تحفة
المحتاج بشرح المنهاج ط المكتبة التجارية [بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ]
(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ) (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ النَّفْلِ) إلَى
قَوْلِهِ وَثَوَابُ الْفَرْضِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ: وَالْأَوْلَى إلَى كُلِّهَا (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)
هُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَاصْطِلَاحًا: مَا عَدَا الْفَرَائِضَ،
سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى) زَادَ سم فِي شَرْحِ
الْوَرَقَاتِ وَالْإِحْسَانُ ع ش (قَوْلُهُ: مَعَ جَوَازِهِ) أَيْ
التَّرْكِ احْتِرَازًا عَنْ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: مُتَرَادِفَةٌ) فِيهِ
بَحْثٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ
الْوَاجِبَ وَالْمُبَاحَ أَيْضًا كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ إلَّا أَنْ
يُرَادَ أَنَّ مُرَادَفَةَ الْحَسَنِ اصْطِلَاحٌ آخَرُ لِلْفُقَهَاءِ أَوْ
لِغَيْرِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: خِلَافًا
لِلْقَاضِي) وَذَهَبَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ
ثَلَاثَةٌ تَطَوُّعٌ وَهُوَ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِهِ بَلْ
يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً، وَسُنَّةٌ وَهُوَ مَا وَاظَبَ
عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُسْتَحَبٌّ
وَهُوَ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَلَمْ
يَتَعَرَّضُوا لِلْبَقِيَّةِ لِعُمُومِهَا الثَّلَاثَةَ مَعَ أَنَّهُ لَا
خِلَافَ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ بَعْضَ الْمَسْنُونَاتِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ
قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ سَبَبَ الْفَضْلِ إلَخْ) هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنَّ
الْمَنْدُوبَ فَضَلَهُ سم وَبَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَأَنْتَ
خَبِيرٌ بِأَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ ذَلِكَ وَأَوْرَدَ وَجْهَ مَا فَضَلَ بِهِ
النَّفَلُ عَلَى الْفَرْضِ بِلَفْظِ الرَّدِّ فَرَاجِعْهُ بِإِنْصَافٍ.
اهـ. وَأَشَارَ ع ش إلَى جَوَابِ إشْكَالِهِمْ بِمَا نَصُّهُ أَيْ فَضْلُهُ
عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ لَا مِنْ
حَيْثُ ذَاتُهُ وَلَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَنْدُوبًا. اهـ. (قَوْلُهُ:
بِالْإِبْرَاءِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْبِيرِ وَلَعَلَّ
الْأَقْعَدَ أَنْ يُقَالَ الْإِنْظَارُ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الطَّلَبِ
إلَى أَمَدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَالْإِبْرَاءُ عِبَارَةٌ
عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ اللَّازِمِ لَهُ عَدَمُ الطَّلَبِ إلَى الْأَبَدِ
فَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْأَوَّلِ بِزِيَادَةٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ:
خِلَافًا لِبَعْضِ السَّلَفِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا الدُّنْيَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: مَقَامَ مَا تُرِكَ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ:
وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى تَكْمِيلِ نَقْصِ الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ:
وَأَوَّلَهُ إلَخْ) أَيْ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ
الْمُكَمَّلَ بِالتَّطَوُّعِ هُوَ مَا نَقَصَ مِنْ سُنَنِهَا إلَخْ)
اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَطْلُوبَةِ فِيهَا)
أَيْ كَالْخُشُوعِ وَتَدَبُّرِ الْقِرَاءَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تُرِكَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فُعِلَ
غَيْرَ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ) أَيْ الْبَيْهَقِيُّ و (قَوْلُهُ:
بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ ذَلِكَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ هَذَا) أَيْ
حَدِيثِ «لَا تُقْبَلُ» إلَخْ و (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلِ) أَيْ وَحَمْلِ
الْخَبَرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ) أَيْ يُنَافِي
جَمْعُهُ الْمَذْكُورُ تَأْوِيلَهُ الْمُتَقَدِّمَ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُ
تَأْوِيلَهُ إلَخْ) إنْ كَانَتْ الْهَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ لِلْبَيْهَقِيِّ
فَفِي مُوَافَقَةِ تَأْوِيلِهِ الْأَوَّلِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ
ظَاهِرٌ سم أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إرْجَاعِهِ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ
قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: «زِيدَ عَلَيْهَا مِنْ
سُبْحَتِهَا» إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ هَلْ الْمُضَاعَفَةُ فِي
نَحْوِ مَكَّةَ تُلْحَقُ بِالتَّطَوُّعِ فِي جَبْرِ الْفَرَائِضِ فِي
الْآخِرَةِ بَصْرِيٌّ أَيْ، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: الِاحْتِسَابُ
مُطْلَقًا) إنْ أُرِيدَ بِالْإِطْلَاقِ مَا يَشْمَلُ تَعَمُّدَ التَّرْكِ
فَفِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ) (قَوْلُهُ: فَهِيَ كُلُّهَا مُتَرَادِفَةٌ)
فِيهِ بَحْثٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ
الْوَاجِبَ وَالْمُبَاحَ أَيْضًا كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْحَسَنُ
الْمَأْذُونُ وَاجِبًا وَمَنْدُوبًا وَمُبَاحًا اهـ إلَّا أَنْ يُرَادَ
أَنَّ التَّرَادُفَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ مَا
صَدَقَاتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ أَوْ أَنَّ مُرَادَفَةَ الْحَسَنِ اصْطِلَاحٌ
آخَرُ لِلْفُقَهَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ
سَبَبَ الْفَضْلِ إلَخْ) هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنَّ الْمَنْدُوبَ فَضَلَهُ
(قَوْلُهُ: وَشُرِعَ لِتَكْمِيلِ نَقْصِ الْفَرَائِضِ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْعُبَابِ، وَإِذَا انْتَقَصَ فَرْضُهُ كَمَّلَ مِنْ نَفْلِهِ وَكَذَا
بَاقِي الْأَعْمَالِ اهـ وَقَوْلُهُ نَفْلِهِ قَدْ يَشْمَلُ غَيْرَ سُنَنِ
ذَلِكَ الْفَرْضِ مِنْ النَّوَافِلِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ «،
فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ
اُنْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا انْتَقَصَ
مِنْ الْفَرِيضَةِ» بَلْ قَدْ يَشْمَلُ هَذَا تَطَوُّعًا لَيْسَ مِنْ
جِنْسِ الْفَرِيضَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُ تَأْوِيلَهُ
إلَخْ) إنْ كَانَتْ الْهَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ لِلْبَيْهَقِيِّ فَفِي
مُوَافَقَةِ تَأْوِيلِهِ الْأَوَّلِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ
ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الِاحْتِسَابُ
مُطْلَقًا) إنْ أُرِيدَ
(2/219)
وَأَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ
الشَّهَادَتَيْنِ الصَّلَاةُ فَفَرْضُهَا أَفْضَلُ الْفُرُوضِ وَنَفْلُهَا
أَفْضَلُ النَّوَافِلِ وَلَا يَرِدُ طَلَبُ الْعِلْمِ وَحِفْظُ الْقُرْآنِ؛
لِأَنَّهُمَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَيَلِيهَا الصَّوْمُ فَالْحَجُّ
فَالزَّكَاةُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ أَفْضَلُهَا
الزَّكَاةُ وَقِيلَ الصَّوْمُ وَقِيلَ الْحَجُّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ،
وَالْخِلَافُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ وَاحِدٍ أَيْ عُرْفًا مَعَ
الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ
أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ الْعَمَلُ
الْقَلْبِيُّ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الرِّيَاءِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ
قَالَ الْحَلِيمِيُّ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ
لَمْ يُعْمَلْ لِمُجَرَّدِ التَّقَرُّبِ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ
يُثَبْ عَلَيْهِ وَإِنْ سَقَطَ بِالْفَرْضِ مِنْهُ الْوُجُوبُ وَمُرَادُهُ
السَّالِمُ مِنْ الرِّيَاءِ، وَأَمَّا مَا صَاحَبَهُ غَيْرُهُ كَالْحَجِّ
بِقَصْدِهِ وَقَصْدِ التِّجَارَةِ فَلَهُ ثَوَابٌ بِقَدْرِ قَصْدِهِ
الْعِبَادَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا قَرْنَهُ بِهَا غَيْرُ
مُنَافٍ لَهَا بِخِلَافِ الرِّيَاءِ كَمَا أَشَرْت لِذَلِكَ فِي بَابِ
الْوُضُوءِ وَأَطَلْت الْكَلَامَ فِيهِ فِي حَاشِيَةِ إيضَاحِ
الْمَنَاسِكِ.
(صَلَاةُ النَّفْلِ قِسْمَانِ قِسْمٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) تَمْيِيزٌ
مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ لَا حَالٌ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ
مُقْتَضَاهُ نَفْيُ سُنِّيَّتِهِ حَالَ الْجَمَاعَةِ لَا الِانْفِرَادِ
وَهُوَ فَاسِدٌ بَلْ هُوَ مَسْنُونٌ فِيهِمَا، وَالْجَائِزُ بِلَا
كَرَاهَةٍ هُوَ وُقُوعُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ مَعَ
الْفَرَائِضِ) وَهِيَ السُّنَنُ التَّابِعَةُ لَهَا (وَهِيَ رَكْعَتَانِ
قَبْلَ الصُّبْحِ) وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا لِلِاتِّبَاعِ وَأَنْ يَقْرَأَ
فِيهِمَا بِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
نَظَرٌ ظَاهِرٌ سم
(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَلِيهَا فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ وَقِيلَ أَفْضَلُهَا الزَّكَاةُ وَقَوْلَهُ أَيْ عُرْفًا
(قَوْلُهُ: عِبَادَاتِ الْبَدَنِ) احْتَرَزَ بِالْبَدَنِ عَنْ الْقَلْبِ
كَمَا يَأْتِي فَتَشْمَلُ عِبَادَةُ الْبَدَنِ الْعِبَادَةَ
اللِّسَانِيَّةَ وَالْعِبَادَةَ الْمَالِيَّةَ كَمَا يُفِيدُ قَوْلُهُ
بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ أَفْضَلُهَا الزَّكَاةُ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ أَمَّا النُّطْقُ بِهِمَا فَهُوَ
أَفْضَلُ مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا
فِي هَذَا مِنْ الْمُنَافَاةِ لِمَا سَبَقَ لَهُ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ
مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ مِنْ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْفُرُوضِ
حَتَّى الصَّلَاةِ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَنَفْلِهَا
فَرَاجِعْهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ إلَخْ) يَظْهَرُ
مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ م ر أَيْ النِّهَايَةِ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا
وَهُوَ ظَاهِرُ ع ش (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الصَّوْمُ إلَخْ) وَقِيلَ إنْ كَانَ
بِمَكَّةَ فَالصَّلَاةُ أَوْ بِالْمَدِينَةِ فَالصَّوْمُ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ) وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ الْعِبَادَاتُ
تَخْتَلِفُ أَفْضَلِيَّتُهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا وَفَاعِلِيهَا
فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْل بِأَفْضَلِيَّةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ
كَمَا لَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخُبْزَ أَفْضَلُ مِنْ
الْمَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْجَائِعِ، وَالْمَاءُ أَفْضَلُ
لِلْعَطْشَانِ، فَإِنْ اجْتَمَعَا نُظِرَ لِلْأَغْلَبِ فَتَصَدُّقُ
الْغَنِيِّ الشَّدِيدِ الْبُخْلِ بِدِرْهَمٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ
لَيْلَةٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حُبِّ
الدُّنْيَا، وَالصَّوْمُ لِمَنْ اسْتَحْوَذَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ مِنْ
الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ:
وَالْخِلَافُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ) وَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ
غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْآكَدِ دُونَ الْمُؤَكَّدِ
فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ الْأَحَدِ
الْمُقَابِلِ لِلْآكَدِ ع ش (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْعَمَلُ الْقَلْبِيُّ
إلَخْ) أَيْ كَالْإِيمَانِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَالتَّفَكُّرِ أَيْ فِي
مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّوَكُّلِ، وَالصَّبْرِ، وَالرِّضَا،
وَالْخَوْفِ، وَالرَّجَا وَمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةِ
رَسُولِهِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالتَّطَهُّرِ مِنْ الرَّذَائِلِ،
وَأَفْضَلُهَا الْإِيمَانُ وَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ
تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَقَدْ
يَكُونُ إلَخْ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّوْبَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَلَّ كَتَفَكُّرِ
سَاعَةٍ مَعَ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش
وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ) أَيْ كَسَفَرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ:
فِي بَابِ الْوُضُوءِ) حَيْثُ قَالَ، وَالْأَوْجَهُ إنْ قَصَدَ
الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ غَيْرُهُ
مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا سم.
(قَوْلُهُ: تَمْيِيزٌ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ:
وَمُبَادَرَتُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُسَنُّ هَذَانِ إلَى
الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِلْخَبَرِ إلَى وَصَحَّ (قَوْلُهُ: تَمْيِيزٌ
مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ) أَيْ، وَالْأَصْلُ لَا تُسَنُّ فِيهِ
الْجَمَاعَةُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: هُوَ مَسْنُونٌ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ
وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ الْجَمَاعَةِ
ع ش (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا) وَلَهُ فِي نِيَّتِهِمَا عَشْرُ
كَيْفِيَّاتٍ فَيَنْوِي بِهِمَا سُنَّةَ الْفَجْرِ أَوْ رَكْعَتَيْ
الْفَجْرِ أَوْ سُنَّةَ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ أَوْ سُنَّةَ
الْغَدَاةِ أَوْ رَكْعَتَيْ الْغَدَاةِ أَوْ سُنَّةَ الْبَرْدِ أَوْ
رَكْعَتَيْ الْبَرْدِ أَوْ سُنَّةَ الْوُسْطَى أَوْ رَكْعَتَيْ الْوُسْطَى
بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا الصَّلَاةُ الْوُسْطَى شَيْخُنَا
وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ) وَهُمَا
قَوْله تَعَالَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136] إلَى قَوْلِهِ
{مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] وَقَوْلُهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِالْإِطْلَاقِ مَا يَشْمَلُ تَعَمُّدَ التَّرْكِ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ) وَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ
غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْآكَدِ دُونَ الْمُؤَكَّدِ
فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْعَمَلُ الْقَلْبِيُّ إلَخْ)
ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَلَّ كَتَفَكُّرِ سَاعَةٍ مَعَ صَلَاةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ
(قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ السَّالِمُ مِنْ الرِّيَاءِ) فِي حَاشِيَةِ
الْإِيضَاحِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: وَيُجَابُ عَنْ
الْخَبَرِ أَيْ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى
أَنَّهُ حَيْثُ اجْتَمَعَ قَصْدٌ دُنْيَوِيٌّ وَأُخْرَوِيٌّ فَلَا ثَوَابَ
أَصْلًا وَهُوَ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ «مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي
فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ هُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ» بِحَمْلِهِ لِيُوَافِقَ
مَا مَرَّ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِعَمَلِهِ الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ؛
لِأَنَّهُ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ فَلَا يُمْكِنُ مُجَامَعَةُ الثَّوَابِ لَهُ
اهـ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا صَاحَبَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) فِي مُقَابَلَتِهِ
لِمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ مَعَ قَوْلِهِ وَمُرَادُهُ إلَخْ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ بِقَصْدِهِ وَقَصْدِ التِّجَارَةِ) وَقَدْ يُقَالُ
الْحَجُّ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِحْرَامِ وَالْأَعْمَالِ الْمَخْصُوصَةِ وَلَا
يُقْصَدُ بِهَا التِّجَارَةُ نَعَمْ قَدْ يُقْصَدُ بِوَسِيلَتِهَا مِنْ
السَّفَرِ ذَلِكَ فَهَلْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ حَتَّى يَنْقُصَ ثَوَابُ
مَنْ قَصَدَ بِسَفَرِهِ الْحَجَّ وَالتِّجَارَةَ وَإِنْ أَتَى
بِإِحْرَامِهِ وَمَا بَعْدَهُ لِمُجَرَّدِ التَّقَرُّبِ (قَوْلُهُ: كَمَا
أَشَرْت لِذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ عَقِبَ
مَسْأَلَةِ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فَلَا
تَشْرِيَكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ بِخِلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الثَّوَابُ
وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفُوا فِي حُصُولِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ
بِأَدِلَّتِهِ الْوَاضِحَةِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهَا إنْ
قَصَدَ الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ
غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءَ وَنَحْوَهُ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا.
اهـ.
(2/220)
أَوْ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ
وَأَنْ يَضْطَجِعَ، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ
بَعْدَهُمَا وَكَأَنَّ مِنْ حِكَمِهِ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِذَلِكَ
ضَجْعَةَ الْقَبْرِ حَتَّى يَسْتَفْرِغَ وُسْعَهُ فِي الْأَعْمَالِ
الصَّالِحَةِ وَيَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ
بَيْنَهُمَا أَوْ تَحَوُّلٍ وَيَأْتِي هَذَا فِي الْمَقْضِيَّةِ وَفِيمَا
لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (وَرَكْعَتَانِ
قَبْلَ الظُّهْرِ وَكَذَا) رَكْعَتَانِ (بَعْدَهَا وَ) رَكْعَتَانِ (بَعْدَ
الْمَغْرِبِ)
وَفِي الْكِفَايَةِ يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا حَتَّى يَنْصَرِفَ أَهْلُ
الْمَسْجِدِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا فِي الرَّوْضَةِ
مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ خِلَافُهُ
إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ بَيَانٌ لِأَصْلِ السُّنَّةِ وَذَلِكَ
لِكَمَالِهَا وَيُسَنُّ هَذَانِ أَيْضًا فِي سَائِرِ السُّنَنِ الَّتِي
لَمْ تَرِدْ لَهَا قِرَاءَةٌ مَخْصُوصَةٌ كَمَا بُحِثَ (وَ) رَكْعَتَانِ
(بَعْدَ الْعِشَاءِ) وَلَوْ لِلْحَاجِّ بِمُزْدَلِفَةَ، وَإِنَّمَا سُنَّ
لَهُ تَرْكُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ لِيَسْتَرِيحَ وَيَتَهَيَّأَ لِمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَذَلِكَ
لِلِاتِّبَاعِ فِي الْكُلِّ (وَقِيلَ لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ) ؛ لِأَنَّ
الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا يَجُوزُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64] إلَى قَوْلِهِ {مُسْلِمُونَ}
[آل عمران: 64] أَيْضًا ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْكَافِرُونَ
وَالْإِخْلَاصِ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِأَوْ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ
الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَخْفِيفُ
الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ تَطْوِيلٌ وَقَدْ يُقَالُ
إنْ ثَبَتَ وُرُودُ كُلٍّ فِي رِوَايَةٍ فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ
الْجَمْعَ بَيْنَهَا أَفْضَلُ لِيَتَحَقَّقَ الْعَمَلُ بِجَمِيعِ
الرِّوَايَاتِ وَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهَا فَالْأَقْرَبُ
تَقْدِيمُ الْكَافِرُونَ، وَالْإِخْلَاصِ لِمَا وَرَدَ فِيهِمَا ثُمَّ
رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ مَا نَصُّهُ الْمُرَادُ
بِتَخْفِيفِهِمَا عَدَمُ تَطْوِيلِهِمَا عَلَى الْوَارِدِ فِيهِمَا حَتَّى
لَوْ قَرَأَ الشَّخْصُ فِي الْأُولَى آيَةَ الْبَقَرَةِ، وَ {أَلَمْ
نَشْرَحْ} [الشرح: 1] ، وَالْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ آيَةَ آلِ
عِمْرَانَ، وَ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [الفيل: 1] ، وَالْإِخْلَاصَ لَمْ
يَكُنْ مُطَوِّلًا لَهُمَا تَطْوِيلًا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ السُّنَّةِ
وَالِاتِّبَاعِ انْتَهَى. اهـ.
ع ش وَقَوْلُهُ فَالْأَقْرَبُ إلَخْ خَالَفَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ
وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِآيَةِ الْبَقَرَةِ
وَآيَةِ آلِ عِمْرَانَ وَإِلَّا فَبِسُورَتَيْ {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح:
1] ، وَ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [الفيل: 1] وَإِلَّا فَبِسُورَتَيْ
الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ كَانَ
أَوْلَى. اهـ. وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ إلَخْ
أَشَارَ بَاقُشَيْرٍ إلَى رَدِّهِ بِمَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّةُ أَوْ أَنَّهُ
لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِسُنِّيَّةِ التَّخْفِيفِ، وَإِنْ قَالَ فِي
بَعْضِ كُتُبِهِ كَكَثِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فِي التَّشَهُّدِ لِثُبُوتِ كُلٍّ
فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا ثَابِتٌ فِي صَلَاتَيْنِ فَلَا يُجْمَعُ
بَيْنَهُمَا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ. اهـ. وَهَذَا أَظْهَرُ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضْطَجِعَ إلَخْ) وَيَحْصُلُ أَصْلُ
السُّنَّةِ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ فُعِلَتْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَقْبِلَ
الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدِّمِ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّهَا الْهَيْئَةُ
الَّتِي تَكُونُ فِي الْقَبْرِ فَهِيَ أَقْرَبُ لِتَذْكِيرِ أَحْوَالِهِ،
فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ تِلْكَ الْحَالَةُ فِي مَحِلِّهِ انْتَقَلَ
إلَى غَيْرِهِ مِمَّا يَسْهُلُ فِعْلُهَا فِيهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بَعْدَهُمَا) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى
الْفَرْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ
بَيْنَهُمَا إلَخْ، فَإِذَا قَدَّمَ الْفَرْضَ فَعَلَ الضَّجْعَةَ
بَعْدَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا مَا
يُوَافِقُهُ وَعَنْ ع ش مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ كَلَامٍ)
ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ
مِنْهُ تَمْيِيزُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا مِنْ الصَّلَاةِ
الَّتِي شَرَعَ فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ الْكَلَامِ
لَا يُفَوِّتُ سَنَّ الِاضْطِجَاعِ حَتَّى لَوْ أَرَادَهُ بَعْدَ الْفَصْلِ
الْمَذْكُورِ حَصَلَ بِهِ السُّنَّةُ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ)
عِبَارَةُ شَيْخِنَا، فَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ أَتَى بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ
غَيْرِ دُنْيَوِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ انْتَقَلَ مِنْ
مَكَانِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ
إذَا أَخَّرَ سُنَّةَ الصُّبْحِ عَنْهَا نُدِبَ لَهُ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ
السُّنَّةِ لَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَبَيْنَهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛
لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الِاضْطِجَاعِ الْفَصْلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ
كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَصَلَ
بَيْنَهُمَا إلَخْ ع ش وَخَالَفَ شَيْخُنَا فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَلَوْ
أَخَّرَهُمَا عَنْ الْفَرْضِ اضْطَجَعَ بَعْدَ السُّنَّةِ كَمَا فِي
حَوَاشِي الْخَطِيبِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي وَغَيْرُهُ
فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ السُّنَّةِ سَوَاءٌ قَدَّمَهَا
أَوْ أَخَّرَهَا. اهـ. وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ مَا يُوَافِقُهُ
لَكِنَّ مَيْلَ الْقَلْبِ إلَى مَا قَالَهُ ع ش وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ: يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ
تَطْوِيلَهُمَا سُنَّةٌ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ
يَعِيَ بِانْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ سَنُّ ذَلِكَ
لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ يَنْصَرِفُ عَادَةً أَوْ مَنْ
دَعَاهُ إلَى الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ سم عَلَى حَجّ،
وَالْكَلَامُ حَيْثُ فَعَلَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ
انْصِرَافَهُ لِيَفْعَلَهُمَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ وَيُلْحَقُ بِهِمَا
فِي سَنِّ التَّطْوِيلِ الْمَذْكُورِ بَقِيَّةُ السُّنَنِ
الْمُتَأَخِّرَةِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ
بِالِانْصِرَافِ عَقِبَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ)
أَيْ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَ (قَوْلُهُ: وَذَاكَ) أَيْ مَا فِي
الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: لِكَمَالِهَا) وَيَنْبَغِي حَيْثُ أَرَادَ
الْأَكْمَلَ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَافِرُونَ لِوُرُودِهَا بِخُصُوصِهَا ثُمَّ
يَضُمُّ إلَيْهَا مَا شَاءَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الرَّكْعَةِ
الثَّانِيَةِ فَيُقَدِّمُ الْإِخْلَاصَ إلَخْ، وَالْأَوْلَى فِيمَا
يَضُمُّهُ رِعَايَةُ تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ
إذَا رَاعَى ذَلِكَ تَطْوِيلٌ ضَمَّ إلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ، وَإِنْ خَالَفَ
تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ هَذَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ
أُسْتَاذِنَا أَبِي الْحَسَنِ الْبِكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ وَيَقْرَأُ فِي
الْأُولَى مِنْ جَمِيعِ الرَّوَاتِبِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
[الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ إلَّا إذَا وَرَدَتْ
سُنَّةٌ بِخِلَافِهِ وَكَذَلِكَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ
وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ انْتَهَى. اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَلِلْحَاجِّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ:
لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الْآتِي فِي شَرْحِ
وَهُوَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: يُسَنُّ تَطْوِيلُهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّ تَطْوِيلَهُمَا
سُنَّةٌ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُغَيَّا
بِانْصِرَافِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ سَنُّ ذَلِكَ لِكُلِّ
أَحَدٍ حَتَّى يَنْصَرِفَ مَنْ يَنْصَرِفُ عَادَةً أَوْ مَنْ دَعَاهُ إلَى
الِانْصِرَافِ أَمْرٌ عَرَضَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ هَذَانِ أَيْضًا
فِي سَائِرِ السُّنَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ أُسْتَاذِنَا أَبِي الْحَسَنِ
الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى مِنْ جَمِيعِ
الرَّوَاتِبِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي
الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ إلَّا إذَا وَرَدَتْ سُنَّةٌ بِخِلَافِهِ
وَكَذَلِكَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ
(2/221)
أَنْ يَكُونَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ
وَيَرُدُّهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
يُؤَخِّرُ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَيَفْتَتِحُهَا بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ
ثُمَّ يُطَوِّلُهَا» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَيْنَكَ لَيْسَتَا
مِنْهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إلَى
آخِرِهِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ إنَّمَا يَنْفِي التَّأَكُّدَ لَا أَصْلَ
السُّنَّةِ وَمَعْنَى تَعْلِيلِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا جَازَ
كَوْنُهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ انْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ
الْمُقْتَضِيَةُ لِلتَّأْكِيدِ (وَقِيلَ: «أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ) ؛
لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَعُهَا»
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَقِيلَ وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى
أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّارِ» (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ)
لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ»
وَصَحَّ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا»
(وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ) رَاتِبَةٌ قَطْعًا لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي
الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ (وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ
الْمُؤَكَّدِ) مِنْ حَيْثُ التَّأَكُّدُ فَعَلَى الْأَخِيرِ الْكُلُّ
مُؤَكَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحُ الْمُؤَكَّدُ تِلْكَ الْعَشْرُ
لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ
عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْبَاقِيَةِ وَكَانَ فِي
الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي أَرْبَعِ الظُّهْرِ وَأَرْبَعِ الْعَصْرِ
لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ مُحَقِّقِي
الْأُصُولِيِّينَ وَمُبَادَرَتُهُ مِنْهَا أَمْرٌ عُرْفِيٌّ لَا وَضْعِيٌّ
لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى؛ لِأَنَّ
التَّأْكِيدَ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا مِنْ كَانَ بَلْ مِنْ لَا يَدَعُ إلَّا
أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لِلْأَغْلَبِ بِدَلِيلِ «أَنَّهُ تَرَكَ
بَعْدِيَّةَ الظُّهْرِ لِاشْتِغَالِهِ بِوَفْدٍ قَدِمَ عَلَيْهِ وَقَضَاهَا
بَعْدَ الْعَصْرِ» ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ
مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ الْمُؤَكَّدَ وَلَا غَيْرَهُ انْصَرَفَ
لِلْمُؤَكَّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ، وَالطَّلَبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَنْ يَكُونَا) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: بِرَكْعَتَيْنِ
خَفِيفَتَيْنِ) وَحِكْمَةُ تَخْفِيفِهِمَا الْمُبَادَرَةُ إلَى حَلِّ
الْعُقْدَةِ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ حَلِّ الْعُقْدَتَيْنِ قَبْلَهَا
وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ «أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي لِلْإِنْسَانِ
بَعْدَ نَوْمِهِ فَيَعْقِدُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ عُقَدٍ وَيَقُولُ لَهُ
عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّهَ
تَعَالَى انْحَلَّتْ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ
الثَّانِيَةُ، وَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ انْحَلَّتْ الثَّالِثَةُ» ع ش
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُطَوِّلُهَا) أَيْ صَلَاةَ اللَّيْلِ ع ش (قَوْلُهُ
فَدَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُسَنُّ تَعْجِيلُ سُنَّةِ
الْعِشَاءِ الْبَعْدِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ وَوَثِقَ
بِالْيَقِظَةِ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ تَيْنَكَ) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ
الْخَفِيفَتَيْنِ ع ش، وَالْأَوْلَى أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ
الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ
يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ
بَعْدَهَا إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ
الْإِشْكَالَ فَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ الْقَطْعِ الْآتِي
بِأَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ انْتَهَى لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ م ر كحج
وَمَعْنَى تَعْلِيلِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ
الْخِلَافِ فِيهَا كَغَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا الْوَجْهَ) أَيْ
وَقِيلَ لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ إلَخْ
رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: انْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ) هَذَا اللُّزُومُ
مَمْنُوعٌ سم أَيْ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لَا
سِيَّمَا لِعُذْرٍ لَا يُنَافِي الْمُوَاظَبَةَ (قَوْلُهُ: رَحِمَ اللَّهُ
إلَخْ) مُرَادُهُ الدُّعَاءُ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) إلَى قَوْلِهِ وَكَانَ فِي الْمُغْنِي إلَّا
قَوْلَهُ لِلْخَبَرِ إلَى وَصَحَّ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ التَّأَكُّدُ)
بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي الرَّاتِبِ شَارِحٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَاظَبَ
عَلَيْهَا أَكْثَرُ إلَخْ) فَلَا مُوَاظَبَةَ سم وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي
عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ إلَخْ) أَيْ لَفْظَةُ
كَانَ (قَوْلُهُ: فِي أَرْبَعِ الظُّهْرِ) أَيْ الْقَبْلِيَّةَ (قَوْلُهُ:
لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لِلْقَطْعِ بِتَحَقُّقِ
التَّكْرَارِ هُنَا وَعَدَمِ اسْتِلْزَامِهِ لِلْمُوَاظَبَةِ الْمُوجِبَةِ
إنْ كَانَ لِلتَّأْكِيدِ وَأَيُّ وَجْهٍ لِنَفْيِ اقْتِضَائِهَا
التَّكْرَارَ وَأَيُّ حَاجَةٍ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ دَعْوَى
أَنَّ عَدَمَ اقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ هُوَ الْأَصَحُّ إلَخْ مَمْنُوعٌ
وَأَيْضًا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ فِي بَيَانِ التَّكْرَارِ مِنْهَا إلَى
الْعُرْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ
الْجَوَامِعِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِلتَّكْرَارِ
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْعُرْفُ. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ أَيْ قَلِيلًا لُغَةً كَمَا فِي
حَاشِيَتِهِ لِلْكَمَالِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ إلَخْ يُنَبِّهُ عَلَى
كَثْرَةِ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْعُرْفِ كَمَا فِي الْكَمَالِ سم
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلَهُ وَكَانَ لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا
وَ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي أَرْبَعِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ:
بِأَنَّهُ) لَا يَدَعُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَرَكَ إلَخْ) فِيهِ
أَنَّ الْكَلَامَ فِي قَبْلِيَّةِ الظُّهْرِ فَلَا تَقْرِيبَ وَنَظَرَ
فِيهِ سم أَيْضًا بِمَا نَصُّهُ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ،
وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ تَرَكَهَا ثُمَّ قَضَاهَا. اهـ. أَيْ، فَإِنَّهُ
يُقَوِّي التَّأَكُّدَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَصَرَ) إلَى قَوْلِهِ وَكَانَ
عُذْرُهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ
إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْأَرْبَعَ الْقَبْلِيَّةَ مَثَلًا
بِسَلَامَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ انْصِرَافُ الْأَوَّلِيَّيْنِ لِلْمُؤَكَّدِ
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ إلَخْ انْصِرَافُهُمَا
لَهُ مُطْلَقًا وَهَلْ الْقَبْلِيَّةَ أَفْضَلُ أَوْ الْبَعْدِيَّةُ أَوْ
هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْبَعْدِيَّةَ
أَفْضَلُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى فِعْلِ الْفَرِيضَةِ أَقُولُ، وَالْأَقْرَبُ
التَّسَاوِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبَهْجَةِ ع ش (قَوْلُهُ:
وَلَمْ يَنْوِ الْمُؤَكَّدَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمَغْرِبِ وَبَقِيَّةِ السُّنَنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَنَّهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إذَا
جَازَ كَوْنُهَا إلَخْ) فِيهِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ
يَجُوزُ كَوْنُهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَهُوَ
خِلَافُ مُرَادِ هَذَا الْقَائِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَرَادَ
أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ حَيْثُ فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَهَذَا كَمَا يَنْفِي الْمُوَاظَبَةَ يَنْفِي الرَّاتِبِيَّةَ
مُطْلَقًا لِظُهُورِ التَّنَافِي بَيْنَ الْكَوْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ
وَالرَّاتِبِيَّةِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ
هَذِهِ مِنْ الْقَطْعِ الْآتِي بِأَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ:
انْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ) هَذَا اللُّزُومُ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: مِنْ
حَيْثُ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي الرَّاتِبِ ش (قَوْلُهُ: وَاظَبَ عَلَيْهَا
أَكْثَرُ) فَلَا مُوَاظَبَةَ (قَوْلُهُ: لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا إلَخْ)
فِيهِ تَأَمُّلٌ لِلْقَطْعِ بِتَحَقُّقِ التَّكْرَارِ هَهُنَا وَعَدَمِ
اسْتِلْزَامِهِ لِلْمُوَاظَبَةِ الْمُوجِبَةِ إنْ كَانَ لِلتَّأْكِيدِ
وَأَيُّ وَجْهٍ لِنَفْيِ اقْتِضَاءِ التَّكْرَارِ وَأَيُّ حَاجَةٍ إلَيْهِ
فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ دَعْوَى أَنَّ عَدَمَ اقْتِضَائِهَا
التَّكْرَارَ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ
مَمْنُوعٌ وَأَيْضًا يَكْفِي الِاسْتِنَادُ فِي بَيَانِ التَّكْرَارِ
مِنْهَا إلَى الْعُرْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ
إلَخْ) لَك أَنْ تُجِيبَ أَيْضًا بِمَنْعِ أَخْذِ التَّأَكُّدِ مِنْ لَا
يَدْعُ؛ لِأَنَّ لَا لَا تُفِيدُ تَأْبِيدَ النَّفْيِ فَيَصْدُقُ
بِوُجُودِهِ فِي بَعْضِ أَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ بَعْضٍ
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَرَكَ إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ
نَظَرٌ
(2/222)
فِيهِ أَقْوَى
. (وَقِيلَ) مِنْ السُّنَنِ (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ)
لِمَا يَأْتِي (قُلْت هُمَا سُنَّةٌ) غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ (عَلَى الصَّحِيحِ
فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِهِمَا) لَكِنْ بِلَفْظِ «صَلُّوا
قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ»
كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً أَيْ طَرِيقَةً لَازِمَةً
فَلَيْسَ الْمُرَادُ فِي سُنَّتَيْهِمَا بِالْمَعْنَى الَّذِي نَحْنُ
فِيهِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ مَدْلُولُ صَلُّوا أَوَّلَ الْحَدِيثِ لَا
سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ - كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا إذَا أُذِّنَ
الْمَغْرِبُ حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ
فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مِنْ
يُصَلِّيهِمَا، وَالْمُرَادُ صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ
رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ»
وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّيهِمَا عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْيٌ غَيْرِ
مَحْصُورٍ وَزَعْمُ أَنَّهُ مَحْصُورٌ عَجِيبٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ
كَثِيرًا مِنْ الْأَزْمِنَةِ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْضُرْهُ ابْنُ عُمَرَ وَلَا أَحَاطَ بِمَا وَقَعَ
فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْحَصْرُ فَالْمُثْبِتُ مَعَهُ زِيَادَةُ
عِلْمٍ فَلْيُقَدَّمْ كَمَا قَدَّمُوا رِوَايَةَ مُثْبِتِ صَلَاتِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ عَلَى رِوَايَةِ
نَافِيهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مَعَهُ فِيهَا
وَبِفَرْضِ التَّسَاقُطِ يَبْقَى مَعَنَا صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ
رَكْعَتَيْنِ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ السَّابِقُ
«بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ أَيْ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ صَلَاةٌ» إذْ هُوَ
يَشْمَلُهَا نَصًّا وَمِنْ ثَمَّ أَخَذُوا مِنْهُ نَدْبَ رَكْعَتَيْنِ
قَبْلَ الْعِشَاءِ.
وَيُسَنُّ فِعْلُهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، فَإِنْ تَعَارَضَتْ
هِيَ وَفَضِيلَةَ التَّحَرُّمِ لِإِسْرَاعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
اقْتَصَرَ فِي نِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ اخْتَصَّ بِهِ وَبَقِيَ
مَا لَوْ أَطْلَقَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةَ
بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدٍ هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى ثِنْتَيْنِ أَوْ
يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْبَعٍ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ
بِالْأَوَّلِ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر الثَّانِي وَأَقَرَّهُ لَكِنْ فِي
كَلَامِ م ر عَلَى الْبَهْجَةِ لَوْ أَطْلَقَ السُّنَّةَ فِي تَحِيَّةِ
الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الضُّحَى حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ،
فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الضُّحَى وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ
وَبَيْنَ الرَّوَاتِبِ ع ش أَقُولُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي
وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْوِتْرِ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا صَحَّ وَاقْتَصَرَ
عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُ إلَخْ الثَّانِي أَيْ التَّخَيُّرُ ثُمَّ رَأَيْت
السَّيِّدَ الْبَصْرِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَبْحَثِ الْوِتْرِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ السُّنَنِ) أَيْ الرَّوَاتِبِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (لِمَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: «فِي
الثَّالِثَةِ» ) أَيْ مِنْ الْمَرَّاتِ وَ (قَوْلُهُ: «لِمَنْ شَاءَ» )
مَقُولُ قَالَ وَ (قَوْلُهُ: كَرَاهِيَةَ إلَخْ) مَفْعُولٌ لَهُ لِقَالَ
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ
يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الَّذِي نَحْنُ
إلَخْ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ
ثُبُوتَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهِمَا سُنَّةً بِذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ
يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا) أَيْ يَسْتَبِقُونَ الْعُمُدَ
لِلرَّكْعَتَيْنِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِصَلُّوا فِي
أَوَّلِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ صَرَّحْت بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ
رَكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: نَفْيٌ) بِالتَّنْوِينِ وَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ
مَحْصُورٍ) يَعْنِي نَفْيٌ مُطْلَقٌ لَا مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ
الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ: وَزَعْمُ أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛
لِأَنَّهُ ادَّعَى عَدَمَ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ
رُؤْيَتِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ رَأَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُثْبِتُ مَعَهُ إلَخْ) خُصُوصًا مَنْ أَثْبَتَ أَكْثَرُ
عَدَدًا مِمَّنْ نَفَى مُغْنِي (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّفَاقِهِمَا) أَيْ
الْمُثْبِتِ وَالنَّافِي ع ش (قَوْلُهُ: مَعْنَى صَلُّوا إلَخْ) كَذَا فِي
النِّهَايَةِ وَأَكْثَرُ نُسَخِ الشَّرْحِ بِالْيَاءِ وَفِي نُسْخَةٍ
مِنْهُ مَعَنَا إلَخْ بِالْأَلِفِ وَهِيَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ:
وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ) أَيْ وَيَبْقَى مَعَنَا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ ع ش
(قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَّ أَخَذُوا مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ (فَرْعٌ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ
الْأَخِيرَةِ رَكْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا لِحَدِيثِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ
صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ
لِمَنْ شَاءَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. اهـ.
وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ فَصَاعِدًا
أَنَّ الْمَطْلُوبَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَيْضًا رَكْعَتَانِ فَصَاعِدًا
لَكِنْ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي الشَّرْحِ التَّقْيِيدُ
بِالرَّكْعَتَيْنِ سم (قَوْلُهُ: وَأَخَذُوا) إلَى قَوْلِهِ وَكَانَ
عُذْرُهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ فِعْلُهُمَا) أَيْ
اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَكَذَا سَائِرُ الرَّوَاتِبِ
الْقَبْلِيَّةَ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَاتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ
الْعَادَةُ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِفِعْلِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ دُخُولِ
وَقْتِهَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كَثِيرٍ
مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ عِنْدَ شُرُوعِ
الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ الْمُفَوِّتِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ
وَلِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي بَلْ هُوَ
مَكْرُوهٌ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَارَضَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ
الْعُبَابِ أَيْ، وَالْمُغْنِي وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ
بِالْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ بَلْ يَصْبِرُ لِفَرَاغِهِ،
فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِقَامَةِ زَمَنٌ يَسَعُهَا وَإِلَّا
فَلَا إذْ مَحَلُّ نَدْبِ تَقْدِيمِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا لَمْ
يَشْرَعْ الْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ
الشُّرُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ
الشُّرُوعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ تَرَكَهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا إذَا
تَرَكَهَا ثُمَّ قَضَاهَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ
الْجَوَامِعِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِلتَّكْرَارِ
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْعُرْفُ اهـ بِاخْتِصَارٍ قَوْلُهُ وَقَدْ
تُسْتَعْمَلُ أَيْ قَلِيلًا لُغَةً كَمَا بَيَّنَهُ الْكَمَالُ فِي
حَاشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْعُرْفُ يُنَبِّهُ عَلَى
كَثْرَةِ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ
ثُمَّ قَالَ، وَالتَّحْقِيقُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي تَحْرِيرِهِ
وِفَاقًا لِلْمَوْلَى سَعْدِ الدِّينِ فِي حَوَاشِيهِ أَنَّ الْمُفِيدَ
لِلِاسْتِمْرَارِ هُوَ لَفْظُ الْمُضَارِعِ وَكَانَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى
مُضِيِّ ذَلِكَ الْمَعْنَى اهـ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِمْرَارِ يَقْتَضِي
أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْرَارِ الِاسْتِمْرَارُ وَيُجَابُ بِأَنَّ
الْمُرَادَ الِاسْتِمْرَارُ التَّجَدُّدِيُّ وَهُوَ مَعْنَى التَّكْرَارِ
فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَخَذُوا مِنْهُ نَدْبَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ
الْعِشَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ
يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا لِحَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «بَيْنَ كُلِّ
أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ
أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ» رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانَيْنِ الْأَذَانُ
وَالْإِقَامَةُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ اهـ وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِ
بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ فَصَاعِدًا أَنَّ الْمَطْلُوبَ قَبْلَ
الْمَغْرِبِ أَيْضًا رَكْعَتَانِ فَصَاعِدًا لَكِنْ فِي الْحَدِيثِ
السَّابِقِ فِي الشَّرْحِ التَّقْيِيدُ بِالرَّكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ:
وَيُسَنُّ فِعْلُهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، فَإِنْ تَعَارَضَتَا
إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ
بِالْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ لَا
يُخَالِفُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ
يَصْبِرُ لِفَرَاغِهِ، فَإِنْ
(2/223)
الْإِمَامِ بِالْفَرْضِ عَقِبَ الْأَذَانِ
أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَهُ وَلَا يُقَدِّمُهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ
عَلَى الْأَوْجَهِ.
(وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِي الْخَبَرِ
الصَّحِيحِ ثِنْتَانِ مِنْهَا مُؤَكَّدَتَانِ (وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ
الظُّهْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهَا ثِنْتَانِ
مُؤَكَّدَتَانِ فَهِيَ كَالظُّهْرِ فِي الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ قَبْلَهَا
وَبَعْدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ خِلَافًا لِمَا قَدْ
يُتَوَهَّمُ مِنْ الْعِبَارَةِ مِنْ مُخَالَفَتِهَا الظُّهْرَ فِي
سُنَنِهَا الْمُتَأَخِّرَةِ وَكَانَ عُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ النَّصُّ
الصَّحِيحُ الْمُشْتَهِرُ إلَّا عَلَى هَذِهِ فَقَطْ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ
جَمْعٌ: إنَّ مَا يُصَلَّى قَبْلَهَا بِدْعَةٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ
لِلْخَبَرِ السَّابِقِ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» وَلِخَبَرِ
ابْنِ مَاجَهْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لِسُلَيْكٍ لَمَّا جَاءَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَصَلَّيْت قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ
قَالَ لَا قَالَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» وَقَوْلُهُ
«أَصَلَّيْت» إلَى آخِرِهِ يُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ
أَيْ وَحْدَهَا حَتَّى لَا يُنَافِيَ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ لِنَدْبِهَا
لِلدَّاخِلِ حَالَ الْخُطْبَةَ فَيَنْوِيَهَا مَعَ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ
الْقَبْلِيَّةَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا قَبْلُ وَيَنْوِي
بِالْقَبْلِيَّةِ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ كَالْبَعْدِيَّةِ وَلَا نَظَرَ
لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَقَعَ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ وُقُوعَهَا،
فَإِنْ لَمْ تَقَعْ لَمْ تَكْفِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الْأَوْجَهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَكْفِي كَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهَا
وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ وُجِدَ ثَمَّ بَعْضُهَا فَأَمْكَنَ الْبِنَاءُ
عَلَيْهِ وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَمْ يُمْكِنْ الْبِنَاءُ
وَخَرَجَ بِظَنِّ وُقُوعِهَا الشَّكُّ فِيهِ فَلَا يَأْتِي بِشَيْءٍ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ الْحَالَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَنْوِي سُنَّةَ الْوَقْتِ
وَلِمَنْ قَالَ يَنْوِي سُنَّةَ الظُّهْرِ.
(وَمِنْهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
فِيهَا فَلْيُؤَخِّرْهَا إلَى مَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ حِرْصًا عَلَى
إدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَا أَمْكَنَ انْتَهَى اهـ.
سم (قَوْلُهُ: أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَيَكُونُ ذَلِكَ
عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ
فَضْلٌ كَالْحَاصِلِ مَعَ تَقْدِيمِهِمَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ
عَلِمَ حُصُولَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ فِعْلِ
الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةَ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ
إمَامِ الثَّانِيَةِ سُنَّ تَقْدِيمُ الرَّاتِبَةِ وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ
الْأُولَى مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُولَى زِيَادَةُ فَضْلٍ كَكَثْرَةِ
الْجَمَاعَةِ أَوْ فِقْهِ الْإِمَامِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدِّمُهُمَا
عَلَى الْإِجَابَةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ
وَلِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ أَرْبَعٌ إلَخْ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ ابْنَ
مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا
أَرْبَعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي
سُنَّتِهَا الْمُتَأَخِّرَةِ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعُ بَعْدَ
الْجُمُعَةِ مُؤَكَّدَةً (قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ) أَيْ السُّنَّةِ
الْمُتَأَخِّرَةِ لِلْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: يُمْنَعُ حَمْلُهُ إلَخْ) إذْ
صَلَاتُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ الْمَسْجِدَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ
لِلتَّحِيَّةِ سم (قَوْلُهُ: أَيْ وَحْدَهَا حَتَّى لَا يُنَافِيَ
الِاسْتِدْلَالَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادِرُ بِقَرِينَةِ - قَبْلَ
أَنْ تَجِيءَ - أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَدَارُكُهُ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ
قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ وَمَا عَدَاهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيُشْكِلُ
الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُورُ سم (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي) إلَى قَوْلِهِ إذْ
الْفَرْضُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَالْبَعْدِيَّةِ (قَوْلُهُ
كَالْبَعْدِيَّةِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالسُّنَّةِ
الْمُتَأَخِّرَةِ الْبَعْدِيَّةَ حَيْثُ عَلِمَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ أَوْ
ظَنَّهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ إلَخْ
وَإِلَّا صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى بَعْدِيَّتَهُ ع ش عِبَارَةُ
شَيْخِنَا وَمَحَلُّ سَنِّ الْبَعْدِيَّةِ لِلْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يُصَلِّ
الظُّهْرَ مَعَهَا وَإِلَّا قَامَتْ قَبْلِيَّةُ الظُّهْرِ مَقَامَ
بَعْدِيَّةً الْجُمُعَةِ فَيُصَلِّي قَبْلِيَّةُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ
قَبْلِيَّةُ الظُّهْرِ ثُمَّ بَعْدِيَّتَهُ وَلَا بَعْدِيَّةَ لِلْجُمُعَةِ
حِينَئِذٍ. اهـ.
وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ وَعَنْ الرَّشِيدِيِّ مَا
يُقَيِّدُهُ بِمَا إذَا كَانَ فَعَلَ الظُّهْرَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ
(قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَقَعَ) أَيْ الْجُمُعَةُ
بِاخْتِلَافِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ الْفَرْضُ
أَنَّهُ ظَنَّ وُقُوعَهَا إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ أَيْ لِلنِّهَايَةِ إذْ
الْفَرْضُ أَنَّهُ كُلِّفَ بِالْإِحْرَامِ بِهَا، وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ
إجْزَائِهَا أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَنْوِي بِهَا بَعْدَ فِعْلِ
الظُّهْرِ بَعْدِيَّتَهُ لَا بَعْدِيَّةَ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ إلَخْ
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ، وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إلَخْ
يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَخَرَجَ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ
وَخَرَجَ إلَخْ مَضْرُوبًا عَلَيْهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ
وَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ تَبِعَ فِيهِ حَجّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَضَرَبَ
عَلَيْهِ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ بَدَلَهُ مَا فِي صَدْرِ الْقَوْلَةِ فَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ع ش وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م
ر أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَنْوِي بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ إلَخْ
أَيْ إنْ فَعَلَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ
وَانْظُرْ وَجْهَهُ حِينَئِذٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَقَعْ) أَيْ الْجُمُعَةُ سم (قَوْلُهُ: لَمْ
تَكْفِ) أَيْ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةَ (قَوْلُهُ وَقَالَ
بَعْضُهُمْ تَكْفِي) أَيْ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةَ إذَا لَمْ
تَقَعْ صَلَاتُهُ جُمُعَةً عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ ع ش
(قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا خَرَجَ
الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا أَوْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ إكْمَالِهَا جُمُعَةً
كَانْفِضَاضِ بَعْضِ الْعَدَدِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُرَدّ إلَخْ) فِيهِ
تَأَمُّلٌ سم (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ وُجِدَ ثَمَّ بَعْضُهَا فَأَمْكَنَ
الْبِنَاءُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ فِي بَعْضِهَا لِلْجُمُعَةِ،
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وُجِدَ ثَمَّ بَعْضُ الْجُمُعَةِ فَقَطْ فَأَمْكَنَ
بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهِ وَهُنَا وُجِدَ كُلُّ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ
الْقَبْلِيَّةَ بِقَصْدِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ بِنَاءٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ
لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ إلَخْ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم أَقُولُ
بَلْ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ وَفِيمَا إذَا
لَمْ تَقَعْ الْجُمُعَةُ صَحِيحَةً وَفَعَلَ الظُّهْرَ اسْتِئْنَافًا لَمْ
يُحْسَبْ شَيْءٌ مِنْ الْجُمُعَةِ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ فَلَمْ تُمْكِنْ
إقَامَةُ سُنَّتِهَا الْقَبْلِيَّةَ مَقَامَ قَبْلِيَّةِ الظُّهْرِ وَهَذَا
لَا غُبَارَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ هَذِهِ الْإِقَامَةِ
بِالْبِنَاءِ لِلْمُشَاكَلَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُمْكِنْ الْبِنَاءُ) أَيْ
فَيَأْتِي بِسُنَنِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ، وَالْبَعْدِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِقَامَةِ زَمَنٌ يَسَعُهَا فِعْلُهَا وَإِلَّا
فَلَا إذْ مَحَلُّ نَدْبِ تَقْدِيمِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا لَمْ
يَشْرَعْ الْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ
الشُّرُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ
الشُّرُوعِ فِيهَا فَلْيُؤَخِّرْهُمَا خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ
حِينَئِذٍ إلَى مَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ حِرْصًا عَلَى إدْرَاكِ فَضِيلَةِ
التَّحَرُّمِ مَا أَمْكَنَ اهـ بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: يُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) إذْ صَلَاتُهُ
قَبْلَ مَجِيئِهِ الْمَسْجِدَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّحِيَّةِ
(قَوْلُهُ: أَيْ وَحْدَهَا حَتَّى لَا يُنَافِيَ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ
إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادِرُ بِقَرِينَةِ - قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ -
أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَدَارُكُ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ
وَمَا عَدَاهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُورُ
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَقَعَ) أَيْ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ إذْ
الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ ظَنُّ وُقُوعِهَا لَا يَكْفِي
فِي وُقُوعِهَا فَلَا يُسَوِّغُ السُّنَّةَ الْبَعْدِيَّةَ (قَوْلُهُ:
عَلَى الْأَوْجَهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ:
وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ يُرَدُّ بِأَنَّهُ
وُجِدَ ثَمَّ بَعْضُهَا فَأَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ) لَا يُقَالُ
لَيْسَ ثَمَّ بَعْضُ
(2/224)
أَيْ مَا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً
(الْوَتْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ
عَلَيْهِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»
وَتَسْمِيَتُهُ وَاجِبًا فِي حَدِيثٍ كَتَسْمِيَةِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ
كَذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِهِ مَزِيدُ التَّأْكِيدِ وَلِذَا كَانَ أَفْضَلَ
مَا لَا يُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ وَمَا اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّهُ
لَيْسَ مِنْ الرَّوَاتِبِ صَحِيحٌ خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَهُ؛ لِأَنَّهَا
تُطْلَقُ تَارَةً عَلَى مَا يَتْبَعُ الْفَرَائِضَ فَلَا يَدْخُلُ وَمِنْ
ثَمَّ لَوْ نَوَى بِهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ أَوْ رَاتِبَتَهَا لَمْ يَصِحَّ
وَتَارَةً عَلَى السُّنَنِ الْمُؤَقَّتَةِ فَيَدْخُلُ وَجَرَيَا عَلَيْهِ
فِي مَوَاضِعَ، وَلَوْ صَلَّى مَا عَدَا رَكْعَةَ الْوِتْرِ فَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ ثَوَابَ كَوْنِهِ مِنْ الْوِتْرِ؛
لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ وَكَذَا مَنْ
أَتَى بِبَعْضِ التَّرَاوِيحِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ أَتَى بِبَعْضِ
الْكَفَّارَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ؛ لِأَنَّ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِهَا
لَيْسَ لَهَا أَبْعَاضٌ مُتَمَايِزَةٌ بِنِيَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ يَجُوزُ
الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا
جَامِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.
(وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ
بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ» وَبِهِ اُعْتُرِضَ قَوْلُ
أَبِي الطَّيِّبِ يُكْرَهُ الْإِيتَارُ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ
أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا خِلَافُ الْأَوْلَى لِمُخَالَفَتِهِ
لِأَكْثَرِ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا
أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَكْرُوهَةٌ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا
يُنَافِيهِ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ حُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ
بِهَا (وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) رَكْعَةً لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ
عَلَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ وَهِيَ أَعْلَمُ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِهَا «مَا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي
رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» وَأَدْنَى
الْكَمَالِ ثَلَاثٌ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِثَلَاثٍ» الْحَدِيثَ وَأَكْمَلُ مِنْهُ
خَمْسٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
ع ش
(قَوْلُهُ: أَيْ مَا لَا يُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَتَسْمِيَتُهُ فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا جَامِعَ فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ
كَمَا قَالَ بِوُجُوبِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لِلْخَبَرِ إلَخْ وَلِقَوْلِهِ
تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] إذْ لَوْ وَجَبَ لَمْ
يَكُنْ لِلصَّلَوَاتِ وُسْطَى وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا أَعْلَمُ
أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِهِ حَتَّى صَاحِبَيْهِ
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ إلَخْ) وَلِخَبَرِ
الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «إنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ
خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» مُغْنِي (قَوْلُهُ:
وَتَسْمِيَتُهُ وَاجِبًا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي
وَلَفْظُ الْأَمْرِ فِي خَبَرِ «أَوْتِرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» لِلنَّدْبِ لِإِرَادَةِ مَزِيدِ التَّأْكِيدِ.
اهـ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ
بِهِ) أَيْ بِالتَّعْبِيرِ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ اعْتَرَضَهُ
إلَخْ) مِنْهُمْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي مَوَاضِعَ) مِنْهَا الرَّوْضَةُ
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنْ يُثَابَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ
إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً رَشِيدِيٌّ
عِبَارَةُ سم ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا
أَتَى بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِمَّا يُوهِمُ
مُخَالَفَةَ مَا ذَكَرَهُ أَيْ الشَّارِحِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ
مُخَالِفًا لِذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
أَنْ يَقْصِدَ الِاقْتِصَارَ ابْتِدَاءً عَلَى الشَّفْعِ وَبَيْنَ أَنْ
يَعِنَّ لَهُ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِيتَارِ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَ
الْحَالَيْنِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
وَلْيُحَرَّرْ. اهـ.
وَتَقَدَّمَ عَنْ سم وَالرَّشِيدِيِّ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْفَرْقِ
(قَوْلُهُ: ثَوَابَ كَوْنِهِ مِنْ الْوِتْرِ) أَيْ لَا ثَوَابَ النَّفْلِ
الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَجْمُوعِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ) الْأَنْسَبُ
بِمَا هُوَ بِصَدَدِهِ جَمِيعٌ لَا مَجْمُوعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ
وَقَدْ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّعْبِيرِ بِالْجَمِيعِ هُنَا (قَوْلُهُ:
وَكَذَا مَنْ أَتَى بِبَعْضِ التَّرَاوِيحِ) أَيْ كَالِاقْتِصَارِ عَلَى
الثَّمَانِيَةِ فَيُثَابُ عَلَيْهِمْ ثَوَابَ كَوْنِهَا مِنْ
التَّرَاوِيحِ، وَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءً الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا كَمَا
هُوَ الْمُعْتَادُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا
كَمَنْ أَتَى بِبَعْضِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ حَيْثُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ
ثَوَابَ بَعْضِ الْكَفَّارَةِ بَلْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ
أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَكِنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُ
إكْمَالَهُ وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ
عَلَى بَعْضِهَا) مَا عَدَا هَذَا الْقَيْدَ مِمَّا تَقَدَّمَ مَوْجُودٌ
فِي الصَّوْمِ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَأَمَّا هَذَا فَإِثْبَاتُهُ
فِي الْوِتْرِ دُونَ الْكَفَّارَةِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَكَيْفَ سَاغَ
الْفَرْقُ بِهِ سم (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُجَابُ فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ لِمُخَالَفَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ
بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْخَبَرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ كَوْنَ
الِاقْتِصَارِ خِلَافَ الْأَوْلَى وَ (قَوْلُهُ: الْخَبَرُ) أَلْ فِيهِ
لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) شَمَلَ مَا لَوْ أَتَى بِبَعْضِ الْوِتْرِ
ثُمَّ تَنَفَّلَ ثُمَّ أَتَى بِبَاقِيهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ)
إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ)
إلَى قَوْلِهِ (وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ إلَخْ) لَوْ فَعَلَ وَاحِدَةً
مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ كَثَلَاثٍ حَصَلَ الْوِتْرُ وَسَقَطَ الطَّلَبُ
وَامْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا
الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِذَا أَتَى بِثَلَاثٍ
بِنِيَّةِ الْوِتْرِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُشْفِعَهَا وَيَأْتِيَ بِأَكْمَلِ
الْوِتْرِ مَثَلًا كَانَ مُمْتَنِعًا سم وَيَأْتِي فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
ظُهْرٍ سَابِقٍ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ
أَسْقَطَ لَفْظَ عَلَيْهِ لَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَاصِلُ الْفَرْقِ
أَنَّهُ يَفْعَلُ بَعْضَ الظُّهْرِ بَعْدَ فَوَاتِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ
فَأَمْكَنَ أَنْ يَقَعَ الْمَجْمُوعُ ظُهْرًا وَفِي مَسْأَلَةِ السُّنَّةِ
لَا يَأْتِي بِبَعْضِ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ فَوَاتِ الشَّرْطِ
مُطْلَقًا بَلْ تَمَحَّضَ الْمَأْتِيُّ بِهِ لِسُنَّةِ الْجُمُعَةِ فَلَمْ
يَقَعْ عَنْ الظُّهْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الضَّمِيرُ فِي
بَعْضِهَا لِلْجُمُعَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ وُجِدَ ثَمَّ بَعْضُ
الْجُمُعَةِ فَقَطْ فَأَمْكَنَ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهِ وَهُنَا وُجِدَ
كُلُّ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةَ بِقَصْدِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ
بِنَاءٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ
فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ إلَخْ)
ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ
وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِمَّا يُوهِمُ
مُخَالَفَةَ مَا ذَكَرَهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لِذَلِكَ
عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ
الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا) مَا عَدَا هَذَا الْقَيْدَ مِمَّا
تَقَدَّمَ مَوْجُودٌ فِي الصَّوْمِ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَأَمَّا
هَذَا فَإِثْبَاتُهُ فِي الْوِتْرِ دُونَ الْكَفَّارَةِ هُوَ مَحَلُّ
النِّزَاعِ فَكَيْفَ سَاغَ الْفَرْقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ
الْخَبَرُ) لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ أَيْضًا لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى
بَيَانِ الْجَوَازِ إلَّا أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَثْبُتُ بِغَيْرِ
دَلِيلٍ إلَّا أَنَّهُمْ قَدْ يُثْبِتُونَهَا بِنَحْوِ مُخَالَفَةِ
تَأَكُّدِ الطَّلَبِ هَذَا وَمُطْلَقُ الْكَرَاهَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عِنْدَ
الْأَقْدَمِينَ عَلَى نَهْيٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: وَأَدْنَى الْكَمَالِ
ثَلَاثٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ فَسَبْعٌ إلَخْ) لَوْ
فَعَلَ وَاحِدَةً -
(2/225)
فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ (وَقِيلَ ثَلَاثَ
عَشْرَةَ) لِمَا صَحَّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ» وَأَوَّلَهُ
الْأَوَّلُونَ عَلَى مَا فِيهِ بِحَمْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ
الْأَصَحَّ مِنْهُ عَلَى أَنَّهَا حَسَبَتْ مِنْهَا سُنَّةَ الْعِشَاءِ
وَرِوَايَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ حُسِبَ مِنْهَا ذَلِكَ وَافْتِتَاحُ الْوِتْرِ
وَهُوَ رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ فَلَوْ زَادَ عَلَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ
بِنِيَّةِ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ الْكُلُّ فِي الْوَصْلِ وَلَا
الْإِحْرَامُ الْأَخِيرُ فِي الْفَصْلِ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا
صَحَّتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْوِتْرِ وَلَمْ يَنْوِ
عَدَدًا صَحَّ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ
وَكَأَنَّ بَحْثَ بَعْضِهِمْ إلْحَاقَهُ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي أَنَّ
لَهُ إذَا نَوَى عَدَدًا أَنْ يَزِيدَ وَيُنْقِصَ تَوَهَّمَهُ مِنْ ذَلِكَ
وَهُوَ غَلَطٌ صَرِيحٌ.
وَقَوْلُهُ: إنَّ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَنْ الْفُورَانِيِّ مَا
يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ وَهْمٌ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْبَسِيطِ
وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِسُنَّةِ الظُّهْرِ الْأَرْبَعِ
بِنِيَّةِ الْوَصْلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفَصْلُ بِأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ
رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَاهُ قَبْلَ النَّقْصِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ
فِيهِ أَيْضًا (وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةِ الْفَصْلِ) بَيْنَ كُلِّ
رَكْعَتَيْنِ بِالسَّلَامِ لِلِاتِّبَاعِ الْآتِي وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ
«كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ
وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ» (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الْوَصْلِ الْآتِي إنْ
سَاوَاهُ عَدَدًا؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَهُ أَكْثَرُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ
مِنْهَا الْخَبَرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلٍّ
بِرَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
شَرْحِ: فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ إلَخْ فِي الشَّرْحِ
كَالنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فَمَا اسْتَقْرَبَهُ
ع ش بِمَا نَصُّهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ صَلَّى وَاحِدَةً بِنِيَّةِ الْوِتْرِ حَصَلَ الْوِتْرُ
وَلَا يَجُوزُ بَعْدَهَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا بِنِيَّةِ الْوِتْرِ
لِحُصُولِهِ وَسُقُوطِهِ، فَإِنْ فَعَلَ عَمْدًا لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِلَّا
انْعَقَدَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ صَلَّى ثَلَاثًا بِنِيَّةِ
الْوِتْرِ وَسَلَّمَ كَذَا نَقَلَ م ر عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ
وَرَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
أَيْ فَقَالَ إذَا صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْوِتْرِ أَوْ ثَلَاثَةً مَثَلًا
جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بَاقِيَهُ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ
حَجّ. اهـ. ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشُّرُوحُ
الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا
تُفْهِمُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ أَكْمَلِيَّةَ السَّبْعِ فَالتِّسْعِ
مُؤَخَّرَةٌ عَنْ أَكْمَلِيَّةِ الْخَمْسِ غَيْرُ مُرَادِ سم وَعَبَّرَ
النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي بِثُمَّ بَدَلَ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا
فِيهِ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ مُبَاعِدٌ
لِلْأَخْبَارِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَنَا أَقْطَعُ بِحِلِّ الْإِيتَارِ
بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ وَلَكِنْ أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى
عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا
حَسَبَتْ مِنْهَا سُنَّةَ الْعِشَاءِ) قَدْ يُقَالُ الْأَنْسَبُ أَنْ
يُقَالَ حَسَبَتْ مِنْهَا افْتِتَاحَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ
إلَيْهِ مِنْ سُنَّةِ الْعِشَاءِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَسَبَ) أَيْ رَاوِي
هَذِهِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ سُنَّةَ الْعِشَاءِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ زَادَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ فِي النِّهَايَةِ،
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَوْ زَادَ عَلَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ إلَخْ)
أَيْ كَأَنْ أَحْرَمَ بِاثْنَيْ عَشْرَ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا الْإِحْرَامِ
الْأَخِيرِ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَلَا الْإِحْرَامِ السَّادِسِ وَمَا
بَعْدَهُ لِاقْتِضَاءِ عِبَارَتِهِ صِحَّةَ السَّادِسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ
مُرَادًا لَهُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ
كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ
وِتْرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا شَاءَ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ
شَيْخُنَا وَلَوْ نَوَى الْوِتْرَ وَأَطْلَقَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ
يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ كَمَا قَالَ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى
الْكَمَالِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ
الثَّلَاثِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ. وَعِبَارَةُ ع ش (فَرْعٌ)
نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ
أَقَلَّ عَدَدٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ لَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ
هُوَ الثَّلَاثُ فَيَنْحَطُّ النَّذْرُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قُلْنَا: إذَا
أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ انْعَقَدَتْ عَلَى ثَلَاثٍ م ر قَوْلُهُ:
لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ أَمْ
لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ
بِالثَّلَاثِ ابْتِدَاءً حَصَلَ بِهَا الْوِتْرُ وَبَرِئَ مِنْ النَّذْرِ
وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنْ
أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ بِالْإِحْدَى عَشْرَةَ دُفْعَةً
وَاحِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ وَيَقَعُ بَعْضُ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبًا
بَعْضُهُ وَمَنْدُوبًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلْحَاقَهُ) أَيْ الْوِتْرِ (قَوْلُهُ: تَوَهَّمَهُ مِنْ
ذَلِكَ) أَيْ تَوَهَّمَ الْبَعْضُ ذَلِكَ الْبَحْثَ مِنْ التَّخْيِيرِ
عِنْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضِ
(قَوْلُهُ: مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِلْحَاقُ الْمَذْكُورُ
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ:
بِسُنَّةِ الظُّهْرِ الْأَرْبَعِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ
لَهُ أَنْ يَزِيدَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ
عَدَدٍ ثُمَّ يَفْعَلَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا مُقْتَضَى مَا مَرَّ
فِي الْوِتْرِ نَعَمْ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ قَالَ
(فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ
مَثَلًا وَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ م ر انْتَهَى.
اهـ. بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْوَصْلِ) مَا فَائِدَتُهُ بَصْرِيٌّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ الْفَصْلُ) وَضَابِطُ
الْفَصْلِ أَنْ يَفْصِلَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ عَمَّا قَبْلَهَا حَتَّى
لَوْ صَلَّى عَشْرًا بِإِحْرَامٍ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ
بِإِحْرَامٍ كَانَ ذَلِكَ فَصْلًا وَضَابِطُ الْوَصْلِ أَنْ يَصِلَ
الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ بِمَا قَبْلَهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ
كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ،
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ مَثَلًا
مُغْنِي عِبَارَةُ سم، وَالنِّهَايَةِ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ
صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ وَسِتًّا بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ جَازَ
كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ
الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَهُوَ أَفْضَلُ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ
مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَكُلُّ هَذَا
أَيْ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْإِتْيَانِ بِثَلَاثٍ،
فَإِنْ زَادَ فَالْفَصْلُ أَفْضَلُ قَطْعًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي
التَّحْقِيقِ. اهـ. وَفِي ع ش عَنْ عَمِيرَةَ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْهَا
الْخَبَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ كَثَلَاثٍ حَصَلَ الْوِتْرُ وَسَقَطَ
وَامْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا
الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِذَا أَتَى بِثَلَاثٍ
بِنِيَّةِ الْوِتْرِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُشْفِعَهَا وَيَأْتِيَ بِأَكْمَلِ
الْوِتْرِ مَثَلًا كَانَ مُمْتَنِعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ:
فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ
الْعِبَارَةِ أَنَّ أَكْمَلِيَّةَ السَّبْعِ فَالتِّسْعِ عَلَى أَدْنَى
الْكَمَالِ مُؤَخَّرَةُ الرُّتْبَةِ عَلَى أَكْمَلِيَّةِ الْخَمْسِ وَهُوَ
مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ الْمُرَادِ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) الَّذِي
اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْحَطُّ
عَلَى ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) هَذَا هُوَ
الْأَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّى كُلَّ أَرْبَعٍ
(2/226)
وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا،
وَالْمَانِعُ لَهُ الْمُوجِبُ لِلْوَصْلِ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ
الصَّحِيحَةِ فَلَا يُرَاعَى خِلَافُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَرِهَ بَعْضُ
أَصْحَابِنَا الْوَصْلَ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: إنَّهُ مُفْسِدٌ
لِلصَّلَاةِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ تَشْبِيهِ صَلَاةِ الْوِتْرِ
بِالْمَغْرِبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الْوِتْرِ مُتَّفَقًا
عَلَى صِحَّتِهِ أَصْلًا (وَ) لَهُ (الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَوْ
تَشَهُّدَيْنِ فِي) الرَّكْعَتَيْنِ (الْأَخِيرَتَيْنِ) لِثُبُوتِ كُلٍّ
مِنْهُمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-.
وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَيَمْتَنِعُ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَفِعْلُ
أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ
وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ إبْطَالِهِ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ
إنْ كَانَ فِيهِ تَطْوِيلُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا يَأْتِي آخَرَ
الْبَابِ، وَيُسَنُّ فِي الْأُولَى قِرَاءَةُ سَبِّحْ وَفِي الثَّانِيَةِ
الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصُ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ
لِلِاتِّبَاعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُسَنُّ إنْ أَوْتَرَ
بِثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَرَدَ فِيهِنَّ وَلَوْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ
فَهَلْ يُسَنُّ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فَصَلَ أَوْ وَصَلَ
مَحَلُّ نَظَرٍ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ قَالَ: إنَّهُ مَتَى
أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مَفْصُولَةٍ عَمَّا قَبْلَهَا كَثَمَانٍ أَوْ سِتٍّ
أَوْ أَرْبَعٍ قَرَأَ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَنْ
أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مَوْصُولَةً لَمْ يَقْرَأْ ذَلِكَ فِي
الثَّلَاثَةِ أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ خُلُوُّ مَا قَبْلَهَا عَنْ سُورَةٍ
أَوْ تَطْوِيلُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا أَوْ الْقِرَاءَةُ عَلَى غَيْرِ
تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ أَوْ عَلَى غَيْرِ تَوَالِيهِ وَكُلُّ ذَلِكَ
خِلَافُ السُّنَّةِ. اهـ.
نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا لَوْ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ مَثَلًا
الْمُطَفِّفِينَ وَالِانْشِقَاقَ فِي الْأُولَى، وَالْبُرُوجَ وَالطَّارِقَ
فِي الثَّانِيَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ
يَقُولَ بَعْدَ الْوِتْرِ ثَلَاثًا سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثُمَّ
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ
عُقُوبَتِك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ) خَبَرٌ فَمُبْتَدَأٌ، وَالضَّمِيرُ لِأَحَادِيثِ الْفَصْلِ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا) أَيْ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ
بِالسَّلَامِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْمَانِعُ لَهُ إلَخْ) وَهُوَ أَبُو
حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ
ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ مُخَالَفَتِهِ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ:
لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ تَشْبِيهِ صَلَاةِ الْوِتْرِ إلَخْ) ظَاهِرُ
هَذَا السِّيَاقِ شَامِلٌ لِلْإِحْدَى عَشْرَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ
الْمَرَاتِبِ الْمَوْصُولَةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يَدُلُّ
عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعُبَابِ، فَإِنْ وَصَلَ
الثَّالِثَ كُرِهَ انْتَهَى وَقَوْلُ الْأُسْتَاذِ فِي كَنْزِهِ وَيُكْرَهُ
الْوَصْلُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، فَإِنْ زَادَ وَوَصَلَ
فَخِلَافُ الْأَوْلَى انْتَهَى وَفِي الْعُبَابِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ،
وَإِذَا وَصَلَهُ فِي رَمَضَانَ أَسَرَّ فِي الثَّالِثَةِ أَيْ دُونَ
الْأُولَيَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ فِي رَمَضَانَ
يُسَنُّ الْجَهْرُ فِيهِ وَعِنْدَ وَصْلِهِ هُوَ تَشْبِيهٌ بِالْمَغْرِبِ
فَيُسَنُّ لَهُ الْجَهْرُ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ فَقَطْ سَوَاءٌ تَشَهَّدَ
تَشَهُّدَيْنِ أَمْ تَشَهُّدًا؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ كَذَلِكَ ثُمَّ
رَأَيْتُهُمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ انْتَهَى. اهـ.
سم قَوْلُ الْمَتْنِ (بِتَشَهُّدٍ) أَيْ فِي الْأَخِيرَةِ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) أَيْ، وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ أَفْضَلُ
مِنْهُ بِتَشَهُّدَيْنِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْمَغْرِبِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر: وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ
أَفْضَلُ إلَخْ أَيْ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ وَلَعَلَّ وَجْهَ
التَّشْبِيهِ بِالْمَغْرِبِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا
بَعْدَ شَفْعٍ، وَالثَّانِيَ بَعْدَ فَرْدٍ ثُمَّ قَوْلُهُ أَفْضَلُ
يُفِيدُ أَنَّ الْوَصْلَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بِتَشَهُّدَيْنِ لَيْسَ
مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَقَوْلُهُ م ر
وَلِلنَّهْيِ عَنْ تَشْبِيهِ الْوِتْرِ إلَخْ أَيْ بِجَعْلِهِ مُشْتَمِلًا
عَلَى تَشَهُّدَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْمُغْنِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ
يَتَشَهَّدَ فِي غَيْرِهِمَا فَقَطْ أَوْ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا
اهـ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّهُ حَيْثُ جَلَسَ
بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُبْطِلَ
وَشَرَعَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ إبْطَالِهِ) أَيْ إبْطَالِ مَا
ذُكِرَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّشَهُّدَيْنِ وَفِعْلِ أَوَّلِهِمَا
قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي
التَّشَهُّدِ الزَّائِدِ أَوْ الْمَفْعُولِ قَبْلَ الْأَخِيرَتَيْنِ
(وَقَوْلُهُ: تَطْوِيلُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ بِأَنْ يَجْلِسَ
لِلتَّشَهُّدِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (قَوْلُهُ:
وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ)
ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وَصَلَ، وَإِنْ لَزِمَ تَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى
الثَّانِيَةِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا
تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ
الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مُخَصِّصٌ لَهُ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ
بِهِ بِخُصُوصِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْمُغْنِي وَيَنْبَغِيَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ فِيمَا إذَا
زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا ذَلِكَ. اهـ.
زَادَ النِّهَايَةُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. وَظَاهِرُهُمَا
كَمَا قَالَ ع ش سَوَاءٌ وَصَلَهَا بِمَا قَبْلَهَا أَمْ لَا فَيُخَالِفُ
مَا سَيَنْقُلُهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ إلَّا أَنْ يُخَصَّ
كَلَامَهُمَا بِالْفَصْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ) أَيْ
قِرَاءَةَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَصْلٌ إلَخْ) أَيْ الثَّلَاثَةِ
الْأَخِيرَةِ عَمَّا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: كَثَمَانٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِمَا
قَبْلَ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: قَرَأَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ
السُّوَرِ الثَّلَاثِ (وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ) أَيْ، وَإِنْ
وَصَلَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ
إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْأُولَى قِرَاءَةُ سَبِّحْ إلَخْ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوِتْرِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْوِتْرِ رَكْعَةً
كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ع ش (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا سُبْحَانَ الْمَلِكِ
الْقُدُّوسِ) وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالثَّالِثَةِ مُغْنِي وَإِيعَابٌ. اهـ.
بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ إنِّي إلَخْ) أَيْ وَأَنْ يَقُولَ
بَعْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ أَوْ سِتًّا بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ جَازَ كَمَا
اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ
الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ تَشْبِيهِ
صَلَاةِ الْوِتْرِ بِالْمَغْرِبِ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ
التَّشْبِيهَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شَامِلٌ لِلْإِحْدَى عَشْرَةَ
وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَرَاتِبِ الْمَوْصُولَةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ
الْعِبَارَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي
هَامِشِ النِّيَّةِ أَوَّلَ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ
الْعُبَابِ هُنَا، فَإِنْ وَصَلَ الثَّلَاثَ كُرِهَ اهـ وَعِبَارَةُ
أُسْتَاذِنَا أَبِي الْحَسَنِ الْبِكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ وَيُكْرَهُ
الْوَصْلُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، فَإِنْ زَادَ وَوَصَلَ
فَخِلَافُ الْأَوْلَى اهـ.
وَفِي الْعُبَابِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا وَصَلَهُ فِي رَمَضَانَ
أَسَرَّ فِي الثَّالِثَةِ أَيْ دُونَ الْأُولَيَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ فِي رَمَضَانَ يُسَنُّ الْجَهْرُ فِيهِ وَعِنْدَ
وَصْلِهِ هُوَ تَشْبِيهٌ بِالْمَغْرِبِ فَيُسَنُّ لَهُ الْجَهْرُ فِي
الْأُولَيَيْنِ فَقَطْ سَوَاءٌ تَشَهَّدَ تَشَهُّدَيْنِ أَمْ تَشَهُّدًا؛
لِأَنَّ الْمَغْرِبَ كَذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ إلَخْ
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) الْأَوَّلُ هُوَ الْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ
(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ إبْطَالِهِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّهُ
حَيْثُ جَلَسَ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ
الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ
وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) -
(2/227)
وَبِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك
أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك.
(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ فَضِيلَةُ
الْوِتْرِ إلَّا إنْ صَلَّى أَخِيرَتَهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ أَرَادَ
كَمَالَ الْفَضِيلَةِ لَا أَصْلَهَا كَمَا قَدَّمْتُهُ آنِفًا (وَوَقْتُهُ)
أَيْ الْوِتْرِ (بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ) وَلَوْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي
جَمْعِ التَّقْدِيمِ (وَطُلُوعِ الْفَجْرِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ
بِذَلِكَ، وَوَقْتُ اخْتِيَارِهِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ فِي حَقِّ مَنْ لَا
يُرِيدُ تَهَجُّدًا أَوْ لَمْ يَعْتَدْ الِاسْتِيقَاظَ آخِرَ اللَّيْلِ
وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ جَازَ لَهُ قَضَاؤُهُ قَبْلَ الْعِشَاءِ
كَالرَّوَاتِبِ الْبَعْدِيَّةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ قَصْرًا
لِلتَّبَعِيَّةِ عَلَى الْوَقْتِ وَهُوَ كَالتَّحَكُّمِ بَلْ هِيَ
مَوْجُودَةٌ خَارِجَهُ أَيْضًا إذْ الْقَضَاءُ يَحْكِي الْأَدَاءَ
فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى
الْفَرْضِ فِي الْقَضَاءِ كَالْأَدَاءِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عُجَيْلٍ
رَجَّحَ هَذَا أَيْضًا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ
الْقَبْلِيَّةَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرْضِ جَازَ لَهُ جَمْعُهَا مَعَ
الْبَعْدِيَّةِ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَامْتِنَاعِ
نَظِيرِهِ فِي الْعِيدَيْنِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ ثَمَّ يَصِيرُ نِصْفُهَا
قَضَاءً وَنِصْفُهَا أَدَاءً وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَبِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ
الْفَرْضَ بِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فَلَا تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ
فِيهَا كَالتَّرَاوِيحِ وَمَا بَحَثَهُ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ فَلَعَلَّ بَحْثَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ
أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ عَلَى أَنَّ
الْوَصْلَ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ يَخْتَصُّ بِأَبْعَاضِ صَلَاةٍ
وَاحِدَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
اللَّهُمَّ إلَخْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِك) عِبَارَةُ الْمُغْنِي
وَأَعُوذُ بِك. اهـ. وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَبِك مِنْك أَيْ
أَسْتَجِيرُ بِك مِنْ غَضَبِك. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَا قَدَّمْتُهُ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَلَّى مَا
عَدَا رَكْعَةَ الْوِتْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إلَى
الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي) وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ خَرَجَ فِي
النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ صَارَ
مُقِيمًا قَبْلَ فِعْلِهِ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ كَأَنْ وَصَلَتْ
سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ أَوْ نَوَى
الْإِقَامَةَ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فِي
هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُهُ
الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ
انْتَفَى بِالْإِقَامَةِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَطُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ
الصَّادِقِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ إلَخْ) وَفِي
الْمُغْنِي إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْتَدْ
إلَخْ) لَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا النِّهَايَةُ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقَصْرُ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ) أَيْ
التَّبَعِيَّةُ شَارِحٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) وِفَاقًا
لِلنِّهَايَةِ وَوَالِدِهِ، وَالْمُغْنِي قَالَ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُ
فَالْأَوْجَهُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ الْأَنْسَبُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ.
اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ تَفَرُّعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْوِتْرِ، وَالرَّوَاتِبِ
الْبَعْدِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَحَثَ
بَعْضُهُمْ) هُوَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بَصْرِيٌّ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ
الْبَحْثَ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ سم اعْتَمَدَ هَذَا
الْبَحْثَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ
وَأَدْرَكَ رَكْعَةً وَاحِدَةً فِي الْوَقْتِ فَهَلْ يَصِيرُ الْجَمِيعُ
أَدَاءً فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ
صَلَاةً وَاحِدَةً م ر وَأَفْتَى أَيْضًا بِامْتِنَاعِ جَمْعِ سُنَّةِ
الظُّهْرِ مَعَ سُنَّةِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ وَاحِدٍ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ
إذْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ صَلَاةُ بَعْضِهَا أَدَاءً وَبَعْضِهَا قَضَاءً
وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ جَمْعِ سُنَّةِ الظُّهْرِ
مَعَ سُنَّةِ الْعَصْرِ بَعْدَهُمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَفِيمَا إذَا
قَضَاهُمَا أَعْنِي الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ إذْ كُلُّ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ
أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَفِي أَلْغَازِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ
تَأْيِيدًا ظَاهِرًا لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
امْتِنَاعَ جَمْعِ الْوِتْرِ مَعَ غَيْرِهِ كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ،
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ مُمْكِنٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ ثَمَّ يَصِيرُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا
التَّعْلِيلِ الْجَوَازُ بَعْدَ فَوَاتِ الْعِيدَيْنِ وَقَضِيَّةُ مَا
بَعْدَهُ الْمَنْعُ سم وَرَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَبِأَنَّهَا
أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ إلَخْ وَعَلَى هَذَا لَوْ فَاتَهُ عِيدَ الْفِطْرِ
وَالْأَضْحَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ مَعَ
انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ مُعَلَّلًا
بِعِلَّتَيْنِ يَبْقَى مَا بَقِيَتْ إحْدَاهُمَا وَكَذَا لَوْ نَوَى
بِرَكْعَتَيْ الْعِيدِ وَالضُّحَى فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ
مَقْصُودَتَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ أَوَّلًا) أَيْ جَوَازُ
جَمْعِ الْقَبْلِيَّةَ مَعَ الْبَعْدِيَّةِ بِإِحْرَامٍ وَلَعَلَّ
ثَانِيَهُ امْتِنَاعُ نَظِيرِهِ فِي الْعِيدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ
النِّيَّةِ) قَدْ يُقَالُ لَا يُؤَثِّرُ وَ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ بَحْثَهُ
مَبْنِيٌّ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وَصَلَ، وَإِنْ لَزِمَ تَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى
الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ ش (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ
بَعْضُهُمْ إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا الْبَحْثَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ
وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ وَأَدْرَكَ رَكْعَةً وَاحِدَةً
فِي الْوَقْتِ فَهَلْ يَصِيرُ الْجَمِيعُ أَدَاءً فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي
أَنْ يَصِيرَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ صَلَاةً وَاحِدَةً م ر وَأَفْتَى أَيْضًا
بِامْتِنَاعِ جَمْعِ سُنَّةِ الظُّهْرِ مَعَ سُنَّةِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ
الْعَصْرِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ إذْ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صَلَاةٌ
بَعْضُهَا أَدَاءً وَبَعْضُهَا قَضَاءً وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ
وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ جَمْعِ سُنَّةِ الظُّهْرِ مَعَ سُنَّةِ الْعَصْرِ
بَعْدَهُمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَفِيمَا إذَا قَضَاهُمَا أَعْنِي
الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ إذْ كُلُّ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ أَدَاءٌ أَوْ
قَضَاءٌ وَفِي أَلْغَازِ الْإِسْنَوِيِّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ شَخْصٌ
أَتَى بِعَدَدٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ يَنْوِي فِي
إحْرَامِهِ إيقَاعَ بَعْضِ تِلْكَ الرَّكَعَاتِ عَنْ صَلَاةٍ وَبَعْضِهَا
عَنْ صَلَاةٍ أُخْرَى وَصُورَتُهُ فِي الْوِتْرِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ
يَأْتِيَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ يَنْوِي بِبَعْضِهَا الْوِتْرَ وَبِبَعْضِهَا
غَيْرَهُ كَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ،
فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْأَفْضَلِ الْفَصْلُ أَوْ الْوَصْلُ
حَكَى فِيهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ فَقَالَ أَحَدُهَا الْأَفْضَلُ أَنْ
يَفْصِلَ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ، وَالثَّانِي
الْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ ثُمَّ قَالَ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِيَارُ
الْقَفَّالِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْجَمِيعِ
بِتَسْلِيمَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَكْعَتَانِ لِلصَّلَاةِ وَرَكْعَةٌ
لِلْوِتْرِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَفْصِلَ الرَّكْعَةَ هَذَا لَفْظُ صَاحِبِ
الْبَيَانِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ.
كَلَامُ الْأَلْغَازِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْبَحْثَ الْمَذْكُورَ تَأْيِيدًا
ظَاهِرًا فَتَأَمَّلْهُ لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ
الرَّمْلِيُّ امْتِنَاعَ جَمْعِ الْوِتْرِ مَعَ غَيْرِهِ كَسُنَّةِ
الْعِشَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ مُمْكِنٌ.
(فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ فِي نِيَّةِ سُنَّةِ الظُّهْرِ
الْمُتَقَدِّمَةِ مَثَلًا وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ م
ر (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الصَّلَاةَ ثَمَّ يَصِيرُ نِصْفُهَا قَضَاءً
وَنِصْفُهَا أَدَاءً) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ الْجَوَازُ بَعْدَ
فَوَاتِ الْعِيدَيْنِ وَقَضِيَّةُ مَا بَعْدَهُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ:
لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ) قَدْ يُقَالُ لَا يُؤَثِّرُ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ
بَحْثَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ) لَا يَلْزَمُ هَذَا الْبِنَاءُ؛
لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي
(2/228)
وَلَيْسَتْ الْقَبْلِيَّةَ،
وَالْبَعْدِيَّةُ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِهِمَا وَقْتًا وَغَيْرَهُ.
(وَقِيلَ شَرْطُ) جَوَازِ (الْإِيتَارِ بِرَكْعَةٍ سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ
الْعِشَاءِ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ سُنَّتِهَا لِتَقَعَ هِيَ مُوتِرَةً
لِذَلِكَ النَّفْلِ وَرَدُّوهُ بِأَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهَا وِتْرًا فِي
نَفْسِهَا أَوْ مُوتِرَةً لِمَا قَبْلَهَا وَلَوْ فَرْضًا (وَيُسَنُّ)
لِمَنْ وَثِقَ بِيَقِظَتِهِ وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ نَوْمِهِ (جَعْلُهُ)
كُلِّهِ (آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ) الَّتِي يُصَلِّيهَا بَعْدَ نَوْمِهِ
وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا حَيْثُ أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ
لِذَلِكَ مِنْ رَاتِبَةٍ وَتَرَاوِيحَ أَوْ تَهَجُّدٍ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي
الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَبِهِ يَحْصُلُ
فَضْلُ التَّهَجُّدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ
الْوَجْهِيِّ إذْ يَجْتَمِعَانِ فِي صَلَاةٍ بَعْدَ النَّوْمِ بِنِيَّةِ
الْوِتْرِ وَيَنْفَرِدُ الْوِتْرُ بِصَلَاتِهِ قَبْلَ النَّوْمِ،
وَالتَّهَجُّدُ بِصَلَاةٍ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْوِتْرِ فَمَا
وَقَعَ لَهُمَا هُنَا مِنْ صِدْقِهِ عَلَيْهِ لَا يُنَافِي قَوْلَهُمَا فِي
النِّكَاحِ إنَّهُ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مُجَرَّدُ
التَّسْمِيَةِ وَثَمَّ بَيَانُ أَنَّ التَّهَجُّدَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلًا لَا يَكْفِي عَنْهُ
الْوِتْرُ وَأَنَّ الَّذِي اُخْتُلِفَ فِي نَسْخِ وُجُوبِهِ عَنْهُ مَا
عَدَا الْوِتْرَ وَخَرَجَ بِكُلِّهِ بَعْضُهُ فَلَا يُصَلِّيهِ جَمَاعَةً
إثْرَ تَرَاوِيحَ قَبْلَ النَّوْمِ ثُمَّ بَاقِيهِ بَعْدَهُ، فَإِنْ
أَرَادَ الْجَمَاعَةَ مَعَهُمْ فِيهِ نَوَى نَفْلًا مُطْلَقًا.
(فَإِنْ أَوْتَرَ ثَمَّ تَهَجَّدَ) أَوْ عَكَسَ لَمْ يَتَهَجَّدْ أَصْلًا
(لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ لَمْ يُنْدَبْ أَيْ يُشْرَعْ لَهُ إعَادَتُهُ، فَإِنْ
أَعَادَهُ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهُ مِنْ الْعَالِمِ
بِالنَّهْيِ الْآتِي وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَذَلِكَ
لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» وَلَا يُكْرَهُ
تَهَجُّدٌ وَلَا غَيْرُهُ بَعْدَ وِتْرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ) لَا يَلْزَمُ هَذَا الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ
أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ فِي نِيَّتِهِ كَوْنَ رَكْعَتَيْنِ السُّنَّةِ
الْمُتَقَدِّمَةِ وَرَكْعَتَيْنِ السُّنَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ م ر. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةُ إلَخْ) وَكَذَا
سُنَّةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِمَا مَرَّ مِنْ
بَحْثِ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ سُنَّتِهَا) إلَى الْمَتْنِ فِي
النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَرْضًا) أَيْ كَالْعِشَاءِ
(قَوْلُهُ: لِمَنْ وَثِقَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَوْتَرَ فِي النِّهَايَةِ
إلَّا قَوْلَهُ الَّتِي لِلْأَمْرِ وَقَوْلَهُ عَلَى أَنَّ إلَى وَخَرَجَ
وَقَوْلُهُ أَوْ عَكَسَ وَقَوْلُهُ وَلَا غَيْرَهُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ
(وَيُسَنُّ جَعْلُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ نَامَ قَبْلَهُ مُغْنِي وَشَرْحُ
بَافَضْلٍ قَالَ ع ش يُؤْخَذُ مِنْ تَخْصِيصِ سَنِّ التَّأْخِيرِ
بِالْوِتْرِ اسْتِحْبَابُ تَعْجِيلِ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ الْبَعْدِيَّةِ
وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ نَوْمِهِ) قَدْ يُقَالُ الْجَعْلُ
الْمَذْكُورُ مَسْنُونٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ صَلَاةً بَعْدَ النَّوْمِ؛
لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ لَا يَسْقُطُ بِإِرَادَةِ الْخِلَافِ فَمَا
وَجْهُ التَّقْيِيدِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ
عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ النَّوْمِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ
لِيَصْدُقَ قَوْلُهُ أَيْ الْمُصَنِّفِ جَعْلُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ
سم عَلَى حَجّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، فَإِنْ كَانَ لَهُ
تَهَجُّدٌ أَخَّرَ الْوِتْرَ إلَى أَنْ يَتَهَجَّدَ وَإِلَّا أَوْتَرَ
بَعْدَ فَرِيضَةِ الْعِشَاءِ وَرَاتِبَتِهَا هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ
وَقَيَّدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا إذَا لَمْ يَثِقْ بِيَقِظَتِهِ
وَإِلَّا فَتَأْخِيرُهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا. اهـ. وَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ
بَافْضَلٍ مَا يُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ:
الَّتِي يُصَلِّيهَا بَعْدَ نَوْمِهِ) قَدْ يُقَالُ بَقَاءُ عِبَارَةِ
الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهَا أَفْيَدُ لِاقْتِضَاءِ تَقْيِيدِهِ
بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ بَعْدَ النَّوْمِ لَا يُسَنُّ
لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ قَبْلَ النَّوْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ بَافْضَلٍ مَعَ شَرْحِهِ
لِلشَّارِحِ وَتَأْخِيرِهِ بَعْدَ صَلَاةِ اللَّيْلِ مِنْ نَحْوِ رَاتِبَةٍ
أَوْ تَرَاوِيحَ أَوْ تَهَجُّدٍ وَهُوَ الصَّلَاةُ بَعْدَ النَّوْمِ أَوْ
صَلَاةُ نَفْلٍ مُطْلَقٍ قَبْلَ النَّوْمِ أَوْ فَائِتَةٍ أَرَادَ
قَضَاءَهَا لَيْلًا أَفْضَلُ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ
ذَلِكَ أَيْ الْوِتْرُ بَعْدَ النَّوْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَتَأْخِيرُهُ إلَى
آخِرِ اللَّيْلِ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَسْتَيْقِظَ لَهُ
آخِرَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْ تَقْدِيمِهِ أَوَّلَهُ.
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى قَيْدِ الَّتِي يُصَلِّيهَا
بَعْدَ نَوْمِهِ (؛ لِأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ صَلَاةَ اللَّيْلِ و (قَوْلُهُ:
لِذَلِكَ) أَيْ لِمَا بَعْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: لِلْأَمْرِ) إلَى
قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ)
أَيْ بِالْوِتْرِ بَعْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: فَمَا وَقَعَ لَهُمَا إلَخْ)
أَيْ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: مِنْ صِدْقِهِ عَلَيْهِ) أَيْ
صِدْقِ التَّهَجُّدِ عَلَى الْوِتْرِ وَيَحْتَمِلُ الْعَكْسَ (قَوْلُهُ
أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ النَّسْخِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الَّذِي اُخْتُلِفَ
إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَنُسِخَ وُجُوبُ
التَّهَجُّدِ عَلَيْهِ لَا الْوِتْرُ انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَلَا
يُصَلِّيهِ إلَخْ) أَيْ فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ كُلِّهِ، وَإِنْ صَلَّى
بَعْضَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَانَ لَا يُدْرِكُهَا آخِرَ
اللَّيْلِ وَلِهَذَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
فِيمَنْ يُصَلِّي بَعْضَ وِتْرِ رَمَضَانَ جَمَاعَةً وَيُكْمِلُهُ بَعْدَ
تَهَجُّدِهِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش
قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ كُلِّهِ أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْ
تَأْخِيرِهِ فَوَاتَ بَعْضِهِ، وَإِلَّا صَلَّى مَا يَخَافُ فَوْتَهُ
وَأَخَّرَ بَاقِيَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّقْدِيمِ لِمَا
صَلَّاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَوَى إلَخْ) أَيْ وَأَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ
نِهَايَةٌ لَكِنْ لَوْ كَانَ إمَامًا وَصَلَّى وِتْرَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ
النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كُرِهَ الْقُنُوتُ فِي حَقِّهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَتَهَجَّدْ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي
الْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ
فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ النَّفَلَ الَّذِي تُشْرَعُ
فِيهِ الْجَمَاعَةُ يُسَنُّ إعَادَتُهُ جَمَاعَةً ع ش (قَوْلُهُ:
فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهُ مِنْ الْعَالِمِ) جَزَمَ بِذَلِكَ أَيْ عَدَمِ
الِانْعِقَادِ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ تَبَعًا لِوَالِدِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ أَعَادَهُمَا جَاهِلًا أَوْ
نَاسِيًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ تَهَجُّدُ إلَخْ) لَكِنْ لَا
يُسْتَحَبُّ تَعَمُّدُهُ وَقَالَ فِي اللُّبَابِ يُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ
رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ قَاعِدًا مُتَرَبِّعًا يَقْرَأُ فِي
الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] وَفِي
الثَّانِيَة -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
نِيَّتِهِ لِرَكْعَتَيْ السُّنَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَرَكْعَتَيْ
السُّنَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ صَلَاةً بَعْدَ
نَوْمِهِ) قَدْ يُقَالُ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ مَسْنُونٌ، وَإِنْ لَمْ
يُرِدْ صَلَاةً بَعْدَ النَّوْمِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ لَا يَسْقُطُ
بِإِرَادَةِ الْخِلَافِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ وَقَدْ يُجَابُ
بِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ
النَّوْمِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ لِيَصْدُقَ قَوْلُهُ جَعَلَهُ آخِرَ صَلَاةِ
اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ فِي نَسْخِ إلَخْ)
عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَنُسِخَ وُجُوبُ التَّهَجُّدِ
عَلَيْهِ لَا الْوِتْرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ تَهَجُّدٌ وَلَا غَيْرُهُ بَعْدَ وِتْرٍ) هَذَا
لَا يُفِيدُ نَدْبَ تَرْكِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَدْ صَرَّحَ
بِهِ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ كَمَا
بَيَّنَهُ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَعْدَ
وِتْرِهِ «وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ
بَعْدَهُ جَالِسًا» لِبَيَانِ الْجَوَازِ اهـ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ
بَعْدَ أَنْ قَالَ وَلَوْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ لَمْ يَنْقُضْهُ
وَيُقَالُ نَقَضَهُ أَوَّلَ قِيَامِهِ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ يُوتِرُ بَعْدَهُ
اهـ مَا نَصُّهُ وَلَوْ أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ نَفْلًا جَازَ بِلَا
كَرَاهَةٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ صَلَاةً بَعْدَهُ، وَأَمَّا
حَدِيثُ مُسْلِمٍ «أَنَّ
(2/229)
لَكِنْ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْهُ
وَلَوْ أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً أَخَّرَهَا قَلِيلًا (وَقِيلَ
يُشْفِعُهُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ يُصَلِّي رَكْعَةً حَتَّى يَصِيرَ وِتْرُهُ
شَفْعًا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) لِيَقَعَ الْوِتْرُ آخَرَ صَلَاتِهِ كَمَا كَانَ
يَفْعَلُهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
وَيُسَمَّى نَقْضَ الْوِتْرِ لَكِنْ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ صَحَّ
النَّهْيُ عَنْهُ.
(وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ وِتْرِهِ) أَيْ آخِرَ مَا يَقَعُ وِتْرًا
فَشَمَلَ الْإِيتَارَ بِرَكْعَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ
أَوْرَدَهَا عَلَيْهِ (فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) ؛ لِأَنَّ
أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَعَلَ ذَلِكَ لَمَّا جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَيْهِ
فِي التَّرَاوِيحِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَقِيلَ) يُسَنُّ فِي أَخِيرَةِ
الْوِتْرِ (كُلِّ السُّنَّةِ) وَاخْتِيرَ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ
عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «عَلَّمَنِي
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ
أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ أَيْ قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ
هَدَيْت» إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَعَلَى الْأَوَّلِ
يُكْرَهُ ذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَطْوِيلَهُ لَا يُبْطِلُ وَمَرَّ
ثَمَّ مَا يُوَافِقُهُ وَبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَ
يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيُثْنِي رِجْلَيْهِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ
الطَّبَرِيُّ أَيْضًا وَأَنْكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ
سُنِّيَّةَ ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَقَالَ
فِي الْعُبَابِ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَعْدَ وِتْرِهِ
«وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ
جَالِسًا» لِبَيَانِ الْجَوَازِ مُغْنِي عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَلَا
يُكْرَهُ تَهَجُّدٌ وَلَا غَيْرُهُ إلَخْ هَذَا لَا يُفِيدُ نَدْبَ تَرْكِ
التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ
تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِهِ
فَقَالَ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَعْدَ وِتْرِهِ «وَصَلَاتُهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ جَالِسًا» لِبَيَانِ
الْجَوَازِ وَقَدْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْ نَدْبِ عَدَمِ
التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ الْمُسَافِرُ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ
فِي صَحِيحِهِ الْأَمْرَ بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ لِمُسَافِرٍ
خَافَ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ لِلتَّهَجُّدِ وَلَوْ بَدَا لَهُ تَهَجُّدٌ
بَعْدَ الْوِتْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ قَلِيلًا نَصَّ
عَلَيْهِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ فِعْلَ
الْوِتْرِ لَا يَمْنَعُ التَّهَجُّدَ لَكِنْ إنْ أَرَادَهُ فِي الْحَالِ
فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ قَلِيلًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ) أَيْ الْوِتْرِ (عَنْهُ) أَيْ
عَمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّهَجُّدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَ)
أَيْ حَالًا (صَلَاةً) أَيْ تَهَجُّدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ:
أَخَّرَهَا قَلِيلًا) لَعَلَّ حِكْمَتَهُ الْمُحَافَظَةُ بِحَسَبِ
الظَّاهِرِ عَلَى جَعْلِ الْوِتْرِ آخَرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ صُورَةً،
فَإِنَّهُ لَمَّا فَصَلَ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَا بَعْدَهَا
كَانَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِفَصْلِهِ
وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ مِنْهَا يَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَنْ أَرَادَ
الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوِتْرِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي
التَّهَجُّدَ بَعْدَهُ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ يُصَلِّي) إلَى قَوْلِ
الْمَتْنِ وَمِنْهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى أَمَّا
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِيرَ وِتْرُهُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يَتَهَجَّدُ مَا
شَاءَ مُغْنِي زَادَ الْجَمَلُ عَلَى النِّهَايَةِ ثُمَّ يُعِيدُهُ كَذَا
فِي الرَّوْضَةِ أَمَّا لَوْ صَيَّرَهُ شَفْعًا ثُمَّ أَوْتَرَ بَعْدَهُ
مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ تَهَجُّدٍ فَلَا يَجُوزُ جَزْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ:
جَمْعٌ إلَخْ) مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
- مُغْنِي (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ نَقْضِ الْوِتْرِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي النِّصْفِ
الثَّانِي إلَخْ) لَوْ فَاتَ وِتْرُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ
فَقَضَاهُ نَهَارًا أَوْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْنُتَ؛
لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ سم (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ)
هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ ع ش
(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْقُنُوتُ فِي غَيْرِ النِّصْفِ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ
الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ثَمَّ مَا
يُوَافِقُهُ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فِي شَرْحِ: وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ فِي
سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ لِلنَّازِلَةِ إلَخْ أَمَّا غَيْرُ
الْمَكْتُوبَاتِ كَالْجِنَازَةِ فَيُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا لِبِنَائِهَا
عَلَى التَّخْفِيفِ، وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي يُسَنُّ
فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُسَنُّ فِيهَا ثُمَّ إنْ قَنَتَ
فِيهَا لِنَازِلَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُ جَمْعٍ
يَحْرُمُ وَيَبْطُلُ فِي النَّازِلَةِ ضَعِيفٌ وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ
يَبْطُلُ إنْ طَالَ لِإِطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَرَائِضِ
وَغَيْرِهَا لِغَيْرِ النَّازِلَةِ لِمُقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ وَفِي الْأُمِّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ
لَمَّا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الرِّيمِيِّ
وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ إذَا طَالَ الْقُنُوتُ فِي النَّافِلَةِ
بَطَلَتْ مُطْلَقًا انْتَهَتْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا» فَفَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاَلَّذِي
وَاظَبَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ جَعْلُ آخِرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا
اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَدْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْ نَدْبِ
عَدَمِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ الْمُسَافِرُ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ
حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ الْأَمْرَ بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ
لِمُسَافِرٍ خَافَ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ لِلتَّهَجُّدِ ثُمَّ رَوَى عَنْ
ثَوْبَانَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَقَالَ: إنَّ هَذَا السَّفَرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ،
فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ
اسْتَيْقَظَ وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ» وَلَوْ بَدَا لَهُ تَهَجُّدٌ بَعْدَ
الْوِتْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ قَلِيلًا نَصَّ عَلَيْهِ.
اهـ. وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ فِعْلَ الْوِتْرِ لَا
يَمْنَعُ التَّهَجُّدَ لَكِنْ إنْ أَرَادَهُ فِي الْحَالِ فَالْأَوْلَى
أَنْ يُؤَخِّرَهُ قَلِيلًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) لَوْ
فَاتَ وِتْرُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ فَقَضَاهُ نَهَارًا أَوْ
فِي غَيْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْنُتَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي
الْأَدَاءَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ثُمَّ مَا يُوَافِقُهُ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ
بَعْدَ شَرْحِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ
الْمَكْتُوبَاتِ لِلنَّازِلَةِ لَا مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ أَمَّا
غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ كَالْجِنَازَةِ فَيُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا
لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي
يُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُسَنُّ فِيهَا ثُمَّ إنْ
قَنَتَ فِيهَا لِنَازِلَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُ جَمْعٍ
يَحْرُمُ وَيَبْطُلُ فِي النَّازِلَةِ ضَعِيفٌ، وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ
يَبْطُلُ إنْ طَالَ لِإِطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَرَائِضِ
وَغَيْرِهَا لِغَيْرِ النَّازِلَةِ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
طَوِيلَةٍ وَقَصِيرَةٍ وَفِي الْأُمِّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ
لَمَّا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الرِّيمِيِّ
وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ إنْ أَطَالَ الْقُنُوتَ فِي النَّافِلَةِ
بَطَلَتْ مُطْلَقًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ
(2/230)
يُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِنَا هُنَا وَلَعَلَّ
مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُطِلْ بِهِ الِاعْتِدَالَ أَوْ كَانَ سَهْوًا نَعَمْ
فِي الْأَنْوَارِ مَا قَدْ يُوَافِقُهُ (وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ) فِي
لَفْظِهِ وَمَحَلِّهِ، وَالْجَهْرِ بِهِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ ثَمَّ (وَيَقُولُ) نَدْبًا (قَبْلَهُ
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُكَ إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ
مَشْهُورٌ قِيلَ وَيَزِيدُ فِيهِ آخِرَ الْبَقَرَةِ وَرَدُّوهُ بِكَرَاهَةِ
الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ (قُلْت الْأَصَحُّ) أَنَّهُ يَقُولُ
ذَلِكَ (بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوِتْرِ، وَالْآخَرُ لَمْ
يَأْتِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْءٌ،
وَإِنَّمَا اخْتَرَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعُوهُ
فَكَانَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إمَامُ
الْمَحْصُورِينَ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى
قُنُوتِ الصُّبْحِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ) إذَا فُعِلَ
فِي رَمَضَانَ سَوَاءٌ أَفُعِلَ عَقِبَ التَّرَاوِيحِ أَمْ بَعْدَهَا أَمْ
مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا وَسَوَاءٌ أَفُعِلَتْ التَّرَاوِيحُ (جَمَاعَةً)
أَمْ لَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِنَقْلِ الْخَلَفِ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ
نَعَمْ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ لَا يُوتِرُ مَعَهُمْ بَلْ يُؤَخِّرُ وِتْرَهُ
لِمَا بَعْدَ تَهَجُّدِهِ أَمَّا وِتْرُ غَيْرِ رَمَضَانَ فَلَا يُسَنُّ
لَهُ جَمَاعَةً كَغَيْرِهِ.
(وَمِنْهُ) أَيْ مَا لَا يُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةً (الضُّحَى) لِلْأَخْبَارِ
الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ فِيهَا وَمَنْ نَفَاهَا إنَّمَا أَرَادَ
بِحَسَبِ عِلْمِهِ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَوْصَاهُ بِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَدَعُهُمَا» وَأَدْنَى كَمَالِهَا
أَرْبَعٌ لِمَا صَحَّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ فَسِتٌّ فَثَمَانٍ» قَالَ
بَعْضُهُمْ وَيُسَنُّ فِيهَا قِرَاءَةُ {وَالشَّمْسِ} [الشمس: 1] ، و
{وَالضُّحَى} [الضحى: 1] لِحَدِيثٍ فِيهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. اهـ.
وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُمَا فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى
رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رَكَعَاتِهَا أَوْ فِي
الْأَوَّلِيَّيْنِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَمَا عَدَاهُمَا يَقْرَأُ فِيهِ
الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ كَمَا عُلِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَطْوِيلَهُ لَا يُبْطِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ
قَوْلُ شَيْخِنَا إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر قَوْلَ الشَّيْخِ سم وَكَذَا
اعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَعَلَى
الْأَوَّلِ لَوْ قَنَتَ فِيهِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ
يُطِلْ بِهِ الِاعْتِدَالَ كُرِهَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ طَالَ بِهِ
وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا
وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَوْ قَنَتَ فِيهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَنَتَ
فِي غَيْرِ الصُّبْحِ، فَإِنْ طَالَ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَلَوْ مِنْ
الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا
عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ
الشَّارِحُ م ر وَأَفْتَى حَجّ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ مِنْ
الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ
تَطْوِيلُهُ بِقُنُوتِ النَّازِلَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّهُ
لَمْ يَفْعَلْ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ مَحِلَّهُ) أَيْ عَدَمِ الْإِبْطَالِ (قَوْلُهُ: قَدْ
يُوَافِقُهُ) أَيْ قَوْلَ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فِي لَفْظِهِ) إلَى
قَوْلِهِ لِنَقْلِ الْخَلَفِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ ذَلِكَ
إلَخْ) أَيْ كَاقْتِضَاءِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: آخِرَ
الْبَقَرَةِ) أَيْ {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286] إلَى آخِرِ
السُّورَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: يَقُولُ ذَلِكَ) أَيْ
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (بَعْدَهُ) أَيْ
بَعْدَ قُنُوتِ الصُّبْحِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ) أَيْ اللَّهُمَّ
إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهُ) أَيْ قُنُوتِ الصُّبْحِ
(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ) أَيْ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ
كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهَا) هَلَّا قَالَ أَمْ قَبْلَهَا سم عِبَارَةُ
الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ أَمْ بَعْدَهَا لَعَلَّ الْأَصْوَبَ قَبْلَهَا
قَوْلُهُ وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي قَضَاءِ وِتْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ
خُرُوجِهِ هَلْ تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَالْقُنُوتُ الظَّاهِرُ
نَعَمْ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ أَمْ قَبْلَهَا
قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ إلَخْ أَيْ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ
قَوْلِ الْمَتْنِ، فَإِنْ أَوْتَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ
الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَا لَا يُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي
النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَمَّا صَحَّ إلَى فَسِتٌّ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَاهَا إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِالنَّافِي عَائِشَةَ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا أَرَادَ
بِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ بَدَلَ عِلْمِهِ؛ «لِأَنَّ عَائِشَةَ إنَّمَا قَالَتْ
مَا رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهَا» رَشِيدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (الضُّحَى)
وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهَا غَيْرُهَا
وَعَلَى مَا فِيهِ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ
وَقْتٍ نِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُ ذَلِكَ الْإِفْتَاءِ
عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ عِبَارَةُ سم
عَلَى الْمَنْهَجِ. فَرْعٌ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ
غَيْرُ صَلَاةِ الضُّحَى م ر وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ
شَيْخِنَا وَهَلْ هِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ أَوْ غَيْرُهَا الَّذِي فِي
شَرْحِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهَا هِيَ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهَا غَيْرُهَا
وَنَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الرَّمْلِيِّ أَيْضًا فِي غَيْرِ الشَّرْحِ
وَعَلَيْهِ فَصَلَاةُ الْإِشْرَاقِ رَكْعَتَانِ يُحْرِمُ بِهِمَا بِنِيَّةِ
سُنَّةِ إشْرَاقِ الشَّمْسِ وَيَتَأَكَّدُ عَلَى الشَّخْصِ قَضَاؤُهَا إذَا
فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا
تُكْرَهُ حِينَئِذٍ كَمَا عَلِمْت أَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ وَقْتُ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ وَعَنْ
شَرْحِ الشَّمَائِلِ لِلشَّارِحِ وِفَاقُهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَاهَا
إلَخْ) أَيْ كَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حُمِلَ
عَلَى م ر قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) دُعَاءُ صَلَاةِ
الضُّحَى اللَّهُمَّ إنَّ الضَّحَاءَ ضَحَاؤُكَ، وَالْبَهَاءَ بَهَاؤُكَ،
وَالْجَمَالَ جَمَالُك، وَالْقُوَّةَ قُوَّتُك، وَالْقُدْرَةَ قُدْرَتُك،
وَالْعِصْمَةَ عِصْمَتُك اللَّهُمَّ إنْ كَانَ رِزْقِي فِي السَّمَاءِ
فَأَنْزِلْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ فَأَخْرِجْهُ، وَإِنْ كَانَ
مُعَسَّرًا فَيَسِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَطَهِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ
بَعِيدًا فَقَرِّبْهُ بِحَقِّ ضَحَائِك وَبِهَائِك وَجَمَالِك وَقُوَّتِك
وَقُدْرَتِك آتِنِي مَا آتَيْت عِبَادَك الصَّالِحِينَ. وَمَا يُقَالُ مِنْ
أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى تَقْطَعُ الذُّرِّيَّةَ لَا أَصْلَ لَهُ،
وَإِنَّمَا هِيَ نَزْغَةٌ أَلْقَاهَا الشَّيْطَانُ فِي أَذْهَانِ
الْعَوَامّ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى تَرْكِهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ
إلَخْ) أَيْ وَبِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسِتٌّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى
قَوْلِهِ أَرْبَعٌ وَكَانَ الْأَوْلَى الْعَطْفُ بِثُمَّ (قَوْلُهُ قَالَ
بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ
فِيهِمَا -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِنَا) اعْتَمَدَ م ر قَوْلَ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فِي
الْمَتْنِ وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ) سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ
قَوْلِهِ فِيهِ وَنَحْفِدُ هَلْ هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَوْ بِالْمُعْجَمَةِ
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَأَلَّفْت فِي ذَلِكَ كِتَابًا
إلَخْ اهـ
(قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهَا) هَلَّا قَالَ أَمْ قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسَنُّ فِيهِمَا قِرَاءَةُ (الشَّمْسِ
وَالضُّحَى) إِلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَارِفِ أَبِي
الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ يَقْرَأُ فِيهِمَا أَيْ رَكْعَتَيْ
الضُّحَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وَالْكَافِرُونَ
لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ وَفِي آخَرَ مِثْلَهُ فِي الْأُولَى {وَالشَّمْسِ
وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ الضُّحَى وَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ
فَهُمَا سُنَّتَانِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِفَضْلِ السُّورَتَيْنِ إذْ
وَرَدَ.
(2/231)
مِمَّا مَرَّ.
(وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً) لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٌ وَمِنْ
ثَمَّ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ مَا عَلَيْهِ
الْأَكْثَرُونَ أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ
لِيُوَافِقَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ عَلَى أَنَّهَا أَفْضَلُهَا؛ لِأَنَّهَا
أَكْثَرُ مَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ
كَانَ أَكْثَرُهَا ذَلِكَ لِوُرُودِهِ، وَالضَّعِيفُ يُعْمَلُ بِهِ فِي
مِثْلِ ذَلِكَ حَتَّى تَصِحُّ نِيَّةُ الضُّحَى بِالزَّائِدِ عَلَى
الثَّمَانِ، وَالْأَفْضَلُ السَّلَامُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا فِي
الرَّوَاتِبِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ جَمْعُ أَرْبَعٍ فِي التَّرَاوِيحِ؛
لِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ بِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا وَلَا
يَرِدُ الْوِتْرُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ جَازَ جَمْعُ أَرْبَعٍ مِنْهُ مَثَلًا
بِتَسْلِيمَةٍ مَعَ شَبَهِهِ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ وَرَدَ الْوَصْلُ فِي
جِنْسِهِ بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ
كَرُمْحٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ كَالشَّرْحَيْنِ.
وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ الطُّلُوعِ قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ غَرِيبٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ إلَى الزَّوَالِ وَهُوَ مُرَادُ
مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِوَاءِ وَوَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبْعُ
النَّهَارِ لِيَكُونَ فِي كُلِّ رُبْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ وَلِلْخَبَرِ
الصَّحِيحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ وَهُمَا أَفْضَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ (الشَّمْسِ
وَالضُّحَى) ، وَإِنْ وَرَدَتَا أَيْضًا إذْ الْإِخْلَاصُ تَعْدِلُ ثُلُثَ
الْقُرْآنِ، وَالْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبْعَهُ بِلَا مُضَاعَفَةٍ اهـ.
وَفِي سم عَنْ كَنْزِ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ مِثْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ
شَيْخُنَا قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ
وَيَقْرَؤُهُمَا أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ
وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا بِإِحْرَامٍ
فَلَا تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ
وَمِثْلُهُ كُلُّ سُنَّةٍ تَشَهَّدَ فِيهَا بِتَشَهُّدَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا
يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيمَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. اهـ.
أَيْ إلَّا فِي الْوِتْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ
م ر بِلَا مُضَاعَفَةٍ أَيْ فِي الْقُرْآنِ فَهَذَا الثَّوَابُ بِالنَّظَرِ
لِأَصْلِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا ثُلُثُ الْقُرْآنِ أَوْ
رُبْعُهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْإِخْلَاصُ بَلْ وَلَا الْكَافِرُونَ.
اهـ. (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ ضِعْفِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ:
صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ
إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ فَظَهَرَ أَنَّ مَا فِي
الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ انْتَهَى. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ
النِّهَايَةِ وسم، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ
الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ وَأَفْتَى
بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ،
وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ
أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ
ثِنْتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامَ الْخَامِسَ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى ثُمَّ
إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِلَّا وَقَعَ
نَفْلًا كَنَظِيرِهِ مِمَّا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ) وِفَاقًا لِلْمَنْهَجِ وَخِلَافًا
لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ:
وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الثَّمَانِ وَ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ
ثِنْتَا عَشْرَةَ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَصِحَّ نِيَّةُ الضُّحَى إلَخْ)
خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَوَالِدِهِ، وَالْمُغْنِي وَوَافَقَهُمْ
الْمُتَأَخِّرُونَ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَأَفْضَلُهَا وَأَكْثَرُهَا
ثَمَانِ رَكَعَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ أَحْرَمَ
بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَانِ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ الْمُشْتَمِلُ
عَلَى الزَّائِدِ إنْ كَانَ عَامِدًا وَإِلَّا انْعَقَدَ نَفْلًا
مُطْلَقًا. اهـ.
وَفِي سم مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ حَتَّى
تَصِحَّ إلَخْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ
وَشَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا نَوَى بِالزَّائِدِ عَلَى
الثَّمَانِ الضُّحَى وَهُوَ مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ
فَتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي
النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا فِي
الرَّوَاتِبِ إلَى وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ:
وَالْأَفْضَلُ إلَخْ) وَيَجُوزُ فِعْلُ الثَّمَانِ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ
وَيَنْبَغِي جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي
الْأَخِيرَةِ وَجَوَازُ تَشَهُّدٍ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ
أَرْبَعٍ وَهَلْ يَجُوزُ تَشَهُّدٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ ثُمَّ آخَرُ
فِي الْأَخِيرَةِ أَوْ تَشَهُّدٌ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَآخَرُ بَعْدَ
السَّادِسَةِ وَآخَرُ بَعْدَ الْأَخِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ.
اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَقُولُ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي النَّفْلِ
الْمُطْلَقِ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) يَتَرَدَّدُ
النَّظَرُ فِيمَا لَوْ أَتَى بِالضُّحَى بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ هَلْ
يَقْتَصِرُ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ الْأَقْرَبُ نَعَمْ، وَإِنَّمَا
اُغْتُفِرَ الثَّانِي فِي الْوِتْرِ لِوُرُودِهِ بَصْرِيٌّ وَلَعَلَّ
الْأَقْرَبَ مَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا مِنْ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَى
تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ سِتٌّ أَوْ ثَمَانٍ أَوْ
عَشْرٌ (قَوْلُهُ: فِي جِنْسِهِ) كَانَ الْمُرَادُ فِيهِ فَلَفْظُ جِنْسٍ
مُقْحَمٌ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: غَرِيبٌ) أَيْ نَقْلًا حُمِلَ عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ) أَيْ وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحِ كَأَنَّهُ
سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ بَعْضُ قَبْلَ أَصْحَابِنَا وَيَكُونُ
الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ حِكَايَةَ وَجْهٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إذَا مَضَى
رُبْعُ النَّهَارِ إلَخْ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْفَجْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛
لِأَنَّهُ أَوَّلَ النَّهَارِ شَرْعًا بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِيَكُونَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَقْرِيبًا سم (قَوْلُهُ:
فِي كُلِّ رُبْعٍ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ فَفِي الرُّبْعِ الْأَوَّلِ الصُّبْحُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَنَّ «الْإِخْلَاصَ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» ، وَالْأُخْرَى تَعْدِلُ
رُبْعَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ مَا
عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ أَكْثَرَهَا ثَمَانٍ) أَفْتَى بِهِ
شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ
وَلَمْ يَصِحَّ ضُحًى إنْ أَحْرَمَ بِالْجَمِيعِ دُفْعَةً وَاحِدَةً،
فَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ إلَّا الْإِحْرَامَ
الْخَامِسَ فَلَا يَصِحُّ ضُحًى ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمَنْعَ وَتَعَمَّدَ
لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا م ر ش (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي
حَمْلُهُ إلَخْ) وَعَلَى إجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ إذَا صَلَّى
الِاثْنَيْ عَشْرَ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ مَا عَدَا
الْإِحْرَامَ الرَّابِعَ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا انْعَقَدَ
نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ السَّلَامُ مِنْ كُلِّ
رَكْعَتَيْنِ) يَجُوزُ فِعْلُ الثَّمَانِ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَيَنْبَغِي
جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَوَازُ
تَشَهُّدٍ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ وَهَلْ
يَجُوزُ تَشَهُّدٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ ثُمَّ آخَرُ فِي
الْأَخِيرَةِ أَوْ تَشَهُّدٌ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَآخَرُ بَعْدَ
السَّادِسَةِ وَآخَرُ بَعْدَ الْأَخِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ:
لِيَكُونَ فِي كُلِّ رُبْعٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ:
(2/232)
«صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ
الْفِصَالُ» أَيْ بِفَتْحِ الْمِيمِ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي
أَخْفَافِهَا (تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الثَّمَانِ أَفْضَلُ مِنْ
الثِّنْتَيْ عَشْرَةَ لَا يُنَافِي قَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّمَا كَثُرَ
وَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك
وَفِي رِوَايَةٍ نَفَقَتُكِ» ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ لِتَصْرِيحِهِمْ
بِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ يَفْضُلُ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ فِي صُوَرٍ،
كَالْقَصْرِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ بِشَرْطِهِ، وَكَالْوِتْرِ
بِثَلَاثٍ أَفْضَلُ مِنْهُ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ عَلَى مَا
قَالَهُ الْغَزَالِيُّ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ، وَكَالصَّلَاةِ مَرَّةً فِي
جَمَاعَةٍ أَفْضَلَ مِنْهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَحْدَهُ كَذَا
ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ الصَّلَاةِ مَعَ
الِانْفِرَادِ لِغَيْرِ وُقُوعِ خَلَلٍ فِي صِحَّتِهَا لَا تَجُوزُ فَلَا
تَنْعَقِدُ كَمَا يَأْتِي، وَكَرَكْعَةِ الْوِتْرِ أَفْضَلُ مِنْ
رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَتَهَجُّدِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَثُرَ ذَكَرَهُ فِي
الْمَطْلَبِ قَالَ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ انْسِحَابُ حُكْمِهَا عَلَى مَا
تَقَدَّمَهَا أَيْ كَوْنُهَا تَصِيرُ وَظَائِفَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ
وِتْرًا «وَاَللَّهُ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» .
وَتَخْفِيفُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهِمَا بِغَيْرِ
الْوَارِدِ، وَرَكْعَتَيْ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْكُسُوفِ
بِكَيْفِيَّتِهِمَا الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ لِتَوْقِيتِهِ أَشْبَهَ
الْفَرْضَ مَعَ شَرَفِ وَقْتِهِ، وَكَوَصْلِ الْمَضْمَضَةِ
وَالِاسْتِنْشَاقِ أَفْضَلُ مِنْ فَصْلِهِمَا وَبَقِيَتْ صُوَرٌ أُخْرَى
وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا يَرِدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْقَاعِدَةِ؛
لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا لَمْ تَحْصُلْ الْأَفْضَلِيَّةُ فِيهَا مِنْ
حَيْثُ عَدَمُ أَشَقِيَّتِهَا بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى اقْتَرَنَتْ
بِهَا كَالِاتِّبَاعِ الَّذِي يَرْبُوا ثَوَابُهُ عَلَى ثَوَابِ
الْكَثْرَةِ وَالْمَشَقَّةِ فَتَأَمَّلْهُ لِتَعْلَمَ مَا فِي كَلَامِ
الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ قَدْ يَرَى مِنْ
الْمَصَالِحِ الْمُحْتَفَّةِ بِالْقَلِيلِ مَا يُفَضِّلُهُ عَلَى
الْكَثِيرِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
اسْتِكْثَارُ قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ اسْتِكْثَارِ
عَدَدِهَا، وَالْعِتْقُ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ طِيبُ
اللَّحْمِ وَهُنَا تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيثُ «خَيْرُ
الرِّقَابِ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا»
لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ بَلْ تَعَيُّنُهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ
عَلَى وَاحِدَةٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَاعِدَةُ أَنَّ الْعَمَلَ
الْمُتَعَدِّيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرِ فَهِيَ أَغْلَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّ
الْقَاصِرَ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ كَالْإِيمَانِ أَفْضَلُ مِنْ نَحْوِ
الْجِهَادِ.
وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْإِحْيَاءِ أَنَّ فَضْلَ
الطَّاعَاتِ عَلَى قَدْرِ الْمَصَالِحِ النَّاشِئَةِ عَنْهَا كَتَصَدُّقِ
بَخِيلٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِهِ لَيْلَةً
وَصَوْمِهِ أَيَّامًا
(وَ) مِنْهُ (تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) الْخَالِصِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَفِي الثَّانِي الضُّحَى وَفِي الثَّالِثِ الظُّهْرُ وَفِي الرَّابِعِ
الْعَصْرُ ع ش وَلَعَلَّ الْأَنْسَبَ الْبَدْءُ بِالضُّحَى، وَالْخَتْمُ
بِالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: صَلَاةِ الْأَوَّابِينَ) أَيْ صَلَاةِ الضُّحَى ع
ش (قَوْلُهُ: أَيْ بِفَتْحِ الْمِيمِ) فِيهِ قَلْبُ مَكَان وَحَقُّ
لَفْظَةِ أَيْ أَنْ تُكْتَبَ قُبَيْلَ تَبَرُّكٍ كَمَا فِي غَيْرِ
الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) عِلَّةُ الْقَاعِدَةِ وَ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ) عِلَّةُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ:
بِشَرْطِهِ) وَهُوَ كَوْنُ الْمَسَافَةِ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ (قَوْلُهُ:
لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ) مِمَّا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ السَّابِقُ وَأَكْمَلُ
مِنْهُ خَمْسٌ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ
الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ضَمِيرَ مِنْهَا فِي كَلَامِهِ
رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ جِنْسُهَا لَا شَخْصُهَا فَالْمَعْنَى
أَنَّ الظُّهْرَ مَثَلًا فِي يَوْمٍ مَرَّةً جَمَاعَةً أَفْضَلُ مِنْهَا
فِي أَيَّامٍ أُخَرَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ:
وَإِنْ كَثُرَ) أَيْ التَّهَجُّدُ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ
الرِّفْعَةِ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَوْنُهَا تَصِيرُ
وَظَائِفَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وِتْرًا) أَيْ مَخْتُومَةً بِالْوِتْرِ
وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي سم (قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى)
أَطَالَ الْبَصْرِيُّ فِي اسْتِشْكَالِهِ وَكَتَبَ سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ
بَلْ مِنْ حَيْثِيَّةٍ إلَخْ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ
بَلْ يُحَقِّقُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ خُرُوجُ بَعْضِ الصُّوَرِ عَنْهَا،
وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَفْضَلِيَّةُ مِنْ تِلْكَ
الْحَيْثِيَّةِ الْأُخْرَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ
تَصْرِيحُهُمْ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّ الْعَمَلَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: مَا يَفْضُلُهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِمَا، وَالْبَارِزُ
لِلْقَلِيلِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَاعِدَةِ
الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الضَّابِطِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ
الْعِمَادِ هَذِهِ الْإِضَافَةُ غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ إذْ الْمُرَادُ
أَنَّهَا تَحِيَّةٌ لِرَبِّ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا لِلْبُقْعَةِ
فَلَوْ قَصَدَ سُنَّةَ الْبُقْعَةِ لَمْ تَصِحَّ إلَخْ شَوْبَرِيٌّ قَالَ
فِي الْإِيعَابِ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بُقْعَةٌ لَا
تُقْصَدُ بِالْعِبَادَةِ شَرْعًا، وَإِنَّمَا تُقْصَدُ لِإِيقَاعِ
الْعِبَادَةِ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ
وَبُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) شَمَلَ ذَلِكَ
الْمَسَاجِدَ الْمُتَلَاصِقَةَ وَاَلَّذِي بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ
غَيْرُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَخَرَجَ
بِالْمَسْجِدِ الرِّبَاطُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ
مُسْتَأْجَرَةٍ عَلَى صُورَةِ الْمَسْجِدِ وَأَذِنَ بَانِيهِ فِي
الصَّلَاةِ فِيهِ نِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ م ر وَمَا بُنِيَ فِي أَرْضٍ إلَخْ
أَيْ، وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَبِنْ فِي أَرْضِهِ نَحْوَ دَكَّةٍ
أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا، فَإِنَّهُ تَصِحُّ فِيهِ
التَّحِيَّةُ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَمِثْلُهَا أَيْ الْأَرْضُ
الْمُسْتَأْجَرَةُ الْمُحْتَكَرَةُ، وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا تَجُوزُ
عِمَارَتُهَا كَالَّتِي بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي
الْأَرْضِ أَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَمِنْهُ الْبَلَاطُ
وَنَحْوُهُ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا حَيْثُ اسْتَحَقَّ إثْبَاتَهُ
فِيهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِمَنَافِعَ تَشْمَلُ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ
وَتَصِحُّ التَّحِيَّةُ فِيهِ. اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِيءُ مَا ذُكِرَ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْضًا (قَوْلُهُ
الْخَالِصِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَلِشَرْحِ
الْعُبَابِ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ الْخَالِصِ أَخْرَجَ الْمُشَاعَ وَفِي
شَرْحِ الْعُبَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ) مِمَّا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ السَّابِقُ وَأَكْمَلُ
مِنْهُ خَمْسٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ كَوْنُهَا تَصِيرُ وَظَائِفَ يَوْمِهِ
وَلَيْلَتِهِ وِتْرًا) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ وَظَائِفَ الْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا مُجَرَّدُ الْفَرَائِضِ أَوْ
مَجْمُوعُ الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبُهَا وِتْرٌ فِي نَفْسِهَا بِدُونِ
انْضِمَامِ رَكْعَةِ الْوِتْرِ إلَيْهَا بَلْ انْضِمَامُ رَكْعَةِ
الْوِتْرِ إلَيْهَا يُصَيِّرُهَا شَفْعًا فَاخْتَبِرْ ذَلِكَ يَظْهَرُ لَك
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى) هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا
أَغْلَبِيَّةٌ بَلْ يُحَقِّقُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ خُرُوجُ بَعْضِ
الصُّوَرِ عَنْهَا وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَفْضَلِيَّةُ
فِيهَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) لَوْ خَرَجَ مِنْ
الْمَسْجِدِ قَبْلَ تَمَامِ التَّحِيَّةِ كَأَنْ أَحْرَمَ بِالتَّحِيَّةِ
فِي سَفِينَةٍ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ السَّفِينَةُ قَبْلَ تَمَامِهَا
فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ أَخْرَجَ السَّفِينَةَ
بِاخْتِيَارِهِ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْمَسْجِدِيَّةُ فَلَا بُدَّ
مِنْ وُجُودِهَا فِي جَمِيعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ بِأَنْ
خَرَجَتْ السَّفِينَةُ قَهْرًا عَلَيْهِ انْقَلَبَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: الْخَالِصُ) أَخْرَجَ الْمُشَاعَ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ
وَمَرَّ فِي الْغُسْلِ أَنَّ مَا وُقِفَ
(2/233)
غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِدَاخِلِهِ
عَلَى طُهْرٍ أَوْ حَدَثٍ وَتَوَضَّأَ قَبْلَ جُلُوسِهِ وَلَوْ مُدَرِّسًا
يُنْتَظَرُ كَمَا فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعِبَارَتُهُ،
وَإِذَا وَصَلَ مَجْلِسَ الدَّرْسِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ
مَسْجِدًا تَأَكَّدَ الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ انْتَهَتْ وَلَمْ
يَسْتَحْضِرْهُ الزَّرْكَشِيُّ فَنَقَلَ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ خِلَافَهُ
أَوْ زَحْفًا أَوْ حَبْوًا، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْجُلُوسَ خِلَافًا
لِلشَّيْخِ نَصْرٍ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «إذَا دَخَلَ
أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»
وَقَوْلُهُ «فَلَا يَجْلِسْ» لِلْغَالِبِ إذْ الْعِلَّةُ تَعْظِيمُ
الْمَسْجِدِ وَلِذَا كُرِهَ تَرْكُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ نَعَمْ إنْ
قَرُبَ قِيَامُ مَكْتُوبَةٍ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ شُرِعَتْ
جَمَاعَتُهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى عَلَى
الْأَوْجَهِ وَخَشِيَ لَوْ اشْتَغَلَ بِالتَّحِيَّةِ فَوَاتَ فَضِيلَةِ
التَّحَرُّمِ انْتَظَرَهُ قَائِمًا وَدَخَلَتْ التَّحِيَّةُ، فَإِنْ
صَلَّاهَا أَوْ جَلَسَ كُرِهَ وَكَذَا تُكْرَهُ لِخَطِيبٍ دَخَلَ وَقْتَ
الْخُطْبَةِ مُتَمَكِّنًا مِنْهَا
خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ وَلِمُرِيدِ طَوَافٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ
مُتَمَكِّنًا مِنْهُ لِحُصُولِهَا بِرَكْعَتَيْهِ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ
مِنْ هَذَيْنِ سُنَّتْ لَهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَلِمَنْ خَشِيَ فَوْتَ
سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وَأُيِّدَ بِأَنَّهُ يُؤَخِّرُ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا
خَشِيَ فَوْتَ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) لِلْحَدِيثِ أَيْ
أَفْضَلُهَا ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَمَرَّ فِي الْغُسْلِ أَنَّ مَا وُقِفَ بَعْضُهُ مُشَاعًا مَسْجِدًا
يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ
يُسَنُّ لِدَاخِلِهِ التَّحِيَّةُ لَكِنْ مَشَى جَمْعٌ عَلَى أَنَّهَا لَا
تُسَنُّ لَهُ وَهُوَ قِيَاسُ عَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ وَقَدْ
يُقَالُ يُنْدَبُ م ر التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ
الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ثُمَّ فَرَّقَ بِمَا حَاصِلُهُ
أَنَّ فِي التَّحِيَّةِ اجْتِمَاعُ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِهِ وَفِي
الِاعْتِكَافِ اجْتِمَاعُ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي (قَوْلُهُ: غَيْرِ
الْمَسْجِدِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَحْصُلُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ وَعِبَارَتُهُ إلَى وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي
إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ مُدَرِّسًا إلَى أَوْ زَحْفًا وَقَوْلَهُ أَوْ
حَبْوًا وَقَوْلَهُ وَأُيِّدَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَا تُسَنُّ لِدَاخِلِهِ
بِالْقَيْدَيْنِ الْآتِيَيْنِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش، وَإِذَا دَخَلَ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مُرِيدُ الطَّوَافِ وَأَرَادَ رَكْعَتَيْنِ
تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الطَّوَافِ فَهَلْ تَنْعَقِدُ قَالَ
الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ يَنْبَغِي أَنَّهَا تَنْعَقِدُ وَخَالَفَ شَيْخُنَا
الزِّيَادِيُّ وَقَالَ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فِي
مَجْلِسٍ آخَرَ فَقَالَ بِالِانْعِقَادِ (فَرْعٌ) لَوْ وُقِفَ جُزْءٌ
شَائِعٌ مَسْجِدًا اُسْتُحِبَّ التَّحِيَّةُ وَلَمْ يَصِحَّ الِاعْتِكَافُ
سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَدَثٍ) أَيْ وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: يُنْتَظَرُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ يَنْتَظِرُهُ
الطَّلَبَةُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا وَصَلَ مَجْلِسَ الدَّرْسِ) قَضِيَّةُ مَا
بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيُخَالِفُ اخْتِصَاصَ
التَّحِيَّةِ بِالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَحْفًا) عَطْفٌ عَلَى
مُدَرِّسًا أَيْ وَلَوْ دَخَلَ زَحْفًا وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى
الْأَلْيَتَيْنِ، وَالْحَبْوُ هُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْيَدَيْنِ
وَالرُّكْبَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْخَبَرِ وَهَذَا
رَدٌّ لِمُسْتَنِدِ الشَّيْخِ نَصْرٍ (قَوْلُهُ: لِلْغَالِبِ) أَيْ مِنْ
جُلُوسِ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعِلَّةُ إلَخْ)
تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: كُرِهَ تَرْكُهَا) أَيْ
التَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ: إنْ قَرُبَ قِيَامُ مَكْتُوبَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ
أُقِيمَتْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: انْتَظَرَهُ) أَيْ قِيَامَ الْمَكْتُوبَةِ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ خِلَافًا لَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
عَنْ بَحْثِ الْمُهِمَّاتِ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ قَدْ
صَلَّاهَا جَمَاعَةً سم (قَوْلُهُ: كُرِهَ وَكَذَا تُكْرَهُ إلَخْ)
ظَاهِرُهُ انْعِقَادُهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَعَ الْكَرَاهَةِ سم
(قَوْلُهُ: لِخَطِيبٍ إلَخْ) أَيْ وَلِمَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي
مَكْتُوبَةٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي أَوْ دَخَلَ بَعْدَ فَرَاغِ
الْخَطِيبِ مِنْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ وَهُوَ فِي آخِرِهَا قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَرُبَّمَا يَدَّعِي دُخُولَ هَاتَيْنِ
الصُّورَتَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ قُرْبَ إقَامَتِهَا إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: دَخَلَ) أَيْ الْخَطِيبُ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْخُطْبَةِ)
عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَدْ حَانَتْ الْخُطْبَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ:
مُتَمَكِّنًا مِنْهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا
إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا كَأَنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلِمُرِيدِ طَوَافٍ إلَخْ) لَوْ بَدَأَ بِالتَّحِيَّةِ فِي
هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَنْبَغِي انْعِقَادُهَا؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ فِي
الْجُمْلَةِ وَلَوْ بَدَأَ بِالطَّوَافِ كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ ثُمَّ
نَوَى بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ التَّحِيَّةَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ ذَلِكَ
وَيَنْدَرِجُ فِيهَا سُنَّةُ الطَّوَافِ م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مِنْ
هَذَيْنِ) أَيْ إرَادَةِ الطَّوَافِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْهُ (قَوْلُهُ:
لِلْحَدِيثِ) أَيْ الْمَارِّ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ خَشِيَ إلَخْ)
وَيَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِهَا عَنْ فَرْضٍ ضَاقَ وَقْتُهُ نِهَايَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بَعْضُهُ مُشَاعًا مَسْجِدًا يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ
وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ يُسَنُّ لِدَاخِلِهِ التَّحِيَّةُ لَكِنْ مَشَى
جَمْعٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُسَنُّ لَهُ وَهُوَ قِيَاسُ عَدَمِ صِحَّةِ
الِاعْتِكَافِ فِيهِ إلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ تُنْدَبُ التَّحِيَّةُ
دَاخِلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ قَدْ مَاسَّ جُزْءًا مِنْ الْمَسْجِدِ فَسُنَّتْ
لَهُ تَحِيَّةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي مَسَّهُ مُبَالَغَةً فِي
تَعْظِيمِهِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ مُمَاسَّةَ غَيْرِهِ لَا تُؤَثِّرُ
فِيمَا طُلِبَ لَهُ مِنْ مَزِيدِ التَّعْظِيمِ بِخِلَافِ صِحَّةِ
الِاعْتِكَافِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَكِفًا فِي
جُزْءٍ غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَفِيهِ إخْلَالٌ بِالتَّعْظِيمِ إلَى آخِرِ مَا
أَطَالَ بِهِ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ أَيْضًا
يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُصَلِّيًا التَّحِيَّةَ فِي جُزْءٍ غَيْرِ مَسْجِدٍ
إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لَا يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ لِانْعِقَادِ
الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ
الِاعْتِكَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ جُلُوسِهِ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا اُعْتُبِرَ الْجُلُوسُ
الْيَسِيرُ لِلْوُضُوءِ كَمَا لَوْ جَلَسَ لِلْإِحْرَامِ بِالتَّحِيَّةِ
مِنْ جُلُوسٍ أَوْ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ إذَا سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ
عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ أَتَى بِالتَّحِيَّةِ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ
الشَّارِحِ الْآتِيَ وَفِيهِ نَظَرٌ (فَرْعٌ) مَسْجِدَانِ مُتَلَاصِقَانِ
دَخَلَ أَحَدَهُمَا وَصَلَّى التَّحِيَّةَ ثُمَّ دَخَلَ مِنْهُ لِلْآخَرِ
فَهَلْ يُطْلَبُ لَهُ تَحِيَّةٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ
مَسْجِدٍ وَاحِدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تُطْلَبَ لَهُ؛
لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ آخَرُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ
صَلَّاهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ بَحْثِ الْمُهِمَّاتِ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ
إنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: كُرِهَ وَكَذَا تُكْرَهُ
إلَخْ) ظَاهِرُهُ انْعِقَادُهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَعَ الْكَرَاهَةِ
(قَوْلُهُ: وَلِمُرِيدِ طَوَافٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَمَكِّنًا فِيهِ)
وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّحِيَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَنْبَغِي
انْعِقَادُهَا؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ غَايَةُ
الْأَمْرِ أَنَّهُ طُلِبَ مِنْهُ تَقْدِيمُ الطَّوَافِ لِحُصُولِهَا
بِسُنَّتِهِ وَلَوْ بَدَأَ بِالطَّوَافِ -
(2/234)
فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا
بِتَسْلِيمَةٍ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّانِيَةُ إلَّا لِنَحْوِ
جَاهِلٍ فَتَنْعَقِدُ نَفْلًا مُطْلَقًا (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ
آخَرَ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ حُرْمَةَ
الْمَسْجِدِ الْمَقْصُودَةَ أَيْ يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِذَلِكَ أَمَّا
حُصُولُ ثَوَابِهَا فَالْوَجْهُ تَوَقُّفُهُ عَلَى النِّيَّةِ لِحَدِيثِ
«إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَزَعْمُ أَنَّ الشَّارِعَ أَقَامَ
فِعْلَ غَيْرِهَا مَقَامَ فِعْلِهَا فَيَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ
بَعِيدٌ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِيهِ وَلَوْ
نَوَى عَدَمَهَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي سُنَّةِ الطَّوَافِ.
وَإِنَّمَا ضَرَّتْ نِيَّةُ ظُهْرٍ وَسُنَّتُهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهَا
مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ (لَا رَكْعَةٍ) فَلَا
تَحْصُلُ بِهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْحَدِيثِ (قُلْت وَكَذَا
الْجِنَازَةُ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَ) سَجْدَةُ (الشُّكْرِ) فَلَا
تَحْصُلُ بِهَذِهِ وَلَا بِبَعْضِهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِلْحَدِيثِ أَيْضًا
(وَتَتَكَرَّرُ) التَّحِيَّةُ أَيْ طَلَبُهَا (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ
عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ
وَيَسْقُطُ نَدْبُهَا بِتَعَمُّدِ الْجُلُوسِ وَلَوْ لِلْوُضُوءِ لِمَنْ
دَخَلَ مُحْدِثًا عَلَى الْأَوْجَهِ لِتَقْصِيرِهِ مَعَ عَدَمِ
احْتِيَاجِهِ لِلْجُلُوسِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْعَطْشَانِ
وَبِطُولِهِ مُطْلَقًا لَا بِقِصَرِهِ مَعَ نَحْوِ سَهْوٍ أَوْ جَهْلٍ
وَلَا بِقِيَامٍ، وَإِنْ طَالَ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
فَيُصَلِّيهَا وَلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ إذَا نَوَاهَا قَائِمًا أَنْ
يَجْلِسَ وَيُتِمَّهَا؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ
الصَّلَاةِ.
وَلَوْ دَخَلَ عَطْشَانَا لَمْ تَفُتْ بِشُرْبِهِ جَالِسًا عَلَى
الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ وَمَرَّ نَدْبُ تَقْدِيمِ سَجْدَةِ
التِّلَاوَةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْهَا لِلْخِلَافِ الشَّهِيرِ
فِي وُجُوبِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
(قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ
إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهَا
فَلْيُتَأَمَّلْ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ إلَخْ)
يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَنْذُرْهَا، وَإِلَّا فَلَا
بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا مُسْتَقِلَّةً؛ لِأَنَّهَا بِالنَّذْرِ صَارَتْ
مَقْصُودَةً فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ وَلَا
تَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ع ش (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ تَوَقُّفُهُ
إلَخْ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ،
وَالْمُغْنِي وَالزِّيَادِيِّ وَوَافَقَهُمْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ:
فَيَحْصُلُ) أَيْ ثَوَابُهَا سم (قَوْلُهُ: بَعِيدٌ) قَدْ يُمْنَعُ
الْبُعْدُ وَيُسْنَدُ الْمَنْعُ بِأَنَّ الشَّارِعَ كَمَا أَقَامَ فِعْلَ
غَيْرِهَا مَقَامَ فِعْلِهَا فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ فَكَذَا فِي الثَّوَابِ
سم (قَوْلُهُ: شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ سُقُوطِ الطَّلَبِ وَحُصُولِ
الثَّوَابِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ بِشَيْءٍ إلَخْ بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ:
وَلَوْ نَوَى عَدَمَهَا إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ جَوَابُ
سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَحْصُلُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَكَذَا الْجِنَازَةُ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَ بِهَا إنْ لَمْ
يَطُلْ بِهَا فَصْلٌ ع ش (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ) أَيْ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ
الثَّلَاثِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ إلَخْ) أَيْ لَوْ
دَخَلَ مِنْ مَسْجِدٍ إلَى آخَرَ وَهُمَا مُتَلَاصِقَانِ مُغْنِي وسم
(قَوْلُهُ: لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ دَخَلَ فِي
النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ لِلْوُضُوءِ إلَى
وَبِطُولِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا بِقِيَامِ إلَى وَلَهُ (قَوْلُهُ:
بِتَعَمُّدِ الْجُلُوسِ) أَيْ مُتَمَكِّنًا بِخِلَافِهِ مُسْتَوْفِزًا
كَعَلَى قَدَمَيْهِ م ر. اهـ.
سم (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا اُغْتُفِرَ
الْجُلُوسُ الْيَسِيرُ لِلْوُضُوءِ كَمَا لَوْ جَلَسَ لِلْإِحْرَامِ
بِالتَّحِيَّةِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ إذَا سَمِعَ
آيَةَ السَّجْدَةِ عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ أَتَى بِالتَّحِيَّةِ سم
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَبِطُولِهِ
إلَخْ) عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ بِتَعَمُّدِ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ: مَعَ
نَحْوِ سَهْوٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا أَدْخَلَهُ بِلَفْظَةِ نَحْوِ وَقَدْ
أَسْقَطَهَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ،
وَالْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا، عِبَارَتُهُمَا: وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ
وَبِطُولِ الْوُقُوفِ أَيْضًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَبِطُولِ الْوُقُوفِ
أَيْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَخَرَجَ بِطُولِ الْوُقُوفِ مَا
لَوْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ جِدًّا فَدَخَلَهُ وَلَمْ يَقِفْ فِيهِ بَلْ
قَصَدَ الْمِحْرَابَ مَثَلًا وَزَادَ مَشْيُهُ إلَيْهِ عَلَى مِقْدَارِ
رَكْعَتَيْنِ فَلَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِذَلِكَ ع ش، وَالْمُوَافِقُ
لِمَا قَدَّمَهُ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنْ يَقُولَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ
(قَوْلُهُ: إذَا نَوَاهَا قَائِمًا إلَخْ) وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا جَالِسًا
فَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
جَوَازُهُ حَيْثُ جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا إذْ لَيْسَ لَنَا نَافِلَةٌ
يَجِبُ التَّحَرُّمُ بِهَا قَائِمًا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر
حَيْثُ جَلَسَ لِيَأْتِيَ بِهَا خَرَجَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ فَتَفُوتُ
التَّحِيَّةُ بِالْجُلُوسِ وَشَمَلَ ذَلِكَ قَوْلَهُ م ر السَّابِقَ
وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَفُتْ بِشُرْبِهِ جَالِسًا إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ
عِبَارَةُ سم وَيُتَّجَهُ الْفَوَاتُ إنْ جَلَسَ مُتَمَكِّنًا م ر. اهـ.
وَقَالَ ع ش وَيَقْرَبُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ التُّحْفَةِ عَلَى مَا إذَا
اشْتَدَّ الْعَطَشُ كَلَامُ النِّهَايَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْتَدَّ؛
لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ ثُمَّ نَوَى بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ التَّحِيَّةِ
فَيَنْبَغِي صِحَّةُ ذَلِكَ وَيَنْدَرِجُ فِيهِمَا سُنَّةُ الطَّوَافِ؛
لِأَنَّ التَّحِيَّةَ لَمْ تَسْقُطْ بِالطَّوَافِ بَلْ انْدَرَجَتْ فِي
رَكْعَتَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَنْوِيَ خُصُوصَهَا وَيَنْدَرِجُ فِيهَا
سُنَّةُ الطَّوَافِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ
إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ أُثِيبَ عَلَيْهَا
فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ
آخَرَ) فِي الْبَهْجَةِ
وَفَضْلُهَا بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ حَصَلَ
إنْ نُوِيَتْ أَوْ لَا اهـ (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ» ) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْحَدِيثُ يُشْكِلُ عَلَى حُصُولِهَا
بِغَيْرِهَا إذَا لَمْ يَنْوِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ مُفَادَ الْحَدِيثِ
تَوَقُّفُ الْعَمَلِ عَلَى النِّيَّةِ أَعَمُّ مِنْ نِيَّتِهِ بِخُصُوصِهِ
وَقَدْ حَصَلَتْ النِّيَّةُ هَهُنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْوِيُّ
خُصُوصَ التَّحِيَّةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَحْصُلُ) أَيْ ثَوَابُهَا،
وَإِنْ لَمْ تُنْوَ بَعِيدٌ قَدْ يُمْنَعُ لِلْبُعْدِ وَسَنَدُ الْمَنْعِ
أَنَّ الشَّارِعَ كَمَا أَقَامَ فِعْلَ غَيْرِهَا مَقَامَ فِعْلِهَا فِي
سُقُوطِ الطَّلَبِ فَكَذَا فِي الثَّوَابِ (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ نَدْبُهَا
بِتَعَمُّدِ الْجُلُوسِ) أَيْ مُتَمَكِّنًا بِخِلَافِهِ مُسْتَوْفِزًا
كَعَلَى قَدَمَيْهِ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَلْ كَلَامُ ابْنِ
الْعِمَادِ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ بِهَا إذَا جَلَسَ بِنِيَّةِ
صَلَاتِهَا جَالِسًا. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمِنْ ثَمَّ
إلَخْ اعْتِمَادُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
أَيْضًا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِقِيَامٍ، وَإِنْ طَالَ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ
الرَّمْلِيُّ الْفَوَاتَ إذَا طَالَ الْقِيَامُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ
كَمَا لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ قِرَاءَةِ آيَةِ سَجْدَةٍ وَسُجُودِهَا
أَوْ بَيْنَ السَّلَامِ سَهْوًا عَنْ سُجُودِ السَّهْوِ وَتَذَكُّرِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ دَخَلَ عَطْشَانَا لَمْ تَفُتْ بِشُرْبِهِ جَالِسًا
عَلَى الْأَوْجَهِ) وَيُتَّجَهُ الْفَوَاتُ إنْ جَلَسَ مُتَمَكِّنًا م ر
(قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ الشَّهِيرِ فِي وُجُوبِهَا) قَضِيَّةُ هَذَا
التَّعْلِيلِ أَنْ لَا تَلْحَقَ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ سَجْدَةُ
الشُّكْرِ فِي ذَلِكَ م ر (قَوْلُهُ: -
(2/235)
وَأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ
جُلُوسٌ قَصِيرٌ لِعُذْرٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِحْرَامُ
بِهَا مِنْ قِيَامٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَهُنَا آرَاءٌ بَعِيدَةٌ
غَيْرُ مَا ذُكِرَ فَاحْذَرْهَا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي أَنَّ
فَوَاتَهَا فِي حَقِّ ذِي الْحَبْوِ أَوْ الزَّحْفِ بِمَاذَا وَلَوْ قِيلَ
لَا تَفُوتُ إلَّا بِالِاضْطِجَاعِ؛ لِأَنَّهُ رُتْبَةٌ أَدْوَنُ مِنْ
الْجُلُوسِ كَمَا أَنَّ الْجُلُوسَ أَدْوَنُ مِنْ الْقِيَامِ فَكَمَا
فَاتَتْ بِهَذَا فَاتَتْ بِذَاكَ لَمْ يَبْعُدْ، وَكَذَا يَتَرَدَّدُ فِي
حَقِّ الْمُضْطَجِعِ أَوْ الْمُسْتَلْقِي أَوْ الْمَحْمُولِ إذَا دَخَلَ
كَذَلِكَ وَيُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ دُخُولُهُ لِيَجْلِسَ فِيهِ، فَإِنْ
فَعَلَ أَوْ دَخَلَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا قَالَ أَرْبَعَ
مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
وَاَللَّهُ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّهَا الطَّيِّبَاتُ الْبَاقِيَاتُ
الصَّالِحَاتُ وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ.
(وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ) اللَّاتِي (قَبْلَ الْفَرْضِ بِدُخُولِ
وَقْتِ الْفَرْضِ وَ) يَدْخُلُ وَقْتُ اللَّاتِي (بَعْدَهُ بِفِعْلِهِ)
كَالْوِتْرِ (وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ) اللَّذَانِ قَبْلَ الْفَرْضِ
وَبَعْدَهُ (بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ) ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لَهُ
نَعَمْ يَفُوتُ وَقْتُ اخْتِيَارِ الْقَبْلِيَّةَ بِفِعْلِهِ، وَإِذَا لَمْ
يُصَلِّهِ تَكُونُ الْبَعْدِيَّةُ قَضَاءً لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ أَدَائِهِ
وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ الْفَرْضِ يَتَنَاوَلُ الْمَجْمُوعَةَ
تَقْدِيمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وُقُوفٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا لَا تَفُوتُ
بِهَا) يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَ بِسُجُودِ الشُّكْرِ أَيْضًا سم
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِحْرَامَ
بِهَا مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ سم (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) اعْتَمَدَهُ م
ر. اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْمُضْطَجِعِ
إلَخْ) وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا تَفُوتُ فِي حَقِّ
الْمُضْطَجِعِ بِالِاسْتِلْقَاءِ؛ لِأَنَّهُ رُتْبَةٌ أَدْوَنُ مِنْ
الِاضْطِجَاعِ وَفِي الْإِمْدَادِ قِيَاسُ مَا سَبَقَ مِنْ عَدَمِ
الْفَوْتِ بِالْقِيَامِ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ فِي حَقِّ الْمُقْعَدِ إلَّا
بِاضْطِجَاعِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي
الدَّاخِلِ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا وَلَا يَبْعُدُ فَوَاتُهَا
عَلَيْهِ بِطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا انْتَهَى وَفِي النِّهَايَةِ قِيَاسُ
مَا مَرَّ أَنَّ مَنْ دَخَلَ غَيْرَ قَائِمٍ وَطَالَ الْفَصْلُ قَبْلَ
فِعْلِهَا فَوَاتُهَا أَيْضًا انْتَهَى. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ:
وَيُكْرَهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ
لِيَجْلِسَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ إلَخْ) مَا جَزَمَ
بِهِ هُنَا مِنْ كَرَاهَةِ دُخُولِ الْمُحْدِثِ لِلْجُلُوسِ يُخَالِفُ مَا
اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ جُلُوسِ
الْمُحْدِثِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الدُّخُولِ
لِلْجُلُوسِ وَبَيْنَ نَفْسِ الْجُلُوسِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ
فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: لِيَجْلِسَ فِيهِ) زَادَ فِي فَتْحِ
الْجَوَادِ لَا لِنَحْوِ مُرُورٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى
لِلْجُنُبِ إلَّا لِعُذْرٍ. اهـ.
كُرْدِيٌّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي هُنَا
كَرَاهَةُ دُخُولِ الْمُحْدِثِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ
الْجُلُوسَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا) أَيْ لِشُغْلٍ أَوْ
نَحْوِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ
سُبْحَانَ اللَّهِ إلَخْ) ، فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ فِي
الْفَضْلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ سم يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ
حَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِفَوَاتِ التَّحِيَّةِ وَإِلَّا بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ
يُفَوِّتُهَا لَوْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ
الْقَوْلُ وَلَا يَقَعُ جَابِرًا لِتَرْكِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَهُوَ
قَرِيبٌ وَقَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ
لِلْمُحْدِثِ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ قَبْلَ طُولِ
الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مَعَ
تَيَسُّرِهِ. اهـ.
وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَغَيْرُهُ زَادَ الْعَلِيَّ
الْعَظِيمَ نِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ:
لِأَنَّهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَائِدَةٌ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ
الْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ
سَائِرِ الْخَلِيقَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ
وَالْجَمَادَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ
بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] أَيْ بِهَذِهِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ الْكَلِمَاتُ
الطَّيِّبَاتُ، وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، وَالْقَرْضُ الْحَسَنُ،
وَالذِّكْرُ الْكَثِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْبَاقِيَاتُ
الصَّالِحَاتُ} [الكهف: 46] وَفِي قَوْله تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] وَفِي قَوْله تَعَالَى
{اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41] . اهـ. (قَوْلُهُ:
وَصَلَاةُ الْحَيَوَانَاتِ إلَخْ) (فَرْعٌ) إنَّ التَّحِيَّاتِ
مُتَعَدِّدَةٌ فَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ، وَالْبَيْتِ
بِالطَّوَافِ، وَالْحَرَمِ بِالْإِحْرَامِ وَمِنًى بِالرَّمْيِ وَعَرَفَةَ
بِالْوُقُوفِ وَلِقَاءِ الْمُسْلِمِ بِالسَّلَامِ وَتَحِيَّةُ الْخَطِيبِ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْخُطْبَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ إلَخْ) وَيُسَنُّ فِعْلُ
السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ فِي السَّفَرِ سَوَاءٌ أَقَصَرَ أَوْ أَتَمَّ
لَكِنَّهَا فِي الْحَضَرِ آكَدُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ مَنْ
وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ الرَّاتِبَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُغْنِي
وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ عَلَى تَرْكِ الرَّاتِبَةِ أَيْ كُلِّهَا
وَكَذَا بَعْضِهَا وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ عَلَى الْأَقْرَبِ ع ش
(قَوْلُهُ اللَّذَانِ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِذَا لَمْ يُصَلِّهِ فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَظْهَرُ
إلَى وَبَحَثَ (قَوْلُهُ: اللَّذَانِ قَبْلَ الْفَرْضِ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْمُغْنِي أَيْ وَقْتَ الَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ. اهـ. وَهِيَ
أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: تَكُونُ الْبَعْدِيَّةُ قَضَاءً إلَخْ) وَمِثْلُهَا
الْوِتْرُ، وَالتَّرَاوِيحُ م ر. اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُصَلِّهِ إلَخْ) وَلَوْ فَعَلَ الْبَعْدِيَّةَ
قَبْلَهُ لَمْ تَنْعَقِدُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِهَا) يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَ بِسُجُودِ
الشُّكْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ
أَنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ)
اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ دُخُولُهُ لِيَجْلِسَ
فِيهِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قُبَيْلَ السَّجَدَاتِ مَا نَصُّهُ
وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِلَا حَاجَةٍ بِغَيْرِ وُضُوءٍ كَذَا فِي شَرْحِ م ر
عَلَى مَا فِي الْإِحْيَاءِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا فِيهِ
نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَجْمُوعِ مَا يَرُدُّهُ وَهُوَ أَنَّهُ
يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُحْدِثِ إجْمَاعًا ولَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ
وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي يُكْرَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ
لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ.
وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الرُّويَانِيَّ وَافَقَهُ لِحَدِيثِ
«إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ» أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ
ضَعِيفٌ، وَإِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ إلَى أَنْ قَالَ وَبَحَثَ
الزَّرْكَشِيُّ تَقْيِيدَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُحْدِثِ بِمَا إذَا لَمْ
يُضَيِّقْ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ الْمُعْتَكِفِينَ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ
وَمَا اعْتَمَدَهُ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ جُلُوسِ الْمُحْدِثِ يُخَالِفُ
مَا جَزَمَ بِهِ هُنَا مِنْ كَرَاهَةِ الدُّخُولِ لِلْجُلُوسِ إلَّا أَنْ
يُفَرَّقَ بَيْنَ الدُّخُولِ لِلْجُلُوسِ وَبَيْنَ نَفْسِ الْجُلُوسِ وَلَا
يَخْفَى مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) زَادَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا
قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَغَيْرُهُ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُصَلِّهِ تَكُونُ الْبَعْدِيَّةُ قَضَاءً)
مِثْلُهَا الْوِتْرُ، وَالتَّرَاوِيحُ م ر (قَوْلُهُ:
(2/236)
فَتَكُونُ رَاتِبَتُهَا أَدَاءً، وَإِنْ
فَعَلَهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ صَيَّرَ
الْوَقْتَيْنِ كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ فَوْتَ سُنَّةِ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ قَالَ
بِخِلَافِ نَحْوِ الضُّحَى، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا فِي
الْوَقْتِ بِقَصْدِ الْإِعْرَاضِ عَنْ بَاقِيهَا فَيُسَنُّ لَهُ قَضَاؤُهُ
وَبَعْضُهُمْ بِالْحَدَثِ وَبَعْضُهُمْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَهَذَا
أَوْجَهُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ
تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ وَقَوْلُهَا فِي بَحْثِ الْوَقْتِ
الْمَكْرُوهِ وَمِنْهُ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْوُضُوءِ وَإِطْلَاقُ
الشَّيْخَيْنِ أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ يُصَلِّي
رَكْعَتَيْنِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَصُرَ الزَّمَنُ خِلَافًا لِمَنْ
عَكَسَ فَحَمَلَ الْأَوَّلِ عَلَى نَدْبِ الْمُبَادَرَةِ وَهَذَا عَلَى
امْتِدَادِ الْوَقْتِ مَا بَقِيَتْ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا
صِيَانَتُهَا عَنْ التَّعْطِيلِ.
(وَلَوْ فَاتَ النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ) كَالْعِيدِ، وَالضُّحَى،
وَالرَّوَاتِبِ (نُدِبَ قَضَاؤُهُ) أَبَدًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَحَادِيثَ
صَحِيحَةٍ فِي ذَلِكَ «كَقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سُنَّةَ الصُّبْحِ فِي قِصَّةِ الْوَادِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَسُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَمَّا اشْتَغَلَ
عَنْهَا بِالْوَفْدِ» وَفِي خَبَرٍ حَسَنٍ «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ
نَسِيَهُ فَلِيُصَلِّ إذَا ذَكَرَهُ» وَخَرَجَ بِالْمُؤَقَّتِ ذُو
السَّبَبِ كَالْكُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالتَّحِيَّةِ فَلَا مَدْخَلَ
لِلْقَضَاءِ فِيهِ، وَالصَّلَاةُ بَعْدَ السُّقْيَا شُكْرٌ عَلَيْهِ لَا
قَضَاءٌ نَعَمْ لَوْ قَطَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا سُنَّ قَضَاؤُهُ وَلَوْ
فَاتَهُ وِرْدُهُ أَيْ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ نُدِبَ لَهُ قَضَاؤُهُ
جَزْمًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
وَمِمَّا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْإِشْرَاقِ بَعْدَ
خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ قَضَاءً فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ
الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ
وُقُوعَ الرَّاتِبَةِ بِقُرْبِ فِعْلِ الْفَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا
لِلشَّامِلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهَا فِي وَقْتِ
الثَّانِيَةِ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي هَامِشِ صَلَاةِ
الْمُسَافِرِ فِي مَبْحَثِ الْجَمْعِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ
الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ الْعَصْرَ تَقْدِيمًا مَعَ
الظُّهْرِ فَخَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَصْرِ لَمْ
تَبْطُلْ وَلَمْ تَصِرْ قَضَاءً، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً
فِي وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ فِي الْجَمْعِ وَقْتٌ لَهَا
سم (قَوْلُهُ: كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ) أَيْ بِالتَّصْيِيرِ (قَوْلُهُ:
بِخِلَافِ نَحْوِ الضُّحَى) أَيْ مِنْ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ (قَوْلُهُ:
عَلَى بَعْضِهَا) أَيْ بَعْضِ نَحْوِ الضُّحَى (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ
قَضَاؤُهُ) لَعَلَّهُ تَسَمُّحٌ سم (قَوْلُهُ: قَضَاؤُهُ) أَيْ الْبَاقِي
(قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ بِالْحَدَثِ) تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ
الَّذِي أَفْتَى بِهِ السَّمْهُودِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَأَنَّهُ وَجِيهٌ
مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمُوَافَقَتِهِ الْحَدِيثَ الْمُسْتَدَلَّ بِهِ
لِنَدْبِهَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ بِالْحَدَثِ إلَخْ) مِنْ
الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولِ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِدُونِ تَقَدُّمِ
الْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ بِطُولِ الْفَصْلِ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) لَوْ تَوَضَّأَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ
اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ نَوَى بِهِمَا أَحَدَ السَّبَبَيْنِ أَوْ
هُمَا اكْتَفَى بِهِ فِي أَصْلِ السُّنَّةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ
أَرْبَعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَلَا تَفُوتُ
بِهَا سُنَّةُ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْوُضُوءِ فِيهَا الْخِلَافُ
الْمَذْكُورُ وَلَا كَذَلِكَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ ع ش (قَوْلُهُ وَهَذَا
أَوْجَهُ) أَيْ الثَّالِثُ نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَحِينَئِذٍ،
فَإِذَا أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ عَنْ قُرْبٍ لَا تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ
الْأَوَّلِ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي عَنْ
الْوُضُوءَيْنِ رَكْعَتَانِ لِتَدَاخُلِ سُنَّتَيْهِمَا وَهَلْ لَهُ أَنْ
يُصَلِّيَ لِكُلٍّ رَكْعَتَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ
الْجَوَازِ لِحُصُولِ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ بِالرَّكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ:
يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) أَيْ وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ وَقْتَ
كَرَاهَةٍ لِكَوْنِهَا صَلَاةً لَهَا سَبَبٌ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ
يَتَوَضَّأْ لِيُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ
أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ
التَّحِيَّةِ فَقَطْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ ع ش (قَوْلُهُ فَحُمِلَ
الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُ الرَّوْضَةِ و (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ إطْلَاقُ
الشَّيْخَيْنِ و (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا) أَيْ بِسُنَّةِ
الْوُضُوءِ وَ (قَوْلُهُ: صِيَانَتُهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَالْعِيدِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِمَّا لَا يُسَنُّ فِي
النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفِي خَبَرٍ إلَى وَخَرَجَ
(قَوْلُهُ: كَالْعِيدِ) أَيْ مِمَّا سُنَّتْ الْجَمَاعَةُ فِيهِ و
(قَوْلُهُ: وَالضُّحَى إلَخْ) أَيْ مِمَّا لَمْ تُسَنَّ فِيهِ قَوْلُ
الْمَتْنِ (نُدِبَ قَضَاؤُهُ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ
الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي نِهَايَةٌ
وَمُغْنِي قَالَ ع ش اُنْظُرْ هَلْ يَقْضِي النَّفَلَ مِنْ الصَّوْمِ
أَيْضًا إذَا فَاتَهُ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ فِيهِ
نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ الْقَضَاءُ أَخْذًا مِمَّا هُنَا ثُمَّ
رَأَيْت فِي سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي فَتَاوَى
الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ صَوْمٌ مُؤَقَّتٌ أَوْ اتَّخَذَهُ وِرْدًا
سُنَّ لَهُ قَضَاؤُهُ انْتَهَى وَهُوَ يُفِيدُ سَنَّ قَضَاءِ نَحْوِ
الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ وَسِتِّ شَوَّالٍ إذَا فَاتَ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَذَرَهُ ع
ش أَقُولُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ لَوْ قَطَعَ نَفْلًا إلَخْ
وُجُوبُ قَضَاءِ الْمَنْذُورِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْإِشْرَاقِ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ هُوَ
وَلَا غَيْرُهُ مُنْتَهَى وَقْتِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَاسَ عَلَى
الضُّحَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفُوتَ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا
فَلْيُحَرَّرْ وَهَلْ قَوْلُهُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ
لِتَوَقُّفِ دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَيْهِ كَالضُّحَى أَوْ لِلِاحْتِرَازِ
عَنْ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْحَرَمِ
الْمَكِّيِّ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَلَا فَرْقَ أَوْ بِالثَّانِي
اُتُّجِهَ الْفَرْقُ وَفِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ لَهُ وَسُنَّةُ
الْإِشْرَاقِ غَيْرُ الضُّحَى وَهِيَ رَكْعَتَانِ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ
وَحَلَّتَا مَعَ كَوْنِهِمَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ
ذَوَاتِ السَّبَبِ الْمُقَارِنِ انْتَهَى. اهـ.
بَصْرِيٌّ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الشَّمَائِلِ تَقَدَّمَ عَنْ
شَيْخِنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَتَكُونُ رَاتِبَتُهَا أَدَاءً، وَإِنْ فَعَلَهَا فِي وَقْتِ
الثَّانِيَةِ) يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي هَامِشِ صَلَاةِ
الْمُسَافِرِ فِي مَبْحَثِ الْجَمْعِ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ
الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ خِلَافًا لِوَالِدِهِ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ
الْعَصْرَ تَقْدِيمًا مَعَ الظُّهْرِ فَخَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ قَبْلَ
فَرَاغِ الْعَصْرِ لَمْ تَبْطُلْ وَلَمْ تَصِرْ قَضَاءً، وَإِنْ لَمْ
يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ
فِي الْجَمْعِ وَقْتٌ لَهَا.
(قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ
لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ إلَخْ) لَوْ تَوَضَّأَ خَارِجَ
الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَهُ فِي الْحَالِ فَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ إفْرَادُ
كُلٍّ مِنْ التَّحِيَّةِ وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ عَنْ الْأُخْرَى وَلَا
تَفُوتُ الْمُؤَخَّرَةُ بِالْمُقَدَّمَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ قِصَرِ
الْفَصْلِ أَوْ لَا يُطْلَبُ الْإِفْرَادُ بَلْ الْمَطْلُوبُ رَكْعَتَانِ
يَنْوِي بِهِمَا كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ وَفِي شَرْحِ
م ر وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ بَيْنَ
السَّفَرِ. وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ كَانَ قَصِيرًا أَمْ طَوِيلًا لَكِنَّهَا
فِي الْحَضَرِ آكَدُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ رَدُّ شَهَادَةِ مَنْ
وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ الرَّاتِبَةِ اهـ
(قَوْلُهُ: سُنَّ قَضَاؤُهُ) لَعَلَّهُ تَسَمَّحَ
(قَوْلُهُ: -
(2/237)
وَهِيَ غَيْرُ الضُّحَى وَوَقَعَ فِي
عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ لِلْإِمَامِ السُّهْرَوَرْدِيِّ أَنَّ مَنْ جَلَسَ
بَعْدَ الصُّبْحِ يَذْكُرُ اللَّهَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا
كَرُمْحٍ يُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ الِاسْتِعَاذَةِ
بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ
الِاسْتِخَارَةِ لِكُلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ
قَالَ: وَهَذِهِ تَكُون بِمَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا
فَالِاسْتِخَارَةُ الَّتِي وَرَدَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ هِيَ الَّتِي
يَفْعَلُهَا أَمَامَ كُلِّ أَمْرٍ يُرِيدُهُ. اهـ.
وَهَذَا عَجِيبٌ مِنْهُ مَعَ إمَامَتِهِ فِي الْفِقْهِ أَيْضًا وَكَيْفَ
رَاجَ عَلَيْهِ صِحَّةُ وَحِلُّ صَلَاةٍ بِنِيَّةٍ مُخْتَرَعَةٍ لَمْ
يَرِدْ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ وَمَنْ اسْتَحْضَرَ كَلَامَهُمْ فِي
رَدِّ صَلَوَاتٍ ذُكِرَتْ فِي أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا
تَجُوزُ وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ بِتِلْكَ النِّيَّاتِ الَّتِي
اسْتَحْسَنَهَا الصُّوفِيَّةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرِدَ لَهَا أَصْلٌ فِي
السُّنَّةِ نَعَمْ إنْ نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ ثُمَّ دَعَا بَعْدَهَا
بِمَا يَتَضَمَّنُ نَحْوَ اسْتِعَاذَةٍ أَوْ اسْتِخَارَةٍ مُطْلَقَةٍ لَمْ
يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَعِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ بِمَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا
نَزَلَ وَعِنْدَ قُدُومِهِ بِالْمَسْجِدِ وَبَعْدَ الْوُضُوءِ،
وَالْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ وَعِنْدَ الْقَتْلِ وَعِنْدَ دُخُولِ
بَيْتِهِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَعِنْدَ الْحَاجَةِ وَعِنْدَ التَّوْبَةِ
وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ عِشْرُونَ رَكْعَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
اعْتِمَادُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَإِنْ مَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ
إلَى الِاتِّحَادِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَقِبَ الْإِشْرَاقِ
وَقَدْ يُشِيرُ إلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْ
التَّرَدُّدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ الضُّحَى) مَالَ الْعَارِفُ
الشَّعْرَانِيُّ فِي الْعُهُودِ الْمُحَمَّدِيَّةِ إلَى أَنَّهَا مِنْهَا،
وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ النِّهَايَةِ
السَّابِقَ عِنْدَ الضُّحَى الْمُصَرِّحَ بِاتِّحَادِهِمَا خِلَافًا
لِلْعُبَابِ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ صَاحِبَ الْعُبَابِ بَصْرِيٌّ
وَمَالَ سم وَعِ ش إلَى مَا فِي الشَّرْحِ الَّذِي وَافَقَهُ م ر فِي
غَيْرِ النِّهَايَةِ مِنْ الْمُغَايَرَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: يُصَلِّي
إلَخْ) خَبَرُ أَنْ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ السُّهْرَوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ:
وَهَذِهِ) أَيْ الِاسْتِخَارَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ
كَالتَّصَوُّفِ (قَوْلُهُ: فِي رَدِّ صَلَوَاتٍ ذُكِرَتْ إلَخْ) أَيْ
ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ
أَنَّهُ مُرَادُ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بِنِيَّةٍ
كَذَا بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ بَاعِثٍ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ
الْمَذْكُورَةِ لَا النِّيَّةِ الْمُرَادَةِ لِلْفُقَهَاءِ الْمُقْتَرِنَةِ
بِالتَّكْبِيرِ وَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ التَّشْنِيعِ
وَيُعَضِّدُ هَذَا الِاسْتِحْسَانَ مِنْهُمْ مَا صَحَّ «عَنْهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عُرُوضِ
أَمْرٍ يَسْتَدْعِي الدُّعَاءَ» بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ إرَادَةِ
سَفَرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ عِنْدَ ابْتِدَائِهَا فِي النِّهَايَةِ
إلَّا قَوْلَهُ وَعِنْدَ دُخُولِ بَيْتِهِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ
وَقَوْلِهِ: الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَمَا أَنْبَهَ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَصَلَاةُ الزَّوَالِ أَرْبَعٌ عَقِبَهُ
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ إرَادَةِ سَفَرِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَقِبَ
الْإِشْرَاقِ (قَوْلُهُ: وَكُلَّمَا نَزَلَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ
الْفَصْلَ بَيْنَ النُّزُولَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ قُدُومِهِ
بِالْمَسْجِدِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ وَيَكْتَفِي بِهِمَا
عَنْ رَكْعَتَيْ دُخُولِهِ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّفَرِ وَعِنْدَ
دُخُولِ أَرْضٍ لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا كَدَارِ الشِّرْكِ نِهَايَةٌ
وَشَرْحُ بَافَضْلٍ زَادَ الْمُغْنِي وَعِنْدَ مُرُورِهِ بِأَرْضٍ لَمْ
يَمُرَّ بِهَا قَطُّ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: أَرْضًا لَا يُعْبَدُ اللَّهُ إلَخْ مِنْهَا أَمَاكِنُ
الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى الْمُخْتَصَّةُ بِهِمْ، فَإِنَّ عِبَادَتَهُمْ
فِيهِ بَاطِلَةٌ فَكَأَنَّهُ لَا عِبَادَةَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْوُضُوءِ) وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ
الْغُسْلَ وَالتَّيَمُّمَ يَنْوِي بِهِمَا سُنَّتَهُ وَرَكْعَتَانِ
لِلِاسْتِخَارَةِ وَتَحْصُلُ السُّنَّتَانِ بِكُلِّ صَلَاةٍ كَالتَّحِيَّةِ
نِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ م ر السُّنَّتَانِ أَيْ الِاسْتِخَارَةُ وَالْوُضُوءُ
وَمَا أَلْحَقَ بِهِ ع ش وَفِي سم عَنْ الْعُبَابِ وَرَكْعَتَانِ
لِلْإِحْرَامِ وَبَعْدَ الطَّوَافِ وَبَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَوْ مُجَدِّدًا
يَنْوِي بِكُلٍّ سُنَّتَهُ وَتَحْصُلُ كُلُّهَا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ
التَّحِيَّةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْخُرُوجُ مِنْ الْحَمَّامِ) وَيُكْرَهُ
فِعْلُهُمَا فِي مَسْلَخِهِ فَيَفْعَلُهُمَا فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ
وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بِحَيْثُ
تَنْقَطِعُ نِسْبَتُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ ع
ش (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْقَتْلِ) أَيْ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَقَبْلَ
عَقْدِ النِّكَاحِ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلًا
بِهِمَا وَجْهَهَا وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش
قَوْلُهُ م ر وَقَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ
لِلزَّوْجِ، وَالْوَلِيِّ لِتَعَاطِيهِمَا لِلْعَقْدِ دُونَ الزَّوْجَةِ
وَيَنْبَغِي أَيْضًا إنْ فَعَلَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ
تَعَاطِيهِ وَقَوْلُهُ م ر وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ
نِسْيَانِهِ وَقَدْ صَلَّى لِلْحِفْظِ الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ:
وَعِنْدَ دُخُولِ بَيْتِهِ إلَخْ) أَيْ وَلِمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ
قَبْلَ الْوِقَاعِ وَتَنْدُبَانِ لَهَا أَيْضًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْحَاجَةِ) أَيْ الَّتِي يُهْتَمُّ بِهَا عَادَةً
وَيَنْبَغِي إنْ فَعَلَهَا عِنْدَ إرَادَةِ الشُّرُوعِ فِي طَلَبِهَا
حَتَّى لَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالشُّرُوعِ فِي
قَضَائِهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا وَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا ع ش
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ التَّوْبَةِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلِلتَّوْبَةِ
قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ. اهـ. قَالَ ع ش أَيْ، وَإِنْ
تَكَرَّرَتْ أَيْ التَّوْبَةُ، وَتُسَنُّ فِي الْمَذْكُورَاتِ نِيَّةُ
أَسْبَابِهَا كَأَنْ يَقُولَ سُنَّةُ الزِّفَافِ فَلَوْ تَرَكَ ذِكْرَ
السَّبَبِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَتَكُونُ نَفْلًا مُطْلَقًا حَصَلَ فِي
ضِمْنِهِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَكْعَتَانِ
(قَوْلُهُ: عِشْرُونَ رَكْعَةً إلَخْ) أَيْ وَهِيَ عِشْرُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَبَعْدَ الْوُضُوءِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَرَكْعَتَانِ لِلْإِحْرَامِ
وَبَعْدَ الطَّوَافِ وَبَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَوْ مُجَدِّدًا يَنْوِي
بِكُلٍّ سُنَّتَهُ وَتَحْصُلُ كُلُّهَا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ التَّحِيَّةُ.
اهـ.
وَقَوْلُهُ لِلْإِحْرَامِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ أَيْ
قُبَيْلَهُ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَبَعْدَ الْوُضُوءِ أَيْ وَبَعْدَ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ
قَالَ فِي شَرْحِهِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَلَوْ فِي
الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَالْإِسْنَوِيِّ
وَهُوَ الْقِيَاسُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ التَّحِيَّةُ
قَالَ فِي شَرْحِهِ مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ آخَرَ إنْ نُوِيَتْ وَكَذَا
إنْ لَمْ تُنْوَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَالْخِلَافِ السَّابِقَيْنِ وَنَظَرَ
النَّوَوِيُّ فِي إلْحَاقِ سُنَّةِ الْإِحْرَامِ بِالتَّحِيَّةِ بِأَنَّهَا
سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا
يَتَوَجَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
صَلَّى رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ خَاصَّةً. اهـ.
شَرْحُ الْعُبَابِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّةَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ
سُنَّةَ الْوُضُوءِ تَحْصُلُ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ التَّحِيَّةُ أَنَّهُ
لَوْ نَوَاهَا مَعَ الْفَرْضِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ، وَإِنْ
لَمْ يَنْوِهَا كَالتَّحِيَّةِ خُصُوصًا مَعَ تَخْصِيصِ نَظَرِ
النَّوَوِيِّ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ
(2/238)
بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمَرَّ
تَسْمِيَةُ الضُّحَى بِذَلِكَ أَيْضًا وَصَلَاةُ الزَّوَالِ أَرْبَعٌ
عَقِبَهُ وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ كُلَّ وَقْتٍ وَإِلَّا فَيَوْمٌ
وَلَيْلَةٌ أَوْ أَحَدُهُمَا وَإِلَّا فَأُسْبُوعٌ وَإِلَّا فَشَهْرٌ
وَإِلَّا فَسَنَةٌ وَإِلَّا فَالْعُمْرُ وَحَدِيثُهَا حَسَنٌ لِكَثْرَةِ
طُرُقِهِ وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ وَضْعَهُ وَفِيهِ ثَوَابٌ لَا يَتَنَاهَى
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَا يَسْمَعُ بِعَظِيمِ
فَضْلِهَا وَيَتْرُكُهَا إلَّا مُتَهَاوِنٌ بِالدِّينِ، وَالطَّعْنُ فِي
نَدْبِهَا بِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا لِنَظْمِ الصَّلَاةِ إنَّمَا
يَتَأَتَّى عَلَى ضِعْفِ حَدِيثِهَا.
فَإِذَا ارْتَقَى إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ أَثْبَتَهَا، وَإِنْ كَانَ
فِيهَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ بِأَنَّ النَّفَلَ يَجُوزُ فِيهِ
الْقِيَامُ، وَالْقُعُودُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ فِيهَا تَطْوِيلَ نَحْوِ
الِاعْتِدَالِ وَهُوَ مُبْطِلٌ لَوْلَا الْحَدِيثُ، وَهِيَ أَرْبَعٌ
بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ تَسْلِيمَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَةٌ
وَسَبْعُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَزِيدَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي
التَّحِيَّةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ
الْعَظِيمِ خَمْسَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَعَشْرٌ فِي كُلٍّ مِنْ
الرُّكُوعِ، وَالِاعْتِدَالِ، وَالسُّجُودِ، وَالْجُلُوسِ، وَالسُّجُودِ
وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ وَيُكَبِّرُ عِنْدَ
ابْتِدَائِهَا دُونَ الْقِيَامِ مِنْهَا وَيَجُوزُ جَعْلُ الْخَمْسَةَ
عَشْرَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عَشْرُ جِلْسَةِ
الِاسْتِرَاحَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ تَرَكَ
تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ لَمْ يَجُزْ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَلَا فِعْلُهَا فِي
الِاعْتِدَالِ بَلْ يَأْتِي بِهَا فِي السُّجُودِ.
(تَنْبِيهٌ) هَلْ يَتَخَيَّرُ فِي جِلْسَةِ التَّشَهُّدِ بَيْنَ كَوْنِ
التَّسْبِيحِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَهُوَ فِي الْقِيَامِ أَوْ لَا
يَكُونُ إلَّا قَبْلَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَيُفَرَّقُ
بِأَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ يُمْكِنُهُ نَقْلُ مَا فِي
الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ،
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَالصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ لَيْلَةَ
الرَّغَائِبِ وَنِصْفِ شَعْبَانَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ وَحَدِيثُهَا
مَوْضُوعٌ وَبَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ الصَّلَاحِ
مُكَاتَبَاتٌ وَإِفْتَاءَاتٌ مُتَنَاقِضَةٌ فِيهَا بَيَّنْتُهَا مَعَ مَا
يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ سَمَّيْتُهُ الْإِيضَاحَ
وَالْبَيَانُ لِمَا جَاءَ فِي لَيْلَتَيْ الرَّغَائِبِ وَالنِّصْفِ مِنْ
شَعْبَانَ.
(وَقِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً كَالْعِيدِ، وَالْكُسُوفِ،
وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِمَا يَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا وَأَفْضَلُهَا
الْعِيدَانِ النَّحْرُ فَالْفِطْرُ وَعَكَسَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
وَمَنْ تَبِعَهُ أَخْذًا مِنْ تَفْضِيلِهِمْ تَكْبِيرَ الْفِطْرِ لِلنَّصِّ
عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ وَرُوِيَتْ سِتًّا وَأَرْبَعًا وَرَكْعَتَيْنِ فَهُمَا أَقَلُّهَا
نِهَايَةٌ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَغَالِبُهَا
سِتُّ رَكَعَاتٍ وَأَكْثَرُهَا عِشْرُونَ رَكْعَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ
الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) أَيْ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ،
وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِنَفْلٍ قَبْلَ فِعْلِ
الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَاهَا لَمْ
تَنْعَقِدْ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَإِذَا فَاتَتْ سُنَّ قَضَاؤُهَا
وَكَذَا سُنَّةُ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُؤَقَّتٌ
وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ سَنِّ قَضَاءِ سُنَّةِ الزَّوَالِ لِتَصْرِيحِهِ م ر
بِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ، فَإِذَا صَلَّى سُنَّةَ الظُّهْرِ حَصَلَ بِهَا
سُنَّةُ الزَّوَالِ مَا لَمْ يَنْفِهَا قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي
تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ع ش (قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ) أَوْ رَكْعَتَانِ
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: صَلَاةُ الزَّوَالِ إلَخْ) وَهِيَ غَيْرُ سُنَّةِ
الظُّهْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إفْرَادِهَا بِالذِّكْرِ بَعْدَ
الرَّوَاتِبِ وَتَصِيرُ قَضَاءً بِطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا ع ش (قَوْلُهُ:
عَقِبَهُ) فَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ لَمْ تَنْعَقِدْ خِلَافًا
لِلْمُنَاوِيِّ ع ش.
(قَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ وَإِلَّا فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ أَحَدُهُمَا
إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مَرَّةً فِي كُلِّ يَوْمٍ
وَإِلَّا فَجُمُعَةٌ وَإِلَّا فَشَهْرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَوْمٌ
وَلَيْلَةٌ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَحَدِيثُهَا حَسَنٌ
إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِعْلِ
صَلَاةِ التَّسْبِيحِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ تَغْيِيرُ نَظْمِ الصَّلَاةِ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ قَوْلَ الطَّاعِنِ إنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا
إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمَةٍ) وَهُوَ الْأَحْسَنُ نَهَارًا وَقَوْلُهُ أَوْ
بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لَيْلًا كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَرْبَعٌ) قَالَ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى - يَقْرَأُ فِيهَا أَلْهَاكُمْ، وَالْعَصْرَ،
وَالْكَافِرُونَ، وَالْإِخْلَاصَ انْتَهَى. اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ إلَخْ)
وَبَعْدَهَا قَبْلَ السَّلَامِ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك تَوْفِيقَ
أَهْلِ الْهُدَى وَأَعْمَالَ أَهْلِ الْيَقِينِ وَمُنَاصَحَةَ أَهْلِ
التَّوْبَةِ وَعَزْمَ أَهْلِ الصَّبْرِ وَجِدَّ أَهْلِ الْخَشْيَةِ
وَطَلَبَ أَهْلِ الرَّغْبَةِ وَتَعَبُّدَ أَهْلِ الْوَرَعِ وَعِرْفَانَ
أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى أَخَافَك اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مَخَافَةً
تَحْجِزُنِي عَنْ مَعَاصِيكَ حَتَّى أَعْمَلَ بِطَاعَتِك عَمَلًا
أَسْتَحِقُّ بِهِ رِضَاك وَحَتَّى أُنَاصِحَكَ بِالتَّوْبَةِ خَوْفًا مِنْك
وَحَتَّى أُخْلِصَ لَك النَّصِيحَةَ حَيَاءً مِنْك وَحَتَّى أَتَوَكَّلَ
عَلَيْك فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا حُسْنَ ظَنٍّ بِك سُبْحَانَ خَالِقِ
النَّارِ انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ، وَالْعَمَلِ
الصَّالِحِ لِلسُّيُوطِيِّ وَفِي رِوَايَةِ النُّورِ وَيَنْبَغِي أَنَّ
الْمُرَادَ يَقُولُ ذَلِكَ مَرَّةً إنْ صَلَّاهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ
وَمَرَّتَيْنِ إنْ صَلَّى كُلَّ رَكْعَتَيْنِ بِإِحْرَامٍ ع ش وَفِي
الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ بِلَا عَزْوٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ
الْقِرَاءَةِ) أَيْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَالسُّورَةِ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ،
وَالنِّهَايَةِ، وَالْجُلُوسُ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ
الثَّانِيَةِ سم (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْتِدَائِهَا) أَيْ جِلْسَةِ
الِاسْتِرَاحَةِ
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَعْلُ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ
إلَخْ اقْتَصَرَ الْمُغْنِي عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَإِلَى
التَّنْبِيهِ أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ عَشْرُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ)
أَيْ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ
تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ كُلَّهُ
أَوْ بَعْضَهُ وَلَمْ يَتَدَارَكْهُ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ أَوْ
لَا، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ فَهَلْ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ صَلَاةِ
التَّسْبِيحِ أَوْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ
أَنَّهُ إنْ تَرَكَ بَعْضَ التَّسْبِيحِ حَصَلَ لَهُ أَصْلُ سُنَّتِهَا،
وَإِنْ تَرَكَ الْكُلَّ وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ:
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَيْ التَّخَيُّرُ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ فَكَيْفَ
يَجُوزُ الْقَوْلُ بِخِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ:
وَالصَّلَاةُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي
النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفَةُ لَيْلَةَ
الرَّغَائِبِ) وَهِيَ ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ
وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَ (قَوْلُهُ:
وَنِصْفِ شَعْبَانَ) وَهِيَ مِائَةُ رَكْعَةٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِدْعَةٌ
قَبِيحَةٌ إلَخْ) وَقَدْ بَالَغَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إنْكَارِهَا وَلَا
فَرْقَ بَيْنَ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ
كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْفَرْقِ فِي الْأُولَى أَيْ
صَلَاةِ لَيْلَةِ الرَّغَائِبِ وَأَنَّ الثَّانِيَةَ أَيْ صَلَاةَ لَيْلَةِ
نِصْفِ شَعْبَانَ تُنْدَبُ فُرَادَى قَطْعًا فَقَدْ وَهَمَ نِهَايَةٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقِسْمٌ يُسَنُّ جَمَاعَةً) أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ
فِيهِ إذْ فِعْلُهُ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ لَا
مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا) إلَى الْفَرْعِ فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَالْوِتْرُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ
وَابْتِدَاءُ حُدُوثٍ إلَى وَيَجِبُ التَّسْلِيمُ وَإِلَى قَوْلِهِ
وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ:
وَأَفْضَلُهَا) أَيْ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ
فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) عِبَارَةُ
شَرْحِ الرَّوْضِ
(2/239)
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ،
فَالْكُسُوفَانِ الْكُسُوفُ فَالْخُسُوفُ فَالِاسْتِسْقَاءُ فَالْوِتْرُ
فَغَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ كَمَا قَالَ (وَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّا لَا يُسَنُّ
جَمَاعَةً) ؛ لِأَنَّ مَطْلُوبِيَّتَهَا فِيهَا تَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهَا
وَمُشَابَهَتِهَا لِلْفَرَائِضِ، وَالْمُرَادُ تَفْضِيلُ الْجِنْسِ عَلَى
الْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِعَدَدٍ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَفْضِيلُ
الرَّاتِبَةِ) لِلْفَرَائِضِ (عَلَى التَّرَاوِيحِ) لِمُوَاظَبَتِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تِلْكَ دُونَ هَذِهِ، فَإِنَّهُ
صَلَّاهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ فِي الثَّالِثَةِ
حَتَّى غَصَّ بِهِمْ الْمَسْجِدُ تَرَكَهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ تُفْرَضَ
عَلَيْهِمْ وَنَفْيُ الزِّيَادَةِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ نَفْيٌ لِفَرْضٍ
مُتَكَرِّرٍ مِثْلِهَا فَلَمْ يُنَافِ خَشْيَةَ فَرْضِ هَذِهِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ)
لِلِاتِّبَاعِ أَوَّلًا وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ فَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا مُجْمَعٌ
عَلَيْهِ وَهِيَ عِنْدَنَا لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِشْرُونَ
رَكْعَةً كَمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - لَمَّا اقْتَضَى نَظَرُهُ السَّدِيدُ جَمْعَ النَّاسِ عَلَى
إمَامٍ وَاحِدٍ فَوَافَقُوهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ فَلَا يُقَالُ تَعْقِيبُ الِاسْتِسْقَاءِ
بِالتَّرَاوِيحِ أَيْ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي غَيْرُ صَحِيحٍ؛
لِأَنَّ الْوِتْرَ وَالرَّوَاتِبَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّرَاوِيحِ؛
لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ قِيلَ أَفْضَلُ النَّفْلِ ع ش عِبَارَةُ
الْمُغْنِي وَأَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ. اهـ.
لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فَالْوِتْرُ بِالتَّرَاوِيحِ
إلَخْ أَنَّ الضَّمِيرَ لِمُطْلَقِ النَّوَافِلِ (قَوْلُهُ: فَالْوِتْرُ)
عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي ثُمَّ التَّرَاوِيحُ (قَوْلُهُ:
وَغَيْرُهُ) لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ فَغَيْرُهُ بِالْفَاءِ و (قَوْلُهُ:
مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِمَّا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (قَوْلُهُ:
وَمُشَابَهَتِهَا لِلْفَرَائِضِ) عَطْفٌ عَلَى تَأَكُّدِهَا وَيَحْتَمِلُ
عَلَى أَنَّ مَطْلُوبِيَّتَهَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَأَشْبَهَ
الْفَرَائِضَ. اهـ. وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: تَفْضِيلُ الْجِنْسِ عَلَى
الْجِنْسِ إلَخْ) أَيْ وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الْعَدَدَ
الْقَلِيلَ أَفْضَلَ مِنْ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ
بِدَلِيلِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ أَوْلَى قَالَهُ
ابْنُ الرِّفْعَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ
لِعَدَدٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ رَكْعَةِ
الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سَبَبُهُ أَنَّ الْوِتْرَ مُقَدَّمٌ
عَلَى الرَّوَاتِبِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَفْضِيلُ
الرَّاتِبَةِ إلَخْ) أَيْ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا ع ش زَادَ
الْكُرْدِيُّ وَعِبَارَةُ الْجَمَّالِ الرَّمْلِيُّ الرَّوَاتِبُ وَلَوْ
غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ أَفْضَلُ مِنْ التَّرَاوِيحِ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ)
قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ التَّرَاوِيحِ هُوَ
الرَّاتِبُ الْمُؤَكَّدُ وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ
أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَيُوَافِقُهُ
عَدَمُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ اقْتَضَى
تَعْلِيلُهُ بِالْمُوَاظَبَةِ خِلَافَهُ ع ش وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي
التَّنْبِيهِ الْآتِي صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: دُونَ
هَذِهِ إلَخْ) أَيْ التَّرَاوِيحِ فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ
أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ
بَاقِيَ الشَّهْرِ وَهَذِهِ مُوَاظَبَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ
بِقَوْلِهِ دُونَ هَذِهِ أَيْ جَمَاعَةً كُرْدِيٌّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ
وَحِفْنِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ صَلَّاهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ) عِبَارَةُ
الْمُحَلَّيْ وَرَوَى ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ
«صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
رَمَضَانَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ» انْتَهَى أَقُولُ: وَأَمَّا
الْبَقِيَّةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَفْعَلُهَا فِي بَيْتِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ
ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ حِينَ بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ سَبْعُ
لَيَالٍ لَكِنْ صَلَّاهَا مُتَفَرِّقَةً لَيْلَةَ الثَّالِثِ
وَالْعِشْرِينَ، وَالْخَامِسَةِ، وَالسَّابِعَةِ ثُمَّ انْتَظَرُوهُ فَلَمْ
يَخْرُجْ وَقَالَ خَشِيتُ إلَخْ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا بَعْدَ كَلَامٍ
مَا نَصُّهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ خَرَجَ لَهُمْ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَهِيَ
لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ
وَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ
يَخْرُجْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوَلَاءِ رِفْقًا
بِهِمْ وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ لَكِنْ كَانَ
يُكْمِلُهَا عِشْرِينَ فِي بَيْتِهِ وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ تُكْمِلُهَا
كَذَلِكَ فِي بُيُوتِهِمْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَانَ يُسْمَعُ لَهُمْ أَزِيزٌ
كَأَزِيزِ النَّحْلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْمِلْ بِهِمْ الْعِشْرِينَ فِي
الْمَسْجِدِ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى غَصَّ إلَخْ) أَيْ امْتَلَأَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ:
تَرَكَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ «تَأَخَّرَ وَصَلَّاهَا فِي
بَيْتِهِ بَاقِيَ الشَّهْرِ وَقَالَ خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ
فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» . اهـ. (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ الزِّيَادَةِ إلَخْ)
جَوَابُ سُؤَالٍ سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ
بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ: هُنَّ خَمْسٌ،
وَالثَّوَابُ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» وَأُجِيبَ
بِأَجْوِبَةٍ أَحْسَنُهَا أَنَّ ذَلِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَا
يُنَافِي فَرْضِيَّةَ غَيْرِهَا فِي السُّنَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ مِثْلُهَا) أَيْ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُنَافِ خَشْيَةَ
فَرْضِ هَذِهِ) أَيْ التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ كُلَّ
يَوْمٍ فِي السُّنَّةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ أَوَّلًا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا لَيَالِيَ وَأُجْمِعَ
عَلَيْهِ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا لَيَالِيَ فَصَلَّوْهَا مَعَهُ ثُمَّ
تَأَخَّرَ وَصَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ بَاقِيَ الشَّهْرِ وَقَالَ خَشِيتُ»
إلَخْ وَلِأَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ
الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ
بْنَ أَبِي حَثْمَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا إلَخْ) أَيْ التَّرَاوِيحِ بِقَطْعِ
النَّظَرِ عَنْ الْعَدَدِ وَالْجَمَاعَةِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى لِعَدَمِ
ظُهُورِ تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ الْوَاوُ بَدَلَ الْفَاءِ كَمَا
فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَطْبَقُوا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ
بَافَضْلٍ وَتَعْيِينُ كَوْنِهَا عِشْرِينَ جَاءَ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ
لَكِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى
عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَرِوَايَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مُرْسَلَةٌ أَوْ
حُسِبَ مَعَهَا الْوِتْرُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ. اهـ.
قَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ وَرِوَايَةُ ثَلَاثٍ إلَخْ أَيْ الْوَاقِعَةِ
فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
اهـ. (قَوْلُهُ: جَمَعَ النَّاسَ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ) أَيْ الرِّجَالَ
عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالنِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي
حَثْمَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَالْجُلُوسُ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَنَفَى الزِّيَادَةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ إلَخْ) جَوَابُ
سُؤَالٍ
(قَوْلُهُ:
(2/240)
وَكَانُوا يُوتِرُونَ عَقِبَهَا بِثَلَاثٍ،
وَسِرُّ الْعِشْرِينَ أَنَّ الرَّوَاتِبَ الْمُؤَكَّدَةَ غَيْرَ رَمَضَانَ
عَشْرٌ فَضُوعِفَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ جِدٍّ وَتَشْمِيرٍ، وَلَهُمْ
فَقَطْ لِشَرَفِهِمْ بِجِوَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سِتٌّ وَثَلَاثُونَ جَبْرًا لَهُمْ بِزِيَادَةِ سِتَّةَ عَشْرَ فِي
مُقَابَلَةِ طَوَافِ أَهْلِ مَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ بَيْنَ كُلِّ
تَرْوِيحَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ سَبْعٌ، وَابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ كَانَ
أَوَاخِرَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اشْتَهَرَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ
بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعِشْرُونَ لَهُمْ
أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ عِشْرُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا
بِمَا يُقْرَأُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ طُولَ الْقِيَامِ
أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّكَعَاتِ وَيَجِبُ التَّسْلِيمُ مِنْ كُلِّ
رَكْعَتَيْنِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ زَادَ جَاهِلًا صَارَتْ نَفْلًا
مُطْلَقًا، وَأَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ أَوْ قِيَامَ رَمَضَانَ،
وَوَقْتُهَا كَالْوِتْرِ وَسُمِّيَتْ تَرَاوِيحَ؛ لِأَنَّهُمْ لِطُولِ
قِيَامِهِمْ كَانُوا يَسْتَرِيحُونَ بَعْدَ كُلِّ تَسْلِيمَتَيْنِ (فَرْعٌ)
مَا اُعْتِيدَ مِنْ زِيَادَةِ الْوُقُودِ عِنْدَ خَتْمِهَا جَائِزٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَقَدْ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ إلَى
زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِنَّمَا صَلَّاهَا -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ فُرَادَى لِخَشْيَةِ
الِافْتِرَاضِ كَمَا مَرَّ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى مُغْنِي وَكَذَا
فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنَّمَا صَلَّاهَا إلَخْ قَوْلُهُ:
(وَكَانُوا يُوتِرُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَرَوَى مَالِكٌ فِي
الْمُوَطَّأِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا
بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً» كَمَا
قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَضُوعِفَتْ إلَخْ) لَعَلَّ الْمَعْنَى فَزِيدَ قَدْرُهَا
وَضِعْفُهُ لَا فَزِيدَ عَلَيْهَا قَدْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ سم
عَلَى حَجّ وَهَذَا كَمَا يُرَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ
مِثْلُهُ أَمَّا إذَا قِيلَ إنَّ ضِعْفَهُ مِثْلَاهُ فَلَا تَأْوِيلَ
وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمَشْهُورُ ع ش (قَوْلُهُ وَلَهُمْ فَقَطْ) أَيْ
وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ بِهَا
حِينَ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَطِّنًا بَلْ وَلَا
مُقِيمًا، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَنْ أَرَادَ فِعْلَهَا خَارِجَهَا
بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ هَلْ لَهُ أَيْضًا الزِّيَادَةُ
عَلَى الْعِشْرِينَ مُطْلَقًا أَوْ لَا مُطْلَقًا أَوْ لَهُ ذَلِكَ إنْ
كَانَ مِنْ مُتَوَطِّنِيهَا دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْ الْمُقِيمِينَ
بِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّالِثُ غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ
يَبْعُدُ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِهَا فِعْلَهَا بِجَانِبِ
السُّوَرِ بَلْ قَدْ يَبْعُدُ مَنْعُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِنَحْوِ
حَدَائِقِهَا وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ ع ش
فَرْعٌ قَالَ م ر فِي جَوَابِ سَائِلٍ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ
مَنْ بِهَا، وَإِنْ كَانُوا غُرَبَاءَ لَا أَهْلَهَا بِغَيْرِهَا
وَأَظُنُّهُ قَالَ وَلِأَهْلِهَا حُكْمُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا حَوْلَهَا
فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ كَانَ
بِهَا أَوْ فِي مَزَارِعِهَا وَقْتَ أَدَائِهَا وَلَهُمْ قَضَاؤُهَا وَلَوْ
فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَلَا
يَقْضِيهَا كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَةٍ)
الْأَوْلَى التَّثْنِيَةُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ وَلِأَهْلِ
الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فِعْلُهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ
الْعِشْرِينَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ
بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ فَجَعَلَ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ بَدَلَ كُلِّ أُسْبُوعٍ تَرْوِيحَةً لِيُسَاوُوهُمْ قَالَ
الشَّيْخَانِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لِأَهْلِهَا
شَرَفًا بِهِجْرَتِهِ وَبِدَفْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ
وَفِعْلُهَا بِالْقُرْآنِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَكْرِيرِ
سُورَةِ الْإِخْلَاصِ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ فَاتَتْ
وَاحِدًا مِنْ أَهْلِهَا وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي غَيْرِهَا
فَعَلَهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَعَكْسُهُ يَفْعَلُهَا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ
الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَقَوْلُهُ م ر
خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ أَيْ حَيْثُ قَالَ وَمَنْ اقْتَدَى بِأَهْلِ
الْمَدِينَةِ فَقَامَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَحَسَنٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ
إنَّمَا أَرَادُوا بِمَا صَنَعُوا الِاقْتِدَاءَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي
الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الْفَضْلِ لَا الْمُنَافِسَةَ كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ
شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ) أَيْ
زِيَادَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ
شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَهُمْ سِتًّا
وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى الْعِشْرِينَ أَفْضَلَ
انْتَهَتْ وَعَلَيْهِ فَالْإِجْمَاعُ إنَّمَا هُوَ عَلَى جَوَازِ
الزِّيَادَةِ لَا طَلَبِهَا وَمَعَ ذَلِكَ إذَا فُعِلَتْ يُثَابُونَ
عَلَيْهَا فَوْقَ ثَوَابِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ
كَلَامِهِمْ، وَيَنْوُونَ بِالْجَمِيعِ التَّرَاوِيحَ ع ش (قَوْلُهُ:
وَأَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي كِفَايَةِ إطْلَاقِ
التَّرَاوِيحِ أَوْ قِيَامِ رَمَضَانَ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِعَدَدٍ خِلَافًا
لِظَاهِرِ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَلَا تَصِحُّ
بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ
مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ إلَخْ قَضِيَّتُهُ
أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَدٍ بَلْ قَالَ أُصَلِّي قِيَامَ
رَمَضَانَ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ وَيَنْبَغِي
خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْعَدَدِ لَا يَجِبُ وَتُحْمَلُ
نِيَّتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي التَّرَاوِيحِ وَهُوَ رَكْعَتَانِ كَمَا
لَوْ قَالَ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الصُّبْحَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ
بِالصِّحَّةِ وَتُحْمَلُ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الْعَدَدِ
شَرْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ
فِيمَا لَوْ نَوَى التَّرَاوِيحَ أَوْ قِيَامَ رَمَضَانَ وَأَطْلَقَ هَلْ
يَصِحّ وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ كَمَا يَصِحُّ الْإِطْلَاقُ فِي الْوِتْرِ
كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْعَدَدِ
كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ مَثَلًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْ
الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ، قَضِيَّةُ صَنِيعِ التُّحْفَةِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَضُوعِفَتْ فِيهِ) لَعَلَّ الْمَعْنَى فَزِيدَ قَدْرُهَا وَضِعْفُهُ لَا
فَزِيدَ عَلَيْهَا قَدْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ:
وَلَهُمْ فَقَطْ) أَيْ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ
الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ بِهَا حِينَ فَعَلَ التَّرَاوِيحَ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ مُتَوَطِّنًا بَلْ وَلَا مُقِيمًا، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَنْ
أَرَادَ فِعْلَهَا خَارِجَهَا بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ
هَلْ لَهُ أَيْضًا الزِّيَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ مُطْلَقًا أَوْ لَا
مُطْلَقًا أَوْ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ مُتَوَطِّنِيهَا دُونَ
غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْ الْمُقِيمِينَ بِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ فِيهِ نَظَرٌ،
وَالثَّالِثُ غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَبْعُدُ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ مِنْ
أَهْلِهَا فِعْلَهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ بِجَانِبِ السُّورِ بَلْ قَدْ
يَبْعُدُ مَنْعُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِنَحْوِ حَدَائِقِهَا
(2/241)
إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ وَإِلَّا حَرُمَ
مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَمَا فِيهِ نَفْعٌ وَهُوَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ أَوْ
وَقْفٍ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُهُ وَلَمْ تَطَّرِدْ الْعَادَةُ بِهِ فِي
زَمَنِهِ وَعَلِمَهَا.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ عِيدُ
النَّحْرِ فَالْفِطْرِ فَالْكُسُوفُ فَالْخُسُوفُ فَالِاسْتِسْقَاءُ
فَالْوِتْرُ فَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ وَأُطِيلَ فِي
الِاسْتِدْلَالِ لَهُ وَيَرُدُّهُ قُوَّةُ الْخِلَافِ فِي الْوِتْرِ
وَكُلَّمَا كَانَ أَقْوَى كَانَتْ مُرَاعَاتُهُ آكَدَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ
الْمُحَقِّقِينَ لَا يُتْرَكُ الرَّاجِحُ عِنْدَ مُعْتَقِدِهِ لِمُرَاعَاةِ
مَرْجُوحٍ مِنْ مَذْهَبِهِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إنْ قَوِيَ مُدْرِكُهُ
بِأَنْ يَقِفَ الذِّهْنُ عِنْدَهُ لَا بِأَنْ تَنْهَضَ حُجَّتُهُ وَلَمْ
يُؤَدِّ لِخَرْقِ إجْمَاعٍ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مَذْهَبِهِ. فَبَقِيَّةُ الرَّوَاتِبِ وَبُحِثَ تَفَاوُتُ فَضْلِهَا
بِتَفَاوُتِ مَتْبُوعِهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْعَصْرَ أَفْضَلُهَا وَلَا
مُؤَكِّدَ لَهَا، وَالْمَغْرِبَ أَدْوَنُهَا وَلَهَا مُؤَكَّدٌ،
وَالْمُؤَكَّدُ أَفْضَلُ فَجَعْلُهُ لِلْمَفْضُولِ وَنَفْيُهُ عَنْ
الْفَاضِلِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى رَدِّ ذَلِكَ الْبَحْثِ،
فَالتَّرَاوِيحُ فَالضُّحَى فَمَا تَعَلُّقَ بِفِعْلٍ كَسُنَّةِ طَوَافٍ
لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا وَتَأَخُّرِهَا إلَى هُنَا مَعَ قُوَّةِ
الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا مُشْكِلٌ، فَتَحِيَّةٌ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهَا،
فَإِحْرَامٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَقَعَ سَبَبُهَا كَذَا قِيلَ،
فَسُنَّةُ وُضُوءٍ، فَمَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْهُ كَسُنَّةِ
الزَّوَالِ، فَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَبَعْضُهُمْ أَخَّرَ سُنَّةَ
الْوُضُوءِ عَنْ سُنَّةِ الزَّوَالِ.
(وَلَا حَصْرَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ
بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ
فَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَقَلَّ» فَلَهُ صَلَاةُ مَا شَاءَ
وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ عَدَدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الْأَوَّلِ وَقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ بَلْ
يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ الثَّانِي لَكِنْ تَعَقَّبَهُ فِي
الْأَنْوَارِ بِقَوْلِهِ الصَّوَابُ بَلْ يَنْوِي سُنَّةَ التَّرَاوِيحِ
فِي كُلّ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ
لِعِدَّةِ الرَّكَعَاتِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَوْ تَفْرِيحُ
وَلَدِهِ الَّذِي أَمَّ فِي التَّرَاوِيحِ وَعِيَالِهِ وَإِدْخَالُ
السُّرُورِ عَلَيْهِمْ. اهـ. سم وَاسْتُبْعِدَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ
بِمَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ.
(قَوْلُهُ: إنَّ الْأَفْضَلَ) إلَى قَوْلِهِ وَبَعْضُهُمْ فِي
النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَعَكْسُهُ إلَى فَبَقِيَّةِ
الرَّوَاتِبِ وَقَوْلِهِ وَبُحِثَ إلَى فَالتَّرَاوِيحُ وَمَا أَنْبَهَ
عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ) أَيْ الْقَدِيمَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ
بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ
أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَدِّ إلَخْ) و (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ إلَخْ)
مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ قَوِيٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَبَقِيَّةُ
الرَّوَاتِبِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ
جُمْلَةِ بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ
مِنْهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُؤَكَّدَ الرَّوَاتِبِ
أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مُؤَكَّدِهَا سم عَلَى حَجّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ
يُقَابَلُ بَيْنَ زَمَنَيْ الْعِبَادَتَيْنِ فَمَا زَادَ مِنْهُ كَانَ
ثَوَابُهُ أَفْضَلَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمَا
مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ كَالْمُقَابِلَةِ بَيْنَ صَوْمِ يَوْمٍ
وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ ع ش وَقَدْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي
الشَّرْحِ مِنْ أَنَّ رَكْعَةَ الْوِتْرِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ
الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: فَجَعْلُهُ) أَيْ الْمُؤَكَّدِ (قَوْلُهُ فَمَا
تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ ثَمَّ مَا
يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ غَيْرِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ
وَالْإِحْرَامِ وَالتَّحِيَّةِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ
سَوَاءٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ سُنَّةُ الْوُضُوءِ
ثُمَّ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر ثَمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ إلَخْ مِنْهُ مَا
قَدَّمَهُ مِنْ سَنِّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ بِمَنْزِلِهِ
إلَخْ فَيَكُونُ جَمِيعُ مَا قَدَّمَهُ بَعْدَ الضُّحَى وَقَبْلَ سُنَّةِ
الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ م ر وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ إلَخْ يُشْعِرُ بِأَنَّ
غَيْرَهَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ لَيْسَ فِي رُتْبَتِهَا، وَإِنْ
كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى سُنَّةِ الْوُضُوءِ. اهـ. وَمِمَّا دَخَلَ تَحْتَ
الْكَافِ سُنَّةُ الزَّوَالِ فَمُقَدَّمَةٌ عَلَى سُنَّةِ الْوُضُوءِ
عِنْدَ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي خِلَافًا لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ:
فَتَحِيَّةُ إلَخْ) عَطَفَ عَلَى سُنَّةِ طَوَافٍ (قَوْلُهُ: فَسُنَّةُ
وُضُوءٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ
الْمُصَلَّى (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ أَخَّرَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ
النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ
كَلَامِهِمْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ
لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي «قَالَ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ
فَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَقَلَّ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
وَرَوَى أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ كَعْبٍ قَالَ «كُنْت أَخْدُمُ النَّبِيَّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقُومُ لَهُ فِي حَوَائِجِهِ
نَهَارِي أَجْمَعَ، وَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَجْلِسُ
بِبَابِهِ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ لَعَلَّهُ يَحْدُثُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاجَةٌ حَتَّى تَغْلِبَنِي عَيْنِي فَأَرْقُدُ
فَقَالَ لِي يَوْمًا يَا رَبِيعَةُ سَلْنِي فَقُلْت أَنْظُرُ فِي أَمْرِي
ثُمَّ أُعْلِمُك قَالَ فَفَكَّرْت فِي نَفْسِي وَعَلِمْت أَنَّ الدُّنْيَا
مُنْقَطِعَةٌ وَزَائِلَةٌ وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا يَأْتِينِي قُلْت يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَسْأَلُك أَنْ تَشْفَعَ لِي أَنْ يُعْتِقَنِي اللَّهُ
مِنْ النَّارِ وَأَنْ أَكُونَ رَفِيقَك فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ مَنْ
أَمَرَك بِهَذَا يَا رَبِيعَةُ قُلْت مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ فَصَمَتَ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ إنِّي فَاعِلٌ
ذَلِكَ فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» . اهـ.
(قَوْلُهُ: «خَيْرُ مَوْضُوعٍ» ) أَيْ خَيْرُ شَيْءٍ وَضَعَهُ الشَّارِعُ
لِيُتَعَبَّدَ بِهِ فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ لِيَظْهَرَ بِهِ الِاسْتِدْلَال
عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَمَّا تَرْكُ الْإِضَافَةِ
وَإِنْ صَحَّ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ
فِي كُلِّ قُرْبَةٍ (فَائِدَةٌ) قَالُوا طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ
كَثْرَةِ الْعَدَدِ فَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلًا وَطَوَّلَ الْقِيَامَ
أَفْضَلُ مِمَّنْ صَلَّى ثَمَانِيًا وَلَمْ يُطَوِّلْهُ وَهَلْ يُقَاسُ
بِذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا وَطَوَّلَ
فِيهِمَا وَصَلَّى آخَرُ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا وَلَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا
زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ،
وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْمَشَقَّةِ بِطُولِ الْقِيَامِ دُونَ طُولِ
الْقُعُودِ ع ش وَمَيْلُ الْقَلْبِ إلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ إذْ
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ فَيَشْمَلُ
الْقُعُودَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ صَلَاةُ مَا شَاءَ إلَخْ) أَيْ أَنْ يُحْرِمَ
بِرَكْعَةٍ وَبِمِائَةِ رَكْعَةٍ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش أَيْ، فَإِذَا
أَحْرَمَ وَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ
بِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَافْهَمْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا
يُفِيدُ ذَلِكَ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْعُبَابِ فَلَهُ أَنْ
يُصَلِّيَ مَا شَاءَ وَيُسَلِّمَ مَتَى شَاءَ مَعَ جَهْلِهِ كَمْ صَلَّى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ
بِلَهُمْ فِي قَوْلِهِ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِعْلُهَا سِتًّا
وَثَلَاثِينَ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ
وَهِيَ لَهُمْ فَلْيُرَاجَعْ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ)
يَحْتَمِلُ أَوْ تَفْرِيحُ وَلَدِهِ الَّذِي أَمَّ فِي التَّرَاوِيحِ
وَعِيَالِهِ وَإِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: فَبَقِيَّةُ الرَّوَاتِبِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ رَكْعَتَيْ
الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرَّوَاتِبِ أَوْ مِنْ
الرَّوَاتِبِ كُلِّهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُؤَكَّدَ
الرَّوَاتِبِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مُؤَكَّدِهَا
(قَوْلُهُ:
(2/242)
وَلَوْ رَكْعَةً بِتَشَهُّدٍ بِلَا
كَرَاهَةٍ (، فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَهُ
التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) كَالرُّبَاعِيَّةِ وَفِي كُلِّ
ثَلَاثٍ وَكُلِّ أَرْبَعٍ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ فِي
الْفَرَائِضِ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ (وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ) لِحِلِّ
التَّطَوُّعِ بِهَا (قُلْت الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ نَظِيرٌ أَصْلًا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَإِنْ لَمْ
يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ
تَشَهَّدَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
وَلَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا طَوَّلَ
بِالتَّشَهُّدِ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ تَطْوِيلَهَا
مُبْطِلٌ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْفَرْضِ لِإِحْدَاثِ مَا
لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ وَيَأْتِي هَذَا فِيمَا مَرَّ
فِي مَنْعِ أَكْثَرَ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ فِي الْوِتْرِ الْمَوْصُولِ وَلَهُ
جَمْعُ عَدَدٍ كَثِيرٍ بِتَشَهُّدٍ آخِرَهُ وَحِينَئِذٍ يَقْرَأُ
السُّورَةَ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَفِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ
كَمَا مَرَّ.
(وَإِذَا نَوَى عَدَدًا) وَمِنْهُ الرَّكْعَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ
كَانَ الْوَاحِدُ غَيْرَ عَدَدٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحُسَّابِ (فَلَهُ أَنْ
يَزِيدَ) عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي مُتَيَمِّمٍ رَأَى الْمَاءَ
أَثْنَاءَهُ (وَ) أَنْ (يُنْقِصَ) عَنْهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ
(بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَهُمَا) أَيْ الزِّيَادَةِ،
وَالنَّقْصِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا حَصْرَ لَهُ (وَإِلَّا) يُغَيِّرْ
النِّيَّةَ قَبْلَهُمَا وَتَعَمَّدَ ذَلِكَ (فَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ
بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَحْدَثَهُ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّتُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
انْتَهَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَكْعَةً إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَهَا أَوْ يُطْلِقَ
فِي نِيَّتِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ مِنْهَا ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ
أَحْرَمَ مُطْلَقًا لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ فِي
أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ بَلْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ
يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا،
وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ
يَلْزَمُهُ بِالشُّرُوعِ رَكْعَتَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ ثَلَاثٍ
إلَخْ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ ثَلَاثٍ وَبَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ إلَخْ وَلَا
يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْأَعْدَادِ قَبْلَ كُلِّ تَشَهُّدٍ فَلَهُ أَنْ
يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ ثَلَاثًا وَيَتَشَهَّدَ
وَهَكَذَا ع ش (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) يُفِيدُ جَوَازَ التَّشَهُّدِ فِي
كُلِّ ثَلَاثٍ وَفِي كُلِّ خَمْسٍ مَثَلًا، فَإِنْ قُلْت هَذَا اخْتِرَاعُ
صُورَةٍ لَمْ تُعْهَدْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَمْتَنِعْ كَالتَّشَهُّدِ فِي
كُلِّ رَكْعَةٍ قُلْت التَّشَهُّدُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ مَعْهُودٌ
بِخِلَافِهِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَةٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ) أَيْ التَّشَهُّدَ فِي أَكْثَرِ مِنْ
رَكْعَةٍ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِحِلِّ التَّطَوُّعِ بِهَا) أَيْ مَعَ
التَّحَلُّلِ مِنْهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ حِينَئِذٍ لِأُخْرَى
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (قُلْت الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي
كُلِّ رَكْعَةٍ إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عِنْدَ فِعْلِ ذَلِكَ
قَصْدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَأَتَى
بِهَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ زِيَادَةٌ أُخْرَى فَقَامَ إلَيْهَا
بَعْدَ النِّيَّةِ وَأَتَى وَتَشَهَّدَ وَهَكَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ
جَوَازُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ،
وَالْمُغْنِي آنِفًا مَا يُفِيدُهُ وَيَأْتِي آنِفًا عَنْ الْإِيعَابِ مَا
يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ)
قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِعَشْرِ رَكَعَاتٍ إنَّمَا تَبْطُلُ
إذَا تَشَهَّدَ عَشْرَ تَشَهُّدَاتٍ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلَيْسَ
مُرَادًا بَلْ إذَا تَشَهَّدَ بَعْدَ رَكْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَلَوْ كَانَتْ
هِيَ الَّتِي قُبَيْلَ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ ع ش وَفِيهِ تَوَقُّفٌ
عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، فَإِنْ نَوَى فَوْقَ رَكْعَةٍ تَشَهَّدَ آخِرًا
أَوْ تَشَهَّدَ آخِرًا وَكُلَّ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرُ. اهـ.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ وَلَوْ نَوَى عَشْرًا مَثَلًا
فَصَلَّى خَمْسًا مُتَشَهِّدًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَخَمْسًا مُتَشَهِّدًا
فِي آخِرِهَا فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّة، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا إذَا
نَوَى رَكْعَةً فَلَمَّا تَشَهَّدَ نَوَى أُخْرَى وَهَكَذَا الْجَوَازُ.
اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ
أَمَّا مَعَ التَّسْلِيمِ فَيَجُوزُ وَلَوْ بَعْدُ كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَكِنْ
كَوْنُهُ مَثْنَى أَفْضَلُ كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ
لَمْ يُطَوِّلْ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ
التَّشَهُّدُ عَلَيْهَا، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ م ر أَنَّهُ
مَتَى جَلَسَ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ
يَزِدْ مَا فَعَلَهُ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ
يَضُرَّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ
جَلَسَ وَتَشَهَّدَ ضَرَّ، وَإِنْ خَفَّ الْجُلُوسُ وَكَانَ بِلَا قَصْدِ
التَّشَهُّدِ سم (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا طَوَّلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ
زَادَ التَّشَهُّدُ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي
هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِشْكَالِ وَجَوَابَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ
جَمْعُ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى
قَوْلِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ
وَتَعَمَّدَ ذَلِكَ وَقَوْلَهُ أَمَّا إذَا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ:
وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ صَلَّى بِتَشَهُّدَيْنِ فَأَكْثَرَ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: فَفِيمَا قَبْلَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ
بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ
لِلْفَرِيضَةِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِالسُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَنَّ
التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فِيهَا لَمَّا طُلِبَ لَهُ جَابِرٌ وَهُوَ
السُّجُودُ كَانَ كَالْمَأْتِيِّ بِهِ بِخِلَافِ هَذَا ع ش.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عِنْدَ النُّحَاةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ غَيْرَ عَدَدٍ عِنْدَ أَكْثَرِ
الْحُسَّابِ) إذْ الْعَدَدُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْحُسَّابِ مَا سَاوَى
نِصْفَ مَجْمُوعِ حَاشِيَتَيْهِ الْقَرِيبَتَيْنِ أَوْ الْبَعِيدَتَيْنِ
عَلَى السَّوَاءِ نَعَمْ الْعَدَدُ عِنْدَ النُّحَاةِ مَا وُضِعَ
لِكَمِّيَّةِ الشَّيْءِ فَالْوَاحِدُ عِنْدَهُمْ عَدَدٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ
الرَّكْعَةُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَثْنَاءَهُ) أَيْ أَثْنَاءَ عَدَدٍ
نَوَاهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِجَوَازِ
الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ بِالنِّيَّةِ
(قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ) أَيْ إنْ صَارَ إلَى
الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ
أَوْ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ حَلَبِيٌّ
وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ تَبْطُلُ بِشُرُوعِهِ فِي الْقِيَامِ. اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ أَيْ بَعْدَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَوْ رَكْعَةً) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَفِي كَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى
رَكْعَةٍ أَيْ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَجْهَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ:
بِلَا كَرَاهَةٍ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ قُلْت
الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) لَعَلَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ عِنْدَ
فِعْلِ ذَلِكَ قَصْدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى
رَكْعَةٍ فَأَتَى بِهَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ زِيَادَةُ أُخْرَى
فَقَامَ إلَيْهَا بَعْدَ النِّيَّةِ وَأَتَى بِهَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ عَنَّ
لَهُ أُخْرَى فَأَتَى بِهَا كَذَلِكَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أُخْرَى فَأَتَى
كَذَلِكَ مَثَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ
الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ جَلَسَ بِقَصْدِ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَجَلَسَ
وَتَشَهَّدَ ضَرَّ وَإِنْ خَفَّ الْجُلُوسُ جِدًّا وَقَدْ يُحْمَلُ
كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا جَلَسَ لَا بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ لَكِنَّهُ
تَشَهَّدَ وَلَمْ يُطَوِّلْ الْجُلُوسَ، فَإِنَّهُ قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ
امْتِنَاعِ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُتَّجَهُ الِامْتِنَاعُ؛ لِأَنَّ
التَّشَهُّدَ فِي هَذَا الْجُلُوسِ يَجْعَلُهُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ
(قَوْلُهُ -.
(2/243)
أَمَّا إذَا سَهَا فَيَعُودُ لِمَا نَوَى
وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (فَلَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ
سَهْوًا) ثُمَّ تَذَكَّرَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ) وُجُوبًا (ثُمَّ
يَقُومُ لِلزِّيَادَةِ إنْ شَاءَ) هَا ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ آخِرَ
صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ مُبْطِلٌ، وَإِنْ
لَمْ يَشَأْ قَعَدَ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الزِّيَادَةَ بَعْدَ
تَذَكُّرِهِ وَلَمْ يَصِرْ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ
الْعَوْدُ لِلْقُعُودِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِحَرَكَتِهِ هُوَ فَلَا
يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا،
وَالتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَيْنَ كَوْنِهِ
لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ وَإِنْ لَا، بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ مَا يُبْطِلُ
تَعَمُّدُهُ حَتَّى يُحْتَاجُ لِجَبْرِهِ وَهُنَا عَدَمُ الِاعْتِدَادِ
بِحَرَكَتِهِ حَتَّى لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَبَيْنَهُ
وَبَيْنَ مَا لَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ السَّابِقِ فِي السُّجُودِ بِأَنَّهُ
ثَمَّ لَمْ يَفْعَلْ زِيَادَةً بِخِلَافِهِ هُنَا.
(قُلْت: نَفْلُ اللَّيْلِ) أَيْ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ فِيهِ (أَفْضَلُ)
مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ نَهَارًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ
الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» وَحَمَلُوهُ عَلَى
النَّفْلِ الْمُطْلَقِ لِمَا مَرَّ فِي غَيْرِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّ
كُلَّ لَيْلَةٍ فِيهَا سَاعَةُ إجَابَةٍ» (وَأَوْسَطُهُ أَفْضَلُ) مِنْ
طَرَفَيْهِ إذَا قَسَّمَهُ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَتَمُّ
وَالْعِبَادَةَ فِيهِ أَثْقَلُ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ السُّدُسُ الرَّابِعُ،
وَالْخَامِسُ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى
اللَّهِ تَعَالَى صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ
ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» (ثُمَّ آخِرُهُ) أَيْ نِصْفُهُ الْآخِرُ إنْ
قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ أَوْ ثُلُثُهُ الْآخِرُ إنْ قَسَّمَهُ أَثْلَاثًا
أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ لِقِلَّةِ الْمَعَاصِي فِيهِ غَالِبًا
وَلِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إلَى
سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ
الْأَخِيرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ
يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ»
وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ كَمَا أَوَّلَهُ بِهِ
الْخَلَفُ وَبَعْضُ أَكَابِرِ السَّلَفِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مَا شَنَّعَ
بِهِ عَلَى الْمُؤَوِّلِينَ بَعْضُ مَنْ عَدِمَ التَّوْفِيقَ وَمِنْ ثَمَّ
قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَأْسِهِمْ إنَّهُ عَبْدٌ
أَضَلَّهُ اللَّهُ وَخَذَلَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ دَوَامَ الْعَافِيَةِ مِنْ
ذَلِكَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ
(وَ) الْأَفْضَلُ لِلْمُتَنَفِّلِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
قَصْدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ وَيُقَالُ
بِنَظِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا سَهَا إلَخْ)
(فَرْعٌ) لَوْ نَوَى عَدَدًا فَجَلَسَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مِنْ قِيَامٍ
سَهْوًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُكْمِلَهُ مِنْ جُلُوسٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ
لَهُ ذَلِكَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ
سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ
أَتَى بِبَعْضِ الرَّكْعَةِ مِنْ قِيَامٍ ثُمَّ أَرَادَ فِعْلَ بَاقِيهَا
مِنْ الْجُلُوسِ لَمْ يَمْتَنِعْ وَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي هَوِيِّهِ؛
لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ حَالَةُ الْهَوِيِّ أَكْمَلُ مِمَّا هُوَ صَائِرٌ
إلَيْهِ مِنْ الْجُلُوسِ ع ش (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَهَا إلَخْ) ،
وَأَمَّا لَوْ جَهِلَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ صَلَاتِهِ فِي الزِّيَادَةِ
دُونَ النَّقْصِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) أَيْ
إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْبَصْرِيِّ
مِثْلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ) أَيْ مَثَلًا
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (ثُمَّ يَقُومُ) أَيْ أَوْ فَعَلَهُ
مِنْ قُعُودٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: قَعَدَ ثُمَّ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ) مَحَلُّ السُّجُودِ فِي
الْمَسْأَلَتَيْنِ إذَا قَامَ وَصَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي سُجُودِ
السَّهْوِ إلَخْ) أَيْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا
الْفَرْقِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا
مَرَّ ع ش (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ سَقَطَ إلَخْ)
يُتَأَمَّلُ سم.
(قَوْلُهُ: أَيْ النَّفَلُ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا أَوَّلَهُ فِي الْمُغْنِي
إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ ثُلُثَهُ إلَى لِقِلَّةِ الْمَعَاصِي وَكَذَا فِي
النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَرَوَى إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ
النَّفَلُ الْمُطْلَقُ إلَخْ) وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ انْدَفَعَ مَا
أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ اقْتِضَائِهِ أَنَّ
رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَثَلًا مَعَ
أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْهُمَا ع ش وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي
غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ
طَرَفَيْهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ ثُلُثَهُ الْآخِرَ إلَخْ
يُفِيدُ أَفْضَلِيَّةَ الثُّلُثِ الْآخِرِ عَلَى الْأَوَّلِ
وَمَفْضُولِيَّتَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَسَطِ سم (قَوْلُهُ: أَوْ
ثُلُثَهُ الْآخِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش وَكَذَا لَوْ قَسَّمَهُ أَثْلَاثًا
أَوْ أَرْبَاعًا عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ ثُلُثًا وَاحِدًا أَوْ
رُبْعًا وَاحِدًا وَيَنَامُ الْبَاقِيَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْعَلَ مَا
يَقُومُهُ آخِرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَسَّمَهُ أَجْزَاءً يَنَامُ جُزْءًا
وَيَقُومُ جُزْءًا ثُمَّ يَنَامُ الْآخَرَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ مَا
يَقُومُهُ وَسَطًا فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ رُبْعًا عَلَى هَذَا
الْوَجْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُومَ الثَّالِثَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْمَعَاصِي فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ
النِّصْفِ، وَالثُّلُثِ الْآخِرِ (قَوْلُهُ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا» إلَخْ)
قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا رِوَايَتَانِ ع ش
(قَوْلُهُ: وَمَعْنَى «يَنْزِلُ رَبُّنَا» يَنْزِلُ أَمْرُهُ) أَيْ أَوْ
مَلَائِكَتُهُ أَوْ رَحْمَتُهُ أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَزِيدِ الْقُرْبِ
وَبِالْجُمْلَةِ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يَعْتَقِدَ مِنْ هَذَا
الْحَدِيثِ وَمَا شَابَهَهُ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ الْوَارِدَةِ فِي
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:
5] {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا شَاكَلَهُ أَنَّهُ لَيْسَ
الْمُرَادُ بِهَا ظَوَاهِرَهَا لِاسْتِحَالَتِهَا عَلَيْهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا
كَبِيرًا، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَوَّلَهَا
بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْخَلَفِ وَآثَرُوهَا
لِكَثْرَةِ الْمُبْتَدِعَةِ الْقَائِلِينَ بِالْجِهَةِ وَالْجِسْمِيَّةِ
وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ شَاءَ
فَوَّضَ عِلْمَهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ طَرِيقَةُ السَّلَفِ
وَآثَرُوهَا لِخُلُوِّ زَمَانِهِمْ عَمَّا حَدَثَ مِنْ الضَّلَالَاتِ
الشَّنِيعَةِ وَالْبِدَعِ الْقَبِيحَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ إلَى
الْخَوْضِ فِيهَا شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: يَنْزِلُ أَمْرُهُ) قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ حَتَّى يَمْضِيَ شَطْرُ اللَّيْلِ ثُمَّ
يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فَيَقُولُ هَلْ مِنْ دَاعٍ» انْتَهَى
عَمِيرَةُ. اهـ. ع ش وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا رِوَايَةُ «يُنْزِلُ»
بِضَمِّ الْيَاءِ كَمَا مَرَّتْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَبْدٌ إلَخْ) مَقُولُ
ابْنِ جَمَاعَةَ، وَالضَّمِيرُ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا
قَوْلَهُ أَوْ نَوَى إلَى وَذَلِكَ وَقَوْلَهُ مَنْ هَجَدَ إلَى وَيُسَنُّ
وَقَوْلُهُ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَإِلَى قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ
فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ نَوَى إلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ سَهْوٌ
وَقَوْلُهُ كَأَتَمَّ إلَى وَيُسَنُّ وَقَوْلُهُ وَلَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَمَّا إذَا سَهَا إلَخْ)
، وَأَمَّا لَوْ جَهِلَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ صَلَاتِهِ فِي الزِّيَادَةِ
دُونَ النَّقْصِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ
سَقَطَ) يُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ طَرَفَيْهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ
ثُلُثُهُ الْآخَرُ إلَخْ يُفِيدُ أَفْضَلِيَّةَ الثُّلُثِ الْآخَرِ عَلَى
الْأَوَّلِ وَمَفْضُولِيَّتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْسَطِ (قَوْلُهُ: أَوْ
ثُلُثُهُ الْآخَرُ إلَخْ) فَالثُّلُثُ الْآخَرُ فَاضِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى
الْأَوَّلِ
(2/244)
(أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ)
بِأَنْ يَنْوِيَهُمَا ابْتِدَاءً أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا فِيمَا إذَا
أَطْلَقَ أَوْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ
لَكِنْ فِي هَذِهِ تَرَدُّدٌ إذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بَقَاؤُهُ
عَلَى مَنْوِيِّهِ أَوْلَى وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
«صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «،
وَالنَّهَارِ» .
(وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ) إجْمَاعًا وَهُوَ التَّنَفُّلُ لَيْلًا بَعْدَ
نَوْمٍ، مِنْ هَجَدَ سَهِرَ أَوْ نَامَ وَتَهَجَّدَ أَزَالَ النَّوْمَ
بِتَكَلُّفٍ كَأَثِمَ وَتَأَثَّمَ أَيْ تَحَفَّظَ عَنْ الْإِثْمِ وَيُسَنُّ
لِلْمُتَهَجِّدِ نَوْمُ الْقَيْلُولَةِ وَهُوَ قُبَيْلَ الزَّوَالِ؛
لِأَنَّهُ لَهُ كَالسُّحُورِ لِلصَّائِمِ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
(وَيُكْرَهُ قِيَامُ) أَيْ سَهَرُ (كُلِّ اللَّيْلِ) وَلَوْ فِي عِبَادَةٍ
(دَائِمًا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَدِيثُ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ
ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ قِيَامٌ مُضِرٌّ وَلَوْ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ
وَبَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ
نَفْسِهِ عَدَمَ الضَّرَرِ أَصْلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حُسْنٌ
بَالِغٌ كَيْفَ وَقَدْ عُدَّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِ أَئِمَّةٍ. اهـ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ أُولَئِكَ مُجْتَهِدُونَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ
أَسْعَفَهُمْ الزَّمَانُ وَالْإِخْوَانُ وَهَذَا مَفْقُودٌ الْيَوْمَ
فَلَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا لِغَلَبَةِ الضَّرَرِ أَوْ
الْفِتْنَةِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِكُلٍّ إلَى آخِرِهِ قِيَامُ لَيَالٍ
كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا لَمْ
يُكْرَهْ صَوْمُ الدَّهْرِ بِقَيْدِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي
اللَّيْلِ مَا فَاتَهُ وَهُنَا لَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ
لِتَعَطُّلِ ضَرُورِيَّاتِهِ الدِّينِيَّةِ، وَالدُّنْيَوِيَّةِ
(وَ) يُكْرَهُ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
فِي عِبَادَةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إلَى
وَمِنْ ثَمَّ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ
أَمَّا التَّنَفُّلُ بِالْأَوْتَارِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ نِهَايَةٌ
وَمُغْنِي أَيْ وَلَا مَكْرُوهٍ كَمَا مَرَّ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ
يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا
الِاقْتِصَارِ إلَى نِيَّةٍ سم (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ الثَّالِثَةِ
وَ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش وَقَدْ
يُشِيرُ إلَى اعْتِمَادِهِ اقْتِصَارُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالنِّهَايَةِ،
وَالْمُغْنِي عَلَى الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي
رِوَايَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ
«صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» وَصَحَّحَهُ ابْنُ
حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. اهـ. .
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ) ذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ
النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ الْمُتَهَجِّدَ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ
وَرُوِيَ أَنَّ الْجُنَيْدَ رُئِيَ فِي النَّوْمِ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلَ
اللَّهُ بِك فَقَالَ طَاحَتْ تِلْكَ الْإِشَارَاتُ وَغَابَتْ تِلْكَ
الْعِبَارَاتُ وَفَنِيَتْ تِلْكَ الْعُلُومُ وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُومُ
وَمَا نَفَعَنَا إلَّا رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا عَنْ السَّحَرِ
مُغْنِي وع ش زَادَ شَيْخُنَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ
الْأُمُورَ لَمْ نَجِدْ لَهَا ثَوَابًا لِاقْتِرَانِهَا بِرِيَاءٍ أَوْ
نَحْوِهِ إلَّا الرُّكَيْعَاتُ الْمَذْكُورَةُ لِلْإِخْلَاصِ فِيهَا،
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حَثًّا عَلَى التَّهَجُّدِ وَبَيَانًا لِشَرَفِهِ
وَإِلَّا فَيَبْعُدُ عَلَى مِثْلِهِ اقْتِرَانُ عَمَلِهِ بِرِيَاءٍ أَوْ
نَحْوِهِ مَعَ كَوْنِهِ سَيِّدَ الصُّوفِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ
التَّنَفُّلُ) وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ
الْمَنْهَجِ قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ إخْرَاجُ فِعْلِ الْفَرَائِضِ بِأَنْ
قَضَى فَوَائِتَ سم عَلَى حَجّ وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ م ر
أَنَّ النَّفَلَ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهُوَ
التَّهَجُّدُ لُغَةً دَفْعُ النَّوْمِ بِالتَّكَلُّفِ، وَاصْطِلَاحًا
صَلَاةٌ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَلَوْ مَجْمُوعَةً مَعَ الْمَغْرِبِ
جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَبَعْدَ نَوْمٍ وَلَوْ كَانَ النَّوْمُ قَبْلَ وَقْتِ
الْعِشَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ نَفْلًا رَاتِبًا أَوْ
غَيْرَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ،
وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ، وَالْوِتْرُ أَوْ فَرْضًا قَضَاءً أَوْ نَذْرًا
فَتَقْيِيدُهُ بِالنَّفْلِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ.
اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَوْمٍ) أَيْ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ كَمَا
وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْإِمَامِ شِهَابِ الدِّينِ،
وَإِنْ كَانَ النَّوْمُ قَبْلَ فِعْلِهَا بِأَنْ نَامَ ثُمَّ فَعَلَ
الْعِشَاءَ وَتَنَفَّلَ بَعْدَ فِعْلِهَا، وَهَلْ يَكْفِي النَّوْمُ عَقِبَ
الْغُرُوبِ يَسِيرًا أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِيهِ نَظَرٌ
وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ سم عَلَى حَجّ أَيْ فَلَا
بُدَّ مِنْ كَوْنِ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَلَوْ
قَبْلَ فِعْلِهَا وَيُوَافِقُهُ مَا نُقِلَ عَنْ حَاشِيَةِ الشِّهَابِ
الرَّمْلِيِّ عَلَى الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَيْ
النَّوْمُ وَقْتَ نَوْمٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش
وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ عَدَمِ التَّقَيُّدِ
بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَوْمُ الْقَيْلُولَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ قُبَيْلَ الزَّوَالِ) أَيْ النَّوْمُ قُبَيْلَ
الزَّوَالِ وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ الرَّاحَةُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ
وَلَوْ بِلَا نَوْمٍ شَيْخُنَا قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ قَدْرَهُ
يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ فِيمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ
عَلَى التَّهَجُّدِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الشَّارِحِ
فِي الْإِيعَابِ كَمَا يَأْتِي وَاعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ
أَمَّا مِنْ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ وَقَالَ
الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ
لَهُ لَا سِيَّمَا الْمُتَلَذِّذُ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ
وَجَدَهَا نُظِرَ إنْ خَشِيَ مِنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا.
اهـ. وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ الْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ
الْمُحِبُّ أَمْيَلُ وَلَا بُعْدَ فِي تَخْصِيصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُسْنٌ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ
كَلَامٌ حَسَنٌ يُعَضِّدُهُ مَا اشْتَهَرَ عَنْ خَلَائِقَ مِنْ
التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ
أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. اهـ. كُرْدِيٌّ عَنْ
الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَسْعَفَهُمْ) أَيْ أَعَانَهُمْ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ فَلَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا) هَذَا مُخَالِفٌ
لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ تَقْيِيدِهِ ذَلِكَ بِمَنْ يَضُرُّهُ قَالَ
الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَرِيبًا مِنْهُ
فَقَالَ إنْ لَمْ يَجِدْ بِذَلِكَ مَشَقَّةً اُسْتُحِبَّ لَا سِيَّمَا
الْمُتَلَذِّذُ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ وَجَدَهَا نُظِرَ
إنْ خَشِيَ عَنْهَا مَحْذُورًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا وَرِفْقُهُ
بِنَفْسِهِ أَوْلَى انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ. اهـ. كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي
إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قِيَامُ لَيَالٍ كَامِلَةٍ)
يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَضُرَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ لَهُ
فِي بَعْضِ اللَّيْلِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ شَامِلٌ لَهُ بَصْرِيٌّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) أَيْ
فَيُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ
الْآتِي) وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ وَعَدَمُ فَوْتِ حَقٍّ (قَوْلُهُ: مَا
فَاتَهُ) أَيْ مِنْ أَكْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوْسَطِ
(قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي
هَذَا الِاقْتِصَارِ إلَى نِيَّةٍ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّنَفُّلُ) ظَاهِرُهُ إخْرَاجُ فِعْلِ الْفَرَائِضِ
بِأَنْ قَضَى فَائِتًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَوْمٍ) أَيْ وَبَعْدَ فِعْلِ
الْعِشَاءِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْإِمَامِ
شِهَابِ الدِّينِ، وَإِنْ كَانَ النَّوْمُ قَبْلَ فِعْلِهَا بِأَنْ نَامَ
ثُمَّ فَعَلَ الْعِشَاءَ وَتَنَفَّلَ بَعْدَ فِعْلِهَا وَهَلْ يَكْفِي
النَّوْمُ عَقِبَ الْغُرُوبِ يَسِيرٌ أَوْ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ
فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: -
(2/245)
أَيْ صَلَاةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَأُخِذَ مِنْهُ
كَالْمَتْنِ زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِضَمِّ لَيْلَةٍ قَبْلَهَا أَوْ
بَعْدَهَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي صَوْمِ يَوْمِهَا وَعَدَمِ كَرَاهَةِ
تَخْصِيصِ لَيْلَةٍ غَيْرِهَا وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَأَبْدَى
احْتِمَالًا بِكَرَاهَتِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ.
(وَ) يُكْرَهُ (تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ) بِلَا ضَرُورَةٍ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ
يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» وَيُسَنُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ أَنْ لَا
يُخْلِ بِصَلَاةٍ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ
لِعِظَمِ فَضْلِ ذَلِكَ بَلْ وَرَدَ فِيهِ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَحَاطَ
بِهِ أَنْ لَا يَأْلُوَ جَهْدًا فِي الْمُثَابَرَةِ عَلَيْهِ مَا
أَمْكَنَهُ وَأَنْ يُكْثِرَ فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ
وَنِصْفُهُ الْأَخِيرُ آكَدُ وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ السَّحَرِ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران: 17]
{وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] وَأَنْ يُوقِظَ
مَنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ
كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (كِتَابٌ) كَأَنَّ حِكْمَةَ التَّرْجَمَةِ
بِهِ دُونَ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إلَى الْجَنَائِزِ
أَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ
وَلَيْسَتْ فِعْلًا حَتَّى تَكُونَ مِنْ جِنْسِهَا فَكَانَتْ
كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَأَفْرَدَهَا بِكِتَابٍ
وَلَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ
لِلصَّلَاةِ فَوَسَّطَهَا بَيْنَ أَبْوَابِهَا وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ
الْجِنَازَةِ مُغَايِرَةً لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ مُغَايَرَةً ظَاهِرَةً
أَفْرَدَهَا بِكِتَابٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ جَمِيعِ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ
نَظَرًا لِتِلْكَ الْمُغَايَرَةِ (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ) هِيَ مَشْرُوعَةٌ
بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِهَا فِي الْخَوْفِ فِي سُورَةِ
النِّسَاءِ فَفِي الْأَمْنِ أَوْلَى، وَالسُّنَّةِ لِلْأَخْبَارِ
الْآتِيَةِ وَغَيْرِهَا وَشُرِعَتْ بِالْمَدِينَةِ دُونَ مَكَّةَ لِقَهْرِ
الصَّحَابَةِ بِهَا وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ.
وَأَقَلُّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
النَّهَارِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَيْ صَلَاةٍ) أَمَّا إحْيَاؤُهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَغَيْرُ
مَكْرُوهٍ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لَا سِيَّمَا
بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِيهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي سم وَشَيْخُنَا
عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَمَّا إحْيَاؤُهَا بِغَيْرِ
صَلَاةٍ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي تَخْصِيصِهَا بِالْأَفْضَلِ نَوْعُ تَشَبُّهٍ
بِالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى فِي إحْيَاءِ لَيْلَةِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ.
اهـ. (قَوْلُهُ: زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِضَمِّ لَيْلَةٍ إلَخْ) وَهُوَ
كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ كَرَاهَةِ إلَخْ)
اعْتَمَدَهُ فِي الْإِيعَابِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ
الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَهُوَ
كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَقْفَةٌ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ) أَيْ وَنَقْصُهُ
شَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْجَمَلِ عَلَى م ر وَمِثْلُ التَّهَجُّدِ
غَيْرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ. اهـ. وَفِي
الْبُجَيْرِمِيِّ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْعَادَةِ وَقِيَاسُ
نَظَائِرِهِ مِنْ الْحَيْضِ وَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَصَوْمِ يَوْمِ
الشَّكِّ حُصُولُهَا بِمَرَّةٍ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ
مِثْلَ فُلَانٍ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ع ش (قَوْلُهُ:
وَيُسَنُّ إلَخْ) وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَنْوِيَ
الشَّخْصُ الْقِيَامَ عِنْدَ النَّوْمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ حَيْثُ
جَوَّزَهُ، فَإِنْ قَطَعَ بِعَدَمِ قِيَامِهِ عَادَةً فَلَا مَعْنَى
لِنِيَّتِهِ ع ش (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُخِلَّ إلَخْ) وَأَنْ لَا يَعْتَادَ
مِنْهُ إلَّا مَا يَظُنُّ إدَامَتَهُ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَأْلُوَ) أَيْ لَا يُقَصِّرَ (قَوْلُهُ: فِي
الْمُثَابَرَةِ) أَيْ الْمُوَاظَبَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ إلَخْ)
وَأَنْ يَمْسَحَ الْمُتَيَقِّظُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنْ يَنْظُرَ
إلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَأَنْ يَفْتَتِحَ
تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَإِطَالَةُ الْقِيَامِ فِي
سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ مِنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ وَأَنْ يَنَامَ
أَوْ يَسْتَرِيحَ مِنْ نَعَسٍ أَوْ فُتُورٍ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَذْهَبَ
نَوْمُهُ أَوْ فُتُورُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ
بَلْ يَحْرُمُ مُغْنِي |