَبَقِيَ ثُلُثُ عَبْدٍ بِلَا مَزِيدٍ لَكِنَّ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُصَ مَا عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ عَنْ النِّصْفِ وَأَنْ يَزِيدَ مَا يُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي عَلَى الثُّلُثِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَالْبَاقِي مَغْصُوبٌ وَعَتَقَ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ مَعَ الثُّلُثِ الْكَامِلِ مِنْ التَّرِكَةِ فَمَعَهُمْ إذًا ثُلُثَانِ سِوَى شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ضِعْفَ مَا عَتَقَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءٍ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَثُلُثَا التَّرِكَةِ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءٍ فَالشَّيْءُ خُمْسُ ثُلُثَيِ التَّرِكَةِ وَخُمْسُ الثُّلُثَيْنِ خُمْسَا الثُّلُثِ وَكُلُّ عَبْدٍ ثُلُثُ فَيُعْتَقُ مِنْ الْأَوَّلِ خُمُسَاهُ وَالْبَاقِي مَغْصُوبٌ وَمِنْ الثَّانِي خُمُسَاهُ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَرَثَةِ مَعَ الثُّلُثِ الْكَامِلِ وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَخْمَاسٍ ضِعْفِ مَا عَتَقَ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ دَبَّرَ سَالِمًا وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي أَنَّ التَّدْبِيرَ مُقَدَّمٌ لِوُقُوعِ الْعِتْقِ فِيهِ بِالْمَوْتِ فَيُعْتِقُ الْمُدَبَّرُ بِهِ وَيَرِقُّ الْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ دَبَّرَ سَالِمًا وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ وَآخَرَانِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا يُقَدَّمُ التَّدْبِيرُ وَالثَّانِي يُشْرِكُ فِي الثُّلُثِ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَالثَّالِثُ يُشْرِكُ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَيَدْفَعُ ثُلُثَ الْمَالِ إلَى الْمُوصَى لَهُ وَيَقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ فِي ثُلُثِي الثُّلُثِ فَمَنْ قُرِعَ عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَرُقَّ ثُلُثُهُ وَجَمِيعُ الْآخَرِ

[فَصْلٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِبَكْرٍ ثُمَّ رَجَعَ وَجَعَلَهُ لِعَمْرٍو وَشَهِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) مَنْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَزْوِيجٍ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى صِفَةً فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ التَّزْوِيجِ مِمَّا يُوجِبُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِهِ قُبِلَتْ وَأُبْطِلَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالتَّزْوِيجُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَجَازَ لَهُمَا تَجْدِيدُ عَقْدِ النِّكَاحِ وَهَذَا إذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَنْكِحَهُ وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ بِفَسَادِ التَّزْوِيجِ فِي الْأَصْلِ وَالرَّجُلُ يُنْكِرُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَ الطَّلَاقِ فَقَالَ كَانَ عَقْدُ نِكَاحِنَا فَاسِدًا لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ أَوْ قَالَتْ كُنْت مُعْتَدَّةً وَوَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يُمْكِنُهَا رَفْعُ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ بِقَوْلِهِمَا هَذَا بَلْ طَلَاقُهَا وَاقِفٌ عَلَى دُخُولِهَا فَمَتَى دَخَلَ وَقَعَ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَتَجْدِيدُ نِكَاحِهِمَا صَحِيحٌ وَارْتَفَعَ الْيَمِينُ وَكَأَنَّهُ حَلَفَ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَحْضُرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُمَا) أَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهُ مَتَى أَدَّى إحْضَارُهُ إلَى تَفْوِيتِ صَلَاتِهَا لَا يَحْضُرُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرِ (قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا) لِمَ لَا يُقَالُ لَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنَّهُ اسْتَرْجَعَهُ مَالِكُهُ مِنْهُ ثُمَّ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ عَشِيَّةً وَلَا سِيَّمَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ ذَلِكَ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتْ دَعْوَاهُ أَوَّلًا مُطْلَقَةً لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا زَمَنَ الْأَخْذِ غ

(4/421)


اسْتِرْدَادِهِ ثُمَّ غَصْبِهِ ثَانِيًا بَعِيدًا (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ) هَكَذَا (وَوَاحِدٌ) هَكَذَا (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (مَعَ أَحَدِهِمَا) وَأَخَذَ الْغُرْمَ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا تَعَارُضَ (وَلَوْ أَتْلَفَ ثَوْبًا وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَآخَرُ بِدِينَارٍ ثَبَتَ النِّصْفُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ (مَعَ الْآخَرِ) أَيْ الَّذِي قَوَّمَ بِالدِّينَارِ وَثَبَتَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالنِّصْفِ لَا يُعَارِضُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ دِينَارًا وَآخَرُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ (فَإِنْ تَمَّتْ الْبَيِّنَتَانِ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ قُوِّمَتْ إحْدَاهُمَا الثَّوْبُ بِالنِّصْفِ وَالْأُخْرَى بِالدِّينَارِ ثَبَتَ النِّصْفُ أَيْضًا وَ (تَعَارَضَتَا فِي النِّصْفِ) الْبَاقِي (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُتْلَفِ) بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ وَزْنَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا وَأُخْرَى أَنَّ وَزْنَهُ نِصْفُ دِينَارٍ (قُدِّمَتْ شَهَادَةُ الْأَكْثَرِ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (التَّقْوِيمِ) لِأَنَّ مُدْرَكَهَا الِاجْتِهَادُ وَقَدْ تَطْلُعُ بَيِّنَةُ الْأَقَلِّ عَلَى عَيْبٍ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِعَدَدٍ لِمَعْدُودٍ أَوْ بِأَذْرُعٍ لِمَذْرُوعٍ فَعَارَضَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ كَنِصْفِهِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْوِيمِ يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَةَ سِلْعَةُ الْيَتِيمِ مِائَةً مَثَلًا فَأَذِنَ الْحَاكِمُ فِي بَيْعِهَا بِالْمِائَةِ فَبِيعَتْ بِهَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَتَانِ مِنْ أَنَّهُ يُنْقَصُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِيمَا تُلِفَ وَتَعَذَّرَ تَحْقِيقٌ الْأَمْرِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ يَقْطَعُ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ

(وَلَا تُسْمَعُ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي عَبْدٍ (أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ) فَقَدْ تَلِدُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا (وَلَا) بَيِّنَةُ مُدَّعِي ثَمَرَةٍ (أَنَّ الثَّمَرَةَ مِنْ شَجَرَتِهِ) فَقَدْ تُثْمِرُهَا قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا فَلَا تُسْمَعَانِ (حَتَّى يَقُولَا وَلَدَتْهُ أَوْ أَثْمَرَتْهَا فِي مِلْكِهِ) فَتُسْمَعَانِ وَإِنْ شَهِدَتَا بِمِلْكٍ سَابِقٍ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ فَإِذَا تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ (وَيُسْمَعُ) مِنْ الْبَيِّنَةِ (نَحْوَ) قَوْلِهَا هَذَا الثَّوْبُ (مِنْ غَزْلِهِ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالْفَرْخُ مِنْ بَيْضَتِهِ) وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ تَغَيَّرْت صِفَتُهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَمَةِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ (وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (بِدَيْنٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِلًا) بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ (قَضَاهُ) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ نَحْوُهُ (بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ) لِلتَّضَادِّ (أَوْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا) عَنْهَا (بَعْدَ الْحُكْمِ) بِهَا (لَمْ يُؤْثِرْ) فِي شَهَادَتِهِ (وَكَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي) تُبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي هَذَا نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ شَهَادَتِي فَإِنْ قَالَ قَبْلَهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ

(وَلِلْخَصْمِ) فِيمَا إذَا لَمْ تَبْطُلْ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَوَّمَهُ شَاهِدٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ) اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هَلْ الْقِيمَةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْعَيْنِ أَوْ هِيَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ رَغَبَاتُ الرَّاغِبِينَ فِي ابْتِيَاعِهَا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ فَرَضَهُ الشَّيْخَانِ فِي التَّالِفِ (قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِمَ لَنَا عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ سَالِمَةً مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَهُوَ كَمَا أُزِيلَتْ يَدُ الدَّاخِلِ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِذَلِكَ وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِيءُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ تَلِفَ) أَيْ أَوْ هُوَ بَاقٍ وَلَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْأَقَلِّ

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَتَا لِمِلْكِ الْأَصْلِ تَبِعَهُ النَّمَاءُ فِي الْمِلْكِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مِلْكِ الشَّيْءِ مُنْذُ سَنَةٍ يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي مَعَ زَوَائِدِهِ فِي السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالْخُبْزُ مِنْ دَقِيقِهِ) أَيْ وَالدَّقِيقُ مِنْ حِنْطَتِهِ وَالزَّرْعُ مِنْ بَذْرِهِ وَهَذِهِ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ مِنْ ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ وَهَذِهِ النَّخْلَةُ مِنْ نَوَاتِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ مَنْ شَهِدَ بِالرِّقِّ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ وَشَرَحَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ) وَهِيَ إثْبَاتُ الرِّقِّ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ إحْدَاهَا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ كَانَ سَفِيهًا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهَا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ السَّفَهِ كَمَا تُقَدَّمُ الْجَارِحَةُ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرٍ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ صُورَةِ مَا تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّفَهِ بِتَبْذِيرٍ أَوْ فِسْقٍ مُقَارِنٍ لِلْبُلُوغِ مُسْتَمِرٍّ إلَى حِينِ الْبَيْعِ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ تَقْدِيمَ الْبَيِّنَةِ الْجَارِحَةِ عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ رَشِيدٍ وَبَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ رَشِيدًا فَبَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَوْلَى وَكَذَا مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى الثَّانِيَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَالْعَقْلِ أَطْلَقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي فَتَاوِيهِ تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الْجُنُونِ لِأَنَّ عِنْدَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ حُدُوثُ الْجُنُونِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَيَّامًا وَيُفِيقُ أَيَّامًا وَعُرِفَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ الثَّالِثَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُعَاصِرِيهِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ الْفِرْكَاحِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيِّنَةَ الصِّحَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَالنَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا الرَّابِعَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتَيْ الْإِكْرَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْإِقْرَارِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ الْخَامِسَةُ تَعَارُضُ بَيِّنَتِي الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمِ كَذَا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا طَلَبًا أَجَابَ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تُقَدَّمُ وَهَذَا فِيهِ إطْلَاقٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فَفِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ يَشْهَدَا بِالْمَالِ وَآخَرَانِ بِالْإِبْرَاءِ فَشَاهِدُ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى إنْ أُطْلِقَتَا وَإِنْ وُقِّتَتَا فَالْأَخِيرَةُ أَوْلَى وَإِنْ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتْ أُخْرَى فَعَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى (قَوْلُهُ إنْ قَالَ قَضَاهُ قَبْلَ شَهَادَتِي) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ شَهَادَتِي (قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ) عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ (فُرُوعٌ)

(4/422)


شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (أَنْ يَسْتَشْهِدَهُ عَلَى الْقَضَاءِ) أَوْ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الدَّعْوَى (وَيَحْلِفُ مَعَهُ عَلَيْهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِشْهَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَاهُ أَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ شَهَادَتِي لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ بَلْ يُحْكَمُ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْخَصْمُ مَعَهُ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ هُنَاكَ شَهِدَ بِنَفْسِ الْحَقِّ وَالْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ يُنَافِيَانِهِ فَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُنَا شَهِدَ بِالْإِقْرَارِ وَهُمَا لَا يُنَافِيَانِهِ فَلَا تَبْطُلُ انْتَهَى وَالْفَرْقُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ لَكِنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ مُنْفَصِلًا عَنْهَا كَمَا أَفَادَتْهُ ثُمَّ (وَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (أَلْفًا) وَلَهُ بِهِ شَاهِدَانِ (فَشَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا لَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَقِيلَ لَا تُسْمَعُ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَقِيلَ يَثْبُتُ) بِشَهَادَتِهِمَا (خَمْسُمِائَةٍ وَ) لَكِنْ (يَحْلِفُ) الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ (لِلْبَاقِي) مِنْ الْأَلْفِ (مَعَ) الشَّاهِدِ (الْآخَرِ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِهَا الْأَلْفُ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْقَضَاءِ) بَعْدَ إعَادَةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْمَذْهَبَ ثُبُوتُ خَمْسِمِائَةٍ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُثْبَتُ الْأَلْفُ وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ مُؤَجَّلًا تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَالْأَوْجَهُ حَذْفُهُ كَمَا فِي بَاقِي نُسَخِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ) مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ (ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا عَزَلَهُ) الْمُوَكِّلُ (بَعْدَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُبْطَلْ) شَهَادَتُهُ (وَيُحْكَمُ بِهَا) وَالْعَزْلُ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَقِيلَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِثُمَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ بَطُلَتْ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ

(وَلَوْ ادَّعَى الشُّرَكَاءُ عَلَى رَجُلٍ) حَقًّا فَأَنْكَرَ (حَلِفَ لِكُلٍّ) مِنْهُمْ يَمِينًا (فَإِنْ رَضُوا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تُجِزْهُ) وَإِنْ اُدْعُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَدَارٍ وَرِثُوهَا مِنْ أَبِيهِمْ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْحُكْمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَإِنْ رَضِيَ الْخَصْمُ وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَةً تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا تَبَعًا لَهُ فِي الْعِتْقِ (وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ) مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ بِكَذَا (وَآخَرُ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ التَّسْلِيطِ) أَوْ الْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ (لَا الْإِقْرَارَ) بِالْوَكَالَةِ (ثَبُتَتْ) -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى زَيْدٍ فَأَقَامَ زَيْدُ بَيِّنَةً قَبْلَ الْحُكْمِ بِأَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ وَكَّلَنِي فِي اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ هَذَا الْمَدِينِ وَقُبِلَتْ وَكَالَتُهُ كَانَ ذَلِكَ طَعْنًا فِي شَهَادَتِهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالدَّيْنِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ قَبْلَ شَهَادَتِهِ سُمِعَتْ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَثَبَتَ الدَّيْنُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى سَبِيلِ الْحِسْبَةِ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدَ عَزْلَ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ ثَبَتَ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ بِبَيِّنَةٍ فَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الشُّهُودَ أَعْدَاءُ الْوَارِثِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ وَفِي الْبَحْرِ احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ قَادِحًا لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ الْوَارِثَ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالثَّانِي لَا يَكُونُ قَادِحًا وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ التَّرِكَةَ انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ

(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا خَمْسُمَائَةٍ) هُوَ الصَّحِيحُ (تَنْبِيهٌ) لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ فِي يَدِهِ دَارًا أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي الْمُدَّعِي ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ بَاعَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ شَهِدُوا حِسْبَةً أَوْ يَدَّعِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَقَدْ يُقَالُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إذَا أَبْدَى عُذْرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ كَقَوْلِهِ ظَنَنْت أَنِّي وَرِثْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي كِتَابٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا وَحَضَرَ آخَرُ الْبَائِعُ وَصَدَّقَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُصَدِّقُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَقَالَ إنْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي قَرِينَةُ تَقْتَضِي خَفَاءَ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَدِّقِ حِينَ صِدْقِهِ فَلَهُ سَمَاعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَقَالَ شُرَيْحٌ لَوْ قَدِمَ شَخْصٌ إلَى بَلَدٍ فَاسْتَأْجَرَ بِهَا دَارًا فَقِيلَ لَهُ هَذِهِ دَارُ أَبِيك وَرَثَتهَا عَنْهُ فَادَّعَاهَا فَفِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ السَّمَاعُ حَيْثُ دَلَّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ وَخَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَلَمَّا حَلَّ نِقَابَهَا قَالَ هَذِهِ جَارِيَتِي وَلَمْ أَعْرِفْهَا لِلنِّقَابِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ طَلَبَ ابْتِيَاعِ شَيْءٍ مِنْ رَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ بِهِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ) كَذَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ أَطْلَقَا وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ وَفِي الْحَاوِي فِي كِتَابِ اللِّعَانِ أَنَّ الْإِصْطَخْرِيُّ قَالَ اسْتَحْلَفَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَيْ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبُ رَجُلًا فِي حَقٍّ لِرَجُلَيْنِ يَمِينًا وَاحِدَةً فَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ زَمَانِنَا عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ قَالَ الدَّارَكِيُّ فَسَأَلَتْ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَا قَدْ ادَّعَيَا ذَلِكَ الْحَقَّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ إنْ ادَّعَيَا دَارًا وَرِثَاهَا أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِنْ جِهَتَيْنِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ صَحِيحٌ. اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فَصَّلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا كَانَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَجْهٍ غَيْرَ وَجْهِ الْمُدَّعِي الْآخَرِ أَفْرَدَهُ بِدَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ وَلَنَا عَوْدَةٌ إلَى هَذَا النَّوْعِ حَيْثُ ذَكَرَاهُ غ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِدَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا وَكَذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ اثْنَانِ وَدِيعَةً وَقَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَقَدْ نَسِيت عَيْنَهُ وَكَذَّبَاهُ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عِلْمَهُ بِأَنَّهُ الْمَالِكُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ بِيَمِينِهِ وَتَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ عِلْمُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ وَآخَرُ بِالتَّفْوِيضِ إلَخْ) لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْعَيْنِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي وَآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَبِلَ نِكَاحَ فُلَانَةَ وَآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ لَمْ تُلَفَّقَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إخْبَارٌ وَالْآخَرُ إنْشَاءٌ وَالضَّابِطُ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا بِعَقْدٍ أَوْ إنْشَاءٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ بِهِ وَإِنَّمَا تُلَفَّقُ إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى ذِكْرِ عَقْدٍ أَوْ ذِكْرِ إقْرَارٍ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْبَيْعِ وَآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْإِقْرَارِ وَشَهِدَ بِالْبَيْعِ قُبِلَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُحْضِرَ الْأَمْرَيْنِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْبَيْعِ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَيَأْتِي

(4/423)


أَيْ الْوَكَالَةُ لِاتِّحَادِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ مَعْنَى بِخِلَافِهِمَا مَعَ الْإِقْرَارِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك بِكَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ فَوَّضْت إلَيْك لَمْ يَثْبُتْ (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ بِالْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالْآخَرُ) بِالْوَكَالَةِ (بِهِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَ الْبَيْعُ) أَيْ الْوَكَالَةُ بِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا (وَلَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الشِّرَاءِ وَالْعِتْقِ) لِعَبْدٍ (عَلَى بَيِّنَةِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ) لَهُ (فَقَطْ) فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَعْتَقَهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا وَذِكْرُ الْعِتْقِ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا (وَلَوْ شَهِدَا فِي دَابَّةٍ حَدِيثَةٍ) سِنًّا (بِمِلْكٍ قَدِيمٍ) فِيهَا كَأَنْ شَهِدَا أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ فَظَهَرَ أَنَّ لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ فَقَطْ (لَمْ تُسْمَعْ) شَهَادَتُهُمَا لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِمَا (وَالْمُسَنَّاةُ) الْحَائِلَةُ (بَيْنَ نَهْرِ رَجُلٍ وَأَرْضِ آخَرَ تُجْعَلُ بَيْنَهُمَا) كَالْجِدَارِ الْحَائِلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَجْمَعُ بِهَا الْمَاءَ لِنَهْرِهِ وَالثَّانِي يَمْنَعُ بِهَا الْمَاءَ عَنْ أَرْضِهِ وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ: بِنَاءٌ يَمْنَعُ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِ شَخْصٍ وَيَجْمَعُهُ لِآخَرَ.

(وَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (مِائَةً فَقَالَ) لَهُ (قَبَضْت مِنْهَا خَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْمِائَةِ) لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْخَمْسِينَ (وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ (فِي أَثَاثِ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ أَيْ مَتَاعُ (بَيْتٍ يَسْكُنَا بِهِ) مَثَلًا وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْيَدُ عَلَى الْأَثَاثِ لَهُمَا (وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ لِمَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ) مِنْهُمَا (فَإِنْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا) فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ صَلُحَ الْأَثَاثُ لِأَحَدِهِمَا) كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ لِلرَّجُلِ وَالْحُلِيِّ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (أَوْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَالِكُ) لِلْبَيْتِ (وَالسَّاكِنُ) فِيهِ (بِإِجَارَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا (صُدِّقَ السَّاكِنُ) بِيَمِينِهِ (أَوْ فِي رَفٍّ مُسَمَّرٍ) أَوْ مُثَبَّتٍ فِيهِ (فَالْمَالِكُ) هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْتَضِ الْأَدَاءُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ إنَّمَا تُجْمَلُ ذَلِكَ لَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُسَنَّاةُ الْحَائِلَةُ بَيْنَ نَهْرِ. إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي تَحْرِيرِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا حَفِيرَةٌ تُجْعَلُ فِي جَانِبِ النَّهْرِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَعَنْ تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ أَنَّهَا الْأَحْوَاضُ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ تَحْتَ النَّخْلِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِيمَا هُوَ أَحَقُّ بِمَنْفَعَتِهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا يَكُونُ فِي مِلْكِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِمَا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقَوْلِهِمَا مِنْ بَعْدُ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا أَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ أَنَّهُمَا لَوْ سَكَنَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مِنْ دَارٍ وَاسِعَةٍ هِيَ مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا إنَّ مَا عَدَا مَا فِي الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ بِهِمَا مِمَّا يَكُونُ فِي بَقِيَّةِ بُيُوتِهَا وَصَفَفِهَا أَنَّ الْيَدَ تَكُونُ فِيهِ لِمَالِك الدَّارِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمَا قَدْ تُفْهِمُ خِلَافَهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِذَلِكَ لَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى نِصْفِ مَا فِي الدَّارِ فَقُضِيَ لَهُ بِهِ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ أَوْ لَهُمَا أَوْ مُكْتَرَاهُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إذَا كَانَا فِي دَارٍ سَكَنَاهَا إمَّا مِلْكًا لَهُمْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَاخْتَلَفَا فِي مَتَاعِهَا الَّذِي فِيهَا مِنْ آلَةٍ وَبَسْطٍ وَفَرْشٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ إلَى أَنْ قَالَ فَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي الْيَدِ حُكْمًا فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهِ.
الْمَسْأَلَةُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ طِفْلَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ بِالضِّدِّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيَقُومُ وَلِيُّ النَّاقِصَةِ مَقَامَهَا فِي ذَلِكَ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ وَلِيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَحَصَلَ تَنَازُعُ فِيمَا فِي يَدَيْهِمَا بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ أَوْ بَيْنَ الْحُرِّ وَسَيِّدِ الرَّقِيقِ مِنْهُمَا هَلْ يَجْعَلُ يَدَ الرَّقِيقَيْنِ كَيَدِ السَّيِّدَيْنِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ الْحُرَّانِ شَيْئًا فِي يَدِهِمَا أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ حُرًّا فَهَلْ نَقُولُ الْيَدُ لَهُ فَقَطْ أَوَّله وَلِسَيِّدِ الْآخَرِ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَلْيُنْظَرْ أَيْضًا فِيمَا لَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ الْحُرَّانِ فِي نَفْسِ الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا هَلْ تَكُونُ الْيَدُ لَهُمَا جَمِيعًا فِيهَا كَالْمَتَاعِ أَوْ تَكُونُ الْيَدُ لِلزَّوْجِ عَمَلًا بِالْأَغْلَبِ إنَّ الْمَسْكَنَ يَكُونُ لَهُ أَوْ أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا فِي الْبَيْتِ الْمَسْكُونِ مِنْهَا دُونَ بَقِيَّتِهَا قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْيَدَ لَهُمَا فِي جَمِيعِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِيمَا إذَا انْفَرَدَ الزَّوْجَانِ بِمَسْكَنٍ بِمُفْرَدِهِمَا أَمَّا لَوْ كَانَ يُسَاكِنُهُمَا فِيهِ وَلَدٌ كَبِيرٌ وَيَدُهُ مُشَارِكَةٍ لَهُمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَسَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ وَلَوْ تَنَازَعَ الْخَيَّاطُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي الْمِقَصِّ وَالْإِبْرَةِ وَالْخَيْطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا أَكْثَرُ أَوْ فِي الْقَمِيصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ بِيَمِينِهِ وَهَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ النَّجَّارُ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي آلَةِ النَّجَّارِ أَوْ فِي الْخَشَبَةِ الْمَنْجُورَةِ أَوْ نَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ فِي قَوْسِ النَّدْفِ فَهُوَ لِلنَّدَّافِ أَوْ فِي الْفَرْشِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْقَرَّابُ فِي الْقِرْبَةِ فَهِيَ لِلْقَرَّابِ أَوْ فِي الْخَابِيَةِ وَالْجِدَارِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الدَّارِ. (فُرُوعٌ)
وَإِنْ تَدَاعَيَا دَابَّةً وَأَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ سَائِقُهَا أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالِانْتِفَاعِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلًّا لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَتْ لَهُ وَيَجْرِيَانِ فِي التَّنَازُعِ فِي ثَوْبٍ وَأَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ يُجَاذِبُهُ وَاتَّفَقُوا فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ وَمُمْسِكِهَا عَلَى تَصْدِيقِ الرَّاكِبِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ وَكَذَا فِي مُمْسِكِهِ جَنْبِهَا وَمُمْسِكِ رِبَاطِهَا يُصَدَّقُ مُمْسِكُ الْجَنْبِ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَوْ دَابَّةٌ تَحْتَ يَدِهِمَا وَالْإِسْطَبْلُ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَوَابُّ لِغَيْرِهِ اسْتَوَيَا وَإِلَّا فَهِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ عِمَامَةٌ بِيَدِ أَحَدِهِمَا عُشْرِهَا وَالْآخَرُ بَاقِيهَا فَبَيْنَهُمَا كَدَارِ أَحَدِهِمَا فِي صَحْنِهَا وَالْآخَرُ فِي دِهْلِيزِهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَحْجُورًا أَوْ عَلَى مُمْرِقٍ أَمْ لَا وَلَوْ تَنَازَعَا مَتَاعًا فِي ظَرْفٍ وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمَظْرُوفِ خُصَّ كُلٌّ بِمَا بِيَدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَا عَبْدًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَثَوْبِهِ بِيَدِ الْآخَرِ فَإِنَّ الْيَدَ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ عَلَى ثَوْبٍ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي السَّرْجِ دُونَ الْآخَرِ

(4/424)


الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ (وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا) بِخِلَافِ الْأَثَاثِ لِأَنَّ مَالِكَ الْبَيْتِ إذَا أَكْرَاهُ يُنْقَلُ الْأَثَاثُ ظَاهِرًا وَالرَّفُّ تَارَةً يُنْقَلُ وَتَارَةً يُتْرَكُ وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ (وَالْمَتَاعُ فِي الدَّارِ وَالْحَمْلُ فِي الْحَيَوَانِ وَالزَّرْعُ) أَوْ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ (فِي الْأَرْضِ يُثْبِتُ) كُلٌّ مِنْهَا (الْيَدَ) لِمَالِكِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا فِيهَا مَتَاعٌ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَبِهِ يَجْتَمِعُ مَا هُنَا مَعَ مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِكَوْنِ أَمْتِعَةِ أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ (وَلَا يُثْبِتُهَا) أَيْ الْيَدَ (عَلَى عَبْدٍ ثَوْبٌ) هُوَ لَابِسُهُ (لِمُدَّعِيهِ) فَلَوْ تَنَازَعَاهُ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَمْ يُثْبِتْ يَدَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الثَّوْبِ الْمَلْبُوسِ تَعُودُ إلَى الْعَبْدِ لَا إلَى الْمُدَّعِي (وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ فُلَانًا (أَجَّرَهُ الدَّارَ قُدِّمَ أَقْدَمُهَا تَارِيخًا) لِتَقَدُّمِهَا (وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (أَنَّ زَيْدًا ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ فُلَانٍ (وَآخَرَانِ لِعَمْرٍو) أَنَّهُ ابْنُهُ (وَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ) ثُبِتَ (نَسَبُهُمَا) فَلَعَلَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ اطَّلَعَتْ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى

(فَصْلٌ إذَا عُرِفَتْ ضَيْعَةٌ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَفَى) ذِكْرُهَا وَهَذَا مُقَيَّدٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا أَنَّ الْعَقَارَ إذَا عُرِفَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَفَى ذِكْرُهُ وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَنَّ شُهْرَتَهُ إذَا أَغْنَتْ عَنْ تَحْدِيدِهِ لَمْ يَجِبْ تَحْدِيدُهُ (وَلَوْ غَلَطَ الشُّهُودُ أَوْ الْمُدَّعِي فِي حَدٍّ مِنْ) الْحُدُودِ (الْأَرْبَعَةِ لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ الشُّهُودُ وَلَا دَعْوَى الْمُدَّعِي (فَلَوْ قَالَ خَصْمُ الْمُدَّعِي) لَهُ فِيمَا إذَا غَلَطَ فِي التَّحْدِيدِ (لَا يَلْزَمُنِي دَارٌ صِفَتِهِ) الْأَوْلَى صِفَتُهَا (كَذَا كَانَ صَادِقًا) وَإِذَا حَلَفَ كَانَ بَارًّا (أَوْ قَالَ) لَهُ فِي ذَلِكَ (لَا أَمْنَعُهُ إيَّاهَا سَقَطَتْ دَعْوَاهُ) عَنْهُ (وَلَهُ) مَعَ ذَلِكَ (مَنْعُهُ) مِنْ الدَّارِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَقُولُ لَهُ هِيَ غَيْرُ مَا ادَّعَيْت (وَإِنْ أَتَى) الْمُدَّعِي (بِالْحُدُودِ كَمَا هِيَ لَمْ يَمْنَعْهُ) خَصْمُهُ مِنْهَا (إنْ قَالَ لَا أَمْنَعُهُ مِنْهَا فَإِنْ مَنَعَهُ) مِنْهَا (وَقَالَ ظَنَنْته غَلَطَ) فِي الْحُدُودِ (لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ أَوْ) قَالَ إنَّمَا قُلْت لَا أَمْنَعُهُ لِأَنَّهَا (لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِي إلَى الْآنَ قُبِلَ مِنْهُ) بِيَمِينِهِ (فَيَحْلِفُ) عَلَيْهِ (وَيَمْنَعُهُ) مِنْهَا بَعْدَ الْحَلِفِ

(وَلَوْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ) فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ (إذْنًا) مِنْهُ لَهُ (فِي التِّجَارَةِ لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (أَوْ بَعْدَ مَا اشْتَرَى) وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ (أَوْ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ) وَتَلِفَ بِيَدِهِ (فَلِلْبَائِعِ) فِي الْأُولَى إذَا طُلِبَ الثَّمَنُ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ إذَا طُلِبَ الْمَبِيعُ (تَحْلِيفُ سَيِّدٍ) لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْيِ الْإِذْنِ إنْ (أَنْكَرَ) الْإِذْنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ (فَإِذَا حَلَفَ) فِيهِمَا حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِمِلْكِ السَّيِّدِ لِلْمَبِيعِ فِي الْأُولَى بِزَعْمِ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ (فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا لِيَسْقُطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّتِهِ) بِتَقْدِيرِ إقْرَارِ سَيِّدِهِ وَلَوْ حُكْمًا نَعَمْ إنْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ فِي الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فِي الثَّانِيَةِ وَأَحَالَ بِهِ وَحَلَفَ السَّيِّدُ لِلْمُشْتَرِي ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَصْلُ غَالِبَهُ وَأَقَرَّهُ وَمَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْأُولَى قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِالْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ لِزَيْدٍ شَيْئًا بِوَكَالَتِهِ بِذِكْرِهِ وَسَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ فِي الْعَقْدِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِيهَا فَأَنْكَرَهَا زَيْدٌ وَحَلَفَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَبْدَ أَقْوَى فِي تَحْصِيلِ الْمِلْكِ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِمُوَكِّلِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ إكْسَابَهُ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا أَمَّا إذْ لَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ بَلْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ الَّذِي بِيَدِهِ أَوْ الْمَبِيعِ

(وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِأَلْفٍ ادَّعَاهُ لِيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ فَأَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا بِإِقْرَارِهِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ حَلَفَ) خَصْمُهُ (مَعَ شَاهِدِهِ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ غَاصِبٍ غَاصِبَةَ وَإِنْ سَفَلَ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ) إنْ ادَّعَى الْمَالِكُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدَّ الْمَغْصُوبِ بِصِفَةِ كَذَا أَوْ قِيمَتِهِ وَهِيَ كَذَا (أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدَّ الْعَيْنِ) وَلَا قِيمَتَهَا (لِإِمْكَانِ الرَّدِّ وَعَدَمِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ إنْ قَدِرَ عَلَى الِانْتِزَاعِ لَزِمَهُ الِانْتِزَاعُ وَالرَّدُّ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ إذَا عُرِفَتْ ضَيْعَةٌ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ كَفَى ذِكْرُهَا]
قَوْلُهُ كَفَى ذِكْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ)
فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّفَهِ حَالَةِ الْإِقْرَارِ أَوْ التَّصَرُّفِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ حِينَئِذٍ قُلْت وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ سَبْقَ سَفَهِهِ لِذَلِكَ إنَّ بَيِّنَةَ الرُّشْدِ تُقَدَّمُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُسْتَصْحَبَةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ السَّفَهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَبَيِّنَةُ السَّفَهِ أَوْلَى كَمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْجُرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو بِمَالٍ فِي مَكَانِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِقْرَارُهُ كَانَ فِي جُنُونِهِ قَالَ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ جُنُونٌ سَابِقٌ فَبَيِّنَةُ الْجُنُونِ أَوْلَى لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ أَحْيَانَا وَيُفِيقُ أَحْيَانَا وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ اهـ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قُلْت وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِأَلْفِ إلَخْ) قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَافِعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ فَضَمِنَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدَدْت أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَيْهِ فَقَالَ الْقَفَّالُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لِلْمُدَّعِي لَا فِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ قَرْضٌ عِنْدَهُ اهـ

(4/425)


الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَوَّلِ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَالتَّعْلِيلُ نَاطِقٌ بِهِ (وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي لِدَارٍ (اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكٍ) لَهَا (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمِلْكِ الْمُدَّعِي لَهَا الْآنَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ هَذَا مُنَزَّلٌ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي لِمَا ادَّعَاهُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الشَّهَادَةِ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمِلْكِ الْمُدَّعِي لَهَا الْآنَ.
(وَيَدَّعِي الْمَالِكُ عَلَى مَنْ غَصَبَ) مِلْكَهُ (الْمَرْهُونَ) مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّ لِي عِنْدَهُ ثَوْبًا مَثَلًا صِفَتُهُ كَذَا وَ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيَّ وَلَهُ ذِكْرُ كَوْنِهِ مَرْهُونًا) بِأَنْ يَقُولَ كُنْت رَهَنْته عِنْدَ فُلَانٍ وَلَا بَعْدُ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيَّ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الرَّاهِنِ وَلِهَذَا لَوْ نُوزِعَ فِي الْمَرْهُونِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُهُ (وَلِمَنْ عَرَفَ تَنَاكُحَ وَالِدَيْ شَخْصٍ) وَحُرِّيَّةَ أُمِّهِ (الشَّهَادَةُ) لَهُ (بِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ) وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الْوِلَادَةَ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ (لَا) الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ (لِغَرِيبٍ) دَخَلَ بَلَدًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَجُوزُ (وَإِنْ ادَّعَى الْخَارِجُ شِرَاءَ الْعَيْنِ) الْمُدَّعَاةِ (مِنْ الدَّاخِلِ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً (وَ) ادَّعَى (الدَّاخِلُ أَنَّهُ وَهَبَهَا مِنْ الْخَارِجِ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً (وَلَا تَارِيخَ) لَهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ (تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا وَتُقَرُّ) الْعَيْنُ (فِي يَدِ الْخَارِجِ) وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ) وَأُخِذَتْ مِنْهُ (أَوْ ظَهَرَتْ مَعِيبَةٌ) وَأَرَادَ رَدَّهَا (لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ) فَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَالْمُتَأَخِّرَةُ أَوْلَى قَالَهُ الْقَفَّالُ (وَلَوْ تَنَازَعَا) أَيْ اثْنَانِ (دَارًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي) لَهَا (أَنَّهَا مِلْكُهُ وَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ آخَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالشِّرَاءِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَئِذٍ (ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) أُخْرَى (أَنَّ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهَا بَاعَهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَ بَيْعِهَا مِنْهُ (جُعِلَتَا كَبَيِّنَةٍ وَتَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا) أَيْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ وَبَيِّنَةُ الثَّانِي الْحَاصِلَةِ مِنْ بَيِّنَتَيْهِ

(وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (عَلَى زَيْدٍ بِمِلْكِ دَارٍ وَانْتَزَعَهَا) مِنْهُ (ثُمَّ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (آخَرُ) بَيِّنَةً (أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِلْكُهُ قُضِيَ بِهَا لِلْآخَرِ) وَكَانَ كَمَا لَوْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ مِنْهُ (وَإِنْ أَثْبَتَ) الثَّانِي (أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي) الْأَوَّلِ (بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ) بِهَا (لَمْ تَحْتَجْ بَيِّنَتُهُ) فِي الْحُكْمِ لَهُ بِهَا عَلَى الْأَوَّلِ (أَنْ تَقُولَ) أَنَّهُ (اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ) أَثْبَتَ ذَلِكَ (قَبْلَ الْحُكْمِ) لِلْأَوَّلِ بِهَا (فَلَوْ قَالُوا) أَيْ شُهُودُهُ (اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ اُنْتُزِعَتْ) مِنْ ذِي الْيَدِ وَقُضِيَ بِهَا (لِلثَّانِي وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ) بَيِّنَتُهُ (لِلْمِلْكِ سُمِعَتْ) عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِذَا حُكْمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي) الْأَوَّلِ (اُنْتُزِعَتْ لِلثَّانِي) وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَلِمُدَّعٍ عَلَى ذِي الْيَدِ شِرَاءُ دَارٍ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ) وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ (أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِالْبَيْعَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِبَيِّنَةِ وَإِنْ قَدَّمَ وَأَخَّرَ لَمْ يَضُرَّ وَلِمَنْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ تَبَدَّلَتْ حُدُودُهَا) بَعْدَ الشِّرَاءِ (أَنْ يُثْبِتَ) بِبَيِّنَةٍ (أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) مِنْ فُلَانٍ وَقْتَ كَذَا (وَالْحُدُودُ) يَوْمَئِذٍ (كَذَا ثُمَّ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أُخْرَى (بِكَيْفِيَّةِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَالتَّعْلِيلُ نَاطِقٌ بِهِ) وَكَذَا رَأَيْته بِمَعْنَاهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّ هَذَا مُنَزَّلُ. . . إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِمْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِلْكَهُ أَمْسِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَخَلَفَهَا مِيرَاثًا لِابْنِهِ هَذَا وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهَا الْآنَ مِلْكُ هَذَا الِابْنِ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ وَحُكْمِ هَذَا حُكْمِ مَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِفُلَانٍ أَمْسِ لَا يُقْبَلُ فِي الْجَدِيدِ. اهـ. (وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً) فِي سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ قَبْلَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا نَظَرٌ نَعَمْ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا عِنْدَ ظُهُورِ اسْتِحْقَاقٍ وَغَيْرِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فَظَاهِرٌ غ (فَرْعٌ)
إذَا تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ دَارًا فِي يَدْيِهِمَا فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَهَا وَأَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا وَأَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى الرَّجُلُ مِلْكِيَّةَ الدَّارِ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ الدَّارَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا حُكْمًا بِيَدِهِمَا وَالْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالنِّكَاحِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ تَنَازَعَا سَفِينَةً أَحَدُهُمَا مُمْسِكٌ بِرِبَاطِهَا وَالْآخَرُ بِخَشَبِهَا كَانَتْ الْيَدُ لَهُ لِأَنَّ الْخَشَبَ مِنْ السَّفِينَةِ وَالرِّبَاطَ لَيْسَ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكُهَا كَانَتْ الْيَدُ لِلرَّاكِبِ دُونَ الْمُمْسِكِ لِأَنَّ لِلرَّاكِبِ تَصَرُّفًا لَيْسَ لِلْمُمْسِكِ اهـ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارُهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قَالَ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى رِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا امْرَأَةٌ لَهَا وَلَدٌ أَقَامَا بِبَلَدٍ مُدَّةً عَلَى حُكْمِ الْأَحْرَارِ تَقُولُ هَذَا وَلَدِي وَيَقُولُ هُوَ هَذِهِ أُمِّي ثُمَّ جَاءَ مُدَّعٍ وَادَّعَى رِقّهَا فَقَالَتْ كُنْت مَمْلُوكَتَهُ فَأَعْتَقَنِي وَأَنْكَرَ الْوَلَدَ وَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ وَلَسْت بِابْنٍ لَهَا حُكِمَ بِرِقِّهَا دُونَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا إلَخْ) لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى ابْنُهُ بِأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلَادِنَا وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِنَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِأَبِي حِينَ بَاعَهَا وَهُنَاكَ أَوْلَادٌ سُمِعَتْ وَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ الْأَطْفَالِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ نَصِيبَ أَوْلَادِهِ وَلَا يُحْكَمَ بِبَيِّنَةٍ لَا لَهُ وَلَا لِلْأَطْفَالِ لِخُرُوجِهِ بِإِقْرَارِهِ عَنْ كَوْنِهِ قَيِّمًا لَهُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَلْ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ قَيِّمًا يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ثَانِيًا عَلَى نَصِيبِهِمْ إنْ شَاءَ نَصَّبَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصَّبَ ابْنَ الْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا إنَّمَا بَطَلَتْ فِي حَقِّ أَبِيهِمْ لَا فِي حَقِّهِمْ فَلَوْ أَنَّ الِابْنَ الْمُدَّعِي لِلْوَقْفِ ادَّعَى بِأَنِّي كُنْت جَاهِلًا بِالْوَقْفِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ

(قَوْلُهُ ثُمَّ أَثْبَتَ. .) أَيْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بَعْدَ

(4/426)


التَّبَدُّلِ) لِلْحُدُودِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ فُلَانٍ الْمَحْدُودِ بِهَا انْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَاَلَّتِي كَانَتْ بِيَدِ فُلَانٍ انْتَقَلَتْ إلَى فُلَانٍ وَهَكَذَا (لِيُقْضَى لَهُ) بِالدَّارِ الْمُدَّعَاةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ شُهُودُ الشِّرَاءِ تَشْخِيصَ الْحُدُودِ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِالِانْتِقَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ لَا يَجِدُهَا (فَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى غَيْرِهِ (بِمِلْكِ دَارٍ فَقَالَ) لَهُ (الْقَاضِي هِيَ) مِلْكٌ (لِفُلَانٍ بِعِلْمِي فَأَثْبِتْ الشِّرَاءَ) لَكَ (مِنْهُ انْدَفَعَتْ بَيِّنَتُهُ) بِذَلِكَ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي هَذِهِ لِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ بِمَا يُخَالِفُ عِلْمُهُ

(وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَقَالَ لَيْسَتْ فِي يَدِي أَوْ لَا أَمْنَعُك مِنْهَا فَكَذَّبَهُ) الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ (لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بَلْ يَذْهَبُ) أَيْ الْمُدَّعِي إلَيْهَا (فَإِنْ مَنَعَهُ أَحَدٌ) مِنْهَا (ادَّعَى عَلَيْهِ) وَإِلَّا فَلَا مُنَازَعَةَ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ فِي أَوْ لَا أَمْنَعُك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَاوِ (فَإِنْ بَاعَ دَارًا فَقَامَتْ بَيِّنَةُ الْحِسْبَةِ بِوَقْفِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثَبَتَ الْوَقْفُ) لَهَا وَنُزِعَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي (وَرَدَّ) عَلَيْهِ الْبَائِعُ (الثَّمَنَ وَتُوقَفُ الْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ فِي حَيَاةِ الْبَائِعِ (فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَخَذَهَا وَإِلَّا صُرِفَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْأَقْرَبِ) فَالْأَقْرَبِ (إلَى الْوَقْفِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِبَيِّنَةِ الْحِسْبَةِ أَنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِهَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْجِهَةَ الْعَامَّةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَوْجُودَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامٌ آخَرْ (وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَقْفَهَا وَلَمْ يَكُنْ قَالَ) حِينَ الْبَيْعِ (هِيَ مِلْكِي سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَبَيِّنَتُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ وَتَقْيِيدُ سَمَاعِ دَعْوَاهُ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ أُخِذَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمُ سَمَاعِهَا فِيهِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا (وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشَتِّرِي) مِنْهُ (بِعْتُك وَأَنَا لَا أَمْلِكُهُ وَالْآنَ قَدْ مَلَكْته) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ وَلِمَا يَأْتِي وَأَنَا لَا أَمْلِكُهَا وَالْآنَ قَدْ مَلَكْتهَا (وَلَمْ يَكُنْ قَالَ) حِينَ الْبَيْعِ (هِيَ مِلْكِي سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ حَلَّفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ) إيَّاهَا (وَهِيَ مِلْكُهُ) وَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتَهُ

(فَصْلٌ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا) بِهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِالْمَفْهُومِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْجَوَابَ مَقْبُولٌ وَالصَّحِيحُ كَمَا مَرَّ فِي جَوَابٍ لِدَعْوَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْجَوَابُ إلَّا إذَا نُفِيَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فَيَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمَ شَيْءٍ مِنْهَا قُلْت الْقَاضِي مَاشٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ صِحَّةِ الْجَوَابِ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ بَلْ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ لَا وَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا تَنْقَطِعُ بِهِ مُطَالَبَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ بَعْدَ الْيَوْمِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ (وَأَنَّهُ تَتَعَارَضُ بَيِّنَةُ وَقْفٍ وَ) بَيِّنَةُ (مِلْكٍ) كَبَيِّنَتِي الْمِلْكِ فَلَا تُقَدَّمُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ يَسِيرَةٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فُرُوعٌ)
بَاعَ حِمَارًا إلَى أَجَلٍ فَلِمَا انْقَضَى تَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ وَرَدَّ الْحِمَارَ وَحَلَفَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْكِرَاءِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحِمَارِ مِلْكًا لَهُ بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْحِسْبَةَ عَلَى قَيِّمِ صَبِيٍّ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِلصَّبِيِّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ إنْ اتَّهَمَهُ فِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ وَأَنَّهُ مَلِيءٌ بِأَدَائِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مُفْلِسٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَهَابِ مَالِهِ وَأَنَّهُ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ مُفْلِسًا فَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي حَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَهَابَ مَالِهِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَ هَذِهِ الضَّيْعَةُ بِالْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ فَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَ الضَّيْعَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ بَاعَهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْقَفَّالُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا حِسْبَةً وَبِدَعْوَى غَيْرِهِ قُلْت فِي رَدِّ دَعْوَاهُ مُطْلَقًا نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ إذَا أَبْدَى عُذْرًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ بِأَنْ قَالَ ظَنَنْت أَنِّي وَرِثْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابٌ بِأَنَّ أَبِي وَقَفَهَا عَلَيَّ فِي حَالَ صِغَرِي وَلِي بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ أُخْبِرْت بَعْدَ دَعْوَايَ مِلْكِيَّتِهَا عَنْ أَبِي إرْثًا أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا عَلَيَّ بِشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ عَلَى مَا شَهِدْنَاهُ يُسَمِّيَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مِلْكًا وَيَقُولُ فِي دَعْوَاهُ لَهُ مِلْكِي وَمِلْكُ أَبِي وَجَدِّي وَهَذَا كِتَابِي بِهِ يُرِيدُ كِتَابَ الْوَقْفِ فَمِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ غ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ سَمَاعِهَا فِيهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا أَيْ وَإِلَّا كَانَ قَالَ كُنْت جَاهِلًا بِالْوَقْفِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ

[فَصْلٌ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْيَوْمَ]
(قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ) فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَقَفَهَا مَالِكُهَا وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِالْوَقْفِ فَشَهَادَةُ الْوَقْفِ بِأَمْرٍ زَائِدٍ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوَقْفِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُرَجَّحُ بِالْيَدِ لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْوَقْفِ وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَالثَّانِي يُرَجَّحُ. اهـ. وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَطَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الدَّارُ لِزَوْجَتِك لَا لَكَ فَقَالَ بَلْ مِلْكِي فَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ إلَيْهِ ثُمَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ انْتِزَاعِ الدَّارِ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ هِيَ لِزَوْجَتِي وَكَّلَتْنِي فِي بَيْعِهَا نُظِرَ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَصَدَّقَتْهُ فَلَهُ إجْبَارُهُ أَوْ غَائِبَةً فَلَهُ أَيْضًا إجْبَارُهُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الشِّرَاءِ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ الْقَبْضِ لَهُ قُلْت وَسَبَقَ عَنْ فَتْوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الدَّارَ الْمُوصَى بِبَيْعِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُك الثَّمَنَ حَتَّى تُثْبِتَ وَصِيَّتُك عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ (تَنْبِيهٌ)
أَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًا مُطْلَقًا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَاحِقٌ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِقْدَارٌ مِنْ الدِّبْسِ مُسَلَّمًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ حَالَةِ الْإِبْرَاءِ وَلَمْ يَرُدَّهُ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُمُومَ مُنْتَشِرُ الْإِفْرَادِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْعَدِّ وَالْحَصْرِ وَغَيْبَةِ بَعْضِهَا عَنْ الذِّهْنِ لَيْسَ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ وَقَدْ وَجَدْت عَلَى مُوَافَقَةٍ قَرَّرْته نَصًّا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْحُكَّامِ

(4/427)


بَيِّنَةُ الْوَقْفِ (وَ) أَنَّهُ (إنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا أَخٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجٌ يُسَاكِنُهَا فَادَّعَى) الزَّوْجُ أَنَّ (الْمَتَاعَ) لَهُ (صُدِّقَ فِي النِّصْفِ بِيَمِينِهِ) وَأَخَذَهُ بِحُكْمِ الْيَدِ وَجُعِلَ النِّصْفُ لِلْمَيِّتَةِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ التَّنْصِيف ثِيَابُ بَدَنِهَا الَّتِي عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ بِالْيَدِ عَلَيْهَا فَيَحْلِفُ وَارِثُهَا عَلَيْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ يُسَاكِنُهَا مَا إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ إذْ لَا يَدَ لَهُ (وَيَحْلِفُ) الزَّوْجُ (لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمَا) أَيْ الْأَخُ وَالْأُخْتُ (يَمِينًا فَإِنْ أَثْبَتَتْ الْأُخْتُ) بَعْدَ حَلِفِهِ لَهَا لِكَوْنِهَا الْحَاضِرَةِ وَالْأَخِ غَائِبًا (أَنَّهُ) أَيْ الْمَتَاعُ (لَهَا وَلِأَخِيهَا ثَبَتَ لَهُمَا) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ (وَ) أَنَّهُ (لَا يُطْلَقُ حَبِيسٌ) بِحَبْسِ الْقَاضِي (إلَّا بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ أَوْ رِضَا خَصْمِهِ وَبَعْدَ رِضَاهُ) بِإِطْلَاقِهِ (لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِهِ) لِأَنَّهُ لَا حَبْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ حَبَسَهُ (وَمَنْ عَرَفَ عَادَةً قَدِيمَةً بِإِجْرَاءِ مَاءٍ) أَوْ طَرْحِ ثَلْجٍ (فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا مَانِعٍ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِاسْتِحْقَاقِهِ) لِمُدَّعِيهِ (وَلَا تُسْمَعُ) شَهَادَتُهُ بِهِ (إنْ صَرَّحَ بِالْعَادَةِ) بِأَنْ يَقُولَ رَأَيْت ذَلِكَ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ

(فَصْلٌ سُئِلَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ عَنْ رَجُلٍ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ فَادَّعَى آخَرُ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَأَثْبَتَ الْأَوَّلُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْحُكْمِ لَهُ بِالْمِلْكِ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِالْحُكْمِ) لَهُ (بِصِحَّةِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْحُكْمِ) لِلْأَوَّلِ (بِالْمِلْكِ) وَلَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا هَلْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ أَوْ الْمِلْكُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ (ثَبَتَ الْوَقْفُ) دُونَ الْمِلْكِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَلَى الْمِلْكِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي مِنْ أَنَّ بَيِّنَتِي الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ يَتَعَارَضَانِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَعَارَضَانِ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ تَارِيخُهُمَا (وَلَزِمَهُ) أَيْ مُدَّعِي الْمِلْكِ (أُجْرَةُ) مِثْلُ (مُدَّةِ وُقُوفِهِ) الْأَوْلَى وُقُوفِهَا أَيْ الدَّارُ أَيْ مُدَّةُ إقَامَتِهَا (تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ وُقِفَ) مِلْكًا لَهُ (وَأُقِرَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ وَلَمْ يُعِينُهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْهُ وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى جَوَازًا لِرُجُوعٍ عَنْهُ كَحَنَفِيٍّ فَهَلْ لَهُ الْحُكْمُ بِنُفُوذِ الرُّجُوعِ أَوْ لَا فَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ بِأَنَّهُ (لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ تَنْفِيذُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْحُكْمُ بِنُفُوذِ رُجُوعِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ لَا يَرَى الرُّجُوعَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ

(فَصْلٌ) مَنْقُولٌ (مِنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ) لَوْ (ادَّعَى دَارًا عَلَى مَنْ) هِيَ بِيَدِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ (اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِهَا لِزَيْدٍ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا تَارِيخَ) لَهُمَا مَعْلُومٌ (قُرِّرَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِاعْتِضَادِ بَيِّنَتِهِ بِالْيَدِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَبِيعًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت الثَّمَنَ) لِلْبَائِعِ (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (لَمْ يُسَلِّمْ) هـ (فِي الْمَجْلِسِ شَيْئًا سُمِعَتْ) هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ تُسْمَعْ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا لَكِنَّ النَّوَوِيَّ بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ رَدَّهُ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ (أَنَّهُ نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَطَالَبَتْ) هـ (بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ) ادَّعَتْ (نِكَاحَ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ) مِنْهُ (ثُبِتَ) ذَلِكَ (بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي فِيمَا فِي يَدِ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لِعَبْدٍ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ وَقْتِ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَكَتَبَ أَيْضًا ادَّعَتْ صَدَاقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَبْرَأَتْنِي مِنْهُ فَقَالَتْ أَبْرَأْته وَلَمْ أَعْلَمْ مِقْدَارَهُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْعَقْدِ بَالِغَةً عَاقِلَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي عِلْمِهَا بِمِقْدَارِهِ حِينَ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّغِيرَةَ يُعْقَدُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا بِالصَّدَاقِ وَالْكَبِيرَةَ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهَا إلَّا بِإِذْنِهَا بِالصَّدَاقِ قُلْت وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ الْمُجْبَرَةِ فَقَدْ لَا تُسْتَأْذَنُ أَصْلًا وَلَوْ أَبْرَأَ عَنْ دَيْنٍ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ هُوَ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ بِيَمِينِهِ الْمُقْتَرِضُ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ قُبَالَةً مُكْتَتَبَةً بِالشِّرَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ فِي يَدِ فُلَانٍ الْبَائِعِ وَمِلْكِهِ فَشَهِدُوا عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْقُبَالَةِ فَإِنَّ الْمِلْكَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يُثْبَتُ لِلْبَائِعِ حِينَ بَاعَهَا لِأَنَّ الْقُبَالَةَ مُكْتَتَبَةٌ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي شَهِدُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا يَوْمَ بَاعَهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ (فُرُوعٌ)
لَوْ ادَّعَى أَنَّ عَبْدَهُ هَرَبَ مِنْهُ وَدَخَلَ دَارَ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَوْ جَاءَ إلَى الْحَاكِمِ وَقَالَ امْرَأَتِي فِي بَيْتِ هَذَا وَهُوَ يَمْنَعنِي عَنْهَا وَلَا يَأْذَنُ لِي أَنْ أَدْخُلَ دَارِهِ وَأَخْرِجْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا أَقَامَهَا بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فِي دَارِهِ فَيَسْمَعُهَا الْقَاضِي ثُمَّ الْأَمْرُ إلَى اجْتِهَادِهِ فَإِنْ رَأَى أَنْ يَخْتِمَ بَابَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَعَلَ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَهْجِمَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ فَعَلَ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَأَقَامَ الْخَصْمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِمَوْضِعِ كَذَا مِنْ الْغَدَاةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ سَقَطَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ حُكِمَ بِهِ وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ أَنَا أَبُوهَا وَكُنْت فِي الْبَلَدِ فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا صَحَّ النِّكَاحُ قُلْت وَفِيمَا أَطْلَقَهُ يَعْنِي الْبَغَوِيّ إشْكَالٌ إنْ كَانَ التَّصْوِيرُ أَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُجَرَّدِ تَصَادُقِ الْمَجْهُولِ وَالْمُدَّعِي وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَهِيَ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَوَافَقَهُ الْعَبَّادِيُّ وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْمُزَنِيّ وَفِيهِ وَحْشَةٌ وَذَكَرَ الْقَاضِي كُرْهَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَلَا يُطْلَقُ حَبِيسٌ إلَّا بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ

[فَصْلٌ رَجُلٍ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ فَادَّعَى آخَرُ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً]
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَتَعَارَضَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(4/428)


أَوْ) رَجُلٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِمَا النِّكَاحُ (لِأَنَّ قَصْدَهَا الْمَهْرُ) فِي الْأُولَى (وَالْإِرْثُ) فِي الثَّانِيَةِ وَقَاسَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَصْبِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ

(فَصْلٌ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ) لِرَجُلٍ (بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَثْبَتَ آخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ لِلْمُقِرِّ لَهُ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا النِّكَاحُ الْأَوَّلُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي (وَ) أَنَّهُ (إنْ قَالَ الْمُحَكِّمُ فِي النِّكَاحِ لِلْبِكْرِ قَدْ حَكَّمْتِنِي) لَأَنْ (أُزَوِّجَك هَذَا فَسَكَتَتْ كَانَ) سُكُوتُهَا (إذْنًا) مِنْهَا لَهُ فِيهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ فَسَكَتَتْ (وَ) أَنَّهُ (لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ) رَجُلًا (مَنْ ادَّعَتْ عِنْدَهُ طَلَاقًا مِنْ نِكَاحِ) رَجُلٍ (مُعَيَّنٍ) أَوْ مَوْتِهِ عَنْهَا (حَتَّى يُثْبِتَ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً (بِهِ) لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ

(فَصْلٌ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ) أَنِّي (مَا قُلْت) لَهَا (إنْ فَعَلْت) كَذَا كَدُخُولٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا هِيَ بَائِنٌ مِنِّي بِثَلَاثٍ فَقَدْ يَتَأَوَّلُ) أَيْ يَحْلِفُ مُتَأَوِّلًا عَلَى مَذْهَبِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَتَابِعِيهِ (أَنَّ الثَّلَاثَ لَا تَقَعُ مَعًا) أَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُصَحِّحُ الدُّورَ فَيُشَدِّدُ عَلَيْهِ لِيَتَعَرَّضَ لِلْحَادِثَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ يَكْفِيهِ أَنَّهَا لَمْ تُبِنْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَالَ لَمْ تُبِنْ مِنِّي حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ قَالَهُمَا حَلَفَ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاصِّ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ أَخْصَرُ وَالتَّأْوِيلُ لَا يَنْفَعُ الْحَالِفُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى دَارًا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِإِقْرَارِ زَيْدٍ لَهُ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]
قَوْلُهُ وَقَاسَهُ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا مُعْتَمِدٍ عَلَيْهِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ إرْثَ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ زَوْجِيَّتُهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهَذَا بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَثْبُتَ لِلْمَرْأَةِ لِنَفَقَتِهِ وَالْكِسْوَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهَا وَهُوَ غَرِيبٌ لَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَنَازَعَ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الصَّدَاقِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ. اهـ. وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَمَا فِي الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ هُوَ مَا جُزِمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحْ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ

[فَصْلٌ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ]
(قَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ إلَخْ) وَفِيهَا رَجُلٌ يُجْرِي مَاءً فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمِلْكِ لَا حَقَّ لَك فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَارِيَّةٌ وَادَّعَاهُ الْمُجْرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمِلْكِ بِيَمِينِهِ قَالَ فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى رَسْمِ الْمُلَّاكِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ وَلَا غَيْرُهُ فِيهِ جَازَ أَنْ يُشْهَدَ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِجْرَاءَ إنَّمَا حَدَثَ فِي مِلْكِ هَذَا الْمَالِكِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ابْتِدَاؤُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ غ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِهِ لِعَمْرٍو قَالَ فَلِعَمْرِو أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ وُسْعَ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَشْهَدَ جَزْمًا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجِهَةِ وَالسَّبَبِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْبِرَهُمْ عَنْهُ وَلَوْ أَنَّ الْمُقِرَّ ادَّعَى أَنَّ الْمُقِرَّ لَهُ أَوَّلًا أَبْرَأَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالْمَالِ لِلْغَيْرِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عَنْ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى قُلْت وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إبْرَاءَ مُتَقَدِّمِ التَّارِيخِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَهَلْ تُسْمَعُ لِلتَّحْلِيفِ لِلتَّغْرِيمِ فِيهِ احْتِمَالٌ ع ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقْرَرْت بِاللِّسَانِ وَلَمْ أَقْبِضْ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَا رَأَيْنَا ذَلِكَ الْعَبْدَ فِي يَدِهِ وَقَالَ إنَّهُ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْرَرْت وَلَمْ يَكُنْ وَصَلَ إلَيَّ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ لَا بِتَسْلِيمٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ ادَّعَى دَارً أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِالْوَقْفِيَّةِ بِأَنَّهَا مِلْكِي بِعْتهَا مِنِّي بِكَذَا قَبْلَ دَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ وَسَلَّمْتهَا إلَيَّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً قَالَ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَعَلَى مُدَّعِي الْوَقْفِيَّةِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى مُدَّعِي الشِّرَاءِ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَقْفِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مِلْكُهُ زَالَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالْعِتْقِ، وَالْحَقُّ فِيهِ لَا قَوَّامَ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَبَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْوَقْفِيَّةِ وَزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا حُكْمَ لِبَيْعِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ مُدَّعٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ هَلْ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْمِلْكِ قَالَ الْقَاضِي نَظَرٌ إنْ كَانَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ بِالْمِلْكِ كَانَ الْوَكِيلُ يَسْتَجِيزُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَشْهَدَ لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْمِلْكِ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ ذَلِكَ شَهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا أَنِّي اشْتَرَيْته لَهُ قُلْت هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَسَبَقَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بِعْته مِنِّي وَقَدْ رَدَدْته عَلَيْك وَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالُ إلَيْك فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَدَّعِي عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَالَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَيُحَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَيُحَلِّفُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمَالَ مِنْ جِهَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَلَوْ أَوْدَعَهُ عَيْنًا وَقَالَ هِيَ مِلْكُ ابْنِي وَمَاتَ الدَّافِعُ فَادَّعَى مُدَّعٍ الْعَيْنُ عَلَى الْأَمِينِ فَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْخُصُومَةِ أَنْ يَدْفَعَ الْعَيْنَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُسْقِطَ الْيَمِينَ عَنْ نَفْسِهِ

[فَصْلٌ أَنْكَرَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ]
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاصِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالتَّأْوِيلُ إلَخْ) وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (خَاتِمَةٌ) ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ ذُو الْيَدِ كَانَتْ لَهُ إلَّا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنِّي فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ وَشَهِدَ لِذِي الْيَدِ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلشِّرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْقَاضِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمِلْكِ لِأَنَّ يَدَهُ قَدْ بَطَلَتْ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ يَدَّعِي مِلْكَ عَيْنٍ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهَا وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ قُلْت وَهُوَ الصَّحِيحُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَزَفَّهَا مَعَ الْجِهَازِ وَقَالَ هَذَا جِهَازُ ابْنَتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا يُوَرَّثُ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَمَاتَتْ فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ جِهَازُهَا فَلِي فِيهِ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ أَعَرْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قُلْت وَفِيهِ إشْكَالٌ

(4/429)


بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً لَمْ يَكْفِ أَنْ يَقُولَ) فِي الْجَوَابِ (لَا يَلْزَمُنِي الدَّفْعُ) إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَا دَفْعَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ (بَلْ يَقُولُ) فِي الْجَوَابِ مَا (أَوْدَعْتنِي أَوْ تَلِفَتْ) فِي يَدِي (أَوْ رَدَدْتهَا) إلَيْك وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مُؤَوَّلٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَثْبَتَ) شَخْصٌ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ سَفِينَةٍ) لَهُ (بِدِينَارٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا) مِنْهُ (بِهِ تَعَارَضَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (أَوْ) شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ قَتَلَهُ فِي وَقْتٍ) مُعَيَّنٍ (وَشَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ (الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ عِنْدَنَا) وَلَمْ يَغِبْ عَنَّا (وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ تَعَارَضَتَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ فِي مَحْصُورٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى) شَخْصٌ (أَنَّ الدَّارَ مِلْكِي وَفُلَانٌ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (يَمْنَعُنِي مِنْهَا تَعَدِّيًا لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لَهُ بِالْيَدِ) وَهَذَا طَرِيقٌ يَسْلُكُهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقِرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَدِ وَظَاهِرُ كَلَامُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْفَصْلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ الْأُولَى فَقَطْ وَنَقَلَ مَا عَدَاهَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ) النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا بِهَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً شَهِدَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُنْقَضُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ قُبِلَ وَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَصَرَّا عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فِسْقِهِمَا يُمْتَنَعُ الْقَضَاءُ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْضًا لِغَرَضِ التَّغْرِيمِ لِلشُّهُودِ لَا لِإِبْطَالِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بَاعَ دَارًا بِحُضُورِ فَقِيهٍ ثُمَّ صَارَ قَاضِيًا فَادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ عِنْدَهُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مُطْلَقَةً عَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلِمَ انْتِقَالَ الْمِلْكِ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِامْتِنَاعُ عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ انْتِقَالَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَتُسْمَعُ وَيَقْضِي لَهُ بِالْبَيِّنَةِ.
وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَسْكُنَانِ دَارًا فَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَالدَّارُ دَارِهِ وَهِيَ أَنَّهُ عَبْدُهَا وَالدَّارُ دَارُهَا قَالَ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَهِيَ عَلَى نَفْيِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْلِفَانِ عَلَى الدَّارِ وَتَبْقَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَبَيِّنَتُهَا أَنَّ الرَّجُلَ عَبْدُهَا أَوْلَى لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ كَانَ رَقِيقًا وَإِذَا حَكَمْنَا لَهَا بِمِلْكِيَّةِ الرَّجُلِ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا قُلْت وَعَنْ رِوَايَةِ شُرَيْحٍ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَانِ وَقِيلَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةٍ لِرَجُلٍ فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ غ وَكَتَبَ أَيْضًا مَدْرَسَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ فِيهَا وَلَمْ يُسَنِّدْ النَّظَرَ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا أَنَّهُ تَلَقَّاهُ مِنْ جِهَتِهِ وَكَتَبَ مَحْضَرًا فَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ بِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَفِي أَوْقَافِهَا وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَا عَلَى شَهَادَةِ مِنْ شَهِدَ عَلَى الْوَاقِفِ فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ الْمُتَنَازَعُ لَدَيْهِ عَنْ مُسْتَنِدِ شَهَادَتِهِمْ هَلْ عَلَى الْوَاقِفِ وَإِقْرَارِهِ أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَلَمْ يُسْنِدُوا ذَلِكَ وَصَمَّمُوا وَقَالُوا نَعْلَمُ ذَلِكَ فَهَلْ تَنْزِلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ وَيَثْبُتُ بِهَا النَّظَرُ أَمْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ بَيَانُ سَبَبِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجَابَ الْعِمَادُ بْنُ الشِّيرَازِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِمَّنْ فَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاقِفِ النَّظَرَ وَشَرْطٌ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُسَنِّدُ ذَلِكَ الْوَاقِفَ بِشَرْطِهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِ الْوَاقِفِ وَلَا فَتَكُونُ شَهَادَةٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ بِذَلِكَ وَلَا يَثْبُتُ مِثْلُ هَذَا النَّظَرِ بِالِاسْتِفَاضَةِ.
وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِمَا مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ الْحَالُ فِي ذَلِكَ تَأْبَى تَلْقَيْنَهُ ذَلِكَ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ الْوَاقِفِ وَمَنْ لَهُ التَّفْوِيضُ فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مُسْتَنِدِ الِاسْتِفَاضَةِ وَلَيْسَ يَظْهَرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ كَتَبَ أَيْضًا لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ الَّذِي تَحْتَ حِجْرِهِ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ أَجَابَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَالْجَوَابُ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الرَّهْنَ لِلْأَوَّلِ بِرِضَا صَاحِبِهِ بِيَدِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ فَإِذَا انْتَقَلَ الَّذِي إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ الرَّهْنُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ وَصُورَةُ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ قَالَ صَارَ الدَّيْنُ لِوَالِدِهِ وَزَوْجَتِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ الدَّيْنُ لَهُمَا بِذَلِكَ بِالْحَوَالَةِ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ لَا يَصِيرُ لَهُمَا بِوَجْهٍ لَازِمٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ لَوْ قَالَ هَذَا الْمُقِرُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا صَحِيحًا لِأَنَّهُمَا لَا حَقَّ لَهُمَا عَلَيَّ وَإِنَّمَا قَصَدْت بِذَلِكَ تَخْصِيصِهِمَا بِهَذَا الدَّيْنِ دُونَ الْوَرَثَةِ وَالْحَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ مَرِيضًا حِينَ أَقَرَّ قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ وَاعْتِيَادِ النَّاسِ ذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بَعْدَ اعْتِذَارٍ مِنْهُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَعُودُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ أَوْجَبَ فَكَّ الرَّهْنِ وَذَلِكَ حَقٌّ لِآدَمِيِّ فَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعِ قَالَ الشَّيْخُ وَسَمِعْت الْقَاضِيَ نَجْمَ الدِّينِ بْنَ سُنِّيِّ الدَّوْلَةِ أَيْ الْفَقِيهُ الْعَلَّامَةُ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةٌ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِآخَرِ انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالرَّهْنِ مَعَهُ. اهـ.
قُلْت إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ اسْمَهُ فِي الْوَثِيقَةِ كَانَ عَارِيَّةَ وَأَنَّ الْمُدَايِنَةَ وَالِارْتِهَانَ كَانَ لَهُمَا فَلَا شَكَّ فِي بَقَاءِ الرَّهْنِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْحَالِ فَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ وَإِنْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِمَا بِحَوَالَةٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فَالِانْفِكَاكُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالِاعْتِرَاضُ صَحِيحٌ وَعَجِيبٌ قَوْلُهُ فَإِنَّ الرَّهْنَ ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَوْجِيهًا لِعَدَمِ إقْرَارِ يَدِهِمَا لَا لِانْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَصَدَ التَّخْصِيصَ فَظَاهِرٌ فِي حَقِّ الْوَلَدِ بَعِيدٌ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلًا وَأَمَّا كَوْنُ الرَّهْنِ لَا يَعُودُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فَصَحِيحٌ

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ النَّسَبُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ]
(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إلْحَاقِ الْقَائِفِ)

(4/430)


مِنْ بَعْضٍ» فَإِقْرَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَافَةَ حَقٌّ وَسَبَبُ سُرُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا قَالَ مُجَزِّزٌ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِأَنَّهُ كَانَ طَوِيلًا أَسْوَدَا أَقْنَى الْأَنْفِ وَكَانَ زَيْدٌ قَصِيرًا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ طَعْنُهُمْ مُغَايَظَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كَانَا حَبِيبُهُ فَلِمَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَرَى إلَّا أَقْدَامَهُمَا سُرَّ بِهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد أَنَّ زَيْدًا كَانَ أَبْيَضُ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقَائِفُ لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ (أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا عَدْلًا حُرًّا ذَكَرًا بَصِيرًا نَاطِقًا مُجَرِّبًا) كَالْحَاكِمِ وَالتَّجْرِبَةُ لَهُ كَالْفِقْهِ لِلْحَاكِمِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْلِجِيًّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ وَهُمْ بَطْنُ مِنْ خُزَاعَةَ وَيُقَالُ مِنْ أَسَدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعٌ مِنْ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ.
(وَيَكْفِي وَاحِدٌ) كَالْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَيُقْبَلُ إثْبَاتُ الْقَائِفِ الْوَلَدَ لِعَدُوِّهِ لَا لِلْآخَرِ) الْمُنَازِعُ لِعَدُوِّهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ لِعَدُوِّهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِي (وَبِعَكْسِهِ أُبُوَّةُ) فَيُقْبَلُ إثْبَاتُهُ الْوَلَدَ لِغَيْرِ أَبِيهِ لَا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَبِيهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ فِي الثَّانِي وَخُرِجَ بِإِثْبَاتِ النَّفْيِ فَهُوَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ كَانَ) الْقَائِفُ (قَاضِيًا حُكِمَ بِعِلْمِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ (وَالتَّجْرِبَةُ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا (أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ مَرَّتَيْنِ) كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهَا الصَّحِيحَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ وَكَيْفِيَّةُ التَّجْرِبَةِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةِ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ (ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ فَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ أَوْ) أَنْ (يُجْمَعَ أَصْنَافٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَفِي كُلِّ (صِنْفٍ) مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِهِمْ (وَلَدٌ لِبَعْضِهِمْ وَهَذَا) الطَّرِيقُ (أَوْلَى) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ قَدْ يُعْلَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى أُمَّهُ فَلَا يَبْقَى فِيهَا فَائِدَةً وَقَدْ تَكُونُ أَصَابَتُهُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا فَلَا يُوثَقُ بِتَجْرِبَتِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي مَعَ ذِكْرِ أَوْلَوِيَّتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ مُوَجِّهًا الْأَلْوِيَةُ بِمَا ذَكَرْته وَذَكَرَ الْأَصْلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْأُمِّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الْمَوْلُودُ مَعَ أَبِيهِ فِي رِجَالٍ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى قَالَ الْبَارِزِيُّ.
وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ وَإِذَا حَصَلَتْ التَّجْرِبَةُ اعْتَمَدْنَا إلْحَاقَهُ وَلَا تُجَدَّدُ التَّجْرِبَةُ لِكُلِّ إلْحَاقٍ (وَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفُ كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ مَعَ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (يُثْبَتُ النَّسَبُ) بِأَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مُمْكِنًا) كَوْنِهِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ إلْحَاقِهِ بِهِمَا وَنَفْيِهِ عَنْهُمَا وَذَلِكَ (كَوَطْءِ مُشْتَرٍ) مِنْ غَيْرِ أَمَةِ (مَوْطُوءَةٍ) لَهُ (بِلَا اسْتِبْرَاءٍ) لَهَا (مِنْهُمَا) بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ (وَكَوَطْءِ مَنْكُوحَةٍ بِشُبْهَةِ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنَّ الْعِدَّةَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ (فَإِنْ وَلَدَتْ) مِنْ اشْتَرَكَ فِي وَطْئِهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَلَدًا مُمْكِنًا مِنْهُمَا (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ) بَلْ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ فَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ عَدْلًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَالَةُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَكْفِي الظَّاهِرَةُ غ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَيَشْمَلُ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءِ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ بَصِيرًا) فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارِ السَّمْعِ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ نَقْلًا فَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ اعْتِبَارِهِ وَمَعْنَى لِأَنَّهُ يُبْصِرُ الصِّفَاتِ وَلَيْسَ هُنَا قَوْلٌ يُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ وَقَوْلُنَا لَهُ هَذَا ابْنُ مَنْ فِي هَؤُلَاءِ قَدْ يُعْرَفُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ ثُمَّ هُوَ يَنْطِقُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ (قَوْلُهُ مُجَرِّبًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا حُكْمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَمَا لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَشَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءَ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ) جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الرَّاعِيَّ يَلْتَقِطُ النَّتَاجَ لَيْلًا فَإِذَا أَصْبَحَ جَعَلَ كُلَّ بَهِيمَةٍ عِنْدَ أُمِّهَا مُسْتَدِلًّا بِالصُّوفِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي التَّنَازُعِ كَالنَّسَبِ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ فَارِقِينَ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ يَعْلَمُ إلَخْ) هَذَا إشْكَالٌ أَبْدَاهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي آخِرَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُعْرَضُ تَارَةً فِي الْأَوَّلِ وَتَارَةً فِي الثَّانِي وَهَلُمَّ جَرًّا لِيُمْكِنَّ اعْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى) بَلْ لَوْ فُقِدَتْ عُرِضَ مَعَ عَصَبَةِ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا كَالطِّفْلِ غ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ) شَمَلَ وَطْءُ أَبَوَيْ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَوَطْءِ الشَّرِيكِ وَأَبِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمَجْهُولِ فِي أَحْكَامِ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا مُكَلَّفًا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ ثَانِيهَا أَنَّهُ يُعْرَضُ هُنَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَاكِنًا أَوْ مُنْكِرًا وَلَوْ أَنْكَرَاهُ مَعًا عُرِضَ ثَالِثُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ إلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) كَانَ أَنْكَرَاهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ فُرِضَ أَنَّهُمَا وَطِئَاهَا فِي حَيْضٍ فَلِيَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا إذَا وَطِئَا فِي الطُّهْرِ (تَنْبِيهٌ)
إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يَصِحَّ إلْحَاقُهُ بِالْقَائِفِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ تَلْخِيصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ ذِكْرِ الْوَطْءِ اشْتِرَاطُ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْمَكَانِ بَلْ لَوْ لَمْ يُدَخِّلْ الْحَشَفَةَ كُلَّهَا وَأَنْزَلَ دَاخِلَ الْفَرْجِ كَانَ كَالْوَطْءِ وَكَذَا الْإِنْزَالُ خَارِجِ الْفَرْجِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ وَاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ

(4/431)


عَدِمِ الْقَائِفِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ (فَإِنْ تَخَلَّلَتْ) بَيْنَ الْوَطْأَيْنِ (حَيْضَةٌ سَقَطَ حَقُّ الْأَوَّلِ) لِظُهُورِ الْبَرَاءَةِ بِهَا عَنْهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا قَائِمَ الْفِرَاشِ) فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ الْفِرَاشِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا شَمَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِيهِ بِالْوَطْءِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ أَوْ الْوَاطِئَانِ مُسْلِمَيْنِ أَمْ حُرَّيْنِ أَمْ مُخْتَلِفَيْ الْحَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ وَطِئَهَا الثَّانِي سَقَطَ حَقُّ الزَّوْجِ وَلَحِقَ الْوَلَدُ الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ

(فَصْل) لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ (وَطِئَ مُزَوِّجَةَ) بِغَيْرِهِ (بِشُبْهَةٍ) وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (وَادَّعَى) أَنَّ (الْوَلَدَ) مِنْهُ (لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ) بَلْ هُوَ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجَانِ) عَلَى الْوَطْءِ (مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً) لَهُ (بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ وَتَصْدِيقِهِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْوَطْءِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ إنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ تَصْدِيقَ الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ كَافٍ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ (وَيُعْرَضُ) عَلَيْهِ (بِتَصْدِيقِهِ) مُدَّعِي الْوَطْءِ عَلَيْهِ (إنْ بَلَغَ) وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا) نَسَبَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ (فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَحِقَهُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (دُونَهَا) لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (امْرَأَةٌ أُخْرَى دُونَ زَوْجِهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ زَوْجُهَا (وَأَقَامَ زَوْجُ الْمُنْكِرَةِ وَزَوْجَةُ الْمُنْكِرِ بَيِّنَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ وَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) الَّذِي فِي الْأَصْلِ فَهَلْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى أَمْ بَيِّنَتُهَا أَمْ يَتَعَارَضَانِ أَمْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَلَمَّا رَأَى الْمُصَنِّفُ الْأَخِيرَيْنِ يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِمَا قَالَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أُخِذَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ (فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهَا لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا أَوْ بِالرَّجُلِ لَحِقَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَزَوْجَتُهُ وَقَوْلُهُ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا ضَعِيفٌ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَقَدْ مَرَّ فِي اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ فَهَلْ أُمُّهُ الْأُولَى أَمْ الثَّانِيَةِ أَمْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَيُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدُ الْوَاحِدَةِ مِنْهُمَا فَقَدْ سَبَقَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اُسْتُلْحِقَ وَلَدًا لَا يَلْحَقُ زَوْجَتَهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهَا عَلَى الصَّحِيحِ

(فَصْلٌ) لَوْ (عَدِمَ الْقَائِفُ) بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ (أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ) الْحَالُ بِأَنْ تَحَيَّرَ (أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا وُقِفَ) أَمْرُهُ (حَتَّى يَبْلُغَ) عَاقِلًا (وَيَخْتَارُ) الِانْتِسَابَ إلَى أَحَدِهِمَا بِحَسْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا رُوجِعَ الْقَائِفُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَحْسَنُ وَأَوْضَحُ نَعَمْ ادِّعَاؤُهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ (فَرْعٌ)
سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ لَهُ زَوْجَةٌ وَابْنٌ مَاتَا فَاخْتَلَفَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فِي صَدَاقِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ مَاتَتْ أَوَّلًا فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْته أَنَا وَلَا شَيْءَ عَلَيَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَقَالَ الْأَخُ بَلْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَتْ أُخْتِي فَلِي مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيْك النِّصْفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ مِنْهُمَا مُقْتَضَى قِيَاسُ الْمَنْقُولِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَخِ ذَلِكَ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَةِ لِلصَّدَاقِ فَهُوَ كَالْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَشَكَّكْنَا فِي انْتِقَالِ بَعْضِهِ لِلِابْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهِ فَإِنْ عُورِضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الِابْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى تَقَابُلِ الْأَصْلَيْنِ فَجَوَابُهُ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا فَتَسَاقَطَا وَيَبْقَى الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فَإِنْ قِيلَ فَالْأَخُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقًا عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهِ قُلْنَا شَغْلُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ قَدْ تَحَقَّقَ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا وَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ سَالِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اتَّفَقَا وَاخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِ الْآخَرِ وَتَأَخُّرِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي التَّأَخُّرِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا قَائِمُ الْفِرَاشِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُزَادُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ قَدْ حَصَلَ بَعْدَ طَلَاقِهِ حَيْضَةٌ أَمْ حَيْضَتَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي بَلْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ

[فَصْل ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ مُزَوِّجَةَ بِغَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ هَلْ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ]
(قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللَّعَّانِ) هُنَا ثُمَّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُنَا مَا إذَا اشْتَرَكَا فِي الْوَطْءِ فَلَا يُعْرَضُ وَيُلْحَقُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَهُمَا وَالْمُرَادُ بِمَا فِي اللَّعَّانِ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَطَأْ أَصْلًا وَلَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي فَيُعْرَضُ بِشَرْطِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَاهُ وَقَالَ أَنَّهُ مِنِّي وَنَازَعَهُ الْوَاطِئُ فَيَقْوَى جَانِبُهُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَهُمَا وَحِينَئِذٍ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ غ (قَوْلُهُ وَيُعْرَضُ بِتَصْدِيقِهِ بَلَغَ أَنَّهُ) فِي نُسْخَةٍ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْوَطْءِ وَيَكْفِي تَصْدِيقُ بَالِغٍ (قَوْلُهُ يَرْجِعَانِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ إلَخْ) قَالَ الْفُورَانِيُّ وَكَانَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ عَدِمَ الْقَائِفُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْحَالُ]
(قَوْلُهُ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ) لَوْ وَصَفّ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ خَالًا أَوْ أَثَرَ جِرَاحَةٍ بِظَهْرِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ الْبَاطِنَةِ وَأَصَابَ لَا يُقَدَّمُ جَانِبُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا طَلَبَ الْقَائِفُ أَجْرًا وَلَمْ نَجِدْ لَهُ مُتَطَوِّعًا رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَالْقَاسِمِ وَالْكَاتِبِ وَيَسْتَحِقُّهُ سَوَاءٌ أُلْحِقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَأُجْرَتُهُ عَلَى الْمُتَنَازِعَيْنِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا اسْتَحَقَّهَا وَفِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى مَنْ أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ قَافُهُ مُسْتَأْجِرًا لِلُّحُوقِ دُونَ النَّفْيِ وَالثَّانِي تَجِبُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْعَمَلَ مُشْتَرَكٌ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ لِإِشْكَالِهِ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ لِتَكَاثُرِ الِاشْتِبَاهِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهَا وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّهَا إذَا قِيلَ أَنَّهُ إذَا أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا اُخْتُصَّ بِالْتِزَامِ الْأُجْرَةِ تَعْلِيلًا بِالْإِلْحَاقِ أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ وُقِفَ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَخْتَارَ الِانْتِسَابَ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا قَامَتْ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا

(4/432)


الْمَيْلِ الَّذِي يَجِدُهُ (وَيُحْبَسُ) لِيَخْتَارَ (إنْ امْتَنَعَ) مِنْ الِانْتِسَابِ (إنْ لَمْ يَجِدْ مَيْلًا) إلَى أَحَدِهِمَا (فَيُوقِفُ) الْأَمْرَ بِلَا حَبْسٍ إلَى أَنْ يَجِدَ مَيْلًا نَعَمْ إنْ سُئِلَ فَسَكَتَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَتَّجِهُ الْحَبْسُ إلَى أَنْ يُخْبِرَ بِمَا عِنْدَهُ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ قَائِفٍ) عَنْ إلْحَاقِهِ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا (إلَّا قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ) فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَمَا فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ (ثُمَّ لَا يُصَدِّقُ لِلْآخَرِ) أَيْ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي حَقِّهِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ.
(وَكَذَا) لَا يُصَدِّقُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْآخَرِ (إلَّا بَعْدَ) مُضِيِّ مُدَّةٍ (إمْكَانِ تَعَلُّمِ) لَهُ فِيهَا (مَعَ امْتِحَانٍ) لَهُ لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْحُكْمِ مَعَ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لَا يُصَدِّقُ لِلْآخَرِ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَصْحِيحٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَقِيلَ إنْ رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ لَكِنْ فِي حَقِّ الْآخَرِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَسَبَبُ وُقُوعِهِمْ فِي ذَلِكَ سُقُوطُ لَفْظَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ اخْتَارُوا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَطْلَبِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامِ الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُجْعَلَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فَالْإِمْكَانُ حَمْلُ النَّقْلَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ وَذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ قَائِفٍ بِقَوْلِ قَائِفٍ آخَرَ) فَلَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ آخَرُ بِالْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ قَوْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَوْ أَلْحَقَ) الْقَائِفُ (التَّوْأَمَيْنِ بِاثْنَيْنِ) بِأَنْ أَلْحَقَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ بِالْآخِرِ (بَطُلَ قَوْلُهُ حَتَّى يُمْتَحَنَ وَيَغْلِبَ) عَلَى الظَّنِّ (صِدْقِهِ) فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِاثْنَيْنِ (وَكَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ قَائِفَيْنِ اخْتَلَفَا) فِي الْإِلْحَاقِ حَتَّى يُمْتَحَنَا وَيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صَدَقَهُمَا (وَيَلْغُو انْتِسَابُ بَالِغٍ أَوْ تَوْأَمَيْنِ إلَى اثْنَيْنِ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ إلَى الْآخَرِ قُبِلَ) وَيُؤْمَرُ الْبَالِغُ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا (وَمَتَى أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ) أَوْ أَنْكَرَاهُ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقٌّ فِي النَّسَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيُنْفِقَانِهِ) أَيْ يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْقَائِف أَوْ يُنْتَسَبَ (وَيَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ مَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ (عَلَى مَنْ لَحِقَهُ) إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ (وَيَقْبَلَانِ لَهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أُوصِيَ لَهُ بِهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ وَتَقَدَّمَ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْعَدَدِ وَنَفَقَةُ الْحَامِلِ عَلَى الْمُطَلِّقِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ لَا لِلْحَمْلِ فَيُعْطِيهَا لَهَا (وَيَرْجِعُ بِهَا) عَلَى الْآخَرِ (إنْ أُلْحِقَ) الْوَلَدُ (بِالْآخَرِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَإِنْ مَاتَ) الْوَلَدُ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ (عُرِضَ) عَلَيْهِ مَيِّتًا لِأَنَّ الشَّبَهَ لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (لَا إنْ تَغَيَّرَ) قَبْلَ دَفْنِهِ (أَوْ دُفِنَ) لِتَعَذُّرِ عَرْضِهِ فِي الْأُولَى وَهَتْكِ حُرْمَتِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَأْتِي فِيهَا مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ وَيُعْرَضُ السَّقْطُ إنْ ظَهَرَ فِيهِ التَّخْطِيطُ ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ (وَإِنْ مَاتَ مُدَّعِيهِ) الصَّادِقُ بِالْمُتَدَاعَيَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ بَلْ أَوْ مَاتَ مُنْكِرُهُ (عُرِضَ) عَلَى الْقَائِف (مَعَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ وَنَحْوِهِ) مِنْ سَائِرِ الْعُصْبَةِ كَعَمِّهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ عَمِّهِ (وَلَا يُرْجَعُ إلَى قَائِفٍ فِي غَيْرِ آدَمِيٍّ) مِنْ سِخَالٍ وَنَحْوِهَا بَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ

(فَرْعٌ لَوْ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ) بِأَحَدِهِمَا (بِالْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ وَآخَرُ) بِالْآخِرِ (بِأَشْبَاهٍ خَفِيَّةٍ كَالْخُلُقِ وَتَشَاكُلِ الْأَعْضَاءِ فَالثَّانِي أَوْلَى) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ حِذْقٍ وَبَصِيرَةٍ وَلَوْ قَالَ الْقَائِفُ الْوَاحِدُ مَعِي شَبَهٌ جَلِيٌّ وَشَبَهٌ خَفِيُّ أُمِرَ بِالْإِلْحَاقِ بِالْخَفِيِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ (وَإِنْ ادَّعَى) الْوَلَدَ (مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ بَيِّنَةً تَبِعَهُ نَسَبًا وَدِينًا) كَمَا لَوْ أَقَامَهَا الْمُسْلِمُ (أَوْ) لَحِقَهُ (بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ) أَوْ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (تَبِعَهُ نَسَبًا فَقَطْ) أَيْ لَا دِينًا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (فَلَا يَحْضُنَهُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِحَضَانَتِهِ (أَوْ) ادَّعَاهُ (حُرٌّ وَعَبْدٌ وَأَلْحَقَهُ) الْقَائِفُ (بِالْعَبْدِ) أَوْ لَحِقَ بِهِ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَكَانَ حُرًّا) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَتَّجِهُ الْحَبْسُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَعَ امْتِحَانٍ لَهُ) لَا يَبْعُدَ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ جَرَّبَ عَنْ قُرْبٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَارِفًا بِالْقِيَافَةِ مَشْهُورًا بِمَعْرِفَتِهَا عَلَى تَقَادُمِ الزَّمَانِ فَأَخْطَأَ مَرَّةً وَنَحْوَهَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَجْدِيدِ امْتِحَانٍ كَالْمُجْتَهِدِ إذْ قَلَّ خَطَؤُهُ وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ رُدَّ قَوْلُهُ كَالشَّاهِدِ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ غ

(قَوْلُهُ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ بِالْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقِيَافَةِ التَّشَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا فِي تَخْطِيطِ الْأَعْضَاءِ وَإِشْكَالِ الصُّوَرِ وَالثَّانِي فِي الْأَلْوَانِ وَالشُّعُورِ وَالثَّالِثُ فِي الْحَرَكَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالرَّابِعُ فِي الْكَلَامِ وَالصَّوْتِ وَالْحِدَةِ وَالْأَنَاةِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَهُ مِنْ وَجْهٍ أَوْ وُجُوهٍ ظَاهِرًا كَانَ الشَّبَهُ أَوْ خَفِيًّا وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى الِانْتِسَابِ فِي وَقْتِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى أَضْرُبَ أَحَدُهَا أَنْ يَتَمَاثَلَ الشَّبَهَانِ وَلَا مُرَجِّحَ فَيُلْحَقُ بِمَنْ ظَهَرَ فِيهِ الشَّبَهُ دُونَ مَنْ خَفِيَّ فِيهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا مُرَجَّحٌ فَيُلْحَقُ بِهِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَمَاثَلَا فِي الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ وَيَخْتَلِفَا فِي الْعَدَدِ فَيَكُونُ الشَّبَهُ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَفِي الْآخَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَظْهَرُ شَبَهًا فَيُلْحَقُ بِهِ وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَخْفَى شَبَهًا وَفِي الْآخَرِ أَقَلَّ عَدَدًا وَأَظْهَرُ شَبَهًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالثَّانِي بِظُهُورِ الشَّبَهِ لِقُوَّةِ التَّشَابُهِ إذَا عُلِمَ هَذَا فَإِنْ كَانَ الْقَائِفُ عَارِفًا بِأَحْكَامِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَكَمًا وَإِلَّا كَانَ فِيهَا مُخْبِرًا لَا حَكَمًا لِيَحْكُمَ بِهَا مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ يَعْلَمُهَا وَيَجْتَهِدُ رَأْيُهُ فِيهَا. اهـ. غ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ حُرَّةٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ تَدَّعِهِ مَعَهُ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ وَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِهَا أَيْضًا وَاعْتَبَرْنَا اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ أَيْضًا (خَاتِمَةٌ)
سُئِلَ النَّوَوِيُّ عَنْ مُسْلِمِ لَهُ ابْنُ مَاتَتْ أُمُّهُ فَاسْتَرْضَعَ لَهُ يَهُودِيَّةً لَهَا ابْنُ يَهُودِيِّ ثُمَّ غَابَ ثُمَّ حَضَرَ وَقَدْ مَاتَتْ الْيَهُودِيَّةُ الْمُرْضِعَةُ فَلَمْ يُعْرَفْ ابْنَهُ مِنْهُمَا وَلَيْسَ

(4/433)


(كِتَابُ الْعِتْقِ)
بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ (الْعِتْقُ) مِنْ الْمُسْلِمِ (قُرْبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْإِسْلَامِ {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» .

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ مُعْتِقٌ وَعَتِيقٌ وَصِيغَةٌ كَمَا يُعْرَفُ اعْتِبَارُهَا مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مَالِكٍ) لَمْ يُصَادِفْ إعْتَاقُهُ مُتَعَلِّقَ حَقٍّ لَازِمٍ لِغَيْرِهِ (مُطْلَقٍ) لِلتَّصَرُّفِ (أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ فِي كَفَّارَةٍ) لَزِمَتْ مُوَلِّيَهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِلَا إذْنٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَصِحُّ مِنْ) سَكْرَانَ وَمِنْ (كَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا (وَيَثْبُتُ وَلَاؤُهُ عَلَى) عَتِيقِهِ (الْمُسْلِمِ) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ (وَلَا يُعْتَقُ مَوْقُوفٌ) أَيْ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ بَقِيَّةِ الْبُطُونِ.

(وَصَرِيحُهُ الْعِتْقُ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (وَالتَّحْرِيرُ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا وَفَكُّ الرَّقَبَةِ) لِوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ وَاشْتِهَارِهَا، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَصَرِيحُهُ مَا تَصَرَّفَ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالتَّحْرِيرِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ كَأَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ أَعْتَقَتْك أَوْ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ أَوْ فَكَّيْتُهَا أَوْ فَكَكْتهَا فَلَوْ قَالَ أَنْتَ إعْتَاقٌ أَوْ تَحْرِيرٌ أَوْ فَكُّ رَقَبَةٍ كَانَ كِنَايَةً كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَلَاقٌ (فَلَا يَحْتَاجُ) ذَلِكَ (نِيَّةً) أَيْ إلَيْهَا كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ وَلِأَنَّ هَزْلَهُ جَدٌّ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَلَا يَضُرُّ تَذْكِيرٌ وَ) لَا (تَأْنِيثٌ لِغَيْرِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُذَكَّرِ وَغَيْرِ الْمُؤَنَّثِ كَأَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ أَنْتَ حُرَّةٌ وَلِلْأَمَةِ أَنْتَ حُرٌّ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْعِبَارَةِ

(وَالْكِنَايَةُ كَلَا سُلْطَانَ أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا يَدَ أَوْ لَا خِدْمَةَ) لِي عَلَيْك (أَوْ أَزَلْت حُكْمِي) أَوْ مِلْكِي (عَنْك وَأَنْتِ سَائِبَةٌ وَحَرَامٌ وَمَوْلَايَ وَسَيِّدِي وَكَذَا الظِّهَارُ) أَيْ صَرَائِحُهُ وَكِنَايَتُهُ (وَصَرَائِحُ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتُهُ) لِاقْتِضَائِهَا التَّحْرِيمَ كَحَرَّمْتُك، وَقِيلَ أَنْتَ سَيِّدِي لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤْدَدِ وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ اخْتَارَ الزَّرْكَشِيُّ الثَّانِيَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِغَيْرِ الْوَاقِعِ أَوْ خِطَابُ تَلَطُّفٍ وَلَا إشْعَارَ لَهُ بِالْعِتْقِ (لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ) أَوْ مُظَاهِرٌ أَوْ نَحْوُهُمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا حَرَّمْتُك، وَكَذَا لَفْظُ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ لَا أَنَا مِنْك طَالِقٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ (وَمِنْهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ (تَمْلِيكُهُ نَفْسَهُ) كَمَلَّكْتُك أَوْ وَهَبْتُك نَفْسَك كَمَا فِي الطَّلَاقِ

(وَإِنْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
لِلْيَهُودِيَّةِ مَنْ يَعْرِفُ وَلَدَهَا وَلَا أَبَاهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَافَةُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمَا يُوقَفَانِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَافَةٍ أَوْ يَبْلُغَا فَيَنْتَسِبَا انْتِسَابًا مُخْتَلِفًا وَأَطَالَ فِي تَفْرِيعِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَتَاوِيهِ