تحفة
الحبيب على شرح الخطيب = حاشية البجيرمي على الخطيب فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ
مُشْتَقَّةٌ مِنْ الضَّحْوَةِ وَسُمِّيَتْ بِأَوَّلِ زَمَانِ فِعْلِهَا
وَهُوَ الضُّحَى وَهِيَ بِضَمِّ هَمْزَتِهَا وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ
يَائِهَا وَتَخْفِيفِهِمَا مَا يُذْبَحُ مِنْ النَّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى
اللَّهِ تَعَالَى مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] فَإِنَّ أَشْهَرَ الْأَقْوَالِ: أَنَّ
الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ، صَلَاةُ الْعِيدِ وَبِالنَّحْرِ الضَّحَايَا،
وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا عَمِلَ
ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ عَمَلٍ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى
مِنْ إرَاقَةِ الدَّمِ إنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا
وَأَظْلَافِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ
أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» (وَالْأُضْحِيَّةُ)
بِمَعْنَى التَّضْحِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لَا الْأُضْحِيَّةِ كَمَا
يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ.
(سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
[فَصْلٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ]
ِ ذَكَرَهَا بَعْدَ الْأَطْعِمَةِ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ مُخْتَصَّةٌ
بِالنَّعَمِ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ النَّعَمِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ
وَأَوَّلُ طَلَبِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ
كَالْعِيدَيْنِ وَزَكَاةِ الْمَالِ وَالْفِطْرِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ
صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا
لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا. وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهَا مِنْ مَالِ
مَحْجُورِهِ وَتُسَنُّ مِنْ مَالِهِ عَنْ الْمَوْلُودِ لَا عَنْ
الْجَنِينِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَسُمِّيَتْ بِأَوَّلِ زَمَانِ فِعْلِهَا) أَيْ بِاسْمٍ
مُشْتَقٍّ مِنْ اسْمِ أَوَّلِ زَمَانِ فِعْلِهَا. وَهُوَ الضُّحَى أَوْ
الْمَعْنَى سُمِّيَتْ بِاسْمٍ يُلَوِّحُ وَيُشِيرُ لِأَوَّلِ زَمَانِ
فِعْلِهَا.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ بِضَمِّ هَمْزَتِهَا) حَاصِلُهُ: أَنَّ فِيهَا ثَمَانَ
لُغَاتٍ: ضَمُّ الْهَمْزَةِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا،
وَكَسْرُ الْهَمْزَةِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَمَعَ
حَذْفِ الْهَمْزَةِ لُغَتَانِ: فَتْحُ الضَّادِ وَكَسْرُهَا، وَأَضْحَاةٌ
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا.
قَوْلُهُ: (تَقَرُّبًا) خَرَجَ مَا يَذْبَحُهُ الْجَزَّارُ لِلْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ) يَصْدُقُ بِمَا ذُبِحَ قَبْلَ مُضِيِّ
رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ مُرَادًا
كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا يَأْتِي
وَالْمُرَادُ بِيَوْمِ الْعِيدِ الْيَوْمُ الَّذِي يُعَيَّدُ فِيهِ حَتَّى
لَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا كَانَ آخَرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
الرَّابِعَ عَشَرَ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لِلشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ عَمَلٍ) أَيْ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْهِ مِنْ النَّوَافِلِ
فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْفَرْضَ أَفْضَلُ.
قَوْلُهُ: (أَحَبَّ) مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ نَعْتًا لِعَمَلٍ.
قَوْلُهُ: (مِنْ إرَاقَةِ الدَّمِ) الْمُرَادُ لَازِمُهُ وَهُوَ الذَّبْحُ.
قَوْلُهُ: (إنَّهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ إرَاقَةِ
الدَّمِ وَقَوْلُهُ: لَتَأْتِي أَيْ لِيَرْكَبَهَا صَاحِبُهَا يَدُلُّ
لِذَلِكَ وُرُودُهُ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.
قَوْلُهُ: (بِمَكَانٍ) أَيْ لَهُ مَوْقِعٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَهُوَ
كِنَايَةٌ عَنْ الْقَبُولِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (نَفْسًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ وَالْأَصْلُ
فَلْتَطِبْ نُفُوسُكُمْ بِهَا أَيْ افْعَلُوهَا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ.
قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى التَّضْحِيَةِ) الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ
الْمَوْصُوفِ بِالسُّنَّةِ إذْ كَثِيرًا مَا تُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةُ
وَيُرَادُ بِهَا الْفِعْلُ الْمُتَقَرَّبُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا
الْأُضْحِيَّةُ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْأُضْحِيَّةِ أَيْ الْعَيْنِ
الْمُضَحَّى بِهَا إذْ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ عَنْهَا بِسُنَّةٍ.
قَوْلُهُ: (كَلَامُهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ سُنَّةٌ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ إلَخْ
عِلَّةٌ لِلتَّضْحِيَةِ.
قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ لِمُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ وَلَوْ
مُبَعَّضًا؛ وَتُسَنُّ لِلْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهَا
تَبَرُّعٌ وَيَحْصُلُ ثَوَابُهَا لِمَنْ فَعَلَهَا وَلَوْ فَقِيرًا أَوْ
مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي أَوْ امْرَأَةً وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ
فَاضِلَةً عَنْ كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَمَا فِي
صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ م ر كَابْنِ حَجَرٍ.
وَاعْتَبَرَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ كِفَايَةَ يَوْمِ الْعِيدِ
وَلَيْلَتِهِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ. وَعَمَّا جَرَتْ بِهِ
الْعَادَةُ مِنْ كَعْكٍ وَسَمَكٍ وَفَطِيرٍ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ:
سُنَّةٌ فِيهِ تَلْوِيحٌ لِمُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ أَوْجَبَهَا
عَلَى مَالِكِ نِصَابٍ زَكَوِيٍّ. وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْبَلَدِ وَلَا
تَصِيرُ وَاجِبَةً إلَّا بِالنَّذْرِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي
حَقِّنَا) مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ وَوَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ مَنْدُوبَةٌ
(4/329)
عَلَى الْكِفَايَةِ إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ
الْبَيْتِ فَإِذَا فَعَلَهَا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ كَفَى عَنْ
الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ، وَالْمُخَاطَبُ بِهَا الْمُسْلِمُ
الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْمُسْتَطِيعُ. وَكَذَا الْمُبَعَّضُ،
إذَا مَلَكَ مَالًا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. قَالَ
الزَّرْكَشِيّ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ
وَحَاجَةِ مَنْ يَمُونُهُ لِأَنَّهَا نَوْعُ صَدَقَةٍ وَظَاهِرُ هَذَا
أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَمَّا يَحْتَاجُهُ فِي لَيْلَتِهِ
وَيَوْمِهِ وَكِسْوَةِ فَصْلِهِ، كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ
التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهُ وَقْتُهُمَا كَمَا أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ
وَلَيْلَةَ الْعِيدِ وَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَاشْتَرَطُوا فِيهَا أَنْ
تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَهِيَ مِنْهُ
تَبَرُّعٌ فَيَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ.
تَنْبِيهٌ:
شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَهْلَ الْبَوَادِي وَالْحَضَرِ وَالسَّفَرَ
وَالْحَاجَّ وَغَيْرَهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
«ضَحَّى فِي مِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
وَالتَّضْحِيَةُ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِلِاخْتِلَافِ فِي
وُجُوبِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِهَا لِمَنْ قَدَرَ
عَلَيْهَا انْتَهَى. أَيْ فَيُكْرَهُ لِلْقَادِرِ تَرْكُهَا وَيُسَنُّ
لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفْرَهُ فِي عَشْرِ ذِي
الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْضًا وَأَكْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ
أُضْحِيَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا وَالْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدَةٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ
وَلَمْ يَتْرُكْ الْأُضْحِيَّةَ قَطُّ وَهَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ
بَعْدِ إبْرَاهِيمَ تُضَحِّي هُمْ وَأُمَمُهُمْ، أَوْ هُمْ خَاصَّةً اهـ ح
ل.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْكِفَايَةِ) وَمَعْنَى كَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ
مَعَ كَوْنِهَا تُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ
الْغَيْرِ لَا حُصُولُ الثَّوَابِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَصَلَاةِ
الْجِنَازَةِ نَعَمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُ
لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا م ر.
قَوْلُهُ: (إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ) وَهُمْ مَنْ اجْتَمَعُوا فِي
الْعِيشَةِ وَالْعِشْرَةِ وَقِيلَ مَنْ تَلْزَمُ الْفَاعِلَ نَفَقَتُهُمْ.
وَاعْتَمَدَهُ م ر وَز ي وَالثَّوَابُ خَاصٌّ بِالْفَاعِلِ وَسَقَطَ عَنْ
غَيْرِهِ الطَّلَبُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ
النَّفَقَةُ أَوْ غَيْرُهُ. ق ل. وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَهُ بِالْمُنْفِقِ.
قَوْلُهُ: (كَفَى عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَإِلَّا
فَالثَّوَابُ لِلْمُضَحِّي خَاصَّةً كَالْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ
وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا» خُصُوصِيَّةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي
أَنْ تَكُون) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (فَيَجْرِي فِيهَا إلَخْ) . فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ
صَحَّتْ لَهُ وَوَقَعَتْ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ.
قَوْلُهُ: (وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ:
وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ.
قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَنْ لَا يُزِيلَ
شَعْرَهُ، وَلَوْ مِنْ عَانَةٍ أَوْ إبْطٍ إلَخْ. فَتُكْرَهُ الْإِزَالَةُ
إلَّا لِعُذْرٍ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ
الْمَذْكُورَةُ ق ل. وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَسَأَلْت بَعْضَ
الْحَنَابِلَةِ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَشْبِيهًا
بِالْمُحْرِمِينَ اهـ مَيْدَانِيٌّ. وَقَوْلُهُ لِمُرِيدِهَا أَيْ سَوَاءٌ
طُلِبَتْ مِنْهُ أَوْ لَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ إلَخْ) وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ
وَكُرِهَ لِمُرِيدِهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ إزَالَةُ نَحْوِ شَعْرٍ كَظُفْرٍ
وَجِلْدَةٍ لَا تَضُرُّ إزَالَتُهَا، وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا وَقَوْلُهُ
وَجِلْدَةٍ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَتْ إزَالَتُهُ وَاجِبَةً
كَخِتَانِ الْبَالِغِ، وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ أَوْ مُسْتَحَبَّةً
كَخِتَانِ الصَّبِيِّ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ)
وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ
يُرَاعَى بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يُضَحِّيَ) أَيْ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ تَعَدَّدَتْ
فِي حَقِّهِ، وَيَنْتَهِي وَقْتُ عَدَمِ الْإِزَالَةِ لِمَنْ لَا يُضَحِّي
بِزَوَالِ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ " وَعِبَارَةُ شَرْحِ م
ر. وَلَوْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ
بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ) أَيْ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِ
كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً وَيَقُولُ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ فَإِنَّهَا تَجِبُ
بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ
نَفَقَتُهُ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْهَا م ر. وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ
فِي أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ كَثِيرًا مِنْ شِرَائِهِمْ مَا يُرِيدُونَ
التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ أَوَائِلِ السَّنَةِ، وَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُمْ
عَنْهَا يَقُولُونَ لَهُ تِلْكَ أُضْحِيَّةٌ مَعَ جَهْلِهِمْ بِمَا
يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ تَصِيرُ بِهِ أُضْحِيَّةً
وَاجِبَةً يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ:
أَرَدْت أَنْ أَتَطَوَّعَ بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ
شَرْحُ م ر. وَالْمُخَلِّصُ لَهُ إذَا سُئِلَ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ
نَذْبَحُهَا. وَنَأْكُلُهَا فِي الْعِيدِ وَلَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذِهِ
الشَّاةَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ
مَلَكَهَا. لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ
إنْ مَلَكْت شَاةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا فَيَلْزَمُهُ:
إذَا مَلَكَ شَاةً لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ،
كَذَا صَرَّحُوا بِهِمَا فَانْظُرْ الرَّوْضَ وَغَيْرَهُ سم وَيَنْبَغِي
أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت
هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ إلَخْ. وَمَنْ أَرَادَ
أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ سَنَّ
لَهُ مَا يُسَنُّ لِمُرِيدِ
(4/330)
وَيُسَنُّ أَنْ يَذْبَحَ الْأُضْحِيَّةَ
الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ إنْ أَحْسَنَ. الذَّبْحَ لِلِاتِّبَاعِ. أَمَّا
الْمَرْأَةُ فَالسُّنَّةُ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَالْخُنْثَى مِثْلُهَا وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ
فَلْيَشْهَدْهَا لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
-: قَوْمِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ
مِنْهَا أَيْ مِنْ دَمِهَا: يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك قَالَ
عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ هَذَا لَك وَلِأَهْلِ بَيْتِك فَأَهْلُ ذَلِكَ
أَنْتُمْ أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ
عَامَّةً»
وَشَرْطُ التَّضْحِيَةِ نَعَمٌ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ
اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34]
وَلِأَنَّ التَّضْحِيَةَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ
فَاخْتُصَّتْ بِالنَّعَمِ كَالزَّكَاةِ.
(وَيُجْزِئُ فِيهَا) مِنْ النَّعَمِ (الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ) وَهُوَ مَا
اسْتَكْمَلَ سَنَةً وَطَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَجَذَعَ قَبْلَ
تَمَامِ السَّنَةِ. أَيْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ أَجْزَأَ لِعُمُومِ خَبَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
التَّضْحِيَةِ سم.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَذْبَحَ الْأُضْحِيَّةَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ)
لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ
صَلَاةِ الْأَضْحَى وَخُطْبَتِهُ يُؤْتَى لَهُ بِكَبْشَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ
فِي مُصَلَّاهُ فَيَذْبَحُ أَحَدُهُمَا بِيَدِهِ وَيَقُولُ: «هَذَا عَنْ
أُمَّتِي جَمِيعًا مَنْ شَهِدَ لَك بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي
بِالْبَلَاغِ» . وَعَنْ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ
كَبْشًا أَقْرَنَ بِالْمُصَلَّى بَعْدَ أَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ
وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ
يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي» وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ
خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ
غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَذْبَحُ الْآخَرُ وَيَقُولُ: هَذَا عَنْ
مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُمَا
وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ وَلَمْ يَتْرُكْ الْأُضْحِيَّةَ قَطُّ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَذْبَحَ الْأُضْحِيَّةَ) وَمِثْلُهَا الْهَدْيُ
بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَسَفِيهًا لِأَنَّهُ
قُرْبَةً فَالْإِتْيَانُ بِهَا أَوْلَى.
«وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِمِائَةِ
بَدَنَةٍ نَحَرَ مِنْهَا بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ. وَأَمَرَ عَلِيًّا
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَنَحَرَ تَمَامَ الْمِائَةِ» وَفِي ذَلِكَ
إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ق
ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (إنَّ أَحْسَنَ الذَّبْحِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ
فَخَرَجَ الْأَعْمَى فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ التَّوْكِيلُ اهـ.
ع ش.
قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَى مِثْلُهَا) مِثْلُهُمَا مَنْ ضَعُفَ مِنْ
الرِّجَالِ عَنْ الذَّبْحِ وَالْأَعْمَى إذْ تُكْرَهُ ذَبِيحَتُهُ س ل.
قَوْلُهُ: (فَلْيَشْهَدْهَا) الْمُرَادُ بِشُهُودِهِ حُضُورِهِ، وَلَوْ
أَعْمَى ق ل. وَالْأَوْلَى فِي الْوَكِيلِ كَوْنُهُ فَقِيهًا مُسْلِمًا
وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَأَعْمَى لَا حَائِضٍ
وَيُسَنُّ لِغَيْرِ الْإِمَامِ أَنْ يُضَحِّيَ فِي بَيْتِهِ لِيَشْهَدَ
أَهْلُهُ، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي نَفْسِهِ عِظَمَ نِعْمَةِ اللَّهِ
تَعَالَى عَلَيْهِ وَمَا سَخَّرَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ. وَأَنْ يَقُولَ:
إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي إلَى قَوْلِهِ: وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ،
وَيُجَدِّدَ الشُّكْرَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِلْإِمَامِ إذَا ضَحَّى عَنْ
الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَذْبَحَ بِنَفْسِهِ فِي الْمُصَلَّى عَقِبَ
الصَّلَاةِ وَيُخَلِّيهَا لِلنَّاسِ بِرْمَاوِيٌّ. وَهَذَا يُنَافِي مَا
تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ
خَوَاصِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ: (قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ) أَيْ لِلنَّبِيِّ وَقَوْلُهُ:
هَذَا لَك أَيْ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ لِفَاطِمَةَ مِنْ أَنَّهُ يَغْفِرُ
بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْهَا مَا سَلَفَ مِنْ الذُّنُوبِ لَك يَا رَسُولَ
اللَّهِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَأَهْلٌ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنَّكُمْ أَهْلٌ
لِذَلِكَ وَأَهْلٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَأَنْتُمْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْ
فَالْمَخْصُوصُ بِالْغُفْرَانِ أَنْتُمْ يَا آلَ الْبَيْتِ مَنْ ضَحَّى
مِنْ غَيْرِكُمْ لَا يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ فِي الْجَوَابِ
بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ كُلُّ مَنْ ضَحَّى مِنْهُمْ فَلَهُ هَذَا
الثَّوَابُ.
قَوْلُهُ: (أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَك
وَلِأَهْلِ بَيْتِك.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ التَّضْحِيَةِ نَعَمٌ) أَيْ كَوْنُهَا نَعَمًا إلَخْ.
وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ يَكْفِي إرَاقَةُ الدَّمِ وَلَوْ مِنْ دَجَاجٍ
أَوْ إوَزٍّ مَيْدَانِيٌّ أَيْ فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا مِنْ بَقَرِ
الْوَحْشِ وَحَمِيرِهِ وَالظِّبَاءِ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ
بَيْنَ جِنْسَيْنِ مِنْ النَّعَمِ فَيُجْزِئُ هُنَا. وَفِي الْعَقِيقَةِ
وَالْهَدْيِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ
أَعْلَى الْأَبَوَيْنِ سِنًّا فِي الْأُضْحِيَّةِ وَنَحْوِهَا، حَتَّى
يُعْتَبَرَ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ بُلُوغُهُ
سَنَتَيْنِ إلْحَاقًا لَهُ بِأَعْلَى السِّنِينَ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَبَقَرٍ) أَيْ عِرَابٍ أَوْ جَوَامِيسَ بِرْمَاوِيٌّ.
وَسَوَاءٌ فِي الْبَقَرِ وَغَيْرِهَا الْإِنَاثُ أَوْ الْخَنَاثَى أَوْ
الذُّكُورُ وَلَوْ خَصِيًّا وَالْخَصِيُّ مَا قُطِعَ خُصْيَتَاهُ أَيْ
الْبَيْضَتَانِ وَيَجْبُرُ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طِيبًا
وَكَثْرَةً كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (مَنْسَكًا) أَيْ عِبَارَةٌ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ
التَّضْحِيَةَ إلَخْ) أَيْ فَكَمَا أَنَّ الزَّكَاةَ قَاصِرَةٌ عَلَى
النَّعَمِ. كَذَلِكَ التَّضْحِيَةُ قَاصِرَةٌ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ
الْقِيَاسِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ) هَلْ وَلَوْ وَاحِدَةً وَقِيَاسُ
الِاكْتِفَاءِ بِقَطْرَةٍ فِي الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ الِاكْتِفَاءُ
بِسُقُوطِ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ اهـ
(4/331)
أَحْمَدَ: «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ
الضَّأْنِ» فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَيْ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْبُلُوغِ
بِالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي أَسْبَقُهُمَا كَمَا
صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ) وَهُوَ
مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ (وَ) الثَّنِيُّ
مِنْ (الْإِبِلِ) وَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ سِنِينَ وَطَعَنَ فِي
السَّادِسَةِ (وَ) الثَّنِيُّ مِنْ (الْبَقَرِ) الْإِنْسِيِّ وَهُوَ مَا
اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ
الْإِنْسِيِّ الْوَحْشِيُّ فَلَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ
دَخَلَ فِي اسْمِ الْبَقَرِ. وَتُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ
وَالْأُنْثَى بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَثُرَ نَزَوَانُ الذَّكَرِ
وَوِلَادَةُ الْأُنْثَى نَعَمْ التَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ عَلَى
الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ. كَمَا قَالَهُ
الرَّافِعِيُّ وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْهَدْيِ عَنْ
الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْأُنْثَى أَحْسَنُ مِنْ الذَّكَرِ لِأَنَّهَا
أَرَطْبُ لَحْمًا وَلَمْ يُحْكَ غَيْرُهُ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ
عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ نَزَوَانُهُ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا
كَثُرَ. تَنْبِيهٌ:
لَمْ يَتَعَرَّضْ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ لِإِجْزَاءِ الْخُنْثَى فِي
الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ
أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ
(وَتُجْزِئُ الْبَدَنَةَ) عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ فِيهَا (عَنْ سَبْعَةٍ)
لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَنَا أَنْ نَشْتَرِكَ فِي
الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أج. قَوْلُهُ: (أَجْزَأَ) أَيْ إذَا كَانَ فِي سِنِّهِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ
سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ إجْذَاعُهُ أَيْ سُقُوطُ
سِنِّهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ
بِالِاحْتِلَامِ وَبُلُوغُهُ السَّنَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ
اهـ.
قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَمَامِ السَّنَةِ
وَالْإِجْذَاعِ، قَوْلُهُ: (سَنَتَيْنِ) وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ
ضَأْنٍ وَمَعْزٍ إذْ الْمُتَوَلِّدُ يُجْزِئُ هُنَا وَفِي الْعَقِيقَةِ
وَالْهَدْيِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ س ل.
قَوْلُهُ: (خَمْسَ سِنِينَ) أَيْ تَحْدِيدًا.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْبَقَرِ الْإِنْسِيِّ) وَمِنْهُ الْجَامُوسُ وَإِنَّمَا
قَيَّدَ بِذَلِكَ فِي الْبَقَرِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ
يُوجَدْ مِنْهُ وَحْشِيٌّ وَأَمَّا الظِّبَاءُ فَيُقَالُ لَهَا شِيَاهُ
الْبَرِّ لَا غَنَمَ الْوَحْشِ وَلَا مَعْزَ الْوَحْشِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَثُرَ نَزَوَانُ الذَّكَرِ) أَيْ طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى
وَإِنَّمَا غَيَّا بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ
عَيْبٌ لِأَنَّهُ مُضْعِفٌ.
قَوْلُهُ: (وَتُجْزِئُ الْبَدَنَةُ) وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ
ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: لَيْسَ فِي
الْحَيَوَانَاتِ خُنْثَى إلَّا الْآدَمِيُّ وَالْإِبِلُ قَالَ النَّوَوِيُّ
جَاءَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ
وَسِتِّمِائَةٍ قَالَ عِنْدِي بَقَرَةٌ خُنْثَى لَا ذَكَرَ لَهَا وَلَا
فَرْجَ وَإِنَّمَا لَهَا خَرْقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَخْرُجُ مِنْهُ
فَضَلَاتُهَا، فَهَلْ تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً أَوْ لَا. فَقُلْت لَهُ: لَا
يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ ذَكَرًا وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أُنْثَى
وَكِلَاهُمَا مُجَزِّئٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنْقِصُ
اللَّحْمَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ إبِلٍ وَغَنَمٍ أَوْ
بَقَرٍ وَغَنَمٍ يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ، س ل وَيَنْقُصُ بِفَتْحِ
الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ
الصَّحِيحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ
وَفَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ كَمَا فِي
الْإِشَارَاتِ لِابْنِ الْمُلَقِّنِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سَبْعَةٍ) سَوَاءٌ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ
وَالْآخَرُ اللَّحْمَ أَمْ لَا وَلَهُمْ قِسْمَةُ اللَّحْمِ إذْ هِيَ
إفْرَازٌ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: عَنْ سَبْعَةٍ
وَكَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَالتَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَارْتِكَابِ
مَحْظُورَاتٍ فِيهِ. نَعَمْ الْمُوَلَّدُ بَيْنَ غَنَمٍ أَوْ مَعْزٍ
وَإِبِلٍ أَوْ بَقَرٍ لَا يُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ وَيَظْهَرُ
وُجُوبُ التَّصَدُّقِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجُزْءٍ مِنْ
حِصَّتِهِ نِيئًا. وَلَا يَكْفِي تَصَدُّقُ وَاحِدٍ عَنْ الْجَمِيعِ
لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ سَبْعِ أَضَاحٍ وَخَرَجَ بِالسَّبْعَةِ مَا لَوْ
كَانُوا أَكْثَرَ كَثَمَانِيَةٍ وَاشْتَرَكُوا فِي بَدَنَةٍ أَوْ فِي
بَدَنَتَيْنِ فَلَا تَقَعُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ
بِعَدَدِهِمْ أَوْ بِالْحُكْمِ أَوْ ضَمَّ لَهَا شَاةً كَمَا لَوْ
اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ فَلَا يُجْزِئَانِ عَنْهُمَا لِأَنَّ
كُلَّ شَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا فَيَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
نِصْفُ شَاتَيْنِ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا لَمْ يَقْدَحْ
فِيمَا قَصَدَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ إجْزَاءُ السَّبْعِ عَنْهُ وَلَوْ
امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الْبَدَنَةِ مِنْ الذَّبْحِ فَالْوَجْهُ
أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَمَنْذُورَةٍ مِنْهُ
ذُبِحَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَذْبَحَهَا إنْ
خِيفَ خُرُوجُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ نَظَرًا لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ وَهُوَ
سُبْعُهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ لِيَنْوِيَ عَنْ
الْمُمْتَنِعِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ
عَلَيْهِ شَاةٌ وَاجِبَةٌ فَذَبَحَ بَدَنَةً وَقَعَ سُبْعُهَا عَنْ
الْوَاجِبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ شَاةٍ فِي
الزَّكَاةِ فَيَقَعُ كُلُّهُ وَاجِبًا وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ فِيهَا
بِكَوْنِهِ فِي الزَّكَاةِ أَصْلًا أَوْ بَدَلًا بِخِلَافِهِ هُنَا ق ل.
قَوْلُهُ: (مُهِلِّينَ) أَيْ مُحْرِمِينَ قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْتَرِك) أَيْ
عِنْدَ إرَادَةِ عَدَمِ الِانْفِرَادِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ
لَيْسَ
(4/332)
بَدَنَةٍ» وَسَوَاءٌ اتَّفَقُوا فِي نَوْعِ
الْقُرْبَةِ أَوْ اخْتَلَفُوا كَمَا إذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ التَّضْحِيَةَ
وَبَعْضُهُمْ الْهَدْيَ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ اللَّحْمَ،
وَبَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَلَهُمْ قِسْمَةُ اللَّحْمِ لِأَنَّ
قِسْمَتَهُ قِسْمَةُ إفْرَازٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَ) كَذَا الْبَقَرَةُ تُجْزِئُ (عَنْ سَبْعَةٍ) لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ.
تَنْبِيهٌ:
لَا يَخْتَصُّ إجْزَاءُ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ
بِالتَّضْحِيَةِ، بَلْ لَوْ لَزِمَ شَخْصًا سَبْعُ شِيَاهٍ بِأَسْبَابٍ
مُخْتَلِفَةٍ كَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ وَمُبَاشَرَةِ
مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ جَازَ عَنْ ذَلِكَ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ.
(وَ) تُجْزِئُ (الشَّاةُ) الْمُعَيَّنَةُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ
(عَنْ وَاحِدٍ) فَقَطْ فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ أَوْ
عَنْهُ وَأَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ
مُسْلِمٍ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِكَبْشَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ
مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمِمَّا
يُسْتَدَلُّ بِهِ لِذَلِكَ الْخَبَرُ الصَّحِيحِ فِي الْمُوَطَّإِ: أَنَّ
أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ
الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. ثُمَّ
تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً " وَخَرَجَ بِمُعَيَّنَةٍ
الِاشْتِرَاكُ فِي شَاتَيْنِ مُشَاعَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِوَاجِبٍ.
قَوْلُهُ: (كَمَا إذَا قَصَدَ بَعْضُهُمْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ
لَا يُجْزِئُ السُّبُعُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا أَنْ يَذْبَحَ عَلَى
قَصْدِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَوْ ذَبَحَ لَا بِهَذَا الْقَصْدِ لَمْ يُجْزِ
كَأَنْ ذُبِحَتْ لِغَيْرِ التَّضْحِيَةِ ثُمَّ اشْتَرَى وَاحِدٌ سُبُعَهَا
أُضْحِيَّةً لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ هُوَ مَقْصُودُ التَّضْحِيَةِ. اهـ.
ز ي.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ لَا قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ وَلَا رَدَّ
لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ بَيْعُ طَرِيِّ اللَّحْمِ بِطَرِيِّهِ
لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ.
قَوْلُهُ: (وَالْبَقَرَةُ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ
اشْتَرَكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَتَيْنِ أَوْ بَقَرَتَيْنِ،
مُشَاعَتَيْنِ. فَلَا يَكْفِي لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يُصِبْهُ سُبُعٌ،
مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ فَإِنْ ذَبَحَ الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةَ عَنْ
الشَّاةِ كَانَ السُّبُعُ وَاجِبًا وَمَا زَادَ تَطَوُّعٌ وَكَذَا إذَا
اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مَعَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُرِدْ الْأُضْحِيَّةَ
فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ سُبُعِهِ،
وَلَا يَكْفِي تَصَدُّقُ وَاحِدٍ عَنْ الْجَمِيعِ. وَكَذَا لَوْ ضَحَّى
بِسَبْعِ شِيَاهٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ كُلِّ
وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ سَبْعِ أَضَاحٍ. فَإِنْ قُلْت: لِأَيِّ
شَيْءٍ الْبَدَنَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ تُجْزِئُ عَنْ
سَبْعَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْإِبِلِ الطَّعْنُ فِي السَّنَةِ
السَّادِسَةِ وَاكْتُفِيَ فِي الْبَقَرِ بِالطَّعْنِ فِي السَّنَةِ
الثَّالِثَةِ فَمَا النُّكْتَةُ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ. قُلْت
لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَحْمَ الْإِبِلِ دُونَ لَحْمِ
الْبَقَرِ فِي الطِّيبِ وَالْحُسْنِ وَالْقِيمَةِ فَاشْتُرِطَ فِي
الْإِبِلِ زِيَادَةُ السِّنِّ لِتَكُونَ الزِّيَادَةُ جَابِرَةً لِلنَّقْصِ
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ كُلُّ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ
عَنْ وَاحِدٍ وَمَعَ ذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْمَعْزِ الطَّعْنُ فِي
السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالضَّأْنِ الطَّعْنُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ
اهـ. خَضِرٌ.
قَوْلُهُ: (لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِكَ فِي
الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ.
قَوْلُهُ: (وَمُبَاشَرَةُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ وَتَرْكِ
الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ وَالْمِيقَاتِ.
قَوْلُهُ: (وَتُجْزِئُ الشَّاةُ) فَإِنْ قُلْت إنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا
بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِهِ أَوْ
عَنْهُ وَأَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ. أُجِيبُ: بِأَنَّهُ لَا
مُنَافَاةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ هُنَا عَنْ وَاحِدٍ أَيْ مِنْ حَيْثُ حُصُولِ
التَّضْحِيَةِ حَقِيقَةً وَمَا بَعْدَهُ الْحَاصِلُ لِلْغَيْرِ إنَّمَا
هُوَ سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ، وَأَمَّا الثَّوَابُ وَالتَّضْحِيَةُ
حَقِيقَةً فَخَاصَّانِ بِالْفَاعِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَوَقَعَ
السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مُسِخَتْ الشَّاةُ بَعِيرًا أَوْ عَكْسِهِ هَلْ
يُجْزِئُ فِي الْأُولَى عَنْ سَبْعَةٍ وَلَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ فِي
الثَّانِيَةِ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ أَوْ لَا. الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا
يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمَسْخَ هَلْ هُوَ تَغْيِيرُ صِفَةٍ أَوْ ذَاتٍ،
فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ: لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ الْمَمْسُوخَةُ
بَعِيرًا إلَّا عَنْ وَاحِدٍ وَيُجْزِئُ الْبَعِيرُ الْمَمْسُوخُ إلَى
الشَّاةِ عَنْ سَبْعَةٍ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي: انْعَكَسَ الْحَالُ
لِأَنَّ ذَاتَ الشَّاةِ الْمَمْسُوخَةِ إلَى الْبَعِيرِ ذَاتُ بَعِيرٍ
وَالْبَعِيرِ الْمَمْسُوخِ إلَى الشَّاةِ ذَاتُ شَاةٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (جَازَ) وَمَعَ ذَلِكَ يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِهِ وَيَسْقُطُ
الطَّلَبُ عَنْهُمْ م د وَز ي. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ حُمِلَ إلَخْ)
يَقْتَضِي أَنَّ الثَّوَابَ لِلْأُمَّةِ حَاصِلٌ بِهَذَا التَّشْرِيكِ،
وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا
يَظْهَرُ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ
الثَّوَابُ خَاصٌّ بِالْفَاعِلِ فَقَطْ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمُضَحِّي
وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَصْدُ الِاسْتِدْلَال مِنْ جِهَةِ
صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ مَعَ هَذَا الْقَصْدِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ
حُصُولِ الثَّوَابِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَصَّ
النَّبِيُّ بِزِيَادَةٍ وَهُوَ حُصُولُ الثَّوَابِ
(4/333)
يَصِحُّ.
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةٍ فِي بَقَرَتَيْنِ
مُشَاعَتَيْنِ أَوْ بَدَنَتَيْنِ كَذَلِكَ، لَمْ يُجْزِ عَنْهُمْ ذَلِكَ
لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يَخُصَّهُ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ مِنْ
كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ إبِلٍ وَغَنَمٍ أَوْ
بَقَرٍ وَغَنَمٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ
وَاحِدٍ.
وَأَفْضَلُ أَنْوَاعِ التَّضْحِيَةِ بِالنَّظَرِ لِإِقَامَةِ شِعَارِهَا
بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ لِأَنَّ لَحْمَ الْبَدَنَةِ أَكْثَرُ ثُمَّ ضَأْنٌ
ثُمَّ مَعْزٌ لِطِيبِ الضَّأْنِ عَلَى الْمَعْزِ ثُمَّ الْمُشَارَكَةُ فِي
بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِلَّحْمِ فَلَحْمُ الضَّأْنِ
خَيْرُهَا وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَشَاةٌ
أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لِلِانْفِرَادِ
بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ السَّمِينِ فِي
الْأُضْحِيَّةِ فَالسَّمِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي الذَّوَاتِ. وَأَمَّا فِي
الْأَلْوَانِ فَالْبَيْضَاءُ أَفْضَلُ، ثُمَّ الصَّفْرَاءُ، ثُمَّ
الْعَفْرَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا يَصْفُو بَيَاضُهَا ثُمَّ الْحَمْرَاءُ
ثُمَّ الْبَلْقَاءُ، ثُمَّ السَّوْدَاءُ، قِيلَ لِلتَّعَبُّدِ وَقِيلَ
لِحُسْنِ الْمَنْظَرِ وَقِيلَ لِطِيبِ اللَّحْمِ، وَرَوَى الْإِمَامُ
أَحْمَدُ خَبَرَ: «لَدَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ
دَمِ سَوْدَاوَيْنِ»
(وَأَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا) الْأُولَى (الْعَوْرَاءُ)
بِالْمَدِّ (الْبَيِّنُ عَوَرُهَا) بِأَنْ لَمْ تُبْصِرْ بِإِحْدَى
عَيْنَيْهَا وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَدَقَةُ. فَإِنْ قِيلَ: لَا حَاجَةَ
لِتَقْيِيدِ الْعَوَرِ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي عَدَمِ
إجْزَاءِ الْعَوْرَاءِ عَلَى ذَهَابِ الْبَصَرِ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ.
أُجِيبَ: بِأَنْ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ:
أَصْلُ الْعَوَرِ بَيَاضٌ يُغَطِّي النَّاظِرَ إذَا كَانَ كَذَلِكَ
فَتَارَةً يَكُونُ يَسِيرًا فَلَا يَضُرُّ. فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ
بِالْبَيِّنِ كَمَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي. تَنْبِيهٌ:
قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ إجْزَاءِ الْعَمْيَاءِ بِطَرِيقِ
الْأَوْلَى وَتُجْزِئُ الْعَمْشَاءُ وَهِيَ ضَعِيفَةُ الْبَصَرِ مَعَ
سَيَلَانِ الدَّمْعِ غَالِبًا وَالْمَكْوِيَّةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا
يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ، وَالْعَشْوَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ
لَيْلًا لِأَنَّهَا تُبْصِرُ وَقْتَ الرَّعْيِ غَالِبًا. (وَ) الثَّانِيَةُ
(الْعَرْجَاءُ) بِالْمَدِّ (الْبَيِّنُ عَرَجُهَا) بِأَنْ يَشْتَدَّ
عَرَجُهَا بِحَيْثُ تَسْبِقُهَا الْمَاشِيَةُ إلَى الْمَرْعَى.
وَتَتَخَلَّفُ عَنْ الْقَطِيعِ فَلَوْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْأُمَّةِ بِتَشْرِيكِهِ قَوْلُهُ (مُبَاهَاةً) أَيْ لَا عِبَادَةً أَيْ
يَتَبَاهَى بِهَا النَّاسُ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا أَيْ لَا يَقْصِدُونَ
بِذَلِكَ إلَّا الرِّيَاءَ فَلَا يُثَابُونَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ:
(وَخَرَجَ بِمُعَيَّنَةٍ إلَخْ) فَمُقَابِلُ الْمُعَيَّنَةِ الْمُشَاعَةُ
فِي شَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ
وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ إعْتَاقِ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ عَنْ
الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الْمَأْخَذَ مُخْتَلِفٌ، إذْ الْمَأْخَذُ ثَمَّ
تَخْلِيصُ رَقَبَةٍ مِنْ الرِّقِّ وَقَدْ وُجِدَ بِذَلِكَ وَهُنَا
التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ وَلَمْ تُوجَدْ بِمَا حَصَلَ أَمَّا خَبَرُ:
«اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى
أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْرِيكُ فِي الثَّوَابِ لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ.
وَلَوْ ضَحَّى بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ بَدَلَ شَاةٍ فَالزَّائِدُ عَلَى
السُّبُعِ تَطَوُّعٌ يَصْرِفُهُ مَصْرِفَ التَّطَوُّعِ إنْ شَاءَ. اهـ. م
ر.
قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ) لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَعْلَى
السِّنَّيْنِ حَتَّى لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ لَا بُدَّ مِنْ
بُلُوغِهِ سَنَتَيْنِ إلْحَاقًا لَهُ بِأَعْلَى السِّنَّيْنِ نَبَّهَ
عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ اهـ ز ي قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ أَنْوَاعِ
التَّضْحِيَةِ) حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ
تَخْتَلِفُ فِيهَا الْأُضْحِيَّةُ بِالِاعْتِبَارِ فَمِنْ حَيْثُ إظْهَارُ
الشِّعَارِ فَالْبَدَنَةُ ثُمَّ الْبَقَرَةُ أَفْضَلُ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ
الْأُولَى وَمِنْ حَيْثُ طِيبُ اللَّحْمِ أَفْضَلُهَا الضَّأْنُ وَهِيَ
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ. وَمِنْ حَيْثُ الِانْفِرَادُ بِإِرَاقَةِ
الدَّمِ. فَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي بَدَنَةٍ وَهِيَ
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ وَمِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ فَالْبَيْضَاءُ إلَخْ
أَفْضَلُ وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ فَإِنْ تَعَارَضَتْ الصِّفَاتُ
فَسَمِينَةٌ سَوْدَاءُ أَفْضَلُ مِنْ بَيْضَاءَ هَزِيلَةٍ وَمَا جَمَعَ
صِفَتَيْنِ أَفْضَلُ مِمَّا جَمَعَ صِفَةً وَاحِدَةً وَالْبَيْضَاءُ
السَّمِينَةُ إذَا كَانَتْ ذَكَرًا أَفْضَلُ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (لِإِقَامَةِ شِعَارِهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ أَيْ عَلَامَاتِ
الشَّرِيعَةِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى اسْتِحْبَابِ السَّمِينِ) وَيُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى
اللَّوْنِ فَسَمِينَةٌ سَوْدَاءُ أَفْضَلُ مِنْ هَزِيلَةٍ بَيْضَاءَ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ الصَّفْرَاءُ ثُمَّ الْعَفْرَاءُ) قَدْ يُقَالُ: كَانَ
يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعَفْرَاءِ عَلَى الصَّفْرَاءِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ
إلَى الْبَيَاضِ مِنْ الصَّفْرَاءِ سم عَلَى حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْبَلْقَاءُ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْبَلَقُ سَوَادٌ
وَبَيَاضٌ وَكَذَا الْبُلْقَةُ،. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا
هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ بَلْ
يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ لِقُرْبِهِ مِنْ
الْبَيَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّوَادِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَحْمَرِ
الْخَالِصِ عَلَى الْأَسْوَدِ وَتَقْدِيمُ الْأَزْرَقِ عَلَى الْأَحْمَرِ
وَكُلُّ مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَبْيَضِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ الصَّفْرَاءِ ثُمَّ الْحَمْرَاءِ
ثُمَّ الْبَلْقَاءِ ثُمَّ السَّوْدَاءِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ السَّوْدَاءُ) لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا بَلْ هُوَ مُوهِمٌ
أَنَّ بَعْدَهَا لَوْنًا آخَرَ إذْ الْمَرْتَبَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ
أَشْيَاءَ مَعْلُومَةٍ، كَالْأَلْوَانِ هُنَا
(4/334)
عَرَجُهَا يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا
تَتَخَلَّفُ بِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.
(وَ) الثَّالِثَةُ (الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا) بِأَنْ يَظْهَرَ
بِسَبَبِهِ هُزَالُهَا وَفَسَادُ لَحْمِهَا فَلَوْ كَانَ مَرَضُهَا
يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ وَيَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْهَيْمَاءَ
بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْمَدِّ فَلَا تُجْزِئُ لِأَنَّ الْهُيَامَ
كَالْمَرَضِ يَأْخُذُ الْمَاشِيَةَ فَتَهِيمُ فِي الْأَرْضِ وَلَا تَرْعَى
كَمَا قَالَهُ فِي الزَّوَائِدِ. (وَ) الرَّابِعَةُ (الْعَجْفَاءُ)
بِالْمَدِّ وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ لَحْمُهَا السَّمِينُ بِسَبَبِ مَا
حَصَلَ لَهَا مِنْ الْهُزَالِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ ضِدَّ السِّمَنِ وَيَدُلُّ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ: مَا
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ
الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا،
وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي»
مَأْخُوذَةٌ مِنْ النِّقْيِ بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَهُوَ
الْمُخُّ أَيْ لَا مُخَّ لَهَا مِنْ شِدَّةِ الْهُزَالِ. وَعُلِمَ مِنْ
هَذَا عَدَمُ إجْزَاءِ الْمَجْنُونَةِ وَهِيَ الَّتِي تَدُورُ فِي
الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا قَلِيلًا فَتَهْزَلُ وَتُسَمَّى أَيْضًا
التَّوْلَى، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِهَا. تَنْبِيهٌ:
قَدْ عَرَفْت مَا تَنَاوَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنَّفِ مِنْ أَنَّ
الْعَمْيَاءَ وَالْهَيْمَاءَ وَالْمَجْنُونَةَ لَا تُجْزِئُ وَبِهِ صَارَتْ
الْعُيُوبُ الْمَذْكُورَةُ سَبْعَةً وَبَقِيَ مِنْهَا مَا لَا
يَتَنَاوَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْجَرْبَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْجَرَبُ
يَسِيرًا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ. لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ
وَالْوَدَكَ، وَالْحَامِلُ فَلَا تُجْزِئُ. كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ
عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَعَجَّبَ مِنْ
ابْنِ الرِّفْعَةِ حَيْثُ صَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ الْإِجْزَاءَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مُرَتَّبَةٍ بِثُمَّ مَثَلًا لَا يُعْطَفُ بِهَا حَذَرًا مِنْ ذَلِكَ
الْإِيهَامِ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا مَا يَقَعُونَ فِي ذَلِكَ
لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ، أَيْ لِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي بَيَانَ
الْمُفَضَّلِ وَالْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ وَحَيْثُ ذَكَرَ الْبَلْقَاءَ عُلِمَ
أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ السَّوْدَاءِ، فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ السَّوْدَاءِ
حِينَئِذٍ مُتَّصِفَةً إذْ لَا مُفَضَّلَ عَلَيْهِ بَعْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ
شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ) مَحَلُّ عَدَمِ إجْزَائِهَا مَا لَمْ
يَلْتَزِمْهَا مُتَّصِفَةً بِالْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ
الْتَزَمَهَا كَذَلِكَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ
وَكَانَتْ عَرْجَاءَ مَثَلًا أَوْ جَعَلْت هَذِهِ أُضْحِيَّةً وَكَانَتْ
مَرِيضَةً مَثَلًا أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَرْجَاءَ أَوْ
بِحَامِلٍ فَتُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَلَوْ كَانَتْ
مَعِيبَةً وَالْعِبْرَةُ بِالسَّلَامَةِ. وَعَدَمِهَا عِنْدَ الذَّبْحِ مَا
لَمْ يَتَقَدَّمْهُ إيجَابٌ فَإِنْ تَقَدَّمَ فَإِنْ أَوْجَبَهَا عَلَى
نَفْسِهِ مَعِيبَةً فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامَةِ
فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ
سَلِيمَةً ثُمَّ إنْ عَيَّنَ سَلِيمًا عَنْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ،
وَاسْتَمَرَّ إلَى الذَّبْحِ فَذَاكَ وَإِنْ عَيَّنَ سَلِيمًا ثُمَّ
تَعَيَّبَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَبْدَلَهُ بِسَلِيمٍ.
قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي الْمَرِيضَةِ.
قَوْلُهُ: (الْهَيْمَاءُ) هِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَان
وَمِنْهُ الْهَائِمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ فَهُوَ
تَابِعٌ لِشَهْوَةِ بَطْنِهِ.
قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ النِّقْيُ
بِالْكَسْرِ شَحْمُ الْعَيْنِ مِنْ السِّمَنِ.
قَوْلُهُ: (فَتُهْزَلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ مِنْ
الْأَفْعَالِ الْمُلَازِمَةِ لِلْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، فَهُوَ عَلَى
وَزْنِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ
الْفَاعِلَ أَيْ يَقُومُ بِهَا الْهُزَالُ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ،
فَتَهْزِلُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنْ بَابِ فَعَلَ
بِفَتْحِ الْعَيْنِ يَفْعِلُ بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي
مُقَدِّمَةِ الْأَدَبِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ. وَهَذَا خِلَافُ مَا اُشْتُهِرَ
أَنَّ هُزِلَ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ فَتَنَبَّهْ
اهـ.
قَوْلُهُ: (بَلْ هُوَ) أَيْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَقَوْلُهُ: بِهَا أَيْ
بِالْمَجْنُونَةِ. وَقَالَ م د. بَلْ هُوَ أَيْ اسْمُ التَّوْلَى أَوْلَى
بِهَا مِنْ الْمَجْنُونَةِ لِأَنَّ الْجُنُونَ عَدَمُ الْعَقْلِ الْخَاصِّ
بِالْعُقَلَاءِ.
قَوْلُهُ: (مَا تَنَاوَلَهُ) أَيْ بِاللَّازِمِ أَوْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.
قَوْلُهُ: (سَبْعَةً) وَسَيَأْتِي أَيْضًا مِنْهَا الْجَرَبُ وَالْحَمْلُ
وَقَطْعُ الْأُذُنِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَقَطْعُ الذَّنَبِ كَذَلِكَ
فَصَارَتْ الْعُيُوبُ أَحَدَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ مِنْهَا مَا لَا يَتَنَاوَلُهُ) فَصَارَتْ الْعُيُوبُ
تِسْعَةً، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
عَوْرَا وَعَرْجَا ثُمَّ تَوْلَى عَجْفَا ... مَرِيضَةٌ وَحَامِلٌ لَا
تَخْفَى
عَمْيَا وَهَيْمَا ثُمَّ جَرْبَاءُ فَذَا ... عِنْدَ التَّضَحِّي تِسْعَةٌ
لَهَا انْبِذَا
قَوْلُهُ: (الْجَرْبَاءُ) بَدَلٌ مِنْ مَا وَقَوْلُهُ: وَالْوَدَكُ أَيْ
الدُّهْنُ.
قَوْلُهُ: (وَالْحَامِلُ فَلَا تُجْزِئُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ
الْحَمْلَ يُنْقِصُ لَحْمَهَا وَإِنَّمَا عَدُّوهَا كَامِلَةً فِي
الزَّكَاةِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهَا النَّسْلُ دُونَ طِيبِ اللَّحْمِ
وَأَلْحَقَ الزَّرْكَشِيّ بِالْحَامِلِ قَرِيبَةَ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ
لِنَقْصِ لَحْمِهَا وَالْمُرْضِعَ وَرَدَّهُ حَجّ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ
الْحَمْلَ يُفْسِدُ الْجَوْفَ وَيُصَيِّرُ اللَّحْمَ رَدِيئًا كَمَا
صَرَّحُوا بِهِ، وَبِالْوِلَادَةِ
(4/335)
فَائِدَةٌ: ضَابِطُ الْمُجْزِئِ فِي
الْأُضْحِيَّةِ السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ اللَّحْمَ أَوْ غَيْرَهُ
مِمَّا يُؤْكَلُ (وَيُجْزِئُ الْخَصِيُّ) ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» أَيْ
خَصِيَّيْنِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا
وَجَبَرَ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طِيبًا وَكَثْرَةً
وَأَيْضًا الْخُصْيَةُ الْمَفْقُودَةُ مِنْهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ
بِالْأَكْلِ فَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا. وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ إلَّا ابْنَ
الْمُنْذِرِ عَلَى جَوَازِ خِصَاءِ الْمَأْكُولِ فِي صِغَرِهِ دُونَ
كِبَرِهِ وَتَحْرِيمِهِ فِيمَا لَا يُؤْكَلُ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ
الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ. (وَ) تُجْزِئُ (الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ) مَا
لَمْ يَعِبْ اللَّحْمَ وَإِنْ دَمِيَ بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا
يَتَعَلَّقُ بِهِ كَبِيرُ غَرَضٍ وَلِهَذَا لَا يَضُرُّ فَقْدُهُ خِلْقَةً
فَإِنْ عِيبَ اللَّحْمُ ضَرَّ كَالْجَرَبِ وَغَيْرِهِ. وَذَاتُ الْقَرْنِ
أَوْلَى لِخَبَرِ: «خَيْرُ الضَّحِيَّةِ الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ»
وَلِأَنَّهُ أَحْسَنُ مَنْظَرًا بَلْ يُكْرَهُ غَيْرُهَا كَمَا نَقَلَهُ
فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَلَا يَضُرُّ ذَهَابُ بَعْضِ
الْأَسْنَانِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاعْتِلَافِ وَنَقْصِ
اللَّحْمِ فَلَوْ ذَهَبَ الْكُلُّ ضَرَّ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ.
وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَهَابَ الْبَعْضِ إذَا أَثَّرَ
يَكُونُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ
الْبَغَوِيِّ: وَيُجْزِئُ مَكْسُورُ سِنٍّ أَوْ سِنَّيْنِ ذَكَرَهُ
الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيّ.
(وَلَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ) بَعْضِ (الْأُذُنِ) وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا
لِذَهَابِ جُزْءٍ مَأْكُولٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ
الْمَقْطُوعُ دُونَ الثُّلُثِ أَجْزَأَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
مَنْعَ كُلِّ الْأُذُنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَمَنْعَ الْمَخْلُوقَةِ
بِلَا أُذُنٍ وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِ
فَاقِدَةِ الضَّرْعِ أَوْ الْأَلْيَةِ أَوْ الذَّنَبِ خِلْقَةً فَإِنَّهُ
لَا يَضُرُّ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْأُذُنَ عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا
بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَكَمَا يُجْزِئُ ذَكَرُ
الْمَعْزِ.
وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ فَقِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَمَّا إذَا فُقِدَ
ذَلِكَ بِقَطْعٍ وَلَوْ لِبَعْضٍ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ:
(وَلَا مَقْطُوعُ) بَعْضِ (الذَّنَبِ) وَإِنْ قَلَّ أَوْ بِقَطْعِ بَعْضِ
لِسَانٍ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِحُدُوثِ مَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ اللَّحْمِ
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَلَلَ الْأُذُنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
زَالَ هَذَا الْمَحْذُورُ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (وَتَعَجَّبَ) أَيْ
الْإِسْنَوِيُّ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ لِأَنَّهَا لَهُ هـ
اشَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (السَّلَامَةُ) أَيْ ذُو السَّلَامَةِ لِأَجْلِ
قَوْلِهِ: الْمُجْزِئُ وَفِي نُسْخَةِ السَّلِيمُ.
قَوْلُهُ: (مَوْجُوءَيْنِ) بِجِيمٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَيْنَ
الْوَاوِ وَالتَّحْتِيَّةِ مِنْ الْوِجَاءِ بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ
الْقَطْعِ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) مِنْهُ يُؤْخَذُ
أَنَّ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَهُ شَيْخُنَا.
ثُمَّ قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ أج.
قَوْلُهُ: (عَلَى جَوَازِ خِصَاءِ الْمَأْكُولِ فِي صِغَرِهِ) اعْلَمْ
أَنَّ الْخِصَاءَ جَائِزٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ لِمَأْكُولٍ
وَأَنْ يَكُونَ صَغِيرًا وَأَنْ يَكُونَ فِي زَمَانٍ مُعْتَدِلٍ وَإِلَّا
حَرُمَ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ قَوْلُهُ: خِصَاءُ الْمَأْكُولِ
بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَيْ سَلُّ خُصْيَتَيْهِ بِمَعْنَى اسْتِخْرَاجِ
بَيْضَتِهِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُكْرَهُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ ذَاتِ
الْقَرْنِ. قَوْلُهُ (فَلَوْ ذَهَبَ الْكُلُّ ضَرَّ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ
فَقْدَ الْأَسْنَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إنْ أَثَّرَ فِي اللَّحْمِ
ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا ق ل. وَلَا تُجْزِئُ فَاقِدَةُ كُلِّ الْأَسْنَانِ
بِخِلَافِ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا أَسْنَانٍ وَكَأَنَّ الْفَرْقُ أَنَّ
فَقْدَ جَمِيعِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ بِخِلَافِ
فَقْدِ الْجَمِيعِ خِلْقَةً فَلْيُحَرَّرْ سم.
قَوْلُهُ: (بَعْضِ الْأُذُنِ) وَجَوَّزَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَنْعَ كُلِّ الْأُذُنِ) أَيْ مَنْعَ مَقْطُوعَةِ كُلِّ
الْأُذُنِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمَتْنِ لَا أَنَّهُ
أَفْهَمُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ النُّسْخَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِلشَّارِحِ
فِيهَا كَلِمَةُ بَعْضِ مِنْ الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُجْزِئُ
مَقْطُوعُ بَعْضِ الْأُذُنِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْعَ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا
أُذُنٍ) وَسَكَتُوا عَنْ الْمَخْلُوقَةِ فَاقِدَةً بَعْضَ الْأُذُنِ.
وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.
قَوْلُهُ: (عُضْوٌ لَازِمٌ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ
بَيْنَ كَوْنِ الْأَلْيَةِ صَغِيرَةً فِي ذَاتِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ
فِي بَعْضِ الْغَنَمِ، وَكَوْنِهَا كَبِيرَةً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ:
فَقْدُ فِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ
الْكُبْرُ النِّسْبِيُّ فَالْأَلْيَةُ وَإِنْ صَغُرَتْ فَهِيَ مِنْ حَيْثُ
هِيَ كَبِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُذُنِ هَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا
لَوْ وُجِدَتْ أَلْيَةٌ قُطِعَ جُزْءٌ مِنْهَا وَشَكَّ فِي أَنَّ
الْمَقْطُوعَ كَانَ كَبِيرًا فِي الْأَصْلِ فَلَا يُجْزِئُ مَا قُطِعَتْ
مِنْهُ الْآنَ أَوْ صَغِيرًا فَيُجْزِئُ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ
الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا قُطِعَتْ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ
لِلْغَالِبِ فِي أَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ لِكُبْرِ الْأَلْيَةِ صَغِيرٌ ع ش
عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْإِجْزَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ
فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ خِلْقَةً وَكَمَا
يُجْزِئُ إلَخْ فَقَوْلُهُ: وَكَمَا يُجْزِئُ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ
شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (ذَكَرُ الْمَعْزِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا ضَرْعَ لَهُ وَلَا
أَلْيَةَ.
قَوْلُهُ: (فَقِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى فَاقِدِ الضَّرْعِ
وَالْأَلْيَةِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا فُقِدَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الضَّرْعِ
وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِقَطْعِ بَعْضِ لِسَانٍ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ
الرَّكَاكَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَمَّا إذَا فُقِدَ الضَّرْعُ
وَالْأَلْيَةُ وَالذَّنَبُ بِقَطْعِ بَعْضِ
(4/336)
كَفَقْدِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ خَرَجَ
عَنْ كَوْنِهِ مَأْكُولًا، وَلَا يَضُرُّ شَقُّ أُذُنٍ وَلَا خَرْقُهَا
بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْقُطَ مِنْ الْأُذُنِ شَيْءٌ بِذَلِكَ كَمَا عُلِمَ
مِمَّا مَرَّ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا
يَضُرُّ التَّطْرِيفُ وَهُوَ قَطْعُ شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْ الْأَلْيَةِ
لِخَبَرِ: " ذَلِكَ يُسَمِّنُهَا " وَلَا قَطْعَ فِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ
عُضْوٍ كَبِيرٍ كَفَخِذٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ
الْكَبِيرَةِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعُضْوِ فَلَا يُجْزِئُ لِنُقْصَانِ
اللَّحْمِ.
(وَيَدْخُلُ وَقْتُ الذَّبْحِ) لِلْأُضْحِيَّةِ الْمَنْدُوبَةِ
وَالْمَنْذُورَةِ (مِنْ وَقْتِ) مُضِيِّ قَدْرِ (صَلَاةِ) رَكْعَتَيْ
(الْعِيدِ) وَهُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ. وَمُضِيِّ قَدْرِ
خُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ (إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ
التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِحَيْثُ لَوْ قَطَعَ
الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ قَبْلَ تَمَامِ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِهَا صَحَّتْ
أُضْحِيَّةً. فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَقْطَعْ
أُضْحِيَّةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «إنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي
يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ مَنْ فَعَلَ
ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ
لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» وَخَبَرِ
ابْنِ حِبَّانَ: «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» وَالْأَفْضَلُ
تَأْخِيرُهَا إلَى مُضِيِّ ذَلِكَ مِنْ ارْتِفَاعِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ
كَرُمْحٍ، خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً مُعَيَّنَةً
أَوْ فِي ذِمَّتِهِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ، ثُمَّ عَيَّنَ
الْمَنْذُورَةَ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ. فَإِنْ
تَلِفَتْ الْمُعَيَّنَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ بَقِيَ
الْأَصْلُ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا
شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ
مِثْلِهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ التَّلَفِ لِيَشْتَرِيَ
بِهَا كَرِيمَةً أَوْ مِثْلَيْنِ لِلْمُتْلَفَةِ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ
أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ دَفْعُ قِيمَتِهَا لِلنَّاذِرِ يَشْتَرِي
بِهَا مِثْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَدُونَهَا.
(وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الذَّبْحِ) مُطْلَقًا (خَمْسَةُ) بَلْ تِسْعَةُ
(أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (التَّسْمِيَةُ) بِأَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِسَانٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَلَعَلَّهَا سَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ
غَيْرِهِ تَأَمَّلْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: أَوْ بِقَطْعٍ أَيْ أَوْ
نَقَصَ الْمُضَحَّى بِهِ بِقَطْعٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَوْ
الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ:
بِقَطْعِ قَوْلُهُ: (شَيْءٍ يَسِيرٍ) خَرَجَ الْكَثِيرُ فَلَوْ تَرَتَّبَ
عَلَى بَقَائِهِ ضَرَرُهَا بِأَنْ تَنْجَرِحَ فَهَلْ يُغْتَفَرُ الْكَثِيرُ
أَيْضًا أَوْ لَا؟ عُمُومُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ.
قَوْلُهُ: (بِالْإِضَافَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الذَّبْحِ) غَيَّرَ الشَّارِحُ إعْرَابَ
الْمَتْنِ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ فَاعِلًا،
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعِيبًا لِأَنَّ نَوْعَ الْإِعْرَابِ لَمْ
يَخْتَلِفْ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ شَخْصُهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً.
قَوْلُهُ: (مِنْ وَقْتِ) هِيَ لِلِابْتِدَاءِ أَيْ مُبْتَدَأٌ وَثَابِتٌ
مِنْ وَقْتِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (صَلَاةِ الْعِيدِ) لَعَلَّهُ تَجَوَّزَ بِاسْتِعْمَالِ
الصَّلَاةِ فِي الْأَعَمِّ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالْخُطْبَةِ، وَلَوْ
وَقَفُوا فِي الْعَشْرِ حُسِبَتْ الْأَيَّامُ لِلذَّبْحِ عَلَى حِسَابِ
وُقُوفِهِمْ كَمَا فِي الْحَجِّ اهـ. م ر. قَوْلُهُ: (وَهُوَ طُلُوعُ
إلَخْ) صَوَابُهُ مِنْ طُلُوعِ إلَخْ أَيْ مَضَى ذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ،
فَتَأَمَّلْ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: وَهُوَ طُلُوعُ الضَّمِيرُ
عَائِدٌ لِلْوَقْتِ بِحَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَوَقْتُ الذَّبْحِ وَقْتُ
طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَوْلُهُ: (وَمُضِيِّ قَدْرٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُضِيِّ قَدْرِ
صَلَاةٍ فَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَتْنَ حَذَفَ الْوَاوَ،
مَعَ الْمَعْطُوفِ أَوْ تَوَسَّعَ بِأَنْ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ مَا
يَشْمَلُ الْخُطْبَةَ. قَوْلُهُ: (خَفِيفَتَيْنِ) بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى
الْوَاجِبِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (إلَى غُرُوبِ) لَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ بِيَدْخُلُ لِأَنَّ
الدُّخُولَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ. قَوْلُهُ: (إلَى مُضِيِّ
ذَلِكَ) أَيْ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ.
قَوْلُهُ: (مُعَيَّنَةً) أَيْ ابْتِدَاءً كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ
بِهَذِهِ الشَّاةِ. قَوْلُهُ: (كَلِلَّهِ عَلَيَّ أُضْحِيَّةٌ) بِشَاةٍ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ اكْتِفَاءً بِالصِّيغَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ الْمَنْذُورَةُ فِي الذِّمَّةِ
وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى وَهِيَ الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً اهـ أج.
قَوْلُهُ: (مِنْ مِثْلِهَا) أَيْ مِنْ قِيمَةِ مِثْلِهَا مَرْحُومِيٌّ
وَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ قِيمَةٍ كَمَا هُوَ فِي الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ
ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْ مِثْلِهَا يَوْمَ النَّحْرِ أَيْ وَلَوْ مِنْ
مَالِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ النَّحْرِ
أَكْثَرَ وَتَسْمِيَتُهَا يَوْمَ التَّلَفِ لَزِمَهُ الْمِثْلُ. اهـ
بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ قِيمَتُهَا) أَيْ وَقْتَ التَّلَفِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ
لَمْ يَجِدْ فَدُونَهَا) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اشْتَرَى شِقْصًا فَإِنْ
لَمْ يُمْكِنْ اشْتَرَى لَحْمًا. نَعَمْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَصَدَّقَ
بِالدَّرَاهِمِ اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ فِي التَّضْحِيَةِ وَغَيْرِهَا مَا عَدَا
التَّكْبِيرَ. وَالدُّعَاءَ بِالْقَبُولِ فَإِنَّهُمَا خَاصَّانِ
بِالْأُضْحِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) وَالْأَكْمَلُ، تَكْمِيلُهَا
وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الذَّبْحَ لَا
يُنَاسِبُهُ رَحْمَةٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الذَّبْحَ
(4/337)
بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ.
(وَ) الثَّانِي (الصَّلَاةُ) وَالسَّلَامُ (عَلَى) سَيِّدِنَا (رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَبَرُّكًا بِهِمَا. (وَ)
الثَّالِثُ (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالذَّبِيحَةِ) أَيْ بِمَذْبَحِهَا
فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ دُونَ وَجْهِهَا لِيُمْكِنَهُ الِاسْتِقْبَالُ
أَيْضًا. (وَ) الرَّابِعُ (التَّكْبِيرُ ثَلَاثًا) بَعْدَ التَّسْمِيَةِ
كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَ) الْخَامِسُ (الدُّعَاءُ بِالْقَبُولِ)
بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي
وَالسَّادِسُ تَحْدِيدُ الشَّفْرَةِ فِي غَيْرِ مُقَابِلَتِهَا.
وَالسَّابِعُ إمْرَارُهَا وَتَحَامُلُ ذَهَابِهَا وَإِيَابِهَا
وَالثَّامِنُ إضْجَاعُهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَشَدِّ قَوَائِمِهَا
الثَّلَاثِ غَيْرَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى. وَالتَّاسِعُ عَقْلُ الْإِبِلِ
وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ.
(وَلَا يَأْكُلُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ) وَالْهَدْيِ
الْمَنْذُورِ كَدَمِ الْجُبْرَانِ فِي الْحَجِّ. (شَيْئًا) أَيْ يَحْرُمُ
عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا غَرِمَهُ. (وَيَأْكُلُ
مِنْ) الْأُضْحِيَّةِ (الْمُتَطَوِّعِ بِهَا) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ
قِيَاسًا عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] أَيْ
الشَّدِيدَ الْفَقْرِ وَفِي الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا قِيلَ بِهِ لِظَاهِرِ
الْآيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ
شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36] فَجَعَلَهَا لَنَا وَمَا جُعِلَ
لِلْإِنْسَانِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَكْلِهِ وَتَرْكِهِ. قَالَهُ فِي
الْمُهَذَّبِ
(وَلَا يَبِيعُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ شَيْئًا) وَلَوْ جِلْدَهَا أَيْ
يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ سَوَاءً أَكَانَتْ مَنْذُورَةً
أَمْ لَا. وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهِ رَحْمَةٌ لِلْآكِلِينَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ)
بِالْجَرِّ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ حَرُمَ وَحَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ إنْ قَصَدَ
بِذَلِكَ " التَّشْرِيكَ. فَإِنْ أَطْلَقَ كُرِهَ وَإِنْ قَصَدَ
التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ فِيهِمَا وَقِيلَ:
يَحْرُمُ إذَا أَطْلَقَ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ.
وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَلَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمُ مُحَمَّدٍ
بِالرَّفْعِ لَمْ يَحْرُمْ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ
الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ
وَأَمَّا مَا قِيلَ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ
فَحَلَالٌ أَكْلُهُ. وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ حَرَامًا
لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَحَالِّ
الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: " لَا أَذْكُرُ إلَّا وَتُذْكَرُ
مَعِي " فَقَدْ جَاءَ " أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إنَّ رَبِّي وَرَبَّك
يَقُولُ لَك أَتَدْرِي كَيْفَ رَفَعَ ذِكْرَك " أَيْ عَلَى أَيِّ حَالٍ
جَعَلْت ذِكْرَك مَرْفُوعًا مُشَرَّفًا، الْمَذْكُورَ ذَلِكَ فِي قَوْله
تَعَالَى: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1] إلَى قَوْله تَعَالَى:
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] قُلْت اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ: "
لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي " أَيْ فِي غَالِبِ الْمَوَاطِنِ
وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا. فَائِدَةٌ:
مَنْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ تَعْظِيمًا لَهَا لِكَوْنِهَا بَيْتَهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ لِلنَّبِيِّ لِكَوْنِهِ رَسُولَ اللَّهِ أَوْ
لِلْفَرَحِ بِقُدُومِ إمَامٍ أَوْ وَزِيرٍ أَوْ ضَيْفٍ أَوْ شُكْرًا
لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لِإِرْضَاءِ سَاخِطٍ أَوْ عِنْدَ مَقَامِ
وَلِيٍّ فَلَا يَكْفُرُ، وَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُسَنُّ
ذَلِكَ بِالْإِهْدَاءِ لِلْكَعْبَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ
بِهِ أَيْ بِالذَّبْحِ كَنَحْوِ زَيْتٍ لِإِسْرَاجِ الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى. اهـ. دَيْرَبِيٌّ بِخَطِّهِ.
قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ) أَيْ عَقِبَ التَّسْمِيَةِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا
أَعْنِي التَّسْمِيَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ سم.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ أَوْ قَبْلَهَا
فَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمَرَّةٍ وَالْأَكْمَلُ ثَلَاثٌ.
قَوْلُهُ: (هَذَا مِنْك) أَيْ وَاصِلٌ مِنْك، وَرَاجِعٌ إلَيْك أَوْ
نِعْمَةٌ مِنْك أَوْ مُتَقَرَّبٌ بِهِ إلَيْك وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ
مُقَابَلَتِهَا أَيْ الذَّبِيحَةِ.
قَوْلُهُ: (الْمَنْذُورَةِ) لَوْ قَالَ: الْوَاجِبَةِ لَكَانَ أَوْلَى
وَأَعَمَّ لِيَشْمَلَ الْوَاجِبَةَ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ
جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ ق ل. وَمِثْلُهُ م ر حَيْثُ
قَالَ: وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ اهـ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي ذَلِكَ
حَرَجٌ شَدِيدٌ. قَوْلُهُ: (كَدَمِ الْجُبْرَانِ) تَنْظِيرٌ لِلْهَدْيِ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَأْكُلَ) مَحْمُولٌ عَلَى الزَّائِدَةِ عَلَى
الْوَاجِبِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ، وَلَا يَجُوزُ
الْأَكْلُ مِنْ الْوَاجِبَةِ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي أَكْلِهِ مِنْ
الْكَبِدِ كَوْنُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ بِهِ إكْرَامُ اللَّهِ لِأَهْلِ
الْجَنَّةِ لِمَا وَرَدَ: «إنَّ أَوَّلَ إكْرَامِهِ لَهُمْ بِأَكْلِ
زِيَادَةِ كَبِدِ الْحُوتِ» قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْآيَةِ) أَيْ قَوْلُهُ:
{فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 28] وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ
(4/338)
أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ كَمَا يَجُوزُ
لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا. كَأَنْ يَجْعَلَهُ دَلْوًا أَوْ نَعْلًا أَوْ
خُفًّا وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَفْضَلُ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا
إجَارَتُهُ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ
وَصَحَّحَهُ: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ»
وَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ، وَتَجُوزُ إعَارَتَهُ،
كَمَا لَهُ إعَارَتُهَا. أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ
بِجِلْدِهَا. كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْقَرْنُ مِثْلُ الْجِلْدِ فِيمَا
ذُكِرَ وَلَهُ جَزُّ صُوفٍ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَ إلَى الذَّبْحِ ضَرَّ
بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجُزُّهُ إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً
لِانْتِفَاعِ الْحَيَوَانِ بِهِ فِي دَفْعِ الْأَذَى وَانْتِفَاعِ
الْمَسَاكِينِ بِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ. وَكَالصُّوفِ فِيمَا ذُكِرَ
الشَّعْرُ وَالْوَبَرُ وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ يُذْبَحُ
حَتْمًا كَأُمِّهِ وَيَجُوزُ لَهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَكْلُهُ
قِيَاسًا عَلَى اللَّبَنِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: لَا
يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُمِّهِ وَلَهُ شُرْبُ
فَاضِلِ لَبَنِهَا عَنْ وَلَدِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ
الْمَاوَرْدِيُّ
(وَيُطْعِمُ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى
سَبِيلِ التَّصَدُّقِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ بَعْضِهَا وُجُوبًا
وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا مِنْ لَحْمِهَا بِحَيْثُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ
الِاسْمُ وَيَكْفِي الصَّرْفُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَوْ
الْمَسَاكِينِ. وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي خِلَافَ
ذَلِكَ بِخِلَافِ سَهْمِ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ
صَرْفُهُ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ هُنَا الِاقْتِصَارُ
عَلَى جُزْءٍ يَسِيرٍ لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ
وَيُشْتَرَطُ فِي اللَّحْمِ أَنْ يَكُونَ نِيئًا لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ مَنْ
يَأْخُذُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ. كَمَا فِي الْكَفَّارَاتِ
فَلَا يَكْفِي جَعْلُهُ طَعَامًا وَدُعَاءُ الْفُقَرَاءِ إلَيْهِ لِأَنَّ
حَقَّهُمْ فِي تَمَلُّكِهِ وَلَا تَمْلِيكُهُمْ لَهُ مَطْبُوخًا وَلَا
تَمْلِيكُهُمْ غَيْرَ اللَّحْمِ مِنْ جِلْدٍ وَكَرِشٍ وَطِحَالٍ
وَنَحْوِهَا وَلَا الْهَدِيَّةُ عَنْ التَّصَدُّقِ وَلَا الْقَدْرُ
التَّافِهُ مِنْ اللَّحْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا
كَوْنُهُ قَدِيدًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. وَلَوْ تَصَدَّقَ
بِقَدْرِ الْوَاجِبِ وَأَكَلَ وَلَدَهَا كُلَّهُ جَازَ. وَلَوْ أَعْطَى
الْمُكَاتَبَ جَازَ كَالْحُرِّ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَخَصَّهُ ابْنُ
الْعِمَادِ بِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَرَفَهُ
إلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ
الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُمْ فَلَا يَجُوزُ إطْعَامُهُمْ مِنْهَا كَمَا نَصَّ
عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَوَقَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا) أَيْ قَبْلَ الذَّبْحِ
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ
جِلْدَهَا، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لِخَبَرِ
إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ
وُجُوبُهَا بِنَذْرٍ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ: عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ
بِهَذِهِ، أَوْ كَانَ وُجُوبُهَا بِالْجَعْلِ كَجَعَلْت هَذِهِ أُضْحِيَّةً
فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ طَرَأَ لَهَا
الْحَمْلُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ الذَّبْحِ
وَهِيَ حَامِلٌ ذُبِحَتْ وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ ذُبِحَتْ
وَذُبِحَ وَلَدُهَا وَيَجُوزُ أَكْلُ وَلَدِهَا.
وَكَذَا إذَا عَيَّنَ مَا فِي ذِمَّتِهِ فَحَمَلَتْ بَعْدَ التَّعْيِينِ
وَوُلِدَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ يُذْبَحُ أَيْضًا وَيَجُوزُ أَكْلُهُ.
وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَ حَامِلًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ أَوْ
عَيَّنَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ وَاسْتَمَرَّ الْحَمْلُ إلَى وَقْتِ الذَّبْحِ
فَلَا يَصِحُّ ذَبْحُهَا، فَكَلَامُ الشَّارِحِ يُنَزَّلُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَّ أُضَحِّيَ بِحَامِلٍ فَعَيَّنَ
حَامِلًا وَاسْتَمَرَّ الْحَمْلُ إلَى الذَّبْحِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ
وَلَدَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا لِأَنَّهَا لَمْ
تُوجَدْ فِيهَا صِفَةُ النَّذْرِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ أَكْلِ وَلَدِ
الْأُضْحِيَّةِ إذَا بَقِيَتْ أُمُّهُ أَمَّا إذَا مَاتَتْ فَلَا يَجُوزُ
أَكْلُهُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى سَبِيلِ التَّصَدُّقِ) أَيْ لَا عَلَى سَبِيلِ
الْهَدِيَّةِ فَلَا يَكْفِي. وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا كَانَ لِأَجْلِ
الْهَدِيَّةِ يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهُ الْإِكْرَامُ بِخِلَافِ مَا كَانَ
الْقَصْدُ بِهِ الصَّدَقَةُ فَإِنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الثَّوَابُ.
قَوْلُهُ: (بَعْضَهَا) مَفْعُولٌ لِيُطْعِم.
قَوْلُهُ: (تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ
وَيُجَابُ بِأَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ.
قَوْلُهُ: (وَأَكَلَ وَلَدَهَا كُلَّهُ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ اشْتَرَى
شَاةً مَثَلًا بِنِيَّةِ الضَّحِيَّةِ، بِقَلْبِهِ أَوْ عَيَّنَهَا مِنْ
مَالِهِ لِلضَّحِيَّةِ بِقَلْبِهِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّهَا حَمَلَتْ،
وَوَلَدَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا، بَلْ يُبْدِلُهَا
بِسَلِيمَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلَ الْأُولَى قَالَ م د: دَفَعَ بِهِ
مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهَا إذَا عَرَضَ لَهَا
الْحَمْلُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ ضَحِيَّةٌ ثَانِيَةٌ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ
بِجُزْءٍ مِنْهُ، أَيْ فَهَذَا التَّوَهُّمُ بَاطِلٌ.
قَوْلُهُ: (وَخَصَّهُ) أَيْ الْمُعْطِي وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ
إطْعَامُهُمْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الضَّمِيرَ مَعَ رُجُوعِهِ لِلْغَيْرِ،
لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ الْجَمْعِيَّةَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ
فِي الْبُوَيْطِيِّ فِي كِتَابِهِ: وَهُوَ الْإِمَامُ يُوسُفُ أَبُو
يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ نِسْبَةً إلَى بُوَيْطَ قَرْيَةٍ مِنْ صَعِيدِ
مِصْرَ اهـ أج.
(4/339)
فِي الْمَجْمُوعِ جَوَازُ إطْعَامِ
فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ دُونَ
الْوَاجِبَةِ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ.
تَتِمَّةٌ:
الْأَفْضَلُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَأَبْعَدُ عَنْ حَظِّ النَّفْسِ إلَّا لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ
لُقَمًا يُتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا عَمَلًا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ
وَالِاتِّبَاعِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْأَكْلَ
وَيُسَنُّ إنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ أَنْ
يَجْعَلَ ذَلِكَ أَثْلَاثًا وَإِذَا أَكَلَ الْبَعْضَ وَتَصَدَّقَ
بِالْبَعْضِ فَلَهُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ بِالْكُلِّ وَالتَّصَدُّقِ
بِالْبَعْضِ وَيُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلتَّضْحِيَةِ عِنْدَ ذَبْحِ
الْأُضْحِيَّةِ أَوْ قَبْلَهُ عِنْدَ تَعْيِينِ مَا يُضَحِّي بِهِ:
كَالنِّيَّةِ فِي الزَّكَاةِ لَا فِيمَا عَيَّنَ لَهَا بِنَذْرٍ فَلَا
يُشْتَرَطُ لَهُ نِيَّةٌ وَلَوْ وَكَّلَ بِذَبْحٍ كَفَتْ نِيَّتُهُ وَلَا
حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْوَكِيلِ وَلَهُ تَفْوِيضُهَا لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ
وَلَا تَضْحِيَةَ لِأَحَدٍ عَنْ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ كَانَ
مَيِّتًا كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ
كَالزَّكَاةِ. وَلَا لِرَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا فَإِنْ أَذِنَ لَهُ
سَيِّدُهُ فِيهَا وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ وَإِنْ
كَانَ مُكَاتَبًا وَقَعَتْ لَهُ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ
سَيِّدُهُ فِيهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَيْ مِمَّا وَقَعَ
فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إرْفَاقُ الْمُسْلِمِينَ
بِأَكْلِهَا لِأَنَّهَا ضِيَافَةٌ مِنْ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ تَمْكِينُ
غَيْرِهِمْ مِنْهَا وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي فِي
الْمَجْمُوعِ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ إطْعَامُ الْمُضَحِّي
لِفُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر امْتِنَاعُ
ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَنَّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ إنَّمَا هُوَ فِي إعْطَاءِ
الْفَقِيرِ أَوْ الْمُهْدَى لَهُ شَيْئًا مِنْهَا لِلْكَافِرِ
وَعِبَارَتُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُضَحِّي عَنْ نَفْسِهِ مَا لَوْ ضَحَّى عَنْ
غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ
إطْعَامُ كَافِرٍ مِنْهَا مُطْلَقًا فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا مَنْدُوبَةً
أَوْ وَاجِبَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ إطْعَامِ الْفَقِيرِ
وَالْمُهْدَى إلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا لِلْكَافِرِ إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا
إرْفَاقُ الْمُسْلِمِينَ بِأَكْلِهَا، لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ
مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ وَفِي ع ش عَلَى م ر. دَخَلَ فِي
الْإِطْعَامِ مَا لَوْ ضَيَّفَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ
الْغَنِيُّ كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ نَعَمْ لَوْ اُضْطُرَّ الْكَافِرُ
وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ إلَّا لَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ
فَيَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ لَهُ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ
وَيَضْمَنُهُ الْكَافِرُ بِبَدَلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ
لَهُ غَنِيًّا كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ
يَضْمَنُهُ بِالْبَدَلِ وَلَا تَكُونُ الضَّرُورَةُ مُبِيحَةً لَهُ إيَّاهُ
مَجَّانًا. اهـ. .
قَوْلُهُ: (بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا
مِنْهَا} [الحج: 28] . قَوْلُهُ: (لَا فِيمَا عَيَّنَ لَهَا بِنَذْرٍ)
صُورَتُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ
لِنِيَّةٍ لَا عِنْدَ الذَّبْحِ؛ وَلَا عِنْدَ النَّذْرِ حَتَّى لَوْ
ذَبَحَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَيُفَرِّقُهَا
صَاحِبُهَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِالْجَعْلِ كَجَعَلْتهَا
أُضْحِيَّةً أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَهَذِهِ أُضْحِيَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ
النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ، أَوْ عِنْدَ الْجَعْلِ أَوْ عِنْدَ
التَّعْيِينِ بِالْإِشَارَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ
عَيَّنَهَا فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ التَّعْيِينِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَكَّلَ بِذَبْحٍ كَفَتْ نِيَّتُهُ) أَيْ الْمُضَحِّي
عِنْدَ ذَبْحِ الْوَكِيلِ أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهِ أَوْ فِيمَا قَبْلَهُ،
مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْقَوْلَةِ قَبْلَ هَذِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَفْوِيضُهَا) أَيْ النِّيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا) صُورَتُهَا فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ
بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ تَضْحِيَتُهُ
عَنْ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ إلَّا فِيمَا إذَا ضَحَّى عَنْ أَهْلِ
الْبَيْتِ أَوْ ضَحَّى عَنْ مُوَلِّيهِ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ، أَوْ ضَحَّى
الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَسْقُطُ
بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ
الذَّبْحِ عَنْهُمْ مُجَرَّدُ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُمْ وَيَنْبَغِي أَنَّ
مِثْلَ التَّضْحِيَةِ مِنْ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ التَّضْحِيَةُ
بِمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ
فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِمَنْ شَرَطَ صَرْفَهُ لَهُمْ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ
التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ، وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءً وَلَيْسَ
هُوَ ضَحِيَّةٌ مِنْ الْوَاقِفِ، بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ
كَبَقِيَّةِ عِلَّةِ الْوَاقِفِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ) وَصُورَتُهُ فِي الْمَيِّتِ
أَنْ يُوصِيَ بِهَا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى السَّيِّدُ أَوْ
فَوَّضَ النِّيَّةَ إلَيْهِ ز ي وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَيْ الرَّقِيقُ
غَيْرَ مُكَاتَبٍ إلَخْ. اهـ.
(4/340)
|