التجريد
لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [دَرْسٌ]
وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] فُسِّرَتْ
بِذَلِكَ (يَجِبُ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا وَ) فِي (مِائَتَيْ
دِرْهَمٍ فِضَّةً فَأَكْثَرَ) مِنْ ذَلِكَ (بِوَزْنِ مَكَّةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَخْذُهُ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ نَفْسِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ
هُوَ الثَّانِي خِلَافًا لِمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
فَإِذَا بَاعَ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْهُ بَطَلَ فِي قَدْرِ حَقِّ
الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْهُ شَائِعًا وَصَحَّ فِي الْبَاقِي شَائِعًا
بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ) ،
لِأَنَّ الْأَكْلَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ نَحْوِ
الْبَيْعِ يَقَعُ شَائِعًا.
(قَوْلُهُ: إنْ اُتُّهِمَ) بِأَنْ احْتَمَلَ سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ
السَّبَبِ وَكَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ عُرِفَ مَعَ عُمُومِهِ إلَّا
أَنْ يُقَالَ يُمْكِنُ أَنَّهُ نَقَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ
الْعَلَّامَةُ ز ي مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَهُ
الشَّارِحُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُبَالِ بِكَلَامِهِ) لِأَنَّ
الْحِسَّ يُكَذِّبُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَلْ لَوْ أَقَامَ
بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ ح ف (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْيَمِينَ هُنَا) أَيْ
فِي بَابِ الزَّكَاةِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ
حُكْمِ الْإِطْلَاقِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَقَوْلُهُ:
بِالِاتِّهَامِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّشْبِيهِ أَيْضًا بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: أَوْ غَلَّطَهُ بِمَا يَبْعُدُ) وَهُوَ الَّذِي تُحِيلُ
الْعَادَةُ وُقُوعَ الْغَلَطِ فِيهِ ح ف كَأَنْ قَالَ الْخَارِصُ:
التَّمْرُ عِشْرُونَ وَسْقًا فَادَّعَى الْمَالِكُ غَلَطَهُ بِخَمْسَةٍ
فَالْخَمْسَةُ يَبْعُدُ غَلَطُهُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: بِمَا يَبْعُدُ
رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَةِ
الْقَدْرَ الْمُحْتَمَلَ) أَيْ لَا يَحْسِبُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِ
وَالْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ هُوَ الَّذِي لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ فِي
دَعْوَى الْغَلَطِ قُبِلَ كَوَسْقٍ مِنْ عِشْرِينَ كَمَا مَثَّلَ بِهِ
الرَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ غَلِطَ فِيهِ فَيُلْغَى هَذَا
الْوَاحِدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَةِ
الْقَدْرَ الْمُحْتَمَلَ أَيْ يُسْقِطُ مِنْ الْأَوْسُقِ الْقَدْرَ الَّذِي
يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخَارِصَ غَلِطَ فِيهِ كَوَاحِدٍ فِي مِائَةٍ
وَكَسُدْسٍ أَوْ عُشْرٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَاسْتَبْعَدَ
فِي السُّدُسِ وَقَدْ نَصَّ لَهُ الرَّافِعِيُّ بِنِصْفِ الْعُشْرِ. اهـ.
حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى غَلَطَهُ بِهِ) أَيْ وَبَيَّنَ قَدْرًا أَخْذًا
مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَلَفٍ لِلْمَخْرُوصِ) أَيْ بِأَكْلٍ
أَوْ بَيْعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِيمَا سَبَقَ فَظَاهِرُهُ
أَنَّهُ شَامِلٌ لِلتَّلَفِ وَلِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إذَا
كَانَ بَاقِيًا يُعَادُ كَيْلُهُ كَمَا هُنَا وَلَا حَاجَةَ لِحَطِّ
الْقَدْرِ الْمُحْتَمَلِ حِينَئِذٍ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ إمْكَانِ
كَيْلِهِ حَرِّرْ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَزِيزِيِّ أَنَّهُ
قَيَّدَ مَا سَبَقَ بِالتَّلَفِ أَيْضًا فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ:
أُعِيدَ كَيْلُهُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ كِيلَ أَوَّلًا مَعَ أَنَّهُ خَرْصٌ
فَقَطْ وَلَمْ يُكَلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كِيلَ أَوَّلًا تَقْدِيرًا
بِالْخَرْصِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ كِيلَ أَوَّلًا بَعْدَ الْجَذَاذِ
وَادَّعَى بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ أُعِيدَ كَيْلُهُ وُجُوبًا
[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]
هُوَ مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ لُغَةً الْإِعْطَاءُ حَالًّا ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى
الْمَنْقُودِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ
وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَضْرُوبِ وَحْدَهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِزَكَاةِ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَكَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ النَّقْدَ
وَالسَّبَائِكَ وَالْقِرَاضَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ:
مَعْنَاهُ الْإِعْطَاءُ يُقَالُ نَقَدَهُ الدَّرَاهِمَ أَيْ أَعْطَاهُ
إيَّاهَا حَالًّا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: فُسِّرَتْ بِذَلِكَ)
أَيْ فُسِّرَ الْكَنْزُ فِيهَا بِالْمَالِ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ
وَهَذَا الْمَرْجِعُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ {وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ
{يَكْنِزُونَ} [التوبة: 34] وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ
الزَّكَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا
بِاللَّازِمِ، لِأَنَّ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ عَلَى عَدَمِ أَدَائِهَا
يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ:
بِذَلِكَ أَيْ بِمَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ
وَإِلَّا فَالْكَنْزُ لُغَةً الْمَالُ الْمَكْنُوزُ فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ
الْمَالَ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ بِالْمَالِ الْمَدْفُونِ الَّذِي
لَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَالَ دَفْنِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ.
(قَوْلُهُ: يَجِبُ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا) وَالْمِثْقَالُ لَمْ
يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا (قَوْلُهُ: مِثْقَالًا)
تَمْيِيزٌ لِعِشْرِينَ وَذَهَبًا تَمْيِيزٌ لِلتَّمْيِيزِ وَدِرْهَمًا
تَمْيِيزٌ لِلْمِائَتَيْنِ وَفِضَّةً تَمْيِيزٌ لِذَلِكَ التَّمْيِيزِ،
وَقَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ
وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا وَقَصَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ)
أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا وَقَصَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ
بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْعِشْرِينَ
وَالْمِائَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: بِوَزْنِ مَكَّةَ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا
أَيْضًا وَالْمُرَادُ عِشْرِينَ يَقِينًا خَالِصَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي
الْمِائَتَيْنِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ وَسُمِّيَ
الذَّهَبُ ذَهَبًا، لِأَنَّهُ يَذْهَبُ وَلَا يَبْقَى وَقَدَّمَ الذَّهَبَ
عَلَى الْفِضَّةِ نَظَرًا لِنَظْمِ الْآيَةِ أَوْ لِشَرَفِهِ عَلَيْهَا
وَتَقْدِيمُ الْأَصْلِ الْفِضَّةَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا الْغَالِبَ فِي
التَّعَامُلِ بِهَا كَمَا فِي اط ف وَسُمِّيَتْ الْفِضَّةُ بِذَلِكَ،
لِأَنَّهَا تَنْفَضُّ وَلَا تَبْقَى وَسُمِّيَ
(2/27)
بَعْدَ حَوْلٍ رُبْعُ عُشْرٍ) لِخَبَرِ
أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ
فِي الْمَجْمُوعِ «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ
وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» وَخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ فِيمَا
دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ «وَفِي الرِّقَةِ
رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ
مِنْ الْوَاوِ وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ
عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَاعْتِبَارُ الْحَوْلِ وَوَزْنُ
مَكَّةَ رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ
لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ فِي السَّائِمَةِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ
نِصَابَ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَنِصَابَ الْفِضَّةِ مِائَتَا
دِرْهَمٍ فِضَّةً وَأَنَّهُ لَا وَقَصَ فِي ذَلِكَ كَالْمُعَشَّرَاتِ
لِإِمْكَانِ التَّجَزُّؤِ بِلَا ضَرَرٍ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَأَنَّهُ
لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ ثَمَّ فِي بَعْضِ
الْمَوَازِينِ وَلَا فِي مَغْشُوشٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا
فَيُخْرِجَ زَكَاتَهُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرُهَا لَكِنْ
يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُ الْخَالِصِ حِفْظًا لِلنُّحَاسِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَضْرُوبُ مِنْ الذَّهَبِ دِينَارًا وَمِنْ الْفِضَّةِ دِرْهَمًا،
لِأَنَّ الدِّينَارَ آخِرُهُ نَارٌ وَالدِّرْهَمَ آخِرُهُ هَمٌّ وَأَنْشَدَ
بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَقَالَ:
النَّارُ آخِرُ دِينَارٍ نَطَقْتَ بِهِ ... وَالْهَمُّ آخِرُ هَذَا
الدِّرْهَمِ الْجَارِي
وَالْمَرْءُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ وَرِعًا ... مُعَذَّبُ الْقَلْبِ
بَيْنَ الْهَمِّ وَالنَّارِ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ حَوْلٍ) نَعَمْ لَوْ مَلَكَ نِصَابًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ
مَثَلًا ثُمَّ أَقْرَضَهُ إنْسَانًا لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ، لِأَنَّهُ
لَمَّا كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ كَانَ كَأَنَّهُ لَمْ
يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش عَلَيْهِ وَإِنَّمَا
تَكَرَّرَ الْوَاجِبُ هُنَا بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ بِخِلَافِهِ فِي
الثَّمَرِ وَالْحَبِّ لَا يَجِبُ فِيهِمَا ثَانِيًا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ
بِهِمَا تِجَارَةً، لِأَنَّ النَّقْدَ نَامٍ بِنَفْسِهِ وَمُتَهَيِّئٌ
لِلِانْتِفَاعِ وَالشِّرَاءِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ بِخِلَافِ ذَيْنَك أَيْ
فَإِنَّهُمَا مُنْقَطِعَانِ عَنْ النَّمَاءِ وَمُعَرَّضَانِ لِلْفَسَادِ
اهـ. حَجّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: رُبْعُ عُشْرٍ) وَهُوَ نِصْفُ مِثْقَالٍ
فَيَدْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ مِثْقَالًا كَامِلًا إنْ لَمْ يُوجَدْ نِصْفُهُ
وَيَصِيرُ شَرِيكًا لَهُمْ فِيهِ ثُمَّ يَبِيعُونَهُ لِأَجْنَبِيٍّ
وَيَقْتَسِمُونَ ثَمَنَهُ أَوْ يَبِيعُهُمْ الْمُزَكِّي النِّصْفَ الَّذِي
لَهُ أَوْ يَشْتَرِي نِصْفَهُمْ مِنْهُمْ وَإِنْ كُرِهَ لِلشَّخْصِ شِرَاءُ
صَدَقَتِهِ وَلَوْ مَنْدُوبَةً إلَّا لِضَرُورَةٍ وَحِصَّتُهُ قَبْلَ
ذَلِكَ أَمَانَةٌ مَعَهُمْ وَلَا يَكْفِي إعْطَاؤُهُمْ ثَمَنَ حِصَّتِهِمْ
ابْتِدَاءً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد) هَذَا دَلِيلٌ لِوُجُوبِهَا فِي
الذَّهَبِ وَمَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِهَا فِي الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: أَوَاقٍ)
بِالْقَصْرِ كَجِوَارٍ وَمَدُّهُ غَلَطٌ اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: مِنْ
الْوَرِقِ) فِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ تَثْلِيثُ الْوَاوِ مَعَ إسْكَانِ
الرَّاءِ وَفَتْحُ الْوَاوِ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ) هَذَا مُبَيِّنٌ لِمَفْهُومِ
مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ
إلَخْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْخَمْسِ رُبْعُ الْعُشْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ
إنَّهُ يُعْلَمُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَفِيهِ أَنَّ الرِّقَةَ
مُطْلَقَةٌ لَمْ تُقَيَّدْ بِخَمْسِ أَوَاقٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا
قُيِّدَتْ بِمَفْهُومِ الْأَوَّلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْوَاوِ) لِأَنَّ أَصْلَهَا وَرِقٌ (قَوْلُهُ:
وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ تَخْفِيفُ الْيَاءِ
ع ش (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ الْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ
الزَّكَاةِ فِي النَّقْدَيْنِ لَكِنْ فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ الَّتِي
ذَكَرَهَا الشَّارِحُ نَوْعُ خَفَاءٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَالنَّقْدَانِ مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ
بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ، لِأَنَّ
حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تُقْضَى بِهِمَا بِخِلَافِ
غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ
الْحِكْمَةَ الَّتِي خُلِقَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ
وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: مُعَدَّانِ) أَيْ
مُهَيَّئَانِ بِحَسَبِ خَلْقِ اللَّهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: كَالْمَاشِيَةِ
فِي السَّائِمَةِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلنَّمَاءِ وَإِنْ كَانَ
النُّمُوُّ مُخْتَلِفًا فَنُمُوُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ جِهَةِ السِّمَنِ
وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَنُمُوُّ النَّقْدِ مِنْ جِهَةِ رِبْحِ
التِّجَارَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَكَانَ
الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالسَّائِمَةِ فِي الْمَاشِيَةِ أَوْ إسْقَاطُ
فِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَمَا أَسْقَطَهَا فِي الْعَامِلَةِ
فِيمَا سَيَأْتِي وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ.
وَقَوْلُهُ: وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَيْ مِنْ الْأَحَادِيثِ اط ف أَوْ مِنْ
الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا وَقَصَ فِي ذَلِكَ) هَذَا عُلِمَ مِنْ
قَوْلِهِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ
نِصَابٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْعِشْرِينِ وَالْمِائَتَيْنِ
وَفِيهِ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا عَلَى رَأْيٍ
ضَعِيفٍ فِي الْأُصُولِ وَهَذَا لَا يَرِدُ إلَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ
عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي
الْحَدِيثِ لَيْسَ فِي أَقَلَّ إلَخْ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ إلَخْ لَمْ
يَرِدْ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَّ فِي بَعْضِ الْمَوَازِينِ وَجْهٌ عُلِمَ
ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْعِشْرِينَ
وَالْمِائَتَيْنِ الْيَقِينُ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مَغْشُوشٍ إلَخْ)
عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ ضَرَبَ مَغْشُوشَةً عَلَى سِكَّةِ الْإِمَامِ
وَغَشَّهَا أَزْيَدَ مِنْ غِشِّ ضَرْبِهِ حَرُمَ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا
فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ بِإِيهَامِ أَنَّهُ مِثْلُ مَضْرُوبَةٍ وَيُكْرَهُ
لِغَيْرِ الْإِمَامِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً
لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَغْشُوشًا
خَالِصُهُ قَدْرُهَا) وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ لِأَنَّهُ فِي
الْحَقِيقَةِ حِينَئِذٍ إنَّمَا أَعْطَى الزَّكَاةَ خَالِصًا مِنْ خَالِصٍ،
وَالنُّحَاسُ وَقَعَ تَطَوُّعًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: حِفْظًا
لِلنُّحَاسِ) أَيْ لِعَدَمِ جَوَازِ تَبَرُّعِهِ بِهِ وَقَيَّدَهُ
الْإِسْنَوِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ السَّكِّ تَنْقُصُ
(2/28)
وَلَا فِي سَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَلُؤْلُؤٍ
وَيَاقُوتٍ وَفَيْرُوزَجَ لِعَدَمِ وُرُودِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا
مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ كَالْمَاشِيَةِ الْعَامِلَةِ وَلَا قَبْلَ
الْحَوْلِ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالدَّوْنَقُ سُدُسُ دِرْهَمٍ
وَهُوَ ثَمَانِي حَبَّاتٍ وَخُمْسَا حَبَّةٍ فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ
حَبَّةً وَخُمْسَا حَبَّةٍ وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ
أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ
أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا فَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ
مَثَاقِيلَ وَوَزْنُ نِصَابِ الذَّهَبِ بِالْأَشْرَفِيِّ خَمْسَةٌ
وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتُسْعٌ وَقَوْلِي فَأَكْثَرَ مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) بِأَنْ سُبِكَا مَعًا وَصِيَغَ
مِنْهُمَا الْإِنَاءُ (وَجُهِلَ) أَكْثَرُهُمَا (زَكَّى كُلًّا) مِنْهُمَا
بِفَرْضِهِ (الْأَكْثَرَ) إنْ احْتَاطَ فَإِذَا كَانَ وَزْنُهُ أَلْفًا
مِنْ أَحَدِهِمَا سِتُّمِائَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ أَرْبَعُمِائَةٍ زَكَّى
سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ
ذَهَبًا، لِأَنَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ
كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (أَوْ مَيَّزَ)
بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ كَأَنْ يَضَعَ فِيهِ أَلْفًا
ذَهَبًا وَيُعَلِّمَ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَنْ قِيمَةِ الْغِشِّ أَيْ إذَا كَانَ ثَمَّ سَبْكٌ، لِأَنَّ إخْرَاجَ
الْخَالِصِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِسَبْكٍ م ر قَالَ سم: عَلَى حَجّ
وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَنْ لَا يُوجَدَ خَالِصٌ مِنْ غَيْرِ الْمَغْشُوشِ
وَإِلَّا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي سَائِرِ الْجَوَاهِرِ) هَذَا
عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَفِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَقَبٌ أَيْ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ وَاللَّقَبُ لَا
مَفْهُومَ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ
قَالَ إنَّ لَهُ مَفْهُومًا وَأَنَّهُ حُجَّةٌ فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَالدَّانَقُ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ:
هَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ:
وَخُمُسَا حَبَّةٍ) أَيْ شَعِيرَةٍ مُعْتَدِلَةٍ لَمْ تُقَشَّرْ وَقُطِعَ
مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ م ر (قَوْلُهُ: وَمَتَى زِيدَ عَلَى
الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ) وَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَبَّةً
وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، لِأَنَّ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَلَاثَةُ
أَسْبَاعِهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ يَبْقَى حَبَّةٌ وَخُمُسَانِ ثَلَاثَةُ
أَسْبَاعِهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ يُضَافُ ذَلِكَ إلَى الْخُمُسَيْنِ
وَخُمُسَيْ حَبَّةٍ يَحْصُلُ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا
أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَانَ
مِثْقَالًا) فَالْمِثْقَالُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً وَلَمْ
يَخْتَلِفْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا قَالَ السُّبْكِيُّ
وَالدَّرَاهِمُ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً ثُمَّ ضُرِبَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ
وَقِيلَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ
عَلَيْهِ وَيَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُ الشَّارِعِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا
عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَكُلُّ عَشَرَةِ
دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ) ، لِأَنَّك إذَا بَسَطْت الْعَشَرَةَ
دَرَاهِمَ حَبَّاتٍ وَبَسَطْت السَّبْعَةَ مَثَاقِيلَ حَبَّاتٍ وَجَدْت
الْمِقْدَارَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ
الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي عَدَدِ حَبَّاتِ الدِّرْهَمِ فَتَضْرِبَ
الْعَشَرَةَ فِي خَمْسِينَ وَخَمْسِينَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِ
حَبَّاتٍ وَتَضْرِبَ السَّبْعَةَ مَثَاقِيلَ فِي عَدَدِ حَبَّاتِ
الْمِثْقَالِ فَتَضْرِبَ السَّبْعَةَ فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ
بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِ حَبَّاتٍ فَظَهَرَتْ الْمُسَاوَاةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْأَشْرَفِيِّ) وَمُرَادُهُ بِالْأَشْرَفِيِّ
الْقَايِتْبَانِيُّ، لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ الْمُؤَلِّفِ ق ل
وَبِهِ يُعْلَمُ نِصَابُ مَا زَادَ عَلَى وَزْنِهِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ
الْحَادِثَةِ الْآنَ عَلَى أَنَّهُ حَدَثَ أَيْضًا تَغْيِيرٌ فِي
الْمِثْقَالِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ
شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ شَوْبَرِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ
وَالشَّرِيفِيُّ الْمَوْجُودُ الْآنَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِثْقَالٍ
فَكُلُّ شَرِيفَيْنِ مِثْقَالٌ وَنِصْفٌ وَعَلَيْهِ فَكُلُّ ثَلَاثَةِ
مَثَاقِيلَ بِأَرْبَعَةٍ شَرَائِفَةٍ فَجُمْلَةُ النِّصَابِ بِهَا سَبْعَةٌ
وَعِشْرُونَ إلَّا رُبْعًا اط ف وَقَوْلُهُ: إلَّا رُبْعًا الْأَوْلَى
إلَّا ثُلُثًا كَمَا يُعْلَمُ لِلْمُتَأَمِّلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ
الْمُرَادَ بِهِ الْفُنْدُقْلِيُّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ:
بَحَثْت عَنْ الْعِشْرِينَ مِثْقَالًا مِنْ الصَّيَارِفَةِ وَقَدَّرْتهَا
مَعَهُمْ بِالدَّرَاهِمِ وَتَحَاسَبْت مَعَهُمْ فَوَجَدْنَاهَا سَبْعَةً
وَعِشْرِينَ فُنْدُقْلِيًّا إلَّا ثُلُثًا وَكَانَ فِي زَمَنِهِ بِمِائَةٍ
وَخَمْسِينَ نِصْفًا وَالْبُنْدُقِيُّ مِثْلُ الْفُنْدُقْلِيِّ فِي أَنَّ
النِّصَابَ بِهِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةَ
عَشَرَ قِيرَاطًا لَكِنَّ الْبُنْدُقِيَّ خَالِصٌ مِنْ الْغِشِّ وَكُلُّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِثْقَالٍ، لِأَنَّ الْمِثْقَالَ
أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا وَالْقِيرَاطَ ثَلَاثُ حَبَّاتٍ وَقَالَ
بَعْضُهُمْ وَالْمَحْبُوبُ الْمَوْجُودُ الْآنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا
وَنِصْفٌ وَالنِّصَابُ بِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ مَحْبُوبًا وَنِصْفُ
مَحْبُوبٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيرَاطٍ لِأَنَّ فِيهِ غِشًّا
وَالنِّصَابُ بِالرِّيَالَاتِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ رِيَالًا وَنِصْفٌ
وَنِصْفُ سُبْعٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فِي الرِّيَالِ دِرْهَمَيْنِ
نُحَاسًا وَإِذَا كَانَ فِيهِ دِرْهَمُ نُحَاسٍ يَكُونُ النِّصَابُ
خَمْسَةً وَعِشْرُونَ رِيَالًا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ
عِنْدَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ أَلْفُ مِثْقَالٍ مَثَلًا وَيَعْلَمُ أَنَّ فِيهِ
سِتَّمِائَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ مِنْ الْآخَرِ
وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ السِّتَّمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ مِنْ أَيِّ
الْجِنْسَيْنِ.
(قَوْلُهُ: الْأَكْثَرَ) بِالنَّصْبِ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ كَمَا
قَدَّرَهُ الشَّارِحُ لَا لِزَكَّى كَمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُنَافِيهِ
قَوْلُهُ: كُلًّا وَيَقَعُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ تَطَوُّعًا
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ زَكَّى الْأَكْثَرَ أَيْ إنْ زَكَّى عَنْ نَفْسِهِ
فَإِنْ زَكَّى عَنْ غَيْرِهِ كَمَحْجُورِهِ تَعَيَّنَ التَّمْيِيزُ الْآتِي
م ر (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي زَكَاةِ
الْحَيَوَانِ فِي قَوْلِهِ وَيُجْزِئُ نَوْعٌ عَنْ نَوْعٍ آخَرَ أَيْ
بِخِلَافِ الْجِنْسِ هَذَا مَا ظَهَرَ بَعْدَ التَّوَقُّفِ ز ي ع ش
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَضَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ الَّذِي جَعَلَهُ فِي
إنَاءٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُخْتَلِطِ وَقَوْلُهُ: أَلْفًا ذَهَبًا أَيْ
أَلْفَ
(2/29)
ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الْمَخْلُوطَ فَإِلَى
أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ قَالَ فِي
الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ
أَجْزَاؤُهُ
(وَيُزَكَّى) مِمَّا ذُكِرَ (مُحَرَّمٌ) كَآنِيَةٍ (وَمَكْرُوهٌ) كَضَبَّةِ
فِضَّةٍ صَغِيرَةٍ لِزِينَةٍ حُلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَذِكْرُ
الْمَكْرُوهِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا حُلِيٌّ مُبَاحٌ) لِامْرَأَةٍ
بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي (عَلِمَهُ) الْمَالِكُ (وَلَمْ يَنْوِ
كَنْزَهُ) فَلَا يُزَكَّى، لِأَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُنَاطُ
بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لَا بِجَوْهَرِهِمَا إذْ لَا
غَرَضَ فِي ذَاتِهِمَا وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ
كَعَوَامِلِ الْمَاشِيَةِ (وَلَوْ انْكَسَرَ إنْ قَصَدَ إصْلَاحَهُ)
بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَأَمْكَنَ بِلَا صَوْغٍ) لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ
بِإِلْحَامٍ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ
إصْلَاحَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَلْفًا فِضَّةً أَيْ أَلْفَ دِرْهَمٍ
بِالضَّرُورَةِ الْمَاءُ يَرْتَفِعُ بِالْفِضَّةِ أَكْثَرَ، لِأَنَّهَا
أَكْبَرُ جُرْمًا م ر وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الْمَخْلُوطَ
وَالْفَرْضُ أَنَّ وَزْنَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَبِالضَّرُورَةِ يَزِيدُ
ارْتِفَاعُ الْمَاءِ بِهِ عَلَى عَلَامَةِ الذَّهَبِ وَيَنْقُصُ عَنْ
عَلَامَةِ الْفِضَّةِ وَيَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى
الْآخَرِ فَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَاءُ بِالذَّهَبِ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ
وَارْتَفَعَ بِالْفِضَّةِ ثَمَانِيَةَ قَرَارِيطَ فَإِذَا ارْتَفَعَ
بِالْمَخْلُوطِ سِتَّةً كَانَ الْأَكْثَرُ مِنْهُ الذَّهَبَ وَإِنْ كَانَ
ارْتِفَاعُهُ سَبْعَةً كَانَ الْأَكْثَرُ مِنْهُ الْفِضَّةَ فَتَأَمَّلْ.
فَالْفِضَّةُ الْمُوَازِنَةُ لِلذَّهَبِ يَكُونُ حَجْمُهَا مِقْدَارَ
حَجْمِهِ مَرَّةً وَنِصْفًا لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ الْهَائِمِ أَنَّ
جَوْهَرَ الذَّهَبِ كَجَوْهَرِ الْفِضَّةِ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهِ وَمِنْ
ثَمَّ كَانَ الْمِثْقَالُ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ
وَالدِّرْهَمُ سَبْعَةُ أَعْشَارِ الْمِثْقَالِ كَمَا ذَكَرَهُ
الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِلَى أَيِّهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَأَسْهَلُ
مِنْ هَذَا وَأَضْبَطُ أَنْ يُوضَعَ فِي الْمَاءِ سِتُّمِائَةٍ ذَهَبًا
وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِضَّةً وَيُعَلِّمَ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يَعْكِسَ
وَيُعَلِّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا ثُمَّ يُوضَعَ الْمُشْتَبَهُ وَيُلْحَقَ
بِاَلَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ ز ي وَلَوْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ
الْإِخْرَاجُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ
عَنْ الْفَوْرِ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِوُجُودِ آلَةِ السَّبْكِ إذَا
لَمْ تَتَعَذَّرْ وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَالِكِ ق ل
(قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ) أَيْ التَّمْيِيزُ بِالنَّارِ بِسَبْكِ
قَدْرٍ يَسِيرٍ أَيْ مِنْ الْآنِيَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِأَنْ يَكْسِرَ
جُزْءًا مِنْهَا وَيُمَيِّزَهُ بِالنَّارِ وَقَوْلُهُ: إذَا تَسَاوَتْ
أَجْزَاؤُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِيهَا لَا مِنْ
حَيْثُ الثِّخَنُ وَالرِّقَّةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ فِي التَّمْيِيزِ
ثَلَاثَ طُرُقٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَيُزَكَّى مُحَرَّمٌ كَآنِيَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى
ارْتِفَاعِ قِيمَتِهَا بِالصَّنْعَةِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْوَزْنُ فَلَوْ
كَانَ وَزْنُ الْإِنَاءِ مِائَتَيْنِ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَمِائَةٍ زَكَّى
الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مُحَرَّمَةٌ تَجِبُ إزَالَتُهَا
بِالْكَسْرِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ وَمِثْلُ الْإِنَاءِ الْحُلِيُّ
الْمُحَرَّمُ لِذَاتِهِ كَخَلْخَالٍ اُتُّخِذَ لِلُبْسِ رَجُلٍ
فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا
كَانَ مُحَرَّمًا لِعَارِضٍ بِأَنْ صُبِغَ لِامْرَأَةٍ وَاسْتَعْمَلَهُ
الرَّجُلُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْقِيمَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ
وَشَوْبَرِيٌّ وَلَوْ قِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ بَعْدَ بُلُوغِ
الْوَزْنِ نِصَابًا لَكَانَ مُتَّجَهًا سم ع ش (قَوْلُهُ: كَضَبَّةِ
فِضَّةٍ) عِبَارَةُ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَكْرُوهُ
إلَخْ قُوَّةُ الْكَلَامِ تَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءٍ
فِيهِ ضَبَّةٌ مَكْرُوهَةٌ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ الْكَرَاهَةَ فِي
الْجَمِيعِ لَا فِي مَحَلِّ الضَّبَّةِ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: لَا حُلِيٌّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعَ كَسْرِ
اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدُهُ حَلْيٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ
وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَقَوْلُهُ: مُبَاحٌ يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر أَنَّ
الْحُلِيَّ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِبَاحَةِ لَوْ
لِلْإِنَاءِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَلَوْ اشْتَرَى إنَاءً لِيَتَّخِذَهُ
حُلِيًّا مُبَاحًا فَحَبَسَهُ وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي طُهْرِهِ
وَلَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُهُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ حَوْلًا فَهَلْ تَجِبُ
زَكَاتُهُ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَا، لِأَنَّهُ
مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ اهـ (قَوْلُهُ: لِامْرَأَةٍ) أَيْ
لِلُبْسِهَا أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ كَأَنْ تَعَدَّدَتْ
أَنْوَاعُهُ وَمِنْهُ حُلِيٌّ أَخَذَهُ رَجُلٌ لِيُؤَجِّرَهُ مَثَلًا
لِامْرَأَةٍ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُزَكَّى، لِأَنَّ
زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُنَاطُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ
التَّحْرِيرِ فَلَا يُزَكَّى بِنَاءً عَلَى أَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ تَجِبُ فِيهِمَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا
لَا لِجَوْهَرِهِمَا. اهـ
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي
الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِجَوْهَرِهِ أَيْ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ
الِانْتِفَاعِ بِهِمَا) أَيْ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا اقْتَضَى
وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِمَا أَيْ، لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ عِشْرِينَ
دِينَارًا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَى آخِرِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ
لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَلْحَقَ بِهِ
الِانْتِفَاعَ الْمُحَرَّمَ وَالْمَكْرُوهَ كَمَا مَرَّ وَالِانْتِفَاعُ
الْمُبَاحُ بِهِمَا أَسْقَطَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِمَا كَعَوَامِلِ
الْمَاشِيَةِ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ
قَوْلُهُ: عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا أَيْ عَنْ الِانْتِفَاعِ الْمُبَاحِ
بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا أَوْ وُجِدَ انْتِفَاعٌ غَيْرُ
مُبَاحٍ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا فَلَا حَاجَةَ
لِلْإِلْحَاقِ فِي كَلَامِ ق ل وَقَالَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ ح ف عَنْ
الِانْتِفَاعِ بِهِمَا أَيْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ وَالْمَكْرُوهَ يُزَكَّى مَعَ
الِانْتِفَاعِ بِهِ، لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
(قَوْلُهُ: لَا بِجَوْهَرِهِمَا) لِاقْتِضَائِهِ الْوُجُوبَ فِي الْحُلِيِّ
الْمُبَاحِ ق ل (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ إصْلَاحَهُ) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ
بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا
زَكَاةَ
(2/30)
بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ
دَرَاهِمَ أَوْ كَنْزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا عَلَى مَا رَجَّحَهُ
فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى
صَوْغٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ
لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ وَخَرَجَ
بِقَوْلِي عَلِمَهُ مَا لَوْ وَرِثَ حُلِيًّا مُبَاحًا وَلَمْ يَعْلَمْهُ
حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ
لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَذَكَرَ عَنْ وَالِدِهِ
احْتِمَالَ وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ
وَبِقَوْلِي وَلَمْ يَنْوِ كَنْزَهُ مَا لَوْ نَوَاهُ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ
أَيْضًا
(وَمِمَّا يَحْرُمُ سِوَارٌ) بِكَسْرِ السِّينِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا
(وَخَلْخَالٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ رَجُلٍ وَخُنْثَى) بِأَنْ
قَصَدَ ذَلِكَ بِاِتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ
بِخِلَافِ اتِّخَاذِهِمَا لِلُبْسِ غَيْرِهِمَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ
أَوْ لِإِعَارَتِهِمَا أَوْ إجَارَتِهِمَا لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُمَا
أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ أَوْ بِقَصْدِ كَنْزِهِمَا وَإِنْ وَجَبَتْ
الزَّكَاةُ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَحَرُمَ
عَلَيْهِمَا أُصْبُعٌ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَالْيَدُ بِطَرِيقِ
الْأَوْلَى (وَحُلِيُّ ذَهَبٍ وَسِنُّ خَاتَمٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ
قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْضًا لِأَنَّ الْقَصْدَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ وَبِهِ
صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ
إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ فَإِنْ قَصَدَ
بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا) التِّبْرُ هُوَ
الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ بِدُونِ ضَرْبٍ أَيْ صَوْغٍ فَمَعْنَى كَوْنِهِ
يَجْعَلُهُ تِبْرًا أَنْ يُزِيلَ الصَّنْعَةَ الَّتِي فِيهِ وَيُبْقِيَهُ
قِطْعَةَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً
(قَوْلُهُ: أَوْ كَنْزَهُ) أَيْ بِأَنْ اتَّخَذَهُ لِيَدَّخِرَهُ وَلَا
يَسْتَعْمِلَهُ لَا فِي مُحَرَّمٍ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا لَوْ ادَّخَرَهُ
لِيَبِيعَهُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى ثَمَنِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ
الصُّورَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:
أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي
حُلِيٍّ اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدٍ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَيُجَابُ
بِأَنَّ الْكَسْرَ هُنَا الْمُنَافِيَ لِلِاسْتِعْمَالِ قَرَّبَهُ مِنْ
التِّبْرِ وَأَعْطَاهُ حُكْمَهُ اهـ. سم عَلَى الْبَهْجَةِ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِي عَلِمَهُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ
(قَوْلُهُ: وَجَبَتْ زَكَاتُهُ) وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ يَحِلُّ
لَهُ اسْتِعْمَالٌ ع ش (قَوْلُهُ: احْتِمَالَ وَجْهٍ) وَهُوَ عَدَمُ
زَكَاتِهِ
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَحْرُمُ سِوَارٌ) أَيْ مِمَّا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ
فَقَوْلُهُ: لِلُبْسٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ اُتُّخِذَ لِلُبْسٍ
إلَخْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ. اهـ
وَمِنْ الْمُحَرَّمِ مَا تَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ تَصَاوِيرِ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ
عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ يَعِيشُ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ
وَحَيَوَانٍ مَقْطُوعِ الرَّأْسِ مَثَلًا فَلَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ
وَاسْتِعْمَالُهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا فَتَجِبَ
زَكَاتُهُ كَمَا مَرَّ فِي الضَّبَّةِ لِلْحَاجَةِ شَرْحُ م ر وَع ش
عَلَيْهِ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَخُنْثَى) أَيْ مَا لَمْ يَتَّضِحْ
بِالْأُنُوثَةِ فَإِنْ اتَّضَحَ بِهَا فَلَا حُرْمَةَ، وَلَا زَكَاةَ
عَلَيْهِ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أُنْثَى مِنْ حِينَئِذٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَتِهِمَا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ قَصْدِ لُبْسِهِمَا
عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَإِنْ قَصَدَ بِالْإِجَارَةِ
التِّجَارَةَ إذْ لَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ
يَتَغَيَّرُ مِنْ الْحُرْمَةِ لِلْإِبَاحَةِ وَعَكْسِهِ، وَقَوْلُهُ:
لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُمَا وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا زَكَاةَ
عَلَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى ق ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ) وَجْهُ عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ
فِي هَذِهِ أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ
غَيْرُ نَامٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ، بِالنَّامِي لِتَهَيُّئِهِ
لِلْإِخْرَاجِ وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْأَخِيرَةِ وَذَلِكَ، لِأَنَّهُ صَرَفَهُ
بِهَيْئَةِ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ
كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ)
أَيْ مَعَ الْحِلِّ، وَالصُّوَرُ الْخَمْسَةُ الَّتِي قَبْلَهَا تَحِلُّ
وَلَا زَكَاةَ وَصُورَةُ الْمَتْنِ تَحْرُمُ مَعَ الزَّكَاةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا أُصْبُعٌ) وَلَوْ مَقْطُوعًا وَكَذَا
أُنْمُلَتَانِ مِنْهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحْرُمُ
عَلَيْهَا اتِّخَاذُ أُصْبُعٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَيَنْبَغِي
التَّحْرِيمُ ز ي وَح ف وَقِ ل وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: التَّقْيِيدُ
بِالرَّجُلِ وَالْخُنْثَى لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَحُلِيٌّ وَذَهَبٌ إلَخْ
فَالْخَاصُّ بِهِمَا الْمَجْمُوعُ.
(قَوْلُهُ: وَحُلِيُّ ذَهَبٍ) وَكَذَا حُلِيُّ فِضَّةٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ
بِالذَّهَبِ لِأَجْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَسِنُّ خَاتَمٌ مِنْهُ
وَذِكْرُ الْحُلِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ السِّوَارِ وَالْخَلْخَالِ مِنْ ذِكْرِ
الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَهُمَا
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَلَيْسَ
كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ يَحْرُمُ
اتِّخَاذُهُمَا لِلُبْسِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى وَإِنْ لَمْ يُلْبَسَا
وَإِنْ كَانَ الْمُتَّخِذُ لَهُمَا الْمَرْأَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا
مِنْ بَاقِي الْحُلِيِّ مِثْلَهُمَا فِي ذَلِكَ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُمَا
بِالْحُلِيِّ لَكَانَ أَعَمَّ وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُلِيُّ
ذَهَبٍ اسْتِعْمَالُهُمَا لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَّخَذًا لِامْرَأَةٍ
وَهَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْأَوَّلِ فَمِنْ ثَمَّ أَعَادَ الْعَامِلَ
فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا وَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْأَخْصَرُ
حَذْفُ الْعَامِلِ وَعَطْفُ الْأُصْبُعِ عَلَى قَوْلِهِ سِوَارٌ،
وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَهَبٍ مِنْ قَوْلِهِ وَحُلِيُّ ذَهَبٍ وَذِكْرُهُ
بَعْدَ قَوْلِهِ وَسِنُّ خَاتَمٍ بِأَنْ نَقُولَ وَسِنُّ خَاتَمٍ مِنْ
ذَهَبٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ الضَّمِيرِ فِي مِنْهُ
لَا يَظْهَرُ، لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ كَمَا
قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَسِنُّ خَاتَمٍ مِنْهُ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ
قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَيُفَارِقُ ضَبَّةَ الْإِنَاءِ الصَّغِيرَةَ عَلَى
رَأْيِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ
الْإِنَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالسِّنُّ هُوَ الشُّعْبَةُ الَّتِي
يَسْتَمْسِكُ بِهَا الْفَصُّ لَا الدُّبْلَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي
الْأُصْبُعِ فَإِنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْخَاتَمِ فَتَحْرُمُ مِنْ الذَّهَبِ
وَتَجُوزُ مِنْ الْفِضَّةِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى السِّنِّ بِخُصُوصِهِ
لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ فَلَمْ يَدْخُلْ
(2/31)
«أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ
أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأُلْحِقَ
بِالذُّكُورِ الْخَنَاثَى احْتِيَاطًا (لَا أَنْفٌ وَأُنْمُلَةٌ)
بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ (وَسِنٌّ) أَيْ لَا يَحْرُمُ
اتِّخَاذُهَا مِنْ ذَهَبٍ عَلَى مَقْطُوعِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهَا
مِنْ الْفِضَّةِ الْجَائِزَةِ لِذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَصْدَأُ
غَالِبًا وَلَا يَفْسُدُ الْمَنْبَتُ وَلِأَنَّ «عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ
قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ
الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ
فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْأَنْفِ السِّنُّ
وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنْمُلَةُ وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ وَالْفَرْقُ
بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ أَنَّهَا تَعْمَلُ
بِخِلَافِهِمَا فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ
كَمَا مَرَّ (وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) يَحِلُّ (لِرَجُلٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْفِضَّةِ (حِلْيَةُ) أَيْ
تَحْلِيَةُ (آلَةِ حَرْبٍ بِلَا سَرَفٍ) فِيهَا (كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ)
وَخُفٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهِ قَوْلُهُ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي»
يَرُدّ عَلَيْهِ الْإِصْبَعُ لِلْمَرْأَةِ وَكَذَا الْإِنَاءُ مِنْ
الذَّهَبِ فَإِنَّهُمَا حَرَامٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ
بِالذَّهَبِ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلزِّينَةِ الدَّاعِيَةِ لِلْجِمَاعِ
كَالْحُلِيِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا كَانَ لِلزِّينَةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ
لُغَاتِ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ فَقَالَ:
بَا أُصْبُعٍ ثَلِّثَنْ مَعَ مِيمِ أُنْمُلَةٍ ... وَثَلِّثْ الْهَمْزَةَ
أَيْضًا وَارْوِ أُصْبُوعَا
ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَقْطُوعِهَا) هَلْ يَخْرُجُ بِهِ مَنْ خُلِقَ بِلَا
نَحْوِ أُنْمُلَةٍ كَأَنْفٍ أَمْ لَا؟ وَالتَّقْيِيدُ لِلْغَالِبِ. كُلٌّ
مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ فَلْيُحَرَّرْ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْأُنْمُلَةُ) لَامُهَا لِلْجِنْسِ فَتَشْمَلُ مَا عَدَا
الْأَسَافِلَ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ وَبِذَلِكَ يَمْتَنِعُ الْكُلُّ فِي
الْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ
بَيْنَهَا) أَيْ الْأُنْمُلَةِ وَبَيْنِ الْأُصْبُعِ أَنَّهَا تَعْمَلُ
فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَحْرِيكُهَا فَلَا تَكُونُ لِلزِّينَةِ بِخِلَافِ
الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ اللَّذَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ فَلَا يُمْكِنُ
تَحْرِيكُهَا فَيَكُونَانِ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ فَلِذَا حُرِّمَا
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ أُنْمُلَةٍ سُفْلَى كَالْأُصْبُعِ لِمَا
ذُكِرَ وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْهُ أَنَّ مَا تَحْتَ الْأُنْمُلَةِ
لَوْ كَانَ أَشَلَّ امْتَنَعَتْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إذَا
عَمِلَتْ حَلَّتْ وَإِلَّا فَلَا شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ بِإِيضَاحٍ
وَقَرَّرَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَيْ
الثَّلَاثَةِ حَيْثُ تَجُوزُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ
وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ حَيْثُ يَمْتَنِعَانِ
مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا أَيْ الثَّلَاثَةَ تَعْمَلُ وَالْعَمَلُ فِي
السِّنِّ بِالْمَضْغِ عَلَيْهِ وَفِي الْأَنْفِ بِخُلُوصِ الْكَلَامِ
وَجَذْبِ الرِّيحِ وَدَفْعِ الْهَوَامِّ وَفِي الْأُنْمُلَةِ بِالْقَبْضِ
عَلَى شَيْءٍ بِوَاسِطَةِ بَقِيَّةِ الْأُصْبُعِ بِخِلَافِهِمَا أَيْ
الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ لَا يَعْمَلَانِ شَيْئًا لِعَدَمِ انْقِبَاضِهِمَا
بَلْ يَكُونَانِ قِطْعَةً وَاقِفَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ لِإِعَادَتِهِ مَعَ
عِلْمِهِ مِنْ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَخَاتَمُ فِضَّةٍ) فَيَجُوزُ بَلْ
يُسَنُّ لُبْسُهُ وَكَوْنُهُ فِي خِنْصَرِ الْيَمِينِ أَفْضَلَ وَلَهُ
الْخَتْمُ بِهِ لَوْ نَقَشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ مَثَلًا وَلَا كَرَاهَةَ فِي
نَقْشِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ جَعْلُ فَصِّهِ
دَاخِلَ الْكَفِّ، وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ وَمَحَلِّهِ
بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ فَفِي الْفَقِيهِ الْخِنْصَرُ وَحْدَهُ وَفِي
الْعَامِّيِّ نَحْوَ الْإِبْهَامِ مَعَهُ قَالَ ح ل: وَفِي كَلَامِ
شَيْخِنَا لَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ خَوَاتِيمَ كَثِيرَةً أَوْ الْمَرْأَةُ
خَلَاخِيلَ كَثِيرَةً لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ
جَازَ وَالْجَمِيعُ فِي حُكْمِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ انْتَهَى وَخَرَجَ
بِهِ الْخَتْمُ فَيَحْرُمُ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَمَّدٌ سَطْرٌ أَسْفَلُ وَرَسُولٌ سَطْرٌ أَوْسَطُ
وَاَللَّهُ سَطْرٌ أَعْلَى كَمَا ذَكَرَهُ ق ل وَفِي الْمَوَاهِبِ، وَكَانَ
نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولٌ سَطْرٌ
وَاَللَّهُ سَطْرٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ
لَكِنْ لَمْ تَكُنْ كِتَابَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْعَادِيِّ فَإِنَّ
ضَرُورَةَ الِاحْتِيَاجِ إلَى أَنْ يُخْتَمَ بِهِ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ
الْأَحْرُفُ الْمَنْقُوشَةُ مَقْلُوبَةً لِيَخْرُجَ الْخَتْمُ مُسْتَوِيًا،
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشُّيُوخِ إنَّ كِتَابَتَهُ كَانَتْ مِنْ أَسْفَلَ
إلَى فَوْقٍ يَعْنِي: الْجَلَالَةُ أَعْلَى الْأَسْطُرِ الثَّلَاثَةِ
وَمُحَمَّدٌ أَسْفَلُهَا وَأَنَّهُ يُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَلَمْ أَرَ
التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ بَلْ رِوَايَةُ
الْإِسْمَاعِيلِيِّ يُخَالِفُ ظَاهِرُهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ
سَطْرٌ وَالثَّانِي رَسُولٌ وَالسَّطْرُ الثَّالِثُ اللَّهُ، فَلَا
تُقْبَلُ دَعْوَى الْإِسْنَوِيِّ خُصُوصًا مَعَ قَوْلِهِ فِي حِفْظِي
فَلَمْ يَنْقُلْهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ رِوَايَةً وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ
رَجَبٍ حَيْثُ قَالَ: مَا لَفْظُهُ وَرَدَ أَنَّ أَوَّلَ الْأَسْطُرِ كَانَ
اللَّهُ ثُمَّ الثَّانِي رَسُولٌ ثُمَّ الثَّالِثُ مُحَمَّدٌ اهـ.
فَعَلَيْهِ بَيَانُ قَوْلِهِ وَرَدَ وَتَأْيِيدُ ابْنِ جَمَاعَةَ لِذَلِكَ
بِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِكَمَالِ أَدَبِهِ رُدَّ بِأَنَّ الْأَلْيَقَ
اتِّبَاعُ التَّنْزِيلِ وَهُوَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
وَالتَّقْدِيمُ اللَّفْظِيُّ أَقْوَى مِنْ الْخَطِّيِّ. اهـ وَقَوْلُهُ:
لِيَخْرُجَ الْخَتْمُ مُسْتَوِيًا قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ يُقَالُ هَذَا
تَعْوِيلٌ عَلَى الْعَادَةِ وَأَحْوَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - خَارِجَةٌ عَنْ طَوْرِهَا بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ
كِتَابَتَهُ كَانَتْ مُسْتَقِيمَةً وَكَانَتْ تَطْلُعُ مُسْتَقِيمَةً اهـ.
بِحُرُوفِهِ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ
سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا
يَا عُمَرُ، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ سَيِّدِنَا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - آمَنْت بِاَللَّهِ مُخْلِصًا، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ سَيِّدِنَا
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَكَانَ نَقْشُ
خَاتَمِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ
(قَوْلُهُ: وَلِرَجُلٍ مِنْهَا حِلْيَةُ آلَةِ حَرْبٍ) وَمَعَ ذَلِكَ
تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا جَعَلَهُ
(2/32)
وَأَطْرَافِ سِهَامٍ لِأَنَّهَا تَغِيظُ
الْكُفَّارَ أَمَّا مَعَ السَّرَفِ فِيهَا فَتَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ
زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ (لَا) حِلْيَةَ (مَا لَا يَلْبَسُهُ كَسَرْجٍ
وَلِجَامٍ) وَرِكَابٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَلْبُوسٍ لَهُ كَالْآنِيَةِ.
وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ لِمَنْ ذُكِرَ
شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ وَبِالرَّجُلِ
فِي الثَّانِيَة الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَلَا يَحِلُّ لَهُمَا شَيْءٌ
مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ وَهُوَ حَرَامٌ
عَلَى الْمَرْأَةِ كَعَكْسِهِ وَإِنْ جَازَ لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِآلَةِ
الْحَرْبِ فِي الْجُمْلَةِ وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا
وَظَاهِرٌ مِنْ حِلِّ تَحْلِيَةِ مَا ذُكِرَ أَوْ تَحْرِيمُهُ حِلُّ
اسْتِعْمَالِهِ أَوْ تَحْرِيمُهُ مُحَلًّى لَكِنْ إنْ تَعَيَّنَتْ
الْحَرْبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ حَلَّ
اسْتِعْمَالُهُ
(وَلِامْرَأَةٍ) فِي غَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ (لُبْسُ) أَنْوَاعِ
(حُلِيِّهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَطَوْقٍ وَخَاتَمٍ وَسِوَارٍ
وَنَعْلٍ وَكَقِلَادَةٍ مِنْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ مُعَرَّاةٍ قَطْعًا
وَمَثْقُوبَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ لِدُخُولِهَا فِي اسْمِ
الْحُلِيِّ وَرَدَّ بِهِ تَصْحِيحَ الرَّافِعِيِّ تَحْرِيمُهَا وَإِنْ
تَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ يُقَالُ بِكَرَاهَتِهَا خُرُوجًا مِنْ
الْخِلَافِ فَعَلَى التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ تَجِبُ زَكَاتُهَا وَعَلَى
الْإِبَاحَةِ لَا تَجِبُ وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهَا تَجِبُ
(وَمَا نُسِجَ بِهِمَا) مِنْ الثِّيَابِ كَالْحُلِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ
جِنْسِهِ (لَا إنْ بَالَغَتْ فِي سَرَفٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا مِثْقَالٍ فَلَا يَحِلُّ لَهَا، لِأَنَّ
الْمُقْتَضِيَ لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهَا التَّزْيِينُ لِلرِّجَالِ
الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
حِلْيَةً إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحِلِّ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ كَمَا
تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ الْحُلِيَّ لِكَنْزِهِ
شَوْبَرِيٌّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي تَحْلِيَةِ آلَةِ
الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ
بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُجَاهِدَ وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تُسَمَّى آلَةَ حَرْبٍ
وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ مَنْ لَا يُحَارِبُ وَلِأَنَّ إغَاظَةَ الْكُفَّارِ
وَلَوْ مِمَّا بِدَارِنَا حَاصِلَةٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر
وَالتَّحْلِيَةُ جَعْلُ عَيْنِ النَّقْدِ فِي مَحَالَّ مُتَفَرِّقَةٍ مَعَ
الْإِحْكَامِ حَتَّى تَصِيرَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَلِإِمْكَانِ فَصْلِهَا
مَعَ عَدَمِ ذَهَابِ شَيْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَارَقَتْ التَّمْوِيهَ
السَّابِقَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّهُ حَرَامٌ كَمَا فِي حَجّ وَأَدْخَلَ
الشَّارِحُ فِيهَا الْخُفَّ وَكَذَا صَنَعَ م ر وَأَدْخَلَ فِيهَا أَيْضًا
الْمِنْطَقَةَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِآلَةِ الْحَرْبِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ
الْمُحَارِبُ فِي الْحَرْبِ مِنْ مُلَابَسَاتِ بَدَنِهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْرَافِ سِهَامٍ) أَيْ وَدُرُوعٍ وَمِنْطَقَةٍ بِكَسْرِ
الْمِيمِ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ وَتُرْسٍ وَسِكِّينِ الْحَرْبِ أَمَّا
سِكِّينُ الْمِهْنَةِ أَوْ الْمِقْلَمَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ
وَغَيْرِهِ تَحْلِيَتُهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا تَحْلِيَةُ
الدَّوَاةِ وَالْمِرْآةِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمِقْلَمَةِ أَيْ
أَوْ سِكِّينُ الْمِقْلَمَةِ وَهِيَ الْمِقْشَطُ وَالْمِقْلَمَةُ بِكَسْرِ
الْمِيمِ وِعَاءُ الْأَقْلَامِ ع ش (قَوْلُهُ: تَغِيظُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ
بَابُهُ بَاعَ قَالَ تَعَالَى {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29]
(قَوْلُهُ: وَرِكَابٍ) وَكَذَا اللَّبَبُ وَأَطْرَافُ سُيُورٍ وَبُرَّةُ
بَعِيرٍ أَمَّا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ مَا
يَتَعَلَّقُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْقِتَالِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَلْبُوسٍ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ
بِنَفْسِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَحِلُّ غَيْرُ الْمَلْبُوسِ لِأَنَّهُ
مَلْبُوسٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَأْتِي بِهَذَا تَوْطِئَةً لِلْقِيَاسِ
الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: كَالْآنِيَةِ فَهُوَ جَامِعٌ
لِلْقِيَاسِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْفِضَّةِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ صَرِيحًا فِي
قَوْلِهِ: وَخَاتَمُ فِضَّةٍ، وَكِنَايَةً فِي قَوْلِهِ: وَلِرَجُلٍ
مِنْهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: لِمَنْ ذُكِرَ أَيْ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى.
وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ التَّخَتُّمِ وَالتَّحْلِيَةِ، وَقَوْلُهُ:
وَبِالرَّجُلِ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ: وَلِرَجُلٍ حِلْيَةُ آلَةِ
حَرْبٍ، وَالْأَوْلَى قَوْلُهُ: وَخَاتَمُ فِضَّةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَازَ
لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِآلَةِ الْحَرْبِ) أَيْ الْمُحَلَّاةِ لِأَجْلِ
قَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهِيَ مَا إذَا تَعَيَّنَتْ كَأَنْ دَخَلَ
الْكُفَّارُ دَارَنَا وَإِلَّا فَتَجُوزُ لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِغَيْرِ
الْمُحَلَّاةِ وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حَلَّ
اسْتِعْمَالُهُ) وَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيَظْهَرُ نَعَمْ كَمَا
لَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِحَاجَةٍ
فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا مَعَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ إذْ لَا
تَنَافِيَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ
شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَكَقِلَادَةٍ) الْقِلَادَةُ كِنَايَةٌ عَنْ دَنَانِيرَ
كَثِيرَةٍ أَوْ فِضَّةٍ كَثِيرَةٍ تُنْظَمُ فِي خَيْطٍ وَتُوضَعُ فِي
رَقَبَةِ الْمَرْأَةِ وَالْمُعَرَّاةُ هِيَ الَّتِي يُجْعَلُ لَهَا عُيُونٌ
يُنْظَمُ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْعُيُونُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا
وَلَوْ مِنْ حَرِيرٍ كَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ
بِكَوْنِ الْعُيُونِ مِنْهَا أَوْ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ فَمَا فِي ح ل ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَثْقُوبَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ
الْمَثْقُوبَةَ تَجِبُ فِيهَا الذَّكَاةُ مَعَ حُرْمَتِهَا وَمِنْهَا مَا
يَقَعُ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعَلِّقُ عَلَى رَأْسِهَا أَوْ بُرْقُعِهَا
فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا مَثْقُوبَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُرًى فَهَذَا حَرَامٌ
وَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ م ر: فِي
شَرْحِهِ وَلَوْ تَقَلَّدَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مَثْقُوبَةً بِأَنْ
جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا زَكَّتْهَا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حِلِّهَا مَحْمُولٌ
عَلَى الْمُعَرَّاةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ لَهَا عُرًى فَإِنَّهَا لَا
زَكَاةَ فِيهَا لِأَنَّهَا صُرِفَتْ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ النَّقْدِ إلَى
جِهَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِهَا فِي غَيْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِهِ)
أَيْ بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ)
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَحِينَئِذٍ تَعْبِيرُهُ
بِالزَّعْمِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَا نُسِجَ بِهِمَا مِنْ الثِّيَابِ)
خَرَجَ الْفُرُشُ كَالسَّجَّادَةِ الْمَنْسُوجَةِ بِهِمَا فَتَحْرُمُ
لِأَنَّهَا لَا تَدْعُو لِلْجِمَاعِ كَالْمَلْبُوسِ م ر (قَوْلُهُ: لَا إنْ
بَالَغَتْ فِي سَرَفٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ أَصْلَ السَّرَفِ مُحَرَّمٌ
عَلَيْهَا كَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالسَّرَفُ أَنْ
تَفْعَلَهُ عَلَى مِقْدَارٍ لَا يُعَدُّ مِثْلُهُ زِينَةً كَمَا أَشْعَرَ
بِهِ قَوْلُهُ: بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ
بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إبَاحَةُ مَا
تَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ فِي زَمَنِنَا مِنْ عَصَائِبِ الذَّهَبِ
وَالتَّرَاكِيبِ وَإِنْ كَثُرَ ذَهَبُهَا إذْ النَّفْسُ لَا تَنْفِرُ
مِنْهَا بَلْ هِيَ فِي نِهَايَةِ الزِّينَةِ وَالْمُرَادُ بِالتَّرَاكِيبِ
هِيَ الَّتِي تُفْعَلُ بِالصَّوْغِ وَتُجْعَلُ عَلَى الْعَصَائِبِ وَأَمَّا
مَا يَقَعُ لِنِسَاءِ الْأَرْيَافِ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَثْقُوبَةِ أَوْ
الذَّهَبِ الْمَخِيطَةِ عَلَى الْقُمَاشِ فَحَرَامٌ وَإِنْ قَلَّ
كَالدَّرَاهِمِ الْمَثْقُوبَةِ الْمَجْعُولَةِ
(2/33)
وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ
لِاسْتِبْشَاعِهِ فَإِنْ أَسَرَفَتْ بِلَا مُبَالَغَةٍ لَمْ يَحْرُمْ
لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي
آلَةِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَمْ تُغْتَفَرْ فِيهِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ
بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِلُّهُمَا لِلْمَرْأَةِ
بِخِلَافِهِمَا لِغَيْرِهَا فَاغْتُفِرَ لَهَا قَلِيلُ السَّرَفِ
وَكَالْمَرْأَةِ الطِّفْلُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ لَا يُقَيَّدُ بِغَيْرِ آلَةِ
الْحَرْبِ فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى
فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لِبْسُ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى مَا
مَرَّ وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا إلَّا إنْ فَاجَأَتْهُمَا الْحَرْبُ
وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ وَتَعَيَّنَتْ عَلَى الْخُنْثَى
(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا (تَحْلِيَةُ مُصْحَفٍ بِفِضَّةٍ)
إكْرَامًا لَهُ (وَلَهَا) دُونَ غَيْرِهَا تَحْلِيَتُهُ (بِذَهَبٍ)
لِعُمُومِ خَبَرِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي
وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ مَنْ كَتَبَ
الْقُرْآنَ بِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ: وَحَيْثُ
حَرَّمْنَا الذَّهَبَ فَالْمُرَادُ بِهِ إذَا لَمْ يَصْدَأْ فَإِنْ صَدِئَ
بِحَيْثُ لَا يَبِينُ لَمْ يَحْرُمْ. |