تحفة
المحتاج بشرح المنهاج ط المكتبة التجارية [فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ
وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا]
(فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ وَسُنَنِهَا) أَيْ مَا
يُسَنُّ فِعْلُهُ فِيهَا أَوْ لَهَا وَلَيْسَ مِنْهَا ع ش (قَوْلُهُ
وَمَكْرُوهَاتِهَا) مَعْطُوفٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى مُبْطِلَاتٍ إلَخْ
ع ش (قَوْلُهُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ) أَيْ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا
وَمِثْلُهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ
شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالنُّطْقِ) إلَخْ أَيْ مِنْ الْجَارِحَةِ
الْمَخْصُوصَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَثَلًا فِيمَا
يَظْهَرُ وَنُقِلَ عَنْ خَطِّ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْبُطْلَانُ
بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ إذَا خَلَقَ
اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ قُوَّةَ النُّطْقِ وَصَارَ
يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهَا مِنْ النُّطْقِ بِهَا اخْتِيَارًا مَتَى أَرَادَ
كَانَ ذَلِكَ كَنُطْقِ اللِّسَانِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنُطْقِهِ
بِذَلِكَ بِحَرْفَيْنِ انْتَهَى وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنْ يَثْبُتَ
لِذَلِكَ الْعُضْوِ جَمِيعُ أَحْكَامِ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ بِهِ
الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ كَفَى، وَكَذَا لَوْ تَعَاطَى بِهِ عَقْدًا
أَوْ صَلَّى صَحَّ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ أَيْ عَلَى الْإِقْنَاعِ
وَلَوْ مِنْ نَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جِلْدٍ إنْ كَانَ نُطْقَ ذَلِكَ
الْعُضْوَ اخْتِيَارِيًّا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ اهـ (قَوْلُهُ مِنْ
كَلَامِ الْبَشَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَفْتَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ أَيْ وَغَالِبًا، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ
إلَى وَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ) أَيْ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ
يَتَكَلَّمَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَلَوْ خَاطَبَ بِهِ
الْجِنَّ أَوْ الْمَلَكَ أَوْ غَيْرَ الْعَاقِلِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ
الْقُرْآنُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ شَيْخُنَا وَع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ
مِنْ مَنْسُوخٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ
غَيْرِ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالْكَلَامُ
فِيمَا لَيْسَ ذِكْرًا وَلَا دُعَاءً سم عِبَارَةُ ع ش وَتَبْطُلُ أَيْضًا
بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِمَا كَمَا
شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ بِحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ
وَالدُّعَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَفْظُهُ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ كَالشَّيْخِ
وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا إلَخْ بِخِلَافِ مَنْسُوخِ الْحُكْمِ مَعَ
بَقَاءِ التِّلَاوَةِ كَآيَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ
وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 240] إلَخْ شَيْخُنَا وَنِهَايَةٌ
وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُفِيدَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ
الصَّلَاةِ كَقَوْلِهِ لِإِمَامِهِ إذَا قَامَ لِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ لَا
تَقُمْ أَوْ اُقْعُدْ أَوْ هَذِهِ خَامِسَةٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي الْأَفْعَالِ
نِهَايَةٌ فَلَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَرْفَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
بِشُرُوعِهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفٍ كَامِلٍ اهـ
بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْحَلَبِيِّ.
(قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) احْتِرَازٌ عَمَّا وُضِعَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ
كَبَعْضِ الضَّمَائِرِ سم وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ حَرْفَانِ) أَيْ عَلَى
مَا اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ وَإِلَّا فَفِي الرِّضَى مَا نَصُّهُ
الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ
كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ
أَكْثَرَ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا
أَمْ لَا ثُمَّ قَالَ وَاشْتَهَرَ الْكَلَامُ لُغَةً فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ
حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ)
أَيْ لِلنُّحَاةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ إلَخْ)
وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَنَّ
الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَضُرُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا)
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مَنْسُوخٍ) أَيْ أَوْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ
الْمُنَزَّلَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ
أَيْ وَالْكَلَامُ فِيمَا لَيْسَ ذِكْرًا وَلَا دُعَاءً (قَوْلُهُ أَيْ
غَالِبًا) احْتِرَازًا عَمَّا وُضِعَ
(2/137)
لَا بُطْلَانَ بِهِ
(تَنْبِيهٌ) كَانَ الْكَلَامُ جَائِزًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ حَرُمَ قِيلَ
بِمَكَّةَ وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَبَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ مِنْ
الِاضْطِرَابِ مَعَ الرَّاجِحِ مِنْهُ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَمِمَّنْ
اعْتَمَدَ أَنَّهُ بِمَكَّةَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ أَجْمَعَ أَهْلُ
السِّيَرِ وَالْمَغَازِي أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ قَدِمَ ابْنُ
مَسْعُودٍ مِنْ الْحَبَشَةِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْ وَغَيْرِهِ
اهـ وَلَك أَنْ تَقُولَ صَحَّ مَا يُصَرِّحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي
الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ
فِيهِ أَنَّهُ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ فَفِي مَكَّةَ حَرُمَ إلَّا لِحَاجَةٍ
وَفِي الْمَدِينَةِ حَرُمَ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ
مَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ك ف وق وع ول وط لِأَنَّهُ
كَلَامٌ تَامٌّ لُغَةً وَعُرْفًا وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ
وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ بِذَلِكَ الصَّوْتُ الْغَيْرُ الْمُشْتَمِلِ عَلَى
ذَلِكَ مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ فَلَا بُطْلَانَ بِهِ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ
هَمْهَمَةُ شَفَتَيْ الْأَخْرَسِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِنْ فَهِمَ
الْفَطِنُ كَلَامَهُ أَوْ قَصَدَ مُحَاكَاةَ أَصْوَاتِ بَعْضِ
الْحَيَوَانَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ خَالَفَهُ
بَعْضُهُمْ قَالَ لِتَلَاعُبِهِ وَيَرُدُّ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِشَيْءٍ
مِنْ ذَلِكَ اللَّعِبَ فَلَا تَرَدُّدَ فِي الْبُطْلَانِ لِمَا يَأْتِي فِي
الْفِعْلِ الْقَلِيلِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ
وَفِي الْأَنْوَارِ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ إلَّا إنْ تَكَرَّرَ ثَلَاثَ
مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَةً أَيْ مَعَ حَرَكَةِ عُضْوٍ يُبْطِلُ تَحَرُّكُهُ
بِهِ ثَلَاثًا كَلِحًى لَا شَفَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(تَنْبِيهٌ) هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ
قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ
مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعَ حَدِيدِ السَّمْعِ وَإِنْ لَمْ
يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ (وَكَذَا
مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ) غَيْرِ مُفْهِمٍ تَبْطُلُ بِهِمَا أَيْضًا (فِي
الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَهُمَا حَرْفَانِ
نَعَمْ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
سم (قَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا ع ش
(قَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ الْمَتْنِ
(أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ
الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ وَقَدْ
يُقَالُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ
التَّعَمُّدُ وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُوَجَّهُ
الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ مَثَلًا وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ
وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا
وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَالْقَافُ مِنْ
الْفَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا فَإِذَا نَوَاهَا
عَمِلَ بِنِيَّتِهِ وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا
الْوَضْعِيِّ وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهِمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى
الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ
لَعَلَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ يَضُرُّ؛ لِأَنَّ قَصْدَ مَا يُفْهِمُ
يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ ع ش قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَاعْتَمَدَ
الشَّوْبَرِيُّ الضَّرَرَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا
الْحِفْنِيُّ مَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش مِنْ الضَّرَرِ فِي صُورَتَيْ
الْإِطْلَاقِ وَقَصْدِ الْمَعْنَى الْمُفْهِمِ مِنْ حَرْفٍ لَا يُفْهِمُ
اهـ.
أَقُولُ وَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ
كَوْنِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فِي فَتَحَ
نَحْوُ فَمَا لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا يُفْهِمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ
الْمَتْنِ (مُفْهِمٍ) أَيْ بِخِلَافِ حَرْفٍ غَيْرِ مُفْهِمٍ مَا لَمْ
يَكُنْ قَاصِدًا الْإِتْيَانَ بِكَلَامٍ مُبْطِلٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ شَيْخُنَا وَفِي
الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُمْ مُفْهِمٍ أَيْ عِنْدَ
الْمُتَكَلِّمِ وَإِنْ لَمْ يُفْهِمْ عِنْدَ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا
لَمْ يُفْهِمْ عِنْدَهُ وَإِنْ أَفْهَمَ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ
يُوجَدْ مِنْهُ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا يَقْتَضِي قَطْعَ نَظْمِ الصَّلَاةِ
اهـ.
(قَوْلُهُ كَفّ وَق إلَخْ) أَيْ مِنْ الْوَفَاءِ وَالْوِقَايَةِ
وَالْوَعْيِ وَالْوِلَايَةِ وَالْوَطْءِ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ ع ش وَلَا
فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَسْرِ الْفَاءِ مَثَلًا وَفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ
الْفَتْحَ لَحْنٌ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكُلٍّ
مِنْهُمَا مَا لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا يُفْهِمُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِحَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ (قَوْلُهُ
مِنْ أَنْفٍ) أَفْهَمَ ضَرَرَ الصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ
الْأَنْفِ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَرَنَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا
وَخَرَجَ بِالْكَلَامِ الصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ
كَأَنْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحَمِيرِ أَوْ صَهَلَ صَهِيلَ الْخَيْلِ أَوْ
حَاكَى شَيْئًا مِنْ الطُّيُورِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفَانِ
وَلَا حَرْفٌ مُفْهِمٌ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ
بِهِ اللَّعِبَ، وَكَذَا لَوْ أَشَارَ الْأَخْرَسُ بِشَفَتَيْهِ وَلَوْ
إشَارَةً مُفْهِمَةً لِلْفَطِنِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ
وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ إلَخْ أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِنْ فَهِمَ
الْفَطِنُ كَلَامَهُ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا
يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ
وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ
حِينَئِذٍ سم أَقُولُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ قَوْلُ الشَّارِحِ
الْآتِي؛ لِأَنَّهُ أَيْ كَثِيرَ الْكَلَامِ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ
إلَخْ وَتَقْيِيدُهُ الْآتِي لِاغْتِفَارِ نَحْوِ التَّنَحْنُحِ
بِالْقِلَّةِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ) قَدْ يَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ هَذَا
بِنَفْسِهِ تَلَاعُبٌ سم أَيْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَفِي
الْأَنْوَارِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ
بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ
مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَا شَفَةٍ)
أَيْ وَلَا لِسَانٍ سم (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ
اعْتِدَالِ السَّمْعِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَقُولُ
الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ وَقَدْ وُجِدَ
ع ش أَقُولُ وَقَدْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ فَيُقَالُ إنَّ الْمَدَارَ فِيمَا
مَرَّ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ
(قَوْلُهُ غَيْرِ مُفْهِمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَأُلْحِقَ فِي النِّهَايَةِ،
وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فِي حَيَاتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ) أَيْ كَآ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِإِجَابَتِهِ
إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَبَهُ ابْتِدَاءً كَقَوْلِهِ يَا
رَسُولَ اللَّهِ فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ كَبَعْضِ الضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا)
خَرَجَ نَحْوُ ق (قَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا
قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي
لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَضُرُّ (قَوْلُهُ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ)
ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الَّذِي
بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُ
ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ التَّعَمُّدُ
وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ وَلَوْ قَصَدَ بِالْحَرْفِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا
يُفْهَمُ كَأَنْ نَطَقَ بِفَ قَاصِدًا بِهِ أَوَّلَ حَرْفَيْ لَفْظَةِ فِي
فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنْفٍ) أَفْهَمَ ضَرَرَ
الصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ كَمَا
أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ
بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ
وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ) قَدْ يَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ هَذَا
بِنَفْسِهِ تَلَاعُبٌ (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ
لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ لَا شَفَةٍ)
(2/138)
فِي حَيَاتِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَإِنْ
كَثُرَ وَأُلْحِقَ بِهِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ -
إذَا نَزَلَ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ غَفَلَ عَنْ جَعْلِهِمْ هَذَا مِنْ
خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ رَأَى أَنَّهُ
مِنْ خَصَائِصِهِ عَلَى الْأُمَّةِ لَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ،
وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَتَبْطُلُ بِإِجَابَةِ الْأَبَوَيْنِ
وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ مُطْلَقًا بَلْ فِي نَفْلٍ إنْ تَأَذَّيَا
بِعَدَمِهَا تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ وَلَا تَبْطُلُ بِتَلَفُّظِهِ
بِالْعَرَبِيَّةِ لِقُرْبَةٍ تَوَقَّفَتْ عَلَى اللَّفْظِ وَحَلَّتْ عَنْ
تَعْلِيقٍ وَخِطَابٍ مُضِرٍّ كَنَذْرٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ
لِأَنَّ ذَلِكَ حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الْقُرْبَةِ فِيهِ أَصْلِيَّةً
مُنَاجَاةً لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالذِّكْرِ وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا
يَصِحُّ وَزَعْمُ أَنَّ النَّذْرَ فِيهِ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى دُونَ
غَيْرِهِ وَهْمٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ جَرَى عَلَى
الْغَالِبِ سم فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ ع ش وَشَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ
(قَوْلُهُ بِقَوْلٍ إلَخْ) وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ
بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الْجَوَابِ حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ
الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهِ كَأَنْ سَأَلَهُ عَنْ زَيْدٍ أَحَاضِرٌ أَوْ
غَائِبٌ وَأَجَابَهُ بِأَحَدِهِمَا وَزَادَ شَرْحَ أَحْوَالِ زَيْدٍ فِي
حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَذَا بَحَثَ ذَلِكَ
الْأُسْتَاذُ الشَّمْسُ الْبَكْرِيُّ، وَهُوَ وَجِيهٌ سم وَعِ ش.
(قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهِ عِيسَى إلَخْ) وَمُقْتَضَى كَلَامِ
الرَّافِعِيِّ أَنَّ خِطَابَ الْمَلَائِكَةِ وَبَاقِي الْأَنْبِيَاءِ
تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي (قَوْلُهُ
وَلَعَلَّ قَائِلَهُ) أَيْ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ مِنْ خَصَائِصِهِ إلَخْ)
فَتَبْطُلُ بِإِجَابَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ م ر اهـ سم وَقَالَ
شَيْخُنَا وَالْحَلَبِيُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ إجَابَةَ عِيسَى تَلْحَقُ
بِإِجَابَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فِي
الْوُجُوبِ لَكِنْ تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ إلَخْ) بَلْ تَحْرُمُ فِيهِ نِهَايَةٌ
وَمُغْنِي وَسَمِّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَأَذِّيًا
بِعَدَمِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ بَلْ فِي نَفْلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ
جَوَازِ التَّرْكِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ إجَابَةِ الْأَبَوَيْنِ
فِي النَّفْلِ أَيْضًا نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ بِالشَّرْطِ الَّذِي
ذَكَرَهُ م ر اهـ سم وَشَيْخُنَا وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا
يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ) إلَى قَوْلِهِ وَصَدَّقَهُ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَخَلَتْ عَنْ تَعْلِيقٍ إلَخْ) أَيْ
بِخِلَافِ مَا عُلِّقَ مِنْهُ كَاللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ أَرَدْت أَوْ
إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إنْ كَلَّمْت
زَيْدًا فَعَلَيَّ كَذَا فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ كَنَذْرٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي
قُرْبَةٍ فَنَذْرُ اللَّجَاجِ أَيْ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا
أُكَلِّمَ زَيْدًا مُبْطِلٌ لِكَرَاهَتِهِ وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا
أَتَى بِهِ قَاصِدًا الْإِنْشَاءَ لَا الْإِخْبَارَ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ
قُرْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ شَرْحُ م ر اهـ سم وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَشَيْخُنَا
وَالْمَدَابِغِيُّ وَالْحِفْنِيُّ.
(قَوْلُهُ وَخِطَابٍ مُضِرٍّ) أَيْ خِطَابٍ لِمَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ
وَنَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّنَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ
(قَوْلُهُ وَصَدَقَةٍ) بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ
بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ فَالتَّلَفُّظُ بِهَا
فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ وَلَا تَحْصُلُ بِهِ إذْ لَا
بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ إلَخْ)
وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ
وَالزِّيَادِيِّ وَالْحَلَبِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ
عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْمَدَابِغِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ
التَّلَفُّظُ بِنَذْرِ التَّبَرُّرِ فَقَطْ بِلَا تَعْلِيقٍ وَلَا خِطَابٍ
كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ عِتْقٌ؛ لِأَنَّ
نَذْرَ التَّبَرُّرِ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ غَيْرِهِ
وَلَوْ قُرْبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ النَّذْرِ وَمَا عَطَفَ
عَلَيْهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَزَعَمَ أَنَّ النَّذْرَ إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر هَذَا الزَّعْمَ
سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقَ الْوَصِيَّةِ
وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ الْقُرَبِ الْمُنَجَّزَةِ بِالنَّذْرِ
لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ
إلَخْ وَبِأَنَّ النَّذْرَ بِنَحْوِ لِلَّهِ مُنَاجَاةٌ لِتَضَمُّنِهِ
ذِكْرًا بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ بِنَحْوِ عَبْدِي حُرٌّ وَالْإِيصَاءِ
بِنَحْوِ لِفُلَانٍ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي اهـ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَيْ وَلَا لِسَانٍ (قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ) كَانَ التَّقْيِيدُ بِهِ
جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَإِنْ كَثُرَ) لَا
يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الْجَوَابِ
حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهِ كَأَنْ
سَأَلَهُ عَنْ زَيْدٍ أَحَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي سِوَى
مَعْرِفَةِ حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَأَجَابَ أَحَدُهُمَا وَزَادَ
شَرْحَ أَحْوَالِ زَيْدٍ فِي حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَمَا اتَّفَقَ
لَهُ فِيهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَذَا بَحَثَ ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ
الْبَكْرِيُّ، وَهُوَ وَجِيهٌ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ
الزَّائِدَ عَلَى الْحَاجَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى مُخَاطَبَتِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ كَمَا
سَيَأْتِي إذْ خِطَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَا يُبْطِلُ كَمَا سَيَأْتِي وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ
وَأَنَّ الْمُتَّجِهَ تَخْصِيصُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ
وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مَعَ نِزَاعِ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا لَمْ يَرِدْ
مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
فَتَبْطُلُ بِإِجَابَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ م ر (قَوْلُهُ
وَلَا تَجِبُ) مَفْهُومُهُ الْجَوَازُ وَفِي شَرْحِ م ر بَلْ تَحْرُمُ
فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ) قَدْ يُفْهِمُ جَوَازَهَا قَوْلُ
السُّبْكِيّ الْمُخْتَارُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُجِيبُهُمَا فِي
الْفَرْضِ وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ
خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَتَجِبُ فِي نَفْلٍ إنْ عَلِمَ تَأَذِّيهمَا
بِتَرْكِهَا وَلَكِنْ تَبْطُلُ اهـ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ إجَابَةِ الْأَبَوَيْنِ فِي النَّفْلِ
أَيْضًا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ م ر
(قَوْلُهُ كَنَذْرٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي
قُرْبَةٍ فَنَذْرُ اللَّجَاجِ مُبْطِلٌ لِكَرَاهَتِهِ وَأَنَّ مَحَلَّ
ذَلِكَ إذَا أَتَى بِهِ قَاصِدًا الْإِنْشَاءَ لَا الْإِخْبَارَ وَإِنْ
كَانَ غَيْرَ قُرْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَزَعَمَ
إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر هَذَا الزَّعْمَ وَقَوْلُهُ
(2/139)
لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرٌ
لِلَّهِ فَنَحْوُ نَذَرْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ كَأَعْتَقْتُ فُلَانًا بِلَا
فَرْقٍ وَلَيْسَ مِثْلُهُ التَّلَفُّظَ بِنِيَّةِ نَحْوِ الصَّوْمِ
لِأَنَّهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى اللَّفْظِ فَلَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ وَالْأَنِينَ
وَالنَّفْخَ وَالسُّعَالَ وَالْعُطَاسَ إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ
مِمَّا ذَكَرَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا) جَزْمًا لِمَا مَرَّ
(وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ) عُرْفًا كَالْكَلِمَتَيْنِ
وَالثَّلَاثِ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْكَلِمَةِ هُنَا بِالْعُرْفِ بِدَلِيلِ
تَعْبِيرِهِمْ ثَمَّ بِحَرْفٍ وَهُنَا بِكَلِمَةٍ وَلَا تُضْبَطُ
بِالْكَلِمَةِ عِنْدَ النُّحَاةِ وَلَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ (إنْ سَبَقَ
لِسَانُهُ) إلَيْهِ كَالنَّاسِي بَلْ أَوْلَى إذْ لَا قَصْدَ (أَوْ نَسِيَ
الصَّلَاةَ) أَيْ أَنَّهُ فِيهَا كَأَنْ سَلَّمَ لَهَ لِأَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَكَلَّمَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ
مُعْتَقِدً أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ بَنَى عَلَيْهَا» وَخَرَجَ
بِالصَّلَاةِ نِسْيَانُ تَحْرِيمِهِ فِيهَا فَلَا يُعْذَرُ بِهِ (أَوْ
جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ
جِنْسِهِ.
وَقَوْلُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ عَلِمَ أَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ
مُحَرَّمٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ مُحَرَّمٌ فَهُوَ
مَعْذُورٌ بَعْدَ ذِكْرِهِ التَّفْصِيلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
ع ش قَوْلُهُ لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ وَقَالَ
الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر وَبِأَنَّ النَّذْرَ بِنَحْوِ لِلَّهِ
مُنَاجَاةٌ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ لِلَّهِ
أَبْطَلَ وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِلَفْظِ لِلَّهِ فِي نَحْوِ الْعِتْقِ لَا
يُبْطِلُ كَأَنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ لِلَّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي
الْإِمْدَادِ عَقِبَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ م ر هُنَا مَا لَفْظُهُ وَقَدْ
يُرَدُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ
عَلَيَّ كَذَا وَنَحْوِ عَبْدِي حُرٌّ وَلِفُلَانٍ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي
اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ لِلَّهِ) قَدْ يُجَابُ
بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُهُ سم وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ نَحْوَ الْعِتْقِ
يَتَضَمَّنُهُ كَذَلِكَ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَنَحْوُ
نَذَرْت لِزَيْدٍ إلَخْ) أَيْ بِدُونِ لَفْظِ لِلَّهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ
مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ التَّلَفُّظِ بِالنَّذْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْبُكَاءَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالنَّفْخَ) أَيْ مِنْ أَنْفٍ أَوْ
فَمٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ)
أَيْ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ
تَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ
أَيْ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ أَوْ مَمْدُودٍ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ
غَيْرِهِ كَالْبَهْجَةِ اهـ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْلُهُ
وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ الصَّوْتُ إلَخْ كُرْدِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش أَيْ مِنْ
أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِدُونِ حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ اهـ.
(قَوْلُهُ عُرْفًا) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ
كَالْكَلِمَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ) وَسَيَذْكُرُ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُمْ
ضَبَطُوا الْقَلِيلَ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ وَأَرْبَعٍ وَقَالَ
الْقَلْيُوبِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالسِّتَّةِ
وَدُونَهَا وَالْبُطْلَانُ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ
شَيْخِنَا وَضَبْطُ الْقَلِيلِ عُرْفًا بِسِتِّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ
فَأَقَلَّ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَالْكَثِيرِ عُرْفًا
بِأَكْثَرَ مِنْهَا اهـ وَيَأْتِي عَنْ سم وَعِ ش مَا يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الْمُضِرِّ (وَقَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي غَيْرِ
الْمُضِرِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُضْبَطُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ جَهِلَ
فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا يُضْبَطُ) الْأَوْلَى
التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ بِالْكَلِمَةِ عِنْدَ النُّحَاةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ
أَنَّهَا لَفْظٌ وُضِعَ لِمَعْنًى مُفْرَدٍ وَعَلَى عَدَمِ الضَّبْطِ بِمَا
ذَكَرَ يَدْخُلُ اللَّفْظُ الْمُهْمَلُ إذَا تَرَكَّبَ مِنْ حَرْفَيْنِ ع ش
(قَوْلُهُ كَالنَّاسِي) أَيْ الْآتِي آنِفًا (قَوْلُهُ كَأَنْ سَلَّمَ
فِيهَا إلَخْ) وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فَسَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ
الْإِمَامُ ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا
فَقَالَ الْإِمَامُ كُنْت نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا أَمَّا الْإِمَامُ فَلِأَنَّ كَلَامَهُ بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاتِهِ
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِأَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ فَرَغَتْ
فَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ
سُجُودُ السَّهْوِ ثُمَّ يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بَعْدَ انْقِطَاعِ
الْقُدْوَةِ شَيْخُنَا وَمُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ
قَلِيلًا إلَخْ) قَالَ سم وَقَدْ اشْتَمَلَتْ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ
عَلَى إتْيَانِهِ بِسِتِّ كَلِمَاتٍ فَيُضْبَطُ بِهَا الْكَلَامُ
الْيَسِيرُ انْتَهَى وَلَعَلَّهُ عَدَّ أَقَصَرْت الصَّلَاةَ كَلِمَتَيْنِ
وَأَمْ نَسِيت كَذَلِكَ وَيَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ فِي
قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ) وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو
السُّلَمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ
الْمُهْمَلَةِ فَبَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَأَلِفٌ وَقَافٌ لُقِّبَ بِذَلِكَ
لِطُولِ يَدَيْهِ ع ش.
(قَوْلُهُ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ كَنِسْيَانِ نَجَاسَةِ
نَحْوِ ثَوْبِهِ وَلَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ سَاهِيًا
ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ
ع ش وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُحَصَّلْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَلَامٌ
كَثِيرٌ مُتَوَالٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ
الْكَثِيرِ سَهْوًا، وَهُوَ مُبْطِلٌ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ جَهِلَ
تَحْرِيمَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا
فَتَبْطُلُ بِهِ كَمَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ دُونَ
إيجَابِهِ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذْ حَقُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ
بِالتَّحْرِيمِ الْكَفُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ مَا أَتَى)
إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْمُغْنِي وَاعْتَمَدَهُ ع
ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ)
يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ
وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ وَالْفَتْحِ فَقَطْ الْجَاهِلِ
بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ بِامْتِنَاعِ جِنْسِ الْكَلَامِ سم
عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ نَحْوُ الْمُبَلِّغِ أَيْ كَالْإِمَامِ الَّذِي
يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِإِعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ فَقَطْ
وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ
بِأَنْ سَمِعَ الْمَأْمُومُونَ صَوْتَ الْإِمَامِ ع ش وَفِي
الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْإِطْفِيحِيِّ وَزَادَ سم عَلَى ذَلِكَ فِي
شَرْحِهِ عَلَى الْغَايَةِ بَلْ يَنْبَغِي صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ
الْمُبَلِّغِ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ
وَلَا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ لِمَزِيدِ خَفَاءِ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ) فَلَوْ قَالَ لِإِمَامِهِ
اُقْعُدْ أَوْ قُمْ وَجَهِلَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ
يَتَضَمَّنُهُ.
(قَوْلُهُ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ
قَوْلِهِ السَّابِقِ تَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ فَسَوَّى
بَيْنَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ وَلَا مَزِيَّةَ لِلتَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ
عَلَى عَدَمِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَالثَّلَاثِ) يَنْبَغِي أَنَّ
مِمَّا يُغْتَفَرُ الْقَدْرَ الْوَاقِعَ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ
(قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا وَإِنْ
عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ
صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ
وَالْفَتْحِ فَقَطْ الْجَاهِلِ بِامْتِنَاعِ
(2/140)
بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ فِي
الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ مَعْذُورٌ
مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ
لَكِنَّهُ فِي بَعْضِهَا وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مُصَرَّحٌ بِإِجْرَاءِ
التَّفْصِيلِ فِيهِ أَيْضًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ
الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا أَتَى بِهِ مِمَّا يَجْهَلُهُ أَكْثَرُ
الْعَوَامّ فَيُعْذَرُ مُطْلَقًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي
مَسْأَلَةِ التَّنَحْنُحِ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا
وَالثَّانِي عَلَى أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُهُمْ فَلَا
يُعْذَرُ بِهِ إلَّا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ، بِالْإِسْلَامِ) لِأَنَّ
مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ تَكَلَّمَ جَاهِلًا بِذَلِكَ وَمَضَى فِي
صَلَاتِهِ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَشَأَ
بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ عَالِمِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا
عُلَمَاءَ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ
بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا
أَضْيَقُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ أَصَالَةً بِخِلَافِ الْحَجِّ
وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمْرُ
الضَّرُورِيُّ لَا غَيْرُ فَيَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ وَإِنْ بَعُدَ
وَلَا يَكُونُ نَحْوُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ عُذْرًا لَهُ وَيُكَلَّفُ بَيْعَ
نَحْوِ قِنِّهِ الَّذِي لَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ
أَنَّ مَنْ نَشَأَ بَيْنَنَا ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يُعْذَرُ وَإِنْ قَرُبَ
إسْلَامُهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ دِينِنَا اهـ وَيُؤْخَذُ
مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُخَالِطٍ قَضَتْ الْعَادَةُ فِيهِ
بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَهِلَ إبْطَالَ التَّنَحْنُحِ
عُذِرَ فِي حَقِّ الْعَوَامّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا عُذِرُوا
بِجَهْلِهِ لِخَفَائِهِ عَلَى غَالِبِهِمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِهِ
وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَيْنًا إنَّمَا هُوَ
تَعَلُّمُ الظَّوَاهِرِ لَا غَيْرُ (لَا كَثِيرَة) عُرْفًا فَلَا يُعْذَرُ
فِيهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ عُذِرَ لِأَنَّهُ
لَا يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ وَهَيْئَتَهَا (وَ) يُعْذَرُ (فِي
التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا مَرَّ مَعَهُ (لِلْغَلَبَةِ) عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
لِتَعَلُّقِهِ بِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ مَا
عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ
ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ يَقْتَضِي إلَخْ)
خَبَرٌ وَقَوْلُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ
إلَخْ) أَيْ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَ
(قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ) أَيْ جِنْسِهِ سم (قَوْلُهُ أَنَّ
الْأَوَّلَ) أَيْ الْجَاهِلَ بِتَحْرِيمِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْكَلَامِ
مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ جِنْسِ الْكَلَامِ الْمُتَحَقِّقِ فِي غَيْرِهِ
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ وَهَذَا
اعْتَمَدَهُ م ر وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَشَيْخُنَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ) أَيْ شَيْخَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ
كَالْجَاهِلِ بِحُرْمَةِ جِنْسِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ)
أَيْ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ عُذْرِ الْجَاهِلِ
الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ مَا فِي بَعْضِ
نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ إجْرَاءِ التَّفْصِيلِ
فِي ذَلِكَ الْجَاهِلِ أَيْضًا قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ
بِالْإِسْلَامِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَظْهَرُ
نِهَايَةٌ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَكَذَا فِي شُرُوحِ الشَّارِحِ عَلَى
الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ وَأَقَرَّ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْمُخَالِطَ
لَنَا إذَا قَضَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ
لَا يُعْذَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي
الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ نَشَأَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا
فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ إلَخْ) أَيْ
بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ إسْلَامُهُ وَقَرُبَ مِنْ الْعُلَمَاءِ
لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ
الْبُعْدِ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُضْبَطَ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ أَيْ
مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً م ر اهـ عَلَى حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّ
الْكَلَامَ فِيمَنْ عَلِمَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ
تَحْصِيلُهُ بِالسَّفَرِ أَمَّا مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ وَرَأَى أَهْلَهُ
عَلَى حَالَةٍ يَظُنُّ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا
مَا تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مَا تَعَلَّمَهُ غَيْرَ
كَافٍ فَمَعْذُورٌ وَإِنْ تَرَكَ السَّفَرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ع ش
(قَوْلُهُ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يُؤَدِّي
ضَبْطُهُ بِذَلِكَ إلَى تَفَاوُتِهِ بِتَفَاوُتِ الْأَشْخَاصِ، وَهُوَ
مُنَافٍ لِجَعْلِهِ أَيْ الْبُعْدِ صِفَةً لِلْبَادِيَةِ لَا بِمَنْ فِي
الْبَادِيَةِ فَلَوْ ضُبِطَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَحَلٍّ يَكْثُرُ
قَصْدُ أَهْلِهِ لِمَحَلِّ عَالِمِي ذَلِكَ لَكَانَ أَنْسَبَ
فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ
الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَنْ نَشَأَ بَيْنَنَا إلَخْ) وَهَذَا لَيْسَ
بِظَاهِرٍ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُغْنِي
وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَشُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ
لِلشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَجَهْلُ إبْطَالِ) إلَى قَوْلِهِ
وَيُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَإِلَى قَوْلِهِ نَظِيرٌ
إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ عُذِرَ (قَوْلُهُ وَجَهْلُ
إبْطَالِ التَّنَحْنُحِ إلَخْ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ جِنْسِ
الْكَلَامِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَعِبَارَةُ سم أَيْ
مَعَ جَهْلِ تَحْرِيمِهِ كَذَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ
الْعُبَابِ أَوْ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ التَّنَحْنُحِ دُونَ إبْطَالِهِ
بَطَلَتْ اهـ وَأَقَرَّهُ الشَّارِحُ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي
التَّنَحْنُحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ أَوْ
حَرْفٍ وَمَدَّةٍ وَإِلَّا فَالصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ
الْحَرْفِ لَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ عُذِرَ
إلَخْ) أَيْ إنْ قَلَّ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ سم أَيْ وَمَا
يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ
لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ
قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ
إلَخْ ع ش وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْعَوَامّ) أَيْ لِخَفَاءِ
حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عُرْفًا) إلَى قَوْلِهِ
نَظِيرَ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ عُذِرَ (قَوْلُهُ
فَلَا يُعْذَرُ) ثَمَّ قَوْلُهُ وَإِنْ عُذِرَ لَعَلَّ الْأَوَّلَ مِنْ
حَيْثُ الْإِبْطَالُ وَالثَّانِيَ مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ بَصْرِيٌّ
وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ وَالْأَوْلَى بِكَوْنِهِ قَرِيبَ
الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) أَيْ سَبْقِ اللِّسَانِ وَنِسْيَانِ
الصَّلَاةِ وَجَهْلِ التَّحْرِيمِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ)
وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْعُذْرِ كَمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا
فِي الْعَمْدِ وَمَرْجِعُ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى الْعُرْفِ عَلَى
الْأَصَحِّ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ الْمَعْذُورِ) أَيْ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ
الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ أَيْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ
مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ، وَهَذَا اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُضْبَطَ بِمَا لَا
حَرَجَ فِيهِ لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً م ر (قَوْلُهُ وَجَهِلَ إبْطَالَ
التَّنَحْنُحِ) أَيْ مَعَ جَهْلِ تَحْرِيمِهِ كَذَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْعُبَابِ أَوْ عَالِمًا تَحْرِيمَ التَّنَحْنُحِ
دُونَ إبْطَالِهِ بَطَلَتْ اهـ.
وَأَقَرَّهُ الشَّارِحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ
التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ الْإِبْطَالَ بَطَلَتْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَنْ
عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ وَجَعَلَ الْإِبْطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ
وَجَهِلَ
(2/141)
لَكِنْ إنْ قَلَّ عُرْفًا عَلَى
الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِنَحْوِ سُعَالٍ دَائِمٍ بِحَيْثُ
لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الصَّلَاةَ بِلَا سُعَالٍ
مُبْطِلٍ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ
لَوْ شُفِيَ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَنْ بِهِ حِكَّةٌ لَا يَصْبِرُ
مَعَهَا عَلَى عَدَمِ الْحَكِّ بَلْ قَضِيَّةُ هَذَا الْعَفْوُ عَنْهُ
وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ انْتِظَارَ الزَّمَنِ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ عَنْ
ذَلِكَ لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ فِي السَّلَسِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ
ذَلِكَ فِيهِمَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ
يَحْتَاطُ لِلنَّجَسِ لِقُبْحِهِ مَا لَا يَحْتَاطُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ
تَنَحْنَحَ إمَامُهُ فَبَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ لَمْ تَجِبْ مُفَارَقَتُهُ
لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ.
نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْعُذْرِ تَعَيَّنَتْ
مُفَارَقَتُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ لَحَنَ إمَامُهُ
فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا
تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ حَالًا وَلَا عِنْدَ الرُّكُوعِ بَلْ لَهُ
انْتِظَارُهُ لِجَوَازِ سَهْوِهِ كَمَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ أَوْ سَجَدَ
قَبْلَ رُكُوعِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَنَّ الْكَلَامَ الْكَثِيرَ نَاسِيًا لَا يُبْطِلُ لِقِصَّةِ ذِي
الْيَدَيْنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ قَلَّ) أَيْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ
مِنْ الْحُرُوفِ إذْ مُجَرَّدُ الصَّوْتِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَمَا
تَقَدَّمَ فَلَا يَتَأَتَّى تَقْيِيدُهُ بِالْقِلَّةِ سم وَشَرْحُ
بَافَضْلٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَيُعْذَرُ فِي الْيَسِيرِ
عُرْفًا مِنْ التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ وَغَيْرِهِ
كَالسُّعَالِ وَالْعُطَاسِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ، وَلَوْ مِنْ
كُلِّ نَفْخَةٍ وَنَحْوِهَا ثُمَّ قَالَا فَإِنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ
وَنَحْوُهُ لِلْغَلَبَةِ وَظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ وَكَثُرَ
عُرْفًا أَيْ مَا ظَهَرَ مِنْ الْحُرُوفِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ وَهِيَ
مُوَافِقَةٌ لِمَا قَالَهُ سم وَمُبَيِّنٌ أَنَّ الْمَدَارَ فِي
الْحَقِيقَةِ عَلَى قِلَّةِ أَوْ كَثْرَةِ الْحُرُوفِ الظَّاهِرَةِ
بِنَحْوِ التَّنَحْنُحِ لِلْغَلَبَةِ لَا عَلَى قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ
نَحْوُ التَّنَحْنُحِ لِلْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ هَلْ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ
خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ سم أَيْ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ
فِي التَّنَحْنُحِ وَالسُّعَالِ وَالْعُطَاسِ لِلْغَلَبَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ
إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا مُغْنِي وَحَمَلَ النِّهَايَةُ
كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْحَالَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ
وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ كَمَنْ بِهِ سَلَسُ
بَوْلٍ وَنَحْوُهُ بَلْ أَوْلَى وَمُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش فَإِنْ
خَلَا مِنْ الْوَقْتِ زَمَنًا يَسَعُهَا بَطَلَتْ بِعُرُوضِ السُّعَالِ
الْكَثِيرِ فِيهَا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ خَلَا مِنْ السُّعَالِ أَوَّلَ
الْوَقْتِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُهُ فِي بَقِيَّتِهِ بِحَيْثُ لَا
يَخْلُو مِنْهُ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ لِلْفِعْلِ
وَإِنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ مِنْهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُ
الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَجَبَ انْتِظَارُهُ وَيَنْبَغِي
أَنَّ مِثْلَ السُّعَالِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ حَصَلَ
لَهُ سَبَبٌ كَسُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ يَحْصُلُ مِنْهُ حَرَكَاتٌ
مُتَوَالِيَةٌ كَارْتِعَاشِ يَدٍ أَوْ رَأْسٍ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا
لَوْ كَانَ السُّعَالُ مُزْمِنًا وَلَكِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّ
الْحَمَّامَ يُسَكِّنُ عَنْهُ السُّعَالُ مُدَّةً تَسَعُ الصَّلَاةَ هَلْ
يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ
حَيْثُ وَجَدَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي
الْفِطْرَةِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فَوَاتُ الْجَمَاعَةِ وَأَوَّلِ
الْوَقْتِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ تَسْخِينِ الْمَاءِ حَيْثُ
قَدَرَ عَلَيْهِ إذَا تَوَقَّفَ الْوُضُوءُ عَلَى تَسْخِينِهِ ع ش
وَقَوْلُهُ وَأَجَبْت عَنْهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ
إلَخْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ بَلْ قَضِيَّةُ إلَخْ)
قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ الْجَزْمُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِكَّةِ بِعَدَمِ
وُجُوبِ الِانْتِظَارِ فَإِنْ قِيلَ بِهِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ
السُّعَالِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْقٍ ظَاهِرٍ لَكِنَّ قَضِيَّةَ
قَوْلِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ عَدَمُ الْجَزْمِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِكَّةِ
بِمَا ذَكَرَ فَلْيُرَاجَعْ وَقَالَ م ر يَتَّجِهُ انْتِظَارُ زَمَنِ
الْخُلُوِّ هُنَاكَ وَفِي الْحِكَّةِ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش تَقْيِيدُهُ
بِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ مِنْ السُّعَالِ فِي وَقْتٍ
يَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا.
(قَوْلُهُ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَاسِبُ
فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ
زَمَنٌ إلَخْ سم (قَوْلُهُ إنَّهُ يُكَلَّفُ ذَلِكَ إلَخْ) تَقَدَّمَ
آنِفًا عَنْ سم عَنْ م ر اعْتِمَادُهُ وَيَقْتَضِيهِ أَيْضًا مَا
قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عَنْ قَرِيبٍ (قَوْلُهُ
وَلَوْ تَنَحْنَحَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَحْنَحَ إمَامُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِفًا؛
لِأَنَّهُ إمَّا نَاسٍ، وَهُوَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ أَوْ عَامِدٌ
فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ فِي
اعْتِقَادِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ
فَوَجَدَهُ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي صَلَاتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ
يُقَالَ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ
لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ
ذَلِكَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ ع ش.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي
وَالنِّهَايَةُ (قَوْلُهُ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) أَيْ كَضَمِّ
تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ كَسْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ وَلَا عِنْدَ الرُّكُوعِ
إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش (قَوْلُهُ بَلْ لَهُ انْتِظَارُهُ
إلَخْ) أَيْ فِي الْقِيَامِ فَإِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ وَقَرَأَ عَلَى
الصَّوَابِ وَافَقَهُ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إنْ
لَمْ يَتَنَبَّهْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى الصَّوَابِ اسْتَمَرَّ
الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَوْ
إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ ع ش زَادَ سم مَا نَصُّهُ فَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ
يَتَدَارَكْ الصَّوَابَ فَيُكْمِلُ هُوَ صَلَاتَهُ حِينَئِذٍ وَلَا
يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أُمِّيَّةَ
الْإِمَامِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَهَا بِلَحْنِهِ هَكَذَا يَظْهَرُ فِي
جَمِيعِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَثُرَ لَحْنُهُ الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى
فَيَنْبَغِي وُجُوبُ مُفَارَقَتِهِ حَالًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إبْطَالَ التَّنَحْنُحِ) أَيْ إنْ قَلَّ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ
(قَوْلُهُ إنْ قَلَّ عُرْفًا) أَيْ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ مِنْ الْحُرُوفِ
إذْ مُجَرَّدُ الصَّوْتِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا
يُنَافِي تَقْيِيدَهُ بِالْقِلَّةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ
خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ بَلْ قَضِيَّةُ إلَخْ)
أَيْ قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ الْجَزْمُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَكَّةِ
بِعَدَمِ وُجُوبِ الِانْتِظَارِ فَإِنْ قِيلَ بِهِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ
السُّعَالِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْقٍ وَاضِحٍ لَكِنَّ قَضِيَّةَ
قَوْلِهِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ عَدَمُ الْجَزْمِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَكَّةِ
بِمَا ذَكَرَ فَلْيُرَاجَعْ وَقَالَ م ر يَتَّجِهُ انْتِظَارُ زَمَنِ
الْخُلُوِّ هُنَا وَفِي الْحَكَّةِ.
(قَوْلُهُ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَاسِبُ فَرْضَ
الْمَسْأَلَةِ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ
إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ
لَا يُتَابِعُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ
(2/142)
(وَ) يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ فَقَطْ
أَيْ الْقَلِيلِ مِنْهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ
يُفَرَّقَ ثُمَّ رَأَيْت صَنِيعَ شَيْخِنَا فِي مَتْنِ مَنْهَجِهِ
مُصَرِّحًا بِالْفَرْقِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ هُنَا
أَوْلَى مِنْهُ ثَمَّ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا
فَإِذَا قَيَّدَ مَا لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ فَأَوْلَى مَا لَهُ فِيهِ
اخْتِيَارٌ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا فَعَلَهُ لِضَرُورَةِ تَوَقُّفِ
الْوَاجِبِ عَلَيْهِ الْآنَ إذْ غَايَةُ هَذِهِ الضَّرُورَةِ أَنَّهَا
كَضَرُورَةِ الْغَلَبَةِ بَلْ هَذِهِ أَقْوَى لِأَنَّهُ لَا مَحِيصَ لَهُ
عَنْهَا وَتِلْكَ لَهُ عَنْهَا مَحِيصٌ بِسُكُوتِهِ حَتَّى تَزُولَ
لِأَجْلِ (تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ) الْوَاجِبَةِ أَوْ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ
بِدُونِهِ لِلضَّرُورَةِ (لَا) الذِّكْرِ الْمَنْدُوبِ وَلَا (الْجَهْرِ)
بِالْوَاجِبِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى التَّنَحْنُحِ فَلَا
يُعْذَرُ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ سُنَّةً لَا
ضَرُورَةَ إلَى احْتِمَالِ التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِهِ، نَعَمْ بَحَثَ
الْإِسْنَوِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْجَهْرِ بِأَذْكَارِ الِانْتِقَالَاتِ
عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى إسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ أَيْ بِأَنْ تَعَذَّرَتْ
مُتَابَعَتُهُمْ لَهُ إلَّا بِهِ وَالْأَوْجَهُ فِي صَائِمٍ نَزَلَتْ
نُخَامَةٌ لِحَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ فَمِهِ وَاحْتَاجَ فِي إخْرَاجِهَا
لِنَحْوِ حَرْفَيْنِ اغْتِفَارُ ذَلِكَ لِأَنَّ قَلِيلَ الْكَلَامِ
يُغْتَفَرُ فِيهَا لِأَعْذَارٍ لَا يُغْتَفَرُ فِي نَظِيرِهَا نُزُولُ
الْمُفْطِرِ لِلْجَوْفِ وَبِهِ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
لِأَنَّهُ صَارَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا، وَهُوَ مُبْطِلٌ إذَا كَثُرَ
مُطْلَقًا حَتَّى مَعَ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ اهـ وَ (قَوْلُهُ نَعَمْ
إلَخْ) فِي الرَّشِيدِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَيُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ
فَقَطْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ
نَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ مَعَهُ مِنْ الضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ وَالْأَنِينِ
وَالنَّفْخِ وَالسُّعَالِ وَالْعُطَاسِ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَلِيلِ مِنْهُ)
وِفَاقًا لِظَاهِرِ الْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالشِّهَابِ
الرَّمْلِيِّ وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْكُرْدِيُّ مَا
نَصُّهُ قَوْلُهُ وَقَدْ يُعْذَرُ فِيهِ أَيْ فِي الْكَلَامِ الْكَثِيرِ
فِي التَّنَحْنُحِ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ
شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ صَرِيحُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَلْيُوبِيُّ
وَالزِّيَادِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النِّهَايَةِ، وَهُوَ
ظَاهِرُ إطْلَاقِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ وَلَكِنَّ
الَّذِي جَرَى الشَّارِحُ عَلَيْهِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْخَطِيبِ
فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَنَقَلَهُ سم عَنْ م ر أَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ
فِي الْقَلِيلِ عُرْفًا وَإِلَّا ضَرَّ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي
التُّحْفَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا قَبْلَهُ) أَوْ نَحْوُ التَّنَحْنُحِ لِلْغَلَبَةِ
(قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِ تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ
وَ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِ تَعَذُّرِ
الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ
لِضَرُورَةِ الْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ إنَّمَا فِعْلُهُ) أَيْ
الِاخْتِيَارِيُّ (قَوْلُهُ بَلْ هَذِهِ) أَيْ ضَرُورَةُ الْغَلَبَةِ وَ
(قَوْلُهُ وَتِلْكَ) أَيْ ضَرُورَةُ تَوَقُّفِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ حَتَّى يَزُولَ) أَيْ الْمَانِعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ
لِأَجْلِ تَعَذُّرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِي التَّنَحْنُحِ
(قَوْلُهُ الْوَاجِبَةِ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى
الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى وَالْأَوْجَهُ
(قَوْلُهُ أَوْ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ) أَيْ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ
وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ)
أَيْ مِنْ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ وَقُنُوتٍ وَتَكْبِيرٍ
وَانْتِقَالٍ وَلَوْ مِنْ مُبَلِّغٍ مُحْتَاجٍ لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ
خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) لَمْ
يَرْتَضِ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَكَذَا
الزِّيَادِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ وَالْقَلْيُوبِيُّ وَشَيْخُنَا لَكِنَّهُمْ
اسْتَثْنَوْا مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَالْجُمُعَةِ
وَالْمُعَادَةِ وَمَنْذُورِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ اسْتِثْنَاءَ الْجَهْرِ
إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ اسْتِثْنَاءِ
ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَتْ
مُتَابَعَةُ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْجَهْرِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ ذَلِكَ
فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى
مُتَابَعَتِهِمْ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ
فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا لَكِنْ لَوْ كَانَ لَوْ
اسْتَمَرُّوا فِي الرُّكُوعِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ
الْجُمُعَةَ زَالَ الْمَانِعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّنَحْنُحِ فَهَلْ
يَجِبُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ.
وَكَذَا يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَ حُصُولُ
فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ
وَقَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إلَخْ
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا إمَامُ الْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ
جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً
وَيَكْفِي فِي الثَّلَاثِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ فَمَتَى أَمْكَنَهُ إسْمَاعُهُ
وَزَادَ فِي التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِ إسْمَاعِ غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛
لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُبَلِّغِ؛
لِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُشَارَكَتِهِ لِغَيْرِ
الْإِمَامِ فَلَا يُعْذَرُ فِي إسْمَاعِهِمْ وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ
الْأَقْرَبُ وُجُوبُ الِانْتِظَارِ اهـ ع ش وَلَا يَخْفَى مَا فِي
الِانْتِظَارِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَرَجِ الشَّدِيدِ (قَوْلُهُ
وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ
مِنْ دِمَاغِهِ إلَى ظَاهِرِ الْفَمِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ
فَابْتَلَعَهَا بَطَلَتْ فَلَوْ تَشَعَّبَتْ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ
يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِالتَّنَحْنُحِ وَظُهُورِ حَرْفَيْنِ
وَمَتَى تَرَكَهَا نَزَلَتْ إلَى بَاطِنِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ
يَتَنَحْنَحَ وَيُخْرِجَهَا وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ قَالَهُ فِي رِسَالَةِ
النُّورِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَجَبَ عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ وَلَا
تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقَوْلُهُ م ر وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ أَيْ
أَوْ أَكْثَرُ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اغْتِفَارِ التَّنَحْنُحِ
الْكَثِيرِ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ هُنَا مُطْلَقًا
وَقَوْلُهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ هِيَ اسْمُ كِتَابٍ لِلشَّافِعِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ لِنَحْوِ حَرْفَيْنِ) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ع
ش (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَإِذَا وَصَلَ إلَى قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَتَى بِهَا
عَلَى الصَّوَابِ تَابَعَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا انْتَظَرَ أَيْضًا
وَهَكَذَا فَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يَتَدَارَكْ الصَّوَابَ فَيُكْمِلُ هُوَ
صَلَاتَهُ حِينَئِذٍ وَلَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ
نَتَحَقَّقْ أُمِّيَّةَ الْإِمَامِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَهَا بِلَحْنِهِ
هَكَذَا يَظْهَرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ كَثُرَ لَحْنُهُ
الْمُغَيِّرُ لِلْمَعْنَى فَيَنْبَغِي وُجُوبُ مُفَارَقَتِهِ حَالًا؛
لِأَنَّهُ صَارَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا، وَهُوَ يُبْطِلُ إذَا كَثُرَ
مُطْلَقًا حَتَّى السَّهْوُ وَالْجَهْلُ هَذَا وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي
صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ إذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ
وَاحْتَمَلَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ وَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى سَلَّمَ لَزِمَهُ
الْإِعَادَةُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ قَارِئٌ وَقِيَاسُهُ هُنَا
كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ وَإِنْ
كَثُرَ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِخَطِّهِ بِهَامِشِ شَرْحِ
الرَّوْضِ (قَوْلُهُ نَعَمْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْجَهْرِ
إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ اسْتِثْنَاءِ
ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَتْ
مُتَابَعَةُ
(2/143)
بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ بَلْ يَجِبُ
فِي الْفَرْضِ وَلَا بَيْنَ الصَّائِمِ وَالْمُفْطِرِ حَذَرًا مِنْ
بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِنُزُولِهَا لِجَوْفِهِ.
(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى) نَحْوِ (الْكَلَامِ) وَلَوْ حَرْفَيْنِ فَقَطْ
فِيهَا (بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدْرَتِهِ فَكَانَ كَالْإِكْرَاهِ
عَلَى عَدَمِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ وَلَيْسَ مِنْهُ غَصْبُ السُّتْرَةِ
لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ وَفِيهِ غَرَضٌ (وَلَوْ نَطَقَ بِنَظْمِ
الْقُرْآنِ) أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ
(بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ) قَوْلِهِ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي أَخْذِ
شَيْءٍ أَوْ دُخُولٍ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12]
اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ وَكَتَنْبِيهِ إمَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ
وَكَالْفَتْحِ عَلَيْهِ وَالتَّبْلِيغِ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ كَمَا
اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ التَّبْلِيغَ بِدْعَةٌ
مُنْكَرَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ حَيْثُ بَلَغَ
الْمَأْمُومِينَ صَوْتُ الْإِمَامِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي حَقِّهِ
حِينَئِذٍ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَمُرَادُهُ بِكَوْنِهِ بِدْعَةً
مُنْكَرَةً أَنَّهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ فَأُخِذَ
مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
(إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
بَيْنَ الْفَرْضِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ
الصَّائِمِ) أَيْ نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ حَذَرًا
مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْمُفْطِرِ فِي
الصَّلَاةِ فَوْقَ تَأْثِيرِ الْكَلَامِ لِاغْتِفَارِ جِنْسِ الْكَلَامِ
فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ سم.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ إلَخْ)
(فَرْعٌ) لَوْ جَاءَهُ كَافِرٌ، وَهُوَ يُصَلِّي وَطَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ
الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ صَلَاتِهِ هَلْ
يُجِيبُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ
إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ
لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَيُغْتَفَرُ
التَّأْخِيرُ لِلْعُذْرِ بِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ
رِضَاهُ بِالْكُفْرِ وَعَلَى هَذَا يَخُصُّ قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ
فِي الرِّدَّةِ إنَّ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ
تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ اصْبِرْ سَاعَةً بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ
عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا هُنَا ع ش (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ
الْكَلَامِ) يَشْمَلُ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا
الْأَكْلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ
وَلَوْ حَرْفَيْنِ) إلَى قَوْلِ بَلْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَيْسَ مِنْهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ
بِذِكْرٍ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يُبْطِلُ
الصَّلَاةَ ع ش (قَوْلُهُ غَصْبُ السُّتْرَةِ) أَيْ بَلْ تَصِحُّ مَعَهُ سم
عَلَى حَجّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ
يَأْخُذَهَا الْغَاصِبُ بِلَا فِعْلٍ مِنْ الْمُصَلِّي كَأَنْ تَكُونَ
السُّتْرَةُ مَعْقُودَةً عَلَى الْمُصَلِّي فَيَفُكَّهَا الْغَاصِبُ
قَهْرًا عَلَيْهِ أَوْ يُكْرِهُهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَهَا وَيُسَلِّمَهَا
لَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى كَثْرَةِ وُقُوعِ
الْعُذْرِ.
وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ إلَى
ذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ ع ش (قَوْلُهُ
كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ إلَخْ) أَيْ وَقَوْلُهُ لِمَنْ يَنْهَاهُ
عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ يُؤْسِفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ اُدْخُلُوهَا إلَخْ) الْأَوْلَى أَوْ اُدْخُلُوهَا إلَخْ
بِزِيَادَةِ أَوْ (قَوْلُهُ وَكَالْفَتْحِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِمَامِ
بِالْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ كَأَنْ أُرْتِجَ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ فِي نَحْوِ
التَّشَهُّدِ فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ
وَكَالتَّبْلِيغِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ
التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي التَّبْلِيغِ بَيْنَ أَنْ يَتَعَيَّنَ
التَّبْلِيغُ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ أَوْ لَا وَ
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ
صَوْتَهُ عَلَى الْعَادَةِ وَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعٍ
زَائِدٍ عَلَى الْعَادَةِ وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ
لَكِنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ
إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ الرَّفْعِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ
ثُمَّ كَلَامُهُ شَامِلٌ لِتَبْلِيغِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ
وَالسَّلَامِ فَيَجْرِي فِيهِمَا مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ
التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَهَلْ يَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ غَيْرِ
الْمُنْتَصِبِ إذَا سَمِعَهُ غَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ م ر لَا
يَجْرِي فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ وَقَالَ م ر لَا يَجْرِي
إلَخْ ظَاهِرُهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ
قَصَدَ مَعَ التَّبْلِيغِ الذِّكْرَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ.
(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ قَصَدَ مَعَهُ
إلَخْ) الْأَوْلَى فَإِنْ قَصَدَ إلَخْ بِالْفَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ
تُبْطِلْ إلَخْ) لَوْ شَكَّ فِي الْحَالَةِ الْمُبْطِلَةِ كَأَنْ شَكَّ
هَلْ قَصَدَ بِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْجَهْرِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي
الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى
مُتَابَعَتِهِمْ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ
فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا لَكِنْ لَوْ كَانَ لَوْ
اسْتَمَرُّوا فِي الرُّكُوعِ إلَى أَنْ يَبْقَى فِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ
الْجُمُعَةَ زَالَ الْمَانِعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّنَحْنُحِ فَهَلْ
يَجِبُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ
الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَ حُصُولُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِهَذِهِ
الْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ)
أَيْ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْمُفْطِرِ فِي الصَّلَاةِ فَوْقَ تَأْثِيرِ
الْكَلَامِ لِاغْتِفَارِ جِنْسِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي
الْجُمْلَةِ.
(قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ) يَشْمَلُ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ
وَيُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الْأَكْلُ، وَهُوَ
ظَاهِرٌ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ غَصْبُ السُّتْرَةِ) أَيْ
بَلْ تَصِحُّ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَكَالتَّبْلِيغِ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ)
فِيهِ أُمُورٌ الْأَوَّلُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا لَمْ يَرْفَعْ
صَوْتَهُ زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَسْمَعَهُ
غَيْرُهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ شَامِلٌ لِتَبْلِيغِ تَكْبِيرَةِ
الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَيَجْرِي فِيهِمَا مِنْ الْإِمَامِ
وَالْمُبَلِّغِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ هَلْ
يَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ غَيْرِ الْمُنْتَصِبِ إذَا سَمِعَهُ غَيْرُهُ
فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ م ر لَا يَجْرِي فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ
وَكَالتَّبْلِيغِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ
التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي التَّبْلِيغِ بَيْنَ أَنْ يَتَعَيَّنَ
التَّبْلِيغُ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ أَوْ لَا
وَلَا يُقَالُ حَيْثُ وَجَبَ لَمْ يَضُرَّ الْإِطْلَاقُ وَذَلِكَ؛
لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ
ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى الْعَادَةِ وَفِي الرَّوْضِ
وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ بِالْقُرْآنِ أَوْ جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ
بِالْإِعْلَامِ لَمْ تَبْطُلْ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ هَذَا مِنْ
تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ يُوهِمُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ
فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.
وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعٍ زَائِدٍ عَلَى الْعَادَةِ
وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَكِنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ
الْآتِي وَأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَخْ
أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ الرَّفْعِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ مَعَهُ إلَخْ) لَوْ شَكَّ فِي الْحَالَةِ
الْمُبْطِلَةِ
(2/144)
لِأَنَّهُ مَعَ قَصْدِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ
الْقُرْآنِيَّةِ بِضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ
الْقُرْآنَ وَحْدَهُ (وَإِلَّا) يَقْصِدْ مَعَهُ قِرَاءَةً بِأَنْ قَصَدَ
التَّفْهِيمَ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفْهِيمَ وَلَا الْقِرَاءَةَ
بِأَنْ أَطْلَقَ وَاعْتِرَاضُ شُمُولِ الْمَتْنِ لِهَذِهِ بِأَنَّ
الْمُقْسِمَ قَصْدَ التَّفْهِيمِ فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ
وَحْدَهَا وَلَا الْإِطْلَاقَ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إذَا عُرِفَ أَنَّ
قَصْدَهُ مَعَ الْقِرَاءَةِ لَا يَضُرُّ فَقَصْدُهَا وَحْدَهَا أَوْلَى
وَبِأَنَّ أَلَّا تَشْمَلُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقْسِمِ وَالْقَسَمِ
كَمَا تَقَرَّرَ وَكَانَ هَذَا هُوَ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ فِي تَصْرِيحِهِ
بِشُمُولِ الْمَتْنِ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (بَطَلَتْ) أَمَّا فِي
الْأُولَى فَوَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ الَّتِي شَمِلَهَا
الْمَتْنُ كَمَا تَقَرَّرَ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الدَّقَائِقِ وَغَيْرِهَا
وَقَالَ إنَّهَا نَفِيسَةٌ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ بَيَانِهَا فَلِأَنَّ
الْقَرِينَةَ الْمُقَارِنَةَ لِسَوْقِ اللَّفْظِ تَصْرِفُهُ إلَيْهَا فَلَا
يَكُونُ الْمَأْتِيُّ بِهِ حِينَئِذٍ قُرْآنًا وَلَا ذِكْرًا بَلْ يَكُونُ
بِمَعْنَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْقَرِينَةُ مِنْ الْكَلِمَاتِ
الْعَادِيَّةِ كَاللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ الْمُبَلِّغِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ
بِمَعْنَى رَكَعَ الْإِمَامُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ
الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّ
فَاتَّضَحَ رَدٌّ مَا لِغَيْرِ وَاحِدٍ هُنَا وَأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنْ لَا
فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْتَهِيَ الْإِمَامُ فِي قِرَاءَتِهِ لِتِلْكَ
الْآيَةِ وَأَنْ لَا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا
بَيْنَ مَا يَصْلُحُ لِلتَّخَاطُبِ وَمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ خِلَافًا
لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ أَتَى
بِكَلِمَاتٍ مُفْرَدَاتُهَا مِنْهُ كَ {يَا إِبْرَاهِيمُ} [هود: 76]
سَلَامٌ كُنْ فَإِنْ وَصَلَهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا إنْ
قَصَدَ الْقُرْآنَ وَبَحَثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَتَى بِهِ تَفْهِيمًا فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ لَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ
الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ انْعَقَدَتْ فَلَا نُبْطِلُهَا
بِالشَّكِّ وَمُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ
غَيْرُ مُبْطِلٍ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ
وَاعْتَرَضَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ فَلَا يَكُونُ إلَى وَأَنَّ الْأَوْجَهَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ
إلَخْ) وَلِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ
يُصَلِّي فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ الْخَوَارِجِ فَقَالَ لَا حُكْمَ إلَّا
لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَتَلَا عَلِيٌّ {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ
حَقٌّ} [الروم: 60] مُغْنِي (قَوْلُهُ مَعَ قَصْدِهِ إلَخْ) أَيْ
الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفْهِيمَ إلَخْ) يَنْبَغِي
أَوْ قَصَدَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّفْهِيمِ وَالْقِرَاءَةِ ع ش
(قَوْلُهُ شُمُولُ الْمَتْنِ) أَيْ وَإِلَّا (لِهَذِهِ) أَيْ صُورَةِ
الْإِطْلَاقِ نِهَايَةٌ أَيْ وَلِصُورَةِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا
مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ
فَلَا يَشْمَلُ الْإِطْلَاقَ كَمَا لَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ
رَشِيدِيٌّ أَيْ أَوْ يَزِيدُ عَقِبَ قَوْلِهِ لِهَذِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ
عَنْ الْمُغْنِي وَتَكَلَّفَ سم فِي التَّصْحِيحِ فَقَالَ قَوْلُهُ فَلَا
يَشْمَلُ أَيْ مَا قَبْلَ إلَّا وَقَوْلُهُ وَلَا الْإِطْلَاقَ أَيْ وَلَا
يَشْمَلُ وَإِلَّا الْإِطْلَاقَ اهـ (قَوْلُهُ يَرِدُ بِأَنَّهُ إلَخْ)
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ وَإِلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ
صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِالْمَنْطُوقِ وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ
التَّفْهِيمَ وَالْقِرَاءَةَ وَالْأُخْرَى بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ
الْأَوْلَى وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ وَأَلَّا تَشْمَلَ
صُورَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ شُمُولِهَا لِنَفْيِ الْمُقْسَمِ وَالْقَسَمِ
رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالشُّمُولِ
بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الشُّمُولُ وَلَوْ بِحَسَبِ مَفْهُومِ
الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى سم (قَوْلُهُ وَبِأَلَّا تَشْمَلَ نَفْيَ كُلٍّ
إلَخْ) فَالْمَعْنَى وَإِلَّا يَكُنْ النُّطْقُ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ
وَقَصْدِ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ فَأَلَّا مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ بِقَصْدِ
التَّفْهِيمِ إلَخْ سم (قَوْلُهُ وَكَانَ هَذَا إلَخْ) أَيْ جَمِيعُ مَا
ذَكَرَ لَا خُصُوصُ قَوْلِهِ وَبِأَلَّا إلَخْ رَشِيدِيٌّ وَقَالَ سم
أَقُولُ إذَا رَجَعَ النَّفْيُ لِلْمُقْسَمِ وَالْقَسَمِ شَمِلَ الصُّوَرَ
الثَّلَاثَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا قَصْدُ الْقِرَاءَةِ بِدَلِيلِ
فَهْمِهَا بِالْأُولَى مِنْ الْمُقْسَمِ مَعَ قَيْدِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي تَصْرِيحِهِ) أَيْ فِي الدَّقَائِقِ مُغْنِي (قَوْلُهُ
أَمَّا فِي الْأُولَى) إلَى قَوْلِهِ وَلَا ذِكْرًا فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْقَرِينَةِ أَيْ مَدْلُولِهَا (قَوْلُهُ
حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُودِ قَرِينَةِ التَّفْهِيمِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ
الْأَوْجَهَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا
فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَخْ) لَكِنْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ هُنَا
بِمَا إذَا أَحَسَّ الْإِمَامُ بِتِلْكَ الْقَرِينَةِ فَتَأَمَّلْهُ سم
(قَوْلُهُ الْإِمَامُ) الْأَنْسَبُ الْمُصَلِّي بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِمَا بَحَثَهُ الْمَجْمُوعُ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ
يَكُونَ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ وَإِلَّا
فَيَضُرُّ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِتِلْكَ الْآيَةِ) أَيْ كَأَنْ انْتَهَى
فِي قِرَاءَتِهِ إلَى قَوْله تَعَالَى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ}
[مريم: 12] عِنْدَ اسْتِئْذَانِهِ فِي أَخْذِ شَيْءٍ سم (قَوْلُهُ خِلَافًا
لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَ كَلَامَ
الْمُصَنِّفِ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ ع ش (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى
التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَ {يَا إِبْرَاهِيمُ} [هود: 76]
إلَخْ) وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ لَوْ قَالَ وَاَلَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ
مُعْتَمَدٌ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا
وَمُعْتَقِدًا كَفَرَ وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَ
{عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا} [البقرة: 102] ثُمَّ سَكَتَ طَوِيلًا
أَيْ زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ وَعَى فِيمَا يَظْهَرُ وَابْتَدَأَ
بِمَا بَعْدَهَا نِهَايَةٌ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ
وَيَأْتِي إلَخْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْ حَيْثُ
لَمْ يَقْصِدْ بِأُولَئِكَ إلَخْ الْقِرَاءَةَ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى
وَقَوْلُهُ م ر وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ
مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ هُوَ قَوْلُهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ عَلَى
انْفِرَادِهَا أَنَّهَا قُرْآنٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْبَحْثُ
الْآتِي ع ش (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ) أَيْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ عَلَى
حَالِهَا (قَوْلُهُ وَبَحَثَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي
وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَأَنْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ بِمَا أَتَى بِهِ تَفْخِيمًا فَقَطْ أَوْ
أَطْلَقَ أَوَّلًا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ
انْعَقَدَتْ فَلَا نُبْطِلُهَا بِالشَّكِّ وَمُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ
بِنَظْمِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهِ غَيْرُ مُبْطِلٍ م ر (قَوْلُهُ فَلَا
يَشْمَلُ) أَيْ مَا قَبْلَ إلَّا وَلَا الْإِطْلَاقُ أَيْ وَلَا يَشْمَلُ
وَإِلَّا الْإِطْلَاقَ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالشُّمُولِ
بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الشُّمُولُ وَلَوْ بِحَسَبِ مَفْهُومِ
الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ إلَّا تَشْمَلُ نَفْيَ
كُلٍّ مِنْ الْمُقْسَمِ وَالْقَسَمِ) فَالْمَعْنَى وَأَلَّا يَكُنْ
النُّطْقُ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ وَقَصْدِ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ فَإِلَّا
مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ التَّفْهِيمِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَانَ هَذَا هُوَ
مَلْحَظَ الْمُصَنِّفِ) أَقُولُ إذَا رَجَعَ النَّفْيُ لِلْمُقْسَمِ
وَالْقَسَمِ شَمِلَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا
قَصْدُ الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا بِدَلِيلِ فَهْمِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ
الْمُقْسَمِ مَعَ قَيْدِهِ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَنْتَهِيَ) لَكِنْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ هُنَا بِمَا إذَا
أَحَسَّ الْإِمَامُ بِتِلْكَ الْقَرِينَةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ
لِتِلْكَ الْآيَةِ) كَأَنْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَى قَوْله تَعَالَى
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] عِنْدَ اسْتِئْذَانِهِ لِأَخْذِ
شَيْءٍ (قَوْلُهُ مُفْرَدَاتِهَا مِنْهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ
قَالَ الْمُصَلِّي قَافٌ أَوْ صَادٌ أَوْ نُونٌ وَقَصَدَ بِهِ كَلَامَ
آدَمِيِّينَ بَطَلَتْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا نَظِيرَ
(2/145)
أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ مَعَ وَصْلِهَا
بِكُلِّ كَلِمَةٍ عَلَى حِيَالِهَا أَنَّهَا قُرْآنٌ لَمْ تُبْطِلْ
(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَحْوَ يَا يَحْيَى إلَخْ فِيمَا
تَقَرَّرَ كَالْكِنَايَةِ فِي احْتِمَالِهِ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ
وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ مَعَهُ إنَّهُ لَا بُدَّ
مِنْ مُقَارَنَةِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا لِجَمِيعِ اللَّفْظِ لَكِنْ
إنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا فِي الْكِنَايَةِ بِنَظِيرِهِ،
أَمَّا إذَا قُلْنَا فِيهَا بِأَنَّهُ يَكْفِي قَرْنُهَا بِأَوَّلِهَا أَوْ
بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا وَيَحْتَمِلُ
الْفَرْقُ بِأَنَّ بَعْضَ اللَّفْظِ ثَمَّ الْخَالِيَ عَنْ مُقَارَنَةِ
النِّيَّةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي وُقُوعًا وَلَا عَدَمَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا
فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ فَاشْتُرِطَ مُقَارَنَةُ الْمَانِعِ لِجَمِيعِهِ حَتَّى
لَا يَقَعَ الْإِبْطَالُ بِبَعْضِهِ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَبِهِ يَظْهَرُ
اتِّجَاهُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْمَتْنِ هُنَا مَعَهُ وَحِكَايَتُهُ
الْخِلَافَ فِي الْكِنَايَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ
مَعَ كَوْنِهِ مُهِمًّا أَيَّ مُهِمٍّ.
(وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ) الْجَائِزِ
لِمَشْرُوعِيَّتِهِمْ افِيهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِهِمَا
بِالْعَجَمِيَّةِ مَعَ إحْسَانِهِ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا مَعَ إحْسَانِهِ
وَقَدْ اخْتَرَعَهُمَا أَوْ بِدُعَاءٍ مَنْظُومٍ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ
عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ مُحَرَّمٍ بَطَلَتْ وَلَيْسَ مِنْهُمَا قَالَ
اللَّهُ كَذَا لِأَنَّهُ مَحْضُ إخْبَارٍ لَا ثَنَاءَ فِيهِ بِخِلَافِ
صَدَقَ اللَّهُ وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ أَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا
بِاَللَّهِ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً كَمَا
قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْفَتَاوَى وَاعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ
الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
شَرْحِ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ قَصَدَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ
الْمُصَلِّي قَافٌ أَوْ صَادٌ أَوْ نُونٌ وَقَصَدَ بِهِ كَلَامَ
الْآدَمِيِّينَ بَطَلَتْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا
بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ وَعُلِمَ بِذَلِكَ
أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ
الصَّلَاةُ بِهِ هُوَ مُسَمَّى الْحَرْفِ لَا اسْمُهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
وَيَجْرِي مَا ذَكَر فِي كُلِّ مَا لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْقُرْآنِ
بِنَفْسِهِ كَزَيْدٍ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ
كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ سم
(قَوْلُهُ فِيمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَهُ الْمُصَلِّي
لِنَحْوِ مَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ (قَوْلُهُ أَوْ أَيِّ جُزْءٍ
مِنْهَا) وَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ
هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ مُقَارَنَةَ الْمَانِعِ) أَيْ عَنْ
الْإِبْطَالِ وَذَلِكَ الْمَانِعُ هُوَ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ
لِجَمِيعِهِ) وَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ لِأَوَّلِهِ
إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ سم عَلَى حَجّ وَهَذَا
مِنْ الْعَالِمِ لِمَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُعْذَرُ
مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ بِبَعْضِهِ) أَيْ الْخَالِي سم (قَوْلُهُ وَهَذَا
أَقْرَبُ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَقَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ
بَعْدَ سَوْقِ عِبَارَتِهِ أَيْ النِّهَايَةِ قَدْ يُقَالُ لَا يَخْفَى مَا
فِي هَذَا مِنْ الْحَرَجِ وَلَا دَلِيلَ فِيمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ
عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَقَصْدُ الْقِرَاءَةِ
بِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَلَوْ مَعَ أَوَّلِ اللَّفْظِ لَا يَتَّجِهُ فِيهِ
الْبُطْلَانُ وَإِنْ عَزَبَ الْقَصْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ
الِاكْتِفَاءُ بِوُجُودِ الْقَصْدِ أَوَّلَ اللَّفْظِ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ
الْفَاضِلِ الْمُحَشِّي سم قَوْلُهُ وَهَذَا أَقْرَبُ لَا يَبْعُدُ
عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي الِاقْتِرَانُ بِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ
الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى اهـ. وَتَقَدَّمَ
أَنَّ ع ش أَقَرَّهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ) قَدْ
يُقَالُ لَا إغْفَالَ مَعَ قَوْلِهِمْ مَعَهُ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ
مِنْهُ الْمَعِيَّةُ لِجَمِيعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ سم وَالظَّاهِرُ أَنَّ
الشَّارِحَ إنَّمَا نَسَبَ الْإِغْفَالَ إلَى الْمُتَأَخِّرِينَ لَا
الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ عَاصَرَهُمَا أَوْ سَبَقَهُمَا.
(قَوْلُهُ الْجَائِزِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ بِدُعَاءٍ مَنْظُومٍ إلَى أَوْ مُحَرَّمٍ
(قَوْلُهُ الْجَائِزِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ وَقَدْ اخْتَرَعَهُمَا) أَيْ لَمْ يَكُونَا مَأْثُورَيْنِ
كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ)
الْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ سم عَلَى حَجّ وَبَصْرِيٍّ أَيْ فَلَا تَبْطُلُ
بِهِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ
بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْمَكْرُوهَيْنِ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَكْرُوهِ حَيْثُ بَطَلَتْ بِهِ ثُمَّ
ظَفِرْت لِلشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ بِفَرْقٍ
بَيْنَهُمَا لَا يَظْهَرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ع ش أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ
بِأَنَّ الدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ
بِخِلَافِ النَّذْرِ فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ فَرَّقَ بِهَذَا
فَهَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ (قَوْلُهُ أَوْ مُحَرَّمٍ) وَمِثْلُ الدُّعَاءِ
الْمُحَرَّمِ الذِّكْرُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَمِلَ الذِّكْرُ عَلَى
أَلْفَاظٍ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَهَا كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي
بَابِ الْجُمُعَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ
قَالَ النَّبِيُّ كَذَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَدَقَ
اللَّهُ) وَمِثْلُهُ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا أَفْتَى
بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛
لِأَنَّ فِيهِ ثَنَاءً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ
عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِ الثَّنَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ
مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ فَيَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ بَلْ قَدْ
يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ إذَا مَحَّضَ قَوْلَهُ فِي السُّجُودِ سَجَدَ
وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ إلَخْ لِلْإِخْبَارِ م ر اهـ سم
قَالَ ع ش وَكَذَا لَا يَضُرُّ لَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ
قِرَاءَةِ مَا يُنَاسِبُهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَ
(قَوْلُهُ وَلَا دُعَاءً) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَا مَرَّ وَبَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هُنَا أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ
تَبْطُلْ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ غَيْرِ
الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ هُوَ مُسَمًّى الْحَرْفِ لَا
اسْمُهُ اهـ. وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِي كُلِّ مَا لَا يَنْصَرِفُ إلَى
الْقُرْآنِ بِنَفْسِهِ كَزَيْدٍ وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَبْطُلُ بِهِ
الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ
زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا أَوْ مُوسَى وَعِيسَى إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ
الْقُرْآنَ.
(قَوْلُهُ لِجَمِيعِهِ) وَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ
لِأَوَّلِهِ (قَوْلُهُ بِبَعْضِهِ) أَيْ الْخَالِي وَقَوْلُهُ وَهَذَا
أَقْرَبُ وَأَفْقَهُ م ر لَا يَبْعُدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي
الِاقْتِرَانُ بِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ
بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ أَغْفَلُوهُ) قَدْ
يُقَالُ لَا إغْفَالَ مَعَ قَوْلِهِمْ مَعَهُ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ
الْمَعِيَّةُ لِجَمِيعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) الْمُتَّجِهُ
خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صَدَقَ اللَّهُ) وَمِثْلُهُ سَجَدْت لِلَّهِ
فِي طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ فِيهِ ثَنَاءً عَلَى اللَّهِ
تَعَالَى وَيُفَارِقُ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الْآتِيَ بِوُجُودِ
الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ ثُمَّ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ صَدَقَ اللَّهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ
وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا
عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصَدَ الثَّنَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ
مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ فَيَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ بَلْ قَدْ
يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ إذَا مَحَضَ قَوْلَهُ فِي السُّجُودِ سَجَدَ
وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ فَصَوَّرَهُ إلَخْ لِلْإِخْبَارِ
فَلْيُتَأَمَّلْ م ر (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا) إنْ كَانَتْ
الْقَرِينَةُ هُنَا كَوْنَهُ بَعْدَ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ جَوَابٌ لَهُ
تَصَوُّرُ نَظِيرِهِ
(2/146)
وَلَا يُنَافِيهِ اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُك إيَّاكَ نَعْبُدُ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ إذْ لَا قَرِينَةَ
ثَمَّ تَصْرِفُهُ إلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا فَانْدَفَعَ مَا
لِلْإِسْنَوِيِّ هُنَا وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ التَّحْقِيقِ
أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِقَصْدِ الثَّنَاءِ هُنَا وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ
خِلَافُ مَوْضُوعِ اللَّفْظِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ
لَازِمٌ لِمَوْضُوعِهِ فَهُوَ مِثْلُ كَمْ أَحْسَنْت إلَيَّ وَأَسَأْت
فَإِنَّهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ لِإِفَادَتِهِ مَا يَسْتَلْزِمُ الثَّنَاءَ أَوْ
الدُّعَاءَ وَحِينَئِذٍ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ
هُنَا مَا قَصَدَ بِلَفْظِهِ أَوْ لَازِمِهِ الْقَرِيبِ الثَّنَاءَ عَلَى
اللَّهِ تَعَالَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي نَحْوِ النَّذْرِ وَالْعِتْقِ
ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَهُوَ إفْتَاءُ الْجَلَالِ
الْبُلْقِينِيِّ فِيمَنْ سَمِعَ {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا}
[الأحزاب: 69] فَقَالَ بَرِيءٌ وَاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ بِعَدَمِ
الْبُطْلَانِ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فَأَفْتَى بِهِ فِيمَنْ سَمِعَ {وَمَا
صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير: 22] فَقَالَ حَاشَاهُ.
لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ فِي
اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ
قَرِينَةً تَصْرِفُهُ إلَيْهَا وَلَيْسَ مِنْهُ إفْتَاءُ أَبِي زُرْعَةَ
بِأَنَّ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ عَقِبَ سَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ
ذِكْرٌ لَكِنَّهُ بِدْعَةٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِآيَةٍ فَلَا
قَرِينَةَ وَفِيهِ مَا فِيهِ (إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ) غَيْرَ اللَّهِ
تَعَالَى وَغَيْرَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ
عِنْدَ سَمَاعِهِ لِذِكْرِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
فِي الصُّورَتَيْنِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر إنْ لَمْ
يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ
الْإِخْبَارَ
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ اللَّهُ فَقَطْ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ
نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ أَيْ فَقَطْ
ضَرَّ وَإِنْ قَصَدَ الثَّنَاءَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ
ثَمَّ قَرِينَةُ التَّعَجُّبِ كَأَنْ سَمِعَ أَمْرًا غَرِيبًا فِي
الْقُرْآنِ فَقَالَ ذَلِكَ ضَرَّ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ
خَاصٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَسُئِلْتُ عَنْ شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَضَعَ آخَرُ
يَدَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَافِلٌ فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ
فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ
بِهِ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ
السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ انْتَهَى
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ وَقِيَاسُهُ أَنَّ اللَّهَ
مِثْلُهُ ع ش وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ
التَّعَجُّبَ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّعَجُّبَ مُتَضَمِّنٌ
لِلثَّنَاءِ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت إلَخْ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا صَدَرَ
عَنْهُ لَفْظَةُ اللَّهِ بِالِاخْتِيَارِ وَإِلَّا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ
الْغَفْلَةِ وَالِانْزِعَاجِ فَلَا وَجْهَ لِلضَّرَرِ وَقَوْلُهُ
وَسَيَأْتِي إلَخْ أَيْ فِي النِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَأَفْتَى
الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ
الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ،
وَكَذَا النِّعْمَةُ وَالْعَافِيَةُ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ الْبُطْلَانُ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ
بِخِلَافِهِ هُنَا) إنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ هُنَا كَوْنَهُ بَعْدَ
الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ جَوَابٌ لَهُ تَصَوُّرُ نَظِيرِهِ هُنَاكَ سم
أَقُولُ التَّصَوُّرُ هُنَاكَ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ (قَوْلُهُ إنَّهُ
لَا أَثَرَ لِقَصْدِ الثَّنَاءِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي
وَالنِّهَايَةُ وَشَيْخُنَا عِبَارَةُ الْأَوَّلِينَ وَلَوْ قَرَأَ
إمَامُهُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]
فَقَالَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً أَوْ دُعَاءً
كَمَا فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ أَوْ قَالَ
اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ
الثَّنَاءَ أَوْ الذِّكْرَ كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا قَالَ إذْ لَا
عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا
أَشْبَهَهُ اهـ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ مِنْ
عَدَمِ الْبُطْلَانِ عِنْدَ قَصْدِ الثَّنَاءِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي
اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ
مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِمِثْلِ كَمْ أَحْسَنْت وَأَسَأْت لِإِفَادَتِهِ
إلَخْ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمِثْلِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ
تَشَبُّهِهِ بِهِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ثَنَاءً وَلَا
غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الثَّنَاءَ قُلْت لَمَّا وُجِدَتْ هُنَا
قَرِينَةٌ اُحْتِيجَ لِلْقَصْدِ بِخِلَافِ ذَاكَ سم (قَوْلُهُ فَأَفْتَى
بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ
الْجَلَالُ وَمَنْ تَبِعَهُ سم (قَوْلُهُ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) وَهُوَ
عَدَمُ الْبُطْلَانِ مَعَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ أَنَّ فِي
كُلِّ قَرِينَةٍ إلَخْ) الْمُتَّجِهُ الْبُطْلَانُ فِي هَذَا أَيْ مَا
ذَكَرَهُ الْجَلَالُ وَمَنْ تَبِعَهُ مُطْلَقًا إذْ لَا دُعَاءَ وَلَا
ثَنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ
قَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي الْبِنَاءِ عَلَى
الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ إفْتَاءُ أَبِي زُرْعَةَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ
ع ش وَشَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلَّيْسِيَّةِ وَ (قَوْلُهُ
وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ فِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ غَيْرَ
اللَّهِ) إلَى قَوْلِهِ وَرُوعِيَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ وَقِيَاسُ إلَى سَوَاءٌ (قَوْلُهُ غَيْرَ اللَّهِ إلَخْ) أَمَّا
خِطَابُ الْخَالِقِ كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَخِطَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ خِلَافًا
لِلْأَذْرَعِيِّ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ بِذِكْرِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ الصَّلَاةُ
عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَرْجَحُ بُطْلَانَهَا مِنْ الْعَالِمِ
لِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي إلْحَاقِهِ بِمَا فِي التَّشَهُّدِ نَظَرٌ؛
لِأَنَّهُ خِطَابٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ
الْبُطْلَانِ إلْحَاقًا لَهُ بِمَا فِي التَّشَهُّدِ اهـ.
وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ نَحْوِهَا عَنْ الْأَسْنَى مَا نَصُّهُ وَذَلِكَ
مُشْعِرٌ إشْعَارًا ظَاهِرًا بِأَنَّ اغْتِفَارَ خِطَابِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ
وَلَا مَعْلُومٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِقَصْدِ الثَّنَاءِ) ذَكَرَ
الْمُزَجَّدُ فِي تَجْرِيدِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ
أَوْ نَسْتَعِينُ أَنَّ الَّذِي فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ وَتَحْقِيقِهِ
تَبَعًا لِلْبَيَانِ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الذِّكْرَ أَوْ
الدُّعَاءَ أَوْ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ
بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْبَيَانِ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ
ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ.
(فَرْعٌ) فِي شَرْحِ م ر وَأَفْتَى الْقَفَّالُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ
السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ الْقِرَاءَةَ لَمْ تَبْطُلْ
وَإِلَّا بَطَلَتْ وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ، وَكَذَا النِّعْمَةُ
وَالْعَافِيَةُ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِثْلُ إلَخْ) فَإِنْ
قُلْت: قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِ بِهِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَإِنْ لَمْ
يَقْصِدْ ثَنَاءً وَلَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الثَّنَاءَ قُلْت:
لَمَّا وُجِدَتْ هُنَا قَرِينَةٌ اُحْتِيجَ لِلْقَصْدِ بِخِلَافِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ إنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ وَمَنْ تَبِعَهُ
(قَوْلُهُ إنَّ فِي كُلِّ قَرِينَةٍ) الْمُتَّجِهُ الْبُطْلَانُ فِي هَذَا
مُطْلَقًا إذْ لَا دُعَاءَ وَلَا ثَنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ
غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -) عِبَارَةُ الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ أَوْ تَضَمَّنَ خِطَابَ
مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
فِي شَرْحِهِ أَمَّا خِطَابُ الْخَالِقِ كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَخِطَابُ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالسَّلَامُ عَلَيْك
فِي التَّشَهُّدِ فَلَا يُبْطِلَانِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ
(2/147)
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ بِمَا فِيهِ مِنْ
إلْحَاقِ عِيسَى بِهِ إلْحَاقُهُ بِهِ كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ هُنَا سَوَاءٌ فِي
الْغَيْرِ الْمَلَكُ وَالشَّيْطَانُ وَالْمَيِّتُ وَالْجَمَادُ عَلَى
الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ اعْتَرَضَ حَمْلَ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاتِهِ لِإِبْلِيسَ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ
اللَّهِ» عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ لَا
يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَحْرِيمَهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ
لِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ ذَلِكَ كَانَ بِهَا وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ
أَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ كَانَ نَفْسِيًّا لَا
لَفْظِيًّا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَرُوعِيَا عَلَى
خِلَافِ الْأَصْلِ لِإِطْلَاقِ أَوْ عُمُومِ أَدِلَّةِ الْبُطْلَانِ
وَيَبْعُدُ تَقْيِيدُهَا أَوْ تَخْصِيصُهَا بِمُحْتَمَلٍ (كَقَوْلِهِ
لِعَاطِسٍ رَحِمَك اللَّهُ) لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ
حِينَئِذٍ كَعَلَيْك السَّلَامُ بِخِلَافِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ
لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَيُسَنُّ لِمُصَلٍّ عَطَسَ أَوْ سُلِّمَ عَلَيْهِ أَنْ
يَحْمَدَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَأَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ
بِالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ أَوْ بِالرَّأْسِ ثُمَّ بَعُدَ سَلَامُهُ مِنْهَا
بِاللَّفْظِ وَبَحَثَ نَدْبَ تَشْمِيتِ مُصَلٍّ عَطَسَ وَحَمِدَ جَهْرًا
(وَلَوْ سَكَتَ) أَوْ نَامَ فِيهَا مُمَكَّنًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ
فِيهِ (طَوِيلًا) فِي غَيْرِ رُكْنٍ قَصِيرٍ فِي صُورَةِ السُّكُوتِ
الْعَمْدِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ (بِلَا غَرَضٍ لَمْ
تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ هَيْئَتُهَا أَمَّا
الْيَسِيرُ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا.
(وَيُسَنُّ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِ (كَتَنْبِيهِ إمَامِهِ)
إذَا سَهَا (وَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ) أَيْ مُرِيدِ دُخُولٍ اسْتَأْذَنَ فِيهِ
(وَإِنْذَارِهِ أَعْمَى) أَوْ نَحْوِهِ كَغَافِلٍ أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ
أَنْ يَقَعَ بِهِ مَهْلِكٌ أَوْ نَحْوُهُ (أَنْ يُسَبِّحَ) الذِّكْرَ
الْمُحَقَّقَ أَيْ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ بِقَصْدِ الذِّكْرِ وَحْدَهُ
أَوْ مَعَ التَّنْبِيهِ (وَتُصَفِّقَ الْمَرْأَةُ) وَالْخُنْثَى
لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ قِيلَ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
نَعَمْ مَا يَتَعَلَّقُ بِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ لَا
كَلَامَ فِي اغْتِفَارِهِ غَيْرُ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ الْمَذْكُورِ
وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِ جَاءَك فُلَانٌ يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَوْ قَدْ نَصَرَك اللَّهُ فِي وَقْعَةِ كَذَا مِنْ غَيْرِ
أَنْ يَسْأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْمُتَّجِهُ
الْبُطْلَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ مُحْتَاجٍ
إلَيْهِ وَلَا دُعَاءَ فِيهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَلَا جَوَابَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ
كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ خِطَابَ الْمَلَائِكَةِ وَبَاقِي
الْأَنْبِيَاءِ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مُغْنِي وَع ش.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ فِي الْغَيْرِ إلَخْ) فِي الْبُطْلَانِ بِخِطَابِ غَيْرِ
اللَّهِ وَغَيْرِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَمْلُ إلَخْ
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اعْتَرَضَ (قَوْلُهُ
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إلَخْ) وَيَجُوزُ أَنْ يُجَابَ بِنَاءً عَلَى مَا
تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ
أَنَّهُ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ أُولَاهُمَا بِمَكَّةَ إلَّا لِحَاجَةٍ
وَأُخْرَاهُمَا بِالْمَدِينَةِ مُطْلَقًا بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ كَانَ
لِحَاجَةٍ ثُمَّ حَرُمَ الْكَلَامُ مُطْلَقًا سم (قَوْلُهُ وَرُوعِيَا)
أَيْ احْتِمَالَا الْخُصُوصِيَّةِ وَكَوْنُ الْقَوْلِ نَفْسِيًّا لَا
لَفْظِيًّا وَ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِهِمَا خِلَافَ
الْأَصْلِ (قَوْلُهُ تَقْيِيدُهَا أَوْ تَخْصِيصُهَا) الْأَوَّلُ نَظَرًا
لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَالثَّانِي نَظَرًا لِعُمُومِهَا (قَوْلُهُ
لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ ثُمَّ
بَعْدَ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ
بِالْإِشَارَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ
تَشْمِيتِ مُصَلٍّ إلَخْ) وَهَلْ يُسَنُّ لَهُ أَيْ لِلْمُصَلِّي إجَابَةُ
هَذَا التَّشْمِيتِ بِلَا خِطَابٍ سم أَقُولُ قَضِيَّةُ قَوْلِ
النِّهَايَةِ وَيَجُوزُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ التَّشْمِيتُ
بِقَوْلِهِ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ اهـ. حَيْثُ
عَبَّرَ بِالْجَوَازِ عَدَمُ سَنِّ إجَابَةِ التَّشْمِيتِ قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا) أَيْ عَمْدًا فِي غَيْرِ رُكْنٍ قَصِيرٍ مُغْنِي
وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ نَامَ) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ فِي صُورَةِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فِي صُورَةِ السُّكُوتِ
إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِالنَّوْمِ الطَّوِيلِ فِي رُكْنٍ
قَصِيرٍ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَارٍ فِيهِ وَقَدْ يَنْظُرُ
فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ لِمُقَدِّمَاتِهِ غَالِبًا وَقَدْ يَدْفَعُ هَذَا
بِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَضُرُّ مَعَ اخْتِيَارِهِ لِمُقَدِّمَاتِهِ
كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِلَا غَرَضٍ) احْتَرَزَ
بِهِ عَنْ السُّكُوتِ لِتَذَكُّرِ شَيْءٍ نَسِيَهُ فَالْأَصَحُّ فِيهِ
الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م
ر نَسِيَهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا اهـ.
(قَوْلُهُ فِي صَلَاتِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بِضَرْبِ إلَخْ فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا إلَى وَأَشَارَ (قَوْلُهُ كَغَافِلٍ
إلَخْ) أَيْ وَمَنْ قَصَدَهُ ظَالِمٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ
مُمَيِّزٍ) هَذَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ
التَّسْبِيحُ وَلَا التَّصْفِيقُ إلَّا أَنْ يُرَادَ التَّمْيِيزُ
التَّامُّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتُصَفِّقَ الْمَرْأَةُ) تَوَهَّمَ بَعْضُ
الطَّلَبَةِ أَنَّ التَّصْفِيقَ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ فَقَطْ مُبْطِلٌ
كَالتَّسْبِيحِ بِذَلِكَ الْقَصْدِ، وَهُوَ خَطَأٌ بَلْ لَا بُطْلَانَ
بِالتَّصْفِيقِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ الْإِعْلَامِ وَلَوْ مِنْ
الذَّكَرِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ بِقَصْدِ الذِّكْرِ وَحْدَهُ إلَخْ) فَإِنْ
قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَالَ فِي
الْمُهَذَّبِ إنَّهَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَسَكَتَ
عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ مُغْنِي (قَوْلُهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ بِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ الصَّلَاةُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَوْ نَحْوُهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ
الْأَرْجَحُ بُطْلَانَهَا مِنْ الْعَالِمِ لِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي
إلْحَاقِهِ بِمَا فِي التَّشَهُّدِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ غَيْرُ
مَشْرُوعٍ اهـ وَفِي قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَخْ وَقْفَةٌ اهـ. مَا فِي
شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَيَأْتِي تَمْثِيلُهُ لِخِطَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذَكَرَ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ
الْأَذْرَعِيِّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مُشْعِرٌ إشْعَارًا ظَاهِرًا بِأَنَّ
اغْتِفَارَ خِطَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ، نَعَمْ مَا
يَتَعَلَّقُ بِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ لَا كَلَامَ فِي
اغْتِفَارِهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ الْمَذْكُورِ
مَعَ التَّوَقُّفِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
كَقَوْلِهِ جَاءَك فُلَانٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نَصَرَك اللَّهُ فِي
وَقْعَةِ كَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَالْمُتَّجِهُ الْبُطْلَانُ بِهِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَلَا
دُعَاءَ فِيهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا
جَوَابَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ) تَقَدَّمَ أَنَّ
الْمُتَّجِهَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ حَرُمَ
مَرَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِالْمَدِينَةِ مُطْلَقًا وَأُولَاهُمَا بِمَكَّةَ
إلَّا لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ وَأُجِيبُ) يَجُوزُ أَنْ يُجَابَ بِنَاءً عَلَى
الْجَمْعِ السَّابِقِ بَيْنَ رِوَايَاتِ التَّحْرِيمِ بِأَنَّ قَوْلَهُ
لَهُ ذَلِكَ كَانَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ حَرُمَ الْكَلَامُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ
تَشْمِيتِ مُصَلٍّ) هَلْ يُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ هَذَا التَّشْمِيتِ بِلَا
خِطَابٍ.
(قَوْلُهُ فِي صُورَةِ السُّكُوتِ إلَخْ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُطْلَانَ
بِالنَّوْمِ الطَّوِيلِ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ
غَيْرُ مُخْتَارٍ فِيهِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ
لِمُقَدِّمَاتِهِ غَالِبًا، وَقَدْ يُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّ النِّسْيَانَ
لَا يَضُرُّ مَعَ اخْتِيَارِهِ لِمُقَدِّمَاتِهِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ) تَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَنَّ
التَّصْفِيقَ بِقَصْدِ.
(2/148)
سُنَّ التَّنْبِيهُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ
قَدْ يَجِبُ وَقَدْ يُسَنُّ وَقَدْ يُبَاحُ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا لَا
تَقْتَضِي ذَلِكَ بَلْ إنَّ السُّنَّةَ فِي سَائِرِ صُوَرِ التَّنْبِيهِ
التَّسْبِيحُ لِلذِّكْرِ وَالتَّصْفِيقُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ
فَلَوْ صَفَّقَ وَسَبَّحَتْ فَخِلَافُ السُّنَّةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ
حُصُولَ أَصْلِهَا وَأَشَارَ بِالْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ إلَى أَحْكَامِ
التَّنْبِيهِ فَالْأَوَّلُ لِنَدْبِهِ وَالثَّانِي لِإِبَاحَتِهِ
وَالثَّالِثُ لِوُجُوبِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ تَوَقَّفَ الْإِنْقَاذُ
عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَمَعَ ذَلِكَ تَبْطُلُ
بِكَثِيرِهِمَا وَبَحَثَ نَدْبَ التَّسْبِيحِ لَهَا بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ
أَوْ مَحَارِمَ كَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
لِأَنَّ أَصْلَ الْقِرَاءَةِ مَنْدُوبٌ لَهَا بِخِلَافِ التَّسْبِيحِ
لِلتَّنْبِيهِ وَإِذَا صَفَّقَتْ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ (بِضَرْبِ)
بَطْنٍ، وَهُوَ الْأَوْلَى أَوْ ظَهْرِ (الْيَمِينِ عَلَى ظَهْرِ
الْيَسَارِ) وَهَذَانِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِمَا كَمَا أَفَادَهُ
الْمَتْنُ، وَهُوَ ضَرْبُ بَطْنِ أَوْ ظَهْرِ الْيَسَارِ عَلَى ظَهْرِ
الْيَمِينِ وَبَقِيَ صُورَتَانِ ضَرْبُ ظَهْرِ الْيَمِينِ عَلَى بَطْنِ
الْيَسَارِ وَعَكْسُهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُمَا مَفْضُولَانِ
بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْأَرْبَعِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ صَنِيعِهِمْ
أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ هِيَ الْعَامِلَةُ وَأَنَّ كَوْنَ الْعَمَلِ
بِبَطْنِ كَفِّهَا كَمَا هُوَ الْمَأْلُوفُ أَوْلَى ثُمَّ كُلُّ مَا كَانَ
أَقْرَبَ إلَى هَذِهِ وَأَبْعَدَ عَنْ الْبَطْنِ عَلَى الْبَطْنِ الَّذِي
هُوَ مَكْرُوهٌ يَكُونُ أَوْلَى مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ
حَيْثُ لَمْ تَقْصِدْ اللَّعِبَ وَإِلَّا بَطَلَتْ مَا لَمْ تَجْهَلْ
الْبُطْلَانَ بِذَلِكَ وَتُعْذَرُ وَقَوْلُ جَمْعٍ فِي ضَرْبِ الْبَطْنِ
عَلَى الْبَطْنِ لَا بُدَّ مَعَ قَصْدِ اللَّعِبِ مِنْ عِلْمِ التَّحْرِيمِ
يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ الشَّامِلُ لِسَائِرِ صُوَرِ التَّصْفِيقِ
بِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ الْقَلِيلِ
وَإِنْ أُبِيحَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اللَّعِبَ وَفِي تَحْرِيمِ ضَرْبِ
الْبَطْنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا وَشَرْطُهُ أَنْ
يَقِلَّ وَلَا يَتَوَالَى نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي دَفْعِ الْمَارِّ
وَاقْتِضَاءُ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
سَنُّ التَّنْبِيهِ إلَخْ)
أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْإِذْنَ وَالْإِنْذَارَ سم (قَوْلُهُ وَقَدْ
يُبَاحُ) أَيْ وَقَدْ يَحْرُمُ كَالتَّنْبِيهِ لِشَخْصٍ يُرِيدُ قَتْلَ
غَيْرِهِ عُدْوَانًا وَقَدْ يُكْرَهُ كَالتَّنْبِيهِ لِلنَّظَرِ
الْمَكْرُوهِ ع ش (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ
الْمُصَنِّفَ إنَّمَا أَرَادَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ حُكْمِ الرَّجُلِ
وَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّسْبِيحِ وَالتَّصْفِيقِ وَلَمْ يُرِدْ
بَيَانَ حُكْمِ التَّنْبِيهِ وَعَلَى هَذَا يَفُوتُهُ حُكْمُ التَّنْبِيهِ
هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ وَإِنْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ
بِالْأَمْثِلَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِلذَّكَرِ) أَيْ الْمُحَقَّقِ
(قَوْلُهُ فَلَوْ صَفَّقَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ
خِلَافًا إلَى وَأَشَارَ (قَوْلُهُ فَخِلَافُ السُّنَّةِ) أَيْ وَلَيْسَ
مَكْرُوهًا ع ش (قَوْلُهُ لِمَنْ زَعَمَ حُصُولَ أَصْلِهَا) يَنْبَغِي
حُصُولُ أَصْلِهَا وَأَنْ لَا تَبْطُلَ بِالتَّصْفِيقِ الْمُحْتَاجِ
إلَيْهِ فِي الْإِعْلَامِ وَإِنْ كَثُرَ وَتَوَالَى وَلَوْ مِنْ الذَّكَرِ
م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَبْطُلَ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ مَا
يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ بِكَثِيرِهِمَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ
بِقَلِيلِ الْقَوْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ
يُرِيدَ التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي
وَالنِّهَايَةِ وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْذَارُ الْوَاجِبُ إلَّا
بِالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ أَوْ بِالْكَلَامِ وَجَبَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ
بِالْأَوَّلِ، وَكَذَا بِالثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ إلَخْ) الْبَحْثُ لِلزَّرْكَشِيِّ وَوَافَقَهُ
شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَيْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ
وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا صَفَّقَتْ إلَخْ) يَظْهَرُ أَوْ
صَفَّقَ الرَّجُلُ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ
وَهُوَ) أَيْ عَكْسُهُمَا (قَوْلُهُ وَبَقِيَ إلَخْ) اقْتَصَرَ
النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمُتَقَدِّمَةِ
(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازِ التَّصْفِيقِ مَعَ النَّدْبِ فِي
غَيْرِ صُورَةِ ضَرْبِ الْبَطْنِ عَلَى الْبَطْنِ وَمَعَ الْكَرَاهَةِ
فِيهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مُنَافٍ
لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ أَقَامَ لِشَخْصٍ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى لَاعِبًا
مَعَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَجْهَلْ
الْبُطْلَانَ وَتُعْذَرْ) أَيْ فَإِنْ جَهِلَتْهُ وَعُذِرَتْ فَلَا
بُطْلَانَ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ إنْ
قُيِّدَ بِعِلْمِ التَّحْرِيمِ أَوْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ أَشْكَلَ بَلْ
الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ كَمَا قَالُوا بِهِ فِيمَنْ عَلِمَ
حُرْمَةَ الْكَلَامِ وَجَهِلَ الْبُطْلَانَ بِهِ وَإِنْ قُيِّدَ بِجَهْلِ
التَّحْرِيمِ اقْتَضَى اعْتِبَارَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فِي
الْبُطْلَانِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِمُنَازَعَتِهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُ
جَمْعٍ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ جَمْعٍ) أَيْ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ
لَا بُدَّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ إلَخْ) لَك مَنْعُ
الْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ أُبِيحَ إنْ لَمْ يَكُونُوا
صَرَّحُوا بِهِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ صَرَّحُوا بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ مَعْنَاهُ وَإِنْ أُبِيحَ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي حُرْمَتَهُ
عِنْدَ قَصْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْإِعْلَامِ فَقَطْ مُبْطِلٌ كَالتَّسْبِيحِ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ
فَقَطْ، وَهُوَ خَطَأٌ بَلْ لَا بُطْلَانَ بِالتَّصْفِيقِ وَإِنْ قَصَدَ
بِهِ مُجَرَّدَ الْإِعْلَامِ وَلَوْ مِنْ الذَّكَرِ م ر (قَوْلُهُ سُنَّ
التَّنْبِيهُ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْإِذْنَ وَالْإِنْذَارَ
(قَوْلُهُ لِمَنْ زَعَمَ حُصُولَ أَصْلِهَا) يَنْبَغِي حُصُولُ أَصْلِهَا
وَأَنْ لَا يَبْطُلَ بِالتَّصْفِيقِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الْإِعْلَامِ
وَإِنْ كَثُرَ وَتَوَالَى وَلَوْ مِنْ الذَّكَرِ م ر (قَوْلُهُ تَبْطُلُ
بِكَثِيرِهِمَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِقَلِيلِ الْقَوْلِ
الْأَجْنَبِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّفْصِيلَ فِي
الْمَفْهُومِ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) وَافَقَهُ م ر (قَوْلُهُ بَطَلَتْ) بَقِيَ مَا
لَوْ ضَرَبَتْ بَطْنًا عَلَى بَطْنٍ لَا بِقَصْدِ اللَّعِبِ لَكِنَّهُ
كَثُرَ وَتَوَالَى فَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ كَثِيرٍ
غَيْرِ مَطْلُوبٍ وَيَحْتَمِلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ
الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ) وَكَذَا إذَا أَقَامَ الشَّخْصُ
أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى لَاعِبًا مَعَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ
الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَجْهَلْ الْبُطْلَانَ بِذَلِكَ
وَتُعْذَرْ) أَيْ فَإِنْ جَهِلَتْهُ وَعُذِرَتْ فَلَا بُطْلَانَ وَفِيهِ
بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ إنْ قُيِّدَ بِعِلْمِ
التَّحْرِيمِ أَوْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ أَشْكَلَ بَلْ الْقِيَاسُ
الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ كَمَا قَالُوا بِهِ فِيمَنْ عَلِمَ حُرْمَةَ
الْكَلَامِ وَجَهِلَ الْبُطْلَانَ بِهِ وَإِنْ قُيِّدَ بِجَهْلِ
التَّحْرِيمِ اقْتَضَى اعْتِبَارَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فِي
الْبُطْلَانِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِمُنَازَعَتِهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُ
جَمْعٍ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ جَمْعٍ) أَيْ مِنْهُمْ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ
يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ إلَخْ) لَك مَنْعُ الْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّ
قَوْلَهُ وَإِنْ أُبِيحَ إنْ لَمْ يَكُونُوا صَرَّحُوا بِهِ فَظَاهِرٌ
وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ وَإِنْ أُبِيحَ
فِي نَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي حُرْمَتَهُ عِنْدَ قَصْدِ اللَّعِبِ وَأَنْ
يُشْتَرَطَ فِي الْبُطْلَانِ بِهِ حِينَئِذٍ الْعِلْمُ بِحُرْمَتِهِ
فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي تَحْرِيمِ إلَخْ) صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ
بِالْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَقِلَّ إنْ أُرِيدَ
بِالْقِلَّةِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ وَلَا
يَتَوَالَى بَلْ لَا يَصِحُّ أَوْ
(2/149)
أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا أَشَارَ فِي
الْكِفَايَةِ إلَى حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْيَدُ ثَابِتَةً
وَالْمُتَحَرِّكُ إنَّمَا هُوَ الْأَصَابِعُ فَقَطْ.
(وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ أَفْعَالِهَا (وَإِنْ
كَانَ) الْمَفْعُولُ (مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا الَّتِي
هِيَ رُكْنٌ فِيهَا كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَإِنْ لَمْ
يَطْمَئِنَّ فِيهِ وَمِنْهُ أَنْ يَنْحَنِيَ الْجَالِسُ إلَى أَنْ
تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَا أَمَامَ رُكْبَتَيْهِ وَلَوْ لِتَحْصِيلِ
تَوَرُّكِهِ أَوْ افْتِرَاشِهِ الْمَنْدُوبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ
الْمُبْطِلَ لَا يُغْتَفَرُ لِلْمَنْدُوبِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي
فِي الِانْحِنَاءِ لِقَتْلِ نَحْوِ الْحَيَّةِ لِأَنَّ ذَاكَ لِخَشْيَةِ
ضَرَرِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الضَّرُورِيِّ وَسَيَأْتِي اغْتِفَارُ
الْكَثِيرِ الضَّرُورِيِّ فَالْأَوْلَى هَذَا لَا الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ
كَرَفْعِ الْيَدَيْنِ (بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَنْسَى) أَوْ يَجْهَلَ بِأَنْ
عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَتَعَمَّدَهُ لِتَلَاعُبِهِ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ
لَمْ يَضُرَّ فِعْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ لِنِسْيَانٍ أَوْ لِجَهْلٍ إنْ
عُذِرَ بِمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
اللَّعِبِ وَأَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْبُطْلَانِ بِهِ حِينَئِذٍ الْعِلْمُ
بِحُرْمَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَجْهَانِ) رَجَّحَ
الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُمَا التَّحْرِيمَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَذَا
بِهَامِشٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ كَمَا
يَقَعُ الْآنَ مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُنَادِيَ إنْسَانًا بَعِيدًا عَنْهُ
وَنَقَلَ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى م ر سُئِلَ عَنْ
التَّصْفِيقِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَأَجَابَ إنْ قَصَدَ
الرَّجُلُ بِذَلِكَ اللَّهْوَ أَوْ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ حَرُمَ
وَإِلَّا كُرِهَ انْتَهَى وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حِلُّ ضَرْبِ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى
وَلَوْ بِقَصْدِ اللَّعِبِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ طَرَبٍ ثُمَّ رَأَيْت
الْمَاوَرْدِيَّ وَالشَّاشِيَّ وَصَاحِبَيْ الِاسْتِقْصَاءِ وَالْكَافِي
أَلْحَقُوهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته وَأَنَّهُ
يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْقَضِيبِ وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْحِلُّ فَيَكُونُ
هَذَا كَذَلِكَ انْتَهَتْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ
عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِالتَّصْفِيقِ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَقِلَّ) إنْ أُرِيدَ بِالْقِلَّةِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ
لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ وَلَا يَتَوَالَى بَلْ لَا يَصِحُّ أَوْ مَا
يَشْمَلُ الثَّلَاثَ وَالْأَكْثَرَ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ الْقِلَّةِ
مَعَ عَدَمِ التَّوَالِي فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَضُرُّ
مُطْلَقًا) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم
وَاعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ
وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا وَتَوَالَى
وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ عِنْدَ حَاجَتِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا فِي
الْكِفَايَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ وَإِنْقَاذِ نَحْوِ
الْغَرِيقِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ
الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ إنْ كَانَتْ كَفُّهُ قَارَّةً كَمَا
سَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَارَّةً أَشْبَهَ تَحْرِيكَهَا
لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك وَقَدْ «أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - التَّصْفِيقَ حِينَ جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُ - يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» اهـ قَالَ ع
ش قَوْلُهُ م ر مَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا، وَكَذَا مِنْ الرَّجُلِ كَمَا
يَدُلُّ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالُهُ الْآتِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَهُوَ
قَوْلُهُ وَقَدْ أَكْثَرَ الصَّحَابَةُ إلَخْ وَقَوْلُهُ م ر وَزَادَ عَلَى
الثَّلَاثِ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِضَرْبِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ
وَقَوْلُهُ م ر فِيهَا أَيْ فِي مَسْأَلَةِ التَّصْفِيقِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْ غَيْرَ أَفْعَالِهَا) إلَى قَوْلِهِ بَلْ تَجِبُ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْهُ إلَى الْمَتْنِ
وَقَوْلَهُ لِأَجْلِ تَدَارُكٍ إلَى الْمُتَابَعَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ
كَانَ إلَخْ) الْأَوْلَى فَإِنَّ إلَخْ بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ كَزِيَادَةِ
رُكُوعٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تُجْزِئُهُ
فِيهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ
لِلْقِيَامِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوعًا
وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ مَتَى انْحَنَى حَتَّى خَرَجَ عَنْ
حَدِّ الْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ
إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِتَلَاعُبِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّجُودِ
اهـ ع ش أَقُولُ وَمَا تَرَجَّاهُ يَأْتِي آنِفًا فِي الشَّرْحِ مَا
يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ أَنْ يَنْحَنِيَ إلَخْ) فِيهِ
نَظَرٌ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الْجَمَالِ
الرَّمْلِيِّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ
زِيَادَةَ رُكُوعٍ انْتَهَى وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ لَا يَضُرُّ وُجُودُ
صُورَةِ الرُّكُوعِ فِي تَوَرُّكِهِ وَافْتِرَاشِهِ فِي التَّشَهُّدِ
خِلَافًا لِابْنِ حُجْرٌ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ لَا الَّتِي هِيَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الَّتِي هِيَ رُكْنٌ وَ
(قَوْلُهُ كَرَفْعِ الْيَدَيْنِ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكْثُرَ
وَيَتَوَالَى سم قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا أَنْ يَنْسَى) وَمِنْ ذَلِكَ مَا
لَوْ سَمِعَ الْمَأْمُومُ، وَهُوَ قَائِمٌ تَكْبِيرًا فَظَنَّ أَنَّهُ
إمَامُهُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ لِلْهَوِيِّ وَحَرَّكَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ
ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فَكَفَّ عَنْ الرُّكُوعِ فَلَا تَبْطُلُ
صَلَاتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ النِّسْيَانِ وَمِنْ ذَلِكَ
أَيْضًا مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ بِالْمَسْجِدِ فَسَمِعَ
الْمَأْمُومُ تَكْبِيرًا فَظَنَّهُ تَكْبِيرَ إمَامِهِ فَتَابَعَهُ ثُمَّ
تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فَيَرْجِعُ إلَى إمَامِهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا
فَعَلَهُ لِلْمُتَابَعَةِ لِعُذْرِهِ فِيهِ وَإِنْ كَثُرَ ع ش (قَوْلُهُ
بِأَنْ عَلِمَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ سم
(قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قُرْبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ
أَوْ الْبُعْدِ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ لَوْ فَعَلَ
مَا لَا يَقْتَضِي سُجُودَ سَهْوٍ فَظَنَّ أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ وَسَجَدَ
لَمْ تَبْطُلْ إنْ كَانَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَ وَالْأَكْثَرَ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ
الْقِلَّةِ مَعَ عَدَمِ التَّوَالِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا
يَضُرُّ مُطْلَقًا) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ وَإِنْقَاذِ نَحْوِ
الْغَرِيقِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ
الْأَصَابِعِ فِي مِسْبَحَةٍ أَوْ حَكٍّ إنْ كَانَتْ كَفُّهُ قَارَّةً
كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَفُّهُ قَارَّةً أَشْبَهَ
تَحْرِيكَهَا لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك ش م ر وَيُمْكِنُ أَنْ
يُفَرَّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَارِّ الِانْدِفَاعَ بِالْقَلِيلِ
فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَاقِلِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الدَّافِعَ يُصَلِّي
انْدَفَعَ عَنْهُ بِأَدْنَى إشَارَةٍ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ أَنْ يَنْحَنِيَ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لَا الَّتِي
هِيَ سُنَّةٌ) عَطْفٌ عَلَى الَّتِي هِيَ رُكْنٌ (قَوْلُهُ كَرَفْعِ
الْيَدَيْنِ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكْثُرَ وَيَتَوَالَى (قَوْلُهُ بِأَنْ
عَلِمَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ
(2/150)
إلَّا فِي زِيَادَةٍ لِأَجْلِ تَدَارُكٍ
فَيُعْذَرُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مِمَّا تَخْفَى أَوْ لِمُتَابَعَةِ
الْإِمَامِ بَلْ تَجِبُ حَتَّى تَبْطُلَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهُ
بِرُكْنَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِيمَا إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي
نَحْوِ الِاعْتِدَالِ لَكِنْ لَوْ سَبَقَهُ حِينَئِذٍ بِرُكْنٍ كَأَنْ
قَامَ مِنْ سَجْدَتِهِ الثَّانِيَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْجُلُوسِ
بَيْنَهُمَا تَابَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ لِفَوَاتِ الْمُتَابَعَةِ فِيمَا
فَرَغَ مِنْهُ الْإِمَامُ وَتُسَنُّ فِيمَا إذَا رَكَعَ قَبْلَهُ مَثَلًا
مُتَعَمِّدًا نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُ جُلُوسِهِ قَلِيلًا بِأَنْ
كَانَ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ مَا يَسَعُ
ذِكْرَهُ وَدُونَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ بَعْدَ هَوِيِّهِ وَقَبْلَ سُجُودِهِ
أَوْ عَقِبَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ سَلَامِ إمَامٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ
جُلُوسِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَثَلًا فَاتَهُ بِمُجَرَّدِهِ
بَلْ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ تَبْطُلُ
وَإِنْ لَمْ يَقُمْ كَمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ أَوْ فِي
الرَّابِعَةِ سَجَدَ وَلَا يَضُرُّ انْحِنَاؤُهُ مِنْ قِيَامِ الْفَرْضِ
وَإِنْ بَالَغَ فِيهِ لِقَتْلِ نَحْوِ حَيَّةٍ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ
كَخَشِنٍ أَوْ يَدِهِ فَانْتَقَلَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ رَفْعِ
رَأْسِهِ مُخْتَارًا لَهُ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ أَخْذًا مِنْ
قَوْلِهِمْ السَّابِقِ.
وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ تَحَامَلَ بِثِقَلِ رَأْسِهِ
أَمْ لَا لِوُجُودِ صُورَةِ سُجُودٍ فِي الْكُلِّ، وَهُوَ تَلَاعُبٌ
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا تَبْطُلُ بِسُجُودِهِ عَلَى يَدِهِ لِأَنَّهُ
كَلَا سُجُودٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَرُبَ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ
رَأْسَهُ قَلِيلًا ثُمَّ سَجَدَ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ فِعْلٌ
خَفِيفٌ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْ الْقَاضِي فِي
الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى جَبْهَتِهِ
بِثِقَلِ رَأْسِهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ وَإِنْ لَمْ
يَطْمَئِنَّ يَرُدُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَيُرَجِّحُ احْتِمَالَهُ
الْآخَرَ، وَهُوَ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ
فِي مَحَلِّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَوْ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي زِيَادَةٍ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ
بَطَلَتْ فَكَانَ حَقُّهُ الْعَطْفَ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ تَدَارُكٍ)
يُتَأَمَّلُ الْمُرَادُ بِهِ وَالتَّعْلِيلُ بِالْخَفَاءِ سم وَقِيلَ
الْمُرَادُ بِذَلِكَ رُكُوعُ الْمَسْبُوقِ إذَا لَمْ يَطْمَئِنَّ يَقِينًا
قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ
مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا اقْتَدَى
بِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَجِبُ (قَوْلُهُ سَبَقَهُ) أَيْ
سَبَقَ الْإِمَامُ مَأْمُومَهُ الْمَسْبُوقَ (قَوْلُهُ كَأَنْ قَامَ مِنْ
سَجْدَتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ
أَدْرَكَ مَسْبُوقٌ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ فَأَحْدَثَ
عَقِبَهَا لَمْ يَسْجُدْ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ
صَارَ مُنْفَرِدًا فَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ
فَيَبْطُلُ تَعَمُّدُهَا أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِمَنْعِهَا فِيمَا يَظْهَرُ
انْتَهَى اهـ. كُرْدِيٌّ وَفِي سم مَا يُوَافِقُهُ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ
كَأَنْ قَامَ مِنْ سَجْدَتِهِ إلَخْ أَيْ أَوْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
بَعْدَهَا بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ تَأَخُّرُهُ
عَنْهُ بِتَقْصِيرٍ سم (قَوْلُهُ وَتُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ سَلَامِ
إمَامٍ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ كَانَ إلَى
بَعْدَ هُوِيِّهِ (قَوْلُهُ وَتُسَنُّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَجِبُ
إلَخْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ
أَوْ عَقِبَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ إلَخْ) هَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ
بِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ السُّجُودِ سم (قَوْلُهُ أَوْ سَلَامِ إمَامِهِ فِي
غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ) تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ عَنْ م ر
أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْبُطْلَانُ بِزِيَادَةِ هَذَا الْجُلُوسِ عَلَى
قَدْرِ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ
بِخِلَافِهِ) أَيْ تَعَمُّدِ الْجُلُوسِ سم (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ) إلَى
قَوْلِهِ وَلَوْ سَجَدَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَزَادَ الثَّانِي
وَلَا فِعْلُهُ الْكَثِيرَ لَوْ صَالَتْ عَلَيْهِ وَتَوَقَّفَ دَفْعُهَا
عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ نَحْوِ حَيَّةٍ) كَالْعَقْرَبِ.
(قَوْلُهُ فَانْتَقَلَ عَنْهُ إلَخْ) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ
يَنْتَقِلْ بَلْ جَرَّ يَدَهُ حَتَّى وَصَلَتْ جَبْهَتُهُ لِلْأَرْضِ أَوْ
انْتَقَلَ بِدُونِ رَفْعِ رَأْسِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُ
ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ بَيْنَ طُولِ زَمَنِ
سُجُودِهِ عَلَى يَدِهِ قَبْلَ الْجَرِّ وَالِانْتِقَالِ وَبَيْنَ قَصْرِهِ
وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ الْمُبْطِلِ قَبْلَ
السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا
يُوَافِقُ مَا اسْتَظْهَرْته أَوَّلًا سم (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ
السَّابِقِ) أَيْ آنِفًا فِي شَرْحِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا (قَوْلُهُ
أَمْ لَا) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَلَوْ
سَجَدَ عَلَى خَشِنٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ لِئَلَّا تَنْجَرِحَ جَبْهَتُهُ
ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ عَلَى
الْخَشِنِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ فِي أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ لِلْقَاضِي
حُسَيْنٍ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَنَقَلَ
سم عَنْ الْكَنْزِ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) فِي
الْحُصُرِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ
السَّجْدَةِ عَلَى الْخَشِنِ (قَوْلُهُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ)
اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ
يَرُدُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ) فِي رَدِّهِ لَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ
تَحَقُّقُ الِاعْتِمَادِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ طُمَأْنِينَةٍ ثُمَّ
رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ذَكَرَ مَا يُوَافِقُ هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ لِأَجْلِ تَدَارُكٍ) يُتَأَمَّلُ الْمُرَادُ بِهِ وَالتَّعْلِيلُ
بِالْخَفَاءِ (قَوْلُهُ كَأَنْ قَامَ مِنْ سَجْدَتِهِ الثَّانِيَةِ) قَالَ
فِي ش عب وَلَوْ أَدْرَكَ مَسْبُوقٌ السَّجْدَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ
فَأَحْدَثَ عَقِبَهَا لَمْ يَسْجُدْ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأَصَحِّ؛
لِأَنَّهُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ صَارَ مُنْفَرِدًا فَهِيَ زِيَادَةٌ
مَحْضَةٌ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ تَعَمَّدَهَا أَيْ مَعَ الْعِلْمِ
بِمَنْعِهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ قَامَ مِنْ سَجْدَتِهِ الثَّانِيَةِ) أَوْ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ بَعْدَهَا بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي
الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ
بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَقِبَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ إلَخْ) مُرَادُ مَنْ
عَبَّرَ بِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ السُّجُودِ (قَوْلُهُ أَوْ سَلَامِ إمَامٍ
فِي غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ) تَقَدَّمَ آخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ عَنْ م
ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْبُطْلَانُ بِزِيَادَةِ هَذَا الْجُلُوسِ عَلَى
قَدْرِ طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ) أَيْ تَعَمُّدِ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ فَانْتَقَلَ
عَنْهُ لِغَيْرِهِ إلَخْ) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ بَلْ
جَرَّ يَدَهُ حَتَّى وَصَلَتْ جَبْهَتُهُ لِلْأَرْضِ أَوْ انْتَقَلَ
بِدُونِ رَفْعِ رَأْسِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَظَاهِرُ ذَلِكَ
أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ بَيْنَ طُولِ زَمَنِ سُجُودِهِ
عَلَى يَدِهِ قَبْلَ الْجَرِّ وَالِانْتِقَالِ وَبَيْنَ عَدَمِهِ وَفِيهِ
نَظَرٌ إذَا كَانَ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ الْمُبْطِلِ قَبْلَ السُّجُودِ
فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُ مَا
اسْتَظْهَرْته أَوَّلًا وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ تَحَامَلَ بِثِقَلِ رَأْسِهِ
أَمْ لَا) فِي كَنْزِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ مَا نَصُّهُ وَلَوْ سَجَدَ
عَلَى خَشِنٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ لِئَلَّا يَنْجَرِحَ ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا
لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ تَحَامَلَ عَلَى الْأَوْجَهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ
تَكْرِيرُ السُّجُودِ، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى يَدِهِ ثُمَّ رَفَعَهَا
وَوَضَعَ الْجَبْهَةَ عَلَى الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَحَامَلَ أَيْ
وَلَمْ يَطْمَئِنَّ وَإِلَّا حَصَلَ السُّجُودُ فَلَا يَعُودُ إلَّا
لِتَحْصِيلِ الرَّفْعِ الْوَاجِبِ لِانْصِرَافِهِ بِقَصْدِ الْفِرَارِ عَنْ
الِانْجِرَاحِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى يَدِهِ إلَخْ قَدْ
عَلِمْت مُخَالَفَةَ الشَّارِحِ فِيهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي) فِي
الْحَصْرِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ يَرُدُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ) فِي رَدِّهِ لَهُ نَظَرٌ؛
لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحَقُّقُ الِاعْتِمَادِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ
(2/151)
لِوُجُودِ صُورَةِ سُجُودِهِ فِي
مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا
مُخْتَارًا مَا لَوْ أَصَابَ جَبْهَتَهُ نَحْوُ شَوْكَةٍ فَرَفَعَ
فَإِنَّهُ لَا بُطْلَانَ بَلْ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ
كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ هَوَى لِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ فَلَهُ
تَرْكُهُ وَالْعَوْدُ لِلْقِيَامِ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ
نَسِيَ الرُّكُوعَ فَهَوَى لِيَسْجُدَ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَعَادَ إلَيْهِ
سَجَدَ لِلسَّهْوِ إنْ صَارَ لِلسُّجُودِ أَقْرَبَ لِأَنَّهُ لَوْ
تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ
تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ لِلسُّجُودِ أَقْرَبَ وَإِنْ
بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ وَوَجَّهَ بِأَنَّ الرُّكُوعَ هُنَا وَاجِبُ
الْمُصَلِّي وَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي مَحَلِّهِ فَلَمْ يَضُرَّ قَصْدُ
غَيْرِهِ بِهِ وَمَرَّ فِي مَبْحَثِ الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ
أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مُقَابِلِ مَا فِي الرَّوْضَةِ
السَّابِقِ اعْتِمَادُهُ وَتَوْجِيهُهُ ثَمَّ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ
أَنَّهُ لَا نَظَرَ مَعَ صَرْفِهِ هَوِيَّ الرُّكُوعِ لِغَيْرِهِ إلَى
وُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ وَخَرَجَ بِفِعْلٍ زِيَادَةُ قَوْلِي غَيْرِ
تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ الْمَفْعُولُ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا كَضَرْبٍ
وَمَشْيٍ (فَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِكَثِيرِهِ) فِي غَيْرِ صَلَاةِ
شِدَّةِ الْخَوْفِ وَنَقْلِ السَّفَرِ وَصِيَالِ نَحْوِ حَيَّةٍ عَلَيْهِ
كَأَنْ حَرَّكَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مَرَّاتٍ لِحَاجَةٍ وَذَلِكَ
لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا وَلَا تَدْعُو إلَيْهِ حَاجَةٌ غَالِبَةٌ
غَالِبًا (لَا قَلِيلِهِ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ
«كَحَمْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ بِنْتِ
بِنْتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عِنْدَ قِيَامِهِ
وَوَضْعِهَا عِنْدَ سُجُودِهِ وَخَلْعِهِ نَعْلَيْهِ وَأَمَرَ بِقَتْلِ
الْأَسْوَدَيْنِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ» وَإِنَّمَا أَبْطَلَ قَلِيلُ
الْقَوْلِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَسَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِخِلَافِ
الْفِعْلِ فَعُفِيَ عَنْهُ عَمَّا لَا يُخِلُّ بِالصَّلَاةِ
(وَالْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ يُعْرَفَانِ (بِالْعُرْفِ) الْمَأْخُوذِ
مِمَّا ذَكَرَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
النَّظَرَ سم (قَوْلُهُ لِوُجُودِ صُورَةِ سُجُودٍ) قَدْ يَدْفَعُهُ
قَوْلُهُ أَيْ الْبَعْضُ كَلَا سُجُودٍ سم (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ
فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ فَرَفَعَ) أَيْ إنْ كَانَ هَذَا الرَّفْعُ بَعْدَ سُجُودٍ
مُجْزِئٍ بِأَنْ تَحَامَلَ وَاطْمَأَنَّ فَقَدْ حَصَلَ السُّجُودُ
وَوُجُوبُ الْعَوْدِ حِينَئِذٍ لَيْسَ لِتَحْصِيلِ السُّجُودِ بَلْ
لِتَحْصِيلِ الرَّفْعِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّفْعُ قَبْلَ سُجُودٍ
مُجْزِئٍ بِأَنْ رَفَعَ قَبْلَ التَّحَامُلِ أَوْ الطُّمَأْنِينَةِ فَلَا
بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ مَعَ التَّحَامُلِ وَالطُّمَأْنِينَةِ اهـ
سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ هَوَى) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ هَوَى لِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ)
أَيْ حَتَّى وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ
وَالْعَوْدُ لِلْقِيَامِ) بَلْ عَلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ يَرْكَعُ ثَانِيًا
وَلَا يَقُومُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ هَوِيِّ الرُّكُوعِ ع ش (قَوْلُهُ:
لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا
بِالتَّعَمُّدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْإِتْيَانَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ؛
لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُبْطِلُ فَقَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا
يَضُرُّ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ
الْإِتْيَانَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لَكِنَّ هَذَا لَا يُوَافِقُهُ
قَوْلُهُ وَوَجَّهَ إلَخْ بَلْ ذَلِكَ التَّوْجِيهُ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَنْ
قَصَدَ السُّجُودَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ رَكَعَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ
يَرْكَعْ فَلْيُحَرَّرْ سم (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا) أَيْ مَا بَحَثَهُ
الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ عَلَى مُقَابِلِ مَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ
فَعَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ إذَا تَذَكَّرَ عَادَ إلَى الْقِيَامِ؛
لِأَنَّ الْهَوِيَّ بِقَصْدِ السُّجُودِ لَا يَقُومُ مَقَامَ هَوِيِّ
الرُّكُوعِ سم وَعِ ش.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَبِثَلَاثَةِ أَعْضَاءٍ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ شَرَعَ فِيهَا (قَوْلُهُ
زِيَادَةُ قَوْلِي إلَخْ) أَيْ زِيَادَةُ رُكْنِ قَوْلِي إلَخْ فَإِنَّهَا
لَا تَضُرُّ عَلَى النَّصِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي مُغْنِي
قَوْلُ الْمَتْنِ (بِكَثِيرِهِ) أَيْ وَلَوْ سَهْوًا مُغْنِي (قَوْلُهُ
وَصِيَالِ نَحْوِ حَيَّةٍ) أَيْ تَوَقَّفَ دَفْعُهَا عَلَيْهِ م ر اهـ سم
(قَوْلُهُ كَأَنْ حَرَّكَ إلَخْ) أَيْ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ إلَخْ
وَصِيَالِ إلَخْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ مُغْنِي (قَوْلُهُ
وَذَلِكَ) أَيْ الْبُطْلَانُ بِالْكَثِيرِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ الْمَتْنِ
(لَا قَلِيلِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ
وَيُسْتَحَبُّ الْفِعْلُ لِقَتْلِ نَحْوِ عَقْرَبٍ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ
ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ وَلَوْ فَتَحَ كِتَابًا وَفَهِمَ مَا فِيهِ أَوْ
قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ وَإِنْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانًا لَمْ تَبْطُلْ؛
لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ أَوْ غَيْرُ مُتَوَالٍ لَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَخَلْعِهِ نَعْلَيْهِ) وَوَضْعِهِمَا عَنْ
يَسَارِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَأَمْرِهِ بِقَتْلِ
الْأَسْوَدَيْنِ) أَيْ وَكَأَنْ قَالَ خَارِجَ الصَّلَاةِ «اُقْتُلُوا
الْأَسْوَدَيْنِ فِي صَلَاتِكُمْ» وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ
ذَلِكَ، وَهُوَ يُصَلِّي ع ش (قَوْلُهُ يُعْرَفَانِ) الْأَوْلَى
التَّأْنِيثُ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْعُرْفِ) فَمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ
قَلِيلًا كَنَزْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
طُمَأْنِينَةٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ذَكَرَ مَا يُوَافِقُ
هَذَا النَّظَرَ فَقَالَ وَلِلْقَاضِي احْتِمَالَانِ فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى
خَشِنٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا وَيَتَّجِهُ مِنْهُمَا
أَنَّهُ إنْ تَحَامَلَ بِثِقَلِ رَأْسِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ
زَادَ سُجُودًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ يُمْكِنُهُ الزَّحْفُ
بِجَبْهَتِهِ قَلِيلًا مِنْ غَيْرِ رَفْعِ رَأْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ
يُمْكِنْهُ ذَلِكَ أَوْ رَفَعَ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَلَا بُطْلَانَ بَلْ
يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ حَيْثُ وُجِدَ صَارِفٌ اهـ.
(قَوْلُهُ لِوُجُودِ إلَخْ) قَدْ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ كَلَا سُجُودٍ
(قَوْلُهُ فَرَفَعَ) إنْ كَانَ هَذَا الرَّفْعُ بَعْدَ سُجُودٍ مُجْزِئٍ
بِأَنْ تَحَامَلَ وَاطْمَأَنَّ فَقَدْ حَصَلَ السُّجُودُ وَوُجُوبُ
الْعَوْدِ حِينَئِذٍ لَيْسَ لِتَحْصِيلِ السُّجُودِ بَلْ لِتَحْصِيلِ
الرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ انْصَرَفَ عَنْ الْوَاجِبِ بِقَصْدِ
الْفِرَارِ مِنْ أَذَى الشَّوْكَةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّفْعُ قَبْلَ
سُجُودٍ مُجْزِئٌ بِأَنْ رَفَعَ قَبْلَ التَّحَامُلِ أَوْ الطُّمَأْنِينَةِ
فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْآخَرِ فَقَدْ تُوجَدُ
الطُّمَأْنِينَةُ بِلَا تَحَامُلٍ وَالتَّحَامُلُ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ
كَمَا أَنَّ السُّجُودَ بِمَعْنَى وَضْعِ الْجَبْهَةِ يَنْفَصِلُ عَنْهُمَا
إذْ يُمْكِنُ حُصُولُهُ بِدُونِهِمَا كَانَ وُجُوبُ الْعَوْدِ حِينَئِذٍ
لِتَحْصِيلِ السُّجُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ مَعَ
التَّحَامُلِ وَالطُّمَأْنِينَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَهُ)
لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالتَّعَمُّدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ
الْإِتْيَانَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُبْطِلُ
فَقَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ لَا
يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا أَنَّ تَعَمُّدَ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ
مَحَلِّهِ لَكِنَّ هَذَا لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ وَوَجَّهَ إلَخْ بَلْ
ذَلِكَ التَّوْجِيهُ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَنْ قَصَدَ السُّجُودَ لِظَنِّهِ
أَنَّهُ رَكَعَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ
عَلَى مُقَابِلِ مَا فِي الرَّوْضَةِ) فَعَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ إذَا
تَذَكَّرَ عَادَ إلَى الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الْهَوِيَّ بِقَصْدِ السُّجُودِ
لَا يَقُومُ مَقَامَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ)
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي
الْفِعْلِ الْمُحَقِّقِ لِلْكَثْرَةِ كَتَحْرِيكِ الرِّجْلِ لِلْخُطْوَةِ
الثَّالِثَةِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْكَثِيرَ ابْتِدَاءً فَتَبْطُلُ
بِالشُّرُوعِ فِيهِ كَالشُّرُوعِ فِي الْخُطْوَةِ الْأُولَى مِنْ ثَلَاثِ
خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ قَصَدَهَا ابْتِدَاءً.
(قَوْلُهُ نَحْوِ حَيَّةٍ) أَيْ تَوَقَّفَ دَفْعُهَا عَلَيْهِ م ر
(قَوْلُهُ لَا قَلِيلِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَالْقَلِيلُ مَكْرُوهٌ
(2/152)
فِي الْأَحَادِيثِ ثُمَّ فَصَّلَ الْعُرْفَ
بِذِكْرِ بَعْضِ الصُّوَرِ لِيُقَاسَ بِهِ بَاقِيهَا.
فَقَالَ (فَالْخُطْوَتَانِ) وَإِنْ اتَّسَعَتَا حَيْثُ لَا وَثْبَةَ (أَوْ
الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ) عُرْفًا لِحَدِيثِ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ نَعَمْ
لَوْ قَصَدَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً ثُمَّ فَعَلَ وَاحِدَةً أَوْ شَرَعَ
فِيهَا بَطَلَتْ كَمَا يَأْتِي (وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ إنْ تَوَالَتْ)
اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ خَطْوَةٍ مُغْتَفَرَةٍ أَوْ
بِثَلَاثَةِ أَعْضَاءَ كَتَحْرِيكِ يَدَيْهِ وَرَأْسِهِ مَعًا بِخِلَافِ
مَا إذَا تَفَرَّقَتْ بِأَنْ عُدَّ عُرْفًا انْقِطَاعُ الثَّانِي عَنْ
الْأَوَّلِ وَحَدُّ الْبَغَوِيّ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ
رَكْعَةٍ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ شَكَّ فِي فِعْلٍ
أَقَلِيلٌ هُوَ أَوْ كَثِيرٌ فَكَالْقَلِيلِ وَالْخَطْوَةُ بِفَتْحِ
الْخَاءِ الْمَرَّةُ وَبِضَمِّهَا مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ وَقَضِيَّةُ
تَفْسِيرِ الْفَتْحِ الْأَشْهَرُ هُنَا بِالْمَرَّةِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ
الثَّانِيَ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا حُصُولُهَا بِمُجَرَّدِ نَقْلِ الرِّجْلِ
لِأَمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا نَقَلَ الْأُخْرَى حُسِبَتْ أُخْرَى
وَهَكَذَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِنْ جَرَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
وَغَيْرِهِ عَلَى خِلَافِهِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ جَعْلُهُمْ حَرَكَةَ
الْيَدَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ أَوْ الْمَعِيَّةِ مَرَّتَيْنِ
مُخْتَلِفَتَيْنِ فَكَذَا الرِّجْلَانِ.
(وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) لِمُنَافَاتِهَا لِلصَّلَاةِ
لِأَنَّ فِيهَا انْحِنَاءً بِكُلِّ الْبَدَنِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ لَنَا
وَثْبَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ
الِانْحِنَاءُ فَلَا تَضُرُّ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ لَكِنْ قَالَ
غَيْرُ وَاحِدٍ إنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَاحِشَةً وَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ
مُطْلَقًا وَأُلْحِقَ بِهَا نَحْوُهَا كَالضَّرْبَةِ الْمُفْرِطَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
خُفٍّ وَلُبْسِ ثَوْبٍ خَفِيفٍ فَغَيْرُ ضَارٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ فِي الْأَحَادِيثِ) أَيْ الْمَارَّةِ آنِفًا قَوْلُ الْمَتْنِ
(أَوْ الضَّرْبَتَانِ) أَيْ الْمُتَوَسِّطَتَانِ مُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ
لَوْ قَصَدَ إلَخْ) وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ إذَا أَتَى
بِهِ عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِحَرْفَيْنِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي،
وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ وَاعْتَمَدَهُ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ وَالثَّلَاثُ)
أَيْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ كَتَحْرِيكِ يَدَيْهِ وَرَأْسِهِ مَعًا) يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ
لِذَلِكَ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ لِلتَّحَرُّمِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ
الِاعْتِدَالِ فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا حَرَّكَ
رَأْسَهُ حِينَئِذٍ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ
وَفِيهِ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى لَكِنْ اغْتَفَرَ الْجَمَّالُ
الرَّمْلِيُّ أَيْ وَالْخَطِيبُ تَوَالِي التَّصْفِيقِ وَالرَّفْعِ فِي
صَلَاةِ الْعِيدِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَرَكَةَ الْمَطْلُوبَةَ لَا
تُعَدُّ فِي الْمُبْطِلِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي مَخْرَمَةَ مَا يُوَافِقُهُ
كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فِي
الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَحَدُّ الْبَغَوِيّ إلَى وَلَوْ
شَكَّ (قَوْلُهُ انْقِطَاعُ الثَّانِي) أَيْ مَثَلًا وَ (قَوْلُهُ عَنْ
الْأَوَّلِ) أَيْ أَوْ عَنْ الثَّالِثِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ
الْأَشْهَرُ) أَيْ الْفَتْحُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الثَّانِيَ) أَيْ
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْخُطْوَةَ بِضَمِّ الْخَاءِ
(قَوْلُهُ حُصُولُهَا إلَخْ) خَبَرٌ وَقَضِيَّةُ إلَخْ وَالضَّمِيرُ
لِلْخَطْوَةِ بِفَتْحِ الْخَاءِ (قَوْلُهُ فَإِذَا نَقَلَ الْأُخْرَى
إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ سَاوَى بِهَا الْأُولَى أَوْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا
أَمْ أَخَّرَهَا عَنْهَا إذْ الْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ الْفِعْلِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ نَقْلِ الرِّجْلِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ
رَفَعَ رِجْلَهُ لِجِهَةِ الْعُلْوِ ثُمَّ لِجِهَةِ السُّفْلِ أَنْ يُعَدَّ
ذَلِكَ خُطْوَتَيْنِ م ر اهـ سم أَقُولُ وَفِي ع ش عَنْ م ر خِلَافُهُ
وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِ مَا فِي سم عَنْ الْحَلَبِيِّ
مَا نَصُّهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ ذَلِكَ خُطْوَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا
يُؤْخَذُ مِنْ الزِّيَادِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ ع ش وَقَرَّرَهُ الْحِفْنِيُّ
اهـ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) اعْتَمَدَهُ
النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ
عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ أَنَّ الْمَجْمُوعَ خَطْوَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ
ذَلِكَ) أَيْ إنْ نَقَلَ الْأُخْرَى خُطْوَةً ثَانِيَةً.
قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) أَفْتَى شَيْخُنَا
الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ
الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا سم عَلَى حَجّ وَلَيْسَ مِنْ حَرَكَةِ
جَمِيعِ الْبَدَنِ مَا لَوْ مَشَى خُطْوَتَيْنِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا،
وَكَذَا تَحْرِيكُ كُلِّ الْبَدَنِ أَوْ مُعْظَمِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ
نَقْلِ قَدَمَيْهِ اهـ.
وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْرِيكُ الْكُلِّ أَوْ الْمُعْظَمِ
(قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّقْيِيدِ بِالْفَاحِشَةِ أَوْ
بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي
لَيْسَ فِيهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ شَامِلَةٌ لِمَا مَعَهَا
ارْتِفَاعٌ عَنْ الْأَرْضِ فِي الْهَوَاءِ نَحْوُ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ
وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ تَوَقُّفِ
الْبُطْلَانِ عَلَى الِانْحِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ
حَمَلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَفَعَهُ عَنْ الْأَرْضِ
فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ ضَرَرِ ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ الِارْتِفَاعُ سم
عِبَارَةُ ع ش قَالَ م ر فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَثْبَةِ مَا
لَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ انْتَهَى
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ حَمْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ
الشُّرُوطُ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ
مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ
(فَرْعٌ) فَعَلَ مُبْطِلًا كَوَثْبَةٍ قَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرَةِ
الْإِحْرَامِ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ
بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ
أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ وِفَاقًا لِ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَ فِيهَا انْحِنَاءٌ بِكُلِّ
الْبَدَنِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ أُذُنِهِ إلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَا فِي مَنْدُوبٍ كَقَتْلِ حَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ اهـ. وَقَوْلُهُ
وَالْقَلِيلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي يُبْطِلُ
كَثِيرُهُ إذَا تَعَمَّدَهُ بِلَا حَاجَةٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَصَدَ
ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَتَرَدَّدَ
الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا لَوْ نَطَقَ بِحَرْفٍ غَيْرِ مُفْهِمٍ وَنَوَى
النُّطْقَ بِأَكْثَرَ قَالَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْفِعْلَ
أَغْلَظُ اهـ. وَالْفَرْقُ أَوْجَهُ اهـ مَا فِي الْعُبَابِ وَالْأَوْجَهُ
عَدَمُ الْفَرْقِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ دَعْوَى أَنَّ
الْفِعْلَ أَغْلَظُ أَنَّ النُّطْقَ أَضْيَقُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ
وَجْهٍ بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ بِتَعَمُّدِ قَلِيلِهِ دُونَ قَلِيلِ
الْفِعْلِ فَإِنَّ تَعَمُّدَ الْحَرْفَيْنِ مُبْطِلٌ دُونَ تَعَمُّدِ
الْفِعْلَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ نَقْلِ الرِّجْلِ
لِأَمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ رَفَعَ رِجْلَهُ لِجِهَةِ
الْعُلْوِ ثُمَّ لِجِهَةِ السُّفْلِ أَنْ يُعَدَّ ذَلِكَ خُطْوَتَيْنِ م ر.
(قَوْلُهُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ
الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ
الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ)
أَيْ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّتِي لَيْسَ
فِيهَا ذَلِكَ شَامِلَةٌ لِمَا مَعَهَا ارْتِفَاعٌ عَنْ الْأَرْضِ فِي
الْهَوَاءِ نَحْوُ خَمْسَةٍ أَوْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ
فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْبُطْلَانِ عَلَى
الِانْحِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ
بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَفَعَهُ عَنْ الْأَرْضِ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ فِيهِ
نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الضَّرَرِ وَإِنْ زَادَ
(2/153)
(لَا) الْفِعْلِ الْمُلْحَقِ بِالْقَلِيلِ
نَحْوُ (الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ
أَصَابِعِهِ) مَعَ قَرَارِ كَفِّهِ (فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي
الْأَصَحِّ) وَمِثْلُهَا تَحْرِيكُ نَحْوِ جَفْنِهِ أَوْ شَفَتِهِ أَوْ
لِسَانِهِ أَوْ ذَكَرِهِ أَوْ أُذُنِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ اضْطِرَابٍ
فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَحَالِّهَا الْمُسْتَقِرَّةِ
كَالْأَصَابِعِ فِيمَا ذَكَرَ وَلِذَلِكَ بَحَثَ أَنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ
إنْ كَانَتْ مَعَ تَحْوِيلِهِ عَنْ مَحَلِّهِ أَبْطَلَ ثَلَاثٌ مِنْهَا،
وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَمَّا إذَا حَرَّكَهَا مَعَ الْكَفِّ ثَلَاثًا
مُتَوَالِيَةً فَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ إلَّا لِنَحْوِ حِكَّةٍ لَا يَصْبِرُ
مَعَهَا عَلَى عَدَمِهِ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ
عَلَيْهِ عَادَةً وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِحَرَكَةٍ
اضْطِرَارِيَّةٍ يَنْشَأُ عَنْهَا عَمَلٌ كَثِيرٌ سُومِحَ فِيهِ وَمَرَّ
فِيمَنْ اُبْتُلِيَ بِسُعَالٍ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَذَهَابِ
الْيَدِ وَعَوْدِهَا أَيْ عَلَى التَّوَالِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَرَّةً
وَاحِدَةً، وَكَذَا رَفْعُهَا ثُمَّ وَضْعُهَا لَكِنْ عَلَى مَحَلِّ
الْحَكِّ وَمِنْ الْقَلِيلِ قَتْلُهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ
جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ
دَمِهَا وَيَحْرُمُ رَمْيُهَا فِي الْمَسْجِدِ مَيِّتَةً وَقَتْلُهَا فِي
أَرْضِهِ وَإِنْ قَلَّ دَمُهَا لِأَنَّ فِيهِ قَصْدَهُ بِالْمُسْتَقْذَرِ
وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا أَوْ دَفْنُهَا فِيهِ حَيَّةً فَظَاهِرُ فَتَاوَى
الْمُصَنِّفِ حِلُّهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْفُلُونَ فِي
الْمَسْجِدِ وَيَدْفِنُونَ الْقَمْلَ فِي حَصَاهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ
الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَيُؤَيِّدُهُ
الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْقَمْلَةَ فِي
الْمَسْجِدِ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ
الْمَسْجِدِ» وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ مَدْرَكًا لِأَنَّ مَوْتَهَا فِيهِ
وَإِيذَاءَهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَمَّا إذَا وَإِلَى قَوْلُهُ وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا
مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ لَا الْفِعْلِ الْمُلْحَقِ بِالْقَلِيلِ إلَخْ)
لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنَقَلَ سم عَنْ
الْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ الْكُرْدِيُّ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ
عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ اهـ. وَقَالَ ع ش بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ سم
الْمَذْكُورِ وَالْكَرَاهَةُ هِيَ الْقِيَاسُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافٍ
مُقَابِلِ الْأَصَحِّ اهـ.
(قَوْلُهُ نَحْوُ الْحَرَكَاتِ إلَخْ) وَلَوْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ
أَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ
الطَّيْرِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ حَرْفَانِ
لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ
ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَا فَعَلَهُ
لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ نِهَايَةٌ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ ع
ش قَوْلُهُ م ر أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا
أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ
وَاعْوِجَاجُهُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ سم عَلَى حَجّ
اهـ أَقُولُ الْإِشْكَالُ قَوِيٌّ وَاحْتِمَالُ الْبُطْلَانِ هُوَ
الظَّاهِرُ لِظُهُورِ مُنَافَاةِ الصَّوْتِ الْمَذْكُورِ لِلصَّلَاةِ
كَالْوَثْبَةِ وَالضَّرْبَةِ الْمُفَرِّطَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ
مِثْلُ الْأَصَابِعِ أَيْ تَحْرِيكُهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَيُمْكِنُ
رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلتَّحْرِيكِ وَاكْتَسَبَ الْجَمْعِيَّةَ مِنْ
الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ تَحْرِيكُ نَحْوِ جَفْنِهِ إلَخْ) أَيْ
وَنَحْوُ حَلٍّ وَعَقْدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ أَوْ لِسَانِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا بِإِخْرَاجِ
لِسَانِهِ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ
اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ
الْبَصْرِيِّ لِيُتَأَمَّلَ تَرْتِيبُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ
بَحَثَ إلَخْ) تَقَدَّمَ خِلَافُهُ عَنْ النِّهَايَةِ وَفِي الْكُرْدِيِّ
عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ قَوْلُهُ وَاللِّسَانُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَفَتْحِ
الْجَوَّادِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَيْ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ بَيْنَ أَنْ
يُخْرِجَهُ إلَى خَارِجِ الْفَمِ أَوْ يُحَرِّكَهُ فِي دَاخِلِهِ
وَاعْتَمَدَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ وَمَالَ الشَّارِحِ فِي
الْإِيعَابِ إلَى الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ وَأَفْتَى شَيْخُ
الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنْ حَرَّكَهُ بِلَا تَحْوِيلٍ
لَمْ تَبْطُلْ اهـ. وَقَوْلُهُ فِي الْإِيعَابِ إلَخْ أَيْ وَالتُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ سُومِحَ فِيهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْلُ مِنْهُ زَمَنٌ يَسَعُ
الصَّلَاةَ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي السُّعَالِ ع ش وَسَمِّ
(قَوْلُهُ وَمَرَّ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّ مَا
ذَكَرَ فِي نَحْوِ الْحِكَّةِ مَا إذَا لَمْ تَخْتَصَّ بِبَعْضِ الْوَقْتِ
وَإِلَّا انْتَظَرَ الْخُلُوَّ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ عَلَى مَحَلِّ
الْحَكِّ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ خَاصٌّ بِمَا بَعْدُ،
وَكَذَا وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ
فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْقَلِيلِ) إلَى قَوْلِهِ
وَيَحْرُمُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا مَسَّهُ (قَوْلُهُ
لِنَحْوِ قَمْلَةٍ) وَمِنْ النَّحْوِ الْبُرْغُوثُ (قَوْلُهُ قَلِيلٌ مِنْ
دَمِهَا) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِنْ بَيَانِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً إذْ
دَمُهَا كُلُّهَا قَلِيلٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ رَشِيدِيٍّ أَقُولُ وَيُغْنِي
عَنْ ذَلِكَ حَمْلُ الْقَمْلَةِ عَلَى الْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالْكَثِيرِ.
(قَوْلُهُ تَحْرِيمُهُ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وَيَحْرُمُ
إلْقَاءُ نَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً وَلَا
يَحْرُمُ إلْقَاؤُهَا خَارِجَهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيَحْرُمُ
إلْقَاءُ نَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ
تُرَابِيًّا وَمِنْ النَّحْوِ الْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا
لَوْ كَانَ مُنْشَؤُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ وَصَلَ
إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَوَامِّ الْمَسْجِدِ إعَادَتُهُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ م
ر وَإِنْ كَانَتْ حَيَّةً أَيْ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَمُوتَ فِيهِ أَوْ
تُؤْذِيَ مَنْ بِهِ بِخِلَافِ إلْقَائِهَا خَارِجَهُ بِلَا أَذًى
لِغَيْرِهَا وَمِثْلُ إلْقَائِهَا مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ مَثَلًا
وَقَدْ عَلِمَ خُرُوجَهَا مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ ع ش (قَوْلُهُ
وَالْأَوَّلُ) أَيْ الْحِلُّ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ) فِيهِ أَنَّ
إلْقَاءَهَا فِيهِ مَظِنَّةُ مَوْتِهَا فِيهِ م ر اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الِارْتِفَاعُ (قَوْلُهُ نَحْوُ الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ إلَخْ) قَالَ
فِي الرَّوْضِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ أَيْ تَرْكُ مَا ذَكَرَ مِنْ
الْفِعْلَاتِ الْخَفِيفَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ
وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَتِهِ،
وَهُوَ غَرِيبٌ اهـ وَلَوْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ أَوْ صَهَلَ
كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ مِنْ الطَّيْرِ
وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ
وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ
جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَا فَعَلَهُ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا
مَرَّ م ر.
(قَوْلُهُ إلَّا لِنَحْوِ حِكَّةٍ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْمَفْرُوضُ
مَعَ الْكَثْرَةِ وَالتَّوَالِي بِالْبُطْلَانِ فِي سُعَالِ الْمَغْلُوبِ
إذَا كَثُرَ وَتَوَالَى كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفِعْلُ
أَوْسَعُ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ يُقَالَ إنَّمَا نَظِيرُ مَا هُنَا
الْمُبْتَلَى بِالسُّعَالِ الْمَارِّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ،
وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ اسْتِوَاءَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ فِي أَنَّهُ إذَا
كَانَ لَهُ حَالٌ يَخْلُو مِنْهَا عَنْ ذَلِكَ تَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ
خُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ انْتِظَارِهَا (قَوْلُهُ
وَمَرَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّ الْمُسَامَحَةِ إذَا
اسْتَغْرَقَتْ الْوَقْتَ وَإِلَّا انْتَظَرَ زَمَنَ الْخُلُوِّ عَنْهَا
وَأَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ فِي نَحْوِ الْحِكَّةِ مَا إذَا لَمْ يَخْتَصَّ
بِبَعْضِ الْوَقْتِ وَإِلَّا انْتَظَرَ الْخُلُوَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ
مَوْتَهَا فِيهِ
(2/154)
بَلْ وَلَا غَالِبٍ وَلَا يُقَالُ
رَمْيُهَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا لِأَنَّهَا تَعِيشُ بِالتُّرَابِ مَعَ
أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً كَدَفْنِهَا وَهِيَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ
إيذَائِهَا لَوْ تُرِكَتْ بِلَا رَمْيٍ أَوْ بِلَا دَفْنٍ.
(وَسَهْوُ الْفِعْلِ) أَوْ الْجَهْلُ بِحُرْمَتِهِ وَإِنْ عُذِرَ بِهِ
(كَعَمْدِهِ) وَعِلْمِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيُبْطِلُ مَعَ الْكَثْرَةِ
أَوْ الْفُحْشِ لِنُدْرَتِهِ فِيهَا وَلِقَطْعِهِ النَّظْمَ بِخِلَافِ
الْقَوْلِ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ بَيْنَ سَهْوِهِ وَعَمْدِهِ وَمَشْيُهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ
يَحْتَمِلُ التَّوَالِيَ وَعَدَمَهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ
(وَتَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْأُكْلِ) أَيْ الْمَأْكُولِ أَيْ بِوُصُولِهِ
لِلْجَوْفِ وَلَوْ مَعَ إكْرَاهٍ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ لَهَا مَعَ
نُدْرَتِهِ أَمَّا الْمَضْغُ نَفْسُهُ فَلَا يُبْطِلُ قَلِيلُهُ
كَبَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ
(تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى تَفْسِيرِ الْأُكْلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ بِضَمِّ
الْهَمْزَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
(قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا) لِلصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا
تَحْرِيمَهُ) فِيهَا وَعُذِرَ بِمَا مَرَّ فَلَا يُبْطِلُ قَطْعًا
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِخِلَافِ كَثِيرِهِ عُرْفًا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ
وَإِنَّمَا لَمْ يُبْطِلْ الصَّوْمَ لِأَنَّهُ لَا هَيْئَةَ تُذْكَرُ ثَمَّ
بِخِلَافِهِ هُنَا فَكَانَ التَّقْصِيرُ هُنَا أَتَمَّ وَإِذَا تَقَرَّرَ
أَنْ يَسِيرَ الْمَأْكُولِ يَضُرُّ تَعَمُّدُهُ لَا نَحْوُ نِسْيَانِهِ
فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِعْلٌ قَلِيلٌ أَوْ لَا (فَلَوْ
كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّازِمِ
(ذَوْبَهَا) أَوْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
سم (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا غَالِبٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ
إيذَاؤُهَا حَرُمَ إلْقَاؤُهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ خِلَافًا لِمَا صَمَّمَ
عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا قَصَدَ إيذَاءَ الْغَيْرِ
انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ تَعَمُّدُ الْفِعْلِ
الْمُؤْذِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُؤْذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ
الْإِيذَاءَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَحْوِ
الشَّارِعِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا حُرْمَةَ
التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ سم (قَوْلُهُ وَهِيَ
الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الرَّمْيَ فِي
الْمَسْجِدِ مَظِنَّةُ إيذَائِهَا مَنْ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ع ش.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَسَهْوُ الْفِعْلِ) أَيْ الْمُبْطِلِ نِهَايَةٌ
وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ الْجَهْلُ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ
فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ
وَغَيْرُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِنُدْرَتِهِ) أَيْ السَّهْوِ
مُغْنِي.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَثِيرَ الْقَوْلِ
مُبْطِلٌ مَعَ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ
يُقَالَ كَثِيرُ الْقَوْلِ الْمُبْطِلُ مُطْلَقًا غَيْرُ كَثِيرِ الْفِعْلِ
الْمُبْطِلِ كَذَلِكَ سم (قَوْلُهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ)
أَيْ وَالِاحْتِمَالُ يُبْطِلُهَا ع ش وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ
قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَهُوَ
خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ
تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ يَعُودُ
إلَيْهَا وَيَفْعَلُهُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ
السَّلَامِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ
فَقَوْلُهُمْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ
بِفِعْلٍ كَثِيرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ بَلْ الْخُرُوجُ مِنْ
الْمَسْجِدِ لَا يَتَأَتَّى بِدُونِ ذَلِكَ خُصُوصًا وَلَمْ يُقَيِّدُوا
ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ بَابِ الْمَسْجِدِ فَلْيُرَاجَعْ
وَلْيُحَرَّرْ اهـ. عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي مَسْأَلَةِ تَيَقُّنِ تَرْكِ
شَيْءٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا اهـ وَعِبَارَةُ
الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ فِيهَا قَوْلُهُ إنْ قَصُرَ زَمَنُهُ
قَالَ الْخَطِيبُ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ
انْتَهَى قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَيْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ كَثِيرٍ مُتَوَالٍ
كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى اهـ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ
اغْتِفَارِ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِقَلِيلِ الْأُكْلِ) أَيْ عُرْفًا وَلَا
يَتَقَيَّدُ بِنَحْوِ السِّمْسِمَةِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَصَلَ مُفْطِرٌ
جَوْفَهُ كَبَاطِنِ أُذُنٍ وَإِنْ قَلَّ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْمَأْكُولِ) أَيْ وَالْمَشْرُوبِ وَلَوْ مِنْ الرِّيقِ
الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ) إلَى قَوْلِ
الْمَتْنِ ذَوْبهَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ بِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ
بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ
بِقَلِيلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا
أَوْ جَاهِلًا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ
مُفَرَّقًا اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا هَيْئَةَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَصْلُحُ فَرْقًا
لِلنَّاسِي دُونَ الْجَاهِلِ وَالْفَرْقُ الصَّالِحُ لِذَلِكَ أَنَّ
الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ وَالْفِعْلُ الْكَثِيرُ يَقْطَعُ
نَظْمَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ كَفٌّ مُغْنِي وَشَيْخُنَا
(قَوْلُهُ لَا نَحْوُ نِسْيَانِهِ) أَدْخَلَ بِالنَّحْوِ الْجَهْلَ
(قَوْلُهُ بِكَسْرِ اللَّازِمِ) وَحُكِيَ فَتْحُهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ أَوْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
فَبَلَعَ إلَخْ وَضَمِيرُ مَجُّهُ لِذَوْبِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَمْكَنَهُ
مَجُّهُ فَقَصَّرَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي
الطَّعَامِ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَعَجْزُهُ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ أَوْ
نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش
قَوْلُهُ م ر وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ إلَخْ أَيْ أَمَّا مُجَرَّدُ
الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ الْبَاقِي بَعْدَ شُرْبِ نَحْوِ الْقَهْوَةِ
مِمَّا يُغَيِّرُ لَوْنَ رِيقِهِ أَوْ طَعْمِهِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا
يَضُرُّ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اللَّوْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَسَبَهُ
الرِّيقُ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ لِلْأَسْوَدِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي
طَهَارَةِ الْمَاءِ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ وَقَوْلُهُ م ر وَلَمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إلَخْ) إلْقَاؤُهَا فِيهِ مَظِنَّةَ مَوْتِهَا م ر (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا
غَالِبٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ إيذَاؤُهَا حَرُمَ
إلْقَاؤُهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِمَا صَمَّمَ عَلَيْهِ م ر
أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ قَصَدَ إيذَاءَ الْغَيْرِ اهـ وَفِيهِ
نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ تَعَمُّدُ الْفِعْلِ
الْمُؤْذِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُؤْذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ
الْإِيذَاءَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَحْوِ
الشَّارِعِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا حُرْمَةَ
التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَفِي الْعُبَابِ فِي
أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَيُبَاحُ النَّوْمُ
وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهَا إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ، وَكَذَا
الْوُضُوءُ اهـ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ قَالَ
الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَقَوْلُهُ، وَكَذَا الْوُضُوءُ
قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَمَّا مَعَ
التَّأَذِّي بِهِ فَيَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ وَلَمْ
يُقَيِّدْ أَحَدٌ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا
بِقَصْدِ الْإِيذَاءِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ) فِيهِ أَنَّ كَثِيرَ الْقَوْلِ مُبْطِلٌ
مَعَ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا
أَنْ يُقَالَ كَثِيرُ الْقَوْلِ الْمُبْطِلُ مُطْلَقًا غَيْرُ كَثِيرِ
الْفِعْلِ الْمُبْطِلِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ) يُفِيدُ
أَنَّ كَثِيرَ الْمَأْكُولِ يُبْطِلُ؛ لِأَنَّهُ
(2/155)
فَقَصَّرَ فِي تَرْكِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ
نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ رَأْسِهِ إلَى حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ فَمِهِ
نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ هُنَا أَنْ
يَكُونَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ
فَتَعْبِيرُهُ بِبَلَعَ الْمُشْعِرُ بِالْقَصْدِ وَالتَّعَمُّدِ أَوْلَى
مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِتَسُوغُ وَتَذُوبُ أَيْ تَنْزِلُ لِجَوْفِهِ
بِلَا فِعْلٍ لِإِيهَامِهِ الْبُطْلَانَ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ
(بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ الْمُبْطِلِ أَيْضًا الْبَقَاءُ فِي رُكْنٍ مَثَلًا شَكَّ
فِي فِعْلِ رُكْنٍ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ
فَوْرًا كَمَا مَرَّ وَقَصْدُ مُصَلِّي فَرْضٍ جَالِسًا بَعْدَ سَجْدَتِهِ
الْأُولَى الْجُلُوسَ لِلْقِرَاءَةِ مَعَ التَّعَمُّدِ وَإِلَّا حُسِبَ
جُلُوسُهُ عَمَّا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ
الْقَصْدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الرُّكُوعِ
وَقَلْبُ الْفَرْضِ نَفْلًا إلَّا لِعُذْرٍ كَإِدْرَاكِ جَمَاعَةٍ
وَالشَّكُّ فِي نِيَّةِ التَّحَرُّمِ أَوْ شَرْطٌ لَهَا مَعَ مُضِيِّ
رُكْنٍ أَوْ طُولُ زَمَنٍ أَوْ مَعَ قِصَرِهِ وَلَمْ يَعُدَّ مَا قَرَأَهُ
فِيهِ وَخَرَجَ بِالشَّكِّ ظَنُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِهَا كَفَرْضٍ آخَرَ
أَوْ نَفْلٍ وَإِنْ أَتَمَّهَا مَعَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَنِيَّةُ
قَطْعِهَا، وَلَوْ مُسْتَقْبَلًا أَوْ التَّرَدُّدُ فِيهِ أَوْ تَعْلِيقُهُ
عَلَى شَيْءٍ وَلَوْ مُحَالًا عَادِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمُنَافَاتِهِ
الْجَزْمَ بِالنِّيَّةِ الْمُشْتَرَطِ دَوَامُهُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى
أَفْعَالٍ مُتَغَايِرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ وَهِيَ لَا تَنْتَظِمُ إلَّا بِهِ
وَبِهِ فَارَقَ الْوُضُوءَ وَالصَّوْمَ وَالِاعْتِكَافَ وَالنُّسُكَ وَلَا
يَضُرُّ نِيَّةُ مُبْطِلٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي
الْجَزْمَ بِخِلَافِ نَحْوِ تَعْلِيقِ الْقَطْعِ فَمُنَافِي النِّيَّةِ
مُؤَثِّرٌ حَالًا وَمُنَافِي الصَّلَاةِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ
وُجُودِهِ.
(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) أَنْ يَتَوَجَّهَ (إلَى جِدَارٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا أَيْ أَوْ أَمْكَنَهُ وَنَسِيَ كَوْنَهُ فِي
صَلَاةٍ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ ابْتِلَاعِهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَقَصَّرَ فِي
تَرْكِهِ) أَيْ فَنَزَلَ بِنَفْسِهِ إلَى جَوْفِهِ (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا
يَأْتِي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي
ثُمَّ فِيمَا لَوْ وَضَعَ نَحْوَ السُّكَّرَةِ فِي فَمِهِ بِلَا حَاجَةٍ
فَذَابَتْ وَنَزَلَتْ إلَى جَوْفِهِ فَرَاجِعْهُ سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا
بَدَلَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا
أَبْطَلَ الصَّوْمَ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ غَالِبًا وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا
غَالِبًا مَا لَوْ أَكَلَ قَلِيلًا نَاسِيًا فَظَنَّ الْبُطْلَانَ ثُمَّ
أَكَلَ قَلِيلًا عَامِدًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ
كَانَ مِنْ حَقِّهِ الْإِمْسَاكُ وَإِنْ ظَنَّ الْبُطْلَانَ فَلَمَّا
أَكَلَ بَطَلَ صَوْمُهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ؛
لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِظَنِّهِ الْبُطْلَانَ وَلَا إمْسَاكَ فِيهَا وَفِي ع
ش مَا يُوَافِقُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ
مَجْمُوعُ الْآكِلِينَ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ الْكَثِيرَ مُبْطِلٌ
هُنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَوْ قَصَّرَ إلَخْ) أَيْ مُقَصِّرًا فَهُوَ
مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْمُتَضَمَّنِ بِمَعْنَاهُ كَمَا
فِي {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96] .
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ
نُدْرَتِهِ
(قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ سُنَّةً (قَوْلُهُ شَكَّ فِي فِعْلِ إلَخْ)
أَيْ إذَا شَكَّ إلَخْ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ نَعْتًا لِرُكْنٍ (قَوْلُهُ
إلَيْهِ) أَيْ الْمَتْرُوكِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الرُّكْنِ
الثَّالِثَ عَشَرَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَصْدُ إلَخْ) كَأَقْوَالِهِ
الْآتِيَةِ وَقَلْبُ إلَخْ وَالشَّكُّ إلَخْ وَنِيَّةُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى
قَوْلِهِ الْبَقَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ مُصَلِّي فَرْضٍ إلَخْ) يُفْهَمُ
عَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا وَفِي الْفَرْضِ قَائِمًا
فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بَعْدَ سَجْدَتِهِ) ظَرْفٌ لِلْقَصْدِ وَقَوْلُهُ
الْجُلُوسَ إلَخْ مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ الْجُلُوسَ لِلْقِرَاءَةِ) أَيْ
مَعَ الْأَخْذِ فِي الْجُلُوسِ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ نَسِيَ
بَقَاءَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالشَّكُّ فِي نِيَّةِ
التَّحَرُّمِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَرَدَّدَ هَلْ نَوَى أَوْ أَتَمَّ
النِّيَّةَ أَوْ أَتَى بِبَعْضِ أَجْزَائِهَا الْوَاجِبَةِ أَوْ بَعْضِ
شُرُوطِهَا أَوْ هَلْ نَوَى ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا وَ (قَوْلُهُ مَعَ
مُضِيِّ رُكْنٍ) أَيْ قَبْلَ انْجِلَائِهِ بِأَنْ قَارَنَهُ مِنْ
ابْتِدَائِهِ إلَى تَمَامِهِ وَ (قَوْلُهُ أَوْ طُولِ زَمَنٍ) أَيْ عُرْفًا
شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ
بِمُضِيِّ رُكْنٍ مُطْلَقًا أَوْ طُولِ زَمَنٍ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ مَعَهُ
رُكْنٌ أَوْ عَدَمِ إعَادَةِ مَا قَرَأَهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ وَإِنْ
لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ وَلَمْ يَمْضِ رُكْنٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالشَّكِّ) أَيْ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ
ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَالْفَرْقُ أَنَّ
الشَّكَّ يُضْعِفُ النِّيَّةَ بِخِلَافِ الظَّنِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ
وَإِنْ أَتَمَّهَا مَعَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ
أَتَمَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ الرُّكْنِ
الثَّانِي عَشَرَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَفَرْضٍ آخَرَ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ
كَانَ فِي فَرْضٍ وَظَنَّ أَنَّهُ فِي نَفْلٍ أَوْ عَكْسُهُ شَرْحُ
بَافَضْلٍ أَيْ أَوْ فِي فَرْضٍ وَظَنَّ أَنَّهُ فِي فَرْضٍ آخَرَ أَوْ فِي
نَفْلٍ وَظَنَّ أَنَّهُ فِي نَفْلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُحَالًا
عَادِيًا) زَادَ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ لَا عَقْلِيًّا فِيمَا
يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يُنَافِي الْجَزْمَ لِإِمْكَانِ
وُقُوعِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي اهـ. وَفِي الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ
كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِمُنَافَاتِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ
(قَوْلُهُ الْمُشْتَرَطَ دَوَامُهُ) أَيْ الْجَزْمَ وَ (قَوْلُهُ
لِاشْتِمَالِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُشْتَرَطَ إلَخْ وَالضَّمِيرُ
لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِهِ) أَيْ بِدَوَامِ الْجَزْمِ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ الْمُشْتَرَطَ دَوَامُهُ إلَخْ
(فَارَقَ) أَيْ الصَّلَاةَ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّأْنِيثَ (الْوُضُوءَ
وَالصَّوْمَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا دَوَامُ
الْجَزْمِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ فَلَا تَبْطُلُ
بِنِيَّةِ الْقَطْعِ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ) أَيْ
وَمُنْقَطِعَةٌ حِينَ الشُّرُوعِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يَأْتِي آنِفًا
عَنْ سم (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ نِيَّةَ الْمُبْطِلِ (قَوْلُهُ لَا
يُنَافِي الْجَزْمَ) يُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ) إلَى
قَوْلِ الْمَتْنِ دَفْعُ الْمَارِّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ
عَقِبِهِمَا إلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَقَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ إلَى
الصَّلَاةِ فِي الْمَطَافِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ إلَى وَلَوْ شَرَعَ
وَقَوْلُهُ الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ عَرْضًا وَقَوْلُهُ فَمَتَى إلَى وَإِذَا وَقَوْلُهُ وَأَلْحَقَ
إلَى وَلَوْ شَرَعَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) أَيْ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ
وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعِدَّ النَّعْشَ سَاتِرًا إنْ
قَرُبَ مِنْهُ فَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ
أَمَامَهُ سُتْرَةً بِالشُّرُوطِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ فِي مَعْنَى
الصَّلَاةِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا
الزِّيَادِيِّ ذَلِكَ وَأَنَّ مَرْتَبَةَ النَّعْشِ بَعْدَ الْعَصَا ع ش
(قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ) هَذَا التَّقْدِيرُ لَا يُوَافِقُ أَنَّ
نَائِبَ فَاعِلِ يُسَنُّ قَوْلُهُ الْآتِي دَفْعُ الْمَارِّ ثُمَّ
تَقْدِيرُ هَذَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَسَّرَ الْأَكْلَ فِيمَا سَبَقَ بِالْمَأْكُولِ فَلَا يَتَوَقَّفُ
الْبُطْلَانُ عَلَى الْفِعْلِ الْمُبْطِلِ م ر (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا
يَأْتِي فِي الصَّوْمِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا نَظِيرَ مَا
يَأْتِي ثَمَّ فِيمَا لَوْ وَضَعَ نَحْوَ السُّكَّرَةِ فِي فَمِهِ بِلَا
حَاجَةٍ فَذَابَتْ وَنَزَلَتْ إلَى جَوْفِهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ الْجُلُوسَ لِلْقِرَاءَةِ) أَيْ مَعَ الْأَخْذِ فِي الْجُلُوسِ
(قَوْلُهُ عَادِيًا) أَخْرَجَ الْعَقْلِيَّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ
لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي) يُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ) هَذَا التَّقْدِيرُ لَا يُوَافِقُ أَنَّ
نَائِبَ فَاعِلِ يُسَنُّ قَوْلُهُ الْآتِي دَفْعُ الْمَارِّ ثُمَّ
تَقْدِيرُ هَذَا يُشْكِلُ
(2/156)
أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ عَمُودٍ (أَوْ عَصًا
مَغْرُوزَةٍ) أَوْ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ لِلتَّرْتِيبِ وَفِيمَا قَبْلُ
لِلتَّخْيِيرِ لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَرَاخِي الثَّالِثِ
عَنْهُمَا فَلَمْ يَسُغْ الْعُدُولُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ
عَنْهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُصَلِّي مَعَ الْعَصَا وَفِي الْخَطِّ
مَعَ الْمُصَلِّي (أَوْ بَسَطَ مُصَلًّى) بَعْدَ عَجْزِهِ عَمَّا ذَكَرَ
(أَوْ خَطَّ) خَطًّا (قُبَالَتَهُ) عَرْضًا أَوْ طُولًا، وَهُوَ الْأَوْلَى
عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يُسَامِتُ بَعْضَ بَدَنِهِ كَمَا
هُوَ ظَاهِرٌ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُصَلَّى فَمَتَى عَدَلَ عَنْ
مُقَدَّمٍ لِمُؤَخَّرٍ مَعَ سُهُولَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَذُّرُهُ
فِيمَا يَظْهَرُ كَانَتْ سُتْرَتُهُ كَالْعَدَمِ وَإِذَا اسْتَتَرَ كَمَا
ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ أَزَالَتْ بِنَحْوِ رِيحٍ أَوْ مُتَعَدٍّ أَثْنَاءَ
صَلَاتِهِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَلِمَ بِهَا وَقَرُبَ مِنْ
سُتْرَتِهِ وَلَوْ مُصَلًّى وَخَطًّا لَكِنَّ الْعِبْرَةَ بِأَعْلَاهُمَا
بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَدَمَيْهِ أَيْ عَقِبِهِمَا أَوْ مَا
يَقُومُ مَقَامَهُمَا مِمَّا يَأْتِي فِي فَصْلِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى
إمَامِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ بِذِرَاعِ
الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ
الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يُقَصِّرْ
بِوُقُوفِهِ فِي نَحْوِ مَغْصُوبٍ أَوْ إلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الْمُصَنِّفِ أَوْ بَسَطَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي فَتَأَمَّلْهُ
فَالْأَوْلَى تَقْدِيرُ غَيْرِهِ إذَا تَوَجَّهَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ
أَوْ بَسَطَ عَطْفٌ عَلَى مُصَلَّى أَوْ تَوَجَّهَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر أَنْ يَتَوَجَّهَ أَرَادَ أَنْ يُفِيدَ
بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مُفَادِ الْمَتْنِ، وَهُوَ التَّوَجُّهُ إلَى
مَا يَأْتِي اهـ أَيْ وَيَجُوزُ لِلْمَازِجِ مَا لَا يَجُوزُ لِلْمَاتِنِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا نِهَايَةٌ زَادَ
الْمُغْنِي كَخَشَبَةٍ مَبْنِيَّةٍ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا
أَيْ مِمَّا لَهُ ثَبَاتٌ وَظُهُورٌ كَظُهُورِ السَّارِيَةِ اهـ قَوْلُ
الْمَتْنِ (أَوْ عَصًا إلَخْ) أَيْ وَنَحْوِهَا كَمَتَاعٍ مُغْنِي قَوْلُ
الْمَتْنِ (أَوْ بَسَطَ) مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ أَعْنِي
الْمُصَلِّيَ أَيْ لِلَّذِي صَلَّى إلَى مَا ذَكَرَ أَوْ بَسَطَ إلَخْ
كَمَا فِي {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] سم قَوْلُ الْمَتْنِ
(مُصَلًّى) أَيْ كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ مُغْنِي وَشَرْحُ
الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ بَعْدَ عَجْزِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَجْزِ
عَنْ الْمُصَلَّى) تَأْكِيدٌ لِمَا قَدَّمَهُ آنِفًا (قَوْلُهُ كَمَا
ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ
لِمَنْ عَلِمَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ
الْمُرُورُ لَكِنْ لِلْمُصَلِّي دَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ
الصَّبِيِّ وَالْبَهِيمَةِ ع ش أَيْ عَلَى مَرْضِيِّ النِّهَايَةِ خِلَافًا
لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا ثُمَّ
قَوْلِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُدْفَعُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَقَرُبَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَانَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَمْ
يُقَصِّرْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَتَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ
بِأَعْلَاهُمَا) وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَثَلًا
طُولُهَا ثُلُثَا ذِرَاعٍ وَكَانَ إذَا سَجَدَ يَسْجُدُ عَلَى مَا
وَرَاءَهَا مِنْ الْأَرْضِ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى
الْأَرْضِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الْفَرْوَةِ الْمَذْكُورَةِ
إلَى مَوْضِعِ جَبْهَتِهِ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ عَلَى الْفَرْوَةِ فَقَطْ
ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْمُصَلَّى أَوْ الْخَطَّ وَكَانَ
بَيْنَ قَدَمِ الْمُصَلِّي وَأَعْلَاهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ
أَذْرُعٍ لَمْ يَكُنْ سُتْرَةً مُعْتَبَرَةً وَلَا يُقَالُ يُعْتَبَرُ
مِنْهَا مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى قَدَمِهِ وَيُجْعَلُ سُتْرَةً
وَيُلْغَى حُكْمُ الزَّائِدِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر وَمَالَ
بِالْفَهْمِ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَا ذَكَرَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ
الْأَوَّلُ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ
التَّرَدُّدِ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ بَسَطَ نَحْوَ بِسَاطٍ طَوِيلٍ
لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْحُصُرِ
الْمَفْرُوشَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا
يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا سُتْرَةً حَتَّى لَوْ وَقَفَ فِي وَسَطِ حَصِيرٍ
وَكَانَ الَّذِي أَمَامَهُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ لَمْ يَكْفِ؛
لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السُّتْرَةِ تَنْبِيهُ الْمَارِّ عَلَى
احْتِرَامِ الْمَحَلِّ بِوَضْعِهَا وَهَذِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ
بِدَوَامِ فَرْشِهَا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا التَّنْبِيهُ
الْمَذْكُورُ ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْ عَقِبِهِمَا) وَالْأَوْجَهُ رُءُوسِ أَصَابِعِهِمَا
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) مِنْ
الرَّأْسِ فِي الْمُسْتَلْقِي وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ
يُقَرِّبَ السُّتْرَةَ مِنْ رَأْسِهِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ وَإِنْ
خَرَجَتْ رِجْلَاهُ مَثَلًا عَنْ السُّتْرَةِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ
وَرَاءَ سُتْرَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى بَقِيَّةِ بَدَنِهِ الْخَارِجِ
عَنْ السُّتْرَةِ سم أَقُولُ وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ مِمَّا
يَأْتِي إلَخْ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ هُنَاكَ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْقِيَامِ
بِالْعَقِبِ وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلْيَةِ وَفِي الِاضْطِجَاعِ
بِالْجَنْبِ أَيْ جَمِيعِهِ وَفِي الِاسْتِلْقَاءِ بِالْعَقِبِ وَمَحَلُّ
مَا ذَكَرَ فِي الْعَقِبِ وَمَا بَعْدَهُ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ
اعْتَمَدَ عَلَى غَيْرِهِ كَأَصَابِعِ الْقَائِمِ وَرُكْبَةِ الْقَاعِدِ
اعْتَبَرَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إلَخْ) أَيْ
وَامْتِدَادُ الْأَخِيرَيْنِ أَيْ الْمُصَلَّى وَالْخَطِّ نِهَايَةٌ
وَمُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ مَغْصُوبٍ إلَخْ) يُفِيدُ
أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَ
يَدَيْهِ وَإِنْ اسْتَتَرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَمَمْنُوعٌ مِنْ شَغْلِ
الْمَكَانِ وَالْمُكْثِ فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ لِسُتْرَتِهِ وَبِذَلِكَ
أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَ.
(قَوْلُهُ أَوْ إلَيْهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ
مَغْصُوبَةٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ؛
لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ
غَاصِبُهَا غَيْرَهُ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ رِضَا مَالِكِهَا بِانْتِفَاعِهِ
بِهَا إذْ إمْسَاكُهَا وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مُمْتَنِعَانِ
لَا يُقَالُ يَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِالسُّتْرَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛
لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِخَارِجٍ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّهُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ
بِالسُّتْرَةِ مَعَ الْوُقُوفِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَسَطَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي
فَتَأَمَّلْهُ فَالْأَوْلَى تَقْدِيرٌ غَيْرُهُ إذَا تَوَجَّهَ وَحِينَئِذٍ
فَأَوْ بَسَطَ عَطْفٌ عَلَى مُصَلِّي أَوْ تَوَجَّهَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَوْ بَسَطَ) مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ أَعْنِي
الْمُصَلِّيَ أَيْ لِلَّذِي صَلَّى إلَى مَا ذَكَرَ أَوْ بَسَطَ إلَخْ
كَمَا فِي {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] (قَوْلُهُ عَرْضًا أَوْ
طُولًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ طُولًا لَا عَرْضًا وَفِيهِ أَيْضًا
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَسَكَتُوا عَنْ قَدْرِهِمَا أَيْ الْمُصَلِّي
وَالْخَطِّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا كَالشَّاخِصِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَيْ
عَقِبِهِمَا) اعْتَمَدَ م ر أَصَابِعهمَا (قَوْلُهُ أَوْ مَا يَقُومُ
مَقَامَهُمَا) مِنْهُ الرَّأْسُ فِي الْمُسْتَلْقِي وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ
يُشْتَرَطُ أَنْ تُقَرَّبَ السُّتْرَةُ مِنْ رَأْسِهِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ
فَأَقَلَّ وَإِنْ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ مَثَلًا عَنْ السُّتْرَةِ فَلَا
يَحْرُمُ الْمُرُورُ وَرَاءَ سُتْرَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى بَقِيَّةِ
بَدَنِهِ الْخَارِجِ عَنْ السُّتْرَةِ (قَوْلُهُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ)
اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ.
(قَوْلُهُ فِي نَحْوِ مَغْصُوبٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي
(2/157)
أَوْ فِي طَرِيقٍ وَأَلْحَقَ بِهَا ابْنُ
حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَتَبِعَهُ
غَيْرُ وَاحِدٍ الصَّلَاةَ فِي الْمَطَافِ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ بِهِ
أَوْ بِوُقُوفِهِ فِي صَفٍّ مَعَ فُرْجَةٍ فِي صَفٍّ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ
لِتَقْصِيرِ كُلِّ مَنْ وَرَاءَ تِلْكَ الْفُرْجَةِ بِعَدَمِ سَدِّهَا
الْمُفَوِّتِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلِلدَّاخِلِ خَرْقُ الصُّفُوفِ
وَإِنْ كَثُرَتْ حَتَّى يَسُدَّهَا فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرُوا لِنَحْوِ
جَذْبِ مُنْفَرِدٍ لِمَنْ بِهَا لِيَصُفَّ مَعَهُ لَمْ يَتَخَطَّ لَهَا
أَوْ بِسُتْرَتِهِ بِمُزَوَّقٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ أَوْ بِرَاحِلَةٍ نُفُورٌ
أَوْ بِامْرَأَةٍ قَدْ يَشْتَغِلُ بِهَا أَوْ بِرَجُلٍ اسْتَقْبَلَهُ
بِوَجْهِهِ.
وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ فَعُلِمَ أَنَّ كُلَّ صَفٍّ سُتْرَةٌ لِمَنْ
خَلْفَهُ إنْ قَرُبَ مِنْهُ وَلَوْ شَرَعَ مَعَ عَدَمِ السُّتْرَةِ
فَوُضِعَتْ لَهُ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ حَرُمَ الْمُرُورُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ نَظَرًا لِصُورَتِهَا
لَا لِتَقْصِيرِهِ سُنَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ
وَلَمْ يَجِبْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
فِي الطَّرِيقِ مَعَ أَنَّ الْمَنْعَ لِخَارِجٍ وَمَعَ أَنَّهُ لَا
حُرْمَةَ بِالْوُقُوفِ فِيهَا وَمَعَ اسْتِحْقَاقِهِ الِانْتِفَاعَ بِهَا
فِي الْجُمْلَةِ بَلْ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى سم
(قَوْلُهُ أَوْ فِي طَرِيقٍ) أَيْ أَوْ شَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ ضَيِّقٍ أَوْ
نَحْوِ بَابِ مَسْجِدٍ كَالْمَحَلِّ الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ
بِهِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَطَافِ شَرْحُ م
ر اهـ سم قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر أَوْ نَحْوِ بَابِ مَسْجِدٍ
إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَى
الْوُقُوفِ فِيهِ بِأَنْ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ بِالصُّفُوفِ ثُمَّ رَأَيْت
الشَّيْخَ ع ش فِي الْحَاشِيَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ احْتِمَالًا ثُمَّ قَالَ
وَيَحْتَمِلُ عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ
وَالْمُصَلِّي أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَأَمَّا
الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ بِالْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى
أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ
الْمَسْجِدَ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ
وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ
الصُّورَةُ مَا ذَكَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوفِ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ
بِالْبَابِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا تَقْصِيرَ اهـ أَيْ فَالْأَقْرَبُ
الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ
وَإِنْ كَثُرَتْ) وَوَهَمَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ
كَمَسْأَلَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَيَّدَهَا بِصَفَّيْنِ
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرُوا لِنَحْوِ جَذْبِ مُنْفَرِدٍ
إلَخْ) أَيْ آتٍ بَعْدَ تَمَامِ الصَّفِّ بِحَيْثُ لَمْ تَبْقَ فُرْجَةٌ
تَسَعُهُ فَإِنَّهُ يَجْذِبُ مِنْ الصَّفِّ وَاحِدًا لِيَصُفَّ مَعَهُ
فَيَصِيرُ مَحَلُّ الْمَجْذُوبِ فُرْجَةً بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش يُؤْخَذُ
مِنْ التَّعْبِيرِ بِالتَّقْصِيرِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ
الْمَأْمُومِينَ تَقْصِيرٌ كَأَنْ كَمُلَتْ الصُّفُوفُ فِي ابْتِدَاءِ
الصَّلَاةِ ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ بَعْضٍ مِنْ نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ
لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ وَلَا لِسَنِّ
الدَّفْعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَحَقُّقِ
عُرُوضِ الْفُرْجَةِ وَالشَّكِّ فِيهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ
الْأَصْلَ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَسُنَّ الدَّفْعُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا
يَمْنَعُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَتَخَطَّ لَهَا) هَلْ الْمُرَادُ لَمْ يَطْلُبْ
التَّخَطِّيَ لَهَا أَوْ لَمْ يَجُزْ التَّخَطِّي لَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ
يُقَالَ إنْ اكْتَفَيْنَا فِي السَّتْرِ بِالصُّفُوفِ أَيْ كَمَا هُوَ
مُخْتَارُ الشَّارِحِ حَرُمَ التَّخَطِّي لَهَا إنْ لَزِمَ مِنْهُ
الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ نَكْتَفِ بِذَلِكَ أَيْ
كَمَا هُوَ مُخْتَارُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ
لَزِمَ مِنْهُ ذَلِكَ سم.
(قَوْلُهُ بِمُزَوَّقٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الشَّاخِصُ
الْمُزَوَّقُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَخَلَا مِنْ أَسْفَلِ الشَّاخِصِ
عَنْ التَّزْوِيقِ مَا يُسَاوِي السُّتْرَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا
فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ وَلَوْ إلَى الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ
فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا فِي مَسَاجِدِ مِصْرِنَا ع ش
(قَوْلُهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ إلَخْ) وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ
يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَسْتَقْبِلُهُ
وَيَرَاهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَلَوْ كَانَ
مَيِّتًا أَيْضًا ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ) خِلَافًا
لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ بَعْدَ حِكَايَةِ مَا فِي الشَّرْحِ
وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ
وَنَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ
سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِالْآدَمِيِّ ظَاهِرُهُ
أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْآدَمِيِّ بَيْنَ كَوْنِ
ظَهْرِهِ لِلْمُصَلِّي أَوْ لَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ
بِالصُّفُوفِ فَإِنَّ ظُهُورَهُمْ إلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجّ
وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ أَيْ كَالدَّابَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ صَفٍّ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ إلَخْ)
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضِهَا
كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَوُضِعَتْ
لَهُ إلَخْ) أَيْ بِلَا إذْنِهِ نِهَايَةٌ أَيْ فَيَنْبَغِي لِلْغَيْرِ
وَضْعُهَا حَيْثُ كَانَ لِلْمُصَلِّي عُذْرٌ فِي عَدَمِ الْوَضْعِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسَنَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى خَيْرٍ
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ
الْأُسْتَاذِ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ
إلَخْ) جَوَابُ قَوْلِهِ السَّابِقِ إذَا اسْتَتَرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ
إلَخْ سم (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ) أَيْ فَإِنَّ قَضِيَّةَ
كَوْنِهِ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى
إزَالَتِهِ وُجُوبُ الدَّفْعِ وَقَدْ بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ
اسْتَتَرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ مَمْنُوعٌ مِنْ شَغْلِ الْمَكَانِ
وَالْمُكْثِ فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ لِسُتْرَتِهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى
شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَتَرَ فِي مَكَان
مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُكْرَهْ
وَقَوْلُهُ أَوْ فِي طَرِيقٍ أَيْ أَوْ شَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ أَوْ نَحْوِ
بَابِ مَسْجِدٍ م ر (قَوْلُهُ لَمْ يَتَخَطَّ لَهَا) هَلْ الْمُرَادُ لَمْ
يَطْلُبْ التَّخَطِّيَ لَهَا أَوْ لَمْ يَجُزْ التَّخَطِّي لَهَا
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ اكْتَفَيْنَا فِي السَّتْرِ بِالصُّفُوفِ
حَرُمَ التَّخَطِّي لَهَا إنْ لَزِمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي
وَإِنْ لَمْ نَكْتَفِ بِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ لَزِمَهُ مِنْهُ مَا
ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ) يَنْبَغِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ
عَلَى قَوْلِهِ عَقِبَهُ أَنَّ كُلَّ صَفٍّ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ
فَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ سُتْرَةً يَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ،
وَلَا يَبْعُدُ الِاعْتِدَادُ بِسُتْرَتِهِ بِنَحْوِ مُزَوَّقٍ يَنْظُرُ
إلَيْهِ وَإِنْ كُرِهَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَيَحْرُمُ الْمُرُورُ
حِينَئِذٍ م ر.
(قَوْلُهُ حَرُمَ الْمُرُورُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ
وَلِغَيْرِهِ) هُوَ جَوَابُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِذَا اسْتَتَرَ كَمَا
ذَكَرْنَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ
(2/158)
احْتِرَامًا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ وَضْعَهَا
عَدَمُ الْعَبَثِ مَا أَمْكَنَ وَتَوَفُّرُ الْخُشُوعِ وَالدَّفْعُ وَلَوْ
مِنْ الْغَيْرِ قَدْ يُنَافِيهِ (دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ
سُتْرَتِهِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِلشُّرُوطِ وَقَدْ تَعَدَّى بِمُرُورِهِ
لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) بَيْنَهُ
وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ سُنَّ لَهُ الدَّفْعُ
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا أَمَّا سَنُّ الصَّلَاةِ لِمَا
ذَكَرَ مَعَ تَعْيِينِ التَّرْتِيبِ السَّابِقِ فِيهِ لِلْإِتْبَاعِ فِي
الْأُسْطُوَانَةِ وَالْعَصَا مَعَ خَبَرِ الْحَاكِمِ «اسْتَتِرُوا فِي
صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا «وَلَوْ
بِدِقَّةِ شَعْرَةٍ» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ
فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ
عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا
يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» أَيْ فِي كَمَالِ صَلَاتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
احْتِرَامًا لِلصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ رَأَيْت
جَمْعًا أَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ هَذَا أَحْسَنُهَا وَمِنْهَا إنَّ
شَرْطَ الْوُجُوبِ تَحَقُّقُ الْإِثْمِ وَهُنَا يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ
جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا أَوْ أَعْمَى وَيُرَدُّ بِأَنَّ
الْكَلَامَ فِي مَارٍّ آثِمٍ وَلَا يَكُونُ آثِمًا إلَّا إنْ تَحَقَّقَ
انْتِفَاءُ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ
فَضْلًا عَنْ نَدْبِهِ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ انْتِفَاءُ جَمِيعِهَا انْتَهَى
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يُدْفَعُ
مُطْلَقًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُدْفَعُ إنْ عَلِمَ بِالسُّتْرَةِ وَإِلَّا
فَيُدْفَعُ بِرِفْقٍ بِحَيْثُ لَا يَتَأَذَّى وَلَا يَخْفَى أَنَّ
الْمَفْهُومَ مِنْ الْجَوَابِ الَّذِي حَكَاهُ بِقَوْلِهِ وَإِنَّ شَرْطَ
الْوُجُوبِ إلَخْ نَدْبُ دَفْعِ الْجَاهِلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَلَهُ
اتِّجَاهٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ
الْإِرْشَادِ فَقَالَ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْجَاهِلُ
وَالْمَعْذُورُ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُمْ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَى اهـ.
سم (قَوْلُهُ بَيْنَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ وَقَدْ تَعَدَّى إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ إلَى
خَبَرِ الْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ إلَى وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد
وَقَوْلُهُ وَالْخَبَرُ الدَّالُّ إلَى وَيُسَنُّ.
وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَأَمَّا سَنُّ دَفْعِ إلَى
وَأَفَادَ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا) قَدْ يُقَالُ الدَّفْعُ هُنَا
مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ؛ لِأَنَّ الْمَارَّ صَائِلٌ عَلَيْهِ فِي
صَلَاتِهِ مُفَوِّتٌ عَلَيْهِ كَمَالَهَا أَوْ مِنْ بَابِ إزَالَةِ
الْمُنْكَرِ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ يُمْنَعُ مِنْ كُلٍّ مِنْ صِيَالِهِ
وَارْتِكَابِهِ الْمُنْكَرَ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ
فَالْوَجْهُ أَنَّ الدَّفْعَ مَنُوطٌ بِوُجُودِ السُّتْرَةِ بِشُرُوطِهَا
وَأَنَّ الْحُرْمَةَ مَنُوطَةٌ بِالتَّكْلِيفِ وَالْعِلْمِ م ر وَفِي
شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ وَمِنْهُ أَنَّ ظَاهِرَ
حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ دَفْعُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَا
نَصُّهُ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ نَدْبُ الدَّفْعِ وَلَوْ لِغَيْرِ
الْمُكَلَّفِ لَكِنْ بِلُطْفٍ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ انْتَهَى وَاعْتَمَدَ
م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ سم
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ إلَخْ) قَالَ سم
وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ جُلُوسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدُّهُ رِجْلَيْهِ
وَاضْطِجَاعُهُ انْتَهَى وَمِثْلُهُ مَدُّ يَدِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ
خِزَانَتِهِ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ وَرُبَّمَا يُشَوِّشُ عَلَيْهِ
فِي صَلَاتِهِ ع ش وَقَوْلُهُ لِيَأْخُذَ إلَخْ أَيْ وَنَحْوَهُ
كَالْمُصَافَحَةِ لِمَنْ فِي جَنْبِ الْمُصَلِّي قَوْلُ الْمَتْنِ
(تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْعَالِمِ م ر اهـ سم
وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْعَزِيزِيِّ أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ
أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ حِينَ إذْ سُنَّ لَهُ الدَّفْعُ) أَيْ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ
صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِيمَا يَظْهَرُ فَرْضًا كَانَتْ
أَوْ نَفْلًا شَرْحُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ
سَبِيلًا) نَعَمْ قَدْ يُضْطَرُّ الْمَارُّ إلَى الْمُرُورِ بِحَيْثُ
تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ لِأَسْبَابٍ لَا يَخْفَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
احْتِرَامًا لِلصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ رَأَيْت
جَمْعًا أَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ هَذَا أَحْسَنُهَا وَمِنْهَا أَنَّ
الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا مُجْمَعٌ
عَلَيْهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ
كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَإِنْ شُرِطَ الْوُجُوبُ تَحَقَّقَ الْإِثْمُ
وَهُنَا يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا أَوْ
أَعْمَى وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَارٍّ آثِمٍ وَلَا يَكُونُ
آثِمًا إلَّا إنْ تَحَقَّقَ انْتِفَاءُ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ عَنْهُ فَلَا
يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ فَضْلًا عَنْ نَدْبِهِ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ
انْتِفَاءُ جَمِيعِهَا اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنَّ
الْأَعْمَى لَا يُدْفَعُ مُطْلَقًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُدْفَعُ إنْ
عَلِمَ بِالسُّتْرَةِ وَإِلَّا فَيُدْفَعُ بِرِفْقٍ بِحَيْثُ لَا
يَتَأَذَّى وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْجَوَابِ الْأَخِيرِ
الَّذِي حَكَاهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ شُرِطَ الْوُجُوبُ إلَخْ نَدْبُ دَفْعِ
الْجَاهِلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَلَهُ اتِّجَاهٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ
الْإِخْبَارِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ فَخَرَجَ
الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْجَاهِلُ وَالْمَعْذُورُ فَلَا يَجُوزُ
دَفْعُهُمْ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا) قَدْ يُقَالُ الدَّفْعُ هُنَا مِنْ بَابِ
دَفْعِ الصَّائِلِ؛ لِأَنَّ الْمَارَّ صَائِلٌ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ
مُفَوِّتٌ عَلَيْهِ كَمَالَهَا أَوْ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ
وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ يُمْنَعُ مِنْ كُلٍّ مِنْ صِيَالِهِ وَارْتِكَابِهِ
الْمُنْكَرَ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْوَجْهُ أَنَّ
الدَّفْعَ مَنُوطٌ بِوُجُودِ السُّتْرَةِ بِشُرُوطِهَا وَأَنَّ الْحُرْمَةَ
مَنُوطَةٌ بِالتَّكْلِيفِ وَالْعِلْمِ م ر وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ
كَلَامٍ قَرَّرَهُ وَمِنْهُ أَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ دَفْعُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَا نَصُّهُ فَاَلَّذِي
يَتَّجِهُ نَدْبُ الدَّفْعِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَكِنْ بِلُطْفٍ
بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ
إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ
فِيهِ نَظَرًا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ ظَاهِرُ
تَقْيِيدِهِمْ سَنَّ الدَّفْعِ بَلْ جَوَازَهُ بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ أَنَّ
غَيْرَ الْمُكَلَّفِ وَالْجَاهِلَ غَيْرَ الْمُقَصِّرِ لَا يُدْفَعَانِ
أَيْ إلَّا بِلُطْفٍ عَلَى مَا مَرَّ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا
فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ تَحْرِيمُ
الْمُرُورِ) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْعَالِمِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ
إذَا كَانَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِيمَا
يَظْهَرُ م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا) نَعَمْ قَدْ يُضْطَرُّ
الْمَارُّ بِحَيْثُ تَلْزَمُ الْمُبَادَرَةُ لِأَسْبَابٍ تَخْفَى
كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ
طَرِيقًا لِإِنْقَاذِهِ م ر.
(فَرْعٌ) حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ وَلَمْ يَضْمَنْهُ
وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ
الدَّفْعِ فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ
لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ
(2/159)
إذْ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ
الصَّلَاةَ مُرُورُ شَيْءٍ لِلْأَحَادِيثِ فِيهِ وَقَاسُوا الْمُصَلِّيَ
بِالْخَطِّ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْمُرَادِ وَلِذَا
قُدِّمَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ وَإِلَّا حَرُمَ دَفْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ
يَرْتَكِبْ مُحَرَّمًا بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ
عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ وَلَوْ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ خِلَافًا
لِلْخُوَارِزْمِيِّ بَلْ وَلَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِمَا مَرَّ لَمْ
يُكْرَهْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا صَلَّى
أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ
يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ
فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ
الْإِنْسِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
«فَإِنْ أَبَى» أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّافِعَ تَحَرِّي الْأَسْهَلِ
فَالْأَسْهَلِ كَالصَّائِلِ وَلَا يَدْفَعُهُ بِفِعْلٍ كَثِيرٍ مُتَوَالٍ
وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ وَلَا يَحِلُّ
الْمَشْيُ إلَيْهِ لِدَفْعِهِ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْمُرُورِ عَلَيْهِ
حِينَئِذٍ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ
الْمُصَلِّي» أَيْ الْمُسْتَتِرِ بِسُتْرَةٍ يَعْتَدُّ بِهَا كَمَا
أَفَادَهُ الْحَدِيثُ السَّابِقُ «مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ
أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا أَيْ سَنَةً» كَمَا فِي رِوَايَةٍ
«خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» وَالْخَبَرُ الدَّالُّ
عَلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ ضَعِيفٌ وَيُسَنُّ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ
يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا بِوَجْهِهِ لِلنَّهْيِ
عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ سُتْرَةٌ مُحْتَرَمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا لِذَاتِ كَوْنِهَا سُتْرَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ
لِإِنْقَاذِهِ شَرْحُ م ر اهـ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر كَإِنْذَارِ
نَحْوِ مُشْرِفٍ إلَخْ أَوْ خَطْفِ نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَتَوَقَّفَ
إنْقَاذُهَا مِنْ السَّارِقِ عَلَى الْمُرُورِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ
بَلْ يَجِبُ فِي إنْقَاذِ نَحْوِ الْمُشْرِفِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُصَلِّي
الدَّفْعُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي الْإِيعَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا
شَكَّ فِي حِلِّ الْمُرُورِ إذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا سِوَاهُ عِنْدَ
ضَرُورَةِ خَوْفِ نَحْوِ بَوْلٍ أَوْ لِعُذْرٍ يُقْبَلُ مِنْهُ وَكُلُّ مَا
رَجَحَتْ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مَفْسَدَةِ الْمُرُورِ فَهُوَ فِي مَعْنَى
ذَلِكَ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ فِي الضَّرُورَةِ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا
بَعْدَهُ عَلَى إطْلَاقِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْإِيعَابِ وَنَقَلَ
الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ جَوَازَ الْمُرُورِ إنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا
وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْعُبَابُ وَغَيْرُهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مُرُورُ شَيْءٍ
إلَخْ) أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَامْرَأَةٍ وَكَلْبٍ وَحِمَارٍ وَأَمَّا
خَبَرُ مُسْلِمٍ «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ
وَالْحِمَارُ» فَالْمُرَادُ مِنْهُ قَطْعُ الْخُشُوعِ لِلشُّغْلِ بِهَا
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَالَ أَحْمَدُ لَا شَكَّ فِي قَطْعِ الْكَلْبِ
الْأَسْوَدِ وَفِي قَلْبِي مِنْ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ
كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ آذَى ذَلِكَ
الدَّفْعُ وَإِلَّا بِأَنْ خَفَّ وَسُومِحَ بِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ سم
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْخُوَارِزْمِيِّ) حَيْثُ قَالَ بِحُرْمَةِ
الْمُرُورِ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ
لَوْ قَصَّرَ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَلْيَدْفَعْهُ
إلَخْ) .
(فَرْعٌ) حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ
وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ
الدَّفْعِ فَلَوْ وَقَفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ
يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي
الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي
الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ فَإِنْ دَفَعَهُ يَكُونُ
بِمَا يُمْكِنُهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ
تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مَسْأَلَةِ الْجَرِّ بِأَنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ
ضَرَرِ الْمَجْرُورِ ع ش وَلَعَلَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ
شَيْطَانُ الْإِنْسِ) أَيْ يَفْعَلُ فِعْلَ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ
بِصَدَدِ شَغْلِ الْمُسْلِمِ عَنْ الطَّاعَةِ حَلَبِيٌّ وَكُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ كَالصَّائِلِ) فَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِهِ فَهَدَرٌ مُغْنِي
عِبَارَةُ سم قَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا هُنَا بِالصَّائِلِ جَوَازُ دَفْعِهِ
وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش قَالَ م ر لَا فَرْقَ
بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ
هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ وَالصَّائِلُ يُدْفَعُ مُطْلَقًا سم
عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ
الْأَصْحَابُ وَيَدْفَعُهُ بِيَدِهِ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِي مَكَانِهِ
وَلَا يَحِلُّ الْمَشْيُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْمَشْيِ أَشَدُّ
مِنْ الْمُرُورِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْخُطْوَةَ وَالْخُطْوَتَيْنِ
حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِهِمَا الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مُرَادًا أَيْ
لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُكْرَهُ وَلَوْ دَفَعَهُ
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي
الْأَنْوَارِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ) وَعَلَى الْكَثِيرِ الْمُتَوَالِي
يُحْمَلُ إلَخْ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي مَحْمَلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ
وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ يَمِينِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي
الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ
يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ
وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَيَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ فَهَلْ السُّنَّةُ
وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ.
وَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ
وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَفِي الْكُرْدِيِّ قَالَ
الْقَلْيُوبِيُّ خَرَجَ الْمُصَلَّى كَالسَّجَّادَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ
عَلَيْهِ لَا إلَيْهِ انْتَهَى أَيْ فَيَجْعَلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ هَلْ الْعِبْرَةُ هُنَا إلَخْ) الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ
اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَاعْتِقَادِ الْمَارِّ فِي
الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ سم وَمَالَ إلَيْهِ النِّهَايَةُ وَاعْتَمَدَهُ ع ش
(قَوْلُهُ عَنْ يَمِينِهِ إلَخْ) نَقَلَ عَنْ الْإِيعَابِ لِحَجِّ أَنَّ
الْأَوْلَى جَعْلُهَا عَنْ يَسَارِهِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَأَقُولُ يَنْبَغِي
أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ لِشَرَفِ الْيَمِينِ ع ش
(قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا إلَخْ) أَيْ بَلْ يَفْعَلُ إمَالَةً
قَلِيلَةً بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضَ بَدَنِهِ وَلَا يُبَالِغُ فِي
الْإِمَالَةِ بِحَيْثُ تَخْرُجُ بِهَا عَنْ كَوْنِهَا سُتْرَةً لَهُ
وَلَيْسَ مِنْ السُّتْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَ
الْقِبْلَةَ وَاسْتَنَدَ فِي وُقُوفِهِ إلَى جِدَارٍ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ
يَسَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سُتْرَةً عُرْفًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ
أَوْ لَا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ
ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ آذَى الدَّفْعُ
وَإِلَّا بِأَنْ خَفَّ وَسُومِحَ بِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ
بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى) هَلَّا جَازَ دَفْعُهُ أَوْ سُنَّ؛ لِأَنَّ
النَّهْيَ عَنْ خِلَافِ الْأَوْلَى مَشْرُوعٌ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ.
(قَوْلُهُ كَالصَّائِلِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا هُنَا
بِالصَّائِلِ جَوَازُ دَفْعِهِ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّ
الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّائِلَ يُدْفَعُ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ
(قَوْلُهُ وَضْعُ السُّتْرَةِ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا
هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ
غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ
بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَشَمِلَ الْمُصَلِّيَ فَهَلْ السُّنَّةُ
وَضْعُهَا عَنْ
(2/160)
(تَنْبِيهٌ) هَلْ الْعِبْرَةُ هُنَا فِي
حُرْمَةِ الْمُرُورِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلدَّفْعِ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي
أَوْ الْمَارِّ أَوْ هُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ إذْ قَضِيَّةُ جَعْلِهِمْ
هَذَا مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الثَّانِي إذْ لَا يُنْكَرُ
إلَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ أَوْ الَّذِي اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ
تَحْرِيمَهُ، وَقَوْلُهُمْ مَا مَرَّ فِي ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ
أَمَامَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا حَقُّهُ لِصَوْنِهِ بِهِ عَنْ نَقْصِ
صَلَاتِهِ فَلْيُعْتَبَرْ اعْتِقَادُهُ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَسْتَتِرْ
بِسُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ حَرُمَ الدَّفْعُ الثَّالِثُ، وَهُوَ الَّذِي
يَتَّجِهُ لِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ عِلَّةَ
الدَّفْعِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ عَدَمِ تَقْصِيرِ الْمُصَلِّي وَحُرْمَةِ
الْمُرُورِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُرَاهِقَ لَا يُدْفَعُ وَإِنْ وُجِدَتْ
السُّتْرَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فَإِذَا قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِأَنْ لَمْ
تُوجَدْ سُتْرَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَذْهَبِهِ لَمْ يَدْفَعْ الْمَارَّ
وَإِنْ اعْتَقَدَ حُرْمَةَ الْمُرُورِ كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِمَا لَمْ
يَعْتَقِدْ الْمَارُّ الْحُرْمَةَ مَعَهَا نَعَمْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ
مُقَلَّدَهُ يَنْهَاهُ عَنْ إدْخَالِهِ النَّقْصَ عَلَى صَلَاةِ مُقَلِّدِ
غَيْرِهِ رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِ دَفَعَهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ تَعَارَضَتْ
السُّتْرَةُ وَالْقُرْبُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا
فَمَا الَّذِي يُقَدِّمُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ يُقَدِّمُ
الصَّفَّ الْأَوَّلَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَسْجِدِهِ الْمُخْتَصِّ بِالْمُضَاعَفَةِ تَقْدِيمُ
نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ.
(قُلْت يُكْرَهُ) لِلْمُصَلِّي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ
سُنَنِ الصَّلَاةِ وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ
تَخْصِيصُهُ بِمَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ أَوْ خِلَافٌ فِي الْوُجُوبِ
فَإِنَّهُ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّرْكِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي غُسْلِ
الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا هِيَ
عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ فَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا فِي شَرْحِهِ إلَى
التَّعْبِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كُلِّ مَا نُدِبَ إلَيْهِ
الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُهَذَّبِ بِالْكَرَاهَةِ اصْطِلَاحُ
الْمُتَقَدِّمِينَ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ وَ (الِالْتِفَاتُ) فِي
جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ بِوَجْهِهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَقِيلَ يَحْرُمُ
وَاخْتِيرَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى
الْعَبْدِ فِي مُصَلَّاهُ» أَيْ بِرَحْمَتِهِ وَرِضَاهُ «مَا لَمْ
يَلْتَفِتْ فَإِذَا الْتَفَتَ أَعْرَضَ عَنْهُ» وَصَحَّ أَنَّهُ اخْتِلَاسٌ
يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَلَوْ تَحَوَّلَ
صَدْرُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ بَطَلَتْ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ اللَّعِبَ (لَا
لِحَاجَةٍ) فَلَا يُكْرَهُ كَمَا لَا يُكْرَهُ مُجَرَّدُ لَمْحِ الْعَيْنِ
مُطْلَقًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كُلٍّ
مِنْهُمَا كَمَا صَحَّ عَنْهُ (وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ)
لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ
إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى
قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ»
وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُهُ
فَلَمَّا نَزَلَ أَوَّلُ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ طَأْطَأَ رَأْسَهُ» وَمِنْ
ثَمَّ كُرِهَتْ أَيْضًا فِي مُخَطَّطٍ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ
لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ أَيْضًا وَزَعْمُ عَدَمِ التَّأَثُّرِ بِهِ
حَمَاقَةٌ فَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مَعَ كَمَالِهِ الَّذِي لَا يُدَانَى لَمَّا صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا
أَعْلَامٌ نَزَعَهَا وَقَالَ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ» وَفِي
رِوَايَةٍ «كَادَتْ أَنْ تَفْتِنَنِي أَعْلَامُهَا» .
(وَكَفُّ شَعْرِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
ع ش (قَوْلُهُ الثَّانِي) أَيْ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ
وَقَوْلُهُمْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى جَعْلِهِمْ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ
الْأَوَّلُ) أَيْ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ إنَّ
الْمُرَاهِقَ لَا يُدْفَعُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّهُ يُدْفَعُ سم (قَوْلُهُ
وَإِنْ اعْتَقَدَ) أَيْ الْمَارُّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِمَا
إلَخْ) أَيْ بِسُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ إنَّ
مُقَلَّدَهُ) بِفَتْحِ اللَّازِمِ وَ (قَوْلُهُ مُقَلِّدٍ غَيْرَهُ)
بِكَسْرِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمُ نَحْوِ الصَّفِّ) خَبَرُ قَوْلِهِ
وَظَاهِرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَفِي عُمُومِهِ إلَخْ) أَيْ فِي عُمُومِ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ
تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ خِلَافٌ فِي
الْوُجُوبِ) الْأَوْلَى أَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ
الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ فِي شَرْحِهِ) أَيْ الْمُهَذَّبِ
(قَوْلُهُ اصْطِلَاحُ الْمُتَقَدِّمِينَ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ
الْكَرَاهَةَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَقَدِّمِينَ تَصْدُقُ بِالْخَفِيفَةِ
الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِخِلَافِ الْأَوْلَى
وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَعَمُّ كَمَا لَا
يَخْفَى سم (قَوْلُهُ فِي جُزْءٍ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَزَعَمَ إلَى فَقَدْ صَحَّ، وَكَذَا فِي
النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى لِلْخَبَرِ وَقَوْلُهُ وَصَحَّ
إلَى وَمِنْ ثَمَّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ اخْتِلَاسٌ) أَيْ سَبَبُ اخْتِلَاسٍ
قَالَ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ اخْتِطَافٌ بِسُرْعَةٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ
حُصُولُ نَقْصٍ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ
مِنْهَا شَيْئًا وَيَأْخُذُهُ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُ سَبَبُ اخْتِلَاسٍ
لَعَلَّ الْأَوْلَى مُسَبِّبُ اخْتِلَاسٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَوَّلَ
صَدْرُهُ إلَخْ) أَيْ حَوَّلَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ
قَصَدَ بِهِ) أَيْ بِالِالْتِفَاتِ بِوَجْهِهِ سم وَعِ ش قَوْلُ الْمَتْنِ
(إلَى السَّمَاءِ) وَمِثْلُهَا مَا عَلَا كَالسَّقْفِ إيعَابٌ اهـ
كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مُجَرَّدُ لَمْحِ الْعَيْنِ) أَيْ بِدُونِ الْتِفَاتٍ
(مُطْلَقًا) أَيْ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ
الِالْتِفَاتِ لِحَاجَةٍ وَمُجَرَّدِ لَمْحِ الْعَيْنِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ
مُغْنِي (قَوْلُهُ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ» ) أَيْ مَا حَالُهُمْ وَأَبْهَمَ
الرَّافِعَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ خَاطِرُهُ؛ لِأَنَّ النَّصِيحَةَ عَلَى
رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فَضِيحَةٌ وَ (قَوْلُهُ «لَيَنْتَهُنَّ» ) جَوَابُ
قَسَمٍ مَحْذُوفٍ وَ (قَوْلُهُ «عَنْ ذَلِكَ» ) أَيْ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ
إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَ (قَوْلُهُ «أَوْ لَتُخْطَفَنَّ» إلَخْ)
بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَأَوْ
لِلتَّخْيِيرِ تَهْدِيدًا أَوْ هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ
وَالْمَعْنَى لَيَكُونَنَّ مِنْهُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ الرَّفْعِ أَوْ
خَطْفُ الْأَبْصَارِ عِنْدَ رَفْعِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا رَفْعُ
الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ
فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ انْتَهَى زِيَادِيٌّ وَفِي
عَمِيرَةَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْإِحْيَاءِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ
يَرْمُقَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ ع ش
وَتَقَدَّمَ أَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ)
أَيْ مِنْ أَجْلِ الثَّنَاءِ عَلَى الْخُشُوعِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ
الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ فِي خَمِيصَةٍ) هِيَ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ فِيهِ
خُطُوطٌ (قَوْلُهُ «وَقَالَ أَلْهَتْنِي» إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ
بَيَانًا لِلْغَيْرِ وَإِلَّا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى ع ش.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَفُّ شَعْرِهِ وَثَوْبِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي
كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِلطَّائِفِ أَيْضًا نَظَرًا لِقَوْلِهِ الْآتِي مَعَ
كَوْنِهِ هَيْئَةً تُنَافِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ عَلَى
هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ وَإِنْ وَقَفَ
عَلَيْهَا (قَوْلُهُ هَلْ الْعِبْرَةُ إلَخْ) الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ
اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَاعْتِقَادِ الْمَارِّ فِي
الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَاهِقَ لَا يُدْفَعُ)
الْوَجْهُ أَنَّهُ يُدْفَعُ (قَوْلُهُ فَإِذَا قَصَّرَ الْمُصَلِّي إلَخْ)
لَوْ أُزِيلَتْ سُتْرَتُهُ حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا الْمُرُورُ
كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ م ر.
(قَوْلُهُ اصْطِلَاحُ الْمُتَقَدِّمِينَ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ
الْكَرَاهَةَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَقَدِّمِينَ تَصْدُقُ بِالْخَفِيفَةِ
الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِخِلَافِ الْأَوْلَى
وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَعَمُّ كَمَا لَا
يَخْفَى (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ) أَيْ بِالِالْتِفَاتِ
بِوَجْهِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي كَرَاهَةُ
ذَلِكَ لِلطَّائِفِ أَيْضًا نَظَرًا لِقَوْلِهِ الْآتِي مَعَ
(2/161)
بِنَحْوِ عَقْصِهِ أَوْ رَدِّهِ تَحْتَ
عِمَامَتِهِ (أَوْ ثَوْبِهِ) بِنَحْوِ تَشْمِيرٍ لِكُمِّهِ أَوْ ذَيْلِهِ
أَوْ شَدِّ وَسَطِهِ أَوْ غَرْزِ عَذَبَتِهِ أَوْ دُخُولٍ فِيهَا، وَهُوَ
كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا فَعَلَهُ لِشُغْلٍ أَوْ كَانَ يُصَلِّي
عَلَى جِنَازَةٍ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ
عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا أَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعَرًا»
وَحِكْمَتُهُ مَنْعُ ذَلِكَ مِنْ السُّجُودِ مَعَهُ أَيْ غَالِبًا فَلَا
تَرِدُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مَعَ كَوْنِهِ هَيْئَةً تُنَافِي الْخُشُوعَ
وَالتَّوَاضُعَ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ كَشْفُ الرَّأْسِ أَوْ الْمَنْكِبِ
وَالِاضْطِبَاعُ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ الْقَمِيصِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ
لِمَا يَأْتِي فِي الْحَجِّ وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ
مُصَلِّيًا آخَرَ أَنْ يَحُلَّهُ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ، وَفِي الْإِحْيَاءِ
لَا يَرُدُّ رِدَاءَهُ إذَا سَقَطَ أَيْ إلَّا لِعُذْرٍ وَمِثْلُهُ
الْعِمَامَةُ وَنَحْوُهَا (وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ) لِصِحَّةِ
النَّهْيِ عَنْهُ وَلِمُنَافَاتِهِ لِهَيْئَةِ الْخُشُوعِ وَإِشَارَةٍ
مُفْهِمَةٍ (بِلَا حَاجَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْ ذِكْرِهِ لَهُ هُنَا أَنَّ مَا
فِي مَعْنَاهُ مِمَّا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ فَلَا
اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَالرَّاجِحُ فِي الْقَيْدِ الْمُتَوَسِّطِ
أَنَّهُ يُرَجَّحُ لِلْكُلِّ وَإِلَّا كَتَثَاؤُبٍ سُنَّ لَهُ وَضْعُهَا
لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ قَالَ شَارِحٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضَعُ
الْيُسْرَى لِأَنَّهُ لِتَنْحِيَةِ الْأَذَى وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ
الظَّاهِرُ مَا أَطْلَقُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إذْ لَيْسَ هُنَا
أَذًى حِسِّيٌّ إذْ الْمَدَارُ فِيمَا يَفْعَلُ بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الْخُشُوعَ وَالتَّوَاضُعَ وَإِنْ تَخَلَّفَ فِيهِ مَعْنَى السُّجُودِ
مَعَهُ سم (قَوْلُهُ بِنَحْوِ عَقْصِهِ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ غَالِبًا فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ مَعَ كَوْنِهِ إلَى وَيُسَنُّ (قَوْلِهِ بِنَحْوِ عَقْصِهِ إلَخْ)
وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ بِالرَّجُلِ أَمَّا
الْمَرْأَةُ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ
وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجَمُّلِ وَبِذَلِكَ
صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا شَرْحُ م
ر اهـ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ
مُعْتَمَدٌ اهـ. وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ بَلْ يَجِبُ كَفُّ شَعْرِ
امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ شَدِّ وَسَطِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى الْجِلْدِ وَلَا
يُنَافِيهِ الْعِلَّةُ لِجَوَازِ أَنَّهَا بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ ع ش
أَقُولُ وَيَأْتِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا ذَكَرَ بِعَدَمِ
الْحَاجَةِ وَهَلْ يُعَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ هُنَا اعْتِيَادُهُ الشَّدَّ
أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمْدَادِ فِي
مَسْأَلَةِ كَثْرَةِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فِي ثَوْبِهِ بِسَبَبِ نَوْمِهِ
فِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى النَّوْمِ فِيهِ لِعَدَمِ
اعْتِيَادِهِ الْعُرْيَ عِنْدَ النَّوْمِ عَفَى عَنْهُ الْأَوَّلُ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ مَنْعُ ذَلِكَ مِنْ
السُّجُودِ إلَخْ) وَلِهَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ
الصَّلَاةِ وَفِي إبْهَامِهِ الْجِلْدَةَ الَّتِي يَجُرُّ بِهَا وَتَرَ
الْقَوْسِ قَالَ لِأَنِّي آمُرُهُ أَنْ يُفْضِيَ بِبُطُونِ كَفَّيْهِ إلَى
الْأَرْضِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِأَنِّي آمُرُهُ
إلَخْ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ وَفِي يَدِهِ
خَاتَمٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ جُزْءٍ مِنْ يَدِهِ
لِلْأَرْضِ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ؛
لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ فِي أَنَّ مَنْ لَبِسَهُ لَا يَنْزِعُهُ
نَوْمًا وَلَا يَقَظَةً فَفِي تَكْلِيفِهِ قَلْعَهُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ
نَوْعُ مَشَقَّةٍ وَلَا كَذَلِكَ الْجِلْدَةُ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُلْبَسُ
عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا اهـ.
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ التَّخَتُّمَ مَطْلُوبٌ
فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَبِأَنَّ الَّذِي يَسْتُرُهُ
الْخَاتَمُ مِنْ الْيَدِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَسْتُرُهُ
الْجِلْدَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) أَيْ وَالْحِكْمَةُ الشَّامِلَةُ أَنَّ فِي
الْكَفِّ مُشَابَهَةَ الْمُتَكَبِّرِ شَوْبَرِيُّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ
(قَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ الْكَفِّ (قَوْلُهُ أَنْ يَحُلَّهُ إلَخْ)
نَعَمْ لَوْ بَادَرَ شَخْصٌ وَحَلَّ كُمَّهُ الْمُشَمَّرَ وَكَانَ فِيهِ
مَالٌ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي جَرِّهِ آخَرَ مِنْ
الصَّفِّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَقِيقٌ شَرْحُ م ر اهـ (قَوْلُهُ إلَّا
لِعُذْرٍ) كَحَرٍّ وَبَرْدٍ قَالَ ع ش أَوْ اسْتِهْزَاءٍ اهـ.
(قَوْلُهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُهُ
وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَعِنْدَهَا
لَا كَرَاهَةَ كَأَنْ تَثَاءَبَ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى
فِيهِ وَيُسَنُّ الْيُسْرَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ
الْغَرَضُ حَبْسَ الشَّيْطَانِ نَاسَبَ أَنْ يَكُونَ بِهَا، نَعَمْ
الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِغَيْرِهَا أَيْضًا وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ
بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَوَضَعَ ظَهْرَهَا أَمْ
بَطْنَهَا وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ
أَحَدُكُمْ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ
أَحَدَكُمْ إذَا قَالَ هَا هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ» وَلَا
تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالصَّلَاةِ بَلْ خَارِجَهَا كَذَلِكَ اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي نَحْوُهَا إلَّا قَوْلَهُ هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ
أَيْضًا قَالَ ع ش.
قَوْلُهُ م ر وَيُسَنُّ الْيُسْرَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا؛
لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّفْعِ عَادَةً كَذَا قِيلَ لَكِنَّ قَوْلَ
الشَّارِحِ م ر وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى
ذَلِكَ، سَوَاءٌ أَوَضَعَ ظَهْرَهَا أَمْ بَطْنَهَا قَدْ يَقْتَضِي
التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ
فِي كَلَامِهِ وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْمَنَاوِيِّ عَلَى
الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ
عَلَى فِيهِ» نَصُّهُ أَيْ ظَهْرَ كَفِّ يُسْرَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ
وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ تَحْصُلُ
بِوَضْعِ الْيَمِينِ اهـ وَقَوْلُهُ م ر وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ أَيْ
حَيْثُ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ وَعِبَارَةُ الْمَنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَنْ
يَجْرِيَ مَعَهُ وَإِلَّا فَدَفْعُهُ وَرَدُّهُ مَقْدُورٌ لَهُ انْتَهَتْ
اهـ ع ش (قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ
بِكُلٍّ وَأَنَّ الْأَوْلَى الْيَسَارُ سم وَمُغْنِي وَنِهَايَةٌ عِبَارَةُ
الْبُجَيْرِمِيِّ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا إنْ تَيَسَّرَ
وَإِلَّا فَبِبَطْنِهَا إنْ تَيَسَّرَ أَيْضًا وَإِلَّا فَالْيَمِينُ اهـ
وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَنَاوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَوْنِهِ هَيْئَةً تُنَافِي الْخُشُوعَ وَالتَّوَاضُعَ وَإِنْ تَخَلَّفَ
فِيهِ مَعْنَى السُّجُودِ مَعَهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حِكْمَةٌ لَا يَلْزَمُ
اطِّرَادُهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ حِكْمَةً أُخْرَى تَطَّرِدُ
فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا شَعْرًا) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ
فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ
لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجَمُّلِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي
الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا م ر (قَوْلُهُ أَنْ
يَحُلَّهُ) فَلَوْ حَلَّهُ فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ وَضَاعَ أَوْ تَلِفَ
ضَمِنَهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي جَرِّهِ آخَرَ مِنْ الصَّفِّ فَتَبَيَّنَ
أَنَّهُ رَقِيقٌ م ر (قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ حُصُولُ
(2/162)
عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا دُونَ
الْمَعْنَوِيِّ عَلَى أَنَّهَا هُنَا لَيْسَتْ لِتَنْحِيَةِ أَذًى
مَعْنَوِيٍّ أَيْضًا بَلْ هِيَ لِرَدِّ الشَّيْطَانِ كَمَا فِي الْخَبَرِ
إذَا رَآهَا عَلَى الْفَمِ لَا يَقْرَبُهُ فَأَيُّ أَذًى نَحَّاهُ بِهَا
وَفِي الْحَدِيثِ «التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ وَالْعُطَاسُ وَالْبُصَاقُ
وَالْمُخَاطُ مِنْ الشَّيْطَانِ» قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ «نَهَى - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى
وَمَسْحِ الْجَبْهَةِ مِنْ أَثَرِ التُّرَابِ وَالنَّفْخِ وَتَفْقِيعِ
الْأَصَابِعِ وَتَشْبِيكِهَا وَالسَّدْلِ وَتَغْطِيَةِ الْفَمِ وَالْأُذُنِ
وَتَغْمِيضِ الْعَيْنِ وَالتَّمَطِّي» اهـ. وَجَزْمُهُ بِالنَّهْيِ عَنْ
تَغْمِيضِ الْعَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ ضَعِيفًا كَمَا مَرَّ يَدُلُّ عَلَى
تَسَاهُلِهِ فِي جَزْمِهِ بِقَوْلِهِ نَهَى إلَى آخِرِهِ (وَالْقِيَامُ
عَلَى رِجْلٍ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ يُنَافِي
الْخُشُوعَ نَعَمْ لَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ وَلَا الِاعْتِمَادُ عَلَى
إحْدَاهُمَا مَعَ وَضْعِ الْأُخْرَى عَلَى الْأَرْضِ.
(وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا) بِالنُّونِ أَيْ بِالْبَوْلِ (أَوْ حَاقِبًا)
بِالْبَاءِ أَيْ بِالْغَائِطِ أَوْ حَاذِقًا أَيْ بِالرِّيحِ لِلْخَبَرِ
الْآتِي وَلِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ بَلْ قَالَ جَمْعٌ إنْ ذَهَبَ
بِهِ بَطَلَتْ وَيُسَنُّ لَهُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَإِنْ
فَاتَتْ الْجَمَاعَةُ وَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ إذَا طَرَأَ
لَهُ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرُهُ إذَا ضَاقَ وَقْتُهُ إلَّا إنْ ظَنَّ
بِكَتْمِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ لَهُ التَّيَمُّمَ فَحِينَئِذٍ لَهُ حَتَّى
الْإِخْرَاجُ عَنْ الْوَقْتِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ قَطْعَهُ لِمُجَرَّدِ
فَوْتِ الْخُشُوعِ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْعِبْرَةُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ
بِوُجُودِهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ
عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ وَعَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ
إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ (أَوْ بِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ (طَعَامٍ)
مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ (يَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ يَشْتَاقُ
(إلَيْهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ» أَيْ كَامِلَةً «بِحَضْرَةِ
طَعَامٍ وَلَا، وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» أَيْ الْبَوْلُ
وَالْغَائِطُ وَأَلْحَقَ جَمْعٌ التَّوَقَانَ إلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ بِهِ
فِي حُضُورِهِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِمَا إذَا قَرُبَ
حُضُورُهُ لِزِيَادَةِ التَّتَوُّقِ حِينَئِذٍ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ
بِالتَّوَقَانِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ إلَّا مَا يَكْسِرُهُ إلَّا نَحْوَ
لَيِّنٍ يَأْتِي عَلَيْهِ دُفْعَةً لَكِنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ) قَدْ
يَرُدُّ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ مِنْ الرِّجْلِ حَيْثُ طُلِبَ تَقْدِيمُ
الْيَمِينِ فِي دُخُولِ مَا لَهُ شَرَفٌ مَعْنَوِيٌّ كَالْمَسَاجِدِ
وَالْيَسَار فِي دُخُولِ مَا لَهُ خَبَثٌ مَعْنَوِيٌّ كَالْأَسْوَاقِ
وَمَحَالِّ الْمَعَاصِي سم (قَوْلُهُ لَيْسَتْ لِتَنْحِيَةِ أَذًى إلَخْ)
قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي كَوْنِهَا لِتَنْحِيَةِ أَذًى مَعْنَوِيٍّ
أَنَّهَا لِدَفْعِ دُخُولِ الشَّيْطَانِ إلَى الْفَمِ الَّذِي هُوَ أَعْنِي
دُخُولَهُ أَذًى مَعْنَوِيٌّ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ
الْحُفَّاظِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيُكْرَهُ
النَّفْخُ فِيهَا لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى لِسُجُودِهِ
عَلَيْهِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ
وَالْخُشُوعَ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى إلَخْ
ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ
مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَشْوِيهٌ كَأَنْ
كَانَ يَعْلَقُ مِنْ الْمَوْضِعِ تُرَابٌ بِجَبْهَتِهِ أَوْ عِمَامَتِهِ
اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ قَوْلُهُ وَمَسْحِ
غُبَارِ جَبْهَتِهِ وَتَسْوِيَةِ الْحَصَى إلَخْ وَفِي الْإِيعَابِ
لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ لِعُذْرِهِ كَمَا لَوْ مَسَحَ
نَحْوَ غُبَارٍ بِجَبْهَتِهِ يَمْنَعُ السُّجُودَ أَوْ كَمَالَهُ اهـ.
أَقُولُ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ يُؤْخَذُ مِنْ
ذِكْرِهِ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي زِيَادَةِ
الْمُصَنِّفِ عَقِبَ الْأَرْكَانِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ يَدُلُّ عَلَى
تَسَاهُلِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْقِيَامُ عَلَى
رِجْلٍ) أَيْ وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى وَلَصْقُهَا بِالْأُخْرَى
شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرْفَعَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا الِاعْتِمَادُ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى
قَوْلِهِ وَحَدِيثُ إذَا إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرَ
وَقَوْلُهُ بَلْ قَالَ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ وَجَوَّزَ إلَى
وَالْعِبْرَةُ وَقَوْلُهُ إلَّا نَحْوَ إلَى لَكِنَّ (قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ)
أَيْ كَوَجَعِ الْأُخْرَى سم وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَيْ بِالْبَوْلِ) أَيْ مُدَافِعًا لَهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ أَوْ حَازِقًا إلَخْ) أَيْ أَوْ حَاقِمًا بِهِمَا نِهَايَةٌ
وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ ذَهَبَ بِهِ) أَيْ بِالْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ
أَوْ الرِّيحِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لَهُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ
الْوَقْتُ مُتَّسِعًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ وَإِلَّا وَجَبَتْ
الصَّلَاةُ مَعَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ يَحْتَمِلُ عَادَةً إلَّا أَنَّ
قَوْلَهُ م ر الْآتِيَ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ
وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ بَيْنَ
حُصُولِهِ فِيهَا أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ م ر وَلَا يَجُوزُ
لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ مِنْ الْفَرْضِ)
خَرَجَ بِهِ النَّفَلُ فَلَا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ سُنَّةً وَإِنْ نَذَرَ
إتْمَامَ كُلِّ نَفْلٍ دَخَلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا
يَلْحَقُهُ بِالْفَرْضِ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ عِنْدَ طُرُوُّ ذَلِكَ
عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ) أَيْ
فَرَدَّهُ وَعَلِمَ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ بِتَثْلِيثِ) إلَى قَوْلِهِ
وَحَيْثُ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا نَحْوَ إلَى لَكِنَّ
(قَوْلُهُ بِالْمُثَنَّاةِ) أَيْ مِنْ تَحْتُ وَفَوْقُ ع ش عِبَارَةُ
الْمُغْنِي بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ يَشْتَاقُ) تَفْسِيرٌ مُرَادُهُ مِنْ التَّوْقِ وَإِلَّا
فَهُوَ شِدَّةُ الشَّوْقِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ أَيْ
يَشْتَاقُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ جُوعُهُ وَلَا عَطَشُهُ فِيمَا
يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْفَاكِهَةِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ
أَهْلِ الْعَصْرِ التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدِ فَاحْذَرْهُ، وَعِبَارَةُ
الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ يَتُوقُ شَامِلٌ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ جُوعٌ
وَعَطَشٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ
وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ
جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ بَلْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَحَصَلَ التَّوَقَانُ
كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ كَامِلَةٌ) يَجُوزُ نَصْبُهُ صِفَةً لِصَلَاةٍ وَرَفْعُهُ
صِفَةً لَهَا بِالنَّظَرِ لِلْمَحَلِّ وَ (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ)
خَبَرٌ وَ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ) فِيهِ أَنَّ
الْوَاوَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ وَلَا عَلَى الصِّفَةِ كَمَا هُوَ
مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ جُمْلَةَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ
الْأَخْبَثَانِ حَالًا وَيُقَدَّرُ الْخَبَرُ كَامِلَةٌ أَيْ لَا صَلَاةَ
كَامِلَةٌ حَالَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ بِهِ)
مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأُلْحِقَ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ فِي حُضُورِهِ)
مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ بِهِ الرَّاجِعِ بِالتَّوَقَانِ (قَوْلُهُ
وَقَيَّدَهُ) أَيْ الْإِلْحَاقَ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا قَرُبَ حُضُورُهُ)
أَيْ رَجَى حُضُورَهُ عَنْ قُرْبٍ بِحَيْثُ لَا يَفْحُشُ مَعَهُ
التَّأْخِيرُ وَإِنْ كَانَ تَهَيُّؤُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
السُّنَّةِ بِكُلٍّ وَأَنَّ الْأَوْلَى الْيَسَارُ (قَوْلُهُ دُونَ
الْمَعْنَوِيِّ) قَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ مِنْ الرِّجْلِ حَيْثُ
طَلَبُ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى فِي دُخُولِ مَا لَهُ شَرَفٌ مَعْنَوِيٌّ
كَالْمَسَاجِدِ وَالْيَسَارِ فِي دُخُولِ مَا لَهُ خَبَثٌ مَعْنَوِيٌّ
كَالْأَسْوَاقِ وَمَحَالِّ الْمَعَاصِي (قَوْلُهُ لَيْسَتْ لِتَنْحِيَةِ
أَذًى) قَدْ يُقَالُ يَكْفِي فِي كَوْنِهَا لِتَنْحِيَةِ أَذًى مَعْنَوِيٍّ
أَنَّهَا لِدَفْعِ دُخُولِ الشَّيْطَانِ إلَى الْفَمِ الَّذِي هُوَ أَعْنِي
دُخُولَهُ أَذًى مَعْنَوِيٌّ (قَوْلُهُ يَدُلُّ عَلَى تَسَاهُلِهِ) فِيهِ
نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ) أَيْ كَوَجَعِ الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ
(2/163)
أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ وَحَدِيثُ
«إذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِهِ
قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ» صَرِيحٌ فِيهِ وَحَمْلُهُ
عَلَى نَحْوِ تَمَرَاتٍ يَسِيرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ بَعْدَ
الْإِقَامَةِ وَأَدْنَى شَيْءٍ يَفُوتُهَا حِينَئِذٍ (وَأَنْ يَبْصُقَ) فِي
صَلَاتِهِ.
، وَكَذَا خَارِجَهَا، وَهُوَ بِالصَّادِ وَالزَّايِ وَالسِّينِ (قِبَلَ
وَجْهِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ هُوَ خَارِجُهَا مُسْتَقْبِلًا كَمَا
أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ
لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ اسْتِثْنَاءَهُ وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ
أَنَّ امْتِثَالَ الْأَمْرِ خَيْرٌ مِنْ سُلُوكِ الْأَدَبِ عَلَى قَوْلٍ
فَالنَّهْيُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُشَدَّدُ فِيهِ دُونَ الْأَمْرِ كَمَا
أَرْشَدَ إلَيْهِ حَدِيثُ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا
اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ» وَذَلِكَ
لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُمَا بَلْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ
الْيُسْرَى أَوْ فِي ثَوْبِهِ مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ، وَهُوَ أَوْلَى وَلَا
بُعْدَ فِي مُرَاعَاةِ مَلَكِ الْيَمِينِ دُونَ مَلَكِ الْيَسَارِ
إظْهَارًا لِشَرَفِ الْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الطَّائِفَ
يُرَاعِي مَلَكَ الْيَمِينِ دُونَ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ، نَعَمْ
إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُطَأْطِئَ رَأْسَهُ وَيَبْصُقَ لَا إلَى الْيَمِينِ
وَلَا إلَى الْيَسَارِ فَهُوَ الْأَوْلَى، وَكَذَا فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ فَقَطْ
إنْسَانٌ بَصَقَ عَنْ يَمِينِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ مَا ذَكَرَ كَمَا
هُوَ ظَاهِرُ سَوَاءٌ مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْبُصَاقَ
إنَّمَا يَحْرُمُ فِيهِ إنْ بَقِيَ جِرْمُهُ لَا إنْ اُسْتُهْلِكَ فِي
نَحْوِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ وَأَصَابَ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ دُونَ
هَوَائِهِ سَوَاءٌ مَنْ بِهِ وَخَارِجَهُ إذْ الْمَلْحَظُ التَّقْدِيرُ،
وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ كَالْفَصْدِ فِي إنَاءٍ أَوْ عَلَى قُمَامَةٍ وَلَوْ
لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَزَعْمُ حُرْمَتِهِ فِي
هَوَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَصُبَّ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ وَأَنَّ الْفَصْدَ
مُقَيَّدٌ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهِ بَعِيدٌ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ
وَيَجِبُ إخْرَاجُ نَجِسٍ مِنْهُ فَوْرًا عَيْنًا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ
وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَاضِعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
لِلْأَكْلِ إنَّمَا يَتَأَتَّى بَعْدَ مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ ع ش (قَوْلُهُ
أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ) ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ
كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ بِأَنْ يَسَعَهَا
كُلَّهَا أَدَاءٌ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ ع ش (قَوْلُهُ صَوَّبَهُ
الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ
صَرِيحٌ فِيهِ) أَيْ فِيمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَحَمْلُهُ)
أَيْ الْعَشَاءِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَكَذَا ضَمِيرُ فَإِنَّهُ
إلَخْ (قَوْلُهُ فِي صَلَاتِهِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا لَكِنْ حَيْثُ كَانَ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ
مُسْتَقْبِلًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ إكْرَامًا لَهَا اهـ وَنَقَلَ سم
عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِثْلَهُ وَأَقَرَّهُ
(قَوْلُهُ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ اسْتِثْنَاءَهُ) اعْتَمَدَهُ
النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالْإِيعَابُ قَالَ الْكُرْدِيُّ، وَكَذَا
اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا اهـ.
عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى
مِنْ الْبُصَاقِ عَنْ يَمِينِهِ مَا إذَا كَانَ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ بُصَاقَهُ عَنْ يَمِينِهِ
أَوْلَى لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ
يَسَارِهِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْقَبْرُ الشَّرِيفُ عَنْ
يَسَارِهِ اهـ وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهَا وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ
بَعْدَ حِكَايَةِ مَا مَرَّ عَنْ الدَّمِيرِيِّ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ كَمَا
لَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ تَحْتَ
قَدَمِهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْيَمِينِ أَوْلَى
اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ
مَحَلَّهُ إذَا كَانَ عَنْ يَمِينِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَهُوَ
مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ كَالْفَصْدِ فِي الْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَى سَوَاءٌ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي
النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَرْصَدَ إلَى وَدُونَ
تُرَابٍ وَقَوْلُهُ وَعَلَى مَنْ دَلَكَهَا إلَى وَفِي الرِّيَاضِ
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ الطَّائِفُ (قَوْلُهُ دُونَ
الْكَعْبَةِ) يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ فِي مَسْجِدِهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ مُرَاعَاتُهُ عَلَيْهِ
أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَوْقَ مُرَاعَاةِ الْكَعْبَةِ سم
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ فَقَطْ إنْسَانٌ إلَخْ) قَدْ
يُقَالُ فَكَيْفَ جَزَمَ هُنَا بِالْيَمِينِ وَتَرَدَّدَ فِي سَيِّدِ
النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ وَحُرْمَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ كَحُرْمَتِهِ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ
فِي قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ
مَا ذَكَرَ) أَيْ أَنْ يُطَأْطِئَ رَأْسَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَنْ
فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بَلْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ
تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ مَا
تَقَرَّرَ أَيْ قَوْلُهَا بَلْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فِي
غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَصَقَ فِي ثَوْبِهِ فِي الْجَانِبِ
الْأَيْسَرِ وَحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَلَا يَبْصُقُ فِيهِ فَإِنَّهُ
حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا
يَحْرُمُ فِيهِ إنْ بَقِيَ جِرْمُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَأَصَابَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بَقِيَ ع ش (قَوْلُهُ دُونَ
هَوَائِهِ) حَالٌ مِنْ جُزْءٍ إلَخْ مَفْعُولُ أَصَابَ وَ (قَوْلُهُ
سَوَاءٌ مَنْ بِهِ إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِ حُرْمَةِ الْبُصَاقِ فِي هَوَاءِ
الْمَسْجِدِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْفَاعِلُ دَاخِلَهُ
أَمْ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ
حَاجَةٍ) وَيَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ إلَى إخْرَاجِ الدَّمِ أَخْذًا مِنْ
قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجِبُ إخْرَاجُ نَجِسٍ إلَخْ سم (قَوْلُهُ وَزَعْمُ
حُرْمَتِهِ إلَخْ) أَيْ رَمْيِ الْبُصَاقِ وَ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْفَصْدَ
إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ إلَيْهِ فِيهِ) أَيْ إلَى
الْفَصْدِ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ بَعِيدٌ إلَخْ) خَبَرُ وَزَعْمُ إلَخْ
(قَوْلُهُ فَوْرًا عَيْنًا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ
حَرُمَ عَلَيْهِ فَلَوْ عَلِمَ بِهِ غَيْرُهُ بَعْدُ صَارَتْ الْإِزَالَةُ
فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمَا ثُمَّ إنْ أَزَالَهَا الْأَوَّلُ سَقَطَ
الْحَرَجُ وَيَنْبَغِي دَفْعُ الْإِثْمِ عَنْهُ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى
نَظِيرِ مَا يَأْتِي فِي الْبُصَاقِ أَوْ الثَّانِي سَقَطَ الْحَرَجُ
وَلَمْ تَنْقَطِعْ حُرْمَةُ التَّأْخِيرِ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ لَمْ
يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُكَفِّرُهَا ع ش
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَكَذَا خَارِجُهَا) فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا
نَصُّهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَيْ الْبَصْقِ
أَمَامَهُ عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ أَيْ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ خَارِجُهَا
إذَا كَانَ مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ اهـ. وَقَدْ خَالَفَهُ
الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ
بَحَثَ بَعْضُهُمْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ
وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ الْبُصَاقِ عَلَى الْيَمِينِ
مَنْ بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ
بُصَاقَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ اهـ. وَهُوَ مُتَّجَهٌ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى
يَسَارِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ
أَنَّهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْيَمِينِ أَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ دُونَ الْكَعْبَةِ) يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ
فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ مُرَاعَاتُهُ
عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَوْقَ مُرَاعَاةِ الْكَعْبَةِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَيَنْبَغِي الْمُبَادَرَةُ إلَى
إخْرَاجِ الدَّمِ أَخْذًا
(2/164)
وَإِنْ أَرْصَدَ لِإِزَالَتِهِ مَنْ
يَقُومُ بِهَا بِمَعْلُومٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَدُونَ تُرَابٍ
لَمْ يَدْخُلْ فِي وَقْفِهِ قِيلَ وَدُونَ حُصُرِهِ أَيْ لَكِنْ يَحْرُمُ
عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ تَقْذِيرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِذَا حَرُمَ
فِيهِ ثُمَّ دَفَنَهُ انْقَطَعَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ
أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ الْإِنْكَارِ عَلَى فَاعِلِهِ
فِيهِ وَعَلَى مَنْ دَلَكَهَا بِأَسْفَلِ نَعْلِهِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ
الْقَذِرِ إنْ خَشِيَ تَنْجِيسَ الْمَسْجِدِ أَوْ تَقْذِيرَهُ وَفِي
الرِّيَاضِ الْمُرَادِ دَفْنُهَا فِي تُرَابِهِ أَوْ رَمْلِهِ بِخِلَافِ
الْمُبَلَّطِ فَدَلْكُهَا فِيهِ لَيْسَ بِدَفْنٍ بَلْ زِيَادَةٌ فِي
التَّقْذِيرِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الدَّلْكِ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ
أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْحُرْمَةَ مِنْ
حِينَئِذٍ.
(وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ) لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِلنَّهْيِ
الصَّحِيحِ عَنْ الِاخْتِصَارِ وَأَصَحُّ تَفَاسِيرِهِ مَا ذَكَرَ
وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ لِمَا
صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ الشَّيْطَانِ لِمَا فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ «أَنَّ إبْلِيسَ هَبَطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ» وَلَا فَرْقَ
فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَذَكَرَ الرَّجُلَ فِي
الْخَبَرِ لِلْغَالِبِ (وَالْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ) عَنْ
الظَّهْرِ (فِي رُكُوعِهِ) وَكَذَا خَفْضُهُ عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ
وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ
وَالْأَصْحَابِ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إذَا رَكَعَ لَمْ يَشْخَصْ رَأْسَهُ أَيْ لَمْ يَرْفَعْهُ
وَلَمْ يُصَوِّبْهُ أَيْ يَخْفِضْهُ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْصَدَ إلَخْ) أَقَرَّهُ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ وَدُونَ
تُرَابٍ إلَخْ) يَنْبَغِي إلَّا إذَا كَانَ يَبْقَى هُوَ أَوْ أَثَرُهُ
وَيَتَأَذَّى بِهِ الْمُصَلُّونَ أَوْ الْمُعْتَكِفُونَ وَلَوْ بِنَحْوِ
إصَابَةِ أَثْوَابِهِمْ أَوْ أَبْدَانِهِمْ أَوْ اسْتِقْذَارِ ذَلِكَ سم
(قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يَحْرُمُ الْبَصْقُ
عَلَى حُصُرِ الْمَسْجِدِ إنْ أَمِنَ وُصُولَ شَيْءٍ مِنْهُ لَهُ مِنْ
حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ اهـ. أَيْ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ
إنَّ فِيهِ تَقْذِيرَ حَقِّ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمَالِكُ إنْ وَضَعَهَا
فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ وَمَنْ
يَنْتَفِعُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً لِلصَّلَاةِ ع
ش وَرَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ دَفَنَهُ إلَخْ) فَلَوْ اتَّصَلَ الدَّفْنُ بِالْبَصْقِ
مَعَ قَصْدِهِ ابْتِدَاءً بِأَنْ حَفَرَ فِي تُرَابِهِ عَلَى قَصْدِ
الْبَصْقِ فِي الْحُفْرَةِ وَرَدَّ التُّرَابَ عَلَيْهِ حَالًا فَهَلْ
تَنْتَفِي الْحُرْمَةُ رَأْسًا فِيهِ نَظَرٌ سم وَاعْتَمَدَهُ الْحَلَبِيُّ
وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ انْقَطَعَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ
حِينَئِذٍ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَفِي سم مَا نَصُّهُ وَيَحْتَمِلُ م ر
انْقِطَاعَهَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ حَكَمَ
بِالْخَطِيئَةِ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ فَقَوْلُهُ فِيهِ وَكَفَّارَتُهَا
أَيْ الْخَطِيئَةِ دَفْنُهَا صَرِيحٌ فِي تَكْفِيرِ الْخَطِيئَةِ عَلَى
الْفِعْلِ فَتَرْتَفِعُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ أَيْ
ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَأَقَرَّهُ ع ش وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ
الْجَزْمُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ
الدَّفْنَ إنَّمَا يَقْطَعُ دَوَامَ الْحُرْمَةِ وَلَا يَرْفَعُهَا مِنْ
أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وُجُوبَ الْإِنْكَارِ عَلَى فَاعِلِهِ إلَخْ) أَيْ
بِشَرْطِ كَوْنِ الْفَاعِلِ يَرَى حُرْمَتَهُ وَيَحْتَمِلُ وُجُوبُهُ هُنَا
مُطْلَقًا لِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَى الْغَيْرِ رَشِيدِيٌّ وَهَذَا
الِاحْتِمَالُ هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ بَلْ هُوَ الْأَقْرَبُ لِمَا
ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَنْ دَلَكَهَا إلَخْ) أَيْ الْبُصَاقَ،
وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْخَطِيئَةِ (قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ إلَخْ)
وَمَنْ رَأَى بُصَاقًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَالسُّنَّةُ أَنْ
يُزِيلَهُ وَأَنْ يُطَيِّبَ مَحَلَّهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ
قِيلَ لِمَاذَا لَمْ تَجِبْ الْإِزَالَةُ؛ لِأَنَّ الْبُصَاقَ فِيهِ
حَرَامٌ كَمَا مَرَّ أُجِيبُ بِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ كَمَا
قَالُوهُ فِي دَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ
مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيُسَنُّ تَطْيِيبُ مَحَلِّهِ
إلَخْ أَيْ بِنَحْوِ مِسْكٍ أَوْ زَبَادٍ أَوْ بَخُورٍ وَمَحَلُّ عَدَمِ
الْوُجُوبِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ بِبَقَائِهِ تَقْذِيرٌ لِلْمَسْجِدِ
وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَلَكِنْ تَجِبُ إزَالَتُهُ أَيْ
الْبُصَاقِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الرِّيَاضِ) أَيْ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ لِلْمُصَنِّفِ
كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ
جَوَازَ الدَّلْكِ) أَيْ دَلْكِ الْبُصَاقِ فِي الْمُبَلَّطِ (قَوْلُهُ
يَقْطَعُ الْحُرْمَةَ حِينَئِذٍ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَوَضْعُ يَدِهِ إلَخْ) وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى
نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُشَبِّكَهَا؛
لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَأَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ فِيهَا وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ
مِمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْ نَحْوِ غُبَارٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ
الْبَصْرِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ تَرْوِيحَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ؛
لِأَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ الْمُتَكَبِّرِينَ بِالصَّلَاةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ
مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا حَاجَةَ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ
يُشَبِّكَهَا أَيْ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَا خَارِجَهَا إنْ كَانَ
مُنْتَظِرًا لَهَا وَقَوْلُهُ وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ أَيْ مِنْ مَحَلِّ
صَلَاتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) إلَى قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ فِي النِّهَايَةِ
وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالصَّلَاةُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ،
وَكَذَا خَفْضُهُ عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي
الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ) أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ
(قَوْلُهُ لَمَّا صَحَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ
الْمَذْكُورَيْنِ وَ (قَوْلُهُ أَوْ الشَّيْطَانِ) عَطْفٌ عَلَى أَوْ
الْمُتَكَبِّرِينَ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ
فَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ وَقِيلَ فِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ
وَقِيلَ فِعْلُ الشَّيْطَانِ وَحُكِيَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ إبْلِيسَ
هَبَطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ» اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِيهِ) أَيْ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ الْوَضْعِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا خَفْضُهُ) أَيْ الرَّأْسِ وَ (قَوْلُهُ عَنْ أَكْمَلِ
الرُّكُوعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْخَفْضِ فِي أَقَلِّ
الرُّكُوعِ لَا يُكْرَهُ وَكَأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ
الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ الَّذِي
نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُعْتَرِضًا بِهِ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ
بِالْمُبَالَغَةِ بَلْ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ
سِيَاقُهُ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَكْمَلِ الرُّكُوعِ رَشِيدِيٌّ
عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ خَفْضَ
الرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَاَلَّذِي دَلَّ
عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ
وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجِبُ إخْرَاجُ نَجِسٍ مِنْهُ فَوْرًا (قَوْلُهُ
وَدُونَ تُرَابٍ إلَخْ) يَنْبَغِي إلَّا إذَا كَانَ يَبْقَى هُوَ أَوْ
أَثَرُهُ وَيَتَأَذَّى بِهِ الْمُصَلُّونَ وَالْمُعْتَكِفُونَ وَلَوْ
بِنَحْوِ إصَابَةِ أَثْوَابِهِمْ أَوْ أَبْدَانِهِمْ وَاسْتِقْذَارِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا) فِي شَرْحِ م ر وَلَا يَحْرُمُ
الْبَصْقُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ إنْ أَمِنَ وُصُولَ شَيْءٍ مِنْهُ
لَهُ مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ (قَوْلُهُ ثُمَّ دَفَنَهُ) فَلَوْ اتَّصَلَ
الدَّفْنُ بِالْبَصْقِ مَعَ قَصْدِهِ ابْتِدَاءً بِأَنْ حَفَرَ فِي
تُرَابِهِ عَلَى قَصْدِ الْبَصْقِ فِي الْحُفْرَةِ وَرَدَّ التُّرَابَ
عَلَيْهِ حَالًا فَهَلْ تَنْتَفِي الْحُرْمَةُ رَأْسًا فِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ انْقَطَعَتْ الْحُرْمَةُ) وَيَحْتَمِلُ انْقِطَاعُهَا مُطْلَقًا
كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ
(2/165)
(وَ) يُكْرَهُ تَنْزِيهًا أَيْضًا
(الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ) الْجَدِيدِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ بِمَسْلَخِهِ
لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ
وَالْحَمَّامَ» وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ لِكَشْفِ الْعَوْرَاتِ
بِهِ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ أَوْ غَضَبٍ كَأَرْضِ ثَمُودَ
أَوْ مُحَسِّرٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَالطَّرِيقِ) فِي صَحْرَاءَ أَوْ
بُنْيَانٍ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ بِهِ كَالْمَطَافِ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ اسْتِقْبَالُهُ كَالْوُقُوفِ بِهِ وَالتَّعْلِيلُ
بِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فِيهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ
لِلْكَرَاهَةِ تَحَقُّقُهَا فَقَطْ.
(وَالْمَزْبَلَةِ) أَيْ مَحَلِّ الزِّبْلِ وَمِثْلُهُ كُلُّ نَجَاسَةٍ
مُتَيَقَّنَةٍ لِأَنَّهُ بِفَرْشِهِ طَاهِرًا عَلَيْهَا يُحَاذِيهَا
وَمَرَّ كَرَاهَةُ مُحَاذَاتِهَا (وَالْكَنِيسَةِ) وَهِيَ بِفَتْحِ
الْكَافِ مُتَعَبَّدُ الْيَهُودِ وَقِيلَ النَّصَارَى وَالْبِيعَةِ وَهِيَ
بِكَسْرِ الْبَاءِ مُتَعَبَّدُ النَّصَارَى وَقِيلَ الْيَهُودِ
وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَمَاكِنِ الْكُفْرِ لِأَنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ
وَيَحْرُمُ دُخُولُهَا عَلَى مَنْ مَنَعُوهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهَا
صُورَةٌ مُعَظَّمَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (وَعَطَنِ الْإِبِلِ) وَلَوْ
طَاهِرًا، وَهُوَ مَا تَنَحَّى إلَيْهِ إذَا شَرِبَتْ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا
فَإِذَا اجْتَمَعَتْ سِيقَتْ مِنْهُ لِلْمَرْعَى لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ
«صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ» أَيْ مَرَاقِدِهَا وَالْمُرَادُ جَمِيعُ
مَحَالِّهَا «وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ
مِنْ الشَّيَاطِينِ» وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ» وَبِهِ
عُلِمَ أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْإِبِلَ خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ بَلْ
فِي حَدِيثٍ أَنَّ عَلَى سَنَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَيْطَانَيْنِ
وَالصَّلَاةُ تُكْرَهُ فِي مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ
لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ «أَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ
الْجَنَّةِ» وَأَيْضًا فَالْإِبِلُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَشْتَدَّ
نِفَارُهَا فَتُشَوِّشَ الْخُشُوعَ وَعَلَيْهِمَا فَالْأَوْجَهُ مَا
قَالَهُ جَمْعٌ وَدَلَّتْ لَهُ رِوَايَةٌ لَكِنْ فِي سَنَدِهَا مَجْهُولٌ
إنَّ نَحْوَ الْبَقَرِ كَالْغَنَمِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ الطَّاهِرِ حَالَ
غَيْبَتِهَا عَنْهُ وَجَمِيعُ مَبَارِكِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
كَالْعَطَنِ لَكِنَّهُ أَشَدُّ لِأَنَّ نِفَارَهَا فِيهِ أَكْثَرُ وَمَتَى
كَانَ بِمَحَلِّ الْحَيَوَانِ نَجَاسَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبِلِ
وَغَيْرِهَا لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ لِعِلَّتَيْنِ وَفِي
غَيْرِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ) وَتُنْدَبُ إعَادَتُهَا
وَلَوْ مُنْفَرِدًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكَذَا
كُلُّ صَلَاةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا عَلَى
وَجْهٍ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَخَارِجَ
الْوَقْتِ وَمِرَارًا ع ش (قَوْلُهُ الْجَدِيدِ إلَخْ) خِلَافًا
لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَخَرَجَ بِالْحَمَّامِ سَطْحُهَا فَلَا
تُكْرَهُ فِيهِ كَمَا فِي الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ كَمَا ذَكَرَهُ
الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ عَلَى الزُّبَدِ
وَأَفْتَى بِهِ اهـ وَأَقَرَّهُ سم وَعِ ش وَالرَّشِيدِيُّ (قَوْلُهُ
وَلَوْ بِمَسْلَخِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ أَوْ غَضَبٍ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ
وَلَوْ بِمَسْلَخِهِ) وَفِي الْإِمْدَادِ هُوَ مَحَلُّ سَلْخِ الثِّيَابِ
أَيْ طَرْحِهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَحَلِّ مَعْصِيَةٍ)
أَيْ كَالصَّاغَةِ وَمَحَلِّ الْمَكْسِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ
مَوْجُودَةً حِينَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ مَأْوًى
لِلشَّيَاطِينِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالطَّرِيقِ إلَخْ) وَتُكْرَهُ فِي
الْأَسْوَاقِ وَالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي
الْإِحْيَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ
فِي الرِّحَابِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَشْغَلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا
أَمَّا إذَا قَطَعَ بِانْتِفَاءِ ذَلِكَ كَكَوْنِهِ فِي رَحَبَةٍ خَالِيَةٍ
لَيْلًا فَلَا كَرَاهَةَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْأَسْوَاقِ حَيْثُ لَمْ
تَكُنْ مَحَلَّ مَعْصِيَةٍ ع ش.
(قَوْلُهُ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ) وَفِي الرَّشِيدِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ
مَا نَصُّهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى كَثْرَةِ
مُرُورِ النَّاسِ وَفِي عَدَمِهَا عَلَى عَدَمِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى
خُصُوصِ الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَانَ اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ الطَّرِيقِ ع ش (قَوْلُهُ
كَالْوُقُوفِ بِهِ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْعُدْ عَنْ
الطَّرِيقِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فِي الْإِيعَابِ عِبَارَتُهُ لَكِنْ
يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَوْعِ بُعْدٍ عَنْهَا بِحَيْثُ لَوْ
نَظَرَ لِمَحَلِّ سُجُودِهِ فَقَطْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِمُرُورِ النَّاسِ
انْتَهَتْ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّهُ لَوْ صَلَّى حَيْثُ
يَقَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُذْهِبُ
الْخُشُوعَ كُرِهَ وَإِلَّا كَأَنْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَذْهَبْ
خُشُوعُهُ فَلَا كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ
الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَنَحْوِهَا كَالْمَجْزَرَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ أَيْ مَحَلِّ الزِّبْلِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَقْبَرَةِ
فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ النَّصَارَى وَقَوْلُهُ وَقِيلَ
الْيَهُودُ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ مَحَالِّهَا وَقَوْلُهُ وَفِي
رِوَايَةٍ إلَى قَوْلِهِ وَأَيْضًا وَقَوْلُهُ وَدَلَّتْ إلَى أَنَّ نَحْوَ
الْبَقَرِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا إلَى الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ مُتَيَقَّنَةٍ) خَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْمُتَيَقَّنَةِ مِمَّا
غَلَبَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَلَا كَرَاهَةَ مَعَ بَسْطِ الطَّاهِرِ
عَلَيْهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِضَعْفِ ذَلِكَ
بِالْحَائِلِ سم وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِفَرْشِهِ طَاهِرًا
إلَخْ) إذْ بِدُونِ فَرْشِهِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ سم وَنِهَايَةٌ
وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْكَنِيسَةِ) وَلَوْ جَدِيدَةً فِيمَا
يَظْهَرُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَمَّامِ أَيْ عَلَى مُخْتَارِ
النِّهَايَةِ بِغِلَظِ أَمْرِهَا بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلْعِبَادَةِ
الْفَاسِدَةِ فَأَشْبَهَتْ الْخَلَاءَ الْجَدِيدَ بَلْ أَوْلَى مِنْهُ ع ش.
(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يُعَظِّمُونَهُ ع ش
(قَوْلُهُ مَنْ مَنَعُوهُ) أَيْ عَلَى مُسْلِمٍ مَنَعَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ
مِنْ الدُّخُولِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ دُخُولُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ
الْكُرْدِيِّ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ إنْ دَخَلَهَا
بِإِذْنِهِمْ وَإِلَّا حَرُمَتْ صَلَاتُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَهُمْ
مَنْعَنَا مِنْ دُخُولِهَا هَذَا إنْ كَانُوا يُقِرُّونَ عَلَيْهَا
وَإِلَّا فَلَا إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ صُورَةٌ مُعَظَّمَةٌ) أَيْ لَهُمْ ع ش (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ
بِمَا وَرَدَ فِي حَقِّ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ)
مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَوْ مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ الْإِبِلُ خُلِقَتْ
إلَخْ أَيْ عَلَى الْفَرْقَيْنِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ
جَمْعٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ إنَّ نَحْوَ الْبَقَرِ
كَالْغَنَمِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ
الزَّرْكَشِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَالْعَطَنِ) أَيْ وَإِنْ
كَانَتْ مَرْبُوطَةً رَبْطًا وَثِيقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهَا
وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا يَذْهَبُ الْخُشُوعُ ع ش (قَوْلُهُ
لِعِلَّتَيْنِ) أَيْ النِّفَارِ وَمُحَاذَاةِ النَّجَاسَةِ وَ (قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَإِنَّهُ حَكَمَ بِالْخَطِيئَةِ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ فَقَوْلُهُ فِيهِ
وَكَفَّارَتُهَا أَيْ الْخَطِيئَةِ دَفْنُهَا صَرِيحٌ فِي تَكْفِيرِ
الْخَطِيئَةِ عَلَى الْفِعْلِ فَتَرْتَفِعُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا
فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ الْجَدِيدِ وَغَيْرِهِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ
الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَمَّامِ الْجَدِيدِ
لِانْتِفَاءِ الْعِلَلِ وَخَرَجَ بِالْحَمَّامِ سَطْحُهَا فَلَا يُكْرَهُ
فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ
عَلَى الزُّبَدِ (قَوْلُهُ مُتَيَقَّنَةٍ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُتَيَقَّنَةِ
فَلَا كَرَاهَةَ مَعَ بَسْطِ الطَّاهِرِ عَلَيْهَا كَمَا اقْتَضَاهُ
كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِضَعْفِ ذَلِكَ بِالْحَائِلِ م ر (قَوْلُهُ
طَاهِرًا) إذْ بِدُونِ فَرْشٍ طَاهِرٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ
فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ جَمْعٌ) هُوَ
(2/166)
لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ (وَالْمَقْبَرَةِ)
بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ (الطَّاهِرَةِ) لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ بِأَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ نَبْشُهَا أَوْ
تَحَقَّقَ وَفُرِشَ عَلَيْهَا حَائِلٌ.
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا
تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» أَيْ أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ وَصَحَّ
خَبَرُ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا»
وَعِلَّتُهُ مُحَاذَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ سَوَاءٌ مَا تَحْتَهُ أَوْ
أَمَامَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ
تَفْتَرِقْ الْكَرَاهَةُ بَيْنَ الْمَنْبُوشَةِ بِحَائِلٍ وَغَيْرِهَا
وَلَا بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ بِأَنْ دُفِنَ
فِيهَا أَوَّلُ مَيِّتٍ بَلْ لَوْ دُفِنَ مَيِّتٌ بِمَسْجِدٍ كَانَ
كَذَلِكَ وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ حَيْثُ لَا مُحَاذَاةَ وَإِنْ كَانَ
فِيهَا لِبُعْدِ الْمَوْتَى عَنْهُ عُرْفًا أَمَّا مَقْبَرَةُ
الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ
فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ فَلَا نَجَاسَةَ وَالنَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِ
قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ فَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ
خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا قَصْدُ
اسْتِقْبَالِهَا لِتَبَرُّكٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ
قَبْرِ غَيْرِهِمْ مَكْرُوهٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مُحَاذَاةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ بِتَثْلِيثِ
الْبَاءِ) إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ سَوَاءٌ إلَى أَمَّا مَقْبَرَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِلَى الْبَابِ
فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا إلَى وَإِنَّمَا (قَوْلُهُ
سَوَاءٌ مَا تَحْتَهُ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا خَلْفَهُ وَقَدْ يُقَالُ
قِيَاسُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُحَاذَاةُ لِلنَّجَاسَةِ إنَّهُ كَذَلِكَ،
وَكَذَا مَا فَوْقَهُ فَلْيُرَاجَعْ سم أَقُولُ تَقَدَّمَ فِي خَامِسِ
الشُّرُوطِ فِي الشَّرْحِ وَعَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يَعُمُّ
الْخَلْفَ وَالْفَوْقَ وَعَنْ تَصْرِيحِ الْأَخِيرَيْنِ كَرَاهَةُ
مُحَاذَاةِ السَّقْفِ الْمُتَنَجِّسِ الْقَرِيبِ عُرْفًا.
(قَوْلُهُ وَفُرِشَ عَلَيْهَا حَائِلٌ) أَيْ أَوْ نَبَتَ عَلَيْهَا حَشِيشٌ
غَطَّاهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِطَهَارَتِهِ ع ش (قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ)
أَيْ النَّهْيِ أَوْ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ
مَكْرُوهَةً (قَوْلُهُ وَالْجَدِيدَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا مَضَى زَمَنٌ
يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَمْضِ
زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ كَأَنْ صَلَّى عَقِبَ
دَفْنِ صَحِيحِ الْبَدَنِ فَلَا يَتَّجِهُ الْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ إذْ لَا
مُحَاذَاةَ لِلنَّجَاسَةِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَبَّهَ
عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُصَلِّي أَوْ انْتِفَاءُ
الْمُحَاذَاةِ (فِيهَا) أَيْ الْمَقْبَرَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا مَقْبَرَةُ
الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ أَرْضٌ لَيْسَ فِيهَا مَدْفُونٌ إلَّا نَبِيٌّ أَوْ
أَنْبِيَاءٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ وَأَمَّا إذَا دُفِنَ مَعَ
الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا غَيْرُهُمْ فَإِنْ حَاذَى فِيهَا غَيْرَ
الْأَنْبِيَاءِ فِي صَلَاتِهِ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا ع ش أَيْ مِنْ حَيْثُ
مُحَاذَاةُ النَّجَاسَةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ عَلَى
التَّفْصِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ فَلَا تُكْرَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ إلَخْ) وَيَلْحَقُ
بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَقَابِرُ شُهَدَاءِ
الْمَعْرَكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَاعْتَمَدَهُ ع
ش، وَكَذَا سم عِبَارَتُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَإِنْ قُلْت
قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِحَيَاتِهِمْ أَنَّ الشُّهَدَاءَ مِثْلُهُمْ قُلْت
مَمْنُوعٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَيَاتَيْنِ فَإِنَّ حَيَاةَ
الْأَنْبِيَاءِ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ
اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ فِي ذَلِكَ اهـ أَقُولُ
وَيُؤَيِّدُ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ حَيَاةَ الشُّهَدَاءِ
الثَّابِتَةَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ مَخْصُوصَةٌ بِمَنْ يُجَاهِدُ لِلَّهِ لَا
لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا عِلْمٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا
يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ اسْتِثْنَاءُ مَقْبَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ هُنَا) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي تَحَقُّقِ
الْحُرْمَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ) هُوَ
الزَّرْكَشِيُّ وَجُعِلَ الْمَدَارُ فِي حُرْمَةِ اسْتِقْبَالِ قُبُورِ
الْأَنْبِيَاءِ عَلَى رُؤْيَتِهَا حَيْثُ قَالَ فِي تَقْرِيرِ اعْتِرَاضِهِ
عَلَى اسْتِثْنَاءِ قُبُورِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِ
رَأْسِ قُبُورِهِمْ سم (قَوْلُهُ لِتَبَرُّكٍ أَوْ نَحْوِهِ) زَادَ
النِّهَايَةُ عَقِبَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَيْهَا
اسْتِقْبَالُ رَأْسِهِ وَلَا اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا اهـ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ
الْمُغْنِي أَنَّهُ أَيْ قَصْدَ نَحْوِ التَّبَرُّكِ لَيْسَ بِقَيْدٍ
عِبَارَتُهُ وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ
يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَيُقَاسُ بِهِ سَائِرُ قُبُورِ
الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
(فَائِدَةٌ) أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ إلَّا الشِّيعَةَ عَلَى جَوَازِ
الصَّلَاةِ عَلَى الصُّوفِ وَفِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى
شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَإِنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ
عَلَيْهِ تَنْزِيهًا وَقَالَتْ الشِّيعَةُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ
لَيْسَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَهُمْ قَبْرَ غَيْرِهِمْ إلَخْ) صَادِقٌ
بِمَا إذَا كَانَ مَعَ قَصْدِ التَّبَرُّكِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ مَحَلُّ
تَأَمُّلٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ
مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ أَيْضًا فِي
اسْتِقْبَالِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ إذَا خَلَا عَنْ قَصْدِ نَحْوِ
تَبَرُّكٍ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ
وَعَلَيْهِ فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ لَا مَحَلَّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ
أَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ مَكْرُوهٌ مَا يَشْمَلُ
الْحُرْمَةَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ أَيْضًا فَمَا اسْتَظْهَرَهُ
أَوَّلًا يَشْمَلُهُ كَلَامُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَا تَحْتَهُ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا
خَلْفَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُحَاذَاةُ
لِلنَّجَاسَةِ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَكَذَا مَا فَوْقَهُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ وَالْجَدِيدَة) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ
خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ
فِيهِ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ كَأَنْ صَلَّى عَقِبَ دَفْنِ صَحِيحِ
الْبَدَنِ فَلَا يَتَّجِهُ الْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ إذْ لَا مُحَاذَاةَ
لِلنَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يُنْظَرَ لِنَجَاسَةِ بَاطِنِهِ مَعَ انْتِفَاءِ
الْحَيَاةِ الدَّافِعَةِ لِاعْتِبَارِهَا ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ
الْعُبَابِ قَالَ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ بِمُحَاذَاةِ
النَّجَاسَةِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي مَقْبَرَةٍ جَدِيدَةٍ
خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ سَبَبَ
الْكَرَاهَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ احْتِرَامُ الْمَوْتَى ضَعِيفٌ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ
الْعُبَابِ فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِحَيَاتِهِمْ أَنَّ
الشُّهَدَاءَ مِثْلُهُمْ قُلْت: مَمْنُوعٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ
الْحَيَاتَيْنِ فَإِنَّ حَيَاةَ الْأَنْبِيَاءِ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ كَمَا
يُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لَهُمْ عَلَى كَيْفِيَّاتٍ مُتَبَايِنَةٍ كَالصَّلَاةِ
وَالطَّوَافِ وَكَوْنِ بَعْضِهِمْ فِي الْأَرْضِ وَبَعْضِهِمْ فِي
السَّمَاءِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُمْ
كَالْأَنْبِيَاءِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ) هُوَ
الزَّرْكَشِيُّ وَجَعَلَ الْمَدَارَ فِي حُرْمَةِ اسْتِقْبَالِ قُبُورِ
الْأَنْبِيَاءِ عَلَى رُءُوسِهَا حَيْثُ قَالَ فِي تَقْرِيرِ
(2/167)
أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ «وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» فَحِينَئِذٍ
الْكَرَاهَةُ لِشَيْئَيْنِ اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ وَمُحَاذَاةِ
النَّجَاسَةِ، وَهَذَا الثَّانِي مُنْتَفٍ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ
وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ فِيهِمْ بِالْقَيْدِ الَّذِي
ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الشِّرْكِ وَتُكْرَهُ أَيْضًا عَلَى
ظَهْرِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ وَفِي الْوَادِي الَّذِي
نَامَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ
لِنَصِّهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ
وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْكُلِّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةُ
خُرُوجِ وَقْتٍ، وَكَذَا فَوَاتُ جَمَاعَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَإِنَّمَا
لَمْ تَقْتَضِ الْفَسَادَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ
لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ لِأَنَّ الشَّارِعَ
جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ
الْخَلَلُ فِيهَا أَعْظَمَ بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ فِي كُلِّهَا
وَلَوْ مَغْصُوبًا لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهَا كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ
يَنْفَكُّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا.
(بَابٌ بِالتَّنْوِينِ) فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الشَّارِحِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ لَا إلَخْ
فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَحِينَئِذٍ الْكَرَاهَةُ لِشَيْئَيْنِ إلَخْ
كَالصَّرِيحِ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَنْعِ
اسْتِقْبَالِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ وَهَذَا الثَّانِي) أَيْ
مُحَاذَاةُ النَّجَاسَةِ وَ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ
(قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَمَّا مَقْبَرَةُ
الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تُكْرَهُ إلَخْ أَيْ إذَا انْتَفَى الْقَيْدُ
الْمَذْكُورُ أَوْ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ مِنْ جِهَةٍ
أُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ)
أَيْ قَصْدِ اسْتِقْبَالِهَا لِتَبَرُّكٍ أَوْ نَحْوِهِ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش
زَادَ الْكُرْدِيُّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَلَا
حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ لِعَدَمِ عِلَّتِهَا اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
لِمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّ
الْكَرَاهَةِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ)
أَيْ وَإِنْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ
الْكَرَاهَةَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مُطْلَقًا وَعَلَّلُوهُ
بِاحْتِمَالِ السَّيْلِ الْمُذْهِبِ لِلْخُشُوعِ مُغْنِي وَلَا يُنَافِيهِ
قَوْلُ مُخْتَصَرِ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ لِلشَّارِحِ وَفِي بَطْنِ
الْوَادِي أَيْ كُلِّ وَادٍ مَعَ تَوَقُّعِ السَّيْلِ لِخَشْيَةِ الضَّرَرِ
وَانْتِفَاءِ الْخُشُوعِ اهـ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ
وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ السَّيْلَ (قَوْلُهُ وَكَذَا فَوَاتُ جَمَاعَةٍ
إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَاقِنًا أَوْ نَحْوَهُ
لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ ع ش
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا) . (خَاتِمَةٌ) فِي أَحْكَامِ
الْمَسْجِدِ يَحْرُمُ تَمْكِينُ الصِّبْيَانِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِينَ
وَالْمَجَانِينِ وَالْبَهَائِمِ وَالْحُيَّضِ وَنَحْوِهِنَّ وَالسَّكْرَانِ
مِنْ دُخُولِهِ إنْ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا يُعْلَمُ
مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَكَذَا يَحْرُمُ دُخُولُ الْكَافِرِ
لَهُ إلَّا بِإِذْنِ مُسْلِمٍ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ مُكَلَّفٍ قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْكَافِرِ فِي عَهْدِهِ عَدَمُ
الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ أَذِنَ
لَهُ أَوْ قَعَدَ قَاضٍ لِلْحُكْمِ فِيهِ وَكَانَ لَهُ حُكُومَةٌ جَازَ
لَهُ الدُّخُولُ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ
ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ وَنَحْوِهِ
كَفِقْهٍ وَحَدِيثٍ رَجَاءَ إسْلَامِهِ لَا لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ فِيهِ فَلَا
يُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ لَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ عَدَمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ
بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ فِي دُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ تَفْصِيلًا
يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُكْرَهُ نَقْشُ
الْمَسْجِدِ وَاِتِّخَاذُ الشُّرُفَاتِ لَهُ بَلْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ
رِيعِ مَا وُقِفَ عَلَى عِمَارَتِهِ فَحَرَامٌ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِلَا
ضَرُورَةٍ لِمَنْ أَكَلَ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ كَثُومٍ بِضَمِّ
الْمُثَلَّثَةِ وَبَقِيَ رِيحُهُ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ فِيهِ
بَلْ إنْ حَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ حَرُمَ وَعَمَلُ صِنَاعَةٍ فِيهِ إنْ
كَثُرَ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ خَسِيسَةً تُزْرِي بِالْمَسْجِدِ وَلَمْ
يَتَّخِذْهُ حَانُوتًا يَقْصِدُ فِيهِ بِالْعَمَلِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ
ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ وَلَا بَأْسَ
بِإِغْلَاقِهِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ صِيَانَةً لَهُ وَحِفْظًا
لِمَا فِيهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إذَا خِيفَ امْتِهَانُهُ
وَضَيَاعُ مَا فِيهِ وَلَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى فَتْحِهِ وَإِلَّا
فَالسُّنَّةُ عَدَمُ إغْلَاقِهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ مُسَبَّلٌ
لِلشُّرْبِ لَمْ يَجُزْ غَلْقُهُ وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْ الشُّرْبِ.
وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ وَالْوُضُوءِ وَالْأَكْلِ فِيهِ إذَا لَمْ
يَتَأَذَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ النَّاسُ وَلِحَائِطِهِ وَلَوْ مِنْ
خَارِجِهِ مِثْلُ حُرْمَتِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بُصَاقٍ وَغَيْرِهِ
وَيُسَنُّ أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى دُخُولًا وَالْيُسْرَى
خُرُوجًا وَأَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ
الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ
مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ
رَحْمَتِك ثُمَّ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَيَدْخُلُ، وَكَذَا يَقُولُ
عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ أَبْوَابَ فَضْلِك قَالَ فِي
الْمَجْمُوعِ فَإِنْ طَالَ عَلَيْهِ هَذَا فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى مَا فِي
مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا
دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي
أَبْوَابَ رَحْمَتِك وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك
مِنْ فَضْلِك» وَتُكْرَهُ الْخُصُومَةُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَنَشْدُ
الضَّالَّةِ فِيهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى السَّائِلُ فِيهِ شَيْئًا
وَلَا بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِيهِ إذَا كَانَ مَدْحًا لِلنُّبُوَّةِ أَوْ
لِلْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ حِكْمَةً أَوْ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَوْ
الزُّهْدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ |