التجريد لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج

(بَابُ التَّيَمُّمِ)
هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا إيصَالُ تُرَابٍ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِأَنْ لَمْ يَبْقَ بِهِ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ فِي الْمُغَلَّظِ ح ل. (قَوْلُهُ طَاهِرَةٌ) لَكِنْ لَا تَطْهُرُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَرْضُ طُهْرِهِ) أَيْ طُهْرِ الْمُتَّصِلِ فَكَذَا الْمُنْفَصِلُ، وَقَوْلُهُ فَطَاهِرَةٌ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ وَقَوْلُهُ فَطَاهِرَةٌ أَيْضًا أَيْ إنْ طَهُرَ الْمَحَلُّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَعَ عَدَمِ التَّغَيُّرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْعِبَارَةِ خِلَافُهُ انْتَهَى. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا فَطَاهِرَةٌ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَلَوْ دُهْنًا) أَخْذُهُ غَايَةٌ لِلْخِلَافِ فِيهِ ع ش وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ يَطْهُرُ الدُّهْنُ بِغَسْلِهِ بِأَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَيُكَاثِرَهُ ثُمَّ يُحَرِّكُهُ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يَظُنُّ وُصُولَهُ لِجَمِيعِهِ ثُمَّ يُتْرَكُ لِيَعْلُوَ ثُمَّ يَثْقُبُ أَسْفَلَهُ فَإِذَا خَرَجَ الْمَاءُ سَدَّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمَا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ كَالْبَوْلِ وَإِلَّا لَمْ يَطْهُرْ بِلَا خِلَافٍ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْفَأْرَةِ) بِالْهَمْزِ لَا غَيْرَ وَأَمَّا فَأْرَةُ الْمَسْكِ فَبِالْهَمْزَةِ وَتَرْكُهُ ع ش. (قَوْلُهُ فَأَرِيقُوهُ) قَالَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ مَحَلُّ وُجُوبِ إرَاقَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ وُقُودٍ وَعَمَلِ نَحْوِ صَابُونٍ وَإِسْقَاءِ دَابَّةٍ ح ل. وَالْحِيلَةُ فِي تَطْهِيرِ الْعَسَلِ إسْقَاؤُهُ لِلنَّحْلِ. (فَرْعٌ)
السُّكَّرُ الْمُتَنَجِّسُ إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَنْعَقِدَ بِأَنْ تَنَجَّسَ عَسَلُهُ ثُمَّ طُبِخَ سُكَّرًا لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ كَانَ تَنَجُّسُهُ بَعْدَ انْعِقَادِهِ طَهُرَ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ وَكَذَا اللَّبَنُ الْجَامِدُ بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَإِنْ كَانَ تَنَجُّسُهُ حَالَ كَوْنِهِ لَبَنًا مَائِعًا لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ جَمَدَ، وَإِنْ طَرَأَ التَّنَجُّسُ بَعْدَ جُمُودِهِ بِتَجَبُّنٍ أَوْ غَيْرِهِ طَهُرَ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الدَّقِيقِ إذَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجَسٍ. اهـ. سم ع ش، سَوَاءٌ انْتَهَى إلَى حَالَةِ الْمَائِعِيَّةِ بِأَنْ صَارَ يَتَرَادَّ مَوْضِعَ مَا أَخَذَ مِنْهُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ لَمْ يَنْتَهِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ إذَا جُفِّفَ أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ دَقِيقٌ حَتَّى جَمَدَ ثُمَّ نُقِعَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ وَكَذَا إنْ لَمْ يُجَفَّفْ حَيْثُ كَانَ جَامِدًا وَكَذَلِكَ التُّرَابُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدَّقِيقِ وَالتُّرَابِ جَامِدٌ، والْمَائِعِيَّةُ عَارِضَةٌ بِخِلَافِ الْعَسَلِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِهِمَا هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ م ر.

[بَابُ التَّيَمُّمِ]
(بَابُ التَّيَمُّمِ) أَخَّرَهُ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهُمَا أَيْ بَابِ بَيَانِ أَسْبَابِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَهِيَ أَرْكَانُهُ وَسُنَنُهُ وَبَيَانُ آلَتِهِ وَهِيَ التُّرَابُ وَأَحْكَامُهُ وَهِيَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَعَدَمُهُ وَمَا يَسْتَبِيحُهُ بِهِ وَمُبْطِلَاتُهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَهُوَ رُخْصَةٌ مُطْلَقًا وَصِحَّتُهُ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ لِكَوْنِهِ آلَةَ الرُّخْصَةِ لَا الْمُجَوِّزَ لَهَا، وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ سَبَبِهَا الْمُجَوِّزِ لَهَا مَعْصِيَةً كَمَا فِي حَجّ م ر وَقَوْلُهُ وَهُوَ رُخْصَةٌ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: إلَّا فِي حَقِّ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ فَإِنَّهُ عَزِيمَةٌ فِيهِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفَقْدُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، وَقِيلَ عَزِيمَةٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَ الْفَقْدُ حِسًّا فَعَزِيمَةٌ وَإِلَّا فَرُخْصَةٌ.
وَهَذَا الثَّالِثُ أَقْرَبُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ تَيَمُّمِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ إنْ فُقِدَ الْمَاءُ حِسًّا وَبُطْلَانُ تَيَمُّمِهِ قَبْلَهَا إنْ فَقَدَهُ شَرْعًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ ع ش عَلَى م ر لِأَنَّ الْعَزِيمَةَ يَسْتَوِي فِيهَا الْعَاصِي وَغَيْرُهُ وَمِنْ الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ مَا إذَا حَالَ سَبُعٌ أَوْ عَدُوٌّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَوْ خَافَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ غَرَقًا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ م ر فَالْمُرَادُ بِالْحِسِّيِّ تَعَذُّرُ اسْتِعْمَالِهِ حِسًّا. اهـ. س ل وَقَالَ ق ل إنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْفَقْدِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحَلِّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ أَوْ لَا فِي الْحِسِّيِّ وَعَدَمِهِ فِي الشَّرْعِيِّ فَلَا يُعِيدُ فِي السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا اهـ. (قَوْلُهُ إيصَالُ تُرَابٍ إلَخْ) إنْ قُلْت هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ شَامِلٍ لِلنِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِشُرُوطٍ قُلْت الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ وَالْإِيصَالُ يَتَضَمَّنُ النَّقْلَ وَالْقَصْدَ

(1/109)


وَخَبَرُ مُسْلِمٍ: «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» (يَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ) وَلَوْ مَسْنُونًا (لِلْعَجْزِ) عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ لِأَسْبَابٍ

. (وَأَسْبَابُهُ) أَيْ: الْعَجْزُ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا (فَقْدُ مَاءٍ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ: فَقْدَ الْمَاءِ (تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ) ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسَافِرًا أَمْ لَا، وَقَوْلُ الْأَصْلِ فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ (طَلَبَهُ) وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ (لِكُلِّ تَيَمُّمٍ فِي الْوَقْتِ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ مِنْ رَحْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَاشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ الصَّلَوَاتُ فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ اهـ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قَدْ كَانَ عِيسَى يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ وَيُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَجُعِلَتْ لِغَيْرِي مَسْجِدًا وَلَمْ تُجْعَلْ لَهُ طَهُورًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْخَاصُّ بِالنَّبِيِّ وَأُمَّتِهِ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُمَمِ لَا فِي أَنْبِيَائِهَا أَوْ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَلَبِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِعْرَاجِ.
(قَوْلُهُ وَتُرْبَتُهَا) أَيْ تُرَابُهَا طَهُورًا بِفَتْحِ الطَّاءِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَبِضَمِّهَا الْفِعْلُ أَيْ الطُّهْرُ، وَالْمُرَادُ بِهِ اسْمُ الْفَاعِلِ أَيْ وَتُرْبَتُهَا مُطَهِّرَةٌ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا فِيهِمَا كَذَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ. وَفُرِضَ سَنَةَ خَمْسٍ عَلَى الرَّاجِحِ. اهـ. اط ف وَانْظُرْ مَاذَا كَانَتْ تَفْعَلُ الْأُمَمُ السَّابِقَةُ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ؟ هَلْ كَانُوا يُصَلُّونَ بِلَا طَهَارَةٍ أَصْلًا أَوْ يَتْرُكُونَ الصَّلَاةَ؟ رَاجِعْ (قَوْلُهُ بِغُسْلٍ) أَيْ كَامِلٍ أَيْ أَوْ وُضُوءٍ مَسْنُونٍ كَالتَّجْدِيدِ فَلَوْ قَالَ وَمَأْمُورٌ بِطُهْرٍ عَنْ غَيْرِ نَجَسٍ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْمَيِّتِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوَافِ وَنَحْوِهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ فِي قَوْلِهِ يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْغُسْلَ الْمَسْنُونَ فَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا فِي قَوْلِهِ لِأَسْبَابٍ لِأَنَّهُ يُوهِمُ اجْتِمَاعَهَا مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي وُجُودُ أَحَدِهَا وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُ حَجّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَحَدِ أَسْبَابٍ اهـ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: أَوْلَى وَأَعَمُّ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ هَذِهِ أَسْبَابٌ لِلْعَجْزِ لَا لِلتَّيَمُّمِ، وَوَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْغُسْلَ الْمَنْدُوبَ وَلَا الْوُضُوءَ الْمُجَدَّدَ فَقَدْ نَصَّ م ر عَلَى أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً قَبْلَ الْحَدَثِ وَعَدِمَ الْمَاءَ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ نَقَلَهُ عَنْهُ سم وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ وَالْجُنُبُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ سم

(قَوْلُهُ فَقَدَ مَاءً) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ كَانَ مُسَبَّلًا لِلشُّرْبِ وَلَوْ بِحَسَبِ الْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْفَقْدِ هُنَا عَلَى الْحِسِّيِّ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ السَّبَبَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ وَتَيَقُّنُ الْفَقْدِ يَكُونُ وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ بِفَقْدِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَفِيهِ أَنَّ إخْبَارَ الْعَدْلِ مُفِيدٌ لِلظَّنِّ نَعَمْ إنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ الطَّلَبِ فَوَاضِحٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ ظَنَّ الْفَقْدِ الْمُسْتَنِدِ لِلطَّلَبِ كَافٍ ح ل، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ يُعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدًا لِلطَّلَبِ لِأَنَّ خَبَرَهُ وَإِنْ كَانَ مُفِيدًا لِلظَّنِّ إلَّا أَنَّهُمْ أَقَامُوهُ مَقَامَ الْيَقِينِ أَطْلَقَهُ شَيْخُنَا ح ف وم ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَمِنْ صُوَرِ تَيَقُّنِ فَقْدِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ بِفَقْدِهِ بَلْ الْأَوْجَهُ إلْحَاقُ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ بِالْجَمْعِ إذَا أَفَادَ الظَّنَّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً يَطْلُبُ لَهُمْ انْتَهَى وَقَالَ حَجّ: الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ هُنَا حَقِيقَتُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ تَيَقَّنَّاهُ أَيْ الْمُحْدِثُ وَالْمَأْمُورُ بِالْغُسْلِ، وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِمَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ) إمَّا بِالظَّنِّ أَوْ بِالشَّكِّ أَوْ الْوَهْمِ فَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ وَالتَّجْوِيزُ بِالْيَقِينِ شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّ عَدَمَ تَيَقُّنِ الْفَقْدِ يَصْدُقُ بِتَيَقُّنِ الْوُجُودِ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِأَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ فَقْدَهُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ صُورَةَ تَيَقُّنِ الْوُجُودِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي قَوْلِهِ فَلَوْ عَلِمَ إلَخْ وَأَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ لِتَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ مَا هُنَا خَاصٌّ بِالتَّجْوِيزِ. (قَوْلُهُ طَلَبَهُ وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ) الْمَوْثُوقُ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَلَوْ طَلَبَ بِلَا إذْنٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ وَاقِعًا فِي الْوَقْتِ بَلْ لَوْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَ لَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ أَطْلَقَ اُكْتُفِيَ بِطَلَبِهِ فِي الْوَقْتِ ح ل. (قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ إنْ طَلَبَهُ لَهُ فَلَوْ طَلَبَ قَبْلَهُ لِفَائِتَةٍ فَدَخَلَ الْوَقْتُ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ الطَّلَبِ لِأَنَّ الطَّلَبَ وَقَعَ صَحِيحًا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُحْتَمَلْ تَجَدُّدُ مَاءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ، وَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَبِ وَالتَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ مِنْ رَحْلِهِ) هُوَ مَسْكَنُ الشَّخْصِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ

(1/110)


وَرُفْقَتِهِ) الْمَنْسُوبَيْنِ إلَيْهِ، وَيَسْتَوْعِبُهُمْ كَأَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ: مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ، وَقَوْلِي: فِي الْوَقْتِ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فِي ذَلِكَ (نَظَرَ حَوَالَيْهِ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَمَامًا وَخَلْفًا إلَى الْحَدِّ الْآتِي وَخَصَّ مَوْضِعَ الْخُضْرَةِ وَالطَّيْرِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ (إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ) مِنْ الْأَرْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ وَهْدَةٌ أَوْ جَبَلٌ (تَرَدَّدَ إنْ أَمِنَ) مَعَ مَا يَأْتِي اخْتِصَاصًا وَمَا لَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ (إلَى حَدِّ غَوْثٍ) أَيْ: حَدٍّ يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ رُفْقَتِهِ لَوْ اسْتَغَاثَ بِهِمْ فِيهِ مَعَ تَشَاغُلِهِمْ بِأَشْغَالِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْأَصْلِ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ أَيْ: فِي الْمُسْتَوِي، وَبِقَوْلِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرَدَّدَ غَلْوَةَ سَهْمٍ أَيْ: غَايَةَ رَمْيِهِ، وَقَوْلِي: إنْ أَمِنَ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مَاءً (تَيَمَّمَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَثَاثِ أَيْ الْأَمْتِعَةِ ح ل وَمَعْنَى الطَّلَبِ مِنْ رَحْلِهِ أَنْ يُفَتِّشَ فِيهِ اهـ مَحَلِّيٌّ، وَإِطْلَاقُ الطَّلَبِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّفْتِيشِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّ الطَّلَبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّفْتِيشِ وَالسُّؤَالِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَسْعَى بِهِ فِي تَحْصِيلِ مُرَادِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَرُفْقَتُهُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ وَفَتْحِهَا م ر ع ش سُمُّوا بِذَلِكَ لِارْتِفَاقِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَمُسَاعِدَتِهِ بِرْمَاوِيٌّ، وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْ كُلٍّ بِعَيْنِهِ بَلْ يَكْفِي نِدَاءٌ يَعُمُّهُمْ ح ل. (قَوْلُهُ الْمَنْسُوبِينَ إلَيْهِ) بِأَنْ يَتَّحِدُوا مَنْزِلًا وَرَحِيلًا (قَوْلُهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَجِدْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا جَوَّزَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا عَطَفَهُ بِثُمَّ لِتَرَاخِيهِ عَمَّا قَبْلَهُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَلَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً يَطْلُبُ لَهُمْ كَفَى اهـ لِأَنَّ طَلَبَهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَبِهِمْ ح ل بِاخْتِصَارٍ، وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى النَّظَرِ إلَّا بَعْدَ التَّفْتِيشِ وَالطَّلَبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَسْهَلَ مَا ذَكَرَ وَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ حَوَالَيْهِ) جَمْعُ حَوْلٍ بِمَعْنَى جِهَةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيَاسُهُ أَحْوَالٌ وَهَذَا الْجَمْعُ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى ح ف. (قَوْلُهُ إلَى الْحَدِّ الْآتِي) وَهُوَ حَدُّ الْغَوْثِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ إلَى حَدِّ غَوْثٍ مُتَعَلِّقٌ فِي الْمَعْنَى بِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ أَعْنِي نَظَرَ وَتَرَدَّدَ (قَوْلُهُ وَخَصَّ مَوْضِعَ الْخَضِرَةِ) أَيْ وُجُوبًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهُ فِيهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ ثَمَّ وَهْدَةٌ أَوْ جَبَلٌ تَرَدَّدَ) أَيْ خَرَجَ مِنْ الْوَهْدَةِ وَصَعِدَ عُلُوَّهَا أَوْ صَعِدَ عُلُوَّ الْجَبَلِ وَنَظَرَ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ التَّرَدُّدُ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ لِطَلَبِ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ الْجِهَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَضَرُّ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِهِ الْمَاءَ فِي الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ اهـ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَعِدَ عُلُوَّ الْوَهْدَةِ أَوْ عُلُوَّ الْجَبَلِ لَا يُحِيطُ بِحَدِّ الْغَوْثِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَاتِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّرَدُّدُ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَرَدَّدَ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَرَدَّدَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحِطْ بِشَيْءٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ إذَا صَعِدَ نَحْوَ الْجَبَلِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَرَدَّدَ وَيَمْشِيَ فِي كُلٍّ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ هَذَا رُبَّمَا يَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْبُعْدِ هَذَا.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ وَيَمْشِي فِي مَجْمُوعِهَا إلَى حَدِّ الْغَوْثِ لَا فِي كُلِّ جِهَةٍ ح ل بِأَنْ يَمْشِيَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِحَيْثُ يُحِيطُ نَظَرُهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ نَظَرِهِ يُحِيطُ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعُ الَّذِي يَمْشِيهِ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ يَبْلُغُ حَدَّ الْغَوْثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَشْمَاوِيٌّ عَنْ شَيْخِهِ الشَّيْخِ عَبْدِ رَبِّهِ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْإِحَاطَةِ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَإِنْ لَمْ يَمْشِ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي صَعِدَ إلَيْهِ أَوْ نَزَلَ فِيهِ مُسْتَوِيًا فَقَوْلُهُ إلَى حَدِّ غَوْثٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَنَظَرَ إلَى حَدِّ غَوْثٍ اهـ. (قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ إنْ كَانَ التَّجْوِيزُ بِغَيْرِ الْعِلْمِ أَمَّا إذَا كَانَ بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي حَدِّ الْقُرْبِ بِأَنْ يَأْمَنَ نَفْسًا وَعُضْوًا وَمَالًا زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ وَانْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَةٍ وَخُرُوجِ الْوَقْتِ ح ل، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي أَيْ فِي حَدِّ الْقُرْبِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي أَمْنُ الْوَقْتِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِهِ فِيمَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، أَمَّا مَنْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمْنُ الْوَقْتِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ نِزَاعٍ طَوِيلٍ اهـ.
وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ الْآتِيَةِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَأَمَّا مَا هُنَا أَيْ فِي حَدِّ الْغَوْثِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ مُطْلَقًا اهـ. (قَوْلُهُ اخْتِصَاصًا) أَيْ مُحْتَرَمًا وَمَالًا أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ح ل. (قَوْلُهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ رُفْقَتِهِ) مَعَ اعْتِدَالِ أَسْمَاعِهِمْ وَمَعَ اعْتِدَالِ صَوْتِهِ، وَابْتِدَاءُ هَذَا الْحَدِّ مِنْ آخِرِ رُفْقَتِهِ الْمَنْسُوبَيْنِ إلَيْهِ لَا مِنْ آخِرِ الْقَافِلَةِ ح ل. (قَوْلُهُ تَرَدَّدَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوَى قَدْرَ نَظَرِهِ فِي الْمُسْتَوَى لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوَى، فَقَوْلُهُ فِي الْمُسْتَوَى مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرِهِ فَمُقْتَضَى الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَمْشِيَ إلَى آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْإِحَاطَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ حَدِّ الْغَوْثِ إلَّا بِهَذَا الْمَشْيِ فَإِنْ حَصَلَتْ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ.

(1/111)


لِظَنِّ فَقْدِهِ (فَلَوْ عَلِمَ مَاءً) بِمَحِلٍّ (يَصِلُهُ مُسَافِرٌ لِحَاجَتِهِ) كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ، وَهَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ (وَجَبَ طَلَبُهُ) مِنْهُ (إنْ أَمِنَ غَيْرَ اخْتِصَاصٍ وَمَالٍ يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ طَهَارَتِهِ) ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً مِنْ نَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ لِلْمَاءِ وَانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ لَهُ وَخُرُوجِ وَقْتٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ طَلَبُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، وَوَصْفُ الْمَالِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْأَمْنُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَلَا عَلَى الْمَالِ الَّذِي يَجِبُ بَذْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لِتَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ.
(فَإِنْ كَانَ) الْمَاءُ بِمَحِلٍّ (فَوْقَ ذَلِكَ) الْمَحِلِّ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسَمَّى حَدَّ الْبُعْدِ (تَيَمَّمَ) وَلَا يَجِبُ قَصْدُ الْمَاءِ لِبُعْدِهِ (فَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ مَاءً) وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْعَدْلِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ، وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ. (قَوْلُهُ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ وَإِلَّا فَالْحُدُودُ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرَكَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ ع ش. (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ) وَقَدَّرَهُ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا حَجّ وَقَدْرُ نِصْفِ الْفَرْسَخِ بِسَيْرِ الْأَنْقَالِ الْمُعْتَدِلَةِ أَحَدَ عَشَرَ دَرَجَةً وَرُبْعُ دَرَجَةٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقَدْرُهُمَا ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَمَسَافَةُ الْقَصْرِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا فَإِذَا قُسِمَتْ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الدَّرَجِ خَصَّ كُلَّ فَرْسَخٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَنِصْفُ دَرَجَةٍ ع ش عَلَى م ر فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ فَهُوَ حَدُّ الْبُعْدِ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ وح ف. (قَوْلُهُ وَجَبَ طَلَبُهُ) لِأَنَّهُ إذَا سَعَى إلَيْهِ لِشُغْلِهِ الدُّنْيَوِيِّ فَالدِّينِيُّ أَوْلَى حَجّ، وَالْمُرَادُ بِالطَّلَبِ هُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِهِ عِنْدَ التَّوَهُّمِ فَهُوَ هُنَاكَ الْتِمَاسُ الْمَاءِ وَهُنَا قَصْدُهُ، وَقَوْلُهُ غَيْرَ اخْتِصَاصٍ أَيْ وَكَانَ الْعِلْمُ بِغَيْرِ خَبَرِ الْعَدْلِ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ أَمْنُ الِاخْتِصَاصِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرَ اخْتِصَاصٍ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ اُعْتُبِرَ الْأَمْنُ عَلَيْهِ أَيْضًا ع ش بِأَنْ كَانَ كَلْبَ صَيْدٍ وَكَانَتْ مُؤْنَتُهُ مِنْ صَيْدِهِ وَمَحَلُّ الْأَمْنِ عَلَى غَيْرِ الِاخْتِصَاصِ أَيْضًا إذَا كَانَ يَحْصُلُ الْمَاءُ لَا عِوَضَ.
(قَوْلُهُ أَوْ أُجْرَةً) أَيْ لِآلَةِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ نَفْسٍ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ وَقَوْلُهُ وَعُضْوٍ أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ) لِضَرَرِ التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَضُرَّهُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْوَحْشَةِ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يُبِيحُوا تَرْكَ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ الْوَحْشَةِ بَلْ شَرَطُوا خَوْفَ الضَّرَرِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ تَكْرِيرُ الطَّهَارَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ اهـ دَمِيرِيٌّ وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَقْصِدٌ وَالْمَاءُ هُنَا وَسِيلَةٌ انْتَهَى م ر ع ش. (قَوْلُهُ وَخُرُوجِ وَقْتٍ) يُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ سم ع ش وَهَذَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ كَأَنْ كَانَ فَقْدُ الْمَاءِ أَكْثَرَ مِنْ وُجُودِهِ فَإِنْ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ بِأَنْ كَانَ وُجُودُ الْمَاءِ أَكْثَرَ مِنْ فَقْدِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَشْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ خَافَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إلَخْ وَقِيلَ الْمُرَادُ وَإِلَّا بِأَنْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ) أَيْ مُحَصَّلٌ عِنْدَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ مَنْ يَحْصُلُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْمَنَ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَوْقَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ كَقَدَمٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُعَدُّ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا عَلِمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ عُرْفًا ع ش وَعِبَارَةُ ح ل. قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ قَصْدُ الْمَاءِ لِبُعْدِهِ هَذَا وَاضِحٌ إذَا عَلِمَهُ وَهُوَ فِي أَوَّلِ حَدِّ الْقُرْبِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ وُصُولِهِ لِآخِرِ حَدِّ الْقُرْبِ أَوْ مُقَارَبَةِ ذَلِكَ الْآخَرَ وَكَانَ قَرِيبًا جِدًّا وَكَذَا فِي الْغَوْثِ فَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِطَلَبِهِ بِشَرْطِ الْأَمْنِ عَلَى الْوَقْتِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَهُ تَيَقُّنُهُ) أَيْ تَيَقُّنُ طَرَيَانِهِ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ وَهُوَ حَدُّ الْغَوْثِ أَوْ الْقُرْبِ أَوْ تَيَقُّنُ طَرَيَانِهِ بِمَنْزِلِهِ أَيْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ نَازِلٌ فِيهِ، فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فِي حَدِّ الْغَوْثِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَيَمَّمَ، وَلِقَوْلِهِ فَلَوْ عَلِمَ مَاءً إلَخْ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى مَا ذَكَرَ تَيَمَّمَ، أَيْ فَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ طَرَيَان الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ شَيْخُنَا، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِآخِرِ الْوَقْتِ مَا يَشْمَلُ أَثْنَاءَهُ بَلْ مَا عَدَا وَقْتِ الْفَضِيلَةِ ابْنُ شَوْبَرِيٍّ وَقَالَ ع ن بِأَنْ يَبْقَى مِنْهُ وَقْتٌ يَسَعُ الصَّلَاةَ وَطُهْرَهَا فِيهِ وَلَوْ بِأَقَلَّ مُجْزِئٍ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ جَزْمًا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي تَيَقُّنِ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقِيَامِ آخِرَهُ أَوْ ظَنَّهَا فَإِنْ تَيَقَّنَ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ أَوْ ظَنَّ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) وَيَبْعُدُ أَنَّ أَفْضَلَ مِنْهُ فِعْلُهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِالْوُضُوءِ آخِرَهُ شَوْبَرِيٌّ، لَا يُقَالُ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ

(1/112)


مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ أَبْلَغُ مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إذَا تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ جَزْمًا (وَإِلَّا) بِأَنْ ظَنَّهُ أَوْ ظَنَّ أَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ آخِرَ الْوَقْتِ (فَتَعْجِيلُ تَيَمُّمٍ) أَفْضَلُ لِتَحَقُّقِ فَضِيلَتِهِ دُونَ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ

(وَمَنْ وَجَدَهُ غَيْرَ كَافٍ) لَهُ (وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ) فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (ثُمَّ تَيَمَّمَ) عَنْ الْبَاقِي فَلَا يُقَدِّمُهُ لِئَلَّا يَتَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ، وَقِيلَ يَجِبُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ

(وَيَجِبُ فِي الْوَقْتِ شِرَاؤُهُ) أَيْ: الْمَاءِ لِطُهْرِهِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) مَكَانًا وَزَمَانًا فَلَا يَجِبُ شِرَاؤُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قَلَّتْ، نَعَمْ إنْ بِيعَ مِنْهُ لِأَجَلٍ بِزِيَادَةٍ لَائِقَةٍ بِذَلِكَ الْأَجَلِ، وَكَانَ مُمْتَدًّا إلَى وُصُولِهِ مَحِلًّا يَكُونُ غَنِيًّا فِيهِ وَجَبَ الشِّرَاءُ (إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهُ) أَيْ: الثَّمَنَ (لِدَيْنِهِ أَوْ مُؤْنَةِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَمَمْلُوكِهِ وَرَفِيقِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِقَرِينَةِ سِيَاقِ كَلَامِهِمْ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْأُولَى وَلَمْ تَشْمَلْهَا فَضِيلَةُ الْوُضُوءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى كَانَتْ جَابِرَةً لِنَقْصِهَا شَرْحُ م ر، وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ التَّقْدِيمُ بِنَحْوِ جَمَاعَةٍ وَإِلَّا كَانَ التَّقْدِيمُ أَفْضَلَ ز ي. (قَوْلُهُ أَبْلَغُ) أَيْ أَعْظَمُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا إذَا تَيَقَّنَ وُجُودَهُ) بِأَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمَنْزِلِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ ع ش وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ز ي ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ) لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ وَتُرَابٌ لَا يَكْفِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ ع ش. (قَوْلُهُ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ) الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الشَّيْءُ الْمَأْمُورُ بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَأْتُوا مِنْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ) الْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِصِيغَةِ الصَّدْرِ لِيُفِيدَ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وَجَدَ الثَّلْجَ أَوْ الْبَرَدَ فَقَطْ أَمَّا إذَا وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِ لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَوَجَدَ ثَلْجًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ حِينَئِذٍ ع ش وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ وَلَا يَجِبُ إلَخْ إذْ لَا يُمْكِنُ هُنَا تَقْدِيمُ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلتُّرَابِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ مَا قَبْلَ الرَّأْسِ وَجَبَ مَسْحُهُ بِنَحْوِ الثَّلْجِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الرِّجْلَيْنِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ وَلَا تَنَافِيَ. شَيْخُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ) وَعَلَيْهِ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ الرَّأْسَ بِالثَّلْجِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يُؤَثِّرُ هَذَا الْمَاءُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا زي. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ مَعَهُ مَاءً وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ فِي الْوَقْتِ شِرَاؤُهُ) عُلِمَ مِنْ وُجُوبِ شِرَاءِ ذَلِكَ بُطْلَانُ نَحْوِ بَيْعِ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ بِلَا حَاجَةٍ لِلْمُوجِبِ أَوْ الْقَابِلِ وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مَا دَامَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ هِبَةُ عَبْدٍ يَحْتَاجُهُ لِلْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي أَصَالَةً فَلَا آخِرَ لِوَقْتِهَا وَهِبَةُ مَالٍ يَحْتَاجُهُ بِدَيْنِهِ بِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ وَقَدْ رَضِيَ الدَّائِنُ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَجْرٌ عَلَى الْعَيْنِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ تَيَمَّمَ وَقَضَى س ل. (قَوْلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ ثَمَنُ مِثْلِ الَّذِي يَكْفِي لِوَاجِبِ الطَّهَارَةِ أَمَّا الزَّائِدُ لِلسُّنَنِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُهُ اهـ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ إلَّا ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ قَدَّمَ السُّتْرَةَ لِدَوَامِ نَفْعِهَا مَعَ عَدَمِ الْبَدَلِ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهُ شِرَاءُ سَاتِرِ عَوْرَةِ قِنِّهِ لَا مَاءُ طَهَارَتِهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ ثُمَّ دَخَلَ الْوَقْتُ لَزِمَ الْأَصْلَ الرُّجُوعُ بِهِ عَمِيرَةُ قَالَ م ر وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ خِيَارٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ. (قَوْلُهُ مَكَانًا) أَيْ فَلَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ تُسَاوِي الشَّرْبَةُ فِيهَا دَنَانِيرَ كَثِيرَةً بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّتْ) وَإِنَّمَا سُومِحَ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ فِي نَحْوِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِأَنَّ مَا هُنَا لَهُ بَدَلٌ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ ع ش. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ بِيعَ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ ثَمَنُ مِثْلٍ إذْ الزَّائِدُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ وَلِهَذَا لَمْ يُورِدْهَا الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ بِسَبَبِ التَّأْجِيلِ زِيَادَةً لَائِقَةً بِالْأَجَلِ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنَ مِثْلِهِ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَهُ لِدَيْنِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا) نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُلُولُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى وَطَنِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ شِرَاؤُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِعَيْنِ مَالِهِ كَعَيْنٍ أَعَارَهَا فَرَهَنَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِإِذْنِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) وَلَا يَتَقَيَّدُ الْمُحْتَرَمُ بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ مَعَهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ ح ل. (قَوْلُهُ مُحْتَرَمٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر. وَمِنْ الْمُحْتَرَمِ كَلْبٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَكَذَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلْبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَقُورٍ وَهَذَا لَا خِلَافَ

(1/113)


حَضَرًا وَسَفَرًا ذَهَابًا وَإِيَابًا فَيَصْرِفُ الثَّمَنَ إلَى ذَلِكَ وَيَتَيَمَّمُ.
وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ، وَلَا حَاجَةَ لِوَصْفِ الدَّيْنِ بِالْمُسْتَغْرِقِ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ لِأَنَّ مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِيهِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ

(وَ) يَجِبُ فِي الْوَقْتِ (اقْتِرَاضُ الْمَاءِ وَاتِّهَابُهُ وَاسْتِعَارَةُ آلَتِهِ) إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ الْمَالِكُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ، وَخَرَجَ بِالْمَاءِ ثَمَنُهُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالِاقْتِرَاضِ وَتَالِيَيْهِ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ فَتَعْبِيرِي بِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَبُولِ، وَقَوْلِي: فِي الْوَقْتِ مَعَ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِآلَتِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالدَّلْوِ

(وَلَوْ نَسِيَهُ) أَيْ: شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْمَاءِ وَالثَّمَنِ وَالْآلَةِ (أَوْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ فَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَهُ أَوْ وَجَدَهُ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مَعَهُ، وَنَسَبْته فِي إهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرٍ وَخَرَجَ بِإِضْلَالِ ذَلِكَ فِي رَحْلِهِ مَا لَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ وَفِيهِ الْمَاءُ أَوْ الثَّمَنُ أَوْ الْآلَةُ فَلَا يُعِيدُ إنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ إذْ لَا مَاءَ مَعَهُ حَالَ التَّيَمُّمِ وَفَارَقَ إضْلَالُهُ فِي رَحْلِهِ بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ

(وَ) ثَانِي الْأَسْبَابِ (حَاجَتُهُ) إلَيْهِ (لِعَطَشِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ وَلَوْ) كَانَتْ حَاجَتُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِي عَدَمِ احْتِرَامِهِ أَيْ فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ، وَالثَّانِي مُحْتَرَمٌ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ مَا فِيهِ نَفْعٌ مِنْ صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ، وَالثَّالِثُ مَا فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَقَدْ تَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ اهـ خَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ حَضَرًا وَسَفَرًا) وَلَا بُدَّ أَنْ يَفْضُلَ فِي الْحَاضِرِ عَنْ مَئُونَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ ح ل وَلَا بُدَّ فِي الْمُسَافِرِ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ مَئُونَتِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي الدَّيْنِ فَقَوْلُهُ يَحْتَاجُهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا الْوَصْفِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: هُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إذْ مِنْ لَازِمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِأَجَلِهِ اسْتِغْرَاقُهُ. اهـ قَالَ سم وَالصَّوَابُ أَنَّهُ صِفَةٌ لَازِمَةٌ كَمَا صَنَعَ م ر لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ الِاسْتِغْرَاقُ

(قَوْلُهُ اقْتِرَاضُ الْمَاءِ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ لَوْ أَضْمَرَ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلثَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ اهـ، وَقَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَقْرَضَهُ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يُخَاطَبْ وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ إعْدَامَ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَهَذَا أَوْلَى وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ وُجُوبِ طَلَبِ الْمَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ إذَا اتَّسَعَتْ الْقَافِلَةُ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَاسْتِعَارَةُ آلَتِهِ) وَلَوْ جَاوَزَتْ قِيمَتُهَا أَضْعَافَ ثَمَنِ الْمَاءِ أَيْ فَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ تَلَفِهَا حَتَّى يَغْرَمَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ السَّلَامَةُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ بَذْلُهُ لِمُحْتَاجِ طَهَارَةٍ بِهِ ح ل. (قَوْلُهُ تَحْصِيلُهُ) أَيْ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِهَا أَيْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ الْمَالِكُ) أَيْ وَجَوَّزَ بَذْلَهُ لَهُ س ل. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الِاقْتِرَاضِ وَالِاتِّهَابِ وَلَا يَأْتِي هُنَا الِاسْتِعَارَةُ قَالَ ز ي فَلَا يَجِبُ وَلَوْ كَانَ قَبُولُهُمَا مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ وَلَوْ كَانَ قَابِلُ الْقَرْضِ مُوسِرًا بِمَالِ غَائِبٍ اهـ (قَوْلُهُ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ) فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ وَالسُّؤَالِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ مَا دَامَ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ الْخِلَافِ أَيْ الْمُخَالَفَةِ فِي الْمَاءِ وَالثَّمَنِ وَالْآلَةِ أَنَّ الْمَاءَ يَجِبُ فِيهِ الْجَمِيعُ مِنْ الشِّرَاءِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ وَالسُّؤَالِ؛ وَالْآلَةُ يَجِبُ فِيهَا ثَلَاثَةٌ: الْإِجَارَةُ وَالشِّرَاءُ وَالْعَارِيَّةُ، وَالثَّمَنُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ بِرْمَاوِيٌّ

. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَسِيَهُ إلَخْ) لَوْ ذَكَرَ هَذَا آخِرَ الْبَابِ عِنْدَ ذِكْرِ مَا يُقْضَى مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا لَا يُقْضَى كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ هُنَا فِي السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ وَأَمَّا الْقَضَاءُ وَعَدَمُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ ز ي لَكِنَّ ذِكْرَهُ هُنَا لَهُ نَوْعُ مُنَاسَبَةٍ لِإِفَادَتِهِمَا أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ وُجُودِ التَّقْصِيرِ وَأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ عُذْرًا مُقْتَضِيًا لِسُقُوطِهِ وَأَنَّ الْإِضْلَالَ يُغْتَفَرُ تَارَةً وَلَا يُغْتَفَرُ أُخْرَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَوْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ) أَيْ تَسَبَّبَ فِي ضَيَاعِهِ فِيهِ، وَفِي الْمُخْتَارِ وَأَضَلَّهُ أَضَاعَهُ وَأَهْلَكَهُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَضْلَلْت بَعِيرِي إذَا ذَهَبَ مِنْك وَضَلَلْت الْمَسْجِدَ وَالدَّارَ إذَا لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ مَوْضِعَهُمَا وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ مُقِيمٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ اهـ فَعَلَى هَذَا يُقْرَأُ رَحْلُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا لَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ.
(قَوْلُهُ أَعَادَ) وَإِنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ ز ي. (قَوْلُهُ حَقِيقَةً) أَيْ فِيمَا لَوْ وَجَدَهُ بِالْفِعْلِ أَوْ حُكْمًا كَأَنْ نَسِيَ الثَّمَنَ أَوْ الْآلَةَ. (قَوْلُهُ وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ) مِنْهُ أُخِذَ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ مَا ذَكَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ فِي رَحْلِهِ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ وُجُودِ مَا ذَكَرَ فِيهِ وَقَدْ أَدْرَجَ فِيهِ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ ح ل، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ إلَى التَّقْصِيرِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ) أَيْ خِيَامَهُمْ، وَالْخِيَامُ لَيْسَتْ قَيْدًا لِأَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ قَالَ ع ش عَلَى م ر يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُهُ جِدًّا كَمُخَيَّمِ أَمِيرِ الْحَجِّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. اهـ

(قَوْلُهُ حَاجَتُهُ إلَيْهِ لِعَطَشِ حَيَوَانٍ) وَلَا يَتَيَمَّمُ لِعَطَشِ عَاصٍ بِسَفَرِهِ حَتَّى يَتُوبَ، وَقَوْلُهُ حَيَوَانٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَمِثْلُ الْمَاءِ الْأَكْلُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ أَنَّ لَهُ ذَبْحَ شَاةِ الْغَيْرِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ لِلْإِطْعَامِ وَعَلَى الْمَالِكِ بَذْلُهَا ح ل. (قَوْلُهُ مُحْتَرَمٍ) وَهُوَ الَّذِي يَحْرُمُ قَتْلُهُ، وَمِنْهُ كَلْبٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَكَذَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر، فَخَرَجَ نَحْوُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ وَالْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ إلَيْهَا بَلْ يَجِبُ الطُّهْرُ بِهِ وَإِنْ أَفْضَى إلَى تَلَفِهَا سم.

(1/114)


إلَيْهِ لِذَلِكَ (مَآلًا) أَيْ: فِيهِ أَيْ: الْمُسْتَقْبَلِ صَوْنًا لِلرُّوحِ أَوْ غَيْرِهَا عَنْ التَّلَفِ فَيَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الطُّهْرَ بِهِ ثُمَّ جَمَعَهُ وَشَرِبَهُ لِغَيْرِ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ عَادَةً وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ، وَالْعَطَشُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ مُعْتَبَرٌ بِالْخَوْفِ الْمُعْتَبَرِ فِي السَّبَبِ الْآتِي وَلِلْعَطْشَانِ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا بِبَذْلِهِ إنْ لَمْ يَبْذُلْهُ لَهُ

(وَ) ثَالِثُهَا (خَوْفُ مَحْذُورٍ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ: الْمَاءِ مُطْلَقًا أَوْ الْمَعْجُوزُ عَنْ تَسْخِينِهِ (كَمَرَضٍ وَبُطْءِ بَرْءٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (وَزِيَادَةُ أَلَمٍ وَشَيْنٌ فَاحِشٌ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) لِلْعُذْرِ وَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ.
وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَنُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ. وَالظَّاهِرُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ، وَذَكَرَ فِي الْجِنَايَاتِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ أَيْ فِيهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. (قَوْلُهُ صَوْنًا لِلرُّوحِ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الِاحْتِيَاجِ سَبَبًا لِلْعَجْزِ ع ش وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَوْفِ تَلَفِ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَالْعَطَشُ الْمُبِيحُ مُعْتَبَرٌ إلَخْ ح ل أَيْ لِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ تَلَفِ النَّفْسِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَوْنًا لِلرُّوحِ أَيْ مَثَلًا ح ف.
(قَوْلُهُ فَيَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ) وَيَحْرُمُ تَطْهِيرُهُ بِهِ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ ظُنَّ وُجُودُ مُحْتَرَمٍ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقَافِلَةِ وَإِنْ كَبِرَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ ح ل. وَكَثِيرٌ يَجْهَلُونَ فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ التَّطْهِيرَ بِالْمَاءِ قُرْبَةٌ حِينَئِذٍ وَهُوَ خَطَأٌ قَبِيحٌ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ لِغَيْرِ الْعَطَشِ مَآلًا كَبَلِّ كَعْكٍ وَطَبْخِ لَحْمٍ بِخِلَافِ حَاجَتِهِ لِذَلِكَ حَالًا فَلَهُ التَّيَمُّمُ مِنْ أَجْلِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا غِنَى عَنْ دَفْعِ الْعَطَشِ بِوَجْهٍ مَا وَأَمَّا بَلُّ نَحْوِ الْكَعْكِ فَيُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ فَاعْتَبَرْنَاهُ حَالًا لَا مَآلًا شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ كَبَلِّ كَعْكٍ قَيَّدَهُ حَجّ بِمَا يَسْهُلُ اسْتِعْمَالُهُ وَأَخَذَ سم بِمُقْتَضَاهُ فَقَالَ: لَوْ عَسُرَ اسْتِعْمَالُهُ بِدُونِ الْبَلِّ كَانَ كَالْعَطَشِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ دَابَّةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الطُّهْرُ بِهِ وَجَمْعُهُ وَسَقْيُهُ لَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي ع ش، فَعَلَى هَذَا يُقَيَّدُ الْمُحْتَرَمُ فِي الْمَتْنِ بِآدَمِيٍّ مُمَيِّزٍ تَأَمَّلْ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ س ل. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ) فَلَا يَكُونُ عَطَشُهُ مُجَوِّزًا لِبَذْلِ الْمَاءِ لَهُ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ الِاحْتِرَامُ أَيْضًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَوْ لَا فَيَكُونُ أَحَقَّ بِمَائِهِ وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا؟ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ لِأَنَّا مَعَ ذَلِكَ لَا نَأْمُرُهُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهَا إلَّا أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ اسْتَشْكَلَ عَدَمَ حِلِّ بَذْلِ الْمَاءِ لِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ بِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ لَا يُجَوِّزُ عَدَمَ سَقْيِهِ وَإِنْ قُتِلَ شَرْعًا لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ بِأَنْ نَسْلُكُ أَسْهَلَ الطُّرُقِ وَلَيْسَ الْعَطَشُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ مَنَعْنَاهُ الْمَاءَ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلطُّهْرِ أَمَّا مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلَا مَحْذُورَ فِي مَنْعِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْخَوْفِ) أَيْ مُعْتَبَرٌ فِيهِ الْخَوْفُ إلَخْ أَيْ ضَابِطُ الْعَطَشِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ أَنْ يَخَافَ مِنْهُ مَحْذُورًا كَمَرَضٍ وَبُطْءِ بُرْءٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي شَيْخُنَا، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي أَنْ لَا يَشْرَبَهُ إلَّا بَعْدَ إخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ بِأَنَّ عَدَمَ الشُّرْبِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ ع ش. (قَوْلُهُ وَلِلْعَطْشَانِ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَطْشَانِ وَلَهُ مُقَاتَلَتُهُ وَيُهْدَرُ الْمَالِكُ ح ل وَكَنَفْسِهِ عَطَشُ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ تَلْزَمُهُ مَئُونَتُهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْذُلْهُ) بِضَمِّ الذَّالِ مِنْ بَابِ نَصَرَ ع ش م ر

(قَوْلُهُ وَخَوْفُ مَحْذُورٍ) شَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِالْخَوْفِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ كَأَنْ قَالَ لَهُ الْعَدْلُ: قَدْ يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بَارِدًا أَوْ مُسْخِنًا بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ وَعِبَارَةُ ع ش مُطْلَقًا أَيْ قَدَرَ عَلَى تَسْخِينِهِ أَوْ لَا اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ الْمَعْجُوزُ عَنْ تَسْخِينِهِ) أَيْ فَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَخِّنُهُ بِهِ وَجَبَ تَسْخِينُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَكَذَا يَجِبُ تَحْصِيلُ مَا يُسَخِّنُهُ بِهِ إنْ عَلِمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِالْمَعْنَى ع ش وَخَرَجَ بِالتَّسْخِينِ التَّبْرِيدُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ انْتِظَارُهُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّبْرِيدَ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّسْخِينِ قَالَهُ ع ش قَالَ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ: وَهُوَ الَّذِي تَلَقَّيْنَاهُ خِلَافًا لَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ التَّسْخِينِ وَالتَّبْرِيدِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا) أَيْ فِيهِمَا. (فَائِدَةٌ)
تَقُولُ بَرَأَ بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ بُرْءًا بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، وَمَفْتُوحُ الْبَاءِ هُنَا أَفْصَحُ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِلْمَفْتُوحِ وَأَمَّا الْمَضْمُومُ فَمَصْدَرٌ لِلْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ أَسْنَوِيٌّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَزِيَادَةِ أَلَمٍ) أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً حَجّ (قَوْلُهُ لِلْعُذْرِ) قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَالْآيَةُ خَاصَّةٌ ع ش، (قَوْلُهُ وَنُحُولِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَالنُّحُولُ الْهُزَالُ مَعَ رُطُوبَةٍ فِي الْبَدَنِ. وَالِاسْتِحْشَافُ الْهُزَالُ مَعَ يُبُوسَةٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَثُغْرَةٌ) كَنُقْرَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى. (قَوْله وَلُحْمَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَغُرَ كُلٌّ مِنْ اللُّحْمَةِ وَالثُّغْرَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِهِمَا فِي الْعُضْوِ يُورِثُ شَيْئًا، وَلَكِنَّ مُجَرَّدَهُ لَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بَلْ إنْ كَانَ فَاحِشًا تَيَمَّمَ أَوْ يَسِيرًا فَلَا، وَالْوَاوُ فِي الْجَمِيعِ بِمَعْنَى أَوْ ع ش.
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْمَهْنَةِ) بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ وَالْكِسَائِيُّ

(1/115)


لِلْمُرُوءَةِ، وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَخَرَجَ بِالْفَاحِشِ الْيَسِيرُ كَقَلِيلِ سَوَادٍ، وَبِالظَّاهِرِ الْفَاحِشُ فِي الْبَاطِنِ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ.
وَيُعْتَمَدُ فِي خَوْفِ مَا ذُكِرَ قَوْلُ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ، وَذِكْرُ زِيَادَةِ الْأَلَمِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَمَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الْأَسْبَابَ ثَلَاثَةٌ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَهَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا سَبْعَةٌ، وَكُلُّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَرْجِعُ إلَى فَقْدِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا

(وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ: الْمَاءِ (فِي عُضْوٍ) لِعِلَّةٍ (وَجَبَ تَيَمُّمٌ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طُهْرٍ، وَيُمِرُّ التُّرَابَ مَا أَمْكَنَ عَلَى الْعِلَّةِ إنْ كَانَتْ بِمَحِلِّ التَّيَمُّمِ.
(وَ) وَجَبَ (غَسْلُ صَحِيحٍ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعُضْوِ سَاتِرٌ كَلَصُوقٍ يُخَافُ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورًا أَمْ لَا؛ لِخَبَرِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَيَتَلَطَّفُ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ بِوَضْعِ خِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ بِقُرْبِهِ وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهَا لِيَنْغَسِلَ بِالْمُتَقَاطَرِ مِنْهَا مَا حَوَالَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ إلَيْهِ (وَ) وَجَبَ (مَسْحُ كُلِّ السَّاتِرِ) إنْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمِهْنَةَ بِالْكَسْرِ وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ مُخْتَارٌ ع ش. (قَوْلُهُ لِلْمُرُوءَةِ) قَالَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيُّ عَلَى السُّنَنِ:: الْمُرُوءَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَقْتَضِي تَخَلُّقَ الْإِنْسَانِ بِأَخْلَاقِ مِثْلِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمُرُوءَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ أَيْ الْكَامِلَةُ وَضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ بِضَمِّ الْمِيمِ ع ش. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْأُولَى) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الَّذِي لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ هُوَ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ ع ش. (قَوْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ) وَلَوْ أَمَةً حَسْنَاءَ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ نَقْصًا فَاحِشًا لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ بِدَلِيلِ قَتْلِهَا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَبَذْلِ الزَّائِدِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ يُعَدُّ غَبْنًا فِي الْمُعَامَلَةِ، إذْ بِهِ يُسْتَدَلُّ عَلَى عَدَمِ الرُّشْدِ وَلَا يَسْمَحُ بِهِ أَهْلُ الْعَقْلِ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسُلْطَانٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَذْلِ زَائِدٍ عَلَى الثَّمَنِ بِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ غَبْنًا فِي الْمُعَامَلَةِ وَلَا يَسْمَحُ بِهِ أَهْلُ الْعَقْلِ كَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَشِحُّ فِيهَا بِالتَّافِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ فَقِيلَ لَهُ لِمَاذَا فَقَالَ ذَاكَ عَقْلِيٌّ وَهَذَا جُودِيٌّ. اهـ (قَوْلُهُ قَوْلُ عَدْلٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِالطِّبِّ فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِهِ اُكْتُفِيَ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ وَلَمْ يَجِدْ طَبِيبًا وَخَافَ مَحْذُورًا فَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ، وَخَالَفَ الْبَغَوِيّ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ.
(قَوْلُهُ وَكُلُّهَا فِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا ثَلَاثَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ع ش

(قَوْلُهُ وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ حَرُمَ ز ي وَعِبَارَةُ سم وَإِذَا امْتَنَعَ أَيْ امْتَنَعَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ أَيْ بِأَنْ خَافَ مَحْذُورًا كَمَا مَرَّ اهـ فَيَكُونُ الِامْتِنَاعُ عَلَى بَابِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ عِنْدَ خَوْفِ بُطْءِ الْبُرْءِ؟ الظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ ع ش وَعِبَارَةُ م ر وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ حُصُولَ الْمَحْذُورِ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فَالِامْتِنَاعُ عَلَى بَابِهِ اهـ، قَالَ ع ش: أَفْهَمَ قَوْلُهُ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ مَا ذَكَرَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْخَوْفِ وَحِينَئِذٍ فَحَيْثُ أَخْبَرَهُ الطَّبِيبُ الْعَدْلُ بِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْمَرَضِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْخَوْفِ لَمْ يَجِبْ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ اهـ. (قَوْلُهُ فِي عُضْوٍ) الْمُرَادُ بِالْعُضْوِ هُنَا الْجُزْءُ مِنْ الْبَدَنِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الصَّدْرِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَجَبَ تَيَمُّمٌ) لَعَلَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ غَسْلِ الصَّحِيحِ عَلَى التَّيَمُّمِ لِأَجْلِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَا تَرْتِيبَ لِنَحْوِ جُنُبٍ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْمُحْدِثَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بِأَنْ يُقَدِّمَ غُسْلَ الصَّحِيحِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَيُمِرُّ التُّرَابَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَيَمُّمٌ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ تَيَمُّمٌ فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى حَدِّ
وَلُبْسُ عَبَاءَةً وَتَقَرُّ عَيْنِي
فَتُفِيدُ الْعِبَارَةُ وُجُوبَ الْإِمْرَارِ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْغُسْلِ ح ل وَفِي التَّيَمُّمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَلَصُوقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ ع ش. (قَوْلُهُ وَيَتَلَطَّفُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ أَدَّى تَرْكُ التَّلَطُّفِ إلَى دُخُولِ الْمَاءِ إلَى الْجِرَاحَةِ وَقَدْ أَخْبَرَهُ الطَّبِيبُ بِضَرَرِ الْمَاءِ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا ع ش. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ إلَيْهِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ إلَّا بِالسَّيَلَانِ إلَى الْعَلِيلِ أَمَسَّهُ الْمَاءَ مِنْ غَيْرِ إفَاضَةٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ غُسْلًا ح ل، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِمْسَاسُ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَأَعَادَ ع ش. (قَوْلُهُ وَمَسَحَ كُلَّ السَّاتِرِ) وَلَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَمَسَحَ كُلَّ السَّاتِرِ أَيْ بَدَلًا عَمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّحِيحِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا أَوْ أَخَذَ شَيْئًا وَغَسَلَهُ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كُلَّ السَّاتِرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِهِ فَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الْكُلِّ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ وَتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ فَإِنَّ مُحَصِّلَهُ أَنَّ الَّذِي أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يَجِبُ فِيهِ التَّعْمِيمُ وَاَلَّذِي أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ الْمُتَبَادِرُ لِلنَّظَرِ الْعَكْسَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُحَصِّلُ الْجَوَابِ الْقِيَاسُ عَلَى التَّيَمُّمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ، فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ بَيَانًا لِلْجَامِعِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِهِ كَالْخُفِّ وَالرَّأْسِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِي تَعْمِيمِهِ مَشَقَّةَ النَّزْعِ أَيْ نَزْعِ الْعِمَامَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُفِّ

(1/116)


إنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ بِمَاءٍ) لَا بِتُرَابٍ اسْتِعْمَالًا لِلْمَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ مَسْحُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ.
(لَا تَرْتِيبَ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ (لِنَحْوِ جُنُبٍ) فَلَا يَجِبُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاقِصِ فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَقْدِهِ، بَلْ الْأَوْلَى هُنَا تَقْدِيمُهُ لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِلْجُنُبِ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْجُنُبِ الْمُحْدِثُ فَيَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ بِالْمَاءِ وَقْتَ دُخُولِ غَسْلِ عَلِيلِهِ رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ الْوُضُوءِ

(أَوْ) امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي (عُضْوَيْنِ فَتَيَمُّمَانِ) يَجِبَانِ وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِأَنَّ اسْتِيعَابَهُ يُبْلِيهِ اهـ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ) بِأَنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ مَشَقَّةٌ بِأَنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهِ الْمَحْذُورَ السَّابِقَ ح ل أَيْ وَكَانَ وَضَعَهُ عَلَى طُهْرٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَبَ نَزْعُهُ كَأَنْ وَضَعَ عَلَى حَدَثٍ أَوْ لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهِ مَحْذُورًا ع ش. (قَوْلُهُ بِمَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْحِ وَلَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، سَوَاءٌ كَانَ بَرِئَ أَمْ لَا كَانْخِلَاعِ الْخُفِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ) أَيْ حَيْثُ لَا سَاتِرَ أَيْ لِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بَدَلَ طُهْرِ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ فَلَا مَعْنَى لِلْمَسْحِ حِينَئِذٍ ع ن، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْغُسْلُ فَإِذَا تَعَذَّرَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمَسْحِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ عَلَى السَّاتِرِ لِشَبَهِهِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا تَرْتِيبَ) غَرَضُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ رَدَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ غُسْلِ الصَّحِيحِ كَوُجُوبِ تَقْدِيمِ مَاءٍ لَا يَكْفِيهِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ وَهُنَاكَ لِعَدَمِ الْمَاءِ؛ فَأَمَرَ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوَّلًا لِيَصِيرَ عَادِمًا لِلْمَاءِ وَيُحْمَلُ النَّصُّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّيَمُّمِ هُنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيُذْهِبَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ. اهـ
(قَوْلُهُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ التَّيَمُّمِ وَغُسْلِ الصَّحِيحِ وَمَسْحِ السَّاتِرِ وَالتَّرْتِيبِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْغُسْلَ عَلَى التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِنَحْوِ جُنُبٍ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ عَلَى غَيْرِ الْجُنُبِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ حَتَّى بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَمَسْحِ كُلِّ السَّاتِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْوَاجِبَ عَلَى غَيْرِ الْجُنُبِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ فَقَطْ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ وَالْمَسْحُ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَرْتِيبٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ مَجْمُوعِهَا وَيَكُونُ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْجُنُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَجْمُوعِ الثَّلَاثَةِ أَيْ بَعْضِهَا وَهُوَ الْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَصْلِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا أَيْ التَّيَمُّمِ وَغُسْلِ الصَّحِيحِ لِلْجُنُبِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ لِنَحْوِ جُنُبٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الْجُنُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْجُنُبِ الْمُحْدِثُ فَيَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ إلَخْ. حَيْثُ عَطَفَ بِالْوَاوِ الدَّالَّةِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ لِنَحْوِ جُنُبٍ) كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ غُسْلٌ مَسْنُونٌ ح ل.
(قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ وَجَدَهُ غَيْرَ كَافٍ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ، أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ الَّذِي مَعَهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ عَنْ الْبَاقِي وَقَوْلُهُ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاقِصِ أَيْ النَّاقِصِ مَاءُ وُضُوئِهِ عَنْ غُسْلِ أَعْضَائِهِ كُلِّهَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْجُنُبِ (قَوْلُهُ تَقْدِيمُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ وَقْتَ دُخُولٍ) تَنَازَعَ فِيهِ قَوْلُهُ فَتَيَمَّمَ وَيَمْسَحُ قِيلَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيَغْسِلُ الصَّحِيحَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَيَمْسَحُ لِيُنَبِّهَ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُرَادِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقْتَ دُخُولٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ غَسْلُ عَلِيلِهِ) كَالْيَدَيْنِ مَثَلًا فَيَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ الْوَجْهِ عَلَى التَّيَمُّمِ عَنْهُمَا، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ غَسْلِ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا وَالتَّيَمُّمِ عَنْهُمَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْوَجْهِ فَلَا تَرْتِيبَ فِيهِ أَصْلًا فَمَحَلُّ كَوْنِ الْمُحْدِثِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْيَدَيْنِ مَثَلًا شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ فَتَيَمُّمَانِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَعُمَّ الْجِرَاحَةُ الْعُضْوَيْنِ وَإِلَّا كَفَى تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعَدُّدَ التَّيَمُّمِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْغَسْلِ بِتَعَدُّدِ الْعُضْوِ فَإِنْ سَقَطَ الْغَسْلُ عَنْ الْعُضْوَيْنِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ؛ فَيَكْفِي تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ تَيَمَّمَ عَنْ الْوَجْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ يَدَيْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى مَسْحِ الرَّأْسِ ح ل، فَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ ذَلِكَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ. وَمِثْلُهُ لَوْ عَمَّتْ الرَّأْسُ وَالرِّجْلَيْنِ م ر لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا عِنْدَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ

(1/117)


وَيُنْدَبُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوٍ أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْضَاءٍ فَثَلَاثُ تَيَمُّمَاتٍ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَأَرْبَعَةٌ إنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الرَّأْسَ، وَإِنْ عَمَّتْ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ

. (وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ وَلَمْ يُحْدِثْ لَمْ يُعِدْ غَسْلًا وَلَا مَسْحًا) بِالْمَاءِ لِبَقَاءِ طُهْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَفَّلُ بِهِ وَإِنَّمَا أَعَادَ التَّيَمُّمَ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ، فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ غَسْلَ صَحِيحِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ عَلِيلِهَا وَقْتَ غَسْلِهِ وَمَسَحَ السَّاتِرَ إنْ كَانَ بِالْمَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ تَيَمَّمَ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرِ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ، وَتَعْبِيرِي بِآخَرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: ثَانٍ، وَقَوْلِي: وَمَسْحًا مِنْ زِيَادَتِي

(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا (يَتَيَمَّمُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ لَهُ غُبَارٌ) حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ قَالَ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] أَيْ: تُرَابًا طَاهِرًا كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَهُ، فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَأَرْبَعَةٌ) وَلَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ نِيَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ إنْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الرَّأْسَ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا سَاتِرٌ فَإِنْ كَانَ وَأَخَذَ قَدْرَ الِاسْتِمْسَاكِ مِنْ الرَّأْسِ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ كَفَاهُ مَسْحُ السَّاتِرِ بِالْمَاءِ وَلَا يَتَيَمَّمُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا تَيَمَّمَ فَقَطْ سم بِالْمَعْنَى وَمِثْلُهُ ز ي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَسْحُ كُلِّ السَّاتِرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَمَّتْ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَوْ كَانَ سَاتِرٌ وَأَمْكَنَ نَزْعُهُ لِلتَّيَمُّمِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يَقْضِي، لَكِنْ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ آخَرَ إلَخْ) بِأَنْ صَلَّى بِالْأَوَّلِ وَدَخَلَ وَقْتُ فَرْضٍ آخَرَ وَهُوَ بِتَيَمُّمِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ فَقَطْ وَيُعِيدُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَبَقَ مِنْهُ تَيَمُّمَاتٌ كَمَا فِي م ر خِلَافًا لحج ح ف (قَوْلُهُ لَمْ يُعَدَّ غَسْلًا وَلَا مَسْحًا) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَنْزِعْ السَّاتِرَ أَمَّا إذَا نَزَعَهُ وَوَضَعَ بَدَلَهُ مَثَلًا فَيَجِبُ إعَادَتُهُمَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَعَادَ إلَخْ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ جَمِيعَ مَا مَرَّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ إلَخْ) أَيْ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عُضْوَيْنِ إلَخْ، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إلَخْ ح ل بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ تَيَمَّمَ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرِ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ هَذَا التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ حَدَثًا أَكْبَرَ وَلَا أَصْغَرَ، فَإِنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ تَوَضَّأَ فَقَوْلُهُ تَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ أَيْ إنْ أَحْدَثَ ح ف وَعِبَارَةُ ح ل وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ فَقَطْ لِكُلِّ فَرْضٍ إنْ لَمْ يُحْدِثْ فَإِنْ أَحْدَثَ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالتَّيَمُّمَ اهـ وَفِي الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ وَتَوَضَّأَ لِلْأَصْغَرِ فَلَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْوُضُوءِ فَقَطْ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ عَنْ الْجَنَابَةِ لَمْ يَبْطُلْ بِالْحَدَثِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضَةِ اهـ وَمِثْلُهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف كَلَامُ ح ل وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا) أَيْ فِي الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا التَّيَمُّمُ، وَهِيَ أَرْكَانُهُ وَسُنَنُهُ، وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهَا أَيْ وَفِي غَيْرِهَا كَالْقَضَاءِ وَحُكْمِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِالْأَرْكَانِ وَعَطَفَ الْكَيْفِيَّةَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ شَامِلَةٌ لِلْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا. (قَوْلُهُ يَتَيَمَّمُ) أَيْ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَيَصِحُّ ع ش. (قَوْلُهُ طَهُورٍ) وَلَوْ مَغْصُوبًا لَكِنْ يَحْرُمُ كَتُرَابِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي وَقْفِهِ لَا مَا حَمَلَهُ نَحْوُ رِيحٍ وَلَوْ شَكَّ فِيمَا وَجَدَهُ فِيهِ فَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِهِمْ الْحِلُّ، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ: يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ تُرَابُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ مَا يُدَاوَى بِهِ) كَالطِّينِ الْإِرْمَنِيِّ ح ل، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا نِسْبَةً إلَى إرْمِينِيَةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ ب م. (قَوْلُهُ أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا) قَالَ الشَّافِعِيُّ: تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ، وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ وَيُؤَيِّدُ أَنَّ تَفْسِيرَ الصَّعِيدِ بِالتُّرَابِ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] لِأَنَّ مِنْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلتَّبْعِيضِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلِابْتِدَاءِ ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ لَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ وَمِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ إلَّا مَعْنَى التَّبْعِيضِ، وَالْإِذْعَانُ لِلْحَقِّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ ح ل فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَالِكٍ وَغَيْرِهِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِكُلِّ مَا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ كَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالزِّرْنِيخِ، وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا لَا غُبَارَ فِيهِ كَالْحَجَرِ الصُّلْبِ وَجَعَلُوا مِنْ فِي الْآيَةِ

(1/118)


وَالْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ كَمَا عَبَّرْت بِهِ (وَلَوْ بِرَمْلٍ لَا يَلْصَقُ) بِالْعُضْوِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ، وَالتُّرَابُ جِنْسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ لُصُوقِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَدَخَلَ فِي التُّرَابِ الْمَذْكُورِ الْمَحْرُوقُ مِنْهُ وَلَوْ أَسْوَدَ مَا لَمْ يَصِرْ رَمَادًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِهِ التُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ وَالْمُسْتَعْمَلُ وَسَيَأْتِي، وَغَيْرُهَا كَنَوْرَةٍ وَزِرْنِيخٍ وَسَحَاقَةِ خَزَفٍ وَمُخْتَلَطٍ بِدَقِيقٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعْلَقُ بِالْعُضْوِ وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى التُّرَابِ وَلِأَنَّ الْخَلِيطَ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ

(لَا بِمُسْتَعْمَلٍ) كَالْمَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ابْتِدَائِيَّةً، وَفَسَّرُوا الصَّعِيدَ بِمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا بِالتُّرَابِ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ إلَخْ) أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ الْمُسْتَعْمَلِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ ع ش. قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيِّ: إنَّمَا جُعِلَ التُّرَابُ طَهُورًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا أَحَسَّتْ بِمَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْبَسَطَتْ وَتَمَدَّدَتْ وَتَطَاوَلَتْ وَأَزْهَرَتْ وَأَيْنَعَتْ وَافْتَخَرَتْ عَلَى السَّمَاءِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ خُلِقَ مِنِّي وَعَلَى ظَهْرِي تَأْتِيهِ كَرَامَةُ اللَّهِ وَعَلَى بِقَاعِي يَسْجُدُ بِجَبْهَتِهِ وَفِي بَطْنِي مَدْفِنُهُ، فَلَمَّا جَرَّتْ رِدَاءَ فَخْرِهَا بِذَلِكَ جُعِلَ تُرَابُهَا طَهُورًا لِأُمَّتِهِ فَالتَّيَمُّمُ هَدِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً لِتَدُومَ لَهُمْ الطَّهَارَةُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ اهـ إطْفِيحِيٌّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِرَمْلٍ) أَيْ وَلَوْ بِغُبَارِ رَمْلٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّمْلَ إذَا لَمْ يَلْصَقْ يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَلَوْ بِرَمْلٍ وَهُوَ غَايَةٌ فِي التُّرَابِ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْآتِي أَيْ وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ الَّذِي لَهُ غُبَارٌ رَمْلًا فَلَوْ قَالَ وَلَوْ رَمْلًا لَكَانَ أَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَلْصَقُ) بِفَتْحِ الصَّادِ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَيُقَالُ بِالصَّادِ وَالزَّاي وَالسِّينِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (فَرْعٌ)
لَوْ دُقَّ الْحَجَرُ حَتَّى صَارَ لَهُ غُبَارٌ لَمْ يَكْفِ التَّيَمُّمُ بِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّمْلِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ بِخِلَافِ الرَّمْلِ ع ش (قَوْلُهُ الْمَحْرُوقُ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَصِرْ رَمَادًا أَيْ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ قُوَّةِ الْإِنْبَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ ع ش وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا الطَّفْلُ وَالسَّبَخُ الَّذِي لَمْ يَعْلُهُ مِلْحٌ وَمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرَضَةُ مِنْ مَدَرٍ وَلَا أَثَرَ لِامْتِزَاجِهِ بِلُعَابِهَا كَطِينٍ عُجِنَ بِنَحْوِ خَلٍّ حَتَّى تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ وَجَفَّ وَكَانَ لَهُ غُبَارٌ ح ل.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالتُّرَابِ أَيْ بِقَيْدِهِ وَهُوَ طَهُورٌ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِهِ الْمُتَنَجَّسُ وَالْمُسْتَعْمَلُ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا بِطَهُورٍ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا لَا غُبَارَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ الْمَتْنُ لِأَجْلِ تَعْرِيفِهِ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِأَجْلِ مَفْهُومِ الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ التُّرَابُ إلَخْ أَيْ خَرَجَ بِالْمَجْمُوعِ لَكِنْ لَمْ يُرَاعِ التَّرْتِيبَ فِي الْإِخْرَاجِ، إذْ لَوْ رَاعَاهُ لَقَدَّمَ قَوْلَهُ كَنُورَةٍ عَلَى الْمُتَنَجَّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِهِ أَنَّ مَفْهُومَ التُّرَابِ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ خِلَافٌ؛ فَلِذَا أَخَّرَهُ أَوْ لِكَثْرَةِ الْمُخْرَجِ بِهِ وَقِلَّةِ الْمُخْرَجِ بِغَيْرِهِ اهـ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ: وَكَوْنُ مَفْهُومِ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ وَهُنَا قَرِينَتَانِ: الْعُدُولُ عَنْ الْأَرْضِ إلَى التُّرَابِ فِي الطَّهُورِيَّةِ بَعْدَ ذِكْرِهَا فِي الْمَسْجِدِيَّةِ حَيْثُ قَالَ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» ، وَلَمْ يَقُلْ جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَكَوْنُ السِّيَاقِ لِلِامْتِنَانِ الْمُقْتَضِي تَكْثِيرَ مَا يُمْتَنُّ بِهِ فَلَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى التُّرَابِ دَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ م ر.
(قَوْلُهُ الْمُتَنَجَّسُ) كَتُرَابِ مَقْبَرَةٍ عَلِمَ نَبْشَهَا ز ي. (قَوْلُهُ وَغَيْرَهَا) هَذِهِ خَرَجَتْ بِالتُّرَابِ ع ش (قَوْلُهُ كَنُورَةِ) هِيَ الْجِيرُ قَبْلَ طَفْيِهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَزِرْنِيخٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ (قَوْلُهُ: وَسِحَاقَةُ خَزَفٍ) هُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ طِينٍ وَشُوِيَ فَصَارَ فَخَّارًا ح ل. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَزَعْفَرَانٍ وَقَوْلُهُ مِمَّا يَعْلَقُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِي الْمُضَارِعِ وَبَابُهُ طَرِبَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ النُّورَةَ وَتَالِيَيْهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى التُّرَابِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا مِنْهُ فَهِيَ خَارِجَةٌ بِالتُّرَابِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُحْتَرَزَاتِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْخَلِيطَ إلَخْ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي مَنْعِ التَّيَمُّمِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي مَعْنَى التُّرَابِ وَإِلَّا فَيَتَوَقَّفُ فِي إخْرَاجِ هَذَا الْمُخْتَلَطِ بِالتُّرَابِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ صَنِيعِهِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَيْدٍ مَلْحُوظٍ فِي الْمَتْنِ وَالتَّقْدِيرُ بِتُرَابٍ خَالِصٍ وَإِنَّمَا اُخْتُصَّ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا فَقَدْ خَصَّ بَعْدَ أَنْ عَمَّمَ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا احْتِجَاجٌ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ قُلْنَا نَعَمْ هُوَ حُجَّةٌ حَيْثُ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ هُنَا الِامْتِنَانُ الْمُقْتَضِي لِتَكْثِيرِ مَا يُمْتَنُّ بِهِ ح ل

(قَوْلُهُ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا طَهُورٌ وَذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِلتَّعْرِيفِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي حَدَثٍ وَكَذَا فِي خَبَثٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَخَرَجَ بِهِ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ أَوْ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَفْلِ

(1/119)


(وَهُوَ مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ) حَالَةَ التَّيَمُّمِ كَالْمُتَقَاطَرِ مِنْ الْمَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي ذَلِكَ صِحَّةُ تَيَمُّمِ الْوَاحِدِ أَوْ الْكَثِيرِ مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ فِي أَثْنَاءِ مَسْحِ الْعُضْوِ ثُمَّ وَضَعَهَا صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْهُ مَا تَنَاثَرَ مِنْ غَيْرِ مَسِّ الْعُضْوِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ

(وَأَرْكَانُهُ) أَيْ: التَّيَمُّمِ خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا (نَقْلُ تُرَابٍ، وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ وَيَدٍ) بِأَنْ يَنْقُلَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ أَوْ إلَى الْآخَرِ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ نُقِلَ مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ أَوْ عَكْسِ كَفَى وَكَنَقْلِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا نَقْلُهُ مِنْ الْهَوَاءِ وَنَقْلُهُ يَتَضَمَّنُ قَصْدَهُ لِوُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِالْقَصْدِ لِلْآيَةِ فَإِنَّهَا آمِرَةٌ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْقَصْدُ، وَالنَّقْلُ طَرِيقُهُ (فَلَوْ سَفَّتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ) أَيْ: الْوَجْهِ أَوْ الْيَدِ (فَرَدَّدَهُ) عَلَيْهِ (وَنَوَى لَمْ يَكْفِ) ، وَإِنْ قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ، وَإِنَّمَا التُّرَابُ أَتَاهُ لَمَّا قَصَدَ الرِّيحَ، وَقِيلَ: يَكْفِي فِي صُورَةِ الْقَصْدِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ (وَلَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ) وَنِيَّتِهِ (صَحَّ) ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ إقَامَةً لِفِعْلِ مَأْذُونِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ

(وَ) ثَانِيهَا (نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقَرٍ إلَيْهِ) أَيْ: التَّيَمُّمِ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الطَّهَارَةِ ع ش، وَعِبَارَةُ شَوْبَرِيٍّ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ أَيْ فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ وَإِنْ غَسَلَ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ أَيْ فِي الْمُغَلَّظَةِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ الَّذِي غَسَلَ بِهِ الْمُغَلَّظَ مَرَّةً ثَانِيَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَعْرِيفُ الْمُسْتَعْمَلِ الْمَذْكُورُ غَيْرَ شَامِلٍ لَهُ لِأَنَّ مُرَادَهُ تَعْرِيفُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ بَلْ قَضِيَّةُ الْحَصْرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ بِعُضْوِهِ) أَيْ الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا ع ش. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ حَصْرِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَقَامَ الْبَيَانِ يُفِيدُهُ وَحِينَئِذٍ سَقَطَ مَا قِيلَ الْحَصْرُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِهِ مَوْصُولَةٌ، فَإِنْ جُعِلَتْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً فَلَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ صِحَّةُ تَيَمُّمِ الْوَاحِدِ أَوْ الْكَثِيرِ مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ) إلَّا أَنْ يَخْتَلِطَ بِهِ مَا تَنَاثَرَ مِنْ الْعُضْوِ بَعْدَ مَسِّهِ ح ل، وَلَا يُقَدَّرُ بِمُخَالِفٍ كَمَا فِي الْمَاءِ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ إلَخْ) لَمْ يَجْعَلْهُ مُسْتَفَادًا مِمَّا ذَكَرَ بَلْ تَقْيِيدًا لِقَوْلِهِ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُتَنَاثِرُ انْفَصَلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا، وَقَوْلُهُ صَحَّ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ جَمِيعًا وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ إلَخْ لِأَنَّ الْمُتَنَاثِرَ مِنْهُ ظَاهِرٌ فِي الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بَعْدَ مَسِّهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ صَادِقٌ بِمَا تَنَاثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ ح ل

(قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ) بِإِسْقَاطِ التُّرَابِ إذْ لَوْ حَسُنَ عَدُّهُ رُكْنًا لَحَسُنَ عَدُّ الْمَاءِ رُكْنًا فِي الْوُضُوءِ وَالْقَصْدِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ، فَالنَّقْلُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْقَصْدِ وَلَا عَكْسَ إذْ هُوَ مَسْأَلَةُ الرِّيحِ الْآتِيَةِ قَاصِدٌ غَيْرُ نَاقِلٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التُّرَابَ رُكْنٌ فِي التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ لَيْسَ مُطَهِّرًا بَلْ الْمُطَهِّرُ إنَّمَا هُوَ الْمَاءُ، وَالتُّرَابُ شَرْطٌ ز ي. (قَوْلُهُ وَنَقْلُهُ يَتَضَمَّنُ) الْمُرَادُ بِالتَّضَمُّنِ هُنَا الِاسْتِلْزَامُ لَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَنْطِقِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَنَقَلَهُ إلَخْ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعُدَّ الْقَصْدَ مِنْ الْأَرْكَانِ كَمَا عَدَّهُ الْأَصْحَابُ مِنْهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ النَّقْلَ مَتَى كَانَ مُقْتَرِنًا بِالنِّيَّةِ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلْقَصْدِ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقَصْدِ مَعَ ذِكْرِ النَّقْلِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِالْقَصْدِ مَعَ النَّقْلِ الْآيَةَ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ، وَالنَّقْلُ طَرِيقٌ لَهُ وَانْظُرْ لِمَ خَالَفَهُمْ الْمُصَنِّفُ قَالَ ز ي الْمُخَاطَبَاتُ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ الْمُطَابِقِيَّةِ اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَصْدُ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ اسْمَ الْغُسْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ يُطْلَقُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقَصْدِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ. وَالنَّقْلِ هُوَ التَّحْوِيلُ. وَالْقَصْدُ هُوَ قَصْدُ الْمَسْحِ بِهِ.
وَالنِّيَّةُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِبَاحَةَ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي غَيْرَهَا كَمَا يَأْتِي فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ طَرِيقُهُ) أَيْ مُحَقَّقٌ لَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ) عَدَلَ عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَهِيَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يُقَالَ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ ع ش. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التُّرَابَ) أَيْ بِنَقْلٍ أَيْ لَمْ يَنْقُلْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا التُّرَابُ أَتَاهُ وَإِنَّمَا آثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ عَنْ النَّقْلِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ طَرِيقُهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل فَلَوْ تَلَقَّاهُ بِوَجْهِهِ أَوْ يَدَيْهِ كَانَ نَاقِلًا بِالْعُضْوِ وَهُوَ كَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ) أَيْ الْآذِنِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ عِنْدَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُتَيَمِّمُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ) لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ ح ل.
(قَوْلُهُ إقَامَةً لِفِعْلِ مَأْذُونِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ) أَخَذَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلطَّهَارَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَيَكْفِي كَوْنُهُ كَافِرًا أَوْ حَائِضًا حَيْثُ لَا نَقْضَ وَغَيْرَ مُمَيِّزٍ كَقِرْدٍ، وَلَا يُقَالُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يَتَأَتَّى الْإِذْنُ لَهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَشْمَلُ الْإِشَارَةَ ح ل

(قَوْلُهُ وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةٍ مُفْتَقَرٌ إلَيْهِ) بِأَنْ يَنْوِيَ هَذَا الْأَمْرَ الْعَامَّ أَوْ يَنْوِيَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ كَمَا مَرَّ وَإِذَا نَوَى الْأَمْرَ الْعَامَّ اسْتَبَاحَ أَدْنَى الْمَرَاتِبِ

(1/120)


وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ وَلَا نِيَّةُ فَرْضِ تَيَمُّمٍ، وَفَارَقَ الْوُضُوءُ بِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا، وَلِهَذَا لَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ (مَقْرُونَةً) أَيْ: النِّيَّةُ (بِنَقْلٍ) أَوَّلَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ.
(وَمُسْتَدَامَةٌ إلَى مَسْحٍ) لِشَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ فَلَوْ عَزَبَتْ أَوْ أَحْدَثَ قَبْلَهُ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ (فَإِنْ نَوَى) بِالتَّيَمُّمِ (فَرْضًا أَوْ) نَوَاهُ وَ (نَفْلًا) أَيْ: اسْتِبَاحَتَهُمَا (فَلَهُ) مَعَ الْفَرْضِ (نَفْلٌ وَصَلَاةُ جَنَائِزَ) وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ، وَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا عَلَيْهِ فَلَهُ فِعْلُ غَيْرِهِ (أَوْ) نَوَى (نَفْلًا أَوْ الصَّلَاةَ فَلَهُ غَيْرُ فَرْضِ عَيْنٍ) مِنْ النَّوَافِلِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَغَيْرِهِمَا كَمَسِّ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ ذَلِكَ إمَّا مِثْلُ مَا نَوَاهُ فِي جَوَازِ تَرْكِهِ لَهُ أَوْ دُونَهُ أَمَّا الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ فَلَا يَسْتَبِيحُهُ فِيهِمَا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ لِلنَّفْلِ فَلَا يُجْعَلُ تَابِعًا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةُ فَلِلْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ النَّوَافِلِ فِيهِمَا مِنْ زِيَادَتِي، وَمِثْلُهُمَا مَا لَوْ نَوَى فَرْضَ الْكِفَايَةِ كَأَنْ نَوَى بِالتَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ مَا عَدَا الصَّلَاةِ وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالطَّوَافِ الْوَاجِبِ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ يُنَزَّلُ عَلَى أَدْنَى الْمَرَاتِبِ. (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ) أَيْ بِالِاسْتِبَاحَةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَكْفِي نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لِلْمُتَيَمِّمِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الِاسْتِبَاحَةِ لَا رَفْعُ الْحَدَثِ أَيْ حُكْمُهُ الْعَامُّ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ح ل، فَإِنْ نَوَى رَفْعًا خَاصًّا كَفَى شَوْبَرِيٌّ، (قَوْلُهُ وَلَا نِيَّةُ فَرْضِ تَيَمُّمٍ) لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ أَصَالَةً مَعَ أَنَّهُ بَدَلٌ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُضِفْهُ لِنَحْوِ صَلَاةٍ كَمَا فِي ح ل. (قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا) لِأَنَّ تَرْكَهُ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ وَعُدُولَهُ إلَى نِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَوْ نِيَّةِ فَرْضِيَّتِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالضَّرُورَةِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرْضِيَّةَ الْإِبْدَالِ لَا الْأُصُولِ صَحَّ لِأَنَّهُ نَوَى الْوَاقِعَ ح ل أَيْ بِأَنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ قَاصِدًا أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءَ لَا أَنَّهُ فَرْضٌ أَصَالَةً ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ مَقْصُودًا) أَيْ أَصَالَةً. (قَوْلُهُ لَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) بَلْ يُكْرَهُ م ر. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ بِنَقْلِ أَوَّلٍ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ النَّقْلِ ثُمَّ نَوَى قَبْلُ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ كَفَى وَكَأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ يَدِهِ إلَى وَجْهِهِ وَهُوَ كَافٍ ع ش. (قَوْلُهُ وَمُسْتَدَامَةٌ إلَى مَسْحٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فَالْمَدَارُ عَلَى اقْتِرَانِهَا بِالنَّقْلِ وَالْمَسْحِ وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا ع ش، وَعِبَارَةُ ز ي الْمُعْتَمَدُ أَنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِالنَّقْلِ وَالْمَسْحِ مَعًا كَافٍ وَأَمَّا اسْتِدَامَتُهَا فَلَيْسَتْ شَرْطًا، وَكَلَامُهُمْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ هَذَا زَمَنٌ يَسِيرٌ قَلَّ أَنْ تَعْزُبَ فِيهِ النِّيَّةُ اهـ.
(قَوْلُهُ قَبْلَهُ) رَاجِعٌ لِلْفِعْلَيْنِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ) أَيْ الْمَسْحُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ عِنْدَهُ فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ صِحَّةِ النَّقْلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لَمْ يَكْفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَدَثِ قَبْلَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْعُزُوبِ وَلَوْ مَعَ الْمُمَاسَّةِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى نَقْلٍ جَدِيدٍ ع ش. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا يَسْتَبِيحُهُ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ ثُمَّ إذَا صَحَّ التَّيَمُّمُ فَمَا يَسْتَبِيحُهُ بِهِ ع ش. (قَوْلُهُ فَرْضًا) وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ نَظِيرِهِ. (قَوْلُهُ وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ أَمْ لِلْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ وَالْقَائِلُ بِالصَّحِيحِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الضَّعِيفِ ز ي، فَعُلِمَ أَنَّ الْخَطِيبَ يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمَيْنِ نَعَمْ إنْ تَيَمَّمَ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَخْطُبْ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَتَيْنِ فَأَشْبَهَتْ الْفُرُوضَ الْعَيْنِيَّةَ ع ش، وَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهَا وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُعَادَةَ بِتَيَمُّمِ الْأُولَى لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ أَصْلٌ لِلنَّفْلِ) أَيْ أَصْلٌ لَهُ فِي التَّكْلِيفِ أَيْ لَوْلَا أَنَّهُ كُلِّفَ بِالْفَرْضِ لَمْ يُكَلَّفْ بِالنَّفْلِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُكَلَّفْ الصَّبِيُّ بِالنَّفْلِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ بِالْفَرْضِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ شَوْبَرِيٌّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْمُرَادُ أَنَّ الْخِطَابَ وَاقِعٌ أَوَّلًا بِالْفَرْضِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَأَمَّا السُّنَنُ فَسَنَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ، وَالْكَلَامُ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الْفَرْضِ لَا لِفَاعِلِهِ فَلَا يُرَدُّ الصَّبِيُّ بِرْمَاوِيٌّ ح ف. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا إلَخْ) وَالْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَوَى فَرْضًا عَيْنِيًّا جَازَ لَهُ فِعْلُهُ وَمَا عَدَاهُ مِنْ النَّوَافِلِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ إلَّا خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْقَوْلَ الضَّعِيفَ، يَقُولُ: إنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ، وَالصَّحِيحُ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الضَّعِيفِ. وَإِذَا نَوَى النَّفْلِيَّةَ أَوْ الصَّلَاةَ أُبِيحَ لَهُ مَا عَدَا الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ وَمَا عَدَا خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَإِذَا نَوَى غَيْرَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ كَأَنْ نَوَى مَسَّ الْمُصْحَفِ فَلَهُ فِعْلُ مَا عَدَا الصَّلَاةِ فَرْضًا وَنَفْلًا وَمَا عَدَا خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ. اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ تُبِيحُ الْجَمِيعَ وَنِيَّةَ النَّفْلِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ تُبِيحُ مَا عَدَا الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ، وَنِيَّةُ شَيْءٍ مِمَّا عَدَا الصَّلَاةِ لَا تُبِيحُهَا وَتُبِيحُ مَا عَدَا الصَّلَاةِ فَيَشْمَلُ تَمْكِينَ الْحَلِيلِ. اهـ. حَجّ وَقَوْلُهُ مَا عَدَا الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ بِالْأَصَالَةِ فَيَشْمَلُ الْمُعَادَةَ فَلَا تُسْتَبَاحُ بِهَذَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهَا أَرْقَى مِنْ النَّفْلِ.
اهـ (قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ إذَا لَمْ يَخْطُبْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ دُونَ صَلَاتِهَا لِكَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْطُبْ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ

(1/121)


الْجُمُعَةِ وَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ اسْتَبَاحَ أَحَدَهُمَا أَوْ نَوَى مَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ نَحْوِهِ اسْتَبَاحَهُ دُونَ النَّفْلِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

. (وَ) ثَالِثُهَا وَرَابِعُهَا وَخَامِسُهَا (مَسْحُ وَجْهِهِ) حَتَّى مُسْتَرْسِلِ لِحْيَتِهِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ أَنْفِهِ عَلَى شَفَتَيْهِ (ثُمَّ) مَسْحُ (يَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ) ، وَالتَّرْتِيبُ الْمُفَادُ بِثُمَّ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْوَجْهَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَلَوْ فِي تَيَمُّمٍ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ (لَا) مَسْحُ (مَنْبِتِ شَعْرِهِ) ، وَإِنْ خَفَّ فِي الْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ فَلَا يَجِبُ لِعُسْرِهِ

. (وَيَجِبُ نَقْلَتَانِ) لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِنَقْلِهِ بِخِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا؛ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرَيْ أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ، وَلَفْظُ الْحَاكِمِ: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» (لَا تَرْتِيبُهُمَا) فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِإِحْدَاهُمَا وَبِالْأُخْرَى الْأُخْرَى جَازَ وَفَارَقَ الْمَسْحَ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ، وَالْمَسْحُ أَصْلٌ وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِي بِالنَّقْلِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ، وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ، وَالْخَبَرُ فَيَكْفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ؛ فَأَشْبَهَتْ الْفُرُوضَ الْعَيْنِيَّةَ ع ش. وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ خُطْبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَمْ لَا ح ف، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ تَيَمُّمٌ لِكُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا جُلُوسٌ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ فَرْضًا تَجِبُ إعَادَتُهُ كَأَنْ رُبِطَ بِخَشَبَةِ ثُمَّ فُكَّ جَازَ لَهُ إعَادَتُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْأُولَى فَرْضًا لِأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْفَرْضُ الْحَقِيقِيُّ فَجَازَ الْجَمْعُ نَظَرًا لِهَذَا. اهـ (قَوْلُهُ فَرْضَيْنِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ. وَأَطْلَقَ أَوْ عَيَّنَهُمَا كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ ع ش. (قَوْلُهُ اسْتَبَاحَ أَحَدَهُمَا) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ ح ل قَالَ ع ش: وَيَسْتَبِيحُ غَيْرَهُمَا إذَا لَمْ يُصَلِّ وَاحِدًا مِنْهُمَا. اهـ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهُ) كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ مُكْثٍ بِمَسْجِدٍ أَوْ اسْتِبَاحَةِ وَطْءٍ حَجّ.

(قَوْلُهُ حَتَّى مُسْتَرْسِلٍ لِحْيَتَهُ) وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ وُصُولِ التُّرَابِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا قَصْدُ التُّرَابِ أَيْضًا لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ يَمْسَحُهُ فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ يَدَيْهِ وَعَكْسُهُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَدَيْهِ) هَلْ يَجِبُ إزَالَةُ مَا تَحْتَ الظُّفْرِ مِمَّا يَمْنَعُ الْوُصُولَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ أَمْ لَا؟ جَزَمَ شَيْخُنَا ز ي بِالْأَوَّلِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ إيصَالِ التُّرَابِ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ بِأَنَّ الْأَظْفَارَ مَطْلُوبَةُ الْإِزَالَةِ بِخِلَافِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ وَإِنْ نَدَرَ. لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ الْفَرْقِ وُجُوبُ إيصَالِهِ إلَى مَنَابِتِ لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِمَطْلُوبِيَّةِ الْإِزَالَةِ الْمَطْلُوبُ أَصَالَةً لِذَاتِهِ وَأَمَّا لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ فَلَا تُطْلَبُ إزَالَتُهَا إلَّا لِعَارِضِ تَشَوُّهٍ أَوْ تَزَيُّنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ) أَيْ وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ بِنَقْلَةٍ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ لَا تَقْتَضِي الْوُقُوعَ وَصَوَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَمْسَحَ بِالْخِرْقَةِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ مَعًا وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ نَقْلَةً وَاحِدَةً حَصَلَ بِهَا تَعْمِيمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَلْ الْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ نَقْلَتَانِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَقَوْلُهُ بَلْ الْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ نَقْلَتَانِ فِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ مَعًا وَأَيْضًا الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ تَرْتِيبِ الْمَسْحِ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهَا هَلْ مِنْ نَحْوِ الْخِرْقَةِ مَا لَوْ وَضَعَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ عَلَى التُّرَابِ مَعًا لِأَنَّهَا نَقْلَةٌ أَوْ يُقَالُ ذَلِكَ نَقْلَتَانِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِيمَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ تَصْوِيرًا لِلنَّقْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا ح ل، وَصَوَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا لَوْ ضَرَبَ بِالْخِرْقَةِ وَوَضَعَ عَلَى وَجْهِهِ طَرَفَهَا وَطَرَفُهَا الْآخَرُ عَلَى يَدَيْهِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ فَهَذِهِ نَقْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ فِي الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ وَصَحَّ التَّصْوِيرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ م ر وس ل شَيْخُنَا ح ف وَصَرَّحَ بِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ فَالْبَعْضُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ قَصَدَ بِهِ مَسْحَ الْيَدَيْنِ بَقِيَّةَ النَّقْلَةِ الْأُولَى لَا نَقْلَةً أُخْرَى فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْيَدِ بِالْيَدِ الثَّانِيَةِ نَقْلَةٌ ثَانِيَةٌ مَعَ قَصْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ نَقْلَةً أُخْرَى، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُهُ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِوُرُودِهِ) أَيْ التَّعَدُّدِ أَوْ وُرُودِ مَا ذَكَرَ مِنْ النَّقْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَا تَرْتِيبُهُمَا) فَلَا يَجِبُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَلَوْ ضَرَبَ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلنَّقْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا فَكُلُّ يَدٍ نَقْلَةٌ وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ التَّرْتِيبِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْوَضْعِ وَأَمَّا عِنْدَ الْمَسْحِ فَحَاصِلٌ بَيْنَ النَّقْلَتَيْنِ لِأَنَّ مَسْحَ الْوَجْهِ يُعَدُّ نَقْلَةً وَمَسْحُ الْيَدِ يُعَدُّ نَقْلَةً أُخْرَى فَقَدْ حَصَلَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ النَّقْلَتَيْنِ ح ل، وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْوَضْعِ أَيْ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى التُّرَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَا تَرْتِيبُهُمَا فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَفَارَقَ أَيْ النَّقْلُ الْمَسْحَ حَيْثُ يُجْزِئُ النَّقْلُ لِشَيْءٍ مِنْ الْيَدَيْنِ مَعَ النَّقْلِ لِلْوَجْهِ أَيْ عَكْسُهُ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَقَعَ الْمَسْحُ لِشَيْءٍ مِنْ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمَسْحِ لِلْوَجْهِ أَيْ وَعَكْسُهُ.
(قَوْلُهُ وَبِالْأُخْرَى الْأُخْرَى) أَيْ وَيَحْتَاجُ لِضَرْبَةٍ أُخْرَى لِيَمْسَحَ بِهَا الْيَسَارَ ع ش. (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ النَّقْلَ وَسِيلَةٌ وَالْمَسْحُ أَصْلٌ مَقْصُودٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ ح ل فَقَوْلُهُ الْمَسْحُ أَيْ حَيْثُ وَجَبَ فِيهِ التَّرْتِيبُ.
(قَوْلُهُ فَيَكْفِي

(1/122)


تَمَعُّكٌ وَوَضْعُ يَدٍ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، فَالتَّعْبِيرُ بِالضَّرْبَتَيْنِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ كَذَلِكَ إذْ لَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ ضَرْبَةِ الْوَجْهِ وَبِبَعْضِهَا مَعَ أُخْرَى الْيَدَيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُجْزِئُ

(وَسُنَّ تَسْمِيَةٌ) حَتَّى لِجُنُبٍ وَنَحْوِهِ أَوَّلَهُ وَتَوَجُّهٌ فِيهِ لِلْقِبْلَةِ وَسِوَاكٌ وَعَدَمُ تَكَرُّرِ مَسْحٍ وَإِتْيَانٌ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ (وَوِلَاءٌ) فِيهِ بِتَقْدِيرِ التُّرَابِ مَاءً (وَتَقْدِيمُ يَمِينِهِ) عَلَى يَسَارِهِ (وَأَعْلَى وَجْهِهِ) عَلَى أَسْفَلِهِ
كَالْوُضُوءِ فِي الْجَمِيعِ إلَّا عَدَمَ التَّكَرُّرِ (وَيَخْتَلِفُ غُبَارٌ) مِنْ كَفَّيْهِ مَثَلًا إنْ كَثُرَ، بِأَنْ يَنْفُضَهُمَا أَوْ يَنْفُخَهُ عَنْهُمَا لِئَلَّا يَتَشَوَّهَ الْعُضْوُ بِالْمَسْحِ (وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ أَوَّلَ كُلٍّ) مِنْ النَّقْلَتَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الْغُبَارِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِمَا (وَنَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الْأُولَى) لِيَكُونَ مَسْحُ الْوَجْهِ بِجَمِيعِ الْيَدِ، وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ هَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَيَجِبُ) نَزْعُهُ (فِي الثَّانِيَةِ) لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحِلِّهِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ النَّقْلِ

(وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ فَجَوَّزَهُ لَا فِي صَلَاةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَمَعُّكٌ) وَلَوْ فِي الْهَوَاءِ ع ش قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: تَمَعَّكَتْ الدَّابَّةُ أَيْ تَمَرَّغَتْ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ مَسَحَ بِبَعْضِ ضَرْبَةٍ) أَيْ بِخِرْقَةٍ فَمَسَحَ بِبَعْضِهَا الْوَجْهَ وَبِبَعْضِهَا الثَّانِيَ إحْدَى الْيَدَيْنِ فَهَذِهِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَدْ اكْتَفَى لِلْوَجْهِ بِبَعْضِ ضَرْبَةٍ وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبَةٍ أُخْرَى لِيَدِهِ الثَّانِيَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الْحَاصِلَ حِينَئِذٍ نَقْلَتَانِ فَلَوْ مَسَحَ بِثُلُثِ الْخِرْقَةِ الْوَجْهَ وَبِثُلُثِهَا إحْدَى الْيَدَيْنِ وَبِالثُّلُثِ الثَّالِثِ الْيَدَ الْأُخْرَى، فَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ ثَلَاثُ نَقَلَاتٍ ح ل قَالَ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ إذْ لَوْ مَسَحَ إلَخْ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا إلَخْ فَذَكَرَهَا أَوْ لَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ، وَذِكْرُهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ ضَرْبَةٍ لِلْوَجْهِ وَخُصُوصُ ضَرْبَةٍ لِلْيَدَيْنِ اهـ

(قَوْلُهُ حَتَّى لِجُنُبٍ) نُقِلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْجُنُبَ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى أَقَلِّ التَّسْمِيَةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْأَكْمَلِ قَاصِدًا الذِّكْرَ أَوْ يُطْلِقُ م ر ع ش. (قَوْلُهُ وَسِوَاكٌ) وَمَحَلُّهُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنَّقْلِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ حَجّ ع ش، وَهُوَ يُقَيِّدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَتُهَا لِلنَّقْلِ خِلَافَ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَكَرُّرِ مَسْحٍ) فَلَوْ كَرَّرَهُ كَانَ مَكْرُوهًا ع ش. (قَوْلُهُ وَإِتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالذِّكْرُ آخِرَهُ، السَّابِقُ فِي الْوُضُوءِ وَذِكْرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ وَأَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ الْعُضْوِ حَتَّى يُتِمَّ مَسْحَهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى يَسَارِهِ) أَيْ وَيَأْتِي بِهِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِحَيْثُ لَا يُخْرِجُ أَنَامِلَ الْيُمْنَى عَنْ مُسَبِّحَةِ الْيُسْرَى وَلَا مُسَبِّحَةَ الْيُمْنَى عَنْ أَنَامِلِ الْيُسْرَى وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ وَيُمِرُّهَا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ فَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهَا، فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ بَطْنَ إبْهَامِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ يَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى نَدْبًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا حَصَلَ بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ مَسْحِ وَجْهِهِ، وَجَازَ مَسْحُ ذِرَاعَيْهِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ مَعَ الْحَاجَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ) وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْخَاتَمُ هُنَا وَاسِعًا وَفِي الْوُضُوءِ ضَيِّقًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ ع ش. (قَوْلُهُ لَا عِنْدَ النَّقْلِ) أَيْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ تَيَمَّمَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي أَحْكَامِ التَّيَمُّمِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبْطِلُهُ، الثَّانِي فِيمَا يَسْتَبِيحُهُ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُؤَدِّي بِهِ إلَخْ، وَالثَّالِثُ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَعَدَمِهِ وَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَعَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ وَيُعِيدَ ح ل، وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيَقْضِي مُتَيَمِّمٌ لِبَرْدٍ إلَخْ لِأَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ لَيْسَ مُتَيَمِّمًا حَتَّى يَدْخُلَ وُجُوبُ إعَادَتِهِ فِي أَحْكَامِ التَّيَمُّمِ. وَالْمَيِّتُ إذَا يُمِّمَ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَطَلَ التَّيَمُّمُ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ إنْ كَانَتْ لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ. وَكَذَا إذَا وُجِدَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الدَّفْنِ فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الدَّفْنِ لَمْ يُنْبَشْ كَمَا نَقَلَهُ ق ل عَنْ السَّنْبَاطِيِّ. (قَوْلُهُ لِفَقْدِ مَاءٍ) أَيْ حِسِّيًّا كَانَ الْفَقْدُ أَوْ شَرْعِيًّا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ وَقَوْلُهُ فَجَوَّزَهُ أَيْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالشِّفَاءِ فَافْهَمْ شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُ الشَّوْبَرِيِّ كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ، هَذَا لَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ فَجَوَّزَهُ لِأَنَّ تَوَهُّمَ الشِّفَاءِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ م ر وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ الْأَصْلِ فَوَجَدَهُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ الْفَقْدِ هُنَا عَلَى الْحِسِّيِّ.
(قَوْلُهُ فَجَوَّزَهُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ، وَشَمِلَ التَّجْوِيزُ التَّوَهُّمَ وَالشَّكَّ، وَدَخَلَ الْوُجُودُ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ التَّجْوِيزِ إلَّا أَنَّهُ أَوْلَوِيٌّ بِهَذَا الْحُكْمِ قَالَ م ر. وَمِثْلُ تَجْوِيزِهِ وُجُودُ ثَمَنِهِ مَعَ إمْكَانِ شِرَائِهِ أَوْ اقْتِرَاضِ ثَمَنِهِ أَوْ أَتَاهُ مَالُهُ الْغَائِبُ، وَمَحَلُّ

(1/123)


وَلَوْ فِي تَحَرُّمِهِ (بَطَلَ) تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْمَقْصُودِ فَصَارَ كَمَا لَوْ جَوَّزَهُ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ (بِلَا مَانِعٍ) مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ يُقَارِنُ تَجْوِيزَهُ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْهُ كَعَطَشٍ وَسَبُعٍ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ.
وَقَوْلِي: فَجَوَّزَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: فَوَجَدَهُ لِأَنَّ وُجُودَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ (أَوْ وَجَدَهُ فِيهَا) أَيْ: فِي صَلَاةٍ وَلَا مَانِعَ (وَلَمْ تَسْقُطْ بِهِ) أَيْ: بِالتَّيَمُّمِ كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ بِمَحِلٍّ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (بَطَلَتْ) فَلَا يُتِمُّهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إتْمَامِهَا لِوُجُوبِ إعَادَتِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ فِيهَا أَوْ وَجَدَهُ وَكَانَتْ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ بِمَحِلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَا) تَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بُطْلَانِهِ بِالتَّجْوِيزِ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ لَوْ سَعَى فِيهِ إلَى ذَلِكَ لَأَمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ كَامِلَةً. اهـ قَالَ ع ش: وَمَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِالتَّجْوِيزِ أَيْ التَّوَهُّمِ إذَا تَوَهَّمَهُ فِي حَدِّ الْغَوْثِ لِوُجُودِ الطَّلَبِ مِنْهُ بِالتَّوَهُّمِ، أَمَّا فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ إلَّا بِعِلْمِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ إلَّا عِنْدَ الْعِلْمِ، وَمِنْهُ أَيْ التَّوَهُّمُ مَا لَوْ تَوَهَّمَ زَوَالَ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ كَأَنْ تَوَهَّمَ زَوَالَ السَّبُعِ فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَوَهُّمِ زَوَالِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ كَتَوَهُّمِ الشِّفَاءِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فَجَوَّزَهُ إمَّا بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ عَلِمَ بِالْأُولَى فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى كُلٍّ: إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعٌ أَصْلًا، أَوْ يَكُونَ مَانِعٌ مُقَارِنٌ، أَوْ مُتَأَخِّرٌ. وَأَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ أَوْ الْفَقْدُ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ. وَثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا فَالْجُمْلَةُ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي تَحْرِيمِهِ) غَايَةٌ فِي النَّفْيِ أَيْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَيْ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ مُقَارِنًا لِذَلِكَ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِتَمَامِهَا وَقَدْ قَارَنَهُ الْمَانِعُ ح ل وع ش.
(قَوْلُهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) وَلَوْ زَالَ سَرِيعًا (قَوْلُهُ بِلَا مَانِعٍ) قَيْدٌ لِلْبُطْلَانِ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِجَوَّزَ أَيْضًا أَيْ جَوَّزَ بِلَا مَانِعٍ وَهُوَ أَوْلَى ع ش وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ يُقَارِنُ تَجْوِيزَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَجَدَهُ وَلَا مَانِعَ. (قَوْلُهُ كَعَطَشٍ) مِثَالٌ لِلْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ وَسَبُعٌ مِثَالٌ لِلْمَانِعِ الْحِسِّيِّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ) فَإِنْ تَوَهَّمَ زَوَالَهُ بَطَلَ ع ش. (قَوْلُهُ لِأَنَّ وُجُودَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) فَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنْ تَوَهُّمَ الْمَاءِ وَشَكَّهُ فِيهِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ فِي صَلَاةٍ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِيهَا الْوِجْدَانُ لَا التَّجْوِيزُ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِنْهَاجَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْوُجُودِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِ الصَّلَاةِ تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا. أَمَّا التَّجْوِيزُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ مُطْلَقًا اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَهُ فِيهَا) ذِكْرُهُ وُجُودَ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ لِكَوْنِ غَيْرِهَا يُخَالِفُهَا بَلْ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لِأَنَّ الطَّائِفَ وَالْحَائِضَ عِنْدَ التَّمْكِينِ كَذَلِكَ ع ش وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ نَاصِرُ الدِّينِ الْبَابِلِيُّ: التَّقْيِيدُ بِالصَّلَاةِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا تَيَمَّمَتْ لِتَمْكِينِ حَلِيلِهَا ثُمَّ وَجَدَتْ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهَا مُطْلَقًا وَيَجِبُ النَّزْعُ إذَا عَلِمَ بِرُؤْيَتِهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ الطَّوَافُ وَالْقِرَاءَةُ وَلَوْ لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا ارْتِبَاطٌ بِبَعْضِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا انْتَهَى.
(قَوْلُهُ كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ إلَخْ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ) أَيْ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ) الْمُنَاسِبُ بَطَلَ أَيْ التَّيَمُّمُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِهِ بُطْلَانُهَا وَلَا عَكْسَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَعْنَى بَطَلَتْ بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُتِمُّهَا) لَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِأَنَّهُ عُلِمَ لِأَنَّا نَقُولُ: وَضْعُ التَّفْرِيعِ أَنْ يَكُونَ لِمَا عُلِمَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ بُطْلَانَهَا أَيْ بُطْلَانَ ثَوَابِهَا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْإِتْمَامِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَوْقَعَهُ مِنْهَا فَيُثَابُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُتِمُّهَا كَمَا فِي ع ش إطْفِيحِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ إعَادَتِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ فَرْضًا وَالنَّفَلُ تَابِعٌ لَهُ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَهُ وَكَانَتْ تَسْقُطُ) أَيْ أَوْ وَجَدَهُ فِيهَا وَلَمْ تَسْقُطْ لَكِنْ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ فَهَذِهِ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا. (قَوْلُهُ لَا يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ) بِأَنْ غَلَبَ الْفَقْدُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَقْضِي مُتَيَمِّمٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ) وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَاءَ تَلِفَ ح ل وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي الصَّلَاةِ لِسُجُودِ سَهْوٍ بِخِلَافِهِ لِتَذَكُّرِ رُكْنٍ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا ح ف. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ وَلَا يَبْقَى تَيَمُّمُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ سَلَامِهِ لِوُجُودِ الْمَاءِ وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ لَهُ سُجُودُ سَهْوٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَوْ نَاسِيًا وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ بِالسَّلَامِ قَالَهُ حَجّ كَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَقَرَّهُ ع ش وَنَقَلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ نَقْلًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَالَةِ التَّجْوِيزِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ

(1/124)


فَلَهُ إتْمَامُهَا لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ وَلَا مَانِعَ مِنْ إتْمَامِهِ كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةَ فِي الصَّوْمِ، نَعَمْ إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ الْإِتْمَامَ فِي مَقْصُورَةٍ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ بَطَلَتْ لِحُدُوثِ مَا لَمْ يَسْتَبِحْهُ؛ إذْ الْإِتْمَامُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى (وَقَطْعُهَا) وَلَوْ فَرِيضَةً لِيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ بَدَلَهَا (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا؛ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَ إتْمَامَهَا (وَحَرُمَ) أَيْ: قَطْعُهَا (فِي فَرْضٍ) إنْ (ضَاقَ وَقْتُهُ) عَنْهُ لِئَلَّا يُخْرِجَهُ عَنْ وَقْتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَدَائِهِ فِيهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ، وَإِنْ ضَعَّفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(، وَالْمُتَنَفِّلُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْوُجُودِ فَلَا يَأْتِي لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَسْقُطَ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ لَا، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمِثْلُ الْفَرْضِ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي حَالَةِ التَّجْوِيزِ لَا حَالَةِ الْوُجُودِ النَّفَلُ ح ل وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ فَلَهُ إتْمَامُهَا) صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ. وَقَطْعُهَا أَفْضَلُ وَلِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ) لَمَّا كَانَ هَذَا التَّعْلِيلُ شَامِلًا لِلصَّلَاةِ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَبْطُلُ أَشَارَ الشَّارِحُ لِلْجَوَابِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ إتْمَامِهِ أَيْ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَهُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ وَهُوَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ شَيْخُنَا، وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي بِالْخُفِّ إذَا تَخَرَّقَ فِيهَا فَتَبْطُلُ مَعَ تَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصُودِ، وَالْمُعْتَدَّةُ بِالْأَشْهُرِ إذَا حَاضَتْ فِيهَا فَتَنْتَقِلُ لِلْحَيْضِ مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْمَقْصُودِ أَيْضًا، وَالْأَعْمَى إذَا صَلَّى بِالتَّقْلِيدِ ثُمَّ أَبْصَرَ فِيهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، فَدَفَعَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِتْمَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَذْكُورَاتِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فِيهَا وَهُوَ فِي الْأُولَى عَدَمُ جَوَازِ افْتِتَاحِهَا بِحَالٍ مَعَ تَخَرُّقِ الْخُفِّ وَفِي الثَّانِيَةِ قُدْرَتُهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبَدَلِ وَفِي الثَّالِثَةِ زَوَالُ مَا يَجُوزُ مَعَهُ التَّقْلِيدُ. اهـ
(قَوْلُهُ كَوُجُودِ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةِ فِي الصَّوْمِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فَيُتِمُّ الصَّوْمَ وَلَا يَجِبُ إعْتَاقُ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ كَانَ إعْتَاقُهَا وَقَطْعُ الصَّوْمِ أَفْضَلَ، وَيَقَعُ الصَّوْمُ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ نَفْلًا وَإِنْ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ، لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَهْم لَا يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ) أَيْ أَوْ مَعَهُ ع ش، فَلَوْ تَأَخَّرَتْ رُؤْيَةُ الْمَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَالْإِتْمَامِ لَمْ تَبْطُلْ قَالَ: م ر وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِهِ فِي الصَّلَاةِ كَوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي التَّفْصِيلِ. اهـ (قَوْلُهُ لِحُدُوثٍ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَشْمَلُ مُقَارَنَةَ الرُّؤْيَةِ لِنَحْوِ الْإِقَامَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَّلُوا الْمُقَارَنَةَ مَنْزِلَةَ الْحُدُوثِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَهْم فِيهَا بُطْلَانُهَا حِينَئِذٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَقَطْعُهَا أَفْضَلُ) أَيْ فِيمَا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ، أَمَّا إذَا جَوَّزَهُ فِيهَا فَلَا يَقْطَعُهَا؛ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا حِينَئِذٍ م ر إطْفِيحِيٌّ قَالَ م ر: وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَطْعِ أَفْضَلَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُولَى فَضِيلَةٌ خَلَتْ عَنْهَا الثَّانِيَةُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى فَضِيلَةٌ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ جَمَاعَةٌ وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ خَالِيَةً عَنْ الْجَمَاعَةِ فَإِتْمَامُهَا بِالتَّيَمُّمِ أَفْضَلُ. اهـ وَلَا يُسَنُّ قَبْلَهَا نَفْلًا لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ تُؤَثِّرُ فِي النَّفْلِ أَيْضًا سم وَفِي حَجّ أَنَّ قَبْلَهَا نَفْلًا حَرَامٌ ع ش وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا يَصِحُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَلْبَ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى إذْ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا وَأَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا غَيَّرَ صِفَةَ النِّيَّةِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا جَوَازًا قَلْبَهَا نَفْلًا ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فَرِيضَةً) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إتْمَامَ الْفَرِيضَةِ أَفْضَلُ كَمَا حَكَاهُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِهِ وَعَلَى الْوَجْهِ الْجَارِي عَلَى أَنَّ إتْمَامَهَا وَاجِبٌ كَمَا حَكَاهُ م ر فِي الشَّرْحِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِقَوْلٍ ثَالِثٍ وَهُوَ وُجُوبُ الْقَطْعِ بِقَوْلِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَ إتْمَامَهَا، فَهَذِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ وَرَاعَى الشَّارِحُ الْقَوْلَ الثَّالِثَ دُونَ غَيْرِهِ لِقُوَّةِ مُدْرِكِهِ انْتَهَى قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَقَدْ تُوهِمُ الْغَايَةُ أَنَّ قَطْعَ النَّفْلِ أَفْضَلُ قَطْعًا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ قِيلَ إنَّ الْأَفْضَلَ إتْمَامُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا اهـ. (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا) أَيْ وَمِنْ قَلْبِهَا نَفْلًا. (قَوْلُهُ إنْ ضَاقَ وَقْتُهُ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُ قَدْرَ جَمِيعِهَا ح ل وَمَالَ م ر إلَى أَنَّ الْمُرَادَ ضِيقُ الْوَقْتِ عَنْ وُقُوعِهَا أَدَاءً حَتَّى لَوْ كَانَ إذَا قَطَعَهَا وَتَوَضَّأَ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، قَطَعَهَا سم ع ش وَرَجَعَ عَنْهُ وَمَالَ إلَى الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ الْفَرْضِ قَالَ الشَّمْسُ الشَّوْبَرِيُّ: وَقَدَّرَ أَدَاةَ الشَّرْطِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ تَخْصِيصُ التَّحْرِيمِ بِفَرْضٍ اتَّصَفَ بِأَنَّ وَقْتَهُ ضَيِّقٌ وَلَيْسَ لَنَا وَقْتٌ كَذَلِكَ إلَّا الْمَغْرِبَ عَلَى قَوْلٍ، فَأَشَارَ بِتَقْدِيرِ أَدَاةِ الشَّرْطِ إلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ فِعْلُ الشَّرْطِ لَا صِفَةٌ لِلْوَقْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ، اهـ وَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ مَفْهُومَ الصِّفَةِ فِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَيُعْمَلُ بِهِ قَطْعًا شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ وَالْمُتَنَفِّلُ) هَذَا عَامٌّ

(1/125)


الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ فِي صَلَاتِهِ (إنْ نَوَى قَدْرًا) رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ (أَتَمَّهُ) لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ قَدْرًا (فَ) لَا يُجَاوِزُ (رَكْعَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ، وَالْمَعْهُودُ فِي النَّفْلِ، نَعَمْ إنْ وَجَدَهُ فِي ثَالِثَةٍ فَمَا دَوْنَهَا أَتَمَّهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ

(وَلَا يُؤَدَّى بِهِ) أَيْ: بِتَيَمُّمِهِ لِفَرِيضَةٍ عَيْنِيَّةٍ (مِنْ فُرُوضٍ عَيْنِيَّةٍ غَيْرُ وَاحِدٍ) (وَلَوْ نَذْرًا) لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، فَيَمْتَنِعُ جَمْعُهُ بَيْنَ صَلَاتَيْ فَرْضٍ وَلَوْ صَبِيًّا وَبَيْنَ طَوَافَيْنِ (إلَّا تَمْكِينَ حَلِيلٍ) لِلْمَرْأَةِ فَلَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ الْوَطْءِ مِرَارًا وَأَنْ تَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ، وَخَرَجَ بِالْفُرُوضِ الْعَيْنِيَّةِ النَّفَلُ وَفُرُوضُ الْكِفَايَةِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَلَهُ فِعْلُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يَنْحَصِرُ فَخُفِّفَ أَمْرُهُ، وَصَلَاةُ الْجَنَائِزِ تُشْبِهُ النَّفَلَ فِي جَوَازِ التَّرْكِ، وَتَعَيُّنُهَا عِنْدَ انْفِرَادِ الْمُكَلَّفِ عَارِضٌ.، وَقَوْلِي: يُؤَدَّى أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: يُصَلَّى، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِي

(وَمَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا (كَفَاهُ لَهُنَّ تَيَمُّمٌ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ وَمَا سِوَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ، فَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدُ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا، كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: كَفَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِيمَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ أَوْ الْفَقْدُ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ النَّفْلِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ فِي الْحَالَيْنِ قُلْت وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي النَّفْلِ يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي إجْرَاءِ التَّفْصِيلِ فِيهِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ تَسْقُطُ بِهِ أَوْ لَا تَسْقُطُ، لِأَنَّ مُرَادَهُمْ إسْقَاطُ الطَّلَبِ وَعَدَمُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ ح ل.
(قَوْلُهُ الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُجَوِّزَ لَهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَلْ يُصَلِّي مَا شَاءَ وَهَذَا يُؤَيِّدُ تَقْيِيدَ ح ل كَوْنُ التَّيَمُّمِ يَبْطُلُ بِالسَّلَامِ بِصُورَةِ الْوِجْدَانِ. (قَوْلُهُ قَدْرًا) إنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بَدَلَهُ بِعَدَدٍ لِأَنَّ الْقَدْرَ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ بِخِلَافِ الْعَدَدِ. (قَوْلُهُ أَتَمَّهُ) أَيْ جَوَازًا وَالْأَفْضَلُ قَطْعُهُ لِيُصَلِّيَهُ بِالْوُضُوءِ ع ش. (قَوْلُهُ فَلَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ هُوَ الْأَحَبُّ الْمَعْهُودُ فَلَا وَجْهَ لِمُجَاوَزَتِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ ع ش، أَيْ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ فِي ثَالِثَةٍ) بِأَنْ صَارَ لِلْقِيَامِ لَهَا أَقْرَبَ ح ل

(قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدِّي) أَيْ يَفْعَلُ فَيَشْمَلُ الْمَقْضِيَّةَ وَالْمَنْذُورَةَ. (قَوْلُهُ لِفَرِيضَةٍ عَيْنِيَّةٍ) هَذَا الْقَيْدُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ، فَإِنْ نَوَى فَرْضًا أَوْ وَنَفْلًا إلَخْ وَانْدَفَعَ بِهِ مَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ مِنْ أَنَّهُ يُؤَدِّي بِهِ الْفَرْضَ إلَخْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ نَوَى بِهِ فَرْضًا عَيْنِيًّا أَوْ كَفَائِيًّا أَوْ غَيْرَهُمَا لَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ نَوَى فَرْضًا إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مُبَيِّنٌ لِلْفَرْضِ الْمُتَقَدِّمِ الْمُحْتَمِلِ لِجِنْسِ الْفَرْضِ الصَّادِقِ بِفَرْضَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَتَوْطِئَةٌ لِاسْتِثْنَاءِ تَمْكِينِ الْحَلِيلِ ع ش.
(قَوْلُهُ مِنْ فُرُوضٍ عَيْنِيَّةٍ) يَشْمَلُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةَ الصَّبِيِّ ح ف، أَيْ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ إلَّا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ رَكْعَتَيْنِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ وَاحِدٍ) قَالَ م ر وَلَوْ تَيَمَّمَ لِمَقْصُورَةٍ فَصَلَّى بِهِ تَامَّةً جَازَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَذْرًا) مَسْلُوكًا بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَالْغَايَةِ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ وَالنَّذْرِ بِتَيَمُّمٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كُلُّ رَكْعَتَيْنِ بِسَلَامٍ وَجَبَ تَيَمُّمَانِ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ كُلُّ رَكْعَتَيْنِ بِسَلَامٍ، وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا فَلَهُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ آخَرَ عَيْنِيٍّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ لَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ وَلَوْ تَيَمَّمَ الصَّبِيُّ لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يُصَلِّ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ نَفْلٌ فَلَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ عَنْ الْفَرْضِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ جَمْعِ الْأَصْلِيَّةِ مَعَ الْمُعَادَةِ ح ل قَالَ الْبَابِلِيُّ وس ل: وَلَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ وَجَبَ عَلَيْهِ عَشْرُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ السَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْسَ الْجَمِيعُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ اهـ، وَاعْتَمَدَ ع ش عَلَى م ر أَنَّهُ يَكْفِي تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ وُجُوبَ السَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا صَلَاةً وَاحِدَةً لِكَوْنِهَا شُرِعَتْ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ السَّلَامَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ أَوْ الضُّحَى فَيَجِبُ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَيَمُّمٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ صَارَا بِنَذْرِهِ صَلَاةً مُسْتَقِلَّةً.
(قَوْلُهُ فَيَتَقَدَّرُ) أَيْ التَّيَمُّمُ بِقَدْرِهَا أَيْ الضَّرُورَةِ أَيْ وَقَدْرُ الضَّرُورَةِ فَرْضٌ وَاحِدٌ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى جَمْعِ فَرْضَيْنِ بِهِ تَقْرِيرٌ عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ طَوَافَيْنِ) أَيْ وَبَيْنَ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَلَوْ لِوَادِعٍ. (قَوْلُهُ فَلَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ الْوَطْءِ مِرَارًا) بِأَنْ تَيَمَّمَتْ لَهُ وَهُوَ كُلَّ مَرَّةٍ فَرْضٌ عَلَيْهَا فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَجْمَعَ أَيْ حَيْثُ لَمْ تَتَيَمَّمْ لِلتَّمْكِينِ ح ل بِأَنْ تَيَمَّمَتْ لِلْفَرْضِ فَتُصَلِّيهِ ثُمَّ تُمَكِّنُ الْحَلِيلَ ع ش. (قَوْلُهُ عَارَضَ) أَيْ فَلَا نَظَرَ لَهُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ. (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يُصَلِّي) لِشُمُولِهِ الطَّوَافَ وَتَمْكِينَ الْحَلِيلِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ. (قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِي) وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ لِتَعْبِيرِهِ بِالصَّلَاةِ ع ش.

(قَوْلُهُ وَمَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ وَلَا يُؤَدِّي بِهِ مِنْ فُرُوضٍ عَيْنِيَّةٍ غَيْرَ وَاحِدٍ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنْ أَدَّى بِهِ فُرُوضًا عَدِيدَةً ظَاهِرًا تَوَصُّلًا لِذَلِكَ الْوَاحِدِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَفَاهُ لَهُنَّ تَيَمُّمٌ) وَيُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ أَنْ يَقُولَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيتهَا مِنْ الْخَمْسِ مِنْ يَوْمِ كَذَا مَثَلًا ع ش. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِالتَّيَمُّمِ لَوْ لَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ صَلَّاهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ

(1/126)


تَيَمُّمٌ لَهُنَّ لِأَنَّهُ قَدْ يُوهِمُ تَعَلُّقَ لَهُنَّ بِتَيَمُّمٍ فَيَقْتَضِي اشْتِرَاطَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ لَهُنَّ وَلَيْسَ مُرَادًا (أَوْ) نَسِيَ مِنْهُنَّ (مُخْتَلِفَتَيْنِ) وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُمَا (صَلَّى كُلًّا) مِنْهُنَّ (بِتَيَمُّمٍ أَوْ) صَلَّى (أَرْبَعًا) كَالظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ (بِهِ) أَيْ: بِتَيَمُّمٍ (وَأَرْبَعًا لَيْسَ مِنْهَا مَا بَدَأَ بِهَا) أَيْ: الْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ، وَالصُّبْحُ (ب) تَيَمُّمٍ (آخَرَ) ، فَيَبْرَأُ بِيَقِينٍ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّتَيْنِ إمَّا الظُّهْرُ، وَالصُّبْحُ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ أَوْ هُمَا مِنْ الثَّلَاثِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ صَلَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا كَأَنْ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، وَالصُّبْحَ فَلَا يَبْرَأُ بِيَقِينٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الْمَنْسِيَّتَيْنِ الْعِشَاءَ وَوَاحِدَةً غَيْرَ الصُّبْحِ، فَبِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ تَصِحُّ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ دُونَ الْعِشَاءِ وَبِالثَّانِي لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ وَاكْتَفَى بِتَيَمُّمَيْنِ لِأَنَّهُمَا عَدَدُ الْمَنْسِيِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَصْلِ أَرْبَعًا وِلَاءً اشْتِرَاطُ الْوِلَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلِهَذَا حَذَفْته.
(أَوْ) نَسِيَ مِنْهُنَّ (مُتَّفِقَتَيْنِ أَوْ شَكَّ) فِي اتِّفَاقِهِمَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُمَا وَلَا تَكُونُ الْمُتَّفِقَتَانِ إلَّا مِنْ يَوْمَيْنِ (فَ) يُصَلِّي (الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ) لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ، وَقَوْلِي: أَوْ شَكَّ مِنْ زِيَادَتِي

(وَلَا يَتَيَمَّمُ لِمُؤَقَّتٍ) فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا (قَبْلَ وَقْتِهِ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ، بَلْ يَتَيَمَّمُ لَهُ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِهِ كَسَتْرٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ، وَإِنْ أَوْهَمَ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِوَقْتِ فِعْلِهِ خِلَافَ ذَلِكَ، وَلِهَذَا اقْتَصَرْت كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى وَقْتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ لِلتَّضَمُّخِ بِهَا مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً ضَعِيفَةً لَا لِكَوْنِ زَوَالِهَا شَرْطًا لِلصَّلَاةِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ زَوَالِهَا عَنْ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ، وَالْوَقْتُ شَامِلٌ لِوَقْتِ الْجَوَازِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا وَهُوَ شَاكٌّ فِي الْحَدَثِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَالْوُضُوءُ مُتَبَرَّعٌ بِهِ ز ي أَيْ وَهُنَا مُلْزَمٌ بِالصَّلَاةِ، وَأَيْضًا هُوَ مُقَصِّرٌ ثَمَّ لِإِمْكَانِ إتْيَانِهِ بِالطُّهْرِ الْمُتَيَقَّنِ بِإِبْطَالِ وُضُوئِهِ بِالْمَسِّ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا ع ش.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُوهِمُ إلَخْ) هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا لِأَنَّ لَهُنَّ مُتَعَلِّقٌ بِكَفَاهُ إذْ الْأَصْلُ فِي الْعَمَلِ لِلْفِعْلِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ هَذَا التَّوَهُّمُ وَإِنْ أَبْدَاهُ السُّبْكِيُّ كَذَا قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الْعَمَلِ لِلْفِعْلِ لَا يَدْفَعُ هَذَا التَّوَهُّمَ لِأَنَّ التَّوَهُّمَ يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِ عَالِمٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ لِلْفِعْلِ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا وَمِثْلُهُ سم. (قَوْلُهُ فَيَقْتَضِي اشْتِرَاطَ إلَخْ) أَيْ فَيُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ إذَا نَوَى بِهِ الْخَمْسَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَكْفِي تَيَمُّمٌ لِغَيْرِهِنَّ أَوْ لِإِحْدَاهُنَّ.
(قَوْلُهُ مُخْتَلِفَتَيْنِ) أَيْ فِي الِاسْمِ وَإِنْ تَوَافَقَا عَدَدًا كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ، وَالْمُرَادُ مُخْتَلِفَتَانِ يَقِينًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ شَكَّ فِي اتِّفَاقِهِمَا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاصِّ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَتَبَّعُ الْقَصَصَ، وَهِيَ أَحْسَنُ مِمَّا بَعْدَهَا الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْحَدَّادِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ انْتَهَى. (قَوْلُهُ صَلَّى كُلًّا بِتَيَمُّمٍ) أَيْ فَيُصَلِّي الْخَمْسَ بِخَمْسِ تَيَمُّمَاتٍ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ح ل، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ وَيَبْرَأَ بِيَقِينٍ كَمَا نَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّتَيْنِ إلَخْ) اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى عَشْرِ احْتِمَالَاتٍ، فَقَوْلُهُ أَمَّا الظُّهْرُ وَالصُّبْحُ احْتِمَالٌ وَقَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ فِيهِ سِتُّ احْتِمَالَاتٍ حَاصِلَةٍ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ هُمَا مِنْ الثَّلَاثِ فِيهِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَمَّا الظُّهْرُ وَالصُّبْحُ) أَيْ وَقَدْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالتَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ وَالصُّبْحَ بِالثَّانِي وَقَوْلُهُ مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ أَيْ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا) أَيْ الْمَنْسِيَّتَانِ ع ش. (قَوْلُهُ وَوَاحِدَةً غَيْرَ الصُّبْحِ) كَالظُّهْرِ أَيْ لِأَنَّ الصُّبْحَ صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا عَدَدُ الْمَنْسِيِّ) لِأَنَّ الضَّابِطَ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِقَدْرِ الْمَنْسِيِّ وَيُصَلِّيَ بِعَدَدِ مَا يَبْقَى بَعْدَ ضَرْبِ الْمَنْسِيِّ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَزِيَادَةُ عَدَدِ الْمَنْسِيِّ عَلَى ذَلِكَ الْحَاصِلِ وَضَرْبُ الْمَنْسِيِّ فِي نَفْسِهِ وَإِسْقَاطِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ، فَفِي مَسْأَلَتِنَا وَهِيَ نِسْيَانُ صَلَاتَيْنِ تَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ يَحْصُلُ عَشْرٌ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ اثْنَيْنِ ثُمَّ تَضْرِبُهُمَا فِيهِمَا يَحْصُلُ أَرْبَعَةٌ وَتُسْقِطُ هَذَا الْحَاصِلَ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي هِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ تَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ عَدَدُ مَا يُصَلَّى ح ل.
وَمَعْرِفَةُ ضَابِطِ مَا يُصَلِّيهِ بِكُلِّ تَيَمُّمٍ أَنْ تَقُولَ يُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَنْسِيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا ثَلَاثَةٌ فَإِذَا زِيدَ عَلَيْهَا وَاحِدٌ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةً ح ف. وَهُنَاكَ ضَابِطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ تَقْسِمَ عَدَدَ مَا يُصَلَّى عَلَى الْمَنْسِيِّ بِأَنْ تَقْسِمَ الثَّمَانِيَةَ عَلَى الِاثْنَيْنِ يَخْرُجُ مَا يُصَلَّى بِكُلِّ تَيَمُّمٍ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) نَعَمْ إنْ كَانَ فَوَاتُ الصَّلَاةِ بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ.

(قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُؤَقَّتِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ بِشَرْطِهِ أَيْ الْمُؤَقَّتِ، قَالَ ع ش أَيْ غَيْرَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِهِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ كَسَتْرٍ) أَيْ وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ، وَتَمَامٍ لِلْعَدَدِ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَوْلُهُ وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ فَإِذَا تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ جَازَ لِأَنَّ وَقْتَهَا دَخَلَ بِالزَّوَالِ، وَتَقَدُّمُ الْخُطْبَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ فِعْلِهَا. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ) أَيْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهَا أَوْ لَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر ع ش. (قَوْلُهُ لِلتَّضَمُّخِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَزَالَهَا وَلَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهَا فِي النَّادِرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْ الْغَسْلِ أَوْ اسْتِعْمَالِ الْأَحْجَارِ تَتَوَضَّأُ أَوْ تَتَيَمَّمُ. ع ش
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ لِكَوْنِ زَوَالِهَا شَرْطًا لِلصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَالْوَقْتُ شَامِلٌ) أَيْ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ لَهُ فِيهِ ع ش

(1/127)


وَوَقْتِ الْعُذْرِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِانْقِضَاءِ الْغُسْلِ أَوْ بَدَلِهِ، وَيَتَيَمَّمُ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَرَادَهُ إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ، وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْوَقْتِ فَلَوْ تَيَمَّمَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَادَفَهُ

(وَعَلَى فَاقِدِ) الْمَاءِ، وَالتُّرَابِ (الطَّهُورَيْنِ) كَمَحْبُوسٍ بِمَحِلٍّ لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيُعِيدَ) إذَا وَجَدَ أَحَدَهُمَا، وَإِنَّمَا يُعِيدُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَا يُفْعَلُ

(وَيَقْضِي) وُجُوبًا (مُتَيَمِّمٌ) وَلَوْ فِي سَفَرٍ (لِبَرْدٍ) لِنُدْرَةِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ أَوْ يُدَثِّرُ بِهِ أَعْضَاءَهُ (وَ) مُتَيَمِّمٌ (لِفَقْدِ مَاءٍ) بِمَحِلٍّ (يَنْدُرُ) فِيهِ فَقْدُهُ وَلَوْ مُسَافِرًا لِنُدْرَةِ فَقْدِهِ بِخِلَافِهِ بِمَحِلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ مُقِيمًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ تَذَكُّرُهَا وَوَقْتُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ لِمَنْ أَرَادَهَا وَحْدَهُ انْقِطَاعُ الْغَيْثِ وَمَعَ النَّاسِ اجْتِمَاعُ أَكْثَرِهِمْ، وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الْكُسُوفَيْنِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا لِمَنْ أَرَادَهَا وَحْدَهُ بِمُجَرَّدِ التَّغَيُّرِ وَمَعَ النَّاسِ بِاجْتِمَاعِ مُعْظَمِهِمْ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ فِعْلِ الثَّانِيَةِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِفِعْلِ الْأُولَى فَيَتَيَمَّمُ لَهَا بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا نَعَمْ إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَحَّ لَهَا تَبَعًا وَقَدْ زَالَتْ التَّبَعِيَّةُ بِانْحِلَالِ رَابِطَةِ الْجَمْعِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِبَاحَةِ الظُّهْرِ بِالتَّيَمُّمِ لِفَائِتَةِ صُبْحٍ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَبَاحَهَا اسْتَبَاحَ غَيْرَهَا تَبَعًا وَهُنَا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَى عَلَى الصِّفَةِ الْمَنْوِيَّةِ فَلَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ وَقَضِيَّتُهُ بُطْلَانُ تَيَمُّمِهِ بِبُطْلَانِ الْجَمْعِ بِطُولِ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْوَقْتُ، فَقَوْلُهُمْ يَبْطُلُ بِدُخُولِهِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْجَمْعَ تَأْخِيرًا صَحَّ التَّيَمُّمَ لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهَا نَظَرًا لِأَصَالَتِهِ لَهَا لَا لِلْعَصْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا ابْنُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ وَوَقْتِ الْعُذْرِ) فَيَتَيَمَّمُ لِلثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى إذَا أَرَادَ جَمْعَ التَّقْدِيمِ ع ش.
(قَوْلُهُ بِانْقِضَاءِ الْغُسْلِ) أَيْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْغَسْلَةُ الْأُولَى ع ش، وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ يَتَوَقَّفُ طُهْرُهُ عَلَى طُهْرِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَرَادَهُ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقْتُ إرَادَتِهِ وَقْتٌ لَهُ، فَصَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ لَهُ إلَّا فِي وَقْتِهِ سم. (قَوْلُهُ إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فَلَوْ تَيَمَّمَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيَفْعَلَهُ بَعْدَ زَوَالِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وِفَاقًا لَمْ ر. فَإِنْ قِيلَ لَا يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ أُجِيبُ بِأَنَّهُ مَحَلُّ وَقْتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ مُطْلَقًا وَلَوْ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) أَيْ أَوْ الظَّنُّ

(قَوْلُهُ وَعَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ) هَذَا فِي الْمَعْنَى رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ يَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ إلَخْ، كَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا إذَا وَجَدَ التُّرَابَ فَإِنْ فَقَدَهُ كَالْمَاءِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ. وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْعِيَّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَا فِيهِ أَوْ وَجَدَهُمَا وَمَنَعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِمَا مَانِعٌ مِنْ نَحْوِ عَطَشٍ فِي الْمَاءِ أَوْ نَدَاوَةٍ فِي التُّرَابِ مَانِعَةٌ مِنْ وُصُولِ الْغُبَارِ لِلْعُضْوِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ بِنَحْوِ نَارٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ) لَمْ يُؤَخِّرْهُمَا بَعْدَ قَوْلِهِ الطَّهُورَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا طَهُورَانِ دَائِمًا. (قَوْلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ) أَيْ إذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ ز ي. (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) فَلَا يَسْجُدُ فِي صَلَاتِهِ لِتِلَاوَةٍ وَلَا سَهْوٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ أَمَّا فَاقِدُ السُّتْرَةِ فَلَهُ التَّنَفُّلُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُ كَدَائِمِ الْحَدَثِ، وَلَا يُحْسَبُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ لِنَقْصِهِ شَرْحٌ م ر، قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَيْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ بِرُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا. قَالَ فِي شَرْحِهِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي التُّرَابِ إذَا رَآهُ بِمَحَلٍّ يُغْنِي التَّيَمُّمُ فِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمَشَى م ر عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَفِي الْعُبَابِ: فَرْعٌ وَجَدَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ التُّرَابَ بِمَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ فِعْلُهَا.
قَالَ م ر فَرْعٌ هَلْ مُجَرَّدُ تَوَهُّمِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ التُّرَابَ فِي الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا، كَمَا لَوْ تَوَهَّمَ الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا وَكَمَالِ نُقْصَانِهَا حَتَّى قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ صَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَمَالَ م ر إلَى الْبُطْلَانِ وَقَالَ: إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ سم. (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ) مُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ مَا يَشْمَلُ الْقَضَاءَ.
(قَوْلُهُ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ) أَيْ حَيْثُ وَجَدَهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ وَجَدَهُ فِيهِ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ وِجْدَانِهِ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ فَصَلَّى قَبْلَ آخِرِهِ ثُمَّ وَجَدَ تُرَابًا بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَيُعِيدُ لِتَبَيُّنِ أَنَّ صَلَاتَهُ الْأُولَى غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا ع ش. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ) وَمِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ م ر أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا وَإِلَّا وَجَبَ لِلْمُتَابَعَةِ ع ش

(قَوْلُهُ بِمَحِلٍّ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ يَنْدُرُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، وَقَوْلُهُ يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُهُ أَيْ بِأَنْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبَ الْفَقْدُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا يَقْضِي. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ حَجّ. وَاعْتَمَدَهُ م ر أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ وَبِتَحَرُّمِهَا أَيْضًا شَيْخُنَا
وَلَوْ شَكَّ هَلْ الْمَحَلُّ الَّذِي صَلَّى بِهِ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا؟ لَمْ يَجِبْ إعَادَتُهَا ح ل وسم عَنْ م ر؛ أَيْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ

(1/128)


(وَ) مُتَيَمِّمٌ (لِعُذْرٍ) كَفَقْدِ مَاءٍ وَجُرْحٍ (فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ) كَآبِقٍ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَضَبْطِي لِلْقَضَاءِ وَلِعَدَمِهِ بِمَا تَقَرَّرَ هُوَ التَّحْقِيقُ، فَضَبْطُ الْأَصْلِ لَهُ بِالْمُتَيَمِّمِ فِي الْإِقَامَةِ وَلِعَدَمِهِ بِالتَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ غَلَبَةِ الْمَاءِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهَا فِي السَّفَرِ

(لَا) مُتَيَمِّمٌ فِي غَيْرِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ (لِمَرَضٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ مُطْلَقًا) أَيْ: فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ (أَوْ فِي عُضْوٍ لَمْ يَكْثُرْ دَمُ جُرْحِهِ وَلَا سَاتِرَ) بِهِ مِنْ لَصُوقٍ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ) بِهِ (سَاتِرٌ) مِنْ ذَلِكَ (وَوُضِعَ عَلَى طُهْرٍ فِي غَيْرِ عُضْوِ تَيَمُّمٍ) ، فَلَا يَقْضِي لِعُمُومِ الْمَرَضِ وَالْجُرْحِ مَعَ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ الدَّمِ وَقِيَاسًا عَلَى مَسَحَ الْخُفِّ فِي الْأَخِيرَةِ، بَلْ أَوْلَى لِلضَّرُورَةِ هُنَا، وَالْقَيْدُ الْأَخِيرُ مَعَ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ كَثْرَةِ الدَّمِ فِي السَّاتِرِ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُرَ الدَّمُ أَوْ وُضِعَ السَّاتِرُ عَلَى حَدَثٍ أَوْ عَلَى طُهْرٍ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ (قَضَى) ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ فِي الثَّانِيَةِ وَنُقْصَانِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ جَمِيعًا فِي الثَّالِثَةِ وَحَمْلِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي الْأُولَى.
وَلِكَوْنِ التَّيَمُّمِ طَهَارَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ، كَمَا يَنْدَفِعُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَنْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ مَعَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ وَلَمْ تَبْرَأْ بِيَقِينٍ سم، وَالْمُرَادُ بِغَلَبَةِ وُجُودِ الْمَاءِ وَفَقْدِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ غَلَبَةَ الْوُجُودِ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فِي السَّنَةِ وَغَلَبَةَ الْفَقْدِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا، فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَمِرُّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فِي الْوَادِي وَفِي غَالِبِ السِّنِينَ يُفْقَدُ شَهْرًا فَإِذَا تَيَمَّمَ شَخْصٌ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَوْمٌ فَقَطْ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ فِي أَكْثَرِ السِّنِينَ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ بِتَمَامِهَا إلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ فِيهِ، فَالْعِبْرَةُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِأَكْثَرِ أَوْقَاتِ السَّنَةِ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَإِنْ غَلَبَ الْفَقْدُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا قَضَاءَ سم بِالْمَعْنَى، وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَالْحِفْنَاوِيُّ وَالْعَشْمَاوِيُّ.
(قَوْلُهُ وَجُرْحٌ) ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، إنْ فَقَدَ الْمَاءَ حِسًّا، أَمَّا إذَا فَقَدَهُ شَرْعًا لِنَحْوِ مَرَضٍ وَجُرْحٍ وَعَطَشٍ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يَتُوبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى زَوَالِ مَانِعِهِ بِالتَّوْبَةِ اهـ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِعَدَمِهِ بِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا لِمَرَضٍ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَضَبْطِي إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ لَا لِمَرَضٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ ضَبْطُ الْقَضَاءِ بِمَنْطُوقِ الْمَتْنِ وَضَبْطُ عَدَمِهِ بِمَفْهُومِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ فِي مَحَلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِمَا تَقَرَّرَ

. (قَوْلُهُ لَا لِمَرَضٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ مُطْلَقًا) أَيْ وَفِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَكَالْمَرَضِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ خَوْفِ رَاكِبِ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ ق ل.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ عُضْوٍ تَيَمَّمَ) أَيْ وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْجَبِيرَةِ أَنَّهَا تَارَةٌ تَكُونُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَتَارَةً لَا، وَعَلَى كُلٍّ تَارَةً تَأْخُذُ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا وَتَارَةً لَا، وَإِذَا أَخَذَتْ تَارَةً يَكُونُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَمْسِكُ بِهِ وَتَارَةً يَكُونُ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ قَضَى مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَا يَقْضِي مُطْلَقًا، وَإِنْ أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَا اسْتَمْسَكَتْ بِهِ قَضَى مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا تَسْتَمْسِكُ بِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ إنْ كَانَ وَضْعُهَا عَلَى طُهْرٍ كَامِلٍ لَا يَقْضِي وَإِلَّا قَضَى س ل، وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
فَلَا تَعِدْ وَالسِّتْرُ قَدْرُ الْعِلَّةِ ... أَوْ قَدْرُ الِاسْتِمْسَاكِ فِي الطَّهَارَةِ
وَإِنْ يَزِدْ عَنْ قَدْرِهِ فَأَعِدْ ... وَمُطْلَقًا وَهُوَ بِوَجْهٍ أَوْ يَدٍ
(قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْمَرَضِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ تَارَةً يُعَلِّلُونَ بِالْعُذْرِ الْعَامِ وَتَارَةً بِالْعُذْرِ النَّادِرِ، وَالْعُذْرُ النَّادِرُ تَارَةً يَقُولُونَ فِيهِ وَإِذَا وَقَعَ دَامَ وَتَارَةً يَقُولُونَ وَإِذَا وَقَعَ لَا يَدُومُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِّ وَالنَّادِرِ بِقِسْمَيْهِ أَنَّ الْعَامَّ هُوَ الَّذِي يَكْثُرُ وُقُوعُهُ كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالنَّادِرِ، وَالنَّادِرُ هُوَ الَّذِي يَنْدُرُ وُقُوعُهُ، وَالْمُرَادُ بِدَوَامِهِ عَدَمُ زَوَالِهِ بِسُرْعَةٍ كَالِاسْتِحَاضَةِ وَالسَّلَسِ وَفَقْدِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ بُخْلُ النَّاسِ بِمِثْلِ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ وَاَلَّذِي لَا يَدُومُ إذَا وَقَعَ هُوَ الَّذِي يَزُولُ بِسُرْعَةٍ كَفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ) بِأَنْ خَافَ الْمَحْذُورَ السَّابِقَ. (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ إلَخْ) ، اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْعِلَلِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَعَلَّهُ أَخَّرَ تَعْلِيلَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يُنَاسِبُهُ. (قَوْلُهُ وَحَمْلُهُ نَجَاسَةً إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا طَرَأَتْ بَعْدَ التَّيَمُّمِ، فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لِعَدَمِ الْعَفْوِ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُتَيَمِّمِ.
ح ل (قَوْلُهُ وَلِكَوْنِ التَّيَمُّمِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّكُمْ ذَكَرْتُمْ هُنَا أَنَّ الدَّمَ الْكَثِيرَ مِنْ الشَّخْصِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَأَطْلَقْتُمْ فَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَوْ لَا، جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَمْ لَا، وَرَتَّبْتُمْ عَلَى عَدَمِ الْعَفْوِ مُطْلَقًا وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَذَكَرْتُمْ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ مَحَلَّهُ فَمَا الْفَرْقُ؟ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّيَمُّمُ طَهَارَةً ضَعِيفَةً لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ الدَّمُ الْكَثِيرُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ

(1/129)


ضَعِيفَةً لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ الدَّمُ الْكَثِيرُ كَمَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْهُ بِخِلَافِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحِلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْأَصَحَّ عَدَمَ الْعَفْوِ أَخْذًا مِمَّا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ ثَمَّ مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ ثَمَّ (وَيَجِبُ نَزْعُهُ) سَوَاءً أَوَضَعَهُ عَلَى حَدَثٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَمْ عَلَى طُهْرٍ (إنْ أَمِنَ) مَحْذُورًا مِمَّا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ.