تحفة
الحبيب على شرح الخطيب = حاشية البجيرمي على الخطيب فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ
وَهِيَ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْأَشْهَرُ لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ
لِأَنَّ فِيهَا ضَمَّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ وَالنَّجْمُ يُطْلَقُ عَلَى
الْوَقْتِ أَيْضًا الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ مَالُ الْكِتَابَةِ كَمَا
سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ كِتَابَةً لِلْعُرْفِ الْجَارِي بِكِتَابَةِ ذَلِكَ
فِي كِتَابٍ يُوَافِقُهُ وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ
مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَلَفْظُهَا إسْلَامِيٌّ لَا يُعْرَفُ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ:
{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَخَبَرُ
«الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَغَيْرُهُ،
وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا
. (وَالْكِتَابَةُ مُسْتَحَبَّةٌ) لَا وَاجِبَةٌ وَإِنْ طَلَبَهَا
الرَّقِيقُ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَشِرَاءِ الْقَرِيبِ، وَلِئَلَّا
يَتَعَطَّلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَتَتَحَكَّمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى
الْمَالِكِينَ وَإِنَّمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
[فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ]
ِ ذَكَرَهَا بَعْدَ التَّدْبِيرِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي كُلٍّ مُعَلَّقٌ
وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ وَهُنَا مُعَلَّقًا بِأَدَاءِ
النُّجُومِ. قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ عَبْدٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَيَّةَ كَمَا قَالَهُ
الشَّيْخُ س ل. وَلَفْظُهَا إسْلَامِيٌّ لَا يُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ جَاهِلِيٌّ وَأَقَرَّهُ
الشَّرْعُ. قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَبَعْضُهُ فِي ق ل.
وَرَأَيْت بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ مُكَاتَبَةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ
اهـ. وَالْكِتَابَةُ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ
لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ
وَهُوَ رَقَبَةُ عَبْدِهِ بِمَالِهِ، وَهُوَ الْكَسْبُ أَيْ الْمَكْسُوبُ
وَهُوَ النُّجُومُ وَأَيْضًا فِيهَا ثُبُوتُ مَالٍ فِي ذِمَّةِ قِنٍّ
لِمَالِكِهِ ابْتِدَاءً وَثُبُوتُ مِلْكٍ لِلْقِنِّ اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ
مَخْصُوصَةٍ إلَّا السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَالْكِتَابَةُ اهـ فَالْمُرَادُ
بِالصِّيغَةِ الْمَخْصُوصَةِ الْجِنْسُ وَهِيَ فِي النِّكَاحِ زَوَّجْتُك
وَأَنْكَحْتُك فَقَطْ. وَفِي السَّلَمِ لَفْظُ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ لَا
غَيْرُ وَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ لَهُمَا صِيَغٌ كَثِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى
الْأَشْهَرِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ.
قَوْلُهُ: (لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ) فَتَكُونُ مُرَادِفَةً
لِلْكِتَابِ لُغَةً اهـ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهَا ضَمَّ نَجْمٍ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ
تَعْلِيلًا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَوْجِيهًا
لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْآتِي فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ إلَى
هُنَاكَ وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ م ر فِي شَرْحِهِ عِلَّةً
لِلتَّسْمِيَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ.
وَشَرْعًا عَقْدُ إلَخْ وَعِبَارَتُهُ وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا
بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا
فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى آخَرَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُوَثَّقُ بِهَا
غَالِبًا اهـ. بِالْحَرْفِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ
يُوَثَّقُ بِهَا أَيْ يُكْتَبُ لَهَا وَثِيقَةٌ فَقَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ
إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَوْ سُمِّيَتْ لِيَكُونَ عِلَّةً أُخْرَى
لِلتَّسْمِيَةِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ
تَأْخِيرَ قَوْلِهِ: وَسُمِّيَتْ عَنْ ذِكْرِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ
لِأَنَّهُ تَوْجِيهٌ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ تَوْجِيهَانِ. قَوْلُهُ:
(لِلْعُرْفِ الْجَارِي إلَخْ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ ضَمِّ
إلَخْ فَلِلتَّسْمِيَةِ عِلَّتَانِ.
قَوْلُهُ: (بِكِتَابَةِ ذَلِكَ) أَيْ مَضْمُونِ ذَلِكَ الْعَقْدِ فِي
كِتَابٍ يُوَافِقُهُ أَيْ يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْ مَضْمُونَهُ.
قَوْلُهُ: (يُوَافِقُهُ) أَيْ يُطَابِقُ ذَلِكَ مِنْ مُطَابَقَةِ اللَّفْظِ
لِلْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (عَقْدُ عِتْقٍ) أَيْ عَقْدٌ يُفْضِي إلَى
الْعِتْقِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ.
قَوْلُهُ: مُنَجَّمٌ أَيْ مُؤَقَّتٌ بِنَجْمَيْنِ أَيْ وَقْتَيْنِ
وَيُطْلَقُ النَّجْمُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُؤَدَّى فِي وَقْتٍ
مُعَيَّنٍ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ} [النور: 33] أَيْ
يَطْلُبُونَ الْكِتَابَ أَيْ الْكِتَابَةَ.
قَوْلُهُ: (خَيْرًا) أَيْ أَمَانَةً وَاكْتِسَابًا أَيْ عَلِمْتُمْ
أَمَانَتَهُمْ وَقُدْرَتَهُمْ عَلَى الِاكْتِسَابِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا) أَيْ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ
لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ
لِلْكَسْبِ تَشْمِيرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ
فَاحْتُمِلَ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهَا كَمَا اُحْتُمِلَتْ
الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجِعَالَةِ لِلْحَاجَةِ
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إلَى أَنَّهُ
يَدُلُّ عَلَيْهَا الْقِيَاسُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَا وَاجِبَةٌ) ذَكَرَهُ
مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ، تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَلِئَلَّا
يَتَعَطَّلَ أَثَرُ الْمِلْكِ. لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصْلُحُ عِلَّةً
لِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَتَوْطِئَةً لِلْغَايَةِ أَيْضًا أَوْ لِلرَّدِّ
صَرِيحًا عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ لِلْوُجُوبِ اهـ. ع
ش مُلَخَّصًا.
(4/471)
تُسْتَحَبُّ. (إذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ)
مِنْ سَيِّدِهِ (وَكَانَ مَأْمُونًا) أَيْ أَمِينًا فِيمَا يَكْسِبُهُ
بِحَيْثُ لَا يُضَيِّعُهُ فِي مَعْصِيَةٍ. (مُكْتَسِبًا) أَيْ قَادِرًا
عَلَى الْكَسْبِ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ
تَعَالَى عَنْهُ - الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ. وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ
لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ فَلَا يَعْتِقُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى
الْكَسْبِ لِيُوثَقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ، وَتُفَارِقُ الْإِيتَاءَ
حَيْثُ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي
لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ، وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا
كَالزَّكَاةِ. تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ مُكْتَسِبًا قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ أَيُّ
كَسْبٍ كَانَ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا
عَلَى كَسْبٍ يُوَفِّي مَا الْتَزَمَهُ مِنْ النُّجُومِ فَإِنْ فُقِدَ
شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ السُّؤَالُ، وَالْأَمَانَةُ،
وَالْقُدْرَةُ، عَلَى الْكَسْبِ فَمُبَاحَةٌ إذْ لَا يَقْوَى رَجَاءُ
الْعِتْقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَلَبَهَا) غَايَةٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ لَا فِي
الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ طَلَبَهَا شَرْطٌ فِيهِ وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ
عَلَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ تَمَسُّكًا
بِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] إلَخْ فَحَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى
الْوُجُوبِ.
قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ لَا
فِي اسْتِحْبَابِهِ فَلَيْسَ مَقِيسَةً عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّ
اسْتِحْبَابَهَا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَالتَّدْبِيرُ لَيْسَ سُنَّةً
كَمَا قَالَهُ زي لَكِنْ بِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ
مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ اهـ م د. قَوْلُهُ: (وَتَتَحَكَّمُ الْمَمَالِيكُ)
عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ. قَوْلُهُ: (إذَا سَأَلَهَا) قَيَّدَ
لِيُؤَكِّدَهَا فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا فَهِيَ مَسْنُونَةٌ عَنْ غَيْرِ
تَأَكُّدٍ بِخِلَافِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَهُ فَهُمَا لِلِاسْتِحْبَابِ.
فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا كَانَتْ مُبَاحَةً. قَوْلُهُ: (الْعَبْدُ) أَيْ
الرَّقِيقُ وَلَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يُضَيِّعُهُ) يُؤْخَذُ
مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ فِي
مَعْصِيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ
شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (مُكْتَسِبًا) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الرِّقُّ
يَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ
فِيهِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ الْكَسْبُ أح اهـ.
قَوْلُهُ: (أَيْ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ الَّذِي يَفِي
بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ شَرْحٌ م ر.
قَوْلُهُ:
(وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي
سِيَاقِ الشَّرْطِ فَعَمَّتْ وَالْمُرَادُ بِمَا تَضَمَّنَتَاهُ مِنْ
الْأَمَانَةِ وَالْكَسْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ) وَيُطْلَقُ الْخَيْرُ أَيْضًا عَلَى
الْمَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}
[العاديات: 8] وَعَلَى الْعَمَلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَاعْتُبِرَ الْأَمَانَةُ) لَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ الْأَمَانَةِ
وَاحِدَةً قَدَّمَهَا عَلَى عِلَّةِ الطَّلَبِ، وَالْكَسْبِ لِاشْتِرَاكِ
الْعِلَّةِ فِيهِمَا فَكَانَ الْأَوَّلُ كَالْمُفْرَدِ وَالثَّانِي
كَالْمُرَكَّبِ ع ش. قَوْلُهُ: (وَتُفَارِقُ) أَيْ الْكِتَابَةُ حَيْثُ
أُجْرِيَ الْأَمْرُ فِيهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فَكَاتِبُوهُمْ إلَخْ
عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ مَا
الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: فَكَاتِبُوهُمْ وَقَوْلِهِ: وَآتُوهُمْ حَيْثُ
حَمَلُوا الْأَوَّلَ عَلَى النَّدْبِ وَالثَّانِي عَلَى الْوُجُوبِ.
فَهَلَّا كَانَا لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلنَّدَبِ أَجَابَ الشَّارِحُ
بِقَوْلِهِ: وَتُفَارِقُ إلَخْ اهـ أج. قَوْلُهُ: (وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ)
أَيْ قَوَاعِدُهُ.
قَوْلُهُ: (أَيَّ كَسْبٍ) بِنَصْبِ أَيَّ خَبَرَ كَانَ وَالْجُمْلَةُ
خَبَرُ أَنَّ أَيْ وَلَوْ كَانَ كَسْبًا قَلِيلًا لَا يَفِي اهـ.
قَوْلُهُ: (قَادِرًا عَلَى كَسْبٍ إلَخْ) : هَلْ وَلَوْ لَمْ يَلْقَ بِهِ
الْكَسْبَ كَأَنْ كَانَ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَسَأَلَ الْكِتَابَةَ
وَعَلِمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ إلَّا مِنْ جِهَةٍ
لَا تَلِيقُ بِهِ كَزِبَالَةٍ مَثَلًا أَوْ كَحِجَامَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا
يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الرِّقَّ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ
صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كِتَابَتُهُ كَذَلِكَ وَلَا
يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا اهـ أج.
قَوْلُهُ: (فَمُبَاحَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ
الثَّلَاثَةِ كَانَتْ مُبَاحَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ إذْ
الصَّحِيحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا الْعَبْدُ لَا
مُبَاحَةٌ وَمُتَأَكِّدَةٌ إذَا طَلَبَهَا ح ل وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ
فِي تَصْحِيحِهِ بِكَرَاهَةِ كِتَابَةِ عَبْدٍ يُضَيِّعُ كَسْبَهُ فِي
الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ قَالَ: وَقَدْ
يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ حَيْثُ تُفْضِي كِتَابَتُهُ
لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَسَرِقَةِ
(4/472)
إلَّا بِهَا وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ
لِأَنَّهَا عِنْدَ فَقْدِ مَا ذُكِرَ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ. نَعَمْ إنْ
كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ السَّيِّدُ
أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ
بِطَرِيقِ الْفِسْقِ كُرِهَتْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: سَيِّدٌ، وَرَقِيقٌ وَصِيغَةٌ وَعِوَضٌ.
وَشَرْطٌ فِي السَّيِّدِ وَهُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مَا مَرَّ فِي
الْمُعْتِقِ مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَارًا أَهْلَ تَبَرُّعٍ وَوَلَاءٍ
لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَآيِلَةٌ لِلْوَلَاءِ فَتَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ
أَصْلِيٍّ وَسَكْرَانَ لَا مِنْ مُكْرَهٍ وَمُكَاتَبٍ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ
سَيِّدُهُ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ
وَأَوْلِيَائِهِمْ وَلَا مِنْ مَحْجُورِ فَلَسٍ وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ
لِأَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ عَلَى الْجَدِيدِ
وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
النُّجُومِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ. وَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ
هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ زي.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) فَهِيَ مُبَاحَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ
ذَاتُهَا وَإِلَّا فَقَدْ تُكْرَهُ لِعَارِضٍ كَأَنْ ظَنَّ كَسْبَهُ
بِمُحَرَّمٍ وَتَحْرُمُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ كَفُجُورٍ. وَقَدْ تَجِبُ كَمَا
عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ إذَا تَوَقَّفَتْ نَفَقَتُهُ
عَلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى كِتَابَتِهِ، مَثَلًا
فَرَاجِعْهُ. فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. ق ل وَعِبَارَةُ
شَرْحِ م ر.
وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ
أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ
عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ
فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ
وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ إذَا عُلِمَ مِنْ
أَحَدِهِمَا صَرْفُهُمَا فِي مُحَرَّمٍ وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْهَا
وَقَدْ طَلَبَهَا سَيِّدُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ اهـ
وَقَوْلُهُ: فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ
عَلَى ظَنِّ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَكْتَسِبُهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ
يَصْرِفُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَتَحْرُمُ الْكِتَابَةُ لِتَأَدِّيهَا إلَى
تَمْكِينِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ بِمَا اكْتَسَبَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَا
يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ مَلَكَ مَا يَكْسِبُهُ
كَأَنْ حَصَّلَهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحُرْمَةِ وَصَرَفَ مَا كَسَبَهُ
مِنْ الْحُرْمَةِ فِي مُؤْنَتِهِ مَثَلًا ثُمَّ أَدَّى مَا مَلَكَهُ عَنْ
النُّجُومِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ قَدْ تُفْضِي إلَى
الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (كُرِهَتْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ
تَحَقُّقِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ فَالْعِلْمُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِ
بِمَعْنَى الظَّنِّ أَوْ تُؤَوَّلُ الْكَرَاهَةُ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ
كَمَا قَالَهُ زي فَإِنْ تَوَهَّمَهُ كُرِهَتْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَإِذَا
نَذَرَهَا وَجَبَتْ فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ.
قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانُهَا إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا
كَعَادَتِهِ عَقِبَ الْفَصْلِ.
قَوْلُهُ: (وَعِوَضٌ) لَوْ قَالَ: وَنُجُومٌ لِيَشْمَلَ الْوَقْتَ
وَالْمَالَ لَكَانَ أَوْلَى ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.
قَوْلُهُ: (لَا مِنْ مُكْرَهٍ) مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ بِأَنْ نَذَرَ
كِتَابَتَهُ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْفِعْلَ
مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ. ثُمَّ هَذَا
ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ
مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَانٌ قَلِيلٌ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا
يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ
حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ. فَلَوْ كَرِهَهُ عَلَى ذَلِكَ
فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ لِلْعَبْدِ
عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ
الْكِتَابَةَ فِيهِ. وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ
الْإِمْكَانِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ) أَمَّا لَوْ كَاتَبَ ثُمَّ ارْتَدَّ
فَلَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ كَبَيْعِهِ لَكِنْ يَمْتَنِعُ دَفْعُ
النُّجُومِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. بَلْ يُدْفَعُ لِلْحَاكِمِ
فَلَوْ دَفَعَهَا لَلْمُرْتَدُّ لَمْ يَعْتِقْ وَيَسْتَرِدُّهَا
وَيَدْفَعُهَا إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ تَلِفَتْ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا
يَفِي وَدَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ تَعْجِيزُهُ
ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ فَهُوَ
رَقِيقٌ وَإِنْ أَسْلَمَ أَلْغَى التَّعْجِيزَ لِأَنَّ مَنْعَ التَّعْجِيزِ
كَانَ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ صَارَ لَهُ وَهُوَ الْعَبْدُ
وَالنُّجُومُ لِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لَهُمْ.
وَقَوْلُهُ: وَقَدْ صَارَ أَيْ الْحَقُّ لَهُ أَيْ: لِلسَّيِّدِ
فَيَعْتَدُّ بِقَبْضِهِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهَا
لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَأَتْلَفَهَا وَعَجَّزَهُ الْوَلِيُّ
ثُمَّ فُكَّ الْحَجْرُ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي تَعْجِيزُهُ لِأَنَّ حَجْرَ
السَّفَهِ أَقْوَى وَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ قَطْعًا وَلِأَنَّ
حَجْرَهُ لِحِفْظِ مَالِهِ فَلَوْ حُسِبَ عَلَيْهِ مَا أَتْلَفَهُ لَمْ
يَحْصُلْ حِفْظٌ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ عَادَ لَهُ
اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ. س ل.
قَوْلُهُ: (وَالْعُقُودُ) أَيْ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ
الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ بِخِلَافِ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ
كَالتَّدْبِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ، فَإِنَّهَا تُوقَفُ ح ل.
قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ) بِخِلَافِ الْإِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ.
لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِمَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَزُولُ بِهِ
الرِّقُّ.
قَوْلُهُ: (وَكِتَابَةُ مَرِيضٍ) الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبُ
مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِأَجَلِ قَوْلِهِ
مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ إنَّمَا هُوَ
الْمُكَاتَبُ لَا الْعَقْدُ. أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَمُتَعَلِّقُ
الْكِتَابَةِ أَوْ يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ مَحْسُوبَةٌ أَيْ
(4/473)
لِلْوَلَاءِ، وَكِتَابَةُ مَرِيضٍ مَرَضَ
الْمَوْتِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَلَّفَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ
صَحَّتْ فِي كُلِّهِ أَوْ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَفِي ثُلُثَيْهِ أَوْ لَمْ
يُخَلِّفْ غَيْرَهُ فَفِي ثُلُثِهِ وَشَرْطٌ فِي الرَّقِيقِ وَهُوَ
الرُّكْنُ الثَّانِي اخْتِيَارٌ وَعَدَمُ صِبًا وَجُنُونٍ وَأَنْ لَا
يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَشَرْطٌ فِي الصِّيغَةِ وَهُوَ الرُّكْنُ
الثَّالِثُ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْكِتَابَةِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي
الضَّمَانِ إيجَابًا كَكَاتَبْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ عَلَى كَذَا
كَأَلْفٍ مُنَجَّمًا مَعَ قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْته مَثَلًا فَأَنْتَ حُرٌّ
لَفْظًا أَوْ نِيَّةً وَقَبُولًا كَقَبِلْتُ ذَلِكَ وَشَرْطٌ فِي الْعِوَضِ
وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ كَوْنُهُ مَالًا كَمَا تَعَرَّضَ لَهُ
الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ
مِنْ الْأَرْكَانِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَصِحُّ) أَيْ الْكِتَابَةُ (إلَّا
بِمَالٍ) فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرْضًا مَوْصُوفًا
بِصِفَةِ السَّلَمِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا يَمْلِكُهَا حَتَّى يُورَدَ
الْعَقْدُ عَلَيْهَا (مَعْلُومٍ) عِنْدَهُمَا قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً
وَنَوْعًا لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْعِلْمُ
بِذَلِكَ كَدَيْنِ السَّلَمِ، وَيَكُونُ (إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ)
لِيُحَصِّلَهُ وَيُؤَدِّيَهُ فَلَا تَصِحُّ بِالْحَالِ. وَلَوْ كَانَ
الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ خَالَفَ الْقِيَامَ
فِي وَضْعِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ سُنَنُ السَّلَفِ وَالْمَأْثُورُ عَنْ
الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَمَنْ بَعْدَهُمْ
قَوْلًا وَفِعْلًا. إنَّمَا هُوَ التَّأْجِيلُ وَلَمْ يَعْقِدْهَا أَحَدٌ
مِنْهُمْ حَالَّةً وَلَوْ جَازَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَرْكِهِ مَعَ
اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ خُصُوصًا وَفِيهِ تَعْجِيلُ عِتْقِهِ. تَنْبِيهٌ
لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً فِي الذِّمَّةِ كَبِنَاءِ دَارَيْنِ فِي
ذِمَّتِهِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا جَازَ
كَمَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الْمَنَافِعُ ثَمَنًا وَأُجْرَةً، أَمَّا لَوْ
كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا.
لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ ثُمَّ إنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَحْسُوبٌ مُتَعَلِّقُهَا وَهُوَ: الْمُكَاتَبُ بِالنَّظَرِ لِقِيمَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَفِي ثُلُثَيْهِ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَمَا
يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ وَلَوْ بِالنُّجُومِ ثَلَاثُونَ فَيُقَابِلُ
ثُلُثَيْهِ عِشْرُونَ وَهِيَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ. قَالَ فِي شَرْحِ
الْمَنْهَجِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ مَعَ مِثْلِ قِيمَتِهِ،
وَهُمَا مِثْلَا ثُلُثَيْهِ. قَوْلُهُ:
(وَعَدَمُ صِبًا وَجُنُونٍ) هَلَّا قَالَ: وَتَكْلِيفٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ
فِي الْمِنْهَاجِ الْأَخْصَرُ مِنْهُ وَالْأَفْصَحُ فِي الشَّرْطِيَّةِ
لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ عَدَمِيَّةً. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ
لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَدَمِيٌّ وَيَرِدُ
عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ رَاعَى ذَلِكَ لَقَالَ
وَلَا عَدَمُ إكْرَاهٍ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ لِإِدْخَالِ
السَّكْرَانِ.
قَوْلُهُ: (كَكَاتَبْتُك) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى
الْجُمْلَةِ فَلَوْ قَالَ: كَاتَبْت يَدَك مَثَلًا لَمْ تَصِحَّ
الْكِتَابَةُ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ع ش وَمَا لَا يَصِحُّ
تَعْلِيقُهُ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ لِلْبَعْضِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْته) لِأَنَّ لَفْظَهَا يَصْلُحُ
لِلْمُخَارَجَةِ فَاحْتِيجَ لِتَمْيِيزِهَا بِقَوْلِهِ: إذَا أَدَّيْته
إلَخْ. وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلُهُ فَإِذَا بَرِئْت
مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُكَ مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ. وَيَشْمَلُ بَرِئْت
مِنْهُ حُصُولَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ
بِهَا، وَفَرَاغُ الذِّمَّةِ شَامِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ، وَالْبَرَاءَةِ
بِاللَّفْظِ. شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ نِيَّةٌ) أَيْ عِنْدَ جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ فِي
الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ
التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ. فَإِذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ. كَمَا قَالَهُ
الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ س ل. لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا
التَّعْلِيقُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ سم.
قَوْلُهُ: (وَقَبُولًا) أَيْ فَوْرًا.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ) قَدْ ذَكَرَ الرَّقِيقَ أَيْضًا
فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ إلَخْ. إلَّا
أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ
مِمَّا ذُكِرَ لُزُومًا بَعْضُهُ كَانَ كَعَدَمِ ذِكْرِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ
الْمُصَنِّفِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ
مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَيْسَ فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: (مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ السَّلَمِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ
الْآتِي مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَعْيَانَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ إنَّمَا
لَمْ تَصِحَّ عَلَى عَيْنٍ لِتَوَقُّفِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا عَلَى
مِلْكِهَا وَالرَّقِيقُ لَا مِلْكَ لَهُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ
الْمُبَعَّضِ إذَا كُوتِبَ بَعْضُهُ الرَّقِيقُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ
بِبَعْضِهِ الْحُرِّ.
قَوْلُهُ: (لَا يَمْلِكُهَا) أَيْ الْعَبْدُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَجَلٍ) أَيْ
وَقْتٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ
يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَا يُؤَدِّيهِ. قَوْلُهُ: (خَالَفَ
الْقِيَاسَ) لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ قَوْلُهُ:
(وَالْمَأْثُورُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ إنَّمَا هُوَ التَّأْجِيلُ.
قَوْلُهُ: (مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ) أَيْ فِي الْمُلَّاكِ مِنْ
الصَّبْرِ وَعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً إلَخْ) اعْلَمْ
أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ
أَوْ مَنْفَعَةً فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ، فَلَا تَصِحُّ
الْكِتَابَةُ عَلَيْهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَعْيَانَ
حَتَّى يُكَاتَبَ عَلَيْهَا. وَأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ فِي
الذِّمَّةِ تَتَأَجَّلُ كَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ
بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ
كَخِدْمَتِهِ شَهْرًا فَيَتَعَيَّنُ جَعْلُهَا مِنْ الْآنِ لِاشْتِرَاطِ
اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ وَالْمَنَافِعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ
بِالْعَقْدِ.
قَوْلُهُ:
(4/474)
كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ
حَالَّةً نَحْوَ كَاتَبْتُك، عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا أَوْ تَخِيطَ
لِي ثَوْبًا بِنَفْسِك فَلَا بُدَّ مَعَهُمَا مِنْ ضَمِيمَةِ مَالٍ
كَقَوْلِهِ: وَتُعْطِينِي دِينَارًا بَعْدَ انْقِضَائِهِ لِأَنَّ
الضَّمِيمَةَ شَرْطٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً
فَقَطْ. فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ
كُلَّ شَهْرٍ نَجْمٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُمَا نَجْمٌ وَاحِدٌ وَلَا
ضَمِيمَةَ. وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ
فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْخِدْمَةِ أَوْ الْمَنَافِعِ
الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ أَنْ تَتَّصِلَ بِالْعَقْدِ
وَلَا حَدَّ لِعَدَدِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (وَأَقَلُّهُ نَجْمَانِ)
لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُمْ - فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَوْ جَازَتْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ
نَجْمَيْنِ لَفَعَلُوهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُبَادِرُونَ إلَى
الْقُرُبَاتِ وَالطَّاعَاتِ مَا أَمْكَنَ وَلِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ
ضَمِّ النُّجُومِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا إلَخْ) لَك أَنْ
تَقُولَ فِيهِ جَمَعَ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَهُوَ بِنَاءُ
الدَّارَيْنِ وَالزَّمَانُ. وَهُوَ الْوَقْتَانِ الْمَعْلُومَانِ وَقَدْ
مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا
بِأَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتَيْنِ وَقْتُ
ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا جَمِيعُ وَقْتِ الْعَمَلِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ
يُتَسَامَحُ فِيهِ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ:
وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقْتًا كَقَوْلِهِ: كَاتَبْتُك
عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِك فِي شَهْرِ كَذَا وَفِي شَهْرِ كَذَا
اهـ. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ هَذَا مُفْسِدٌ لِلْإِجَارَةِ
لِأَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ
الْمُدَّةَ لِبَيَانِ أَوَّلِ الْعَمَلِ اهـ. قَوْلُهُ: (ثَمَنًا)
كَبِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِسُكْنَى دَارِك مَثَلًا وَقَوْلُهُ:
وَأُجْرَةٌ كَأَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِخِدْمَةِ عَبْدِك هَذَا
شَهْرًا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَعْيَانَ) الْأَوْلَى لِأَنَّ الْعَيْنَ لِأَنَّهَا
الْمُكَاتَبَةُ وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ: بِالْأَعْيَانِ أَيْ عَيْنِ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَيْنٍ مِنْ
أَعْيَانِ مَالِهِ بِأَنْ كَانَ مُبَعَّضًا وَمَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ
أَعْيَانًا اهـ. فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّ الْأَوْلَى الْعَيْنُ لِأَنَّ
الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ) أَيْ عَيْنِ
الْمُكَاتَبِ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا أَيْ بِأَنْ أَخَّرَهَا عَنْ
وَقْتِ الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ: عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا بَعْدَ هَذَا
الشَّهْرِ فَلَا يَصِحُّ. بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْعَقْدِ،
وَضَمَّ إلَيْهَا مَالًا آخَرَ مُؤَجَّلًا فَيَصِحُّ، كَمَا ذَكَرَهُ
وَخَرَجَ بِعَيْنِ الْمُكَاتَبِ عَيْنُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَصِحُّ
عَلَى مَنْفَعَتِهَا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. كَأَنْ
كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَةِ دَابَّتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ لِزَيْدٍ
يَدْفَعُهُمَا لَهُ فِي شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ
يَشْتَرِيَهُمَا مِنْ زَيْدٍ وَيَدْفَعَهُمَا لِلسَّيِّدِ. اهـ. شَيْخُنَا.
هَذَا وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ إلَخْ
وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ
صَحَّتْ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِك) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ
قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ
بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: بِنَفْسِك تَأْكِيدًا.
قَوْلُهُ: (مِنْ ضَمِيمَةِ مَالٍ) الْمَالُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَكْفِي
مَنْفَعَةٌ أُخْرَى كَأَنْ يَقُولَ وَتَبْنِي دَارِي. اهـ. زي. أَيْ فِي
وَقْتِ كَذَا أَيْ وَقْتِ الشُّرُوعِ فِي الْبِنَاءِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ
انْقِضَائِهِ) أَيْ الشَّهْرِ أَيْ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ كَمَا يُعْلَمُ
مِنْ شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةِ
شَهْرٍ وَدِينَارٍ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ صَحَّتْ. قَالَ فِي شَرْحِهِ
هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: عِنْدَ انْقِضَائِهِ اهـ وَالْحَاصِلُ: أَنَّ
الشَّرْطَ أَنْ يَتَأَخَّرَ إعْطَاءُ الدِّينَارِ عَنْ الْخِدْمَةِ فَلَوْ
قَدَّمَ زَمَنَ إعْطَاءِ الدِّينَارِ، عَلَى زَمَنِ الْخِدْمَةِ لَمْ
يَصِحَّ لِمَا عُلِمَ مِنْ شَرْطِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ
الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ بِالْعَقْدِ اهـ.
قَوْلُهُ: (شَرْطٌ) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ لِيَتَأَتَّى النَّجْمَانِ
وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمٌ أَيْ مَنْفَعَةُ كُلِّ شَهْرٍ
نَجْمٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ فَالْمُرَادُ بِالنَّجْمِ
الْعِوَضُ. قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةٌ فَقَطْ) أَيْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا
يُنَافِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مِنْ جِنْسَيْنِ
كَالْخِدْمَةِ وَالْبِنَاءِ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي
غَيْرِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا صَحَّتْ كَمَا لَوْ
كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ يَبْنِيهِمَا فِي
شَهْرَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا نَجْمٌ وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ
الْخِدْمَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ ح ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْمَنَافِعُ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّهُ عَطْفُ
عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ.
قَوْلُهُ: (الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ) يُتَصَوَّرُ هَذَا فِي
الْمُبَعَّضِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ مِنْ
أَعْيَانِ مَالِهِ الْمَمْلُوكَةِ عِوَضًا اهـ. مَرْحُومِيٌّ وَهُوَ
جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَكَيْفَ يُورَدُ
الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ وَتَتَّصِلُ تِلْكَ
الْمَنْفَعَةُ بِالْعَقْدِ أَمَّا الْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ
بِالذِّمَّةِ فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِالْعَقْدِ. وَأَنْ
تَكُونَ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْأَجَلِ إلَخْ نَجْمَانِ أَيْ وَقْتَانِ
بِأَنْ يُؤَجَّلَ بَعْضُهُ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَبَعْضُهُ إلَى آخَرَ.
كَذَلِكَ تَسَاوَى الْبَعْضَانِ أَوْ
(4/475)
الضَّمُّ نَجْمَانِ وَالْمُرَادُ
بِالنَّجْمِ هُنَا الْوَقْتُ. كَمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ النَّوَوِيُّ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَهْذِيبِهِ حِكَايَةً عَنْ الرَّافِعِيِّ
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَالُ: كَانَتْ الْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ
الْحِسَابَ. وَيَبْنُونَ أُمُورَهُمْ عَلَى طُلُوعِ النَّجْمِ
وَالْمَنَازِلِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ إذَا طَلَعَ نَجْمُ الثُّرَيَّا
أَدَّيْتُك حَقَّك فَسُمِّيَتْ الْأَوْقَاتُ نُجُومًا ثُمَّ سُمِّيَ
الْمُؤَدَّى فِي الْوَقْتِ نَجْمًا. تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ
أَنَّهَا تَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ وَلَوْ فِي مَالٍ كَثِيرٍ
وَهُوَ كَذَلِكَ لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَالسَّلَمِ إلَى
مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ وَلَوْ كَاتَبَ عَبِيدًا
كَثَلَاثَةٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ كَأَلْفٍ مُنَجَّمٍ
بِنَجْمَيْنِ مَثَلًا وَعُلِّقَ عِتْقُهُمْ بِأَدَائِهِ صَحَّ لِاتِّحَادِ
الْمَالِكِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبِيدًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَوُزِّعَ
الْعِوَضُ عَلَى قِيمَتِهِمْ وَقْتَ الْكِتَابَةِ فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ
مِنْهُمْ عَتَقَ وَمَنْ عَجَزَ رُقَّ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِ مَنْ
بَاقِيهِ حُرٌّ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الِاسْتِقْلَالَ الْمَقْصُودَ
بِالْعَقْدِ وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِ رَقِيقٍ، وَإِنْ كَانَ
بَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ
لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ ثُمَّ لَوْ
كَاتَبَ فِي مَرَضِهِ بَعْضَ رَقِيقٍ وَالْبَعْضُ ثُلُثُ مَالِهِ أَوْ
أَوْصَى بِكِتَابَةِ رَقِيقٍ، فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا
بَعْضَهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ فِي
ذَلِكَ الْقَدْرِ وَعَنْ النَّصِّ وَالْبَغَوِيِّ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ
بِكِتَابَةِ بَعْضِ عَبْدِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّيِّدُ كَشَرِيكَيْنِ
فِي عَبْدٍ كَاتَبَاهُ مَعًا أَوْ وَكَّلَا مَنْ كَاتَبَهُ صَحَّ إنْ
اتَّفَقَتْ النُّجُومُ جِنْسًا وَصِفَةً وَعَدَدًا وَأَجَلًا وَجُعِلَتْ
النُّجُومُ عَلَى نِسْبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَفَاوُتًا كَكَاتَبْتُكَ عَلَى مِائَةٍ تُؤَدِّي نِصْفَهَا فِي وَقْتِ
كَذَا وَنِصْفَهَا الْآخَرَ فِي وَقْتِ كَذَا سم. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهَا
مُشْتَقَّةٌ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ وَلِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ
الْكَتْبِ، بِمَعْنَى ضَمِّ النُّجُومِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَمَّى الْمُؤَدِّي إلَخْ) مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِّ
بِاسْمِ الْمَحَلِّ قَالَ: أج وَسُكُوتُهُمْ عَنْ بَيَانِ مَوْضِعِ
التَّسْلِيمِ لِعِوَضِ الْكِتَابَةِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ.
لَكِنْ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ
فِي السَّلَامِ اهـ. زي. قَوْلُهُ (فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ) فَإِذَا
كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَالثَّانِي مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثِ
ثَلَاثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْعِوَضِ. وَعَلَى الثَّانِي
ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ:
فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْعِوَضِ أَيْ مُوَزَّعًا عَلَى النَّجْمَيْنِ
مَثَلًا فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ نَجْمٍ سُدُسُ مَا عَلَيْهِ تَسَاوِيًا
وَتَفَاوُتًا وَكَذَا يُقَالُ: فِي الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ اهـ.
بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَاتَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ) : ضَعِيفٌ
وَقَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةٍ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: وَعَنْ
النَّصِّ. . . إلَخْ ضَعِيفٌ وَجْهُ الضَّعْفِ فِي الْأُولَى
وَالْأَخِيرَةِ أَنَّ التَّبْعِيضَ فِيهِمَا ابْتِدَاءٌ بِخِلَافِ
الثَّانِيَةِ فَإِنَّ التَّبْعِيضَ فِيهَا عَارِضٌ كَمَا قَالَهُ زي.
قَوْلُهُ: (إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ) الْمُرَادُ بِالنُّجُومِ مَا
يَشْمَلُ الْمَالَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: جِنْسًا وَصِفَةً وَمَا يَشْمَلُ
الْأَوْقَاتَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَعَدَدًا وَأَجَلًا وَالْمُرَادُ
بِالِاتِّفَاقِ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ عِوَضُ
أَحَدِهِمَا بِجِنْسٍ أَوْ صِفَةٍ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهَا عِوَضُ
الْآخَرِ. فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ مُتَّحِدًا
جِنْسًا وَصِفَةً أَوْ اشْتَمَلَ عَلَى أَجْنَاسٍ أَوْ صِفَاتٍ فِي كُلٍّ
مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ هَلَّا صَحَّ مَعَ
اخْتِلَافِ النُّجُومِ أَيْضًا وَقُسِّمَ كُلُّ نَجْمٍ عَلَى نِسْبَةِ
الْمِلْكِ وَأَيُّ مَحْذُورٍ فِيمَا لَوْ مَلَكَاهُ بِالسَّوِيَّةِ
وَكَاتَبَاهُ عَلَى نَجْمَيْنِ أَحَدُهُمَا دِينَارٌ فِي الشَّهْرِ
الْأَوَّلِ وَالْآخَرُ دِرْهَمٌ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مَثَلًا وَيَكُونُ
لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ نِصْفُ كُلٍّ مِنْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ.
فَإِنَّ الْعِوَضَ مَعْلُومٌ وَحِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَعْلُومَةٌ.
ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاتِّفَاقِ النُّجُومِ
جِنْسًا أَنْ لَا تَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا دَنَانِيرَ
وَلِلْآخَرِ دَرَاهِمَ لَا أَنْ لَا يَكُونَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ
بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي
فَرَضْنَاهُ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَعَدَدًا) أَيْ عَدَدَ الْأَوْقَاتِ وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ
بِهِ عَمَّا لَوْ جَعَلَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا شَهْرَيْنِ وَالْآخَرِ
ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ سم عَلَى حَجّ. فَقَوْلُهُ: وَعَدَدًا أَيْ عَدَدَ
النُّجُومِ لَا عَدَدَ الْقَدْرِ الْمُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ فَلَوْ
اخْتَلَفَا فِي النُّجُومِ كَأَنْ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى قَدْرٍ
وَنَجَّمَهُ بِنَجْمَيْنِ وَالْآخَرُ عَلَى قَدْرٍ وَنَجَّمَهُ بِثَلَاثَةِ
نُجُومٍ لَمْ يَصِحَّ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْقَدْرِ
الْمُكَاتَبِ بِهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ جِنْسًا
إلَخْ فَالْجِنْسُ وَالصِّفَةُ لِلْمَالِ وَالْأَجَلُ وَالْعَدَدُ
لِلزَّمَنِ فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَذَهَبٍ
وَفِضَّةٍ، أَوْ فِضَّةٍ صِحَاحٍ، وَمُكَسَّرَةٍ أَوْ فِضَّةٍ صِحَاحٍ فِي
نَجْمٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي نَجْمَيْنِ وَأَحَدُ النَّجْمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا
شَهْرٌ وَلِلْآخِرِ شَهْرَانِ أَوْ أَنَّ لِهَذَا نَجْمَيْنِ وَلِلْآخَرِ
ثَلَاثَةً. قَوْلُهُ (وَأَجَلًا) أَيْ لَا قَدْرًا ح ل.
قَوْلُهُ: (وَجُعِلَتْ النُّجُومُ) بِمَعْنَى الْمَالِ عَلَى نِسْبَةِ
مِلْكَيْهِمَا أَيْ صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ كَأَنْ يَكُونَ
لِأَحَدِهِمَا، ثُلُثَاهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ، وَيُكَاتِبَاهُ
(4/476)
مِلْكَيْهِمَا. فَلَوْ عَجَزَ الْعَبْدُ
فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ وَأَبْقَاهُ الْآخَرُ
فِيهَا، لَمْ يَصِحَّ كَابْتِدَاءِ عَقْدِهَا وَلَوْ أَبْرَأَهُ
أَحَدُهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ أَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ
الْعَبْدِ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ الْبَاقِي إنْ
أَيْسَرَ وَعَادَ الرِّقُّ لِلْمُكَاتَبِ، وَخَرَجَ بِالْإِبْرَاءِ
وَالْإِعْتَاقِ مَا لَوْ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَلَا يَعْتِقُ وَإِنْ رَضِيَ
الْآخَرُ بِتَقْدِيمِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِالْقَبْضِ
(وَهِيَ) أَيْ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ (مِنْ جِهَةِ) أَيْ جَانِبِ
(السَّيِّدِ لَازِمَةٌ) لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا لِأَنَّهَا عُقِدَتْ لِحَظِّ
مُكَاتَبِهِ لَا لِحَظِّهِ فَكَانَ فِيهَا كَالرَّاهِنِ لِأَنَّهَا حَقٌّ
عَلَيْهِ أَمَّا الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِ
عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عِنْدَ الْمَحَلِّ بِنَجْمٍ
أَوْ بَعْضِهِ غَيْرِ الْوَاجِبِ فِي الْإِيتَاءِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ
عِنْدَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَوْ غُلِبَ عِنْدَ ذَلِكَ.
وَإِنْ حَضَرَ مَالُهُ أَوْ كَانَتْ غَيْبَةُ الْمُكَاتَبِ دُونَ مَسَافَةِ
الْقَصْرِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ وَقَيَّدَهَا فِي
الْكِفَايَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَانَ لَهُ
فَسْخُهَا بِنَفْسِهِ وَبِحَاكِمٍ مَتَى شَاءَ لِتَعَذُّرِ الْعِوَضِ
عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الْأَدَاءُ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ
الْغَائِبِ عَنْهُ بَلْ يُمَكِّنُ السَّيِّدَ مِنْ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ
رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ لَوْ حَضَرَ.
(وَ) هِيَ (مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ جَائِزَةٌ) فَلَهُ
الِامْتِنَاعُ مِنْ الْإِعْطَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ (وَلَهُ تَعْجِيزُ
نَفْسِهِ) وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَتَحْصِيلِ الْعِوَضِ
(وَ) لَهُ (فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ) وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ، وَلَوْ
اسْتَمْهَلَ سَيِّدَهُ عَنْ الْمَحَلِّ لِعَجْزٍ سُنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى سِتَّةِ دَنَانِيرَ يُؤَدِّيهَا فِي شَهْرَيْنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ
ثَلَاثَةً لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ اثْنَانِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ
وَيَدْفَعُ لَهُمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِقَبْضِهِ
أَوَّلًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى دَنَانِيرَ
وَالْآخَرِ عَلَى دَرَاهِمَ. وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَجُعِلَتْ
مَعْطُوفٌ عَلَى اُتُّفِقَتْ فَيُفِيدُ أَنَّهُ شَرْطٌ لَكِنْ قَالَ م ر
إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى صَرَّحَ. وَمُقْتَضَى قَوْلِ م ر بَعْدَ ذَلِكَ
فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ جَعَلَاهُ عَلَى غَيْرِ
نِسْبَةِ الْمِلْكَيْنِ إلَخْ. أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اتَّفَقَتْ لَكِنْ
قَوْلُهُمْ: صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى
صَحَّ.
قَوْلُهُ: (وَفَسْخُ الْكِتَابَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَعْجِيزَ السَّيِّدِ
لَيْسَ فَسْخًا وَقَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَادَ الرِّقُّ بِأَنْ
عَجَزَ فَعَجَّزَهُ الْآخَرُ أَنَّهُ فَسْخٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي
الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ الْإِبْقَاءُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْآخَرِ
إبْقَاءُ الْكِتَابَةِ، فِي نَصِيبِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيزُ
الْعَبْدِ وَفَسْخُهَا لِيَعُودَ نَصِيبُهُ إلَى الرِّقِّ فَعُلِمَ أَنَّهُ
لَا يَعُودُ إلَى الرِّقِّ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ شَرِيكِهِ اهـ ب ر
وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ: فَلَوْ عَجَزَ إلَخْ
وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ أَيْ الْإِبْقَاءُ هَذَا عَلَى النُّسْخَةِ
الَّتِي فِيهَا يَصِحُّ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَأَمَّا الَّتِي
فِيهَا لَمْ تَصِحَّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ فَالضَّمِيرُ فِيهِ
لِلْكِتَابَةِ أَيْ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ أَيْ إبْقَاؤُهَا.
قَوْلُهُ: (وَعَادَ الرِّقُّ) بِأَنْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ الْآخَرُ أَمَّا
إذَا لَمْ يَعُدْ الرِّقُّ وَأَدَّى حِصَّةَ الشَّرِيكِ مِنْ النُّجُومِ
فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ عَنْ الْكِتَابَةِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمَا
شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (إذْ لَيْسَ لَهُ تَخْصِيصٌ) أَيْ فَمَا قَبَضَهُ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا قَهْرًا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ
مَا قَبَضَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مُشْتَرَكٌ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَكَذَلِكَ
رِيعُ الْوَقْفِ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ شَيْئًا
مِنْهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ مَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إذَا كَانَ
لِجَمَاعَةٍ دَرَاهِمُ وَقَبَضَ أَحَدُهُمْ مِنْهَا شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ
شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِلَازِمَةٍ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ دَوَامُهَا.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ الْمَحَلِّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَابَ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَتْ غَيْبَةُ الْمُكَاتَبِ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ
الْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمَالِ.
قَوْلُهُ: (دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ وَفَوْقَ مَسَافَةِ
الْعَدْوَى.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ
بِمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ فِي السَّفَرِ وَيُنْظِرُهُ إلَى
حُضُورِهِ إلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. اهـ. ز ي. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م
ر وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ ثُمَّ غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ أَوْ
حَلَّ هُوَ أَيْ الْمُكَاتَبُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلِلسَّيِّدِ
الْفَسْخُ بِخِلَافِ غَيْبَتِهِ فِيمَا دُونَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ
الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى غَيْبَةِ مَالِهِ. وَبَحَثَ ابْنُ
الرِّفْعَةِ أَنَّ غَيْبَتَهُ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَسَافَةِ
الْقَصْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ.
قَوْلُهُ: (كَانَ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (الْغَائِبُ) صِفَةٌ
لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلْمَالِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ) مُتَعَلِّقٌ بِجَائِزَةٍ. وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ إنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا
عَمِيرَةُ سم.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ) فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ
فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ، وَالْفَسْخُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ
بِالْحَاكِمِ قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ
انْفِسَاخِهَا بِمُجَرَّدِ التَّعْجِيزِ سم.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ) وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ.
اهـ. سم. أَيْ لَهُ فَسْخُهَا بِنَفْسِهِ كَمَا فِي إفْلَاسِ
(4/477)
لَهُ إمْهَالُهُ مُسَاعَدَةً لَهُ فِي
تَحْصِيلِ الْعِتْقِ أَوْ لِبَيْعِ عَرْضٍ وَجَبَ إمْهَالُهُ لِيَبِيعَهُ
وَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ
أَعَرَضَ كَسَادٌ أَمْ لَا. فَلَا فَسْخَ فِيهَا أَوْ لِإِحْضَارِ مَالِهِ
مِنْ دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ، وَجَبَ أَيْضًا إمْهَالُهُ إلَى إحْضَارِهِ
لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ لِطُولِ الْمُدَّةِ
وَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ الْمُكَاتَبِ
بِجُنُونٍ وَلَا إغْمَاءٍ وَلَا بِحَجْرِ سَفَهٍ لِأَنَّ اللَّازِمَ مِنْ
أَحَدِ طَرَفَيْهِ، لَا يَنْفَسِخُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالرَّهْنِ
وَيَقُومُ وَلِيُّ السَّيِّدِ الَّذِي جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ
مَقَامَهُ فِي قَبْضٍ وَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَ الْمُكَاتَبِ الَّذِي
جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَدَاءً إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَلَمْ
يَأْخُذْهُ السَّيِّدُ اسْتِقْلَالًا وَثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ وَحَلَّ
النَّجْمُ وَحَلَفَ السَّيِّدُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ
وَرَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ
إذَا أَفَاقَ لَمْ يُؤَدِّ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا حَسَنٌ، فَإِنْ
اسْتَقَلَّ السَّيِّدُ بِالْأَخْذِ عَتَقَ لِحُصُولِ الْقَبْضِ
الْمُسْتَحَقِّ.
وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ لَزِمَهُ قَوَدٌ، أَوْ أَرْشٌ
بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّ وَاجِبَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ لَا تَعَلُّقَ
لَهُ بِرَقَبَتِهِ مِمَّا مَعَهُ وَمِمَّا يَكْسِبُهُ لِأَنَّهُ مَعَهُ
كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَفِي بِذَلِكَ
فَلِلسَّيِّدِ أَوْ الْوَارِثِ تَعْجِيزُهُ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ
أَوْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَزِمَهُ قَوَدٌ، أَوْ الْأَقَلُّ مِنْ
قِيمَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ الْفَسْخَ وَمِنْهُ يُعْلَمُ
أَنَّهُ لَا يُرِيدُ مِنْ الْفَسْخِ. وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ
التَّعْجِيزِ اهـ قَالَ: ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْفَسْخَ
بَعْدَ حُضُورِ الْعَبْدِ وَإِرَادَةِ دَفْعِهِ الْمَالَ لَمْ يُقْبَلْ
مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ
الْعَاقِدَيْنِ، بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ الْفَسْخَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ
حَيْثُ صُدِّقَ النَّافِي لِلْفَسْخِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا فَسْخَ فِيهَا) أَيْ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ) أَيْ وَلَوْ فَاسِدَةً م ر
وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْفَاسِدَةِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ السَّيِّدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: بِجُنُونٍ أَوْ
إغْمَاءٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ
عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (بِجُنُونٍ) أَيْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا شَرْحُ
الْمَنْهَجِ وَهَذَا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ
فَتَنْفَسِخُ بِحَنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ دُونَ الْمُكَاتَبِ اهـ.
عَبْدُ الْبَرِّ.
قَوْلُهُ: (لَا إغْمَاءَ) عِبَارَةُ: ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا
تَنْفَسِخُ بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ. وَانْظُرْ عَلَى هَذَا هَلْ يَنْتَظِرُ
إفَاقَتَهُ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ
الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ رَاجِعْهُ، وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا
لِحَجْرِ سَفَهٍ) وَكَذَا حَجْرُ الْفَلَسِ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا
اقْتَصَرَ عَلَى حَجْرِ السَّفَهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تُفَارِقُ فِيهِ
الصَّحِيحَةُ الْفَاسِدَةَ بِخِلَافِ حَجْرِ الْفَلَسِ فَإِنَّهُ لَا
يُبْطِلُهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَ الْمُكَاتَبِ) لِأَنَّهُ يَنُوبُ
عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ: بِحَذْفِ غَائِبٌ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ
شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا) جُمْلَةُ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ قَالَ فِي
شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا مُكِّنَ السَّيِّدُ
مِنْ الْفَسْخِ فَإِذَا فَسَخَ عَادَ الْمُكَاتَبُ قِنًّا لَهُ وَعَلَيْهِ
مُؤْنَتُهُ، فَإِنْ أَفَاقَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَانَ حَصَّلَهُ قَبْلَ
الْفَسْخِ دَفَعَهُ الْحَاكِمُ إلَى السَّيِّدِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ
وَنَقَضَ الْحَاكِمُ تَعْجِيزَهُ وَيُقَاسُ بِالْإِفَاقَةِ فِي ذَلِكَ
ارْتِفَاعُ الْحَجْرِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا حَسَنٌ) لَكِنَّهُ قَلِيلُ
النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا إنْ لِلسَّيِّدِ إذَا وَجَدَ مَالَهُ أَنْ
يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْحَاكِمُ يَمْنَعُهُ مِنْ
الْأَخْذِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ وَنَقَلَ
فِي الْخَادِمِ عَنْ الْوَسِيطِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ: بِأَنَّ
دَفْعَ الْقَاضِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ
تَصَرُّفِهِ. وَأَمَّا السَّيِّدُ فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ: كَمَا
يَسْتَقِلُّ بِالْعِتْقِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ زي
وَقَرَّرَ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: وَهَذَا حَسَنٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ أَخَذَ
السَّيِّدُ الْمَالَ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَضِيعُ إذَا أَفَاقَ صَحَّ وَعَتَقَ
الْعَبْدُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ) شَامِلٌ لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ قَوَدٌ) أَيْ نَفْسًا أَوْ طَرَفًا أَيْ عِنْدَ
الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَرْشٌ أَيْ عِنْدَ الْعَمْدِ اهـ. قَوْلُهُ:
(لِأَنَّ وَاجِبَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلُزُومِ الْأَرْشِ فَقَطْ. لَا
لِلُزُومِ الْقَوَدِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتِجُهُ وَقَوْلُهُ: لَا تَعَلُّقَ
لَهُ أَيْ لِلْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ بِرَقَبَتِهِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ
وَهُوَ مِلْكُ السَّيِّدِ لَهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ
عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ. وَبِهَذَا فَارَقَ الْأَجْنَبِيَّ فِيمَا إذَا
وَجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لِمَ لَمْ
يَجِبْ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشُ كَالْجِنَايَةِ عَلَى
الْأَجْنَبِيِّ، وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ
مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَلَزِمَهُ
الْأَرْشُ مِمَّا فِي يَدِهِ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ. بِخِلَافِ
جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ حَقَّهُ يَتَعَلَّقُ
بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ كَمَا ذَكَرَهُ م ر.
قَوْلُهُ: (لَا تَعَلُّقَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ:
مِمَّا مَعَهُ مُتَعَلِّقٌ يَلْزَمُهُ بِالنَّظَرِ لِلْأَرْشِ أَيْ
لَزِمَهُ الْأَرْشُ مِمَّا مَعَهُ إلَخْ وَعِبَارَةُ: شَرْحِ الْمَنْهَجِ
وَيَكُونُ الْأَرْشُ مِمَّا مَعَهُ إلَخْ وَجَعَلَهُ خَبَرَ إنَّ
وَقَوْلُهُ: لَا تَعَلُّقَ إلَخْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ اسْمِ إنَّ
وَخَبَرِهَا بَعِيدٌ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ
تَوَجَّهَ عَلَيْهِ غَرَامَتَانِ فَإِذَا عَجَّزَهُ تَخَلَّصَ مِنْهُمَا
وَعَادَ الرِّقُّ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَقَلُّ) : أَيْ عِنْدَ عَدَمِ
(4/478)
وَالْأَرْشُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَعْجِيزَ
نَفْسِهِ وَإِذَا عَجَّزَهَا فَلَا مُتَعَلِّقَ إلَّا الرَّقَبَةُ وَفِي
إطْلَاقِ الْأَرْشِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ تَغْلِيبٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مَعَهُ مَالٌ يَفِي بِالْوَاجِبِ عَجَّزَهُ الْحَاكِمُ بِطَلَبِ
الْمُسْتَحَقِّ وَبِيعَ بِقَدْرِ الْأَرْشِ إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ
وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيمَا بَقِيَ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ
وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ
وَالْأَرْشِ فَيَبْقَى مُكَاتَبًا وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ قَبُولُ
الْفِدَاءِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ عَتَقَ
وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ مُتَعَلِّقَ حَقِّ الْمَجْنِيِّ
عَلَيْهِ وَلَوْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ، وَمَاتَ
رَقِيقًا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ إنْ
أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قَوَدًا وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ لَهُ.
(وَلِلْمُكَاتَبِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ (التَّصَرُّفُ فِيمَا فِي يَدِهِ
مِنْ الْمَالِ) الْحَاصِلِ مِنْ كَسْبِهِ بِمَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا
خَطَرَ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ أَمَّا مَا فِيهِ تَبَرُّعٌ
كَصَدَقَةٍ أَوْ خَطَرٍ كَقَرْضٍ وَبَيْعِ نَسِيئَةٍ وَإِنْ اسْتَوْثَقَ
بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ نَعَمْ مَا
تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ: لَحْمٍ وَخُبْزٍ مِمَّا الْعَادَةُ
فِيهِ أَكْلُهُ وَعَدَمُ بَيْعِهِ لَهُ إهْدَاؤُهُ كَغَيْرِهِ عَلَى
النَّصِّ فِي الْأُمِّ وَلَهُ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ
سَيِّدِهِ وَإِذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِهِ تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا وَلَا
يَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَكِتَابَتُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَلَاءَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا
مَرَّ. (وَ) يَجِبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْعَمْدِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا مُتَعَلِّقَ إلَّا الرَّقَبَةُ) أَيْ فَلَزِمَهُ
الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشِ زي.
قَوْلُهُ: (يَعْنِي بِالْوَاجِبِ) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ اهـ.
قَوْلُهُ:
(عَجَّزَهُ) وَإِنَّمَا يُعَجِّزُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ فِي
الْأَرْشِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيمَا
بَقِيَ إلَّا أَنْ لَا يَتَأَتَّى بَيْعُ بَعْضِهِ عَلَى الْأَوْجُهِ
شَرْحُ حَجّ وم ر مَعَ زِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: عَجَّزَهُ أَيْ عَجَّزَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْأَرْشِ إنْ لَمْ
يَسْتَغْرِقْهُ وَلَا يَبِيعُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ. وَفَارَقَ الْمَرْهُونَ
لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ هُنَا شَيْخُنَا وَهُوَ فِي
الْحَقِيقَةِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَبِيعَ بِقَدْرِ الْأَرْشِ) لَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْبَعْضِ
فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِيعَ الْكُلُّ وَمَا فَضَلَ يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ.
كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَفِيهِ نَظَرٌ سم.
قَوْلُهُ: (وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:
وَقَضِيَّةُ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فِي الْبَاقِي أَنَّهُ لَا يُعَجِّزُ
الْجَمِيعَ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ لِبَيْعِ بَعْضِهِ خَاصَّةً وَقَضِيَّةُ
صَدْرِ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ الْجَمِيعَ وَيُوَجَّهُ
بِأَنَّهُ تَعْجِيزٌ مُرَاعًى حَتَّى لَوْ عَجَّزَهُ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ
الْأَرْشِ بَقِيَ كُلُّهُ مُكَاتَبًا سم.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَبْرَأَهُ) أَيْ مِنْ النُّجُومِ.
قَوْلُهُ: (عَتَقَ) أَيْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا فِي مَسْأَلَةِ
الْإِعْتَاقِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ إعْتَاقِ
الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ زي. قَوْلُهُ:
(وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ) أَيْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ
وَالْأَرْشِ.
قَوْلُهُ: (الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) وَهُوَ الرَّقَبَةُ. قَوْلُهُ: (وَمَاتَ
رَقِيقًا) أَيْ مَاتَ فِي حَالِ رِقِّهِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ إنَّ
الرِّقَّ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ فِيهِ أَيْ فَهُوَ
بِالْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ كَانَ رِقُّهُ قَدْ
انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَمَاتَ رَقِيقًا أَيْ
مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ
بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ وَهَذَا لَا
يُنَافِي قَوْلَهُمْ الرِّقُّ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَلِلسَّيِّدِ مَا
يَتْرُكُهُ بِحُكْمِ الْمَوْتِ لَا الْإِرْثِ وَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ
وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً شَرْحُ حَجّ وَهَذَا فَائِدَةُ ذِكْرِ.
قَوْلُهُ:
وَمَاتَ رَقِيقًا وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ وَأَيْضًا فَائِدَةُ قَوْلِهِ
بَعْدُ: وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ) أَيْ إنْ أَوْجَبَتْ
الْجِنَايَةُ قَوَدًا كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ فَلَعَلَّهَا سَقَطَتْ
مِنْ الْكَتَبَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ
وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ إنْ
كَافَأَهُ وَكَانَ عَمْدًا وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ اهـ. وَلَوْ قَتَلَهُ
السَّيِّدُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ
طَرَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ: لَنَا شَخْصٌ إذَا
قَتَلَ لَا يُضْمَنُ وَإِذَا قَطَعَ ضُمِنَ بِالْأَرْشِ أج مَعَ زِيَادَةٍ.
وَيُلْغَزُ أَيْضًا وَيُقَالُ: لَنَا شَخْصٌ يَضْمَنُ بَعْضَهُ وَلَا
يَضْمَنُ كُلَّهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ لَا يُضْمَنُ كُلُّهُ بِالْقَتْلِ
فَيُضْمَنُ بَعْضُهُ بِالْقَتْلِ إلَّا هَذَا ق ل.
قَوْلُهُ: (بِمَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا خَطَرَ) قَيْدَانِ فِي صِحَّةِ
التَّصَرُّفِ وَالْخَطَرِ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ
وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْخَوْفُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَوْثَقَ بِرَهْنٍ) أَيْ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ
الرَّهْنِ وَهَرَبِ الْكَفِيلِ فَيَفُوتُ الْمَالُ.
قَوْلُهُ: (لَهُ إهْدَاؤُهُ) ظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ
ظَاهِرَةٌ. وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِهْدَاءِ مِثْلِهِ
لِلْأَكْلِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِامْتِنَاعِ أَخْذِ عِوَضٍ عَلَيْهِ فِي
هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.
قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْحُرِّ وَفِي نُسْخَةٍ لِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ لَوْ كَانَ حُرًّا شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) وَاحْتِيجَ لِلْإِذْنِ لِأَنَّهُ
يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِهِ فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى السَّيِّدِ
قَالَ س ل: أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِ فِي أَدَاءِ
النُّجُومِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ
لِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا
رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى عِتْقَهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ
(4/479)
(عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَضَعَ) أَيْ
يَحُطُّ عَنْهُ أَيْ مُكَاتَبِهِ (مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ) الصَّحِيحَةِ.
(مَا) أَيْ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ أَوْ يَدْفَعُهُ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَالِ
الْكِتَابَةِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ وَالْحَطُّ أَوْ الدَّفْعُ
قَبْلَ الْعِتْقِ. (يَسْتَعِينُ بِهِ) عَلَى الْعِتْقِ قَالَ تَعَالَى:
{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فُسِّرَ
الْإِيتَاءُ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى
الْعِتْقِ وَخَرَجَ بِالصَّحِيحَةِ الْفَاسِدَةُ فَلَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ
ذَلِكَ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ لُزُومِ الْإِيتَاءِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي
مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى
مَنْفَعَةٍ وَالْحَطُّ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ لِأَنَّ الْقَصْدَ
بِالْحَطِّ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَهِيَ مُحَقَّقَةٌ فِيهِ،
مَوْهُومَةٌ فِي الدَّفْعِ إذْ قَدْ يُصْرَفُ الْمَدْفُوعُ فِي جِهَةٍ
أُخْرَى وَكَوْنُ كُلٍّ مِنْ الْحَطِّ وَالدَّفْعِ فِي النَّجْمِ
الْأَخِيرِ أَوْلَى مِنْهُ فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى
الْعِتْقِ وَكَوْنُهُ رُبْعَ النُّجُومِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إعْتَاقُهُ) أَيْ لِقِنِّهِ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ لَا
وَكَذَا قَوْلُهُ: كِتَابَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ خَرَجَ إعْتَاقُهُ عَنْ
غَيْرِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اهـ. ع ن وَفِي ق ل عَلَى
الْجَلَالِ: فَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ
سَيِّدِهِ صَحَّ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهُ. قَوْلُهُ:
(وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي
حَنِيفَةَ ق ل وَيُجِيبَانِ عَنْ قَوْله تَعَالَى وَآتُوهُمْ إلَخْ بِأَنَّ
الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ.
قَوْلُهُ: (السَّيِّدِ) : وَكَذَا وَارِثُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ
التَّجْهِيزِ وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّيِّدُ وَاتَّحَدَ الْمُكَاتَبُ وَجَبَ
قِسْطٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَدَّدَ الرَّقِيقُ وَجَبَ الْحَطُّ
لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَيَقُومُ مَقَامَهُ أَيْ الْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ مِنْ
جِنْسِهِ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِهِ وَالدَّفْعُ
بَدَلٌ عَنْ الْحَطِّ وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لَهُمَا لِأَنَّ الْحَطَّ
إيتَاءٌ وَزِيَادَةٌ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ ق ل. وَشَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ:
مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ أَيْ تَجْهِيزِ السَّيِّدِ لَوْ
مَاتَ وَقْتَ وُجُودِ الْأَدَاءِ أَوْ الْحَطِّ وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ
يَبْقَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَجِبُ فِي
الْإِيتَاءِ أَمَّا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَبَ
تَجْهِيزُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ. اهـ. ع ش عَلَى
م ر.
قَوْلُهُ: (أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) صَادِقٌ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ كَشَيْءٍ
مِنْ جِنْسِ النُّجُومِ قِيمَتُهُ دِرْهَمُ نُحَاسٍ وَلَوْ كَانَ
الْمَالِكُ مُتَعَدِّدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا
فِي الْمُصَرَّاةِ مِنْ أَنَّ الصَّاعَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ
بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَّرَ اللَّبَنَ
لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا بِالصَّاعِ لِئَلَّا يَحْصُلُ النِّزَاعُ فِيمَا
يُقَابِلُ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَشْمَلُ ذَلِكَ
مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ تَافِهًا جِدًّا فَاعْتُبِرَ مَا يَخُصُّ كُلَّ
وَاحِدٍ بِالصَّاعِ لِعَدَمِ تَفْرِقَةِ الشَّارِعِ بَيْنَ الْقَلِيلِ
وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَمَوَّلُ هُوَ الْوَاجِبَ فِي النَّجْمَيْنِ
لَمْ يَسْقُطْ الْحَطُّ بَلْ يُحَطُّ بَعْضُ ذَلِكَ الْقَدْرِ اهـ. ع ش
عَلَى م ر وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لَا يَجِبُ الْإِيتَاءُ لِتَعَذُّرِهِ
وَانْظُرْ لَوْ عُقِدَ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَمَاذَا عَلَيْهِ وَفِي ق ل
عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ) وَيَجِبُ الْقَبُولُ حِينَئِذٍ
سم.
قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُكَاتَبُ م ر وح ل. قَوْلُهُ:
(قَبْلَ الْعِتْقِ) فَإِنْ أُخِّرَ عَنْهُ أَثِمَ وَكَانَ قَضَاءً سم وَفِي
التَّهْذِيبِ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْعِتْقِ
مُوَسَّعٌ فَيَتَعَيَّنُ عَقْدُ الْعِتْقِ اهـ زي عِبَارَةُ م ر
وَيَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ قَدْرُ مَا يَفِي
بِهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ، أَدَّى بَعْدَهُ وَكَانَ قَضَاءً
وَلَيْسَ لَنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَجِبُ الْحَطُّ مِنْهُ إلَّا هَذَا اهـ
سم.
قَوْلُهُ: (وَاسْتَثْنَى) لَعَلَّ وَجْهَهُ فِي الْأُولَى أَنَّ عِتْقَهُ
إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْتِ لِاعْتِبَارِ الثُّلُثِ وَقْتَهُ فَلَا
يَتَأَتَّى فِيهِ الْإِيتَاءُ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا
يَتَأَتَّى فِيهَا الْإِيتَاءُ وَيُضَافُ إلَيْهِمَا مَا لَوْ كَانَ كُلُّ
نَجْمٍ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا حَطَّ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (مَا لَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ وَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ
النُّجُومِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ
سم.
قَوْلُهُ: (وَالْحَطُّ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ:
وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَأَرَادَ الْعَبْدُ الْحَطَّ
أُجِيبَ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ يَرُومُ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ أَيْ يُرِيدُهُ
سم وَفِي هَذَا تَقْدِيمُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ إذْ الْآيَةُ دَالَّةٌ
عَلَى الدَّفْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ
الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] م د.
قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْحَطِّ أَوْ الدَّفْعِ بِمَعْنَى
الْمَحْطُوطِ أَوْ الْمَدْفُوعِ وَقَوْلُهُ: رُبْعُ النُّجُومِ
وَأَوْجَبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ ثُلُثٌ وَأَقَلُّ
مِنْهُ خُمُسٌ فَسُدُسٌ. وَهَذَا فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ عَنْ نَفْسِهِ
أَمَّا الْمَوْلَى فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مُرَاعَاةً
لِلْمَصْلَحَةِ ق ل. وَعِبَارَةُ ع ش وَكَوْنُهُ رُبْعًا فَسُبْعًا قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ: بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسَدٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ
عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ: فَأَتَيْته
بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. اهـ. ز ي أَيْ وَمَعَ
ذَلِكَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ سِنُّ السُّدُسِ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ
وَإِنْ كَانَ فَوْقَ السُّبُعِ وَأَفْضَلَ
(4/480)
لَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ فَسُبُعُهُ
أَوْلَى. رَوَى حَطَّ الرُّبْعِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَطَّ
السُّبُعِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
-
وَيَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ التَّمَتُّعُ بِمُكَاتَبَتِهِ لِاخْتِلَالِ
مِلْكِهِ فِيهَا وَيَجِبُ لَهَا بِوَطْئِهِ مَهْرُهَا، وَلَا حَدَّ
عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ
قِيمَتُهُ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا وَصَارَتْ بِالْوَلَدِ مُسْتَوْلَدَةً
مُكَاتَبَةً وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ الرَّقِيقُ الْحَادِثُ بَعْدَ
الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا رِقًّا وَعِتْقًا وَحَقُّ الْمِلْكِ فِيهِ
لِلسَّيِّدِ فَلَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لَهُ وَيُمَوِّنُهُ مِنْ أَرْشِ
جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ وَمَا فَضَلَ وَقْفٌ فَإِنْ
عَتَقَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ وَلَوْ أَتَى الْمُكَاتَبُ بِمَالٍ
فَقَالَ سَيِّدُهُ: هَذَا حَرَامٌ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ
بِيَمِينِهِ. وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ حِينَئِذٍ خُذْهُ أَوْ تُبْرِئُهُ عَنْ
قَدْرِهِ، فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي عَنْهُ، فَإِنْ نَكِلَ عَنْ
الْحَلِفِ حَلَفَ سَيِّدُهُ. نَعَمْ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى لَحْمٍ فَجَاءَ
بِهِ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا غَيْرُ مُذَكًّى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.
لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ وَلِلْمُكَاتَبِ شِرَاءُ
الْإِمَاءِ لِلتِّجَارَةِ لَا تَزَوُّجٌ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا
وَطْءُ أَمَتِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ. فَإِنْ خَالَفَ وَوَطِئَ
فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ فَإِنْ
وَلَدَتْهُ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
مِنْ الْعِتْقِ تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِأَبِيهِ
يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهَا
عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ
مِنْ الْعِتْقِ وَوَطِئَهَا مَعَ الْعِتْقِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ فِي
صُورَةِ الْأَكْثَرِ وَوَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ سِنُّهُ مِنْ حَيْثُ
خُصُوصُهُ اهـ وَفِيهِ أَنَّ بَيْنَهُمَا الْخُمُسَ أَيْضًا فَانْظُرْ هَلْ
رُوِيَ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (أَوْلَى) أَيْ مِمَّا هُوَ دُونَهُ وَقَوْلُهُ: فَسُبُعُهُ أَيْ
الْمَذْكُورُ مِنْ النُّجُومِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ التَّمَتُّعُ) أَيْ مُطْلَقًا
وَلَوْ بِالنَّظَرِ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ. اهـ. م د وَعِبَارَةُ
زي دَخَلَ فِيهِ النَّظَرُ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ حِلُّهُ لِمَا عَدَا
مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ
وَقَدْ يُقَالُ: التَّمَتُّعُ بِالنَّظَرِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّظَرِ
بِشَهْوَةٍ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ هُنَاكَ لِأَنَّ ذَاكَ فِي
النَّظَرِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ.
قَوْلُهُ: (مَهْرُهَا) وَإِنْ طَاوَعَتْهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ شَرْحُ
الْمَنْهَجِ وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ إلَّا إذَا وَطِئَ
بَعْدَ أَدَاءِ الْمَهْرِ ح ل وَلَوْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ أَوْ
حَلَّ نَجْمٌ قَبْلَهُ وَقَعَ التَّقَاصُّ بِشَرْطِهِ. اهـ. ق ل
وَقَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ دَفْعٌ لِمَا قَدْ يُقَالُ: إذَا
طَاوَعَتْهُ كَانَتْ زَانِيَةً فَكَيْفَ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ لَهَا شُبْهَةً دَافِعَةً لَهُ أَيْ لِلزِّنَا وَهِيَ
الْمِلْكُ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَدَّ) إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَاعْتَقَدَهُ
لَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ مِنْهُمَا زي. قَوْلُهُ: (وَلَا
يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ) أَيْ لِأُمِّهِ. قَوْلُهُ: (وَصَارَتْ
بِالْوَلَدِ مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً) أَيْ مُسْتَمِرَّةَ الْكِتَابَةِ
وَإِلَّا فَالْكِتَابَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ
كَالْمُحَرَّرِ وَهِيَ مُسْتَوْلَدَةٌ مُكَاتَبَةٌ كَانَ أَظْهَرَ سم زي
فَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ عَنْ
الِاسْتِيلَادِ وَإِنْ سَبَقَ أَدَاءُ النُّجُومِ عَتَقَتْ عَنْ
الْكِتَابَةِ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ وَأَدَاءِ
النُّجُومِ عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ بَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ كَمَا
قَالَ: م ر.
قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ) أَيْ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا.
قَوْلُهُ: (الْحَادِثُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ) أَيْ الْمُنْفَصِلُ وَلَوْ
حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْكِتَابَةِ) أَيْ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْكِتَابَةِ زي. قَوْلُهُ: (رِقًّا) أَيْ إنْ
وَلَدَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا وَعَتَقَا فَقَطْ إنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَيُمَوِّنُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ إذَا
لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَسْبِ وَمَا بَعْدَهُ هَلْ
يُمَوِّنُهُ السَّيِّدُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَمَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (وَمَهْرُهُ) أَيْ إذَا كَانَ أُنْثَى
وَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) أَيْ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْيَدِ م ر فَيَحْلِفُ
أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ.
قَوْلُهُ: (خُذْهُ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ حَرَامٌ بِاعْتِرَافِهِ
فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ وَأُجِيبَ: بِأَنَّا نُخَيِّرُهُ فَإِذَا
اخْتَارَ أَخْذَهُ عَامَلْنَاهُ بِنَقِيضِهِ أَيْ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ
لِمَالِكٍ مُعَيَّنٍ أُلْزِمَ بِدَفْعِهِ لَهُ وَإِلَّا فَقِيلَ:
يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْأَصَحُّ
أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: أَمْسِكْهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالِكُهُ وَيُمْنَعُ
مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَإِنْ عَادَ وَكَذَّبَ نَفْسَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ
لِلْمُكَاتَبِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تُبْرِئُهُ) الْمُنَاسِبُ أَوْ أَبْرِئْهُ كَمَا عَبَّرَ
بِهِ فِي الْمَنْهَجِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: نَعَمْ لَوْ كَاتَبَهُ
عَلَى لَحْمٍ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ: هَذَا حَرَامٌ فَالظَّاهِرُ
اسْتِفْصَالُهُ فِي قَوْلِهِ: حَرَامٌ فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّهُ مَسْرُوقٌ
أَوْ نَحْوُهُ فَكَذَلِكَ أَيْ يُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ أَوْ
لِأَنَّهُ غَيْرُ مُذَكًّى حَلَفَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
التَّذْكِيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ
الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا دُونَ الْوَطْءِ أَيْضًا حَجّ لِأَنَّهُ رُبَّمَا
جَرَّهُ إلَى الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْأَمَةِ بِالطَّلْقِ.
قَوْلُهُ: (لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. قَوْلُهُ:
(وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ) أَيْ لَيْسَ مِنْ زِنًا. قَوْلُهُ: (تَبِعَهُ رِقًّا
وَعِتْقًا) أَيْ إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ وَعَتَقَا فَقَطْ
إنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ فَإِنْ يَعْتِقُ أَبُوهُ رُقَّ وَصَارَ مِلْكًا
لِلسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَهَلْ يَمْتَنِعُ
(4/481)
الْوَطْءِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ
وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ أَوْ بَعْضَهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا،
لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى قَبْضِهَا وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ
لِغَرَضٍ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَى الْقَبْضِ. فَإِنْ
أَبِي قَبَضَهُ الْقَاضِي عَنْهُ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَلَوْ عَجَّلَ
بَعْضَ النُّجُومِ لِيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي فَقَبَضَ وَأَبْرَأَهُ
بَطَلَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا
مِنْ الْمُكَاتَبِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ جَرَى بَعْضُ
الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْ بَاعَ السَّيِّدُ النُّجُومَ
وَأَدَّى الْمُكَاتَبُ النَّجْمَ إلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْتِقْ
وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ وَالْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا
أَخَذَهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً
صَحِيحَةً فِي الْجَدِيدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَرْفَعُ الْكِتَابَةَ
لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ فَيَبْقَى مُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ
فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَرْضَ
الْمُكَاتَبُ الْبَيْعَ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ جَازَ. وَكَانَ رِضَاهُ فَسْخًا
كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعَالِيقِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ
لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِبْطَالِهِ، وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ وَلَيْسَ
لِلسَّيِّدِ بَيْعُ مَا فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
اسْتِخْدَامُهُ أَيْضًا رَاجِعْهُ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِأَبِيهِ) أَيْ مَا دَامَ مُكَاتَبًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ
أَيْ غَيْرَ لَحْظَةِ الْوَضْعِ وَإِلَّا نَقَصَتْ الْمُدَّةُ عَنْ أَقَلِّ
مُدَّةِ الْحَمْلِ اهـ ع ش. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ فِي صُورَةِ
السِّتَّةِ وَالْأَكْثَرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ فِي صُورَةِ
الْأَكْثَرِ) أَيْ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فِي صُورَةِ مَا إذَا
وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَالْحَاصِلُ: إنْ حَمَلَتْ
بِالْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ يَقِينًا فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا تَصِيرُ
أَمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ
الْحُرِّيَّةِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ الْعُلُوقِ قَبْلَهَا
تَغْلِيبًا لَهَا وَالْوَلَدُ حِينَئِذٍ حُرٌّ فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا مَعَ
الْعِتْقِ وَلَا بَعْدَهُ أَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ
الْوَطْءِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ) وَخَوْفٍ عَلَيْهِ كَأَنْ عَجَّلَ فِي
زَمَنِ نَهْبٍ وَإِنْ أَنْشَأَ الْكِتَابَةَ فِي زَمَنِ النَّهْبِ لِأَنَّ
ذَلِكَ قَدْ يَزُولُ عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلِمَا فِي قَبُولِهِ: مِنْ
الضَّرَرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: فَإِنْ كَانَ هَذَا
الْخَوْفُ مَعْهُودًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَجْهًا
وَاحِدًا شَرْحُ الرَّوْضِ وَانْظُرْ لَوْ تَحَمَّلَ الْمُكَاتَبُ
الْمُؤْنَةَ هَلْ يُجْبَرُ السَّيِّدُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَمُّلِ
الْمُقْتَرِضِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِمُؤْنَةِ النَّقْلِ سم.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ أُجْبِرَ عَلَى
الْقَبْضِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ غَرَضًا ظَاهِرًا
فِيهِ وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ أَوْ تَقْرِيبُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى
السَّيِّدِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ أَيْ إذَا أَرَادَ
دَفْعَ الْكُلِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَقْرِيبُهُ أَيْ إذَا أَرَادَ دَفْعَ
الْبَعْضِ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ أَوْ تَنْجِيزُهُ فِي النَّجْمِ
الْأَخِيرِ وَتَقْرِيبُهُ فِي غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَ النُّجُومِ) وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ
دَيْنٍ عُجِّلَ بِهَذَا الشَّرْطِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (لِيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي) أَيْ شَرْطُ ذَلِكَ مِنْ
أَحَدِهِمَا وَوَافَقَهُ الْآخَرُ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (فَقَبَضَ وَأَبْرَأَهُ) أَيْ مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّةِ
الْقَبْضِ.
قَوْلُهُ: (بَطَلَا) أَيْ الْقَبْضُ وَالْإِبْرَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ
يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ إذَا حَلَّ
دَيْنُهُ يَقُولُ لِمَدِينِهِ اقْضِ أَوْ زِدْ فَإِنْ قَضَاهُ وَإِلَّا
زَادَهُ فِي الدَّيْنِ وَفِي الْأَجَلِ وَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ
الْمَقْبُوضِ وَلَا عِتْقَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: بَطَلَا أَيْ
إنْ كَانَ السَّيِّدُ جَاهِلًا بِالْفَسَادِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ
صَحَّ وَعَتَقَ كَمَا فِي م ر لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ
شَيْءٍ وَقَوْلُهُ: يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ
جَلْبُ النَّفْعِ لِلْمُكَاتَبِ كَجَلْبِهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ.
اهـ. ح ل. أَوْ مِنْ حَيْثُ جَعْلُ التَّعْجِيلِ مُقَابَلًا بِالْإِبْرَاءِ
مِنْ الْبَاقِي فَهُوَ كَجَعْلِهِمْ زِيَادَةَ الْأَجَلِ مُقَابَلَةً
بِمَالٍ وَقَوْلُ الْحَلَبِيِّ: أَيْ مِنْ حَيْثُ جَلْبُ النَّفْعِ إلَخْ.
وَإِلَّا فَمَا هُنَا فِي مُقَابَلَةِ النَّقْصِ مِنْ الْوَاجِبِ وَمَا فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بَيْعُ النُّجُومِ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا وَلِأَنَّهُ
بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ إذْ
الْعَبْدُ يَسْتَقِلُّ بِإِسْقَاطِهِ وَقَوْلُهُ: عَلَى تَسْلِيمِهِ كَانَ
الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: عَلَى تَسَلُّمِهِ لِأَنَّ
الْمُكَاتَبَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالسَّيِّدُ عَاجِزٌ عَنْ
تَسَلُّمِهِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَادِرٌ عَلَى فَسْخِهَا.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ شَيْخُ الْخَطِيبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
الْخَطِيبُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ. قَوْلُهُ (وَلَوْ بَاعَ)
أَيْ أَتَى بِصُورَةِ بَيْعٍ وَالْأَوْلَى التَّفْرِيعُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ
فِي الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (إلَى الْمُشْتَرِي) : أَيْ مُشْتَرِيهَا أَوْ مُشْتَرِيهِ
وَالْمُرَادُ الْمُشْتَرِي صُورَةً لِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْتِقْ) فَإِنْ قُلْت إذَا وَكَّلَ السَّيِّدُ فِي
قَبْضِ النُّجُومِ صَحَّ قَبْضُ الْوَكِيلِ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَهَلَّا
جَعَلَا الْمُشْتَرِيَ كَالْوَكِيلِ لِتَضَمُّنِ الْبَيْعِ الْإِذْنَ لَهُ
فِي الْقَبْضِ قُلْت: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ
النُّجُومَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ:
نَعَمْ لَوْ بَاعَهَا وَأَذِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهَا مَعَ
عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ عَتَقَ بِقَبْضِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ
كَالْوَكِيلِ.
قَوْلُهُ: (وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ) فَلَا
(4/482)
يَدِ مُكَاتَبِهِ وَلَا إعْتَاقُ عَبْدِهِ
وَلَا تَزْوِيجُ أَمَتِهِ وَلَا التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ
لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مَثَلًا
لِلسَّيِّدِ أَعْتِقْ مُكَاتَبَك عَلَى كَذَا كَأَلْفٍ فَفَعَلَ عَتَقَ
وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك عَلَى
كَذَا، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ فَكِّ الْأَسِيرِ هَذَا إذَا قَالَ أَعْتِقْهُ
وَأَطْلَقَ أَمَّا إذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ
لَمْ يَعْتِقْ عَنْ السَّائِلِ وَيَعْتِقُ عَنْ الْمُعْتِقِ فِي الْأَصَحِّ
وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ
(وَلَا يَعْتِقُ) شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ (إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ
الْمَالِ) الْبَاقِي (بَعْدَ الْقَدْرِ الْمَوْضُوعِ عَنْهُ) فَلَوْ لَمْ
يَضَعْ سَيِّدُهُ عَنْهُ شَيْئًا وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ
الْقَدْرُ الْوَاجِبُ حَطُّهُ أَوْ إيتَاؤُهُ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ
لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ وَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ
كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤْتِيَهُ
مِنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ
مِثْلَهُ لَكِنْ يَرْفَعُهُ الْمُكَاتَبُ لِلْحَاكِمِ حَتَّى يَرَى
رَأْيَهُ وَيَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا اهـ. تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ
تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَدَاءِ قَصْرُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ
مُرَادًا بَلْ يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ النُّجُومِ أَيْضًا كَمَا
قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَبِالْحَوَالَةِ بِهِ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ
عَلَيْهِ وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْجَمِيعِ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مِنْ
الْقَدْرِ الْبَاقِي شَيْءٌ وَلَوْ دِرْهَمًا فَأَقَلَّ لَمْ يَعْتِقْ
مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: «الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ»
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ فِيهِ الْعِتْقَ
بِالصِّفَةِ فَلَا يَعْتِقُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهَا وَإِنْ كَانَ
الْمُغَلَّبُ فِيهِ الْمُعَاوَضَةَ فَكَالْبَيْعِ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ
إلَّا بَعْدَ قَبْضِ جَمِيعِ ثَمَنِهِ
تَتِمَّةٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ
وَمَا تُشَارِكُ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ وَمَا تُخَالِفُهَا فِيهِ
وَغَيْرُ ذَلِكَ؛ الْبَاطِلَةُ مَا اخْتَلَّتْ صِحَّتُهَا بِاخْتِلَالِ
رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، كَكَوْنِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ صَبِيًّا
أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ مَقْصُودٍ كَدَمٍ
وَهِيَ مُلْغَاةٌ إلَّا فِي تَعْلِيقٍ مُعْتَبَرٍ بِأَنْ يَقَعَ مِمَّنْ
يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ فَلَا تُلْغَى فِيهِ. وَالْفَاسِدَةُ:
مَا اخْتَلَّتْ صِحَّتُهَا بِكِتَابَةِ بَعْضِ رَقِيقٍ أَوْ فَسَادِ شَرْطٍ
كَشَرْطٍ أَوْ يَبِيعُهُ كَذَا أَوْ فَسَادِ عِوَضٍ كَخَمْرٍ أَوْ فَسَادِ
أَجَلٍ كَنَجْمٍ وَاحِدٍ وَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي اسْتِقْلَالِ
الْمُكَاتَبِ بِكَسْبِهِ وَفِي أَخْذِ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَفِي
أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِسَيِّدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَصِحُّ إلَّا بِرِضَاهُ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ
عَقْدُ عَتَاقَةٍ كَمَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (عَتَقَ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْتِقْ عَنْ السَّائِلِ) لِأَنَّ عِتْقَهُ عَنْهُ
يَتَضَمَّنُ بَيْعَهُ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِ اسْتِقْلَالًا
أَوْ ضِمْنًا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ
لَمْ لِلْمَاضِي.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ لَمْ يَضَعْ سَيِّدُهُ) الْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانُ
بِالْوَاوِ لِأَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ النُّجُومِ بِأَنَّ حَالَ
الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ عَلَى آخَرَ فَيَعْتِقُ
بِالْحَوَالَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ أَيْ
الْمُكَاتَبِ وَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَالَ الْحَوَالَةِ شَرْطُهُ
اللُّزُومُ وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ وَقَوْلُهُ: الْمُكَاتَبُ قِنٌّ أَيْ
كَقِنٍّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ الَّذِي لَمْ
يَتَّصِلْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِتْقِ. اهـ. م د. قَوْلُهُ:
(فَكَالْبَيْعِ) فِي نُسْخَةٍ فَكَالْمَبِيعِ
قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي عِتْقِهِ.
قَوْلُهُ: (بِاخْتِلَالِ رُكْنٍ) أَيْ شَرْطِ رُكْنٍ مِنْ الْأَرْكَانِ
أَيْ بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ لَكِنْ اخْتِلَالُ شَرْطِ الْعَاقِدِ،
يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا وَاخْتِلَالُ شَرْطِ الْعِوَضِ تَارَةً
يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِلْبُطْلَانِ إنْ عَقَدَهَا بِفَاسِدٍ غَيْرِ
مَقْصُودٍ كَدَمٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا مَقْصُودًا كَخَمْرٍ أَوْ كَانَ
الْعِوَضُ مَجْهُولًا أَوْ مُنَجَّمًا بِوَقْتٍ وَاحِدٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ.
قَوْلُهُ: (إلَّا فِي تَعْلِيقٍ مُعْتَبَرٍ) كَأَنْ يَقُولَ: إنْ
أَعْطَيْتنِي دَمًا أَوْ مَيْتَةً فَأَنْتَ حُرٌّ وَهَذَا أَعْنِي
قَوْلَهُ: إلَّا فِي تَعْلِيقِ اسْتِثْنَاءٍ مُنْقَطِعٍ لِأَنَّ عِتْقَهُ
بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ لَا بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقَعَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ الْبَالِغُ
الْعَاقِلُ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ: كَقَوْلِ مُطْلَقِ
التَّصَرُّفِ كَاتَبْتُك عَلَى زِقَّيْ دَمٍ فَإِذَا أَدَّيْتَهُمَا
فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا أَدَّاهُمَا عَتَقَ.
قَوْلُهُ: (فِي اسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ بِكَسْبِهِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى
فِي كِتَابَةِ الْبَعْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا
بِبَعْضِ الْكَسْبِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ
أَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ
وَكَالتَّعْلِيقِ فِي ثَمَانِيَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَفِي أَخْذِ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ) وَكَذَا الْمَهْرُ
مَنْهَجٌ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ
فَإِنْ كَانَتْ مِنْ السَّيِّدِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فِي
الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ سم أَيْ فَلَوْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ
السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الصَّحِيحَةِ لَزِمَ كُلًّا الْأَرْشُ بِخِلَافِ
مَا لَوْ قَطَعَ
(4/483)
وَفِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ إذَا عَتَقَ
كَسْبُهُ وَكَالتَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِغَيْرِ
أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ كَإِبْرَائِهِ أَوْ أَدَائِهِ غَيْرَهُ عَنْهُ
مُتَبَرِّعًا وَفِي أَنَّ كِتَابَتَهُ تَبْطُلُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ قَبْلَ
الْأَدَاءِ وَفِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفِي أَنَّهُ لَا
يُصْرَفُ لَهُ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ وَفِي صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَنْ
الْكَفَّارَةِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ وَجَوَازِ وَطْءِ
الْأَمَةِ. وَكُلٌّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ
لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي
الثَّانِيَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَالْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا
سَوَاءٌ إلَّا فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ مِنْهَا الْحَجُّ، وَالْعَارِيَّةُ
وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَتُخَالِفُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ
الصَّحِيحَةَ وَالتَّعْلِيقَ فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَهَا بِالْقَوْلِ
وَفِي أَنَّهَا تَبْطُلُ بِنَحْوِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ
الْأَرْشُ فِي الصَّحِيحَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ
أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ) : فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ
وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا
الْمُعَاوَضَةَ فَالْأَدَاءُ وَالْإِبْرَاءُ فِيهَا وَاحِدٌ شَرْحُ م ر
أَيْ وَالْمُغَلَّبُ فِي الْفَاسِدَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَاخْتَصَّتْ
بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى لِلسَّيِّدِ كَيْ تَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (وَأَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ
عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: مُتَبَرِّعًا لَيْسَ
بِقَيْدٍ.
قَوْلُهُ: (تَبْطُلُ) اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ مِنْ حَيْثُ
إنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ فَكَيْفَ يُقَالُ: بَطَلَ قَالَ: فَلَعَلَّ
الْمُرَادَ بُطْلَانُ الصِّفَةِ اهـ. سم قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَإِنَّمَا
بَطَلَتْ الْفَاسِدَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ
الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَقَوْلُهُ: بِمَوْتِ سَيِّدِهِ
أَيْ قَبْلَ الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَقُلْ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ إلَى
وَارِثِي كَمَا فِي الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ
يُقَيَّدْ بِالْعَجْزِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ
بِهِ فِيهَا إلَّا إنْ قَيَّدَ الْعَجْزَ سم.
قَوْلُهُ: (وَتَمْلِيكُهُ) أَيْ تَمْلِيكُهُ لِلْغَيْرِ بِبَيْعٍ أَوْ
هِبَةٍ بِأَنْ يُمَلِّكَهُ سَيِّدُهُ لِلْغَيْرِ أَوْ يُمَلِّكَهُ
سَيِّدُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ: اهـ عَبْدُ الْبَرِّ فَهُوَ مُضَافٌ
لِمَفْعُولِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ
وَتَمْلِيكُهُ أَيْ تَمْلِيكُ السَّيِّدِ إيَّاهُ الْأَجْنَبِيَّ فَهُوَ
مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَةِ
فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِلَا إذْنٍ مَا لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ اهـ شَرْحُ
الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ وَطْءِ السَّيِّدِ
الْأَمَةَ الْمُكَاتَبَةَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ
الْمُرَادُ وَطْءَ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً أَمَتَهُ لِأَنَّ
ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ حَتَّى فِي الصَّحِيحَةِ. كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ. سم
وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ
الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ
مَنْعُهُ مِنْ وَطْئِهَا.
وَأَجَابَ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّفَرِ أَيْ
وَمَنَعَهُ مِنْ جَوَازِ الْوَطْءِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمَنْعِ
مِنْ الْجَوَازِ وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ إضَافَةُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ
أَيْ وَمَنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ الْجَائِزِ لَوْلَا الْكِتَابَةُ وَعَلَى
هَذَا فَلَا تَكُونُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ كَالتَّعْلِيقِ مَعَ أَنَّ
الْفَرْضَ أَنَّهَا مِثْلُهُ فَالْأَنْسَبُ الْقَوْلُ: بِالتَّضْعِيفِ
وَكَلَامُ الْحَلَبِيِّ ضَعِيفٌ اهـ لَكِنَّ الْمَدَابِغِيَّ لَمْ
يُضَعِّفْ كَلَامَ الشَّارِحِ بَلْ أَقَرَّهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ
الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَعَلَّلَ مَنْعَهُ مِنْ
السَّفَرِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ
الْفَاسِدَةَ فِيهَا شَبَهَانِ شَبَهٌ بِالصَّحِيحَةِ فِي أَرْبَعَةِ
أَشْيَاءَ: اسْتِقْلَالِ الْمَكَاتِبِ بِكَسْبِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ
بِأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَعِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ وَتَبَعِيَّةِ
كَسْبِهِ لَهُ، وَشَبَهٌ بِالتَّعْلِيقِ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ: فِي
أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ
تَغْلِيبًا لِمَعْنَى التَّعْلِيقِ بِإِعْطَائِهِ وَلَوْ غَلَّبْنَا
جَانِبَ الْمُعَاوَضَةِ لَعَتَقَ بِذَلِكَ وَفِي بُطْلَانِهَا بِمَوْتِ
السَّيِّدِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ
يَنْقَطِعُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ بِانْتِقَالِهِ لِمِلْكِ غَيْرِهِ وَفِي
صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ تَصِحُّ
الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفِي أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لَهُ مِنْ سَهْمِ
الْمُكَاتَبِينَ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالصَّحِيحَةِ وَفِي إعْتَاقِهِ عَنْ
الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا
وَفِي جَوَازِ تَمْلِيكِهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ
عِتْقُهَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ وَفِي مَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ لِأَنَّ
الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا لَا تَزُولُ وِلَايَةُ السَّيِّدِ عَنْهُ وَفِي
جَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا. اهـ. م
د.
قَوْلُهُ: (مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى
لِغَيْرِ السَّيِّدِ كَالْوَارِثِ يَعْتِقُ وَقَوْلُهُ: مَعْنَى
التَّعْلِيقِ بِدَلِيلِ أَنْ لَوْ أَدَّى لِلْوَارِثِ يَعْتِقُ. قَوْلُهُ:
(الْحَجُّ) : فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ
فَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ دُونَ الْبَاطِلِ وَأَمَّا
الْعَارِيَّةُ فَتَصَوُّرُهُ بِإِعَارَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ
لِغَيْرِ الزِّينَةِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ فَاسِدَةٌ فَتُضْمَنُ
وَعِنْدَ الْمَرَاوِزَةِ بَاطِلَةٌ فَلَا تُضْمَنُ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ
عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ بِخِلَافِ بَاطِلِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَصَحِيحِهِ
كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ) فَإِنَّ الْبَاطِلَ فِيهِمَا مَا
كَانَ عَلَى عِوَضٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ أَوْ رَجَعَ إلَى خَلَلٍ
فِي الْعَاقِدِ كَالصِّغَرِ وَالسَّفَهِ، وَالْفَاسِدُ مِنْهُمَا خِلَافُهُ
وَحُكْمُ الْبَاطِلِ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي
وَالْفَاسِدُ كَأَنْ كَانَ عَلَى خَمْرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ
وَالْعِتْقُ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ بِالْقِيمَةِ وَالزَّوْجُ بِالْمَهْرِ.
أَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ اهـ
(4/484)
إغْمَاءِ السَّيِّدِ وَحَجْرِ سَفَهٍ
عَلَيْهِ وَفِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ إنْ
بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَالسَّيِّدُ
يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْعِتْقِ. فَإِنْ اتَّحَدَ وَاجِبُ
السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ تَقَاصَّا وَلَوْ بِلَا رِضًا وَيَرْجِعُ
صَاحِبُ الْفَضْلِ بِهِ، هَذَا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ فَإِنْ كَانَا
مُتَقَوِّمَيْنِ فَلَا تَقَاصَّ أَوْ مِثْلِيَّيْنِ فَفِيهِمَا تَفْصِيلٌ
ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَغَيْرِهِ مَعَ فَوَائِدَ مُهِمَّةٍ
لَا بَأْسَ بِمُرَاجَعَتِهَا، فَإِنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ل ح وَمَعْنَى كَوْنِهِمَا فَاسِدَيْنِ أَنَّ عِوَضَهُمَا فَاسِدٌ وَإِنْ
كَانَا نَافِذَيْنِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَحُصُولِ الْعِتْقِ
وَإِنَّمَا أَتَى الشَّارِحُ بِمَنْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ
أَيْضًا الْفَرْقُ فِي كُلِّ عَقْدٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مُضَمَّنٍ
كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَوْ صَدَرَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ
صَبِيٍّ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُتَّهِبِ
وَجَبَ الضَّمَانُ لِبُطْلَانِهِمَا وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ
ضَمَانُهُمَا لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ
وَعَدَمِهِ كَمَا نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَمِثْلُهُ
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (بِنَحْوِ إغْمَاءِ السَّيِّدِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ)
لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلسَّيِّدِ
بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّعْلِيلُ لَا يَبْطُلَانِ بِذَلِكَ. وَخَرَجَ
بِالسَّيِّدِ الْمُكَاتَبُ فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ
إغْمَائِهِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ. فَلَا تَبْطُلُ
بِهَا فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَقَوْلُهُ: لَا لِلسَّيِّدِ فَهِيَ تَبَرُّعٌ مِنْ السَّيِّدِ عَلَى
الْمُكَاتَبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّفِيهِ لَا يَصِحُّ
تَبَرُّعُهُ كَذَا فِي ح ل وز ي وع ش وَفِيهِ أَنَّ الْإِغْمَاءَ
وَالسَّفَهَ طَرَآ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ
الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ فَإِذَا أَفَاقَ وَأَدَّى الْمُسَمَّى
عَتَقَ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّيَ
مِنْ مَالِهِ إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَتَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ
يُؤَدِّي بِشُرُوطِهِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ) : قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهُ وَقْتَ
أَخْذِهِ وَعِنْدِي لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهُ فَإِذَا
عَتَقَ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمِلْكُ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا إذَا عَلَّقَ
طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى إعْطَاءِ دَرَاهِمَ فَأَعْطَتْهُ غَيْرَ
الْغَالِبِ مِلْكُهُ، وَلَهُ رَدُّهُ وَطَلَبُ الْغَالِبِ غَيْرَ أَنَّهُ
فِي الْكِتَابَةِ يَرْتَفِعُ الْمِلْكُ قَهْرًا وَهُنَا بِالِاخْتِيَارِ
سم.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ) خَرَجَ الْخَمْرُ أَيْ غَيْرُ
الْمُحْتَرَمِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ
بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَخَمْرٍ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ
يَكُونَ مُحْتَرَمًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ فَيَرْجِعُ بِهِ لَا
بِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ اهـ وَقَوْلُهُ: كَخَمْرٍ أَيْ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ
كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُؤَدَّى
مُحْتَرَمًا كَمَا قَالَهُ: الشَّوْبَرِيُّ. وَقَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتَةٍ
كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى جُلُودِ مَيْتَةٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ.
وَقَوْلُهُ: لَمْ يُدْبَغْ قَيَّدَ بِهِ لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِالْبَدَلِ
إنْ تَلِفَ كَمَا ذَكَرَهُ: إلَّا فَالْمَدْبُوغُ يَرْجِعُ بِهِ
وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ. اهـ. شَيْخُنَا قَالَ: ع ش وَهَلْ الْعِبْرَةُ
بِالْقِيمَةِ بِوَقْتِ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ
فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَنْ يَكُونَ
مَضْمُونًا بِأَقْصَى الْقِيَمِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْعِتْقِ) إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّ
الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ
تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ:
وَقَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى
الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ لِعَدَمِ
إمْكَانِ رَدِّهِ. فَهُوَ كَتَلَفِ مَبِيعٍ فَاسِدٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي
فَيَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّى وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ
عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقِيمَةُ. قَوْلُهُ:
(فَإِنْ اتَّحَدَ وَاجِبُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ) فِي الْجِنْسِ
وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دِينَارَيْنِ مَثَلًا فِي
نَجْمٍ وَدَفَعَهُمَا لِلسَّيِّدِ وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ دِينَارَيْنِ
فَإِنَّهُ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ كَمَا ذُكِرَ فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى
عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ رَجَعَ الْعَبْدُ
بِثَمَانِيَةٍ وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ أج.
قَوْلُهُ: (تَقَاصَّا) أَيْ سَقَطَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي نَظِيرِ دَيْنِ
الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ مَحَلُّ التَّقَاصِّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَا مُتَقَوِّمَيْنِ) : حَاصِلُ مَا قَالَهُ م ر
أَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَرَيَانُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَقَطْ فِي
الْكِتَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا سم. قَوْلُهُ: (فَلَا تَقَاصَّ) لِأَنَّهُمَا
لَيْسَا مَعْلُومَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ
قَالَ سم: فَإِنْ قُلْتَ: مَا صُورَةُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ
فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ.
قُلْت: مِنْ صُوَرِهِ أَنْ تَكُونَ النُّجُومُ بُرًّا مَثَلًا وَتَكُونُ
الْمُعَامَلَةُ فِي ذَلِكَ بِالْبُرِّ فَهُوَ نَقْدُ ذَلِكَ الْمَكَانِ
فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهُ اهـ. وَانْظُرْ أَيْضًا مَا صُورَةُ
التَّقَاصِّ فِي الْمُتَقَوِّمَيْنِ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَكُونَ
النُّجُومُ غَنَمًا وَتَكُونَ الْمُعَامَلَةُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِهَا
فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَانْدَفَعَ مَا
يُقَالُ إنَّ التَّقَاصَّ فِي الْمُتَقَوِّمَيْنِ لَا يَأْتِي هُنَا حَتَّى
يَنْفِيَهُ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ نَقْدِ
الْبَلَدِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ إنْ كَانَ قِيمَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ
مَثَلًا فَمُقَابِلُهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِمَا
تَفْصِيلٌ) : حَاصِلُهُ وُجُودُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ
(4/485)
هَذَا الْمُخْتَصَرَ لَا يَحْتَمِلُ
ذِكْرَهَا
وَلَوْ ادَّعَى رَقِيقٌ كِتَابَةً، فَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثُهُ
حَلَفَ الْمُنْكِرُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ فِي
قَدْرِ النُّجُومِ أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ
بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَسَخَهَا
الْحَاكِمُ أَوْ الْمُتَحَالِفَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ
وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ
عَلَيَّ فَأَنْكَرَ الْمُكَاتَبُ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ إنْ
عُرِفَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا فَالْمُكَاتَبُ وَلَوْ مَاتَ
السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ عَتَقَ
عَلَيْهِ، وَلَوْ وَرِثَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ وَرِثَتْ
امْرَأَةٌ زَوْجَهَا الْمُكَاتَبَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِأَنَّ كُلًّا
مِنْهُمَا مَلَكَ زَوْجَهُ أَوْ بَعْضَهُ. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ
زَوْجَتَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ أَوْ كَانَ
الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي انْفَسَخَ النِّكَاحُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا
مَلَكَ زَوْجَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الْكِتَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ
كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو إرْدَبُّ قَمْحٍ سَلَمًا وَلِعَمْرٍو
عَلَى زَيْدٍ مِثْلُهُ فَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ. اهـ.
وَعِبَارَةُ م ر أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا جِنْسًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا
مَرَّ فَلَا تَقَاصَّ كَمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ نَقْدَيْنِ وَهُمَا
مُتَقَوِّمَانِ مُطْلَقًا أَوْ مِثْلِيَّانِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى
ذَلِكَ عِتْقٌ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَازَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ
إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْمُنْكِرُ) فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا
وَلَوْ عُكِسَ بِأَنْ ادَّعَاهَا السَّيِّدُ وَأَنْكَرَهَا الْعَبْدُ صَارَ
قِنًّا وَجُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ:
كَاتَبْتُك وَأَدَّيْت الْمَالَ وَعَتَقْت عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ
وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ السَّيِّدَ
يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَالْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ شَرْحُ
الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: وَجُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مَحَلُّهُ إنْ
تَعَمَّدَ وَلَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَقَوْلُهُ وَعَتَقْت لَيْسَ بِقَيْدٍ
وَمِنْ ثَمَّ أَسْقَطَهُ حَجّ وم ر اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ فِي قَدْرِ
النُّجُومِ) أَيْ فِي مِقْدَارِ مَا يُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ. اهـ. ز ي
وَعِبَارَةُ م ر فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَيْ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَا
يُؤَدِّي كُلَّ نَجْمٍ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ
اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَيْ الْمَالِ أَوْ صِفَتِهَا
كَجِنْسِهَا أَوْ عَدَدِهَا أَوْ قَدْرِ أَجَلِهَا وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ
لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا اهـ وَقَوْلُهُ: فِي قَدْرِ أَيْ مِقْدَارِ
مَا يُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ ز ي وَعِبَارَةُ م ر فِي قَدْرِ النُّجُومِ
أَيْ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَا يُؤَدِّي كُلُّ نَجْمٍ اهـ وَلَوْ جَعَلَ هَذَا
تَفْسِيرًا لِعَدَدِهَا الْآتِي وَفَسَّرَ الْقَدْرَ بِقَدْرِهَا كُلِّهَا
لَكَانَ مُنَاسِبًا وَعَلَى كَلَامِ زي فَيُفَسِّرُ قَوْلَهُ: أَوْ
عَدَدِهَا بِعَدَدِ جُمْلَتِهَا بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي جُمْلَةِ الْعَدَدِ.
وَقَوْلُهُ: كَجِنْسِهَا عِبَارَةُ م ر أَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا يَشْمَلُ
الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَقَدْرَ الْأَجَلِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ
عَدَدِهَا كَأَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ كَاتَبْتنِي عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ
دِينَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ السَّيِّدُ:
كَاتَبْتُك عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مُؤَجَّلَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كُلَّ
شَهْرٍ خَمْسَةٌ.
قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) وَيُبْدَأُ بِالسَّيِّدِ هُنَا نَدْبًا لِقُوَّةِ
جَانِبِهِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ هُنَا.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ إنْ عُرِفَ سَبْقُ
مَا ادَّعَاهُ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَهُ
وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ وَمِنْ ثَمَّ صَدَّقْنَاهُ مَعَ
كَوْنِهِ مُدَّعِيًا لِلْفَسَادِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ اهـ. م ر وحج
وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ قَالَ: كَاتَبْتُك وَأَنَا
مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ الْمُكَاتَبُ الْجُنُونَ أَوْ
الْحَجْرَ حَلَفَ السَّيِّدُ فَيُصَدَّقُ إنْ عُرِفَ لَهُ ذَلِكَ أَيْ مَا
ادَّعَاهُ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُكَاتَبُ لِأَنَّ
الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَلَا قَرِينَةَ وَالْحُكْمُ
فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ مِنْ
أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ ثُمَّ قَالَ: كُنْت مَحْجُورًا عَلَيَّ أَوْ
مَجْنُونًا يَوْمَ زَوَّجْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ عُهِدَ لَهُ ذَلِكَ
وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا
اهـ. وَقَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَمِثْلُ النِّكَاحِ الْبَيْعُ فَلَوْ
قَالَ: كُنْت وَقْتَ الْبَيْعِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُقْبَلْ
وَإِنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ
مَحْضَةٌ وَالْإِقْدَامُ عَلَيْهَا يَقْتَضِي اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِهَا
بِخِلَافِ الضَّمَانِ وَالطَّلَاقِ اهـ زي. وَقَوْلُهُ: بِثَالِثٍ وَهُوَ
الزَّوْجُ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجَةِ أَوْ
الزَّوْجَةُ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ كَمَا
قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ) كَأَنْ
يَكُونَ ابْنَ أَخٍ لِلسَّيِّدِ وَكَانَ الْأَخُ وَارِثًا.
قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي
زَوْجُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ بَعْضُهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ
الزَّوْجَةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مِلْكِ الْكُلِّ أَوْ
الْبَعْضِ وَالْكِتَابَةُ بَاقِيَةٌ إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَهَذَا وَمَا
بَعْدَهُ دَخِيلٌ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَنْهَجِ
هُنَا.
(4/486)
|