التجريد
لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج . (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ. (التَّوَجُّهُ)
لِلْقِبْلَةِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ. (شَرْطٌ لِصَلَاةِ قَادِرٍ)
عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
زَادَ فِي الْعُبَابِ وَبِالْحَقِّ نَطَقْتَ ع ش. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ
الرَّاءِ) أَيْ وَفَتْحِهَا ع ش.
. (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ وَيُسَلِّمَ) وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ
بِأَيِّ لَفْظٍ أَتَى بِهِ مِمَّا يُفِيدُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ
عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَعْلُومٌ أَنَّ
أَفْضَلَ الصِّيَغِ عَلَى الرَّاجِحِ صَلَاةُ التَّشَهُّدِ فَيَنْبَغِي
تَقْدِيمُهَا عَلَى غَيْرِهَا وَمِنْ الْغَيْرِ مَا يَقَعُ
لِلْمُؤَذِّنِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ الْأَذَانِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ
فَيَكْفِي ع ش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ إلَخْ) ، وَظَاهِرٌ أَنَّ
كُلًّا مِنْ الْإِجَابَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَلَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا
سُنَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْفَضِيلَةَ)
عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ وَقِيلَ: الْوَسِيلَةُ
وَالْفَضِيلَةُ قُبَّتَانِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ إحْدَاهُمَا مِنْ
لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ يَسْكُنُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَآلُهُ وَالْأُخْرَى مِنْ يَاقُوتَةٍ صَفْرَاءَ يَسْكُنُهَا
إبْرَاهِيمُ وَآلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَمِثْلُهُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع
ش قَوْلُهُ: يَسْكُنُهَا إبْرَاهِيمُ وَلَا يُنَافِي هَذَا سُؤَالَهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا عَلَى هَذَا لِجَوَازِ أَنْ
يَكُونَ هَذَا السُّؤَالُ لِتَنْجِيزِ مَا وُعِدَ بِهِ مِنْ أَنَّهُمَا
لَهُ وَيَكُونَ سُكْنَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ فِيهَا مِنْ قَبْلِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَابْعَثْهُ)
أَيْ: أَعْطِهِ وَمَقَامًا مَفْعُولٌ لِابْعَثْهُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى
أَعْطِهِ أَوْ مَفْعُولٌ فِيهِ أَيْ: أَقِمْهُ فِي مَقَامٍ أَوْ حَالٌ
أَيْ: ابْعَثْهُ ذَا مَقَامٍ مَحْمُودٍ وَنُكِّرَ مَعَ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ؛
لِأَنَّهُ أَفْخَمُ كَأَنَّهُ قِيلَ مَقَامًا أَيْ مَقَامٌ مَحْمُودٌ
بِكُلِّ لِسَانٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْمُصَنِّفِ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي وَعَدْتَهُ) أَيْ: بِقَوْلِكَ {عَسَى أَنْ
يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] . (قَوْلُهُ:
تَطَرُّقِ نَقْصٍ) كَالرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ. (قَوْلُهُ: مَقَامُ
الشَّفَاعَةِ) هَذَا مَا عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُفَسِّرِينَ كَمَا قَالَهُ
الْوَاحِدِيُّ وَقِيلَ: شَهَادَتُهُ لِأُمَّتِهِ وَقِيلَ: إعْطَاؤُهُ
لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يُجْلِسَهُ
اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَقِيلَ: هُوَ كَوْنُ آدَمَ وَمَنْ
دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَوَّلِ عَرَصَاتِهَا
إلَى دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ قَالَهُ حَجّ فِي الْجَوَاهِرِ النَّظَرُ
وَفَائِدَةُ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِهِ طَلَبُ
الدَّوَامِ أَوْ الْإِشَارَةُ لِنَدْبِ دُعَاءِ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ
قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ شَوْبَرِيٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِإِظْهَارِ
شَرَفِهِ وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ م ر أَوْ لِإِيصَالِ الثَّوَابِ لِلدَّاعِي
ع ش.
[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]
. (بَابٌ بِالتَّنْوِينِ)
الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ
إلَخْ وَأَمَّا كَوْنُهُ شَرْطًا وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ فَمَذْكُورٌ
بِالتَّبَعِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ
الصَّلَاةِ وَقَدْ يُقَالُ: ذِكْرُهُ هُنَا وَإِنْ كَانَ سَيَأْتِي
تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ شَيْخُنَا «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يُصَلِّي أَوَّلًا إلَى الْكَعْبَةِ بِوَحْيٍ ثُمَّ أُمِرَ
بِالتَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَكَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَلَمَّا هَاجَرَ لَزِمَ عَلَى اسْتِقْبَالِ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ جَعْلُ الْكَعْبَةِ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ
فَسَأَلَ جِبْرِيلَ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا فَنَزَلَ
قَوْله تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة:
144] الْآيَةَ فَأُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى
مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِتَّةَ أَوْ سَبْعَةَ
عَشَرَ شَهْرًا» وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا إلَى
الْكَعْبَةِ الْعَصْرُ مُرَادُهُ صَلَاةٍ كَامِلَةٍ اهـ قَالَ
السُّيُوطِيّ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: نَسَخَ اللَّهُ الْقِبْلَةَ
مَرَّتَيْنِ وَنِكَاحَ الْمُتْعَةِ مَرَّتَيْنِ وَلُحُومَ الْحُمُرِ
الْأَهْلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَحْفَظُ رَابِعًا. قَالَ أَبُو
الْعَبَّاسِ الْعَوْفِيُّ: رَابِعُهَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْهُ
النَّارُ، وَقَدْ نَظَمْتُ ذَلِكَ فَقُلْتُ:
وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا ... جَاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ
وَالْآثَارُ
لِقِبْلَةٍ وَمُتْعَةٍ وَحُمُرٍ ... كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا تَمَسُّ
النَّارُ
وَزِيدَ خَامِسٌ، وَهُوَ الْخَمْرَةُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
التَّوَجُّهُ) أَيْ: يَقِينًا فِي الْقُرْبِ وَظَنًّا فِي الْبُعْدِ.
(قَوْلُهُ: لِلْقِبْلَةِ) سُمِّيَتْ قِبْلَةً؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ
يُقَابِلُهَا وَكَعْبَةً لِتَكَعُّبِهَا أَيْ: تَرَبُّعِهَا
وَقَالَ م ر: لِاسْتِدَارَتِهَا وَارْتِفَاعِهَا. (قَوْلُهُ: بِالصَّدْرِ)
أَيْ: حَقِيقَةً فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَبِالْقُوَّةِ فِي
الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّدْرِ جَمِيعُ عَرْضِ
الْبَدَنِ
(1/175)
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ
شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أَيْ: جِهَتَهُ
وَالتَّوَجُّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ
فِيهَا وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قِبَلَ الْكَعْبَةِ أَيْ: وَجْهَهَا
وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي
أُصَلِّي» فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ إجْمَاعًا. أَمَّا
الْعَاجِزُ عَنْهُ كَمَرِيضٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهُ إلَيْهَا
وَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ فَيُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدُ وُجُوبًا.
(إلَّا فِي) صَلَاةِ. (شِدَّةِ خَوْفٍ) مِمَّا يُبَاحُ مِنْ قِتَالٍ أَوْ
غَيْرِهِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا فَلَيْسَ التَّوَجُّهُ بِشَرْطٍ
فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَلَوْ اسْتَقْبَلَ طَرَفَهَا فَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الْعَرْضِ عَنْ
مُحَاذَاتِهَا لَمْ يَصِحَّ حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُ
صَفٍّ طَوِيلٍ امْتَدَّ بِقُرْبِهَا وَلَوْ بِأُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ عَنْ مُحَاذَاتِهَا يَقِينًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، أَمَّا
الصَّفُّ الْبَعِيدُ عَنْهَا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ طَالَ الصَّفُّ
مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ لَكِنْ مَعَ انْحِرَافِ طَرَفَيْهِ؛
لِأَنَّ صَغِيرَ الْحَجْمِ كُلَّمَا زَادَ بُعْدُهُ زَادَتْ مُحَاذَاتُهُ
كَالنَّارِ الْمُوقَدَةِ مِنْ بُعْدٍ. اهـ. ز ي قَالَ ح ل: بِالصَّدْرِ
أَيْ: إذَا كَانَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَبِجُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ
الْقِيَامِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا
فَالِاسْتِقْبَالُ بِمُقَدَّمِ الْبَدَنِ أَيْ: بِالصَّدْرِ وَالْوَجْهِ
كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الْمُسْتَلْقِي لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَخْمَصَاهُ
لِلْقِبْلَةِ أَيْ وَوَجْهُهُ أَيْضًا بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ كَمَا
سَيَأْتِي فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِالصَّدْرِ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ،
وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا بِالْوَجْهِ ح ف وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: إنَّمَا
قَيَّدَ بِالصَّدْرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صَلَاةِ الْقَادِرِ فِي
الْفَرْضِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ
بِالْوَجْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ
عَجْزٍ، وَسَيَأْتِي لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا فَانْدَفَعَ مَا فِي
حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ
قَوْلُهُ: بِالصَّدْرِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ
الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَالْمُسْتَلْقِي، وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا
يَأْتِي أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي حَقِّ الْمُسْتَلْقِي بِالْوَجْهِ وَفِي
حَقِّ الْمُضْطَجِعِ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ: لَا بِالْوَجْهِ
إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ نَفْيًا لِمَا قَدْ يَقْتَضِيهِ
التَّعْبِيرُ بِالْوَجْهِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمُقَابَلَةِ
بِالْوَجْهِ فَلَا يُقَالُ: نَحْوُ الْيَدِ تَنَازَعَ فِيهِ
الْمَفْهُومَانِ فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ بِالصَّدْرِ أَنَّهُ لَا
يَضُرُّ خُرُوجُ نَحْوِ الْيَدِ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَقَوْلُهُ: لَا
بِالْوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بِالصَّدْرِ
أَنَّ خُرُوجَ الْقَدَمَيْنِ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ
كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَجْهَكَ) الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ
وَالْمُرَادُ بِالذَّاتِ بَعْضَهَا كَالصَّدْرِ فَهُوَ مَجَازٌ مَبْنِيٌّ
عَلَى مَجَازٍ لَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ) أَيْ: الْكَعْبَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: جِهَتَهُ) الْمُرَادُ
بِالْجِهَةِ الْعَيْنُ وَالْجِهَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْعَيْنِ
وَإِطْلَاقُهَا عَلَى غَيْرِهَا مَجَازٌ بَلْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهَا
لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ سم وَز ي، وَفِي الْخَادِمِ لَيْسَ
الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْجِدَارَ بَلْ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ أَيْ: وَهُوَ
سَمْتُ الْبَيْتِ وَهَوَاؤُهُ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْأَرْضِ
السَّابِعَةِ حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالتَّوَجُّهُ إلَخْ) لَا
حَاجَةَ إلَيْهِ، لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) أَتَى بِهَذَا لِيُبَيِّنَ
الْمُرَادَ مِنْ الْآيَةِ، لِأَنَّ الْمَسْجِدَ عَامٌّ ز ي أَيْ فَيَكُونُ
مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْجُزْءِ. (قَوْلُهُ: قُبُلَ) بِضَمِّ
الْقَافِ وَالْبَاءِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ
خَبَرِ إلَخْ) أَتَى بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ لَا
يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ وَأَيْضًا يَحْتَمِلُ
الْخُصُوصِيَّةَ.
(قَوْلُهُ: بِدُونِهِ إجْمَاعًا) أَيْ: بِدُونِ التَّوَجُّهِ الْأَعَمِّ
مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلْجِهَةِ أَوْ لِلْعَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ لَا
خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ الِاسْتِقْبَالُ لِلْعَيْنِ
أَوْ لِلْجِهَةِ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْمَالِكِيِّ فَلَا يُقَالُ: إنَّ
قَوْلَهُ إجْمَاعًا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَالِكِيَّةَ لَا يُبْطِلُونَ
الصَّلَاةَ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ
الْعَيْنَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى التَّوَجُّهِ لَا بِقَيْدِ
كَوْنِهِ لِلْعَيْنِ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّلَاةَ بِدُونِ
الِاسْتِقْبَالِ مِنْ حَيْثُ هُوَ بَاطِلَةٌ إجْمَاعًا فَلَا يُنَافِي
أَنَّ فِي جُزْئِيَّاتِ الِاسْتِقْبَالِ خِلَافًا اهـ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ
الْمَالِكِيَّةَ إلَخْ وَكَذَا هُوَ قَوْلٌ عِنْدَنَا بِجَوَازِ
اسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْعَيْنَ كَمَا يُؤْخَذُ
مِنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَمِنْ هَذَا
يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَوَابُ مَنْ أَجَابَ عَنْ هَذَا
الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ إجْمَاعٌ مَذْهَبِيٌّ شَيْخُنَا
عَشْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا يَجِدُ) أَيْ: فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ
الْمَاءِ مِنْهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي
الْفِطْرَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي صَلَاةٍ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ
مُتَّصِلٌ إنْ كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَادِرِ حِسًّا، أَمَّا إذَا
كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَادِرِ الشَّرْعِيِّ وَالْحِسِّيِّ مَعًا
فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، إذَا لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ قَادِرٌ حِسًّا عَاجِزٌ
شَرْعًا، وَكَذَا إنْ أَرَدْنَا الْقَادِرَ شَرْعًا يَكُونُ مُنْقَطِعًا
وَقَوْلُهُ: إلَّا فِي نَفْلِ: اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ
تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يُبَاحُ) أَيْ: خَوْفُ مِمَّا يُبَاحُ
مُتَوَلِّدُهُ أَيْ: مَا يَنْشَأُ عَنْهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ
كَالنَّارِ وَالسَّبُعِ فَإِنَّ النَّارَ مَثَلًا لَا تُبَاحُ وَإِنَّمَا
يُبَاحُ
(1/176)
لِلضَّرُورَةِ. (وَ) إلَّا فِي. (نَفْلُ
سَفَرٍ) بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي. (مُبَاحٍ لِقَاصِدِ) مَحَلٍّ.
(مُعَيَّنٍ) وَإِنْ قَصُرَ السَّفَرُ لِأَنَّ النَّفَلَ يُتَوَسَّعُ فِيهِ
كَجَوَازِهِ قَاعِدًا لِلْقَادِرِ.
. (فَلِمُسَافِرٍ) سَفَرًا مُبَاحًا. (تَنَفُّلٌ) ، وَلَوْ رَاتِبًا صَوْبَ
مَقْصِدِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (رَاكِبًا وَمَاشِيًا)
«لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى
رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ أَيْ: فِي جِهَةِ
مَقْصِدِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «غَيْرَ أَنَّهُ
لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ» وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ الْمَاشِي
وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَالْهَائِمُ وَالْمُقِيمُ
وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ تَرْكُ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ كَرَكْضٍ وَعَدْوٍ
بِلَا حَاجَةٍ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَا يَنْشَأُ عَنْهَا، وَهُوَ الْفِرَارُ مِنْهَا اهـ شَيْخُنَا هَذَا إنْ
فَسَّرْنَا الْغَيْرَ بِالنَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ فُسِّرَ بِالْفِرَارِ
مِنْ النَّارِ وَنَحْوِهَا قُدِّرَ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ مِمَّا يُبَاحُ
أَيْ: مِنْ سَبَبِ مَا يُبَاحُ، فَالْمُبَاحُ هُوَ الْفِرَارُ، وَالسَّبَبُ
نَحْوُ النَّارِ، فَالْخَوْفُ مِنْ سَبَبِ الْفِرَارِ لَا مِنْهُ،
وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مَا عَدَا الْحَرَامِ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ،
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: مِمَّا يُبَاحُ أَيْ: مِمَّا يُبَاحُ لَهُ
فِعْلُهُ كَقِتَالٍ وَدَفْعِ صَائِلٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفِرَارُ مِنْ
سَيْلٍ أَوْ نَارٍ أَوْ سَبُعٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُبَاحُ الْفِرَارُ
مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) حَتَّى لَوْ أَمِنَ فِي أَثْنَاءِ
الصَّلَاةِ وَكَانَ رَاكِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ وَيُشْتَرَطُ
أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ فِي نُزُولِهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي نَفْلِ سَفَرٍ) أَيْ غَيْرِ
مُعَادَةٍ وَصَلَاةِ صَبِيٍّ، وَالْمُرَادُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي
قَوْلِهِ: فَإِنْ سَهُلَ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: وَالْمَاشِي يُتِمُّهُمَا
إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُبَاحٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ
فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمَكْرُوهَ شَيْخُنَا ح ف
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا دَوَامُ السَّفَرِ فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا فِي
أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا عَلَى الْأَرْضِ
مُسْتَقْبِلًا وَدَوَامُ السَّيْرِ، فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ
الصَّلَاةِ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا لِلْقِبْلَةِ وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ
الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ بِلَا حَاجَةٍ، وَعَدَمُ وَطْءِ النَّجَاسَةِ
مُطْلَقًا عَمْدًا، وَكَذَا نِسْيَانًا فِي نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ غَيْرِ
مَعْفُوٍّ عَنْهَا شَيْخُنَا عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ) الْمُرَادُ
بِهِ الْمَعْلُومُ مِنْ حَيْثُ الْمَسَافَةِ بِأَنْ يَقْصِدَ قَطْعَ
مَسَافَةٍ يُسَمَّى فِيهَا مُسَافِرًا عُرْفًا لَا خُصُوصَ مَحَلٍّ
مُعَيَّنٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ شَوْبَرِيٌّ
وَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ السُّورِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَمُجَاوَزَةُ
الْعُمْرَانِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا جَمِيعُ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَصْرِ
إلَّا طُولَ السَّفَرِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ السَّفَرُ) بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى مَحَلٍّ لَا
يَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ عَلَى
الْأَوْجَهِ ز ي، وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَقِيلَ السَّفَرُ الْقَصِيرُ
أَنْ يُفَارِقَ مَحَلَّهُ بِنَحْوِ مِيلٍ كَمَا إذَا ذَهَبَ لِزِيَارَةِ
قَبْرِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ فَيَجُوزُ لَهُ التَّرَخُّصُ بِمُجَاوَزَةِ
السُّورِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ: فِي التَّوَجُّهِ لِبَرَكَةِ الْمُجَاوِرِينَ
مِنْ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ ع ش عَلَى م ر وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ حَجّ
ثُمَّ قَالَ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَحُرْمَةِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ
وَالْمَدِينِ بِشَرْطِهِمَا فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ وُجُودُ مُسَمَّى
السَّفَرِ بِأَنَّ الْمُجَوِّزَ هُنَا الْحَاجَةُ وَهِيَ تَسْتَدْعِي
اشْتِرَاطَ ذَلِكَ، وَثَمَّ تَفْوِيتُ حَقِّ الْغَيْرِ، وَهُوَ لَا
يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَجَوَازِهِ) مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ
تَقْدِيرُهُ يَتَوَسَّعُ فِيهِ لِأُمُورٍ كَجَوَازِهِ إلَخْ.
. (قَوْلُهُ: فَلِمُسَافِرٍ) لَا يَعْلَمُ جَوَازَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ
مِمَّا قَبْلَهُ فَالْأَوْلَى الْوَاوُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّفْرِيعُ
بِالنِّسْبَةِ لِتَرْكِ التَّوَجُّهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ
التَّفْصِيلُ فِيهِ مِمَّا سَبَقَ ع ش. (قَوْلُهُ: تَنَفُّلٌ) أَيْ:
صَلَاةُ النَّفْلِ وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَهُ أَيْ: بَعْدَ مُجَاوَزَةِ
السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ كَمَا قَالَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ
رَاتِبًا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ نَحْوَ عِيدٍ؛ لِأَنَّ
الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْجَلَالُ
الْمَحَلِّيُّ ز ي وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ عِيدٍ أَيْ: مِنْ كُلِّ
نَفْلٍ تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ ح ف وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ
بِالرَّاتِبِ مَا لَهُ وَقْتٌ فَيَشْمَلُ الْعِيدَ لَكِنْ لَا يَشْمَلُ
الْكُسُوفَ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَيْضًا وَيَشْمَلُ نَحْوَ
الضُّحَى وَسُنَّةَ الظُّهْرِ فَيُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَيْضًا ع
ش وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَايَةَ لِلتَّعْمِيمِ وَلِلرَّدِّ فَانْدَفَعَ
كَلَامُ ز ي.
(قَوْلُهُ: صَوْبَ مَقْصِدِهِ) أَيْ: جِهَتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ
الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ جِهَةِ الْمَقْصِدِ لَا عَيْنُهُ وَفَارَقَ
الْكَعْبَةَ بِأَنَّهَا أَصْلٌ، وَهُوَ بَدَلٌ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي)
أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَنْحَرِفُ إلَّا لِقِبْلَةٍ. (قَوْلُهُ: فِي
جِهَةِ مَقْصِدِهِ) وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ إنْ تَرَكَ الدَّابَّةَ
تَمُرُّ إلَى أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَتْ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ عَبَثًا، وَمَعْلُومٌ
أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُسَيِّرُهَا جِهَةَ مَقْصِدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ
يَكُونَ هَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إدْرَاجٌ مِنْ الرَّاوِي الَّذِي رَوَى عَنْ
الصَّحَابَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا) هِيَ مُقَيِّدَةٌ
لِلْأُولَى. (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةُ) وَمِثْلُهَا
الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ م ر ع ش. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَا
ذَكَرَ) مِنْ قَوْلِهِ سَفَرٍ مُبَاحٍ إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْهَائِمُ)
الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ مَسَافَةٍ يُسَمَّى فِيهَا
مُسَافِرًا عُرْفًا ح ل وَح ف. (قَوْلُهُ: كَرَكْضٍ)
(1/177)
(فَإِنْ سَهُلَ تَوَجُّهُ رَاكِبٍ غَيْرِ
مَلَّاحٍ بِمَرْقَدٍ) كَهَوْدَجٍ وَسَفِينَةٍ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ.
(وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ
قَوْلِهِ وَإِتْمَامُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ. (لَزِمَهُ) ذَلِكَ
لِتَيَسُّرِهِ عَلَيْهِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ. (فَلَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
مِنْهُ. (إلَّا تَوَجُّهٌ فِي تَحَرُّمِهِ إنْ سَهُلَ) بِأَنْ تَكُونَ
الدَّابَّةُ وَاقِفَةً وَأَمْكَنَ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا أَوْ
تَحْرِيفُهَا أَوْ سَائِرَةً وَبِيَدِهِ زِمَامُهَا، وَهِيَ سَهْلَةٌ
فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ صَعْبَةً أَوْ مَقْطُورَةً،
وَلَمْ يُمْكِنْهُ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا وَلَا تَحْرِيفُهَا لَمْ
يَلْزَمْهُ تَوَجُّهٌ لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ
عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي غَيْرُ مَلَّاحٍ مَلَّاحُ السَّفِينَةِ
وَهُوَ مُسَيِّرُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ
ذَلِكَ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ أَوْ عَمَلِهِ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ
الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: لِلدَّابَّةِ.
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَهُلَ تَوَجُّهُ رَاكِبٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ
الصُّوَرَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْهُلَ
عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ
فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ فِي التَّحَرُّمِ دُونَ
غَيْرِهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ دُونَهُ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ إمَّا
أَنْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ، أَوْ لَا يَسْهُلُ
عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضِ
فَالْحَاصِلُ اثْنَا عَشَرَ فَقُبِلَ إلَّا الْأُولَى صُورَتَانِ هُمَا
سُهُولَةُ التَّوَجُّهِ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ سَوَاءٌ سَهُلَ عَلَيْهِ
إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا وَتَحْتَ إلَّا الْأُولَى
عَشْرُ صُوَرٍ فَمَفْهُومُ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ سُهُولَةُ
التَّوَجُّهِ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ فِيهِ تِسْعُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ لَا
يَسْهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يَسْهُلَ
فِي التَّحَرُّمِ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ دُونَهُ وَعَلَى كُلٍّ
إمَّا أَنْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا
أَوْ لَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُ
الْقَيْدِ الثَّانِي، وَهُوَ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ مَعَ مَنْطُوقِ
الْأَوَّلِ فِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ سُهُولَةُ التَّوَجُّهِ فِي
جَمِيعِ صَلَاتِهِ مَعَ عَدَمِ سُهُولَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ
وَالتَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا فِي
الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي الْمَتْنِ
وَأَمَّا التَّوَجُّهُ فِي بَعْضِهَا فَهُوَ فِي التَّحَرُّمِ فَقَطْ
وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ أَرْبَعٍ دَاخِلَةٍ تَحْتَ قَوْلِهِ إلَّا تَوَجُّهٌ
فِي تَحَرُّمِهِ إنْ سَهُلَ، وَهُوَ أَنْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ
فِي التَّحَرُّمِ سَوَاءٌ سَهُلَ عَلَيْهِ إتْمَامُ كُلِّ الْأَرْكَانِ
أَوْ بَعْضِهَا أَوْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالرَّابِعَةُ أَنْ
يَسْهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَسْهُلْ
عَلَيْهِ إتْمَامُ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهَا إلَّا
التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ وَهَذِهِ هِيَ مَفْهُومُ الْقَيْدِ
الثَّانِي مَعَ مَنْطُوقِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: تَوَجُّهُ رَاكِبٍ) أَيْ
مُتَنَفِّلٍ. (قَوْلُهُ: بِمَرْقَدٍ) هُوَ مَكَانُ الرُّقَادِ وَلَيْسَ
بِقَيْدٍ بَلْ غَيْرُهُ كَالْقَتَبِ وَالسَّرْجِ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَضْعُ
جَبْهَتِهِ إلَخْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَسَفِينَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ
رَاكِبَ السَّفِينَةِ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ فِيهَا وَإِتْمَامُ
الْأَرْكَانِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا تَرَكَ التَّنَفُّلَ شَيْخُنَا ح ف
فَالْأَوْلَى حَذْفُ السَّفِينَةِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْهَوْدَجُ
كَالسَّفِينَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَيَكُونُ ضَعِيفًا أَيْضًا، وَالضَّعْفُ
فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَ إلَّا،
وَضَعَّفَ شَيْخُنَا ح ف كَلَامَ الْبِرْمَاوِيِّ وَقَالَ: الْمُعْتَمَدُ
أَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي فِي الشَّارِحِ مُسَلَّمٌ فِي الْهَوْدَجِ
دُونَ السَّفِينَةِ. (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ) أَفَادَ بِهِ
أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِالْبَعْضِ
بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا) الْمُرَادُ بِهِ
الرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ مَعًا لَا مَا يَصْدُقُ بِأَحَدِهِمَا
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَظْهَرُ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى إتْمَامِ أَحَدِهِمَا
فَقَطْ مَعَ التَّوَجُّهِ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ،
وَإِلَّا فَلَا وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك سُقُوطُ كَلَامِ سم
وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهَا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ
الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ سِوَى إتْمَامِ
الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الْجَمِيعِ، وَالْإِتْمَامُ
فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ فَقَطْ،، وَهُوَ كَلَامٌ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ
عَمِيرَةُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ ح
ف وَعَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ) أَيْ:
مَجْمُوعُهُ الصَّادِقُ بِالتَّحَرُّمِ حَتَّى يَأْتِيَ قَوْلُهُ: بَعْدَ
إنْ سَهُلَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ دَخَلَ فِي
ذَلِكَ مَا إذَا سَهُلَ التَّوَجُّهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ دُونَ
إتْمَامِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَأَمَّا إذَا سَهُلَ إتْمَامُ
الْأَرْكَانِ أَوْ بَعْضِهَا دُونَ التَّوَجُّهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي
جَمِيعِ صَلَاتِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا
يَجِبُ إلَّا الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ حَجّ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُسَيِّرُهَا) أَيْ: مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي
تَسْيِيرِهَا بِحَيْثُ يَخْتَلُّ أَمْرُهُ لَوْ اشْتَغَلَ عَنْهَا،
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ مِنْ الْمُعَدِّينَ لِتَسْيِيرِهَا كَمَا لَوْ عَاوَنَ بَعْضُ
الرُّكَّابِ أَهْلَ الْعَمَلِ فِيهَا فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِمْ اهـ قَالَ م
ر: فِي شَرْحِهِ. وَأَلْحَقَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْيَمَنِيُّ
بِمَلَّاحِهَا مُسَيِّرًا لِمَرْقَدٍ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ:
فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي
التَّحَرُّمِ وَإِنْ سَهُلَ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ فِيهِ إنْ سَهُلَ
وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ كَرَاكِبِ الدَّابَّةِ قَالَهُ
حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: اهـ شَوْبَرِيٌّ وع ش. (قَوْلُهُ: عَنْ
النَّفْلِ) أَيْ: إنْ قَدَّمَ عَمَلَهُ أَيْ: شُغْلَهُ الَّذِي يَشْتَغِلُ
بِهِ عَلَى النَّفْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَمَلِهِ أَيْ: إنْ قَدَّمَ
النَّفَلَ عَلَى الْعَمَلِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا
تَوَجُّهٌ فِي تَحَرُّمِهِ ح ل، وَالْأَوَّلُ قَوْلُهُ: إلَّا فِي شِدَّةِ
خَوْفٍ
(1/178)
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ
التَّوَجُّهُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ وَإِنْ سَهُلَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ
بِأَنَّ الِانْعِقَادَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ لَكِنْ
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا ذَكَرَاهُ بَعِيدٌ ثُمَّ نَقَلَ مَا يَقْتَضِي
خِلَافَ مَا ذَكَرَاهُ.
. (وَلَا يَنْحَرِفُ) عَنْ صَوْبِ طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ
الْقِبْلَةِ. (إلَّا لِقِبْلَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَإِنْ انْحَرَفَ
إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا أَوْ
نَاسِيًا أَوْ جَمَحَتْ دَابَّتُهُ وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ. (وَيَكْفِيهِ
إيمَاءٌ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُومِئُ. (بِرُكُوعِهِ وَ) ب
(سُجُودِهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ. (أَخْفَضُ) مِنْ الرُّكُوعِ تَمْيِيزًا
بَيْنَهُمَا وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَكَذَا
الْبُخَارِيُّ لَكِنْ بِدُونِ تَقْيِيدِ السُّجُودِ بِكَوْنِهِ أَخْفَضَ
وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي سُجُودِهِ وَضْعُ جَبْهَتِهِ
عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ أَوْ سَرْجِهَا أَوْ نَحْوِهِ. (وَالْمَاشِي
يُتِمُّهُمَا) أَيْ: الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. (وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا
وَفِي تَحَرُّمِهِ) وَفِيمَا زِدْتُهُ بِقَوْلِي. (وَجُلُوسِهِ بَيْنَ
سَجْدَتَيْهِ) لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ وَلَهُ
الْمَشْيُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ لِطُولِ
زَمَنِهِ أَوْ سُهُولَةِ الْمَشْيِ فِيهِ.
. (وَلَوْ صَلَّى) شَخْصٌ. (فَرْضًا) عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ. (عَلَى
دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ وَتَوَجَّهَ) لَلْقِبْلَةَ. (وَأَتَمَّهُ) أَيْ:
الْفَرْضَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ.
(جَازَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً لِاسْتِقْرَارِهِ فِي نَفْسِهِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ تَكُونَ سَائِرَةً أَوْ لَمْ يَتَوَجَّهْ أَوْ لَمْ
يُتِمَّ الْفَرْضَ. (فَلَا) يَجُوزُ لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ
السَّابِقَةِ،؛ وَلِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ غَيْرِ مَلَّاحٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ)
مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ وَلَوْ السَّلَامَ.
(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ) أَيْ: بَيْنَ التَّحَرُّمِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ: الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَفُرِضَ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْوَاقِفَةِ فَرَاجِعْهُ سم
وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَمَا
نُقِلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّ كَلَامَهُمَا فِي غَيْرِ الْوَاقِفَةِ
وَكَلَامَهُ فِي الْوَاقِفَةِ ع ش وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ
يُنَافِيهِ تَصْوِيرُ الشَّارِحِ السُّهُولَةَ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ تَكُونَ
الدَّابَّةُ وَاقِفَةً إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا ذَكَرَاهُ)
وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى سَهُلَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَلَوْ فِي
السَّلَامِ وَجَبَ وَهُمَا ذَكَرَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّوَجُّهُ إلَّا
فِي التَّحَرُّمِ إنْ سَهُلَ وَلَا يَجِبُ التَّوَجُّهُ فِي غَيْرِهِ
وَإِنْ سَهُلَ شَيْخُنَا.
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْحَرِفُ) أَيْ: الرَّاكِبُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا
بَعْدَ إلَّا، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا الْمَفْرُوضُ فِي الرَّاكِبِ
لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْمَاشِي
لِيَرْجِعَ لَهُ أَيْضًا قَالَ ع ش: أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ فَلَا
نَاهِيَةٌ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيَحْرُمُ انْحِرَافُهُ؛
لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ
النَّهْيِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي مُخَالَفَتِهِ الْفَسَادُ بِرْمَاوِيٌّ
فَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ مَقْلُوبًا إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ جَازَ. اهـ.
م ر. (قَوْلُهُ: عَنْ صَوْبِ طَرِيقِهِ إلَخْ) وَإِنَّمَا يَحْرُمُ
الِانْحِرَافُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ مَعَ مُضِيِّهِ فِي الصَّلَاةِ
وَأَمَّا مُجَرَّدُ الِانْحِرَافِ مَعَ قَطْعِهَا فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ
لَهُ تَرْكَهَا ز ي.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِقِبْلَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَيُصَلِّي
صَوْبَ مَقْصِدِهِ وَإِنْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ طَرِيقٌ آخَرُ يَسْتَقْبِلُ
فِيهِ الْقِبْلَةَ مُسَاوٍ لَهُ مَسَافَةً وَسُهُولَةً وَسَلَكَ تِلْكَ
الطَّرِيقَ لَا لِغَرَضٍ لِتَوَسُّعِهِمْ فِي النَّفْلِ ح ل. (قَوْلُهُ:
وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ أَيْ: عَادَ الْجَاهِلُ عِنْدَ
الْعِلْمِ وَالنَّاسِي عِنْدَ التَّذَكُّرِ عَنْ قُرْبٍ وَمَنْ جَمَحَتْ
دَابَّتُهُ قَرِيبًا قَالَ ع ش: وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الثَّلَاثَةِ
عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِيهِ) أَيْ الرَّاكِبَ لَا
بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِمَرْقَدٍ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ
يُوهِمُ أَنَّ الْإِيمَاءَ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ
عَلَى عُرْفِهَا مَثَلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ:
وَيُومِئُ) بِالْهَمْزِ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ)
أَيْ: شَعْرِ رَقَبَتِهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ فَهُوَ شَامِلٌ لِغَيْرِ
الْفَرَسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَرْجِهَا) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا
يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ بِحَيْثُ لَوْ زَادَ
عَلَيْهِ لَمَسَ عُرْفَ الدَّابَّةِ أَوْ نَحْوَهُ اط ف. (قَوْلُهُ:
وَالْمَاشِي يُتِمُّهُمَا) أَيْ: إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ قَالَ م
ر: فِي شَرْحِهِ لَوْ كَانَ يَمْشِي فِي وَحَلٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ
فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ
الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَتَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ
وَإِلْزَامُ الْكَمَالِ يُؤَدِّي إلَى التَّرْكِ جُمْلَةً اهـ
بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: وَجُلُوسُهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) هَذَا غَيْرُ الْمَاشِي
زَحْفًا أَوْ حَبْوًا، أَمَّا هُوَ فَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
فِي حَقِّهِ كَالِاعْتِدَالِ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمَشْيُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ)
الْمُنَاسِبُ لِلْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ: وَلَهُ تَرْكُ التَّوَجُّهِ
فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ
مِنْ الْمَشْيِ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ تَرْكُ التَّوَجُّهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِطُولِ زَمَنِهِ) رَاجِعٌ إلَى الْقِيَامِ وَالتَّشَهُّدِ،
وَقَوْلُهُ: أَوْ لِسُهُولَةِ الْمَشْيِ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى الِاعْتِدَالِ
وَالسَّلَامِ شَيْخُنَا فَيَتَوَجَّهُ فِي أَرْبَعٍ وَيَمْشِي فِي
أَرْبَعٍ.
. (قَوْلُهُ: فَرْضًا) وَلَوْ نَذْرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ)
كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ سَائِرَةً)
وَمَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ إنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ أَوْ لَمْ
يَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ وَكَانَ مُمَيِّزًا
وَالْتَزَمَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَاسْتَقْبَلَ وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ فِي
جَمِيعِ الصَّلَاةِ جَازَ سم أَيْ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا حِينَئِذٍ لَيْسَ
مَنْسُوبًا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقَةِ)
هِيَ قَوْلُهُ: غَيْرُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ
وَلَمْ يُؤْخَذْ بِقَضِيَّتِهِ فَيَمْنَعُ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا
وَاقِفَةً مَعَ التَّوَجُّهِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا لِمَا يَعْرِضُ
لَهَا مِنْ الْخَلَلِ، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ ع ش
(1/179)
مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ
الطَّوَافِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا فِي نَفْسِهِ نَعَمْ إنْ
خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْهَا انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ
صَلَّى عَلَيْهَا وَأَعَادَ كَمَا مَرَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنْ
قَوْلِي، وَإِلَّا فَلَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سَائِرَةً فَلَا،،
وَلَوْ صَلَّى عَلَى سَرِيرٍ مَحْمُولٍ عَلَى رِجَالٍ سَائِرِينَ بِهِ
صَحَّ.
. (وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَلَوْ فِي
عَرْصَتِهَا لَوْ انْهَدَمَتْ. (أَوْ عَلَى سَطْحِهَا وَتَوَجَّهَ شَاخِصًا
مِنْهَا) كَعَتَبَتِهَا أَوْ بَابِهَا وَهُوَ مَرْدُودٌ أَوْ خَشَبَةٍ
مَبْنِيَّةٍ أَوْ مُسَمَّرَةٍ فِيهَا أَوْ تُرَابٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ وَثَبَتْ وَثْبَةً
فَاحِشَةً أَوْ سَارَتْ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ز ي شَوْبَرِيٌّ،
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ
أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَتْ سَائِرَةً أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ زِمَامُهَا
بِيَدِ غَيْرِهِ وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ أَوْ وَطِئَتْ نَجَاسَةً لَمْ
يَضُرَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ زِمَامُهَا بِيَدِهِ وَلَوْ دَمِيَ فَمُهَا
وَفِي يَدِهِ لِجَامُهَا أَوْ اتَّصَلَتْ بِهَا نَجَاسَةٌ وَالْحَالَةُ
هَذِهِ ضُرٌّ كَمَا لَوْ صَلَّى وَبِيَدِهِ حَبْلٌ طَاهِرٌ مُتَّصِلٌ
بِنَجَاسَةٍ فَمَتَى كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ اُشْتُرِطَ طَهَارَةُ
جَمِيعِ بَدَنِهَا حَتَّى مَحَلِّ الرَّوْثِ ح ف وَلَا يُكَلَّفُ
التَّحَفُّظُ وَالِاحْتِيَاطُ فِي مَشْيِهِ فَلَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً
جَاهِلًا بِهَا وَكَانَتْ يَابِسَةً وَفَارَقَهَا حَالًا لَمْ يَضُرَّ
وَإِنْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا وَلَوْ يَابِسَةً وَلَمْ يَجِدْ
عَنْهَا مَعْدِلًا وَلَوْ فَارَقَهَا حَالًا ضَرَّ.
(قَوْلُهُ: انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ) أَيْ: إذَا اسْتَوْحَشَ م ر أَيْ:
وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَيَمِّمِ لِمَا فِيهِ
مِنْ الْوَحْشَةِ، وَالْمُرَادُ بِرُفْقَتِهِ هُنَا مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ
لَا جَمِيعُ أَهْلِ الرَّكْبِ وَلَوْ كَانَ مُعَادِلًا لِآخَرَ وَخَشِيَ
مِنْ نُزُولِهِ وُقُوعَ صَاحِبِهِ لِمَيْلِ الْحَمْلِ أَوْ تَضَرُّرِهِ
بِمَيْلِهِ أَوْ بِرُكُوبِهِ بَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ أَوْ احْتَاجَ فِي
رُكُوبِهِ لِمُعِينٍ وَلَيْسَ مَعَهُ أَجِيرٌ لِذَلِكَ كَانَ جَمِيعُ
ذَلِكَ عُذْرًا، وَلَوْ تَوَسَّمَ أَيْ: تَرَجَّى مِنْ صَاحِبِهِ
النُّزُولَ أَيْضًا أَوْ مِنْ صَدِيقٍ لَهُ إعَانَتَهُ عَلَى الرُّكُوبِ
إذَا نَزَلَ اُتُّجِهَ وُجُوبُ سُؤَالِهِ كَسُؤَالِ الْمَاءِ فِي
التَّيَمُّمِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَيْهَا) ظَاهِرُهُ
اخْتِصَاصُ الرَّاكِبِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَاشِي
الْخَائِفُ كَذَلِكَ فَيُصَلِّي مَا شَاءَ كَالنَّافِلَةِ وَتَجِبُ
الْإِعَادَةُ لِنُدْرَةِ الْعُذْرِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ)
ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي
فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوُهُ أَنَّهُ إنْ رُجِيَ زَوَالُ الْعُذْرِ
لَا يُصَلِّي إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَإِنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُ
عُذْرِهِ صَلَّى فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ إنْ زَالَ بَعْدُ عَلَى خِلَافِ
ظَنِّهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَإِنْ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ حَتَّى فَاتَ
الْوَقْتُ كَانَتْ فَائِتَةً بِعُذْرٍ فَيُنْدَبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا ع ش
عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي
قَوْلِهِ: فَيُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدُ وُجُوبًا أَوْ الْمُرَادُ
كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَيْ مَرَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى رِجَالٍ) أَيْ: عُقَلَاءَ فَلَوْ كَانُوا
مَجَانِينَ فَكَالدَّابَّةِ لِنِسْبَةِ السَّيْرِ إلَيْهِ اهـ عَبْدُ
رَبِّهِ فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَجَانِينَ وَبَعْضُهُمْ عُقَلَاءَ
أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرُ الْعُقَلَاءِ تَابِعِينَ
لِلْعُقَلَاءِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا سم
وَقَالَ: الْإِطْفِيحِيُّ الْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ:
صَحَّ) أَيْ: لِأَنَّ سَيْرَهُ أَيْ السَّرِيرَ مَنْسُوبٌ لِحَامِلِهِ
دُونَ رَاكِبِهِ وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَ الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ
بِنَفْسِهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ السَّائِرِينَ بِالسَّرِيرِ بِأَنَّ
الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُرَاعِي
جِهَةَ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ قَالَ: حَتَّى لَوْ كَانَ
لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا أَيْ: وَهُوَ مُمَيِّزٌ
وَيُسَيِّرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ح ل وَمِثْلُهُ م
ر.
. (قَوْلُهُ: فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ دَاخِلَهَا حَجّ. (قَوْلُهُ:
وَتَوَجَّهَ شَاخِصًا) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ
يَكُونَ عَرْضُهُ مُحَاذِيًا لِجَمِيعِ عَرْضِ بَدَنِ الْمُصَلِّي ع ش
قَالَ ز ي: فَلَوْ زَالَ الشَّاخِصُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ
بِخِلَافِ زَوَالِ الرَّابِطَةِ؛ اهـ لِأَنَّ أَمْرَ الِاسْتِقْبَالِ
فَوْقَ أَمْرِ الرَّابِطَةِ سم لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ
الصَّلَاةِ، وَالرَّابِطَةُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ:
مِنْهَا) وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِشَخْصٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ
مِنْهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ مَا ذُكِرَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى
فِي الْبَيْتِ لَا إلَيْهِ وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا
لِمَنْ هُوَ خَارِجُهَا هُدِمَتْ أَوْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى
عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا بِخِلَافِ مَنْ فِيهَا لِأَنَّهُ فِي
هَوَائِهَا فَلَا يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا حَجّ. (قَوْلُهُ:
كَعَتَبَتِهَا أَوْ بَابِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَمَنْ صَلَّى فِي
الْكَعْبَةِ لَا لِمَا بَعْدَهُ فَلَوْ صَلَّى خَارِجَ الْكَعْبَةِ وَقَدْ
انْهَدَمَتْ كَفَى التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَلَوْ بِلَا شَاخِصٍ كَمَا
صَرَّحَ بِهِ فِي ع ب، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ فِي
عَرْصَتِهَا ح ل أَيْ: لِأَنَّ الشَّاخِصَ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا كَانَ
دَاخِلَهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَمَّرَةٍ) لَوْ
سَمَّرَهَا هُوَ لِيُصَلِّيَ إلَيْهَا ثُمَّ يَأْخُذَهَا فَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَارْتَضَى م ر هَذَا
الْخِلَافَ سم وَفِي حَجّ أَنَّهُ يَكْفِي اسْتِقْبَالُ الْوَتِدِ
الْمَغْرُوزِ فَتَقْيِيدُ الْخَشَبَةِ بِالْمَبْنِيَّةِ وَالْمُسَمَّرَةِ
لَيْسَ لِلتَّخْصِيصِ بَلْ يَكْفِي ثُبُوتُهَا وَلَوْ بِغَيْرِ
(1/180)
جُمِعَ مِنْهَا. (ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ)
بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ. (تَقْرِيبًا) مِنْ زِيَادَتِي. (جَازَ) أَيْ: مَا
صَلَّاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ
ذِرَاعٍ لِأَنَّهُ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا،
وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا
فَقَالَ كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلِي شَاخِصًا
مِنْهَا أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ. (وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا) أَيْ:
الْكَعْبَةِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي. (وَلَا حَائِلَ) بَيْنَهُ
وَبَيْنَهَا كَأَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي
قُبَيْسٍ أَوْ سَطْحٍ بِحَيْثُ يُعَايِنُهَا.
(لَمْ يَعْمَلْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ عِلْمِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِنَاءٍ وَتَسْمِيرٍ كَمَا فِي حَجّ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ز ي وَح ل وم ر،
وَعِبَارَةُ م ر وَتُخَالِفُ الْعَصَا الْأَوْتَادَ الْمَغْرُوزَةَ فِي
الدَّارِ حَيْثُ تُعَدُّ مِنْهَا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا فِي بَيْعِهَا
لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَرْزِهَا لِلْمَصْلَحَةِ فَعُدَّتْ مِنْ
الدَّارِ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: جَمَعَ مِنْهَا) أَيْ دُونَ مَا تُلْقِيهِ
الرِّيحُ ز ي قَالَ سم: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَحْجَارُهَا
الْمَفْلُوعَةُ كَالتُّرَابِ الْمَجْمُوعِ مِنْهَا اهـ. (قَوْلُهُ:
ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي وَقَاضِي
الْحَاجَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ السَّتْرُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَا
يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْقُرْبِ وَهُنَا إصَابَةُ الْعَيْنِ، وَهُوَ حَاصِلٌ
فِي الْبُعْدِ كَالْقُرْبِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ
إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ، أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ دُونَ
ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا كَحَشِيشٍ نَابِتٍ وَعَصًا
مَغْرُوزَةٍ بِهَا فَلَا يَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ ز ي، وَهُوَ
مُخَالِفٌ لحج فِي الْعَصَا الْمَغْرُوزَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ
الشَّجَرَةِ النَّابِتَةِ فِي عَرْصَتِهَا فَإِنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا
يَكْفِي كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: سُتْرَةُ الْمُصَلِّي) أَيْ
كَسُتْرَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ) بَيَانٌ لِدَلِيلِ
حُكْمِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ
وَالْهَمْزَةِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرُ آخِرَةُ الرَّحْلِ
وَلَا تَقُلْ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ أَيْ: عَلَى الْفَصِيحِ اهـ مُخْتَارٌ ع
ش، وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ بِمِيمٍ
مَضْمُومَةٍ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَةٌ
أَوْ مَفْتُوحَةٌ مُخَفَّفَةٌ فِيهِمَا وَيُقَالُ مُؤَخَّرَةُ بِضَمِّ
الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَوْ
الْمَكْسُورَةِ وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَمْزَةُ وَاوًا أَوْ يُقَالُ آخِرَةُ
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْحَقِيبَةُ
الْمَحْشُوَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الرَّاكِبُ خَلْفَهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا) أَيْ: سَهُلَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِلَّا اُعْتُمِدَ ثِقَةً ع ش أَيْ: سَهُلَ ذَلِكَ
عَلَيْهِ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْكَعْبَةِ) وَمِثْلُهَا مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ
الْمُعْتَمَدَةُ فِي أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا لَمْ يَعْمَلْ
بِغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلِمَ الْقِبْلَةَ، وَهِيَ أَعَمُّ
وَفِي ح ل قَوْلُهُ: أَيْ: الْكَعْبَةُ أَيْ: وَمَا فِي مَعْنَاهَا
كَالْقُطْبِ وَمَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا
ثَبَتَ التَّوَاتُرُ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْآحَادِ فَكَالْمُخْبِرِ عَنْ
عِلْمٍ وَقَوْلٍ ح ل كَالْقُطْبِ أَيْ: بَعْدَ الِاهْتِدَاءِ إلَيْهِ
وَمَعْرِفَتِهِ يَقِينًا وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ فِي كُلِّ
قُطْرٍ وَأَمَّا إذَا فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ
الْأَدِلَّةِ الَّتِي يُجْتَهَدُ مَعَهَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ
الْكَلَامَيْنِ أَيْ: مِنْ جَعْلِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَمِنْ جَعْلِهِ
يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَهُوَ بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ فِي بَنَاتِ نَعْشِ
الصُّغْرَى اهـ شَيْخُنَا ح ف وَعَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَائِلَ)
الْوَاوُ لِلْحَالِ وَحَائِلَ اسْمُ لَا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ
مَوْجُودٌ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ فِي قَوْلِهِ أَمْكَنَهُ
شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ: وَلَا مَشَقَّةَ
عَلَيْهِ فِي عِلْمِهَا بِخِلَافِ الْأَعْمَى مَثَلًا إذَا أَمْكَنَهُ
التَّحْسِيسُ عَلَيْهَا لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ لِكَثْرَةِ الصُّفُوفِ
وَالزِّحَامِ أَوْ السَّوَارِي فَيَكُونُ كَالْحَائِلِ فَيَعْتَمِدُ ثِقَةً
يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ هَكَذَا ظَهَرَ وَعَرَضْتُهُ عَلَى شَيْخِنَا ط ب
فَوَافَقَ عَلَيْهِ سم وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَعْمَى مُسْتَفَادٌ مِنْ
تَفْسِيرِهِمْ الْإِمْكَانَ بِالسُّهُولَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: الْحَرَامِ ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى
جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ آدَمَ اقْتَبَسَ مِنْهُ
النَّارَ الَّتِي فِي أَيْدِي النَّاسِ أَيْ: اسْتَخْرَجَهَا بِالزِّنَادِ
مِنْ حَجَرٍ صَوَانِيٍّ أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَكَانَ يُسَمَّى فِي
الْجَاهِلِيَّةِ الْأَمِينُ لِأَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ كَانَ مُودَعًا
فِيهِ عَامَ الطُّوفَانِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى الصَّفَا
بِرْمَاوِيٌّ وَقَالَ اللَّهُ لَهُ: إذَا رَأَيْت خَلِيلِي يَبْنِي بَيْتِي
فَأَخْرِجْهُ لَهُ فَلَمَّا انْتَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
لِمَحَلِّ الْحَجَرِ نَادَاهُ الْجَبَلُ يَا إبْرَاهِيمُ إنَّ لَك
وَدِيعَةً عِنْدِي فَخُذْهَا فَإِذَا بِحَجَرٍ أَبْيَضَ مِنْ يَوَاقِيتِ
الْجَنَّةِ. وَقِيلَ سُمِّيَ الْأَمِينَ لِحِفْظِهِ مَا اُسْتُوْدِعَ فِيهِ
مِنْ الْأَمَانَاتِ ح ل فِي السِّيرَةِ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَايِنُهَا)
قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ مُعَايَنَتُهَا كَأَنْ
كَانَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ لَا أَنَّهُ يُعَايِنُهَا
بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُعَايِنُهَا بِالْفِعْلِ فَيُقَالُ
لَهُ عَالِمٌ بِهَا لَا أَنَّهُ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا، فَلَا يَصِحُّ
جَعْلُ هَذِهِ أَمْثِلَةً لِقَوْلِهِ وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا
تَأَمَّلْ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ، وَعِبَارَةُ م ر، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ
مِنْ مُعَايَنَتِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْمَلْ بِغَيْرِهِ إلَخْ)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَاكْتِفَاءِ الصَّحَابَةِ بِأَخْذِ بَعْضِهِمْ
عَنْ بَعْضٍ مَعَ إمْكَانِ سَمَاعِهِمْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ
(1/181)
مِنْ تَقْلِيدٍ أَوْ قَبُولِ خَبَرٍ أَوْ
اجْتِهَادٍ لِسُهُولَةِ عِلْمِهَا فِي ذَلِكَ وَكَالْحَاكِمِ إذَا وَجَدَ
النَّصَّ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّقْلِيدِ
وَالِاجْتِهَادِ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْهُ عِلْمُهَا
أَوْ أَمْكَنَهُ وَثَمَّ حَائِلٌ كَجَبَلٍ وَبِنَاءٍ. (اعْتَمَدَ ثِقَةً) ،
وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً. (يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ) لَا عَنْ
اجْتِهَادٍ كَقَوْلِهِ أَنَا أُشَاهِدُ الْكَعْبَةَ وَلَا يُكَلَّفُ
الْمُعَايَنَةَ بِصُعُودِ حَائِلٍ أَوْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْمَشَقَّةِ،
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ مَعَ وُجُودِ إخْبَارِ الثِّقَةِ وَفِي
مَعْنَاهُ رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ
صَغِيرٍ يَكْثُرُ طَارِقُوهُ وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْقِبْلَةَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ مُشَاهَدٌ وَلَا مَشَقَّةَ فِيهَا وَأَمَّا
الْأَحْكَامُ فَلَمْ تَكُنْ أَمْرًا مَحْسُوسًا فَذَهَابُهُمْ لِلنَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ حُكْمٍ فِيهِ مَشَقَّةٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْلِيدٍ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ
الْمَرَاتِبِ قَالَ حَجّ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ بِالْمَسْجِدِ،
وَهُوَ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ لَا يَعْتَمِدُ إلَّا عَلَى اللَّمْسِ
الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْيَقِينُ أَوْ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ
وَكَذَا قَرِينَةٌ قَطْعِيَّةٌ بِأَنْ كَانَ قَدْ رَأَى مَحَلًّا فِيهِ
مَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ لَهُ مَثَلًا يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا أَوْ أَخْبَرَهُ
بِذَلِكَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبُولِ خَبَرٍ) أَيْ:
مَا لَمْ يَبْلُغْ الْمُخْبِرُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ أَوْ يَكُونُ
مَعْصُومًا، وَإِلَّا فَهَلْ لَهُ الْأَخْذُ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ
شَوْبَرِيٌّ وَاسْتَوْجَهَ ع ش أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالْخَبَرِ
الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْيَقِينَ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ
فِيمَا إذَا أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا وَلَا حَائِلَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ:
وَكَالْحَاكِمِ) أَيْ: الْمُجْتَهِدِ أَيْ: وَقِيَاسًا عَلَيْهِ إذَا
وُجِدَ النَّصُّ فَلَا يَعْمَلُ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ
تَعْبِيرِهِ) لِتَنَاوُلِهِ الْإِخْبَارَ لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ
الْمِنْهَاجِ، وَإِلَّا أَخَذَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم قَالَ: شَيْخُنَا
وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُفَسَّرَ
التَّقْلِيدُ بِالْأَخْذِ بِقَوْلِ الْغَيْرِ مُطْلَقًا وَيَدُلُّ لَهُ
تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِلَا يَجُوزُ لَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِ غَيْرِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: اعْتَمَدَ ثِقَةً) ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاعْتِمَادَ الْمَذْكُورَ
لَا يُسَمَّى تَقْلِيدًا لِأَنَّ التَّقْلِيدَ سَيَأْتِي وَلَعَلَّ
وَجْهَهُ أَنَّ التَّقْلِيدَ خَاصٌّ بِأَخْذِ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مِنْ
غَيْرِ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ،
وَالْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ لَيْسَ مُجْتَهِدًا. (قَوْلُهُ: ثِقَةً) أَيْ
عَدْلَ رِوَايَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ
امْرَأَةً وَقَدْ يَشْمَلُ التَّعْبِيرُ بِالثِّقَةِ دُونَ مَقْبُولِ
الشَّهَادَةِ مَنْ يُرْتَكَبُ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ
الْفِسْقِ وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ غَيْرُهُ
كَفَاسِقٍ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِهِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ. اهـ.
ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ) عَدْلٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَخْبَرَ
لِيُفِيدَ أَنَّ وُجُودَهُ مَانِعٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ قَبْلَ
إخْبَارِهِ ق ل وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الصَّوَابُ حَذْفَ لَفْظَةِ إخْبَارٍ
مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِ
إخْبَارِ الثِّقَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَا أُشَاهِدُ الْكَعْبَةَ) أَيْ: أَوْ
الْمِحْرَابَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ قَالَ: رَأَيْت الْقُطْبَ وَنَحْوَهُ أَوْ
الْجَمْعَ الْكَثِيرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُصَلُّونَ هَكَذَا فَفِي هَذَا
كُلِّهِ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ بَلْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ فَإِنْ لَمْ
يُخْبِرْهُ لَزِمَهُ سُؤَالُهُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي
سُؤَالِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيَسْأَلُ مَنْ دَخَلَ دَارِهِ وَلَا
يَجْتَهِدُ نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخْبِرُهُ عَنْ اجْتِهَادٍ
امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ز ي. (قَوْلُهُ:
بِصُعُودِ حَائِلٍ) أَيْ: وَإِنْ قَلَّ كَثَلَاثِ دَرَجٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ
دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَيْ: وَإِنْ قَرُبَ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ،
وَعِبَارَةُ خ ط نَعَمْ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ جَازَ لَهُ
الْأَخْذُ بِقَوْلِ ثِقَةٍ مُخْبِرٍ عَنْ عِلْمٍ ع ش. (قَوْلُهُ:
لِلْمَشَقَّةِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ تُحْتَمَلُ عَادَةً ح ف. (قَوْلُهُ:
وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ: الْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ ع ش وَالْأَوْلَى رُجُوعُ
الضَّمِيرِ لِإِخْبَارِ الثِّقَةِ أَيْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ
الِاعْتِمَادِ لَا مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ مِنْ كُلِّ
وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يُجْتَهَدُ فِيهَا يَمْنَةً وَيَسْرَةً كَمَا سَيَأْتِي
بِخِلَافِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ
شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَأَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ
فِي مَعْنَى الْعِلْمِ بِالنَّفْسِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ
عَلَى الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ فَقَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ أَيْ: مِنْ
حَيْثُ امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ مَعَهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا فِي
الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: رُؤْيَةُ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) وَفِي مَعْنَاهَا خَبَرُ
صَاحِبِ الدَّارِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، إنْ عُلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا يُخْبِرُ
عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ شَرْحُ م ر
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ: يُخْبِرُ عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ بِأَنْ
أَخْبَرَ عَنْ مُعَايَنَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَرُؤْيَةِ الْقُطْبِ
وَالْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَيْ:
بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ شَكٍّ فِي أَمْرِهِ
اهـ بِحُرُوفِهِ وَالْمِحْرَابُ فِي اللُّغَةِ صَدْرُ الْمَجْلِسِ سُمِّيَ
الْمِحْرَابَ الْمَعْهُودَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَارِبُ فِيهِ
الشَّيْطَانَ وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا بِمَنْ فِيهِ خِلَافًا
لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْمِائَةِ
الْأُولَى مِحْرَابٌ وَإِنَّمَا حَدَثَتْ الْمَحَارِيبُ فِي أَوَّلِ
الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِهَا؛
لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ؛ وَلِأَنَّهَا مِنْ بِنَاءِ الْكَنَائِسِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَكْثُرُ طَارِقُوهُ) أَيْ: الْعَارِفُونَ
وَسَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ بِخِلَافِ مَا لَمْ تَسْلَمْ مِنْهُ
كَمَحَارِيبِ الْقَرَافَةِ وَأَرْيَافِ مِصْرَ فَلَا يَمْتَنِعُ
الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهَا بَلْ يَجِبُ لِامْتِنَاعِ اعْتِمَادِهَا
وَيَكْفِي
(1/182)
كَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ. (فَإِنْ
فَقَدَهُ) أَيْ: الثِّقَةَ الْمَذْكُورَةَ. (وَأَمْكَنَهُ اجْتِهَادٌ)
بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْكَعْبَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
وَالنُّجُومِ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَيْهَا. (اجْتَهَدَ لِكُلِّ
فَرْضٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي. (إنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ)
الْأَوَّلَ، إذْ لَا ثِقَةَ بِبَقَاءِ الظَّنِّ بِالْأَوَّلِ وَتَعْبِيرِي
بِالْفَرْضِ أَيْ: الْعَيْنِيِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّلَاةِ
وَمَحَلُّ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ حَائِلٌ أَنْ لَا
يَبْنِيَهُ بِلَا حَاجَةٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ
لِتَفْرِيطِهِ.
. (فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهُ) عَنْ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(أَوْ تَحَيَّرَ) الْمُجْتَهِدُ لِظُلْمَةٍ أَوْ تَعَارُضِ أَدِلَّةٍ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ. (صَلَّى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ
أَوْ ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا قَالَ شَيْخُنَا: وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ
عَلَى بَيْتِ الْإِبْرَةِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ
لِإِفَادَتِهَا الظَّنَّ بِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ كَمَا
أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ
الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهَا وَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ
بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَارِيبِ وَقَدْ جَعَلُوهَا فِي
دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: كَفَاسِقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ ع ش وَقِيَاسُ مَا
يَأْتِي فِي الصَّوْمِ الْأَخْذُ بِخَبَرِهِ إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ
صِدْقُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْقِبْلَةِ
مَبْنِيًّا عَلَى الْيَقِينِ وَكَانَتْ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ أَعْظَمَ مِنْ
حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِهَا
بِحَالٍ بِخِلَافِ الصَّوْمِ احْتَطْنَا لَهُ اط ف. (قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ
مُمَيِّزٍ) وَإِنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ عَلَى الرَّاجِحِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَهُ) أَيْ: حِسًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ شَرْعًا
بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَهُوَ
فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ كَمَا فِي ع ش وَمِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ مَا
لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِخْبَارِ أَوْ طَلَبَ الْأُجْرَةَ مَعَ عَدَمِ
الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْإِطْفِيحِيِّ. (قَوْلُهُ: بِأَدِلَّةِ
الْكَعْبَةِ) وَأَقْوَى أَدِلَّتِهَا الْقُطْبُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ
الْأَقَالِيمِ فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ
الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُسْرَى وَفِي الْيَمَنِ
قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ
وَفِي نَجْرَانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ح ل وَقَوْلُهُ: وَرَاءَهُ أَيْ: مِمَّا
يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ فَلَا يَتَّحِدُ مَعَ نَجْرَانَ ح ف، وَنَظَمَ
ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
مَنْ وَاجَهَهُ الْقُطْبُ بِأَرْضِ الْيَمَنِ ... وَعَكْسُهُ الشَّامُ
وَخَلْفَ الْأُذُنِ
يُمْنَى عِرَاقٌ ثُمَّ يُسْرَى مِصْرُ ... قَدْ صَحَّحُوا اسْتِقْبَالَهُ
فِي الْعُمُرِ
(قَوْلُهُ: وَالنُّجُومِ) قَالَ: شَيْخُنَا إنَّ كُلَّ نَجْمَةٍ قَدْرُ
الْجَبَلِ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَغُرَتْ لَمْ تَرَ وَكُلُّ
وَاحِدَةٍ مِنْهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسِلْسِلَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِي
الْكُرْسِيِّ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ خَضِرٍ الشَّوْبَرِيِّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا؛
لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ ع ش. (قَوْلُهُ: اُجْتُهِدَ
لِكُلِّ فَرْضٍ) وَلَوْ نَذْرًا وَصَلَاةِ صَبِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ
عَنْ مَوْضِعِهِ بَلْ يَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ إذَا
فَسَدَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مَوْضِعِهِ ح ل أَيْ: إذَا تَرَاخَى
فِعْلُهُ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ وَصَلَاةُ
الْجِنَازَةِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ م ر ع ش أَيْ وَالْمُعَادَةُ فَلَا
يَجْتَهِدُ لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر خِلَافًا لحج وَزي.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ) مِنْ الذُّكْرِ بِالضَّمِّ،
وَهُوَ الِاسْتِحْضَارُ أَيْ: إنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ
بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ الثَّانِي، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ
الْأَوَّلِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَذَكُّرِ الدَّلِيلِ
عِنْدَهُ بَلْ يَكْفِي الِاهْتِدَاءُ لِلْجِهَةِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ
النَّفَلَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ
لَهُمَا بَلْ هُمَا تَابِعَانِ لِاجْتِهَادِ الْفَرْضِ وَلَهُ أَنْ
يُصَلِّيَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ الَّذِي صَلَّى
بِهِ الْفَرْضَ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِالْجِهَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ
يَفْعَلَهُمَا ابْتِدَاءً اجْتَهَدَ لَهَا شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ) أَيْ وَالْأَخْذِ بِقَوْلِ
الثِّقَةِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبْنِيَهُ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَبْنِهِ أَوْ بَنَاهُ
لِحَاجَةٍ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ أَنْ يَبْنِيَهُ لِحَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ
أَخْصَرُ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ غَيْرُهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا
يُكَلَّفُ صُعُودَهُ أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ قَلْعُهُ ع ش. (قَوْلُهُ:
بِلَا حَاجَةٍ) فَإِنْ صَارَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بَعْدَ بِنَائِهِ بِلَا
حَاجَةٍ لَا يُكَلَّفُ صُعُودَهُ حَجّ ع ش، وَإِلَّا كُلِّفَ صُعُودَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ) أَيْ وَلَا الْأَخْذُ بِقَوْلِ
الثِّقَةِ بَلْ يُكَلَّفُ الْمُعَايَنَةَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ
أَرْبَعَةٌ: الْأُولَى: الْمُعَايَنَةُ. الثَّانِيَةُ: الْمُخْبِرُ عَنْ
عِلْمٍ. الثَّالِثَةِ: الِاجْتِهَادَ. الرَّابِعَةُ: التَّقْلِيدُ فَلَا
يَنْتَقِلُ لِلْمُتَأَخِّرَةِ إلَّا إنْ عَجَزَ عَنْ الَّتِي قَبْلَهَا
وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ.
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَاقَ وَقْتٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ
عِلْمُهَا دُونَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ وَإِنْ اقْتَضَى
كَلَامُهُ اسْتِوَاءَهُمَا فِي هَذَا الْمَالِ لَا يَخْفَى شَوْبَرِيٌّ
قَالَ ع ش: فَإِنْ ضَاقَ وَقْتٌ أَيْ: عَنْ إيقَاعِهَا كُلِّهَا فِي
الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الِاجْتِهَادِ) أَيْ: وَإِنْ أَثِمَ
بِتَأْخِيرِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَيَّرَ
صَلَّى إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ
(1/183)
إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ لِلضَّرُورَةِ.
(وَأَعَادَ) وُجُوبًا فَلَا يُقَلِّدُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ
وَلِجَوَازِ زَوَالِ التَّحَيُّرِ فِي صُورَتِهِ. (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ)
أَيْ: عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْكَعْبَةِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ
أَدِلَّتِهَا. (كَأَعْمَى) الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ.
(قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) بِأَدِلَّتِهَا، وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً
وَلَا يُعِيدُ مَا يُصَلِّيهِ بِالتَّقْلِيدِ. (وَمَنْ أَمْكَنَهُ
تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا لَزِمَهُ) تَعَلُّمُهَا كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ
وَنَحْوِهِ. (وَهُوَ) أَيْ: تَعَلُّمُهَا. (فَرْضُ عَيْنٍ لِسَفَرٍ) فَلَا
يُقَلِّدُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا صَلَّى كَيْفَ كَانَ
وَأَعَادَ وُجُوبًا. (وَ) فَرْضُ. (كِفَايَةٍ لِحَضَرٍ) وَإِطْلَاقُ
الْأَصْلِ أَنَّهُ وَاجِبٌ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَقَيَّدَ
السُّبْكِيُّ السَّفَرَ بِمَا يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُ بِالْأَدِلَّةِ
فَإِنْ كَثُرَ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَكَالْحَضَرِ.
. (وَمَنْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ مُقَلِّدِهِ.
(فَتَيَقَّنَ خَطَأً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يُصَلِّيَ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَفَاقِدِ
الطَّهُورَيْنِ إنْ جَوَّزَ زَوَالَ التَّحَيُّرِ صَبَرَ لِضِيقِ
الْوَقْتِ، وَإِلَّا صَلَّى أَوَّلَهُ ح ل
قَالَ ع ش: ثُمَّ الْمُرَادُ بِضِيقِهِ ضِيقُهُ عَنْ إيقَاعِهَا كُلِّهَا
فِيهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ
وَكَانَ لَوْ صَلَّاهَا خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ
حَيْثُ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا فِي الْوَقْتِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ
مِنْ الِاجْتِهَادِ ظُهُورُ الصَّوَابِ فَرُوعِيَ الْوَقْتُ وَأَشْبَهَ
ذَلِكَ مَنْ تَوَهَّمَ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الطَّلَبِ
أَمْنُهُ عَلَى الْوَقْتِ وَالِاخْتِصَاصِ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى أَيِّ
جِهَةٍ شَاءَ) فَلَوْ شَاءَ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ
الْتِزَامُهَا؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ لَهَا الْتَزَمَ اسْتِقْبَالَهَا
فَلَا يَتْرُكُهَا إلَّا بِمُرَجِّحٍ غَيْرِهَا عَلَيْهَا ع ش. (قَوْلُهُ:
لِلضَّرُورَةِ) أَيْ: ضَرُورَةِ حُرْمَةِ الْوَقْتِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ
ضَرُورَةُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ التَّحَيُّرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ)
هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَأَمْكَنَهُ اجْتِهَادٌ وَالْمُرَادُ
بِالْعَجْزِ عَنْ تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهَا وَإِنْ
قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ
وَيَجُوزُ تَعَلُّمُهَا مِنْ كَافِرٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: بِحُرْمَتِهِ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَعْتَمِدُهَا
إلَّا إذَا أَقَرَّهُ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ عَارِفٌ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ
إذَا أَمْكَنَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ
وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عَيْنًا، وَكَتَبَ أَيْضًا
يَتَعَيَّنُ إسْقَاطُ هَذَا وَقَدْ وُجِدَ بِخَطِّ وَلَدِهِ عَلَى
الْهَامِشِ مُلْحَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا قُلْنَا
بِوُجُوبِ تَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ عَيْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعَلَى
ثُبُوتِهِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ قَالَ:
فَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ التَّعَلُّمُ عَيْنًا وَكَانَ لَا يَعْرِفُ
الْأَدِلَّةَ كَانَ لَهُ تَقْلِيدُ الثِّقَةِ الْعَارِفِ بِالْأَدِلَّةِ
وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ
مُقَصِّرٍ بِعَدَمِ التَّعَلُّمِ لَهَا ح ل.
(قَوْلُهُ: قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) وَيَجِبُ تَكْرِيرُ سُؤَالِهِ لِكُلِّ
صَلَاةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ إخْبَارُهُ الثَّانِي عَنْ
الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَإِنْ لَمْ
يَجِدْ ثِقَةً عَارِفًا فَهُوَ كَالْمُتَحَيِّرِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
لَزِمَهُ) أَيْ: لُزُومًا عَيْنِيًّا أَوْ كِفَائِيًّا عَلَى التَّفْصِيلِ
الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ إلَخْ)
. لَا يُقَالُ: حَيْثُ اكْتَفَوْا بِتَعَلُّمٍ وَاحِدٍ فِي سُقُوطِ
الطَّلَبِ عَنْ الْبَاقِي لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُهُ فَرْضَ عَيْنٍ إذْ هُوَ
الْمُخَاطَبُ بِهِ كُلُّ مُكَلَّفٍ طَلَبًا جَازِمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ:
الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ عَيْنٍ عَدَمُ جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ
أَحَدٍ بَلْ كُلُّ فَرْضٍ مُخَاطَبٌ بِالْعِلْمِ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لَهُ
وَيُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ: فَلَا يُقَلِّدُ إلَخْ فَلَيْسَ
الْمُرَادُ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مَعْنَاهُ الْأُصُولِيُّ الْمَذْكُورُ بَلْ
هُوَ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ
الْكُلُّ فَتَسْمِيَتُهُ فَرْضَ عَيْنٍ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِمُشَابِهَتِهِ
لَهُ فِي إثْمِ الْجَمِيعِ لِتَرْكِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ بِفِعْلِ
الْبَعْضِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ
لِغَيْرِ الْعَارِفِ أَنْ يُقَلِّدَهُ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَلُّمَ
لِيَجْتَهِدَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالتَّعَلُّمِ
لِيَجْتَهِدَ فَيَكُونُ الْمُخَاطَبُ بِهِ عَلَى هَذَا الْبَعْضِ فَيَكُونُ
التَّقَابُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ هُوَ تَقَابُلُ الْقَوْلَيْنِ
فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَعْنِي كَوْنَ الْمُخَاطَبِ بِهِ الْكُلَّ أَوْ
الْبَعْضَ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: لِسَفَرٍ) أَيْ: لِإِرَادَةِ سَفَرٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي
طَرِيقِ مَقْصِدِ الْمُسَافِرِ بِلَادٌ مُتَقَارِبَةٌ فِيهَا مَحَارِيبُ
مُعْتَمَدَةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. (قَوْلُهُ: لِحَضَرٍ)
أَيْ: يَكْثُرُ فِيهِ الْعَارِفُونَ، وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ م ر
وَالْمُرَادُ بِالسَّفَرِ أَنْ يُوجَدَ أَحَدٌ مِنْ الْعَارِفِينَ
وَقَوْلُهُ: فَلَا يُقَلَّدُ أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُقَلِّدُهُ
وَالْمُرَادُ بِالْحَضَرِ أَنْ يُوَجِّهَ أَحَدٌ مِنْ الْعَارِفِينَ ح ل
فَالتَّقْيِيدُ بِهِمَا لِلْأَغْلَبِ ح ف. (قَوْلُهُ: بِمَا يَقِلُّ) أَيْ:
لَا يُوجَدُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ) بِأَنْ وُجِدَ وَلَوْ
وَاحِدًا؛ لِأَنَّ بِهِ يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ ح ل، وَهُوَ بَعِيدٌ،
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ أَنْ
يَكُونَ فِي الرَّكْبِ جَمَاعَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِيهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ
عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ وُجُودُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ
مَشَقَّةٍ قَوِيَّةٍ تَحْصُلُ فِي قَصْدِهِ لَهُ تَدَبَّرْ، وَعِبَارَةُ ز
ي قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَدَارَ
عَلَى قِلَّةِ الْعَارِفِينَ وَكَثْرَتِهِمْ وَلَا نَظَرَ إلَى حَضَرٍ
وَلَا سَفَرٍ حَتَّى لَوْ قَلَّ الْعَارِفُونَ فِي الْحَضَرِ تَعَيَّنَ
التَّعَلُّمُ.
. (قَوْله وَمَنْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ إلَخْ) الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ
كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّ
الْخَطَأَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَعَلَى
كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا فِي الْجِهَةِ أَوْ التَّيَامُنِ أَوْ التَّيَاسُرِ
فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ غَيَّرَهُ
أَوْ لَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا فِي
الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَهَذِهِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ
صُورَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَتَيَقَّنَ خَطَأً)
(1/184)
مُعَيَّنًا) فِي جِهَةٍ أَوْ تَيَامُنٍ
وَتَيَاسُرٍ. (أَعَادَ) وُجُوبًا صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ
الصَّوَابُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي
الْإِعَادَةِ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ
بِخِلَافِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي
الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَالْخَطَأِ فِي
الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَا
يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِيهَا. (فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا اسْتَأْنَفَهَا)
وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ وَخَرَجَ بِتَيَقُّنِ
الْخَطَإِ ظَنُّهُ وَالْمُرَادُ بِتَيَقُّنِهِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ
الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الثِّقَةِ عَنْ مُعَايَنَةٍ.
(وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) ثَانِيًا. (عَمِلَ بِالثَّانِي) لِأَنَّهُ
الصَّوَابُ فِي ظَنِّهِ. (وَلَا إعَادَةَ) لِمَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ
لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْخَطَأُ فِيهِ
غَيْرُ مُعَيَّنٍ.
. (فَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِهِ) أَيْ:
بِالِاجْتِهَادِ. (فَلَا إعَادَةَ) لَهَا لِذَلِكَ وَلَا يَجْتَهِدُ فِي
مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْنَةً
وَلَا يَسْرَةً وَلَا فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ جِهَةً.
. (بَابُ صِفَةِ) أَيْ: كَيْفِيَّةِ. (الصَّلَاةِ)
، وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ تُسَمَّى أَرْكَانًا وَعَلَى سُنَنٍ
يُسَمَّى مَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ مِنْهَا بَعْضًا وَمَا لَا يُجْبَرُ
هَيْئَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
التَّعْقِيبُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْفَاءِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ:
مُعَيَّنًا) مُحْتَرَزُهُ الْخَطَأُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَمَا سَيَأْتِي
فِي قَوْلِهِ: وَالْخَطَأُ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
وَأَعَادَ وُجُوبًا) أَيْ عِنْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ
لَهُ الصَّوَابُ الْآنَ أَوْ نَقُولُ: اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ
شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى، وَعِبَارَةُ ع ش أَعَادَ وُجُوبًا أَيْ:
ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا يُعِيدُ بِالْفِعْلِ عِنْدَ ظُهُورِ
الصَّوَابِ، فَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ وَضَاقَ الْوَقْتُ
صَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ كَالْمُتَحَيِّرِ شَوْبَرِيٌّ وَلَا عِبْرَةَ
بِصَلَاتِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا كَالْعَدَمِ لِتَيَقُّنِ الْخَطَإِ
فِيهَا. (قَوْلُهُ: فِيمَا) أَيْ: فِي صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ: مِثْلُهُ أَيْ
الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ: فِي الْإِعَادَةِ أَيْ: إعَادَتِهِ فَأَلْ عِوَضٌ
عَنْ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى مَا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي
إلَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ
الصَّوَابُ فَلَا يَأْمَنُ الْخَطَأَ فِي الْإِعَادَةِ. وَأُجِيبُ
بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ كَمَا قَالَهُ
الشَّوْبَرِيُّ: وسم. (قَوْلُهُ: فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) أَيْ: إذَا
لَمْ يَقِلُّوا. (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَهَا) أَيْ: وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا
عِنْدَ ظُهُورِ الصَّوَابِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ الْآنَ.
(قَوْلُهُ: ظَنَّهُ) وَمِنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَإِنْ تَغَيَّرَ
اجْتِهَادُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ
فِي جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرَ الْجِهَةِ الْأُولَى ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ:
وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَيْ: قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ فِيهَا
اهـ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ خَرَجَا بِقَوْلِهِ مُعَيَّنٌ كَمَا
تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: عَمِلَ بِالثَّانِي) مَحَلُّهُ إنْ كَانَ فِيهَا
إذَا تَرَجَّحَ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ
الْبَغَوِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ
كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَمَا هُنَا تَصْحِيحَ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَلَوْ
مَعَ التَّسَاوِي كَمَا لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي
الصَّلَاةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ لِمَا فَعَلَهُ
بِالْأَوَّلِ) مِنْ جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا وَمَحَلُّ الْعَمَلِ
بِالثَّانِي مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ وَاسْتِمْرَارُ صِحَّتِهَا إذَا ظَنَّ
الصَّوَابَ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَإِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ
الصَّوَابَ مُقَارِنًا بَطَلَتْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى
قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْهَا إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ عَمِلَ هُنَا
بِالِاجْتِهَادَيْنِ وَفَارَقَ مَا فِي الْمِيَاهِ مِنْ عَدَمِ عَمَلِهِ
فِيهَا بِالثَّانِي بِلُزُومِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ
غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَالصَّلَاةُ بِنَجَسٍ إنْ لَمْ
يَغْسِلْهُ وَهُنَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ
الْقِبْلَةِ يَقِينًا م ر؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ هُنَا
غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْخَطَأُ
فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ.
. (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّى) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا إعَادَةَ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجْتَهِدُ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي
مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ع ش أَيْ: مَا
ثَبَتَ أَنَّهُ وَقْفٌ فِيهِ لِلصَّلَاةِ بِإِخْبَارِ جَمْعٍ يُؤْمَنُ
تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ لَا الْمِحْرَابِ الْمُجَوَّفِ الْمَعْرُوفِ
الْآنَ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً) أَيْ: وَلَا جِهَةَ بِالْأَوْلَى
وَالْيَمْنَةُ وَالْيَسْرَةُ بِفَتْحِ الْيَاءِ فِيهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ
الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ)
أَيْ: الْمُعْتَمَدَةِ. (قَوْلُهُ: جِهَةَ) وَهَلْ يُقَدَّمُ إخْبَارُ
الثِّقَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ أَوْ يُقَدَّمُ جِهَةُ الْمِحْرَابِ
الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ إخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ فِي
هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبِيحُوا مَعَ عِلْمِهِ
الِاجْتِهَادَ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً وَجَوَّزُوا ذَلِكَ فِي
الْمَحَارِيبِ شَوْبَرِيٌّ.
. (بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) .
(قَوْلُهُ: أَيْ كَيْفِيَّةُ) فَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ لِأَنَّ
الصِّفَةَ اسْمٌ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّيْءِ كَالْبَيَاضِ،
وَالْكَيْفِيَّةُ أَعَمُّ قَالَ ح ل: كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ أَيْ:
الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ لِلصَّلَاةِ مِنْ أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا
وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْعِلَّةِ الصُّورِيَّةِ إلَى
مَعْلُولِهَا كَهَيْئَةِ السَّرِيرِ، فَالْغَرَضُ بَيَانُ مَا تَنْشَأُ
عَنْهُ تِلْكَ الْهَيْئَةُ، وَهُوَ الْأَرْكَانُ وَالسُّنَنُ، وَعِبَارَةُ
ع ن فَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الشَّيْءِ مَا
كَانَ زَائِدًا عَلَيْهِ وَمَا يَذْكُرُهُ هُوَ الصَّلَاةُ لَا أَمْرٌ
زَائِدٌ عَلَيْهَا وَفِيهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ كَمِّيَّتَهَا أَيْ:
أَجْزَاءَهَا، وَهِيَ أَرْكَانُهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ
مَذْكُورَةٌ فِي ضِمْنِ الْكَمِّيَّةِ، وَهِيَ كَوْنُ الْأَرْكَانِ عَلَى
التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ ع ش: لَوْ قَالَ: أَيْ: كَيْفِيَّتِهَا
وَكَمِّيَّتِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَرْكَانَهَا هُنَا
أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ تَشْتَمِلُ) أَيْ: الْكَيْفِيَّةُ. إنْ قُلْتُ
الْمُقَرَّرُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ هُوَ
(1/185)
وَعَلَى شُرُوطٍ تَأْتِي فِي بَابِهَا.
(أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ) بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي
مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ هَيْئَةً تَابِعَةً لِلرُّكْنِ وَفِي
الرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا
أَرْكَانًا وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي رُكْنًا
عَلَى قِيَاسِ عَدِّ الصَّائِمِ وَالْعَاقِدِ فِي الصَّوْمِ وَالْبَيْعِ
رُكْنَيْنِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. أَحَدُهَا. (نِيَّةٌ)
لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ هُنَا وَفِي سَائِرِ
الْأَبْوَابِ. (بِقَلْبٍ) فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ مَعَ غَفْلَتِهِ وَلَا
يَضُرُّ النُّطْقُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ كَأَنْ نَوَى الظُّهْرَ فَسَبَقَ
لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهَا. (لِفِعْلِهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَى الصِّفَةِ لَا الْعَكْسُ، وَهُنَا بِخِلَافِ
ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي هِيَ الصِّفَةُ
تَشْتَمِلُ عَلَى الْفُرُوضِ وَالسُّنَنِ إلَخْ قُلْتُ مَعْنَى اشْتِمَالِ
الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ مُلَابَسَتُهَا لَهُ أَيْ: تَعَلُّقُهَا بِهِ
لَا الِاشْتِمَالُ الْحَقِيقِيُّ شَيْخُنَا وَبِهِ يُجَابُ عَنْ قَوْلِ ع ش
فِي جَعْلِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى الشُّرُوطِ تَسَمُّحٌ إذْ الشَّرْطُ مَا
كَانَ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ؛ اهـ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاشْتِمَالِ
التَّعَلُّقُ، وَالسُّؤَالُ لَا يَرِدُ بَعْدَ تَفْسِيرِ الصِّفَةِ
بِالْكَيْفِيَّةِ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلصَّلَاةِ وَلَمَّا
كَانَتْ الشُّرُوطُ مُقَارِنَةً لَهَا كَانَتْ كَأَجْزَائِهَا فَصَحَّ
اشْتِمَالُهَا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَعَلَى شُرُوطٍ) لَكَ أَنْ تَقُولَ
لَوْ أَرَادَ بِالصِّفَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الشُّرُوطَ لَتَرْجَمَ
لِلشُّرُوطِ بِفَصْلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهَا بِبَابٍ عَلَى
أَنَّا نَمْنَعُ كَوْنَ الشَّرْطِ الْخَارِجِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ مِنْ
جُمْلَةِ الْكَيْفِيَّةِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: هَيْئَةً) أَيْ: صِفَةً وَقَوْلُهُ: تَابِعَةً لِلرُّكْنِ أَيْ:
فِي الْوُجُوبِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ
عَنْ الْإِمَامِ أَيْ: مِنْ عَدَمِ حُسْبَانِهَا رُكْنًا. (قَوْلُهُ: وَفِي
الرَّوْضَةِ) أَيْ: وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ
اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ الْإِتْيَانَ
بِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي السُّجُودِ فِي طُمَأْنِينَةِ
الِاعْتِدَالِ مَثَلًا وَجَبَ التَّدَارُكُ بِأَنْ يَعُودَ لِلِاعْتِدَالِ
فَوْرًا وَيَطْمَئِنَّ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ
خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّدَارُكِ بِنَاءً عَلَى
أَنَّهَا هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ وَبِوُجُوبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ
تَابِعَةٍ بَلْ مَقْصُودَةٌ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ كَوْنَ الْخِلَافِ
مَعْنَوِيًّا وَقَاسَ ذَلِكَ عَلَى الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ
الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَفِيهَا مِنْ أَصْلِهَا
بَعْدَ الرُّكُوعِ حَيْثُ يُتَدَارَكُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَرُدَّ
بِالْفَرْقِ بَيْنَ الطُّمَأْنِينَةِ وَبَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ
بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الشَّكَّ فِيهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ
قِرَاءَتِهَا لِكَثْرَةِ تِلْكَ الْحُرُوفِ وَغَلَبَةِ الشَّكِّ فِيهَا
عَلَى أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْفَاتِحَةِ
لَيْسَتْ صِفَةً تَابِعَةً لِلْمَوْصُوفِ كَالطُّمَأْنِينَةِ، بَلْ هِيَ
جُزْءٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْجُزْءُ لَيْسَ تَابِعًا لِلْكُلِّ، وَقَدْ
يُقَالُ كَانَ الْقِيَاسُ تَنْزِيلَ الْهَيْئَةِ مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ
بِالْأَوْلَى ح ل. (قَوْلُهُ: وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي إلَخْ) قَالَ:
شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ إنَّمَا
جُعِلَ رُكْنًا فِي الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُودُهُ
عَلَيْهِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ التَّحْقِيقُ
أَنَّهُمَا أَيْ: الْعَاقِدَ وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ شَرْطَانِ؛
لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ عَنْهُ وَفِي الصَّوْمِ رُكْنٌ؛ لِأَنَّ
مَاهِيَّتَه غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا تَتَعَقَّلُ
بِتَعَقُّلِ الْفَاعِلِ فَجُعِلَ رُكْنًا لِتَكُونَ تَابِعَةً لَهُ
بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ تُوجَدُ خَارِجًا بِدُونِ فَاعِلٍ فَلَمْ
يَحْتَجْ لِلنَّظَرِ لِفَاعِلِهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: «إنَّمَا
الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ع ش، وَهَذَا لَا يُنْتِجُ كَوْنَهَا رُكْنًا
بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا يُنْتِجُ وُجُوبَهَا فِي الصَّلَاةِ، وَعِبَارَةُ
م ر لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ إلَى أَنْ قَالَ: وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ
فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا فَكَانَتْ
رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ وَمَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ إنْ وَجَبَ
لَهَا فَشَرْطٌ أَوْ فِيهَا فَرُكْنٌ أَوْ سُنَّ وَجُبِرَ فَبَعْضٌ،
وَإِلَّا فَهَيْئَةٌ اهـ وَقِيلَ: إنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ لَا
يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِآخِرِهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ بِآخِرِهَا
تَبَيَّنَ دُخُولُهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ إلَخْ)
أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ بِقَلْبٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ:
بِقَلْبٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا
تَكُونُ إلَّا بِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ بَيَانُ
الْمَاهِيَّةِ وَأَيْضًا ذِكْرُهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ
اللَّفْظَ فِيهَا لَا يُقَالُ: لَا يُنَافِي هَذَا جَعْلَهُ فَلَا يَكْفِي
النُّطْقُ إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى
الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ النِّيَّةُ مَعَ قَيْدِهِ، وَتَفْرِيعِهِ حِينَئِذٍ
ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ
مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَيْدِ وَحْدَهُ، وَهُوَ بَيِّنٌ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ
شَوْبَرِيٌّ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِمَحَلِّهَا هُنَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ
بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ الْمُفْتَقِرَةِ لِلنِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْقَلْبَ
لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْكُلِّ اهْتِمَامًا بِالصَّلَاةِ ح ف. (قَوْلُهُ:
فَسَبَقَ لِسَانُهُ) أَيْ: أَوْ تَعَمَّدَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ وَقَصَدَ
مَا نَوَاهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:
لِفِعْلِهَا) أَيْ: إيقَاعِهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ
الْمُكَلَّفَ بِهِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ كَمَا قَالَهُ سم: وَقَالَ
غَيْرُهُ: الْمُكَلَّفُ بِهِ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ.
فَإِنْ قُلْتَ: النِّيَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا
قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ
لِفِعْلِهَا. أُجِيبُ بِأَنَّهُ جَرَّدَ النِّيَّةَ عَنْ بَعْضِ
مَعْنَاهَا، وَهُوَ الْفِعْلُ
(1/186)
أَيْ: الصَّلَاةِ، وَلَوْ نَفْلًا
لِتَتَمَيَّزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي
الذِّهْنِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ،
وَهِيَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى. (مَعَ
تَعْيِينِ ذَاتِ وَقْتٍ أَوْ سَبَبٍ) كَصُبْحٍ وَسُنَّتِهِ لِتَتَمَيَّزَ
عَنْ غَيْرِهَا فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ صَلَاةِ الْوَقْتِ. (وَمَعَ نِيَّةِ
فَرْضٍ فِيهِ) أَيْ: فِي الْفَرْضِ، وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ نَذْرًا
لِتَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ وَلِبَيَانِ حَقِيقَتِهِ فِي الْأَصْلِ
وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُعَادَةَ نَظَرًا لِأَصْلِهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا
فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ
فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ، بَلْ صَوَّبَهُ، قَالَ إذْ كَيْفَ يَنْوِي
الْفَرْضِيَّةَ وَصَلَاتُهُ لَا تَقَعُ فَرْضًا؟ وَيُؤْخَذُ جَوَابُهُ مِنْ
تَعْلِيلِنَا الثَّانِي وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَكْفِي لِلنَّفْلِ
الْمُطْلَقِ وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبِ نِيَّةِ
فِعْلِ الصَّلَاةِ لِحُصُولِهِ بِهَا وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ تَحِيَّةَ
الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ
وَعَلَيْهِ تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا مَرَّ.
. (وَسُنَّ نِيَّةُ نَفْلٍ فِيهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَفْلًا) لِلتَّعْمِيمِ. (قَوْلُهُ:
لِأَنَّهُ) أَيْ: الْفِعْلَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ هُنَا) أَيْ: الصَّلَاةُ،
وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا كَقَوْلِكَ: الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ أَوْ
الصَّلَاةُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ، فَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ
النِّيَّةَ ح ف. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى) ، وَإِلَّا لَزِمَ
التَّسَلْسُلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَهَذَا لَا
يَتَأَتَّى إلَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَنْوِي كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ
الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَنْوِي
الْمَجْمُوعَ أَيْ: يُلَاحِظُ مَجْمُوعَ الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ فَيُمْكِنُ أَنْ تُنْوَى بِأَنْ تُلَاحَظَ مِنْ جُمْلَةِ
أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا لَا
تُنْوَى أَيْ: لَا تَجِبُ نِيَّتُهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا
يَجِبُ أَنْ يُلَاحَظَ أَنَّ النِّيَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ
شَيْخُنَا: أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا
كَالْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ تَصِيرُ مُحَصِّلَةً لِنَفْسِهَا وَغَيْرِهَا
كَالشَّاةِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا وَلَكِنْ
لَا يَجِبُ أَنْ يُلَاحَظَ هَذَا الْقَدْرُ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ تَعْيِينِ
ذَاتِ وَقْتٍ) لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ التَّعْيِينِ هُنَا مَا يَأْتِي
أَنَّهُ قَدْ يَنْوِي الْقَصْرَ وَيُتِمُّ وَالْجُمُعَةَ وَيُصَلِّي
الظُّهْرَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ وَصَلَاتُهُ غَيْرُ
مَا نَوَاهُ بِاعْتِبَارِ عَارِضٍ اقْتَضَاهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ
سَبَبٍ) كَالْكُسُوفِ وَقَوْلُهُ عَنْ غَيْرِهَا: وَهُوَ النَّفَلُ
الْمُطْلَقُ. (قَوْلُهُ: صَلَاةِ الْوَقْتِ) أَيْ: الْمُطْلَقِ الصَّادِقِ
بِكُلِّ الْأَوْقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ نِيَّةِ فَرْضٍ) أَيْ:
مُلَاحَظَتِهِ.
(قَوْلُهُ: لِتَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ) أَدْخَلَ بِهِ الْمَنْذُورَةَ
وَقَوْلُهُ: وَلِبَيَانِ حَقِيقَتِهِ أَدْخَلَ بِهِ الْمُعَادَةَ وَصَلَاةَ
الصَّبِيِّ أَيْ: فَالْغَرَضُ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَحَدُ
الْأَمْرَيْنِ إمَّا التَّمْيِيزُ وَإِمَّا بَيَانُ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ
لَا تَمْيِيزُهُ عَنْ غَيْرِهِ ح ل وَع ش وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُعَادَةَ وَبِهَذَا انْدَفَعَ اعْتِرَاضُ عَمِيرَةَ
بِقَوْلِهِ: هَذَا التَّعْلِيلُ أَيْ: قَوْلُهُ: لِتَتَمَيَّزَ عَنْ
النَّفْلِ يَجِبُ إسْقَاطُهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُصَلِّيَ الظُّهْرِ
مَثَلًا إذَا قَصَدَ فِعْلَهَا وَعَيَّنَهَا بِكَوْنِهَا ظُهْرًا
تَمَيَّزَتْ بِذَلِكَ عَنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ بِحَيْثُ لَا تَصْدُقُ
عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَكَيْفَ يُعَلِّلُ اشْتِرَاطَ الْفَرْضِيَّةِ مَعَ
ذَلِكَ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ النَّفْلِ مَعَ أَنَّهُ حَاصِلٌ
بِالتَّعْيِينِ؟ اهـ وَقَالَ: ح ل قَوْلُهُ: لِتَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ
أَيْ:، وَهُوَ الْمُعَادَةُ وَصَلَاةُ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ النَّاوِي
بَالِغًا غَيْرَ مُعِيدٍ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَوْلُهُ:
وَمَعَ نِيَّةِ فَرْضٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إذْ كَيْفَ يَنْوِي
الْفَرْضِيَّةَ؟) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ مَا
فَاتَهُ زَمَنَ الْجُنُونِ أَنَّهُ لَا يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ، وَكَذَا
الْحَائِضُ عَلَى الْقَوْلِ بِانْعِقَادِ الصَّلَاةِ الْمَقْضِيَّةِ
مِنْهَا كَمَا عَلَيْهِ شَيْخُنَا فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش:
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْحَائِضَ تَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ وَمِثْلُهَا
الْمَجْنُونُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُمَا
كَانَا مَحَلًّا لِلتَّكْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ. بَقِيَ أَنَّ هَذَا
التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى
الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَلَاعُبٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ
مُرَادًا، إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِهَا وَعَدَمِهِ لَكِنْ
يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ حَيْثُ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ أَنْ لَا يُرِيدَ
أَنَّهَا فَرْضٌ فِي حَقِّهِ بِحَيْثُ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا
وَإِنَّمَا يَنْوِي بِالْفَرْضِ بَيَانَ الْحَقِيقَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ
يُطْلَقُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش
عَلَى م ر فَلَوْ أَرَادَ أَنَّهَا فَرْضٌ عَلَيْهِ بَطَلَتْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيلِنَا الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: وَلِبَيَانِ
حَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ فِي الْأَصْلِ شَوْبَرِيٌّ
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الصَّبِيِّ
وَتَجِبُ فِي الْمُعَادَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقِيَامُ فِي صَلَاةِ
الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمُحَاكَاةُ، وَهِيَ بِالْقِيَامِ
حِسِّيٌّ ظَاهِرٌ، وَبِالنِّيَّةِ قَلْبِيٌّ خَفِيٌّ، وَالْمُحَاكَاةُ
إنَّمَا تَظْهَرُ بِالْأَوَّلِ فَوَجَبَ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا ذَكَرَ)
أَيْ: بِقَوْلِهِ مَعَ تَعْيِينٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً
مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ تَعْيِينِ ذَاتِ السَّبَبِ وَالتَّحْقِيقُ عَدَمُ
الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهُ
بِالسَّبَبِ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ، وَإِنَّمَا هُوَ نَفْلٌ
مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ لَا يُقَالُ مُقْتَضَى
كَوْنِهِ نَفْلًا مُطْلَقًا عَدَمُ انْعِقَادِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ
وَرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ؛ لِأَنَّا
نَقُولُ: لَمَّا حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ انْعَقَدَ
بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ لِمَنْ دَخَلَ
وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ح ل. (فَائِدَةٌ)
السُّنَنُ الَّتِي تَنْدَرِجُ مَعَ غَيْرِهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ
وَرَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَالطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ وَسُنَّةُ الْغَفْلَةِ
وَالِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةُ الْحَاجَةِ وَرَكْعَتَا الزَّوَالِ
وَرَكْعَتَا الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَرَكْعَتَا الْخُرُوجِ لَهُ اهـ
شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ نِيَّةُ نَفْلٍ فِيهِ) يَنْبَغِي غَيْرَ صَلَاةِ
الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ خُرُوجًا مِنْ
الْخِلَافِ
(1/187)
أَيْ: فِي النَّفْلِ خُرُوجًا مِنْ
الْخِلَافِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ لِلُزُومِ النَّفْلِيَّةِ لَهُ
بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ لِلظُّهْرِ وَنَحْوِهَا. (وَ) سُنَّ. (إضَافَةُ
اللَّهِ تَعَالَى) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ
لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى وَالتَّصْرِيحُ
بِسَنِّ هَذَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَنُطْقٍ) بِالْمَنْوِيِّ. (قُبَيْلَ
التَّكْبِيرِ) لِيُسَا عَدَّ اللِّسَانُ الْقَلْبَ. (وَصَحَّ أَدَاءٌ
بِنِيَّةِ قَضَاءٍ وَعَكْسُهُ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي. (بِعُذْرٍ)
مِنْ غَيْمٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْتِي بِمَعْنَى
الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِخِلَافِهِ فَلَا
يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ.
. (وَ) ثَانِيهَا. (تَكْبِيرُ تَحَرُّمٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ
الْمُصَلِّيَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِهِ مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ مِنْ
مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ خَبَرُ الْمُسِيءُ صَلَاتَهُ
«إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ
مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ
ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ
سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ
فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ
لِلْبُخَارِيِّ «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ
حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا»
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَدَلَ قَوْلِهِ «حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا
حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا» . (مَقْرُونًا بِهِ النِّيَّةُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي النَّفْلِ) أَيْ: الْمُطْلَقِ وَذِي
الْوَقْتِ وَالسَّبَبِ.
(قَوْلُهُ: لِلُزُومِ النَّفْلِيَّةِ لَهُ) أَيْ: أَصَالَةً وَقَدْ يَجِبُ
لِعَارِضِ نَذْرٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِلظُّهْرِ وَنَحْوِهَا) إذْ
قَدْ تَقَعُ مُعَادَةٌ أَيْ: فَوَجَبَتْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ
لِيَتَمَيَّزَ الْفَرْضُ عَنْ الْمُعَادَةِ وَحِينَئِذٍ اقْتَضَى كَلَامُهُ
عَدَمَ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ
وُجُوبُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ
الْمُرَادَ بِهِ الْفَرْضُ الصُّورِيُّ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ
عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْمُعَادَةِ وَكَذَا
لِتَتَمَيَّزَ عَنْ صَلَاةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ
لَا تَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ نَوَاهَا فَالْمُرَادُ الْفَرْضُ
الصُّورِيُّ، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ
لِلظُّهْرِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهَا قَدْ تَتَخَلَّفُ، وَذَلِكَ فِي
الْمُعَادَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ فَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي صَلَاةِ
الظُّهْرِ مَثَلًا الْمُعَادَةِ الْغَرَضُ مِنْهَا بَيَانُ حَقِيقَتِهَا
الْأَصْلِيَّةِ لَا تَمْيِيزُهَا عَنْ النَّافِلَةِ، وَكَذَا صَلَاةُ
الصَّبِيِّ إذَا نَوَى الْفَرْضِيَّةَ الْغَرَضُ مِنْهَا بَيَانُ
حَقِيقَتِهَا لَا تَمْيِيزُهَا عَنْ النَّافِلَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ
الْمُعَادَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ فَلِتَمْيِيزِهَا عَنْهُمَا، وَبِهَذَا
سَقَطَ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ هُنَا. (قَوْلُهُ: لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ
الْقَلْبَ) وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَمَا قَالَهُ م ر
وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ وَاهٍ. (قَوْلُهُ:
يَأْتِي بِمَعْنَى الْآخَرِ) أَيْ: لُغَةً يُقَالُ أَدَّيْتُ الدَّيْنَ
وَقَضِيَّتُهُ بِمَعْنَى وَفَّيْتُهُ ع ش. (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ
بِخِلَافِهِ) أَيْ: وَقَدْ أَرَادَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَوْ أَطْلَقَ
فَإِنْ أَرَادَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ صَحَّ كَمَا فِي ح ل.
. (قَوْلُهُ: تَكْبِيرُ تَحَرُّمٍ) وَفِي الْبَحْرِ وَجْهٌ أَنَّهَا
شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِتَمَامِهَا فَلَيْسَتْ دَاخِلَ
الْمَاهِيَّةِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ بِفَرَاغِهِ مِنْهَا يَتَبَيَّنُ
دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا اهـ وَالْحِكْمَةُ فِي
افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ اسْتِحْضَارُ الْمُصَلِّي عَظَمَةَ
مَنْ تَهَيَّأَ لِخِدْمَتِهِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَمْتَلِئَ
هَيْبَةً فَيَحْضُرُ قَلْبُهُ وَيَخْشَعُ وَلَا يَعْبَثُ بِرْمَاوِيٌّ ح ف.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ) أَيْ: وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ
عَلَيْهِ يَدْخُلُ بِهِ فِي أَمْرٍ مُحْتَرَمٍ قَالَ ع ن: يُقَالُ:
أَحْرَمَ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُهْتَكُ قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَمَّا دَخَلَ بِهَذِهِ
التَّكْبِيرَةِ فِي عِبَادَةٍ تَحْرُمُ فِيهَا أُمُورٌ قِيلَ لَهَا
تَكْبِيرَةُ تَحَرُّمٍ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: خَبَرُ الْمُسِيءِ
صَلَاتَهُ) أَيْ: الَّذِي أَسَاءَ صَلَاتَهُ وَلَمْ يُحْسِنْهَا وَاسْمُهُ
خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ وَقَوْلُهُ: مَا
تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُتَيَسِّرُ مَعَهُ إذْ ذَاكَ
الْفَاتِحَةُ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَاقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» ح
ل قَالَ ع ش: وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ «إذَا قُمْتَ إلَى
الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ» عَلَى عَادَتِهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي
الْأَحَادِيثِ الطِّوَالِ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِدْلَالِ لِيُحِيلَ
عَلَيْهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَلَمْ
يَذْكُرْ لَهُ التَّشَهُّدَ وَنَحْوَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ
لِكَوْنِهِ كَانَ عَالِمًا بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْجُدْ) أَيْ:
بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تُطَمْئِنَ جَالِسًا ع ش أَيْ:
فَيَكُونُ بَيَانًا لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ارْفَعْ
إلَخْ أَيْ: لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِي صَحِيحِ ابْنِ
حِبَّانَ أَتَى بِهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا التَّعَرُّضَ لِلطُّمَأْنِينَةِ
مُبَالَغَةٌ فِي الِانْتِصَابِ قَائِمًا وَإِشَارَةٌ إلَى عَدَمِ إجْزَاءِ
الْقِرَاءَةِ فِي حَالِ النُّهُوضِ أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إلَى
الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ وَإِنْ أَجْزَأَتْ قَبْلَ
الطُّمَأْنِينَةِ. (قَوْلُهُ: مَقْرُونًا بِهِ النِّيَّةُ) ، وَذَلِكَ
بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ وَمَا يَجِبُ
التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا فَرْضًا ثُمَّ يَقْصِدُ فِعْلَ
هَذَا الْمَعْلُومِ وَيَجْعَلُ قَصْدَ هَذَا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ
التَّكْبِيرِ وَلَا يَغْفُلُ عَنْ تَذَكُّرِهِ حَتَّى يُتِمَّ التَّكْبِيرَ
وَنَازَعَ فِيهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّهُ لَا تَحْوِيهِ الْقُدْرَةُ
الْبَشَرِيَّةُ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ
الشَّارِحُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْحَقُّ
الَّذِي لَا يَجُوزُ سِوَاهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَلَوْ تَخَلَّلَ
بَيْنَ اللَّهُ وَأَكْبَرُ مَا لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ
مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لَهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ
عَلَيْهِ الِانْعِقَادُ ز ي
وَقَوْلُهُ: ذَاتَ الصَّلَاةِ أَيْ: تَفْصِيلًا كَمَا قَالَهُ حَجّ:
لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا حِينَئِذٍ وَلَا
تَحْوِيهَا الْقُدْرَةُ الْبَشَرِيَّةُ حِينَئِذٍ شَيْخُنَا قَالَ ع ش:
وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا م ر فِي شَرْحِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا اخْتَارَهُ
فِي الْمَجْمُوعِ أَصْلًا لَكِنْ ذَكَرَ حَجّ مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ
حَيْثُ قَالَ: بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ؛ وَلِذَلِكَ صَوَّبَ السُّبْكِيُّ
وَغَيْرُهُ الِاخْتِيَارَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْحَقُّ
وَغَيْرُهُ: إنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ حَسَنٌ
بَالِغٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَالْأَذْرَعِيُّ
(1/188)
بِأَنْ يَقْرِنَهَا بِأَوَّلِهِ
وَيَسْتَصْحِبَهَا إلَى آخِرِهِ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ اخْتَارَ فِي
مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا
الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا
أَنَّهُ مُسْتَحْضِرٌ لِلصَّلَاةِ.
(وَتَعَيَّنَ فِيهِ) عَلَى الْقَادِرِ عَلَى النُّطْقِ بِهِ. (اللَّهُ
أَكْبَرُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ مَعَ خَبَرِ
الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَا يَكْفِي
اللَّهُ كَبِيرٌ وَلَا الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ. (وَلَا يَضُرُّ مَا لَا
يَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ: اسْمَ التَّكْبِيرِ. (كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ)
وَاَللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْبَرُ. (لَا
أُكَبِّرُ اللَّهَ) وَلَا اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ
الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا وَيَجِبُ
إسْمَاعُ التَّكْبِيرِ نَفْسَهُ إنْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَلَا عَارِضَ
مِنْ لَغَطٍ أَوْ نَحْوِهِ.
. (وَمَنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا عَنْ
نُطْقِهِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ. (تُرْجِمَ) عَنْهُ وُجُوبًا
بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ وَلَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ.
(وَلَزِمَهُ تَعَلُّمٌ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إنَّهُ صَحِيحٌ وَالسُّبْكِيُّ: مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ وَقَعَ فِي
الْوَسْوَاسِ الْمَذْمُومِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْرُنَهَا) بِضَمِّ
الرَّاءِ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:
وَيَسْتَصْحِبُهَا) قَالَ السُّبْكِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي هَذَا
الِاسْتِصْحَابِ فَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ اسْتِحْضَارُهَا
وَلَكِنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ وَإِيجَابُ مَا لَيْسَ
بِنِيَّةٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَقِيلَ تَوَالِي أَمْثَالِهَا فَإِذَا
وُجِدَ الْقَصْدُ الْمُعْتَبَرُ أَوَّلًا وُجِدَ مِثْلُهُ وَهَكَذَا مِنْ
غَيْرِ تَخَلُّلِ زَمَنٍ وَلَيْسَ تَكْرَارُ النِّيَّةِ كَتَكْرَارِ
التَّكْبِيرِ كَيْ يَضُرَّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا
بِالْفَرَاغِ مِنْ التَّكْبِيرِ قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ فِيهِ حَرَجٌ
وَمَشَقَّةٌ لَا يَتَفَطَّنُ لَهُ كُلُّ أَحَدٍ وَلَا يَقْصِدُهُ ع ش
وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِوُجُودِ
النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ اهـ عَمِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ
يُعَدُّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَاكْتَفَى
بِالِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ أَيْضًا بِحَيْثُ إلَخْ فَالْحَيْثِيَّةُ
بَيَانٌ لِلِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ لَا لِلْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ
لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ الْعُرْفِيَّةَ مَعْنَاهَا أَنْ يُوجَدَ
اقْتِرَانُهَا عِنْدَ أَيِّ جُزْءٍ وَلَا يَضُرُّ عُزُوبُهَا بَعْدُ
وَالِاسْتِصْحَابُ الْحَقِيقِيُّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ
تَفْصِيلًا وَالْمُقَارَنَةُ الْحَقِيقِيَّةُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ
الْأَرْكَانَ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ إلَى آخِرِهَا.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْقَوْمِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ اسْتِحْضَارٌ
حَقِيقِيٌّ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ جَمِيعَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ تَفْصِيلًا
وَمُقَارَنَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بِأَنْ يَقْرُنَ ذَلِكَ الْمُسْتَحْضِرَ
بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ وَاسْتِحْضَارٌ عُرْفِيٌّ بِأَنْ
يَسْتَحْضِرَ الْأَرْكَانَ إجْمَالًا وَمُقَارَنَةً عُرْفِيَّةً بِأَنْ
يَقْرُنَ ذَلِكَ الْمُسْتَحْضِرَ بِجُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ شَيْخُنَا،
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الِاسْتِحْضَارَ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَصْدُ
وَالتَّعْيِينُ وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَيِّ جُزْءٍ مِنْ
أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ل نَقْلًا عَنْ
شَيْخِهِ الْخَلِيفِيِّ، وَهُوَ عَنْ شَيْخِهِ الشَّيْخِ مَنْصُورٍ
الطُّوخِيِّ، وَهُوَ عَنْ شَيْخِهِ الشَّوْبَرِيِّ، وَهُوَ عَنْ شَيْخِهِ
الرَّمْلِيِّ الصَّغِيرِ، وَهُوَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ: وَكَانَ
الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ يَقُولُ: هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ،
وَهَذَا انْفَرَدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ اهـ
وَيُمْكِنُ رُجُوعُ م ر عَمَّا فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ
فِيهِ) أَيْ: فِي التَّكْبِيرِ أَيْ: فِي صِيغَتِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ
يَلْزَمُ عَلَيْهِ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ:
صِيغَةُ التَّكْبِيرِ عَامَّةٌ وَظَرْفِيَّةُ الْخَاصِّ فِي الْعَامِّ
جَائِزَةٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ) أَيْ: وَلَمْ يُرْوَ
عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَّى عَلَى غَيْرِ
هَذَا الْوَجْهِ ع ش. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ: إذَا
كَانَ مِنْ نُعُوتِ اللَّهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ اللَّهُ هُوَ
أَكْبَرُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَاَللَّهِ يَا رَحْمَنُ
أَكْبَرُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَلَا يَضُرُّ مَا لَا يَمْنَعُ إلَخْ
هَلْ كَذَلِكَ السَّلَامُ؟ وَمَا الْفَرْقُ؟ مَعَ أَنَّ مَا هُنَا أَحْوَطُ
تَوَقَّفَ فِيهِ شَيْخُنَا ز ي شَوْبَرِيٌّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ
قَالَ ح ل: قَوْلُهُ: مَا لَا يَمْنَعُ الِاسْمُ أَيْ: لَا يُفَوِّتُ
مَعْنَاهُ، وَهُوَ كَوْنُ اللَّهِ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ) لِأَنَّ أَلْ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى
بَلْ تُقَوِّيهِ بِإِفَادَةِ الْحَصْرِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى
خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ م ر. (قَوْلُهُ: لَا أُكَبِّرُ اللَّهَ) هَلْ
وَلَوْ وَصَلَ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ أَكْبَرُ كَأَنْ قَالَ: أُكَبِّرُ
اللَّهَ أَكْبَرُ: فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ
الْبِنَاءَ ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا ع ش وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ
قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ الْمُضِرَّ
وُجُودُ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ، وَهِيَ
حَاصِلَةٌ بِدُونِ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ ع ش وَكَذَا بِدُونِهِمَا أَيْ:
الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ م ر سم. (قَوْلُهُ: لَا
يُسَمَّى تَكْبِيرًا) أَيْ: شَرْعًا وَقَالَ: ح ل اُنْظُرْ لَا يُسَمَّى
عِنْدَ مَنْ مَعَ أَنَّ مَعْنَى التَّكْبِيرِ، وَهُوَ كَوْنُ اللَّهِ
أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ
إسْمَاعُ التَّكْبِيرِ نَفْسَهُ) وَكَذَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ
الْقَوْلِيَّةِ.
. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ إلَخْ) وَمُضَارِعُهُ بِعَكْسِ ذَلِكَ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَرْجَمَ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّرْجَمَةِ
أَيْضًا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِذِكْرٍ آخَرَ وَقِيلَ يَسْقُطُ
التَّكْبِيرُ ع ش مُلَخَّصًا وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِالْفَارِسِيَّةِ
(خداي بزرك تر) كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ النِّعْمَةِ
الْكُبْرَى فَلَا بُدَّ مِنْ تر لِأَنَّ خداي مَعْنَاهُ اللَّهُ وَبِزِرِّك
مَعْنَاهُ كَبِيرٌ
(1/189)
وَلَوْ بِسَفَرٍ وَبَعْدَ التَّعَلُّمِ لَا
يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ إلَّا إنْ أَخَّرَ
التَّعَلُّمَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا
بُدَّ مِنْ صَلَاتِهِ بِالتَّرْجَمَةِ لِحُرْمَتِهِ وَيَلْزَمُهُ
الْقَضَاءُ لِتَفْرِيطِهِ وَيَلْزَمُ الْأَخْرَسَ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ
وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ قَدْرَ إمْكَانِهِ وَهَكَذَا
حُكْمُ سَائِرِ أَذْكَارِهِ الْوَاجِبَةِ مِنْ تَشَهُّدٍ وَغَيْرِهِ قَالَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَمَا
فِي الْمَرِيضِ.
. (وَسُنَّ لِإِمَامٍ جَهْرٌ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ
وَغَيْرِهِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ
أَوْ بَعْضُهُمْ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْإِمَامِ،
وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي كَالْإِمَامِ مُبَلِّغٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. (وَ)
سُنَّ. (لِمُصَلٍّ) مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرُهُ. (رَفْعُ كَفَّيْهِ)
لِلْقِبْلَةِ مَكْشُوفَتَيْنِ مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ مُفَرَّقَةً
وَسَطًا. (مَعَ ابْتِدَاءِ) تَكْبِيرِ. (تَحَرُّمٍ حَذْوَ) بِذَالٍ
مُعْجَمَةٍ أَيْ: مُقَابِلَ. (مَنْكِبَيْهِ) بِأَنْ تُحَاذِيَ أَطْرَافُ
أَصَابِعِهِ أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ
وَرَاحَتَاهُ مَنْكِبَيْهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ
مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» أَمَّا الِانْتِهَاءُ فَفِي
الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَشَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهِ
شَيْءٌ، بَلْ إنْ فَرَغَ مِنْهُمَا مَعًا فَذَاكَ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا
قَبْلَ تَمَامِ الْآخَرِ أَتَمَّ الْآخَرَ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي شَرْحَ
الْمُهَذَّبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَتَرَ يُصَيِّرُهُ بِمَعْنَى أَكْبَرُ شَيْخُنَا ح ف أَيْ: لِأَنَّهُ
دَالٌّ عَلَى التَّفْضِيلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَفَرٍ) أَيْ: وَلَوْ
فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ م ر وَع ش، وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ بِسَفَرٍ
أَطَاقَهُ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّ مَا لَا
يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ
السَّفَرُ لِلْمَاءِ عَلَى فَاقِدِهِ لِدَوَامِ النَّفْعِ هُنَا
بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَضَاقَ الْوَقْتُ) ، أَمَّا مَعَ
سَعَتِهِ فَلَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ رُجِيَ حُصُولُ
التَّعَلُّمِ قَبْلَ ضِيقِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر فَإِنْ ضَاقَ
الْوَقْتُ صَلَّى لِحُرْمَتِهِ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ تَرَكَ
التَّعَلُّمَ لَهَا مَعَ إمْكَانِهِ، وَإِمْكَانُهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ
الْإِسْلَامِ فِيمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِ يُتَّجَهُ كَمَا
قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ تَمْيِيزِهِ
لِكَوْنِ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الصَّبِيِّ
وَغَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَيْ: إنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ
الْفَرَاغِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِ بِمَا مَضَى فِي زَمَنِ
صِبَاهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْأَخْرَسَ) حَمَلَ هَذَا بَعْضُهُمْ
عَلَى مَا إذَا طَرَأَ الْخَرَسُ وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ
فِي الطَّارِئِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ
لِلتَّحْرِيكِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِهَا بَقِيَ
التَّحْرِيكُ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ
بِالْمَعْسُورِ، أَمَّا إذَا وُلِدَ أَخْرَسَ فَلَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ
لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ فَلَمْ
يَجِبْ التَّابِعُ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيكُ وَكَمَا فِي النَّاطِقِ
الْعَاجِزِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ
شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ ع ش وَيَلْزَمُ الْأَخْرَسَ أَيْ: الْخَرَسَ
الْعَارِضَ م ر وَخَرَجَ بِهِ الْخِلْقِيُّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ
تَحْرِيكُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْحُرُوفِ حَتَّى
يُحَرِّكَ بِهِ فَلَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ
بِشَيْءٍ مِنْ الْحُرُوفِ لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ حَرَّكَ أَصَابِعَهُ
فِي حَكٍّ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَرَكَاتٌ خَفِيفَةٌ وَهِيَ لَا
تَبْطُلُ وَإِنْ كَثُرَتْ نَعَمْ إنْ فُرِضَ تَصَوُّرُهُ لِلْحُرُوفِ
كَأَنْ سَمِعَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَانْتَقَشَ فِي ذِهْنِهِ صُوَرُ
حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَ التَّحْرِيكُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهَاتِهِ)
وَهِيَ اللَّحْمَةُ الْمُطْبِقَةُ فِي أَقْصَى سَقْفِ الْفَمِ ز ي.
(قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: التَّحْرِيكِ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ لَعَلَّ
الْمُرَادَ أَجْرَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: كَمَا فِي الْمَرِيضِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ أَيْ: بِأَنْ يُصَوِّرَ نَفْسَهُ مُتَحَرِّكًا.
. (قَوْلُهُ: جَهْرٌ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: بِقَصْدِ الذِّكْرِ فِي كُلِّ
تَكْبِيرَةٍ أَوْ بِقَصْدِهِ مَعَ الْإِسْمَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ
الْإِسْمَاعَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَيَأْتِي
مِثْلُهُ فِي الْمُبَلِّغِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِلَّةٌ
غَائِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْإِسْمَاعَ فَقَطْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ عِنْدَ
كُلِّ تَكْبِيرَةٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ حَيْثُ قَالَ: يَكْفِي عِنْدَ
التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذَكَرَ فِي
الْعَالِمِ، أَمَّا الْعَامِّيُّ وَلَوْ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ فَلَا
يَضُرُّ قَصْدُهُ الْإِعْلَامَ فَقَطْ وَلَا الْإِطْلَاقَ شَيْخُنَا
عَشْمَاوِيٌّ وَح ف وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا
بِانْتِقَالَاتِهِ مِنْ غَيْرِ جَهْرٍ لَا يَأْتِي بِهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا
فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: لَا يَأْتِي بِهِ عَلَى مَعْنَى يُسَنُّ أَنْ لَا
يَأْتِيَ بِهِ كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْكَرَاهَةِ ع ش، وَعِبَارَةُ
الْإِطْفِيحِيِّ تَقْيِيدُهُ فِي الْمُبَلِّغِ بِالِاحْتِيَاجِ يَقْتَضِي
أَنَّ الْإِمَامَ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَهْرُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ
بَلْ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالِاحْتِيَاجِ
فِيهِمَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ أَيْ: بِالرَّفْعِ
فَلَوْ عَلِمُوهُ بِغَيْرِ الرَّفْعِ انْتَفَى الِاحْتِيَاجُ فَيَكُونُ
الرَّفْعُ مَكْرُوهًا حِينَئِذٍ ع ش. (قَوْلُهُ: لِمُصَلٍّ) وَلَوْ
امْرَأَةً وَمُضْطَجِعًا م ر. (قَوْلُهُ: حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ
بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ مَنْهِيًّا الرَّفْعَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ
قَالَ ز ي: وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَلَوْ
قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ رَفَعَ السَّاعِدَ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ
رَفَعَ الْعَضُدَ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرَّفْعِ الْمَسْنُونِ
بِأَنْ كَانَ إذَا رَفَعَ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَتَى بِالْمُمْكِنِ فَإِنْ
قَدَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالْأَوْلَى الزِّيَادَةُ اهـ. (قَوْلُهُ:
وَرَاحَتَاهُ) أَيْ: ظَهْرُهُمَا قَالَ م ر: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ
أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ أَصَابِعِهِ وَكَوْنِهِ وَسَطًا
وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى
لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَسُنَّ رَفْعُ كَفَّيْهِ لِلْقِبْلَةِ
وَكَوْنُهُمَا مَكْشُوفَتَيْنِ إلَخْ بِزِيَادَةِ الْعَاطِفِ فِي الْكُلِّ
كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ:
أَمَّا الِانْتِهَاءُ إلَخْ) أَيْ: انْتِهَاءُ التَّكْبِيرِ مَعَ الرَّفْعِ
شَوْبَرِيٌّ، وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا حُكْمُ
الِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُسَنُّ)
(1/190)
وَالْوَسِيطِ وَالتَّحْقِيقِ اسْتِحْبَابَ
انْتِهَائِهِمَا مَعًا.
. (وَ) ثَالِثُهَا. (قِيَامٌ فِي فَرْضٍ) لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ
أَوْ بِغَيْرِهِ فَيَجِبُ حَالَ التَّحْرِيمِ بِهِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ
النَّفَلُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَحُكْمُ الْعَاجِزِ وَإِنَّمَا أَخَّرُوا
الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ
عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَهُوَ
رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ فَقَطْ وَلِأَنَّهُ قَبْلَهُمَا فِيهَا شَرْطٌ
وَرُكْنِيَّتُهُ إنَّمَا هِيَ مَعَهُمَا وَبَعْدَهُمَا.
(بِنَصْبِ ظَهْرٍ) ، وَلَوْ بِاسْتِنَادٍ إلَى شَيْءٍ كَجِدَارٍ فَلَوْ
وَقَفَ مُنْحَنِيًا أَوْ مَائِلًا بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا لَمْ
يَصِحَّ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ ذَلِكَ. (وَصَارَ كَرَاكِعٍ) لِكِبَرٍ أَوْ
غَيْرِهِ. (وَقَفَ كَذَلِكَ) وُجُوبًا لِقُرْبِهِ مِنْ الِانْتِصَابِ.
(وَزَادَ) وُجُوبًا. (انْحِنَاءً لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ) عَلَى
الزِّيَادَةِ.
. (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) دُونَ قِيَامٍ. (قَامَ)
وُجُوبًا. (وَفَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ) فِي انْحِنَائِهِ لَهُمَا بِصُلْبِهِ،
فَإِنْ عَجَزَ فَبِرَقَبَتِهِ وَرَأْسِهِ، فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ
إلَيْهِمَا. (أَوْ) عَجَزَ. (عَنْ قِيَامٍ) بِلُحُوقِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ
كَزِيَادَةِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفِ غَرَقٍ أَوْ دَوَرَانِ رَأْسٍ فِي
سَفِينَةٍ. (قَعَدَ) كَيْفَ شَاءَ. (وَافْتِرَاشُهُ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ
فِي التَّشَهُّدِ. (أَفْضَلُ) مِنْ تَرَبُّعِهِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ
قُعُودُ عِبَادَةٍ وَلِأَنَّهُ قُعُودٌ لَا يَعْقُبُهُ سَلَامٌ
كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ
مِنْ قَوْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ.
. (وَكُرِهَ إقْعَاءٌ) فِي قَعْدَةِ الصَّلَاةِ. (بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى
وِرْكَيْهِ) أَيْ: أَصْلِ فَخِذَيْهِ وَهُوَ الْأَلْيَانِ. (نَاصِبًا
رُكْبَتَيْهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ
وَقَوْلُهُ اسْتِحْبَابٌ إلَخْ مُعْتَمَدٌ.
. (قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا قِيَامٌ) ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ
لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَفْضَلِ الْأَذْكَارِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ ثُمَّ
السُّجُودُ لِحَدِيثِ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ،
وَهُوَ سَاجِدٌ» ثُمَّ الرُّكُوعُ ثُمَّ بَاقِي الْأَرْكَانُ وَيُسَنُّ
أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ خِلَافًا لِقَوْلِ الْأَنْوَارِ
بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى
الْأُخْرَى وَأَنْ يَلْصَقَ قَدَمَيْهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ
بِغَيْرِهِ) أَيْ: وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ بِذَلِكَ
الْغَيْرِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ ع ش، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ
قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَيْ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ
فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ أَوْ عُكَّازَةٍ أَيْ:
وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ بِدُونِهِمَا، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ
إلَيْهِمَا فِي النُّهُوضِ فَقَطْ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ، وَهُوَ عَاجِزٌ
الْآنَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ بَسَطَهَا
الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا كحج قَالَ:
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَحَيْثُ أَطْلَقَ أَصْلَ الْقِيَامِ
أَوْ دَوَامَهُ بِالْمُعَيَّنِ لَزِمَهُ شَوْبَرِيٌّ وَفَرَّقَ ع ش بَيْنَ
الْمُعَيَّنِ وَالْعُكَّازَةِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَجِبُ إلَّا فِي
الِابْتِدَاءِ وَالثَّانِيَ يَجِبُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ
لِلْمَشَقَّةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ح ف. (قَوْلُهُ: حَالَ
التَّحَرُّمِ) وَكَذَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ إلَخْ)
عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ وَبِالْقَادِرِ
الْعَاجِزُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا.
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ) أَيْ: الْقِيَامَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ
كَوْنِهِ رُكْنًا وَقَوْلُهُ، وَهُوَ رُكْنٌ أَيْ: الْقِيَامُ الَّذِي هُوَ
رُكْنٌ فَفِي الْكَلَامِ اسْتِخْدَامٌ. (قَوْلُهُ: فِي الْفَرِيضَةِ
فَقَطْ) أَيْ: فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ
قَبْلَهُمَا فِيهَا شَرْطٌ) يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُقَارَنَتِهِ
لَهُمَا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ
مَا قَالَهُ مَنْقُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ مَعَ إشْكَالِهِ أَوْ
تَكُونَ شَرْطِيَّتُهُ قَبْلَهُمَا لِتَوَقُّفِ مُقَارَنَتِهِ لَهُمَا
عَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَتْ لَمْ يُشْتَرَطْ سم عَلَى حَجّ ع ش
عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِنَصْبِ ظَهْرٍ) أَيْ: وَيَحْصُلُ بِنَصْبٍ إلَخْ
فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ قَالَ ح ل وَم ر: بِأَنْ يَكُونَ
لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ أَوْ كَانَ
إلَيْهِمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ اهـ. (قَوْلُهُ: مُنْحَنِيًا) بِأَنْ
يَصِيرَ لِلرُّكُوعِ أَقْرَبَ م ر. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ إلَخْ) ضَابِطٌ
لِلِانْحِنَاءِ السَّالِبِ لِلْقِيَامِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَدَرَ) فَإِنْ
لَمْ يَقْدِرْ لَزِمَهُ الْمُكْثُ زِيَادَةً عَلَى وَاجِبِ الْقِيَامِ
وَيَصْرِفُهَا لِلرُّكُوعِ بِطُمَأْنِينَةٍ ثُمَّ لِلِاعْتِدَالِ
بِطُمَأْنِينَةٍ حَجّ قَالَ سم: قَوْلُهُ: ثُمَّ لِلِاعْتِدَالِ هَلْ
مَحَلُّ هَذَا إذَا عَجَزَ أَيْضًا عَنْ الْإِيمَاءِ إلَى الِاعْتِدَالِ
بِنَحْوِ رَأْسِهِ ثُمَّ جَفْنَيْهِ، وَإِلَّا قَدَّمَهُ عَلَى هَذَا؛
لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ
الْأَوَّلُ اهـ بِالْحَرْفِ.
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) أَيْ: لِعِلَّةٍ فِي
ظَهْرِهِ مَثَلًا تَمْنَعُهُ مِنْ الِانْحِنَاءِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ:
قَامَ وُجُوبًا) وَلَوْ بِمُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: فِي انْحِنَائِهِ) أَيْ:
مِنْ انْحِنَائِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْمَأَ إلَيْهِمَا) أَيْ: بِرَأْسِهِ
فَقَطْ فَإِنْ عَجَزَ فَبِأَجْفَانِهِ قَالَ ح ل: فَبَعْدَ الْإِيمَاءِ
لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ
الثَّانِي حَيْثُ أَمْكَنَهُ الْجُلُوسُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ
فَقَطْ دُونَ السُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ كَرَّرَهُ عَنْ السُّجُودِ اهـ
وَقَوْلُهُ: يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُومِئُ اُنْظُرْ هَلْ الْقِيَامُ
شَرْطٌ؟ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ الثَّانِي مِنْ
جُلُوسٍ مَعَ أَنَّهُ أَقْرَبُ؟ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِلُحُوقِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) أَيْ: لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً
وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ حَجّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ
عَدَمَ الْإِمْكَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَرَانِ رَأْسٍ إلَخْ) وَلَا
يُعِيدُ رَاكِبُ سَفِينَةٍ قَعَدَ لِنَحْوِ دَوَرَانِ رَأْسٍ بِخِلَافِهِ
لِزَحْمَةٍ لِنُدْرَتِهِ م ر قَالَ شَيْخُنَا ز ي: فِي الْحَاشِيَةِ
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ دَوَرَانَ الرَّأْسِ نَادِرٌ أَيْضًا تَأَمَّلْ
شَوْبَرِيٌّ لَكِنَّ فِي شَرْحِ م ر التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ، وَهُوَ
أَنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ لَا يُعِيدُ إذَا قَعَدَ لِدَوَرَانِ الرَّأْسِ
أَيْ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ خَارِجَهَا اهـ قَالَ
سم: عَلَى حَجّ فَلَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ مِنْ السَّفِينَةِ إذَا كَانَ
يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ أَوْ يَفُوتُهُ مَصْلَحَةُ السَّفَرِ اهـ. (قَوْلُهُ:
قَعَدَ) أَيْ: وَلَا إعَادَةَ م ر ع ش وَثَوَابُ الْقَاعِدِ لِعُذْرٍ
كَثَوَابِ الْقَائِمِ.
. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَصْلِ فَخِذَيْهِ) هَلَّا قَالَ: أَيْ: أَلْيَيْهِ
مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَلْيَانِ) قَالَ: حَجّ كَذَا
قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَلْزَمُهُ اتِّحَادُ الْوَرِكِ وَالْأَلْيَةِ،
وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي الْقَامُوسِ الْفَخِذُ مَا بَيْنَ السَّاقِ
وَالْوَرِكِ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْفَخِذِ وَالْأَلْيَةُ الْعَجِيزَةُ اهـ
مِنْ مُحَالٍ بِاخْتِصَارٍ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي تَغَايُرِ
(1/191)
لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ فِي
الصَّلَاةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمِنْ الْإِقْعَاءِ نَوْعٌ
مَسْنُونٌ عِنْدَ جَمْعٍ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
وَإِنْ كَانَ الِافْتِرَاشُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ يَفْرِشَ
رِجْلَيْهِ أَيْ: أَصَابِعَهُمَا وَيَضَعَ أَلْيَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ. .
(ثُمَّ يَنْحَنِيَ) الْمُصَلِّي قَاعِدًا. (لِرُكُوعِهِ) إنْ قَدَرَ.
(وَأَقَلُّهُ) أَنْ يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ. (تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَا
أَمَامَ رُكْبَتَيْهِ وَأَكْمَلُهُ أَنْ) يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ.
(تُحَاذِيَ) جَبْهَتُهُ. (مَحَلَّ سُجُودِهِ) وَرُكُوعُ الْقَاعِدِ فِي
النَّفْلِ كَذَلِكَ. (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُصَلِّي بِالْمَعْنَى
الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْقُعُودِ. (اضْطَجَعَ) عَلَى جَنْبِهِ مُتَوَجِّهَ
الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وُجُوبًا. (وَسُنَّ عَلَى)
جَنْبِهِ. (الْأَيْمَنِ) وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ
بِلَا عُذْرٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى
مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ صَلَّى لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ
عَنْ الْجَنْبِ. (اسْتَلْقَى) عَلَى ظَهْرِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ.
(رَافِعًا رَأْسَهُ) مِنْ زِيَادَتِي بِأَنْ يَرْفَعَهُ قَلِيلًا بِشَيْءٍ
لِيَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ إنْ لَمْ
يَكُنْ فِي الْكَعْبَةِ، وَهِيَ مُسَقَّفَةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ
الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَكَانَتْ بِهِ بَوَاسِيرُ صَلِّ قَائِمًا
فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»
زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» ثُمَّ إذَا صَلَّى فَيُومِئُ بِرَأْسِهِ
فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْوَرِكِ وَالْأَلْيَةِ وَالْفَخِذِ لَكِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَدَّ
الْفَاصِلَ لِلْوَرِكِ عَنْ الْآخَرِينَ وَيُبَيِّنُهُ مَا سَأَذْكُرُهُ
فِي الْجِرَاحِ أَنَّ الْوَرِكَ هُوَ الْمُتَّصِلُ بِمَحَلِّ الْقُعُودِ
مِنْ الْأَلْيَةِ، وَهُوَ مُجَوَّفٌ وَلَهُ اتِّصَالٌ بِالْجَوْفِ
الْأَعْظَمِ بِخِلَافِ الْفَخِذِ اهـ بِاخْتِصَارٍ قَالَ سم: قَدْ يَكُونُ
مَا قَالَهُ الشَّيْخُ بَيَانًا لِلْمُرَادِ هُنَا فَهُوَ مَجَازٌ
عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ)
لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْكَلْبِ وَالْقِرْدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
فِي رِوَايَةٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) وَيَلْحَقُ بِالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا
كُلُّ جُلُوسٍ قَصِيرٍ كَجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ شَرْحُ م ر وَيَلْحَقُ
بِهِ أَيْضًا الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ق ل. (قَوْلُهُ: أَنْ
يَفْرُشَ) بِضَمِّ الرَّاءِ مُخْتَارٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْحَنِي) مَعْطُوفٌ عَلَى قَعَدَ كَمَا أَشَارَ لَهُ
بِقَوْلِهِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى
صِفَةِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ لَا مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى
الْإِقْعَاءِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: مَا أَمَامَ
رُكْبَتَيْهِ) أَيْ: الْمَكَانَ الَّذِي أَمَامَ رُكْبَتَيْهِ. (قَوْلُهُ:
بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ) ، وَهُوَ لُحُوقُ الْمَشَقَّةِ وَدَوَرَانُ
الرَّأْسِ فِي السَّفِينَةِ. (قَوْلُهُ: اضْطَجَعَ) . (فَرْعٌ)
لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى
الْجُلُوسِ فَجَلَسَ سُنَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى
الْقِيَامِ فَقَامَ سُنَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا أَيْضًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ
مِنْ التَّكْرَارِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ:
بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ) الْمُرَادُ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ
الصَّدْرُ كَمَا قَالَهُ ح ل قَالَ سم عَلَى حَجّ كَذَا قَالُوهُ وَفِي
وُجُوبِ اسْتِقْبَالِهَا بِالْوَجْهِ هُنَا دُونَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ
نَظَرٌ وَقِيَاسُهُمَا عَدَمُ وُجُوبِهِ هُنَا إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهَا
لِإِمْكَانِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْمُقَدَّمِ دُونَهُ وَتَسْمِيَتُهُ مَعَ
ذَلِكَ مُسْتَقْبِلًا فِي الْكُلِّ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ، وَبِهَذَا
يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي رَفْعِ الْمُسْتَلْقِي
رَأْسَهُ لِيَسْتَقْبِلَ بِوَجْهِهِ بِنَاءً عَلَى مَا أَفْهَمَهُ
اقْتِصَارُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ،
لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا لَمْ يُمْكِنُهُ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ لَمْ يَجِبْ
بِغَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الْوَجْهِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ
عَبَّرَ بِالْوَجْهِ وَمُقَدَّمِ الْبَدَنِ أَيْ: فِي الْمُسْتَلْقِي،
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا
لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا بِقَدْرِ اسْتِقْبَالِ وَجْهِهِ فَقَطْ
وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِمُقَدَّمِ
بَدَنِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ بِالْوَجْهِ؛
لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ
لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ
عَلَى الْأَيْمَنِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ
الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَبِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ
أَيْضًا كَمَا فِي الْإِيعَابِ وَهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ الْقَدَمَيْنِ،
وَهُوَ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ فَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُهُمَا عَنْهَا؛
لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ اسْمُ الِاسْتِلْقَاءِ وَالِاسْتِقْبَالُ حَاصِلٌ
بِالْوَجْهِ فَلَمْ يَجِبُ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يُعْهَدْ
الِاسْتِقْبَالُ بِهِ نَعَمْ إنْ فُرِضَ تَعَذُّرُهُ بِالْوَجْهِ لَمْ
يَبْعُدْ إيجَابُهُ بِالرِّجْلِ حِينَئِذٍ تَحْصِيلًا لَهُ بِبَعْضِ
الْبَدَنِ مَا أَمْكَنَهُ حَجّ، وَفِي حَاشِيَةِ الْأُسْتَاذِ أَبِي
الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ الِاسْتِقْبَالِ
بِالرِّجْلَيْنِ، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ
فُرِضَ إلَخْ فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ
لَهُ عُضْوٌ مَخْصُوصٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ سَقَطَ كَمَا
فِي نَظَائِرِهِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ أَنَّ لَوْ وَجَبَ
بِالْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ فَيُقَالُ الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ
بِالْمَعْسُورِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ:
وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ أَيْ: نَدْبًا وَإِنْ كَانَ مُتَوَجِّهًا
بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ، وَإِلَّا فَوُجُوبًا اهـ. (قَوْلُهُ:
وَهِيَ مُسَقَّفَةٌ) ، وَإِلَّا كَفَاهُ سَقْفُهَا كَمَا يَكْفِيهِ
أَرْضُهَا بِالِانْكِبَابِ عَلَى وَجْهِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: ح ل.
(قَوْلُهُ: لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) وَكَانَتْ الْمَلَائِكَةُ
تُصَافِحُهُ فَشَكَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْ مَرَضِ الْبَاسُورِ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَرِئَ مِنْهُ بِبَرَكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ فَشَكَا ذَلِكَ
لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا وَإِمَّا فَرَضِيَ بِعَوْدِ
الْبَاسُورِ وَمُصَافَحَةِ الْمَلَائِكَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ
بَابِلِيٌّ وَع ش.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا صَلَّى فَيُومِئُ) أَيْ: الْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّهُ
الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا
وَعَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ لِيَسْجُدَ مِنْهُ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ) وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي هَذَا
(1/192)
إنْ عَجَزَ عَنْهُمَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ
الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أَوْمَأَ بِأَجْفَانِهِ فَإِنْ عَجَزَ أَجْرَى
أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ مَا
دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا.
. (وَلِقَادِرٍ) عَلَى الْقِيَامِ. (نَفْلٌ قَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا)
لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «وَمَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ
صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا:
أَيْ: مُضْطَجِعًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَيَقْعُدُ
لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ الْمُسْتَلْقِي عَلَى
قَفَاهُ وَإِنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ.
. (وَ) رَابِعُهَا.
(قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ كُلَّ رَكْعَةٍ) فِي قِيَامِهَا أَوْ بَدَلَهُ
لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ
الْكِتَابِ» أَيْ: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ
صَلَاتَهُ. (إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا بِمَعْنَى
أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا
عَنْهُ. (وَالْبَسْمَلَةُ) آيَةٌ. (مِنْهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِيمَاءِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْمَأَ بِأَجْفَانِهِ) أَيْ:
جِنْسِهَا فَيَكْفِي جَفْنٌ وَاحِدٌ ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِ
أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا كَوْنُ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ، وَهُوَ
مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ لِظُهُورِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا
فِي الْإِيمَاءِ فِي الرَّأْسِ دُونَ الطَّرْفِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ:
أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ) أَيْ: بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا
وَقَارِئًا وَرَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ م ر
أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَقْدِرُ بِهِ تِلْكَ الْأَفْعَالُ أَنْ
يَسَعَهَا لَوْ كَانَ قَادِرًا وَفَعَلَهَا بَلْ حَيْثُ حَصَلَ
التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَفْعَالِ فِي نَفْسِهِ كَأَنْ مَثَّلَ نَفْسَهُ
رَاكِعًا وَمَضَى زَمَنٌ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ كَفَى وَهَلْ
يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ صِفَةِ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْإِدْغَامِ
وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ وَجَبَ
عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ
الصِّفَاتِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عِنْدَ النُّطْقِ لِيَتَمَيَّزَ بَعْضُ
الْحُرُوفِ عَنْ بَعْضٍ خُصُوصًا الْمُتَمَاثِلَةَ وَالْمُتَقَارِبَةَ
وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا إنَّمَا يَأْتِي بِهَا عَلَى وَجْهِ
الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَلَا يَشْتَبِهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَتَّى
يَحْتَاجَ إلَى التَّمْيِيزِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ
عَلَى قَلْبِهِ) وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر قَالَ حَجّ: فَإِنْ
عَجَزَ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْتِ
أَجْرَى الْأَفْعَالَ عَلَى قَلْبِهِ كَالْأَقْوَالِ إذَا اُعْتُقِلَ
لِسَانُهُ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبَةِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبَةِ اهـ
وَتَوَقَّفَ سم فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى م ر
وُجُوبُ الْإِعَادَةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى مَا
ذَكَرَ نَادِرٌ إذَا وَقَعَ لَا يَدُومُ وَالْإِعَادَةُ فِي مِثْلِهِ
وَاجِبَةٌ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ) وَعَنْ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِكٍ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ سَقَطَتْ
عَنْهُ الصَّلَاةُ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فَلَا يُعِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ
شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ) ، وَهُوَ وَارِدٌ فِي حَقِّ
الْقَادِرِ، وَهَذَا فِي حَقِّنَا، أَمَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا إذْ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ تَطَوُّعَهُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ
كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَقْعُدُ) أَيْ: وُجُوبًا
ع ش. (قَوْلُهُ: لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) اُنْظُرْ حُكْمَ الْجُلُوسِ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ هَلْ يَقْعُدُ لَهُ أَوْ يَكْفِيهِ الِاضْطِجَاعُ،
فِيهِ تَأَمُّلٌ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْإِيعَابِ وَيَكْفِيهِ الِاضْطِجَاعُ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي الِاعْتِدَالِ شَوْبَرِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) دَعْوَى أُولَى وَقَوْلُهُ: كُلِّ
رَكْعَةٍ دَعْوَى ثَانِيَةٌ، وَقَدْ أَثْبَتَهُمَا بِالدَّلِيلِ،
وَقَوْلُهُ: فِي قِيَامِهَا دَعْوَى ثَالِثَةٌ وَلَمْ يُثْبِتْهَا
بِالدَّلِيلِ وَيُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ حَيْثُ
قَالَ فِيهِ: «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ»
فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْقِيَامِ وَيُقَاسُ بِهِ بَدَلُهُ
فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ: فِي قِيَامِ كُلِّ رَكْعَةٍ لَوَفَّى
بِالْمُرَادِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا صَلَاةَ) أَيْ: صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ
نَفْيَ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ
الَّذِي قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ
قَوْلِهِ ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا، وَهُوَ تَعْلِيلٌ
لِقَوْلِهِ أَيْ: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا رَكْعَةَ
مَسْبُوقٍ) أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ أَوْ
الْحَرَكَةِ
، وَمَنْ زُوحِمَ عَنْ السُّجُودِ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ
شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَقَبْلَ رُكُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ
الْفَاتِحَةِ وَتَخَلَّفَ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: تَخَلَّفَ لِقِرَاءَةِ
الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ
فَإِذَا قَرَأَهَا وَلَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَشَى عَلَى
نَظْمِ صَلَاتِهِ ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَوْ هَاوِيًا
لِلرُّكُوعِ رَكَعَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ ح ل وَكَوْنُ
هَذَا فِي مَعْنَى الْمَسْبُوقِ ظَاهِرٌ إذَا فَسَّرْنَاهُ بِاَلَّذِي لَمْ
يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ
الْأُولَى، وَأَمَّا إذَا فُسِّرَ بِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ
زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ فَتَكُونُ هَذِهِ
الصُّوَرُ مِنْهُ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ إلَخْ) ،
وَإِلَّا فَهِيَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ
لَهَا وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ الْوُجُوبِ
مُنْقَطِعٌ وَبِالنَّظَرِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْوُجُوبِ
الِاسْتِقْرَارَ مُتَّصِلٌ ع ش وَقَوْلُهُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ
الِاسْتِقْرَارَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوُجُوبِ وَعَلَى الِاتِّصَالِ
يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَجِبُ وَتَسْتَقِرُّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ فَلَا تَسْتَقِرُّ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ
الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ لَا مِنْ أَصْلِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْهَا) فَهِيَ بِهَا سَبْعُ آيَاتٍ:
الْأُولَى الْبَسْمَلَةُ الثَّانِيَةُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] الثَّالِثَةُ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
[الفاتحة: 1] الرَّابِعَةُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]
الْخَامِسَةُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]
السَّادِسَةُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]
السَّابِعَةُ
(1/193)
عَمَلًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا آيَةً مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا عَمَلًا الظَّنُّ.
(وَتَجِبُ رِعَايَةُ حُرُوفِهَا) فَلَوْ أَتَى قَادِرٌ أَوْ مَنْ
أَمْكَنَهُ التَّعْلِيمُ بَدَلَ حَرْفٍ مِنْهَا بِآخَرَ لَمْ تَصِحَّ
قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ، وَلَوْ نَطَقَ
بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ الْكَافِ وَالْقَافِ صَحَّتْ
كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ
أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ. (وَ)
رِعَايَةُ. (تَشْدِيدَاتِهَا) الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ لِأَنَّهَا هَيْئَاتٌ
لِحُرُوفِهَا الْمُشَدَّدَةِ فَوُجُوبُهَا شَامِلٌ لِهَيْئَاتِهَا.
. (وَ) رِعَايَةُ. (تَرْتِيبِهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا
الْمَعْرُوفِ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ فَلَوْ بَدَأَ
بِنِصْفِهَا الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ
سَهَا بِتَأْخِيرِهِ، وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ وَيَسْتَأْنِفُ إنْ
تَعَمَّدَ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ} [الفاتحة:
7] إلَخْ ع ش عَلَى م ر لِأَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِمَّا ذُكِرَ يَجُوزُ
الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا وَالْمَالِكِيَّةُ
يَجْعَلُونَ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] آخِرَ آيَةٍ؛
لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا سَبْعَ آيَاتٍ غَيْرَ الْبَسْمَلَةِ.
(قَوْلُهُ: عَمَلًا) أَيْ: حُكْمًا لَا اعْتِقَادًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ
قَوْلُهُ: عَمَلًا أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ بِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ
أَنَّ الْقُرْآنَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ رُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّهُ
فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا، أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا حُكْمًا
أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ بِهِ كَالْبَسْمَلَةِ فَيَكْفِي فِيهِ
الظَّنُّ. لَا يُقَالُ لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ لَكَفُرَ
جَاحِدُهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفُرَ
مُثْبِتُهَا وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ. اهـ. ز
يَ وَح ف، وَهِيَ أَوَّلُهَا وَأَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ مَا عَدَا بَرَاءَةَ
فَتُكْرَهُ فِي أَوَّلِهَا وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَائِهَا عِنْدَ م ر
وَعِنْدَ حَجّ تَحْرُمُ فِي أَوَّلِهَا وَتُكْرَهُ فِي أَثْنَائِهَا،
لِأَنَّ الْمَقَامَ لَا يُنَاسِبُ الرَّحْمَةَ وَلَيْسَتْ لِلْفَصْلِ،
وَإِلَّا لَثَبَتَتْ أَوَّلَ بَرَاءَةَ وَسَقَطَتْ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ ح
ل. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ كَوْنِهَا وَرَدَتْ آحَادًا
مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُتَوَاتِرٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ)
وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَغَيَّرَ الْمَعْنَى وَيَجِبُ
عَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَإِنْ لَحَنَ
لَحْنًا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرِهَا
وَكَسْرِ بَائِهِ حَرُمَ تَعَمُّدُهُ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ
وَقِرَاءَتُهُ وَقِيلَ تَبْطُلُ حَكَاهُ فِي التَّتِمَّةِ اهـ ابْنُ
الْمُلَقِّنِ، أَمَّا إذَا كَانَ اللَّحْنُ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى
كَأَنْعَمْتُ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ وَتَبْطُلُ
صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إنْ لَمْ
يَتَعَمَّدْ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ
قِرَاءَتُهُ أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْقِرَاءَةِ وَلَا
تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَ وَكَانَ عَامِدًا عَالِمًا اهـ
وَنَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ ع ش وَقَرَّرَهُ ح ف وَالْمُعْتَمَدُ
أَنَّهُ مَتَى تَعَمَّدَ الْإِبْدَالَ ضَرَّ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ
الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ حِينَئِذٍ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً كَمَا
نَقَلَهُ س ل عَنْ م ر وَقَرَّرَهُ الْعَزِيزِيُّ، وَالْخِلَافُ فِي
تَغْيِيرِ الْمَعْنَى وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي اللَّحْنِ.
(قَوْلُهُ: بِقَافِ الْعَرَبِ) الْمُرَادُ بِالْعَرَبِ الْمَنْسُوبَةُ
إلَيْهِمْ أَجْلَافُهُمْ الَّذِينَ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ وَلِذَا نَسَبَهَا
بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لِأَهْلِ الْغَرْبِ وَصَعِيدِ مِصْرَ حَجّ وَع ش،
أَمَّا الْفُصَحَاءُ مِنْهُمْ فَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ بَابِلِيٌّ.
(قَوْلُهُ: صَحَّتْ) أَيْ: قِرَاءَتُهُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ م ر
وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقَافِ الْخَالِصَةِ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ
أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِبْدَالِ حَرْفٍ بِآخَرَ بَلْ هِيَ قَافٌ غَيْرُ
خَالِصَةٍ شَيْخُنَا ح ف خِلَافًا لحج فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ نَطَقَ
بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ بَطَلَتْ
إلَّا إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ
إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ
الثَّانِيَ قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ فِيهَا لِتَقَارُبِ الْمَخْرَجِ بِخِلَافِ
مَا لَوْ أَبْدَلَ الضَّادَ بِغَيْرِ الظَّاءِ فَإِنَّ قِرَاءَتَهُ لَمْ
تَصِحَّ قَطْعًا وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُرَاعِ هَذَا الْمَعْنَى لَكِنْ
كَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ ضَادًا بِظَاءٍ كَعَادَتِهِ
فِي الرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ) أَيْ: مُتَعَلِّقُهَا وَالْبَلَاغَةُ
مُطَابَقَةُ الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ مَعَ فَصَاحَتِهِ. (قَوْلُهُ:
وَالْإِعْجَازِ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطُلْ
الْفَصْلُ) بَيْنَ فَرَاغِهِ أَيْ: النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَإِرَادَةِ
التَّكْمِيلِ أَيْ: التَّكْمِيلِ عَلَى النِّصْفِ الْأَوَّلِ ز ي
بِإِيضَاحٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ: وَإِرَادَةِ
التَّكْمِيلِ وَالْبِنَاءِ أَوْ يَحْذِفُ: إرَادَةِ وَيَقُولُ:
وَالتَّكْمِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إرَادَةِ التَّكْمِيلِ
التَّكْمِيلُ فَوْرًا مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ. (قَوْلُهُ: إنْ
تَعَمَّدَ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدَ التَّكْمِيلَ كَمَا
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ فَإِذَا قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ
أَطْلَقَ فَلَا يَسْتَأْنِفُ بَلْ يَبْنِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي
الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ: بَيْنَ فَرَاغِهِ
وَإِرَادَةِ التَّكْمِيلِ حَجّ أَيْ: بِأَنْ تَعَمَّدَ السُّكُوتَ لِمَا
سَيَأْتِي أَنَّهُ سَهْوٌ لَا يَضُرُّ وَلَوْ مَعَ طُولِهِ ز ي
، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ طَالَ الْفَصْلُ وَلَوْ
بِعُذْرٍ وَفَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْمُوَالَاةِ بِأَنَّ نَظَرَ
الشَّارِعِ إلَى التَّرْتِيبِ أَكْمَلُ مِنْ نَظَرِهِ إلَى الْمُوَالَاةِ
اهـ أَيْ: لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْإِعْجَازِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ حَجّ.،
وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ
صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي عَمْدًا
أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا مَعَ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ أَوْ الْإِطْلَاقِ
أَوْ التَّكْمِيلِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَاتِحَةِ
(1/194)
(وَ) رِعَايَةُ (مُوَالَاتِهَا) بِأَنْ
يَأْتِيَ بِكَلِمَاتِهَا عَلَى الْوَلَاءِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ
«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . (فَيَقْطَعُهَا تَخَلُّلُ
ذِكْرٍ) وَإِنْ قَلَّ. (وَسُكُوتٌ طَالَ) عُرْفًا. (بِلَا عُذْرٍ)
فِيهِمَا. (أَوْ) سُكُوتٌ. (قَصَدَ بِهِ قَطْعَ الْقِرَاءَةِ) لِإِشْعَارِ
ذَلِكَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ سُكُوتٍ قَصِيرٍ لَمْ
يَقْصِدْ بِهِ الْقَطْعَ أَوْ طَوِيلٍ أَوْ تَخَلُّلِ ذِكْرٍ بِعُذْرٍ مِنْ
جَهْلٍ وَسَهْوٍ وَإِعْيَاءٍ وَتَعَلُّقِ ذِكْرٍ بِالصَّلَاةِ
كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ وَفَتْحِهِ عَلَيْهِ إذَا تَوَقَّفَ
فِيهَا وَوَجْهُهُ فِي الذِّكْرِ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ مَسْنُونٌ لَكِنَّ
الِاحْتِيَاطَ اسْتِئْنَافُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَا يَفْتَحُ
عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ الْآيَةَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَقَوْلِي
بِلَا عُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِي وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي
الْأَوَّلِ.
. (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهَا) لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ جَهِلَ
الْفَاتِحَةَ. (فَسَبْعُ آيَاتٍ) عَدَدُ آيَاتِهَا يَأْتِي بِهَا. (وَلَوْ
مُتَفَرِّقَةً) وَإِنْ لَمْ تُفِدْ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا
إذَا قُرِئَتْ كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ
تَبَعًا لِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَأْتِيِّ بِهِ ثَانِيًا فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ
ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَالتَّكْمِيلُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي عَلَى
النِّصْفِ الْأَوَّلِ الْمَأْتِيِّ بِهِ ثَانِيًا فِيهِ صُورَتَانِ وَهُمَا
طُولُ الْفَصْلِ وَعَدَمُ طُولِهِ يُضْرَبَانِ فِي التِّسْعَةِ
الْمُتَقَدِّمَةِ تَبْلُغُ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ مَضْرُوبَةً فِي
الصُّورَتَيْنِ وَهُمَا تَعَمَّدُ تَأْخِيرَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ
وَالسَّهْوُ بِتَأْخِيرِهِ تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ ثَمَانِيَةَ
عَشْرَ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ وَثَمَانِيَةَ عَشْرَ مَعَ عَدَمِ طُولِهِ
فَيُبْنَى عَلَى النِّصْفِ الْأَوَّلِ الْمَأْتِيِّ بِهِ ثَانِيًا فِي
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً وَهِيَ الْإِتْيَانُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي
عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا مَعَ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ
بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ الْمَأْتِيِّ بِهِ ثَانِيًا أَوْ الْإِطْلَاقِ
فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ مَضْرُوبَةٍ فِي اثْنَتَيْنِ وَهُمَا تَعَمُّدُ
تَأْخِيرِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَالسَّهْوُ بِتَأْخِيرِهِ وَكُلُّهَا فِي
حَالِ عَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ثَمَانِيَةَ
عَشْرَ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ وَسِتَّةٌ مَعَ عَدَمِ طُولِهِ، وَهِيَ أَنْ
يَبْدَأَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا مَعَ
قَصْدِ التَّكْمِيلِ بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ الْمَأْتِيِّ بِهِ ثَانِيًا
فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي السَّهْوِ بِتَأْخِيرِ النِّصْفِ
الْأَوَّلِ وَتَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ، وَكُلُّهَا يَجِبُ فِيهَا
الِاسْتِئْنَافُ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمُوَالَاتِهَا) قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ شَكَّ أَثْنَاءَهَا
فِي الْبَسْمَلَةِ وَكَمَّلَهَا مَعَ الشَّكِّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ
أَتَى بِهَا لَزِمَهُ إعَادَةُ مَا قَرَأَهُ مَعَ الشَّكِّ لَا
اسْتِئْنَافُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا غَيْرُهَا وَقَالَ ابْنُ
سُرَيْجٍ: يَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِمَا
قَرَأَهُ مَعَ الشَّكِّ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ حَجّ وَاعْتَمَدَ م
ر هَذَا الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَسُكُوتٌ طَالَ) بِأَنْ زَادَ عَلَى
سَكْتَةِ الْإِعْيَاءِ وَالِاسْتِرَاحَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ
سُكُوتٌ قَصَدَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ قَصُرَ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ تَخَلُّلُ
ذِكْرٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ شَوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ) رَاجِعٌ
لِلطَّوِيلِ وَتَخَلُّلُ الذِّكْرِ وَقَوْلُهُ مِنْ: جَهْلٍ وَسَهْوٍ
يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا رَاجِعَيْنِ لِلْعُذْرِ فِي السُّكُوتِ الطَّوِيلِ
وَالتَّخَلُّلِ لِلذِّكْرِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ جَاهِلًا أَوْ
سَاهِيًا أَوْ يَسْكُتُ جَاهِلًا أَوْ سَاهِيًا وَقَوْلُهُ: وَإِعْيَاءٍ
رَاجِعٌ لِلْعُذْرِ الَّذِي فِي السُّكُوتِ الطَّوِيلِ وَقَوْلُهُ
وَتَعَلُّقِ إلَخْ رَاجِعٌ لِتَخَلُّلِ الذِّكْرِ بِعُذْرٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ) ، أَمَّا لَوْ أَمَّنَ
أَوْ دَعَا لِقِرَاءَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ
إمَامِهِ أَوْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ سَبَّحَ لِمُسْتَأْذِنٍ عَلَيْهِ
فَإِنَّ الْمُوَالَاةَ تَنْقَطِعُ بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي صُورَةِ
السُّجُودِ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ ز ي. (قَوْلُهُ: وَفَتْحِهِ عَلَيْهِ)
أَيْ: بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ الْفَتْحِ ز ي، وَإِلَّا بِأَنْ
قَصَدَ الْفَتْحَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ
قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ
وَقِرَاءَةٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ أَوْ أَطْلَقَ
بَطَلَتْ وَالْمُرَادُ بِفَتْحِهِ التَّلْقِينُ بِأَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا
بَعْدَ الَّذِي يَتَرَدَّدُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي غَيْرِ
الْفَاتِحَةِ إعَانَةً لِلْإِمَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ
مِنْهُ. اهـ. ع ش، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ: لَا
يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ: الْعُذْرِ. (قَوْلُهُ:
أَنَّهُ مَسْنُونٌ) أَيْ: فَكَانَ عُذْرًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَمِنْ
الْعُذْرِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَصَلَاتِهِ عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ الضَّمِيرِ
إذَا سَمِعَ اسْمَهُ كَمَا قَالَهُ ق ل
وَكَذَا سُؤَالُهُ الرَّحْمَةَ إذَا سَمِعَ إمَامَهُ يَقُولُ: {وَقُلْ
رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 118] .
(قَوْلُهُ: مَا دَامَ يُرَدِّدُ الْآيَةَ) سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ
مَنْدُوبَةً فَإِنْ فَتَحَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُرَدِّدُهَا مَعَ قَصْدِ
الذِّكْرِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ سم ع ش. (قَوْلُهُ: مِنْ
الْخِلَافِ) أَيْ: خِلَافِ مَنْ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بِذَلِكَ.
. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ) أَيْ: حِسًّا بِأَنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ
فِي مَحَلٍّ يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ أَوْ شَرْعًا بِأَنْ
تَوَقَّفَ عَلَى أُجْرَةٍ عَجَزَ عَنْهَا بِرْمَاوِيٌّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ
التَّعَلُّمُ إنْ تَعَيَّنَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
أَوْ مُصْحَفٍ) وَلَا يَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ بَذْلُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي وُجُوبُ إجَارَتِهِ
إذَا تَعَيَّنَ كَالْمُعَلِّمِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي
الْإِيعَابِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ
مَالِكَ الْمُصْحَفِ إجَارَتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى لُزُومِ
التَّعَلُّمِ بِأُجْرَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ أَوْ النَّظَرُ فِيهِ،
وَإِنْ غَابَ مَالِكُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ)
كَبَلَادَةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ عَنْ تَعَلُّمِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ
مَكْتُوبَةً عَلَى جِدَارٍ خَلْفَهُ فَهَلْ يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ
لِقِرَاءَتِهَا ثُمَّ يَعُودُ لِلِاسْتِقْبَالِ تَقْدِيمًا لِلْفَاتِحَةِ
عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ عَاجِزٌ فَيَنْتَقِلُ
لِلْبَدَلِ حَرِّرْ. قُلْتُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ
مُتَفَرِّقَةً) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُتَفَرِّقَةَ لَا
تُجْزِئُ
(1/195)
(لَا تَنْقُصُ حُرُوفُهَا) أَيْ:
السِّبْعِ. (عَنْهَا) أَيْ: عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، وَهِيَ
بِالْبَسْمَلَةِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِإِثْبَاتِ أَلِفِ
مَالِكِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَجْمُوعِ
لَا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ الْبَدَلِ قَدْرُ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ.
. (فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ. (سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ
ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ كَذَلِكَ) أَيْ: لَا تَنْقُصُ حُرُوفُهَا عَنْ حُرُوفِ
الْفَاتِحَةِ وَاعْتِبَارُ الْأَنْوَاعِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالدُّعَاءِ مِنْ
زِيَادَتِي وَيَجِبُ تَعَلُّقُهُ بِالْآخِرَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ
وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي
الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَنْ يَقْصِدَ بِهِمَا الْبَدَلِيَّةَ، بَلْ
الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِمَا غَيْرَهَا وَإِذَا قَدَرَ عَلَى
بَعْضِ الْفَاتِحَةِ كَرَّرَهُ لِيَبْلُغَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَعَ حِفْظِ الْمُتَوَالِيَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ لَمْ تُفِدْ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّ غَيْرَ
الْمُفِيدَةِ لَا تُجْزِئُ مَعَ حِفْظِ الْمُفِيدَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ
خِلَافُهُ أَيْضًا شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا تَنْقُصُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِظَنِّهِ فِي
كَوْنِ مَا أَتَى بِهِ قَدْرَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ كَمَا اكْتَفَى بِهِ
فِي كَوْنِ وُقُوفِهِ بِقَدْرِهَا كَمَا يَأْتِي لِمَشَقَّةِ عَدِّ مَا
يَأْتِي بِهِ مِنْ الْحُرُوفِ بَلْ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَى كَثِيرٍ ع ش
عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِإِثْبَاتِ أَلِفِ مَالِكٍ) كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ
قَلِيلٌ وَالْحَقُّ أَنَّهَا مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ
بِالِابْتِدَاءِ بِأَلِفَاتِ الْوَصْلِ ز ي وَلَعَلَّ وَجْهَ مَا قَالَهُ
الشَّارِحُ عَدُّ الْمُشَدَّدِ بِحَرْفَيْنِ مَعَ إسْقَاطِ أَلِفَاتِ
لَفْظِ اللَّهِ وَالرَّحْمَنِ الْأَرْبَعَةِ وَإِسْقَاطِ أَلِفِ
الْعَالَمِينَ لِكَوْنِ هَذِهِ الْحُرُوفِ لَا تُرْسَمُ وَانْظُرْ وَجْهَ
مَا قَالَهُ ز ي وَمَا قَالَهُ فِي الْبَهْجَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ حَجّ قَالَ:
تَنْبِيهٌ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ حُرُوفَهَا بِدُونِ تَشْدِيدَاتِهَا
وَبِقِرَاءَةِ مَلِكِ بِلَا أَلِفٍ مِائَةٌ وَأَحَدُ وَأَرْبَعُونَ هُوَ
مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى
أَنَّ مَا حُذِفَ رَسْمًا لَا يُحْسَبُ فِي الْعَدَدِ وَبَيَانُهُ أَنَّ
الْحَرْفَ الْمَلْفُوظَ بِهَا وَلَوْ فِي حَالَةٍ كَأَلِفَاتِ الْوَصْلِ
مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَقَدْ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الرَّسْمِ
عَلَى حَذْفِ سِتِّ أَلِفَاتٍ أَلِفِ اسْمٍ وَأَلِفٍ بَعْدَ لَامِ
الْجَلَالَةِ مَرَّتَيْنِ وَبَعْدَ مِيمِ الرَّحْمَنِ مَرَّتَيْنِ وَبَعْدَ
عَيْنِ الْعَالَمِينَ وَالْبَاقِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ ثُمَّ
وَجْهُ مَا قَالَهُ ز ي بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ
وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ أَلِفَ صِرَاطِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ
وَالْأَلِفُ بَعْدَ ضَادِ الضَّالِّينَ مَحْذُوفَةٌ رَسْمًا لَكِنَّ هَذَا
قَوْلٌ ضَعِيفٌ ا. (قَوْلُهُ: لَا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ الْبَدَلِ إلَخْ)
فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْقَصَ أَوْ أَزْيَدَ وَيُحْسَبُ الْمُشَدَّدُ
بِحَرْفَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْبَدَلِ وَيُغْنِي عَنْ الْمُشَدَّدِ
مِنْ الْفَاتِحَةِ حَرْفَانِ مِنْ الْبَدَلِ وَهَلْ عَكْسُهُ كَذَلِكَ؟
فَيُجْزِئُ حَرْفٌ مُشَدَّدٌ مِنْ الْبَدَلِ عَنْ حَرْفَيْنِ مِنْ
الْفَاتِحَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ وَنُقِلَ أَنَّ شَيْخَنَا
ارْتَضَى عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ وَاضِحٌ فَلَا يُقَامُ
الْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ مِنْ الْبَدَلِ مَقَامَ حَرْفَيْنِ مِنْ
الْفَاتِحَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ ح ل.
. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ) اُنْظُرْ التَّشَهُّدَ لِمَ
لَمْ يَجِبْ بَدَلَهُ ذِكْرٌ عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ
شَوْبَرِيٌّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَدْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ
فَأَمَرَهُ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ «فَإِنَّهُ
رَأَى رَجُلًا عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ فَلَمْ يَأْمُرْهُ» شَيْخُنَا
جَوْهَرِيٌّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي آخِرِ دَرْسِ التَّشَهُّدِ عَنْ م ر
أَنَّهُ يَأْتِي بَدَلَهُ بِذِكْرٍ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ:
أَوْ دُعَاءٍ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ بِأَنْ
يَأْتِيَ بِبَعْضِهَا مِنْ الذِّكْرِ وَبِبَعْضِهَا مِنْ الدُّعَاءِ ع ش
وَقَالَ عَمِيرَةُ: الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ
فَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّخْيِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ وَالذِّكْرُ
مَا دَلَّ عَلَى ثَنَاءٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءُ مَا دَلَّ
عَلَى الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَعَلُّقُهُ بِالْآخِرَةِ) قَالَ
الْإِمَامُ: فَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ الدُّعَاءِ الْمُتَعَلِّقِ
بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ ز ي وَم ر وَشَرْطٌ أَنْ يَكُونَ
بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا تُرْجِمَ عَنْهُ بِأَيِّ لُغَةٍ
شَاءَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: حَتَّى عَنْ تَرْجَمَةِ
الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ ع ش قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَعَلَى هَذَا لَوْ
عَجَزَ عَنْ الْأُخْرَوِيِّ بِالْعَرَبِيَّةِ وَأَمْكَنَهُ التَّرْجَمَةُ
عَنْهُ بِغَيْرِهَا وَالْإِتْيَانُ بِالدُّنْيَوِيِّ بِالْعَرَبِيَّةِ
فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَعَيُّنُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ
وَلَا يَعْدِلُ إلَى الدُّنْيَوِيِّ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا
فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ) ، وَكَذَا فِي
الْقُرْآنِ إذَا كَانَ بَدَلًا م ر وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: فِي الْبَدَلِ
لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: بِهِمَا غَيْرَهَا) أَيْ: فَقَطْ حَتَّى فِي
التَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ إذَا كَانَ كُلٌّ بَدَلًا خِلَافًا لحج ح ل
وَقَوْلُهُ أَيْ: فَقَطْ أَيْ: فَلَوْ قَصَدَ الْبَدَلِيَّةَ وَغَيْرَهَا
لَمْ يَضُرَّ عَلَى كَلَامِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَضُرُّ حِينَئِذٍ
بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي قَصْدِ الرُّكْنِ مَعَ غَيْرِهِ وَالْفَرْقُ
أَنَّ الرُّكْنَ أَصْلٌ وَالْبَدَلُ فَرْعٌ وَالْأَصْلُ يُغْتَفَرُ فِيهِ
شَيْخُنَا ح ف، وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ: بَلْ الشَّرْطُ أَنْ
لَا يَقْصِدَ بِهِمَا غَيْرَهَا أَيْ: الْبَدَلِيَّةِ وَلَوْ مَعَهَا
فَلَوْ افْتَتَحَ وَتَعَوَّذَ بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ وَالْبَدَلُ لَمْ
يَكْفِهِ شَرْحُ م ر اهـ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ) هَذَا مَفْهُومُ
الْجَمِيعِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهَا فَكَانَ
الْأَنْسَبُ فِي الْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ
الْبَعْضِ كَرَّرَ الْمَقْدُورَ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لَوْ قَدَرَ عَلَى
ثُلُثِهَا الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَعَجَزَ عَنْ الْوَسَطِ فَهَلْ يَجُوزُ
لَهُ تَكْرِيرُ أَحَدِهِمَا أَوْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ يَظْهَرُ
الْأَوَّلُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لمر
وَلَوْ عَرَفَ آيَةً مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا
(1/196)
قَدْرَهَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَدَلٍ،
وَإِلَّا قَرَأَهُ وَضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ مَا يُتِمُّ بِهِ
الْفَاتِحَةَ مَعَ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ. (فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ
كُلِّهِ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَةِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لَزِمَهُ.
(وَقْفَةٌ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) فِي ظَنِّهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي
نَفْسِهِ وَلَا يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ لِفَوَاتِ
الْإِعْجَازِ فِيهَا دُونَهُ.
. (وَسُنَّ عَقِبَ تَحَرُّمٍ) بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ. (دُعَاءُ افْتِتَاحٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَمْ يَعْرِفْ ذِكْرًا كَرَّرَهَا وُجُوبًا قَدْرَ آيَاتِ الْفَاتِحَةِ
عَدَدًا وَحُرُوفًا، وَإِلَّا بِأَنْ عَرَفَ آيَةً مَثَلًا مِنْ
الْفَاتِحَةِ وَسِتَّ آيَاتٍ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ آيَةً مِنْ غَيْرِهَا
وَذِكْرًا قَرَأَهَا أَيْ: الْآيَةَ مَثَلًا وَأَتَى بِبَدَلِ الْبَاقِي
مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ الذِّكْرِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ
لَا يَكُونُ أَصْلًا وَبَدَلًا مُرَتَّبًا وُجُوبًا بَيْنَ مَا يَعْرِفُهُ
مِنْهَا وَبَدَلَهَا حَتَّى يُقَدِّمَ بَدَلَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى
الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ الْمَحْفُوظَةُ لَهُ
أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ قَرَأَهَا ثُمَّ الْبَدَلَ أَوْ عَكْسُهُ بِأَنْ
كَانَتْ آخِرَهَا فَعَكْسُهُ أَيْ: قَرَأَ الْبَدَلَ ثُمَّ قَرَأَهَا
إعْطَاءً لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ
مَتَى عَرَفَ آيَةً مِنْ غَيْرِهَا مَعَ الذِّكْرِ وَلَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا
مِنْهَا قَدَّمَ الْآيَةَ، وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ حُرُوفُهَا حُرُوفَ آيَةٍ
مِنْ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَتَى بِالذِّكْرِ تَقْدِيمًا لِلْجِنْسِ عَلَى
غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي تَكْرِيرُ الْآيَةِ سَبْعًا إلَّا إذَا
لَمْ يَعْرِفْ ذِكْرًا غَيْرَهَا وَلَوْ حَفِظَ آيَتَيْنِ وَكَرَّرَهُمَا
أَرْبَعًا كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ أَتَى بِسَبْعٍ وَزِيَادَةٍ ع
ش. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَدَلٍ) أَيْ: قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ
كَمَا فِي ع ش فَيُقَدِّمُ الذِّكْرَ عَلَى تَكْرِيرِ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى عَنْ تَرْجَمَةِ الذِّكْرِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِوُجُوبِ
التَّرْجَمَةِ وَانْظُرْ تَرَدُّدَ الشَّيْخِ مَعَ مَا هُنَا شَوْبَرِيٌّ
فَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذِهِ الْغَايَةِ إلَى مَرْتَبَةٍ خَامِسَةٍ
بَيْنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَبَيْنَ الْوُقُوفِ أَسْقَطَهَا مِنْ
الْمَتْنِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ وَقْفَةٌ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ
لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ
فَيُكَرِّرُهَا قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَقِفُ بِقَدْرِهَا وَيُمْكِنُ
أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَقَّنَهَا لَهُ شَخْصٌ عِنْدَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ
نَسِيَهَا. اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ: قَدْرَ وَقْفَةِ مُعْتَدِلِ
الْقِرَاءَةِ ح ل وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ
ع ش فَلَوْ قَدَرَ بَعْدَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بَلْ يُسَنُّ
شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْوُقُوفَ الْمَفْهُومَ مِنْ
قَوْلِهِ وَقْفَةٌ. (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ الْإِعْجَازِ فِيهَا دُونَهُ)
أَيْ: لِأَنَّ الْإِعْجَازَ خَاصٌّ بِاللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى قَالَ ح
ل: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُتَرْجَمُ عَنْ الْبَدَلِ إذَا كَانَ
قُرْآنًا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى
الْفَاتِحَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ
الْبَدَلِ أَتَى بِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَلَوْ كَانَ
الْبَدَلُ وُقُوفًا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَأَجْزَأَهُ مَا فَعَلَهُ.
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ عَقِبَ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَرَعَ
يَتَكَلَّمُ عَلَى سُنَنِهَا وَهِيَ أَرْبَعٌ اثْنَانِ قَبْلَهَا وَهُمَا
دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذُ وَاثْنَانِ بَعْدَهَا، وَهُمَا
التَّأْمِينُ وَالسُّورَةُ، وَكَوْنُ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ سُنَّةً لَهَا
بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا سُنَّةَ فِي
الصَّلَاةِ، وَكَذَا السُّورَةُ جَعَلَهَا سُنَّةً لَهَا بِاعْتِبَارِ
كَوْنِهَا تَابِعَةً لَهَا وَقَدْ يَحْرُمُ التَّعَوُّذُ وَالِافْتِتَاحُ
أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر بِأَنْ
أَحْرَمَ بِهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا، وَإِلَّا
فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ إذَا أَحْرَمَ فِي وَقْتٍ
يَسَعُهَا وَإِنْ لَزِمَ صَيْرُورَتَهَا قَضَاءً لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ
مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِأَنْ خَافَ خُرُوجَ
بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا لَا يَأْتِي بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ
عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ
إذَا شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً بِدُونِ دُعَاءِ
الِافْتِتَاحِ وَيَخْرُجُ بَعْضُهَا بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ
تَرَكَهُ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ حَجّ
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم: فِي شَرْحِ الْغَايَةِ يُسْتَثْنَى مِنْ السُّنَنِ
دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَأْتِي بِهِ إلَّا حَيْثُ لَمْ يَخَفْ
خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا اهـ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ
الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ بِأَنَّهُ عُهِدَ طَلَبُ
تَرْكِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي الْجِنَازَةِ وَفِيمَا لَوْ أَدْرَكَ
الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوْ اعْتِدَالٍ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ
بَقِيَّةِ السُّنَنِ أَوْ بِأَنَّ السُّنَنَ شُرِعَتْ مُسْتَقِلَّةً
وَلَيْسَتْ مُقَدِّمَةً لِشَيْءٍ بِخِلَافِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ
فَإِنَّهُ شُرِعَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ ع ش عَلَى م ر وَيَرِدُ عَلَيْهِ
السُّورَةُ فَإِنَّهَا عُهِدَ تَرْكُهَا فِي الْجِنَازَةِ وَفِي
الْمَسْبُوقِ وَأَيْضًا هِيَ تَابِعَةٌ لِلْفَاتِحَةِ لَا مُسْتَقِلَّةٌ
تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: عَقِبَ قَيْدٍ لِلْأَكْمَلِ، وَإِلَّا فَلَا يَفُوتُ
بِالسُّكُوتِ وَلَوْ طَالَ وَالْمُرَادُ بِالْعَقِبِيَّةِ أَنْ لَا
يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ إذْ تَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ
فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ سَنِّ السَّكْتَةِ اللَّطِيفَةِ
بَيْنَهُمَا إذْ لَا يَفُوتُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ
سَهْوًا كَمَا قَالَهُ م ر، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ بَعْدَ تَحْرُم
قَالَ: ع ش لَعَلَّ تَعْبِيرَهُ بِبَعْدَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا
يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِل بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ:
دُعَاءُ افْتِتَاحٍ) أَيْ: دُعَاءٌ يَفْتَتِحُ بِهِ الصَّلَاةَ وَأَخَّرَهُ
إلَى هُنَا مَعَ كَوْنِ أَصْلِهِ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي
أَوَّلِ الرُّكْنِ اهْتِمَامًا بِصِفَةِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي هِيَ
الْأَصْلُ وَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ نَظَرَ فِيهِ إلَى بَيَانِ
(1/197)
نَحْوَ «وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ
الْمُشْرِكِينَ قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا
كَلِمَةَ مُسْلِمًا فَابْنُ حِبَّانَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ
«وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَقُولُ بِمَا فِيهَا تَارَةً لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي
هَذِهِ الْأُمَّةِ وَبِمَا فِي الْأُولَى أُخْرَى وَسَيَأْتِي فِي
الْجَنَائِزِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي صَلَاتِهَا دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ.
(فَتَعَوُّذٌ) لِلْقِرَاءَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:
98] أَيْ: إذَا أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَلِّي أَوَّلًا ع ش وَفِي تَسْمِيَتِهِ دُعَاءً
تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ طَلَبٌ وَهَذَا لَا طَلَبَ فِيهِ وَإِنَّمَا
هُوَ إخْبَارٌ فَسُمِّيَ دُعَاءً بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُجَازَى عَلَيْهِ
كَمَا يُجَازَى عَلَى الدُّعَاءِ كَمَا قَالَهُ اج: أَوْ بِاعْتِبَارِ
أَنَّ آخِرَهُ دُعَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا هُنَا وَهُوَ
اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ هَذَا مِنْهُ شَيْخُنَا ح ف وَمِثْلُهُ
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ سَنِّهِ لِلْمَأْمُومِ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ
يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ
وَيُسَنُّ لَهُ إذَا اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ
بِأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ
وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ الْإِسْرَاعُ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ إذَا كَانَ
يَسْمَعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ اهـ شَرْحُ م ر
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَقْرَؤُهُ وَإِنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ إمَامِهِ
وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ
أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ تُعَدُّ قِرَاءَةً لِلْمَأْمُومِ فَأَغْنَتْ
عَنْ قِرَاءَتِهِ وَيُسَنُّ اسْتِمَاعُهُ لَهَا وَلَا كَذَلِكَ
الِافْتِتَاحُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَدُعَاءُ الشَّخْصِ
لِنَفْسِهِ لَا يُعَدُّ دُعَاءً لِغَيْرِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَلَوْ
تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا وَشَرَعَ فِي التَّعَوُّذِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَجَّهْتُ وَجْهِي) أَيْ: أَقْبَلْتُ بِذَاتِي فَعَبَّرَ
بِالْوَجْهِ عَنْ الذَّاتِ مَجَازًا. (قَوْلُهُ: حَنِيفًا مُسْلِمًا)
حَالَانِ مِنْ الْوَجْهِ أَيْ: الذَّاتِ فَتَأْتِي بِهِمَا الْأُنْثَى
كَذَلِكَ وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُمَا
حَالَيْنِ مِنْ تَاءِ الضَّمِيرِ فِي وَجَّهْتُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ
فِي الْمَرْأَةِ التَّأْنِيثُ شَوْبَرِيٌّ وَيُرَدُّ بِأَنَّا إذَا
اعْتَبَرْنَا الشَّخْصَ لَا يَلْزَمُ التَّأْنِيثُ حَجّ وَقَوْلُهُ:
حَنِيفًا أَيْ: مَائِلًا عَنْ كُلِّ دِينٍ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَنَا إلَخْ) تَأْكِيدٌ. (قَوْلُهُ: وَنُسُكِي) أَيْ:
عِبَادَتِي فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ:
وَمَحْيَايَ) أَيْ: إحْيَائِي وَمَمَاتِي أَيْ: إمَاتَتِي لِلَّهِ أَيْ:
مَنْسُوبَانِ لِلَّهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) لَا فَرْقَ
فِي التَّعْبِيرِ بِهِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى شَوْبَرِيٌّ،
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وحج وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَأْتِي
بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِأَلْفَاظِهِ الْمَذْكُورَةِ اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ
لِلتَّغْلِيبِ الشَّائِعِ وَإِرَادَةِ الشَّخْصِ فِي نَحْوِ حَنِيفًا
وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْقِيَاسُ الْمُشْرِكَاتُ
الْمُسْلِمَاتُ وَقَوْلُ غَيْرِهِ الْقِيَاسُ حَنِيفَةً مُسْلِمَةً وَمَعَ
ذَلِكَ لَوْ أَتَتْ بِهِ حَصَلَتْ السُّنَّةُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَكَانَ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ بِمَا فِيهَا) وَلَا
يَقُولُهَا غَيْرُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ لَفْظَ الْآيَةِ وَعِنْدَ
الْإِطْلَاقِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ خِلَافًا لحج وَلَا تَبْطُلُ
بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ وَلَا نَظَرَ لِلصَّارِفِ
وَإِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا؟ .
قُلْتُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَتَعَمَّدَهُ
لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ قَبْلَهُ ح ل. (قَوْلُهُ:
أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ: فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ
فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا لِتَقَدُّمِ
خَلْقِ ذَاتِهِ وَإِفْرَاغِ النُّبُوَّةِ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِ جَمِيعِ
الْمَوْجُودَاتِ ع ش وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ
كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمَّةِ الْمَدْعُوُّونَ بِرِسَالَتِهِ
وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلٌ حَتَّى إلَى
نَفْسِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ
أَنَّهَا لَا تَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ هُنَا لِأَنَّ مَا يَأْتِي مُقَيَّدٌ
لِمَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِرْمَاوِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِي
الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَا تَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ. (قَوْلُهُ:
أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ عَلَى قَبْرٍ أَوْ
غَائِبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر. (قَوْلُهُ: فَتَعَوَّذَ) أَيْ: حَيْثُ
لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهَا
وَلَوْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِلْقِرَاءَةِ) أَيْ:
أَوْ بَدَلِهَا وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَيُسْتَحَبُّ لِعَاجِزٍ أَتَى
بِذِكْرٍ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِصَاحِبِ
الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ تَعَارَضَ الِافْتِتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ أَيْ: لَمْ
يُمْكِنْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ لَا
يَسَعُ إلَّا أَحَدَهُمَا وَالصَّلَاةَ هَلْ يُرَاعِي الِافْتِتَاحَ
لِسَبْقِهِ أَوْ التَّعَوُّذَ لِأَنَّهُ لِلْقِرَاءَةِ؟ اُنْظُرْهُ. قُلْتُ
مِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ ح ل. (قَوْلُهُ:
أَيْ: إذَا أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ) قَالَ الشَّيْخُ بِهَاءِ الدِّينِ: فِي
عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ وَرَدَ عَلَيْهِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِرَادَةَ
إنْ أُخِذَتْ مُطْلَقًا لَزِمَ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِعَاذَةِ بِمُجَرَّدِ
إرَادَةِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ لَا
يَقْرَأَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِعَاذَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ
أُخِذَتْ الْإِرَادَةُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهَا بِالْقِرَاءَةِ اسْتَحَالَ
التَّعَوُّذُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ.
قَالَ الدَّمَامِينِيُّ: وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ بِاخْتِيَارِهِ يَزُولُ
الْإِشْكَالُ وَذَلِكَ أَنَّا نَأْخُذُهَا مُقَيَّدَةً بِأَنْ لَا يَعْرِضَ
لَهُ صَارِفٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ
(1/198)
فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. (كُلَّ رَكْعَةٍ) لِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ فِيهَا
قِرَاءَةً.
(وَالْأُولَى آكَدُ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا.
. (وَإِسْرَارٌ بِهِمَا) أَيْ: بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فِي
السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ الْمَسْنُونَةِ.
(وَ) سُنَّ. (عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِقَارِئِهَا
فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا. (آمِينَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَقِيسَ بِهَا خَارِجُهَا.
(مُخَفِّفًا) مِيمَهَا. (بِمَدٍّ وَقَصْرٍ) وَالْمَدُّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ
وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فَلَوْ
شَدَّدَ الْمِيمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ.
. (وَ) سُنَّ. (فِي جَهْرِيَّةٍ جَهْرٌ بِهَا) لِلْمُصَلِّي حَتَّى
لِلْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ تَبَعًا لَهُ. (وَأَنْ يُؤَمِّنَ)
الْمَأْمُومُ. (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا
أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ
تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ؛
وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ، بَلْ
لِقِرَاءَتِهِ، وَقَدْ فَرَغَتْ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إذَا أَمَّنَ
الْإِمَامُ إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ وَيُوضِحُهُ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ
«إذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا
الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا آمِينَ» فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ
مُوَافَقَتُهُ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إمَامُهُ عَنْ
الزَّمَنِ الْمَسْنُونِ فِيهِ التَّأْمِينُ أَمَّنَ الْمَأْمُومُ وَخَرَجَ
بِزِيَادَتِي فِي جَهْرِيَّةٍ السِّرِّيَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
اهـ. ع ن. (قَوْلُهُ: فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ) وَهَذِهِ أَفْضَلُ
صِيغَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَوْ أَتَى بِهِ أَيْ: شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ
أَنْ تَرَكَ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَلَوْ سَهْوًا لَا يَعُودُ إلَيْهِ ح
ل. (قَوْلُهُ: كُلَّ رَكْعَةٍ) وَكَذَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ع ش.
. (قَوْلُهُ: وَإِسْرَارٌ بِهِمَا) بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ:
وَسُنَّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ آمِينَ) نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ نَحْوِ
رَبِّ اغْفِرْ لِي لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي
آمِينَ» حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلِوَالِدَيَّ
وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَضُرَّ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَفُوتُ
إلَّا بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ سَهْوًا م ر وَلَا يُسَنُّ عَقِبَ
بَدَلِ الْفَاتِحَةِ مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى
إطْلَاقِهِمْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي ع ب وَلَوْ تَضَمَّنَتْ آيَاتُ الْبَدَلِ
دُعَاءً فَيَنْبَغِي التَّأْمِينُ عَقِبَهَا شَوْبَرِيٌّ وَإِلَّا فَلَا
يُؤَمِّنُ عَقِبَهَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا لَا
يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ
تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ ز ي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسُنَّ عَقِبَ
الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَلَهَا إنْ تَضَمَّنَ دُعَاءً فِيمَا يَظْهَرُ
مُحَاكَاةً لِلْأَصْلِ آمِينَ اهـ وَلَوْ بَدَأَ فِي الْبَدَلِ بِمَا
يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ وَخَتَمَ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُهُ فَالْوَجْهُ
أَنَّهُ يُؤَمِّنُ فِي الْأَخِيرِ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا
يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُؤَمِّنُ إلَّا إنْ أَخَّرَ مَا يَتَضَمَّنُ
الدُّعَاءَ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ) أَيْ: بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ
فَالْمُرَادُ بِالْعَقِبِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ إذْ
تَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ م ر قَالَ حَجّ: فَرْعٌ يُسَنُّ
سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ وَضُبِطَتْ بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ بَيْنَ
التَّحَرُّمِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعَوُّذِ
وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَسْمَلَةِ وَبَيْنَ آخِرِ الْفَاتِحَةِ وَآمِينَ
وَبَيْنَ آمِينَ وَالسُّورَةِ إنْ قَرَأَهَا وَبَيْنَ آخِرِهَا
وَتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ سُورَةً فَبَيْنَ آمِينَ
وَالرُّكُوعِ وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ فِي الْجَهْرِيَّةِ
بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ
يَقْرَؤُهَا فِي سَكْتَتِهِ وَأَنْ يَشْتَغِلَ فِي هَذِهِ السَّكْتَةِ
بِدُعَاءٍ أَوْ قِرَاءَةٍ وَهِيَ أَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى
اسْتَجِبْ) لَا يُقَالُ: اسْتَجِبْ مُتَعَدٍّ دُونَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ
يُقَالُ اسْتَجِبْ دُعَاءَنَا وَلَا يُقَالُ آمِينَ دُعَاءَنَا وَغَيْرُ
الْمُتَعَدِّي لَا يُفَسَّرُ بِالْمُتَعَدِّي. لِأَنَّا نَقُولُ قَالَ: فِي
التَّسْهِيلِ وَحُكْمُهَا أَيْ: أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ غَالِبًا فِي
التَّعَدِّي وَاللُّزُومِ حُكْمُ الْأَفْعَالِ اهـ قَالُوا وَخَرَجَ
بِغَالِبًا آمِينَ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ وَهُوَ مُتَعَدٍّ دُونَهُ
تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِقَصْدِ الدُّعَاءِ) أَفَادَ أَنَّهُ
لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِالْمُشَدَّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا
أَجْنَبِيَّةٌ ع ش؛ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ
لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الدُّعَاءَ بَلْ قَصَدَ بِقَوْلِ آمِّينَ
بِالتَّشْدِيدِ قَاصِدِينَ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ
بَطَلَتْ أَيْضًا:
، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ اهـ
بِالْمَعْنَى وَفِي حَجّ أَنَّهَا تَبْطُلُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ.
. (قَوْلُهُ: فِي جَهْرِيَّةٍ) أَيْ: شُرِعَ فِيهَا الْجَهْرُ. (قَوْلُهُ:
مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ فِيهِ
الْمُقَارَنَةُ غَيْرَهُ ر م وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ خَارِجَ
الصَّلَاةِ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ غَيْرِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ فَلَا
يُسَنُّ لَهُ التَّأْمِينُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَنْ
وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ) وَمَعْلُومٌ مِنْ حَدِيثٍ
آخَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ
التَّعْلِيلُ مُنْتِجًا لِلْمُدَّعَى شَيْخُنَا ح ف، وَعِبَارَةُ ح ل هَذَا
يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ
أَيْ: فِي الزَّمَنِ وَقِيلَ فِي الصِّفَةِ كَالْإِخْلَاصِ وَفِيهِ أَنَّ
الْغَرَضَ مِنْهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى مُقَارَنَةِ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ
لِتَأْمِينِ الْإِمَامِ قِيلَ وَهْم الْحَفَظَةُ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ
قِيلَ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ.
(قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) أَيْ: الصَّغَائِرِ. (قَوْلُهُ:
وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ) حَتَّى
يَلْزَمَ تَأَخُّرُ تَأْمِينِهِ عَنْ تَأْمِينِ الْإِمَامِ بَلْ
لِقِرَاءَتِهِ وَقَدْ فَرَغَتْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَقِبَهَا
لِيُقَارِنَ تَأْمِينَ الْإِمَامِ ح ل. (قَوْلُهُ: بَلْ لِقِرَاءَتِهِ)
أَيْ: لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُوضِحُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْر الضَّادِ مُخَفَّفَةً
مِنْ أَوْضَحَ إذَا بَيَّنَ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى ع ش. (قَوْلُهُ:
عَنْ الزَّمَنِ إلَخْ) وَهُوَ بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: أَمَّنَ الْمَأْمُومُ) أَيْ: لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ
اعْتِبَارًا بِالْمَشْرُوعِ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: لِأَنَّ سَبَبَ
التَّأْمِينِ انْقِضَاءُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ كَمَا عَلِمْتَ وَقَدْ
وُجِدَ وَلَا نَظَرَ لِلْمُقَارَنَةِ لِأَنَّ مَحَلَّ طَلَبِهَا إذَا
أَمَّنَ الْإِمَامُ فِي زَمَنِهِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ،
وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ لَا يُنْظَرُ
إلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ ح ل
(1/199)
فَلَا جَهْرَ بِالتَّأْمِينِ فِيهَا وَلَا
مَعِيَّةَ، بَلْ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ سِرًّا مُطْلَقًا.
. (ثُمَّ) بَعْدَ التَّأْمِينِ سُنَّ أَنْ. (يَقْرَأَ غَيْرُهُ) أَيْ:
غَيْرُ الْمَأْمُومِ مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ. (سُورَةً) غَيْرَ
الْفَاتِحَةِ. (فِي) رَكْعَتَيْنِ. (أُولَيَيْنِ) جَهْرِيَّةً كَانَتْ
الصَّلَاةُ أَوْ سِرِّيَّةً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي
الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقِيسَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا. (لَا هُوَ) أَيْ:
الْمَأْمُومُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ سُورَةٌ إنْ سَمِعَ لِلنَّهْيِ عَنْ
قِرَاءَتِهِ لَهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. (بَلْ يَسْتَمِعُ)
قِرَاءَةَ إمَامِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] . (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا) لِصَمَمٍ
أَوْ بُعْدٍ أَوْ سَمَاعِ صَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ أَوْ إسْرَارِ إمَامِهِ،
وَلَوْ فِي جَهْرِيَّةٍ. (قَرَأَ) سُورَةً، إذْ لَا مَعْنَى لِسُكُوتِهِ
وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ بَعُدَ أَوْ كَانَتْ
سِرِّيَّةً قَرَأَ. (فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) أَيْ: بِالْأُولَيَيْنِ مِنْ
صَلَاةِ إمَامِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهُمَا مَعَهُ. (قَرَأَهَا) فِي
بَاقِي صَلَاتِهِ إذَا تَدَارَكَهُ، وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَهَا فِيمَا
أَدْرَكَهُ وَلَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا لِئَلَّا تَخْلُوَ
صَلَاتُهُ عَنْ السُّورَةِ بِلَا عُذْرٍ. (وَ) أَنْ. (يُطَوِّلَ) مَنْ
تُسَنُّ لَهُ سُورَةٌ. (قِرَاءَةَ أُولَى عَلَى ثَانِيَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَلَا جَهْرَ بِالتَّأْمِينِ فِيهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ سَمِعَ
قِرَاءَةَ إمَامِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ وَلَا
يُسَنُّ فِي السِّرِّيَّةِ جَهْرٌ بِالتَّأْمِينِ وَلَا مُوَافَقَةُ
الْإِمَامِ فِيهِ بَلْ يُؤَمِّنُ كُلٌّ سِرًّا مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ جَهَرَ
الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا أَيْ: السِّرِّيَّةِ لَمْ يَبْعُدْ سَنُّ
مُوَافَقَتِهِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ بِالسُّورَةِ
فِي السِّرِّيَّةِ يَشْتَغِلُ هُوَ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَسْتَمِعُ
قِرَاءَةَ إمَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ بِالْجَهْرِ لِمَا طُلِبَ مِنْهُ
قَالَ: فَالْعِبْرَةُ بِالْمَشْرُوعِ لَا بِالْمَفْعُولِ وَمُقْتَضَى هَذَا
التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ فِي
السِّرِّيَّةِ وَإِنْ جَهَرَ إمَامُهُ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا)
أَيْ: سَمِعَ قِرَاءَةَ إمَامِهِ أَمْ لَمْ يَسْمَعْ ع ش، وَسَوَاءٌ كَانَ
قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ.
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقْرَأُ غَيْرُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى آمِينَ فِي
قَوْلِهِ وَعَقِبَ الْفَاتِحَةِ آمِينَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ
لَكِنَّ صَنِيعَهُ يُوهِمُ أَنَّ السُّورَةَ لَا تُسَنُّ إلَّا إنْ أَمَّنَ
مَعَ أَنَّهَا تُسَنُّ مُطْلَقًا وَكَوْنُهَا بَعْدَ التَّأْمِينِ سُنَّةً
أُخْرَى وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَتُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ الْفَاتِحَةِ) أَمَّا هِيَ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا
عَنْهَا إلَّا إذَا لَمْ يُحْسِنْ غَيْرَهَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ
شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ تَكْرِيرٌ لِرُكْنٍ قَوْلِيٍّ تَأَمَّلْ
شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَبَعْضُ أَهْلِ مَذْهَبِنَا يَقُولُ بِبُطْلَانِ
الصَّلَاةِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ
قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا فَلَمْ يُرَاعَ ح ف أَوْ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ
تَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا ثَانِيًا إنَّمَا
هُوَ بَدَلٌ عَنْ السُّورَةِ. (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي
الظُّهْرِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِ الظُّهْرِ
وَالْعَصْرِ وَإِنَّمَا قِيسَ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا وَصَرَّحَ فِي
شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِهِ وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ
فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ شَيْءٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الصُّبْحِ
وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا اهـ دُونَ مَا عَدَاهُمَا رَوَاهُ
الشَّيْخَانِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالنَّسَائِيُّ فِيهَا بِإِسْنَادٍ
حَسَنٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا كَانَ جُنُبًا لَا
يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
أَنَّ مَنْ سُبِقَ بِأَخِيرَتَيْهِ قَرَأَ فِيهِمَا إذَا تَدَارَكَهُمَا
وَكَالصُّبْحِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ وَنَحْوُهُمَا اهـ بِحُرُوفِهِ
فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَجِدْ النَّصَّ وَرَدَ فِي أُولَتَيْ الْعِشَاءِ وَفِي
الصُّبْحِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِيهِمَا وَفِي أُولَتَيْ الْمَغْرِبِ
النَّسَائِيّ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلَا تُسَنُّ لَهُ سُورَةٌ إنْ سَمِعَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي
السِّرِّيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى فِعْلِ
الْإِمَامِ لَا عَلَى الْمَشْرُوعِ وَقَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهِ
لَهَا فَقِرَاءَتُهُ لَهَا مَكْرُوهَةٌ ح ل وَقَوْلُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ
اعْتَمَدَهُ ز ي وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ بِالسُّورَةِ
فِي السِّرِّيَّةِ يَشْتَغِلُ هُوَ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَسْتَمِعُ
قِرَاءَةَ إمَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ بِالْجَهْرِ لِمَا طُلِبَ مِنْهُ،
فَالْعِبْرَةُ بِالْمَشْرُوعِ لَا بِالْمَفْعُولِ انْتَهَى وَأَقَرَّهُ ع
ش. قَوْلُهُ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204] فِيهِ أَنَّ
هَذِهِ الْآيَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْخُطْبَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي
بَابِهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْآيَةَ مُفَسِّرَةٌ بِتَفْسِيرَيْنِ
قُبَيْلَ الْخُطْبَةِ وَقِيلَ الْقُرْآنُ نَفْسُهُ إذْ الْآيَةُ
الْوَاحِدَةُ تَحْتَمِلُ تَفَاسِيرَ كَثِيرَةً ح ف. (قَوْلُهُ:
وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ مَا فِي
الْمِنْهَاجِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ تَكُنْ
سِرِّيَّةً لَا يَقْرَأُ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا
يَفْهَمُهُ أَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ أَسَرَّ الْإِمَامُ ع ش. (قَوْلُهُ:
فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: هَذَا إذَا لَمْ
يُسْبَقْ بِهِمَا. (قَوْلُهُ: فِي بَاقِي صَلَاتِهِ) أَيْ: الثَّالِثَةِ
وَالرَّابِعَةِ وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ ع ب أَنَّهُ يُكَرِّرُ السُّورَةَ
مَرَّتَيْنِ فِي ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
فَلْيُرَاجَعْ ح ل أَيْ: بِأَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّالِثَةِ
وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ مَعَهُ فِيهَا وَتَرَكَهَا
فِي ثَانِيَتِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ قِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ فِي
ثَالِثَتِهِ كَمَا قَالُوا فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَوْ تَرَكَ {الم
- تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ
قِرَاءَتُهَا مَعَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: إذَا تَدَارَكَهُ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ أَوْ أَنَّ إذَا هُنَا
مُجَرَّدَةٌ عَنْ مَعْنَى الشَّرْطِ وَمَعْنَاهَا الْوَقْتُ أَيْ: وَقْتُ
تَدَارُكِهِ أَيْ: تَدَارُكِ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ
قَرَأَهَا فِيمَا أَدْرَكَهُ) بِأَنْ كَانَ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ
وَإِمَامُهُ بَطِيئُهَا فَهُوَ تَصْوِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَفِي شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمِهَا
فَمَتَى أَمْكَنَتْ الْقِرَاءَةُ وَلَمْ يَقْرَأْ لَا يَقْرَأُ فِي
الْبَاقِي لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَفِي كَلَامِ
الشِّهَابِ عَمِيرَةِ لَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا فِي الْأُولَيَيْنِ
فَالظَّاهِرُ تَدَارُكُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَنَظِيرِهِ مِنْ سُجُودِ
السَّهْوِ ح ل، وَاعْتَمَدَ ح ف كَلَامَ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ
الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ز ي وَفِي الشَّوْبَرِيِّ وَلَمْ يَكُنْ
قَرَأَهَا أَيْ: وَلَا تَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَتِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا
سَقَطَتْ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِيهِ
نَظَرٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا تُسَنُّ لَهُ السُّورَةُ فِي
الْأَخِيرَتَيْنِ فَكَيْفَ
(1/200)
نَعَمْ إنْ وَرَدَ نَصٌّ بِتَطْوِيلِ
الثَّانِيَةِ اُتُّبِعَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ أَنَّهُ يُسَنُّ
لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ لِيَلْحَقَهُ مُنْتَظِرُ السُّجُودِ.
. (وَسُنَّ) لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامٍ. (فِي صُبْحٍ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ)
بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا.
(وَ) فِي. (ظُهْرٍ قَرِيبٌ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ طِوَالِهِ كَمَا فِي
الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَالْأَصْلُ
أَدْخَلَهُ فِيمَا قَبْلَهُ. (وَ) فِي. (عَصْرٍ وَعِشَاءٍ أَوْسَاطُهُ)
وَالثَّلَاثَةُ فِي الْإِمَامِ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ تَبَعًا
لِلْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ. (بِرِضَا) مَأْمُومِينَ.
(مَحْصُورِينَ) أَيْ: لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ. (وَ) فِي.
(مَغْرِبٍ قِصَارُهُ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ فِي ذَلِكَ. وَأَوَّلُ
الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ
وَغَيْرِهَا. (وَ) فِي. (صُبْحِ جُمُعَةٍ) فِي أُولَى. {الم - تَنْزِيلُ}
[السجدة: 1 - 2] وَفِي ثَانِيَةٍ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ تَرَكَ الم فِي الْأُولَى سُنَّ أَنْ يَأْتِيَ
بِهِمَا فِي الثَّانِيَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ
كُلِّهِ يَتَأَدَّى بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَكِنَّ السُّورَةَ
أَوْلَى حَتَّى إنَّ السُّورَةَ الْقَصِيرَةَ أَوْلَى مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ
طَوِيلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ
الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي أَصْلِ
الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ غَيْرُ وَافٍ بِكَلَامِ
الرَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ.
. (تَنْبِيهٌ) يُسَنُّ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ
فِي الصُّبْحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَتَحَمَّلُهَا عَنْ الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ
أَنَّهُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ؟ فَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ
لَمَّا تَحَمَّلَ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْفَاتِحَةَ فَكَذَلِكَ السُّورَةُ
وَهُوَ عَجِيبٌ اهـ. وَأَجَابَ ح ل بِأَنَّ سُقُوطَهَا عَنْهُ لِسُقُوطِ
مَتْبُوعِهَا، وَهُوَ الْفَاتِحَةُ لَا لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا
عَنْهُ كَمَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَفِي كَلَامِ حَجّ فِي شَرْحِ
الْأَصْلِ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ السُّورَةَ حِينَئِذٍ،
وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ تَحَمُّلِ الْفَاتِحَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَهَذَا
الْجَوَابُ وَاضِحٌ فِي سُقُوطِهَا فِي الْأُولَى الَّتِي سَبَقَ فِيهَا
وَمَا صُورَةُ سُقُوطِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مَعًا
وَصَوَّرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ السِّجِّينِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا
إذَا اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الثَّالِثَةِ وَكَانَ مَسْبُوقًا أَيْ:
لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لِلْوَسَطِ
الْمُعْتَدِلِ ثُمَّ رَكَعَ مَعَ إمَامِهِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ
كَزَحْمَةٍ مَثَلًا ثُمَّ تَمَكَّنَ مِنْ السُّجُودِ فَسَجَدَ وَقَامَ مِنْ
سُجُودِهِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَعَ
مَعَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَكَذَلِكَ
تَسْقُطُ عَنْهُ السُّورَةُ تَبَعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْإِمَامَ
يَتَحَمَّلُ عَنْهُ السُّورَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ) أَيْ: بِأَنْ زُوحِمَ
إنْسَانٌ عَنْ السُّجُودِ وَكَمَا فِي تَطْوِيلِ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ
الثَّانِيَةَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِتَلْحَقَهُ الْفِرْقَةُ
الثَّانِيَةُ ح ل وَكَمَا لَوْ نَسِيَ سُورَةَ السَّجْدَةِ فِي الرَّكْعَةِ
الْأُولَى مِنْ صُبْحِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ
{الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] ز ي.
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِي صُبْحٍ) هَذَا تَفْصِيلٌ لِلسُّورَةِ
الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا تَكْرَارَ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ طِوَالُ
الْمُفَصَّلِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ فِيهِ بَيْنَ
السُّوَرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَالْحِكْمَةُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ وَقْتَ
الصُّبْحِ طَوِيلٌ وَصَلَاتُهُ رَكْعَتَانِ فَنَاسَبَ تَطْوِيلَهَا
وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ فَنَاسَبَ فِيهِ الْقِصَارَ وَأَوْقَاتُ
الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ طَوِيلَةٌ، وَلَكِنَّ الصَّلَوَاتِ
طَوِيلَةٌ فَلَمَّا تَعَارَضَ ذَلِكَ رُتِّبَ عَلَيْهِ التَّوَسُّطُ فِي
غَيْرِ الظُّهْرِ وَفِيهَا قَرِيبٌ مِنْ الطِّوَالِ شَرْحُ م ر وَانْظُرْ
حِكْمَةَ مُخَالَفَةِ الظُّهْرِ لِغَيْرِهَا مِنْ الرُّبَاعِيَّاتِ
وَلَعَلَّهَا لِكَوْنِ وَقْتِهَا وَقْتَ قَيْلُولَةٍ فَنَاسَبَهَا
التَّخْفِيفُ بِقَرِيبٍ مِنْ الطِّوَالِ كَالنَّازِعَاتِ تَأَمَّلْ قَالَ ح
ل: وَطِوَالُ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْحُجُرَاتِ إلَى عَمَّ وَالْأَوْسَاطُ
مِنْ عَمَّ إلَى الضُّحَى وَالْقِصَارُ مِنْ الضُّحَى إلَى الْآخِرِ
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُسَافِرِ أَمَّا هُوَ فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ
فِي الْأُولَى مِنْ الصُّبْحِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي
الثَّانِيَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ اهـ
شَيْخُنَا عَنْ حَجّ.
(قَوْلُهُ: بِرِضَا مَحْصُورِينَ) أَيْ: صَرِيحًا وَلَمْ يَكُنْ
الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ بِأَنْ لَمْ
يَكُونُوا مَمْلُوكِينَ وَلَا نِسَاءَ مُزَوَّجَاتٍ وَلَا مُسْتَأْجَرِينَ
إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ كَمَا فِي ح ل. (قَوْلُهُ: وَفِي
صُبْحِ جُمُعَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُومُونَ مَحْصُورِينَ
رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ وَتَقْيِيدِ مَا
قَبْلَهُ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَالظَّاهِرُ وَلَوْ كَانَ الصُّبْحُ
قَضَاءً فَلْيُحَرَّرْ ز ي اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ:
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ أَوَّلًا وَلَوْ بِالْآيَةِ الَّتِي
فِيهَا السَّجْدَةُ فَقَطْ سَوَاءٌ أَتَى بِهَا فِي أَوَّلِهَا أَوْ
آخِرِهَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ صُبْحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
مَحَلُّ السُّجُودِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ أَتَى بِآيَةِ سَجْدَةٍ فِي
غَيْرِ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ سَوَاءً كَانَتْ الم أَوْ غَيْرَهَا وَلَوْ قَرَأَ فِي صُبْحِ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ الم تَنْزِيلُ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر خِلَافًا لحج فَإِنْ لَمْ
يَقْصِدْ السُّجُودَ بِأَنْ أَتَى بِآيَةِ سَجْدَةٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ
فِيهَا سَجْدَةً بَلْ اتَّفَقَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ
كَانَ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. قَوْلُهُ: {الم -
تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْحِكَايَةِ
لِلتِّلَاوَةِ ز ي.
(قَوْلُهُ: بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ) وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ إنْ أَفَادَ مَعْنًى ح
ل. (قَوْلُهُ: فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) فِيهِ أَنَّ أَصْلَ الرَّوْضَةِ،
وَهُوَ شَرْحُ الْوَجِيزِ لِلرَّافِعِيِّ لَا لِلنَّوَوِيِّ وَالنَّوَوِيُّ
لَهُ الرَّوْضَةُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: فِي
تَقْرِيرِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْ فِي مُخْتَصَرِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ،
وَهُوَ الرَّوْضَةُ أَوْ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ اهـ ح ف، وَأَمَّا
الْوَجِيزُ فَهُوَ لِلْغَزَالِيِّ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ وَافٍ) أَيْ: وَلَوْ
وَفَّى لَقَالَ: مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا مَعَ
أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا أَوْلَى مِنْ
قَدْرِهَا وَأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا أَوْلَى.
. (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ) وَإِنْ خَافَ الرِّيَاءَ
بِخِلَافِ الْجَهْرِ خَارِجَ الصَّلَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَالْحِكْمَةُ
فِي الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اللَّيْلُ مَحَلَّ
الْخَلْوَةِ
(1/201)
وَأُولَتَيْ الْعِشَاءَيْنِ وَالْجُمُعَةِ
وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ
وَوِتْرِ رَمَضَانَ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَيْلًا أَوْ وَقْتَ صُبْحٍ
كَمَا يَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَأَنْ يُسِرَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي
نَافِلَةِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ فَيَتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ
الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ
أَوْ نَحْوِهِ وَمَحَلُّ الْجَهْرِ وَالتَّوَسُّطِ فِي الْمَرْأَةِ
وَالْخُنْثَى حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ
مَا يُخَالِفُهُ فِي الْخُنْثَى وَالْعِبْرَةُ فِي الْجَهْرِ
وَالْإِسْرَارِ فِي الْفَرِيضَةِ الْمَقْضِيَّةِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا
بِوَقْتِ الْأَدَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا
الْعِيدُ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ
فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قُبَيْلَ بَابِ التَّكْبِيرِ عَمَلًا
بِأَصْلِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ؛ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ
بِالْجَهْرِ بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلِّ الْإِسْرَارِ فَيُسْتَصْحَبُ.
. (وَ) خَامِسُهَا. (رُكُوعٌ) تَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ. (وَأَقَلُّهُ)
لِلْقَائِمِ. (انْحِنَاءٌ) خَالِصٌ. (بِحَيْثُ تَنَالُ رَاحَتَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَيَطِيبُ فِيهِ السَّمَرُ شُرِعَ الْجَهْرُ فِيهِ طَلَبًا لِمُدَّةِ
مُنَاجَاةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَخُصَّ بِالْأُولَيَيْنِ لِنَشَاطِ
الْمُصَلِّي فِيهِمَا وَالنَّهَارُ
لَمَّا كَانَ مَحَلَّ الشَّوَاغِلِ وَالِاخْتِلَاطِ بِالنَّاسِ طُلِبَ
فِيهِ الْإِسْرَارُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّفَرُّغِ لِلْمُنَاجَاةِ
وَأُلْحِقَ الصُّبْحُ بِالصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ
لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّوَاغِلِ عَادَةً ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَأُولَتَيْ الْعِشَاءَيْنِ) فِيهِ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ
عِشَاءً وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُ وَلَوْ مَعَ التَّغْلِيبِ كَمَا صَرَّحَ
بِهِ لَكِنْ فِي الْأَنْوَارِ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مَعَ
التَّغْلِيبِ فَلَعَلَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى مَقَالَةِ الْأَنْوَارِ وَإِنْ
خَالَفَهُ ثَمَّ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِسْقَاءِ)
أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِدَلِيلِ الْإِطْلَاقِ
فِيهَا وَالتَّقْيِيدِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ابْنُ شَرَفٍ. (قَوْلُهُ:
فَيُتَوَسَّطُ إلَخْ) حَدُّ الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ
وَالْإِسْرَارُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ قَالَ: بَعْضُهُمْ وَالتَّوَسُّطُ
بَيْنَهُمَا يُعْرَفُ بِالْمُقَايَسَةِ بِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ
قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا
وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [الإسراء: 110] . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:
وَالْأَحْسَنُ فِي تَفْسِيرِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَجْهَرَ
تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى إذْ لَا تُعْقَلُ الْوَاسِطَةُ ز ي وَفَسَّرَ ح
ل التَّوَسُّطَ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْإِسْرَارِ إلَى أَنْ لَا يَبْلُغَ
حَدَّ الْجَهْرِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ
غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ إلَى سَمَاعِ مَنْ يَلِيهِ اهـ
بِحُرُوفِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ
عَلَى نَائِمٍ إلَخْ لِأَنَّهُ عَلَى تَفْسِيرِهِ لَا يُشَوِّشُ قَطْعًا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ) قَضِيَّةُ تَخْصِيصِ هَذَا
التَّقْيِيدِ بِالتَّوَسُّطِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَنَّ مَا طُلِبَ
فِيهِ الْجَهْرُ كَالْعِشَاءِ لَا يُتْرَكُ فِيهِ الْجَهْرُ لِمَا ذُكِرَ
لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يُتْرَكُ لِهَذَا الْعَارِضِ ع ش
عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَمُشْتَغِلٍ بِمُطَالَعَةِ عِلْمٍ أَوْ
تَدْرِيسِهِ أَوْ تَصْنِيفِهِ وَإِلَّا أَسَرَّ وَمِثْلُ الْمُصَلِّي فِي
ذَلِكَ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ يَشْتَغِلُ
بِالذِّكْرِ ح ل. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ) وَإِلَّا
اُسْتُحِبَّ لَهَا عَدَمُ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: مَا يُخَالِفُهُ فِي
الْخُنْثَى) حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ النِّسَاءِ إمَّا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ
فَلَا وَجْهَ لِإِسْرَارِهِ ح ل قَالَ م ر: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ
الْمُخَالَفَةِ؛ لِأَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ
وَالرِّجَالُ الْأَجَانِبُ مَعًا. (قَوْلُهُ: بِوَقْتِ الْقَضَاءِ)
مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَلْحَقَ بِهَا) أَيْ: بِالْفَرِيضَةِ
الْعِيدُ فَيَجْهَرُ فِيهِ فِي وَقْتِ الْجَهْرِ وَيُسِرُّ فِيهِ فِي
وَقْتِ الْإِسْرَارِ وَقَوْلُهُ وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ أَيْ: بَلْ
يَجْهَرُ فِيهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ح ل. (قَوْلُهُ: عَمَلًا
بِالْأَصْلِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ) وَلَمْ يُعْمَلْ
بِذَلِكَ فِي غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ بِالدَّلِيلِ ح ل. (قَوْلُهُ:
بِصَلَاتِهِ) أَيْ: صَلَاةِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعِيدَيْنِ وَقَوْلُهُ
فَيُسْتَصْحَبُ أَيْ: الشَّرْعُ.
. (قَوْلُهُ: وَخَامِسُهَا رُكُوعٌ) هُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
وَأَوَّلُ صَلَاةٍ رَكَعَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - صَلَاةُ الْعَصْرِ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ اهـ
مَوَاهِبُ بِالْمَعْنَى أَيْ: فَيَكُونُ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَهَا بِلَا
رُكُوعٍ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ اللَّيْلِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ
ذَلِكَ كَانَتْ بِلَا رُكُوعٍ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَفِي
الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَارْكَعِي مَعَ
الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] مَا نَصُّهُ أُمِرْتُ بِالصَّلَاةِ فِي
الْجَمَاعَةِ بِذِكْرِ أَرْكَانِهَا مُبَالَغَةً فِي الْمُحَافَظَةِ
عَلَيْهَا وَقَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ
كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ أَوْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا
تُوجِبُ التَّرْتِيبَ أَوْ لِيَقْتَرِنَ ارْكَعِي بِالرَّاكِعِينَ
لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ مَنْ لَيْسُوا فِي رُكُوعٍ لَيْسُوا مُصَلِّينَ
انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرُّكُوعَ كَانَ فِي شَرْعِ مَنْ
قَبْلَنَا ع ش وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ
الْأُمَّةِ فَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِصَلِّي مَعَ الْمُصَلِّينَ
مَجَازٌ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ غَيْرُ مُسَلَّمٍ
لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا فِي شَرِيعَتِهِمْ فَهُوَ
لَيْسَ جُزْءًا حَتَّى يُعَبِّرَ بِهِ عَنْ الْكُلِّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:
تَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ) اعْتِذَارٌ عَنْ تَرْكِ الْمَتْنِ لَهُ
هُنَا وَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَأَقَلُّهُ كَمَا صَنَعَ
م ر. (قَوْلُهُ: خَالِصٌ) أَيْ: عَنْ الِانْخِنَاسِ وَهُوَ أَنْ يَخْفِضَ
عَجِيزَتَهُ وَيَرْفَعَ أَعْلَاهُ وَيُقَدِّمَ صَدْرَهُ. (فَرْعٌ)
لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِمُعِينٍ لَزِمَهُ ابْتِدَاءً
وَدَوَامًا لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تُنَالُ) أَيْ:
يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ هَلْ انْحَنَى قَدْرًا تَصِلُ بِهِ رَاحَتَاهُ
رُكْبَتَيْهِ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ
شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: رَاحَتَا) مُفْرَدُهُ رَاحَةٌ وَالْجَمْعُ رَاحٍ
بِلَا يَاءٍ بِرْمَاوِيٌّ وَتَعْبِيرُهُ بِالرَّاحَةِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ
الِاكْتِفَاءِ بِالْأَصَابِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ
(1/202)
مُعْتَدِلِ خِلْقَةٍ رُكْبَتَيْهِ) إذَا
أَرَادَ وَضْعَهُمَا عَلَيْهِمَا فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِانْخِنَاسٍ أَوْ
بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ لَمْ يَكْفِ وَالرَّاحَتَانِ مَا عَدَا الْأَصَابِعِ
مِنْ الْكَفَّيْنِ، وَقَوْلِي انْحِنَاءٌ مَعَ مُعْتَدِلِ خِلْقَةٍ مِنْ
زِيَادَتِي. (بِطُمَأْنِينَةٍ تَفْصِلُ رَفْعَهُ عَنْ هَوِيِّهِ) بِفَتْحِ
الْهَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ قَبْلَ
رَفْعِهِ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ. (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ)
أَيْ: بِهَوِيِّهِ غَيْرَ الرُّكُوعِ. (كَنَظِيرِهِ) مِنْ الِاعْتِدَالِ
وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِلتَّشَهُّدِ
فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الصَّوَابُ
وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّنْبِيهِ الِاكْتِفَاءَ بِهَا م ر ع ش.
(قَوْلُهُ: مُعْتَدِلٌ خِلْقَةً) فَلَوْ طَالَتْ يَدَاهُ أَوْ قَصُرَتَا
أَوْ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ ح ل أَيْ: بَلْ
يُقَدَّرُ مُعْتَدِلًا. (قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا) اُنْظُرْ
أَيَّ حَاجَةٍ لِهَذَا بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالْحَيْثِيَّةِ
الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا إلَّا أَنْ
يُقَالَ: ذَكَرَهُ إيضَاحًا وَتَصْوِيرًا لِلْحَيْثِيَّةِ. اهـ. ع ش اط ف.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِانْخِنَاسٍ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ
انْحِنَاءً وَقَوْلُهُ: أَوْ بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ مَفْهُومُ قَوْلِهِ
خَالِصٌ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِلنَّيْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ تَنَالُ كَمَا
قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ) أَيْ: وَتَبْطُلُ
صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ وَإِلَّا لَمْ
تَبْطُلْ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ حَجّ بِزِيَادَةٍ أَيْ: لِأَنَّ فِعْلَهُ
بِالِانْخِنَاسِ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ هِيَ تَلَاعُبٌ أَوْ
تُشْبِهُهُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ
كَشَرْحِ م ر مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ حَجّ عَلَى مَا
إذَا لَمْ يُعِدْهُ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ لَا بُطْلَانَ
وَإِنْ كَانَ أَتَى بِهِ عَامِدًا عَالِمًا حَرِّرْ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي
انْحِنَاءٍ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ أَصْلَهُ فِيهِ أَنْ يَنْحَنِيَ
وَغَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَصْدَرٌ مُؤَوَّلٌ وَهَذَا مَصْدَرٌ صَرِيحٌ.
وَأَجَابَ الطَّنْدَتَائِيُّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ
مَصْدَرًا صَرِيحًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ
مَجْمُوعَ الِانْحِنَاءِ مَعَ مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ مِنْ الزِّيَادَةِ
فَلَا يُنَافِي أَنَّ الِانْحِنَاءَ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ وَأَوْلَى
مِنْ ذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ الشَّيْخِ الَّتِي اخْتَصَرَهَا هِيَ الَّتِي
شَرَحَ عَلَيْهَا الْجَلَالُ وَهِيَ خَالِيَةٌ عَنْ الِانْحِنَاءِ
مُطْلَقًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيُّ شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: مَصْدَرًا صَرِيحًا وَمُؤَوَّلًا، وَعِبَارَةُ
ع ش قَوْلُهُ: وَقَوْلِي إلَخْ أَيْ: وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ
نُسَخِ الْمِنْهَاجِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يَنْحَنِيَ فَهُوَ غَيْرُ
مَوْجُودٍ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ لِبَعْضِ
تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ تَصْحِيحًا لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ اهـ. (قَوْلُهُ:
بِطُمَأْنِينَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِانْحِنَاءٍ وَتَكُونُ الْبَاءُ
بِمَعْنَى مَعَ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِتَنَالُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ:
مُلْتَبِسًا بِطُمَأْنِينَةٍ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: رَفْعِهِ) أَيْ:
لِلِاعْتِدَالِ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَاءِ إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ
الْخَلِيلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِفَتْحِ الْهَاءِ الِانْخِفَاضُ
وَبِضَمِّهَا الِارْتِفَاعُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْمُسِيءِ
صَلَاتَهُ) دَلِيلٌ عَلَى الرُّكُوعِ بِطُمَأْنِينَتِهِ لَا عَلَى
أَقَلِّهِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْصَدُ بِهِ
غَيْرُهُ) أَيْ: فَقَطْ فَلَوْ قَصَدَهُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ
لَمْ يَضُرَّ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ فِي الْبَدَلِيَّةِ وَقَوْلُهُ:
كَنَظِيرِهِ أَيْ: مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ كَالِاعْتِدَالِ إلَخْ
فَإِنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهَا غَيْرَهَا فَقَطْ لِانْسِحَابِ
نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ ح ل وَمِثْلُهُ ع ش عَنْ سم:
وَعِبَارَتُهُ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهُ فَقَطْ
حَتَّى لَوْ قَصَدَهُ وَغَيْرُهُ لَا يَضُرُّ سم وَكَتَبَ أَيْضًا
قَوْلَهُ: وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا
أَيْ: بِأَنْ كَانَ ثَمَّ صَارِفٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ
الْآتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ سَقَطَ
إلَخْ اهـ
أَيْ:؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ لِقَصْدِ الْغَيْرِ
مَعَ أَنَّ السَّاقِطَ لَا قَصْدَ لَهُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ
بِهِ لِقَصْدِ الْغَيْرِ. وَحَاصِلُ جَوَابِ الْمُحَشِّي أَنَّ الْقَصْدَ
مَوْجُودٌ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ الصَّارِفُ كَأَنَّهُ قَصَدَ
الْغَيْرَ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَصْدِ الْغَيْرِ
وُجُودُ الْفِعْلِ الصَّارِفِ مُطْلَقًا. اهـ. شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ:
كَنَظِيرِهِ) لَوْ قَالَ: كَنَظَائِرِهِ كَانَ أَوْضَحَ ع ش وَالضَّمِيرُ
رَاجِعٌ لِهُوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ فَحِينَئِذٍ يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ
الِاعْتِدَالِ مُضَافٌ أَيْ: مِنْ رَفْعِ الِاعْتِدَالِ وَهَكَذَا
يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدُ مَا يُنَاسِبُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ
بِالتَّفْرِيعِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ هَوَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ
الِاعْتِدَال) أَيْ: مِنْ رَفْعِ الِاعْتِدَالِ، وَقَوْلُهُ: وَالسُّجُودُ
أَيْ: وَهُوِيُّ السُّجُودِ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ هَوَى
لِتِلَاوَةٍ) بِأَنْ قَرَأَ هُوَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ قَرَأَ
إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ هَوَى عَقِبَهَا لِلرُّكُوعِ فَظَنَّ
الْمَأْمُومُ أَنَّهُ هَوَى لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَهَوَى مَعَهُ
فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عِنْدَ حَدِّ الرَّاكِعِ فَيُحْسَبُ لَهُ
ذَلِكَ عَنْ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْهُوِيَّ لِلْمُتَابَعَةِ
الْوَاجِبَةِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي
أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعُ لَا وَجْهَ لَهُ فَلَوْ لَمْ
يَعْلَمْ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ
لِلسُّجُودِ قَامَ مُنْحَنِيًا فَلَوْ انْتَصَبَ عَامِدًا عَالِمًا
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ قِيَامًا وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ
وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ وَهَوَى لِلرُّكُوعِ ثُمَّ
أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَهَا فَإِنْ كَانَ
(1/203)
أَوْ سَقَطَ مِنْ اعْتِدَالٍ أَوْ رَفَعَ
مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ
عَنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَجُلُوسِهِ لِوُجُودِ
الصَّارِفِ فَيَجِبُ الْعَوْدُ إلَى الْقِيَامِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ وَإِلَى
الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لِيَرْتَفِعَ مِنْهُ. (وَأَكْمَلُهُ) مَعَ مَا
مَرَّ (تَسْوِيَةُ ظَهْرٍ وَعُنُقٍ) كَالصَّفِيحَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ. (وَأَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ) الْمُسْتَلْزِمُ لِنَصْبِ
سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ (مُفْتَرِقَتَيْنِ) كَمَا
فِي السُّجُودِ.
(وَ) أَنْ (يَأْخُذَهُمَا) أَيْ: رُكْبَتَيْهِ (بِكَفَّيْهِ وَ) أَنْ.
(يَفْرُقَ أَصَابِعَهُ) كَمَا فِي التَّحَرُّم لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي
الْأَوَّلِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الثَّانِي ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ.
(لِلْقِبْلَةِ) أَيْ: لِجِهَتِهَا لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ. (وَ)
أَنْ. (يُكَبِّرَ وَيَرْفَعَ كَفَّيْهِ كَتَحَرُّمِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ
ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَلَوْ هَوَى
خَاصٌّ بِالْمُسْتَقِلِّ فَخَرَجَ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَقَطَ
مِنْ اعْتِدَالٍ) أَيْ: قَبْلَ قَصْدِ الْهُوِيِّ فَإِنْ كَانَ سُقُوطُهُ
قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى مَا سَقَطَ مِنْهُ
وَاطْمَأَنَّ ثُمَّ سَجَدَ أَوْ بَعْدَهَا نَهَضَ مُعْتَدِلًا ثُمَّ
يَسْجُدُ. اهـ. ح ل. فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا مِنْ قَصْدِ
الْغَيْرِ وَالْحَالُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا قَصْدَ لَهُ فِي سُقُوطِهِ؟
قُلْتُ قَالَ الشَّيْخُ حَجّ: يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْهُوِيَّ لِلْغَيْرِ
الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَتْنِ صَادِقٌ بِمَسْأَلَةِ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّهُ
يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهُ وَقَعَ هُوِيُّهُ لِلْغَيْرِ؛ وَهُوَ
الْإِلْجَاءُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ)
اُنْظُرْ وَجْهَ إضَافَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ التِّلَاوَةِ
وَالِاعْتِدَالِ مَعَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتِّلَاوَةِ أَوْلَى
شَوْبَرِيٌّ أَيْ: لِيَخْرُجَ مَا إذَا هَوَى لِتِلَاوَةِ إمَامِهِ،
فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَعَلَّهُ لِيُرْجِعَ قَوْلَهُ:
فَزَعًا إلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ)
يَجُوزُ فَتْحُ الزَّايِ عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ وَيَجُوزُ
كَسْرُهَا عَلَى كَوْنِهِ حَالًا أَيْ: فَازِعًا، وَالْفَتْحُ أَوْلَى؛
لِأَنَّ جَعْلَهُ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى
الْهُوِيِّ أَوْ الرَّفْعِ إنَّمَا هُوَ الْفَزَعُ بِخِلَافِ جَعْلِهِ
حَالًا شَيْخُنَا وَجَعَلَ حَجّ الْفَتْحَ مُتَعَيِّنًا تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ عَنْ رُكُوعِهِ إلَخْ) عَلَى اللَّفِّ
وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَوْلُهُ: عَنْ رُكُوعِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ
فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ وَقَوْلُهُ: وَسُجُودِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ
سَقَطَ وَقَوْلُهُ: وَاعْتِدَالِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ رَفَعَ مِنْ
رُكُوعِهِ وَقَوْلُهُ: وَجُلُوسِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ سُجُودِهِ
وَقَوْلُهُ لِيَهْوِيَ مِنْهُ أَيْ: إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْعَوْدُ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ
لِلسَّهْوِ ب ر سم، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ
مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّقُوطِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ
إلَيْهِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَسْجُدُ
فِي الْجَمِيعِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِيَرْتَفِعَ مِنْهُ) أَيْ: يَرْتَفِعَ مِنْ الرُّكُوعِ
لِلِاعْتِدَالِ وَمِنْ السُّجُودِ لِلْجُلُوسِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَعَ
مَا مَرَّ) أَيْ: الِانْحِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَنْصِبَ) هَذَا
الْفِعْلُ مُؤَوَّلٌ مَعَ أَنْ بِمَصْدَرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى تَسْوِيَةُ
أَيْ: وَنَصْبُ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ
مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى
ظَهْرٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَتَسْوِيَةُ نَصْبٍ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ
أَصْلَ النَّصْبِ مَطْلُوبٌ لَا تَسْوِيَتُهُ وَلَمْ يَقُلْ وَيَنْصِبُ
بِدُونِ أَنْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْجُمْلَةِ خَبَرًا
بِدُونِ رَابِطٍ لِأَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ
الْمُسْتَلْزِمُ بِالرَّفْعِ نَعْتٌ لِلْمَصْدَرِ الْمَذْكُورِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: الْمُسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ
مُوفٍ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ وَمُشْتَمِلٌ عَلَى زِيَادَةٍ هِيَ نَصْبُ
الْفَخِذَيْنِ فَلِذَلِكَ كَانَ تَعْبِيرُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ
أَصْلِهِ وَنَصْبُ سَاقَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَصْبَ
الْفَخِذَيْنِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ
شَوْبَرِيٌّ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي تَعْبِيرِهِ بِنَصْبِ الرُّكْبَتَيْنِ تَسَمُّحًا
لِأَنَّ الرُّكْبَةَ لَا تَتَّصِفُ بِالِانْتِصَابِ، وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ
بِهِ الْفَخِذُ وَالسَّاقُ لِأَنَّ الرُّكْبَةَ مَوْصِلُ طَرَفَيْ
الْفَخِذِ وَالسَّاقِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي السُّجُودِ) أَيْ: بِقَدْرِ
شِبْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ عِلَّةً فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ
أَعْوَنُ لَهُ لِيَكُونَ عِلَّةً لَهُ لَكَانَ أَوْلَى ع ش وَقَوْلُهُ
كَمَا فِي السُّجُودِ، إنَّمَا قَاسَهُ عَلَيْهِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ
وَإِنْ كَانَ فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّحَرُّمِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ تَفْرِيقُهَا
تَفْرِيقًا وَسَطًا وَلَيْسَ مُرَادُهُ الِاسْتِدْلَالَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ
ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ، بَلْ هُوَ تَنْظِيرٌ. (قَوْلُهُ: لِلْقِبْلَةِ)
مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: مُوَجِّهَهَا لِلْقِبْلَةِ قَالَ ح ل: وَلَا
يَخْفَى أَنَّ الْإِبْهَامَ لَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا حِينَئِذٍ
كَالْخِنْصَرِ. قُلْتُ هَذَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِمْ
تَفْرِيقًا وَسَطًا فَمَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ حَاصِلٌ
بِالْجَمِيعِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ أَيْ: لِجِهَتِهَا فَلَا
يُمِيلُهَا يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً أَيْ: لِجِهَةِ يَمِينِ عَيْنِهَا أَوْ
يَسَارِهِ فَالْإِبْهَامُ مُسْتَقْبِلَةٌ أَيْ: فَالْجِهَةُ مُسْتَعْمَلَةٌ
فِيمَا يَعُمُّ الْعَيْنَ وَالْجِهَةَ اهـ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ
الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: أَيْ: لِجِهَتِهَا دَخَلَ يَمِينُ الْعَيْنِ
وَيَسَارُهَا وَخَرَجَ يَمِينُ الْجِهَةِ وَيَسَارُهَا وَعِبَارَةُ ع ش
عَلَى م ر وَاعْتُبِرَ فِي التَّفْرِيقِ كَوْنُهُ وَسَطًا لِئَلَّا
يَخْرُجَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ عَنْ الْقِبْلَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ
يُكَبِّرَ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الذِّكْرَ فِي قِيَامِ
الصَّلَاةِ وَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يُوجِبُوهُ فِي الرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ
وَالْعَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يَخُصُّهُمَا لِلْعِبَادَةِ
وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ فَقَطْ فَلَمْ يَجِبْ
فِيهِمَا ذِكْرٌ اج
(1/204)
بِأَنْ يَرْفَعَهُمَا مَكْشُوفَتَيْنِ
مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ مُفَرَّقَةً وَسَطًا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَعَ
ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ قَائِمًا كَمَا مَرَّ فِي تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ
لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَ) أَنْ. (يَقُولَ:
سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَضَافَ
إلَى ذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَبِحَمْدِهِ. (ثَلَاثًا)
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ أَدَّى
أَصْلَ السُّنَّةَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ أَقَلُّ مَا
يَحْصُلُ بِهِ ذِكْرُ الرُّكُوعِ تَسْبِيحَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَ) أَنْ.
(يَزِيدَ مُنْفَرِدٌ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ)
بِالتَّطْوِيلِ، وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي. (اللَّهُمَّ لَك
رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ:
وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي
وَعَصَبِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي؛ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ إلَى عَصَبِي وَابْنُ حِبَّانَ إلَى آخِرِهِ وَزَادَ فِي
الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَشَعْرِي وَبَشَرِي. وَأَمَّا إمَامُ غَيْرِ مَنْ
ذَكَرَ فَلَا يَزِيدُ عَلَى التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثِ تَخْفِيفًا عَلَى
الْمَأْمُومِينَ وَالْأَصْلُ أَطْلَقَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَزِيدُ عَلَى
ذَلِكَ وَمُرَادُهُ مَا فَصَّلْتُهُ كَمَا فَصَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ
وَغَيْرِهَا وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ
بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
. (وَ) سَادِسُهَا. (اعْتِدَالٌ) ، وَلَوْ فِي نَفْلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مَكْشُوفَتَيْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِوَاوِ
الْعَطْفِ فِي الْكُلِّ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سُنَّةٌ
مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ ابْتِدَاءِ
تَكْبِيرِهِ) أَيْ: رَفْعِهِمَا يَكُونُ مَعَهُ وَلَا يَزَالُ
بِرَفْعِهِمَا إلَى أَنْ يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ وَقَضِيَّةُ
كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ الرَّفْعَ يُقَارِنُ الْهُوِيَّ وَفِي
الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِ
وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ. اهـ. ح ل فَهَذَانِ
الِابْتِدَاءَانِ مُتَقَارِنَانِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ
فَيَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِلَ كَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ
وَيَسْتَمِرُّ التَّكْبِيرُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ
فَغَايَتُهُ مُقَارِنَةٌ لِغَايَةِ الْهُوِيِّ، وَأَمَّا غَايَةُ الرَّفْعِ
فَقَدْ انْفَصَلَتْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْهُوِيِّ، فَالْغَايَةُ هُنَا
لَيْسَتْ كَهِيَ فِي التَّحَرُّمِ قَالَ ع ش: عَلَى م ر قَوْلُهُ: مَعَ
ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ فَيَمُدُّهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَدِّ
الرُّكُوعِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى فِي جِلْسَةِ
الِاسْتِرَاحَةِ فَيَمُدُّهُ عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي بَيْنَ الْهَاءِ
وَاللَّامِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يُجَاوِزُ سَبْعَ أَلِفَاتٍ؛ لِأَنَّهَا
غَايَةُ هَذَا الْمَدِّ وَأَوَّلُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَى
تَمَامِ قِيَامِهِ. اهـ. حَجّ وَهَذَا التَّكْبِيرُ عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ
مِنْ السُّجُودِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي تَكْبِيرَةِ
التَّحَرُّمِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ التَّشْبِيهِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ
وَهُوَ قَوْلُهُ: كَتَحَرُّمِهِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ ع ش. (قَوْلُهُ:
رَبِّي الْعَظِيمِ) قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ: الْعَظِيمُ هُوَ
الْكَامِلُ ذَاتًا وَصِفَةً، وَالْجَلِيلُ الْكَامِلُ صِفَةً وَالْكَبِيرُ
الْكَامِلُ ذَاتًا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِحَمْدِهِ) الْوَاوُ وَاوُ
الْعَطْفِ وَالتَّقْدِيرُ وَبِحَمْدِهِ سَبَّحْتُهُ وَتَقَدَّمَ فِي
الشَّارِحِ فِي تَشَهُّدِ الْوُضُوءِ أَنَّ فِيهَا احْتِمَالَيْنِ
الْعَطْفَ وَالزِّيَادَةَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَدَّى أَصْلَ السُّنَّةِ) أَيْ:
مَعَ الْكَرَاهَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: رَاضِينَ) أَيْ: صَرِيحًا. (قَوْلُهُ:
لَكَ رَكَعْتُ إلَخْ) قَدَّمَ الظَّرْفَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ؛ لِأَنَّ
فِيهَا رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَعَهُ
غَيْرَهُ وَأَخَّرَهُ فِي قَوْلِهِ خَشَعَ لَكَ؛ لِأَنَّ الْخُشُوعَ لَيْسَ
مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إلَى غَيْرِهِ حَتَّى يُرَدَّ
عَلَيْهِمْ فِيهَا ع ش عَلَى م ر وَإِذَا تَعَارَضَ هَذَا الدُّعَاءُ
وَالتَّسْبِيحَاتُ قَدَّمَهَا وَيُقَدِّمُ التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثَ مَعَ
هَذَا الدُّعَاءِ عَلَى أَكْمَلِ التَّسْبِيحِ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ كَمَا
فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: خَشَعَ لَك سَمْعِي) يَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ
لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِهِ وِفَاقًا لمر
خِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ وَقَالَ حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى
الْخُشُوعَ عِنْدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا يَكُونُ كَاذِبًا مَا لَمْ يَرِدْ
أَنَّهُ بِصُورَةِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ اهـ ابْنُ شَوْبَرِيٍّ. (قَوْلُهُ:
وَمُخِّي) فِي الْمِصْبَاحِ الْمُخُّ الْوَدَكُ الَّذِي فِي الْعَظْمِ
وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ مُخُّهُ وَقَدْ يُسَمَّى الدِّمَاغُ مُخًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَقَلَّتْ) أَيْ: حَمَلَتْ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ
جَمِيعِ ذَاتِهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَأَتَى
بِالتَّاءِ فِي الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْقَدَمَ مُؤَنَّثٌ قَالَ تَعَالَى
{فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} [النحل: 94] . (قَوْلُهُ: قَدَمِي)
لَا يَصِحُّ فِيهِ تَشْدِيدُ الْيَاءِ لِفَقْدِ أَلِفِ الرَّفْعِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَشَعْرِي وَبَشَرِي) أَيْ: بَعْدَ عَصَبِي وَفِي
آخِرِهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ م ر ع ش وَقَوْلُهُ: لِلَّهِ إلَخْ
بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لَكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إبْدَالَ الظَّاهِرِ
مِنْ ضَمِيرِ الْحَاضِرِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا أَفَادَ الظَّاهِرُ
الْإِحَاطَةَ أَوْ كَانَ بَدَلَ بَعْضٍ أَوْ اشْتِمَالٍ كَمَا قَالَ فِي
الْخُلَاصَةِ:
وَمِنْ ضَمِيرِ الْحَاضِرِ الظَّاهِرُ ... لَا تُبْدِلُهُ إلَّا مَا
إحَاطَةٌ جَلَا
أَوْ اقْتَضَى بَعْضًا أَوْ اشْتِمَالَا
فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَمَا اسْتَقَلَّتْ مُبْتَدَأً
خَبَرُهُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ح ف. (قَوْلُهُ: مَا فَصَّلْتُهُ)
وَهُوَ أَنَّ إمَامَ الْمَحْصُورِينَ يَزِيدُ عَلَى التَّسْبِيحَاتِ مَا
ذَكَرَ وَلَا يَزِيدُ إمَامُ غَيْرِهِمْ ح ل. (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ
الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ) مَا لَمْ يَقْصِدْ الذِّكْرَ وَحْدَهُ
وَإِلَّا لَمْ تُكْرَهْ ح ل وَيَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ
أَوْ قَصْدِهِمَا كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ فَتُكْرَهُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ
وَقِيلَ لَا تُكْرَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ)
وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ ع ش.
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَفْلٍ) أَخْذُهُ غَايَةٌ هُنَا وَفِي الْجُلُوسِ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلرَّدِّ عَلَى مَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ
كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ
الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي النَّفْلِ وَعَلَى
مَا قَالَهُ فَهَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ يَرْفَعُ
رَأْسَهُ قَلِيلًا أَيْ: مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ؟ أَمْ كَيْفَ
الْحَالُ؟ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي ع ش وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ
وَلَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي
النَّافِلَةِ لَمْ تَبْطُلْ اهـ
(1/205)
وَيَحْصُلُ. (بِعَوْدٍ لِبَدْءٍ) بِأَنْ
يَعُودَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ قَائِمًا كَانَ أَوْ
قَاعِدًا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ الِاعْتِدَالُ
قَائِمًا. (بِطُمَأْنِينَةٍ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ.
(وَسُنَّ رَفْعُ كَفَّيْهِ) حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ كَمَا فِي التَّحَرُّمِ.
(مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ
حَمِدَهُ) أَيْ: تَقَبَّلَ مِنْهُ حَمْدَهُ، وَلَوْ قَالَ مَنْ حَمِدَ
اللَّهَ سُمِعَ لَهُ كَفَى. (وَ) قَائِلًا. (بَعْدَ عَوْدِهِ رَبَّنَا لَكَ
الْحَمْدُ) أَوْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَبِوَاوٍ فِيهِمَا
قَبْلَ لَكَ. (مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ
مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَهُمَا كَالْكُرْسِيِّ {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة: 255] . (وَ) أَنْ. (يَزِيدَ مَنْ
مَرَّ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ
بِالتَّطْوِيلِ، وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي. (أَهْلَ) أَيْ: يَا
أَهْلَ. (الثَّنَاءِ) أَيْ: الْمَدْحِ. (وَالْمَجْدِ) أَيْ: الْعَظَمَةِ.
(إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ «أَحَقُّ مَا قَالَ
الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: بِعَوْدٍ لِبَدْءٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى نَفْلًا مِنْ
قِيَامٍ وَرَكَعَ مِنْهُ تَعَيَّنَ اعْتِدَالُهُ مِنْ الْقِيَامِ وَلَا
يُجْزِئُهُ مِنْ جُلُوسٍ، وَهُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ وَأَنَّهُ لَوْ رَكَعَ
مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ اضْطِجَاعِهِ بِأَنْ قَرَأَ فِيهِ ثُمَّ جَلَسَ
أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الِاضْطِجَاعِ، وَالْمُتَّجَهُ تَعَيُّنُ
الِاعْتِدَالِ مِنْ الْجُلُوسِ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ رُكُوعَهُ مِنْهُ
شَوْبَرِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ
يَجُوزُ مِنْ الِاضْطِجَاعِ وَذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ
آخَرَ قَبْلَ هَذَا فَرَاجِعْهُ أَمَّا إذَا صَلَّى فَرْضًا مِنْ
اضْطِجَاعٍ
، فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ لِلرُّكُوعِ فَلَا
يَعُودُ لِلِاضْطِجَاعِ، لِأَنَّ الْقُعُودَ أَكْمَلُ ع ش أَيْ: فَلَا
يُجْزِئُ مَا دُونَهُ. (قَوْلُهُ: قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا) وَيَجِبُ
الْمُمْكِنُ فِيمَنْ لَمْ يُطِقْ انْتِصَابًا وَلَوْ شَكَّ فِي إتْمَامِهِ
عَادَ إلَيْهِ غَيْرُ الْمَأْمُومِ فَوْرًا وُجُوبًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ وَالْمَأْمُومُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ز ي
وَيُرْسِلُ يَدَيْهِ فِي الِاعْتِدَالِ وَمَا قِيلَ يَجْعَلُهُمَا تَحْتَ
صَدْرِهِ مَرْدُودٌ حَجّ. (قَوْلُهُ: مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ)
أَيْ: مُبْتَدِئًا رَفْعَ كَفَّيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ
وَيَسْتَمِرُّ إلَى انْتِهَائِهِ وَقَوْلُهُ: قَائِلًا أَيْ: كُلٌّ مِنْ
الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ ح ل أَيْ: مُبْتَدِئًا قَوْلُ
إلَخْ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ كَفَّيْهِ وَمَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ
فَالثَّلَاثَةُ أَيْ: الْقَوْلُ وَالرَّفْعَانِ مُتَقَارِنَةٌ فِي
الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ذِكْرُ
الِانْتِقَالِ لِلِاعْتِدَالِ لَا ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ لِتَقَدُّمِهِ
عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِمَنْ حَمِدَهُ) اللَّازِمُ زَائِدَةٌ
لِلتَّأْكِيدِ لِأَنَّ سَمِعَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: سَمِعَ
لَهُ) أَيْ: أَوْ سَمِعَهُ كَمَا فِي م ر وحج وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ
كَفَى أَنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ: تَقَبَّلْ مِنْهُ حَمْدَهُ) فَالْمُرَادُ سَمِعَهُ
سَمَاعَ قَبُولٍ لَا سَمَاعَ رَدٍّ وَهُوَ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ
فَكَأَنَّهُ قِيلَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَمْدَنَا فَانْدَفَعَ مَا قَدْ
يُقَالُ إنَّ سَمَاعَ اللَّهِ مَقْطُوعٌ بِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي
الْإِخْبَارِ بِهِ شَيْخُنَا ح ف وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ تَأَخَّرَ ذَاتَ يَوْمٍ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ خَلْفَ النَّبِيِّ
فَهَرْوَلَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا فَقَالَ: الْحَمْدُ
لِلَّهِ وَرَكَعَ خَلْفَهُ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ:
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اجْعَلُوهَا فِي صَلَاتِكُمْ» بِرْمَاوِيٌّ
وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَرْفَعُ بِالتَّكْبِيرِ. اهـ. اج. (قَوْلُهُ:
رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَغِ س ل وَيُنْدَبُ أَنْ
يَزِيدَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ
«يَتَسَابَقُ إلَيْهَا ثَلَاثُونَ مَلَكًا يَكْتُبُونَ ثَوَابَهَا
لِقَائِلِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَرِوَايَةُ
الْبُخَارِيِّ بِضْعٌ وَثَلَاثُونَ وَقَوْلُ الْبِرْمَاوِيِّ يَتَسَابَقُ
إلَيْهَا أَيْ: إلَى كِتَابَةِ ثَوَابِهَا أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: وَبِوَاوٍ
فِيهِمَا قَبْلَ لَكَ) وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَهِيَ عَاطِفَةٌ عَلَى
مُقَدَّرٍ أَيْ: أَطَعْنَاكَ وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: مِلْءَ السَّمَوَاتِ إلَخْ) يَعْنِي نُثْنِي عَلَيْك ثَنَاءً
لَوْ كَانَ مُجَسَّمًا لَمَلَأَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) بَيَانٌ لِمَا أَيْ: وَمِلْءَ شَيْءٍ
شِئْتَهُ أَيْ: شِئْتَ مِلْأَهُ بَعْدَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ:
غَيْرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ح ل وَبَعْدُ صِفَةٌ لِشَيْءٍ وَيَجُوزُ
تَعَلُّقُهُ بِشِئْتَ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَا شِئْتَ مِلْأَهُ بَعْدَ
ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِشِئْتَ لِأَنَّهُ
يَقْتَضِي تَأَخُّرَ خَلْقِ الْكُرْسِيِّ عَنْ خَلْقِهِمَا غَيْرُ
مُسْتَقِيمٍ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) بَيَانٌ لِعِظَمِ الْكُرْسِيِّ لِأَنَّ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي
أَرْضِ فَلَاةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَكَذَا كُلُّ سَمَاءٍ بِالنِّسْبَةِ
لِمَا فَوْقَهَا ق ل. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَزِيدَ مَنْ مَرَّ) أَفْهَمَ
أَنَّ مَا قَبْلَهُ يَقُولُهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ
حَيْثُ قَالَ: وَيُسَنُّ هَذَا حَتَّى لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا خِلَافًا
لِلْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ لَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ
فَقَطْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ) وَالْمَأْمُومُ تَابِعٌ
لِإِمَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَحَقُّ مَا قَالَ: الْعَبْدُ) أَيْ: أَحَقُّ
قَوْلٍ فَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَيْ: مِنْ أَحَقَّ إلَخْ وَإِلَّا
فَالْأَحَقُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ فِي
الْمَجْمُوعِ: وَيَقَعُ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ حَذْفُ الْهَمْزَةِ
وَالْوَاوِ وَالصَّوَابُ إثْبَاتُهُمَا ز ي. (قَوْلُهُ: وَكُلُّنَا لَكَ
عَبْدٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ عَبِيدٌ مَعَ عَوْدِ الضَّمِيرِ
عَلَى جَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَلْقُ أَجْمَعُونَ
بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَقَلْبٍ وَاحِدٍ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ
أَوْ يُقَالُ أَفْرَدَ بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ كُلَّ لِأَنَّهُ يَجُوزُ
مُرَاعَاةُ لَفْظِهَا وَمُرَاعَاةُ مَعْنَاهَا قَالَ تَعَالَى:
{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 95] {وَكُلٌّ
أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: 87] ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: لَا مَانِعَ
إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَرْكِ تَنْوِينِ اسْمِ لَا أَعْنِي
مَانِعَ وَمُعْطِيَ مَعَ أَنَّهُ مُطَوَّلٌ أَيْ: عَامِلٌ فِيمَا بَعْدَهُ
مُوَافِقٌ لِلرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ لَكِنَّهُ
(1/206)
وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا
يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ أَيْ: عِنْدَك الْجَدُّ» لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ إلَى لَكَ الْحَمْدُ وَمُسْلِمٌ إلَى آخِرِهِ
وَمِلْءُ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ أَيْ: مَالِئًا
بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ جِسْمًا وَأَحَقُّ مُبْتَدَأٌ وَلَا مَانِعَ إلَى
آخِرِهِ خَبَرُهُ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ وَيَسْتَوِي فِي سَنِّ
التَّسْمِيعِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا قَالَ
الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ
الْحَمْدُ» فَمَعْنَاهُ فَقُولُوا ذَلِكَ مَعَ مَا عَلِمْتُمُوهُ مِنْ
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِعِلْمِهِمْ بِقَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا
رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَإِنَّمَا خَصَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ
بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا وَيَسْمَعُونَ
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيعِ
لِلْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ.
. (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ سُنَّ. (قُنُوتٌ فِي اعْتِدَالِ آخِرَةِ صُبْحٍ
مُطْلَقًا وَ) آخِرَةِ. (سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ لِنَازِلَةٍ) كَوَبَاءٍ
وَقَحْطٍ وَعَدُوٍّ. (وَ) آخِرَةِ. (وِتْرِ نِصْفِ ثَانٍ مِنْ رَمَضَانَ
كَاللَّهُمَّ) هَذَا لِرَفْعِهِ إيهَامُ تَعَيُّنِ لَفْظِ الْقُنُوتِ
الْآتِي أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ اللَّهُمَّ. (اهْدِنِي فِيمَنْ
هَدَيْتَ إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْعَزِيزَيْ وَعَافِنِي
فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا
أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى
عَلَيْكَ إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت
تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ
إلَّا رَبَّنَا فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ وَرُوِيَ الشَّيْخَانِ فِي
الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَنَتَ شَهْرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مُشْكِلٌ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ الْمُوجِبِينَ تَنْوِينَهُ.
وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ عَمَلِهِ هُنَا فِيمَا بَعْدَهُ بِأَنْ يُقَدَّرَ
عَامِلٌ أَيْ: لَا مَانِعَ يَمْنَعُ لِمَا أَعْطَيْتَ وَاللَّامُ
لِلتَّقْوِيَةِ أَوْ يُخَرَّجُ عَلَى لُغَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ
فَإِنَّهُمْ يَتْرُكُونَ تَنْوِينَ الْمُطَوَّلِ وَيُجْرُونَهُ مَجْرَى
الْمُفْرَدِ فِي بِنَائِهِ عَلَى الْفَتْحِ وَمَشَى عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ
الزَّمَخْشَرِيُّ حَيْثُ قَالَ: فِي قَوْله تَعَالَى {لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] وَفِي قَوْلِهِ {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ
مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43] إنَّ عَلَيْكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِلَا
تَثْرِيبَ وَمِنْ أَمْرِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِلَا عَاصِمَ وَأَمَّا ابْنُ
كَيْسَانَ فَجَوَّزَ فِي الْمُطَوَّلِ التَّنْوِينَ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ سم
فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ)
زَادَ بَعْضُهُمْ " وَلَا رَادَّ لِمَا قَضَيْتَ " بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ذَا الْجَدِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ: الْغِنَى وَقَوْلُهُ
الْجَدُّ فَاعِلُ يَنْفَعُ أَيْ: بَلْ إنَّمَا يَنْفَعُهُ طَاعَتُكَ
وَرِضَاكَ. (قَوْلُهُ: خَبَرُهُ) أَيْ: لَفْظًا وَهُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ
مَعْنًى بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا إلَخْ) أَيْ:
لِإِسْرَارِهِ بِالْأَوَّلِ وَجَهْرِهِ بِالثَّانِي ح ل. (قَوْلُهُ:
وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيعِ لِلْإِمَامِ) أَيْ: إنْ اُحْتِيجَ
إلَيْهِ م ر وَإِطْبَاقُ أَكْثَرِ عَوَامِّ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى
الْإِسْرَارِ بِهِ وَالْجَهْرِ بِرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ جَهْلٌ ز ي ع ش.
. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: الذِّكْرِ لِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ
الْمُصَلِّي مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامَ
مَحْصُورِينَ أَوْ لَا وَهُوَ قَوْلُهُ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ
السَّمَوَاتِ إلَخْ أَيْ: وَبَعْدَ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ
الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ الْمَحْصُورِينَ يَزِيدَانِ أَهْلَ الثَّنَاءِ
إلَخْ ح ل بِإِيضَاحٍ أَيْ: فَالْقُنُوتُ يُفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ
الِاعْتِدَالِ وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ إرَادَةِ الْقُنُوتِ اهـ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: قُنُوتٌ) الْقُنُوتُ لُغَةً الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ
وَالْمُرَادُ هُنَا الدُّعَاءُ فِي الصَّلَوَاتِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ
مِنْ الْقِيَامِ شَوْبَرِيٌّ فَهُوَ شَرْعًا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ مُشْتَمِلٌ
عَلَى دُعَاءٍ وَثَنَاءٍ. (قَوْلُهُ: فِي اعْتِدَالِ آخِرَةِ صُبْحٍ)
فَلَوْ قَنَتَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ
وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْقَضَاءَ وَخَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا
لِشَرَفِهَا مَعَ قِصَرِهَا فَكَانَتْ بِالزِّيَادَةِ أَلْيَقَ؛
وَلِأَنَّهَا خَاتِمَةُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ
بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْبَيْتِ،
وَالدُّعَاءُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخَوَاتِيمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لِنَازِلَةٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ:
لِنَازِلَةٍ) أَيْ: لِرَفْعِهَا وَلَوْ لِغَيْرِ مَنْ نَزَلَتْ بِهِ
فَيُسَنُّ لِأَهْلِ نَاحِيَةٍ لَمْ تَنْزِلْ بِهِمْ فِعْلُ ذَلِكَ لِمَنْ
نَزَلَتْ بِهِ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِأَنْ نَزَلَتْ
بِالْمُسْلِمِينَ وَلَوْ وَاحِدًا عَلَى مَا بَحَثَهُ جَمْعٌ لَكِنْ
اشْتَرَطَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ تَعَدِّيَ نَفْعِهِ كَأَسْرٍ لِعَالِمٍ
أَوْ شُجَاعٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَخَرَجَ بِالْوَاحِدِ الِاثْنَانِ
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَقْنُتُ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا
نَفْعٌ مُتَعَدٍّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَوَبَاءٍ) وَهُوَ
كَثْرَةُ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ طَاعُونٍ وَمِثْلُهُ الْمَوْتُ
بِالطَّاعُونِ وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الْوَبَاءَ بِالطَّاعُونِ لَكِنْ
يُنَافِيهِ عِبَارَةُ م ر؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ:
كَوَبَاءٍ وَطَاعُونٍ فَهَذَا يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَقَوْلُهُ: وَقَحْطٍ
وَهُوَ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ وَمِثْلُهُ عَدَمُ النَّيْلِ وَيُشْرَعُ
أَيْضًا الْقُنُوتُ لِلْغَلَاءِ الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ
النَّوَازِلِ شَوْبَرِيٌّ بِتَغْيِيرٍ وَقَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ:
وَعَدُوٍّ) أَيْ: وَلَوْ مُسْلِمًا ح ف. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ:
الْإِتْيَانُ بِالْكَافِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ هَدَيْتَ) أَيْ: مَعَهُمْ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ أَوْ
لِأَنْدَرِجَ فِي سِلْكِهِمْ أَوْ التَّقْدِيرُ وَاجْعَلْنِي مُنْدَرِجًا
فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَكَذَا الِاثْنَانِ بَعْدَهُ فَالْجَارُّ
وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ز ي. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ
عَافَيْتَ) أَيْ: مَعَ مَنْ عَافَيْتَهُ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَوَلَّنِي) أَيْ: كُنَّ نَاصِرًا لِي
وَحَافِظًا لِي مِنْ الذُّنُوبِ مَعَ مَنْ نَصَرْتَهُ وَحَفِظْتَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ) أَيْ: شَرَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى
الْقَضَاءِ مِنْ السَّخَطِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ
أَيْ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَضَاءِ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّ
الْمُبْرَمَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَذِلُّ مَنْ
وَالَيْتَ) أَيْ: لَا يَحْصُلُ لَهُ ذِلَّةٌ وَفِي رِوَايَةٍ بِضَمِّ
الْيَاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ أَيْ: لَا يُذِلُّهُ أَحَدٌ ب ر. (قَوْلُهُ:
وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ) أَيْ: لَا تَقُومُ عِزَّةٌ لِمَنْ
عَادَيْتَهُ وَأَبْعَدْتَهُ عَنْ رَحْمَتِكِ وَغَضِبْتَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: تَبَارَكْتَ رَبَّنَا) أَيْ: تَزَايَدَ خَيْرُكَ وَبِرُّكَ
وَهِيَ كَلِمَةُ تَعْظِيمٍ وَلَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إلَّا الْمَاضِي
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَنَتَ شَهْرًا) أَيْ: مُتَتَابِعًا فِي الْخَمْسِ
فِي اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ
(1/207)
يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ
الْقُرَّاءِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ» وَيُقَاسُ بِالْعَدُوِّ غَيْرُهُ قَالَ
الرَّافِعِيُّ: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَبْلَ تَبَارَكْتَ: وَلَا
يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي
رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ قُنُوتِ النَّازِلَةِ
فِي اعْتِدَالِ آخِرَةٍ صَلَاتُهَا مِنْ زِيَادَتِي وَفِي قَوْلِي آخِرَةٌ
تَغْلِيبٌ بِالنِّسْبَةِ لِآخِرَةِ الْوِتْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُوتِرُ
بِوَاحِدَةٍ فَلَا تَكُونُ آخِرَتَهُ. (وَ) أَنْ يَأْتِيَ بِهِ. (إمَامٌ
بِلَفْظِ جَمْعٍ) فَيَقُولُ اهْدِنَا وَهَكَذَا لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ
رَوَاهُ كَذَلِكَ فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي
أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ
بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ
بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ
النَّصُّ لَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ
اغْسِلْنِي مِنْ الذُّنُوبِ» الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ.
(وَ) أَنْ. (يَزِيدَ) فِيهِ. (مَنْ مَرَّ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ
قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ
مِنْ زِيَادَتِي وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ أَوْلَى مِنْ
تَقْيِيدِهِ لَهُ بِهِ. (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ
إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ «وَنَسْتَهْدِيكَ
وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ
كُلَّهُ نَشْكُرُكَ وَلَا نَكْفُرُكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ
يُفْجِرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ
وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ
وَنَخْشَى عَذَابَكَ إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ»
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ عَنْ فِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ -. وَلَمَّا كَانَ قُنُوتُ الصُّبْحِ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَخِيرَةِ يَدْعُو إلَخْ م ر ع ش. (قَوْلُهُ: يَدْعُو) أَيْ: بِدَفْعِ
كَيْدِهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَقْتُولِينَ
لِانْقِضَاءِ أَمْرِهِمْ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِمْ شَرْحُ م ر
بِتَغْيِيرٍ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الدُّعَاءَ بِهَلَاكِهِمْ فَلَا يَرِدُ
عَلَيْهِ أَنَّهُ كَيْفَ دَعَا عَلَيْهِمْ شَهْرًا وَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ؟
ح ف وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ سَرِيعًا لَا يُخِلُّ بِمَقَامِهِ
وَهَلْ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِمْ كَانَ بَعْدَ الْقُنُوتِ أَوْ هُوَ الْقُنُوتُ
وَاسْتَظْهَرَ السُّيُوطِيّ الثَّانِيَ.
(قَوْلُهُ: الْقُرَّاءِ) أَيْ: الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ
وَكَانُوا سَبْعِينَ وَلَا يُنَافِيهِ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ الَّذِينَ
جَمَعُوا الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ نَحْوُ عَشْرَةٍ لِحَمْلِهِ
عَلَى جَمْعِهِمْ لَهُ بِأَوْجُهِ الْقِرَاءَاتِ وَالسَّبْعُونَ كَانُوا
يَحْفَظُونَهُ بِدُونِ أَوْجُهِ الْقِرَاءَاتِ مَدَابِغِيٌّ، وَقَدْ نَظَمَ
بَعْضُهُمْ الْعَشَرَةَ فَقَالَ:
لَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ أَحْمَدَ ... عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ
وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتِ
أُبَيٌّ أَبُو زَيْدٍ مُعَاذٌ وَخَالِدٌ ... تَمِيمٌ أَبُو الدَّرْدَاءِ
وَابْنُ الصَّامِتِ
(قَوْلُهُ: بِبِئْرِ مَعُونَةَ) أَيْ: وَأَلْقَوْهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ
أَيْ: فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَهُوَ اسْمُ مَكَان
بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ. قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: وَقِيلَ اسْمٌ
لِبِئْرٍ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي السِّيَرِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ
خَانَهُمْ) أَيْ: انْتَقَصَ ثَوَابُهُمْ بِتَفْوِيتِهِ مَا طَلَبَ لَهُمْ
فَكُرِهَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ كَرَاهَةِ
التَّخْصِيصِ شَوْبَرِيٌّ وَالتَّذْكِيرُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ
بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أَيْ: الْكَرَاهَةَ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ إذَا كَبَّرَ) أَيْ: لِلْإِحْرَامِ ع ش فَيُفْهَمُ مِنْهُ
أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ
جُمْلَةِ أَدْعِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ) وَهُوَ
اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ
الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ
وَالْبَرَدِ. وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ «كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ
بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ» وَفِي رِوَايَةٍ «بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ) أَيْ: تَقْيِيدِ اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُكَ إلَخْ بِهِ أَيْ: بِقُنُوتِ الْوَتْرِ فَتَرْكُ التَّقْيِيدِ
يُفِيدُ طَلَبَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُنُوتِ بِأَقْسَامِهِ
وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ النَّفْلِ.
(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ إلَخْ) أَيْ: نَطْلُبُ
الْعَوْنَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالْهِدَايَةَ؛ لِأَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ
لِلطَّلَبِ وَقَوْلُهُ وَنُؤْمِنُ أَيْ: نُصَدِّقُ وَالتَّوَكُّلُ
الِاعْتِمَادُ، وَإِظْهَارُ الْعَجْزِ، وَالثَّنَاءُ الْمَدْحُ،
وَالْمُرَادُ بِالشُّكْرِ هُنَا نَقِيضُ الْكُفْرِ وَهُوَ سَتْرُ
الْعَوْرَةِ ز ي بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَنُثْنِي عَلَيْك إلَخْ)
كَأَنَّ الْمُرَادَ نُثْنِي عَلَيْكَ بِكُلِّ مَا يَلِيقُ بِكَ أَيْ:
نَذْكُرُكَ بِالْخَيْرِ بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا
يَقْدِرُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِكُلِّ خَيْرٍ أَيْ: تَفْصِيلًا
فَالْخَيْرَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ
مَفْعُولًا مُطْلَقًا أَيْ: الثَّنَاءَ الْخَيْرَ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا نَكْفُرُكَ) أَيْ: لَا نَجْحَدُ نِعْمَتَكَ بِعَدَمِ
الشُّكْرِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَنَخْلَعُ)
فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَاجِرَ كَالنَّعْلِ وَقَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ
تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَفْجُرُكَ) أَيْ: يُخَالِفُكَ بِالْمَعَاصِي.
(قَوْلُهُ: وَلَكَ نُصَلِّي) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَنَصَّ عَلَيْهَا
اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا. (قَوْلُهُ: وَنَسْجُدُ) عَطْفُ جُزْءٍ عَلَى
كُلٍّ إنْ أُرِيدَ بِهِ سُجُودُ الصَّلَاةِ وَعَامٍّ عَلَى خَاصٍّ إنْ
أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ سُجُودَ الشُّكْرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَيْكَ) أَيْ: إلَى طَاعَتِكَ نَسْعَى. (قَوْلُهُ:
وَنَحْفِدُ) يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ النُّونِ وَضَمُّهَا إيعَابٌ وَهُوَ
بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
الْجِدَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: الْحَقَّ ح ل قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِي
مُثَلَّثَتِهِ الْجَدُّ بِالْفَتْحِ مِنْ النَّسَبِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ
أَيْضًا الْعَظَمَةُ وَالْحَظُّ وَبِالْكَسْرِ نَقِيضُ الْهَزْلِ
وَبِالضَّمِّ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ. (قَوْلُهُ: مُلْحِقٌ) بِكَسْرِ
الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ: لَاحِقٌ بِهِمْ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا
أَيْ: مُلْحَقٌ بِهِمْ ح ل أَيْ: أَلْحَقَهُ اللَّهُ بِهِمْ وَعَلَى
الْكَسْرِ الْمَشْهُورِ يَكُونُ مِنْ أَلْحَقَ بِمَعْنَى لَحِقَ كَأَنْبَتَ
الزَّرْعُ بِمَعْنَى نَبَتَ ح ف. (قَوْلُ ثَابِتًا) أَيْ: بِخِلَافِ هَذَا
فَإِنَّهُ مِنْ
(1/208)
قُدِّمَ عَلَى هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ.
(ثُمَّ) بَعْدَ الْقُنُوتِ سُنَّ. (صَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ فِي
قُنُوتِ الْوِتْرِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ
فِي إنَّكَ وَوَاوٍ فِي إنَّهُ بِلَفْظِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَأَلْحَقَ بِهَا الصَّلَاةَ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ
وَالنَّازِلَةِ.، وَقَوْلِي وَسَلَامٌ مِنْ زِيَادَتِي وَجَزَمَ
النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِسَنِّ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى
الْآلِ.
. (وَ) سُنَّ. (رَفْعُ يَدَيْهِ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مِنْ
الْقُنُوتِ وَمَا بَعْدَهُ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَسُنَّ لِكُلِّ دَاعٍ رَفْعُ بَطْنِ يَدَيْهِ إلَى
السَّمَاءِ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ وَظَهْرُهُمَا إلَيْهَا إنْ دَعَا
بِرَفْعِهِ. (لَا مَسْحَ) لِوَجْهِهِ وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي
الْوَجْهِ وَعَدَمِ وُرُودِهِ فِي غَيْرِهِ. (وَ) أَنْ. (يَجْهَرَ بِهِ
إمَامٌ) فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَكُونُ جَهْرُهُ بِهِ
دُونَ جَهْرهِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْمُنْفَرِدُ يُسِرُّ بِهِ.
(وَ) أَنْ. (يُؤَمِّنَ مَأْمُومٌ) جَهْرًا. (لِلدُّعَاءِ وَيَقُولَ
الثَّنَاءَ) سِرًّا أَوْ يَسْتَمِعَ لِإِمَامِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ
كَأَصْلِهَا أَوْ يَقُولَ أَشْهَدُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَدَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ.
وَأَوَّلُ الثَّنَاءِ: إنَّكَ تَقْضِي، هَذَا إنْ سَمِعَ الْإِمَامَ.
(فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ قَنَتَ) سِرًّا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ
وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا.
. (وَ) سَابِعُهَا. (سُجُودٌ مَرَّتَيْنِ) كُلَّ رَكْعَةٍ.
(بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ. (وَلَوْ عَلَى مَحْمُولٍ
لَهُ) كَطَرَفٍ مِنْ عِمَامَتِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مُخْتَرَعَاتِ عُمَرَ وَلَيْسَ ثَابِتًا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ عَلَى هَذَا) أَيْ: قُدِّمَ عَلَيْهِ فِي
الذِّكْرِ وَالْإِتْيَانِ أَيْ: أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ
بَيْنَ قُنُوتَيْنِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الثَّابِتِ عَنْ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ " اللَّهُمَّ اهْدِنَا " إلَخْ
هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَى
الْأَصَحِّ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّقْدِيمِ
وَالتَّأْخِيرِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ الْقُنُوتِ) أَيْ: وَمَا وَرَدَ
مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْعَلُونِي
كَقَدَحِ الرَّاكِبِ اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ كُلِّ دُعَاءٍ وَآخِرِهِ»
مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ كَمَا
هُنَا وَقَوْلُهُ كَقَدَحِ الرَّاكِبِ أَيْ: لَا تَجْعَلُونِي خَلْفَ
ظُهُورِكُمْ لَا تَذْكُرُونِي إلَّا عِنْدَ حَاجَتِكُمْ، كَمَا أَنَّ
الرَّاكِبَ لَا يَتَذَكَّرُ قَدَحُهُ الَّذِي خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا عِنْدَ
عَطَشِهِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْآلِ) وَكَذَا عَلَى
الْأَصْحَابِ.
. (قَوْلُهُ: وَظَهْرُهُمَا إلَيْهَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ
ظَهْرَهُمَا إلَى السَّمَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ فِيهِ حَرَكَةً وَهِيَ غَيْرُ
مَطْلُوبَةٍ فِي الصَّلَاةِ إذْ مَحَلُّهُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ وَسَوَاءٌ
دَعَا بِرَفْعِ الْبَلَاءِ أَوْ عَدَمِ حُصُولِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
لَا مَسْحٌ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ أَيْ: لَا يُنْدَبُ فَالْأَوْلَى
تَرْكُهُ ح ل وَيُسَنُّ خَارِجَهَا م ر أَيْ: يُسَنُّ أَنْ يَمْسَحَ
وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ بَعْدَهُ لِمَا وَرَدَ أَنَّ كُلَّ شَعْرَةٍ مَسَحَهَا
بِيَدِهِ بَعْدَ الدُّعَاءِ تَشْهَدُ لَهُ وَيُغْفَرُ لَهُ بِعَدَدِهَا ح ف
وَمَا تَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ مِنْ تَقْبِيلِ الْيَدِ بَعْدَ الدُّعَاءِ
لَا أَصْلَ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ
ثُبُوتِهِ) عَبَّرَ هُنَا بِعَدَمِ الثُّبُوتِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِعَدَمِ
الْوُرُودِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ فِي الْأَوَّلِ بِوُرُودِهِ لَكِنَّهُ لَمْ
يَثْبُتْ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَجْهَرَ بِهِ إمَامٌ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ
مِنْ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ سَوَاءٌ كَانَ لِلصُّبْحِ أَوْ
لِلْوَتْرِ أَوْ لِلنَّازِلَةِ وَقَوْلُهُ فِي السِّرِّيَّةِ كَالصُّبْحِ
بَعْدَ الشَّمْسِ، وَالْوَتْرُ كَذَلِكَ ح ل وَعِبَارَةُ م ر كَأَنْ قَضَى
صُبْحًا أَوْ وَتْرًا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ
الْجَهْرُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ لِلْإِمَامِ لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ
فَيُؤَمِّنُوا. (قَوْلُهُ: دُونَ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ) مَا لَمْ يَزِدْ
الْمَأْمُومُونَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الْقُنُوتِ وَإِلَّا جَهَرَ
بِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعُونَ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ جَهْرِهِ
بِالْقِرَاءَةِ ح ف. (قَوْلُهُ: وَالْمُنْفَرِدُ يُسِرُّ بِهِ) فِي غَيْرِ
النَّازِلَةِ أَمَّا فِيهَا فَيَجْهَرُ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ: فِي
السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ مُنْفَرِدًا أَوْ لَا م ر.
(قَوْلُهُ: لِلدُّعَاءِ) وَمِنْهُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُعْتَمَدِ،
وَقَوْلُ الشَّارِحِ يُشَارِكُ وَإِنْ كَانَتْ دُعَاءً لِلْخَبَرِ
الصَّحِيحِ «رَغِمَ أَنْفُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ»
يُرَدُّ بِأَنَّ التَّأْمِينَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَعَ
أَنَّهُ الْأَلْيَقُ بِالْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلدَّاعِي
فَنَاسَبَهُ التَّأْمِينُ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الْقُنُوتِ وَلَا
شَاهِدَ فِي الْخَبَرِ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُصَلِّي شَرْحُ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ الثَّنَاءِ إلَخْ) وَانْظُرْ مَا أَوَّلُ الثَّنَاءِ
فِي قُنُوتِ عُمَرَ قَالَ ز ي: نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّهُ
يُشَارِكُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ فَيُؤَمِّنُ
إلَخْ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَأَنْ يُؤَمِّنَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَا يَسْمَعُهَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا سَمِعَهَا لَا
يَأْتِي بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَأْتِي بِهَا مُطْلَقًا كَمَا
قَالَهُ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَسُجُودُ) هُوَ لُغَةً الِانْخِفَاضُ وَالتَّوَاضُعُ وَقِيلَ
الْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ بِرْمَاوِيٌّ وَيُطْلَقُ السُّجُودُ عَلَى
الرُّكُوعِ قَالَ تَعَالَى {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] وَقَدْ
اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَاوَى السُّجُودُ وَكَوْنُهُ
مَرَّتَيْنِ وَكَوْنُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَكَوْنُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ
وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهَا بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ
تَقْدِيمِ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى الْأَقَلِّ. (قَوْلُهُ: بِطُمَأْنِينَةٍ)
إنَّمَا قَدَّمَهَا عَلَى أَقَلِّ السُّجُودِ وَأَكْمَلِهِ إشَارَةً إلَى
أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ
لِمَا فَعَلَهُ فِي الرُّكُوعِ أَنْ يَذْكُرَهَا فِي الْأَقَلِّ ثُمَّ
يَذْكُرَ الْأَكْمَلَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا اعْتَبَرَهُ فِي الْأَقَلِّ
وَمِنْهُ الطُّمَأْنِينَةُ كَمَا فَعَلَ فِي الرُّكُوعِ إلَّا أَنْ
يُقَالَ: إنَّهُ تَفَنَّنَ فِي الْعِبَارَةِ فَغَيَّرَ الْأُسْلُوبَ،
وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَدَّمَهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهَا
مُعْتَبَرَةٌ فِي السَّجْدَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ) وَكَرَّرَ السُّجُودَ؛ لِأَنَّ آدَمَ سَجَدَ
لَمَّا أُخْبِرَ بِأَنَّ اللَّهَ تَابَ عَلَيْهِ فَحِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ
رَأَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَسَجَدَ
لِلَّهِ ثَانِيًا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى
(1/209)
(لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) فِي
قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ
بِخِلَافِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ
فَإِنْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ وَخَرَجَ
بِمَحْمُولٍ لَهُ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى سَرِيرٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ
فَلَا يَضُرُّ وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى عُودٍ بِيَدِهِ. (وَأَقَلُّهُ
مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ) ، وَلَوْ شَعْرًا نَابِتًا بِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى الْإِجَابَةِ أَوْ كَرَّرَ رَغْمًا لِإِبْلِيسَ حَيْثُ امْتَنَعَ
مِنْ السُّجُودِ لِآدَمَ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ ز ي وَالْحِكْمَةُ فِي
تَعَدُّدِهِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي
التَّوَاضُعِ؛ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ أَخْبَرَ بِأَنَّ السُّجُودَ
يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ أَقْرَبُ إلَخْ فَشُرِعَ
الثَّانِي شُكْرًا عَلَى هَذَا، وَإِنَّمَا عُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا
لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ كَمَا عَدَّ بَعْضُهُمْ الطُّمَأْنِينَةَ فِي
مَحَالِّهَا الْأَرْبَعِ رُكْنًا وَاحِدًا شَرْحُ م ر وَعَدُّوهُمَا فِي
التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ رُكْنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى
فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ ح ف. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ)
أَيْ: بِالْفِعْلِ عِنْدَ حَجّ وَعِنْدَ م ر وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَعَلَى
كَلَامِ م ر لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ وَسَجَدَ عَلَى مَحْمُولٍ
لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَوْ صَلَّى مِنْ
قِيَامٍ لَتَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ إنْ سَجَدَ
عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا وَعِنْدَ حَجّ وَالشَّارِحُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛
لِأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ التَّحَرُّكَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ
شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي ز ي. (قَوْلُهُ: فِي قِيَامِهِ) أَيْ: إنْ كَانَ
يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ، وَقَوْلُهُ وَقُعُودِهِ إنْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ
قُعُودٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ)
وَإِنَّمَا ضَرَّ مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ
أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا وَهَذَا
مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مُلَاقٍ لَهَا، وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ
عَلَى قَرَارٍ لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا وَبِالْحَرَكَةِ يَخْرُجُ عَنْ
الْقَرَارِ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ س ل وَهُنَا الْعِبْرَةُ بِكَوْنِ
الشَّيْءِ مُسْتَقِرًّا كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ مَكِّنْ جَبْهَتَكَ وَلَا
اسْتِقْرَارَ مَعَ التَّحْرِيكِ.
(قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ
بِمَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إزَالَةِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ
مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ حَتَّى لَوْ أَزَالَهُ ثُمَّ رَفَعَ بَعْدَ
الطُّمَأْنِينَةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَحَصَلَ السُّجُودُ سم
بِحُرُوفِهِ، وَقَوْلُهُ لَا يَبْعُدُ إلَخْ هُوَ كَمَا قَالَ مِنْ عَدَمِ
الْبُطْلَانِ بَلْ حَيْثُ صَارَ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ قَبْلَ
رَفْعِ رَأْسِهِ كَأَنْ قَلَعَ عِمَامَتَهُ الَّتِي سَجَدَ عَلَيْهَا أَوْ
قَطَعَ الطَّرَفَ الَّذِي سَجَدَ عَلَيْهِ وَاطْمَأَنَّ بَعْدَهُ كَفَى،
وَإِنْ لَمْ يُزِلْهُ مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ ع ش بِبَعْضِ زِيَادَةٍ
وَكَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي
السُّجُودِ فَقَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ
الشُّرُوعِ إلَّا إنْ زَالَ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ مِنْ تَحْتِ
جَبْهَتِهِ أَوْ صَارَ لَا يَتَحَرَّكُ قَبْلَ رَفْعِهِ فَلَا تَبْطُلُ
وَلَا يُعْقَلُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهَا بَطَلَتْ
بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا
لَمْ يَقْصِدْ رَفْعَ الْحَائِلِ وَلَا عَدَمَهُ فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءً
أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
بِمُجَرَّدِ الْهُوِيِّ لَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يَأْتِيَ
بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا فَإِنَّهَا
تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ ع ش بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ
بِمَحْمُولٍ لَهُ إلَخْ) أَيْ: خَرَجَ مِنْ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ بَيْنَ
تَحَرُّكِهِ بِحَرَكَتِهِ وَعَدَمِهِ لَا مِنْ الْحُكْمِ، لِأَنَّهُ
وَاحِدٌ فِيهِمَا لِأَنَّ حُكْمَ الْمَحْمُولِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ
الَّذِي أَخْرَجَ هَذَا بِهِ الصِّحَّةُ كَهَذَا، وَإِنْ كَانَ مَا فِي
الْمَتْنِ مُقَيَّدًا بِعَدَمِ التَّحَرُّكِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَخَرَجَ
نَحْوُ السَّرِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَإِنْ تَحَرَّكَ
بِحَرَكَتِهِ وَقَيَّدَ السَّرِيرَ بِالتَّحَرُّكِ لِأَنَّهُ
الْمُتَوَهَّمُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ
بِالْمَحْمُولِ الَّذِي خَرَجَ بِهِ الْمَحْمُولُ الْمُقَدَّرُ فِي
الْمَفْهُومِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِخِلَافِ الْمَحْمُولِ الَّذِي
يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى عُودٍ بِيَدِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ
الْمَحْمُولَ يَشْمَلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّهُ
مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدْ أَلْغَزَ بِهِ فَقِيلَ شَخْصٌ سَجَدَ
عَلَى مَحْمُولٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصُوِّرَ
بِمَا إذَا سَجَدَ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ نَحْوِ مِنْدِيلٍ ح ل وَقَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ: أَشَارَ الشَّارِحُ بِالْمِثَالِ أَيْ: قَوْلِهِ:
كَطَرَفِ عِمَامَتِهِ إلَى تَقْيِيدِ الْمَحْمُولِ بِالْمَلْبُوسِ كَمَا
قَيَّدَ بِهِ فِي الرَّوْضِ فَيَكُونُ هَذَا خَارِجًا بِالْمَلْبُوسِ لَا
مُسْتَثْنًى. (قَوْلُهُ: عَلَى عُودٍ) أَيْ: مَثَلًا م ر وَمِثْلُهُ
بِالْمِنْدِيلِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ كَانَ عَلَى كَتِفِهِ مَثَلًا
وَيَفْصِلُهُ عَنْهُ عِنْدَ كُلِّ سَجْدَةٍ وَيَضَعُهُ تَحْتَ جَبْهَتِهِ
وَقَوْلُهُ بِيَدِهِ قَالَ ع ش: سَوَاءٌ رَبَطَهُ بِيَدِهِ أَمْ لَا اهـ
لَكِنْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّ الرَّبْطَ يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ
أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ وَضْعِ شَالِهِ عَلَى كَتِفِهِ، وَاعْتَمَدَ
شَيْخُنَا ح ف الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ رَبَطَهُ بِيَدِهِ لَا يُرَادُ
بِهِ الدَّوَامُ كَالْمَلْبُوسِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ
مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ) وَلَوْ قَلِيلًا جِدًّا وَيُكْرَهُ
الِاقْتِصَارُ عَلَى وَضْعِ الْبَعْضِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْجَبْهَةُ
وَغَيْرُهَا كَمَا فِي ع ش وَصَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ
وَضْعُ الْجَبْهَةِ فَقَطْ وَالْبَقِيَّةُ شُرُوطٌ لَهُ وَقِيلَ مُسَمَّى
السُّجُودِ الْجَمِيعُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَعْرًا) وَإِنْ لَمْ
يَعُمَّهَا وَأَمْكَنَ
(1/210)
مُصَلَّاهُ) أَيْ: مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ
بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا حَائِلٌ كَعِصَابَةٍ فَإِنْ كَانَ لَمْ
يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِجِرَاحَةٍ وَشَقَّ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ
مَشَقَّةً شَدِيدَةً فَيَصِحُّ. (وَيَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ رُكْبَتَيْهِ
وَ) مِنْ. (بَاطِنِ كَفَّيْهِ وَ) بَاطِنِ. (أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ) فِي
السُّجُودِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ
أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ
الْقَدَمَيْنِ» وَلَا يَجِبُ كَشْفُهَا، بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ
الرُّكْبَتَيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالِاكْتِفَاءُ
بِالْجُزْءِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْبَاطِنِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) يَجِبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
السُّجُودُ عَلَى مَا خَلَا عَنْهُ مِنْهَا م ر قَالَ شَيْخُنَا ح ف:
وَلَوْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ الْوَجْهِ اهـ بِخِلَافِ الشَّعْرِ النَّازِلِ
مِنْ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ ع ش وَلَوْ طَالَ
أَنْفُهُ حَتَّى صَارَ يَمْنَعُهُ مِنْ وَضْعِ جَبْهَتِهِ بِالْأَرْضِ
فَإِنْ أَمْكَنَهُ وَضْعُ مِخَدَّةٍ تَحْتَ جَبْهَتِهِ وَأَمْكَنَهُ
السُّجُودُ بِشَرْطِهِ وَجَبَ وَلَا يُكَلَّفُ وَضْعُهُ فِي نُقْرَةٍ
مَثَلًا حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ كُلْفَةً وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ
سَجَدَ حَيْثُ أَمْكَنَهُ وَلَوْ عَلَى الْأَنْفِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ
لَوْ زَالَ الْمَانِعُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي مُنْخَسِفِ الْجَبْهَةِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُصَلَّاهُ) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُصَلِّي
امْرَأَةً حَامِلًا وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ فَإِنَّهَا تُومِئُ
وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ عَامٌّ س ل. (قَوْلُهُ: بِأَنْ
لَا يَكُونَ عَلَيْهَا حَائِلٌ) فَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ الْتَصَقَ
بِجَمِيعِ جَبْهَتِهِ وَارْتَفَعَ مَعَهَا صَحَّ سُجُودُهُ وَوَجَبَ
إزَالَتُهُ لِلسُّجُودِ الثَّانِي فَلَوْ رَآهُ مُلْتَصِقًا بِجَبْهَتِهِ
وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ السَّجَدَاتِ الْتَصَقَ فَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ
إنْ رَآهُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ
وَجَوَّزَ الْتِصَاقَهُ فِيمَا قَبْلَهَا أَخَذَ بِالْأَسْوَإِ فَإِنْ
جَوَّزَ أَنَّهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى
قَدَّرَ أَنَّهُ فِيهَا لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً إلَّا سَجْدَةً
أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا قَدَّرَهُ فِيهَا لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ
رَكْعَةً بِغَيْرِ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَإِنْ
اُحْتُمِلَ طُرُوُّهُ بَعْدَهُ فَالْأَصْلُ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ،
وَإِلَّا فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى وَأَخَذَ بِالْأَسْوَإِ كَمَا
تَقَدَّمَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ سم ع ش.
(قَوْلُهُ: مَشَقَّةً شَدِيدَةً) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا بِمَا يُبِيحُ
تَرْكَ الْقِيَامِ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ قَالَهُ فِي
الْإِمْدَادِ وَفِي التُّحْفَةِ تَقْيِيدُهَا بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) وَلَا إعَادَةَ إلَّا إنْ كَانَ
تَحْتَهُ نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ وَضْعُ
جُزْءٍ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ وَوَضْعُ جُزْءٍ وَيَكُونُ لَفْظُ
أَقَلَّ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ رَدُّ مَا قَالَهُ
الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَضْعُ غَيْرِ الْجَبْهَةِ كَمَا
حَكَاهُ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السُّجُودِ وَضْعُ
أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ عَلَى مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ
بِالْجَبْهَةِ فَأَرَادَ رَدَّهُ صَرِيحًا ع ش وَعَلَى كَلَام الْأَصْلِ
مَعَ شَرْحِهِ يَكُونُ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ أُمِرْتُ مُسْتَعْمَلًا
فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ اهـ. وَأُجِيبُ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا
بِأَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ وَضْعُ الْجَبْهَةِ فَقَطْ وَوَضْعُ بَقِيَّةِ
الْأَعْضَاءِ شُرُوطٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف وَيُتَصَوَّرُ رَفْعُ
جَمِيعِهَا مَا عَدَا الْجَبْهَةَ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى حَجَرَيْنِ
بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَنْبَطِحُ عَلَيْهِ عِنْدَ سُجُودِهِ
وَيَرْفَعُهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: جُزْءٍ مِنْ رُكْبَتَيْهِ إلَخْ)
قَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالسُّجُودِ عَلَى بَعْضِ رُكْبَةٍ وَيَدٍ
وَأَصَابِعَ قَدَمٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ
بَعْضٌ فِي الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَأَصَابِعِ الْقَدَمَيْنِ
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاسْتِغْرَاقِ إذَا لَمْ
يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ وَلَا يُصْرَفُ عَنْهُ إلَى الْمَجْمُوعِ إلَّا
بِقَرِينَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ هُنَا: وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ كُلِّ
الرُّكْبَتَيْنِ إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبَاطِنِ كَفَّيْهِ) وَهُوَ مَا نَقَضَ الْوُضُوءُ وَقَوْلُهُ
وَأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ أَيْ: بَاطِنِهَا وَلَوْ جُزْءًا مِنْ إصْبَعٍ
وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ وَيَدٍ وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ
وَبِلَا أَصَابِعَ هَلْ يُقَدِّرُ مِقْدَارَهَا وَيَجِبُ وَضْعُ ذَلِكَ
أَوْ لَا وَلَوْ خُلِقَ كَفُّهُ مَقْلُوبًا وَلَمْ يُمْكِنْ وَضْعُهُ هَلْ
يَجِبُ وَضْعُ ظَهْرِ الْيَدِ عِوَضًا عَنْهُ لِوُجُودِهِ أَوْ يَسْقُطُ
كَمَا لَوْ قُطِعَ بِحِرْزٍ اعْتَمَدَ ع ش التَّقْدِيرَ وَوُجُوبَ وَضْعِ
ظَهْرِ الْيَدِ.
(فَرْعٌ) لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الزَّنْدِ لَمْ يَجِبْ وَضْعُهُ
لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَهَلْ يُسَنُّ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ
أَنَّهُ يُسَنُّ وَقِيَاسُ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَتْ أَصَابِعُ قَدَمَيْهِ
ابْنُ شَوْبَرِيٍّ وَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ
لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِيمَاءُ بِهَا وَلَوْ تَعَدَّدَتْ أَعْضَاءُ
السُّجُودِ وَكَانَتْ أُصُولًا وَجَبَ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا
كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَ وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَ
فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالزَّائِدِ وَلَوْ سَامَتْ
بِخِلَافِ مَا فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَاكَ عَلَى
مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِلَمْسِ بَطْنِ الْمُسَامِتِ
وَهُنَا عَلَى وَضْعِ الْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» سُمِّيَ كُلُّ
وَاحِدٍ عَظْمًا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ
عَلَى عِظَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْجُمْلَةِ
بِاسْمِ بَعْضِهَا فَتْحُ الْبَارِي. (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ
الرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ: غَيْرُ الْجُزْءِ الَّذِي لَا يَتِمُّ سَتْرُ
الْعَوْرَةِ إلَّا بِهِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ كَشْفُهُ وَتَبْطُلُ بِهِ
صَلَاتُهُ ح ل.
(فَرْعٌ) يَجِبُ وَضْعُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ حِينَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ
بِأَنْ يَصِيرَ الْجَمِيعُ مَوْضُوعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ مَعَ
الطُّمَأْنِينَةِ
(1/211)
أَنْ يَنَالَ) أَيْ: يُصِيبَ. (مَسْجَدَهُ)
بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مَحَلَّ سُجُودِهِ. (ثِقَلُ رَأْسِهِ)
فَإِنْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ أَنْ يَتَحَامَلَ
عَلَيْهِ حَتَّى يَنْكَبِسَ وَيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي يَدٍ لَوْ فُرِضَتْ
تَحْتَ ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ التَّحَامُلُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ،
وَتَخْصِيصُهُمْ لَهُ بِالْجَبْهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ
بِالْغَالِبِ مِنْ تَمَكُّنِ وَضْعِهَا بِلَا تَحَامُلٍ لَا لِإِخْرَاجِ
بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ: لَا
يَجِبُ فِيهَا التَّحَامُلُ. (وَ) أَنْ. (يَرْفَعَ أَسَافِلَهُ) أَيْ:
عَجِيزَتَهُ وَمَا حَوْلَهَا. (عَلَى أَعَالِيهِ) فَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ
تَسَاوَيَا لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ كَمَا لَوْ أَكَبَّ
عَلَى وَجْهِهِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ لَا
يُمْكِنُهُ مَعَهَا السُّجُودُ إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
حِينَئِذٍ وَإِنْ تَقَدَّمَ وَضْعُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَلَوْ وَضَعَ
يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ ثُمَّ وَضَعَ الْبَقِيَّةَ ثُمَّ رَفَعَ
بَعْضَهَا وَاسْتَمَرَّ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ م ر أَيْ:
لِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ غَيْرُ مَعْهُودَةٍ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لع
ش حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مُسْتَصْحَبٌ
لِمَا كَانَ وَرَدَ بِأَنَّ تِلْكَ الْهَيْئَةَ لَمْ تُعْهَدْ ح ف.
(قَوْلُهُ: أَيْ: يُصِيبُ) تَفْسِيرُ مُرَادِ ع ش وَقِيلَ مَعْنَاهُ
يَبْلُغُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} [آل عمران:
92] أَيْ: لَنْ تَبْلُغُوا حَقِيقَتَهُ. (قَوْلُهُ: ثِقَلُ رَأْسِهِ إلَخْ)
عِبَارَةُ شَرْح م ر وَمَعْنَى الثِّقَلِ أَنْ يَكُونَ بِتَحَامُلٍ
بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ
لَانْدَكَّ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِتَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَلَا
يَكْتَفِي بِإِرْخَاءِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ اهـ. (قَوْلُهُ:
حَتَّى يَنْكَبِسَ) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَنْدَكَّ
مِنْ الْقُطْنِ مَا يَلِي جَبْهَتَهُ عُرْفًا وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ
لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ عِدْلٌ مَثَلًا مِنْ الْقُطْنِ لَا يُمْكِنُ
انْكِبَاسُ جَمِيعِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الرَّأْسِ وَإِنْ تَحَامَلَ
عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ)
أَيْ: التَّحَامُلِ فِي يَدٍ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِهِ إحْسَاسُهَا
بِهِ لَا حُصُولُ أَلَمٍ بِهَا فَفِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَعْنَى اللَّامِ
تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِظُهُورِ
أَثَرِهِ الْإِحْسَاسُ بِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ عُرْفًا لَا نَحْوُ قِنْطَارٍ
مَثَلًا وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى التِّبْنِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ التَّحَامُلُ إلَخْ) ضَعِيفٌ ع ش. (قَوْلُهُ: لَا
يَجِبُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرْفَعَ إلَخْ) أَيْ:
يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ
الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ
أَنَّ الشَّكَّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُؤَثِّرٌ إلَّا بَعْضَ
حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا ع ش
عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَجِيزَتَهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهَا
تَغْلِيبٌ لِأَنَّ الْعَجِيزَةَ خَاصَّةٌ بِالْمَرْأَةِ وَالْعَجُزَ
لِلذَّكَرِ وَالْمَرْأَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ فَلَوْ قَالَ: أَيْ:
عَجُزَهُ لَكَانَ أَوْلَى ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى أَعَالِيهِ)
وَهِيَ رَأْسُهُ وَمَنْكِبَاهُ قَالَهُ الشَّيْخُ حَجّ فِي شَرْحِ
الْإِرْشَادِ وَشَرْحِ ع ب وَقَضِيَّتُهُ إخْرَاجُ الْكَفَّيْنِ وَيَظْهَرُ
أَنَّ إخْرَاجَهُمَا غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَدْخَلَهُمَا فِي الْأَعَالِي
فِي شَرْحِ الْأَصْلِ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش تَنْبِيهٌ: الْيَدَانِ
مِنْ الْأَعَالِي كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّ الْأَسَافِلِ وَحِينَئِذٍ
فَيَجِبُ رَفْعُهَا أَيْ: الْأَسَافِلِ عَلَى الْيَدَيْنِ أَيْضًا حَجّ
قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: عَلَيْهِ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ
أَيْ: فَلَوْ نَكَّسَ رَأْسَهُ وَمَنْكِبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى
عَالٍ بِحَيْثُ تُسَاوِي الْأَسَافِلَ ضَرَّ شَيْخُنَا وَلَوْ تَعَارَضَ
عَلَيْهِ التَّنْكِيسُ وَوَضَعَ الْأَعْضَاءَ السَّبْعَةَ وَجَبَ
التَّنْكِيسُ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ بِخِلَافِ
وَضْعِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ وَلَوْ كَانَ فِي ثَوْبِهِ تَخَرُّقٌ
وَتَعَارَضَ عَلَيْهِ السَّتْرُ وَوَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ وَضَعَ
وَتَرَكَ السَّتْرَ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حِينَئِذٍ قَالَهُ م ر وَذَهَبَ حَجّ
إلَى التَّخْيِيرِ لِتَعَارُضِ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ إلَى
مُرَاعَاةِ السَّتْرِ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَضْعِ ع
ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَلَمْ
يَتَمَكَّنُ مِنْ ارْتِفَاعِ ذَلِكَ لِمَيْلِهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ
حَالِهِ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَتِهِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:
لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ) أَيْ: الْمُسْتَكْمِلِ لِلشُّرُوطِ فَلَا
يُنَافِي صَرِيحَ كَلَامِهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ مُسَمَّى السُّجُودِ
وَضْعُ الْجَبْهَةِ فَقَطْ وَالْبَقِيَّةُ شُرُوطٌ ح ف.
(تَنْبِيهٌ) يُشْتَرَطُ لِلسُّجُودِ شُرُوطٌ سَبْعَةٌ: الطُّمَأْنِينَةُ
وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَحْمُولٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَكَشْفُ
الْجَبْهَةِ وَالتَّحَامُلُ عَلَيْهَا وَأَنْ تَسْتَقِرَّ الْأَعْضَاءُ
كُلُّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالتَّنْكِيسُ وَهُوَ ارْتِفَاعُ
الْأَسَافِلِ عَلَى الْأَعَالِي وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهُ
وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَمِمَّا مَرَّ أَيْ: غَيْرُ
الْخَامِسِ شَيْخُنَا وَسَكَتَ عَنْ وَضْعِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ
الْجَبْهَةِ مَعَ أَنَّ شَيْخَنَا ح ف جَعَلَهَا شُرُوطًا لَهُ لِأَنَّ
مُسَمَّى السُّجُودِ عَلَى هَذَا وَضْعُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ
كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَكَبَّ عَلَى
وَجْهِهِ) كَبَّ وَعَرَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ بِدُونِ هَمْزٍ
وَبِالْهَمْزِ لَازِمٌ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ وَلَيْسَ لَهُمَا ثَالِثٌ
وَبِهِمَا أَلْغَزَ الدَّمَامِينِيُّ يُقَالُ كَبَبْتُ الْإِنَاءَ
وَعَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ وَأَكَبَّ عَلَى وَجْهٍ وَأَعْرَضَ
عَنَّا. (قَوْلُهُ: إلَّا كَذَلِكَ) أَيْ: فِي صُورَةِ الْعَكْسِ
وَالتَّسَاوِي وَقَالَ سم: حَتَّى فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ شَيْخُنَا
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: إلَّا كَذَلِكَ أَيْ: مُنْعَكِسًا
أَوْ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُنْكَبًّا وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ أَيْ: وَلَا
إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ
مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا يُمْكِنُهُ إلَخْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ
شَدِيدَةٌ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ
(1/212)
(وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُكَبِّرَ لِهَوِيِّهِ
بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ. (وَيَضَعَ رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّقَتَيْنِ)
بِقَدْرَ شِبْرٍ. (ثُمَّ كَفَّيْهِ) مَكْشُوفَتَيْنِ. (حَذْوَ
مَنْكِبَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي التَّكْبِيرِ الشَّيْخَانِ وَفِي
عَدَمِ الرَّفْعِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَقِيَّةِ أَبُو دَاوُد
وَغَيْرُهُ. (نَاشِرًا أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً) لَا مُفَرَّجَةً.
(لِلْقِبْلَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي النَّشْرِ وَالضَّمِّ
الْبُخَارِيُّ وَفِي الْأَخِيرِ الْبَيْهَقِيُّ. (ثُمَّ) يَضَعُ.
(جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَغَيْرُهُ وَيَضَعُهُمَا مَعًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ
وَأَصْلِهَا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ
يُقَدِّمُ أَيَّهُمَا شَاءَ. (وَ) أَنْ. (يُفَرِّقَ قَدَمَيْهِ) بِقَدْرِ
شِبْرٍ مُوَجِّهًا أَصَابِعَهُمَا لِلْقِبْلَةِ. (وَيُبْرِزَهُمَا مِنْ
ذَيْلِهِ) مَكْشُوفَتَيْنِ حَيْثُ لَا خُفَّ، وَقَوْلِي وَيُفَرَّقَ إلَى
آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) أَنْ. (يُجَافِيَ الرِّجْلُ فِيهِ) أَيْ: فِي سُجُودِهِ. (وَفِي
رُكُوعِهِ) بِأَنْ يَرْفَعَ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ
جَنْبَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ فِي رَفْعِ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ فِي
السُّجُودِ وَالْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ فِيهِ وَفِي الرُّكُوعِ
رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ أَبُو دَاوُد وَفِي الثَّانِي الشَّيْخَانِ وَفِي
الثَّالِثِ التِّرْمِذِيُّ وَقِيسَ بِالْأَوَّلِ رَفْعُ الْبَطْنِ عَنْ
الْفَخِذَ فِي الرُّكُوعِ. . (وَيَضُمُّ غَيْرُهُ) مِنْ امْرَأَةٍ
وَخُنْثَى بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُ
أَسْتَرُ لَهَا وَأَحْوَطُ لَهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ
أَنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ: الْمِرْفَقَيْنِ
إلَى الْجَنْبَيْنِ.
. (وَ) أَنْ. (يَقُولَ) الْمُصَلِّي فِي سُجُودِهِ. (سُبْحَانَ رَبِّي
الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ بِغَيْرِ تَثْلِيثٍ مُسْلِمٌ
وَبِهِ أَبُو دَاوُد. (وَ) أَنْ. (يَزِيدَ مَنْ مَرَّ) وَهُوَ
الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ، وَذِكْرُ
الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي. (اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ إلَى آخِرِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
التَّيَمُّمَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْعِصَابَةِ اهـ وَلَوْ لَمْ
يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ إلَّا بِوَضْعِ وِسَادَةٍ مَثَلًا وَجَبَ
وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا إنْ حَصَلَ مَعَهُ التَّنْكِيسُ
وَإِلَّا سُنَّ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ
وَمِثْلُهُ الْحُبْلَى وَمَنْ بَطْنُهُ كَبِيرَةٌ بِرْمَاوِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: أَنْ يُكَبِّرَ إلَخْ) أَيْ: أَنْ يَبْتَدِئَ التَّكْبِيرَ
مَعَ ابْتِدَاءِ الْهُوِيِّ وَيَخْتِمُهُ مَعَ خَتْمِهِ وَجَعَلَ هَذَا
مِنْ أَكْمَلِ السُّجُودِ مَعَ أَنَّهُ سَابِقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ
مُقَدِّمَةٌ لَهُ فَكَأَنَّهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ
مُفَرَّقَتَيْنِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ غَيْرِ
الْعَارِي ح ل. (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَفَّيْهِ إلَخْ) وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ
مَكْرُوهٌ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَاشِرًا) أَيْ: لَا قَابِضًا
شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَنْفَهُ) وَيُجْمَعُ عَلَى آنُفٍ وَأُنُوفٍ
بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: مَكْشُوفًا لَمْ يَقُلْ مَكْشُوفَيْنِ لِأَنَّ
كَشْفَ الْجَبْهَةِ وَاجِبٌ وَكَلَامُهُ فِي بَيَانِ الْأَكْمَلِ.
(قَوْلُهُ: مَعًا) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُفَرِّقَ قَدَمَيْهِ)
أَيْ: غَيْرُ الْعَارِي وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَإِنْ اقْتَضَى
كَلَامُهُ خِلَافَهُ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ بَعْدَهُ
بِالرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: أَصَابِعَهُمَا) أَيْ: ظُهُورَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَيَبْرُزُهُمَا مِنْ ذَيْلِهِ) هُوَ وَاضِحٌ فِي غَيْرِ
الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِأَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِمَا ح ل.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا خُفَّ) أَيْ: شَرْعِيٌّ عَلَى مَا بَحَثَهُ
شَوْبَرِيٌّ وَأَمَّا الَّذِي لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَهُوَ
كَالْعَدَمِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكَشْفِ أَيْ: يَبْرُزُهُمَا مُطْلَقًا
سَوَاءٌ كَانَ لَهُ خُفٌّ أَوْ لَا وَأَمَّا كَشْفُهُمَا فَإِنْ كَانَ لَهُ
خُفٌّ فَلَا يَكْشِفُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خُفٌّ فَيَكْشِفُهُمَا
فَلَوْ لَمْ يَكْشِفُهُمَا كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ اهـ وَعِبَارَةُ
الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا خُفَّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ
مَكْشُوفَتَيْنِ لَا بِهِ وَبِقَوْلِهِ: وَيَبْرُزُهُمَا إلَخْ لِأَنَّ
الْإِبْرَازَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ فِي كَشْفِهِمَا كَذَا
قَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي وَكَذَا لَا يَكْشِفُهُمَا إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ
كَبَرْدٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ ح ل وَالْبَابِلِيِّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا ع ش
وَلَا يُكْرَهُ سَتْرُهُمَا كَالْكَفَّيْنِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:
وَأَنْ يُجَافِيَ الرَّجُلُ) أَيْ: غَيْرُ الْعَارِي أَمَّا الْعَارِي
فَالْأَفْضَلُ لَهُ الضَّمُّ وَعَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ
فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ كَانَ خَالِيًا ح ل. (قَوْلُهُ:
رَوَاهُ) أَيْ: الِاتِّبَاعَ أَيْ: الْفِعْلَ الَّذِي اتَّبَعْنَاهُ فِيهِ
وَإِلَّا فَالِاتِّبَاعُ مِنْ أَفْعَالِنَا وَهِيَ لَا تُرْوَى أَوْ
يُقَالُ الْمَعْنَى لِلْأَمْرِ بِالِاتِّبَاعِ فِي قَوْلِهِ:
{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] . (قَوْلُهُ: فِي
الْأَوَّلِ) أَيْ: رَفْعُ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ فِي السُّجُودِ
وَفِي الثَّانِي أَيْ: رَفْعُ الْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ فِي
السُّجُودِ وَالثَّالِثُ رَفْعُ الْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ فِي
الرُّكُوعِ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمِرْفَقَيْنِ) قَيَّدَ
بِالْمِرْفَقَيْنِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ
إذْ لَا يَتَأَتَّى الضَّمُّ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي الْمِرْفَقَيْنِ
فَتَدَبَّرْ سم فَلَمَّا كَانَ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ
الشَّارِحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوَّلَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ:
الْمِرْفَقَيْنِ وَالضَّمُّ الَّذِي فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ شَامِلٌ
لِضَمِّ الْمِرْفَقَيْنِ لِلْجَنْبَيْنِ وَضَمِّ الْبَطْنِ لِلْفَخِذَيْنِ.
. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي) ذَكَرَ لَفْظَ الْمُصَلِّي
لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الرَّجُلِ لِتَقَدُّمِهِ فِي
الْمَتْنِ قَبْلُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ بَيَانِ الْفَاعِلِ فِي
كَثِيرٍ مِنْ الْأَفْعَالِ فِي هَذَا الْبَابِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ:
الْبِرْمَاوِيُّ وَمَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ
مَنْ تَرَكَهُ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا جُبِرَ
بِسُجُودِ السَّهْوِ اهـ شَيْخُنَا.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ لَنَا
الْأَرْضَ ذَلُولًا نَمْشِي فِي مَنَاكِبِهَا فَهِيَ تَحْتَ أَقْدَامِنَا
نَطَؤُهَا وَهُوَ غَايَةُ الذِّلَّةِ أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَضَعَ
أَشْرَفَ مَا عِنْدَنَا وَهُوَ الْوَجْهُ وَأَنْ نُمَرِّغَهُ عَلَيْهَا
جَبْرًا لِانْكِسَارِهَا بِوَضْعِ الشَّرِيفِ عَلَيْهَا الَّذِي هُوَ
وَجْهُ الْعَبْدِ فَاجْتَمَعَ بِالسُّجُودِ وَجْهُ الْعَبْدِ وَوَجْهُ
الْأَرْضِ فَانْجَبَرَ كَسْرُهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ
الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ فَلِذَلِكَ كَانَ الْعَبْدُ أَقْرَبَ فِي
تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ سَائِرِ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ سَعَى فِي
حَقِّ الْغَيْرِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَهُوَ جَبْرُ انْكِسَارِ
الْأَرْضِ مُنَاوِيٌّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: سُبْحَانَ
رَبِّي الْأَعْلَى)
(1/213)
تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَبِكَ
آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ
وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ أَيْ: مُنْفِذِهُمَا تَبَارَكَ اللَّهُ
أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ فِي
الرَّوْضَةِ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ قَبْلَ تَبَارَكَ اللَّهُ. (وَ) أَنْ
يَزِيدَ مَنْ مَرَّ. (الدُّعَاءَ فِيهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا
يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ»
أَيْ: فِي سُجُودِكُمْ وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي.
. (وَ) ثَامِنُهَا. (جُلُوسٌ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) ، وَلَوْ فِي نَفْلٍ.
(بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ. (وَلَا يُطَوِّلُهُ
وَلَا الِاعْتِدَالُ) لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا،
بَلْ لِلْفَصْلِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا فِي بَابِ سُجُودِ
السَّهْوِ. (وَسُنَّ) لَهُ. (أَنْ يُكَبِّرَ) مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ
سُجُودِهِ بِلَا رَفْعٍ لِيَدَيْهِ. (وَ) أَنْ. (يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا)
كَمَا سَيَأْتِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ الشَّيْخَانِ وَفِي
الثَّانِي التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (وَاضِعًا كَفَّيْهِ)
عَلَى فَخِذَيْهِ. (قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ) بِحَيْثُ تُسَامِتُهُمَا
رُءُوسُ الْأَصَابِعِ. (نَاشِرًا أَصَابِعَهُ) مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْأَعْلَى أَبْلَغُ مِنْ الْعَظِيمِ فَجُعِلَ فِي السُّجُودِ الَّذِي
هُوَ أَشْرَفُ مِنْ الرُّكُوعِ وَأَبْلَغُ مِنْهُ فِي التَّوَاضُعِ
وَالْخُضُوعِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِكَ آمَنْتُ) فَإِنْ قِيلَ يَرِدُ
عَلَى الْحَصْرِ الْإِيمَانُ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِمْ
كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ قُلْتُ يُجَابُ بِأَنَّ
الْإِيمَانَ بِمَا أَوْجَبَهُ إيمَانٌ بِهِ أَوْ الْمُرَادُ الْحَصْرُ
الْإِضَافِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَبَدَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: سَجَدَ
وَجْهِي) أَيْ: وَكُلُّ بَدَنِي وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ
أَشْرَفُ أَعْضَاءِ السَّاجِدِ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ فَقَدْ خَضَعَ
بَاقِي جَوَارِحِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: لِلَّذِي خَلَقَهُ) أَيْ: أَوْجَدَهُ
مِنْ الْعَدَمِ وَصَوَّرَهُ أَيْ: عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ
قَالَ سم: دَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ خَلَقَ مَادَّةَ
الْوَجْهِ دُونَ صُورَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ:
مُنْفِذِهِمَا) لِأَنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ مِنْ الْمَعَانِي لَا
يَتَأَتَّى شَقُّهُمَا. (قَوْلُهُ: تَبَارَكَ اللَّهُ) أَيْ: زَادَ
خَيْرُهُ وَإِحْسَانُهُ ح ف. (قَوْلُهُ: أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أَيْ:
الْمُصَوِّرِينَ وَإِلَّا فَالْخَلْقُ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْعَدَمِ
إلَى الْوُجُودِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَأَفْعَلُ
التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ لِأَنَّ الْمُصَوِّرِينَ لَيْسَ فِيهِمْ
مِنْ حَيْثُ تَصْوِيرُهُمْ حُسْنٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي
سُجُودِهِ أَيْضًا سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ
وَمَعْنَى سُبُّوحٌ كَثِيرُ النَّزَاهَةِ أَيْ: أَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنْ
سَائِرِ النَّقَائِصِ أَبْلَغَ تَنْزِيهٍ وَمُطَهَّرٌ عَنْهَا أَبْلَغَ
تَطْهِيرٍ وَيَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ
بِالتَّسْبِيحِ بَلْ هُوَ مِنْهُ اهـ دَمِيرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ فِيهِ) يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الدُّعَاءُ
فِي الرُّكُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: سَجَدْتُ لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ سَجَدَ
الْفَانِي لِلْبَاقِي لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ
الْمَقْصُودَ بِهِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ:
بِالضَّرَرِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ
وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الثَّنَاءَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا
قَصَدَ بِهِ الثَّنَاءَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ) أَيْ: مِنْ
جِهَةِ قُرْبِ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِجَابَةِ وَأَقْرَبُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ
خَبَرُهُ لِسَدِّ الْحَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاجِدٌ مَسَدَّهُ
وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ أَقْرَبُ كَوْنِ الْعَبْدِ أَيْ:
أَكْوَانِهِ أَيْ: أَحْوَالِهِ حَاصِلٌ إذَا كَانَ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ
مِثْلُ قَوْلِهِمْ أَخْطَبُ مَا يَكُونُ الْأَمِيرُ قَائِمًا إلَّا أَنَّ
الْحَالَ ثَمَّتْ مُفْرَدَةٌ وَهُنَا جُمْلَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالْوَاوِ
وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ خَطَأُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ
وَهُوَ سَاجِدٌ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ خَبَرُ قَوْلِهِ أَقْرَبُ شَوْبَرِيٌّ
وَعِبَارَةُ حَجّ فِيمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ
نَصُّهَا أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ إذَا كَانَ سَاجِدًا
اهـ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ أَيْ: فِي سُجُودِكُمْ) تَتِمَّتُهُ
فَقُمْنَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ وَقَوْلُهُ فَقَمِنٌ بِفَتْحِ الْقَافِ
وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ: حَقِيقٌ.
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَفْلٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ
إنَّمَا هُوَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي النَّفْلِ وَأَنَّ
الطُّمَأْنِينَةَ فِيهِ لَا خِلَافَ فِيهَا وَظَاهِرُ عِبَارَةِ ع ب عَكْسُ
ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فِيهَا خِلَافٌ فِي النَّافِلَةِ
وَأَنَّ الْجُلُوسَ فِيهَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الِاعْتِدَالِ عَنْ ع ش عَنْ ابْنِ
الْمُقْرِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ لَيْسَ رُكْنًا فِي النَّفْلِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا
يُطَوِّلُهُ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُهُ ع ش وَالْمُرَادُ
بِالطُّولِ أَنْ يَأْتِيَ فِي الِاعْتِدَالِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الذِّكْرِ
الْوَارِدِ فِيهِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَفِي الْجُلُوسِ أَنْ يَأْتِيَ
بِزِيَادَةٍ عَلَى الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِيهِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ أَيْ:
بِأَلْفَاظِهِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَإِنْ طَوَّلَ
أَحَدُهُمَا فَوْقَ ذِكْرِهِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ فِي
الِاعْتِدَالِ وَأَقَلَّ التَّشَهُّدَ فِي الْجُلُوسِ عَامِدًا عَالِمًا
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ وَقَرَّرَ جَمِيعَ ذَلِكَ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ
عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا ع ش وَيَسْجُدُ
لِلسَّهْوِ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الِاعْتِدَالِ فِي غَيْرِ
الِاعْتِدَالِ الْأَخِيرِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لِوُرُودِ
تَطْوِيلِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ
النَّازِلَةُ. اهـ. حَجّ وَح ل وَقَيَّدَهُ م ر بِوَقْتِ النَّازِلَةِ
وَاعْتَمَدَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يُكَبِّرَ) لَمْ يَقُلْ
وَأَكْمَلُهُ كَمَا قَالَهُ فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ حَقِيقَةٌ
وَاحِدَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ وَهَذِهِ سُنَنٌ
فِيهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاضِعًا
كَفَّيْهِ) أَيْ: نَدْبًا وَلَا يَضُرُّ إدَامَةُ وَضْعِهِمَا عَلَى
(1/214)
كَمَا فِي السُّجُودِ. (قَائِلًا رَبِّ
اغْفِرْ لِي إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَارْحَمْنِي
وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي
لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِيَهُ ابْنُ مَاجَهْ. .
(وَ) سُنَّ. (بَعْدَ) سَجْدَةٍ. (ثَانِيَةٍ) لَا بَعْدَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ.
(يَقُومُ عَنْهَا) بِأَنْ لَا يَعْقُبَهَا تَشَهُّدٌ. (جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ)
تُسَمَّى جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ غَرِيبٌ، وَلَوْ صَحَّ حَمْلٌ لِيُوَافِقَ
غَيْرَهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ.
. (وَ) سُنَّ لَهُ. (أَنْ يَعْتَمِدَ فِي قِيَامِهِ مِنْ سُجُودٍ وَقُعُودٍ
عَلَى كَفَّيْهِ) أَيْ: بَطْنِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ
لَهُ وَلِلِاتِّبَاعِ فِي الثَّانِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
. (وَ) تَاسِعُهَا وَعَاشِرُهَا وَحَادِي عَشَرَهَا. (تَشَهُّدٌ وَصَلَاةٌ
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ
وَقُعُودٌ لَهُمَا وَلِلسَّلَامِ إنْ عَقِبَهَا سَلَامٌ) لِمَا رَوَى
الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَرْضِ إلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا خِلَافًا لِمَنْ
وَهِمَ فِيهِ ز ي أَيْ: قَالَ: إنَّ إدَامَتَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ
تَبْطُلُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَائِلًا رَبِّ اغْفِرْ لِي إلَخْ)
وَأَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ مَرَّ رَبِّ هَبْ لِي قَلْبًا تَقِيًّا
نَقِيًّا مِنْ الشِّرْكِ بَرِّيًّا لَا كَافِرًا وَلَا شَقِيًّا ح ل.
(قَوْلُهُ: وَاجْبُرْنِي) أَيْ: عَنْ الذُّلِّ وَارْزُقْنِي أَيْ:
أَعْطِنِي مِنْ خَزَائِنِ فَضْلِكِ مَا قَسَمْتَهُ لِي فِي الْأَزَلِ
حَلَالًا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَالْمَقَامِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ
أَنَّ الرِّزْقَ شَامِلٌ لِلْحَرَامِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَيَلْزَمُ
عَلَيْهِ طَلَبُ الْحَرَامِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ
قَاتَلَ اللَّهُ مَنْ تَوَهَّمَهُ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ وَتَغْيِيرٍ
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَاجْبُرْنِي أَيْ: أَغْنِنِي مِنْ جَبَرَ
اللَّهُ مُصِيبَتَهُ أَيْ: رَدَّ عَلَيْهِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ أَوْ
عَوَّضَهُ عَنْهُ وَأَصْلُهُ مِنْ جَبَرَ الْكَسْرَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
وَفِي الصِّحَاحِ الْجَبْرُ أَنْ يُغْنِيَ الرَّجُلَ مِنْ فَقْرٍ أَوْ
يُصْلِحَ عَظْمَهُ مِنْ كَسْرٍ اهـ فَعَطْفُ اُرْزُقْنِي عَلَى اُجْبُرْنِي
عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ اهـ
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ
عَلَى مَا يَلِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى
الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ. (قَوْلُهُ: وَعَافَنِي) أَيْ:
ادْفَعْ عَنِّي كُلَّ مَا أَكْرَهُ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
بِرْمَاوِيٌّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَاعْفُ عَنِّي م ر ع ش. (قَوْلُهُ: لَا
بَعْدَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ ثَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ:
يَقُومُ عَنْهَا) أَيْ: فَلَا تُسَنُّ لِلْقَاعِدِ م ر وَلَعَلَّ
الْمُرَادَ يَقُومُ عَنْهَا فِي قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ وَإِنْ خَالَفَ
الْمَشْرُوعَ فَتُسَنُّ فِي مَحَلِّ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عِنْدَ
تَرْكِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: جِلْسَةً خَفِيفَةً) وَلَا يَضُرُّ
تَخَلُّفُ الْمَأْمُومِ لِأَجْلِهَا لِأَنَّهُ يَسِيرٌ بَلْ إتْيَانُهُ
بِهَا حِينَئِذٍ سُنَّةٌ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ
شَرْحُ م ر وَيُسَنُّ لَهَا تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ يَمُدُّهَا مِنْ
رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ إلَى الْقِيَامِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ
يَلْزَمْ مِنْ تَطْوِيلِهَا أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ أَلِفَاتٍ فَإِنْ لَزِمَ
تَطْوِيلُهَا عَنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَحِينَئِذٍ إذَا أَرَادَ
تَطْوِيلَ الْجِلْسَةِ إلَى أَطْوَلَ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ كَبَّرَ
وَاحِدَةً لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا وَاشْتَغَلَ بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ إلَى
أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ
تَكْبِيرَتَانِ وَاحِدَةٌ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا مِنْ السُّجُودِ
وَوَاحِدَةٌ لِلِانْتِقَالِ عَنْهَا إلَى الْقِيَامِ. اهـ. ح ف وَيُؤْخَذُ
مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ
قَالَ: ع ش عَلَى م ر وَلَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ كحج مَاذَا يَفْعَلُهُ
فِي يَدَيْهِ حَالَةَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهُمَا
قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَيَنْشُرَ أَصَابِعَهُمَا مَضْمُومَةً
لِلْقِبْلَةِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ) وَهِيَ فَاصِلَةٌ وَقِيلَ مِنْ
الْأُولَى وَقِيلَ مِنْ الثَّانِيَةِ شَرْحُ م ر وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ
ذَلِكَ فِي الْأَيْمَانِ وَالتَّعَالِيقِ ع ش قَالَ فِي ع ب: وَقَدْرُهَا
كَالْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا
مَا لَمْ تَطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
ضَابِطُ الطُّولِ هُوَ الْمُبْطِلُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
هَذَا وَقَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْوَالِدُ: أَنَّهُ لَا
يَبْطُلُ تَطْوِيلُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ لِأَنَّهَا
مُلْحَقَةٌ بِالرُّكْنِ الطَّوِيلِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب وحج
الْبُطْلَانَ سم وَعِبَارَةُ ز ي وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا فَلَوْ
طَوَّلَهَا لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِ
الْمُتَأَخِّرِينَ كَالسِّرَاجِ الْبُلْقِينِيِّ. اهـ. م ر وَالْفَرْقُ
بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَنَّ الْأَرْكَانَ
يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِلسُّنَنِ كَذَا قَرَّرَهُ ز ي.
(قَوْلُهُ: مِمَّا يُخَالِفُهُ) أَيْ: مِنْ تَرْكِ جُلُوسِ
الِاسْتِرَاحَةِ.
. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعْتَمِدَ) هَلَّا قَالَ: وَاعْتِمَادٌ مَعَ أَنَّهُ
أَخْصَرُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى كَفَّيْهِ) أَيْ: مَبْسُوطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ
كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ يَقُومُ كَالْعَاجِنِ
لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ بِهِ فِي شِدَّةِ الِاعْتِمَادِ ح ل عَلَى
أَنَّ عِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ كَالْعَاجِزِ بِالزَّايِ لَا بِالنُّونِ
كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْضِ أَيْ: حَالَ
كَوْنِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ بَيَانٌ لِإِبْهَامِ الِاعْتِمَادِ فِي
الْمَتْنِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِالْمُرَادِ بِرْمَاوِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: تَشَهُّدٌ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى
الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ شَرْحُ م ر
وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ نَظَرًا
لِتَقَارُبِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ عَقَبَهَا) بِفَتْحِ الْقَافِ مِنْ بَابِ
نَصَرَ قَالَ ح ل: إنْ عَقَبَهَا أَيْ: التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ
وَالْقُعُودَ لَهُمَا وَلِلسَّلَامِ وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ يَنْحَلُّ
إلَى أَنَّ الْقُعُودَ لِلسَّلَامِ رُكْنٌ إنْ عَقَبَهُ سَلَامٌ اهـ أَيْ:
مَعَ أَنَّ الْقُعُودَ لِلسَّلَامِ لَا يَعْقُبُهُ إلَّا سَلَامٌ فَلَا
فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ
(1/215)
قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ
يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ
عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ
السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّه هُوَ
السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتِ لِلَّهِ» إلَى آخِرِهِ،
وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي الْجُلُوسِ آخِرَ الصَّلَاةِ لِمَا يَأْتِي
وَهُوَ مَحَلُّهُ فَيَتْبَعُهُ فِي الْوُجُوبِ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ
لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلِلسَّلَامِ وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّشَهُّدِ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
{صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] وَبِالْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ
الصَّحِيحَيْنِ وَأُولَى أَحْوَالِ وُجُوبِهَا الصَّلَاةُ قَالُوا، وَقَدْ
أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ خَارِجَهَا وَالْمُنَاسِبُ لَهَا
مِنْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ
أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَجْمُوعِ وَأَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ
السَّلَامَ يَعْقُبُ قُعُودَهُ مَعَ أَنَّهُ يُقَارِنُهُ وَأَيْضًا يَصِيرُ
الْمَعْنَى فِي الْمَفْهُومِ وَإِلَّا يَعْقُبُ قُعُودَ السَّلَامِ سَلَامٌ
فَسُنَّةٌ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْقَلُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ إنْ
عَقَبَهُمَا أَيْ: التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ وَفِي
بَعْضِ النُّسَخِ إنْ عَقَبَهَا أَيْ: الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ لَا
الْمَذْكُورَاتِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ
الرَّكَاكَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: كُنَّا نَقُولُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِتَوْقِيفٍ أَوْ
اجْتِهَادٍ مِنْهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ
أَوْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ لَكِنْ نَهْىُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَا تَقُولُوا إلَخْ
رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ مِنْ غَيْرِ
تَشْرِيعٍ تَأَمَّلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ: كُنَّا نَقُولُ
أَيْ: فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ
الْمُتَعَيَّنُ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ بَعْدُ،
وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ تَوْطِئَةً
لِقَوْلِهِ وَهُوَ مَحَلُّهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ) هُوَ مَعَ
قَوْلِهِ وَلَكِنْ قُولُوا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ
الْحَدِيثِ تَأَخُّرُ فَرْضِ التَّشَهُّدِ عَنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ
وَحِينَئِذٍ فَصَلَاةُ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ هَلْ كَانَ الْجُلُوسُ
الْأَخِيرُ فِيهَا مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ ذِكْرٍ؟ م ر ز ي
وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ ق ل عَلَى
الْجَلَالِ وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ فَرْضٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَحْمَدَ
وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَوَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُنَّةٌ
عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ)
أَيْ: كُنَّا نَقُولُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ نَقُولَ
السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ
فَقَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ
بَيَانٌ لِعِبَادِهِ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ
يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِاَللَّهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِعِبَادِهِ لَا أَنَّهُمْ
كَانُوا يَقُولُونَ هَذِهِ الْعِبَارَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى فُلَانٍ)
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ كَإِسْرَافِيلَ ح ل
وَنُقِلَ عَنْ ع ش أَنَّهُمْ كَانُوا يَذْكُرُونَ بَعْضَ صُلَحَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا وَمَعْنَى السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ طَلَبُ
سَلَامَتِهِ مِنْ النَّقَائِصِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ
السَّلَامُ أَيْ: لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ
مَعْنَى السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ السَّلَامُ الَّذِي هُوَ مِنْ
أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَيْ: رَحْمَةُ السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ
بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ: بِالْفَرْضِ الَّذِي
أَفَادَهُ الْحَدِيثُ ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) تَعْلِيلٌ
لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَا فِي الْأَوَّلِ لِمَا يَأْتِي وَهُوَ أَنَّهُ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ
الظُّهْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْجُلُوسُ الْأَخِيرُ.
(قَوْلُهُ: فَيَتْبَعُهُ) أَيْ: يَتْبَعُ الْجُلُوسَ التَّشَهُّدُ فِي
الْوُجُوبِ قَالَ ع ش لَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ فِي الْوُجُوبِ
أَنْ يَكُونَ رُكْنًا مُسْتَقِلًّا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُرِعَ
لِلِاعْتِدَادِ بِالتَّشَهُّدِ فَمُجَرَّدُ مَا ذُكِرَ لَا يَثْبُتُ
الْمَطْلُوبُ مِنْ كَوْنِهِ رُكْنًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْمُرَادَ وُجُوبُهُ اسْتِقْلَالًا أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ
وَجَبَ الْجُلُوسُ بِقَدْرِهِ إذْ لَوْ كَانَ وُجُوبُهُ لِلتَّشَهُّدِ
لَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الدَّلِيلُ لَا
يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى
مُطْلَقِ الْوُجُوبِ وَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُوبِهَا فِي
الصَّلَاةِ بِحَدِيثِ «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ
نُصَلِّي عَلَيْك إذَا صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا؟ فَقَالَ:
قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ» وَالْأَوْلَى أَنْ
يُسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِحَدِيثِ ابْنِ
مَسْعُودٍ " يَتَشَهَّدُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَمَا ذَكَرَهُ م ر
فِي شَرْحِهِ وَإِنَّمَا كَانَ بِالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى
وُجُوبِهَا فِي الصَّلَاةِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَوْلَى إلَخْ
لَا يُنْتِجُ وُجُوبَ كَوْنِهَا فِي الصَّلَاةِ وَعِلَّتَهُ أَيْضًا،
وَهِيَ قَالُوا وَقَدْ أَجْمَعُوا لَا تُنْتِجُهُ أَيْضًا وَكَذَا
قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ إلَخْ لَا يُنْتِجُ كَوْنُهَا فِي التَّشَهُّدِ
وَإِنَّمَا كَانَ مُنَاسِبًا لِانْضِمَامِهَا لِلسَّلَامِ وَعِبَارَةُ
الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ: وَأَوْلَى أَحْوَالُ وُجُوبِهَا الصَّلَاةِ
لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ وَهَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ
مُحْتَاجٌ إلَيْهَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا
إذَا صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا أَمَّا عَلَيْهَا فَلَا
لِانْصِرَافِهَا لِلصَّلَاةِ مَنْطُوقًا اهـ. (قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ) أَيْ:
لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ ز ي.
(قَوْلُهُ: قَالُوا إلَخْ) صِيغَةُ تَبَرٍّ وَسَبَبُهُ قَوْلُ ابْنِ
دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ
خَارِجَهَا إنْ أَرَادُوا عَيْنًا فَصَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَنْتَجُ
وُجُوبُهَا عَيْنًا فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ أَرَادُوا أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ
وَهُوَ الْوُجُوبُ الْمُطْلَقُ
(1/216)
التَّشَهُّدُ آخِرَهَا فَتَجِبُ بَعْدَهُ
كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ
لِمَا يَأْتِي فِي التَّرْتِيبِ
وَأَمَّا عَدَمُ ذِكْرِ الثَّلَاثَةِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ
فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ وَلِهَذَا لَمْ
يَذْكُرْ لَهُ النِّيَّةَ وَالسَّلَامَ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ
يَعْقُبْهَا سَلَامٌ. (فَسُنَّةٌ) فَلَا تَجِبُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ،
وَلَمْ يَجْلِسْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ
سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ دَلَّ
عَدَمُ تَدَارُكِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَقَوْلِي
بَعْدَهُ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ، وَذِكْرُ الْقُعُودِ لِلصَّلَاةِ عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلسَّلَامِ مِنْ
زِيَادَتِي. (كَصَلَاةٍ عَلَى الْآلِ) فَإِنَّهَا سُنَّةٌ. (فِي)
تَشَهُّدٍ. (آخَرَ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ دُونَ
أَوَّلَ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ.
. (وَكَيْفَ قَعَدَ) فِي قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ. (جَازَ وَ) لَكِنْ. (سُنَّ
فِي) قُعُودِ. (غَيْرِ) تَشَهُّدٍ. (آخَرَ لَا يَعْقُبُهُ سُجُودٌ)
كَقُعُودٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ
لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْآخَرِ لَكِنْ يَعْقُبُهُ سُجُودُ
سَهْوٍ. (افْتِرَاشٌ بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى كَعْبِ يُسْرَاهُ) بِحَيْثُ
يَلِي ظَهْرُهَا الْأَرْضَ. (وَيَنْصِبَ يُمْنَاهُ وَيَضَعَ أَطْرَافَ
أَصَابِعِهِ) مِنْهَا. (لِلْقِبْلَةِ وَفِي الْآخِرَةِ) وَهُوَ الَّذِي لَا
يَعْقُبُهُ سُجُودٌ. (تَوَرُّكٍ وَهُوَ كَالِافْتِرَاشِ لَكِنْ يُخْرِجُ
يُسْرَاهُ مِنْ جِهَةِ يُمْنَاهُ وَيُلْصِقُ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَمَمْنُوعٌ اهـ وَأَيْضًا فِي الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ
ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَجِبُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مُرَّةً وَإِنْ تَكَرَّرَ
ذِكْرُهُ تَجِبُ كُلَّمَا ذُكِرَ تَجِبُ فِي الْعُمُرِ مُرَّةً قَالَ:
وَالِاحْتِيَاطُ فِعْلُهَا كُلَّمَا ذَكَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ
عَمِيرَةُ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّهُ قِيلَ
بِوُجُوبِهَا كُلَّمَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا
تَجِبُ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهَا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ إلَّا فِي
الصَّلَاةِ اهـ. (قَوْلُهُ: التَّشَهُّدُ آخِرَهَا) أَيْ: لِأَنَّهَا
دُعَاءٌ وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِيمِ وَلِمُنَاسَبَتِهَا لِلسَّلَامِ
وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فِي الْآخِرِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِمَا
يَأْتِي فِي التَّرْتِيبِ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّشَهُّدِ
أَعَادَهَا. (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةِ) أَيْ: التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُعُودِ
لَهُمَا وَلِلسَّلَامِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ:
لِكَوْنِهِمَا مَعْلُومَيْنِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ
يَعْقُبْهَا) أَيْ: التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُعُودَ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَلَا
تَجِبُ) صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ أَفَادَهُ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسُنَّةٌ
تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلَخْ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَا السُّنِّيَّةِ وَبَقِيَ
عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ دَلِيلًا لِلسُّنِّيَّةِ وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ
لِمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ
لِأَنَّهُ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ فِعْلَهُ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى
السَّنِّ وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَسُنَّتَانِ
لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ اهـ وَقَدْ يَدُلُّ لِلسُّنِّيَّةِ
سُجُودُهُ آخِرَ الصَّلَاةِ إذْ لَا مُقْتَضَى لَهُ هُنَا إلَّا تَرْكَ
التَّشَهُّدِ وَقَدْ يُقَالُ تَرْكُ التَّصْرِيحِ بِدَلِيلِ السُّنِّيَّةِ
لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ نَفْيِ الْوُجُوبِ الَّذِي أَفَادَهُ مَفْهُومُ
قَوْلِهِ إنْ عَقَبَهَا سَلَامٌ وَمَحَلُّ الْكَلَامِ عَلَى السُّنِّيَّةِ
بِخُصُوصِهَا مَا يَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ عِنْدَ عَدِّ الْأَبْعَاضِ
ع ش لَكِنْ يُنَافِي هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَسُنَّةٌ.
(قَوْلُهُ: قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ: سَهْوًا وَهُوَ الظَّاهِرُ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَامَ عَمْدًا بَيَانًا لِلْجَوَازِ ع ش. (قَوْلُهُ:
فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ) أَيْ: فَرَغَ مِمَّا يُطْلَبُ مِنْهُ قَبْلَ
السَّلَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ قَبْلَ السَّلَامِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فِي تَشَهُّدٍ آخِرَ) أَيْ: بَعْدَهُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ
بَعْدَهُ لَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِلْأَمْرِ بِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ
يَقُولَ بِهَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْمَذْكُورِ شَوْبَرِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: وَكَيْفَ قَعَدَ جَازَ) أَيْ: بِالْإِجْمَاعِ سم أَيْ: لَمْ
يَحْرُمْ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الْإِقْعَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ
الْعَلَّامَةُ م ر بِرْمَاوِيٌّ وَلَا يُنَافِي أَيْضًا صِدْقَهُ
بِالْمَنْدُوبِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَسُنَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ سُنَّ) أَيْ: لِكُلِّ مُصَلٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى
فَمَا سَيَأْتِي مِنْ الِافْتِرَاشِ وَالتَّوَرُّكِ وَغَيْرِهِمَا يَجْرِي
فِي الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فِي قُعُودٍ إلَخْ)
بِأَنْ يَكُونَ قُعُودَ غَيْرِ تَشَهُّدٍ أَصْلًا أَوْ قُعُودَ
التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ قُعُودَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ الَّذِي
يَعْقُبُهُ السُّجُودُ فَهُوَ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ وَالصُّورَةُ
الْأُولَى شَامِلَةٌ لِلْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَجُلُوسِ
الِاسْتِرَاحَةِ فَالْمَجْمُوعُ أَرْبَعُ صُوَرٍ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ
آخِرٍ) دَخَلَ فِيهِ الْمَسْبُوقُ لَكِنْ اسْتَثْنَى الْخَلِيفَةُ
الْمَسْبُوقَ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا مُحَاكَاةً لِفِعْلِ
أَصْلِهِ س ل.
(قَوْلُهُ: لَا يَعْقُبُهُ سُجُودٌ) أَيْ: بِحَسَبِ إرَادَتِهِ. (قَوْلُهُ:
يَعْقُبُهُ سُجُودُ سَهْوٍ) أَيْ: وَلَمْ يَرِدْ عَدَمُهُ بِأَنْ أَرَادَهُ
أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا إذَا قَصَدَ عَدَمَهُ فَيَتَوَرَّكُ م ر أَيْ: فَلَوْ
عَنَّ لَهُ إرَادَةُ السُّجُودِ افْتَرَشَ سم ع ش أَيْ: وَإِنْ أَدَّى
ذَلِكَ إلَى انْحِنَاءٍ يَصِلُ بِهِ إلَى حَدِّ رُكُوعِ الْقَاعِدِ
لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:
افْتِرَاشٌ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ رِجْلَهُ كَالْفَرْشِ لَهُ
كَمَا سُمِّيَ التَّوَرُّكُ تَوَرُّكًا لِجُلُوسِهِ عَلَى الْوَرِكِ
وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يُسَنُّ التَّوَرُّكُ مُطْلَقًا وَعِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ يُسَنُّ الِافْتِرَاشُ مُطْلَقًا بِرْمَاوِيٌّ وَق ل.
(قَوْلُهُ: وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) أَيْ: بُطُونَهَا عَلَى
الْأَرْضِ وَرُءُوسَهَا لِلْقِبْلَةِ ح ل أَيْ: وَلَوْ فِي الْكَعْبَةِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ
أَلْ لِلْعَهْدِ وَلِذَا عَرَّفَهُ وَنَكَّرَ مَا قَبْلَهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُلْصِقُ) بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَرِكَهُ
الْأَيْسَرَ بِالْأَرْضِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَكَانَ
لَا يُمْكِنُهُ إلَّا إخْرَاجُ رِجْلِهِ الْيُمْنَى مِنْ جِهَةِ الْيُسْرَى
وَيُلْصِقُ وَرِكَهُ الْأَيْمَنَ هَلْ تُطْلَبُ مِنْهُ هَذِهِ
(1/217)
لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسًا فِي الْبَقِيَّةِ وَالْحِكْمَةُ فِي
ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِي الْأَوَّلِ لِلْحَرَكَةِ
بِبَدَنِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي وَالْحَرَكَةُ عَنْ الِافْتِرَاشِ
أَهْوَنُ وَتَعْبِيرِي بِسُنَّ آخِرَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ
فِي الْأَوَّلِ إلَى آخِرِهِ.
. (وَ) سُنَّ. (أَنْ يَضَعَ فِي قُعُودِ تَشَهُّدَيْهِ يَدَيْهِ عَلَى
طَرَفِ رُكْبَتَيْهِ) بِأَنْ يَضَعَ يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ الْيُسْرَى
بِحَيْثُ تُسَامِتُهُ رُءُوسُهَا وَيَضَعَ يُمْنَاهُ عَلَى طَرَفِ
الْيُمْنَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. (نَاشِرًا أَصَابِعَ يُسْرَاهُ
بِضَمٍّ) بِأَنْ لَا يُفَرِّجَ بَيْنَهَا لِتَتَوَجَّهَ كُلُّهَا إلَى
الْقِبْلَةِ. (قَابِضُهَا مِنْ يُمْنَاهُ إلَّا الْمُسَبِّحَةِ) بِكَسْرِ
الْبَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَيُرْسِلُهَا.
(وَيَرْفَعُهَا) مَعَ إمَالَتِهَا قَلِيلًا. (عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا
اللَّهُ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ الضَّمِّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَغَيْرُهُ وَيُدِيمُ رَفْعَهَا وَيَقْصِدُ مِنْ ابْتِدَائِهِ بِهَمْزَةِ
إلَّا اللَّهُ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ فَيَجْمَعُ فِي تَوْحِيدِهِ
بَيْنَ اعْتِقَادِهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ. (وَلَا يُحَرِّكَهَا)
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَوْ حَرَّكَهَا كُرِهَ، وَلَمْ
تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. (وَالْأَفْضَلُ قَبْضُ الْإِبْهَامِ بِجَنْبِهَا)
بِأَنْ يَضَعَهَا تَحْتَهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فَلَوْ أَرْسَلَهَا مَعَهَا أَوْ قَبَضَهَا فَوْقَ الْوُسْطَى
أَوْ حَلَّقَ بَيْنَهُمَا بِرَأْسَيْهِمَا أَوْ بِوَضْعِ أُنْمُلَةِ
الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ أَتَى بِالسُّنَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْكَيْفِيَّةُ وَيَكُونُ هَذَا تَوَرُّكًا؟ قُلْتُ قِيَاسُ مَا يَأْتِي
قَرِيبًا فِي قَطْعِ الْيُمْنَى أَوْ قَطْعِ مُسَبِّحَتِهَا عَدَمُ طَلَبِ
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ
بِالْبَعْضِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر أَنَّ الِاتِّبَاعَ
إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ التَّوَرُّكِ وَفِي صُورَةِ الِافْتِرَاشِ فِي
جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي
وَهُوَ بَقِيَّةُ صُوَرِ الِافْتِرَاشِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:
وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي كَوْنِ الِافْتِرَاشِ فِي الْأَوَّلِ
وَالتَّوَرُّكِ فِي الثَّانِي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْحِكْمَةُ فِي
الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ
عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا رَآهُ عَلِمَ أَنَّهُ فِي
أَيِّ التَّشَهُّدَيْنِ وَالْحِكْمَةُ فِي التَّخْصِيصِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ
مُسْتَوْفِزٌ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ وَالْحَرَكَةُ عَنْ الِافْتِرَاشِ
أَهْوَنُ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ) أَيْ: لِشُمُولِهِ
بَقِيَّةَ جِلْسَاتِ الصَّلَاةِ ع ش وَعِبَارَةُ ح ل أَعَمُّ أَيْ:
وَأَوْلَى لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ لَا تَشْمَلُ تَشَهُّدَ الصُّبْحِ
وَالْجُمُعَةِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ آخِرًا
لِأَنَّ الْآخِرَ فِي كَلَامِهِ مَا قَابَلَ الْأَوَّلَ.
. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضَعَ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْنُونَاتُ هَلْ تُسَنُّ
لِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ أَيْضًا الْوَجْهُ نَعَمْ وَهَلْ تُسَنُّ
لِلْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا إنْ أَمْكَنَ الْوَجْهُ نَعَمْ أَيْضًا لِأَنَّ
الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِلتَّشَبُّهِ بِالْقَادِرِينَ
سم فَقَوْلُهُ فِي قُعُودٍ أَيْ: وَاضْطِجَاعٍ أَوْ اسْتِلْقَاءٍ
فَالْقُعُودُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَوْلُهُ تَشَهُّدَيْهِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ
يُحْسِنْهُمَا وَكَذَا تَشَهُّدَاتِهِ بِأَنْ كَانَ مَسْبُوقًا كَمَا فِي ع
ش.
(قَوْلُهُ: تُسَامِتُهُ) أَيْ: الطَّرَفَ. (قَوْلُهُ: بِضَمٍّ) أَيْ:
حَتَّى لِلْإِبْهَامِ سم. (قَوْلُهُ: لِتَتَوَجَّهَ كُلُّهَا لِلْقِبْلَةِ)
أَيْ: غَالِبًا فَلَا يَرِدُ ضَمُّ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَوْ
مُضْطَجِعًا ح ف. (قَوْلُهُ: قَابِضِهَا) أَيْ: الْأَصَابِعِ لَا بِقَيْدِ
كَوْنِهَا مِنْ يُسْرَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ يُمْنَاهُ قَالَ ع ش:
قَابِضُهَا أَيْ: بَعْدَ وَضْعِهَا أَوَّلًا مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ
لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا لِلتَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ التَّشْرِيكِ
وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةَ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ
الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ وَخُصَّتْ بِذَلِكَ لِاتِّصَالِهَا بِنِيَاطِ
الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ شَرْحُ م ر وَالنِّيَاطُ عِرْقٌ
مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ اهـ مِصْبَاحٌ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُهَا)
قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ قُطِعَتْ أَيْ: يُمْنَاهُ لَمْ يُشِرْ
بِالْيُسْرَى بَلْ يُكْرَهُ سم. (قَوْلُهُ: وَيُدِيمُ رَفْعَهَا) أَيْ:
إلَى السَّلَامِ أَيْ: تَمَامِ التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش
وَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ وَقَعَدَ بِقَدْرِهِ سُنَّ فِي حَقِّهِ
أَنْ يَرْفَعَ مُسَبِّحَتَهُ كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُنُوتِ
سُنَّ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقِفَ بِقَدْرِهِ وَأَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ ز ي
وَقَوْلُهُ أَيْ: إلَى السَّلَامِ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: إلَى الْقِيَامِ فِي
التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالسَّلَامِ فِي الْأَخِيرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُحَرِّكُهَا لِلِاتِّبَاعِ) فَإِنْ قُلْتَ قَدْ وَرَدَ
بِتَحْرِيكِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَدْ أَخَذَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ
كَمَا وَرَدَ بِعَدَمِ تَحْرِيكِهَا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فَمَا
الْمُرَجَّحُ. قُلْتَ مِمَّا يُرَجِّحُ الشَّافِعِيَّ فِي أَخْذِهِ
بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ التَّحْرِيكِ أَنَّهَا دَالَّةٌ
عَلَى السُّكُونِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) صَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ
يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ ع ش وَلَا تَبْطُلُ وَإِنْ حَرَّكَهَا ثَلَاثًا
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُضْوًا مُسْتَقِلًّا وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ بَلْ
قِيلَ إنَّ تَحْرِيكَهَا مَنْدُوبٌ عِنْدَنَا فَفِي تَحْرِيكِهَا ثَلَاثَةُ
أَقْوَالٍ الْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالتَّحْرِيمُ مَعَ الْبُطْلَانِ إنْ
حَرَّكَهَا ثَلَاثًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضَعَهَا تَحْتَهَا)
عِبَارَةُ شَرْحُ م ر لِلْإِرْشَادِ بِأَنْ يَضَعَ رَأْسَ الْإِبْهَامِ
عِنْدَ أَسْفَلِهَا عَلَى طَرَفِ الرَّاحَةِ اهـ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ
فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُضَافٌ أَيْ: بِأَنْ يَضَعَ رَأْسَهَا. اهـ. اط ف
وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ يُسَمِّيهَا بَعْضُ الْحُسَّابِ ثَلَاثَةً
وَخَمْسِينَ وَأَكْثَرُ الْحُسَّابِ يُسَمِّيهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ
انْتَهَى ح ل أَيْ: لِأَنَّ الْإِبْهَامَ وَالْمُسَبِّحَةَ فِيهِمَا خَمْسُ
عُقَدٍ وَكُلُّ عُقْدَةٍ بِعَشْرَةٍ فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَالْأَصَابِعُ
الْمَقْبُوضَةُ ثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ وَاَلَّذِي
يُسَمِّيهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ يَجْعَلُ الْأَصَابِعَ الْمَقْبُوضَةَ
تِسْعَةً بِالنَّظَرِ لِعُقَدِهَا لِأَنَّ فِي كُلِّ إصْبَعٍ ثَلَاثَ
عُقَدٍ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَقْبُوضَةِ هَلْ هِيَ ثَلَاثَةٌ
أَوْ تِسْعَةٌ ح ف.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَلَّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْإِبْهَامِ
وَالْوُسْطَى أَيْ: أَوْقَعَ التَّحْلِيقَ بَيْنَهُمَا أَيْ: جَعَلَهُمَا
حَلْقَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيْنَ زَائِدَةٌ فَلَوْ قَالَ: أَوْ
حَلَّقَهُمَا أَيْ: جَعَلَهُمَا حَلْقَةً لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ:
أَتَى بِالسُّنَّةِ) اُنْظُرْ أَيُّ هَذِهِ
(1/218)
لَكِنْ مَا ذُكِرَ أَفْضَلُ.
(وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَرَدَ فِيهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ
اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا
التَّشَهُّدَ فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ
الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ
اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ
الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَأَقَلُّهُ) مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ فِيهِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ
أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْكَيْفِيَّاتِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّحْلِيقَ
هُوَ الْأَفْضَلُ لِاقْتِصَارِ م ر عَلَيْهِ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ ع
ش.
. (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى
عَكْسِ مَا فَعَلَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَى
الْأَكْمَلِ هُنَا شَوْبَرِيٌّ وَلَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ أَوَّلَ
التَّشَهُّدِ فِي الْأَصَحِّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ ضَعِيفٌ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَرَدَ فِيهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ) وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لَمَّا جَاوَزَ
سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى غَشِيَتْهُ سَحَابَةٌ مِنْ نُورٍ فِيهَا مِنْ
الْأَلْوَانِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَوَقَفَ جِبْرِيلُ وَلَمْ يَسِرْ مَعَهُ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَتَتْرُكُنِي أَسِيرُ مُنْفَرِدًا فَقَالَ جِبْرِيلُ: وَمَا مِنَّا إلَّا
لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - سِرْ مَعِي خُطْوَةً فَسَارَ مَعَهُ خُطْوَةً فَكَادَ أَنْ
يَحْتَرِقَ مِنْ النُّورِ وَالْجَلَالِ وَالْهَيْبَةِ وَصَغُرَ وَذَابَ
حَتَّى صَارَ قَدْرَ الْعُصْفُورِ فَأَشَارَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى رَبِّهِ إذَا وَصَلَ
مَكَانَ الْخِطَابِ فَلَمَّا وَصَلَ النَّبِيُّ إلَيْهِ قَالَ:
التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ فَقَالَ
اللَّهُ تَعَالَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ
اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَأَحَبَّ النَّبِيُّ أَنْ يَكُونَ لِعِبَادِ
اللَّهِ الصَّالِحِينَ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا الْمَقَامِ فَقَالَ: السَّلَامُ
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَقَالَ: جَمِيعُ أَهْلِ
السَّمَوَاتِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ لِلنَّبِيِّ مِثْلُ
مَا حَصَلَ لِجِبْرِيلَ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ الطَّاقَةِ لِأَنَّ
النَّبِيَّ مُرَادٌ وَمَطْلُوبٌ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى قُوَّةً
وَاسْتِعْدَادًا لِتَحَمُّلِ هَذَا الْمَقَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ،
وَلِذَلِكَ لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِلْجَبَلِ انْدَكَّ وَغَارَ فِي
الْأَرْضِ وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا مِنْ الْجَلَالِ لِأَنَّ مُوسَى طَالِبٌ
وَمُرِيدٌ وَمُحَمَّدٌ مَطْلُوبٌ وَمُرَادٌ وَفَرْقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ
الْمَقَامَيْنِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف عِنْدَ قِرَاءَتِهِ لِلْمِعْرَاجِ
وَذَكَرَ الْفَشْنِيُّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ فِي
الْجَنَّةِ شَجَرَةً اسْمُهَا التَّحِيَّاتُ وَعَلَيْهَا طَائِرٌ اسْمُهُ
الْمُبَارَكَاتُ وَتَحْتَهَا عَيْنٌ اسْمُهَا الطَّيِّبَاتُ فَإِذَا قَالَ
الْعَبْدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ نَزَلَ ذَلِكَ الطَّائِرُ مِنْ فَوْقِ
الشَّجَرَةِ وَانْغَمَسَ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا
وَهُوَ يَنْفُضُ أَجْنِحَتَهُ فَيَتَقَطَّرُ الْمَاءُ مِنْ عَلَيْهِ
فَيَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مِنْهُ مَلَكًا يَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ لِذَلِكَ الْعَبْدِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيُّهَا النَّبِيُّ) بِالتَّشْدِيدِ أَوْ بِالْهَمْزَةِ
وَتَرْكُهُمَا مَعًا مُضِرٌّ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ مِنْ الْعَامِّيِّ
وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ اكْتَفَى بِهِ وَإِلَّا
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالسَّلَامِ إنْ تَعَمَّدَهُ أَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا
وَطَالَ الْفَصْلُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا) أَيْ:
الْحَاضِرِينَ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمَلَائِكَةٍ وَإِنْسٍ وَجِنٍّ
وَقِيلَ كُلِّ مُسْلِمٍ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إذَا
قُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَوْ
سَلَّمْتَ عَلَى أَحَدٍ فَقُلْتَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَاقْصِدْ كُلَّ
عَبْدٍ صَالِحٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَمَيِّتٍ
وَحَيٍّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَرُدُّ عَلَيْكَ فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ
مُقَرَّبٌ وَلَا رَوْحٌ مَطْهَرَةٌ يَبْلُغُهَا سَلَامُكَ إلَّا وَيَرُدُّ
عَلَيْكَ وَهُوَ دُعَاءٌ مُسْتَجَابٌ لَكَ فَتُفْلِحَ، وَمَنْ لَمْ
يَبْلُغْهُ سَلَامُكَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْهَائِمِينَ فِي جَلَالِ
اللَّهِ الْمُشْتَغِلِينَ فَإِنَّ اللَّهَ يَنُوبُ عَنْهُمْ فِي الرَّدِّ
عَلَيْكَ وَكَفَى بِهَذَا شَرَفًا حَيْثُ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ الرَّبُّ
جَلَّ وَعَلَا فَلَيْتَهُ لَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ مِمَّنْ سَلَّمْتَ
عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنُوبَ اللَّهُ عَنْ الْكُلِّ فِي الرَّدِّ عَلَيْكَ
مُنَاوِيٌّ الْكَبِيرُ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُ لَفْظٍ مِنْ هَذَا الْأَقَلِّ وَلَوْ
بِمُرَادِفِهِ كَأَشْهَدُ بِأَعْلَمُ، وَالنَّبِيِّ بِالرَّسُولِ
وَعَكْسُهُ وَمُحَمَّدٍ بِأَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ
الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُرَاعَى هُنَا التَّشْدِيدُ وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ
وَغَيْرُهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا
تَقَرَّرَ فِي التَّشْدِيدِ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ الْمُدْغَمَةَ
فِي اللَّامِ فِي أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أُبْطِلَ لِتَرْكِهِ
شَدَّةً مِنْهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الرَّحْمَنِ بِإِظْهَارِ أَلْ
وَالشَّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ حَرْفِ نَعَمْ لَا يَبْعُدُ عُذْرُ الْجَاهِلِ
لِخَفَائِهِ كَثِيرًا شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ
حَرْفًا وَإِنَّمَا أَظْهَرَ الْمُدْغَمَ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ إلَخْ
قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ التَّنْوِينَ الْمُدْغَمَ فِي الرَّاءِ
فِي: وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أُبْطِلَ فَإِنَّ الْإِدْغَامَ
فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كَلِمَتَيْنِ. هَذَا وَفِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ
لِأَنَّ الْإِظْهَارَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى اللَّحْنِ
الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى خُصُوصًا وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ
الْقُرَّاءِ الْإِظْهَارَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَيُّهَا النَّبِيُّ) وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ يَا قَبْلَ
أَيُّهَا النَّبِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا
عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ
(1/219)
أَيْ: عَلَيْكَ. «سَلَامٌ عَلَيْنَا
وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ» وَهُمْ الْقَائِمُونَ بِمَا
عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ. «أَشْهَدُ أَنْ لَا
إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» أَوْ أَنَّ
مُحَمَّدًا. (عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي، إذْ مَا
بَعْدَ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ تَوَابِعُ لَهَا،
وَقَدْ سَقَطَ أُولَاهَا فِي خَبَرِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي
خَبَرِهِ سَلَامٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالتَّنْوِينِ وَتَعْرِيفُهُ
أَوْلَى مِنْ تَنْكِيرِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي الْأَخْبَارِ وَكَلَامِ
الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَلِزِيَادَتِهِ وَمُوَافَقَتِهِ سَلَامَ
التَّحَلُّلِ وَالتَّحِيَّةُ مَا يُحَيَّ بِهِ مِنْ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ
وَالْقَصْدُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ
التَّحِيَّاتِ مِنْ الْخَلْقِ وَالْمُبَارَكَاتِ النَّامِيَاتِ
وَالصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ وَقِيلَ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ
وَالطَّيِّبَاتُ الصَّالِحَاتُ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي
بَابِ الْآذَانِ مِنْ الرَّافِعِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ: وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ
اللَّهِ» ، وَلَوْ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ
كَأَصْلِهَا نَظَرَ إنْ غَيَّرَ تَغْيِيرًا مُبْطِلًا لِلْمَعْنَى لَمْ
يُحْسَبْ مَا جَاءَ بِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ
لَمْ يُبْطِلْ الْمَعْنَى أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
. (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -. (وَآلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ)
وَنَحْوِهِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ دُونَ أَحْمَدَ أَوْ عَلَيْهِ
عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَأَكْمَلُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا ذَكَرَهُ سم وَاعْتَمَدَهُ ع ش عَلَى م ر لِأَنَّ فِيهِ تَصْرِيحًا
بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَلَيْكَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا
مِنْ بَابِ حَذْفِ الْخَبَرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ
مُحَمَّدًا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ أَشْهَدُ
ثَانِيًا وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوَاوِ وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ
الشَّهَادَتَيْنِ ع ش وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ فِي الْأَذَانِ لِأَنَّهُ
طَلَبٌ فِيهِ إفْرَادُ كُلِّ كَلِمَةٍ بِنَفَسٍ وَذَلِكَ يُنَافِي
الْعَطْفَ وَأُلْحِقَتْ الْإِقَامَةُ بِالْأَذَانِ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُهُ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ وَذِكْرُ الْوَاوِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ
ز ي.
(قَوْلُهُ: إذْ مَا بَعْدَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ مَا ذُكِرَ هُوَ
الْأَقَلَّ. (قَوْلُهُ: تَوَابِعُ) أَيْ: بِالْعَطْفِ وَيَكُونُ الْعَاطِفُ
مُقَدَّرًا بِدَلِيلِ التَّصْرِيحِ بِهِ فِي رِوَايَةِ سم شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ سَقَطَ أُولَاهَا) أَيْ: الْمُبَارَكَاتُ وَهَذَا
مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَوْنِ مَا ذُكِرَ أَقَلَّ التَّشَهُّدِ
وَهُوَ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمُبَارَكَاتِ لَمْ يَسْقُطْ
فِي رِوَايَةٍ لَكِنَّ عِبَارَةُ م ر وَلِوُرُودِ إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ
وَمَا يَلِيهَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى
إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ لِكَثْرَةِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي سَقَطَتْ
فِيهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: مَا يَحْيَا) أَيْ: يَعْظُمُ وَقَوْلُهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ
التَّحِيَّاتِ أَيْ: الَّتِي كَانَتْ تُحَيَّا بِهَا الْمُلُوكُ أَيْ:
مُسْتَحِقٌّ لِلْمَقْصُودِ مِنْهَا وَهُوَ التَّعْظِيمُ وَقَدْ كَانَ
لِكُلِّ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ تَحِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ فَكَانَتْ
تَحِيَّةُ مَلِكِ الْعَرَبِ بِالسَّلَامِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ
الْأَكَاسِرَةِ بِالسُّجُودِ وَتَقْبِيلِ الْأَرْضِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ
الْفُرْسِ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرَّأْسِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْحَبَشِ
بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ مَعَ السَّكِينَةِ وَتَحِيَّةُ
مَلِكِ الرُّومِ كَشْفُ الرَّأْسِ وَتَنْكِيسُهُ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ
النُّوبَةِ بِجَعْلِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ
حِمْيَرَ بِالْإِيمَاءِ بِالْأَصَابِعِ مَعَ الدُّعَاءِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ
الْيَمَامَةِ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى كَتِفِ الْمُحَيَّا فَإِنْ
بَالَغَ رَفَعَهَا وَوَضَعَهَا مِرَارًا. فَجُمِعَتْ إشَارَةً إلَى
اخْتِصَاصِهِ تَعَالَى بِجَمِيعِهَا دُونَ غَيْرِهِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي تَشَهُّدِهِ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَضَعُفَ وُرُودُهُ
بِأَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا نَعَمْ إنْ أُرِيدَ تَشَهُّدُ
الْأَذَانِ صَحَّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ
مُرَّةً فِي سَفَرِهِ فَقَالَ ذَلِكَ ز ي وَانْظُرْ مَا غَرَضُهُ
بِقَوْلِهِ: وَفِي بَابِ الْأَذَانِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ
الِاسْتِدْلَالَ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ اسْتَغْنَى عَنْهُ
بِقَوْلِهِ وَأَقَلُّهُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ لِأَنَّهُ
يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَقَلِّ
التَّشَهُّدِ مَرْوِيٌّ حَتَّى لَفْظِ أَشْهَدُ فَيَكُونُ ثَابِتًا
بِالدَّلِيلِ وَأَيْضًا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِي تَشَهُّدِهِ
لِلْأَذَانِ، وَإِنْ كَانَ مُجَرَّدَ فَائِدَةٍ لِبَيَانِ تَشَهُّدِهِ فِي
أَذَانِهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخَلَّ بِتَرْتِيبٍ
إلَخْ) وَصَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ وَسَكَتُوا
عَلَيْهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَفِي خ ط الرَّاجِحُ وُجُوبُهَا س ل.
(قَوْلُهُ: إنْ غَيَّرَ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ: إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ بَلْ يَكْفُرُ إنْ
قَصَدَ الْمَعْنَى شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ: وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ
لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ ع ش.
. (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ) وَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهَا
وَبَيْنَ التَّشَهُّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ح ل وَشُرُوطُ أَقَلِّ
الصَّلَاةِ شُرُوطُ التَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ م ر أَيْ: مِنْ
الْمُوَالَاةِ وَعَدَمِ الْإِبْدَالِ وَعَدَمِ اللَّحْنِ الْمُغَيِّرِ
لِلْمَعْنَى وَمُرَاعَاةِ الْحُرُوفِ وَتَشْدِيدَاتِهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى
مُحَمَّدٍ) أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ النَّبِيِّ م ر وَلَا يَكْفِي عَلَى
الرَّسُولِ بِدُونِ إضَافَةٍ لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِهِ ح ف وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ
وَالْغَالِبُ فِي الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّلَاةِ التَّعَبُّدُ
فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.
(قَوْلُهُ: دُونَ أَحْمَدَ) وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْخُطْبَةِ
حَيْثُ اكْتَفَى فِيهَا بِالرَّسُولِ وَالْمَاحِي وَالْحَاشِرِ
وَالْعَاقِبِ بِأَنَّ الْخُطْبَةَ أَوْسَعُ مِنْ الصَّلَاةِ إذْ الصَّلَاةُ
يَطْلُبُ فِيهَا مَزِيدُ احْتِيَاطٍ إطْفِيحِيٌّ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ:
عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ: فَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ:
وَأَكْمَلُهَا) فِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ لَمْ تَزِدْ فِي
الْأَكْمَلِ وَاَلَّذِي زَادَ إنَّمَا هُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فَلَمْ
يَظْهَرُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لَهَا أَقَلُّ وَأَكْمَلُ هَذَا إنْ كَانَ قَوْلُهُ: كَمَا
صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فَإِنْ
رَجَعَ لِلصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ أَيْ: فِي الْكَمِّ دُونَ الْكَيْفِ
كَانَ لَهَا أَكْمَلَ
(1/220)
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى
آلِ مُحَمَّدٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ
وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ
مَجِيدٌ» . وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ
وَنَقَصَ عَنْهُ. وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ
وَأَوْلَادُهُمَا وَخَصَّ إبْرَاهِيمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ
وَالْبَرَكَةَ لَمْ تَجْتَمِعَا لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ قَالَ تَعَالَى
{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73]
وَحَمِيدٌ بِمَعْنَى مَحْمُودٌ وَمَجِيدٌ بِمَعْنَى مَاجِدٌ وَهُوَ مَنْ
كَمُلَ شَرَفًا وَكَرَمًا. (وَهُوَ) أَيْ: الْأَكْمَلُ. (سُنَّةٌ فِي)
تَشَهُّدٍ. (آخِرَ) لَا فِي أَوَّلَ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ كَمَا
مَرَّ. (كَدُعَاءٍ) مِنْ الْمُصَلِّي بِدِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ
فَإِنَّهُ سُنَّةٌ. (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ بِمَا
اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ لِخَبَرِ «إذَا قَعَدَ
أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا
ثُمَّ لِيَتَخَيَّرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّهُ»
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرَ مِنْ
الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ» أَمَّا التَّشَهُّدُ
الْأَوَّلُ فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ لِمَا مَرَّ
(وَمَأْثُورُهُ) أَيْ: مَنْقُولُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ. وَمِنْهُ «اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ» إلَى آخِرِهِ أَيْ: «وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا
أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ
مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ»
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى أَيْضًا كَالْبُخَارِيِّ
«اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ
النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى
آلِهِ فَيَكُونُ عَلَى التَّوْزِيعِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُحَمَّدٍ) وَالْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ
السِّيَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ لِأَنَّ فِيهِ الْإِتْيَانَ بِمَا
أَمَرَنَا بِهِ وَزِيَادَةُ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ فَهُوَ أَفْضَلُ
مِنْ تَرْكِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ»
فَبَاطِلٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ)
التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ لَا لِلصَّلَاةِ عَلَى
مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ فَكَيْفَ تُشَبَّهُ
الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ؟ شَيْخُنَا ح ف قَالَ
م ر: وَلَا يَشْكُلُ أَنَّ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُسَاوِيهِمْ
مُطْلَقًا لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُنَا بِالْمُسَاوَاةِ عَلَى الْقَوْلِ
بِحُصُولِهَا بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْفَرْدِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ
التَّبَعِيَّةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ وَقِيلَ
إنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ لِلْكَمْيَّةِ لَا لِلْكَيْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ
وَأَوْلَادُهُمَا أَيْ: الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ
أَنَّهُ لَيْسَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ الْأَوْلَادِ إلَّا إسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَاقَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلَدًا كَمَا
نَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر عَنْ الْمُنَاوِيِّ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ قَبْلَهُ فِي
الْعَالَمِينَ. (قَوْلُهُ: إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ) وَهُمَا وَلَدَاهُ
لِصُلْبِهِ ع ش فَآلُ إبْرَاهِيمَ أَنْبِيَاءُ ح ف أَيْ: بَعْضُهُمْ
أَنْبِيَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ نَسْلِ إسْمَاعِيلَ نَبِيٌّ إلَّا
نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَنَسْلُ إِسْحَاقَ
فِيهِمْ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجْتَمِعَا لِنَبِيٍّ
غَيْرِهِ) أَيْ: فِي الْقُرْآنِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْآيَةِ وَإِنْ وَقَعَ
فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا لِلْأَنْبِيَاءِ غَيْرِهِ
شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَكْمَلُ) مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ لَا مِنْ التَّشَهُّدِ إذْ أَكْمَلُهُ مَسْنُونٌ فِي
الْأَوَّلِ أَيْضًا كَمَا نُقِلَ عَنْ ز ي وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا
الْعَزِيزِيُّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْمُبَارَكَاتِ الصَّلَوَاتِ
الطَّيِّبَاتِ سُنَّةٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَعِبَارَةُ
الْمِنْهَاجِ وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ اللَّهُمَّ صَلِّ
عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَالزِّيَادَةُ إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ سُنَّةٌ فِي
الْأَخِيرِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمُصَلِّي) أَيْ: الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ
وَالْأَشْبَهُ فِي الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ
الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ أَوْ
غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا اُسْتُحِبَّ لَهُ الدُّعَاءُ
إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ
رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ
تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلٌ لِلْمَأْمُومِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ
الدُّعَاءُ فِيهِ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَهَلْ بَقِيَّةُ
التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ أَوْ لَا يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّشَهُّدِ
لِأَنَّهُ كَنَفْلِ الْقَوْلِيِّ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ دُنْيَوِيٌّ) نَحْوَ
اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي زَوْجَةً حَسَنَةً ح ف. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ
سُنَّةٌ) وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَطَلَبِ
الْمُسْتَحِيلِ م ر سم وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: كَدُعَاءٍ
بَعْدَهُ أَيْ: بِغَيْرِ مَحْظُورٍ وَلَا مُعَلَّقٍ.
(قَوْلُهُ: بِمَا اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ: مَعَ مَا اتَّصَلَ بِهِ فَالْبَاءُ
بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِيَتَخَيَّرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ)
وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ سم. (قَوْلُهُ: أَعْجَبَهُ)
أَيْ: أَحْسَنَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَدْعُوَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ
جَوَابُ الْأَمْرِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ) بَلْ يُكْرَهُ م
ر. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: لِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ
عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَا أَخَّرْتُ) أَيْ: مَا وَقَعَ مِنِّي آخِرًا
مِنْ ذُنُوبِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ز ي
وَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ طَلَبَ قَبْلَ الْوُقُوعِ أَنْ
يَغْفِرَ إذَا وَقَعَ وَإِنَّمَا الْمُسْتَحِيلُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ
الْآنَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمُرَادُ بِالْمُتَأَخِّرِ
إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَقَعَ أَيْ: الْمُتَأَخِّرُ مِمَّا
وَقَعَ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الذَّنْبِ مُحَالٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَسْرَفْتُ) أَيْ: جَاوَزْتُ بِهِ الْحَدَّ. (قَوْلُهُ:
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك إلَخْ) قَالَ ع ش: فِي الْقُوتِ هَذَا
مُتَأَكِّدٌ فَقَدْ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِ وَأَوْجَبَهُ قَوْمٌ وَأَمَرَ
طَاوُسٌ ابْنَهُ بِالْإِعَادَةِ لِتَرْكِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتِمَ بِهِ
دُعَاءَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
«وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» . اهـ. سم. (قَوْلُهُ: الْمَحْيَا)
الْمُرَادُ بِهِ حَيَاةُ الْإِنْسَانِ غَيْرَ لَحْظَةِ الِاحْتِضَارِ إذْ
هِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ وَالْمَمَاتِ أَوْ الْمُرَادُ مَا
يَعُمُّهُمَا وَبِالْمَمَاتِ فِتْنَةُ الْقَبْرِ وَلَيْسَتْ عَلَى هَذَا
مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ شَوْبَرِيٌّ
وَعِبَارَةُ ع ش يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَمَاتِ
الْفِتْنَةُ الَّتِي تَحْصُلُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَإِضَافَتُهَا
لِلْمَمَاتِ لِاتِّصَالِهَا بِهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَحْصُلُ
بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْفِتْنَةِ الَّتِي تَحْصُلُ عِنْدَ سُؤَالِ
الْمَلَكَيْنِ كَتَلَجْلُجِهِ فِي الْجَوَابِ وَهَذَا أَظْهَرُ
(1/221)
وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا
كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً
مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» .
. (وَ) سُنَّ. (أَنْ لَا يَزِيدَ إمَامٌ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ
وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
لَكِنَّ الْأَفْضَلَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ يَكُونَ
أَقَلَّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمَا لَمْ
يَضُرَّ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ التَّطْوِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْمَأْمُومِينَ
وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِي بِالْإِمَامِ غَيْرُهُ فَيُطِيلُ مَا أَرَادَ مَا
لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ بِهِ فِي سَهْوٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَنَصَّ
عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَرِهْتُهُ
وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ
النَّصَّ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ. (وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ دُعَاءٍ
وَذِكْرٍ مَأْثُورَيْنِ) كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ وَالْقُنُوتِ
وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَالتَّسْبِيحَاتِ.
(تَرْجَمَ) عَنْهَا وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَأْثُورِ
بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ الْقَادِرِ وَيَجِبُ فِي
الْوَاجِبِ التَّعَلُّمُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِالسَّفَرِ كَمَا
مَرَّ نَظِيرُهُ فِي تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ فَلَوْ تَرْجَمَ الْقَادِرُ
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِينَ بِأَنَّ اخْتَرَعَ
دُعَاءً أَوْ ذِكْرًا بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا
نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ تَصْرِيحًا فِي الْأُولَى
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِشْعَارًا فِي الثَّانِيَةِ،
بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ فَتَعْبِيرِي بِالْمَأْثُورِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ عَنْدَ الْمَوْتِ شَمِلَتْهُ فِتْنَةُ الْمَحْيَا.
(قَوْلُهُ: الْمَسِيحِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ
الْأَرْضَ كُلَّهَا إلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ
وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِأَنَّهُ مَمْسُوخُ الْعَيْنِ وَالدَّجَّالُ
الْكَذَّابُ ز ي وَاسْمُهُ صَافٍ بْنُ صَيَّادٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ
وَهُوَ يَهُودِيٌّ ع ش وَيَأْتِي بَعْدَ الْجَدْبِ الشَّدِيدِ سَبْعُ
سَنَوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَمَعَهُ جَبَلَانِ وَاحِدٌ مِنْ لَحْمٍ وَآخَرُ
مِنْ خُبْزٍ وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ وَحِمَارُهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ
يَضَعُ حَافِرَهُ حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهُ وَمَعَهُ مَلَكَانِ وَاحِدٌ
عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ
فَيَقُولُ الْمَلَكُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ كَذَبْتَ فَيُجِيبُهُ
الْمَلَكُ الْآخَرُ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ صَدَقْتَ وَلَمْ يُسْمَعْ
أَحَدٌ إلَّا قَوْلَ الْمَلَكِ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ صَدَقْتَ وَهَذِهِ
فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا.
وَأَوَّلُ مَنْ يَتَّبِعُهُ أَهْلُ مِصْرَ وَيَقْدُمُهُ سَبْعُونَ
دَجَّالًا وَقِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ دَجَّالٍ وَجَمَعَ شَيْخُنَا
الْبَابِلِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَنْ قَالَ: سَبْعِينَ يَعْنِي مِنْ
الْكِبَارِ، وَمَنْ قَالَ: سَبْعِينَ أَلْفًا يَعْنِي مِنْ الصِّغَارِ
وَالْكِبَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِتْنَةَ الْمَسِيحِ
الدَّجَّالِ بَعْدَ شُمُولِ مَا تَقَدَّمَ لَهَا لِعِظَمِهَا وَكَثْرَةِ
شَرِّهَا وَانْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ فِي التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ
الْمَسِيحِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّابِقِينَ الَّذِينَ قُطِعَ بِعَدَمِ
إدْرَاكِهِمْ لِزَمَنِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ تَعْلِيمُ مَنْ
بَعْدَهُمْ كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
اسْتَعَاذَ مِنْهَا تَعْلِيمًا لِأُمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: مَغْفِرَةً مِنْ
عِنْدِكَ) أَيْ: لَا يَقْتَضِيهَا سَبَبٌ مِنْ الْعَبْدِ مِنْ الْعَمَلِ
وَنَحْوِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنَّكَ أَنْتَ إلَخْ) اُنْظُرْ إلَى
هَذِهِ التَّأْكِيدَاتِ هُنَا مِنْ كَلِمَةِ إنَّ وَضَمِيرِ الْفَصْلِ
وَتَعْرِيفِ الْخَبَرِ بِاللَّامِ وَصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فَاسْتَخْرِجْ
فَوَائِدَهَا إنْ كُنْتَ عَلَى ذِكْرٍ مِنْ عِلْمِ الْمَعَانِي
وَالْبَيَانِ شَوْبَرِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ إمَامٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنْ
يَضَعَ يَدَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرِ إلَخْ) أَيْ: قَدْرِ مَا
يَأْتِي بِهِ مِنْهُمَا فَإِنْ أَطَالَهُمَا أَطَالَهُ وَإِنْ خَفَّفَهُمَا
خَفَّفَهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ:
لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ) قَالَ: م ر ثُمَّ مَحَلُّ طَلَبِ مَا زَادَ عَلَى
الْوَاجِبِ مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُ الْجُمُعَةِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْ
الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهَا وَقِيَاسُ
ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَتْ مُدَّةُ الْخُفِّ عَمَّا يَسَعُ الزِّيَادَةَ
لَمْ يَأْتِ بِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْفَرْضِ أَمَّا فِي النَّفْلِ
فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ بِالزِّيَادَةِ إبْطَالَهُ وَعَدَمَ
الْبَقَاءِ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ النَّفْلِ جَائِزٌ
وَإِلَّا حَرُمَ لِاشْتِغَالِهِ فِيهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ ع ش
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ رِضَا الْمَأْمُومِينَ) قَضِيَّتُهُ طَلَبُ الدُّعَاءِ
بِمَا دُونَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَإِنْ لَمْ
يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ: فِي الْأُمِّ: وَهَذَا اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ
آخَرَ يُفِيدُ بِهِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكِ
الدُّعَاءِ رَأْسًا مَكْرُوهٌ فَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَيْ:
الْمُصَلِّي عَلَى ذَلِكَ أَيْ: التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى
النَّبِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ
وَنُقِلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ هَذِهِ عِبَارَةُ الْأُمِّ ح ل
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ إلَخْ اسْتِشْهَادٌ
عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّشَهُّدِ
وَالصَّلَاةِ كُرِهَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَنْهُمَا)
أَيْ: عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: عَنْ النُّطْقِ بِهِمَا
بِالْعَرَبِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّشَهُّدَ
لَا يَجِبُ فِيهِ بَدَلٌ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ وَتَوَقَّفَ
الشَّوْبَرِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: فِيمَا مَرَّ قَوْلُهُ:
لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ اُنْظُرْ التَّشَهُّدَ لِمَ لَمْ يَجِبْ
بَدَلُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ؟ اهـ وَأَجَابَ
شَيْخُنَا الْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّهُ وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَدْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ
فَأَمَرَهُ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ وَرَأَى رَجُلًا عَجَزَ عَنْ
التَّشَهُّدِ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشَيْءٍ» اهـ ثُمَّ رَأَيْتُ م ر فِي
شَرْحِهِ قَالَ: لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ التَّشَهُّدِ
وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ اهـ فَقَدْ
أَثْبَتَ وُجُوبَ الْبَدَلِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّفَرِ) وَإِنْ طَالَ ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَا
يَجُوزُ) أَيْ: يَحْرُمُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَتَعْبِيرِي إلَخْ) وَجْهُ
الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تُوهِمُ بَلْ تَقْتَضِي
أَنَّهُ لَوْ اخْتَرَعَ ذِكْرًا مِنْ عِنْدَ نَفْسِهِ بِالْعَجَمِيَّةِ
وَلَمْ يَكُنْ مَأْثُورًا أَيْ: مَنْقُولًا عَنْ السَّلَفِ تَصِحُّ
صَلَاتُهُ لِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ مَنْدُوبٌ مَعَ أَنَّهَا تَبْطُلُ قَالَ
م ر: مُرَادُهُ بِالْمَنْدُوبِ الْمَأْثُورُ إذْ الْخِلَافُ فِيهِ أَمَّا
غَيْرُ
(1/222)
أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَنْدُوبِ.
. (وَ) ثَانِي عَشَرَهَا. (سَلَامٌ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «تَحْرِيمُهَا
التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» . (وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ أَوْ عَكْسُهُ) وَهُوَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ لِتَأْدِيَتِهِ
مَعْنَى مَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا
يُجْزِئُ نَحْوُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، بَلْ هُوَ
مُبْطِلٌ إنْ تَعَمَّدَ. (وَأَكْمَلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ
اللَّهِ مَرَّتَيْنِ) مَرَّةً. (يَمِينًا ف) مَرَّةً. (شِمَالًا
مُلْتَفِتًا فِيهِمَا حَتَّى يُرَى خَدُّهُ) الْأَيْمَنُ فِي الْأُولَى
وَالْأَيْسَرُ فِي الثَّانِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ
حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَيَبْتَدِئُ السَّلَامَ فِيهِمَا مُتَوَجِّهَ
الْقِبْلَةِ وَيُنْهِيهِ مَعَ تَمَامِ الِالْتِفَاتِ. (نَاوِيًا السَّلَامَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَأْثُورِ بِأَنْ اخْتَرَعَ دُعَاءً أَوْ ذِكْرًا ثُمَّ تَرْجَمَ
عَنْهُمَا بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ
بِهِ صَلَاتُهُ.
. (قَوْلُهُ: وَسَلَامٌ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالسَّلَامُ وَهِيَ أَوْلَى
لِأَنَّ أَلْ لَا بُدَّ مِنْهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ نَكِرَةٌ لِيُوَافِقَ
مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ قَالَ: فِي مَحَاسِنِ
الشَّرِيعَةِ فِيهِ مَعْنًى لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ كَانَ
مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ كَغَائِبٍ حَضَرَ
بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ) أَيْ: تَحْرِيمُ مَا
كَانَ حَلَالًا قَبْلَهَا حَاصِلٌ بِالتَّكْبِيرِ، وَتَحْلِيلُ مَا كَانَ
حَرَامًا فِيهَا حَاصِلٌ بِالتَّسْلِيمِ وَانْظُرْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ
مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَوْنِ السَّلَامِ رُكْنًا.
(قَوْلُهُ: لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ) وَلِوُجُودِ الصِّيغَةِ،
وَإِنَّمَا هِيَ مَقْلُوبَةٌ شَرْحُ م ر فَيُعَدُّ سَلَامًا بِخِلَافِ
أَكْبَرُ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ تَكْبِيرًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ
يُشْتَرَطُ لِإِجْزَاءِ السَّلَامِ شُرُوطٌ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَلِفِ
وَاللَّامِ وَكَافِ الْخِطَابِ وَمِيمِ الْجَمْعِ وَأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ
وَأَنْ يُوَالِيَ كَلِمَتَيْهِ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ الْإِعْلَامَ ع ش
أَيْ: وَحْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ وَالتَّحَلُّلَ
أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ
السَّلَامُ مِنْ قُعُودٍ وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَنْ
يَأْتِيَ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا كَانَ قَادِرًا وَأَنْ لَا يَزِيدَ
فِيهِ زِيَادَةً تُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَأَنْ قَالَ: السَّلَامُ
وَعَلَيْكُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: السَّلَامُ التَّامُّ عَلَيْكُمْ
فَلَا يَضُرُّ كَالتَّكْبِيرِ وَأَنْ لَا يَنْقُصَ مِنْهُ مَا يُغَيِّرُ
الْمَعْنَى كَأَنْ قَالَ: السَّامُّ عَلَيْكُمْ أَوْ السِّلْمُ عَلَيْكُمْ
ح ف قَالَ م ر: فِي شَرْحِهِ وَلَا يُجْزِئُ فِي السَّلَامِ السِّلْمُ
عَلَيْكُمْ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَى الصُّلْحِ
كَمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ نَعَمْ إنْ نَوَى
بِهِ السَّلَامَ اُتُّجِهَ إجْزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَاهُ
وَقَدْ نَوَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: نَحْوُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) كَسَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامُ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْكُمَا فَإِنَّ تَعَمُّدَ
ذَلِكَ كُلِّهِ مُبْطَلٌ لَا مَعَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ
لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ وَلَا يُجْزِئُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا
وَرَدَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ
لَمْ يَرِدْ ع ش لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَا وَرَدَ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي
التَّشَهُّدِ لِوُرُودِهِ فِيهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَ)
أَيْ: وَخَاطَبَ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ
كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ) وَأَمَّا بَرَكَاتُهُ فَلَا
تُسَنُّ وَإِنْ وَرَدَتْ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ ح ل. (قَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ)
أَيْ: يَقُولُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، وَقَوْلُهُ مُلْتَفِتًا حَالٌ مِنْ
الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي يَقُولُ الْمُقَدَّرِ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا
وَالِالْتِفَاتُ بِالْوَجْهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ
صَدْرُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إلَى الْإِتْيَانِ بِالْمِيمِ مِنْ
عَلَيْكُمْ ح ف قَالَ الرَّشِيدِيُّ: أَيْ: مُلْتَفِتًا فِيهِمَا أَيْ:
بِوَجْهِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَلْقِي أَمَّا هُوَ فَيَمْتَنِعُ
عَلَيْهِ الِالْتِفَاتُ لِأَنَّهُ مَتَى الْتَفَتَ خَرَجَ عَنْ
الِاسْتِقْبَالِ الْمُشْتَرَطِ حِينَئِذٍ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى هَكَذَا
ظَهَرَ. وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا مُصَلٍّ مَتَى الْتَفَتَ
لِلسَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
(قَوْلُهُ: يَمِينًا فَشِمَالًا) وَأَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ
عَكَسَ كُرِهَ وَإِنْ أَتَى بِهِمَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ
أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى ح ل فَلَوْ سَلَّمَ
التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى عَنْ يَسَارِهِ فَالْأَوْجَهُ أَنْ يَأْتِيَ
بِالثَّانِيَةِ عَنْ يَسَارِهِ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهَا
هَيْئَتُهَا الْمَشْرُوعَةُ لَهَا فَفِعْلُهَا عَنْ يَمِينِهِ تَغْيِيرٌ
لِلسُّنَّةِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهَا كَمَا لَوْ قُطِعَتْ سَبَّابَتُهُ
الْيُمْنَى لَا يُشِيرُ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ لَهَا هَيْئَةً مَطْلُوبَةً
فَالْإِشَارَةُ بِهَا تَفُوتُ مَا طُلِبَتْ لَهُ مِنْ قَبْضِهَا إنْ
كَانَتْ مِنْ الْيُمْنَى وَنَشْرِهَا عَلَى فَخِذَيْهِ إنْ كَانَتْ مِنْ
الْيُسْرَى ع ش. (قَوْلُهُ: نَاوِيًا السَّلَامَ) أَيْ: مَعَ التَّحَلُّلِ
فَلَوْ نَوَى بِهِ مُجَرَّدَ السَّلَامِ أَوْ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ
مُلَاحَظَةِ التَّحَلُّلِ لَمْ يُكْتَفَ بِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ،
وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ
الْخُرُوجِ أَيْ: فَمَحَلُّ إجْزَاءِ السَّلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ:
غَافِلًا عَنْ التَّحَلُّلِ وَعَدَمِهِ مَا لَمْ يَكُنْ صَارِفٌ وَإِلَّا
وَجَبَتْ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ وَاسْتُشْكِلَ أَيْ: قَوْلُهُ: نَاوِيًا
السَّلَامَ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلنِّيَّةِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ
لِوُجُودِ الْخِطَابِ وَالصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الصَّلَاةِ عَارَضَهُ فَاحْتَاجَ
لِلنِّيَّةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَالْمُعَارِضِ بِخِلَافِهِ خَارِجَ
الصَّلَاةِ وَتَبَعِيَّةُ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى صَارِفٌ أَيْضًا عَنْ
ذَلِكَ اهـ وَعِبَارَةُ ز ي وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ خَارِجَهَا لَمْ
يُوجَدْ لِسَلَامِهِ صَارِفٌ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ
لِلنِّيَّةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَكَوْنُهُ وَاجِبًا لِلْخُرُوجِ مِنْهَا
صَارِفٌ اهـ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ قَوْلُهُ: مَنْ
الْتَفَتَ إلَيْهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ إلَخْ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَظَاهِرُ
كَلَامِهِمْ أَنَّهُ
(1/223)
عَلَى مَنْ الْتَفَتَ) هُوَ. (إلَيْهِ مِنْ
مَلَائِكَةٍ وَمُؤْمِنِي إنْسٍ وَجِنٍّ) أَيْ: يَنْوِيهِ بِمَرَّةِ
الْيَمِينِ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَبِمَرَّةِ الْيَسَارِ عَلَى مَنْ
عَنْ يَسَارِهِ. (وَيَنْوِيهِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ
بِأَيِّهِمَا شَاءَ) وَالْأُولَى أَوْلَى.
. (وَ) يَنْوِي. (مَأْمُومٌ الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ) مِنْ
إمَامٍ وَمَأْمُومٍ فَيَنْوِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْمُسَلِّمِ
بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأُولَى،
وَمَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ
خَبَرُ عَلِيٍّ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَقَبْلَ
الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى
الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ، وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ السَّلَامِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ أَيْ: نِيَّةُ
مَعْنَاهُ وَهُوَ التَّحَلُّلُ مَعَ ذَلِكَ أَيْ: مَعَ نِيَّةِ السَّلَامِ
عَلَى مَنْ ذَكَرَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ مِمَّا
اُعْتُبِرَ فِيهِ فَقْدُ الصَّارِفِ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ
مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ التَّحَلُّلُ وَلَوْ مَعَ النِّيَّةِ
الْمَذْكُورَةِ وَفِي غَيْرِهِ إخْرَاجٌ لَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ فَاحْتِيجَ
إلَى فَقْدِ الصَّارِفِ ثَمَّ لَا هُنَا تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م
ر اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ
نِيَّةُ سَلَامِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَوَى مُجَرَّدَ السَّلَامِ عَلَى
مَنْ ذَكَرَ أَوْ الرَّدَّ ضَرٌّ لِلصَّارِفِ وَقَدْ قَالُوا يُشْتَرَطُ
فَقْدُ الصَّارِفِ أَوَّلًا فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى فِيهِ نَظَرٌ
وَالْقَلْبُ إلَى الِاشْتِرَاطِ أَمْيَلُ وَهُوَ الْوَجْهُ. اهـ. سم
وَالْأَقْرَبُ مَا مَالَ إلَيْهِ م ر مِنْ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ أَيْ:
اشْتِرَاطُ نِيَّةِ السَّلَامِ وَيُوَجَّهُ بِمَا قَالَهُ حَجّ مِنْ
أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ
الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَشْرُوعًا لِلتَّحْلِيلِ لَمْ يَصْلُحْ
لِلْأَمَانِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَصْلُحُ صَارِفًا. اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ الْتَفَتَ هُوَ إلَيْهِ) أَبْرَزَ الضَّمِيرَ
لِأَنَّ الصِّلَةَ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ شَوْبَرِيٌّ وَلَمْ
يُبْرِزْ الْمَتْنُ مَعَ كَوْنِ الْإِبْرَازِ وَاجِبًا لِأَنَّهُ لَا
يَجِبُ فِي الْفِعْلِ بِاتِّفَاقٍ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي
الْوَصْفِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف فِي حَاشِيَةِ الْأُشْمُونِيِّ
وَقَالَ يَاسِينُ: عَلَى الْفَاكِهِيِّ الْخِلَافُ فِي الْفِعْلِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَمُؤْمِنِي إنْسٍ) وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ مُصَلِّينَ وَلَوْ
بَعُدُوا جِدًّا أَيْ: إلَى آخِرِ الدُّنْيَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:
وَبِمَرَّةٍ الْيَسَارَ إلَخْ) وَقَدْ يَحْرُمُ السَّلَامُ الثَّانِي
عِنْدَ عُرُوضِ مَانِعٍ عَقِبَ الْأُولَى كَحَدَثٍ وَخُرُوجِ وَقْتِ
جُمُعَةٍ وَخَرْقِ خُفٍّ وَانْكِشَافِ عَوْرَةٍ وَسُقُوطِ نَجَاسَةٍ غَيْرِ
مَعْفُوٍّ عَنْهَا عَلَيْهِ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ
الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا وَمُكْمِلَاتِهَا شَرْحُ م ر
أَقُولُ وَجْهُ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ صَارَ إلَى
حَالَةٍ لَا تُقْبَلُ فِيهَا هَذِهِ الصَّلَاةُ فَلَا تُقْبَلُ
تَوَابِعُهَا ع ش لَكِنْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ خَلْفَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِمَّنْ
ذُكِرَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَالْأُولَى أَوْلَى) لِأَنَّهَا رُكْنٌ.
. (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي مَأْمُومٌ) أَيْ: نَدْبًا وَهَذَا حِلٌّ مَعْنًى
لِأَنَّ مَأْمُومٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي نَاوِيًا
وَغَيْرُ الْمَأْمُومِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَوْ لَا وَعَدَمُ
الْوُجُوبِ أَوْجَهُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَإِنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ لِأَنَّ
الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُتَأَهِّلٍ لِلْخِطَابِ فَيُصْرَفُ لِلتَّحْلِيلِ
دُونَ الْأَمَانِ الْمَقْصُودِ مِنْ السَّلَامِ الْوَاجِبِ رَدُّهُ كَمَا
أَفَادَهُ ع ش وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: الرَّدِّ) أَيْ: مَعَ الِابْتِدَاءِ
عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ لَقِيَهُ
شَخْصَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا قَاصِدًا
بِهِ الِابْتِدَاءَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ
سَلَّمَ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَيَنْوِيَهُ) أَيْ: الرَّدَّ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْمُسَلِّمِ
مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ تَأَخَّرَ
تَسْلِيمُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِ الْمُسَلِّمِ
الْأُولَى إذْ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَنْ هُوَ عَلَى
يَمِينِهِ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الرَّدُّ أَيْ:
وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ فَالتَّسْلِيمَةُ تَكُونُ
لِلِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ ح ل وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مُصَلٍّ
يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَالرَّدُّ عَلَى
مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مَعَ الِابْتِدَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ
عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأَوْلَى) وَاسْتُشْكِلَ
مَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يُسَلِّمُ
عَلَيْهِمْ بِالثَّانِيَةِ فَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّلَامِ
عَلَيْهِ؟ وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ
الْأَوْلَى لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُؤَخِّرَ تَسْلِيمَهُ إلَى فَرَاغِ
الْإِمَامِ ز ي.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ خَلْفَهُ إلَخْ) بِأَنْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَلَى
سَلَامِ مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَيِّهِمَا شَاءَ) أَيْ:
إذَا تَأَخَّرَ سَلَامُ مَنْ خَلْفَهُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ
كَسَابِقِهِ وَالْأُولَى أَوْلَى اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ:
أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) اُنْظُرْ وَجْهَ إتْيَانِهِ بِالْمَعْدُودِ هُنَا
دُونَ مَا قَبْلَهُ وَلَعَلَّهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِوَاءِ الْأَرْبَعِ
رَكَعَاتٍ فِي عَدَمِ التَّأْكِيدِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَيْنَهُنَّ)
أَيْ: الْأَرْبَعِ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَلَائِكَةِ
الْمُقَرَّبِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ الْحَفَظَةِ وَلَا مَانِعَ
مِنْهُ، وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُقَرَّبِينَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ
مُقَرَّبُونَ بِالنِّسْبَةِ لِنَوْعِ الْبَشَرِ لِعِصْمَةِ جَمِيعِهِمْ
مِنْ الْمَعَاصِي فَهِيَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: مَعَهُمْ) أَيْ: الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَحِينَئِذٍ
فَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ مَنْ مَاتَ وَالْمُرَادُ أَرْوَاحُهُمْ
وَلَعَلَّ سَيِّدَنَا عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَرَّمَ
اللَّهُ وَجْهَهُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَنَا أُسَلِّمُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَوْ
صَرَّحَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَلَامِهِ
فَالْمُرَادُ
(1/224)
وَخَبَرُ سَمُرَةَ «أَمَرَنَا رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَرُدَّ عَلَى
الْإِمَامِ وَأَنْ نَتَحَابَّ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ»
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ كَمَا فِي
التَّحْقِيقِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ
تَسْلِيمَتَيْهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَعَ ذِكْرِ سَلَامِ
الْإِمَامِ عَلَى غَيْرِ الْمُقْتَدِينَ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ
وَسَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى مَنْ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَمَعَ ذِكْرِ رَدِّ
الْمَأْمُومِ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَسُنَّ نِيَّةُ خُرُوجٍ) مِنْ الصَّلَاةِ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى
خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالسُّنِّيَّةِ
مِنْ زِيَادَتِي.
. (وَ) ثَالِثَ عَشَرَهَا. (تَرْتِيبٌ) بَيْنَ الْأَرْكَانِ
الْمُتَقَدِّمَةِ. (كَمَا ذُكِرَ) فِي عَدِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ
النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ وَجَعْلِهِمَا مَعَ الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ
وَجَعْلِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالسَّلَامِ فِي الْقُعُودِ فَالتَّرْتِيبُ مُرَادٌ
فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ كَمَا مَرَّ
وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ صَحِيحٌ وَبِمَعْنَى
الْأَجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ الِاتِّبَاعُ مَعَ
خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْمُسْلِمِينَ مَنْ مَاتَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ
الْأَحْيَاءَ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَيَكُونُ
الْمُسْلِمُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ مُتَغَايِرِينَ. وَقِيلَ مُتَرَادِفَانِ
وَيَكُونُ الْمُؤْمِنِينَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ
بِهِمْ الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ
أَنَّهُمْ فِي جِهَتِهِمْ وَهُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ سَمُرَةَ) أَتَى بِهِ لِأَنَّهُ عَامٌّ لِلْفَرْضِ
وَالنَّفَلِ وَالْأَوَّلُ خَاصٌّ بِالنَّفْلِ وَأَيْضًا فِيهِ الرَّدُّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ نَتَحَابَّ) أَيْ: نَفْعَلَ مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ
فَلَا يُقَالُ الْمَحَبَّةُ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ وَلَا اخْتِيَارَ فِيهَا
وَقَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى
الْأَعَمِّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ مِنْ أَسْبَابِ التَّوَدُّدِ
وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُصَلِّينَ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْإِمَامِ
وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ
تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ عَلَى بَعْضٍ حَاصِلٌ مِنْ التَّعْمِيمِ
وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُ لِلْمُصَلِّينَ وَغَيْرِهِمْ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِي عَنْ
يَسَارِهِ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى وَيَنْدَفِعُ مَا قَدْ
يُقَالُ: كَيْفَ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى، وَالْمَأْمُومُ
إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ؟
فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَأْمُومُ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ السُّنَّةَ
بَلْ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ نَوَى
بِالْأُولَى السَّلَامَ عَلَى الْإِمَامِ وَيَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ
بِالثَّانِيَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُؤْمِنِينَ إلَخْ)
إنَّمَا حَذَفَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ
السَّلَامِ إذْ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُشْرَعُ لَهُمْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى) .
(فَرْعٌ) لَوْ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ أَتَى
بِالْأُولَى وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَمْ يُحْسَبْ وَيُسَلِّمُ
التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ
حُسْبَانَ جُلُوسِهِ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْ التَّسْلِيمَةَ
الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ نَفْسِهَا وَلِهَذَا
لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ جِلْسَةِ
الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَامِلَةٌ لَهَا شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَثَالِثَ عَشَرَهَا) قَالَ الدَّمَامِينِيُّ: فِي مِثْلِهِ
فِي عِبَارَةِ الْمُغْنِي هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مُرَكَّبٌ
مَعَ عَشَرَ وَكَذَا الرَّابِعَ عَشَرَ وَنَحْوُهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ
الضَّمُّ عَلَى الْإِعْرَابِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: تَرْتِيبٌ بَيْنَ الْأَرْكَانِ) وَأَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَ
الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ وَبَيْنَ السُّنَنِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ
كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَبَيْنَ
دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فَلَيْسَ رُكْنًا، وَإِنَّمَا هُوَ
شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ فَإِذَا قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ
فِي تَقْدِيمِ السُّنَّةِ عَلَى الْفَرْضِ كَتَقْدِيمِ السُّورَةِ عَلَى
الْفَاتِحَةِ وَفَاتَ الْمُتَأَخِّرُ فِي تَقْدِيمِ السُّنَّةِ عَلَى
السُّنَّةِ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ
النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ) وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ مَقْرُونًا بِهِ
النِّيَّةُ وَقَوْلُهُ: وَجَعْلِ التَّشَهُّدِ إلَخْ أَشَارَ لَهُ
بِقَوْلِهِ وَقُعُودٌ لَهُمَا وَلِلسَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: فَالتَّرْتِيبُ مُرَادٌ إلَخْ) قَالَ م ر: بَعْدَمَا ذَكَرَ
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ
وَالْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ تَرْتِيبٌ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ
الِابْتِدَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ
تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ
وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ. وَأُجِيبُ عَنْ الشَّارِحِ
بِأَنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَتَقْدِيمَ
الْقِيَامِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسَ عَلَى
التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ
الْمَاهِيَّةِ قَالَ ح ل: وَلَكَ أَنْ تَمْنَعَ وُجُوبَ تَقْدِيمِ
الْقِيَامِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَكَذَا الْجُلُوسُ بَلْ يَكْفِي مُقَارَنَةُ
التَّكْبِيرِ لِلنِّيَّةِ وَالتَّشَهُّدُ لِلْجُلُوسِ، وَكَذَا
اسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ إذْ يَكْفِي مُقَارَنَتُهَا حَرِّرْ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْفُرُوضِ) حَالٌ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَكَذَا
قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْأَجْزَاءِ.
(قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ
وَقَوْلُهُ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ: غَلَّبَ مَا هُوَ جُزْءٌ عَلَى مَا
لَيْسَ بِجُزْءٍ وَأَطْلَقَ عَلَى الْكُلِّ أَجْزَاءً. اهـ. ز ي،
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: صَحِيحٌ أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ
وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الصِّحَّةِ ثَابِتٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا
بِمَعْنَى الْأَجْزَاءِ تَأَمَّلْ قَالَ ح ل: قَوْلُهُ: فِيهِ تَغْلِيبٌ
لِأَنَّ الرُّكْنَ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ
(1/225)
(فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ بِ) تَقْدِيمِ
رُكْنٍ. (فِعْلِيٍّ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ سَجَدَ قَبْلَ
رُكُوعِهِ. (أَوْ سَلَامٍ) مِنْ زِيَادَتِي كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَ
قِرَاءَتِهِ أَوْ سَجَدَ أَوْ سَلَّمَ قَبْلَ رُكُوعِهِ. (بَطَلَتْ)
صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ بِخِلَافِ تَقْدِيمٍ قَوْلِيٍّ غَيْرِ سَلَامٍ
كَأَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَبْلَ التَّشَهُّدِ أَوْ تَشَهَّدَ قَبْلَ السُّجُودِ فَيُعِيدُ مَا
قَدَّمَهُ. (أَوْ سَهَا فَمَا) فَعَلَهُ. (بَعْدَ مَتْرُوكِهِ لَغْوٌ)
لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. (فَإِنْ تَذَكَّرَ) مَتْرُوكَهُ.
(قَبْلَ فِعْلِ مِثْلِهِ فَعَلَهُ، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ
يَتَذَكَّرْهُ حَتَّى فَعَلَ مِثْلَهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى. (أَجْزَأَهُ)
عَنْ مَتْرُوكِهِ. (وَتَدَارَكَ الْبَاقِيَ) مِنْ صَلَاتِهِ نَعَمْ إنْ
لَمْ يَكُنْ الْمِثْلُ مِنْ الصَّلَاةِ كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ لَمْ
يُجْزِهِ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ الْفِعْلُ الظَّاهِرُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِعْلًا أَيْ: جَعْلُ
هَذَا بَعْدَ هَذَا لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ
كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْجُزْءَ الْحَقِيقِيَّ
الْفِعْلُ الظَّاهِرُ بَلْ الْأَعَمُّ أَوْ لَيْسَ الْمُرَادُ
بِالتَّرْتِيبِ الْفِعْلَ بَلْ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ
كَوْنُ هَذَا بَعْدَ هَذَا، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ هَيْئَةٌ لَا جُزْءٌ
وَالْجُزْءُ الْحَقِيقِيُّ مَا كَانَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا عَلَى أَنَّ بَعْضَ
الْمَشَايِخِ وَهُوَ سم قَالَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ تَكُونَ
الصَّلَاةُ شَرْعًا وَعِبَارَةً عَنْ مَجْمُوعِ الْأَقْوَالِ
وَالْأَفْعَالِ وَهَيْئَتِهَا الْوَاقِعَةِ هِيَ عَلَيْهَا وَهِيَ
التَّرْتِيبُ وَهُوَ جُزْءٌ حَقِيقِيٌّ فَلَا تَغْلِيبَ لِأَنَّ صُورَةَ
الْمُرَكَّبِ جُزْءٌ مِنْهُ اهـ وَقَدْ يُقَالُ الْمَانِعُ: إطْبَاقُهُمْ
فِي تَعْرِيفِ الصَّلَاةِ عَلَى اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْأَقْوَالِ
وَالْأَفْعَالِ وَلَمْ يَزِدْ أَحَدٌ الْهَيْئَةَ وَيُجَابُ بِأَنَّ
الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ فِي التَّعْرِيفِ الْأَعَمُّ
مِنْ الْمَادِّيَّةِ وَالصُّورِيَّةِ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
. (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيمِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ: وَلَوْ عَلَى قَوْلِيٍّ
فَحُذِفَ الْمُتَعَلِّقُ إيذَانًا بِالْعُمُومِ شَوْبَرِيٌّ. وَحَاصِلُهُ
أَنَّ الْمُصَلِّيَ إمَّا أَنْ يُقَدِّمَ فِعْلِيًّا عَلَى فِعْلِيٍّ أَوْ
عَلَى قَوْلِيٍّ أَوْ قَوْلِيًّا عَلَى قَوْلِيٍّ أَوْ عَلَى فِعْلِيٍّ
وَالْأَوَّلَانِ مُبْطِلَانِ لِأَنَّهُمَا يَخْرِمَانِ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ
بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ إذَا كَانَ الْقَوْلِيُّ الْمُتَقَدِّمُ غَيْرَ
السَّلَامِ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْرِمَانِ هَيْئَتَهَا وَقَالَ ق ل عَلَى
الْجَلَالِ: قَوْلُهُ: رُكْنٌ فِعْلِيٌّ أَيْ: عَلَى فِعْلِيٍّ وَلَا
حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ أَوْ عَلَى قَوْلِيٍّ لِيَدْخُلَ تَقْدِيمُ
الرُّكُوعِ عَلَى الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ
تَقْدِيمُهُ عَلَى الْقِيَامِ الَّذِي هُوَ فِعْلِيٌّ وَلِذَا قَالَ
بَعْضُهُمْ: لَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ فِعْلِيٍّ عَلَى قَوْلِيٍّ مَحْضٍ
اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ صَلَّى إلَخْ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إذْ لَيْسَ
لِتَقْدِيمِ الْقَوْلِيِّ غَيْرِ السَّلَامِ عَلَى قَوْلِيٍّ آخَرَ غَيْرُ
هَذِهِ الصُّورَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ فِعْلِ
مِثْلِهِ) هَذَا أَصْلٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ إلَخْ
أَصْلٌ ثَانٍ وَقَدْ فَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ تَفْرِيعَيْنِ وَهُمَا
قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ
تَشَهَّدَ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِهِ ثَانِيَةً تَرَكَ سَجْدَةً
إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا تَفْرِيعَيْنِ
وَهُمَا قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ لَزِمَهُ رَكْعَةٌ
وَقَوْلُهُ أَوْ فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ
شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَعَلَهُ) أَيْ: بَعْدَ تَذَكُّرِهِ فَوْرًا
وُجُوبًا فَإِنْ تَأَخَّرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالتَّذَكُّرُ فِي
كَلَامِهِ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فَلَوْ شَكَّ أَيْ: الْإِمَامُ
وَالْمُنْفَرِدُ فِي رُكُوعِهِ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ؟ أَوْ فِي
سُجُودِهِ هَلْ رَكَعَ؟ لَزِمَهُ الْقِيَامُ حَالًا فَإِنْ مَكَثَ قَلِيلًا
لِيَتَذَكَّرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْمَأْمُومُ يُتَابِعُ إمَامَهُ
وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ م ر ع ش وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ:
فَعَلَهُ أَيْ: وُجُوبًا فَوْرًا فَإِنْ تَأَخَّرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
فَلَوْ تَذَكَّرَ فِي سُجُودِهِ تَرْكَ الرُّكُوعِ فَعَلَهُ بِأَنْ يَعُودَ
لِلْقِيَامِ وَيَرْكَعَ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ رَاكِعًا لِأَنَّهُ
صَرَفَ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالْجُلُوسِ
لِلْقِيَامِ فِيمَا لَوْ صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ وَفَرَّقَ حَجّ بِمَا قَدْ
يَتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ
وَفَرَّقَ الشَّوْبَرِيُّ بِأَنَّ صُورَةَ هُوِيِّ السُّجُودِ غَيْرُ
صُورَةِ هُوِيِّ الرُّكُوعِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ: وَبِهَذَا
فَارَقَ مَا لَوْ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ عَلَى ظَنِّ
الْأَوَّلِ أَوْ جَلَسَ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ
الِاسْتِرَاحَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى) فِيهِ أَنَّهُ
يَخْرُجُ مَا لَوْ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى بِأَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ
ثُمَّ تَذَكَّرَ ذَلِكَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا تَقُومُ
مَقَامَ الْأُولَى وَقَدْ فَعَلَ مِثْلَهُ فِي رَكْعَتِهِ تَأَمَّلْ
شَوْبَرِيٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى لَيْسَ
قَيْدًا. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَاحَظَ كَوْنَهُ مِنْ
الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا ح ل وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ
قَوْلُهُ: حَتَّى فَعَلَ مِثْلَهُ وَإِنْ أَتَى بِالْمِثْلِ بِقَصْدِ
الْمُتَابَعَةِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَصَلَّى رَكْعَةً
وَنَسِيَ مِنْهَا سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ مُصَلِّيًا فِي السُّجُودِ
أَوْ الِاعْتِدَالِ فَاقْتَدَى بِهِ وَسَجَدَ مَعَهُ لِلْمُتَابَعَةِ
فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَتَكْمُلُ بِهِ رَكْعَتُهُ.
(قَوْلُهُ: كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ) وَلَوْ لِقِرَاءَةِ آيَةٍ بَدَلًا عَنْ
الْفَاتِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَجّ سم ع ش عَلَى
م ر وَعِبَارَتُهُ هُنَا كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ أَيْ: أَوْ سُجُودِ سَهْوٍ
بِأَنْ اسْتَمَرَّتْ غَفْلَتُهُ حَتَّى سَجَدَ لِسَهْوٍ صَدَرَ مِنْهُ
يَقْتَضِي السُّجُودَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ
السَّجَدَاتِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) لِعَدَمِ شُمُولِ نِيَّتِهِ
لَهُ قَالَ شَيْخُنَا: مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ حَالَ
سُجُودِهِ لِلتِّلَاوَةِ تَرْكَ سَجْدَةٍ وَقَصَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي
تَرَكَهَا وَإِلَّا فَيَكْفِي سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا أَوْ مَأْمُومًا
لِأَنَّهُ قَصَدَهَا عَمَّا عَلَيْهِ حَالَ سُجُودِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا:
يَكْفِي إنْ تَذَكَّرَ حَالَ هُوِيِّهِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَأَمَّا
إذَا تَذَكَّرَ حَالَ سُجُودِهِ فَلَا يَكْفِي لِأَنَّهُ صَرَفَ الْهُوِيَّ
لِلتِّلَاوَةِ فَلَا
(1/226)
(فَلَوْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) أَوْ
بَعْدَ سَلَامِهِ، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ. (تَرْكَ سَجْدَةِ مِنْ)
رَكْعَةٍ. (آخِرَةٍ سَجَدَ ثُمَّ تَشَهَّدَ) لِوُقُوعِ تَشَهُّدِهِ قَبْلَ
مَحَلِّهِ.
(أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ) فِي أَنَّهَا مِنْ آخِرَةٍ أَوْ مِنْ
غَيْرِهَا. (لَزِمَهُ رَكْعَةٌ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النَّاقِصَةَ كَمُلَتْ
بِسَجْدَةٍ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا وَلَغَا بَاقِيهَا فِي الْأُولَى
وَأَخْذًا بِالْأَحْوَطِ فِي الثَّانِيَةِ. . (أَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِ
ثَانِيَةٍ) مَثَلًا. (تَرْكَ سَجْدَةٍ) مِنْ الْأُولَى. (فَإِنْ كَانَ
جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ) الَّتِي فَعَلَهَا، وَلَوْ بِنِيَّةِ جُلُوسِ
اسْتِرَاحَةٍ. (سَجَدَ) مِنْ قِيَامِهِ اكْتِفَاءً بِجُلُوسِهِ. (وَإِلَّا)
أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ. (فَلْيَجْلِسْ
مُطْمَئِنًّا) لِيَأْتِيَ بِالرُّكْنِ بِهَيْئَتِهِ. (ثُمَّ يَسْجُدَ أَوْ)
عَلِمَ. (فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ تَرْكَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ جَهِلَ
مَحَلَّهَا) أَيْ: الْخَمْسَ فِيهِمَا. (وَجَبَ رَكْعَتَانِ) أَخْذًا
بِالْأَسْوَإِ وَهُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ
الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ فَيُجْبَرَانِ
بِالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهُمَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ
الثَّانِيَةِ تَرَكَ ذَلِكَ وَسَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى. (أَوْ
أَرْبَعٌ) جَهِلَ مَحَلَّهَا. (فَسَجْدَةٌ) تَجِبُ. (ثُمَّ رَكْعَتَانِ)
لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَكْفِي عَنْ الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ بِرْمَاوِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلِمَ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ أَوْ الْإِمَامُ أَوْ
الْمَأْمُومُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) عُرْفًا
وَلَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا
وَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ ز ي وَح ل. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَشَهَّدَ)
أَيْ: وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا أَمَّا هُوَ
فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَهْوَهُ مَحْمُولٌ عَلَى إمَامِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهَا مِنْ آخِرَةٍ) أَيْ: فَالشَّكُّ هُنَا
فِي مَحَلِّ الْمَتْرُوكِ مَعَ الْعِلْمِ بِنَفْسِ التَّرْكِ فَلَا يُغْنِي
عَنْهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَكَالْعِلْمِ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ
الشَّكُّ فِيهِ أَيْ: فِي أَصْلِ التَّرْكِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَحْوَطِ فِي
الثَّانِيَةِ) وَهِيَ الشَّكُّ لِأَنَّ الْأَحْوَطَ جَعَلَهَا مِنْ غَيْرِ
الْأَخِيرَةِ.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قِيَامٌ فَيَشْمَلُ الْجُلُوسَ
الْقَائِمَ مَقَامَ الْقِيَامِ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي مِنْ جُلُوسٍ
وَرَاجِعٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ ثَانِيَةٍ أَيْ: أَوْ فِي قِيَامِ ثَالِثَةٍ
تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ رَابِعَةٍ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ
الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ: جَلَسَ) أَيْ: جُلُوسًا مُعْتَدًّا بِهِ بِأَنْ
اطْمَأَنَّ. اهـ. ع ش وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَجَلَسَ بِقَصْدِ
الْقِيَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَالْقِيَاسُ أَنَّ هَذَا الْجُلُوسَ
يُجْزِئُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنِيَّةِ جُلُوسِ
اسْتِرَاحَةٍ) فِيهِ أَنَّ الْجُلُوسَ إذَا كَانَ بِنِيَّةِ جُلُوسِ
الِاسْتِرَاحَةِ كَيْفَ يَقُومُ مَقَامَ الْجُلُوسِ الْوَاجِبِ مَعَ
أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِالرُّكْنِ
غَيْرُهُ فَقَطْ وَهُنَا قُصِدَ الْغَيْرُ فَقَطْ وَهُوَ جُلُوسُ
الِاسْتِرَاحَةِ؟ . وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ فِي غَيْرِ
الْمَعْذُورِ وَنَظِيرِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ
الْأَخِيرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ لِأَنَّهُ
مَعْذُورٌ فِي قَصْدِهِ وَقَدْ شَمِلَتْ مَا فَعَلَهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ
بِخِلَافِ مَنْ رَكَعَ أَوْ رَفَعَ فَزِعًا مِنْ شَيْءٍ أَوْ سَجَدَ
لِلتِّلَاوَةِ فَلَمْ تَشْمَلْهُ. (قَوْلُهُ: سَجَدَ مِنْ قِيَامِهِ) وَلَا
يَضُرُّ جُلُوسُهُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَعَدَ مِنْ اعْتِدَالِهِ قَدْرَ
قَعْدَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ سَجَدَ أَوْ قَعَدَ مِنْ سُجُودِ
التِّلَاوَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهَا
الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا مَعْهُودَةٌ فِيهَا غَيْرُ رُكْنٍ بِخِلَافِ
زِيَادَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا
فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي تَغْيِيرِ نَظْمِهَا أَشَدَّ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: رُبَاعِيَّةٍ) نِسْبَةٌ إلَى رُبَاعِ الْمَعْدُولِ عَنْ
أَرْبَعٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالرُّبَاعِيَّةِ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ
الْآتِيَةَ لَا تَأْتِي فِي غَيْرِهَا ز ي. (قَوْلُهُ: وَجَبَ رَكْعَتَانِ)
وَذَهَبَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي
الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ تَرْكُ ثَلَاثٍ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ
لَا رَكْعَتَانِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ
السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ مِنْ
الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةَ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَالْحَاصِلُ مِنْ
الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَهُوَ الثَّانِيَةُ مِنْ الْأُولَى لِقِيَامِهَا
مَقَامَ السَّجْدَةِ الْأُولَى رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً لِأَنَّ تَرْكَ
أُولَى الْأُولَى يُلْغِي جُلُوسَهَا لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَا يُعْتَدُّ
بِهِ إلَّا إذَا سَبَقَهُ سُجُودٌ وَحِينَئِذٍ يَلْغُو السُّجُودُ
الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا جُلُوسَ قَبْلَهُ
فَالثَّانِيَةُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إلَّا الْجُلُوسُ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ فَتَتِمُّ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ
الثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهَا.
وَالْحَاصِلُ مِنْ الرَّابِعَةِ سَجْدَةٌ فَلْيَسْجُدْ الثَّانِيَةَ ثُمَّ
يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ ح ل وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ وَعِبَارَةُ ز ي
وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْأَسْوَأَ لُزُومُهُمَا
مَعَ سَجْدَةٍ وَأَنَّ الْأَوَّلَ خَيَالٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْأَسْوَأَ
تَقْدِيرُ الْمَتْرُوكِ أُولَى الْأُولَى وَثَانِيَةُ الثَّانِيَةِ
وَوَاحِدَةٌ مِنْ الرَّابِعَةِ فَتَرْكُهُ أُولَى الْأُولَى يُلْغِي
الْجُلُوسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ سُجُودٌ فَيَبْقَى عَلَيْهِ مِنْهَا
الْجُلُوسُ وَالسَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ لِقِيَامِ الثَّانِيَةِ مَقَامَ
الْأُولَى وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَذَّرُ قِيَامُ أُولَى الثَّانِيَةِ مَقَامَ
ثَانِيَةِ الْأُولَى لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا جُلُوسَ قَبْلَهَا نَعَمْ
بَعْدَهَا جُلُوسُ التَّشَهُّدِ وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الْجُلُوسِ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَةٌ إلَّا
سَجْدَةً فَتَكْمُلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهَا
وَالرَّابِعَةُ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً فَيَسْجُدُهَا فَتَصِيرُ هِيَ
الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ
هُوَ الْخَيَالُ كَمَا بَيَّنَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَا
ذَكَرُوهُ خِلَافُ الْفَرْضِ لِحَصْرِهِمْ الْمَتْرُوكَ حِسًّا وَشَرْعًا
فِي ثَلَاثٍ وَهَذَا فِيهِ تَرْكٌ رَابِعٌ هُوَ الْجُلُوسُ.
(قَوْلُهُ: فَتُجْبَرَانِ إلَخْ) الْأُولَى بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ
وَتُجْبَرُ الثَّالِثَةُ بِسَجْدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ. (قَوْلُهُ:
رَكْعَةٍ أُخْرَى)
(1/227)
وَسَجْدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً
مِنْ الرَّابِعَةِ فَالْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً، إذْ
الْأُولَى تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةُ
وَالرَّابِعَةُ نَاقِصَةٌ سَجْدَةً فَيُتِمُّهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ.
(أَوْ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ) جَهِلَ مَحَلَّهَا. (فَثَلَاثٌ) أَيْ: ثَلَاثُ
رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي الْخَمْسِ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ
الْأُولَى وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ
فَتَتِمُّ الْأُولَى بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ
وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ
رَكَعَاتٍ.
(أَوْ سَبْعٍ) جَهِلَ مَحَلَّهَا. (فَسَجْدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ) أَيْ:
ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً وَفِي
ثَمَانِ سَجَدَاتٍ تَجِبُ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَيُتَصَوَّرُ
بِتَرْكِ طُمَأْنِينَةٍ أَوْ بِسُجُودٍ عَلَى عِمَامَةٍ وَكَالْعِلْمِ
بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ الشَّكُّ فِيهِ. . (وَلَا يُكْرَهُ) عَلَى
الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ. (تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ) مِنْهُ.
(ضَرَرًا) ، إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ فَإِنْ خَافَهُ كُرِهَ.
. (وَسُنَّ إدَامَةُ نَظَرِ مَحَلِّ سُجُودِهِ) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى
الْخُشُوعِ نَعَمْ يُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي التَّشَهُّدِ أَنْ
لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ. (وَخُشُوعٌ) وَهُوَ
حُضُورُ الْقَلْبِ وَسُكُونُ الْجَوَارِحِ لِآيَةِ {قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] . (وَتَدَبُّرُ قِرَاءَةٍ) أَيْ:
تَأَمُّلُهَا قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ
لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] . (وَ) تَدَبُّرُ. (ذِكْرٍ) قِيَاسًا
عَلَى الْقِرَاءَةِ. (وَدُخُولُ صَلَاتِهِ بِنَشَاطٍ) لِلذَّمِّ عَلَى
ضِدِّ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْأُولَى
تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ السَّجْدَةُ
الْبَاقِيَةُ مِنْهَا وَالثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهَا، وَكَتَبَ
أَيْضًا أَيْ: السَّجْدَةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةً
مِنْ سَجْدَتَيْ الثَّالِثَةِ. وَأَمَّا لَوْ جُعِلَ الْمَتْرُوكُ
وَاحِدَةً مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةً مِنْ
الثَّالِثَةِ لَزِمَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ وَذَهَبَ جَمْعٌ فِي هَذِهِ إلَى
وُجُوبِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ
السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ
وَالسَّجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ إذْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ الْأُولَى
وَالثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً كَمَا عَلِمْتَ فَتَتِمُّ
بِسَجْدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهَا ح ل وَسَيَأْتِي
جَوَابُهُ.
(قَوْلُهُ: فَثَلَاثٌ) وَذَهَبَ أُولَئِكَ الْجَمْعُ فِي الثَّانِيَةِ
وَهِيَ تَرْكُ السِّتِّ إلَى وُجُوبِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَةٍ
لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى
وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ
وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ مِنْ الْأُولَى
وَالثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً وَرُدَّ عَلَى أُولَئِكَ الْجَمْعِ
بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ خِلَافُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ
مَفْرُوضٌ فِيمَنْ عَلِمَ إتْيَانَهُ بِالْجِلْسَاتِ الْمَحْسُوبَةِ
الْمُعْتَدِّ بِهَا، وَإِنَّمَا تَرَكَ السُّجُودَ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ
أَسْوَأُ التَّقَادِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُهُمْ مَفْرُوضٌ
فِيمَنْ قَالَ: تَرَكْتُ السُّجُودَ دُونَ الْجُلُوسِ الْمُعْتَدِّ بِهِ
وَمَا ذَكَرَهُ أُولَئِكَ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَتَى بِالْجِلْسَاتِ
الْمُعْتَدِّ بِهَا أَوْ لَا؟ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ) لَمْ
يَقُلْ جَهِلَ مَحَلَّهَا لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ وَفِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ
الْجَهْلُ فِيهَا أَيْضًا كَأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَهُوَ فِي
الِاعْتِدَالِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ سَجْدَتَيْنِ وَلَا تُحْسَبَانِ
لَهُ فَيُمْكِنُ أَنْ تَنْبَهِمَ الثَّمَانِيَةُ فِي الْعَشَرَةِ
وَيُجْهَلَ مَحَلُّهَا شَيْخُنَا وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ الْجَهْلُ إذَا
سَجَدَ لِلسَّهْوِ.
(قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) نَبَّهَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ خَفِيًّا وَقَالَ ق
ل: دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ
يُتَصَوَّرْ الشَّكُّ أَوْ الْجَهْلُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:
وَكَالْعِلْمِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِأَوَّلِ التَّفَارِيعِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فَلَوْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ
عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ النَّوَوِيِّ ح ل فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قِيلَ يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَعِنْدِي لَا
يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا اهـ قَالَ ع ش: أَيْ: وَلَكِنَّهُ
خِلَافُ الْأَوْلَى. اهـ. وَقَالَ ق ل: إنَّهُ مُبَاحٌ وَيُؤَيِّدُ كَلَامَ
ع ش قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ إدَامَةُ نَظَرٍ إلَخْ، وَقَدْ يَجِبُ
إذَا كَانَ الْعَرَايَا أَمَامَهُ صُفُوفًا وَقَدْ يُسَنُّ كَأَنْ صَلَّى
لِحَائِطٍ مُزَوَّقٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُشَوِّشُ فِكْرَهُ شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ إدَامَةُ إلَخْ) قَدَّمَ هَذَا فِي الْمِنْهَاجِ
عَلَى كَرَاهَةِ التَّغْمِيضِ وَمَا هُنَا أَنْسَبُ لِأَنَّهُ بَيَّنَ بِهِ
نَفْيَ الْكَرَاهَةِ الَّتِي قِيلَ بِهَا فَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ
مُبَاحًا فَتَرْقَى إلَى مَا يُفِيدُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَأَنَّ
السُّنَّةَ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ ع ش وَلَوْ كَانَ أَعْمَى
أَوْ فِي ظُلْمَةٍ سُنَّ أَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ حَالَةَ النَّاظِرِ
لِمَحَلِّ سُجُودِهِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ فِي مَحَلِّ سُجُودِهِ
صُوَرٌ تُلْهِي فَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ: نَظَرَ مَحَلَّ
سُجُودِهِ) بِالْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا شَوْبَرِيٌّ أَيْ: مِنْ ابْتِدَاءِ
التَّحَرُّمِ إلَى آخِرِ صَلَاتِهِ ش ع وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي
الْكَعْبَةِ أَوْ خَلْفَ نَبِيٍّ أَوْ عَلَى جِنَازَةٍ خِلَافًا لِمَنْ
قَالَ: إنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ يَنْظُرُ لِلْكَعْبَةِ وَلِلنَّبِيِّ
وَلِلْجِنَازَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ) أَيْ: مِنْ
حَيْثُ جَمْعُ النَّظَرِ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ
أَشْرَفُ وَأَسْهَلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَسُنَّ أَيْضًا لِمَنْ فِي صَلَاةِ
الْخَوْفِ وَالْعَدُوُّ أَمَامَهُ نَظَرُهُ إلَى جِهَتِهِ لِئَلَّا
يَبْغَتَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إشَارَتَهُ) أَيْ: مَحَلَّ إشَارَتِهِ
أَيْ: مَا دَامَتْ مُرْتَفِعَةً وَإِلَّا نُدِبَ نَظَرُ مَحَلِّ السُّجُودِ
شَرْحُ م ر فَلَوْ قُطِعَتْ نَظَرَ مَحَلَّ سُجُودِهِ لَا مَحَلَّ
قَطْعِهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُضُورُ الْقَلْبِ) بِأَنْ لَا
يَحْضُرَ فِيهِ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَسُكُونُ الْجَوَارِحِ
بِأَنْ لَا يَعْبَثَ بِهَا؛ فَالْخُشُوعُ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ
الْأَمْرَيْنِ، وَقِيلَ خَاصٌّ بِالْقَلْبِ وَقِيلَ بِالْجَوَارِحِ وَهَذَا
الثَّالِثُ وَاضِحٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَفَرَاغُ قَلْبٍ ح ل وَعِبَارَةُ
حَجّ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا أَيْ: الثَّالِثَ مُرَادُهُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ
وَفَرَاغُ قَلْبٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ سَبَبًا لَهُ وَلِهَذَا
خَصَّهُ بِحَالَةِ الدُّخُولِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ «مَنْ خَشَعَ فِي
صَلَاتِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ
وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» شَرْحٌ م ر وَق ل.
(قَوْلُهُ: أَيْ: تَأَمَّلَهَا) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ
بِالتَّأَمُّلِ إدْرَاكُ مَعْنَاهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَمِنْ الْوَجْهِ
الْكَافِي أَنْ يَتَصَوَّرَ أَنَّ فِي التَّسْبِيحِ
(1/228)
قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى
الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] . (وَفَرَاغُ قَلْبٍ) مِنْ
الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ. (وَقَبْضٌ) فِي قِيَامٍ
أَوْ بَدَلِهِ. (بِيَمِينٍ كُوعَ يَسَارٍ) وَبَعْضَ سَاعِدِهَا
وَرُسْغَهَا. (تَحْتَ صَدْرِهِ) فَوْقَ سُرَّتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَى
بَعْضَهُ مُسْلِمٌ وَبَعْضَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَاقِيَ أَبُو دَاوُد
وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ الْيَمِينِ فِي عَرْضِ
الْمَفْصِلِ وَبَيْنَ نَشْرِهَا صَوْبَ السَّاعِدِ، وَالْقَصْدُ مِنْ
الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ تَسْكِينُ الْيَدَيْنِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا،
وَلَمْ يَعْبَثْ فَلَا بَأْسَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْكُوعُ
وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ
وَالرُّسْغُ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ. (وَذِكْرٌ
وَدُعَاءٌ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي. (بَعْدَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ «كَانَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْهَا
قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ
وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا
مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ
ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَقَالَ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ
ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ
اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ
إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِمَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَثَنَاءً عَلَيْهِ فَلَا
يُثَابُ عَلَى الذِّكْرِ إلَّا إنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ إجْمَالًا
بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ
مُتَعَبَّدٌ بِتِلَاوَتِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ {قَامُوا
كُسَالَى} [النساء: 142] الْكَسَلُ الْفُتُورُ عَنْ الشَّيْءِ
وَالْتَوَانِي وَهُوَ ضِدُّ النَّشَاطِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَفَرَاغُ
قَلْبٍ) قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ
وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى نَشَاطٍ
لِيَكُونَ سَبَبًا لِلْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ مِنْ
الشَّوَاغِلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُنْيَوِيَّةً وَفِي كَلَامِ ابْنِ
الرِّفْعَةِ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفَكُّرِ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ ح ل وَفِي
شَرْحِ م ر أَنَّ التَّفَكُّرَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا
مَكْرُوهٌ حَتَّى فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ كَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِنْ
قُرِئَ بِالرَّفْعِ أَفَادَ طَلَبَ فَرَاغِ الْقَلْبِ فِي دَوَامِ
صَلَاتِهِ وَلَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ حُضُورُ الْقَلْبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي
تَفْسِيرِ الْخُشُوعِ وَقَوْلُهُ وَقَبَضَ بِيَمِينٍ كُوعَ يَسَارٍ
وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهَا تَحْتَ صَدْرِهِ أَنْ يَكُونَا فَوْقَ
أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ مِمَّا
يَلِي الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى
شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَرُسْغَهَا)
بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى كُوعَ وَبِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ
وَقَوْلُهُ: تَحْتَ صَدْرِهِ حَالٌ مِنْ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ،
وَالْحِكْمَةُ إرْشَادُ الْمُصَلِّي إلَى حِفْظِ قَلْبِهِ عَنْ
الْخَوَاطِرِ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ كَذَلِكَ يُحَاذِيهِ وَالْعَادَةُ
أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ بِشَيْءٍ أَمْسَكَهُ بِيَدِهِ م ر وحج اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) مُعْتَمَدٌ أَيْ: لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ
وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ مَا تَقَدَّمَ ع ش.
(قَوْلُهُ: الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ) أَيْ: يَلِي أَصْلَ
الْإِبْهَامِ. (قَوْلُهُ: الْمَفْصِلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ
الصَّادِ وَأَمَّا الْعَكْسُ فَهُوَ اسْمُ اللِّسَانِ ع ش وَيُسَمَّى أَيْ:
الْمَفْصِلُ الْمَذْكُورُ بِالزَّنْدِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَالزَّنْدُ:
مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعُ
وَالْكُرْسُوعُ. وَأَمَّا الْبُوعُ فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي
إبْهَامَ الرِّجْلِ م ر. وَأَمَّا الْكُرْسُوعُ فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي
يَلِي خِنْصِرَ الْيَدِ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصِرِهِ
الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطْ
وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ
وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطْ
أَيْ: فَخُذْ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْعِلْمِ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ.
اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَفْهَمَ قَوْلَهُ بَعْدَهَا وَلَمْ
يَقُلْ عَقِبَهَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلَ بِالرَّاتِبَةِ وَهُوَ
كَذَلِكَ وَتَرَدَّدَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر وَاسْتَقْرَبَ الضَّرَرَ لِطُولِ
الْفَصْلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْجَمْعِ
فَيُؤَخِّرُ ذِكْرَ الْأُولَى إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الثَّانِيَةِ
وَأَكْمَلُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ
شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: إذَا سَلَّمَ مِنْهَا قَالَ: إلَخْ) ظَاهِرُهُ
أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ مُرَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ
الْخَمْسِ وَفِي سم عَلَى حَجّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- إذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَاسْتَدَلَّ
فِي الْخَادِمِ بِخَبَرِ «مَنْ قَالَ: فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ
ثَانٍ رِجْلَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» إلَخْ
ثُمَّ قَالَ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ لِوُرُودِ
ذَلِكَ فِيهِمَا اهـ وَفِي مَتْنِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ «إذَا
صَلَّيْتُمْ صَلَاةَ الْفَرْضِ فَقُولُوا عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرَ
مَرَّاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ إلَخْ قَالَ: يُكْتَبُ لَهُ
مِنْ الْأَجْرِ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً» وَأَقَرَّهُ الْمُنَاوِيُّ
وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّسْبِيحَاتِ لِحَثِّ
الشَّارِعِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ ع ش.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» بِفَتْحِ الْجِيمِ
فِيهِمَا أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي
شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ مِنْكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَدِّ وَالْمُرَادُ
الْجَدُّ الدُّنْيَوِيُّ لِأَنَّ الْأُخْرَوِيَّ نَافِعٌ وَقَالَ
الْعَلَّامَةُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْكَ مُتَعَلِّقٌ بِيَنْفَعُ لَا
حَالٌ مِنْ الْجَدِّ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ نَافِعٌ وَضَمَّنَ يَنْفَعُ
مَعْنَى يَمْنَعُ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى لَا
يَمْنَعُهُ مِنْك حَظٌّ دُنْيَوِيًّا كَانَ أَوْ أُخْرَوِيًّا وَهُوَ
حَسَنٌ دَقِيقٌ شَرْحُ الْأَعْلَامِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: دُبُرَ كُلِّ
صَلَاةٍ) مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ يُقَالُ
عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ
الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ
مُعْرِضًا أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُتَشَاغِلًا بِمَا وَرَدَ أَيْضًا
بَعْدَ الصَّلَاةِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ فَلَا يَضُرُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ
كُلِّ صَلَاةٍ يَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالنَّفَلَ لَكِنْ حَمَلَهُ أَكْثَرُ
الْعُلَمَاءِ عَلَى الْفَرْضِ بِدَلِيلِ التَّقْيِيدِ بِهِ فِي حَدِيثٍ
آخَرَ. اهـ. ز ي بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) الَّذِي
اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا حُصُولُ
(1/229)
لَا شَرِيكَ لَهُ إلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ
غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»
«وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْصَرَفَ مِنْ
صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ
السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ
«وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ
الدُّعَاءِ أَسْمَعُ أَيْ: أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؟ قَالَ جَوْفَ
اللَّيْلِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا سِرًّا لَكِنْ يَجْهَرُ بِهِمَا إمَامٌ يُرِيدُ
تَعْلِيمَ مَأْمُومِينَ فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرَّ.
. (وَانْتِقَالٌ لِصَلَاةٍ مِنْ مَحَلِّ أُخْرَى) تَكْثِيرًا لِمَوَاضِعِ
السُّجُودِ فَإِنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ
قَوْلِهِ وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ قَالَ فِي
الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ فَلْيَفْصِلْ بِكَلَامِ
إنْسَانٍ. (وَ) انْتِقَالُهُ. (لِنَفْلٍ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ) لِخَبَرِ
الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ
أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ»
وَيُسْتَثْنَى نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ
وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ، وَزِيدَ
عَلَيْهَا صُوَرٌ ذَكَرْتُهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
. (وَمَكَثَ رِجَالُ لِيَنْصَرِفَ غَيْرُهُمْ) مِنْ نِسَاءِ وَخَنَاثَى
لِلِاتِّبَاعِ فِي النِّسَاءِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيسَ بِهِنَّ
الْخَنَاثَى، وَذِكْرُهُمْ مِنْ زِيَادَتِي وَالْقِيَاسُ مُكْثُهُمْ
لِيَنْصَرِفْنَ وَانْصِرَافُهُمْ بَعْدَهُنَّ فُرَادَى، وَهَذَا أَوْلَى
مِنْ قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ اسْتِحْبَابُ انْصِرَافِهِمْ
فُرَادَى إمَّا قَبْلَ النِّسَاءِ أَوْ بَعْدَهُنَّ. (وَانْصِرَافٌ
لِجِهَةِ حَاجَةٍ) لَهُ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
هَذَا الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ
وَالثَّلَاثِينَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ فِي
حُصُولِهِ عَدَمَ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: زَبَدِ
الْبَحْرِ) هُوَ مَا يُرَى عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ ضَرْبِ الْأَمْوَاجِ.
اهـ. اج عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: الزَّبَدُ يُطْلَقُ
عَلَى مَعَانٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَاءُ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ
مِثْلَ مَاءِ الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ ح ف مَذْكُورٌ فِي
الْقَامُوسِ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْحُفْرَةُ. (قَوْلُهُ:
إذَا انْصَرَفَ) أَيْ: خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ بِأَنْ يُسَلِّمَ مِنْهَا ع
ش.
(قَوْلُهُ: جَوْفَ اللَّيْلِ) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ:
الدُّعَاءُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ
مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ
فِي السُّؤَالِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيُّ وَقْتِ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ:
جَوْفُ اللَّيْلِ أَيْ: هُوَ أَيُّ الْوَقْتِ جَوْفُ اللَّيْلِ ع ش
بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ: الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ.
(قَوْلُهُ: إمَامٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَكَذَا الْمَأْمُومُونَ.
. (قَوْلُهُ: وَانْتِقَالٌ) لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ
فِي النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ
عَدَمِ الِانْتِقَالِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ
لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ
مَشَقَّةٌ خُصُوصًا كَثْرَةَ الصُّفُوفِ كَالْجُمُعَةِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ
مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الِانْتِقَالِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ آخَرُ
شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَانْتِقَالٌ وَلَوْ فِي
الْأَثْنَاءِ لَا يُقَالُ الْفِعْلُ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ بَلْ
يُطْلَبُ تَرْكُهُ فِيهَا لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا عَلَى
الْإِطْلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ دَفْعُ الْمَارِّ
وَقَتْلُ نَحْوِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ أَدَّى
لِفِعْلٍ خَفِيفٍ سم.
(قَوْلُهُ: بِكَلَامِ إنْسَانٍ) أَيْ: لِلنَّهْيِ عَنْ وَصْلِ صَلَاةٍ
بِصَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بَعْدَ كَلَامٍ أَوْ خُرُوجٍ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَانْتِقَالُهُ لِنَفْلٍ إلَخْ) أَيْ: لَا تُسَنُّ فِيهِ
الْجَمَاعَةُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَالْمَهْجُورِ وَغَيْرِهَا وَلَا
بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَلِكَوْنِهِ أَبْعَدَ
عَنْ الرِّيَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ التَّفْضِيلُ
شَرْحُ م ر وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ خَالِيًا وَأَمِنَ الرِّيَاءَ أَوْ
لَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ خَوْفَ الرِّيَاءِ فَقَطْ بَلْ مَعَ
النَّظَرِ إلَى عَوْدِ بَرَكَةِ الصَّلَاةِ فِي مَنْزِلِهِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) أَيْ: سُنَّتُهَا الْقَبْلِيَّةُ
وَأَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَفِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ ع ش عَلَى م ر
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ مِثْلَ قَبْلِيَّةِ الْجُمُعَةِ كُلُّ
رَاتِبَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ: صُوَرٌ ذَكَرْتُهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ: وَصَلَاةُ الضُّحَى وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةُ
مُنْشِئِ السَّفَرِ وَالْقَادِمِ مِنْهُ وَالْمَاكِثِ فِي الْمَسْجِدِ
لِلِاعْتِكَافِ أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ وَالْخَائِفِ فَوَاتَ
الرَّاتِبَةِ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا ط ب فَقَالَ:
صَلَاةُ نَفْلٍ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ ... إلَّا لِذِي جَمَاعَةٍ
يَحْصُلْ
وَسُنَّةُ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ ... وَنَفْلُ جَالِسٍ لِلِاعْتِكَافْ
وَنَحْوُ مُكْثِهِ لِإِحْيَا الْبُقْعَةِ ... كَذَا الضُّحَى وَنَفْلُ
يَوْمِ الْجُمُعَةَ
وَخَائِفُ الْفَوَاتِ بِالتَّأَخُّرِ ... وَقَادِمٌ وَمُنْشِئٌ لِلسَّفَرْ
وَالِاسْتِخَارَةُ وَلِلْقَبْلِيَّةِ ... لِمَغْرِبٍ وَلَا كَذَا
الْبَعْدِيَّهْ
اهـ. سم ع ش.
. (قَوْلُهُ: لِيَنْصَرِفَ غَيْرُهُمْ) وَسُنَّ لِلْغَيْرِ الِانْصِرَافُ
عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ فِي
النِّسَاءِ) وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ بِهِنَّ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ شَرْحُ
م ر. (قَوْلُهُ: مُكْثُهُمْ) أَيْ: الْخَنَاثَى لِيَنْصَرِفْنَ أَيْ:
النِّسَاءُ. (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ مُكْثُهُمْ) أَيْ: الْقِيَاسُ عَلَى
مَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ فِي نَظَرِ الْخُنْثَى وَالنَّظَرُ إلَيْهِ
قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ: وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
فَرْعٌ: الْمُشْكِلُ يُحْتَاطُ فِي نَظَرِهِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ
فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً كَمَا
صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا. (قَوْلُهُ: وَانْصِرَافٌ لِجِهَةِ
حَاجَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ
(1/230)
(وَإِلَّا فَيَمِينٍ) بِالْجَرِّ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي
حَاجَةٌ فَيَنْصَرِفْ لِجِهَةِ يَمِينِهِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ.
(وَتَنْقَضِي قُدْوَةٌ بِسَلَامِ إمَامٍ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى
لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا
عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ.
(فَلِمَأْمُومٍ) مُوَافِقٍ. (أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ)
كَسُجُودِ سَهْوٍ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ. (ثُمَّ يُسَلِّمَ) وَلَهُ أَنْ
يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ
الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ مَعَ كَرَاهَةِ
تَطْوِيلِهِ، وَإِلَّا فَيَقُومُ فَوْرًا بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ
الثَّانِيَةِ فَإِنْ قَعَدَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ.
. (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) هُوَ.
(ثِنْتَيْنِ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِخُرُوجِهِ عَنْ
مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ
تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ
السَّلَامِ. (وَلَوْ مَكَثَ) بَعْدَهَا لِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ. (فَالْأَفْضَلُ
جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ) وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي
الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. |