كتاب الهبات وَلَا تتمّ الْهِبَة إِلَّا
بِالْقَبْضِ بعد الْبَذْل وَالْقَبُول إِلَّا الْهَدَايَا فالقبض
فِيهَا بذل وَالرِّضَا بهَا قبُول وَيُؤمر الْمَوْهُوب لَهُ بالمكافأة
عَلَيْهَا بِقدر قيمتهَا فَمَا زَاد وَلَيْسَ للْوَاهِب الرُّجُوع
فِيهَا إِلَّا للوالد فِيمَا وهب لوَلَده فَلهُ الرُّجُوع فِيهِ إِذا
وجده بِعَيْنِه وَلَيْسَ للْوَلَد الرُّجُوع فِيمَا وهب لوالده وَلَا
تصح هبة مَا لم يخلق وَلَا هبة الْمَجْهُول وَالْحرَام وظرف
الْهَدِيَّة ردود إِن جلّ وَلَا يلْزمه رده إِن قل
كتاب اللّقطَة وَإِذا وجد الرجل لقطَة فِي موَات أَو طَرِيق سابل فِي
مصر أَو صحراء فَلهُ
(1/120)
أَخذهَا وَتركهَا وَالْأَخْذ أفضل إِن
كَانَ على ثِقَة من الْقيام بهَا وَعَلِيهِ إِذا أَخذهَا معرفَة عفاصها
ووكائها وجنسها وعددها ووزنها وحفظها فِي حرز مثلهَا وَيكْتب وَيشْهد
على نَفسه بهَا ثمَّ يعرفهَا حولا كَامِلا بِنَفسِهِ أَو من يأتمنه على
تَعْرِيفهَا بِأَن يُنَادي فِي الْمصر الَّذِي وجدهَا فِيهِ وبحيث يكثر
النَّاس من أنديته وأسواقه وأبواب مساجده فِي كل يَوْم مرّة ثمَّ فِي
كل يويمين مرّة إِذا طَالَتْ الْمدَّة ثمَّ فِي كل أُسْبُوع إِذا تمادت
الْمدَّة فَيَقُول من ضَاعَت مِنْهُ لقطَة فَإِن قَالَ وَهِي دَنَانِير
من ضَاعَت مِنْهُ دَنَانِير وَجَاز وَلَا يزِيد فِي صفتهَا فينازع
فِيهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَة بهَا دَفعهَا
إِلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أُجْرَة الْحِفْظ والتعريف وَإِن لم تقم
الْبَيِّنَة ووصفها بِجَمِيعِ صفاتها لم يلْزم الْوَاجِد دَفعهَا
إِلَيْهِ إِلَّا أَن يَقع فِي نَفسه صدقه فيفتي بِجَوَاز الدّفع
إِلَيْهِ وَإِن لم يجب وَإِن لم يَأْتِ صَاحبهَا حَتَّى اسْتكْمل حولا
فِي تَعْرِيفهَا كَانَ مُخَيّرا بَين تَركهَا فِي يَده أَمَانَة
لِئَلَّا يضمنهَا بالعدوان وَبَين أَن يمتلكها بِأَن يخْتَار تَملكهَا
فَتَصِير مَضْمُونَة عَلَيْهِ لمَالِكهَا إِن أَتَى وَإِذا وجد فِي
الصَّحرَاء بَعِيرًا ضَالًّا أَو غَيره من الْحَيَوَان الَّذِي يدْفع
عَن نَفسه
(1/121)
ويصل إِلَى مائَة ورعيه كالخيل وَالْبَقر تَركه بِحَالهِ وَلم
يتَعَرَّض لأَخذه فَإِن أَخذه ضمنه إِلَّا أَن يعرفة مَالِكه وَإِن
أرْسلهُ بعد الْأَخْذ لم يسْقط عَنهُ الضَّمَان إِلَّا أَن يوصله إِلَى
مَالِكه أَو يَدْفَعهُ إِلَى حَاكم مَوْضِعه فَإِن وجد شَاة أَو
غَيرهَا مِمَّا لَا يسْعَى فَيمْتَنع وَلَا يدْفع عَن نَفسه فيحتفظ
فَلهُ أَخذهَا وأكلها من غير تَعْرِيف ويغرمها لمَالِكهَا إِن وجده
وَإِذا كَانَت اللّقطَة طَعَاما رطبا لَا يبْقى حولا فَلهُ أكله
وَعَلِيهِ تَعْرِيفهَا وَغرم قيمتهَا فَإِن أحب بيعهَا ليَكُون الثّمن
فِي يَده أَمَانَة فَذَلِك لَهُ