|
المجموع
شرح المهذب ط دار الفكر قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى
* {باب الخلطة}
{لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرٌ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ وَهُوَ أَنْ يجعل ما
الرَّجُلَيْنِ أَوْ الْجَمَاعَةِ كَمَالِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فَيَجِبُ
فِيهِ مَا يَجِبُ فِي مَالِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَ
نَفْسَيْنِ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ نِصَابٌ مُشَاعٌ مِنْ
الْمَاشِيَةِ فِي حَوْلٍ كَامِلٍ وَجَبَ عَلَيْهِمَا زَكَاةُ الرَّجُلِ
الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ إذا كان لكل واحد مَالٌ مُنْفَرِدٌ وَلَمْ
يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِالْحَوْلِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَخَلَطَاهَا أَوْ
لِكُلِّ وَاحِدٍ أربعون ملكاها معا فخلطاها صارا كَمَالِ الرَّجُلِ
الْوَاحِدِ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ بِشُرُوطٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ
الشَّرِيكَانِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ
(والثانى)
أن يكون المال المختلط نصابا (والثالث) أن يمضى عليهما حول كامل (والرابع)
أن لا يتميز أحدها عن الاخر في المراح (والخامس) أن لا يتميز أحدها عن
الاخر في المسرح (والسادس) أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ
فِي الْمَشْرَبِ (وَالسَّابِعُ) أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ
الاخر في الراعي (والثامن) أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ
فِي الْفَحْلِ (وَالتَّاسِعُ) أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ
الْآخَرِ فِي الْمَحْلَبِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَةِ فَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ فَعَمِلَ
بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَكَانَ فِيهِ لَا
يفرق بين مجتمع ولا يجمع ببن مُفْتَرِقٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ
مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ
" وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ صَارَا كما الْوَاحِدِ فِي الْمُؤَنِ فَوَجَبَ
أَنْ تَكُونَ زَكَاتُهُ زكاة المال الواحد}
* {الشَّرْحُ} هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَسَبَقَ بَيَانُهُ بِطُولِهِ
فِي أَوَّلِ بَابِ زَكَاةِ الْإِبِلِ وَسَبَقَ هُنَاكَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ
رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَالْخُلْطَةُ - بِضَمِّ الْخَاءِ - وَالْمُرَاحُ - بِضَمِّ الْمِيمِ -
وَهُوَ مَوْضِعُ مَبِيتِهَا وَالْمِحْلَبُ - بِكَسْرِ الْمِيمِ -
الْإِنَاءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَبِفَتْحِهَا مَوْضِعُ الْحَلْبِ
وَسَنُوَضِّحُ الْمُرَادَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعال قَالَ أَصْحَابُنَا:
الْخُلْطَةُ ضَرْبَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا مُشَاعًا بَيْنَهُمَا (وَالثَّانِي)
أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاشِيَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ وَلَا
اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا لَكِنَّهُمَا مُتَجَاوِرَانِ مُخْتَلِطَانِ فِي
الْمَرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى وَسَائِرِ الشُّرُوطِ
الْمَذْكُورَةِ وَتُسَمَّى الْأُولَى خُلْطَةَ شُيُوعٍ وَخُلْطَةَ
اشْتِرَاكٍ وَخُلْطَةَ أَعْيَانٍ وَالثَّانِيَةُ خُلْطَةَ أو صاف وخلطة
جوار وكل واحدة من الخطتين تُؤَثِّرُ فِي الزَّكَاةِ وَيَصِيرُ مَالُ
الشَّخْصَيْنِ أَوْ الاشخاص كما الْوَاحِدِ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ أَثَرُهَا
فِي
(5/432)
وُجُوبِ أَصْلِ الزَّكَاةِ وَقَدْ يَكُونُ
فِي تَكْثِيرِهَا وَقَدْ يَكُونُ فِي تَقْلِيلِهَا (مِثَالَ الْإِيجَابِ)
رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِشْرُونَ شَاةً يَجِبُ بِالْخُلْطَةِ شَاةٌ ولو
انفردا لم يجب شئ (ومثال التكثير) خلط مائة وشاة بِمِثْلِهَا يَجِبُ عَلَى
كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ وَنِصْفٌ وَلَوْ انْفَرَدَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ
وَاحِدٍ شَاةٌ فَقَطْ أَوْ خَلَطَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ بَقَرَةً
بِمِثْلِهَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُسِنَّةٌ وَنِصْفُ تَبِيعٍ وَلَوْ
انْفَرَدَا لَزِمَهُ مُسِنَّةٌ فَقَطْ أَوْ خَلَطَ مِائَةً وَعِشْرِينَ
مِنْ الْإِبِلِ بِمِثْلِهَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ
لَبُونٍ وَلَوْ انْفَرَدَ لَزِمَهُ حِقَّتَانِ (وَمِثَالُ التَّقْلِيلِ)
ثَلَاثَةُ رِجَالٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ خَلَطُوهَا يَجِبُ عَلَى
كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ شَاةٍ وَلَوْ انْفَرَدَ لَزِمَهُ شَاةٌ كَامِلَةٌ
وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ أَنَّهُ حَكَى وَجْهًا
غَرِيبًا أَنَّ خُلْطَةَ الْجِوَارِ لَا أَثَرَ لَهَا قال وليس بشئ وَهَذَا
الْوَجْهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ أو حَامِدٍ فِي
تَعْلِيقِهِ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
الْخُلْطَتَيْنِ فِي الْإِيجَابِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَخْذِ
* وَبِمَذْهَبِنَا فِي تَأْثِيرِ الْخُلْطَتَيْنِ قال عطاء ابن أَبِي
رَبَاحٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد
* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَأْثِيرَ لِلْخُلْطَتَيْنِ مُطْلَقًا
وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى حُكْمِ الِانْفِرَادِ وَقَالَ مَالِكٌ
وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إنْ كَانَ مَالُ كُلِّ
وَاحِدٍ نِصَابًا فَصَاعِدًا أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ وَإِلَّا فَلَا
* دَلِيلُنَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُطْلَقَةُ فِي الْخُلْطَةِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ
مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ " فَهُوَ نَهْيٌ لِلسَّاعِي
وَلِلْمُلَّاكِ عَنْ التَّفْرِيقِ وَعَنْ الْجَمْعِ فَنَهَى الْمُلَّاكَ
عَنْ التَّفْرِيقِ وَعَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ أَوْ
خَشْيَةَ كَثْرَتِهَا وَنَهَى السَّاعِي عَنْهُمَا خَشْيَةَ سُقُوطِهَا
أَوْ قِلَّتِهَا (مِثَالُ التَّفْرِيقِ) مِنْ جِهَةِ الْمُلَّاكِ أَنْ
يَكُونَ لِرَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالٍ أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةً
فَوَاجِبُهُمْ شَاةٌ مُقَسَّطَةٌ عَلَيْهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ تَفْرِيقُ
الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ عِنْدَ قُدُومِ السَّاعِي لِتَسْقُطَ
الزَّكَاةُ فِي الظَّاهِرِ (وَمِثَالُهُ) مِنْ جِهَةِ السَّاعِي أَنْ
يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةً
فَلَيْسَ لِلسَّاعِي تَفْرِيقُهَا لِيَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً
وَإِنَّمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ شَاةٍ (وَمِثَالُ) الْجَمْعِ مِنْ
جِهَةِ الْمُلَّاكِ أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ
شَاةً مُتَفَرِّقَةً فَجَمَعُوهَا عِنْدَ قُدُومِ السَّاعِي بَعْدَ
الْحَوْلِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ
(وَمِثَالُهُ) مِنْ جِهَةِ السَّاعِي أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ
عِشْرُونَ شَاةً مُنْفَرِدَةً وَلِآخَرَ عِشْرُونَ مُنْفَرِدَةً فَلَيْسَ
لِلسَّاعِي أَنْ يجمعها ليأخذ شاة بل يتركهما متفرقتين وَلَا زَكَاةَ أَوْ
يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ شَاةٍ وَلِآخَرَ مِثْلُهَا فَلَيْسَ
لِلسَّاعِي جَمْعُهُمَا لِيَأْخُذَ ثَلَاثَ شِيَاهٍ بَلْ يَتْرُكُهُمَا
مُتَفَرِّقَتَيْنِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شاة فقط وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* {فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ بِأَنْ
كَانَ أَحَدُهُمَا كَافِرًا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا يُضَمُّ مَالُهُ إلَى
مَالِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ مَالَ
الْكَافِرِ وَالْمُكَاتَبِ لَيْسَ بِزَكَاتِيٍّ فَلَا يَتِمُّ بِهِ
النِّصَابُ كَالْمَعْلُوفَةِ لَا يَتِمُّ بِهَا
(5/433)
نِصَابُ السَّائِمَةِ وَإِنْ كَانَ
الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا دُونَ النِّصَابِ بِأَنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ
عِشْرُونَ مِنْ الغنم فخالط صاحبه بتسع عشرة وَتَرَكَ شَاتَيْنِ
مُنْفَرِدَتَيْنِ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ لِأَنَّ الْمُجْتَمِعَ دُونَ
النِّصَابِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ تَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا
عَنْ الْآخَرِ فِي الْمُرَاحِ أَوْ الْمَسْرَحِ أَوْ الْمَشْرَبِ أَوْ
الرَّاعِي أَوْ الْفَحْلِ أَوْ الْمِحْلَب لَمْ يُضَمَّ مَالُ أَحَدِهِمَا
إلَى الْآخَرِ لِمَا رَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
(وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا عَلَى الْفَحْلِ وَالرَّعْيِ وَالْحَوْضِ
" فَنَصَّ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَنَبَّهَ عَلَى مَا سِوَاهَا
وَلِأَنَّهُ إذا تميز كل واحد بشئ مما ذكرناه لم يصر كمال الواحد في المؤن
وفى الاشتراط فِي الْحَلْبِ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ
أَنْ يُحْلَبَ لَبَنُ أَحَدِهِمَا فَوْقَ لَبَنِ الْآخَرِ ثم يقسم كما يخلط
المسافرون ازوادهم يَأْكُلُونَ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَا يَجُوزُ شَرْطُ
حَلْبِ أَحَدِهِمَا فَوْقَ الْآخَرِ لِأَنَّ لَبَنَ أَحَدِهِمَا قَدْ
يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ لَبَنِ الْآخَرِ فَإِذَا اقْتَسَمَا بِالسَّوِيَّةِ
كَانَ ذَلِكَ رِبًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بيع وهل تشترط نية الخطلة فِيهِ
وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهَا
شَرْطٌ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ
النِّيَّةِ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ إنَّمَا أَثَّرَتْ فِي
الزَّكَاةِ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى مُؤْنَةٍ وَاحِدَةٍ وذلك يحصل من غير نية}
* {الشرح} حديث سعد رواه الدارقطني وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ
مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُهَذَّبِ
فِيهِ الْفَحْلُ وَالرَّاعِي وَفِي بَعْضِهَا وَالرَّعْيُ بِحَذْفِ
الْأَلْفِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَكِلَاهُمَا مَرْوِيٌّ فِي الْحَدِيثِ
وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ مَالَ الْكَافِرِ وَالْمُكَاتَبِ
لَيْسَ بِزَكَاتِيٍّ الصواب عند أهل العربية ليس بزكوى كَرَحَوِيٍّ
وَبَابِهِ وَسَبَقَ أَنَّ الْمُرَاحَ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَأَمَّا)
الْمَسْرَحُ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ الْمَرْتَعُ الَّذِي
تَرْعَى فِيهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ طَرِيقُهَا إلَى الْمَرْعَى وَقَالَ
آخَرُونَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ لِتَسْرَحَ
وَالْجَمِيعُ شَرْطٌ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَالْمِحْلَبُ - بِكَسْرِ الميم - الاناء الذى يحلب فيه والمحلب -
بِالْفَتْحِ - الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ
الْأَوَّلَ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ وَفِي الْمِحْلَبِ وَجْهَانِ فَهُوَ
بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَهُوَ غريب
ضعيف (وأما) أَحْكَامُ الْفَصْلِ (فَقَالَ) أَصْحَابُنَا نَوْعَا
الْخُلْطَةِ يَشْتَرِكَانِ فِي اشْتِرَاطِ أُمُورٍ وَتَخْتَصُّ خُلْطَةُ
الْجِوَارِ بِشُرُوطٍ فَمِنْ الْمُشْتَرَكِ كَوْنُ الْمُخْتَلَطِ نِصَابًا
فَلَوْ مَلَكَ زيد عشرين شاة وعمر وعشرين فَخَلَطَا تِسْعَ عَشْرَةَ
بِتِسْعَ عَشْرَةَ وَتَرَكَا شَاتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَلَا أَثَرَ
لِخُلْطَتِهِمَا وَلَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةٌ بِلَا
خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ خَلَطَا تِسْعَ عَشْرَةَ
بِتِسْعَ عشرة وشاة بِشَاةٍ وَجَبَتْ زَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ
بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِطَتَانِ بِأَرْبَعِينَ (وَمِنْهَا)
كَوْنُ الْمُخَالِطَيْنِ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ فَلَوْ
كَانَ أَحَدُهُمَا كَافِرًا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ
بِلَا خِلَافٍ بَلْ إنْ كَانَ نَصِيبُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِصَابًا
زَكَّاهُ زَكَاةَ الانفراد وإلا فلا شئ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضًا لَا
خِلَافَ فِيهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (وَمِنْهَا) دَوَامُ
الْخُلْطَةِ سَنَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى (وَأَمَّا) الشُّرُوطُ الْمُخْتَصَّةُ بِخُلْطَةِ الْجِوَارِ
فَمَجْمُوعُهَا عَشَرَةٌ (مِنْهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَمِنْهَا)
مُخْتَلَفٌ فِيهِ (أَحَدُهَا)
(5/434)
اتِّحَادُ الْمَرَاحِ (الثَّانِي)
اتِّحَادُ الْمَشْرَبِ بِأَنْ تُسْقَى غَنَمُهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ
نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ مِنْ مِيَاهٍ
مُتَعَدِّدَةٍ بِحَيْثُ لَا تَخْتَصُّ غَنَمُ أَحَدِهِمَا بِالشُّرْبِ مِنْ
مَوْضِعٍ وَغَنَمُ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِهِ (الثَّالِثُ) اتِّحَادُ
الْمَسْرَحِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثم تساق
الْمَرْعَى (الرَّابِعُ) اتِّحَادُ الْمَرْعَى وَهُوَ الْمَرْتَعُ
الَّذِي تَرْعَى فِيهِ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا
(الْخَامِسُ) اتِّحَادُ الرَّاعِي وَفِيهِ طَرِيقَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ شَرْطٌ
(وَالثَّانِي)
حَكَاهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَصَحُّهُمَا) شَرْطٌ
(وَالثَّانِي)
لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَا يَضُرُّ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ
بِرَاعٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمَعْنَى اتِّحَادِ الرَّاعِي أَنْ لَا
يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِرَاعٍ فَأَمَّا إذَا كان لما شيتهما رَاعِيَانِ
أَوْ رُعَاةٌ لَا يَخْتَصُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ
فَالْخُلْطَةُ صَحِيحَةٌ (السَّادِسُ) اتِّحَادُ الْفَحْلِ وَفِيهِ
طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ
أَنَّهُ شَرْطٌ
(وَالثَّانِي)
حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَصَحُّهُمَا) شَرْطٌ
(وَالثَّانِي)
لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْإِنْزَاءِ فِي
مَكَان وَاحِدٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْمُرَادُ بِاتِّحَادِهِ أَنْ
تَكُونَ الْفُحُولُ مُرْسَلَةً فِي مَاشِيَتِهِمَا لَا يَخْتَصُّ
أَحَدُهُمَا بِفَحْلٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفُحُولُ مُشْتَرَكَةً أَوْ
لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُسْتَعَارَةً أَوْ غَيْرَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا
أَوْ جَمْعًا وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كون
الفحول مشتركة واتفقوا على ضعفه وهذا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ
اتِّحَادِ الْفَحْلِ هُوَ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ
مَاشِيَتُهُمَا نوعا واحدا فلو كان أَحَدِهِمَا ضَأْنًا وَمَالُ الْآخَرِ
مَعْزًا وَخَلَطَاهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ فَحْلٌ يَطْرُقُ مَاشِيَتَهُ
فَالْخُلْطَةُ صَحِيحَةٌ بِلَا خِلَافٍ إذْ لَا يُمْكِنُ اخْتِلَاطُهُمَا
فِي الْفَحْلِ وَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ مَالُ أَحَدِهِمَا ذُكُورًا
وَمَالُ الْآخَرِ إنَاثًا مِنْ جِنْسِهِ فَإِنَّ الْخُلْطَةَ صَحِيحَةٌ
بِلَا خِلَافٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* (السَّابِعُ) اتِّحَادُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ مَالُهُمَا
شَرْطٌ كَاتِّحَادِ الْمُرَاحِ فَلَوْ حَلَبَ هَذَا مَاشِيَتَهُ فِي
أَهْلِهِ وَذَاكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَا خُلْطَةَ (الثامن) اتحاد الحالب
وهو الشَّخْصُ الَّذِي يَحْلُبُ فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَيْسَ
بِشَرْطٍ
(وَالثَّانِي)
يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِحَالِبٍ
يُمْنَعُ عَنْ حَلْبِ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (التَّاسِعُ) اتِّحَادُ
الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَهُوَ الْمِحْلَبُ - بِكَسْرِ الْمِيمِ
- فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَيْسَ بشرط كمالا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ
آلَةِ الْجَزِّ بِلَا خِلَافٍ
(وَالثَّانِي)
يُشْتَرَطُ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا إنَاءٌ
وَاحِدٌ فَرْدٌ بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ تَكُونَ الْمَحَالِبُ فَوْضَى
بَيْنَهُمْ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِمِحْلَبٍ أَوْ مَحَالِبَ
مَمْنُوعَةٍ مِنْ الْآخَرِ.
وَعَلَى هَذَا هَلْ يُشْتَرَطُ خَلْطُ اللَّبَنِ فِيهِ الْوَجْهَانِ
الْمَذْكُورَانِ فِي الْكِتَابِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ لَا
يُشْتَرَطُ بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَإِنَّهُ
يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا غَالِبًا أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ فَعَلَى هَذَا
يَحْلُبُ أَحَدُهُمَا فِي الْإِنَاءِ وَيُفْرِغُهُ فِي وِعَائِهِ ثُمَّ
يَحْلُبُ الْآخَرُ فِيهِ (والثاني) يشترط وبه قال أبو إسحق الْمَرْوَزِيُّ
فَيَحْلُبُ لَبَنَ أَحَدِهِمَا فَوْقَ لَبَنِ الْآخَرِ
(5/435)
وَلَا يَضُرُّ جَهَالَةُ قَدْرِهِمَا.
قَالَ الْأَصْحَابُ وَلَا يضر جهالة مقدا ره وَيَتَسَامَحُونَ بِهِ كَمَا
فِي خَلْطِ الْمُسَافِرِينَ أَزْوَادَهُمْ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ
الْأَصْحَابُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي خَلْطِ اللَّبَنِ
وَلَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُ
أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ قَطْعًا لِكَوْنِهِ أَكُولًا.
وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ هَذَا الْوَجْهِ الْأَصَحِّ وَفَرَّقُوا
بَيْنَ اللَّبَنِ والازواد بان المسافرين يدعوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَى
طَعَامِهِ فَهُوَ إبَاحَةٌ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِ خَلْطِ اللَّبَنِ
فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إباحة
* واحتح بَعْضُ الْأَصْحَابِ لِلْأَصَحِّ أَيْضًا بِأَنَّ اللَّبَنَ
نَمَاءٌ فَلَا يُشْتَرَطُ الِاخْتِلَاطُ فِيهِ كَالصُّوفِ هَذَا مُخْتَصَرُ
الْكَلَامِ فِي الْحَالِبِ وَالْمِحْلَبِ وَخَلْطِ اللَّبَنِ قَالَ
اصحابنا: وسبب الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ خَلْطِ اللَّبَنِ أَنَّ
الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَفِي
رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَالزَّعْفَرَانِيّ فِي شُرُوطِ الْخُلْطَةِ وَأَنْ
يَحْلُبَا مَعًا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ ذَكَرَ
ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْأَصْحَابُ قَالَ الْقَاضِي
أَبُو الطَّيِّبِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّ اتِّحَادَ
الْحَلَّابِ شَرْطٌ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِ فَظَاهِرُ مَا
نَقَلَهُ الْمُزَنِيّ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَعْنَاهُ
اتِّحَادُ الْإِنَاءِ وَخَلْطُ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الرِّبَا
وهذا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى اشْتِرَاطِ
اتِّحَادِ الْحَلَّابِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ
وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يُشْتَرَطُ قَوْلًا وَاحِدًا
(وَالثَّانِي)
عَلَى قَوْلَيْنِ وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي
الْمَسْأَلَةِ ثلاثة أوجه (أصحها) قول أبى اسحق الْمَرْوَزِيُّ
وَاخْتَلَفُوا فِي حِكَايَتِهِ فَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْهُ
أَنَّهُ قَالَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ
وَاحِدًا وَنَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ عَنْهُ أَنَّهُ
قَالَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ الْإِنَاءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَنَقَلَ
صَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ أَنْ
يَكُونَ الْحَالِبُ وَاحِدًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فِي حِكَايَةِ
مَذْهَبِ أبى اسحق وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ (وَالْوَجْهُ
الثَّانِي) يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْلُبَا مَعًا وَيَخْلِطَا اللَّبَنَ ثُمَّ
يَقْتَسِمَانِ (وَالثَّالِثُ) يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْحَالِبِ
وَالْإِنَاءِ وَخَلْطُ اللَّبَنِ وَاخْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ حُكْمَ
الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ يُشْتَرَطُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْحَالِبِ وَلَا اتِّحَادُ
الْإِنَاءِ وَلَا خَلْطُ اللَّبَنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
(الْعَاشِرَةُ) نِيَّةُ الْخَلْطِ فِيهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ
ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ
الْأَصْحَابِ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ
فيما لو اتفقت الماشية في شئ مِمَّا يُشْتَرَطُ الِاجْتِمَاعُ فِيهِ
بِنَفْسِهَا أَوْ فَرَّقَهَا
الرَّاعِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكَانِ إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ
هَلْ تَنْقَطِعُ الْخُلْطَةُ أَمْ لَا (أَمَّا) إذا فرقاهاهما أو احدهما في
شى مِنْ ذَلِكَ قَصْدًا فَتَنْقَطِعُ الْخُلْطَةُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ
يَسِيرًا بِلَا خِلَافٍ لِفَقْدِ الشَّرْطِ (وَأَمَّا) التَّفْرِيقُ
الْيَسِيرُ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَلَا يُؤَثِّرُ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ لَوْ
اطَّلَعَا عَلَيْهِ فَأَقَرَّاهَا عَلَى تَفَرُّقِهَا انقطعت الخلطة قال
اصحابنا ومتي ارتفعت وَجَبَ عَلَى مَنْ بَلَغَ نُصِيبُهُ نِصَابًا زَكَاةُ
الانفراده إذَا تَمَّ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ لَا من يوم ارتفاعها
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
*
(5/436)
{فَأَمَّا إذَا ثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْ الْخَلِيطَيْنِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ بِالْحَوْلِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ مِنْ الْغَنَمِ مَضَى عَلَيْهِ بَعْضُ
الْحَوْلِ ثُمَّ خَلَطَاهُ نُظِرَتْ فَإِنْ كَانَ حَوْلُهُمَا مُتَّفِقًا
بِأَنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابَهُ فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ
خَلَطَاهُ فِي صَفَرٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ (قَالَ فِي الْقَدِيمِ) يُبْنَى
حَوْلُ الْخُلْطَةِ عَلَى حَوْلِ الِانْفِرَادِ فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ
عَلَى مَالَيْهِمَا لَزِمَهُمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي
قَدْرِ الزَّكَاةِ بِآخِرِ الْحَوْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ
مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ شَاةً ثُمَّ تَلِفَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا
قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ لم تجب الاشاة وَلَوْ كَانَتْ مِائَةٌ
وَعِشْرُونَ ثُمَّ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ وَجَبَتْ
شَاتَانِ وَقَدْ وُجِدَتْ الْخُلْطَةُ هَهُنَا فِي آخِرِ الْحَوْلِ
فَوَجَبَتْ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ (وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ) لَا يُبْنَى
عَلَى حَوْلِ الِانْفِرَادِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ
لِأَنَّهُ قَدْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في بعض الحول فكان
زكاتهما زَكَاةَ الِانْفِرَادِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْخُلْطَةُ قَبْلَ
الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ
فَإِنَّ هُنَاكَ لَوْ وُجِدَتْ زِيَادَةُ شَاةٍ أَوْ هَلَاكُ شَاةٍ قَبْلَ
الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ تَغَيَّرَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ
وُجِدَتْ الْخُلْطَةُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ
يُزَكِّيَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَأَمَّا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا
بَعْدَهَا فَإِنَّهُمَا يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَإِنْ كَانَ
حَوْلُهُمَا مُخْتَلِفًا بِأَنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ
الْمُحَرَّمِ وَالْآخَرُ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ ثُمَّ خَلَطَا فِي أول رَبِيعٍ
الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ نِصْفُ شَاةٍ وَعَلَى قَوْلِهِ
الْجَدِيدِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ وَأَمَّا فِي
السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا
زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ يُزَكِّيَانِ أَبَدًا
زَكَاةَ الِانْفِرَادِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الْحَوْلِ
فَزَكَّيَا زَكَاةَ الِانْفِرَادِ كَالسَّنَةِ الْأُولَى وَالْأَوَّلُ هُوَ
الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُمَا ارْتَفَقَا بِالْخُلْطَةِ فِي حَوْلٍ كَامِلٍ
فَصَارَ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ حَوْلُهُمَا وَإِنْ ثَبَتَ لِمَالِ
أَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ دُونَ الْآخَرِ وَذَلِكَ
مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ أَرْبَعِينَ
شَاةً وَاشْتَرِي آخَرُ أَرْبَعِينَ شَاةً وَخَلَطَهَا بِغَنَمِهِ ثُمَّ
بَاعَهَا فِي أَوَّلِ صَفَرٍ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَإِنَّ الثَّانِي مَلَكَ
الْأَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةً فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ
وَالْأَوَّلُ قَدْ ثَبَتَ لِغَنَمِهِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ فَإِنْ قُلْنَا
بِقَوْلِهِ الْقَدِيمِ وَجَبَ عَلَى الْمَالِكِ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ
نِصْفُ شَاةٍ وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِهِ الْجَدِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ شَاةٌ
وَفِي الْمُشْتَرِي فِي صَفَرٍ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) تَجِبُ عَلَيْهِ
شَاةٌ لِأَنَّ الْمَالِكَ فِي الْمُحَرَّمِ لَمْ يَرْتَفِقْ بِالْخُلْطَةِ
فَلَا يَرْتَفِقُ الْمَالِكُ فِي صَفَرٍ (والثاني) تجب عليه صنف شَاةٍ
لِأَنَّ غَنَمَهُ لَمْ تَنْفَكَّ عَنْ الْخُلْطَةِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ
بِخِلَافِ الْمُشْتَرَى فِي الْمُحَرَّمِ وَإِنْ مَلَكَ رَجُلٌ أَرْبَعِينَ
شَاةً وَمَضَى عَلَيْهَا نِصْفُ الْحَوْلِ ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا مُشَاعًا
فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْبَائِعِ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ شَاةٍ عَلَى
الْمَنْصُوصِ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى
قَوْلَيْنِ إنْ قُلْنَا بِقَوْلِهِ الْجَدِيدِ إنَّ حَوْلَ الْخُلْطَةِ لَا
يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الِانْفِرَادِ انْقَطَعَ حَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا
لَمْ يَبِعْ وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِهِ الْقَدِيمِ إنَّ حَوْلَ الْخُلْطَة
يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الِانْفِرَادِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ وَهَذَا
خَطَأٌ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الِانْفِرَادِ إلَى الْخُلْطَةِ لَا
يَقْطَعُ الْحَوْلَ وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي نُقْصَانِ الزَّكَاةِ
وَزِيَادَتِهَا دُونَ قَطْعِ الْحَوْلِ وَأَمَّا الْمُبْتَاعُ فَإِنَّا إنْ
قُلْنَا إنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَجَبَ عَلَى
(5/437)
الْمُبْتَاعِ الزَّكَاةُ وَإِنْ قُلْنَا
إنَّهَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ
بِحَوْلِ الْحَوْلِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ قَدْرِ الزَّكَاةِ فَيَنْقُصُ
النصاب وقال أبو اسحق فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهِ
وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهَا تَبَيَّنَّا أَنَّ
الزَّكَاةَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ فِي أَحَدِ
الْقَوْلَيْنِ إنَّهُ إذَا بَاعَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَخْرَجَ
الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ صَحَّ الْبَيْعُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ
لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ زَالَ وَإِنَّمَا يَعُودُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ
غَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا بَاعَ عِشْرِينَ مِنْهَا بِعَيْنِهَا نُظِرَتْ
فَإِنْ أَفْرَدَهَا وَسَلَّمَهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ فان سلمها وهي مختلفة
بِمَا لَمْ يَبِعْ بِأَنْ سَاقَ الْجَمِيعَ حَتَّى حَصَلَ فِي قَبْضِ
الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ وحكمه حكم مالو بَاعَ نِصْفَهَا
مُشَاعًا وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ ينقطع الحول لانه لما أقردها
بِالْبَيْعِ صَارَ كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا عَنْ الَّذِي لَمْ يَبِعْ
وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ الِاخْتِلَاطُ فَلَمْ
يَزُلْ حُكْمُهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ وَلِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدَةً
وَتَمَّ الْحَوْلُ فَفِيهِ أربعة أوجه (احدهما) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ
أَنَّهُ تَجِبُ شَاةٌ رُبْعُهَا عَلَى صَاحِبُ الْعِشْرِينَ وَالْبَاقِي
عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ لِأَنَّ مَالَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ
يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيُضَمُّ الْأَرْبَعُونَ
الْمُنْفَرِدَةُ إلَى الْعِشْرَيْنِ الْمُخْتَلِطَةِ فَإِذَا انْضَمَّتْ
إلَى الْعِشْرِينَ الْمُخْتَلِطَةِ انْضَمَّتْ أَيْضًا إلَى الْعِشْرِينَ
الَّتِي لِخَلِيطِهِ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ كَأَنَّهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ
فَوَجَبَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ
وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ
الْمُنْفَرِدَةَ تُضَمُّ إلَى الْعِشْرِينَ بحكم الملك فتصير ستين
فَيَصِيرُ مُخَالِطًا بِجَمِيعِهَا لِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ فَيَجِبُ
عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ مُخَالِطٌ
بِالْعِشْرِينَ الَّتِي لِصَاحِبِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ شَاةٍ
فَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ الْمُنْفَرِدَةُ فَلَا خُلْطَةَ لَهُ بِهَا فَلَمْ
يَرْتَفِقْ بِهَا فِي زَكَاتِهِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى
صَاحِبِ السِّتِّينَ شَاةٌ وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ
لِأَنَّ صَاحِبَ الْعِشْرِينَ مُخَالِطٌ بِعِشْرِينَ فَلَزِمَهُ نِصْفُ
شَاةٍ وَصَاحِبُ السِّتِّينَ لَهُ مَالٌ مُنْفَرِدٌ وَمَالٌ مُخْتَلَطٌ
وَزَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ أَقْوَى فَغَلَبَ حُكْمُهَا (وَالرَّابِعُ)
أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ شَاةٌ إلَّا نِصْفَ سُدُسِ شَاةٍ
وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ لِصَاحِبِ السِّتِّينَ
أَرْبَعِينَ مُنْفَرِدَةً فَتُزَكَّى زَكَاةَ الِانْفِرَادِ فَكَأَنَّهُ
مُنْفَرِدٌ بِسِتِّينَ شَاةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا شَاةٌ يَخُصُّ
الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا ثُلُثَا شَاةٍ وَلَهُ عِشْرُونَ مُخْتَلِطَةٌ
فَتُزَكَّى زكاة الخلطة فَتُزَكَّى زَكَاةَ الْخُلْطَةِ فَكَانَ جَمِيعُ
الثَّمَانِينَ مُخْتَلِطَةً فَيَخُصُّ الْعِشْرِينَ مِنْهَا رُبْعُ شَاةٍ
فَتَجِبُ عَلَيْهِ شاة الانصف سُدُسِ شَاةٍ ثُلُثَا شَاةٍ فِي
الْأَرْبَعِينَ الْمُنْفَرِدَةِ وَرُبْعُ شَاةٍ فِي الْعِشْرِينَ
الْمُخْتَلِطَةِ وَأَقَلُّ عَدَدٍ يُخْرَجُ مِنْهُ رُبْعٌ وَثُلُثَانِ
اثْنَا عَشَرَ الثُّلُثَانِ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَالرُّبُعُ مِنْهَا
ثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ
سَهْمًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ شَاةٍ وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ
الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ فِي
الْأَرْبَعِينَ الْحَاضِرَةِ}
*
(5/438)
(فَرْعٌ)
وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّونَ شَاةً فَخَالَطَ بِكُلِّ عِشْرِينَ رَجُلًا
لَهُ عِشْرُونَ شَاةً فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ عَلَى مَنْصُوصِ
الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا يُجْعَلُ
بِضَمِّ الْغَنَمِ بَعْضُهَا إلى بعض وهل كان جميعها مختلطة فيحب فِيهَا
شَاةٌ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ نِصْفُهَا وَعَلَى الشُّرَكَاءِ نِصْفُهَا
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ شَاةٍ وَمَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ
قَبْلَهَا إنَّ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ شَاةٌ وَعَلَى صَاحِبِ
الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ يَجِبُ هَهُنَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ شَاةٌ
لِأَنَّ غَنَمَهُ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا
مُنْفَرِدَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
الثَّلَاثَةِ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ ثَابِتَةٌ فِي الْعِشْرِينَ
الَّتِي لَهُ وَفِي الْعِشْرِينَ الَّتِي لِخَلِيطِهِ وَمَنْ قَالَ فِي
الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا إنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ
ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ وَعَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ
يَجِبُ هَهُنَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ
وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّهُ لَا
يُمْكِنُ ضَمُّ الْأَمْلَاكِ الثَّلَاثَةِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ
لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ فِي شُرُوطِ الْخُلْطَةِ (وَأَمَّا) السِّتُّونَ
فَإِنَّهُ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَا
يُمْكِنُ ضَمُّ كُلِّ عِشْرِينَ مِنْهَا إلى واحد من الثلاثة الثَّلَاثَةِ
فَيُقَالُ لِصَاحِبِ السِّتِّينَ قَدْ انْضَمَّ غَنَمُكَ بعضا إلَى بَعْضٍ
فَضُمَّ السِّتِّينَ إلَى غَنَمِ مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ فَتَصِيرُ
ثَمَانِينَ فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا عَلَى صَاحِبِ
السِّتِّينَ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّ
الْخُلْطَةَ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الاربعين
* {فصل} فاما أخذ الزكاة من مال الخلطة ففيه وجهان
* قال أبو اسحق إذا وجد ما يجب علي كل واحد منهما في ماله لم يأخذه من مال
الآخر وان لم يجد الفرض إلا في مال أحدهما أو كان بينهما نصاب والواجب شاة
جاز أن ياخذ من أي النصيبين شاء
* وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجُوزُ أن ياخذ من أي
المالين شاء سواء وجد الفرض في نصيبهما أو في نصيب احدهما لانا جعلنا
المالين كالمال الواحد فوجب أن يجوز الاخذ منهما فان أخذ الفرض من نصيب
أحدهما رجع علي خليطه بالقيمة فان اختلفا في قيمة الفرض فالقول قول المرجوع
عليه لانه غارم فكان القول قوله كالغاصب وإن أخذ المصدق أكثر من الفرض بغير
تأويل لم يرجع بالزيادة لانه ظلمه فلا يرجع به على غير الظالم وإن أخذ أكثر
من الحق بتأويل بان أخذ الكبيرة من السخال علي قول مالك فانه يرجع عليه
بنصف ما أخذ منه لانه سلطان فلا ينقض عليه ما فعله باجتهاده وإن أخذ منه
قيمة الفرض ففيه وجهان (من) أصحابنا من قال لا يرجع عليه بشئ لان القيمة لا
تجزئ في الزكاة بخلاف الكبيرة فانها تجزئ عن الصغار ولهذا لو تطوع بالكبيرة
قبلت منه
(والثانى)
يرجع وهو الصحيح لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَأَشْبَهَ إذَا أَخَذَ
الْكَبِيرَةَ عن السخال}
*
(5/439)
{الشرح} قال أصحابنا رحمهم الله تعالى
* إذا لَمْ يَكُنْ لِلْخَلِيطَيْنِ حَالَةُ انْفِرَادٍ بِأَنْ وَرِثَا
مَاشِيَةً
أَوْ مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ آخَرَ كَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ دفعة واحدة شائعة
أو مخلوطة وأدما الْخُلْطَةَ سَنَةً كَامِلَةً زَكَّيَا زَكَاةَ
الْخُلْطَةِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا لَوْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ دُونَ النصاب
وبلغ بالخلط نِصَابًا زَكَّيَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ قَطْعًا (فَأَمَّا)
إذَا انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ طَرَأَتْ الْخُلْطَةُ
فَقَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ فِي حَوْلِ الْخَلِيطَيْنِ جَمِيعًا وَقَدْ يَقَعُ
فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اتَّفَقَ فِي حَقِّهِمَا فَتَارَةً يَتَّفِقُ
حَوْلَاهُمَا وَتَارَةً يَخْتَلِفَانِ فَإِنْ اتَّفَقَا بِأَنْ مَلَكَ
كُلُّ وَاحِدٍ أَرْبَعِينَ شَاةً أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ خَلَطَاهَا
فِي أَوَّلِ صَفَرٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (الْقَدِيمُ) ثُبُوتُ
الْخُلْطَةِ فَيَجِبُ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ
* وَاحْتَجَّ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي
قَدْرِ الزَّكَاةِ بِآخِرِ الْحَوْلِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ
وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ شَاةً فَتَلِفَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا قَبْلَ
انْقِضَاءِ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ لَمْ يَجِبْ إلَّا شَاةٌ
* وَلَوْ كَانَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَوَلَدَتْ وَاحِدَةٌ قَبْلَ
انْقِضَاءِ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ وَجَبَ شَاتَانِ (وَالثَّانِي) وَهُوَ
الْجَدِيدُ الصَّحِيحُ لَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى
بَلْ يُزَكِّيَانِ فِيهَا زَكَاةَ الِانْفِرَادِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ
وَاحِدٍ شَاةٌ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ
* وَاحْتَجَّ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ انْفَرَدَ فِي
بَعْضِ الْحَوْلِ وَخَالَطَ فِي بَعْضِهِ فَلَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ
كَمَا لَوْ كَانَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنَّهَا
لَا تَثْبُتُ حِينَئِذٍ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ
وَالْجَوَابُ عَنْ حُجَّةِ الْقَدِيمِ أَنَّ هُنَاكَ لَوْ وُجِدَتْ
زِيَادَةُ الشَّاةِ أَوْ عَلَفُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ
يَوْمَيْنِ تَغَيَّرَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ وُجِدَتْ الْخُلْطَةُ قَبْلَ
الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ تَثْبُتْ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَلَمْ يَضْبِطْ الْجُمْهُورُ
الزَّمَنَ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِنْ الْحَوْلِ لِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ
وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي كِتَابِهِ مُشْكِلَاتِ
الْمُهَذَّبِ فَقَالَ يَجْرِي الْقَوْلَانِ مَتَى خَلَطَا قَبْلَ
انْقِضَاءِ الْحَوْلِ بِزَمَنٍ لَوْ عُلِفَتْ الْمَاشِيَةُ فِيهِ صَارَتْ
مَعْلُوفَةً وَسَقَطَ حُكْمُ السَّوْمِ قَالَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ
وَهَذَا اخْتِيَارُهُ وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ وَإِنْ
خَلَطَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ
تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ
وَالْأَصْحَابُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يبق الا يوم لم
تثبت الْخُلْطَةُ وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ عَنْ
حُجَّةِ الْقَدِيمِ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْوُجُوبِ إنَّمَا هُوَ
إذَا كَانَتْ الْفَائِدَةُ وَالنَّمَاءُ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ كَالسِّخَالِ
الْمُتَوَلِّدَةِ فَأَمَّا مَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ كَسِخَالٍ
اشْتَرَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ وَهَذَا هُوَ
نَظِيرُ الْخُلْطَةِ في أثناء الحول فانها ضم غَيْرَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ
هُوَ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ
المصنف والاصحاب (وأما) في السنة الثانية فما بَعْدَهَا فَيُزَكِّيَانِ
زَكَاةَ الْخُلْطَةِ بِلَا خِلَافٍ عَلَى الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ وَعِنْدَ
ابْنِ سُرَيْجٍ وَجَمِيعِ الْأَصْحَابِ ولا يجئ فِيهِ خِلَافُ ابْنِ
سُرَيْجٍ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا إذَا
اخْتَلَفَ حَوْلُهُمَا وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَا اتَّفَقَ الْحَوْلُ
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (أَمَّا) إذَا اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ
مَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي
(5/440)
أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَالْآخَرُ فِي
أَوَّلِ صَفَرٍ وَخَلَطَا فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ فَهُوَ مَبْنِيٌّ
عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقِينَ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْحَوْلِ (فَإِنْ
قُلْنَا) بِالْجَدِيدِ لَزِمَ الْأَوَّلَ عِنْدَ أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ
شَاةٌ وَلَزِمَ الثَّانِي فِي أَوَّلِ صَفَرٍ شَاةٌ أَيْضًا (وَإِنْ
قُلْنَا) بِالْقَدِيمِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ
نِصْفُ شَاةٍ وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى فَيَتَّفِقُ
الْقَوْلَانِ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْخُلْطَةِ فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ
نِصْفُ شَاةٍ فِي أَوَّلِ كُلِّ مُحَرَّمٍ وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ شَاةٍ
فِي أَوَّلِ كُلِّ صَفَرٍ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ
الْخُلْطَةُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَيُزَكِّيَانِ أَبَدًا زَكَاةَ
الِانْفِرَادِ لِاخْتِلَافِ حَوْلِهِمَا أَبَدًا وَهَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ
الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ عَنْ ابْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ أَنَّهُ خَرَّجَهُ
مِنْ الْقَوْلِ الْجَدِيدِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَقَالَ
الْمَحَامِلِيُّ لَيْسَ هُوَ لِابْنِ سُرَيْجٍ بَلْ هُوَ لِغَيْرِهِ
وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى ضعفه لانهما ارتفقا بالخلطة في سَنَةً
كَامِلَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ حَوْلُهُمَا (أَمَّا) إذَا اتَّفَقَ
لِمَالِ أَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ دُونَ الْآخَرِ بِأَنْ مَلَكَ
أَرْبَعِينَ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَمَلَكَ الْآخَرُ أَرْبَعِينَ فِي
أَوَّلِ صَفَرٍ وَخَلَطَهَا حِينَ مَلَكَهَا أَوْ خَلَطَ الْأَوَّلُ
أَرْبَعِينَهُ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ بِأَرْبَعِينَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ بَاعَ
الثَّانِي أَرْبَعِينَهُ لِثَالِثٍ فَقَدْ ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ حُكْمُ
الِانْفِرَادِ شَهْرًا وَلَمْ يَنْفَرِدْ الثَّانِي أَصْلًا فَتُبْنَى
عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ لَزِمَ
الْأَوَّلَ شَاةٌ فِي الْجَدِيدِ وَنِصْفُهَا فِي الْقَدِيمِ وَإِذَا جَاءَ
صَفَرٌ لَزِمَ الثَّانِي نِصْفُ شَاةٍ فِي الْقَدِيمِ وَعَلَى الْجَدِيدِ
وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا المصنف والاصحاب (اصحهما) يلزمه نصف
شاة لان غَنَمِهِ لَمْ تَنْفَكَّ عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ
فَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ
(وَعَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ) الْمَنْسُوبِ إلَى ابْنِ سُرَيْجٍ لَا
تَثْبُتُ أَبَدًا وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ حُجَّةِ الْوَجْهِ الثَّانِي
فِي الْمُشْتَرَى فِي صَفَرٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَاةٌ لِكَوْنِ الْمَالِكِ
فِي الْمُحَرَّمِ لَمْ يَرْتَفِقْ بِخُلْطَتِهِ فَلَا يَرْتَفِقُ هُوَ
بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْتَفِقُ أَحَدُهُمَا
دُونَ الْآخَرِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ
الثَّانِي عَلَى الْمَالِكِ فِي الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي زَكَاةَ
الْخُلْطَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ ثُمَّ لَوْ
تَفَاصَلَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ الثَّانِي لَزِمَ
الثَّانِي شَاةٌ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ فَقَدْ
ارْتَفَقَ بِالْخُلْطَةِ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَاَللَّهُ تَعَالَى
أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي صُوَرٍ بَنَاهَا الْأَصْحَابُ عَلَى هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ (مِنْهَا)
لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ أَرْبَعِينَ
أَوَّلَ صَفَرٍ فَعَلَى الْجَدِيدِ إذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ لَزِمَهُ
لَلْأَرْبَعِينَ الْأُولَى شَاةٌ وَإِذَا جَاءَ صَفَرٌ لَزِمَهُ
لَلْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ نِصْفُ شَاةٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَعَلَى الثَّانِي شَاةٌ.
وَعَلَى الْقَدِيمِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ شَاةٍ لِكُلِّ أَرْبَعِينَ عِنْدَ
تَمَامِ حَوْلِهَا ثُمَّ يُتَّفَقُ الْقَوْلَانِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ.
وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ يَجِبُ فِي الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى عِنْدَ
تَمَامِ حَوْلِهَا شَاةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ شَاةٌ عِنْدَ تَمَامِ
حَوْلِهَا وَهَكَذَا أَبَدًا مَا لَمْ يَنْقُصْ النِّصَابُ وَالْمَقْصُودُ
أَنَّهُ كَمَا تَمْتَنِعُ الْخُلْطَةُ فِي حَقِّ الشَّخْصَيْنِ عِنْدَ
اخْتِلَافِ التَّارِيخِ تَخْتَلِفُ فِي
(5/441)
مَلِكَيْ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ (وَمِنْهَا)
لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ أَرْبَعِينَ فِي
أَوَّلِ صَفَرٍ ثُمَّ أَرْبَعِينَ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ فَعَلَى
الْقَدِيمِ يَجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ثُلُثُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ
حَوْلِهَا وَعَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأُولَى لِتَمَامِ حَوْلِهَا شَاةٌ
وَفِيمَا يَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَجْهَانِ
(أَصَحُّهُمَا) ثُلُثُ شَاةٍ
(وَالثَّانِي)
شَاةٌ ثُمَّ يَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَعَلَى
وَجْهِ ابْنِ سُرَيْجٍ يَجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ لِتَمَامِ حَوْلِهَا
شَاةٌ كَامِلَةٌ وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ زَكَاةِ
الْإِبِلِ (وَمِنْهَا) لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ
وَمَلَكَ آخَرُ عِشْرِينَ أَوَّلَ صَفَرٍ وَخَلَطَا عِنْدَ مِلْكِ
الثَّانِي فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ لَزِمَ الْأَوَّلَ شَاةٌ عَلَى
الْجَدِيدِ وَثُلُثَاهَا عَلَى الْقَدِيمِ وَإِذَا جَاءَ صَفَرٌ لَزِمَ
الثَّانِي ثُلُثُ شَاةٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ خَالَطَ فِي جَمِيعِ
حَوْلِهِ.
وَعَلَى قِيَاسِ ابْنِ سُرَيْجٍ يَلْزَمُ الْأَوَّلَ شَاةٌ أَبَدًا في كل
حول ولا شئ عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ أَبَدًا لِاخْتِلَافِ التَّارِيخِ
وَلَوْ مَلَكَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ ثَمَانِينَ شَاةً أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ
ثُمَّ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ أَوَّلَ صَفَرٍ كَانَ الْمُسْلِمُ كَمَنْ
انْفَرَدَ بِمَالِهِ شَهْرًا ثُمَّ خَالَطَ
* (فَرْعٌ)
جَمِيعُ مَا سَبَقَ هُوَ فِي طَرَآنِ خُلْطَةِ الْجِوَارِ فَلَوْ طَرَأَتْ
خُلْطَةُ الشُّيُوعِ بِأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً سِتَّةَ أَشْهُرٍ
ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا مُشَاعًا فَفِي انْقِطَاعِ حَوْلِ الْبَائِعِ
طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (أَحَدُهُمَا) قَالَهُ
أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا
انْعَقَدَ حَوْلُهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ خَلَطَا إنْ قُلْنَا
يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا
زَكَاةَ الِانْفِرَادِ انْقَطَعَ لِنُقْصَانِ النِّصَابِ (وَالطَّرِيقُ
الثَّانِي) وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الرَّبِيعُ
وَالْمُزَنِيُّ عَنْ نَصِّهِ وَصَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْحَوْلَ لَا
يَنْقَطِعُ لِاسْتِمْرَارِ
النِّصَابِ بِصِفَةِ الِانْفِرَادِ ثُمَّ بِصِفَةِ الِاخْتِلَاطِ فَلَمْ
يَتَبَعَّضْ النِّصَابُ فِي وَقْتٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ خَطَأٌ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ
مِنْ الِانْفِرَادِ إلَى الْخُلْطَةِ لَا يَقْطَعُ الْحَوْلَ وَإِنَّمَا
الْقَوْلَانِ فِي زِيَادَةِ قَدْرِ الزَّكَاةِ وَنَقْصِهِ لَا فِي قَطْعِ
الْحَوْلِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ
الشِّرَاءِ لَزِمَ الْبَائِعَ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّهُ تَمَّ حَوْلُهُ
وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَيَنْظُرُ إنْ أَخْرَجَ الْبَائِعُ وَاجِبَهُ
وَهُوَ نِصْفُ شَاةٍ مِنْ المشترك فلا شئ عَلَيْهِ لِنُقْصَانِ
الْمَجْمُوعِ عَنْ النِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ
مِنْ غَيْرِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ
الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالذِّمَّةِ (فَإِنْ قُلْنَا)
بِالذِّمَّةِ لَزِمَهُ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ (وَإِنْ
قُلْنَا) بِالْعَيْنِ فَطَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ
وَكَثِيرِينَ الْجَزْمُ بِانْقِطَاعِ حول المشترى فلا يلزمه شئ لانه بمجرد
دخول الحول زال مالك الْبَائِعِ عَنْ نِصْفِ شَاةٍ مِنْ نَفْسِ النِّصَابِ
فَنَقَصَ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي اسحق
الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ فِيهِ قَوْلَانِ
(أَصَحُّهُمَا) هَذَا
(وَالثَّانِي)
لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْمُشْتَرِي بَلْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ
تَمَامِ حوله واستدل له المنصف وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ
الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ
تَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: إذَا بَاعَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ
الزَّكَاةُ وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ صَحَّ الْبَيْعُ
(5/442)
وَضَعَّفَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ
هَذَا الطَّرِيقَ بِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ زَالَ وَإِنَّمَا يَعُودُ
بِالْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ إخْرَاجَ
الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعٍ هَلْ يَمْنَعُ زَوَالَ الْمِلْكِ عَنْ قَدْرِ
الزَّكَاةِ أَمْ لَا يَمْنَعُهُ وَإِنَّمَا يُفِيدُ عَوْدُهُ بَعْدَ الزوال
وفيه خلاف (وأما) إذَا بَاعَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ عِشْرِينَ بِعَيْنِهَا
(فَإِنْ) أَفْرَدَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَلَّمَهَا إلَى
الْمُشْتَرِي مُنْفَرِدَةً زَالَتْ الْخُلْطَةُ إنْ كَثُرَ زَمَنُ
التَّفْرِيقِ فَإِنْ خَلَطَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَا الْحَوْلَ
وَإِنْ كَانَ زَمَنُ التَّفْرِيقِ يَسِيرًا فَفِي انْقِطَاعِ حَوْلِ
الْبَائِعِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) الِانْقِطَاعُ قَالَ الرَّافِعِيُّ
وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَإِنْ لَمْ يُفْرِدْهَا بَلْ
تَرَكَ الْأَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةً وَبَاعَهُ الْعِشْرِينَ الْمُعَيَّنَةَ
وسلم إليه جميع الاربعين لتصير العشرين مَقْبُوضَةً فَطَرِيقَانِ
حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (الْمَذْهَبُ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ
وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَ النِّصْفَ مُشَاعًا فَلَا
يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْعِشْرَيْنِ الْبَاقِيَةِ عَلَى
الْمَذْهَبِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) يَنْقَطِعُ الِانْفِرَادُ
بِالْبَيْعِ وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ بِأَنَّ
الِاخْتِلَاطَ لَمْ يَزُلْ فَلَمْ يَزُلْ حُكْمُهُ
وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مِنْ خُلْطَةِ الْجِوَارِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهَا
لِتَعَلُّقِهَا بِمَا قَبْلَهَا وَلَوْ مَلَكَ ثَمَانِينَ شَاةً فَبَاعَ
نِصْفَهَا مُشَاعًا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُ
الْبَائِعِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي وَفِي وَاجِبِهِ عِنْدَ تَمَامِ
حَوْلِهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) نِصْفُ شَاةٍ
(وَالثَّانِي)
شَاةٌ وَقَدْ سَبَقَ تَوْجِيهُهُمَا وَلَوْ كَانَ لِهَذَا أَرْبَعُونَ
وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ غَنَمِهِ بِغَنَمِ
صَاحِبِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ حَوْلَاهُمَا واستأنفا من وقت
المبايعة لا نقطاع الْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ
غَنَمِهِ شَائِعًا بِنِصْفِ غَنَمِ صَاحِبِهِ شَائِعًا فِي أَثْنَاءِ
الْحَوْلِ والأربعينان مُتَمَيِّزَتَانِ فَحُكْمُ الْحَوْلِ فِيمَا بَقِيَ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَرْبَعِينِهِ كَمَا إذَا كَانَ
لِلْوَاحِدِ أَرْبَعُونَ فَبَاعَ نِصْفَهَا شَائِعًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ
لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا فَهَذَا مَالٌ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ ثُمَّ طَرَأَتْ
الْخُلْطَةُ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ (الْقَدِيمُ) أَنَّهُ
يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُ شَاةٍ (وَالْجَدِيدُ) عَلَى كُلِّ
وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ وَإِذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ حِينِ التَّبَايُعِ لَزِمَ
كُلَّ وَاحِدٍ لِلْقَدْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ رُبْعُ شَاةٍ عَلَى
الْقَدِيمِ وَفِي الْجَدِيدِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) رُبْعُ شَاةٍ
(وَالثَّانِي)
نِصْفُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا طَرَأَ الِانْفِرَادُ عَلَى الْخُلْطَةِ انْقَطَعَتْ فَيُزَكِّي كُلُّ
وَاحِدٍ حِصَّتَهُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا زَكَاةَ الِانْفِرَادِ مِنْ حِينِ
الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ مُخْتَلِطَةً
فَخَالَطَهُمَا ثَالِثٌ بِعِشْرِينَ فِي أَثْنَاءِ حَوْلِهِمَا ثُمَّ
مَيَّزَ أَحَدُ الْأَوَّلِينَ ماله قبل تمام الحول فلا شئ عَلَيْهِ عِنْدَ
مُضِيِّ الْحَوْلِ لِنُقْصَانِ النِّصَابِ وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي نِصْفُ
شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَعَلَى الثَّالِثِ أَيْضًا نِصْفُ شَاةٍ
عِنْدَ تَمَامِ حوله وفيه وجه ابن سريح.
وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَمَانُونَ مُشْتَرَكَةً فَقَسَمَاهَا بَعْدَ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَإِنْ قُلْنَا) الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ لَزِمَ
كُلَّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ (وَإِنْ قُلْنَا) بَيْعٌ
لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِ بَاقِي الْحَوْلِ وَهُوَ مُضِيُّ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ
(5/443)
نِصْفُ شَاةٍ ثُمَّ إذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ
وَقْتِ الْقِسْمَةِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ لِمَا مَلَكَهُ
وَهَكَذَا أَبَدًا فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَلْزَمُهُ عِنْدَ مُضِيِّ
كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نصف شاة وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
(فَصْلٌ)
إذَا اجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ مَاشِيَةٌ مُخْتَلِطَةٌ وَغَيْرُ مُخْتَلِطَةٍ
مِنْ جِنْسِهَا بِأَنْ مَلَكَ سِتِّينَ شَاةً خَالَطَ بِعِشْرَيْنِ مِنْهَا
عشرين لغيره خلط جِوَارٍ أَوْ شُيُوعٍ وَانْفَرَدَ بِالْأَرْبَعِينَ
الْبَاقِيَةِ فَكَيْفَ يُزَكَّيَانِ
فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ
(أَصَحُّهُمَا) وَعَلَيْهِ فَرَّعَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَمْ
يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ عَنْ النَّصِّ غَيْرَهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ
وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَالْجُمْهُورُ أَنَّ الْخُلْطَةَ مِلْكٌ
وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِي الثَّمَانِينَ
وَتَصِيرُ كَأَنَّهَا كُلُّهَا مُخْتَلِطَةٌ لِأَنَّ مَالَ الْوَاحِدِ
يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ تَفَرَّقَ وَتَعَدَّدَتْ بُلْدَانُهُ
وَالْخُلْطَةُ تَجْعَلُ الْمَالَيْنِ كَمَالٍ وَاحِدٍ فَعَلَى هَذَا
يَصِيرُ صَاحِبُ السِّتِّينَ مُخَالِطًا بِجَمِيعِ السِّتِّينَ لِصَاحِبِ
الْعِشْرِينَ وَوَاجِبُ الثَّمَانِينَ شَاةٌ عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ
رُبْعُ شَاةٍ وَعَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا
(وَالْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّهَا خُلْطَةُ عَيْنٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ
يَقْصُرُ حُكْمُهَا عَلَى عَيْنِ الْمُخْتَلَطِ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَطُ
حَقِيقَةً فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ
بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ خَلِيطُ عِشْرِينَ وَفِي صَاحِبِ السِّتِّينَ
خَمْسَةُ أَوْجُهٍ (أصحها) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي
هُرَيْرَةَ يَلْزَمُهُ شَاةٌ لِأَنَّ لَهُ مَالَيْنِ مُخْتَلَطًا
وَمُنْفَرِدًا وَالْمُنْفَرِدُ أَقْوَى فَغَلَبَ حُكْمُهُ فَصَارَ كَمَنْ
لَهُ سِتُّونَ شَاةً مُنْفَرِدَةً (وَالثَّانِي) يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ
أَرْبَاعِ شَاةٍ لِأَنَّ مَالَهُ يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَقَدْ
ثَبَتَ لِبَعْضِهِ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فَكَأَنَّهُ خَلَطَ سِتِّينَ
بِعِشْرِينَ (وَالثَّالِثُ) يَلْزَمُهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَاةٍ وَنِصْفُ
سُدُسٍ يَخُصُّ الْأَرْبَعِينَ ثُلُثَا شَاةٍ وَكَأَنَّهُ انْفَرَدَ
بِجَمِيعِ السِّتِّينَ وَيَخُصُّ الْعِشْرِينَ رُبْعُ شَاةٍ كَأَنَّهُ
خَالَطَ بِالْجَمِيعِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي زَيْدٍ المروزى والحصري
(وَالرَّابِعُ) يَلْزَمُهُ شَاةٌ وَسُدُسُ شَاةٍ يَخُصُّ الْأَرْبَعِينَ
ثُلُثَانِ وَالْعِشْرِينَ نِصْفٌ مُوَافَقَةً لِخَلِيطِهَا حَكَوْهُ عَنْ
ابْنِ سُرَيْجٍ (وَالْخَامِسُ) يَلْزَمُهُ شَاةٌ وَنِصْفٌ وَكَأَنَّهُ
انْفَرَدَ بِأَرْبَعِينَ وَخَالَطَ بِعِشْرِينَ حَكَاهُ
الْخُرَاسَانِيُّونَ وَقَالُوا هُوَ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ (أَمَّا) إذَا
خَلَطَ عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ لِغَيْرِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
أَرْبَعُونَ منفردة ففى واجبهما القولان ان فلنا خُلْطَةَ مِلْكٍ
فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ
مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ قُلْنَا خُلْطَةُ عَيْنٍ فَفِيهِ سَبْعَةُ
أَوْجُهٍ فَرَّقَهَا الْأَصْحَابُ وَجَمَعَهَا الرَّافِعِيُّ (أَصَحُّهَا)
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ تَغْلِيبًا لِلِانْفِرَادِ
(وَالثَّانِي)
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ لِأَنَّ لَهُ سِتِّينَ
مُخَالَطَةً لِعِشْرِينَ (وَالثَّالِثُ) عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ
وَكَأَنَّ الْجَمِيعَ مُخْتَلَطٌ (وَالرَّابِعُ) عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ
خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ حِصَّةُ الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا
ثُلُثَانِ كَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِكُلِّ مَالِهِ وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ
رُبْعٌ كَأَنَّهُ خَالَطَ السِّتِّينَ بِالْعِشْرِينِ (وَالْخَامِسُ) عَلَى
كُلِّ واحد خمسة أسداس فقط حسة العشرين منها سدس كأنة خلطها بِالْجَمِيعِ
(وَالسَّادِسُ) عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ وَسُدُسٌ ثُلُثَانِ عَنْ
الْأَرْبَعِينَ وَنِصْفٌ عَنْ الْعِشْرِينَ (وَالسَّابِعُ)
(5/444)
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ وَنِصْفٌ وَلَا
فَرْقَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ
الْأَرْبَعُونَ الْمُنْفَرِدَةَ فِي بَلَدِ الْمَالِ الْمُخْتَلَطِ أَمْ
فِي بَلَدٍ آخَرَ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ حَوْلُ صاحب
الستين وحول الآخر أم اخلتفا لَكِنْ إنْ اخْتَلَفَا زَادَ النَّظَرُ فِي
التَّفَاصِيلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ وَقَالَ ابْنُ
كَجٍّ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا فَإِنْ اتَّفَقَا
فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ بِلَا خِلَافٍ رُبْعُهَا عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ
وَبَاقِيهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ تَعَالَى
أَعْلَمُ
*
(فَصْلٌ)
فِيمَا إذَا خَالَطَ ببعض ماله واحد وَبِبَعْضِهِ آخَرَ وَلَمْ يُخَالِطْ
أَحَدٌ خَلِيطَهُ الْآخَرَ فَإِذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فَخَلَطَ
عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَالْعِشْرِينَ
الْأُخْرَى بِعِشْرِينَ لِآخَرَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (فَإِنْ قُلْنَا)
الْخُلْطَةُ خُلْطَةُ مِلْكٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى صَاحِبِ
الْأَرْبَعِينَ نصف شاة وأما الاخرين فَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مَضْمُومٌ إلَى
الْأَرْبَعِينَ وَهَلْ يُضَمُّ إلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي لِخَلِيطِ
خَلِيطِهِ فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) يُضَمُّ وَبِهِ قَطَعَ
الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُ
شَاةٍ (وَالثَّانِي) لَا فَعَلَيْهِ ثُلُثُ شَاةٍ (وَإِنْ قُلْنَا)
الْخُلْطَةُ خُلْطَةُ عَيْنٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ
الْعِشْرِينَيْنِ نِصْفُ شَاةٍ وَأَمَّا صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ فَفِيهِ
الْأَوْجُهُ السَّابِقَةُ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ لَكِنْ الَّذِي
يَجْتَمِعُ مِنْهَا هُنَا ثَلَاثَةٌ (أَصَحُّهَا) هُنَا نِصْفُ شَاةٍ
(وَالثَّانِي) شَاةٌ (وَالثَّالِثُ) ثُلُثَا شَاةٍ وَلَوْ مَلَكَ سِتِّينَ
خَلَطَ كُلَّ عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ لِرَجُلٍ فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ
الْمِلْكِ فَعَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ نِصْفُ شَاةٍ وَفِي أَصْحَابِ
الْعِشْرِينَاتِ وَجْهَانِ إنْ ضَمَمْنَا إلَى خَلِيطِ خَلِيطِهِ وَهُوَ
الْأَصَحُّ فَعَلَى كل واحد منهم سدس شاة والافربعها وَإِنْ قُلْنَا
بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ
الْعِشْرِينَاتِ نِصْفُ شَاةٍ وَفِي صَاحِبِ السِّتِّينَ أَوْجُهٌ
(أَحَدُهَا) يَلْزَمُهُ شَاةٌ
(وَالثَّانِي)
نِصْفُهَا (وَالثَّالِثُ) ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا (وَالرَّابِعُ) شَاةٌ
وَنِصْفٌ عَنْ كُلِّ عِشْرِينَ نِصْفٌ وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْأَوْجُهُ
فِي نَظِيرِهَا وَسَبَقَ بَيَانُ مَأْخَذِهَا وَالْأَصَحُّ مِنْهَا وَلَوْ
مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ بَعِيرًا فَخَالَطَ بِكُلِّ خَمْسٍ خَمْسًا
لِآخَرَ فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ فَعَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِ
وَالْعِشْرِينَ نِصْفُ حِقَّةٍ وَفِي وَاجِبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
خُلَطَائِهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عُشْرُ حِقَّةٍ
(وَالثَّانِي)
سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ فَعَلَى كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْ خُلَطَائِهِ شَاةٌ وَفِي صَاحِبِ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ
الْأَوْجُهُ
الْأَرْبَعَةُ (عَلَى الْأَوَّلِ) بِنْتُ مَخَاضٍ (وَعَلَى الثَّانِي)
نِصْفُ حِقَّةٍ (وَعَلَى الثَّالِثِ) خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ
(وَعَلَى الرَّابِعِ) خَمْسُ شِيَاهٍ.
وَلَوْ مَلَكَ عَشَرَةَ أَبْعِرَةٍ فَخَلَطَ خَمْسًا بِخَمْسَ عَشَرَةَ
لِغَيْرِهِ وَخَمْسًا بِخَمْسَ عَشَرَةَ لِآخَرَ (فَإِنْ قُلْنَا)
بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ فَعَلَى صَاحِبِ الْعَشْرِ رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ
وَفِي صَاحِبَيْهِ وَجْهَانِ إنْ ضَمَمْنَا إلَى خَلِيطٍ فقط فعليه ثلاثة
أخمسا بِنْتِ مَخَاضٍ وَإِنْ ضَمَمْنَا إلَى خَلِيطِ خَلِيطِهِ أَيْضًا
وَهُوَ الْأَصَحُّ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ بِنْتِ لَبُونٍ.
(وَإِنْ قُلْنَا) بِخُلْطَةِ
(5/445)
الْعَيْنِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
صَاحِبَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَفِي صَاحِبِ الْعَشَرِ الْأَوْجُهُ
الْأَرْبَعَةُ (عَلَى الْأَوَّلِ) يَلْزَمُهُ شَاتَانِ (وَعَلَى الثَّانِي)
رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ (وَعَلَى الثَّالِثِ) خُمُسَا بِنْتِ مَخَاضٍ
(وَعَلَى الرَّابِعِ) شَاتَانِ كَالْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ بَعِيرًا خَلَطَ كُلَّ خَمْسٍ بِخَمْسٍ
وَأَرْبَعِينَ لِرَجُلٍ فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ لَزِمَهُ
الْأَغْبَطُ مِنْ نِصْفِ بِنْتِ لَبُونٍ وَخُمْسَيْ حِقَّةٍ عَلَى
الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الابل
واجبها الا غبط من خمس بنات لبون وأربع حِقَاقٍ وَجُمْلَةُ الْأُصُولِ
هُنَا مِائَتَانِ وَفِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُلَطَاءِ
وَجْهَانِ إنْ ضَمَمْنَاهُ إلَى خَلِيطِ خَلِيطِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ
لَزِمَهُ بنت لبون وثمنها وتسعة أشعار حِقَّةٍ وَإِنْ ضَمَمْنَاهُ إلَى
خَلِيطِهِ فَقَطْ لَزِمَهُ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ
جُزْءًا مِنْ جَذَعَةٍ (وَإِنْ قُلْنَا) بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ لَزِمَ كُلَّ
واحد من الخلطاء تسعة أشعار حِقَّةٍ وَفِي صَاحِبِ الْعِشْرِينَ
الْأَوْجَهُ (عَلَى الْأَوَّلِ) أَرْبَعُ شِيَاهٍ (وَعَلَى الثَّانِي)
الْأَغْبَطُ مِنْ نِصْفِ بِنْتِ لَبُونٍ وَخُمْسَيْ حِقَّةٍ (وَعَلَى
الثَّالِثِ) أَرْبَعَةُ أجزاء من ثلاثة عشر جزاء مِنْ جَذَعَةٍ (وَعَلَى
الرَّابِعِ) أَرْبَعُ شِيَاهٍ كَالْأَوَّلِ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا اتَّفَقَتْ أَوَائِلُ
الْأَحْوَالِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ انْضَمَّ إلَى هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ
مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْحَوْلِ (مِثَالُهُ) فِي
الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ اخْتَلَفَ الْحَوْلُ فَيُزَكُّونَ فِي السَّنَةِ
الْأُولَى زَكَاةَ الِانْفِرَادِ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَوْلِهِ وَفِي بَاقِي
السِّنِينَ يُزَكُّونَ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَى
الْقَدِيمِ يُزَكُّونَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَيْضًا بِالْخُلْطَةِ
وَعَلَى وَجْهِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا تَثْبُتُ لَهُمْ الْخُلْطَةُ أَبَدًا
وَلَوْ خَلَطَ خَمْسَ عَشْرَةَ شَاةً بِمِثْلِهَا لِغَيْرِهِ
وَلِأَحَدِهِمَا خَمْسُونَ مُنْفَرِدَةٌ (فَإِنْ قُلْنَا) بِخُلْطَةِ
الْعَيْنِ فلا شئ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَ عَشَرَةَ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ
دُونَ نِصَابٍ وَعَلَى الْآخَرِ شَاةٌ عَنْ الْخَمْسِ وَالسِّتِّينَ
كمن خلط ذِمِّيًّا (وَإِنْ قُلْنَا) بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا أَثَرَ لِهَذِهِ الْخُلْطَةِ لِنُقْصَانِ الْمُخْتَلَطِ عَنْ
النِّصَابِ (وَأَصَحُّهُمَا) تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ وَتُضَمُّ الْخَمْسُونَ
إلَى الثَّلَاثِينَ فَتَجِبُ شَاةٌ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ
فَقَطْ ثُمُنُ شَاةٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ وَالْبَاقِي عَلَى الآخر
*
* قال المصنف رحمه الله
* (1) {فاما أخذ الزكاة من مال الخلطة ففيه وجهان
* قال أبو اسحق إذا وجد ما يجب علي كل واحد منهما في ماله لم يأخذه من مال
الآخر وان لم يجد الفرض إلا في مال أحدهما أو كان بينهما نصاب والواجب شاة
جاز أن ياخذ من أي النصيبين شاة
* وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجُوزُ أن ياخذ من أي
المالين شاء سواء وجد الفرض في نصيبهما أو في نصيب احدهما لانا جعلنا
المالين كالمال الواحد فوجب أن يجوز الاخذ منهما فان أخذ الفرض من نصيب
أحدهما رجع علي خليطه بالقيمة فان اختلفا في قيمة الفرض فالقول قول المرجوع
عليه لانه غارم فكان القول قوله
__________
(1) سبق طبع المتن واعادناه ثانيا طبق الاصل
(5/446)
كالغاصب وإن أخذ المصدق أكثر من الفرض بغير
تأويل لم يرجع بالزيادة لانه ظلمه فلا يرجع به على غير الظالم وإن أخذ أكثر
من الحق بتأويل بان أخذ الكبيرة من السخال علي قول مالك فانه يرجع عليه
بنصف ما أخذ منه لانه سلطان فلا ينقض عليه ما فعله باجتهاده وإن أخذ منه
قيمة الفرض ففيه وجهان (من) أصحابنا من قال لا يرجع عليه بشئ لان القيمة لا
تجزئ في الزكاة بخلاف الكبيرة فانها تجزئ عن الصغار ولهذا لو تطوع بالكبيرة
قبلت منه
(والثانى)
يرجع وهو الصحيح لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَأَشْبَهَ إذَا أَخَذَ
الْكَبِيرَةَ عن السخال}
* {الشَّرْحُ} قَالَ أَصْحَابُنَا أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ
الْخَلِيطَيْنِ قَدْ يَقْتَضِي التَّرَاجُعَ بَيْنَهُمَا فَيَرْجِعُ كُلُّ
وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَقَدْ يَقْتَضِي رُجُوعَ أَحَدِهِمَا عَلَى
صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ الرُّجُوعُ وَالتَّرَاجُعُ يكثر ان فِي
خُلْطَةِ الْجِوَارِ وَقَدْ يَتَّفِقَانِ فِي خُلْطَةِ الشُّيُوعِ كَمَا
سَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَأَمَّا) خُلْطَةُ الْجِوَارِ
فَتَارَةً يُمْكِنُ السَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ وَتَارَةً لَا يُمْكِنُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ
فَلَهُ
أَنْ يَأْخُذَ فَرْضَ الْجَمِيعِ مِنْ نَصِيبِ أيهما شاء وَإِنْ لَمْ
يَجِدْ السِّنَّ الْمَفْرُوضَ إلَّا فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَخَذَهُ
(مِثَالُهُ) أَرْبَعُونَ شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ عِشْرُونَ يَأْخُذُ
الشَّاةَ مِنْ أَيُّهُمَا شَاءَ وَلَوْ وَجَبَتْ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ
يَجِدْهَا إلَّا فِي أَحَدِهِمَا أَخَذَهَا مِنْهُ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي
كُلٍّ مِنْهُمَا أَخَذَهَا مِنْ أَيُّهُمَا شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةُ
أَحَدِهِمَا مِرَاضًا أَوْ مَعِيبَةً أَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ الْآخَرِ
وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (أَمَّا) إذَا أَمْكَنَهُ أَخْذُ
الْفَرْضِ الَّذِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
(أحدهما)
ونقله المصنف والاصحاب عن أبى إسحق يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ
كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ لِيُغْنِيَهُمَا
عَنْ التَّرَاجُعِ (وَأَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هريرة وجمهور
أصحابنا المقتدمين وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ يَأْخُذُ مِنْ جَنْبِ الْمَالِ
مَا اتَّفَقَ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَلَهُ تَعَمُّدُ الْأَخْذِ مِنْ
نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْ مَالِهِ وَسَوَاءٌ الْأَخْذُ مِمَّنْ لَهُ أَقَلُّ الْجُمْلَةِ أَوْ
أَكْثَرُهَا بَلْ لو اخذ كما قال أبو اسحق ثَبَتَ التَّرَاجُعُ أَيْضًا
هَكَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَسَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا
يُخَالِفُهُ عِنْدَ النَّقْلِ عَنْ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ كَمَا
سَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَالَيْنِ كَمَالٍ
وَاحِدٍ (مِثَالُ الْإِمْكَانِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَلِيطَيْنِ أَوْ
الْخُلَطَاءِ مِائَةُ شَاةٍ أَمْكَنَ أَخْذُ شَاةٍ مِنْ مَالِ كُلِّ
وَاحِدٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ بَقَرَةً
وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ وَأَمْكَنَ أَخْذُ مُسِنَّةٍ مِنْ الْأَوَّلِ
وَتَبِيعٍ مِنْ الثَّانِي (أَمَّا كَيْفِيَّةُ الرُّجُوعِ (فَإِذَا) خَلَطَ
عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ فَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ
نَصِيبِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لَا
بِنِصْفِ شَاةٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِثْلِيَّةً وَلَا يُقَالُ أَيْضًا
يَرْجِعُ بِقِيمَةِ نِصْفِ الشَّاةِ لِأَنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَكْثَرُ
مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ فَإِنَّ الشَّاةَ قَدْ تَكُونُ جُمْلَتُهَا
تُسَاوِي عِشْرِينَ وَلَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِي نِصْفِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ
ثَمَانِيَةٍ لِضَرَرِ الْبَعْضِ فَنِصْفُ الْقِيمَةِ عَشْرَةٌ وَقِيمَةُ
النِّصْفِ
(5/447)
ثَمَانِيَةٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا يَرْجِعُ
بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لَا بِقِيمَةِ النِّصْفِ لِأَنَّ الشَّاةَ
الْمَأْخُوذَةَ أُخِذَتْ عَنْ جُمْلَةِ الْمَالِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ
قِيمَةُ جُمْلَتِهَا مُوَزَّعَةً عَلَى جُمْلَةِ الْمَالِ وَلَوْ قُلْنَا
قِيمَةُ النِّصْفِ لَأَجْحَفْنَا بِالْمَأْخُوذِ مِنْهُ الشَّاةُ
فَاعْتَمِدْ مَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ وَلَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ
قِيمَةُ النِّصْفِ فَإِنَّهُ مُؤَوَّلٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ
كَمَا أَوْضَحْتُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُونَ شَاةً ولآخر عشرة
فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاةَ مِنْ صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ رَجَعَ عَلَى
صَاحِبِهِ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْآخَرِ رَجَعَ
بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ عَلَى صَاحِبِ
الثَّلَاثِينَ.
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ مِائَةُ شَاةٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ فَأَخَذَ
السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ رَجَعَ
عَلَى صَاحِبِهِ بِثُلُثِ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ وَلَا نَقُولُ بِقِيمَةِ
ثُلُثَيْ شَاةٍ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِثُلُثَيْ
قِيمَتِهَا وَلَوْ كَانَ نِصْفُ الشِّيَاهِ لِهَذَا وَنِصْفُهَا لِهَذَا
رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ قِيمَةِ شَاةٍ فَإِنْ تَسَاوَتْ
الْقِيمَتَانِ فَفِيهِ أَقْوَالُ التَّقَاصِّ الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ
وَقَدْ ذكرها المصنف والاصحاب في كتاب الكتابة (أصحها) يَسْقُطُ أَحَدُ
الدَّيْنَيْنِ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ على رضاهما ولارضاء
أَحَدِهِمَا (وَالثَّانِي) يُشْتَرَطُ رِضَا أَحَدِهِمَا (وَالثَّالِثُ)
يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا (وَالرَّابِعُ) لَا يَسْقُطُ وَإِنْ رَضِيَا
وَمَحِلُّ الْأَقْوَالِ إذَا اسْتَوَى الدَّيْنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا
وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ جَرَتْ الْأَقْوَالُ فِيمَا
اتَّفَقَا فِيهِ.
وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ بَقَرَةً وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ
فَوَاجِبُهُمَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ
أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِمَا وَعَلَى الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِمَا
فَإِنْ أَخَذَهُمَا السَّاعِي مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ رَجَعَ عَلَى
الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ وَإِنْ أَخَذَهُمَا
مِنْ الْآخَرِ رَجَعَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا وَإِنْ أَخَذَ
التَّبِيعَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ وَالْمُسِنَّةَ مِنْ صَاحِبِ
الثَّلَاثِينَ رَجَعَ صَاحِبُ الْمُسِنَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهَا
وَصَاحِبُ التَّبِيعِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهِ وَإِنْ أَخَذَ الْمُسِنَّةَ
مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ وَالتَّبِيعَ مِنْ صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ
فَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ يَرْجِعُ صَاحِبُ
الْمُسِنَّةِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهَا وَصَاحِبُ التَّبِيعِ
بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِ وَأُنْكِرَ هَذَا عَلَى إمَامِ
الْحَرَمَيْنِ وَمُوَافِقِيهِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
نَصَّ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي مَنْصُوصَاتِ
الشَّافِعِيِّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ كَانَتْ
غَنَمُهُمَا سَوَاءً وَوَاجِبُهُمَا شَاتَانِ فَأَخَذَ مِنْ غَنَمِ كُلِّ
وَاحِدٍ شَاةً وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ
مُخْتَلِفَةً لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ منهما على صاحبه بشئ لانه لم يأخذ منه
الاما عَلَيْهِ فِي غَنَمِهِ لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً هَذَا نَصُّهُ
بِحُرُوفِهِ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِمُخَالَفَةِ مَا ذَكَرُوهُ وَأَنَّهُ
يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ تَبِيعًا وَمَنْ
صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةً فَلَا تَرَاجُعَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةُ شَاةٍ فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً فَلَا
تَرَاجُعَ وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَمُتَابِعُوهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ
كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِ قِيمَةِ شَاةٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ خِلَافُ
النَّصِّ
(5/448)
الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَخِلَافُ مُقْتَضَى
كَلَامِ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَخِلَافُ الرَّاجِحِ دَلِيلًا
فَالْأَصَحُّ مَا نَصَّ عَلَيْهِ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَرَاجُعَ إذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ
كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ فَرْضِهِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
* (فَرْعٌ)
لَوْ ظَلَمَ السَّاعِي فَأَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَاتَيْنِ وَوَاجِبُهُمَا
شَاةٌ واحدة أو أخذ نفيسة كلما خض وَالرُّبَى وَحَزَرَاتِ الْمَالِ رَجَعَ
الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَاجِبِ لَا
قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ لِأَنَّ السَّاعِي ظَلَمَهُ فَلَا يُطَالِبُ غَيْرَ
ظَالِمِهِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ
بَاقِيًا استرده وأعطاه الواجب والااسترد الفضل والفرض ساقط عنه وهذا
كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَ زِيَادَةً بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ
أَخَذَ كَبِيرَةً عَنْ السِّخَالِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَطَرِيقَانِ
(أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ
وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا أُخِذَ مِنْهُ
لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) حَكَاهُ
الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْقِيمَةِ
إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (أَصَحُّهُمَا) يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ
(وَالثَّانِي)
لَا يَرْجِعُ بِهَا وَلَوْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِهِمَا قِيمَةَ
الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ
الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ يُجْزِئُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى خَلِيطِهِ
بِنِصْفِ الْمَأْخُوذِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ
الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ اتفق الاصحاب علي تصحيحه ونقل الشَّيْخُ أَبُو
حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي المجرد والبندنيجي وصاحب الحاوى
والمحالي وَآخَرُونَ عَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ قَالُوا وَهُوَ الصحيح وقول
ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) لَا يُجْزِئُهُ دفع القيمة
ولا يرجع علي خليطه بشئ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ الْوَاجِبَ وَنَقَلَ
هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ هذا الوجه عن ابى اسحق الْمَرْوَزِيِّ
وَاتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ
* (فَرْعٌ)
* حَيْثُ ثَبَتَ لا حدهما الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِقِسْطِهِ مِنْ
الْمَأْخُوذِ وَنَازَعَهُ فِي الْقِيمَةِ وَلَا بَيِّنَةَ وَتَعَذَّرَ
مَعْرِفَتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ
هَكَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ
* (فَرْعٌ)
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ (أَمَّا)
خُلْطَةُ الِاشْتِرَاكِ (فَإِنْ) كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ
فَأَخَذَهُ السَّاعِي مِنْ نَفْسِ الْمَالِ فَلَا تَرَاجُعَ وَإِنْ كَانَ
مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَالشَّاةِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ
الْإِبِلِ رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا
إنْ كانت شركتهما مناصفة أو بالثلث أَوْ الرُّبْعِ عَلَى حَسْبِ
الشَّرِكَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ مُنَاصَفَةً
فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً فَعَلَى قَوْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ
وَمُتَابِعِيهِ يتراجعان ان اختلفت القيمة فان تساوت فيه أَقْوَالُ
التَّقَاصِّ وَعَلَى الْأَصَحِّ
الْمَنْصُوصِ لَا تَرَاجُعَ كَمَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَلَا يُتَصَوَّرُ التَّرَاجُعُ فِي خُلْطَةِ
الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي صورتين (احدهما) إذَا كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ
غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَالشَّاةِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ
(وَالثَّانِيَةُ) إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ
نَفْسُ الْمَفْرُوضِ كَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بنت مخاض
(5/449)
وَأَرْبَعِينَ شَاةً لَيْسَ فِيهَا
جَذَعَةٌ وَلَا ثَنِيَّةٌ فَأَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ
عَلَى شَرِيكِهِ بقسطه وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* {وَأَمَّا الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي وَهِيَ الْأَثْمَانُ
وَالْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ فَفِيهَا قَوْلَانِ (قَالَ فِي الْقَدِيمِ) لَا
تَأْثِيرَ لِلْخُلْطَةِ فِي زَكَاتِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا عَلَى الحوض
والفحل والرعى) ولان الخلطة اتما تَصِحُّ فِي الْمَوَاشِي لِأَنَّ فِيهَا
مَنْفَعَةٌ بِإِزَاءِ الضَّرَرِ وَفِي غَيْرِهَا لَا يُتَصَوَّرُ غَيْرُ
الضَّرَرِ لِأَنَّهُ لَا وَقَصَ فِيهَا بَعْدَ النِّصَابِ (وَقَالَ فِي
الْجَدِيدِ) تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم "
لا يجمع بين مفترق وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ " وَلِأَنَّهُ مَالٌ
تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَأَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ فِي زَكَاتِهِ
كَالْمَاشِيَةِ وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ كَمَالِ الْوَاحِدِ فِي الْمُؤَنِ
فَهِيَ كالمواشي}
* {الشَّرْحُ} قَالَ أَصْحَابُنَا هَلْ تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ
الْمَاشِيَةِ وَهِيَ الثِّمَارُ وَالزُّرُوعُ وَالنِّقْدَانِ وَعُرُوضُ
التجارة (أما) خلطة الاشتراك (ففيها) لقولان اللذان ذكرهما المصنف بدليلهما
(الْقَدِيمُ) لَا تَثْبُتُ (وَالْجَدِيدُ) الصَّحِيحُ تَثْبُتُ (وَأَمَّا)
خُلْطَةُ الْجِوَارِ فَفِيهَا طُرُقٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَآخَرُونَ فِيهَا
الْقَوْلَانِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَثْبُتُ فِي الْقَدِيمِ وَفِي
ثُبُوتِهَا فِي الْجَدِيدِ قَوْلَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَجْهَانِ وَقَالَ
الْقَفَّالُ وَالصَّيْدَلَانِيّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ
الْجُوَيْنِيُّ لَا تَثْبُتُ خُلْطَةُ الْجِوَارِ فِي النَّقْدِ
وَالتِّجَارَةِ وَفِي ثُبُوتِهَا فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ الْقَوْلَانِ
وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَرْجِيحِ ثُبُوتِهَا وَصَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ
عَدَمَ ثُبُوتِهَا وَإِذَا اخْتَصَرْت قُلْت فِي الْخَلِيطَيْنِ اربعة
أقوال (الجديد) ثبوتها وَهُوَ الْأَظْهَرُ
(وَالثَّانِي)
لَا يَثْبُتَانِ (وَالثَّالِثُ) تَثْبُتُ خُلْطَةُ الشَّرِكَةِ دُونَ
الْجِوَارِ (وَالرَّابِعُ) تَثْبُتُ الْخُلْطَتَانِ فِي الزَّرْعِ
وَالثِّمَارِ وَكَذَا خُلْطَةُ النَّقْدِ وَالتِّجَارَةِ إنْ كَانَتْ
خُلْطَةَ شَرِكَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهُمَا جَمِيعًا فِي
الْجَمِيعِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ " لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ إلَى
آخِرِهِ " وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ بَابِ زَكَاةِ
الْإِبِلِ (وَأَمَّا) الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الْقَدِيمُ فَقَدْ
سَبَقَ بَيَانُ ضَعْفِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلِأَنَّ الْخُلْطَةَ
إنَّمَا
تَثْبُتُ فِي الْمَاشِيَةِ لِلِارْتِفَاقِ وَالِارْتِفَاقُ هُنَا مَوْجُودٌ
بِاتِّحَادِ الْجَرِينِ وَالْبَيْدَرِ وَالْمَاءِ وَالْحَرَّاثِ وَجَذَّاذِ
النَّخْلِ وَالنَّاطُورِ وَالْحَارِثِ وَالدُّكَّانِ وَالْمِيزَانِ
وَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالْجَمَّالِ وَالْمُتَعَهِّدِ وَغَيْرِ
ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَصُورَةُ الْخُلْطَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ
أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَفُّ نَخِيلٍ أَوْ زَرْعٍ فِي
حَائِطٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ الْعَامِلُ عَلَيْهِ وَاحِدًا وَكَذَلِكَ
الْمُلَقِّحُ وَاللَّقَاطُ وَإِنْ كَانَ فِي دُكَّانٍ وَنَحْوِهِ وَأَنْ
يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ كِيسُ دَرَاهِمَ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ أَوْ
أَمْتِعَةُ تِجَارَةٍ فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ أَوْ خِزَانَةٍ وَاحِدَةٍ
وَمِيزَانٍ وَاحِدٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
عَلَى إثْبَاتِ الْخُلْطَتَيْنِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ كَانَ نَخِيلٌ مَوْقُوفَةً عَلَى جَمَاعَةٍ
مُعَيَّنِينَ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ فَأَثْمَرَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ
فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْهَدَ نَخِيلَهُ أَوْ
جَعَلَ أُجْرَتَهُ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ
(5/450)
بِعَيْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِ ثَمَرَتِهَا وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ
وَشَرَطَ الْقَطْعَ فَلَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ حَتَّى بَدَا الصَّلَاحُ
وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الثَّمَرَتَيْنِ نِصَابًا لَزِمَهُ الْعُشْرُ |