|
المجموع
شرح المهذب ط دار الفكر * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى
* {بَابُ زَكَاةِ الزرع}
{وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ مِمَّا يُقْتَاتُ
وَيُدَّخَرُ وَيُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ
وَالدُّخْنِ وَالذُّرَةِ وَالْجَاوَرْسِ وَالْأُرْزِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
لِمَا رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ
وَالْبَعْلُ وَالسَّيْلُ وَالْبِئْرُ وَالْعَيْنُ الْعُشْرُ وَفِيمَا
سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرِ
وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ " (فَأَمَّا) القثاء والبطيخ والرمان والقضب
والخضر فعفوعفا
(5/492)
عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلِأَنَّ الْأَقْوَاتَ تَعْظُمُ مَنْفَعَتُهَا
فَهِيَ كَالْأَنْعَامِ فِي الْمَاشِيَةِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي
الْقُطْنِيَّةِ وَهِيَ العدس والحمص والماش واللوبيا والباقلا
وَالْهُرْطُمَانُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِاقْتِيَاتِ وَيُدَّخَرُ
لِلْأَكْلِ فَهُوَ كالحنطة والشعير}
* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ مُعَاذٍ رَوَاهُ هَكَذَا الْبَيْهَقِيُّ فِي
السُّنَنِ الْكَبِيرِ إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ وَآخِرُهُ " عَفَا عنها رسول
الله صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا
أَنَّ مُعَاذًا كَتَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يساله عن الخضروات وهي البقول فقال " ليس فيها شئ " قَالَ
التِّرْمِذِيُّ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ قَالَ وَلَيْسَ يَصِحَّ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا شئ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا
(5/493)
عند أهل العلم أنه ليس في الخضروات
صَدَقَةٌ يَعْنِي عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِلَّا فَأَبُو
حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُوجِبُ فِيهَا كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ
فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَى
هَذَا الْحَدِيثَ وَأَحَادِيثَ مَرَاسِيلَ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا
مَرَاسِيلُ إلَّا أَنَّهَا مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيُؤَكِّدُ بَعْضُهَا
بَعْضًا وَمَعَهَا قَوْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
(وَقَوْلُهُ) وَالْجَاوَرْسُ هُوَ بِالْجِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ قِيلَ هُوَ
حَبٌّ صِغَارٌ مِنْ حَبِّ الذُّرَةِ وَأَصْلُهُ كَالْقَضْبِ إلَّا أَنَّ
الذُّرَةَ أَكْبَرُ حَبًّا مِنْهُ وَفِي الْأُرْزِ سِتُّ لُغَاتٍ
(إحْدَاهَا) فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدُ الزَّاي
(وَالثَّانِيَةُ) كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ
(وَالثَّالِثَةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الزَّاي
كَكُتُبٍ (وَالرَّابِعَةُ) مِثْلُهَا لَكِنْ
(5/494)
سَاكِنَةُ الرَّاءِ (وَالْخَامِسَةُ)
رُنْزٌ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالزَّاي (وَالسَّادِسَةُ)
بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّاي (وأما) القثاء فبكسر القاف وضمها
لغتان مشهوران الْكَسْرُ أَشْهَرُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ.
وَالْبِطِّيخُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُقَالُ طِبِّيخٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ
وَتَقْدِيمُهَا لُغَتَانِ.
وَالْقَضْبُ بِإِسْكَانِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الرُّطَبَةُ
وَقَوْلُهُ " عَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " أَيْ لَمْ يُوجِبْ فِيهَا شَيْئًا لَا أَنَّهُ أَسْقَطَ
وَاجِبًا فِيهَا وَالْقَطْنِيَّةُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْطُنُ فِي الْبُيُوتِ أَيْ تُخَزَّنُ
* وَاعْلَمْ أَنَّ الدُّخْنَ وَالْأُرْزَ مَعْدُودَانِ فِي الْقُطْنِيَّةِ
وَلَمْ يَجْعَلْهَا الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بَلْ زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ
فَقَالَ فِي الْحَاوِي الْقُطْنِيَّةُ هِيَ الْحُبُوبُ الْمُقْتَاتَةُ
سِوَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَأَمَّا الْحِمَّصُ فَبِكَسْرِ الْحَاءِ لَا
غَيْرِ وَأَمَّا مِيمُهُ فَفَتَحَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ
وَغَيْرُهُ مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَكَسَرَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ
الْمُبَرِّدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ وَاللُّوبِيَا قَالَ ابْنُ
الْأَعْرَابِيِّ
(5/495)
هو مذكر يمد ويقصر يقال هُوَ اللُّوبِيَا
وَاللُّوبْيَاءُ وَاللُّوبْيَاحُ وَهُوَ مُعَرَّبٌ لَيْسَ عربيا بالاصالة
والباقلا يُمَدُّ مُخَفَّفًا وَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَيُقْصَرُ مُشَدَّدًا
وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ لُغَتَانِ وَيُقَالُ الْفُولُ وَالْهُرْطُمَانُ
بِضَمِّ الْهَاءِ وَالطَّاءِ وَهُوَ الْجُلْبَانُ بِضَمِّ الْجِيمِ
وَيُقَالُ لَهُ الْخُلَّرُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ
اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ
* أَمَّا أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ
يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الزَّرْعِ شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا
أَنْ يَكُونَ قُوتًا وَالثَّانِي مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ
الْآدَمِيُّونَ.
قَالُوا فَإِنْ فَقَدَ الْأَوَّلَ كَالْأَسْبِيُوشِ وَهُوَ بَزْرُ
الْقَطُونَا أَوْ الثَّانِي كَالْعُثِّ أَوْ كِلَاهُمَا كَالثُّفَّاءِ
فَلَا زَكَاةَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ
الْقَيْدَيْنِ مَنْ
(5/496)
أَطْلَقَ الْقَيْدَ الْأَوَّلَ فَأَمَّا
مَنْ قَيَّدَ فَقَالَ أَنْ يَكُونَ قُوتًا فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَلَا
يَحْتَاجُ إلَى الثَّانِي إذْ لَيْسَ فِيمَا يُسْتَنْبَتُ مما يقتات
اختيارا فَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ
الْخُرَاسَانِيُّونَ غَيْرَهُمَا وَشَرَطَ الْعِرَاقِيُّونَ شَرْطَيْنِ
آخَرَيْنِ وَهُمَا أَنْ يُدَّخَرَ وَيَيْبَسَ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ
أَوَّلَهُمَا هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرْ فِي
التَّنْبِيهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ
الْأَوَّلَيْنِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَخِيرَيْنِ لِأَنَّهُمَا
مُلَازِمَانِ لِكُلِّ مُقْتَاتٍ مُسْتَنْبَتٍ قَالَ أَصْحَابُنَا
وَقَوْلُنَا مِمَّا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ
تَقْصِدَ زِرَاعَتَهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يكون من جنس ما تزرعونه
حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَبُّ مِنْ مَالِكِهِ عِنْدَ حمل الغلة أو وقعت
العصافير عَلَى السَّنَابِلِ فَتَنَاثَرَ الْحَبُّ وَنَبَتَ وَجَبَتْ
الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا بِلَا
(5/497)
خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي فِي
مَسَائِلِ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يُقْتَاتُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ شَرْطٌ
بِالِاتِّفَاقِ كَمَا سبق فيما يُقْتَاتُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ وَلَا
تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ بِالْعُثِّ وَبِهِ مَثَّلَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْمُزَنِيّ وَغَيْرُهُ هُوَ حَبُّ الْغَاسُولِ
وَهُوَ الْأُشْنَانُ وَقَالَ الْآخَرُونَ هُوَ حَبٌّ أَسْوَدُ يَابِسٌ
يُدْفَنُ حَتَّى يَلِينَ قِشْرُهُ ثُمَّ يُزَالُ قشره ويطحن ويخبز ويقتاته
اعراب طئ وَمَثَّلُوهُ أَيْضًا بِحَبِّ الْحَنْظَلِ وَسَائِرِ بِزُورِ
الْبَرَارِي قال اصحابنا ويخرج عن المقتات الخضروات وَالثُّفَّاءُ
وَالتُّرْمُسُ وَالسِّمْسِمُ وَالْكَمُّونُ وَالْكَرَاوْيَا
وَالْكُزْبَرَةُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَيُقَالُ لَهَا الْكُسْبَرَةُ
أَيْضًا وَبِزْرُ الْقُطْنِ وَبِزْرُ الْكَتَّانِ وَبِزْرُ الْفُجْلِ
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يشبهه فلا زكاة
(5/498)
في شئ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ
هَكَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ إلَّا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ
كَجٍّ أَنَّ حَبَّ الْفُجْلِ فِيهِ قَوْلَانِ الْجَدِيدُ لَا زَكَاةَ
وَالْقَدِيمُ الضَّعِيفُ وُجُوبُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ أَرَ هَذَا
النَّقْلَ لِغَيْرِهِ وَحَكَى الْعِرَاقِيُّونَ عن وجوب الزكاة في
التُّرْمُسَ وَالثُّفَّاءَ لَا يُقْتَاتُ أَصْلًا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ
أَصْحَابِنَا فِيمَا حَكَاهُ
الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ
وَأَشَارَ إلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَاتُ فِي حَالِ
الضَّرُورَةِ وَهُوَ خِلَافٌ فِي التَّسْمِيَةِ وَإِلَّا فَكُلُّهُمْ
مُتَّفِقُونَ علي انه لا زكاة فيها والثفا بضم الثاه الْمُثَلَّثَةِ
وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَبِالْمَدِّ وَهُوَ حَبُّ الرَّشَادِ وَكَذَا
فَسَّرَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَالتُّرْمُسُ بِضَمِّ التَّاءِ
وَالْمِيمِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي بِلَادِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
(5/499)
(فَرْعٌ)
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
فِي الْبُوَيْطِيِّ لَا زَكَاةَ فِي الْحُلْبَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ
بِقُوتٍ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ قَالَ وَلَا زَكَاةَ فِي السُّمَاقِ قَالَ
أَصْحَابُنَا وَلَا تَجِبُ فِي الْحُبُوبِ الَّتِي تَنْبُتُ فِي
الْبَرِّيَّةِ وَلَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ وَإِنْ كَانَ قَدْ
يُقْتَاتُ لِأَنَّهَا لَيْسَ مِمَّا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ وَهُوَ شرط
للوجوب وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* {وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا فِي نِصَابٍ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ
الْخُدْرِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ حَبٍّ
صَدَقَةٌ وَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ إلَّا الْأُرْزُ وَالْعَلَسُ
فَإِنَّ نِصَابَهُمَا
(5/500)
عشرة أوسق فانهما يدخران في القشر ويجئ
مِنْ كُلِّ وَسْقَيْنِ وَسْقٌ وَزَكَاتُهُ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ
عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الثِّمَارِ فَإِنْ زاد علي خمسة أوسق شئ وَجَبَ
فِيهِ بِحِسَابِهِ لِأَنَّهُ يَتَجَزَّأُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَوَجَبَ
فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ كالاثمان}
* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَقَوْلُهُ مِنْ تَمْرٍ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ وَالْعَلَسُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ
الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَهُوَ صِنْفٌ مِنْ الْحِنْطَةِ كَذَا قَالَهُ
الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ وَالْأَزْهَرِيُّ
وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ يَكُونُ
مِنْهُ فِي الْكِمَامِ حَبَّتَانِ وَثَلَاثٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ
وَغَيْرُهُ هُوَ طَعَامُ أَهْلِ صَنْعَاءَ وَقَوْلُهُ يَتَجَزَّأُ
احْتِرَازٌ مِنْ الْمَاشِيَةِ أَمَّا الْأَحْكَامُ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ زَكَاةُ الزَّرْعِ إلَّا فِي نِصَابٍ لِمَا
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَسَبَقَ
(5/501)
فِيهِ زِيَادَةٌ مَعَ مَذَاهِبِ
الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ
بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ مِنْ التِّبْنِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قُشُورُهَا ثَلَاثَةُ
أَضْرُبٍ (أحدها) قشر لا يدخر اللحب فيه ولا يأكل مَعَهُ فَلَا يَدْخُلُ
فِي النِّصَابِ (وَالثَّانِي) قِشْرٌ يُدَّخَرُ الْحَبُّ فِيهِ وَيُؤْكَلُ
مَعَهُ كَالذُّرَةِ فَيَدْخُلُ الْقِشْرُ فِي الْحِسَابِ فَإِنَّهُ طَعَامٌ
وَإِنْ كَانَ قَدْ يُزَالُ كَمَا تُقَشَّرُ الْحِنْطَةُ وَفِي دُخُولِ
القشرة السفلي من الباقلى وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ
صَاحِبُ الْعُدَّةِ الْمَذْهَبُ لَا يَدْخُلُ وَهَذَا غَرِيبٌ (الثَّالِثُ)
يُدَّخَرُ الْحَبُّ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ مَعَهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي
حِسَابِ النِّصَابِ وَلَكِنْ يُوجَدُ الْوَاجِبُ فِيهِ كَالْأُرْزِ
وَالْعَلَسِ أَمَّا الْعَلَسُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الام يبقي بعدد
ياسه عَلَى كُلِّ حَبَّتَيْنِ مِنْهُ كِمَامٌ لَا يَزُولُ إلَّا بِالرَّحَى
الْخَفِيفَةِ أَوْ بِمِهْرَاسٍ وَإِدْخَارُهُ فِي ذلك الْكِمَامِ أَصْلَحُ
لَهُ وَإِذَا أُزِيلَ
(5/502)
كَانَ الصَّافِي نِصْفَ الْمَبْلَغِ فَلَا
يُكَلَّفُ صَاحِبُهُ إزَالَةَ ذَلِكَ الْكِمَامِ عَنْهُ وَيُعْتَبَرُ
بُلُوغُهُ بَعْدَ الدِّيَاسِ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ لِتَكُونَ مِنْهُ خَمْسَةٌ
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْأَصْحَابُ إنْ نجئ
مِنْهُ الْقِشْرَ الْأَعْلَى اعْتَبَرَ فِي صَافِيهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ
كَغَيْرِهِ مِنْ الْحُبُوبِ وَإِنْ تَرَكَ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى
اشْتَرَطَ بُلُوغَهُ بِقِشْرِهِ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ وَأَمَّا الْأُرْزُ
فَيُدَّخَرُ أَيْضًا فِي قِشْرِهِ وَهُوَ أَصْلَحُ لَهُ وَيُشْتَرَطُ
بُلُوغُهُ مَعَ الْقِشْرِ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ إنْ تُرِكَ فِي قِشْرِهِ كَمَا
قُلْنَا فِي الْعَلَسِ وَإِنْ أُخْرِجَتْ قِشْرَتُهُ اعْتَبَرَ خَمْسَةَ
أَوْسُقٍ كَمَا فِي غَيْرِهِ وَكَمَا قُلْنَا فِي الْعَلَسِ وَتَخْرُجُ
الزَّكَاةُ مِنْهُ وَمِنْ الْعَلَسِ وَهُمَا فِي قِشْرِهِمَا لِأَنَّهُمَا
يُدَّخَرَانِ فِيهِمَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُرْزِ هُوَ
الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ
الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ
(5/503)
قَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ الثُّلُثُ
فَيُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ قَدْرًا يَكُونُ الصَّافِي مِنْهُ نِصَابًا وَقَالَ
صَاحِبُ الْحَاوِي كَانَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجْعَلُ الْأُرْزَ
كَالْعَلَسِ فَلَا يَحْسِبُ قِشْرَهُ الْأَعْلَى وَيَقُولُ لَا زَكَاةَ
فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ بِقِشْرِهِ وَقَالَ سَائِرُ
أَصْحَابِنَا لَا أَثَرَ لِهَذَا الْقِشْرِ فَإِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ
أَوْسُقٍ بِقِشْرِهِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لِأَنَّ هَذَا الْقِشْرَ
مُلْتَصِقٌ بِهِ وَرُبَّمَا طُحِنَ مَعَهُ بِخِلَافِ قِشْرِ الْعَلَسِ
فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِطَحْنِهِ مَعَهُ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ
صَاحِبُ الْحَاوِي عَنْ سَائِرِ أَصْحَابِنَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَاَللَّهُ
تَعَالَى أَعْلَمُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) الْوَاجِبُ فِي الزُّرُوعِ
إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا كَالْوَاجِبِ فِي الثِّمَارِ بِلَا فَرْقٍ كَمَا
سَبَقَ إيضَاحُهُ وَهُوَ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِمَاءِ
السَّمَاءِ وَنَحْوِهِ وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بالنواضح ونحوها
وسبق تفصيله واضحا هناك ويحب فيما زاد
(5/504)
عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ بِلَا
خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ المصنف وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* {وَتُضَمُّ الْأَنْوَاعُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِد بَعْضهَا إلَى بَعْضٍ فِي
إكْمَالِ النِّصَابِ فَيُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ
صِنْفٌ مِنْهَا وَلَا يُضَمُّ السُّلْتُ إلَى الشَّعِيرِ وَهُوَ حَبٌّ
يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ فِي الْمُلَامَسَةِ وَيُشْبِهُ الشعير
(5/505)
فِي طُولِهِ وَبُرُودَتِهِ وَقَالَ أَبُو
عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ يُضَمُّ السُّلْتُ إلَى الشَّعِيرِ كَمَا يُضَمُّ
الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا
يضم لانهما جنسان بخلاف العلس والحنطة}
* {الشَّرْحُ} اتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ
اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُضَمُّ جِنْسٌ مِنْ الثِّمَارِ
وَالْحُبُوبِ إلَى جِنْسٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَعَلَى أَنَّهُ يُضَمُّ
أَنْوَاعُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بَعْضُهَا إلى بعض
(5/506)
فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَهَذَا ضَابِطُ
الْفَصْلِ: قَالُوا فَلَا يُضَمُّ الشَّعِيرُ إلَى الْحِنْطَةِ وَلَا هِيَ
إلَيْهِ وَلَا التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ وَلَا هُوَ إليه ولا الحمص الي
العدس ولا الباقلي الي الهرطمان ولا اللوبيان إلَى الْمَاشِ وَلَا غَيْرُ
ذَلِكَ قَالُوا وَيُضَمُّ أَنْوَاعُ التَّمْرِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ
وَاللَّوْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَا يُضَمُّ أَنْوَاعُ الزَّبِيبِ
بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَأَنْوَاعُ الْحِنْطَةِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ
وَكَذَا أَنْوَاعُ باقى
(5/507)
الحبوب ولا خلاف في شئ مِنْ هَذَا
وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْعَلَسَ يُضَمُّ إلَى الْحِنْطَةِ
فَإِذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أوسق حنطة ووسقاق مِنْ الْعَلَسِ قَبْلَ
تَنْحِيَةِ الْقِشْرِ ضَمَّهَا إلَى الْحِنْطَةِ وَلَزِمَهُ الْعُشْرُ مِنْ
كُلِّ نَوْعٍ وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ لَمْ يَتِمَّ
النِّصَابُ إلَّا بِأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ عَلَسًا وَعَلَى هَذِهِ
النِّسْبَةِ إنْ كَانَ قَدْ يُنَحِّي الْعَلَسَ مِنْ قِشْرِهِ كَانَ
وَسْقُهُ كَوَسْقِ الْحِنْطَةِ وَقَدْ سَبَقَ هَذَا كُلُّهُ وَاضِحًا
وَأَمَّا السُّلْتُ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ
(5/508)
الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيُّ
وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمْ هُوَ حَبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ فِي
اللَّوْنِ وَالْمَلَاسَةِ وَالشَّعِيرَ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ وَعَكَسَ
الصَّيْدَلَانِيُّ وَآخَرُونَ هَذَا فَقَالُوا صُورَتُهُ صُورَةُ
الشَّعِيرِ وَطَبْعُهُ حَارٌّ كَالْحِنْطَةِ وَالصَّوَابُ مَا قاله
العراقيون هو الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ
الْأَصْحَابِ وَفِي حُكْمِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ
فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ
وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ لَا يُضَمُّ
إلَى الْحِنْطَةِ
(5/509)
وَلَا إلَى الشَّعِيرِ بَلْ إنْ بَلَغَ
وَحْدَهُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا وَدَلِيلُهُ مَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الشَّعِيرِ فَيُضَمُّ
إلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ قَالَ إمَامُ
الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقْطَعُ بِهِ شَيْخِي وَرَجَّحَهُ
صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ فَيُضَمُّ إلَيْهَا حَكَاهُ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ وَعَزَاهُ السَّرَخْسِيُّ إلَى صَاحِبِ
التَّقْرِيبِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ
(5/510)
يَعْنِي السِّنْجِيَّ إنْ ضَمَمْنَا
السُّلْتَ إلَى الْحِنْطَةِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا بِهِ مُتَفَاضِلًا
وَإِنْ ضَمَمْنَاهُ إلَى الشَّعِيرِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِهِ
مُتَفَاضِلًا وَإِنْ قُلْنَا هُوَ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ جَازَ بَيْعُهُ
بِالْحِنْطَةِ وَبِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا شَكَّ
فِيمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ وَهُوَ كَمَا قَالَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى
أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الضَّمِّ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا
أَنَّهُ يُضَمُّ الْأَنْوَاعُ مِنْ الْجِنْسِ بَعْضُهَا
(5/511)
الي بعض ولا تضم الا جناس فَلَا تُضَمُّ
حِنْطَةٌ إلَى شَعِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يُضَمُّ أَجْنَاسُ
الْقُطْنِيَّةِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَلَا يُضَمُّ الْحِمَّصُ إلَى
الْبَاقِلَاءِ وَالْعَدَسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ
أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ
بْنُ صَالِحٍ وَشَرِيكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَحْمَدُ فِي
إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَكَاهُ عَنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ
* وَقَالَتْ طَائِفَةٌ تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى
(5/512)
الشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ إلَيْهِمَا
وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ كُلُّهَا بَعْضُهَا الي بعض لكن لَا تُضَمُّ إلَى
الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ
أَحْمَدَ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
وَالزُّهْرِيِّ ضَمَّ الْقَمْحِ إلَى
الشَّعِيرِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ طَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ ضَمَّ
الْحُبُوبِ مُطْلَقًا قَالَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ يَعْنِي
غَيْرَهُمَا
(5/513)
إنْ صَحَّ عَنْهُمَا قَالَ وَأَجْمَعُوا
عَلَى أَنَّهُ لا تضم الا بل إلَى الْبَقَرِ وَلَا إلَى الْغَنَمِ وَلَا
الْبَقَرُ إلَى الْغَنَمِ وَلَا التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ دَلِيلُنَا
الْقِيَاسُ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ صَحِيحٌ
صَرِيحٌ فِيمَا قَالُوهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
*
(5/514)
{فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُ الزَّرْعِ
فَفِي ضَمِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ
الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الزِّرَاعَةِ فَكُلُّ زَرْعَيْنِ زُرِعَا فِي
فَصْلٍ وَاحِدٍ مِنْ صَيْفٍ أَوْ شِتَاءٍ أَوْ رَبِيعٍ أَوْ خَرِيفٍ ضُمَّ
بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَالْحَصَادُ
فَرْعٌ فَكَانَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ أَوْلَى وَالثَّانِي أَنَّ
الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ
(5/515)
الْحَصَادِ فَإِذَا اتَّفَقَ حَصَادُهُمَا
فِي فَصْلٍ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ حَالَةُ الْوُجُوبِ
فَكَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى وَالثَّالِثُ يُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ
زِرَاعَتُهُمَا في فصل واحد وحصادهما في فصل لِأَنَّ فِي زَكَاةِ
الْمَوَاشِي وَالْأَثْمَانِ يُعْتَبَرُ الطَّرَفَانِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا
وَالرَّابِعُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِرَاعَةِ عَامٍ وَاحِدٍ كَمَا
قُلْنَا
(5/516)
في الثمار}
* {الشَّرْحُ} هَذِهِ الْأَقْوَالُ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ اخْتَصَرَ
الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ جِدًّا وَهِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ
الْأَصْحَابِ وَقَدْ جَمَعَهَا الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
وَلَخَّصَ مُتَفَرَّقَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيهَا فَقَالَ لَا يُضَمُّ
(5/517)
زَرْعُ عَامٍ إلَى زَرْعِ عَامٍ آخَرَ فِي
إكْمَالِ النِّصَابِ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتِلَافُ أَوْقَاتِ الزِّرَاعَةِ
لِضَرُورَةِ التَّدْرِيجِ كَمَنْ يَبْتَدِئُ الزِّرَاعَةَ وَيَسْتَمِرُّ
فِيهَا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ لَا يُقْدَحُ بَلْ كُلُّهُ زَرْعٌ وَاحِدٌ
وَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِلَا خلاف ثم الشئ قَدْ يُزْرَعُ فِي
السَّنَةِ مِرَارًا كَالذُّرَةِ تُزْرَعُ فِي الْخَرِيفِ وَالرَّبِيعِ
وَالصَّيْفِ فَفِي
(5/518)
ضَمِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ عَشْرَةُ
أَقْوَالٍ أَكْثَرُهَا مَنْصُوصَةٌ أَصَحُّهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إنْ
وَقَعَ الْحَصَادَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ضُمَّ وَإِلَّا فَلَا وَمِمَّنْ
صَحَّحَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ
(وَالثَّانِي)
إنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ وَالْحَصَادَانِ فِي سَنَةٍ ضُمَّ وَإِلَّا فَلَا
وَاجْتِمَاعُهُمَا فِي سَنَةٍ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَرْعِ الْأَوَّلِ
وَحَصْدِ الثَّانِي أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا
(5/519)
عَرَبِيَّةً كَذَا قَالَهُ إمَامُ
الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ (1) (وَالرَّابِعُ) إنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ
وَالْحَصَادَانِ فِي سَنَةٍ أَوْ زَرَعَ الثَّانِي وَحَصَدَ الْأَوَّلَ فِي
سَنَةٍ ضُمَّ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
(وَالْخَامِسُ) الِاعْتِبَارُ بِجَمِيعِ السَّنَةِ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ
إمَّا الزَّرْعَيْنِ أَوْ الْحَصَادَيْنِ (وَالسَّادِسُ) إنْ وَقَعَ
الْحَصَادَانِ فِي فصل واحد ضم والا فلا
__________
(1) كذا في الاصل باسقاط الثالث ويؤخذ من الرافعي ان الثالث هو ان الاعتبار
بوقوع الزرعين في سنة واحدة ولا نظر إلى الحصاد
(5/520)
(وَالسَّابِعُ) إنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ
فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ ضُمَّ وَإِلَّا فَلَا (وَالثَّامِنُ) إنْ وَقَعَ
الزَّرْعَانِ وَالْحَصَادَانِ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ ضُمَّ وَإِلَّا فَلَا
وَالْمُرَادُ بِالْفَصْلِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ (التَّاسِعُ) أَنَّ
الْمَزْرُوعَ بَعْدَ حَصْدِ الْأَوَّلِ لَا يُضَمُّ كَحِمْلَيْ شَجَرَةٍ
والعاشر خرجه أبو إسحق أَنَّ مَا بَعْدَ زَرْعِ سَنَةٍ يُضَمُّ وَلَا
أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الزَّرْعِ وَالْحَصَادِ قَالَ وَلَا أَعْنِي
بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فَإِنَّ الزَّرْعَ لَا يَبْقَى هَذِهِ
الْمُدَّةَ وَإِنَّمَا أَعَنَى بِهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ إلَى ثَمَانِيَةٍ
(5/521)
هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ زَرْعُ الثَّانِي
بَعْدَ حَصْدِ الْأَوَّلِ فَلَوْ كَانَ زَرْعُ الثَّانِي بَعْدَ اشْتِدَادِ
حَبِّ الْأَوَّلِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَلَى هَذَا
الْخِلَافِ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالضَّمِّ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي
الْحُصُولِ فِي الْأَرْضِ وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى
التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ ثُمَّ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَعْلٌ
لَمْ يَنْعَقِدْ حَبُّهُ فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالضَّمِّ
وَالثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي وَقْتِ
الْوُجُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَ بُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِ
(5/522)
الثِّمَارِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَى مَا
بَدَأَ فِيهِ الصَّلَاحُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْحَاصِلَةَ
هِيَ مُتَعَلَّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَالْمُنْتَظَرُ فِيهَا صِفَةُ
الثَّمَرَةِ وَهُنَا مُتَعَلِّقُ الزَّكَاةِ الْحَبُّ وَلَمْ يُخْلَقْ
بَعْدُ وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ حَشِيشٌ مَحْضٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ الذُّرَةُ تُزْرَعُ مَرَّةً فَتَخْرُجُ فَتُحْصَدُ ثُمَّ
تُسْتَخْلَفُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَتُحْصَدُ أُخْرَى فَهُوَ زَرْعٌ
وَاحِدٌ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ حَصْدَتُهُ الثَّانِيَةُ وَاخْتَلَفَ
الْأَصْحَابُ فِي مُرَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أحدهها مراده
(5/523)
إذَا سَنْبَلَ وَاشْتَدَّتْ فَانْتَثَرَ
بَعْضُ حَبَّاتِهَا بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَقْرِ الْعَصَافِيرِ أَوْ
بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ فَنَبَتَتْ الْحَبَّاتُ الْمُنْتَثِرَةُ فِي تِلْكَ
السَّنَةِ مَرَّةً أُخْرَى وَأَدْرَكَتْ وَالثَّانِي مُرَادُهُ إذَا
نَبَتَتْ وَالْتَفَتَ وَعَلَا بَعْضُ طَاقَاتِهَا فَغَطَّى الْبَعْضَ
وَبَقِيَ الْمُغَطَّى أَخْضَرَ تَحْتَ الْعَالِي فَإِذَا حُصِدَ الْعَالِي
أَصَابَتْ الشَّمْسُ الا خضر فَأَدْرَكَ وَالثَّالِثُ مُرَادُهُ الذُّرَةُ
الْهِنْدِيَّةُ فَإِنَّهَا تُحْصَدُ سَنَابِلُهَا وَيَبْقَى سُوقُهَا
فَتَخْرُجُ سَنَابِلُ أُخَرُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ
(5/524)
بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُرَادِ
بِالنَّصِّ وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّصَّ قُطِعَ
مِنْهُ بِالضَّمِّ وَلَيْسَ تَفْرِيعًا عَلَى بَعْضِ الْأَقْوَالِ
الْعَشَرَةِ السَّابِقَةِ فذكروا في الصورة الاولي طريقين أحدها الْقَطْعُ
بِالضَّمِّ وَالثَّانِي أَنَّهُ عَلَى الْأَقْوَالِ فِي الزَّرْعَيْنِ
الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ
وَالْبَغَوِيِّ تَرْجِيحُ هَذَا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا
طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) الْقَطْعُ بِالضَّمِّ
(وَالثَّانِي)
عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الثَّالِثَةِ طُرُقٌ أَصَحُّهَا الْقَطْعُ
بِالضَّمِّ وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِعَدَمِ الضَّمِّ وَالثَّالِثُ عَلَى
الْخِلَافِ هَذَا آخِرُ نَقْلِ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ أَحْسَنَ وَأَجَادَ
فِي تلخيصها فال الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ الْمَالِكُ هَذَانِ
زَرْعَا سَنَتَيْنِ فَقَالَ السَّاعِي بَلْ سَنَةٌ فَالْقَوْلُ
(5/525)
قَوْلُ الْمَالِكِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ
السَّاعِي حَلَّفَهُ اسْتِحْبَابًا قَوْلًا وَاحِدًا وَهُوَ كَمَا قَالُوهُ
لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَاَلَّذِي يَدَّعِيه لَيْسَ
مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ فكانت باليمين مستحبة والله أعلم
*
(5/526)
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى
* {وَلَا يَجِبُ الْعُشْرُ قَبْلَ أَنْ يَنْعَقِدَ الْحَبُّ فَإِذَا
انْعَقَدَ الحب وجبت لانه قبل ان ينعقد كالخضروات
(5/527)
وَبَعْدَ الِانْعِقَادِ صَارَ قُوتًا
يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ فَإِنْ زَرَعَ الذُّرَةَ فَأَدْرَكَ وَحُصِدَ ثُمَّ
سَنْبَلَ مَرَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ فِيهِ
وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) لَا يُضَمُّ كَمَا لَوْ حَمَلَتْ النحلة فجدها
ثُمَّ حَمَلَتْ حَمْلًا آخَرَ
(5/528)
وَالثَّانِي يُضَمُّ وَيُخَالِفُ النَّخْلَ
لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّأْبِيدِ فَجُعِلَ لِكُلِّ حَمْلٍ حُكْمٌ
وَالزَّرْعُ لَا يُرَادُ للتأبيد فكان الحملان كعام واحد}
*
(5/529)
{الشَّرْحُ} أَمَّا مَسْأَلَةُ الذُّرَةِ
فَسَبَقَ بَيَانُهَا وَاضِحًا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا
وَالْأَصَحُّ الضَّمُّ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَسَبَقَ
بَيَانُهَا أَيْضًا فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْهَبُ فِيهَا وَذَكَرَ هُنَاكَ قَوْلَيْنِ
آخَرَيْنِ ضعيفين وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
(5/530)
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى
* {وَلَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ الْحُبُوبِ إلَّا بَعْدَ التَّصْفِيَةِ كَمَا
لَا تؤخذ زكاة الثمار إلا بعد الجفاف}
*
(5/531)
{الشَّرْحُ} هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَبَقَ
بَيَانُهَا فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ
الْإِخْرَاجُ إلَّا بَعْدَ التَّصْفِيَةِ وَأَنَّ مُؤْنَةَ التَّصْفِيَةِ
وَالْحَصَادِ علي المالك ولا يحسب شئ مِنْهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَهَذَا
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَسَبَقَ هُنَاكَ نَفَائِسُ تَتَعَلَّقُ بِالْفَصْلِ
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
(5/532)
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* {وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لِوَاحِدٍ وَالْأَرْضُ لِآخَرَ وَجَبَ الْعُشْرُ
عَلَى مَالِكِ الزَّرْعِ عِنْدَ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي
الزَّرْعِ فَوَجَبَتْ عَلَى مَالِكِهِ كَزَكَاةِ التِّجَارَةِ تَجِبُ عَلَى
مَالِكِ الْمَالِ دُونَ مَالِكِ الدُّكَّانِ
(5/533)
وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ خَرَاجٌ
وَجَبَ الْخَرَاجُ في وقته ويجب الْعُشْرُ فِي وَقْتِهِ وَلَا يَمْنَعُ
وُجُوبُ أَحَدِهِمَا وُجُوبَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ
لِلْأَرْضِ وَالْعُشْرُ يَجِبُ لِلزَّرْعِ فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا
الْآخَرَ كَأُجْرَةِ المتجر وزكاة التجارة}
*
(5/534)
{الشَّرْحُ} الْمَتْجَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ
وَالْجِيمِ هُوَ الدُّكَّانُ (أما الا حكام) فَقَالَ الشَّافِعِيُّ
وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ الْعُشْرُ فِي
الثَّمَرِ وَالْحَبِّ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ أَرْضٍ مستأجرة أو من أرض علهيا
خَرَاجٌ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْعُشْرُ مَعَ الْأُجْرَةِ
وَكَذَا مَعَ الْخَرَاجِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ.
قَالَ الرافعى والاصحاب
(5/535)
وَتَكُونُ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً فِي
صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَفْتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً قَهْرًا
وَيُقَسِّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ يُعَوِّضُهُمْ عَنْهَا ثُمَّ
يَقِفُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ويضربه عَلَيْهَا خَرَاجًا كَمَا فَعَلَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ
(5/536)
عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ
(الثَّانِيَةُ) أَنْ يفتح بلدة صلحا على أن الارض للمسليمن وَيَسْكُنُهَا
الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ فَالْأَرْضُ تَكُونُ فَيْئًا
لِلْمُسْلِمِينَ وَالْخَرَاجُ أُجْرَةٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ
وَكَذَا إذَا انْجَلَى الْكُفَّارُ عَنْ بَلْدَةٍ وَقُلْنَا أَنَّ
الْأَرْضَ تَصِيرُ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ
عَلَيْهَا خَرَاجٌ يُؤَدِّيه مَنْ سَكَنَهَا
(5/537)
مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا فَأَمَّا
إذَا فُتِحَتْ صُلْحًا وَلَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُ الْأَرْضِ لِلْمُسْلِمِينَ
وَلَكِنْ سَكَنُوا فِيهَا بِخَرَاجٍ فَهَذَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ
فَإِنَّهُ جِزْيَةٌ وَأَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي فُتِحَتْ قَهْرًا
وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَثَبَتَتْ فِي أَيْدِيهِمْ
(5/538)
وَكَذَا الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا
عَلَيْهَا وَالْأَرْضُ الَّتِي أَحْيَاهَا الْمُسْلِمُونَ فَكُلُّهَا
عُشْرِيَّةٌ وَأَخْذُ الْخَرَاجِ مِنْهَا ظُلْمٌ قَالَ وَأَمَّا
النَّوَاحِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا الْخَرَاجُ وَلَا يُعْرَفُ كَيْفَ
حَالُهَا فِي الْأَصْلِ فَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ
(5/539)
عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أَنَّهُ يُسْتَدَامُ الْأَخْذُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ الَّذِي فَتَحَهَا صَنَعَ بِهَا كَمَا صَنَعَ عُمَرُ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا جَرَى طُولَ
الدَّهْرِ جَرَى بِحَقٍّ: فَإِنْ قيل هل
(5/540)
يَثْبُتُ حُكْمُ أَرْضِ السَّوَادِ مِنْ
امْتِنَاعِ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الظَّاهِرُ
فِي الْأَخْذِ كَوْنُهُ حَقًّا
وَفِي الْأَيْدِي الْمِلْكُ فَلَا يَتْرُكُ وَاحِدًا مِنْ الظَّاهِرَيْنِ
إلَّا بِيَقِينٍ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْخَرَاجَ
الْمَأْخُوذَ
(5/541)
ظُلْمًا لَا يَقُومُ مَقَامَ الْعُشْرِ
فَإِنْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الْعُشْرِ فَهُوَ
كَأَخْذِ الْقِيمَةِ بِالِاجْتِهَادِ وَفِي سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ خِلَافٌ
سَبَقَ فِي آخِرِ بَابِ الْخُلْطَةِ الصَّحِيحُ السُّقُوطُ وَبِهِ قَطَعَ
الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ
(5/542)
فعلي هذا ان لم ييلغ قدر العشر اخرج الباقي
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي اجْتِمَاعِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ
مَذْهَبُنَا اجْتِمَاعُهُمَا وَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا وُجُوبَ
(5/543)
الْآخَرِ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ
الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
مِمَّنْ قَالَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَبِيعَةُ
وَالزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ
وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى
(5/544)
والليث وابن المبارك واحمد واسحق وَأَبُو
عُبَيْدٍ وَدَاوُد وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ الْعُشْرُ مَعَ
الْخَرَاجِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عن ابن مسعود مرفوع لا يجتمع عشرو
خراج فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ وَبِحَدِيثِ أَبِي
(5/545)
هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنَعَتْ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا
" وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ دِهْقَانَ بَهَرَ الْمَلِكَ لَمَّا أَسْلَمَ قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَلِّمُوا إلَيْهِ
الْأَرْضَ وَخُذُوا مِنْهُ الْخَرَاجَ فَأَمَرَ
(5/546)
بِأَخْذِ الْخَرَاجِ وَلَمْ يَأْمُرْ
بِأَخْذِ الْعُشْرِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَ بِهِ وَلِأَنَّ
الْخَرَاجَ يَجِبُ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْعُشْرُ وَهُوَ
مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ سَبْخَةً لَا
مَنْفَعَةَ لَهَا لَمْ يَجِبْ فِيهَا خَرَاجٌ وَلَا عشر
(5/547)
فَلَمْ يَجُزْ إيجَابُهُمَا مَعًا كَمَا
إذَا مَلَكَ نِصَابًا مِنْ السَّائِمَةِ لِلتِّجَارَةِ سَنَةً فَإِنَّهُ
لَا يَلْزَمُهُ زَكَاتَانِ وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ بِسَبَبِ الشِّرْكِ
وَالْعُشْرَ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَجْتَمِعَا وَاحْتَجَّ
أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(5/548)
" فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ "
وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ
وَهُوَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ مَا فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ وَغَيْرِهِ
وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِالْقِيَاسِ
عَلَى الْمَعَادِنِ وَلِأَنَّهُمَا حَقَّانِ يَجِبَانِ
(5/549)
بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ
لِمُسْتَحِقَّيْنِ فَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَمَا لَوْ قَتَلَ
الْمُحْرِمُ صَيْدًا مَمْلُوكًا وَلِأَنَّ الْعُشْرَ وَجَبَ بِالنَّصِّ
فَلَا يَمْنَعُهُ الْخَرَاجُ الْوَاجِبُ بِالِاجْتِهَادِ وَأَمَّا
الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فَهُوَ أَنَّهُ
(5/550)
حَدِيثٌ بَاطِلٌ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ
انْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ عَنْبَسَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ
حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي معرفة السنن
(5/551)
وَالْآثَارِ هَذَا الْمَذْكُورُ إنَّمَا
يَرْوِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِهِ
فَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عَنْبَسَةَ هَكَذَا مَرْفُوعًا وَيَحْيَى بْنُ
عَنْبَسَةَ مَكْشُوفُ الْأَمْرِ فِي الضَّعْفِ لِرِوَايَتِهِ عَنْ
الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ قَالَهُ
(5/552)
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ
فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ عَنْهُ هَذَا
كَلَامُ الْبَيْهَقِيّ وَكَلَامُ الْبَاقِينَ بِمَعْنَاهُ وَأَمَّا حَدِيثُ
أَبِي هُرَيْرَةَ مَنَعَتْ الْعِرَاقُ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ مَشْهُورَانِ
فِي كُتُبِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ
(5/553)
(أَحَدُهُمَا) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ
سَيُسْلِمُونَ وَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجِزْيَةُ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْفِتَنِ الْكَائِنَةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حَتَّى
يَمْنَعُوا الْحُقُوقَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ زَكَاةٍ وَجِزْيَةٍ
وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا زَعَمُوهُ
(5/554)
لَلَزِمَ أَنْ لَا تَجِبَ زَكَاةُ
الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالتِّجَارَةِ وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ
أَحَدٌ وَأَمَّا قِصَّةُ الدُّهْقَانِ فَمَعْنَاهَا خُذُوا مِنْهُ
الْخَرَاجَ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ وَلَا
يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُ الْعُشْرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخَرَاجَ
(5/555)
لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا تَوَهَّمُوا
سُقُوطَهُ بِالْإِسْلَامِ كَالْجِزْيَةِ وَأَمَّا الْعُشْرُ فَمَعْلُومٌ
لَهُمْ وُجُوبُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى
ذِكْرِهِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَخْذَ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ مِنْهُ
وَكَذَا زَكَاةُ النَّقْدِ وَغَيْرُهَا وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ إلْزَامَهُ
بالصلاة
(5/556)
وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَحْكَامِ
الْإِسْلَامِ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْحَاوِي أَيْضًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ خِطَابُ عُمَرَ لِمُتَوَلِّي الْخَرَاجِ الَّذِي لَا وِلَايَةَ
لَهُ عَلَى الْأَعْشَارِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ أَخْذِ الْعُشْرِ
أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَجِبُ فِيهِ
(5/557)
عُشْرٌ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يَجِبُ
الْعُشْرُ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْخَرَاجُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ
لِأَنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ فِي نَفْسِ الزَّرْعِ وَالْخَرَاجُ يَجِبُ عَنْ
الْأَرْضِ سَوَاءٌ زَرَعَهَا أَمْ أَهْمَلَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ
الْخَرَاجُ يَجِبُ بِسَبَبِ الشِّرْكِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ
(5/558)
وَإِنَّمَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ
سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَلِأَنَّ هَذَا فَاسِدٌ
عَلَى مَذْهَبِهِمْ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الذِّمِّيِّ
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
(5/559)
(فرع)
إذا كان لمسلم ارض لاخراج عليها وعليه العشر فباعها لذمى فَمَذْهَبُنَا
أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الذِّمِّيِّ فِيهَا خَرَاجٌ وَلَا عُشْرٌ قَالَ
الْعَبْدَرِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عليه الخراج أَبُو يُوسُفَ
عَلَيْهِ عُشْرَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ
(5/560)
عُشْرٌ وَاحِدٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا
يَصِحُّ الْبَيْعُ حتى لا تخلو االْأَرْضُ مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ
دَلِيلُنَا أَنَّهَا ارض لاخراج عَلَيْهَا فَلَا يَتَجَدَّدُ عَلَيْهَا
خَرَاجٌ كَمَا لَوْ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ وَيُنْتَقَضُ مَذْهَبُ مَالِكٍ
بِمَا إذَا بَاعَ الْمَاشِيَةَ لِذِمِّيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
(5/561)
(فَرْعٌ)
وَإِذَا أَجَّرَ أَرْضَهُ فَمَذْهَبُنَا أَنَّ عُشْرَ زَرْعِهَا عَلَى
الْمُسْتَأْجِرِ الزَّارِعِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ
وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجِبُ عَلَى
صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَوْ اسْتَعَارَ ارضا فزرعها
(5/562)
* فَعُشْرُ الزَّرْعِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ
عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا هَكَذَا وَالثَّانِيَةُ رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ
الْمُبَارَكِ أَنَّهُ عَلَى الْمُعِيرِ وَهَذَا عَجَبٌ
*
(5/563)
(فَرْعٌ)
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِبَابَيْ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ
(إحْدَاهَا) لَا يَجِبُ الْعُشْرُ عِنْدَنَا فِي ثمار الذمي والمكاتب
وزوعهما وَأَوْجَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي زَرْعِ الذِّمِّيِّ وَثَمَرِهِ
لِعُمُومِ الْحَدِيثِ " فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ
(5/564)
الْعُشْرُ " وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ
لِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ فَاسْتَوَى الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِيهِ
كَالْخَرَاجِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْعُشْرَ زَكَاةٌ لِلْحَدِيثِ
السَّابِقِ فِي الْكَرْمِ يُخْرَصُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ ثُمَّ
تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ
(5/565)
النَّخْلِ تَمْرًا وَإِذَا كَانَ زَكَاةً
فَلَا يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ أَوْ يُقَالُ حَقٌّ
يُصْرَفُ إلَى أَهْلِ الزَّكَوَاتِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الذِّمِّيِّ
كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ
وَأَمَّا الْقِيَاسُ
(5/566)
الْمَذْكُورُ فَلَيْسَ كَمَا قَالُوهُ بَلْ
حَقُّ الْعُشْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالزَّرْعِ عَلَى سَبِيلِ الطُّهْرَةِ
لِلْمُزَكِّي (الثَّانِيَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا وَجَبَ الْعُشْرُ فِي
الزُّرُوعِ والثمار لم يجب فيها بعد ذلك شئ وان بقيت في يَدُ مَالِكِهَا
سِنِينَ
(5/567)
هَذَا مَذْهَبُنَا: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ
وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ إلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَقَالَ
عَلَى مَالِكِهَا الْعُشْرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَالْمَاشِيَةِ
وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا خِلَافُ
الْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تعالى علق
(5/568)
وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِحَصَادِهِ
وَالْحَصَادُ لَا يَتَكَرَّرُ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ الْعُشْرُ وَلِأَنَّ
الزَّكَاةَ إنَّمَا تَتَكَرَّرُ فِي الْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ وَمَا
اُدُّخِرَ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ فَهُوَ مُنْقَطِعُ النَّمَاءِ مُتَعَرِّضٌ
لِلنَّفَادِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ كَالْأَثَاثِ وَالْمَاشِيَةِ
(5/569)
فَإِنَّهَا مُرْصَدَةٌ لِلنَّمَاءِ
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (الثَّالِثَةُ) قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " أَنَّهُ نَهَى عَنْ (جِذَاذِ) اللَّيْلِ " وَهُوَ صِرَامُ
النَّخْلِ لَيْلًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصِّرَامُ نَهَارًا
لِيَسْأَلَهُ
(5/570)
النَّاسُ مِنْ ثَمَرِهَا فَيُسْتَحَبُّ
ذَلِكَ فِيمَا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَفِيمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَيْضًا
قَالَ وَحُكِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالنَّخَعِيِّ أَيْضًا أَنَّ الصَّدَقَةَ
مِنْ الْمَالِ وَقْتَ الصِّرَامِ وَالْحَصَادِ وَاجِبَةٌ لِقَوْلِهِ تعالى
(وآتوا حقه يوم حصاده)
(5/571)
وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ سَائِرِ
الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
الْوُجُوبِ وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ المراد بها الزكاة والله تعالى أعلم
*
(5/572)
(فَرْعٌ)
رَوَيْنَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ عَنْ
جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " امر من كل جاد عَشْرَةَ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ بِقِنْوٍ
يُعَلَّقُ فِي المسجد " في اسناده محمد
(5/573)
ابن إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ
قَالَ عَنْ فَيَكُونُ ضعيفا قال الخطابى معنى جاد عشرة اوسق أي ما يجد
مِنْهُ عَشْرَةُ أَوْسُقٍ وَالْقِنْوُ الْغُصْنُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ
الرُّطَبِ أَوْ الْبُسْرِ لِيَأْكُلَهُ الْمَسَاكِينُ قَالَ وهذا من
(5/574)
صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ
(الرَّابِعَةُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ
تَعَالَى إذَا أَرَادَ السَّاعِي أَخْذَ الْعُشْرِ كَيَّلَ لِرَبِّ
الْمَالِ تِسْعَةً ثُمَّ يَأْخُذُ السَّاعِي الْعَاشِرَ فَإِنْ كَانَ
الْوَاجِبُ نِصْفَ الْعُشْرِ كَيَّلَ لِرَبِّ الْمَالِ تِسْعَةَ عَشْرَ
ثُمَّ لِلسَّاعِي وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ
كَيَّلَ لِلْمَالِكِ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَلِلسَّاعِي ثَلَاثَةً
وَإِنَّمَا بَدَأَ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ حَقَّهُ أَكْثَرُ وَبِهِ يُعْرَفُ
حَقُّ الْمَسَاكِينِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ
وَلَا يُهَزُّ الْمِكْيَالُ وَلَا يُزَلْزَلُ وَلَا تُوضَعُ الْيَدُ
فَوْقَهُ وَلَا يُمْسَحُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بَلْ يُصَبُّ فِيهِ مَا
يَحْتَمِلُهُ ثُمَّ يُفَرَّغُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (الْخَامِسَةُ
ثِمَارُ الْبُسْتَانِ وَغَلَّةُ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَيْنِ إنْ كَانَتْ
عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَدَارِسِ
وَالرُّبُطِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمُجَاهِدِينَ وَالْغُرَبَاءِ
وَالْيَتَامَى وَالْأَرَامِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا هَذَا
هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَقَدْ
(5/575)
سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي جَمِيعِ
الطُّرُقِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ
يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ وَهَذَا النَّقْلُ غَرِيبٌ: وَقَدْ سَبَقَتْ
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ بَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي وَذَكَرْنَا
هُنَاكَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا نَصْرٍ قَالَ هَذَا النَّصُّ غَيْرُ
مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى إنْسَانٍ
مُعَيَّنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ
مَثَلًا وَجَبَ الْعُشْرُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ
الثِّمَارَ وَالْغَلَّةَ ملكا تاما يتصرفون
(5/576)
فِيهِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ
قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ بَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ إنْسَانٍ نِصَابًا وَجَبَ
عُشْرُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ نَقَصَ وَبَلَغَ نَصِيبُ جَمِيعِهِمْ
نِصَابًا وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْخُلْطَةِ بُنِيَ عَلَى صِحَّةِ الخلطة في
الثمار والزروع والصحيح صِحَّتُهَا وَثُبُوتُ حُكْمِهَا فَيَجِبُ الْعُشْرُ
وَالثَّانِي لَا يصح ولا عشر والله تعالي أعلم (السادسة)
(5/577)
قَدْ سَبَقَ فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ
أَنَّ مُؤْنَةَ الْحَصَادِ وَالْحِرَاثَةِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّصْفِيَةِ
وَجِذَاذِ الثِّمَارِ وَتَجْفِيفِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ
الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي خَالِصِ مَالِهِ
وَلَا يُحْسَبُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ بَلْ يَجِبُ عُشْرُ
الْجَمِيعِ وَسَبَقَتْ هُنَاكَ فُرُوعٌ فِيهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَلَوْ
كَانَ عَلَى الْأَرْضِ خَرَاجٌ هو
(5/578)
عُشْرُ زَرْعِهَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ
عَشَرَةِ أَوْسُقٍ وَسْقَانِ وَسْقٌ لِلْعُشْرِ يُصْرَفُ إلَى أَهْلِ
الزَّكَوَاتِ وَوَسْقٌ لِلْخَرَاجِ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِ الْخَرَاجِ
قَالَ لِأَنَّ مَا أَدَّاهُ فِي الْخَرَاجِ حَصَلَ مَالًا لَهُ وَقَدْ
صَرَفَهُ فِي حَقٍّ عَلَيْهِ
(5/579)
فَهُوَ كَمَا أَوْفَاهُ فِي دَيْنٍ
فَوَجَبَ عُشْرُ الْجَمِيعِ (السَّابِعَةُ) إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ
خَرَاجٌ فَأَجَرَهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى مَالِكِ
الْأَرْضِ ولا شئ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ
الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ فِي آخِرِ
هَذَا الْبَابِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ (أَحَدَهَا) أَنَّهُ عَلَى
مَالِكِ الْأَرْضِ فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى
(5/580)
الزَّارِعِ فَسَدَ الْعَقْدُ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهُ عَلَى الزَّارِعِ فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بَطَلَ
الْعَقْدُ (وَالثَّالِثُ)
عَلَى مَا يَشْتَرِطَانِ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ شَاذٌّ مَرْدُودٌ
(الثَّامِنَةُ) قَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْخُلْطَةِ خِلَافٌ فِي ثُبُوتِهَا
فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَحَاصِلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَصَحُّهَا)
تَثْبُتُ خُلْطَةُ الشُّيُوعِ وَخُلْطَةُ الجوار جميعا قال اصحابنا هذه
العبارة مقدمة (وَالثَّانِي) لَا تَثْبُتَانِ (وَالثَّالِثُ) تَثْبُتُ
خُلْطَةُ الشُّيُوعِ دون الجوار
(5/581)
لَا تَثْبُتَانِ لَمْ يَكْمُلْ مِلْكُ
إنْسَانٍ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فِي إتْمَامِ النِّصَابِ وَإِنْ
أَثْبَتْنَاهُمَا كَمُلَ بِمِلْكِ الشَّرِيكِ وَالْجَارِ وَلَوْ مَاتَ
إنْسَانٌ وَخَلَفَ نَخِيلًا مُثْمِرَةً أَوْ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ وَبَدَا
الصَّلَاحُ فِي الْحَالَيْنِ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ
(5/582)
فَإِنْ قُلْنَا لَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ
فَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مُعْتَبَرٌ عَلَى انْفِرَادِهِ مُنْقَطِعٌ عَنْ
شُرَكَائِهِ فَمَنْ بَلَغَ نَصِيبُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَمَنْ لَمْ
يَبْلُغْ نَصِيبُهُ نِصَابًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ اقْتَسَمُوا
أَمْ لَا وَإِنْ قُلْنَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ اقْتَسَمُوا قَبْلَ بُدُوِّ
الصَّلَاحِ زَكَّوْا زَكَاةَ الِانْفِرَادِ فَمَنْ بَلَغَ نَصِيبُهُ
نِصَابًا
(5/583)
زكاه ومن لم يبلغه نصيبه فَلَا زَكَاةَ
قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةُ الْجِوَارِ أَوْ
أَثْبَتْنَاهَا وَكَانَتْ مُتَبَاعِدَةً أَوْ فُقِدَ بَعْضُ شُرُوطِهَا
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً وَوُجِدَتْ الشُّرُوطُ وَأَثْبَتنَا
خُلْطَةَ الْجِوَارِ فَيُزَكُّونَ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ كَمَا قَبْلَ
الْقِسْمَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ اقْتَسَمُوا
بَعْدَ بُدُوِّ الصلاح
(5/584)
زَكَّوْا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ
لِاشْتِرَاكِهِمْ حَالَةَ الْوُجُوبِ وَعَلَيْهِ اعْتِرَاضَانِ
(أَحَدُهُمَا)
اعْتَرَضَ بِهِ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ فَقَالَ الْقِسْمَةُ بَيْعٌ
وَبَيْعُ الرِّبَوِيِّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ بِحَالٍ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ اعْتِرَاضِهِ فَقَالُوا
قَدْ احْتَرَزَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ هَذَا
الِاعْتِرَاضِ فَقَالَ فِي الْأُمِّ وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنْ
اقْتَسَمُوا قِسْمَةً صَحِيحَةً قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ
الْأَصْحَابُ نَبَّهَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا النَّصِّ عَلَى أَنَّ
الْمُرَادَ أَنْ يَتَفَاضَلَا مُفَاضَلَةً صَحِيحَةً قَالَ الْأَصْحَابُ
وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْهَا
وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ سِتَّةً
وَبَعْضُهُمْ خَمْسَةً وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ عَنْ
الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْهًا لِتَصْوِيرِهَا وَمُخْتَصَرُ مَا
ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مَجْمُوعِ كَلَامِهِمْ
مَعَ تَدَاخُلِهِ أَنْ يُقَالَ يُتَصَوَّرُ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْهًا
كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ (أَحَدُهَا) أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ فَرَّعَهُ عَلَى قَوْلِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ لَا عَلَى
أَنَّهَا بَيْعٌ وَحِينَئِذٍ لَا حَجْرَ فِي الْقِسْمَةِ (الثَّانِي) إذَا
قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ فَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ النَّخْلِ
مُثْمِرًا وَبَعْضُهَا غير مثمر فجعل هذا سهما وذلك سَهْمًا وَيَقْسِمُهُ
قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ فَيَكُونُ بَيْعَ نَخْلٍ وَرُطَبٍ بِنَخْلٍ مُتَمَحِّضٍ
وَذَلِكَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ (الثَّالِثُ) أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ
نَخْلَتَيْنِ وَالْوَرَثَةُ شَخْصَيْنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ
صَاحِبِهِ مِنْ إحْدَى النَّخْلَتَيْنِ أَصْلِهَا وثمرها بدينار وباع نصيبه
وباعه نصيبه من الاخرى لصاحبه بدينار وتقاضا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ
الْأَصْحَابُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ
بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ الثَّمَرَةِ
وَالشَّجَرَةِ
(5/585)
مَعًا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا
كُلَّهَا بِثَمَرَتِهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى
شَرْطِ الْقَطْعِ إذا أفرد الثمرة بالبيع (الرابع) أَنْ يَبِيعَ كُلُّ
وَاحِدٍ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرَةِ إحْدَى النَّخْلَتَيْنِ بِنَصِيبِ
صَاحِبِهِ مِنْ جِذْعِهَا فَيَجُوزُ بَعْدَ الصَّلَاحِ وَلَا يَكُونُ رِبًا
وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ إلَّا بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ يَكُونُ
لِلْمُشْتَرِي عَلَى جِذْعِ الْبَائِعِ (الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ بَعْضُ
التَّرِكَةِ نَخْلًا وَبَعْضُهَا عُرُوضًا فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا حصة من
النخل والثمرة بِحِصَّةِ صَاحِبِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فَيَصِيرُ
لِأَحَدِهِمَا جَمِيعُ النَّخْلِ وَلِلْآخَرِ جَمِيعُ الْعُرُوضِ قَالَ
صَاحِبُ الْحَاوِي وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ الْأَرْبَعَةُ لَيْسَتْ مُقْنِعَةً
لِأَنَّهَا بَيْعُ جِنْسٍ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ قِسْمَةَ جِنْسٍ وَاحِدٍ
وَلَكِنْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا فَذَكَرْنَاهَا (السَّادِسُ) جَوَابٌ
لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَ قِسْمَةُ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ تَجُوزُ
عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ وَهَذَا الْجَوَابُ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ
قَالَ الشافعي
(5/586)
فِي الصَّرْفِ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ
الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِالْخَرْصِ قَالَ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا يَدْفَعُ إشْكَالَ بَيْعِ الْجُزَافِ وَلَا
يَدْفَعُ إشْكَالَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ (قُلْتُ) نَصُّهُ عَلَى
جَوَازِهِ يَدُلُّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ
وَلَنَا وَجْهٌ مَعْرُوفٌ فِي جَوَازِ بَيْعِ الرطب بالرطب علي رؤس
النَّخْلِ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُتَقَاسِمَيْنِ أَوْلَى
بِالْجَوَازِ (السَّابِعُ) ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ حَكَى أَبُو
حَامِدٍ جَوَازَ قِسْمَةِ النَّخْلِ الْمُثْمِرِ وَلَا حُكْمَ لِلثَّمَرِ
لِأَنَّهُ تَابِعٌ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّارِمِيُّ بَقِيَّةَ الْأَرْبَعَةَ
عَشَرَ وَفِي بَعْضِهَا نَظَرٌ وَتَدَاخُلٌ وَاَللَّهُ
(5/587)
تَعَالَى أَعْلَمُ
* الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ جَوَازُ
الْقِسْمَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ هُوَ بِنَاءٌ عَلَى وُجُوبِهَا فِي
الذِّمَّةِ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا أن الزكاة تتعلق بالعين فَلَا تَصِحُّ
الْقِسْمَةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْقِسْمَةِ مَعَ
التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ الْعَيْنِ بِأَنْ يَخْرُصَ الثِّمَارَ
عَلَيْهِمْ وَيَضْمَنُوا حَقَّ الْمَسَاكِينِ فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ بَعْدَ
ذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّا قَدَّمْنَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَيْنِ
تَفْرِيعًا عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ فكذا الْقِسْمَةُ إنْ قُلْنَا
إنَّهَا بَيْعٌ وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ فَلَا مَنْعَ هَذَا كُلُّهُ إذَا
لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
وَلَهُ نَخِيلٌ مُثْمِرَةٌ فَبَدَأَ الصَّلَاحُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ
وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَالْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وُجُوبُ
الزَّكَاةِ عَلَى الْوَرَثَةِ
(5/588)
لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ مَا لَمْ تُبَعْ فِي
الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا
يَمْنَعُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ بِالْإِرْثِ وَقِيلَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ
قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) هَذَا
(وَالثَّانِي)
لَا زَكَاةَ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ قَالَ
الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ
هَلْ يَمْنَعُ الْإِرْثَ أَمْ لَا: فَعَلَى الْمَذْهَبِ حُكْمُهُمْ فِي
كَوْنِهِمْ يُزَكُّونَ زَكَاةَ خُلْطَةٍ أَمْ انْفِرَادٍ عَلَى مَا سَبَقَ
إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ ثُمَّ إنْ كَانُوا مُوسِرِينَ أُخِذَتْ الزَّكَاةُ
منهم
(5/589)
وَصُرِفَتْ النَّخِيلُ وَالثِّمَارُ إلَى
دُيُونِ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كانوا معشرين فَطَرِيقَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ
أَمْ بِالذِّمَّةِ إنْ قُلْنَا بِالذِّمَّةِ وَالْمَالُ مَرْهُونٌ بِهَا
خَرَجَ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ
تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنْ سَوَّيْنَا وَزَّعْنَا الْمَالَ عَلَى
الزَّكَاةِ وَحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ قَدَّمْنَا قَدَّمْنَا مَا يُقَالُ
بِتَقْدِيمِهِ وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ أُخِذَتْ سَوَاءٌ
قُلْنَا تَتَعَلَّقُ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ أَوْ تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ
(5/590)
(وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) وَهُوَ
الْأَصَحُّ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ حَالٍ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهَا
بِالْمَالِ ثُمَّ إذَا أُخِذَتْ مِنْ الْعَيْنِ وَلَمْ يَفِ الْبَاقِي
بِالدَّيْنِ غَرِمَ الْوَرَثَةُ قَدْرَ الزَّكَاةِ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ
إذَا أَيْسَرُوا لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ
وَبِسَبَبِ وُجُوبِهَا خَرَجَ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَنْ الْغُرَمَاءِ قَالَ
الْبَغَوِيّ هَذَا إذَا قُلْنَا الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ
فَإِنْ قُلْنَا بِالْعَيْنِ لَمْ يَغْرَمُوا كَمَا قُلْنَا فِي الرهن أما
إذا أطلعت النخيل بعد موته فالثمرة متمحضة للورثة
قُلْنَا بِالْعَيْنِ لَمْ يَغْرَمُوا كَمَا قُلْنَا فِي الرهن أما إذا
أطلعت النخيل بَعْدَ مَوْتِهِ فَالثَّمَرَةُ مُتَمَحِّضَةٌ لِلْوَرَثَةِ
(5/591)
لا يصرف إلى دين الغرماء منها شئ إلَّا
إذَا قُلْنَا بِالضَّعِيفِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ إنَّ الدَّيْنَ
يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَحُكْمُهَا كَمَا لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ) قَالَ الْقَاضِي
حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ النَّذْرِ لَوْ قَالَ إنْ شَفَى
اللَّهُ تَعَالَى مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخُمْسِ
مَا يَحْصُلُ لِي مِنْ الْمُعْشِرَاتِ فَشَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْمَرِيضَ
يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِالْخُمْسِ ثُمَّ بَعْدَ الْخُمْسِ يَجِبُ عُشْرُ
الْبَاقِي لِلزَّكَاةِ إنْ كَانَ نِصَابًا
(5/592)
وَلَا عُشْرَ فِي ذَلِكَ الْخُمْسِ
لِأَنَّهُ لِفُقَرَاءَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ قَالَ فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ
عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِخُمْسِ مَالِي يَجِبُ إخْرَاجُ الْعُشْرِ زكاة
أو لا ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ يَتَصَدَّقُ بِخُمْسِهِ وَاَللَّهُ
تَعَالَى أَعْلَمُ (الْعَاشِرَةُ) لَا يَجِبُ فِي الزَّرْعِ حَقٌّ غَيْرُ
الزَّكَاةِ وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وأتوا حقه يوم حصاده)
هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَجِبُ فِيهِ حَقٌّ
سِوَى الزَّكَاةِ وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا إلَى الْمَسَاكِينِ يَوْمَ
حَصَادِهِ ثُمَّ
(5/593)
يُزَكِّيهِ يَوْمَ التَّصْفِيَةِ وَقَالَ
مُجَاهِدٌ إذَا حَصَدَ الزرع ألقي لهم من السنابل وإذا جد النَّخْلَ
أَلْقَى لَهُمْ مِنْ الشَّمَارِيخِ ثُمَّ يُزَكِّيهِمَا إذَا كَالَهُمَا
دَلِيلُنَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الزَّكَاةِ " هَلْ
عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تطوع "
* قال مصححه عفا عنه الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على ختام
النبيين سيدنا محمد النبي الامي وعلى آله وصحابته ومن تبعهم إلى يوم الدين
ورضى الله عن علماء الاسلام العاملين - وقد انتهي بعون الله تعالى وتسهيله
طبع (الجزء الخامس) من كتابي المجموع للامام ابي زكريا محيي الدين النووي
رضي الله عنه ونور ضريحه
* والشرح الكبير للامام المحقق الرافعى مع تخريج أحاديثه المسمي تلخيص
الحبير لثلاث بقبن من شهر ذى الحجة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة والف
(5/594)
|