تحفة
المحتاج بشرح المنهاج ط المكتبة التجارية [فَصْلٌ فِي اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاة]
(فَصْلٌ فِي اللِّبَاسِ) (قَوْلُهُ: فِي اللِّبَاسِ) أَيْ فِي بَيَانِ
تَحْرِيمِهِ وَحِلِّهِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالِاسْتِصْبَاحِ
بِالدُّهْنِ النَّجِسِ، وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللِّبَاسِ
الْمَلْبُوسُ فَيَكُونُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَقَالَ
الشَّيْخُ عَطِيَّةُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُلَابِسُ بِمَعْنَى الْمُخَالِطِ
سَوَاءٌ كَانَ بِلُبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاللِّبَاسُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى
اسْمِ الْفَاعِلِ شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ.
(يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ
مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ
لُبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَنَا فِيهِ وَهُوَ مِنْ
الْكَبَائِرِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ مِنْ
الْكَبَائِرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَطِيَّةُ وَنُقِلَ عَنْ
الشبراملسي اهـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الزَّوَاجِرِ
(قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى) أَيْ الْمُشْكِلُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ:
وَلَوْ قَزًّا) إلَى قَوْلِهِ إجْمَاعًا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي
الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَا مَشْيُهُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ
قَزًّا) وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ، وَأَمَّا الْإِبْرَيْسَمِ فَهُوَ مَا
حَلَّ عَنْ الدُّودِ بَعْدَ مَوْتِهِ دَاخِلَهُ، وَالْحَرِيرُ يَعُمُّهُمَا
خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا
مَاتَتْ فِيهِ الدُّودَةُ وَحَلَّ عَنْهَا بَعْدَ الْمَوْتِ دَاخَلَهُ
وَالْحَرِيرُ يَعُمُّهُمَا وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُبَايِنٌ لِلْقَزِّ لَا
أَعَمُّ مِنْهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ جُلُوسِهِ إلَخْ) أَيْ
كَالِاسْتِنَادِ إلَيْهِ وَتَوَسُّدِهِ إيعَابٌ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
يَجُوزُ تَوَسُّدُهُ وَافْتِرَاشُهُ وَالنَّوْمُ عَلَيْهِ لِلرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ مُطْلَقًا فَلْيُقَلِّدْهُ مَنْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ
كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ
عِنْدَنَا وَجْهًا بِجَوَازِ مَا ذُكِرَ وَالتَّقْلِيدُ بِهِ أَوْلَى مِنْ
التَّقْلِيدِ لِأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: لَا مَشْيُهُ إلَخْ) فِي
النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ بَصْرِيٌّ وَلَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ
مَعْطُوفٌ عَلَى نَحْوِ جُلُوسِهِ فَيُفِيدُ جَوَازَ فَرْشِهِ لِلْمَشْيِ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى فَرْشٍ أَوْ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ
كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ فَلَا إشْكَالَ وَمِنْ ثَمَّ
قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَخَرَجَ بِالْمَشْيِ فَرْشُهُ لِلْمَشْيِ فَيَحْرُمُ
اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا مَشْيُهُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَقُولُ قِيَاسُ ذَلِكَ
بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ نَامُوسِيَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْخَوْفِ فَاتَ التَّخْلِيصُ فَيُتَّجَهُ مَا ذَكَرَ م ر (قَوْلُهُ: جَازَ
ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ نَحْوَ
وَدِيعَةٍ أَوْ مَالِ يَتِيمٍ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ وَقْفٍ وَفِيهِ وَقْفَةٌ.
(قَوْلُهُ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا مَا لَا
يَجُوزُ فِي الْأَمْنِ مِنْ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ
الْآتِيَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ عَدُوٌّ يَجِبُ قِتَالُهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ
أَنَّ الْعَدُوَّ الَّذِي يَجِبُ قِتَالُهُ لَا تُصَلَّى لَهُ صَلَاةُ
شِدَّةِ الْخَوْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ
صَلَّوْا) أَيْ لِسَوَادٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ) يَنْبَغِي إلَّا بِالنِّسْبَةِ
لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ لِلرَّكْعَةِ
الثَّانِيَةِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اسْتَشْكَلَ
الْإِطْلَاقَ ثُمَّ بَحَثَ مَا قُلْنَاهُ وَحَمَلَ كَلَامَهُمْ عَلَيْهِ
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى التَّصْرِيحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ
رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَزَمَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ فِي اللِّبَاسِ) (قَوْلُهُ: لَا مَشْيِهِ عَلَيْهِ فِيمَا
يَظْهَرُ) أَقُولُ قِيَاسُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ
يَدَهُ تَحْتَ
(3/18)
؛ لِأَنَّهُ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُ حَالًا
لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا (وَغَيْرِهِ) مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ
الِاسْتِعْمَالِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِمَّا يَأْتِي بَعْضُهُ إجْمَاعًا
فِي اللُّبْسِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِمَنْ جَوَّزَهُ إغَاظَةً
لِلْكُفَّارِ لِشُذُوذِهِ كَالْوَجْهِ الْقَائِلِ بِحِلِّ الْقَزِّ وَهُوَ
مَا يَخْرُجُ مِنْهُ الدُّودُ حَيًّا فَيَكْمُدُ لَوْنُهُ وَلَا يُقْصَدُ
لِلزِّينَةِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ
أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَلِلنَّهْيِ عَنْ
لُبْسِهِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّ فِيهِ
خُنُوثَةً لَا تَلِيقُ بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ عَلَى
حَرِيرٍ فُرِشَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ
مُهَلْهَلًا مَا لَمْ يَمَسَّ الْحَرِيرَ مِنْ خِلَالِهِ سَوَاءٌ
اتَّخَذَهُ لِذَلِكَ أَمْ لَا.
، وَمَحَلُّ حُرْمَةِ اتِّخَاذِ الْحَرِيرِ بِلَا اسْتِعْمَالٍ الَّذِي
أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا إذَا كَانَ عَلَى صُورَةٍ
مُحَرَّمَةٍ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ إنَّمَا لَمْ يَكْفِ
الْمُهَلْهَلُ الْمَفْرُوشُ عَلَى نَجِسٍ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ لِوُجُوبِ
اجْتِنَابِ قَلِيلِهِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْحَرِيرِ اهـ إنَّ مَسَّ
الْحَرِيرِ مِنْ خِلَالِهِ لَا يُؤَثِّرُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى
مُمَاسَّةِ قَدْرٍ لَا يُعَدُّ عُرْفًا مُسْتَعْمِلًا لَهُ لِمَزِيدِ
قِلَّتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
مَثَلًا مَفْتُوحَةٍ وَأَخْرَجَ كُوزًا مِنْ دَاخِلِهَا فَشَرِبَ مِنْهُ
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَهَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ
إدْخَالَ الْيَدِ تَحْتَهَا لِإِخْرَاجِ الْكُوزِ ثُمَّ لِوَضْعِهِ، ثُمَّ
إخْرَاجُهَا إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الْمَشْيِ عَلَى الْحَرِيرِ مَا زَادَ
عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَلَى الْفَوْرِ مَعَ
مُوَافَقَتِهِ عَلَى حِلِّ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى
حَجّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِمُفَارَقَتِهِ حَالًا) قَدْ يَقْتَضِي حُرْمَةَ التَّرَدُّدِ
عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ
الْإِطْفِيحِيِّ أَنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ حُرْمَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ كَالِاسْتِنَادِ
إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ وَلَوْ
مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ، وَأَمَّا لُبْسُ مَا ظِهَارَتُهُ وَبِطَانَتُهُ
غَيْرُ حَرِيرٍ وَفِي وَسَطِهِ حَرِيرٌ كَالْقَاوُوقِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا
إنْ خِيطَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ التَّغَطِّي بِمَا طَهَارَتُهُ
وَبِطَانَتُهُ غَيْرُ حَرِيرٍ وَفِي وَسَطِهِ حَرِيرٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا
إنْ خِيطَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ وَالتَّغَطِّيَ أَشَدُّ
مُلَابَسَةً لِلْبَدَنِ مِنْ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَادِ إلَيْهِ
وَالْجُلُوسُ تَحْتَهُ كَالْجُلُوسِ تَحْتَ سَحَابَةٍ أَوْ خَيْمَةٍ أَوْ
نَامُوسِيَّةٍ مِنْ حَرِيرٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا فِي اللُّبْسِ)
أَيْ لُبْسِ الرَّجُلِ، وَأَمَّا فِي لُبْسِ الْخُنْثَى فَاحْتِيَاطًا
مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ غَالِبًا أَيْ
وَإِلَّا فَقَدْ يُصْنَعُ مِمَّا مَاتَ فِيهِ الدُّودُ (قَوْلُهُ:
فَيَكْمَدُ إلَخْ) الْأَوْلَى الْوَاوُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهُوَ مَا
قَطَعَتْهُ الدُّودَةُ وَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً وَهُوَ كَمِدُ اللَّوْنِ
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْخَبَرِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ إجْمَاعًا
(قَوْلُهُ: خُنُوثَةً) أَيْ نُعُومَةً وَلُيُونَةً (وَقَوْلُهُ:
بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ) أَيْ بِقُوَّتِهِمْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ:
وَيَحِلُّ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ مُهَلْهَلًا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى
قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ إلَى وَالتَّدَثُّرِ (قَوْلُهُ: فُرِشَ
عَلَيْهِ ثَوْبٌ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ بِنَحْوِ
خِيَاطَةٍ نِهَايَةٌ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى حَرِيرٍ إلَخْ) أَيْ
وَلَوْ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ إلَخْ) أَيْ
لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ حُرْمَةِ اتِّخَاذِ الْحَرِيرِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا
وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِ سَوَاءٌ اتَّخَذَهُ إلَخْ مِنْ أَنَّ فِي هَذَا
اتِّخَاذًا وَهُوَ حَرَامٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ هُنَا
أَعْنِي فِي الْجُلُوسِ عَلَيْهَا بِحَائِلٍ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَةِ
الِاتِّخَاذِ لِاخْتِصَاصِهَا بِصُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَأَنَّ الْجُلُوسَ
الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛
لِأَنَّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاتِّخَاذُ يُحْرَمْهُ، وَإِنْ لَمْ
يَسْتَعْمِلْهُ مُطْلَقًا لَا بِحَائِلٍ وَلَا بِدُونِهِ بِأَنْ لَمْ
يَزِدْ عَلَى وَضْعِهِ فِي صُنْدُوقِهِ فَتَحْرِيمُهُ فِيمَا إذَا جَلَسَ
عَلَيْهِ بِحَائِلٍ أَوْلَى وَكَانَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِأَنَّ حِلَّ
الْجُلُوسِ لَا يُنَافِي التَّحْرِيمَ مِنْ حَيْثُ الِاتِّخَاذُ سم
وَقَوْلُهُ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ إلَخْ يَأْتِي عَنْ الْكُرْدِيِّ مَا
فِيهِ وَتَخْلُصُ النِّهَايَةُ بِمَا نَصُّهُ فَلَوْ حُمِلَ هَذَا أَيْ مَا
قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ اتَّخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ
بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الْقُنْيَةِ لَمْ يَبْعُدْ اهـ
وَارْتَضَى بِهِ شَيْخُنَا وَقَالَ ع ش وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ
تَقْيِيدُ جَوَازِ الِاتِّخَاذِ بِمَا إذَا قَصَدَ إلْبَاسَهُ لِمَنْ لَهُ
اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ.
(قَوْلُهُ: اتِّخَاذُ الْحَرِيرِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا
اتِّخَاذُ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ بِلَا لُبْسٍ فَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ انْتَهَتْ اهـ سم (قَوْلُهُ: عَلَى صُورَةٍ
مُحَرَّمَةٍ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ نَحْوَ لُبْسِهِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِ
بِلَا حَائِلٍ سم وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ
لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَى صُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَيْ عَلَى
الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَأَنْ اُتُّخِذَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُسْتَعْمَلُ
إلَّا لِسَتْرِ الْجِدَارِ بِهَا مَثَلًا وَالْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ
حِينَئِذٍ مَقِيسٌ ظَاهِرٌ فَانْدَفَعَ مَا لسم هُنَا مِنْ أَنَّهُ حَمَلَ
كَلَامَ التُّحْفَةِ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْته ثُمَّ اعْتَرَضَهُ حَتَّى
قَالَ إنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
نَامُوسِيَّةٍ مَثَلًا مَفْتُوحَةٍ وَأَخْرَجَ كُوزًا مِنْ دَاخِلِهَا
فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَهَا لَمْ
يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ إدْخَالَ الْيَدِ تَحْتَ لِإِخْرَاجِ الْكُوزِ ثُمَّ
لِوَضْعِهِ ثُمَّ لِإِخْرَاجِهَا إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الْمَشْيِ عَلَى
الْحَرِيرِ مَا زَادَ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَلَى
الْفَوْرِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى حِلِّ الْمَشْيِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ عَلَى حَرِيرٍ) أَيْ وَلَوْ حَصِيرًا مِنْ
حَرِيرٍ م ر (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ حُرْمَةِ اتِّخَاذِ الْحَرِيرِ إلَخْ)
جَوَابٌ عَمَّا وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَيَحِلُّ الْجُلُوسُ إلَخْ
مِنْ أَنَّ فِي هَذَا اتِّخَاذًا وَهُوَ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ عَلَى صُورَةٍ
مُحَرَّمَةٍ كَأَنَّهُ يُرِيدُ نَحْوَ لُبْسِهِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِ
بِلَا حَائِلٍ اسْتِعْمَالًا لَا اتِّخَاذًا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ حُرْمَةِ
اتِّخَاذِ الْحَرِيرِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ هُنَا
أَعْنِي فِي الْجُلُوسِ عَلَيْهِ بِحَائِلٍ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَةِ
الِاتِّخَاذِ لِاخْتِصَاصِهَا بِصُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَأَنَّ الْجُلُوسَ
عَلَيْهِ بِحَائِلٍ لَيْسَ مِنْ الصُّورَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ
ظَاهِرٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ يُحَرِّمُ عَلَيْهِ
الِاتِّخَاذَ يُحَرِّمُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ مُطْلَقًا لَا
بِحَائِلٍ وَلَا بِدُونِهِ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى وَضْعِهِ فِي
صُنْدُوقِهِ فَتَحْرِيمُهُ فِيمَا إذَا جَلَسَ عَلَيْهِ بِحَائِلٍ أَوْلَى؛
لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَوْضُوعِ فِي الصُّنْدُوقِ
لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ مَعَ الْجُلُوسِ بِحَائِلٍ هُوَ
الِاتِّخَاذُ لَا مُجَرَّدُ الْجُلُوسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ حُرْمَةِ اتِّخَاذِ إلَخْ) كَانَ يُمْكِنُ
التَّخَلُّصُ بِأَنَّ حِلَّ الْجُلُوسِ لَا يُنَافِي التَّحْرِيمَ مِنْ
حَيْثُ الِاتِّخَاذُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأَمَّا اتِّخَاذُ
أَثْوَابِ الْحَرِيرِ بِلَا لُبْسٍ فَأَفْتَى ابْنُ
(3/19)
، وَالتَّدَثُّرُ بِحَرِيرٍ اسْتَتَرَ
بِثَوْبٍ إنْ خِيطَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ التَّدَثُّرِ بِغَيْرِ الْمُسْتَتِرِ
بَيْنَ مَا قَرُبَ مِنْهُ وَمَا بَعُدَ كَأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِسَقْفٍ
وَهُوَ جَالِسٌ تَحْتَهُ كَالْبَشَخَانَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ صَدَقَ
عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ جَالِسٌ تَحْتَ حَرِيرٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ حِلِّ الْجُلُوسِ تَحْتَ سَقْفِ ذَهَبٍ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ
بِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ هُنَا مُسْتَعْمِلًا لِلْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ
يُقْصَدُ لِوِقَايَةِ الْجَالِسِ تَحْتَهُ مِنْ نَحْوِ غُبَارِ السَّقْفِ
فَأُلْحِقَ بِالْمُسْتَعْمِلِ لَهُ فِي بَدَنِهِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ.
(وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) إجْمَاعًا (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ
افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِلسَّرَفِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ
يُزَيِّنُهَا وَعَلَيْهِ يَحْرُمُ تَدَثُّرُهَا بِهِ بَلْ أَوْلَى؛
لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ افْتِرَاشُهُ عَلَى وَجْهٍ دُونَ
التَّدَثُّرِ بِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْكُلِّ سَتْرُ سَقْفٍ أَوْ بَابٍ
أَوْ جِدَارٍ غَيْرِ الْكَعْبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: وَالتَّدَثُّرُ) إلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَالتَّدَثُّرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُلُوسِ شَارِحٌ اهـ سم
(قَوْلُهُ بِحَرِيرٍ اسْتَتَرَ بِثَوْبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا
وَكَالتَّدَثُّرِ بِهِ أَيْ التَّدَفِّي بِهِ إلَّا إنْ خِيطَ عَلَيْهِ
ظِهَارَةٌ وَبِطَانَةٌ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ اهـ وَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا
يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) مَحَلُّ
تَأَمُّلٍ إذْ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ تَدَثُّرًا مَمْنُوعٌ نَعَمْ
تَعْلِيقُهَا فِي السَّقْفِ مُمْتَنِعٌ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ كَوْنُهُ
مِنْ أَفْرَادِ تَزْيِينِهِ بِالْحَرِيرِ الْمَمْنُوعِ كَمَا سَيَأْتِي مَا
لَمْ يُقَيَّدْ بِالْحَاجَةِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحِ هَذَا وَلَوْ
أَخَذَ الشَّارِحِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِفَرْشٍ أَوْ غَيْرِهِ
الْمُؤْذِنِ بِأَنَّ كُلَّ مَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا عُرْفًا يَحْرُمُ
لَكَانَ أَقْرَبَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ تَفْسِيرَ
قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمَا مِنْ وُجُوهِ
الِاسْتِعْمَالِ كَلُبْسِهِ وَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَاِتِّخَاذِهِ سِتْرًا
وَفِيهِ تَصْرِيحٌ مَا بِمَا ذَكَرْت مِنْ الْأَخْذِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ:
وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ صَدَقَ عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش وَلَوْ رُفِعَتْ
سَحَابَةٌ مِنْ حَرِيرٍ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا حَيْثُ كَانَتْ
قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا أَوْ مُنْتَفِعًا بِهَا، وَلَوْ
جُعِلَ مِمَّا يَلِي الْجَالِسَ ثَوْبٌ مِنْ كَتَّانٍ مَثَلًا مُتَّصِلٌ
بِهَا أَيْ بِأَنْ جُعِلَ بِطَانَةً لَهَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ حُرْمَةَ
الْجُلُوسِ تَحْتَهَا كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرُ اللِّحَافِ حَرِيرًا
فَتَغَطَّى بِبِطَانَتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ كَتَّانٍ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛
لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيرِ وَلَوْ رُفِعَتْ السَّحَابَةُ جِدًّا
بِحَيْثُ صَارَتْ فِي الْعُلُوِّ كَالسُّقُوفِ لَمْ يَحْرُمْ الْجُلُوسُ
تَحْتَهَا كَمَا لَا يَحْرُمُ السَّقْفُ الْمُذَهَّبُ، وَإِنْ حَرُمَ
فِعْلُهُ مُطْلَقًا وَاسْتِدَامَتُهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ
عَلَى النَّارِ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّحَابَةِ فَصَارَ
ظِلُّهَا غَيْرَ مُحَاذٍ لَهَا بَلْ فِي جَانِبٍ آخَرَ حَرُمَ الْجُلُوسُ
فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا كَمَا لَوْ تَبَخَّرَ بِمَبْخَرَةِ
الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَوِيَ عَلَيْهَا كَذَا أَجَابَ م ر بَعْدَ
السُّؤَالِ عَنْهُ وَالْمُبَاحَثَةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جُعِلَ إلَخْ مَحَلُّ وَقْفَةٍ
وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا لِلِّحَافِ إلَخْ هَذَا الْقِيَاسُ
فِيهِ مَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ:
إنْ صَدَقَ عَلَيْهِ عُرْفًا إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى
حُكْمِ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا أَمَّا أَصْلُ تَعْلِيقِهَا وَالسَّتْرُ بِهَا
فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ
تَزْيِينِ الْبُيُوتِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ
لِلتَّزْيِينِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ
لِحُكْمِ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا حَيْثُ حَرُمَ بِقَيْدِهِ الْآتِي الَّذِي
أَفَادَهُ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْحُرْمَةَ
إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّجَالِ فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْجُلُوسِ تَحْتَ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ:؛
لِأَنَّهُ يُقْصَدُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبُشْخَانَةَ الْقَرِيبَةَ
يَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا مَنْعَ نُزُولِ
الْغُبَارِ وَقَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ
إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سِتْرِ السَّقْفِ (قَوْلُهُ:
وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ السَّقْفَ قَدْ
يُقْصَدُ بِالْجُلُوسِ تَحْتَهُ مَنْعُ نَحْوِ الشَّمْسِ فَيُعَدُّ
اسْتِعْمَالًا لَهُ إذَا قَرُبَ مِنْهُ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش مَا
يُوَافِقُ إطْلَاقَ الشَّارِحِ الظَّاهِرَ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ
قُرْبِ السَّقْفِ الْمُذَهَّبِ وَبُعْدِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) وَالثَّانِي
يَحِلُّ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ:
وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ)
هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ عِنْدَنَا وَجْهًا بِجَوَازِ افْتِرَاشِ
الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ فَلْيُرَاجَعْ
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ وَقِيلَ يَجُوزُ الْجُلُوسُ
عَلَيْهِ وَيَرُدُّهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ (قَوْلُهُ: عَلَى
الْكُلِّ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: سَتْرُ
سَقْفٍ أَوْ بَابٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ الزِّينَةِ
وَالْفَرَحِ نَعَمْ إنْ أَكْرَهَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى الزِّينَةِ
الْمُحَرَّمَةِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِمْ لِعُذْرِهِمْ وَيَحْرُمُ
التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرُورِ لِحَاجَةٍ شَيْخُنَا زَادَ ع
ش وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهُوا عَلَى مُطْلَقِ الزِّينَةِ
فَزَيَّنُوا بِالْحَرِيرِ الْخَالِصِ مَعَ كَوْنِهِمْ لَوْ زَيَّنُوا
بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَا أَكْثَرُهُ مِنْ الْقُطْنِ مَثَلًا لَمْ يَتَعَرَّضْ
لَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جِدَارِ إلَخْ) وَالْمُتَّجِهُ وِفَاقًا لِمَرِّ أَنَّ
مِثْلَ سَتْرِ الْجُدْرَانِ بِالْحَرِيرِ إلْبَاسُهُ لِلدَّوَابِّ؛
لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ وَلَيْسَتْ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِظُهُورِ
الْغَرَضِ فِي إلْبَاسِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
وَمِثْلُ ذَلِكَ إلْبَاسُهَا الْحُلِيَّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ:
غَيْرِ الْكَعْبَةِ) أَفْهَمَ جَوَازَ سَتْرِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَاخِلِهَا وَخَارِجِهَا وَأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَالتَّدَثُّرُ) مَعْطُوفٌ
عَلَى الْجُلُوسِ ش (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ
بِأَنَّ السَّقْفَ يُقْصَدُ بِالْجُلُوسِ تَحْتَهُ مَنْعُ نَحْوِ الشَّمْسِ
فَيُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ إذَا قَرُبَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: سَتْرُ سَقْفٍ أَوْ بَابٍ أَوْ جِدَارٍ) هَلْ مِثْلُهَا
الدَّوَابُّ أَوْ لَا فَمَا الْفَرْقُ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ الْكَعْبَةِ) أَفْهَمَ جَوَازَ سَتْرِ الْكَعْبَةِ
وَهُوَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَاخِلِهَا
وَخَارِجِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِنَادُ لِجِدَارِهَا
الْمَسْتُورِ بِهِ وَلَا الْتِصَاقٌ لِنَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِحَيْثُ
يَصِيرُ سَتْرُهَا أَوْ
(3/20)
قِيلَ وَيُلْحَقُ بِهَا قَبْرُهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ
أَخْذًا مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّزْيِينِ وَقَدْ يَشْكُلُ بِمَا يَأْتِي
فِي كِيسِ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ
الْخُيَلَاءَ هُنَا أَعْظَمُ مِنْهَا.
ثَمَّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ لِلْوَلِيِّ) الْأَبِ وَغَيْرِهِ
(إلْبَاسَهُ) كَحُلِيِّ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ (الصَّبِيَّ) مَا لَمْ
يَبْلُغْ وَالْمَجْنُونَ إذْ لَا شَهَامَةَ لَهُمَا تُنَافِي تِلْكَ
الْخُنُوثَةَ نَعَمْ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ يَوْمَ الْعِيدِ؛
لِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ (قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ
(وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
لِعُمُومِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ حِلٌّ لِإِنَاثِ أُمَّتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
لَا يَحْرُمُ الِاسْتِنَادُ لِجِدَارِهَا الْمَسْتُورِ بِهِ وَلَا
الْتِصَاقٌ لِنَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِحَيْثُ يَصِيرُ سِتْرُهَا أَوْ
بُرْقُعُهَا مَسْدُولًا عَلَى ظَهْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ
اسْتِعْمَالًا وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ جَعْلُ سِتَارَةِ الصُّفَّةِ مِنْ
الْبَيْتِ حَرِيرًا وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ جَعْلُ خَيْمَةٍ مِنْ حَرِيرٍ،
وَإِنْ كَانَتْ عَلَى خَشَبٍ مُرَكَّبٍ تَحْتَهَا م ر اهـ سم عِبَارَةُ ع ش
فَرْعٌ هَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ بَيْنَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَجِدَارِهَا
لِنَحْوِ الدُّعَاءِ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ
اسْتِعْمَالًا وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ وَهَلْ يَجُوزُ الِالْتِصَاقُ
لِسِتْرِهَا مِنْ خَارِجٍ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ فِيهِ نَظَرٌ
فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ
قَدْ تُمْنَعُ الْحَاجَةُ فِيمَا ذُكِرَ وَيُقَالُ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ
الدُّعَاءَ لَيْسَ خَاصًّا بِدُخُولِهِ تَحْتَ سِتْرِهَا وَيُفَرَّقُ
بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجَوَازِ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِأَنَّ
الْمُلْتَزَمَ وَنَحْوَهُ مَطْلُوبٌ فِيهِ أَدْعِيَةٌ بِخُصُوصِهَا،
وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ إلَخْ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى
جَوَازِ الدُّخُولِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قِيلَ
وَمُلْحَقٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا:
وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ
غَلَتْ أَثْمَانُهَا وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ
وَغَيْرِهِمْ حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ أَيْ مَحَلِّ
دَفْنِهِمْ بِالثِّيَابِ أَيْ غَيْرِ الْحَرِيرِ، وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا
بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ، نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِهِ
تَعْظِيمًا لَهَا وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ
الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ
مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ اهـ وَقَوْلُهُمَا نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ
بِهِ إلَخْ أَيْ إنْ خَلَا عَنْ النَّقْدِ شَيْخُنَا عِبَارَةُ شَرْحِ
بَافَضْلٍ أَمَّا تَزْيِينُ الْكَعْبَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
فَحَرَامٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا قَبْرُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّ سَتْرَ
تَوَابِيتِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَقُبُورِهِمْ
بِالْحَرِيرِ جَائِزٌ كَالتَّكْفِينِ بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ تَوَابِيتِ
الصَّالِحِينَ مِنْ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ، فَإِنَّهُ
يَحْرُمُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ م ر الْمَيْلُ
لِحُرْمَةِ سَتْرِ قُبُورِ النِّسَاءِ أَيْ وَنَحْوِهَا بِالْحَرِيرِ
وَوَافَقَ عَلَى جَوَازِ تَغْطِيَةِ مَحَارَةِ الْمَرْأَةِ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْحَرِيرِ وَالْجَارُّ
مُتَعَلِّقٌ بِسَتْرِ سَقْفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ)
رَاجِعٌ لِسَتْرِ السَّقْفِ وَالْبَابِ وَالْجِدَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
سم.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشْكِلُ) أَيْ حُرْمَةُ سَتْرِ سَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ
بِمَا يَأْتِي فِي كِيسِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كِيسُ
الدَّرَاهِمِ لَا يَكُونُ إلَّا مَحَلَّ حَاجَةٍ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى
فَقْدِ الْغَيْرِ إنَّمَا هُوَ الضَّرُورَةُ وَكَفَى هَذَا فِي الْفَرْقِ
سم (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي سَتْرِ نَحْوِ الْجِدَارِ.
(وَقَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي كِيسِ الدَّرَاهِمِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إلَخْ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ
فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ مَثَلًا فَيَجُوزُ لَهُمَا
إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ: الْأَبُ) إلَى
قَوْلِ الْمَتْنِ قُلْت فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ
(إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّ مَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ
يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَيَجُوزُ إلْبَاسُ كُلٍّ مِنْهُمَا
نَعْلًا مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا إسْرَافَ عَادَةً سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ
ع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَحُلِيِّ الذَّهَبِ إلَخْ) الْمُرَادُ
بِالْحُلِيِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ جَعْلُ الْخَنْجَرِ
الْمَعْرُوفِ وَالسِّكِّينِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ
إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ، وَأَمَّا
الْحِيَاصَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَنْبَغِي حِلُّ إلْبَاسِهَا لَهُ؛
لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى
جَوَازِهَا لِلنِّسَاءِ قَوْلُهُ م ر السَّابِقُ وَالْخَيْطُ الَّذِي
يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهُوَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا
الْحِيَاصَةَ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونَ) وَتَرْكُ إلْبَاسِهِمَا مَا
ذُكِرَ أَيْ مِنْ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ وَلَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْلَى
كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الصَّبِيِّ وَقَالَ لَا فَرْقَ
بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَفِي الْحَلَبِيِّ أَنَّ إلْبَاسَ
الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ الْحَرِيرَ مَكْرُوهٌ بُجَيْرِمِيٌّ وَفِي
قَوْلِهِ وَالصَّبِيَّةِ وَقْفَةٌ فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُ الْمَتْنِ (حِلُّ
افْتِرَاشِهَا) أَيْ كَلُبْسِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْخَلِيَّةُ
وَغَيْرُهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ شَيْخِنَا أَيْ وَسَائِرُ
أَوْجُهِ الِاسْتِعْمَالِ كَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَالْجُلُوسِ تَحْتَهُ
وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ حِلِّ افْتِرَاشِهِنَّ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ
مُزَرْكَشًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش خَرَجَ
بِافْتِرَاشِهَا اسْتِعْمَالُهَا لَهُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ وَالْفَرْشِ
فَلَا يَحِلُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بُرْقُعُهَا مَسْدُولًا عَلَى ظَهْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ
اسْتِعْمَالًا وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ جَعْلُ سِتَارَةِ الصُّفَّةِ مِنْ
الْبَيْتِ حَرِيرًا وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ جَعْلُ خَيْمَةٍ مِنْ حَرِيرٍ،
وَإِنْ كَانَتْ عَلَى خَشَبٍ مُرَكَّبٍ تَحْتَهَا م ر (قَوْلُهُ: قِيلَ
وَيُلْحَقُ بِهَا قَبْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
الْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي
بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) رَاجِعٌ لِسَتْرِ السَّقْفِ
وَالْبَابِ وَالْجِدَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَشْكُلُ
بِمَا يَأْتِي فِي كِيسِ الدَّرَاهِمِ) وَنَحْوِهِ قَدْ يُقَالُ كِيسُ
الدَّرَاهِمِ لَا يَكُونُ إلَّا مَحَلَّ حَاجَةٍ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى
نَقْدِ الْغَيْرِ إنَّمَا هُوَ الضَّرُورَةُ وَكَفَى هَذَا فِي الْفَرْقِ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْخُيَلَاءَ هُنَا) أَيْ فِي سَتْرِ السَّقْفِ إلَخْ
أَعْظَمُ مِنْهَا ثَمَّ أَيْ فِي
(3/21)
وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لِلرَّجُلِ
أَنْ يَعْلُوَ لَابِسَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ بَقَائِهِ عَلَى مَا عَلَا
عَلَيْهِ مِنْهَا وَعَدَمِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَفِيهِ مَا فِيهِ
(وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ) فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ
أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ (لِلضَّرُورَةِ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ)
أَوْ خَشِيَ مِنْهُمَا ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَأُلْحِقَ بِهِ
جَمِيعُ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ نَحْوِ الْجَرَبِ
الْآتِي (أَوْ فُجْأَةِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَالْمَدِّ، وَبِفَتْحٍ
فَسُكُونٍ وَهِيَ الْبَغْتَةُ (حَرْبٍ) جَائِزٌ (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ)
وَلَا أَمْكَنَهُ طَلَبُ غَيْرِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ لِلضَّرُورَةِ
وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ قَوْلَ جَمْعٍ يَجُوزُ الْقَبَاءُ وَغَيْرُهُ
مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ إرْهَابًا لَهُمْ
كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَهَذَا غَيْرُ الشَّاذِّ الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ
مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ يَكْتَفِي
بِمُجَرَّدِ الْإِغَاظَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إرْهَابٌ وَلَا صَلَاحِيَةَ
لِلْقِتَالِ (وَلِلْحَاجَةِ) كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ
وَ (كَجَرَبٍ وَحِكَّةٍ) وَقَدْ آذَاهُ لُبْسُ غَيْرِهِ أَيْ تَأَذِّيًا
لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَمْ يَحْتَجْ هُنَا لِمُبِيحِ
التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَسُومِحَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَكَذَا إنْ
لَمْ يُؤْذِهِ غَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النِّسَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءِ
الْحَرِيرِ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ تُغَطِّي بِهِ شَيْئًا مِنْ
أَمْتِعَتِهَا الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْبُقْجَةِ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ
فِيهَا اهـ وَقَوْلُهُ خَرَجَ إلَى قَوْلِهِ، وَأَمَّا إلَخْ مَحَلُّ
تَأَمُّلٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَافَقَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ
وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ النَّوْمُ فِي نَامُوسِيَّةِ الْحَرِيرِ وَلَوْ
مَعَ الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ دُخُولُهُ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ الَّذِي
تَلْبَسُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَلَا
يَحْرُمُ اهـ وَلَعَلَّ مَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّقْيِيدِ
بِالْحَاجَةِ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: فَضْلًا) إلَى قَوْلِهِ أَيْ تَأَذِّيًا
فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ إلَى
الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَهَذَا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ
جَمْعٌ إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُمْ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا
تُحْتَمَلُ عَادَةً فَهُوَ وَجِيهٌ لَا مَعْدِلَ عَنْهُ لِمَسْأَلَةِ
الْقَمْلِ الْآتِيَةِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَصْفُ الْأَلَمِ بِالشَّدِيدِ
كَالصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ فَجْأَةِ حَرْبٍ إلَخْ)
الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَجْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا
احْتَاجَ إلَى الْقِتَالِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ
لَهُ لُبْسُهُ سم وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُفِيدُهُ
(قَوْلُهُ: يَقُومُ إلَخْ) تَنَازَعَ فِيهِ الْغَيْرَانِ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ قَوْلَ جَمْعٍ يَجُوزُ إلَخْ)
وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْقَبَاءُ إلَخْ) أَيْ مِنْ
الْحَرِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ:
الَّذِي مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَلِلْحَاجَةِ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ
لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ حَمْلِهِ لِنَحْوِ ضَعْفِهِ أَوْ ضَعْفِ
مَرْكُوبِهِ شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ
إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَرِيرِ وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ
عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم
أَيْ بِأَنْ فَقَدَ سَاتِرًا غَيْرَهُ أَيْ يَلِيقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ
قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَفْتَى أَبُو شُكَيْلٍ بِأَنَّهُ لَوْ
احْتَاجَ إلَيْهِ لِنَحْوِ التَّعْمِيمِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِنَحْوِ
جَمَاعَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَوْ خَرَجَ بِدُونِهِ
سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ بِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ
انْتَهَى اهـ زَادَ ع ش، فَإِنْ خَرَجَ مُتَّزِرًا مُقْتَصِرًا عَلَى
ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ وَتَرْكَ
الِالْتِفَاتِ إلَى مَا يُزْرِي بِالْمَنْصِبِ لَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ
مُرُوءَتُهُ بَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِلْأَفْضَلِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ
ذَلِكَ بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ انْخِلَاعًا وَتَهَاوُنًا بِالْمُرُوءَةِ
سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا سم
عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ لُبْسَ الْفَقِيهِ
الْقَادِرِ عَلَى التَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا عَادَةُ
أَمْثَالِهِ ثِيَابًا دُونَهَا فِي الصِّفَةِ وَالْهَيْئَةِ إنْ كَانَ
لِهَضْمِ النَّفْسِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَمْ
يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ أَخَلَّ بِهَا
وَمِنْهُ مَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كِيسِ الدَّرَاهِمِ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ فَجْأَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ)
قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَيَجُوزُ لِلْمُحَارِبِ لُبْسُ الدِّيبَاجِ
الثَّخِينِ الَّذِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ
وَلُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ إذَا فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ
يَجِدْ غَيْرَهُ اهـ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ إذَا
فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ شَرْطٌ فِي الْمَنْسُوجِ
بِالذَّهَبِ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الدِّيبَاجِ الثَّخِينِ قِيلَ نَعَمْ
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ
عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ إلَى آخِرِ مَا
أَطَالَ بِهِ اهـ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمُفَاجَأَةِ
فِي الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ أَيْضًا، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَجِدَ مَا
يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي
الْخُرُوجِ لِلْحَرْبِ وَلَمْ تُفَاجِئْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ
الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى،
وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا أَمْكَنَهُ طَلَبُ غَيْرِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ
الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَجْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا
احْتَاجَ لِلْخُرُوجِ إلَى الْقِتَالِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَجِدْ
غَيْرَهُ جَازَ لَهُ لُبْسُهُ، وَفِي الْعُبَابِ لَا إنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ
أَوْ حَاجَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ خِلَافًا
لِلشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا مَا هُوَ جُنَّةٌ فِيهِ كَدِيبَاجٍ صَفِيقٍ،
وَإِنْ لَمْ تُفَاجِئْهُ الْحَرْبُ اهـ وَبَيَّنَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ
أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْجَهُ
أَنَّ مِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ كَالدِّرْعِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ
عَنْ حَمْلِهِ لِنَحْوِ ضَعْفِهِ أَوْ ضَعْفِ مَرْكُوبِهِ، وَقَوْلُهُ
كَدِيبَاجٍ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَا يَقِي غَيْرُهُ وِقَايَتَهُ فِي
دَفْعِ السِّلَاحِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُفَاجِئْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ
إنْ أَرَادَ بِهِ حِلَّهُ مَعَ تَيَسُّرِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَانَ
مَاشِيًا فِيهِ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَإِنْ
أَرَادَ حِلَّهُ وَقْتَ الْحَرْبِ، وَإِنْ تَسَبَّبَ فِيهَا إذَا لَمْ
يَجِدْ غَيْرَهُ كَانَ مُعْتَمَدًا ثُمَّ قَالَ وَكَالدِّرْعِ
الْمَنْسُوجَةِ بِذَهَبٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ فِي الْحَرْبِ إلَّا إذَا
لَمْ يَجِدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ فِي
الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ) أَيْ بِأَنْ فَقَدَ سَاتِرًا غَيْرَهُ
أَيْ يَلِيقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّعْبِيرِ
هُنَا بِالْحَاجَةِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا
يُشْتَرَطُ هُنَا فَقْدُ غَيْرِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ
لُبْسِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْحُكْمِ بِتَحْرِيمِهِ (قَوْلُهُ
كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ
وَأَفْتَى أَبُو شُكَيْلٍ بِأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِنَحْوِ
التَّعْمِيمِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ
(3/22)
لَكِنَّهُ يُزِيلُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
كَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ، بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّ تَخْفِيفَهُ
لِأَلَمِهَا كَإِزَالَتِهَا لَمْ يَبْعُدْ وَكَوْنُ الْحِكَّةِ غَيْرَ
الْجَرَبِ الَّذِي أَفَادَهُ الْعَطْفُ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ فِي مَجْمُوعِهِ
وَغَيْرِهِ كَالصِّحَاحِ أَنَّهَا هُوَ يُحْمَلُ عَلَى اتِّحَادِ أَصْلِ
الْمَادَّةِ دُونَ صُورَتِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا. .
(وَدَفْعِ قَمْلٍ) لَا يُحْتَمَلُ أَذَاهُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ
حَتَّى يَصِيرَ كَالدَّاءِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الدَّوَاءِ خِلَافًا
لِبَعْضِهِمْ وَلَوْ فِي الْحَضَرِ فِي الْكُلِّ، خِلَافًا لِمَا أَطَالَ
بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَالزُّبَيْرِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» وَفِي
غَزَاةٍ بِسَبَبِ الْقَمْلِ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ
فِي السَّفَرِ لَا يُخَصَّصُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ
أَنَّهُ مَتَى وَجَدَ مُغْنِيًا عَنْهُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ لِبَاسٍ لَمْ
يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ كَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ
وَنَازَعَ فِيهِ شَارِحٌ بِأَنَّ جِنْسَ الْحَرِيرِ مِمَّا أُبِيحَ
لِغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ أَخَفَّ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ
الْمُبِيحَةَ لِلْحَرِيرِ لَا يَتَأَتَّى مِثْلُهَا فِي النَّجَاسَةِ
حَتَّى يُبَاحَ لِأَجْلِهَا فَعَدَمُ إبَاحَتِهَا لِغَيْرِ التَّدَاوِي
إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهَا لَا لِكَوْنِهَا أَغْلَظَ عَلَى
أَنَّ لُبْسَ نَجِسِ الْعَيْنِ يَجُوزُ لَمَّا جَازَ لَهُ الْحَرِيرُ
فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهَا (وَلِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ لَا يَقُومُ
غَيْرُهُ مَقَامَهُ) فِي دَفْعِ السِّلَاحِ كَحَاجَةِ دَفْعِ الْقَمْلِ
بَلْ أَوْلَى قِيلَ هَذِهِ مَفْهُومَةٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فُجْأَةِ حَرْبٍ
بِالْأَوْلَى أَوْ دَاخِلَةٌ فِيهَا اهـ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ تِلْكَ فِي خُصُوصِ الْفُجْأَةِ وَعُمُومِ
الْحَرِيرِ وَهَذِهِ فِي خُصُوصِ نَوْعٍ مِنْهُ وَعُمُومِ الْقِتَالِ
فَلَمْ يُغْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
مَعْرُوفٌ وَأَنَّهُ لَا يَزِيدُ مَقَامُهُ عِنْدَ النَّاسِ بِاللُّبْسِ
وَلَا يَنْقُصُ بِعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُخِلًّا
لِمُنَافَاتِهِ مَنْصِبَ الْفُقَهَاءِ فَكَأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ بِنَفْسِ
الْفِقْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُزِيلُهَا) لَعَلَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي
يُزِيلُهَا لِلضَّرُورَةِ سم أَيْ الْعِلَّةِ الشَّامِلَةِ لِكُلٍّ مِنْ
الْجَرَبِ وَالْحِكَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ قِيلَ إلَخْ) هُوَ الْوَجْهُ
وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ تَخْفِيفٌ لَهُ وَقْعٌ سم (قَوْلُهُ:
وَكَوْنُ الْحِكَّةِ غَيْرَ الْجَرَبِ إلَخْ) أَيْ وَالْحِكَّةُ بِكَسْرِ
الْحَاءِ الْجَرَبُ الْيَابِسُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي فَيَكُونُ الْجَرَبُ
أَعَمَّ كُرْدِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ
(قَوْلُهُ: دُونَ صُورَتِهَا إلَخْ) أَيْ صُورَةِ مَادَّةِ الْحِكَّةِ
وَالْجَرَبِ وَيَحْتَمِلُ صُورَةَ الْحِكَّةِ مَعَ صُورَةِ الْجَرَبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَدَفْعِ قَمْلٍ) أَيْ وَلِلْحَاجَةِ فِي دَفْعِ قَمْلٍ؛
لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ بِالْخَاصَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش
قَوْلُهُ م ر لَا يَقْمَلُ إلَخْ فِي الْمُخْتَارِ قَمِلَ رَأْسُهُ مِنْ
بَابِ طَرِبَ وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ مَا هُنَا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ
التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَقْمَلُ مَنْ
لَبِسَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَعَلَّ
الْمُرَادَ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِلضَّرُورَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ
وَلِلْحَاجَةِ إلَخْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ شَرْحِ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ
الْأَوَّلَ) أَيْ الْإِرْخَاصَ لِحِكَّةٍ (لَا تُخَصِّصُ) أَيْ
الْإِرْخَاصَ بِالسَّفَرِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ:
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ إلَخْ) فِي الْأَخْذِ نَظَرٌ
لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ مَعَ وُجُودِ الْمُغْنِي، وَإِنْ كَانَ
الْمَأْخُوذُ هُوَ الْمُتَّجِهَ سم (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ إلَخْ)
مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ فِيهِ شَارِحٌ بِأَنَّ جِنْسَ
الْحَرِيرِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لُبْسَ
نَجِسِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَتَوَقَّفُ
حِلُّهُ عَلَى ضَرُورَةٍ كَمَا يَأْتِي ع ش (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي
الْإِبَاحَةِ أَوْ فِي الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ
(وَلِلْقِتَالِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَيَجُوزُ لِلْمُحَارِبِ
لُبْسُ الدِّيبَاجِ الثَّخِينِ الَّذِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي
دَفْعِ السِّلَاحِ وَلُبْسِ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ إذَا فَاجَأَتْهُ
الْحَرْبُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اهـ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ
قَوْلُهُ إذَا فَاجَأَتْهُ الْحَرْبُ إلَخْ شَرْطٌ فِي الْمَنْسُوجِ
بِالذَّهَبِ فَقَطْ اهـ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِيهِ
أَيْضًا بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَجُوزُ
لُبْسُهُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي الْخُرُوجِ لِلْحَرْبِ وَلَمْ
تُفَاجِئْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ
الْعُبَابِ وَكَذَا مَا هُوَ جُنَّةٌ فِيهِ كَدِيبَاجٍ صَفِيقٍ، وَإِنْ
لَمْ تُفَاجِئْهُ الْحَرْبُ اهـ مِمَّا نَصُّهُ وَكَالدِّرْعِ الْمَنْسُوجِ
بِذَهَبٍ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ فِي الْحَرْبِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ
مَا يَقُومُ مَقَامَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
انْتَهَى اهـ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (كَدِيبَاجٍ إلَخْ) بِكَسْرِ الدَّالِ
وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ هُوَ
النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ أَصْلُهُ دِيبَاهٌ بِالْهَاءِ (قَوْلُهُ:
مَقَامَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الثُّلَاثِيِّ يُقَالُ قَامَ
هَذَا مَقَامَ ذَاكَ بِالْفَتْحِ وَأَقَمْته مُقَامَهُ بِالضَّمِّ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا
وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر مَأْخُوذٌ
مِنْ التَّدْبِيجِ لَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ مُعَرَّبًا إذْ الْمُعَرَّبُ
لَفْظٌ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي مَعْنًى وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ
لُغَتِهِمْ وَهَذَا الْأَخْذُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَرَبِيٌّ فَتَأَمَّلْ اهـ
وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَوْلَهُ م ر أَصْلُهُ دِيبَاهٌ إلَخْ
يُلْحِقُهُ بِالْعَرَبِيِّ وَيَدْفَعُ الْإِشْكَالَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ
هَذِهِ مَفْهُومَةٌ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ:
بِالْأَوْلَى) أَيْ، فَإِنَّهُ إذَا جَازَ لِمُجَرَّدِ الْمُحَارَبَةِ
فَلَأَنْ يَجُوزَ لِلْقِتَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مُغْنِي (قَوْلُهُ:
فَإِنَّ تِلْكَ إلَخْ) مُجَرَّدُ هَذَا لَا يَمْنَعُ فَهْمَ إحْدَاهُمَا
مِنْ الْأُخْرَى فَتَأَمَّلْهُ (وَقَوْلُهُ: وَهَذِهِ فِي خُصُوصِ نَوْعٍ
مِنْهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَافَ كَدِيبَاجٍ تُدْخِلُ بَقِيَّةَ
أَنْوَاعِ الْحَرِيرِ وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يُقَالَ تِلْكَ فِي
الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِمُجَرَّدِ السَّتْرِ أَوْ أَعَمُّ وَهَذِهِ فِي
الِاحْتِيَاجِ لِدَفْعِ السِّلَاحِ فَلَا تَكْرَارَ سم وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ
كَافَ كَدِيبَاجٍ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ
فِيهِ أَنَّ الْأَعَمَّ يُغْنِي عَنْ الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُغْنِ
أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَمَّا عَدَمُ إغْنَاءِ الْفَجْأَةِ عَنْ الْقِتَالِ
فَوَاضِحٌ؛ لِأَنَّهَا أَخَصُّ مِنْهُ، وَأَمَّا عَدَمُ إغْنَاءِ
الْحَرِيرِ عَنْ الدِّيبَاجِ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ الْأَخَصَّ
مُنْدَرِجٌ فِي الْأَعَمِّ فَلَوْ اقْتَصَرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى
الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت فِي النِّهَايَةِ قَالَ وَأَعَادَ
هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا مَرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَاحْتَاجَ لِلتَّعْمِيمِ بِهِ مَثَلًا عِنْدَ الْخُرُوجِ لِنَحْوِ
جَمَاعَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَلَوْ خَرَجَ بِدُونِهِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ
جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ بِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُزِيلُهَا) لَعَلَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي
يُزِيلُهَا لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ قِيلَ إلَخْ) هُوَ
الْوَجْهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ تَخْفِيفٌ لَهُ وَقْعٌ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ إلَخْ) فِي الْأَخْذِ
نَظَرٌ لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ
الْمَأْخُوذُ هُوَ الْمُتَّجَهَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ تِلْكَ فِي خُصُوصِ
إلَخْ) مُجَرَّدُ هَذَا لَا يَمْنَعُ فَهْمَ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى
فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ فِي خُصُوصِ نَوْعٍ مِنْهُ إلَخْ) فِيهِ
نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَافَ كَدِيبَاجٍ تُدْخِلُ بَقِيَّةَ أَنْوَاعِ
الْحَرِيرِ، وَمَا الْمَانِعُ أَنْ يُقَالَ تِلْكَ فِي الِاحْتِيَاجِ
إلَيْهِ لِمُجَرَّدِ السَّتْرِ أَوْ أَعَمُّ وَهَذِهِ فِي الِاحْتِيَاجِ
إلَيْهِ لِدَفْعِ السِّلَاحِ فَلَا
(3/23)
(وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ
إبْرَيْسَمَ) أَيْ حَرِيرٍ بِأَيِّ أَنْوَاعِهِ كَانَ وَأَصْلُهُ مَا حَلَّ
عَنْ الدُّودِ بَعْدَ مَوْتِهِ دَاخِلَهُ (وَغَيْرُهُ إنْ زَادَ وَزْنُ
الْإِبْرَيْسَمِ وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَكْثَرِ
وَلَوْ ظَنًّا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنَّمَا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ» أَيْ الْخَالِصِ
مِنْ الْحَرِيرِ، وَأَمَّا الْعَلَمُ أَيْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ
وَهُوَ الطِّرَازُ وَسُدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ (وَكَذَا إنْ
اسْتَوَيَا) وَزْنًا وَلَوْ ظَنًّا (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يُسَمَّى
ثَوْبَ حَرِيرٍ وَلَا عِبْرَةَ بِالظُّهُورِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِجَمْعٍ
مُتَقَدِّمِينَ، وَلَوْ شَكَّ فِي الِاسْتِوَاءِ فَالْأَصْلُ الْحِلُّ
عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِبَعْضِ نُسَخِ الْأَنْوَارِ وَصَرِيحِ
كَلَامِ الْإِمَامِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ النَّظَرِ لِلظَّنِّ فِي
الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَا فِيهِ وَعَدَمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فِي
مُعَامَلَةِ مَنْ أَكْثَرُ مَالُهُ حَرَامٌ بِأَنَّ هُنَاكَ قَرِينَةٌ
شَرْعِيَّةٌ دَالَّةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَهِيَ الْيَدُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ
الظَّنُّ مَعَهَا بَلْ وَلَا الْيَقِينُ إذَا لَمْ تُعْرَفْ عَيْنُ
الْحَرَامِ بِخِلَافِ مَا هُنَا
وَيَظْهَرُ مَنْعُ اجْتِهَادِهِ مَعَ تَيَسُّرِ سُؤَالِ خَبِيرَيْنِ وَلَوْ
عَدْلَيْ رِوَايَةٍ عَنْ الْأَكْثَرِ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ أَنَّ صُورَةَ
الْعَكْسِ لَا خِلَافَ فِيهَا أَيْ يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ
وَإِنْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ الْمَذْهَبُ تَحْرِيمُهُ لِمُخَالَفَتِهِ
لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْمُسْتَوِي الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ
لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ (وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ) أَوْ رُقِّعَ
بِحَرِيرٍ خَالِصٍ وَهُوَ أَعْنِي الطِّرَازَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
مَخْصُوصٌ بِحَالَةِ الْفَجْأَةِ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِمْرَارِ اهـ وَهُوَ
حَسَنٌ لَوْلَا تَعْبِيرُهُ بِالْإِعَادَةِ بَصْرِيٌّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْ إبْرَيْسَمَ) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ
وَبِفَتْحِهِمَا وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْحَرِيرُ
وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مُغْنِي أَيْ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: أَيْ حَرِيرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ حَرِيرٍ بِأَيِّ إلَخْ) تَفْسِيرٌ
بِالْأَعَمِّ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَعَمُّ لَا
خُصُوصُ الْإِبْرَيْسَمِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عَنْ الدُّودِ) أَيْ عَنْ
بَيْتِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ فَضَمِيرُ دَاخِلِهِ لِهَذَا
الْمَحْذُوفِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ
نَقَصَ فِيهِ الْإِبْرَيْسَمُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْخَزِّ سُدَاهُ حَرِيرٌ
وَلُحْمَتُهُ صُوفٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إنَّمَا نَهَى رَسُولُ
اللَّهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ صَرِيحُ قَوْلِهِ إنَّمَا إلَخْ وَإِطْلَاقُ
قَوْلِهِ وَسُدَى الثَّوْبِ يَقْتَضِيَانِ حِلَّ الْمُرَكَّبِ وَلَوْ كَانَ
حَرِيرُهُ أَكْثَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُصْمَتِ)
هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْمِيمِ
وَبِالْمُثَنَّاةِ مِنْ قَوْلِهِ أَصْمَتَهُ اهـ قَامُوسٌ بِالْمَعْنَى ع
ش.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَلَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
فَأَمَّا إلَخْ بِالْفَاءِ وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ:
وَلَا عِبْرَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا
وَزْنًا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِظُهُورِ الْحَرِيرِ فِي الْمُرَكَّبِ مَعَ
قِلَّةِ وَزْنِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ
وَلَوْ تَغَطَّى بِلِحَافٍ حَرِيرٍ وَغَشَّاهُ بِغَيْرِهِ اتَّجَهَ أَنْ
يُقَالَ: إنْ خَاطَ الْغِشَاءَ عَلَيْهِ جَازَ لِكَوْنِهِ كَحَشْوِ
الْجُبَّةِ وَإِلَّا فَلَا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر إنْ خَاطَ إلَخْ
أَيْ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِكَوْنِهِ
كَحَشْوِ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ) أَيْ فَيَجُوزُ لُبْسُ الْأَطَالِسَةِ
الْمَشْهُورَةِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا أَنَّ الْحَرِيرَ فِيهَا أَكْثَرُ
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي
خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ إنْ ظَهَرَ الْحَرِيرُ فِي
الْمُرَكَّبِ حَرُمَ وَإِنْ قَلَّ وَزْنُهُ، وَإِنْ اسْتَتَرَ لَمْ
يَحْرُمْ وَإِنْ كَثُرَ وَزْنُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِوَاءِ) أَيْ وَزِيَادَةِ الْحَرِيرِ سم (قَوْلُهُ
عَلَى الْأَوْجَهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ
قَالَا وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ أَوْ
اسْتِوَائِهِمَا حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ اهـ زَادَ
الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُضَبَّبِ
إذَا شَكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ
الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ وَالْأَصْلُ
تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر
وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ إلَخْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ
فِي الْمَحْرَمَةِ الْمُطَرَّزَةِ بِالْإِبْرَةِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ،
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ حِلُّ مَا
يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَإِنْ ظَنَّ
حُرْمَةَ ذَلِكَ الْمَأْخُوذِ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ
لِلْفَرْقِ وَقَدْ يُمْنَعُ الْحِلُّ حِينَئِذٍ سم وَهُوَ الظَّاهِرُ
(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ مَنْعُ اجْتِهَادِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم
2 -
(قَوْلُهُ: مَعَ تَيَسُّرِ سُؤَالِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ
الِاجْتِهَادِ مَعَ التَّعَسُّرِ وَعَلَيْهِ فَمَا ضَابِطُ التَّيَسُّرِ
وَالتَّعَسُّرِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّرَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ
الْأَكْثَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِسُؤَالِ خَبِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ
إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ تَحْرِيمُهُ) (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسْتَوِي إلَخْ) رَاجِعٌ
لِقَوْلِهِ فَلَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ أَوْ رُقِّعَ
بِحَرِيرٍ إلَخْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْمُطَرَّزِ وَالْمَنْسُوجِ
بِالْقَصَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُطَرَّزِ بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا كَانَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ
قَلِيلًا جِدًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ فِي الْمُطَرَّزِ
بِهِمَا، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِحُكْمِهِ بِخُصُوصِهِ
فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ حُرْمَةُ الْمُطَرَّزِ أَوْ الْمُخَطَّطِ بِالْقَصَبِ
بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفِضَّةِ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَتَحَصَّلُ
بِالنَّارِ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ
الذَّهَبِ فَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي
اسْتِعْمَالِ الْمَلْبُوسِ الْمُمَوَّهِ هَلْ يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ
الْأَوَانِي أَوْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَلْصَقُ
بِالْبَدَنِ مِنْ الْأَوَانِي جَرَى فِي الزَّكَاةِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ
عَلَى الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي التُّحْفَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَجَرَى جَمْعٌ
مِنْهُمْ ابْنُ عَتِيقٍ وَابْنُ زِيَادٍ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّهُ
أَفْتَى فِي ثَوْبٍ خُطِّطَ بِذَهَبٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ
بِحُرْمَتِهِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ فِي الْمُطَرَّزِ وَالْمَنْسُوجِ
وَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمَنْسُوجِ (قَوْلُهُ: أَوْ
رُقِّعَ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
إلَّا قَوْلَهُ أَيْ مُعْتَدِلَةً.
(قَوْلُهُ: أَوْ رُقِّعَ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ لِزِينَةٍ أَمَّا لَوْ
كَانَ لِحَاجَةٍ فَلَوْ أُلْحِقَ بِالتَّطْرِيفِ لَمْ يَبْعُدْ سم
وَيَأْتِي عَنْ ع ش خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: أَعْنِي الطِّرَازَ إلَخْ)
عِبَارَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
تَكْرَارَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي الِاسْتِوَاءِ) أَيْ وَزِيَادَةِ الْحَرِيرِ
(قَوْلُهُ فَالْأَصْلُ الْحِلُّ عَلَى الْأَوْجَهِ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا
يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُضَبَّبٍ شَكَّ فِي كِبَرِ ضَبَّتِهِ
بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ
الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ وَتَحْرِيمُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ
الْمَرْأَةِ ش م ر (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا
الْفَرْقِ حِلُّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ،
وَإِنْ ظَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ الْمَأْخُوذِ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا لَمْ
يَحْتَجْ لِلْفَرْقِ وَقَدْ يُمْنَعُ الْحِلُّ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ مَنْعُ اجْتِهَادِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ
لِمُخَالَفَتِهِ قَوْلَ الْجُوَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ رُقِّعَ) هَذَا
إذَا كَانَ لِزِينَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ فَلَوْ أُلْحِقَ
بِالتَّطْرِيفِ لَمْ يَبْعُدْ.
(قَوْلُهُ:
(3/24)
مَا يُرَكَّبُ عَلَى الْكُمَّيْنِ مَثَلًا
لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ
وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ
أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةً أَيْ مُعْتَدِلَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ
«أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْحَرِيرِ
إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ» قَالَ
الْحَلِيمِيُّ وَالْجُوَيْنِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُ
الطِّرَازَيْنِ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَخَالَفَهُمَا صَاحِبُ الْكَافِي
فَقَالَ لَوْ كَانَ فِي طَرَفَيْ الْعِمَامَةِ عَلَمٌ كُلُّ وَاحِدٍ
أَرْبَعُ أَصَابِعَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ
لِانْفِصَالِهِمَا وَحُكْمُ الْكُمَّيْنِ حُكْمُ طَرَفَيْ الْعِمَامَةِ
اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ كَالْخَبَرِ مُحْتَمِلَةٌ
لِكُلٍّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ لَكِنَّهَا إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ
فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ الْمَجْمُوعُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَصَابِعَ
وَإِنْ زَادَ عَلَى طِرَازَيْنِ وَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْكَافِي
لِانْفِصَالِهِمَا أَنَّ عَلَمَيْ الْعِمَامَةِ طِرَازَانِ مُنْفَصِلَانِ
عَنْهَا يُجْعَلَانِ عَلَيْهَا وَأَنَّهُمَا حَلَالَانِ كَطِرَازَيْ
الْكُمَّيْنِ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَأَمَّا اغْتِفَارُ التَّعَدُّدِ فِي
التَّطْرِيزِ وَالتَّرْقِيعِ مُطْلَقًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ كُلٌّ
عَلَى أَرْبَعٍ وَلَا الْمَجْمُوعُ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ
حَرِيرٌ خَالِصٌ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ اهـ قَالَ ع ش وَمِنْهُ مَا
اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ جَعْلِ قِطَعِ الْحَرِيرِ عَلَى نَحْوِ الثَّوْبِ
اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا يُرَكَّبُ إلَخْ) أَيْ مَا نُسِجَ خَارِجًا عَنْ
الْمَلْبُوسِ ثُمَّ وُضِعَ عَلَيْهِ وَخِيطَ بِالْإِبْرَةِ كَالشَّرِيطِ
بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي شَرْحِ
وَيَحِلُّ عَكْسُهُ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ
إلَخْ) أَيْ عَرْضًا، وَإِنْ زَادَ طُولُهُ انْتَهَى زِيَادِيٌّ وَفِي سم
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ قَدْرُ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ
طُولًا وَعَرْضًا فَقَطْ بِأَنْ لَا يَزِيدَ طُولُ الطِّرَازِ عَلَى طُولِ
الْأَرْبَعِ وَعَرْضُهُ عَلَى عَرْضِهَا اهـ لَكِنَّ الْحَاصِلَ مِنْ
كَلَامِهِمْ أَنَّهُ تَحْرُمُ زِيَادَتُهُ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْأَرْبَعِ
أَصَابِعَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ فِي الطُّولِ ع ش وَاعْتَمَدَهُ
الْقَلْيُوبِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَكَذَا شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ، وَأَمَّا
الْمُطَرَّزُ وَالْمُرَقَّعُ فَكَالْمَنْسُوجِ لَكِنَّهُ يَتَقَيَّدُ كُلٌّ
مِنْهُمَا بِكَوْنِهِ أَرْبَعَ أَصَابِعَ عَرْضًا وَإِنْ زَادَ طُولًا
وَاعْتَمَدَ الْبِشْبِيشِيُّ فِي حِلِّ الْمُرَقَّعِ أَنْ لَا يَزِيدَ
طُولًا أَيْضًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَيَتَقَيَّدُ كُلٌّ مِنْهُمَا
أَيْضًا بِكَوْنِهِ لَا يَزِيدُ فِي الْوَزْنِ نَعَمْ لَا يَحْرُمَانِ فِي
حَالَةِ الشَّكِّ فِي كَثْرَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا الْحِلُّ
اهـ.
(قَوْلُهُ: «إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعَيْنِ» إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي «إلَّا مَوْضِعَ إصْبَعٍ أَوْ إصْبَعَيْنِ» .
(قَوْلُهُ: قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ
كَثُرَتْ مَحَالُّهُمَا أَيْ الطِّرَازِ وَالرَّقْعِ بِحَيْثُ يَزِيدُ
الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ
الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى
طِرَازَيْنِ عَلَى كُمٍّ وَكُلُّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى إصْبَعَيْنِ
لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْسُوجِ بِأَنَّ الْحَرِيرَ هُنَا
مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ حُرِّمَتْ
الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُ
الْحَرِيرِ اهـ قَالَ ع ش قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ
الشَّارِحِ م ر حِلُّ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ؛ لِأَنَّهَا
كَالرُّقَعِ الْمُتَلَاصِقَةِ أَقُولُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ
إنَّمَا تُفَصَّلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا
لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا زِينَةً
فِيمَا بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَيْسَ كَالرُّقَعِ الَّتِي
الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُتَّخَذَ لِإِصْلَاحِ الثَّوْبِ وَهَذَا هُوَ
الْوَجْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُمَا صَاحِبُ الْكَافِي إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ
مُرَادَ صَاحِبِ الْكَافِي بِانْفِصَالِهِمَا عَدَمُ اتِّصَالِ أَحَدِهِمَا
بِالْآخَرِ رَدًّا لِلْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ نَظَرًا
إلَى أَنَّ الْمَجْمُوعَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فَلْيُتَأَمَّلْ
بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ
فِي الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: لِانْفِصَالِهِمَا) أَيْ الْعَلَمَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْكُمَّيْنِ حُكْمُ طَرَفَيْ الْعِمَامَةِ إلَخْ)
وَفِي الْإِيعَابِ عَنْ الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ
طَرَفٍ مِنْ طَرَفَيْ الْعِمَامَةِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مِنْ
الْحَرِيرِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْحَضَايَةِ
الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي تُرَكَّبُ فِي طَرَفِ الْعِمَامَةِ مِنْ
الْحَرِيرِ، فَإِنْ كَانَ عَرْضُهَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ حَلَّتْ وَإِلَّا
فَلَا كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ) أَيْ
مَقَالَةِ الْحَلِيمِيِّ وَالْجُوَيْنِيِّ وَمَقَالَةِ صَاحِبِ الْكَافِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا) أَيْ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَالْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ
فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ الْمَجْمُوعُ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي خِلَافُهُ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ
مَا حَاصِلُهُ اعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ فِي شُرُوحِ بَافَضْلٍ
وَالْإِرْشَادِ مَقَالَةِ الْحَلِيمِيِّ وَفِي التُّحْفَةِ أَنْ لَا
يَزِيدُ الْمَجْمُوعُ إلَخْ وَفِي الْإِيعَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
الزِّيَادَةُ عَلَى طِرَازَيْنِ أَوْ رُقْعَتَيْنِ وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ
أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَاعْتَمَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
وَالْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ
مَحَالُّهُمَا وَكَثُرَتْ بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ
حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) فِي دَعْوَى الِاقْتِضَاءِ نَظَرٌ بَلْ
الظَّاهِرُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْبَصْرِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا اغْتِفَارُ التَّعَدُّدِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ:
مُطْلَقًا) أَيْ زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ أَمْ لَا وَزَادَ الْمَجْمُوعُ
مِنْهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَصَابِعَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ
لَا يَزِيدَ كُلٌّ عَلَى أَرْبَعٍ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَخَبَرِ
مُسْلِمٍ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُرَادَ قَدْرُ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ
طُولًا وَعَرْضًا فَقَطْ بِأَنْ لَا يَزِيدَ طُولُ الطِّرَازِ عَلَى طُولِ
الْأَرْبَعِ وَلَا عَرْضُهُ عَلَى عَرْضِهَا وَيُؤَيِّدُ إرَادَةَ ذَلِكَ
مَا فِي الْخَادِمِ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ
أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهَا اهـ فَلَوْلَا أَنَّ
الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ طُولِهَا عَلَى
غَيْرِهَا مَعْنًى وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ الطُّولُ بِقَدْرٍ
فَلْيُتَأَمَّلْ أَيْ فِي التَّطْرِيزِ لَا فِي التَّرْقِيعِ م ر
(قَوْلُهُ: أَيْ مُعْتَدِلَةٍ) فَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِهَا امْتَنَعَ،
وَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى وَزْنِ الثَّوْبِ فَلَيْسَ كَالنَّسِيجِ؛
لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ م ر (قَوْلُهُ: لِانْفِصَالِهِمَا) لَعَلَّ
الضَّمِيرَ لِلطَّرَفَيْنِ أَوْ مَا فِيهِمَا ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ كُلٌّ عَلَى أَرْبَعٍ) أَيْ فَلَا
بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ طِرَازَيْنِ.
(فَرْعٌ) تَقَطَّعَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ فَرُفِيَتْ
(3/25)
فَبَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِكُلٍّ مِنْ كَلَامِ
هَؤُلَاءِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَكَذَا قَوْلُ الْجِيلِيِّ
وَغَيْرِهِ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَإِنْ تَعَدَّدَا مَا لَمْ يَزِدْ
وَزْنُ الْحَرِيرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ عِمَامَةٍ فِي طَرَفَيْهَا حَرِيرٌ
قَدْرُ شِبْرٍ إلَّا أَنَّ بَيْنَ كُلِّ قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مِنْهَا
فَرْقُ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ. قَالَ الْغَزِّيِّ وَهَذَا
بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِيهِ اهـ فَالْمُرَادُ أَنَّ
ذَلِكَ فِي حُكْمِ التَّطْرِيفِ وَإِنَّمَا تَقَيَّدَ بِالْأَرْبَعِ عَلَى
الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ كَانَتْ كَذَلِكَ فَإِذَا
تَغَيَّرَتْ اُتُّبِعَتْ لِمَا يَأْتِي، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا
هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ السَّدَى حَرِيرٌ وَأَنَّهُ أَقَلُّ وَزْنًا مِنْ
اللَّحْمَةِ وَأَنَّهُ لَحَمَهَا بِحَرِيرٍ فِي طَرَفَيْهَا وَلَمْ يَزِدْ
بِهِ وَزْنُ السَّدَى، فَإِذَا كَانَ الْمَلْحُومُ بِحَرِيرٍ أَشْبَهَ
التَّطْرِيفَ أَمَّا التَّطْرِيزُ بِالْإِبْرَةِ فَكَالنَّسْجِ
فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ وَزْنًا مِنْهُ وَمِمَّا طُرِّزَ فِيهِ كَمَا
بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ قَالَ نَعَمْ قَدْ يَحْرُمُ فِي
بَعْضِ النَّوَاحِي لِكَوْنِهِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ عِنْدَ مَنْ قَالَ
بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ أَيْ تَشَبُّهِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ
وَعَكْسُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَمَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي
لِبَاسِ وَزِيِّ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ حَتَّى يَحْرُمَ التَّشَبُّهُ
بِهِ فِيهِ بِعُرْفِ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَسَنٌ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ
الظَّاهِرُ أَنَّ التَّطْرِيزَ بِالْإِبْرَةِ كَالطِّرَازِ بَعِيدٌ وَإِنْ
تَبِعَهُ غَيْرُهُ (أَوْ طُرِّفَ) أَيْ سُجِّفَ ظَاهِرُهُ أَوْ بَاطِنُهُ
(بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ طِرَازَيْنِ أَيْ وَرُقْعَتَيْنِ.
(فَرْعٌ) تَقَطَّعَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ فَرُفِيَتْ يَنْبَغِي
اعْتِبَارُ الْوَزْنِ سم.
(قَوْلُهُ: فَبَعِيدٌ إلَخْ) خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ
وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ) أَيْ
الْحَلِيمِيِّ وَالْجُوَيْنِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا)
أَيْ بَعِيدٌ (قَوْلُ الْجِيلِيِّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْفَرْقُ
بَيْنَ مَقَالَةِ الْجِيلِيِّ وَمَا قَبْلَهَا حَتَّى أُفْرِدَتْ عَنْهَا
بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا عَيْنُهَا، لَا يُقَالُ الْفَرْقُ عَدَمُ
اشْتِرَاطِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ كُلٌّ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ؛ لِأَنَّا
نَقُولُ هَذَا مُرَادٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ
إذْ لَا تَسَعُهُ الْمُخَالَفَةُ فِي ذَلِكَ مَعَ تَصْرِيحِ الْحَدِيثِ
السَّابِقِ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الطِّرَازِ وَالرُّقْعَةِ.
(قَوْلُهُ: طَرَفَيْهَا إلَخْ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) إلَى قَوْلِهِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي
الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ بَيَّنَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ
قَلَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَرْقُ قَلَمٍ) أَيْ مِقْدَارُهُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْغَزِّيِّ وَهَذَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ
الشَّيْخُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُتُبِّعَتْ الْعَادَةُ فِي
الْعَمَائِمِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ انْتَهَى وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ
مِنْهُمَا إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ وَقَدْ
مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِالْوَزْنِ فَحَيْثُ زَادَ وَزْنُ
الْحَرِيرِ الَّذِي فِي الْعِمَامَةِ حُرِّمَتْ وَإِلَّا فَلَا اهـ قَالَ ع
ش قَوْلُهُ م ر وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ مِمَّا قَالَهُ
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَالتَّنْظِيرُ هُوَ
الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ تُحْمَلُ عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى
عَلَمٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعِمَامَةِ وَقَدْ خِيطَ بِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا
يَتَأَتَّى النَّظَرُ الْمَذْكُورُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَقَيَّدَ
إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ عَلَى خِلَافِهِ
اُعْتُبِرَتْ إذْ الْعَادَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ
وَالْأَزْمَانِ وَالْأَمَاكِنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ ابْنِ عَبْدِ
السَّلَامِ (وَقَوْلُهُ: لَحَمَهَا) أَيْ الْعِمَامَةَ كُرْدِيٌّ وَأَقَرَّ
ع ش التَّصْوِيرَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: فَإِذًا إلَخْ) بِالتَّنْوِينِ
(قَوْلُهُ أَمَّا التَّطْرِيزُ) إلَى قَوْلِهِ وَالْإِسْنَوِيُّ فِي
الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَمَا أَفَادَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ:
فَكَالنَّسْجِ إلَخْ) أَيْ لَا كَالطِّرَازِ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ
أَنَّهُ مِثْلُهُ وَيَحِلُّ حَشْوُ جُبَّةٍ وَنَحْوِهَا بِالْحَرِيرِ
كَالْمِخَدَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَ لَيْسَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا وَلَا
يُعَدُّ صَاحِبُهُ لَابِسَ حَرِيرٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ قَدْ يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ،
وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ ع ش (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مِنْ لِبَاسِ
النِّسَاءِ إلَخْ) أَيْ لَا لِكَوْنِ الْحَرِيرِ فِيهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ
بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ إلَخْ) وَقَدْ ضَبَطَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا
يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِيهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مَخْصُوصًا
بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ وَهَيْئَتِهِ أَوْ غَالِبًا فِي زِيِّهِنَّ وَكَذَا
يُقَالُ فِي عَكْسِهِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَمِنْ الْعَكْسِ مَا يَقَعُ
لِنِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ لُبْسِ الْبُشُوتِ وَحَمْلِ السِّكِّينِ عَلَى
الْهَيْئَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالرِّجَالِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ،
وَعَلَى هَذَا فَلَوْ اخْتَصَّتْ النِّسَاءُ أَوْ غَلَبَ فِيهِنَّ زِيٌّ
مَخْصُوصٌ فِي إقْلِيمٍ وَغَلَبَ فِي غَيْرِهِ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ
بِذَلِكَ الزِّيِّ كَمَا قِيلَ إنَّ نِسَاءَ قُرَى الشَّامِ يَتَزَيَّنَّ
بِزِيِّ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْحَصَادَ وَالزِّرَاعَةَ
وَيَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَهَلْ يَثْبُتُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ مَا جَرَتْ بِهِ
عَادَةُ أَهْلِهِ أَوْ يُنْظَرُ لِأَكْثَرِ الْبِلَادِ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ابْنِ حَجّ نَقْلًا عَنْ
الْإِسْنَوِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مَا جَرَتْ بِهِ
عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ بِمِصْرَ الْآنَ مِنْ لُبْسِ قِطْعَةِ
شَاشٍ عَلَى رُءُوسِهِنَّ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ
مُخْتَصًّا بِالرِّجَالِ وَلَا غَالِبًا فِيهِمْ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ،
فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ إلْبَاسِهِنَّ لَيْلَةَ
جَلَائِهِنَّ عِمَامَةَ رَجُلٍ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ
هَذَا الزِّيَّ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ اهـ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) مُعْتَمَدٌ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ
طُرِفَ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ طَرَفَهُ مُسَجَّفًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ:
أَيْ سُجِفَ) إلَى قَوْلِهِ فَحُكْمُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
قَالَ ع ش وَمِثْلُ السِّجَافِ الزُّهْرِيَّاتُ الْمَعْرُوفَةُ؛ لِأَنَّهَا
مِمَّا تُسْتَمْسَكُ بِهِ الْخِيَاطَةُ فَهِيَ كَالتَّطْرِيفِ اهـ
(قَوْلُهُ: أَيْ سُجِفَ ظَاهِرُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْفَرْقُ
بَيْنَ السِّجَافِ الظَّاهِرِ وَبَيْنَ الطِّرَازِ وَلَعَلَّهُ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ أَنَّ السِّجَافَ الظَّاهِرَ مَا كَانَ عَلَى أَطْرَافِ
الْكُمَّيْنِ وَالطَّوْقِ وَالْجَيْبِ وَالذَّيْلِ عَلَى سَمْتِ السِّجَافِ
الْبَاطِنِ، وَالطِّرَازُ مَا يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفِ مَثَلًا
فَلْيُحَرَّرْ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِحَرِيرٍ) اُحْتُرِزَ بِهِ
عَنْ التَّطْرِيزِ وَالتَّطْرِيفِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ،
وَإِنْ قَلَّ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ فِيهِ وَلَوْ جَعَلَ بَيْنَ
الْبِطَانَةِ وَالظِّهَارَةِ ثَوْبًا حَرِيرًا جَازَ لُبْسُهُ وَتَحِلُّ
خِيَاطَةُ الثَّوْبِ بِهِ وَيَحِلُّ لُبْسُهُ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ
تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ أَهْوَنُ مِنْ الْأَوَانِي
وَيَجُوزُ مِنْهُ كِيسُ الْمُصْحَفِ لِلرَّجُلِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ
الْمَتْنِ (قَدْرَ الْعَادَةِ) وَلَوْ اتَّخَذَ سِجَافًا بِقَدْرِ عَادَةِ
أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ كَعَادَةِ
أَمْثَالِهِ جَازَ إبْقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَيُغْتَفَرُ فِي
الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ
وَهُوَ مَا لَوْ اتَّخَذَ سِجَافًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ عَادَةِ
أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ لِمَنْ هُوَ بِقَدْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: بَعِيدٌ) هُوَ الْمُتَبَادِرُ
مِنْ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّطْرِيزِ
(3/26)
الْغَالِبَةِ لِأَمْثَالِهِ فِي كُلِّ
نَاحِيَةٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْفَرْجَيْنِ
وَالْكُمَّيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الطِّرَازِ
بِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ يَحْتَاجُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ
أَصَابِعَ بِخِلَافِ التَّطْرِيزِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَتَقَيَّدَ
بِالْوَارِدِ، وَيَجُوزُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِأَيِّ لَوْنٍ
كَانَ إلَّا الْمُزَعْفَرَ فَحُكْمُهُ: - وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلَوْنِهِ
رِيحٌ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِلَوْنِهِ لَا لِرِيحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا
حُرْمَةَ فِيهِ أَصْلًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَشَبُّهٌ؛ لِأَنَّ
النِّسَاءَ لَمْ يَتَمَيَّزْنَ بِنَوْعٍ مِنْهُ بِخِلَافِ اللَّوْنِ -
حُكْمُ الْحَرِيرِ فِيمَا مَرَّ حَتَّى لَوْ صَبَغَ بِهِ أَكْثَرَ
الثَّوْبِ حَرُمَ، وَكَذَا الْمُعَصْفَرُ عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ
الْأَحَادِيثُ وَاخْتَارَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُبَالُوا
بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى حِلِّهِ تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ بِوَصِيَّتِهِ
وَلَا بِكَوْنِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا عَلَى حِلِّهِ
لِأَحَادِيثَ تَقْتَضِيهِ بَلْ تُصَرِّحُ بِهِ كَخَبَرِ «كَانَ يَصْبُغُ
ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ»
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَيْهَقِيّ وَلِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ
بِحُرْمَتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ النَّسْجِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى
مَا قَبْلَهُ وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى حِلِّهِ
وَالدَّالَّةُ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَيُرَدُّ بِمُخَالَفَتِهِ
لِإِطْلَاقِهِمْ الصَّرِيحِ فِي الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَلَهُ وَجْهٌ
وَجِيهٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ
الْمَخْصُوصِ بِهِنَّ فَحَرُمَ لِلتَّشَبُّهِ بِهِنَّ كَمَا أَنَّ
الْمُزَعْفَرَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُعَصْفَرِ
دُونَ الْمُزَعْفَرِ؛ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ وَالتَّشَبُّهَ فِيهِ أَكْثَرُ
مِنْهُمَا فِي الْمُعَصْفَرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ لَمْ
يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ مَا قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ كَمَا فَرَّقَ فِي
الْمُعَصْفَرِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْوَرْسِ فَأَلْحَقَهُ جَمْعٌ
مُتَقَدِّمُونَ بِالزَّعْفَرَانِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ
الْأَكْثَرِينَ حِلُّهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ) كَذَا
بِأَصْلِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تَأْنِيثَ إذَا جَعَلَ
تَقَيَّدَ مَاضِيًا، وَمَعَ ذَلِكَ سَقَطَ بَعْدُ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ
وَلَعَلَّ السَّاقِطَ الصَّنْعَةُ وَقَلَمُهُ سَبَقَ مِنْ الْمُضَارِعِ
إلَى الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ
مِنْ هَامِشٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
عَادَةِ أَمْثَالِهِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إبْقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ
بِغَيْرِ حَقٍّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارَ
الْكَافِرِ وَكَانَتْ عَالِيَةً عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ شَيْخُنَا وَعِ
ش
(قَوْلُهُ الْغَالِبَةِ لِأَمْثَالِهِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ جَاوَزَ
أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ لَا نِهَايَةٌ عِبَارَةُ شَيْخِنَا فَالْعِبْرَةُ
بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ، فَإِنْ خَالَفَ عَادَةَ
أَمْثَالِهِ وَجَبَ قَطْعُ الزَّائِدِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ
وَزْنُهُ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ بَلْ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ
إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: «مَكْفُوفَةَ
الْفَرْجَيْنِ» إلَخْ) الْمَكْفُوفُ مَا جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ
الْكَافِ أَيْ سِجَافٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الطِّرَازِ)
أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ
إلَخْ) أَيْ التَّطْرِيفُ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْتَاجُ لِأَكْثَرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ
التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ
مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ شَرْحُ م ر
أَقُولُ قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّرْقِيعَ لِحَاجَةٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ
مِنْ التَّطْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَتَمُّ وَنَفْعُهُ أَقْوَى
سم وَهَذَا وَجِيهٌ، وَإِنْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر يَقْتَضِي الْمَنْعَ
مُعْتَمَدٌ اهـ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ) قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ
الْحَاجَةُ كَالرَّفْوِ فَلَعَلَّهُ كَالتَّطْرِيفِ سم وَقَدْ يُقَالُ بَلْ
هُوَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَتَقَيَّدَ إلَخْ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي
الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ
عِبَارَةِ الْمُغْنِي فَيَتَقَيَّدُ وَالنِّهَايَةُ فَيُقَيَّدُ (قَوْلُهُ:
حُكْمُ الْحَرِيرِ فِيمَا مَرَّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ صَبَغَ
بَعْضَ ثَوْبِهِ بِزَعْفَرَانٍ هَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا
زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ
وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي
ذَلِكَ الْعُرْفُ، فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا
حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ اهـ سم وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَكَذَا
شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ نَعَمْ يَحْرُمُ الْمُزَعْفَرُ وَهُوَ الْمَصْبُوغُ
بِالزَّعْفَرَانِ كُلُّهُ وَكَذَا بَعْضُهُ لَكِنْ بِقَيْدِ صِحَّةِ
إطْلَاقِ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا بِخِلَافِ مَا فِيهِ نُقَطٌ مِنْ
الزَّعْفَرَانِ اهـ وَقَوْلُ النِّهَايَةِ كَالتَّطْرِيفِ حَقُّهُ
كَالتَّطْرِيزِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُعَصْفَرُ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي وَوَافَقَهُمَا شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ
مَالَ الشَّارِحِ هُنَا كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ إلَى حُرْمَتِهِ وَجَرَى
عَلَى حِلِّهِ الْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَجَرَى
الشَّارِحِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَأَقَرَّ فِي الْأَسْنَى الزَّرْكَشِيَّ اهـ عِبَارَةَ النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ
الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ خِلَافًا
لِلْبَيْهَقِيِّ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ
الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ
وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ
خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ قَالَ ع ش
وَالْمُعَصْفَرُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا لَوْ كَثُرَ الْمُعَصْفَرُ
بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَصْفَرًا فِي الْعُرْفِ وَالْأَقْرَبُ كَرَاهَةُ
الْمُزَعْفَرِ حَيْثُ قَلَّ اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَيُكْرَهُ
الْمُعَصْفَرُ كُلُّهُ وَكَذَا بَعْضُهُ لَكِنْ بِقَيْدِ صِحَّةِ إطْلَاقِ
الْمُعَصْفَرِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ نُقَطٌ مِنْ الْعُصْفُرِ فَلَا
يُكْرَهُ، وَأَمَّا سَائِرُ الْمَصْبُوغَاتِ فَلَا تَحْرُمُ وَلَا تُكْرَهُ
سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَالْأَسْوَدُ
وَالْمُخَطَّطُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ» إلَخْ)
اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُعَصْفَرِ سم عِبَارَةُ
الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ» كَذَا
فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَحَلُّ
تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ كَلَامُنَا فِي الْمُعَصْفَرِ لَا يُقَالُ يُعْلَمُ
حُكْمُهُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا
أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ بَلْ تُصَرِّحُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) أَيْ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ
التَّفْصِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ وَجْهٌ إلَخْ) أَيْ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ:
وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ بَيْنَ الْمُزَعْفَرِ
وَالْمُعَصْفَرِ (قَوْلُهُ: حِلُّهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ
كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ
وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ شَرْحُ م ر أَقُولُ قَدْ
يُقَالُ إنَّ التَّرْقِيعَ لِحَاجَةٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ
التَّطْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَتَمُّ وَنَفْعَهُ أَقْوَى
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ) قَدْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ
الْحَاجَةُ كَالرُّفُوِّ فَلَعَلَّهُ كَالتَّطْرِيفِ (قَوْلُهُ: إلَّا
الْمُزَعْفَرَ إلَخْ) وَلَوْ صَبَغَ بَعْضَ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ
هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ
أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ
الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ صَحَّ
إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، شَرْحُ م
ر (قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ» إلَخْ)
اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُعَصْفَرِ
(3/27)
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضٍ
وَالْمَازِرِيِّ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالْوَرْسِ حَتَّى عِمَامَتَهُ» وَاعْتَمَدَهُ
جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يُنْهَى الرَّجُلُ
حَلَالًا أَنْ يَتَزَعْفَرَ، فَإِنْ فَعَلَ أَمَرْنَاهُ بِغَسْلِهِ:
حُرْمَةَ اسْتِعْمَالِ الزَّعْفَرَانِ فِي الْبَدَنِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ
مُتَأَخِّرُونَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ
الرَّجُلُ» وَسَبَقَهُمْ لِذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ حَيْثُ قَالَ وَرَدَ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَفَّرَ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ، فَإِنْ صَحَّ
اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ نَهْيِ
الرَّجُلِ عَنْ الزَّعْفَرَانِ مُطْلَقًا أَصَحُّ اهـ فَهُوَ مُصَرِّحٌ
حَتَّى بِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي اللِّحْيَةِ لَكِنْ حَمَلَهُ جَمْعٌ
عَلَى الْكَرَاهَةِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالزَّعْفَرَانِ
وَالْوَرْسِ» وَحَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحِلَّ عَلَى نَحْوِ
اللِّحْيَةِ وَالنَّهْيَ عَلَى مَا عَدَاهَا مِنْ الْبَدَنِ، وَبَعْضُهُمْ
النَّهْيَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْحِلَّ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُ
الْحِلَّ جَزْمُ التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَةِ التَّطَلِّي بِالْخَلُوقِ وَهُوَ
طِيبٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ حَرُمَ الزَّعْفَرَانُ لَحَرُمَ
هَذَا أَوْ فَصَلَ بَيْنَ كَوْنِهِ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى أَنَّ
الْمَقْصُودَ مِنْ الْخَلُوقِ هُوَ الزَّعْفَرَانُ فَتَجْوِيزُهُ تَجْوِيزٌ
لِلزَّعْفَرَانِ إذْ الْفَرْضُ بَقَاءُ لَوْنِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ،
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْبَيْهَقِيّ غَيْرَ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَا
يَرِدُ عَلَى حُرْمَةِ الْمُزَعْفَرِ الْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ بِحِلِّ
لُبْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى حُرْمَتِهِ أَصَحُّ،
وَيَحِلُّ أَيْضًا زِرُّ الْجَيْبِ وَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
وَغَيْرِهِ مِمَّا يُصَرِّحُ بِحُرْمَتِهِ لَعَلَّهُ رَأْيٌ لَهُمَا،
وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ حَمَلَهُ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ
وَلِيقَةُ الدَّوَاةِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الْكُلِّ خِلَافًا لِمَنْ
نَازَعَ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ فَقَدْ مَرَّ حِلُّ رَأْسِ
الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ لِانْفِصَالِهِ فَلَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ
فَكَذَا هَاتَانِ أَيْضًا بِالْأَوْلَى وَمِنْ هُنَا أَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ
أَنَّ ضَابِطَ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ هُنَا وَفِي إنَاءِ النَّقْدِ
أَنْ يَكُونَ فِي بَدَنِهِ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحِلِّ خَيْطِ
السُّبْحَةِ، قَالَ جَمْعٌ نَعَمْ لَا تَحِلُّ الشَّرَابَةُ الَّتِي
بِرَأْسِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ إلَخْ) أَيْ الْحِلَّ (جَمْعٌ
مُتَأَخِّرُونَ) وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا
كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: بِهَا صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ
بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ تَصْفِيرُ اللِّحْيَةِ
بِهِ (قَوْلُهُ: نَهْيِ الرَّجُلِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى
مَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِدُونِ تَقْيِيدٍ بِشَيْءٍ
(قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ حَدِيثُ النَّهْيِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا
ضَمِيرُ لَكِنْ حَمَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُ الْحِلَّ) أَيْ
لِاسْتِعْمَالِ الزَّعْفَرَانِ فِي الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ كَوْنِهِ)
أَيْ الزَّعْفَرَانِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَرُمَ الزَّعْفَرَانُ) فِعْلٌ
وَفَاعِلٌ (وَقَوْلُهُ: أَوْ فُصِلَ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ
التَّفْعِيلِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ الْبَيْهَقِيّ إلَخْ) أَيْ السَّابِقِ
آنِفًا (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ أَيْضًا زِرُّ الْجَيْبِ) أَيْ مَثَلًا
عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
- بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى
التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ)
وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَتُهُمَا سم عِبَارَةُ ع ش بَعْدَ
نَقْلِهِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلَهُ الْأَقْرَبُ حُرْمَةُ غِطَاءِ
الْعِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِاسْتِعْمَالِهِ زَوْجَتَهُ
مَثَلًا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ لِخِدْمَةِ الرِّجَالِ لَا
لِنَفْسِهَا اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَرُمَ، وَإِنْ
كَانَ لِامْرَأَةٍ فَلَا يَحْرُمُ وَكَذَلِكَ مِنْدِيلُ الْفِرَاشِ
فَيَجُوزُ حَيْثُ اسْتَعْمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ وَلَوْ فِي مَسْحِ فَرْجِ
الرَّجُلِ وَيَحْرُمُ حَيْثُ اسْتَعْمَلَهُ الرَّجُلُ وَلَوْ فِي مَسْحِ
فَرْجِ الْمَرْأَةِ اهـ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي كِتَابَةِ
الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَلِيقَةُ الدَّوَاةِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) .
فَرْعٌ: الْوَجْهُ حِلُّ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَإِنْ كَانَ
بِصُورَةِ الْإِنَاءِ إذْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ،
وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ سم عَلَى حَجّ وَفِيهِ عَلَى
الْمَنْهَجِ فَرْعٌ يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر جَوَازُ تَعْلِيقِ نَحْوِ
الْقِنْدِيلِ بِخَيْطِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ جَوَازِ
جَعْلِ سِلْسِلَةِ الْفِضَّةِ لِلْكُوزِ وَمِنْ تَوَابِعِ جَعْلِهَا لَهُ
تَعْلِيقُهُ وَحَمْلُهُ بِهَا وَهُوَ أَخَفُّ مِنْهُ انْتَهَى اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ الْكِيسُ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةِ)
وَهِيَ الْغِطَاءُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حِلُّ رَأْسِ الْكُوزِ إلَخْ)
شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ إنَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ صَفِيحَةً
وَقِيَاسُهُ حِلُّ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِقِطْعَةِ حَرِيرٍ لَيْسَتْ
مَخِيطَةً عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَ
الْحَرِيرِ أَوْسَعُ م ر بَلْ الْوَجْهُ الْحِلُّ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ
الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِحَاجَةٍ سم (قَوْلُهُ: وَكَذَا
هَاتَانِ أَيْضًا إلَخْ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ
مَطْلُوبَةٌ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ
الْعِمَامَةِ قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ
التَّعْلِيلِ بِالِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي بَدَنِهِ)
قَضِيَّتُهُ جَوَازُ رَبْطِ الْأَمْتِعَةِ وَحِفْظِهَا فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ
لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُرْمَةِ سَتْرِ
الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ بِهِ وَأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ
حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ غِرَارَةِ الْحَرِيرِ فِي نَقْلِ
الْأَمْتِعَةِ سم وَقَدْ يُدْفَعُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ حُرْمَةَ سَتْرِ
نَحْوِ الْجِدَارِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَمَا هُنَا لِحَاجَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِحِلِّ خَيْطِ السُّبْحَةِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ
فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ الَّذِي يُنَظَّمُ فِيهِ أَغْطِيَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر أَنَّ
الْأَرْجَحَ حُرْمَةُ كِيسِ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءِ الْعِمَامَةِ اهـ
وَهُوَ مُنَازَعٌ فِي ضَابِطِ الْإِسْنَوِيِّ الْآتِي.
(فَرْعٌ)
الْوَجْهُ حِلُّ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ
الْإِنَاءِ إذْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ
بِصُورَةِ الْإِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حِلُّ رَأْسِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ) شَرْطُهُ
أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ إنَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ صَفِيحَةً
وَقِيَاسُهُ حِلُّ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِقِطْعَةِ حَرِيرٍ لَيْسَتْ
مَخِيطَةً عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَابَ
الْحَرِيرِ أَوْسَعُ وَقَدْ لَا تَكُونُ مَخِيطَةً عَلَى صُورَةِ
الْإِنَاءِ لَكِنْ يُجْعَلُ فِي أَطْرَافِهَا خَيْطٌ يَزُرُّهَا
لِتَنْعَطِفَ أَطْرَافُهَا عَلَى رَأْسِ الْكُوزِ وَلَا يَبْعُدُ حِلُّهَا
م ر بَلْ الْوَجْهُ الْحِلُّ، وَإِنْ كَانَتْ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ؛
لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ: فَكَذَا هَاتَانِ أَيْضًا
بِالْأَوْلَى) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ
بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ م ر (قَوْلُهُ: فِي يَدَيْهِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ
رَبْطِ الْأَمْتِعَةِ وَحِفْظُهَا فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ لَكِنْ يَشْكُلُ
عَلَى هَذَا الضَّبْطِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُرْمَةِ سَتْرِ الْجِدَارِ
وَنَحْوِهِ بِهِ وَأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ
اسْتِعْمَالِ نَحْوِ غِرَارَةِ الْحَرِيرِ فِي نَقْلِ الْأَمْتِعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِحِلِّ خَيْطِ السُّبْحَةِ)
وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ الَّذِي
(3/28)
الْخُيَلَاءِ وَأَلْحَقَ بِهَا آخَرُونَ
الْبَنْدَ الَّذِي فِيهِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْعُقْدَةَ الْكَبِيرَةَ
الَّتِي فَوْقَهَا الشَّرَابَةُ وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ بِحِلِّ
ذَلِكَ اهـ.
وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي خَيْطِ السُّبْحَةِ عَدَمَ
الْخُيَلَاءِ كَمَا فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعِ حَرُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ
الْخُيَلَاءِ أَوْ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ كَالصُّوَرِ
الَّتِي قَبْلَهُ جَازَ أَوْ هُوَ الْأَوْجَهُ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا
وَبَيْنَ كِيسِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ يُحْمَلُ فِي الْعِمَامَةِ
وَيُبَاشَرُ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى
اسْتِعْمَالًا لَهُ فِي الْبَدَنِ، وَالْمُحَرَّمُ هُوَ الِاسْتِعْمَالُ
فِيهِ لَا غَيْرُ، وَيَحْرُمُ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ كِتَابَةُ الرَّجُلِ
لَا الْمَرْأَةِ قَطْعًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ الصَّدَاقَ فِيهِ
وَلَوْ لِامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمِلَ حَالَ الْكِتَابَةِ هُوَ
الْكَاتِبُ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ
مِنْ أَصْحَابِنَا وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي، وَإِنْ خَالَفَ
فِيهِ آخَرُونَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَخِيَاطَةِ وَنَقْشِ ثَوْبِ
حَرِيرٍ لِامْرَأَةٍ بِأَنَّ الْخِيَاطَةَ لَا اسْتِعْمَالَ فِيهَا
بِوَجْهٍ، وَكَذَا النَّقْشُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا تُعَدُّ
اسْتِعْمَالًا لِلْمَكْتُوبِ فِيهِ عُرْفًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِفْظُهُ
لِمَا كُتِبَ فِيهِ فَهُوَ كَالظَّرْفِ لَهُ بِخِلَافِ النَّقْشِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
الْكِيزَانِ مِنْ نَحْوِ الْعَنْبَرِ وَالْخَيْطِ الَّذِي يُعْقَدُ
عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحِيَاصَةُ بَلْ
أَوْلَى بِالْحِلِّ شَرْحُ م ر اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ آخَرُونَ الْبَنْدَ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنْ
يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَحَابِسَ الَّتِي تُجْعَلُ بَيْنَ حَبَّاتِ
السُّبْحَةِ لِيُعَلِّمَ بِهَا عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَقِفُ عِنْدَهُ
الْمُسَبِّحُ عِنْدَ عُرُوضِ شَاغِلٍ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ هُوَ
الْمُرَادَ فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ
كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا
وَالْبُجَيْرِمِيِّ وَمِنْهَا أَيْ الْمُسْتَثْنَاةِ عَلَّاقَةُ
الْمُصْحَفِ وَعَلَّاقَةُ السِّكِّينِ وَالسَّيْفِ وَعَلَّاقَةُ
الْحِيَاصَةِ وَخَيْطُ الْمِيزَانِ وَالْمِفْتَاحِ وَالسُّبْحَةِ وَفِي
شَرَارِيبِهَا تَرَدُّدٌ فَقِيلَ تَحِلُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ تَحْرُمُ
مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَصْلِ
خَيْطِهَا جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ يَحِلُّ ذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عِبَارَةُ ع ش
قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اعْتَمَدَ م ر جَوَازَ جَعْلِ خَيْطِ
السُّبْحَةِ مِنْ حَرِيرٍ وَكَذَا شَرَارِيبُهَا تَبَعًا لِخَيْطِهَا
وَقَالَ يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ حَرِيرًا
لِلْحَاجَةِ اهـ وَقَوْلُهُ وَكَذَا شَرَارِيبُهَا أَيْ الَّتِي هِيَ
مُتَّصِلَةٌ بِطَرَفِ خَيْطِهَا أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا
يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حُبُوبِ السُّبْحَةِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ، ثُمَّ
رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَقَالَ يَنْبَغِي
جَوَازُ إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَيْطُ السِّكِّينِ مِنْ
الْحَرِيرِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَاحَظَ الزِّينَةَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ:
انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: حَرُمَا) أَيْ الشَّرَابَةُ
وَالْبَنْدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ الْكِيسُ وَلَا يَخْفَى
أَنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ لَا مَوْقِعَ لَهَا هُنَا، وَإِنَّمَا مَوْقِعُهَا
عِنْدَ قَوْلِهِ وَكِيسُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) إلَى
قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا
مَسْأَلَةَ النَّقْشِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ إلَخْ)
وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَرَقِ الْحَرِيرِ فِي
الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِحَالَةَ نِهَايَةٌ
قَالَ ع ش وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ
يَجُوزُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ تِكَّةِ اللِّبَاسِ مِنْ الْحَرِيرِ أَقُولُ
وَلَا مَانِعَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى خَيْطِ الْمِفْتَاحِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ
أَيْضًا جَوَازُ خَيْطِ الْمِيزَانِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ مِنْ الْكَتَّانِ
وَنَحْوِهِ اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَمِنْهَا أَيْ مِنْ
الْمُسْتَثْنَاةِ جَعْلُ الْحَرِيرِ وَرَقَ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهُ
اسْتَحَالَ حَقِيقَةً أُخْرَى وَبِهَذَا فَارَقَ الْكِتَابَةَ عَلَى
رُقْعَةِ حَرِيرٍ، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ وَمِنْهَا تِكَّةُ اللِّبَاسِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ زِرِّ الطَّرْبُوشِ وَبَعْضُهُمْ
بِحُرْمَتِهِ وَقَدْ غَلَبَ اتِّخَاذُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَيَنْبَغِي
تَقْلِيدُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْإِثْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كِتَابَةُ الرَّجُلِ) أَيْ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ
الْحُرْمَةَ لِلِاسْتِعْمَالِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ
كَوْنِ الْمَكْتُوبِ لَهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً م ر.
(وَقَوْلُهُ: لَا الْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَوْ لِرَجُلٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ
كِتَابَتُهَا سَبَبًا لِاسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا
حِينَئِذٍ مُعِينَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ م ر اهـ سم وع ش (قَوْلُهُ:
الصَّدَاقُ فِيهِ إلَخْ) الْمُتَّجِهُ أَنَّ خَتْمَ الْحَرِيرِ
كَالْكِتَابَةِ فِيهِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسْتَعْمِلَ
إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَحْرِيمُ كِتَابَةِ الرَّجُلِ فِيهِ
لِلْمُرَاسَلَاتِ وَنَحْوِهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَذَا أَفْتَى بِهِ
الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسُئِلَ قَاضِي الْقُضَاةِ
ابْنُ رَزِينٍ عَمَّنْ يُفَصِّلُ لِلرِّجَالِ الْكَوْثَاتِ وَالْأَقْبَاعَ
الْحَرِيرَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ مُفَصَّلًا أَوْ يَبِيعُهُ
لَهُمْ فَقَالَ يَأْثَمُ بِتَفْصِيلِهِ لَهُمْ وَبِخِيَاطَتِهِ أَوْ
بَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ لَهُمْ كَمَا يَأْثَمُ بِصَوْغِ الذَّهَبِ
لِلُبْسِهِمْ قَالَ وَكَذَا خِلَعُ الْحَرِيرِ يَحْرُمُ بَيْعُهَا
وَالتِّجَارَةُ فِيهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر
وَبِخِيَاطَتِهِ وَكَالْخِيَاطَةِ النَّسْجُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى
(قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ إلَخْ)
أَيْ فِي التَّحْرِيمِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ وَكَانَ
الْأَوْلَى ذِكْرَ الْغَايَةِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ
هَذَا) أَيْ كِتَابَةِ الرَّجُلِ فِي الْحَرِيرِ لِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ:
وَنَقْشُ ثَوْبٍ إلَخْ) وَجَوَّزَ م ر بَحْثًا نَقْشِ الْحُلِيِّ
لِلْمَرْأَةِ وَالْكِتَابَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ لِلْمَرْأَةِ
وَهِيَ تَحْتَاجُهُ لِلزِّينَةِ وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّ كِتَابَةَ اسْمِهَا
عَلَى ثَوْبِهَا الْحَرِيرِ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ جَازَ
فِعْلُهَا لِلرِّجَالِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ)
قَدْ يُسْأَلُ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ جَوَازِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ
بِالذَّهَبِ حَتَّى لِلرَّجُلِ وَحُرْمَةِ تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ
لِلرَّجُلِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ كِتَابَتَهُ رَاجِعَةٌ لِنَفْسِ حُرُوفِهِ
الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَحْلِيَتِهِ فَالْكِتَابَةُ أَدْخَلُ فِي
التَّعَلُّقِ بِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَ (قَوْلُهُ إنْ احْتَاجَتْ
إلَيْهَا إلَخْ) يَنْبَغِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يُنْظَمُ فِيهِ أَغْطِيَةُ الْكِيزَانِ مِنْ نَحْوِ الْعَنْبَرِ،
وَالْخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي
يُسَمُّونَهَا الْحِيَاصَةَ وَأَوْلَى بِالْحِلِّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ بِحِلِّ ذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ كِتَابَةُ الرَّجُلِ) أَيْ
وَلَوْ لِامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِلِاسْتِعْمَالِ وَهُوَ
الْكِتَابَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَكْتُوبِ لَهُ رَجُلًا أَوْ
امْرَأَةً م ر (قَوْلُهُ لَا الْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَوْ لِرَجُلٍ إلَّا أَنْ
تَكُونَ كِتَابَتُهَا سَبَبًا لِاسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا
حِينَئِذٍ مُعِينَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ
الْمُسْتَعْمِلَ حَالَ الْكِتَابَةِ هُوَ الْكَاتِبُ) الْمُتَّجَهُ أَنَّ
خَتْمَ الْحَرِيرِ
(3/29)
نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ
أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَدَنِ،
وَالْكَاتِبُ غَيْرُ مُسْتَعْمِلٍ لَهُ فِي بَدَنِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا
أَنْ يُدَّعَى أَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ مُسْتَعْمِلًا لِلْمَكْتُوبِ
بِيَدِهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ،
وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ بِحِلِّ لُبْسِ خِلَعِ الْمُلُوكِ يُحْمَلُ عَلَى
مَنْ يَخْشَى الْفِتْنَةَ وَلَا يَدُلُّ لَهُ إلْبَاسُ عُمَرَ حُذَيْفَةَ
أَوْ سُرَاقَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سِوَارَيْ كِسْرَى وَتَاجَهُ؛
لِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْمُعْجِزَةِ فَهُوَ ضَرُورَةٌ أَيُّ ضَرُورَةٍ
فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ كَكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ حِلَّ لُبْسِ
الْحَرِيرِ إذَا قَلَّ الزَّمَنُ جِدًّا بِحَيْثُ انْتَفَى الْخُيَلَاءُ
لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَيُكْرَهُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ تَزْيِينُ غَيْرِ
الْكَعْبَةِ كَمَشْهَدِ صَالِحٍ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَيَحْرُمُ بِهِ.
(وَ) يَحِلُّ لِلْآدَمِيِّ (لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) أَيْ
الْمُتَنَجِّسِ لِمَا يَأْتِي فِي حِلِّ جِلْدِ الْمَيْتَةِ (فِي غَيْرِ
الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا) كَالطَّوَافِ وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَسَجْدَةِ
التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ إنْ كَانَ جَافًّا وَبَدَنُهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ
الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَنَّ مِثْلَهُ كِتَابَةُ التَّمَائِمِ فِي الْحَرِيرِ إذَا ظَنَّ
بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ أَوْ اشْتِهَارِ نَفْعِهِ لِدَفْعِ صُدَاعٍ أَوْ
نَحْوِهِ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ لَا تَقُومُ
مَقَامَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِلِّ اسْتِعْمَالِهِ
لِدَفْعِ الْقَمْلِ وَنَحْوِهِ ع ش (قَوْلُهُ: حِفْظُهُ) أَيْ الْمَكْتُوبِ
فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْكِلُ إلَخْ) وَعَلَى مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ
أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنْ لَا تَتَقَيَّدَ الْحُرْمَةُ بِالْبَدَنِ
لَا إشْكَالَ هُنَا سم (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) أَيْ تَحْرِيمِ كِتَابَةِ
الصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ أَوْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ،
فَإِنَّهَا تُعَدُّ إلَخْ قَوْلُهُ لِلْمَكْتُوبِ أَيْ الْحَرِيرِ
الْمَكْتُوبِ فِيهِ فَفِيهِ حَذْفٌ وَإِيصَالٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا
فِيهِ) أَيْ لِوُجُودِ مَا ذُكِرَ فِي النَّقْشِ وَالْخِيَاطَةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ) إلَى قَوْلِهِ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ
فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى مَنْ يَخْشَى
الْفِتْنَةَ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ، وَظَاهِرٌ عَلَى هَذَا
الْحَمْلِ حُرْمَةُ إلْبَاسِ الْمُلُوكِ إيَّاهُ لِغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ
فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ إلَخْ عَلَى هَذَا الْأَخْذِ الْقِيَاسُ حِلُّ
الْإِلْبَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: مَنْ يَخْشَى الْفِتْنَةَ
إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَفِي الْإِيعَابِ مَتَى
خَشِيَ مِنْ الْمُلْبِسِ لَهُ الْخِلْعَةِ ضَرَرًا، وَإِنْ قَلَّ جَازَ
لَهُ اللُّبْسُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَدُلُّ لَهُ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ عِنْدَ
زَاعِمِهَا أَنَّهُ إذَا جَازَتْ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ
لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ
لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فَالْحَرِيرُ أَوْلَى نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ:
لِبَيَانِ الْمُعْجِزَةِ) أَيْ لِتَحْقِيقِ إخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسُرَاقَةَ بِذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ)
إلَى الْمَتْنِ تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثْلُهُ
بِزِيَادَةٍ عِبَارَةُ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ وَيَحِلُّ الْحَرِيرُ
لِلْكَعْبَةِ أَيْ لِسَتْرِهَا سَوَاءٌ الدِّيبَاجُ وَغَيْرُهُ لِفِعْلِ
السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَهُ وَلَيْسَ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ سَائِرُ
الْمَسَاجِدِ، وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ
وَسَائِرِ الْبُيُوتِ بِالثِّيَابِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ وَيَحْرُمُ
بِالْحَرِيرِ وَالْمُصَوَّرِ، وَأَمَّا تَزْيِينُ الْكَعْبَةِ بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ فَحَرَامٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَزْيِينُ غَيْرِ الْكَعْبَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي تَزْيِينُ الْبُيُوتِ حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ
وَالصُّلَحَاءِ أَيْ مَحَلُّ دَفْنِهِمْ بِالثِّيَابِ غَيْرِ الْحَرِيرِ
وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ
الْكَعْبَةِ بِهِ تَعْظِيمًا لَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَنَجِّسِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَخَرَجَ إلَى الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَنَجِّسِ) أَيْ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ شَيْخُنَا
زَادَ سم وَالْمُتَنَجِّسُ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ
فَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ عَطْفًا
عَلَى الْمُحَرَّمِ وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ فِي الْأَصَحِّ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَافًّا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ
يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا بِحَيْثُ
يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ ثَوْبُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ
مَعَ تَعَذُّر الْمَاءِ اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا أَفْهَمَهُ ذَلِكَ مِنْ
الْجَوَازِ حَيْثُ لَا يَتَعَذَّرُ الْمَاءُ مَثَلًا وَالْمَنْعُ إذَا
كَانَ بَدَنُهُ مُتَرَطِّبًا بِغَيْرِ الْعَرَقِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ
الشَّارِحِ إنْ كَانَ جَافًّا إلَخْ شِدَّةُ الِابْتِلَاءِ بِالْعَرَقِ
كَمَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ م ر وَعَلَى الْجَوَازِ مَعَ وُجُودِ الْعَرَقِ
فِي الْحَالِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْمَاءُ سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م
ر بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ هُوَ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ
الْحُكْمِيَّةِ وَمِثْلُ ثَوْبِهِ بَدَنُهُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا
يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ كَالزِّبْلِ
عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ.
(وَقَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ
إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ؛
لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ وَمِنْ ثَمَّ إذَا كَانَ مَعَهُ
مَاءٌ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ
عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْوَقْتِ مَاءً وَلَا تُرَابًا، وَأَنْ
يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ
أَيْضًا اهـ ع ش وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ يَأْتِي عَنْ
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثْلُهُ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ
فِي الثِّيَابِ أَيْ تَلْطِيخُهَا بِهِ وَلَا فِي الْبَدَنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَالْكِتَابَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ كَالْكِتَابَةِ فِيهِ م ر
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ مُسْتَعْمِلًا
لِلْمَكْتُوبِ إلَخْ) وَعَلَى مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ أَنَّ قَضِيَّةَ
كَلَامِهِمْ أَنْ لَا تَتَقَيَّدَ الْحُرْمَةُ بِالْبَدَنِ لَا إشْكَالَ
هُنَا (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى مَنْ يَخْشَى الْفِتْنَةَ) أَيْ، وَإِنْ
طَالَ الزَّمَنُ م ر وَظَاهِرٌ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ حُرْمَةُ إلْبَاسِ
الْمُلُوكِ إيَّاهُ لِغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ إلَخْ،
عَلَى هَذَا الْأَخْذِ الْقِيَاسُ حِلُّ الْإِلْبَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ) هَلْ يَحْرُمُ إلْبَاسُ الدَّوَابِّ الْحَرِيرَ كَالْجِدَارِ أَوْ
يُفَرَّقُ بِنَفْعِ الدَّوَابِّ مَالَ م ر لِلْفَرْقِ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ
إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا
بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ
لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَالْفَرْقُ
بَيْنَ مَا أَفْهَمَهُ ذَلِكَ مِنْ الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَذَّرْ
الْمَاءُ مَثَلًا وَالْمَنْعُ إذَا كَانَ بَدَنُهُ مُتَرَطِّبًا بِغَيْرِ
الْعَرَقِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ إنْ كَانَ جَافًّا إلَخْ
شِدَّةُ الِابْتِلَاءِ بِالْعَرَقِ كَمَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ م ر وَعَلَى
الْجَوَازِ مَعَ
(3/30)
أَمَّا فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ فَيَحْرُمُ
إنْ كَانَتْ فَرْضًا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ نَفْلًا وَاسْتَمَرَّ فِيهِ
لَكِنْ لَا لِحُرْمَةِ إبْطَالِهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ بَلْ
لِتَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، وَأَمَّا مَعَ رُطُوبَةٍ فَلَا؛
لِأَنَّ الْمَذْهَبَ تَحْرِيمُ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ
ضَرُورَةٍ، وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ فِي
الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ
الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ
النَّجِسِ.
(لَا جِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) وَفَرْعَ أَحَدِهِمَا فَلَا يَحِلُّ
لُبْسُهُ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفُجْأَةِ قِتَالٍ)
أَوْ خَوْفِ نَحْوَ بَرْدٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ
فِي الْحَرِيرِ وَخَرَجَ بِلُبْسِهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ
كَافْتِرَاشِهِ فَيَحِلُّ قَطْعًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ
بِشَيْءٍ مِنْهُمَا (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ) غَيْرُهُمَا
فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ بِحَيْثُ تَتَّصِلُ بِهِ رَطْبًا كَانَ
أَوْ يَابِسًا انْتَهَى سم اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ إلَخْ) عِبَارَةُ
النِّهَايَةِ بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ
فَيَحْرُمُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَمْ لَا لِقَطْعِهِ
الْفَرْضَ بِخِلَافِ النَّفْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِجَوَازِ
قَطْعِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لُبْسَهُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ مَفْرُوضٍ
بِنِيَّةِ قَطْعِهِ جَائِزٌ وَبِدُونِهِ مُمْتَنِعٌ، أَمَّا إذَا
لَبِسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِنَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ غَيْرِ ضَيِّقٍ
أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ وَاسْتَمَرَّ فَالْحُرْمَةُ عَلَى
تَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهَا لَا
عَلَى لُبْسِهِ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا مَسْأَلَةَ
الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ إنْ كَانَتْ فَرْضًا) أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ
فِيهِ مُطْلَقًا وَقَبْلَهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا مَرَّ عَنْ
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ نَفْلًا
إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ لَبِسَهُ قَبْلَ تَحَرُّمِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا
مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي
ظَاهِرًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ
تَنْجِيسِ الْبَدَنِ) وَكَذَا الثَّوْبُ عَلَى الصَّحِيحِ م ر اهـ سم
وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ فَقَوْلُ شَيْخِنَا وَلَا
يَحْرُمُ تَنْجِيسُ مِلْكِهِ كَثَوْبِهِ وَجِدَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ
غَرَضٍ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ضَيَاعُ الْمَالِ اهـ ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ
(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ) أَيْ بِلِبَاسٍ مُتَنَجِّسٍ
بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ سم وَشَيْخُنَا قَالَ الْبَصْرِيُّ وَمِنْ
ذَلِكَ أَيْ الْمُكْثِ الْمُحَرَّمِ الْمُكْثُ بِالنَّعْلِ
الْمُتَنَجِّسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْحَاجَةُ كَمَا
فِي النَّعْلِ وَالْبَابُوجِ الَّذِي بِهِ نَجَاسَةٌ فَيَجُوزُ
شَيْخُنَا أَيْ إنْ مَكَثَ بِذَلِكَ لِلصَّلَاةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ:
كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) وَقَرَّرَ م ر أَنَّ مَنْ دَخَلَ
بِنَجَاسَةٍ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ نَعْلِهِ رَطْبَةً أَوْ غَيْرِ
رَطْبَةٍ إنْ خَافَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ
لِحَاجَةٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِجَوَازِ
عُبُورِ حَائِضٍ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ
قَرَّرَ تَحْرِيمَ دُخُولِ مَنْ بِنَحْوِ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ
الْمَسْجِدَ وَمُكْثٍ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
اهـ ع ش أَيْ فَيُحْمَلُ تَقْرِيرُهُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي
الْمُوَافِقِ لِمَا فِي النِّهَايَةِ وَالتُّحْفَةِ وَالْمُغْنِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا جِلْدُ كَلْبٍ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) قَضِيَّةُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ جِلْدِ الْكَلْبِ
وَالْخِنْزِيرِ وَشَعْرِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حُرْمَةُ
اسْتِعْمَالِ مَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ الشِّيتَةُ؛ لِأَنَّهَا
مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُ
الْكَتَّانِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهَذَا
ضَرُورَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا وَيُعْفَى حِينَئِذٍ عَنْ
مُلَاقَاتِهَا مَعَ نَدَاوَتِهِ قَالَ م ر يَنْبَغِي الْجَوَازُ إنْ
تَوَقَّفَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَيْهَا وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ
يُقَيَّدَ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُ الْكَتَّانِ
وَعَمَلُهُ عَلَيْهَا جَافًّا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَيَحِلُّ قَطْعًا) اعْتَمَدَهُ ع ش عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ م
ر فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ إلَخْ خَرَجَ بِهِ الْفَرْشُ فَيَجُوزُ
وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ حَجّ اهـ وَيَأْتِي عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلُهُ
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْأَنْوَارِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْوَجْهُ
مَنْعُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا نَسَبَهُ لِلْأَنْوَارِ لَمْ نَرَهُ
فِيهِ وَلَعَلَّ النُّسَخَ مُخْتَلِفَةٌ سم وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا
فَقَالَ وَالِافْتِرَاشُ وَالتَّدَثُّرُ كَاللُّبْسِ اهـ قَوْلُ
الْمَتْنِ (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الدَّبْغِ،
وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْآدَمِيِّ اسْتِعْمَالُ نَجَاسَةٍ فِي
بَدَنِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ النَّجِسُ مُشْطَ
عَاجٍ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ إذَا كَانَتْ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ وَإِلَّا
فَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي
قَوْلِهِ يَحْرُمُ أَيْ الْعَاجُ مُطْلَقًا وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا
الْعَاجَ لِشِدَّةِ جَفَافِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ
الْآدَمِيِّ وَشَعْرُهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ
إلَّا لِلضَّرُورَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَحَاصِلُهُ حُرْمَةُ
اسْتِعْمَالِ نَجِسِ غَيْرِ الْعَاجِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مُطْلَقًا
سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الشَّعْرِ وَسَوَاءٌ
كَانَ هُنَاكَ رُطُوبَةٌ أَوْ لَا وَكَذَا اسْتِعْمَالُ جُزْءِ
الْآدَمِيِّ وَحُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ الْعَاجِ مَعَ الرُّطُوبَةِ
وَكَرَاهَتُهُ بِدُونِهَا قَالَ ع ش قَوْلُهُ: مُشْطَ عَاجٍ إلَخْ
وَهُوَ أَنْيَابُ فِيَلَةٍ وَيَنْبَغِي جَوَازُ حَمْلِهِ لِقَصْدِ
اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ
مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا فِيهِمَا
فَلَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا فِي
الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَقَوْلُهُ م ر إذَا كَانَتْ
هُنَاكَ رُطُوبَةٌ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الرَّأْسِ
وَاللِّحْيَةِ وَقَوْلُهُ م ر وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ إلَخْ أَيْ وَلَوْ
حَرْبِيًّا خِلَافًا لِابْنِ حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ
لُبْسُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فَوْقَ الثِّيَابِ وَخَرَجَ بِاللُّبْسِ
الِافْتِرَاشُ فَيَجُوزُ قَطْعًا وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ ز ي وَعِ ش اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وُجُودِ الْعَرَقِ فِي الْحَالِ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْمَاءُ
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَنَجِّسِ) شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ
فَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ
(قَوْلُهُ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِغَيْرِ
مَعْفُوٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ) يُؤْخَذُ
مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُتَنَجِّسِ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ
الْمَذْهَبَ تَحْرِيمُ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ) وَكَذَا الثَّوْبِ عَلَى
الصَّحِيحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ يَحْرُمُ الْمُكْثُ إلَخْ) أَخْرَجَ
مُجَرَّدَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ
مَنْعُ ذَلِكَ
(3/31)
فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ (فِي الْأَصَحِّ)
لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ مَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ
بِاجْتِنَابِ النَّجِسِ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ
أَنَّهُ يَحِلُّ إلْبَاسُ جِلْدِهَا لِصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ
وَمَجْنُونٍ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ نَظِيرُ
الَّذِي قَبْلَهُ بَلْ أَوْلَى وَإِلْبَاسُهُ جِلْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا
لِلْآخَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاسْتِوَائِهِمَا تَغْلِيظًا وَجِلْدُ
الْمَيْتَةِ لِدَابَّتِهِ وَيَحْرُمُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ
لِوُجُوبِ قَتْلِهِ فَوْرًا إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ اُضْطُرَّ
لِحَمْلِ مَتَاعٍ عَلَيْهِ وَالْكَلْبِ إلَّا لِنَحْوِ صَيْدٍ أَوْ
حِفْظٍ حَالًا لَا مُتَرَقَّبًا.
(وَيَحِلُّ) مَعَ الْكَرَاهَةِ (الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ
النَّجِسِ) بِعَارِضٍ أَوْ أَصَالَةٍ كَوَدِكِ الْمَيْتَةِ أَيْ غَيْرِ
الْمُغَلَّظَةِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي
الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ الذَّائِبِ اسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ
قَالَ فَانْتَفِعُوا بِهِ
وَدُخَانُ النَّجَسِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ نَعَمْ يَحْرُمُ ذَلِكَ
فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا لِحُرْمَةِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ فِيهِ
لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَنْ قَيَّدَ بِأَنْ لَوَّثَ يُحْمَلُ مَفْهُومُهُ
عَلَى مَا إذَا اُحْتِيجَ لِلْإِسْرَاجِ بِهِ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَيَأْتِي وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ فِي
حَالِ الِاخْتِيَارِ) خَرَجَ بِهِ حَالُ الضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ
لُبْسُهُ، وَهَلْ مِنْ الضَّرُورَةِ مُجَرَّدُ سَتْرِ عَوْرَتِهِ عَنْ
الْأَعْيُنِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ
مِنْ بَدْءِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِي رُؤْيَةِ عَوْرَتِهِ سم
(قَوْلُهُ: مِنْ التَّعَبُّدِ إلَخْ) هُوَ الدُّعَاءُ لِلطَّاعَةِ
وَقِيلَ هُوَ التَّكْلِيفُ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ مَا عَلَيْهِ
مِنْ التَّعَبُّدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَحِلُّ إلْبَاسُ
جِلْدِهَا إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اعْتِبَارًا لِمَا مِنْ
شَأْنِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ شَرْحُ م ر وَفِي
شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَمَا
اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهُوَ
الْأَوْفَقُ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلْبَاسُ) إلَى
قَوْلِهِ وَالْكَلْبُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ:
وَإِلْبَاسُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَمَرْجِعُ
الضَّمِيرِ الْمُكَلَّفُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ:
لِلْآخَرِ) أَيْ لَا لِغَيْرِهِمَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي، وَأَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ
وَفَرْعِهِمَا أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ بِجِلْدٍ وَاحِدٍ
مِنْهَا فَلَا يَحِلُّ بِخِلَافِ تَغْشِيَتِهِ بِغَيْرِ جِلْدِهَا مِنْ
الْجُلُودِ النَّجِسَةِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ إلَخْ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى
جِلْدِ كُلٍّ إلَخْ يَعْنِي يَجُوزُ إلْبَاسُ غَيْرِ الْكَلْبِ
وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا جِلْدَ غَيْرِهَا، وَإِنْ
اخْتَلَفَ النَّوْعُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ (قَوْلُهُ:
لِدَابَّتِهِ) أَيْ الْجِلْدَ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
وَلَيْسَ إلْبَاسُ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى أَوْ الْخِنْزِيرِ
جِلْدَ مِثْلِهِ مُسْتَلْزِمًا لِاقْتِنَائِهِ وَلَوْ سَلِمَ
فَإِثْمُهُ عَلَى الِاقْتِنَاءِ دُونَ الْإِلْبَاسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ
يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِمُضْطَرٍّ احْتَاجَ إلَى حَمْلِ شَيْءٍ
عَلَيْهِ أَوْ لِيَدْفَعَ بِهِ نَحْوَ سَبُعٍ أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ
لِأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَيْهَا أَوْ
لِمُضْطَرٍّ تَزَوَّدَ بِهِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا يَتَزَوَّدُ
بِالْمَيْتَةِ فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُجَلِّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
وَبِذَلِكَ انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الْإِسْعَادِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حِفْظٍ) أَيْ لِنَحْوِ الزِّرَاعَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ
وَضْعُ الدُّهْنِ الطَّاهِرِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ كَالْمُتَّخَذَةِ
مِنْ عَظْمِ الْفِيلِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِيهَا
وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
-، وَإِنْ وَجَدَ طَاهِرَةً يَسْتَصْبِحُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛
لِأَنَّ غَرَضَ الِاسْتِصْبَاحِ حَاجَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِذَلِكَ كَمَا
جَازَ وَضْعُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ لِغَرَضِ
إطْفَاءِ نَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَتَنْجِيسُ الطَّاهِرِ إنَّمَا
يَحْرُمُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع
ش قَوْلُ الْمَتْنِ (الِاسْتِصْبَاحُ إلَخْ) وَكَذَلِكَ دَهْنُ
الدَّوَابِّ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) إلَى الْفَائِدَةِ فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمَنْ قَيَّدَ إلَى وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ:
بِعَارِضٍ إلَخْ) .
(فَرْعٌ)
إذَا اسْتَصْبَحَ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ جَازَ إصْلَاحُ الْفَتِيلَةِ
بِإِصْبَعِهِ وَإِنْ تَنَجَّسَ وَأَمْكَنَ إصْلَاحُهَا بِنَحْوِ عُودٍ؛
لِأَنَّ التَّنْجِيسَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ
لِجَوَازِهِ الضَّرُورَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي الْفَأْرَةِ إلَخْ) أَيْ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ
الْفَأْرَةِ الَّتِي تَمُوتُ إلَخْ فَقَوْلُهُ تَمُوتُ إلَخْ صِفَةٌ
لِلْفَأْرَةِ الْمُحَلَّيْ فَاللَّامُ الْجِنْسِ الَّذِي فِي حُكْمِ
النَّكِرَةِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي
سَمْنٍ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا،
وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ»
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَدُخَانُهُ النَّجِسُ إلَخْ) وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ
الْكَنِيفِ طَاهِرٌ وَكَذَا الرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ
كَالْجُشَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ
النَّجَاسَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ
الْمَوْجُودَةُ فِيهِ لِمُجَاوَرَتِهِ النَّجَاسَةَ لَا أَنَّهُ مِنْ
عَيْنِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) قَالَ فِي
الْمَجْمُوعِ وَيَجُوزُ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ
وَإِطْعَامُ الْمَيْتَةِ لِلْكِلَابِ وَالطُّيُورِ وَإِطْعَامُ
الطَّعَامِ الْمُتَنَجِّسِ لِلدَّوَابِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ) مُطْلَقًا وَبِهِ
صَرَّحَ الْإِمَامُ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَيَحْرُمُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ
يُلَوَّثْ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ
نَفْسَ الِاسْتِصْبَاحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَلَى أَنَّ مَا نَسَبَهُ لِلْأَنْوَارِ لَمْ نَرَهُ فِيهِ وَلَعَلَّ
النُّسَخَ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ: فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ) خَرَجَ
حَالُ الضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ، وَهَلْ مِنْ الضَّرُورَةِ
مُجَرَّدُ سَتْرِ عَوْرَتِهِ عَنْ الْأَعْيُنِ فِيهِ نَظَرٌ
وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ بَدْءِ الْمَشَقَّةِ
عَلَيْهِ فِي رُؤْيَةِ عَوْرَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَحِلُّ إلْبَاسُ إلَخْ)
وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ وَهُوَ
الْأَوْفَقُ لِكَلَامِهِمْ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِصَبِيٍّ غَيْرِ
مُمَيِّزٍ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَلَوْ غَيْرَ
مُمَيِّزٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: جِلْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا) خَرَجَ غَيْرُهُمَا مِنْ
الدَّوَابِّ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ لَا جِلْدَ كَلْبٍ أَيْ أَوْ
خِنْزِيرٍ أَوْ فَرْعَ أَحَدِهِمَا إلَّا لِمِثْلِهِ أَوْ لِضَرُورَةٍ
مُطْلَقًا اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا) وَبِهِ
صَرَّحَ الْإِمَامُ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ)
فِيهِ أَنَّ نَفْسَ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطِ
أَمْنِ التَّلْوِيثِ مِنْهُ وَمِنْ دُخَانِهِ
(3/32)
، وَكَذَا الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ
الْمُعَارَةُ إنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِ شَيْءٍ مِنْهَا بِمَا لَا
يُعْفَى عَنْهُ أَوْ بِمَا يُنْقِصُ قِيمَتَهَا أَوْ أُجْرَتَهَا
فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ قَلِيلِ دُخَانِهَا الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ
نَقْصًا أَلْبَتَّةَ وَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ صَابُونًا وَسَقْيُهُ
لِلدَّوَابِّ.
(فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ) ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا لَيْسَ فِي كُتُبِ
الْفِقْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُلْتَقَطَةٌ مِنْ كُتُبِ الْأَحَادِيثِ
وَلِذَا كُنْت أَطَلْت الْكَلَامَ فِيهَا ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهَا
أَخْرَجَتْ الشَّرْحَ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَأَفْرَدْتهَا بِتَأْلِيفٍ
حَافِلٍ ثُمَّ لَخَّصْت مِنْهُ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِأَخْصَرِ
إشَارَةٍ اتِّكَالًا عَلَى مَا بُسِطَ ثَمَّ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ
يَتَحَرَّرْ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَرْضِهَا شَيْءٌ وَمَا وَقَعَ
لِلطَّبَرِيِّ فِي طُولِهَا أَنَّهُ نَحْوُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ
وَلِغَيْرِهِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَبْعَةٌ فِي
عَرْضِ ذِرَاعٍ، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ بَيْضَاءَ وَفِي
الْحَضَرِ سَوْدَاءَ مِنْ صُوفٍ وَأَنَّ عَذَبَتَهَا كَانَتْ فِي
السَّفَرِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي الْحَضَرِ مِنْهَا فَهُوَ شَيْءٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
حَاجَةٌ فَالْوَجْهُ جَوَازُ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ
بِشَرْطِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ مِنْهُ وَمِنْ دُخَانِهِ وَإِنْ قَلَّ. م
ر اهـ سم وع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّارُ إلَخْ) عِبَارَةُ
النِّهَايَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُلْحَقَ
بِالْمَسْجِدِ الْمَنْزِلُ الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ وَنَحْوُهُمَا
إنْ طَالَ زَمَنُ الِاسْتِصْبَاحِ فِيهِ بِحَيْثُ يَعْلَقُ الدُّخَانُ
بِالسَّقْفِ أَوْ الْجِدَارِ وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ دُخَانِ
الْمِصْبَاحِ لِقِلَّتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ الْمُعَارَةُ
إلَخْ) الْوَجْهُ الِامْتِنَاعُ فِيهِمَا حَيْثُ أَدَّى إلَى
تَنْجِيسِهَا وَتَسْوِيدِهَا مُطْلَقًا م ر اهـ سم عِبَارَةُ ع ش قَالَ
م ر يَجُوزُ إسْرَاجُ الدُّهْنِ النَّجِسِ فِي بَيْتٍ مُسْتَعَارٍ
مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرٍ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَوِّثَهُ بِنَحْوِ
دُخَانِهِ نَعَمْ الْيَسِيرُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ
بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِهِ الْمَالِكُ فِي
الْعَادَةِ فَلَا بَأْسَ، فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ لِنَحْوِ
قَاصِرٍ امْتَنَعَ أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ مَالِكٌ
يُعْتَبَرُ رِضَاهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبْخُ بِنَحْوِ
الْجِلَّةِ فِي الْبُيُوتِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ قَالَ م
ر وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَسْوِيدُ
الْجُدْرَانِ وَجَوَّزَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا أُعِدَّ مَكَانٌ فِي
تِلْكَ الْبُيُوتِ لِلطَّبْخِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالطَّبْخِ فِيهَا
فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَلَا
يَحْرُمُ تَنْجِيسُ مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مَوْقُوفٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ
عَادَةٌ كَتَرْبِيَةِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ وَنَحْوِهِمَا بِخِلَافِ
مَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إنْ لَوَّثَ اهـ
وَكَذَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ إلَّا أَنَّهُ مَثَّلَ لِلْمُعْتَادِ
بِالْوَقُودِ بِالسِّرْجِينِ فِي الْبُيُوتِ وَتَرْبِيَةِ نَحْوِ
الدَّجَاجِ فِيهَا وَتَسْمِيدِ الْأَرْضِ بِالنَّجِسِ أَيْ
تَسْبِيخِهَا بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ
يَأْذَنْ مَالِكُهُ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ صَابُونًا) وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ
فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ثُمَّ يُطَهِّرُهُمَا
وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ النَّجِسَةِ فِي
الدَّبْغِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ وَإِنْ
بَاشَرَهَا الدَّابِغُ بِيَدِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَكَذَلِكَ
وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَكَذَلِكَ الثُّقْبَةُ الْمُنْفَتِحَةُ
تَحْتَ الْمَعِدَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَلِيلِ الْإِيلَاجُ فِيهَا
نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ
النَّجِسَةِ إلَخْ أَمَّا دَبْغُ الْجُلُودِ بِرَوْثِ الْكَلْبِ
وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَا تَسْمِيدُ الْأَرْضِ بِهِ
أَيْضًا انْتَهَى زِيَادِيٌّ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ دَبَغَ بِهِ
طَهُرَ الْجِلْدُ وَيُغْسَلُ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ اهـ.
وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ وَمَحَلُّ عَدَمِ جَوَازِ
الدَّبْغِ بِرَوْثِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ
صَالِحًا لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: اتِّخَاذُهُ صَابُونًا) أَيْ لِلِاسْتِعْمَالِ لَا
لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ الِاتِّخَاذِ
لِلْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْبَيْعُ فَلْيُتَأَمَّلْ
بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَكْثَرَهَا إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ لِمُهِمَّةٍ
وَعِلَّةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ مُلْتَقَطَةٌ) أَيْ
الْأَكْثَرُ وَالتَّأْنِيثُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى (قَوْلُهُ فِيهَا)
أَيْ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا التَّأْلِيفِ
(وَقَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: كَمَا
قَالَهُ إلَخْ) أَيْ عَدَمِ التَّحَرُّرِ (قَوْلُهُ: فِي طُولِ
عِمَامَتِهِ إلَخْ) .
(فَائِدَةُ)
سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ شَخْصٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ
يَلْبَسُ الْفَرُّوجَ وَالزُّنْطَ الْأَحْمَرَ وَعِمَامَةَ الْعَرَبِ
وَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَفَضُلَ وَخَالَطَ الْفُقَهَاءَ فَأَمَرَهُ
آمِرٌ أَنْ يَلْبَسَ ثِيَابَ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خَرْمًا
لِمُرُوءَتِهِ فَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ ذَلِكَ أَوْ الِاسْتِمْرَارُ
عَلَى هَيْئَةِ عَشِيرَتِهِ وَمَا جِنْسُ مَا كَانَ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ
وَمَا مِقْدَارُ عِمَامَتِهِ وَهَلْ لَبِسَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ
فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزُّنْطَ أَوْ
الْفَرُّوجَ، فَقَالَ فِي الْجَوَابِ لَا إنْكَارَ عَلَيْهِ فِي
لِبَاسِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
م ر (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ الْمُعَارَةُ
إلَخْ) الْوَجْهُ الِامْتِنَاعُ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ
الْمُعَارَةِ حَيْثُ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِهَا وَتَسْوِيدِهَا
مُطْلَقًا م ر.
(فَائِدَتُهُ) سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ شَخْصٍ مِنْ
أَبْنَاءِ الْعَرَبِ يَلْبَسُ الْفَرُّوجَ وَالزُّنْطَ الْأَحْمَرَ
وَعِمَامَةَ الْعَرَبِ وَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَفَضُلَ وَخَالَطَ
الْفُقَهَاءَ فَأَمَرَهُ آمِرٌ أَنْ يَلْبَسَ ثِيَابَ الْفُقَهَاءِ؛
لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خَرْمًا لِمُرُوءَتِهِ فَهَلْ الْأَوْلَى لَهُ
ذَلِكَ أَوْ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى هَيْئَةِ عَشِيرَتِهِ، وَمَا جِنْسُ
مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ
تَحْتَ عِمَامَتِهِ وَمَا مِقْدَارُ عِمَامَتِهِ وَهَلْ لَبِسَ أَحَدٌ
مِنْ الصَّحَابَةِ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الزُّنْطَ أَوْ الْفَرُّوجَ، فَقَالَ فِي الْجَوَابِ لَا إنْكَارَ
عَلَيْهِ فِي لِبَاسِهِ ذَلِكَ وَلَا خَرْمَ لِمُرُوءَتِهِ؛ لِأَنَّ
ذَلِكَ لِبَاسُ عَشِيرَتِهِ وَطَائِفَتِهِ وَلَوْ غَيَّرَهُ أَيْضًا
إلَى لِبَاسِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَخْرِمْ مُرُوءَتَهُ فَكُلٌّ حَسَنٌ،
ذَاكَ لِمُنَاسَبَةِ أَهْلِ جِنْسِهِ وَهَذَا لِمُنَاسَبَةِ أَهْلِ
وَصْفِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ تَحْتَ الْعَمَائِمِ وَيَلْبَسُ
الْقَلَانِسَ بِغَيْرِ عَمَائِمَ وَيَلْبَسُ الْعَمَائِمَ بِغَيْرِ
قَلَانِسَ وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ ذَوَاتَ الْآذَانِ فِي الْحُرُوبِ،
وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا كَانَ يَعْتَمُّ بِالْعَمَائِمِ
الْحَرْقَانِيَّةِ وَالسُّودِ فِي أَسْفَارِهِ وَيَعْتَجِرُ
اعْتِجَارًا وَالِاعْتِجَارُ أَنْ يَضَعَ عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ
الْعِمَامَةِ شَيْئًا، وَأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ تَكُنْ الْعِمَامَةُ
فَيَشُدُّ الْعِصَابَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَجَبْهَتِهِ» وَأَنَّ
الْبَيْهَقِيَّ رَوَى عَنْ رُكَانَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «فَرْقٌ بَيْنَنَا
(3/33)
اسْتَرْوَحَا إلَيْهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ،
نَعَمْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الرِّدَاءِ فَقِيلَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي
عَرْضِ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ أَوْ
شِبْرَانِ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ وَقِيلَ أَرْبَعَةُ
أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفٍ، وَلَيْسَ فِي الْإِزَارِ
إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي، وَيُسَنُّ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ يَتَأَكَّدُ
عَلَى مَنْ يُقْتَدَى بِهِ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي
التَّجَمُّلِ وَالنَّظَافَةِ وَالْمَلْبُوسِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ
لَكِنَّ الْمُتَوَسِّطَ نَوْعًا مِنْ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّوَاضُعِ
لِلَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْفَعِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ إظْهَارَ
النِّعْمَةِ وَالشُّكْرَ عَلَيْهَا اُحْتُمِلَ تَسَاوِيهِمَا
لِلتَّعَارُضِ وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ
لِلنَّفْسِ فِيهِ بِوَجْهٍ وَأَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي لِلْخَبَرِ
الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى
عَبْدِهِ» .
وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ إلَّا
لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَإِكْرَامِ ضَيْفٍ وَالتَّوَسُّعِ عَلَى
الْعِيَالِ وَإِيثَارِ شَهْوَتِهِمْ عَلَى شَهْوَتِهِ مِنْ غَيْرِ
تَكَلُّفٍ كَقَرْضٍ لِحُرْمَتِهِ عَلَى فَقِيرٍ جَهِلَ الْمُقْرِضُ
إلَّا إنْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ ظَاهِرَةٌ يَتَيَسَّرُ الْوَفَاءُ مِنْهَا
إذَا طُولِبَ وَوَرَدَ «امْشُوا حُفَاةً» وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشَى حَافِيًا» وَقَدْ يُؤْخَذُ
مِنْهُ نَدْبُ الْحَفَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِقَصْدِ
التَّوَاضُعِ حَيْثُ أَمِنَ مُؤْذِيًا وَتَنَجُّسًا وَلَوْ
احْتِمَالًا، وَيُؤَيِّدُهُ نَدْبُهُ لِنَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ
بِهَذِهِ الشُّرُوطِ، وَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِلَا
كَرَاهَةٍ لُبْسُ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَنَحْوِ جُبَّةٍ أَيْ
غَيْرِ خَارِمَةٍ لِمُرُوءَتِهِ لِمَا يَأْتِي فِي الطَّيْلَسَانِ
وَلَوْ غَيْرَ مَزْرُورَةٍ إنْ لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ لِلْإِتْبَاعِ
اهـ، وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ بِلِبَاسٍ أَوْ
نَحْوِهِ نَحْوَ تَكَبُّرٍ كَانَ فَاسِقًا أَوْ تَشَبُّهًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
ذَلِكَ وَلَا خَرْمَ لِمُرُوءَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَاسُ
عَشِيرَتِهِ وَطَائِفَتِهِ، وَلَوْ غَيَّرَهُ أَيْضًا إلَى لِبَاسِ
الْفُقَهَاءِ لَمْ يَخْرِمْ مُرُوءَتَهُ فَكُلٌّ حَسَنٌ ذَاكَ
لِمُنَاسَبَتِهِ أَهْلَ جِنْسِهِ وَهَذَا لِمُنَاسَبَتِهِ أَهْلَ
وَصْفِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ تَحْتَ الْعَمَائِمِ وَيَلْبَسُ
الْقَلَانِسَ بِغَيْرِ عَمَائِمَ وَيَلْبَسُ الْعَمَائِمَ بِغَيْرِ
قَلَانِسَ وَيَلْبَسُ الْقَلَانِسَ ذَوَاتَ الْآذَانِ فِي الْحُرُوبِ
وَأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا مَا يَعْتَمُّ بِالْعَمَائِمِ
الْحَرْقَانِيَّةِ وَالسُّودِ فِي أَسْفَارِهِ وَيَعْتَجِرُ
اعْتِجَارًا وَالِاعْتِجَارُ أَنْ يَضَعَ عَلَى الرَّأْسِ تَحْتَ
الْعِمَامَةِ شَيْئًا وَأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ تَكُنْ الْعِمَامَةَ
فَيَشُدُّ الْعِصَابَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَجَبْهَتِهِ» وَأَنَّ
الْبَيْهَقِيَّ رَوَى عَنْ رُكَانَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «فَرْقٌ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ» وَعَنْ
ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ» وَبَيَّنَ أَنَّ
الْقَلَنْسُوَةَ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ يُسْتَرُ بِهِ الرَّأْسُ ثُمَّ
قَالَ دَلَّ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ
يَلْبَسُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالصَّحَابَةُ تَحْتَ الْعِمَامَةِ هُوَ الْقَلَنْسُوَةُ وَدَلَّ
قَوْلُهُ بَيْضَاءَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الزُّنُوطِ
الْحُمْرِ، وَأَشْبَهُ شَيْءٍ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ
الْقُطْنِ أَوْ الصُّوفِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِبَابِ
وَالْكِسَاءِ لَا الَّذِي مِنْ جِنْسِ الزُّنُوطِ، إلَى أَنْ قَالَ
وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- يَعْتَمُّ وَيُدِيرُ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَغْرِزُهَا مِنْ
وَرَائِهِ وَيُرْسِلُ لَهَا ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ» وَهَذَا
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عِدَّةُ أَذْرُعٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا
كَانَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا
الْفَرُّوجُ فَقَدْ صَحَّ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ
فَنَزَعَهُ نَزْعًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا
لِلْمُتَّقِينَ» قَالَ الْعُلَمَاءُ الْفَرُّوجُ هُوَ الْقَبَاءُ
الْمُفْرَجُ مِنْ خَلْفٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي لُبْسِ
الْخُلَفَاءِ لَهُ، وَإِنَّمَا نَزَعَهُ لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا
وَكَانَ لُبْسُهُ لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فَنَزَعَهُ لَمَّا
حُرِّمَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَعَهُ
نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ» انْتَهَى اهـ.
سم (قَوْلُهُ: اسْتَرْوَحَا إلَيْهِ) أَيْ أَسْرَعَ الطَّبَرِيُّ
وَغَيْرُهُ إلَى الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ تَعَبِ
تَحْقِيقٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ شَيْءٌ إلَخْ) خَبَرٌ وَمَا
وَقَعَ لِلطَّبَرِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الرِّدَاءِ) أَيْ رِدَائِهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ
إلَخْ) بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَشِبْرَانِ) أَوْ لِعَطْفِ
مَدْخُولِهِ عَلَى وَنِصْفٌ، وَالْوَاوُ لِعَطْفِ مَدْخُولِهِ عَلَى
أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ: إلَّا الْقَوْلُ الثَّانِي) وَهُوَ
أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ
(قَوْلُهُ وَالْمُبَالَغَةُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى تَحْسِينُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ) أَيْ الْمَلْبُوسِ (قَوْلُهُ:
وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى تَسَاوِيهِمَا أَيْ
وَاحْتَمَلَ أَفْضَلِيَّةَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ
(وَقَوْلُهُ: وَأَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي إلَخْ) عُطِفَ عَلَيْهِ
أَيْضًا وَهُوَ الْأَرْفَعُ بِالْقَصْدِ الْمَذْكُورِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّوَسُّعُ عَلَى الْعِيَالِ) كَذَا فِي أَصْلِهِ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي نُسْخَةِ السَّيِّدِ عُمَرَ
الْبَصْرِيِّ وَنُسَخٍ صَحِيحَةٍ أُخْرَى التَّوْسِيعُ مُصْطَفَى
الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِيثَارِ شَهْوَتِهِمْ إلَخْ) كَقَوْلِهِ
وَالتَّوَسُّعُ عُطِفَ عَلَى إكْرَامِ ضَيْفٍ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ
تَكَلُّفٍ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ)
أَيْ نَدْبَ الْحَفَاءِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ) أَيْ
كَدُخُولِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الشُّرُوطِ) وَهِيَ قَصْدُ
التَّوَاضُعِ وَأَمْنُ الْمُؤْذِي وَأَمْنُ التَّنَجُّسِ.
(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ
وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ إلَخْ) وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ
غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي
الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ نِهَايَةٌ وَإِمْدَادٌ زَادَ شَرْحُ
بَافَضْلٍ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَكْلُ الْخَشِنِ اهـ وَاعْتَمَدَ
الْمُغْنِي كَرَاهَةَ لُبْسِ الْخَشِنِ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ مَا
فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ» وَعَنْ
ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ» وَبَيَّنَ أَنَّ
الْقَلَنْسُوَةَ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ لِيُسْتَرَ بِهِ الرَّأْسُ
ثُمَّ قَالَ دَلَّ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ
يَلْبَسُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالصَّحَابَةُ تَحْتَ الْعِمَامَةِ هُوَ الْقَلَنْسُوَةُ، وَدَلَّ
قَوْلُهُ بَيْضَاءَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الزُّنُوطِ
الْحُمْرِ، وَأَشْبَهُ شَيْءٍ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ
الْقُطْنِ أَوْ الصُّوفِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِبَابِ
وَالْكِسَاءِ لَا الَّذِي مِنْ جِنْسِ الزُّنُوطِ إلَى أَنْ قَالَ
وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ
السَّلَامِ قَالَ «سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَمُّ قَالَ كَانَ يُدِيرُ
الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَغْرِزُهَا مِنْ وَرَائِهِ وَيُرْسِلُ
لَهَا ذُؤَابَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا
عِدَّةُ أَذْرُعٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ نَحْوَ الْعَشَرَةِ
أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا الْفَرُّوجُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ فَصَلَّى
فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا كَالْكَارِهِ لَهُ وَقَالَ
لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ» قَالَ الْعُلَمَاءُ الْفَرُّوجُ
هُوَ الْقَبَاءُ الْمُفْرَجُ مِنْ خَلْفٍ وَهَذَا
(3/34)
بِنِسَاءٍ أَوْ عَكْسَهُ فِي لِبَاسٍ
اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ لِلَّعْنَةِ فِي
الْحَدِيثِ وَيَحْرُمُ عَلَى غَنِيٍّ لُبْسُ خَشِنٍ لِيُعْطَى لِمَا
يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِي شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ فِيهِ
وَخَلَا عَنْهَا بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ وَلَمْ
يَمْلِكْهُ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَى جِلْدِ سَبُعٍ كَنَمِرٍ
وَفَهْدٍ بِهِ شَعْرٌ، وَإِنْ جُعِلَ إلَى الْأَرْضِ عَلَى
الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمُتَكَبِّرِينَ.
وَحَرَّمَ جَمْعٌ لُبْسَ فَرْوَةِ السِّنْجَابِ وَالصَّوَابُ حِلُّهَا
كَجُوخٍ وَجُبْنٍ اُشْتُهِرَ عَمَلُهُمَا بِشَحْمِ خِنْزِيرٍ بَلْ لَا
يُفِيدُ عِلْمُ ذَلِكَ إلَّا فِي فَرْوٍ مُعَيَّنٍ دُونَ مُطْلَقِ
الْجِنْسِ، وَفَرْوُ الْوَشَقِ شَعْرُهُ نَجِسٌ، وَإِنْ دُبِغَ؛
لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ.
وَيُسَنُّ نَفْضُ فَرْشٍ احْتَمَلَ حُدُوثَ مُؤْذٍ عَلَيْهِ لِلْأَمْرِ
بِهِ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ
الْحَبَرَةَ» وَهِيَ ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ بَلْ صَحَّ أَنَّهَا أَحَبُّ
الثِّيَابِ إلَيْهِ «وَقَالَ فِي ثَوْبٍ خَيْطُهُ أَحْمَرُ خَلَعَهُ
وَأَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ خَشِيتُ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَتَفْتِنَنِي
عَنْ صَلَاتِي» وَبَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ مَعَ كَوْنِ الْمُقَرَّرِ
عِنْدَنَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ
عَلَيْهِ،.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا أَحْبِيَةٌ خَاصَّةٌ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ
جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ فِي الْقَمِيصِ كَوْنُهُ
مِنْ قُطْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِ
اللِّبَاسِ كَالْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ
وَغَيْرِهَا، وَيَلِيهِ الصُّوفُ لِحَدِيثٍ فِي الْأَوَّلِ
وَحَدِيثَيْنِ فِي الثَّانِي، لَكِنَّ ذَاكَ أَقْوَى مِنْ هَذَيْنِ،
وَكَوْنُهُ قَصِيرًا بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْكَعْبَ، وَكَوْنُهُ
إلَى نِصْفِ السَّاقِ أَفْضَلُ، وَتَقْصِيرُ الْكُمَّيْنِ بِأَنْ
يَكُونَ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ
كَكُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِقَصْدِ
الْخُيَلَاءِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ، وَإِلَّا كُرِهَ إلَّا لِعُذْرٍ
كَأَنْ تَمَيَّزَ الْعُلَمَاءُ بِشِعَارٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلَبِسَهُ
لِيُعْرَفَ فَيُسْأَلَ أَوْ لِيُمْتَثَلَ كَلَامُهُ، بَلْ لَوْ
تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ مُحَرَّمٍ أَوْ فِعْلُ وَاجِبٍ عَلَى ذَلِكَ
وَجَبَ، وَأَطْلَقُوا أَنَّ تَوْسِعَةَ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ
وَمَحَلُّهُ فِي الْفَاحِشَةِ.
وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ ضَيِّقِ الْكُمَّيْنِ حَضَرًا
وَسَفَرًا لِلِاتِّبَاعِ وَزَعْمُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْغَزْوِ
مَمْنُوعٌ، نَعَمْ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ فِيهِ سُنَّةٌ كَمَا صَرَّحَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ) أَيْ أَوْ غَلَبَ فِيهِ عَلَى مَا
مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي آخِرِ
الْهِبَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ: نَحْوُ جُلُوسٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ
وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْفَهْدِ
وَالنَّمِرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِهِ شَعْرٌ إلَخْ) وَفِي الْإِيعَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا
أُزِيلَ وَبَرُهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُعِلَ
إلَخْ) أَيْ شَعْرَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ حِلُّهَا إلَخْ) وَيَحِلُّ أَيْضًا فَرْوُ
الْقُنْدِ وَقَاقَمٍ وَحَوْصَلٍ وَسَمُّورٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ
(قَوْلُهُ: كَجُوخٍ وَجُبْنٍ إلَخْ) أَيْ وَسُكَّرٍ اُشْتُهِرَ
عَمَلُهُ بِدَمِ الْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُفِيدُ إلَخْ)
تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا فِي فَرْوٍ)
كَذَا بِالْوَاوِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِالدَّالِ
وَهِيَ أَفْيَدُ وَأَنْسَبُ (قَوْلُهُ: فِي فَرْدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ
عُلِمَ عَمَلُهُ بِذَلِكَ بِخُصُوصِهِ (وَقَوْلُهُ: دُونَ مُطْلَقِ
الْجِنْسِ) أَيْ دُونَ أَمْثَالِ ذَلِكَ الْفَرْدِ الَّتِي لَمْ
يُعْلَمْ عَمَلُهَا بِذَلِكَ فَلَا تَحْرُمُ، وَإِنْ اتَّحَدَ
الصَّانِعُ وَالْمُصْنَعُ (قَوْلُهُ: شَعْرُهُ نَجِسٌ) هَذِهِ
الْجُمْلَةُ خَبَرُ وَفَرْوُ الْوَشَقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ)
أَيْ الْوَشَقَ.
(قَوْلُهُ: حُدُوثَ مُؤْذٍ) أَيْ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ
(قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ) أَيْ فِي شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: خَلَعَهُ) صِفَةٌ
ثَانِيَةٌ لِثَوْبٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ (وَقَوْلُهُ: خَشِيتُ إلَخْ)
مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْحَدِيثَيْنِ
(قَوْلُهُ: فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ
لَابِسًا لَهُ أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ أَوْ وَاقِفًا عَلَيْهِ
وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالِافْتِتَانِ تَقْيِيدُ
الْمُخَطَّطِ بِالظُّهُورِ بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ،
بِخِلَافِ مَا إذَا غَطَّاهُ بِمَا يَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إلَيْهِ
كَأَنْ لَبِسَ فَوْقَهُ غَيْرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى خُطُوطِ هَذَا الثَّوْبِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَلَوْ حُمِلَ
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَلَى ذِي خُطُوطٍ غَرِيبَةٍ مِنْ شَأْنِهَا
إشْغَالُ الْخَاطِرِ لَمْ يَبْعُدْ، فَإِنَّهُ مِنْ الْوَقَائِعِ
الْفِعْلِيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ
أَحْبِيَةَ الْحَبَرَةِ (قَوْلُهُ: ذَاكَ) أَيْ حَدِيثُ الْقُطْنِ
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ تَوَقَّفَتْ فِي
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ فَسَقَ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ إلَخْ) أَيْ الْقَمِيصِ أَيْ وَنَحْوِهِ
لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا إرْسَالُ الثَّوْبِ
عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ وَيُكْرَهُ لَهَا الزِّيَادَةُ عَلَى
ذَلِكَ، وَابْتِدَاءُ الذِّرَاعِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ
شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ وَإِمْدَادٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي
إلَّا أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ الْحَدِّ
الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ، قَالَ
الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحِ فِي
النَّفَقَاتِ مِنْ التُّحْفَةِ وَاسْتَوْجَهَهُ فِي الْإِيعَابِ
وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَبِسَهُ لِيُعْرَفَ إلَخْ) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُمْ
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى
غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهَ بِهِمْ فِيهِ لِيَلْحَقُوا بِهِمْ ع ش
وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ
بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ، نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا
لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ
فَيُسْأَلُوا إلَخْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا
وَيَسَارِهِ خَلْعًا وَأَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ
وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ
يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا
لَبِسَهَا الشَّيْطَانُ كَمَا وَرَدَ اهـ زَادَ الْأَوَّلَانِ
وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ
نَحْوِهَا كَخُفٍّ وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَاءِ وَهُوَ
الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ
وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا اهـ وَزَادَ شَيْخُنَا، فَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ أَيْ الدَّقُّ وَالصَّقْلُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ
كَانَ مِنْ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ
اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ
مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ
أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ
فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى
ظَهْرِ نَعْلِ الْيَسَارِ مَثَلًا ثُمَّ يَخْرُجَ بِالْيَمِينِ
فَيَلْبَسَ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسَ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ
بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ
بِالْيَسَارِ، وَقَوْلُ م ر وَأَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا إلَخْ
أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّ لَفُّهَا عَلَى
هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ
إرَادَةِ اللُّبْسِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الْخُلَفَاءِ لَهُ، وَإِنَّمَا نَزَعَهُ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا
وَكَانَ لُبْسُهُ لَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ فَنَزَعَهُ لَمَّا
حُرِّمَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَعَهُ
نَهَانِي عَنْهُ جِبْرِيلُ» اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ ضَيِّقِ الْكُمَّيْنِ
حَضَرًا وَسَفَرًا إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ رَجُلٌ لَيْسَ
لَهُ إلَّا ثَوْبٌ فَصَّلَهُ وَلَبِسَ ثَوْبًا قَصِيرَ الْكُمِّ
(3/35)
بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَبْعُدْ،
وَتُسَنُّ الْعِمَامَةُ لِلصَّلَاةِ وَلِقَصْدِ التَّجَمُّلِ
لِلْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ فِيهَا وَاشْتِدَادُ ضَعْفِ كَثِيرٍ
مِنْهَا يَجْبُرُهُ كَثْرَةُ طُرُقِهَا وَزَعَمُ وَضْعِ كَثِيرٍ
مِنْهَا تَسَاهُلٌ كَمَا هُوَ عَادَةُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ هُنَا
وَالْحَاكِمِ فِي التَّصْحِيحِ أَلَا تَرَى إلَى حَدِيثِ «اعْتَمُّوا
تَزْدَادُوا حِلْمًا» حَيْثُ حَكَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِوَضْعِهِ
وَالْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ اسْتِرْوَاحًا مِنْهُمَا عَلَى عَادَتِهِمَا،
وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِكَوْنِهَا عَلَى الرَّأْسِ أَوْ نَحْوِ
قَلَنْسُوَةٍ تَحْتَهَا، وَفِي حَدِيثٍ مَا يَدُلُّ عَلَى
أَفْضَلِيَّةِ كِبَرِهَا لَكِنَّهُ شَدِيدُ الضَّعْفِ وَهُوَ وَحْدُهُ
لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَيَنْبَغِي
ضَبْطُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا بِمَا يَلِيقُ بِلَابِسِهَا عَادَةً فِي
زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ، فَإِنْ زَادَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ كُرِهَ
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ كَرَاهَةَ كِبَرِهَا وَتَتَقَيَّدُ
كَيْفِيَّتُهَا بِعَادَتِهِ أَيْضًا
وَمِنْ ثَمَّ انْخَرَمَتْ مُرُوءَةُ فَقِيهٍ يَلْبَسُ عِمَامَةَ سُوقَى
لَا تَلِيقُ بِهِ وَعَكْسُهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ خَرْمَهَا مَكْرُوهٌ
بَلْ حَرَامٌ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ
إبْطَالًا لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ مَحَلٍّ
بِإِزْرَائِهَا مِنْ أَصْلِهَا لَمْ تَنْخَرِمْ بِهَا الْمُرُوءَةُ
خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيَأْتِي فِي الطَّيْلَسَانِ خِلَافُ ذَلِكَ
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ نَدْبَهَا عَامٌّ فِي أَصْلِ وَضْعِهَا فَلَمْ
يُنْظَرْ لِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ، فَإِنَّ أَصْلَ وَضْعِهِ لِلرُّؤَسَاءِ
كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَفِي
حَدِيثَيْنِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ نَدْبِهَا مِنْ أَصْلِهَا لَكِنْ
قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ لَا أَصْلَ لَهُمَا، وَالْأَفْضَلُ فِي
لَوْنِهَا الْبَيَاضُ وَصِحَّةُ «لُبْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَنُزُولُ أَكْثَرِ الْمَلَائِكَةِ
يَوْمَ بَدْرٍ بِعَمَائِمَ صُفُرٍ» وَقَائِعُ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا
تُنَافِي عُمُومَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْآمِرِ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ
وَأَنَّهُ خَيْرُ الْأَلْوَانِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَلَا
بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ اللَّاطِئَةِ بِالرَّأْسِ
وَالْمُرْتَفِعَةِ الْمُضْرِبَةِ وَغَيْرِهَا تَحْتَ الْعِمَامَةِ
وَبِلَا عِمَامَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِقَوْلِ الرَّاوِي وَبِلَا عِمَامَةٍ
قَدْ يَتَأَيَّدُ بَعْضُ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّوَاحِي
مِنْ تَرْكِ الْعِمَامَةِ مِنْ أَصْلِهَا وَتَمَيُّزِ عُلَمَائِهِمْ
بِطَيْلَسَانٍ عَلَى قَلَنْسُوَةٍ بَيْضَاءَ لَاصِقَةٍ بِالرَّأْسِ،
لَكِنْ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْأَفْضَلُ مَا عَلَيْهِ مَا عَدَا
هَؤُلَاءِ مِنْ النَّاسِ مِنْ لُبْسِ الْعِمَامَةِ بِعَذَبَتِهَا
وَرِعَايَةِ قَدْرِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا السَّابِقَيْنِ، وَلَا يُسَنُّ
تَحْنِيكُ الْعِمَامَةِ عِنْدَنَا وَاخْتَارَ بَعْضُ حُفَّاظٍ هُنَا
مَا عَلَيْهِ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ وَهُوَ
تَحْزِيقُ الرَّقَبَةِ وَمَا تَحْتَ الْحَنَكِ وَاللِّحْيَةِ بِبَعْضِ
الْعِمَامَةِ
وَقَدْ أَجَبْت فِي الْأَصْلِ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أُولَئِكَ
وَأَطَالُوا فِيهِ وَجَاءَ فِي الْعَذَبَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ
مِنْهَا صَحِيحٌ وَمِنْهَا حَسَنٌ نَاصَّةٌ عَلَى فِعْلِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا لِنَفْسِهِ وَلِجَمَاعَةٍ مِنْ
أَصْحَابِهِ وَعَلَى أَمْرِهِ بِهَا وَلِأَجْلِ هَذَا تَعَيَّنَ
تَأْوِيلُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ تَعَمَّمَ فَلَهُ
فِعْلُ الْعَذَبَةِ وَتَرْكُهَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ
مِنْهُمَا، زَادَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ
عَنْ تَرْكِ الْعَذَبَةِ شَيْءٌ انْتَهَى، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَهُ
فِعْلُ الْعَذَبَةِ، الْجَوَازُ الشَّامِلُ لِلنَّدْبِ، وَتَرْكُهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ
إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا أَوْ عَدَمِ تَأَكُّدِ
نَدْبِهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ أَيْ وَلَوْ دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ فَيُخْرِجُ يَسَارَهُ مِنْ
نَعْلِهَا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ نَعْلِهَا ثُمَّ يُخْرِجُ
يَمِينَهُ مِنْ نَعْلِهَا وَيَضَعُهَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَضَعُ
الْيَسَارَ فِيهِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ بِخَلْعِ
الْيَسَارِ وَالدُّخُولِ بِالْيَمِينِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلِقَصْدِ التَّجَمُّلِ) أَيْ فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ
وَالْمَسْجِدِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ) أَيْ
التَّسَاهُلُ (وَقَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي التَّوْضِيعِ.
(قَوْلُهُ: اسْتِرْوَاحًا) أَيْ طَلَبًا لِلرَّاحَةِ عَنْ تَعَبِ
التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّأْسِ) أَيْ بِلَا قَلَنْسُوَةٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِ قَلَنْسُوَةٍ إلَخْ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى
الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَدِيدُ الضَّعْفِ (قَوْلُهُ: وَلَا
فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ) عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا فِي
غَيْرِ الْفَضَائِلِ وَلَا فِي الْفَضَائِلِ (قَوْلُهُ: عَادَةً) أَيْ
بِحَسَبِ عَادَةِ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ مَا يَزِيدُ
عَلَى اللَّائِقِ (قَوْلُهُ: كَيْفِيَّتُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ
اللَّفُّ وَاللَّوْنُ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ مُرُوءَةُ سُوقِيٍّ
بِلُبْسِ عِمَامَةِ فَقِيهٍ (قَوْلُهُ: بِعَادَتِهِ) أَيْ عَادَةِ
أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) أَيْ
فِي الشَّهَادَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي
الْخَرْمِ مَعَ كَوْنِهِ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ:
بِإِزْرَائِهَا) أَيْ تَرْكِ الْعِمَامَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَذَكُّرُ
الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ عَدَمُ نَدْبِهَا مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ:
خِلَافُ ذَلِكَ) أَيْ خَرْمُ مُرُوءَةِ لَابِسِهِ إذَا اطَّرَدَتْ
عَادَةُ مَحَلِّهِ بِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي حَدِيثَيْنِ إلَخْ)
تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ، فَإِنَّ أَصْلَ وَضْعِهِ إلَخْ، وَالْوَاوُ
بِمَعْنَى بَلْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْخَرِمْ بِهَا) يَعْنِي بِلُبْسِ
الْعِمَامَةِ (قَوْلُهُ: وَنُزُولُ أَكْثَرِ الْمَلَائِكَةِ) أَيْ
وَصِحَّةُ نُزُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ
الْقَلَنْسُوَةِ) أَيْ وَلَا بِلُبْسِ الْعِمَامَةِ بِلَا قَلَنْسُوَةٍ
وَلَا بِشَدِّ عِصَابَةٍ عَلَى الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ بِلَا
عِمَامَةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ السُّيُوطِيّ (قَوْلُهُ: اللَّاطِئَةِ
بِالرَّأْسِ) أَيْ اللَّاصِقَةِ بِهِ (قَوْلُهُ الْمُضْرِبَةِ إلَخْ)
أَيْ الْمَحْشُوَّةِ صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِلْقَلَنْسُوَةِ (قَوْلُهُ:
وَبِلَا عِمَامَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ
(قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِ الرَّاوِي إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قَدْ
يَتَأَيَّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدْ يَتَأَيَّدُ بَعْضُ مَا اعْتَادَهُ)
كَذَا فِي أَصْلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
بِإِثْبَاتِ لَفْظَةِ بَعْضٍ وَلَا ثُبُوتَ لَهَا فِي أَكْثَرِ
النُّسَخِ مُصْطَفَى الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَتَمَيُّزِ إلَخْ)
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَرْكِ الْعِمَامَةِ (قَوْلُهُ: وَرِعَايَةِ
قَدْرِهَا إلَخْ) أَيْ الْعِمَامَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ) أَيْ التَّأَيُّدِ (قَوْلُهُ:
أُولَئِكَ) أَيْ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَوْ الْكَثِيرُونَ مِنْ
الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَجَاءَ فِي الْعَذَبَةِ إلَخْ) هِيَ اسْمٌ
لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُمَاشِ تُغْرَزُ فِي مُؤَخَّرِ الْعِمَامَةِ
وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا إرْخَاءُ جُزْءٍ مِنْ طَرَفِ
الْعِمَامَةِ مِنْ مَحَلِّهَا ع ش أَقُولُ بَلْ الْمُرَادُ
بِالْعَذَبَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ إرْسَالَ طَرَفِ الْعِمَامَةِ كَمَا
فِي الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَالسُّنَّةُ أَنْ
تَكُونَ الْعَذَبَةُ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَيَجُوزُ لُبْسُ
الْعِمَامَةِ بِإِرْسَالِ طَرَفِهَا وَبِدُونِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي
وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ إرْخَاؤُهُ اهـ وَكَذَا فِي
الْأَسْنَى إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَدَلَ الِاسْتِدْرَاكِ وَصَحَّ فِي
إرْخَائِهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ
«كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَقَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا
بَيْنَ كَتِفَيْهِ» اهـ.
(قَوْلُهُ: نَاصَّةٌ إلَخْ) صِفَةٌ لِأَحَادِيثَ إلَخْ (قَوْلُهُ:
وَلِأَجْلِ هَذَا) أَيْ مَجِيءِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ فِي الْعَذَبَةِ
(قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَهُ فِعْلُ الْعَذَبَةِ) أَيْ بِأَنَّ
مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا لَهُ فِعْلُ الْعَذَبَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَخَرَجَ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَهَلْ فِي ذَلِكَ مِنْ عَيْبٍ أَوْ
يَقْدَحُ فِي الدِّينِ وَإِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَهَلْ هُوَ
مُصِيبٌ فِي إنْكَارِهِ أَوْ مُخْطِئٌ، فَأَجَابَ لَيْسَ فِي هَذِهِ
اللِّبْسَةِ مِنْ عَيْبٍ وَلَا تَقْدَحُ فِي الدِّينِ بَلْ
التَّقَشُّفُ فِي الْمَلْبَسِ سُنَّةٌ حَضَّ عَلَيْهَا سَيِّدُ
الْمُرْسَلِينَ وَهُوَ شِعَارُ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَنَصَّ
أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْكُمِّ فَقَدْ
صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(3/36)
وَقَدْ اسْتَدَلُّوا بِكَوْنِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ
تَارَةً وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أُخْرَى عَلَى أَنَّ كُلًّا
مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ أَصْلَهَا
سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّنِّيَّةَ فِي إرْسَالِهَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ
فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ فَأَوْلَى أَنْ
تُؤْخَذَ سُنِّيَّةُ أَصْلِهَا مِنْ فِعْلِهِ لَهَا وَأَمْرُهُ بِهَا
مُتَكَرِّرًا، ثُمَّ إرْسَالُهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ أَفْضَلُ مِنْهُ
عَلَى الْأَيْمَنِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الْأَوَّلِ أَصَحُّ، وَأَمَّا
إرْسَالُ الصُّوفِيَّةِ لَهَا عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِكَوْنِهِ
جَانِبَ الْقَلْبِ فَتُذَكِّرُ تَفْرِيغَهُ مِمَّا سِوَى رَبِّهِ
فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَحْسَنُوهُ وَالظَّنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ
يَبْلُغْهُمْ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ فَكَانُوا مَعْذُورِينَ، وَأَمَّا
بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُمْ السُّنَّةُ فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي
مُخَالَفَتِهَا وَكَانَ حِكْمَةُ نَدْبِهَا مَا فِيهَا مِنْ الْجَمَالِ
وَتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ، وَأَبْدَى بَعْضُ مُجَسِّمِي الْحَنَابِلَةِ
لِجَعْلِهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ حِكْمَةً تَلِيقُ بِمُعْتَقَدِهِ
الْبَاطِلِ فَاحْذَرْهُ، وَوَقَعَ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ هُنَا مَا
رَدُّوهُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَمْ يُفَارِقْهَا - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهَا أَحْيَانًا، وَكَقَوْلِهِ
طَوِيلَةً، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ فِيهَا طُولًا نِسْبِيًّا حَتَّى
أُرْسِلَتْ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ فَوَاضِحٌ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ
فَلَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي
طُولِهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَأَكْثَرُ مَا وَرَدَ ذِرَاعٌ
وَبَيْنَهُمَا شِبْرٌ انْتَهَى، وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُرْمَةُ
إفْحَاشِ طُولِهَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ كُرِهَ
وَذِكْرُهُمْ الْإِفْحَاشَ بَلْ وَالطُّولَ بَلْ هِيَ مِنْ أَصْلِهَا
تَمْثِيلٌ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ سَبَبَ الْإِثْمِ إنَّمَا هُوَ
قَصْدُ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ، فَإِذَا وُجِدَ التَّصْمِيمُ عَلَى
فِعْلِهَا لِهَذَا الْغَرَضِ أَثِمَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا عَلَى
الْأَصَحِّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ صَمَّمَ عَلَى
فِعْلِهَا وَفِي حَدِيثٍ حَسَنٍ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا ذَا شُهْرَةٍ
أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا» أَيْ مَنْ لَبِسَهُ
بِقَصْدِ الشُّهْرَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِقَصْدِ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ
لِخَبَرِ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا يُبَاهِي بِهِ النَّاسَ لَمْ يَنْظُرْ
اللَّهُ إلَيْهِ حَتَّى يَرْفَعَهُ» ، وَلَوْ خَشِيَ مَنْ إرْسَالِهَا
نَحْوَ خُيَلَاءَ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِهَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ
بَلْ يَفْعَلُهَا وَبِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ فِي إزَالَةِ نَحْوِ
الْخُيَلَاءِ مِنْهَا، فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَضُرَّ حِينَئِذٍ خُطُورُ
نَحْوِ رِيَاءٍ؛ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ عَلَيْهِ فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ
كَسَائِرِ الْوَسَاوِسِ الْقَهْرِيَّةِ، غَايَةُ مَا يُكَلَّفُ بِهِ
أَنَّهُ لَا يَسْتَرْسِلُ مَعَ نَفْسِهِ فِيهَا بَلْ يَشْتَغِلُ
بِغَيْرِهَا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا طَرَأَ قَهْرًا عَلَيْهِ بَعْدَ
ذَلِكَ، وَخَشْيَةَ إيهَامِهِ النَّاسَ صَلَاحًا أَوْ عِلْمًا خَلَا
عَنْهُ بِإِرْسَالِهَا لَا يُوجِبُ تَرْكَهَا أَيْضًا بَلْ يَفْعَلُهَا
وَيُؤْمَرُ بِمُعَالَجَةِ نَفْسِهِ كَمَا ذُكِرَ، وَبَحَثَ
الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي
بِزِيِّهِ إنْ غَرَّبِهِ غَيْرَهُ حَتَّى يَظُنَّ صَلَاحَهُ
فَيُعْطِيَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ هَذَا التَّغْرِيرَ، وَأَمَّا
حُرْمَةُ الْقَبُولِ فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ
كُلَّ مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ
قَبُولُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا إنْ كَانَ بَاطِنًا كَذَلِكَ،
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِغَيْرِ
الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً أَيْ عَلَى
نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ تَخَيَّلَ لَهَا أَوْ لَهُ صَلَاحَهَا
وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَثُرَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا
مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي الطَّيْلَسَانِ وَقَدْ لَخَّصْت
الْمُهِمَّ مِنْهُ فِي الْمُؤَلَّفِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَأَرَدْت
هُنَا أَنْ أُلَخِّصَ الْمُهِمَّ مِنْ هَذَا الْمُلَخَّصِ بِأَوْجَزِ
عِبَارَةٍ، فَقُلْت هُوَ قِسْمَانِ مُحَنَّكٌ وَهُوَ ثَوْبٌ طَوِيلٌ
عَرِيضٌ قَرِيبٌ مِنْ طُولِ وَعَرْضِ الرِّدَاءِ عَلَى مَا مَرَّ
مُرَبَّعٌ يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ فَوْقَ نَحْوِ عِمَامَةٍ
وَيُغَطَّى بِهِ أَكْثَرُ الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ فِيهِ وَيُحْذَرُ مِنْ
تَغْطِيَتِهِ الْفَمَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ
يُدَارُ طَرَفُهُ وَالْأَوْلَى الْيَمِينُ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ
فِيهِ مِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ إلَى أَنْ يُحِيطَ بِالرَّقَبَةِ
جَمِيعِهَا ثُمَّ يُلْقَى طَرَفَاهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَهَذَا
أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي تَعْرِيفِهِ لَا مَا قِيلَ فِيهِ مِمَّا
بَعْضُهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَانِعٍ، وَبَيَّنْت فِي
الْأَصْلِ كَيْفِيَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ يُقَارِبَانِ هَذِهِ وَقَدْ
يُلْحَقَانِ بِهَا فِي تَحْصِيلِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَيُطْلَقُ
مَجَازًا عَلَى الرِّدَاءِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةً مُخْتَصٌّ بِمَا
يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ كَثِيرِينَ مِنْ
السَّلَفِ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ طَيْلَسَانٍ لَمْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ
وَمُقَوَّرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ فَيَشْمَلُ
الْمُدَوَّرَ وَالْمُثَلَّثَ الْآتِيَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ
وَالْمُرَبَّعَ وَالْمَسْدُولَ وَهُوَ مَا يُرْخَى طَرَفَاهُ مِنْ
غَيْرِ أَنْ يَضُمَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَوْ بِيَدِهِ وَمِنْهُ
الطَّرْحَةُ الَّتِي كَانَتْ مُعْتَادَةً لِقَاضِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَدَلُّوا إلَخْ) إثْبَاتٌ لِنَدْبِ الْعَذَبَةِ
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اسْتِدْلَالُ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورُ
(قَوْلُهُ: فِي إرْسَالِهَا) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ إرْسَالِهَا
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إرْسَالُهَا إلَخْ) قَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَسْنَى
وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ الْعَذَبَةُ
بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ اهـ أَنَّ إرْسَالَهَا إلَى الْأَيْمَنِ خِلَافُ
السُّنَّةِ وَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْإِرْسَالُ خِلَافًا
لِمَا يُوهِمُهُ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِصِيغَةِ اسْمِ التَّفْضِيلِ
فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: فَتُذَكِّرُ) أَيْ الْعَذَبَةُ الْمُرْسَلَةُ عَنْ
الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ (قَوْلُهُ: حِكْمَةُ نَدْبِهَا) أَيْ نَدْبُ
أَصْلِ الْعَذَبَةِ (قَوْلُهُ: بَعْضُ مُجَسِّمِي الْحَنَابِلَةِ)
يَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي بَيَانِ
الْعَذَبَةِ قَوْلُهُ وَمَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ زَادَ عَلَى
ذَلِكَ كَكُلِّ مَا زَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ) أَيْ
الْعَذَبَةُ وَكَانَ الْأَوْلَى بَلْ إيَّاهَا (قَوْلُهُ: قَصْدُ
نَحْوِ الْخُيَلَاءِ) أَيْ كَإِظْهَارِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ:
الْمُسْتَلْزِمَةِ) صِفَةٌ لِقَصْدِ الشُّهْرَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى
التَّذْكِيرَ (قَوْلُهُ: مِنْ إرْسَالِهَا) أَيْ الْعَذَبَةِ
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِتَرْكِ ذَلِكَ الْخَاطِرِ (قَوْلُهُ: فِيهَا)
أَيْ فِي تِلْكَ الْوَسَاوِسِ (خَلَا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الصَّلَاحِ
أَوْ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ بِإِرْسَالِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ
إيهَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُوجِبُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ
وَخَشْيَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ)
مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ: فَيُعْطِيهِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ
الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ) أَيْ فِي أَوَائِلِ الْفَائِدَةِ
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ:
وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ أَوْ عَلَى قَصْدِ
التَّغْرِيرِ (يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) هَذَا
الْمَحَلُّ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَلَامِ
الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ هُوَ قِسْمَانِ) أَيْ الطَّيْلَسَانِ
(قَوْلُهُ: نَحْوِ عِمَامَةٍ) أَيْ كَالْقَلَنْسُوَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى
الْكَتِفَيْنِ) أَيْ وَيُرْخَيَانِ إلَى جَانِبِ الصَّدْرِ (قَوْلُهُ:
فِي تَعْرِيفِهِ) أَيْ الْمُحَنَّكِ (قَوْلُهُ: يُقَارِبَانِ إلَخْ)
الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ) أَيْ الطَّيْلَسَانُ
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ:
وَمُقَوَّرِ) وَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مُحَنَّكٌ (قَوْلُهُ:
وَالْمُرَبَّعَ) فِي جَعْلِهِ مِمَّا عَدَا الْأَوَّلَ مَعَ ذِكْرِهِ
فِي تَعْرِيفِهِ السَّابِقِ تَوَقُّفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاوُ
الْمَسْدُولِ مِنْ مَزِيدَاتِ النَّاسِخِينَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ)
أَيْ الْمَسْدُولُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَسْدُولِ
(قَوْلُهُ: الطَّرْحَةُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَانَ كُمُّهُ إلَى الرُّسْغِ وَأَنَّهُ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ
الْكُمَّيْنِ» وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ تَطْوِيلُ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ
وَإِسْرَافٌ ثُمَّ أَطَالَ الِاسْتِدْلَالَ لِذَلِكَ
(3/37)
الْقُضَاةِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُخْتَصَّةِ
بِهِ وَفَعَلَهَا أَجِلَّاءٌ مِنْ مُنْذُ مِئَاتٍ مِنْ السِّنِينَ
وَهُوَ عَجِيبٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مَكْرُوهَةٌ
لِكَوْنِهَا مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ وَلِأَنَّ فِيهَا السَّدْلَ
الْمَكْرُوهَ بِكَيْفِيَّتَيْهَا الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْأَصْلِ
مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْمُقَوَّرَةِ وَوَجْهِ تَسْمِيَتِهِ
بِذَلِكَ وَبَيَانِ مَا أُلْحِقَ بِهِ وَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ
الْآنَ، نَعَمْ يَقْرَبُ مِنْ شَكْلِهِ خِرْقَةُ الْمُتَصَوِّفَةِ
الَّتِي يَجْعَلُونَهَا تَحْتَ عَمَائِمِهِمْ وَأَحَدُ قِسْمَيْ
الطَّرْحَةِ
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى هَيْئَةِ
السَّدْلِ بِأَنْ يُلْقِيَ طَرَفَيْ نَحْوِ رِدَائِهِ مِنْ
الْجَانِبَيْنِ وَلَا يَرُدَّهُمَا عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَلَا
يَضُمَّهُمَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مَكْرُوهٌ.
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ أُولَئِكَ فَلَعَلَّهُمْ كَانُوا مُكْرَهِينَ
عَلَيْهَا كَلُبْسِ الْخِلَعِ الْحَرِيرِ الصِّرْفِ، لَكِنْ يُنَافِيهِ
مَا يَزْدَادُ التَّعَجُّبُ مِنْهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَوْلَا أَخْشَى
عَلَى شِعَارِ الْقُضَاةِ لَأَبْطَلْتهَا وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا عَدُّ
وَلَدِهِ لِهَذِهِ السَّقْطَةِ فِي تَرْجَمَتِهِ ثُمَّ حُكْمُ
الْقِسْمِ الْأَوَّلِ النَّدْبُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ كَمَا
قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ
وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ تَأَكُّدُهُ لِلصَّلَاةِ
وَحُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْمَسْجِدِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، قَالُوا
وَكُلُّ مَنْ صَرَّحَ أَوْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ كَرَاهَةَ
الطَّيْلَسَانِ، فَإِنَّمَا أَرَادَ قِسْمَهُ الثَّانِيَ بِأَنْوَاعِهِ
الْمُتَّفَقِ عَلَى كَرَاهَةِ جَمِيعِهَا وَأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ
الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى وَلِأَجْلِ ذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ
إنْكَارَ أَنَسٍ عَلَى قَوْمٍ حَضَرُوا الْجُمُعَةَ مُتَطَيْلِسِينَ
إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ طَيَالِسَتِهِمْ مُقَوَّرَةً كَطَيَالِسَةِ
الْيَهُودِ وَكَذَا طَيَالِسَةُ الْيَهُودِ السَّبْعِينَ أَلْفًا
الَّذِينَ مَعَ الدَّجَّالِ فَهِيَ مُقَوَّرَةٌ أَيْضًا كَمَا
يُصَرِّحُ بِهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَجَاءَ فِي الْمُحَنَّكِ
الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ الْمَنْدُوبُ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ وَغَيْرُهَا
وَآثَارٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ
بِفِعْلِهِ وَطَلَبِهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةِ إلَى بَعْضِ
فَوَائِدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ الرَّدُّ الشَّنِيعُ
عَلَى مَنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ نَدْبِ الطَّيْلَسَانِ إنْ
أَرَادَ الْمُحَنَّكَ الْمَذْكُورَ، وَلِذَا أَجَبْتُ عَنْهُ بِأَنَّهُ
أَرَادَ مَا عَدَا الْأَوَّلِ، نَعَمْ وَقَعَ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ
التَّعْبِيرُ عَنْ التَّطْلِيسِ بِالتَّقَنُّعِ وَعَنْ الطَّيْلَسَانِ
بِالْقِنَاعِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي «مَجِيئِهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ
مُتَقَنِّعًا قَوْلُهُ مُتَقَنِّعًا» أَيْ مُتَطَيْلِسًا رَأْسَهُ
وَهُوَ أَصْلٌ فِي لُبْسِ الطَّيْلَسَانِ وَفِيهِ أَيْضًا التَّقَنُّعُ
تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَأَكْثَرِ الْوَجْهِ بِرِدَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ
أَيْ مَعَ التَّحْنِيكِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقِنَاعَ الَّذِي
يَحْصُلُ بِهِ التَّقَنُّعُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الرِّدَاءُ وَهُوَ
يُسَمَّى طَيْلَسَانًا كَمَا أَنَّ الطَّيْلَسَانَ قَدْ يُسَمَّى
رِدَاءً كَمَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ الرِّدَاءُ
يُسَمَّى الْآنَ الطَّيْلَسَانُ فَمَا عَلَى الرَّأْسِ مِنْ
التَّحْنِيكِ الطَّيْلَسَانُ الْحَقِيقِيُّ وَيُسَمَّى رِدَاءً
مَجَازًا وَمَا عَلَى الْأَكْتَافِ هُوَ الرِّدَاءُ الْحَقِيقِيُّ
وَيُسَمَّى طَيْلَسَانًا مَجَازًا وَالْأَكْمَلُ جَمْعُهُمَا فِي
الصَّلَاةِ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ
التَّقَنُّعُ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي حَدِيثٍ إطْلَاقُ
أَنَّ التَّقَنُّعَ بِاللَّيْلِ رِيبَةٌ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى
حَالٍ يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِمَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُ
أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَلَوْ
لَيْلًا حَيْثُ لَا رِيبَةَ، وَجَاءَ أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - خَرَجَ لَيْلًا مُتَقَنِّعًا وَفِي آخَرَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ
التَّطَيْلُسَ لَا يُسَنُّ لِلْمُعْتَكِفِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ
مُرَادًا بَلْ هُوَ لِلْمُعْتَكِفِ آكَدُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ
الِاعْتِكَافِ الْخَلْوَةُ عَنْ النَّاسِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ
الطَّيْلَسَانَ الْخَلْوَةُ الصُّغْرَى وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ
مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّةِ التَّطَيْلُسِ إذَا لَمْ
تَنْخَرِمْ بِهِ مُرُوءَتُهُ وَإِلَّا كَلُبْسِ سُوقِيٍّ طَيْلَسَانَ
فَقِيهٍ كُرِهَ لَهُ وَاخْتَلَّتْ مُرُوءَتُهُ بِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
وَالْمُخْتَصَّةُ) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الَّتِي إلَخْ
وَلَوْ نَكَّرَهُ عَطْفًا عَلَى مُعْتَادَةً لَكَانَ أَسْبَكَ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّرْحَةِ (قَوْلُهُ مِنْ
مُنْذُ مِئَاتِ إلَخْ) مِنْ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ
فِعْلُ الْإِجْلَاءِ لِلطَّرْحَةِ (قَوْلُهُ بِكَيْفِيَّتِهَا إلَخْ)
مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَالضَّمِيرُ
لِلطَّرْحَةِ (قَوْلُهُ: الْمُقَوَّرَةِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ
وَمَا بَعْدَهُ حَذْفُ التَّاءِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ
بِذَلِكَ) أَيْ تَسْمِيَةُ مُسَمَّى الْمُقَوَّرِ الَّذِي هُوَ
الْقِسْمُ الثَّانِي بِلَفْظِ الْمُقَوَّرِ (قَوْلُهُ: مَا أُلْحِقَ
بِهِ) أَيْ بِالْمُقَوَّرِ (قَوْلُهُ: وَأَحَدُ قِسْمَيْ الطَّرْحَةِ)
يَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ أَحَدُ
إلَخْ، وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى
قَوْلِهِ يَجْعَلُونَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى
قَوْلِهِ خِرْقَةٌ إلَخْ، وَعَلَى كُلٍّ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ
جَعَلَ مُطْلَقَ الطَّرْحَةِ مِنْ الْمُقَوَّرِ فَمَا مَعْنَى جَعْلِ
أَحَدِ قِسْمَيْهَا قَرِيبًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا نُقِلَ
عَنْ أُولَئِكَ) أَيْ عَنْ الْإِجْلَاءِ مِنْ التَّطْلِيسِ
بِالطَّرْحَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُنَافِيهِ إلَخْ) أَيْ يُنَافِي الْجَوَابَ
بِالْإِكْرَاهِ قَوْلُ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورُ الصَّرِيحُ فِي
اقْتِدَارِهِ عَلَى إبْطَالِ الطَّرْحَةِ (وَقَوْلُهُ: مِمَّا
يَزْدَادُ إلَخْ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ قَوْلُ السُّبْكِيّ قَالَ
الْبَصْرِيُّ: قَوْلُ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورُ نَظِيرُ قَوْلِ
الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ كَغَيْرِهِ مِنْ طَلَبِ كِبَرِ الْعِمَامَةِ
وَتَوْسِيعِ الثِّيَابِ حَيْثُ صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ مَعَ
الْقَطْعِ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ،
لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا عَجَبَ وَلَا سَقْطَةَ اهـ أَيْ وَالْإِكْرَاهُ
إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الطَّرْحَةِ (قَوْلُهُ: لِهَذِهِ
السَّقْطَةِ) أَيْ اللَّائِقَةِ بِالسُّقُوطِ وَيَعْنِي بِهَا
مَقَالَةَ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورَةَ (وَقَوْلُهُ: فِي تَرْجَمَتِهِ)
أَيْ فِي مَنَاقِبِهِ وَفِي كَاللَّامِ مُتَعَلِّقٌ بِعَدِّ وَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ حُكْمُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ الطَّيْلَسَانِ
الْمُحَنَّكِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَأَكُّدُهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى
النَّدْبِ وَالضَّمِيرُ لَهُ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ الطَّيْلَسَانِ)
تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ (قَوْلُهُ: قِسْمُهُ الثَّانِي) وَهُوَ
الْمُقَوَّرُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ وَعَلَى أَنَّ جَمِيعَ
أَنْوَاعِهِ فَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَجْلِ
ذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِ الْقِسْمِ الثَّانِي مُطْلَقًا مِنْ شِعَارِ
مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ إلَخْ) خَبَرَانِ وَالضَّمِيرُ
لِلْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ طَيَالِسَةِ
الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ:
بِفِعْلِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ (قَوْلُهُ:
إنْ أَرَادَ إلَخْ) قَيْدٌ لِلرَّدِّ وَالضَّمِيرُ لِمَنْ أَوْهَمَ
كَلَامُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ الرَّدِّ
مَبْنِيًّا عَلَى إرَادَةِ الْمُحَنَّكِ (وَقَوْلُهُ: وَعَنْهُ) أَيْ
عَنْ الرَّدِّ (وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ أَوْهَمَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ
أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّقَنُّعِ الْوَاقِعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ
التَّطَيْلُسَ (قَوْلُهُ: فِي مَجِيئِهِ إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ ذَلِكَ
الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: قَوْلَهُ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ:
وَهُوَ إلَخْ) أَيْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ
فِي فَتْحِ الْبَارِي (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الرِّدَاءُ يُسَمَّى
إلَخْ أَيْ عَلَى الِاطِّرَادِ فِي عُرْفِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ:
كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا بِقَوْلِهِ وَعَنْ الطَّيْلَسَانِ
بِالْقِنَاعِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ اطِّرَادِ
تَسْمِيَةِ الرِّدَاءِ بِالطَّيْلَسَانِ.
(قَوْلُهُ: جَمْعُهُمَا) أَيْ الطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ (قَوْلُهُ:
مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ مِنْ سُنَنِهِمْ (قَوْلُهُ:
رِيبَةٌ) أَيْ مُوهِمَةٌ لِقَصْدِ أَمْرٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ
كَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي آخَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/38)
وَلَا يُنَافِيهِ تَعْمِيمُهُمْ نَدْبَهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ؛
لِأَنَّا لَا نُطْلِقُ مَنْعَهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي نَمْنَعُ مِنْهُ
كَوْنُهُ بِكَيْفِيَّةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ
بِقَوْلِهِمْ طَيْلَسَانَ فَقِيهٍ، فَإِذَا أَرَادَ السُّنَّةَ
لَبِسَهُ بِكَيْفِيَّةٍ تَلِيقُ بِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ
يُصَرِّحُوا بِهِ بَلْ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ
لَا يُنْدَبُ لَهُ مُطْلَقًا، وَقَدْ تَخْتَلُّ الْمُرُوءَةُ بِتَرْكِ
التَّطَيْلُسِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ
مُتَحَمِّلًا لِشَهَادَةٍ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَيَحْرُمُ
التَّسَبُّبُ إلَى مَا يُبْطِلُهُ، وَتَوَقُّفُ الْإِمَامِ فِي كَوْنِ
تَرْكِهِ يَخْرِمُهَا بَالَغُوا فِي رَدِّهِ، وَفِي حَدِيثٍ لَا
يَتَقَنَّعُ إلَّا مَنْ اسْتَكْمَلَ الْحِكْمَةَ فِي قَوْلِهِ
وَفَعَلَهُ، وَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي
أَنْ يَكُونَ لِلْعُلَمَاءِ شِعَارٌ مُخْتَصٌّ بِهِمْ لِيُعْرَفُوا
فَيُسْأَلُوا وَلِيُتَمَثَّلَ مَا أَمَرُوا بِهِ أَوْ نَهَوْا عَنْهُ،
كَمَا وَقَعَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَثِلُوا
قَوْلَهُ حَتَّى تَحَلَّلَ وَلَبِسَ شِعَارَ الْعُلَمَاءِ، فَلُبْسُهُ
- وَإِنْ خَالَفَ الْوَارِدَ السَّابِقَ فِيهِ - لِهَذَا الْقَصْدِ
سُنَّةٌ أَيُّ سُنَّةٍ بَلْ وَاجِبٌ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ إزَالَةُ
مُنْكَرٍ، وَلِلطَّيْلَسَانِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ جَلِيلَةٌ، فِيهَا
صَلَاحُ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ كَالِاسْتِحْيَاءِ مِنْ اللَّهِ
وَالْخَوْفِ مِنْهُ إذْ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ شَأْنُ الْخَائِفِ
الْآبِقِ الَّذِي لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا مُعِيذَ، وَكَجَمْعِهِ
لِلْفِكْرِ لِكَوْنِهِ يُغَطِّي كَثِيرًا مِنْ الْوَجْهِ أَوْ
أَكْثَرَهُ فَيَنْدَفِعُ عَنْ صَاحِبِهِ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ كَنَظَرِ
مَعْصِيَةٍ وَمَا يُلْجِئُ إلَى نَحْوِ غِيبَةٍ، وَيَجْتَمِعُ هَمُّهُ
فَيَحْضُرُ قَلْبُهُ مَعَ رَبِّهِ وَيَمْتَلِئُ بِشُهُودِهِ وَذِكْرِهِ
وَتُصَانُ جَوَارِحُهُ عَنْ الْمُخَالَفَاتِ وَنَفْسُهُ عَنْ
الشَّهَوَاتِ وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُثَابِرُ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ
وَالصُّوفِيَّةُ مَعًا، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ مَشَايِخِنَا
الصُّوفِيَّةِ مَنْ يُلَازِمُهُ لِذَلِكَ فَيَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنْ
أَنْوَاعِ الْجَلَالَةِ وَأَنْوَارِ الْمَهَابَةِ وَالِاسْتِغْرَاقِ
وَالشُّهُودِ مَا يَبْهَرُ وَيَقْهَرُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ قَوْلُ
الصُّوفِيَّةِ الطَّيْلَسَانُ الْخَلْوَةُ الصُّغْرَى.
(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) مِنْ الْعَوْدِ
وَهُوَ التَّكَرُّرُ لِتَكَرُّرِهِمَا كُلَّ عَامٍ أَوْ لِعَوْدِ
السُّرُورِ بِعَوْدِهِمْ أَوْ لِكَثْرَةِ عَوَائِدِ اللَّهِ أَيْ
أَفْضَالِهِ عَلَى عِبَادِهِ فِيهِمَا وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي جَمْعِهِ
أَعْوَادًا؛ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ كَمَا عُلِمَ لَكِنَّهُمْ فَرَّقُوا
بِذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُودِ الْخَشَبِ (هِيَ سُنَّةٌ)
مُؤَكَّدَةٌ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - بِوُجُوبِهَا فِي مَوْضِعٍ عَلَى حَدِّ خَبَرِ «غُسْلُ
الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» أَيْ مُتَأَكِّدُ
النَّدْبِ لِقَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي {فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةُ الْعِيدِ وَنَحْرُ
الْأُضْحِيَّةَ وَلِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- عَلَيْهَا، وَأَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِي ثَانِيَةِ الْهِجْرَةِ وَوُجُوبُ
رَمَضَانَ كَانَ فِي شَعْبَانِهَا، وَلَمْ تَجِبْ لِخَبَرِ «هَلْ
عَلَيَّ غَيْرُهَا أَيْ الْخَمْسِ قَالَ لَا إلَّا إنْ تَطَوَّعَ»
(وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ
فَعَلَيْهِ، يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ تَرَكُوهَا قِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ
أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتْرُكْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ) أَيْ فِي حَدِيثٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ
كَرَاهَةَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَنْعُهُ) أَيْ مَنْعُ السُّوقِيِّ مِنْ
الطَّيْلَسَانِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) أَيْ كَوْنُ السُّنَّةِ فِي
حَقِّ السُّوقِيِّ مَا هُوَ بِكَيْفِيَّةٍ تَلِيقُ بِهِ لَا مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: لَا يُنْدَبُ لَهُ) أَيْ لِلسُّوقِيِّ (مُطْلَقًا) أَيْ
أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَتَوَقُّفُ الْإِمَامِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ
ظَاهِرِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: بَالَغُوا إلَخْ) خَبَرُ وَتَوَقُّفُ
إلَخْ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ
(قَوْلُهُ: فَلُبْسُهُ) أَيْ الطَّيْلَسَانَ وَيَحْتَمِلُ شِعَارَ
الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْفَوَائِدِ فَفِي
بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ: كَالِاسْتِحْيَاءِ إلَخْ) أَيْ كَتَذَكُّرِ
الِاسْتِحْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُلْجِئُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى
مَعْصِيَةٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُثَابِرُ إلَخْ) أَيْ يُوَاظِبُ
(قَوْلُهُ: مَنْ يُلَازِمُهُ لِذَلِكَ) أَيْ يُلَازِمُ الطَّيْلَسَانَ
لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَوَائِدِ (قَوْلُهُ: وَيَقْهَرُ) تَفْسِيرٌ
لِمَا قَبْلَهُ وَكِلَاهُمَا مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ. .
|