التجريد لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج

[بَابٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ]
. (بَابٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا)
أَيْ: مِمَّا تَعَلَّقَ بِالْبُيُوعِ كَالنَّجْشِ وَالسَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ وَكَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ ح ل وَإِلَّا فَالْغَيْرُ شَامِلٌ لِلصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْهَا ع ش وَلَكِنْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لَا تَصْدُقُ بِقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ إلَخْ، وَلَا تَصْدُقُ أَيْضًا بِفَصْلِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ الْآتِي مَعَ أَنَّ الْمَتْنَ جَعَلَهُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ هَذَا الْبَابِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِفَصْلٍ.
وَعِبَارَةُ م ر وحج فِي تَقْرِيرِ التَّرْجَمَةِ رُبَّمَا تَصْدُقُ بِهِ حَيْثُ قَالَا: بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا. اهـ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ. هَذَا وَقَدْ تَرْجَمَ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ صَاحِبُ الرَّوْضِ بِبَابٍ فَلَوْ فَعَلَ الْمَتْنُ مِثْلَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ تَأَمَّلْ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَنْهِيَّاتِ مَعَ عِلْمِهَا مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ لِنَصِّ الشَّارِعِ

(2/204)


وَالنَّهْيُ عَنْهَا قَدْ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ لَا يَقْتَضِيهِ وَسَيَأْتِي (نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) أَيْ: طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَعَلَيْهِمَا يُقَدَّرُ فِي الْخَبَرِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ: عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ، أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ: بَذَلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ (فَتُحَرَّمُ أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (وَثَمَنُ مَائِهِ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَلَا مَعْلُومٍ، وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ وَلِمَالِكِ الْأُنْثَى أَنْ يُعْطِيَ مَالِكَ الْفَحْلِ شَيْئًا هَدِيَّةً. وَإِعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ.

(وَعَنْ) بَيْعِ (حَبْلِ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَيْهَا رَدًّا عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَفْعَلُونَهَا. (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ عَنْهَا قَدْ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا) بِأَنْ كَانَ لِذَاتِ الْعَقْدِ، أَوْ لَازِمِهِ بِأَنْ فُقِدَ بَعْضُ أَرْكَانِهِ، أَوْ شُرُوطِهِ ز ي.
وَقَوْلُهُ: لِذَاتِهِ كَبَيْعِ حَبْلِ الْحَبَلَةِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ مَعْدُومٌ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَازِمِهِ كَبَيْعِ الْمُلَامَسَةِ. فَقَوْلُهُ: بِأَنْ فَقَدَ إلَخْ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. (قَوْلُهُ: نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ ق ل: وَهَذِهِ الْمَنْهِيَّاتُ صَغَائِرُ. وَقَالَ حَجّ: إنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْكُلَّ مِنْ الْكَبَائِرِ. (قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) لَمْ يَقُلْ: عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضِرَابُهُ) بِكَسْرِ الضَّادِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ ضِرَابًا بِالْكَسْرِ نَزَا عَلَيْهَا. انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضِّرَابَ مَصْدَرُ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ وَإِلَّا فَالضِّرَابُ وَزْنُهُ فِعَالٌ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَصْدَرٌ لِفَاعَلَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِضَارَبَ لَا لِضَرَبَ ع ش، وَقَدَّمَ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَشْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ حُكِيَ مُقَابِلُهُ بِيُقَالُ. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ: مَاؤُهُ) أَيْ: الَّذِي فِي صُلْبِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْمَعْنَى فِيهِ إلَخْ قَالَ فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ وَيُقَالُ: أُجْرَةُ ضِرَابِهِ، وَلَعَلَّ سَبَبَ إسْقَاطِ الشَّيْخِ لَهُ رُجُوعُهُ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَوَّلِ ع ش.
(قَوْلُهُ: مُضَافٌ) أَيْ: جِنْسُ الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُضَافَيْنِ أَيْ: بَذْلَ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَأَخْذَهُ كَمَا يَأْتِي. وَأَخْذِ الْبَدَلِ كَبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِيَصِحَّ النَّهْيُ) ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. وَالضِّرَابُ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْمَاءُ عَيْنٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ ز ي.
(قَوْلُهُ: مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ) عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي وَهَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُقَدِّرْ بَيْعَ عَسْبِ الْفَحْلِ كَمَا فَعَلَ فِيمَا بَعْدَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُ) أَيْ: دَفْعُهَا وَأَخْذُهَا، وَتُفَارِقُ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى التَّلْقِيحِ، وَلَا عَيْنَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فَتَحْرُمُ أُجْرَتُهُ أَيْ: إيجَارُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِلضِّرَابِ كَذَا قِيلَ، وَلَكِنَّ الْأَنْسَبَ لِقَوْلِهِ: وَثَمَنُ مَائِهِ بَقَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا فَتَكُونُ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَعَلَى الثَّانِي لِلتَّعَدِّيَةِ. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ يَقْتَضِي التَّعْلِيلُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ؟ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَاسْتَوْجَهَ ع ش الِاسْتِحْقَاقَ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَالْحَرْثِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِالِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) أَيْ: فِي النَّهْيِ مِنْ حَيْثُ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ الْفَسَادِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِي الْفَسَادِ. . . إلَخْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْضَحُ مِنْ هَذِهِ وَنَصُّهَا فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ، وَيَبْطُلُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ إلَخْ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ لَا يُنْتِجُهَا. وَقَوْلُهُ: إنَّ مَاءَ الْفَحْلِ. . . إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَثَمَنُ مَائِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَضِرَابُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أُجْرَتُهُ. فَقَوْلُهُ: وَضِرَابَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى " مَاءَ " عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ كَمَا فِي ح ل.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُتَقَوِّمِ مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ. وَقَوْلُهُ: وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ. الْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرِهِ سَابِقًا بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسَلُّمِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ) وَالْإِنْزَاءُ كَالضِّرَابِ، أَوْ هُوَ عَيْنُهُ وَمَا قِيلَ مِنْ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِهِ لِلْإِنْزَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً لِمَا يَشَاءُ فَلَهُ حِينَئِذٍ إنْزَاؤُهُ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ حَيْثُ اضْطَرَّ إلَيْهِ أَهْلُ نَاحِيَةٍ، وَعَلَيْهَا حُمِلَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ مَنْعَهُ كَبِيرَةٌ. ق ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَبْذُلَ مَالَهُ مَجَّانًا وَقَدْ مَنَعْتُمْ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ قُلْت طَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لَهُ زَمَنًا مُعَيَّنًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَا شَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِمُعَيِّنٍ كَالْحَرْثِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْزَاءُ، وَإِذَا وَقَعَ الْفَحْلُ فِي حَالِ ضِرَابِهِ فَمَاتَ، أَوْ انْكَسَرَ ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْأُنْثَى إذَا كَانَ مُسْتَعِيرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ كَوُقُوعِ الْبَهِيمَةِ فِي بَيْتِ الدَّقِيقِ حَالَةَ طَحْنِهَا، أَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهُ فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: وَلِمَالِك الْأُنْثَى) عِبَارَةُ حَجّ وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ لَمْ يَبْعُدْ. (قَوْلُهُ: وَإِعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ) أَيْ: مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا فِي م ر، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَكَانَ

(2/205)


وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ بِأَنْ يَبِيعَهُ) أَيْ: نِتَاجَ النِّتَاجِ (أَوْ) يَبِيعَ شَيْئًا (بِثَمَنٍ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ أَيْ: إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا، فَوَلَدُ وَلَدِهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَمَا أَنَّ حَبْلَ فِي حَبْلِ الْحَبَلَةِ كَذَلِكَ، وَالْحَبَلَةُ جَمْعُ حَابِلٍ كَفَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ وَلَا يُقَالُ: حَبَلَ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَّا مَجَازًا وَعَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ، وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَعَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ.

(وَ) عَنْ بَيْعِ (الْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ وَهِيَ لُغَةً: جَنِينُ النَّاقَةِ خَاصَّةً، وَشَرْعًا: أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِي (وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ) مِنْ الْأَجِنَّةِ. (وَ) عَنْ بَيْعِ (الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ كَمَجَانِينِ جَمْعُ مَجْنُونٌ، أَوْ مِضْمَانٌ كَمَفَاتِيحَ، وَمِفْتَاحٍ (وَهِيَ مَا فِي الْأَصْلَابِ) لِلْفُحُولِ مِنْ الْمَاءِ. رَوَى النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهِمَا مَالِكٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الِامْتِنَاعُ مِنْهَا كَبِيرَةً حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَتَجِبُ الْإِعَارَةُ مَجَّانًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ حَيْثُ لَا تَجِبُ إعَارَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ تَعَيَّنَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَهُ بَدَلٌ بِأَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْبًا بِخِلَافِ هَذَا. اهـ وَخَالَفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَيَصِحُّ وَقْفُهُ لِلضِّرَابِ وَإِذَا أَتْلَفَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُهُ الْوَاقِفُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَبْدًا فَضَمَانُ مُتْلِفَاتِهِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ مُتْلِفَاتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ وَقَدْ فَوَّتَهَا الْمَالِكُ بِالْوَقْفِ، وَالْفَحْلَ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ مُتْلِفَاتُهُ فَالضَّمَانُ فِي مُتْلِفَاتِهِ عَلَى مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ جَنَى شَخْصٌ عَلَى الْفَحْلِ الْمَوْقُوفِ أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَاشْتُرِيَ بِهَا غَيْرُهُ، وَوُقِفَ مَكَانَهُ بِرْمَاوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ) قِيلَ: إطْلَاقُ حَبْلِ الْحَبَلَةِ عَلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ فِيهِ مَجَازٌ. الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ خَاصٌّ بِمَا فِي الْبَطْنِ، وَالنِّتَاجَ خَاصٌّ بِالْمُنْفَصِلِ وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الزِّيَادِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ الْحَوَاشِي صَرَّحُوا بِأَنَّ هَذَا إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ. . . إلَخْ أَيْ: لُغَةً بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك وَلَدَ مَا تَلِدُهُ، وَهَذَا بَيْعُ حَبْلِ الْحَبَلَةِ حَقِيقَةً.
وَقَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعُ شَيْئًا بِثَمَنٍ إلَيْهِ هُوَ بَيْعُ حَبْلِ الْحَبَلَةِ عَلَى التَّسَامُحِ أَيْ: الْبَيْعِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْغَصْبِ م ر وز ي. (قَوْلُهُ: أَيْ: إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى فِي الرِّيفِ بِالْمُقَاوَمَةِ وَهُوَ بَيْعُ الدَّوَابِّ، وَيُؤَجَّلُ الثَّمَنُ إلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَوْلَادِ الدَّابَّةِ، وَلَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى فَيُعْذَرُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش.
وَقَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعُ شَيْئًا هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ) أَيْ: وَفَتْحِهَا ح ل وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ) مَأْخُوذٌ مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرُ م ر أَيْ: فِي صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَنُتِجَتْ النَّاقَةُ بِمَعْنَى وَلَدَتْ فَالنَّاقَةُ فَاعِلٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ: حَبَلَ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَّا مَجَازًا) فَفِيهِ تَجَوُّزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ إطْلَاقُ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ. وَالثَّانِي إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمَحْبُولُ. اهـ. ز ي وَعَلَاقَةُ الْأَوَّلِ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ خَاصٌّ بِحَمْلِ الْآدَمِيَّاتِ أُطْلِقَ هُنَا عَلَى مُطْلَقِ حَمْلٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْآدَمِيَّاتِ، أَوْ فِي غَيْرِهَا، وَعَلَاقَةُ الثَّانِي التَّعَلُّقُ. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ) هُوَ أَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ. وَالثَّانِي أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ. . . إلَخْ ع ش

. (قَوْلُهُ: مَلْقُوحَةٍ) أَيْ: مَلْقُوحٍ بِهَا فَفِيهِ حَذْفٌ، وَإِيصَالٌ يُقَالُ: لَقِحَتْ النَّاقَةُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهِيَ لَاقِحٌ أَيْ: حَمَلَتْ فَهِيَ حَامِلٌ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ لُغَةً: جَنِينُ النَّاقَةِ خَاصَّةً) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَخَصُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْعَكْسُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْمَشْهُورُ أَغْلَبِيٌّ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَيْضًا وَقَدْ يَكُونُ اللُّغَوِيُّ أَخَصَّ كَمَا هُنَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَجِنَّةِ) شَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ: جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّاءَ فِي مَلْقُوحَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ، أَوْ لِلْوَحْدَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَعَنْ بَيْعِ الْمَضَامِينِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهَا فِي ظُهُورِهَا فَكَأَنَّهَا ضَمِنَتْهَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. عَمِيرَةُ. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ الْفُحُولِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَاءِ) إنْ قُلْت يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَسْبِ فَمَا وَجْهُ ذِكْرِهِ؟ قُلْت وَجْهُهُ وُرُودُ النَّهْيِ عَنْ خُصُوصِ الصِّيغَتَيْنِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مُخَالَفَةُ الْمَتْرُوكَةِ لِلْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى آخَرَ بِهِ تُفَارِقُ الْأُخْرَى شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي عَسْبِ الْفَحْلِ أَنَّهُ اسْمٌ لِلضِّرَابِ، وَبَعْضُ النَّاسِ خَصَّ الْأَوَّلَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَاءَهُ لِلْأُنْثَى مَثَلًا وَهُنَا يَشْتَرِيَهُ مُطْلَقًا وَلْيَنْظُرْ مَا مُسْتَنَدُ ذَلِكَ ح ل وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَكَتَبَ أَيْضًا فَمَاءُ الْفَحْلِ الَّذِي فِي صُلْبِهِ يُسَمَّى بِاسْمَيْنِ: يُسَمَّى عَسْبًا، وَيُسَمَّى مَضْمُونًا، أَوْ مِضْمَانًا فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ خُصُوصِ الصِّيغَتَيْنِ، وَعَلَى تَفْسِيرِ الْعَسْبِ بِالْمَاءِ يَكُونُ أَعَمَّ مِمَّا هُنَا؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الصُّلْبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ الْمَعْنَى الثَّانِي لِلْمَضَامِينِ الْمُغَايِرُ لِمَعْنَى عَسْبِ الْفَحْلِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْأُولَى أَنْ يَشْتَرِيَ مَاءَهُ مُطْلَقًا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تَحْمِلُ بِهِ الْأُنْثَى مِنْ ضِرَابِهِ فِي عَامٍ، أَوْ عَامَيْنِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مَعْنَيَانِ

(2/206)


مُرْسَلًا، وَالْبَزَّارُ مُسْنَدًا، أَوْ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

(وَ) عَنْ بَيْعِ (الْمُلَامَسَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَلْمِسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ) لِكَوْنِهِ مَطْوِيًّا، أَوْ فِي ظُلْمَةٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَطْوِيًّا (، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ، أَوْ يَبِعْهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ، وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ. (وَ) عَنْ بَيْعِ (الْمُنَابَذَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ فَيَأْخُذُهُ الْآخَرُ، أَوْ يَقُولُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْك لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ، أَوْ عَدَمِ الصِّيغَةِ، أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ.

(وَ) عَنْ بَيْعِ (الْحَصَاةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٍ (بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ) هَذِهِ الْحَصَاةُ (عَلَيْهِ، أَوْ) يَقُولَ (بِعْتُك وَلَك) مَثَلًا (الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا، أَوْ يَجْعَلَا) أَيْ: الْمُتَبَايِعَانِ (الرَّمْيَ بَيْعًا) ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهِ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ، أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ، أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ. (وَ) عَنْ بَيْعِ (الْعُرْبُونِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ، وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَيُقَالُ: الْعُرْبَانِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ. (بِأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مُخْتَلِفَانِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مُرْسَلًا) وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ قَالَ النَّاظِمُ:
وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ
(قَوْلُهُ: لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا، وَلَا مَقْدُورًا عَلَى تَسَلُّمِهِ. ع ش

. (قَوْلُهُ: وَعَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ إلَخْ) أَيْ: عَنْ بَيْعٍ مُتَعَلِّقٍ بِالْمُلَامَسَةِ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: يَلْمِسَ) مَاضِيهِ لَمَسَ بِفَتْحِ الْمِيمِ ح ل.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِيهِ) أَيْ: بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ ح ل. (قَوْلُهُ: عَنْ رُؤْيَتِهِ) فَيَبْطُلُ هَذَا قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَاللَّمْسُ لَا يَقُومُ مَقَامَ النَّظَرِ شَرْعًا وَلَا عَادَةً ق ل وَز ي.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته) قَالَ عَمِيرَةُ: يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَكَذَا فِي كُلِّ مَوَاضِعِهَا أَيْ: التَّاءِ وَعَلَّلَ الْإِمَامُ بُطْلَانَهُ بِالتَّعْلِيقِ، وَالْعُدُولِ عَنْ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَبَيَّنَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ إنْ جَعَلَ اللَّمْسَ شَرْطًا فَبُطْلَانُهُ لِلتَّعْلِيقِ وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ بَيْعًا فَلِفَقْدِ الصِّيغَةِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ بِعْتُكَهُ) أَيْ: فَيَقْبَلُ الْآخَرُ فَهُوَ وَإِنْ وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَكِنَّهُ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ اللَّمْسُ ح ل.
(قَوْلُهُ: خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَنْبِذُ إلَيْك) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَبَابُهُ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ: وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ) عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهِ) أَيْ: فِي بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ بِصُورَتَيْهِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ بِصُوَرِهِ الثَّلَاثِ.
وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَيْ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ الْمُلَامَسَةِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُ الصِّيغَةِ أَيْ: الصِّيغَةِ الصَّحِيحَةِ وَهَذَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الْمُنَابَذَةِ، وَالثَّانِيَةِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْمُنَابَذَةِ، وَالثَّالِثَةِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِ الصِّيغَةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُلَامَسَةِ: فَقَدْ بِعْتُكَهُ صِيغَةٌ فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبُطْلَانَ فِي هَذِهِ لِلتَّعْلِيقِ لَا لِعَدَمِ الصِّيغَةِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ قَوْلَهُ: فَقَدْ بِعْتُكَهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ، أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ الصِّيغَةَ مَفْقُودَةً لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ عَدَمُ التَّعْلِيقِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ) ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ مَثَلًا لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِالتَّفَرُّقِ، أَوْ إلْزَامِ الْعَقْدِ وَقَدْ قَطَعَهُ بِاللَّمْسِ، أَوْ بِالنَّبْذِ مَعَ كَوْنِهِمَا فِي مَحَلِّهِمَا لَمْ يَلْزَمَا الْعَقْدُ فَكَأَنَّهُ نَفَى خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَنَفْيُهُ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا نَفْيُ خِيَارِ الْعَيْبِ بِاللَّمْسِ، وَالنَّبْذِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي بِذَلِكَ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ

. (قَوْلُهُ: وَلَك مَثَلًا) أَيْ: أَوْ لَنَا أَوْ لِي م ر ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ بَيْعًا) أَيْ: اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ إذَا رَمَيْت هَذِهِ الْحَصَاةَ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك، فَإِذَا رَمَاهَا أَخَذَهُ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ. فَقَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَكُونُ قَاصِدًا بِهِ الْإِخْبَارَ لَا الْإِنْشَاءَ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِنْشَاءَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إعْرَاضًا عَنْ قَوْلِهِ إذَا رَمَيْتَ هَذِهِ الْحَصَاةَ فَإِذَا قَبِلَ صَحَّ الْبَيْعُ ح ل؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْإِنْشَاءِ يَنْفِي التَّعْلِيقَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَيْفَ يَصِحُّ مَعَ التَّعْلِيقِ وَقَالَ ع ش: أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ بَيْعًا بِأَنْ يَتَوَافَقَا عَلَى بَيْعِ ثَوْبٍ وَلَوْ مُعَيَّنًا، أَوْ عَلَى أَنَّ الرَّمْيَ نَفْسَهُ يَكُونُ بَيْعًا فَيَقْبَلُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَرْمِي الْبَائِعُ الْحَصَاةَ فَمَا وَقَعَتْ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ يَكُونُ مَبِيعًا وَبِهَذَا تُغَايِرُ مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ: فِي الْأُولَى، أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ فِي الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ الْعُرْبَانُ) وَقَدْ تُبْدَلُ عَيْنُهُ هَمْزَةً فِي الثَّلَاثِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: سَلْعَةً) بِالْفَتْحِ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهِيَ الْغُدَّةُ الَّتِي تَعْتَرِي الْحَيَوَانَ، وَتُطْلَقُ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْمَتَاعِ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: السِّلْعَةُ خُرَاجٌ كَهَيْئَةِ الْغُدَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَالسِّلْعَةُ الْبِضَاعَةُ وَالْجَمْعُ فِيهَا سِلَعٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، وَالسَّلْعَةُ أَيْضًا الشَّجَّةُ وَالْجَمْعُ سِلَعَاتٍ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ. اهـ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهَا بِالْكَسْرِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَبِالْفَتْحِ خَاصَّةٌ بِالشَّجَّةِ، وَفِي الْقَامُوسِ السِّلْعَةُ بِالْكَسْرِ الْمَتَاعُ جَمْعُهَا سِلَعٌ، وَالْغُدَّةُ فِي الْجَسَدِ وَقَدْ تُفْتَحُ، أَوْ خُرَاجٌ فِي الْعُنُقِ وَأَسْلَعَ أَيْ: صَارَ ذَا سِلْعَةٍ فَهُوَ مَسْلُوعٌ، وَبِالْفَتْحِ الشَّجَّةُ ع ش وَقَوْلُ ع ش: خُرَاجٌ بِوَزْنِ غُرَابٍ وَلِبَعْضِهِمْ:
وَسِلْعَةُ الْمَتَاعِ سِلْعَةُ الْجَسَدْ ... كُلٌّ بِكَسْرِ السِّينِ هَكَذَا وَرَدْ
أَمَّا الَّتِي بِالْفَتْحِ فَهِيَ الشَّجَّهْ ... عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ فَاسْلُكْ نَهْجَهْ

(2/207)


وَيُعْطِيَهُ نَقْدًا) مَثَلًا (لِيَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَهَا وَإِلَّا فَهِبَةً) بِالنَّصْبِ. وَعَدَمُ صِحَّتِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ، وَالْهِبَةِ إنْ لَمْ يَرْضَ السِّلْعَةَ.

(وَ) عَنْ (تَفْرِيقٍ) وَلَوْ بِإِقَالَةٍ، أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ، أَوْ سَفَرٍ (لَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ وَعِتْقٍ) كَوَقْفٍ (بَيْنَ أَمَةٍ) وَإِنْ رَضِيَتْ (وَفَرْعِهَا) وَلَوْ مَجْنُونًا (حَتَّى يُمَيِّزَ) لِخَبَرِ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَيُعْطِيهِ نَقْدًا) أَيْ: وَقَدْ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا لِيَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَهَا م ر وع ش.
(قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيَكُونَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ أَيْ: لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ الْمُشْتَرِي بِمَجْمُوعِ هَذَا اللَّفْظِ سَوَاءٌ أَنَصَبَ الْمُشْتَرِيَ أَيْ: عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِيَكُونَ الْمَحْذُوفَةِ، أَوْ رُفِعَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِلَّا فَهُوَ هِبَةٌ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ.
وَقَوْلُهُ: لِيَكُونَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ النَّصْبُ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْمُشْتَرِي لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ النَّصْبَ هُنَا عَلَى الْخَبَرِيَّةِ لِيَكُونَ، وَهِيَ لَا تُفِيدُ مَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى بِخِلَافِهِ فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ الَّذِي تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ عَلَى الْحَالِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَهِيَ تُفِيدُ مَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ) أَيْ: الْبَيْعِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَافَقَا قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَبَايَعَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ شَوْبَرِيٌّ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِاشْتِمَالِهِ أَيْ: ضِمْنًا.
وَعِبَارَةُ م ر لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطَيْنِ مُفْسِدَيْنِ: شَرْطِ الْهِبَةِ، وَشَرْطِ رَدِّ الْمَبِيعِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْضَى

. (قَوْلُهُ: وَعَنْ تَفْرِيقٍ) هَلَّا قَالَ: وَعَنْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ الْحَاصِلِ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَمَةٍ وَفَرْعِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا لَا بَيَانِ الْمَنْهِيَّاتِ عَنْهَا وَلَوْ غَيْرَ بُيُوعٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ) وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ التَّفْرِيقِ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضِ، وَمَالِكِ اللُّقَطَةِ دُونَ الْأَصْلِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي اللُّقَطَةِ وَالْقَرْضِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَهَبَهُ الْأُمَّ حَائِلًا ثُمَّ حَبَلَتْ فِي يَدِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَاهِبُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْوَلَدِ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُمَا لَهُ مَعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي أَحَدِهِمَا لِعَدَمِ تَأَتِّي الْعِلَّةِ فِيهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَفَرٍ) أَيْ: إنْ حَصَلَ بِهِ تَضَرُّرٌ لَا نَحْوُ فَرْسَخٍ لِحَاجَةٍ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: أَوْ سَفَرٍ أَيْ: حَيْثُ كَانَتْ رَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ يُمْكِنُهَا السَّفَرُ مَعَهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إيحَاشٌ وَلَا يَبْعُدُ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ وَعِتْقٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ مُحْسِنٌ. وَالْوَصِيَّةُ قَدْ لَا تَقْتَضِي التَّفْرِيقَ بِوَضْعِهَا فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ زَمَانِ التَّمْيِيزِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ التَّمْيِيزِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا وَلَا بُعْدَ فِيهِ شَرْحُ م ر. أَيْ وَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ تَأْخِيرَ الْقَبُولِ إلَى تَمْيِيزِ الْوَلَدِ، وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافُهُ وَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي ع ش.
(قَوْلُهُ: وَعِتْقٍ) أَيْ: مُنَجَّزٍ، أَوْ مُعَلَّقٍ لِيَشْمَل التَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ وَلَوْ فَاسِدَةً ب ر.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَمَةٍ) أَيْ: وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَتْ أَيْ: أَوْ كَانَتْ كَافِرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً لَهَا شُعُورٌ تَتَضَرَّرُ مَعَهُ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَخَرَجَتْ الْحُرَّةُ فَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ فَرْعِهَا كَمَا يَأْتِي. وَالْحَدِيثُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِالْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَفَرْعِهَا) أَيْ: الرَّقِيقِ الْمَمْلُوكِ لِمَالِكِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا إلَخْ أَيْ: وَلَوْ مِنْ زِنًا، أَوْ مِنْ مُسْتَوْلَدَةٍ حَدَثَ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا، وَإِنْ ارْتَكَبَتْ الدُّيُونُ السَّيِّدَ وَتَبْقَى مُسْتَقِرَّةً فِي ذِمَّتِهِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجْنُونًا) دَخَلَ فِيهِ الْبَالِغُ حَتَّى يُفِيقَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْجُنُونِ تَمْتَدُّ زَمَانًا طَوِيلًا أَمَّا الْيَسِيرَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُفِيقِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُمَيِّزَ) التَّمْيِيزُ فَهْمُ الْخِطَابِ وَرَدُّ الْجَوَابِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ شَوْبَرِيٌّ وَخَرَجَ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ لَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ بِالذَّبْحِ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَالْمَذْبُوحُ الْوَلَدُ، أَوْ الْأُمُّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا وَيُكْرَهُ حِينَئِذٍ وَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ بِنَحْوِ بَيْعٍ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَذْبَحُهُ لَمْ يَصِحَّ، فَقَدْ لَا يَذْبَحُ وَشَرْطُ الذَّبْحِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ. اهـ شَيْخُنَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ حَتَّى يُمَيِّزَ أَيْ: وَلَوْ فِي دُونِ السَّبْعِ أَيْ: سَبْعِ سِنِينَ عَلَى الْأَوْجَهِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ اعْتِبَارِ السَّبْعِ مَعَ التَّمْيِيزِ بِأَنَّ فِيهَا نَوْعَ تَكْلِيفٍ وَعُقُوبَةٍ فَاحْتِيطَ لَهَا شَوْبَرِيٌّ.
وَقَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الْعِبَارَةِ خَرَجَ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ إلَخْ أَيْ: بِقَوْلِهِ حَتَّى يُمَيِّزَ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ. وَقَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ. . . إلَخْ. الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا ذَبَحَ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَذْبَحُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَنْ فَرَّقَ إلَخْ) وَخَبَرِ «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» قَالَ م ر: وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِوُرُودِ الْوَعِيدِ

(2/208)


فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَالْأَبُ وَإِنْ عَلَا كَالْأُمِّ فَإِنْ اجْتَمَعَا حُرِّمَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ. وَالْجَدَّةُ فِي هَذَا كَالْأَبِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَبُ، وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيُبَاعُ الْوَلَدُ مَعَ أَيِّهِمَا كَانَ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، أَوْ مَالِكُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَالِكِ الْآخَرِ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّمْيِيزِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ أَمَّا سَائِرُ الْمَحَارِمِ فَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. وَالْجَدُّ لِلْأُمِّ أَلْحَقَهُ الْمُتَوَلِّي بِالْجَدِّ لِلْأَبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِسَائِرِ الْمَحَارِمِ، وَقَوْلِي لَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ، وَعِتْقٍ مِنْ زِيَادَتِي. (فَإِنْ فَرَّقَ) بَيْنَهُمَا (بِنَحْوِ بَيْعٍ) كَهِبَةٍ، وَقِسْمَةٍ، وَقَرْضٍ (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ، وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ بَيْعٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ.

(وَ) عَنْ (بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (كَبِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا، أَوْ بِأَلْفَيْنِ لِسَنَةٍ) فَخُذْهُ بِأَيِّهِمَا شِئْت، أَوْ أَشَاءُ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهِ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ. (وَ) عَنْ (بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَبِعْتُكَ ذَا الْعَبْدِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَك بِكَذَا (أَوْ قَرْضٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّدِيدِ فِيهِ ع ش، وَأَمَّا الْعَقْدُ فَحَرَامٌ مِنْ الصَّغَائِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُهُ. (قَوْلُهُ: فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ) فَإِنْ قُلْت: التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ إنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ تَعْذِيبٌ، وَالْجَنَّةُ لَا تَعْذِيبَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْقِفِ فَكُلُّ أَحَدٍ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَضُرُّهُ التَّفْرِيقُ. وَأُجِيبُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَيْسُوا مَشْغُولِينَ فِي جَمِيعِ أَزْمِنَةِ الْمَوْقِفِ بَلْ فِيهَا أَحْوَالٌ يَجْتَمِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَالتَّفْرِيقُ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ تَعْذِيبٌ، أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ وَيُمْكِنُ اخْتِيَارُ الْأَوَّلِ وَيُنْسِيهِ اللَّهُ تَعَالَى أَحِبَّتَهُ فَلَا تَعْذِيبَ ع ش وح ف.
(قَوْلُهُ: وَالْأَبُ كَالْأُمِّ) أَيْ: فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْعِهِ كَمَا يَحْرُمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَبٌ وَجَدٌّ جَازَ بَيْعُهُ مَعَ جَدِّهِ لِانْدِفَاعِ ضَرَرِهِ بِبَقَائِهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْجَدَّةُ) أَيْ: لِأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ. وَقَوْلُهُ: فِي هَذَا أَيْ: فِي الِاجْتِمَاعِ مَعَ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ) وَكَذَا لِلْأَبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ: فَإِذَا بَاعَهُمَا دُونَهُ، أَوْ عَكَسَ بَطَلَ وَلَوْ اجْتَمَعَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ فَهَلْ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا، أَوْ يُعْتَبَرُ الْأَبُ؟ فَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ سم وَاسْتَقْرَبَ ع ش اعْتِبَارَ الْأَبِ بِرْمَاوِيٌّ.
وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِكُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَالِكِ الْآخَرِ) كَأَنْ وَرَّثَاهُمَا، أَوْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِالْأُمِّ وَلِلْآخَرِ بِالْفَرْعِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ أَيْ: إنْ اتَّحَدَ الْمَالِكُ. فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ مَالِكُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَالِكِ الْآخَرِ فَالتَّفْرِيقُ حَاصِلٌ أَلْبَتَّةَ فَكَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا مُجْتَمَعَانِ؟ قُلْت يُمْكِنُ الِاجْتِمَاعُ بِأَنْ يَكُونَ أَخَوَانِ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا مَالِكُ الْأُمِّ وَالثَّانِي مَالِكُ الْوَلَدِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ مَمْلُوكَهُ مِنْهُمَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا سَائِرُ الْمَحَارِمِ) مَفْهُومُ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي فَرْعِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ لِلْأُمِّ) الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ جَدِّ الْأَبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِدَلِيلِ إلْحَاقِهِ بِهِ وَأَمَّا الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِالْجَدِّ لِلْأَبِ) مُعْتَمَدٌ ع ش. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ بَيْعٍ) لِأَحَدِهِمَا كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ كَمَا فِي ح ل وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ دُونَ بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ. اهـ. م ر وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ إنْ اتَّحَدَ الْجُزْءُ كَثُلُثِهِمَا لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ كَثُلُثٍ، وَرُبُعٍ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقِسْمَةٍ) أَيْ: قِسْمَةِ رَدٍّ، أَوْ تَعْدِيلٍ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ فَلَا تَتَأَتَّى هُنَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. لَكِنْ قَالَ ع ش: وَلَوْ إفْرَازًا. اهـ وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا يَعْنِي: الْقِسْمَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْعًا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلَوْ إفْرَازًا ضَعِيفًا، وَصُورَتُهَا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ وَلَدِهَا تُسَاوِي قِيمَتَهَا، وَصُورَةُ التَّعْدِيلِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدَانِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُمَا تُسَاوِي قِيمَتَهَا. (قَوْلُهُ: لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ) أَيْ: فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِلَازِمِهِ فَاقْتَضَى الْفَسَادَ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: عَنْ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ.

. (قَوْلُهُ: وَبِيعَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى الْهَيْئَةِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي.
وَقَوْلُهُ فِي بَيْعَةٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر. قَالَ شَيْخُنَا وَفِي تَسْمِيَةِ هَذَا بِيعَتَيْنِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهَا بِيعَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا سَمَّاهَا بِيعَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ التَّرْدِيدِ فِي الثَّمَنِ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَلْفَيْنِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَأَلْفَيْنِ بِالْوَاوِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَهُوَ أَلْفٌ، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ أَلْفَانِ م ر شَوْبَرِيٌّ.
وَمَحَلُّهُ إذَا حُذِفَ قَوْلُهُ: فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) الْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ مَنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ إنَّمَا يُبْطِلُهُ إذَا وَقَعَ فِي صُلْبِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَ لُزُومِهِ شَامِلٌ لِخِيَارِ الشَّرْطِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ حَجّ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي) فَإِذَا بَاعَهُ وَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ بَاطِلٌ، وَأَمَّا بَيْعُ الدَّارِ فَإِنْ تَبَايَعَاهَا مُعْتَقِدَيْنِ صِحَّةَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بَطَلَ وَإِنْ اعْتَقَدَا فَسَادَهُ صَحَّ

(2/209)


كَبِعْتُكَ عَبْدِي بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ تُقْرِضَنِي مِائَةً، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ، وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يُفْرَضَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْبَيْعُ (وَكَبَيْعِهِ زَرْعًا، أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) بِضَمِّ الصَّادِ، وَكَسْرِهَا (أَوْ يَخِيطَهُ) لِاشْتِمَالِ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي بَعْدُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ. (وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ، أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ قَطْعِ تَمْرٍ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا.

(وَ) بِشَرْطِ (أَجَلٍ وَرَهْنٍ، وَكَفِيلٍ مَعْلُومَيْنِ لِعِوَضٍ) مِنْ مَبِيعٍ، أَوْ ثَمَنٍ (فِي ذِمَّته)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ز ي وَشَرْحُ م ر وحج؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: كَبِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ) قَالَ: هُنَا عَبْدِي، وَفِيمَا قَبْلَهُ ذَا الْعَبْدِ وَقَالَ هُنَا أَيْضًا: بِشَرْطٍ إلَخْ، وَقَالَ أَوَّلًا عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي، وَقَالَ أَيْضًا هُنَا بِمِائَةٍ، وَقَالَ أَوَّلًا بِكَذَا كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّفَنُّنِ ح ف.
(قَوْلُهُ: وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ) أَيْ: انْتِفَاعَهُ بِهِ. وَقَوْلُهُ بَعْضُ الثَّمَنِ وَهُوَ انْتِفَاعُهُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِهِ زَرْعًا) أَيْ: شِرَائِهِ فَالْمُشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ يُوَافِقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ، أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ. اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَالْمُشْتَرِي يُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى شَرْطِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّانِي الْغَنِيِّ عَنْ التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ، لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَعَنْ بَيْعٍ بِشَرْطِ بَقَاءُ الْمَتْنِ بِحَالِهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ مَا يَشْمَلُ الشِّرَاءَ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا جَعَلَ الْحَصَادَ، أَوْ الْخِيَاطَةَ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ جَعَلَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَإِنْ شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ الشَّارِطُ الْبَائِعَ خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) الْبَائِعُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ قَالَ: وَتَحْصُدُهُ بِخِلَافٍ وَاحْصُدْهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَرْطًا؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ لِمَا قَبْلَهُ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْخَبَرِ فَإِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا فَكَانَتْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ. ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْحَطَبَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْمِلَهُ إلَى الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْتُ مَعْرُوفًا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ الْبِطِّيخَةِ الْمُشْتَرَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَضَمَّنَ إلْزَامَهُ بِالْعَمَلِ فِيمَا يَمْلِكُهُ أَيْ: الْمُشْتَرِي كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطَهُ صَحَّ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْأَوْجَهُ الْبُطْلَانُ قَطْعًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِشَرْطِ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ إذْ هُمَا مِثَالَانِ فَبَيْعٌ بِشَرْطِ إجَارَةٍ، أَوْ إعَارَةٍ بَاطِلٌ لِذَلِكَ سَوَاءٌ قَدَّمَ ذِكْرَ الثَّمَنِ عَنْ الشَّرْطِ أَمْ أَخَّرَهُ عَنْهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فِيمَا) أَيْ: فِي شَيْءٍ.
وَقَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْ: ذَلِكَ الشَّيْءَ وَهُوَ الْمَبِيعُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ: الْآنَ مَعَ أَنَّهُ آيِلٌ إلَى مِلْكِهِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَا يُقَالُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي مِلْكِهِ الْمُسْتَقِرِّ جَازَ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدَ أَيْ: الْآنَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ غَيْرَ الْمَبِيعِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَطْعًا إذْ لَا تَبِعَةَ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَهَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ: بَيْعٌ وَشَرْطٌ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ صُوَرٌ كَبَيْعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالرُّخَصِ فِي الْعِبَادَاتِ يُتَّبَعُ فِيهَا تَوْقِيفُ الشَّارِعِ وَلَا تَتَعَدَّى لِكُلِّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ. اهـ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ إحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا) أَيْ: مَبْسُوطًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُبَيِّنَّ أَنَّهَا مِنْ الْمُسْتَثْنِيَاتِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ أَجَلٍ) أَيْ: فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَأَعَادَ الشَّارِحُ الْعَامِلَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِعِوَضٍ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَلَمْ يُعِدْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَفِيلٍ) أَيْ: كَفَالَةِ كَفِيلٍ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ لِلْبَائِعِ لِمَبِيعٍ فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالْكَفِيلُ يَشْمَلُ الضَّامِنَ وَلَوْ أَسْقَطَ شَرْطَ الْأَجَلِ لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ شَرْطِ الرَّهْنِ، أَوْ الْكَفِيلِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعْلُومَيْنِ) أَيْ: لِلْعَاقِدَيْنِ إلَّا الْأَجَلَ فَيَكْفِي عِلْمُ عَدْلَيْنِ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ فِي قَوْلِهِ: لِأَجَلٍ يَعْرِفَانِهِ، أَوْ عَدْلَانِ غَيْرُهُمَا وَمَعْنَى كَوْنِ الرَّهْنِ مَعْلُومًا مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْعَقْدِ أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْمَرْهُونُ شَيْخُنَا.
وَقَوْلُهُ: لِعِوَضٍ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَاللَّامُ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلْأَجَلِ لَامُ التَّقْوِيَةِ أَيْ: أَجْلِ عِوَضٍ وَبِالنَّظَرِ إلَى الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ لَامُ التَّعْلِيلِ أَيْ: لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْعِوَضِ فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ اللَّامُ فِي مَعْنَيَيْهِ مَعًا، وَهُمَا التَّقْوِيَةُ وَالتَّعْلِيلُ

(2/210)


لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهَا. وَقَالَ تَعَالَى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] أَيْ: مُعَيَّنٍ {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الرَّهْنِ غَيْرَ الْمَبِيعِ [دَرْسٌ] فَإِنْ شُرِطَ رَهْنُهُ بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنِ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ، وَالْعِلْمُ فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ، أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَفِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ، أَوْ بِالِاسْمِ، وَالنَّسَبِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ. وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِهِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَعْبِيرِي بِالْعِوَضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالثَّمَنِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ فِي ذِمَّةِ الْمُعَيَّنُ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَهَا لِي وَقْتَ كَذَا، أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا، أَوْ يَضْمَنَك بِهَا فُلَانٌ فَإِنَّ الْعَقْدَ بِهَذَا الشَّرْطِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رِفْقُ شَرْعٍ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ، وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ وَاقِعٌ فِي غَيْرِ مَا شُرِحَ لَهُ، وَأَمَّا صِحَّةُ ضَمَانِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ فَمَشْرُوطٌ بِقَبْضِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ م ر. وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلُ أَيْضًا فَيَكُونُ رَاجِعًا لِلسِّتَّةِ تَأَمَّلْ الظَّاهِرُ نَعَمْ. قَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: 282] دَلِيلٌ ثَانٍ عَلَى الْأَجَلِ، وَقَدَّمَ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ عَلَى الْآيَةِ لِعُمُومِهِ، وَخُصُوصِهَا بِالْأَجَلِ فَلِذَا قَالَ: وَقَالَ تَعَالَى، وَلَمْ يَقُلْ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى. وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ وَارِدَةً فِي السَّلَمِ فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ لَفْظِهَا. (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمَبِيعِ) الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِ السَّابِقِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الرَّهْنِ غَيْرَ الْعِوَضِ شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْمَبِيعِ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا: لِعِوَضٍ وَإِنَّمَا مَثَّلَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ يَغْلِبُ فِي الْأَثْمَانِ دُونَ الْمَبِيعِ. وَالْغَالِبُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شُرِطَ رَهْنُهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ. وَقَبْلَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَمِثْلُهُ الثَّمَنُ فَإِنْ شُرِطَ رَهْنُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ بَطَلَ، وَكَلَامُهُ أَوَّلًا شَامِلٌ لِذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ ح ل.
(قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ رَهْنِ مَا لَمْ يَمْلِكُهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي، أَوْ الْبَائِعُ بَعْدُ أَيْ: الْآنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَيْ: تَمَامِ الصِّيغَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَبِيعِ ح ل وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُبْتَدِئِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ حَتَّى يَبْطُلَ الْبَيْعُ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ مُفْسِدٍ صَحَّ م ر. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالشَّرْطُ الْمُفْسِدُ هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَمَامِهِ ع ش بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ فِي الرَّهْنِ) أَيْ: فِي مُتَعَلِّقِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ) وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ مِنْ أَنَّ الْوَصْفَ لَا يُجْزِئُ عَنْ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُعَيَّنٍ لَا مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَمَا هُنَا فِي وَصْفٍ لَمْ يَرِدْ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ) وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْبَحْثِ مَعَهَا تَقْصِيرٌ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ) أَيْ: وَهُمَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ الْمُسَمَّى الْمَنْسُوبَ وَإِلَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْغَائِبِ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ) وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَمْلُوكًا وَالْمَمْلُوكُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ح ل. وَمِثْلُهُ م ر ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةِ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَيْضًا فَكَمْ مُوسِرٍ ثِقَةٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا فَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْإِيفَاءِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا يَسَارًا وَعَدَالَةً فَانْدَفَعَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَصْفَ بِهَذَيْنِ أَوْلَى مِنْ مُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. اهـ شَرْحُ م ر وَالرَّقِيقُ لَا يَرِدُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْمُوسِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ) وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِأَنَّ الثِّقَاتِ يَتَفَاوَتُونَ. اهـ شَوْبَرِيٌّ فَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ ضَعِيفٌ وَأَجَابَ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّهُ بِمُشَاهَدَةِ ظَاهِرِ الشَّخْصِ يُعْلَمُ حَالُهُ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الصُّعُوبَةِ، أَوْ السُّهُولَةِ غَالِبًا وَالظَّاهِرُ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَلَيْهِ) أَيْ: رَضِيَهُ، وَأَقَرَّهُ بِخِلَافِ سَكَتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى لَمْ يَرْضَهُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رَفْقُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِشَرْطِ كُلٍّ مِنْ الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ ح ل.
وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ مَا فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: الْأَجَلِ، وَالرَّهْنِ، وَالْكَفِيلِ.
وَقَوْلُهُ مَعَهُ أَيْ: الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا صِحَّةُ ضَمَانِ. . . إلَخْ) جَوَابُ أَمَّا مَحْذُوفٌ، وَالْمَذْكُورُ تَعْلِيلٌ لَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَأَمَّا صِحَّةُ ضَمَانِ. . . إلَخْ فَلَا تَرِدُ إذْ ذَاكَ. الْحُكْمُ مَشْرُوطٌ بِالْقَبْضِ أَيْ: وَمَا هُنَا قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَيْ: وَإِذَا قُبِضَ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحِقًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ الثَّمَنَ، أَوْ الْمَبِيعَ فَهُوَ فِي قُوَّةِ ضَمَانِ دَيْنٍ شَيْخُنَا وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِ الْمَتْنِ لِعِوَضٍ فِي ذِمَّةٍ بِالنَّظَرِ لِلْكَفِيلِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا يَسْتَقِيمُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَفِيلِ اعْتِبَارُ كَوْنِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ شَامِلَةٌ لِلضَّمَانِ وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا السُّؤَالُ لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي شَرْطِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ الْعَقْدِ إذْ سَيَأْتِي يَقُولُ: وَصَحَّ ضَمَانُ دَرَكٍ بَعْدَ

(2/211)


وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَجَلِ أَنْ لَا يَبْعُدَ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ بِنَحْوِ أَلْفِ سَنَةٍ وَفِي تَعْبِيرِي بِمَعْلُومَيْنِ تَغْلِيبُ الْعَاقِلِ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ الَّذِي عَبَّرَ فِيهِ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنَاتٍ.

(وَ) بِشَرْطِ (إشْهَادٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشُّهُودَ) إذْ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِأَيِّ عُدُولٍ كَانُوا بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ.

(وَبِفَوْتِ رَهْنٍ) بِمَوْتِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهُ، أَوْ إعْتَاقِهِ، أَوْ كِتَابَتِهِ، أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ رَهْنِهِ، أَوْ نَحْوِهَا وَكَفَوْتِهِ عَدَمُ إقْبَاضِهِ، وَتَعَيُّبُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَظُهُورُ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَبْضِ مَا يُضْمَنُ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ جَوَابُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: فَمَشْرُوطٌ بِقَبْضِهِ أَيْ: فَلَيْسَ وَاقِعًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَابْنِ حَجَرٍ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ. اهـ أَيْ: فَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُعَيَّنِ. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: قَوْلُهُ: فَمَشْرُوطٌ بِقَبْضِهِ أَيْ: فَهُوَ فِي قُوَّةِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَأُلْحِقَ بِهِ وَمِثْلُهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَجَلِ أَنْ لَا يَبْعُدَ إلَخْ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الْمُؤَلِّفِ
وَقَوْلُهُ: بَقَاءُ الدُّنْيَا وَإِنْ بَعُدَ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا إلَيْهِ لِقِيَامِ وَارِثِهِمَا مَقَامَهُمَا سم ع ش.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَلْفِ سَنَةٍ) لِلْعِلْمِ حَالَ الْعَقْدِ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِهِ الْمُسْتَلْزِمِ الْجَهْلَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ ح ل وم ر. وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مَعْلُومَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِالْأَجَلِ الْمَجْهُولِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر كَإِلَى الْحَصَادِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ) لِشَرَفِ الْعَاقِلِ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَاحَظَ كَوْنَ الرَّهْنِ غَيْرَ عَاقِلٍ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مِمَّا يُجْمَعُ قِيَاسًا مُطَرِّدًا بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ وَصْفُ الْمُذَكَّرِ الَّذِي لَا يُعْقَلُ وَلَوْ بِالتَّغْلِيبِ ح ل.
(قَوْلُهُ: مُعَيَّنَاتٍ) يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ غَلَّبَ الْأَكْثَرَ ع ش.
وَعِبَارَةُ حَجّ: غَلَّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إذْ الْأَكْثَرُ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَاقِلٍ وَأَنَّثَ نَظَرًا فِي الْأَجَلِ إلَى أَنَّهُ مُدَّةٌ وَفِي الرَّهْنِ إلَى أَنَّهُ عَيْنٌ وَفِي الْكَفِيلِ إلَى أَنَّهُ نَسَمَةٌ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: صَوَابُ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَا جُمِعَ بِأَلِفٍ وَتَاءٍ قَدْ يَكُونُ مُفْرَدُهُ مُذَكَّرًا فَتَصْوِيبُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ إشْهَادٍ) أَيْ: عَلَى الْعَقْدِ خَوْفًا مِنْ الْجُحُودِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا ع ش.
(قَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُرَادَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ) فَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي يَكُونُ إشْهَادُ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالْعَقْدِ بِأَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالشُّهُودِ فَيُقِرُّ هُوَ، وَالْبَائِعُ لَهُمْ بِأَنَّهُمَا تَبَايَعَا كَذَا بِكَذَا فَيَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهِمَا. هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى أَصْلِ صُدُورِ الْعَقْدِ وَحُضُورِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْإِشْهَادَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ فِيمَا كَتَبَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ إشَارَةٌ إلَى مَا قُلْنَا حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الْإِشْهَادِ أَيْ: عَلَى جَرَيَانِ الْعَقْدِ وَفَصْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِالْمَعْلُومَيْنِ وَهَذَا عَامٌّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِالْغَايَةِ وَشَامِلٌ أَيْضًا لِلْإِشْهَادِ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الْعِوَضِ. قَوْلُهُ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَنُزُولُهَا فِي السَّلَمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ. فَإِنْ قُلْت: أَيُّ عُمُومٍ هُنَا قُلْت الْفِعْلُ كَالنَّكِرَةِ وَهِيَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ لِلْعُمُومِ فَكَذَا الْفِعْلُ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ، أَوْ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا} [البقرة: 282] رَاجِعٌ لِلْأَشْخَاصِ، وَالْعُمُومُ فِي الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ الْعُمُومَ فِي الْأَحْوَالِ شَيْخُنَا بَابِلِيٌّ اط ف وَصَرَفَ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ وَهُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِهِ الِامْتِثَالَ كَذَا قِيلَ فَلْيُرَاجَعْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشُّهُودَ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ) وَلِذَلِكَ لَوْ عَيَّنَهُمْ لَمْ يَتَعَيَّنُوا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِتَفَاوُتِهِمْ وَجَاهَةً وَنَحْوَهَا، وَهَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ جَوَازَ إبْدَالِهِمْ بِدُونِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ ع ش عَلَى م ر وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَوَازُ إبْدَالِهِمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقِهِمْ فَقَطْ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَتُهُ) أَيْ: وَلَوْ فَاسِدَةً، أَوْ تَدْبِيرُهُ وَمِثْلُهُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ إنْ كَانَ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعٌ مِنْ رَهْنِهِ) أَيْ: عَقْدُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا. وَقَوْلُهُ: وَكَفَوْتِهِ عَدَمُ إقْبَاضِهِ أَيْ: اُمْتُنِعَ مِنْ إقْبَاضِهِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَا تَكْرَارَ. اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى فَالْمُرَادُ بِالرَّهْنِ فِي قَوْلِهِ: وَبِفَوْتِ رَهْنٍ مَا يَشْمَلُ الْمَرْهُونَ وَالْعَقْدَ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ امْتِنَاعٌ مِنْ رَهْنِهِ أَيْ: امْتِنَاعُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَهْنِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ رَهْنُهُ وَإِنْ أَتَى بِرَهْنِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةٍ مِنْهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ الْإِبْدَالَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَوَاتِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهَا) كَأَنْ تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَتِهِ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ عَفَا عَنْهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ، وَكَأَنْ وَقَفَهُ، أَوْ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَفَوْتِهِ عَدَمُ إقْبَاضِهِ) بَعْدَ رَهْنِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ

(2/212)


أَوْ إشْهَادٍ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي. (أَوْ كَفَالَةِ خَيْرِ) مَنْ شُرِطَ لَهُ ذَلِكَ لِفَوْتِ الْمَشْرُوطِ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ فِي الْإِشْهَادِ شُهُودًا ومَاتُوا، أَوْ امْتَنَعُوا فَلَا خِيَارَ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ يَقُومُ مَقَامَهُمْ، وَتَعْبِيرِي بِالْفَوْتِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. (كَشَرْطِ وَصْفٍ يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا، أَوْ الدَّابَّةِ) مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ (حَامِلًا، أَوْ ذَاتَ لَبَنٍ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الرَّهْنِ يَدْخُلُ فِيهِ شَرْطُ إقْبَاضِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلُوا الْإِقْرَارَ بِالرَّهْنِ إقْرَارًا بِإِقْبَاضِهِ بِأَنَّ مَبْنَى الْإِقْرَارِ عَلَى الْيَقِينِ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ إشْهَادٍ) أَيْ: بِأَنْ امْتَنَعَ مَنْ شَرَطَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ أَيْ: أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ
وَقَوْلُهُ: أَوْ كَفَالَةٍ أَيْ: أَوْ فَوْتِ كَفَالَةٍ بِأَنْ لَمْ يَكْفُلْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ بِأَنْ مَاتَ أَوْ امْتَنَعَ، وَإِنْ أَتَى بِكَفِيلٍ أَحْسَنَ مِنْهُ ح ل. (قَوْلُهُ: مَنْ شُرِطَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ: وَلَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ مَنْدُوحَةً أَيْ: مُخْلِصًا بِسَبَبِ التَّخْيِيرِ سم ع ش. وَالْمُرَادُ خُيِّرَ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: أَوْ إشْهَادٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَصْلًا، أَوْ صِفَةً وَمِنْهَا تَعْيِينُ الشُّهُودِ ح ل.
(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ وَصْفٍ يُقْصَدُ) أَيْ: عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْعَاقِدَانِ لَا عَكْسُهُ كَمَا فِي الثُّيُوبَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْصَدُ عُرْفًا، وَيَكْفِي أَنْ يُوجَدَ مِنْ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إلَّا إنْ شَرَطَ الْحُسْنَ فِي شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا عُرْفًا، وَلَوْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا، أَوْ شَرَطَهُ مُسْلِمًا فَبَانَ كَافِرًا، أَوْ شَرَطَهُ فَحْلًا فَبَانَ مَمْسُوحًا فَلَا خِيَارَ فِي الْجَمِيعِ بِخِلَافِ عُكُوسِهَا لِغُلُوِّ الْبِكْرِ وَالْمَمْسُوحِ، وَرَغْبَةِ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْكَافِرِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا نَظَرَ إلَى غَرَضِهِ لِضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَغْلَى وَضِدِّهِ بِالْعُرْفِ كَمَا فِي س ل وَانْظُرْ وَجْهَ رَغْبَةِ الْفَرِيقَيْنِ أَيْ: الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فِي الْكَافِرِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ يُقَالُ: رَغْبَةُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ كَوْنَهُ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا فَلَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ لِلْكَافِرِ فَفِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ إذَا شَرَطَ إسْلَامَهُ فَبَانَ كَافِرًا وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: كَشَرْطِ وَصْفٍ يُقْصَدُ تَنَازَعَ فِيهِ صَحَّ وَخُيِّرَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ الدَّابَّةِ حَامِلًا) وَيَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيَكْتَفِي بِرَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحَمْلِ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْبَائِعُ، أَوْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ عَيَّنَ فِي الْحَمْلِ كَوْنَهُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى بَطَلَ الْعَقْدُ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ق ل. وَقَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ظَاهِرٌ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ أَمَّا الْبَهِيمَةُ فَقَدْ يُقَالُ: لَا يَثْبُتُ حَمْلُهَا بِالنِّسَاءِ الْخُلَّصِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا ع ش.
(قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ) فَالدَّابَّةُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ ح ل. وَيَتَيَقَّنُ وُجُودُ الْحَمْلِ عِنْدَ الْعَقْدِ بِانْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُوطَأَ وَطْئًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ذَاتَ لَبَنٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا تَدِرُّ، أَوْ تُحْلَبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ يَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ. اهـ. ز ي أَيْ: وَإِنْ عَلِمَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي اللَّبَنِ ح ل قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِتَابَةِ عُرْفًا فَإِنْ شَرَطَ جِنْسَهَا اُعْتُبِرَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى وَصْفِ الْكِتَابَةِ بِكَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ، أَوْ الْعَجَمِيَّةِ مَثَلًا إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا غَرَضٌ وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُهُ وَلَوْ قَالَ: يَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ فَكَالْحَمْلِ فَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْبَائِعُ فِي حَيَاتِهِ كَذَا قَالُوا: وَفِيهِ بَحْثٌ بِإِمْكَانِ اخْتِبَارِهِ فِي حَيَاتِهِ لِسُهُولَةِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَتَأَمَّلْ ق ل. (قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَجْهُ التَّشْبِيهِ فَيَكُونُ الْمُشَبَّهُ بِهِ أَيْ: الَّذِي شُبِّهَ بِهَذَا الشَّرْطِ قَوْلَهُ: السَّابِقَ وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ إلَخْ لَكِنْ يُبْعِدُ هَذَا قَوْلَهُ: وَثُبُوتِ الْخِيَارِ إذْ هَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْتَقِلٌّ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَبِفَوْتِ رَهْنٍ إلَى قَوْلِهِ: خُيِّرَ وَتُسْتَفَادُ الصِّحَّةُ مِنْهُ لُزُومًا تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ: أَيْضًا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ أَيْ: بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْمُشَابَهَةُ الْمَذْكُورَةُ

(2/213)


وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْفَوْتِ. وَوَجْهُ الصِّحَّةِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَخَرَجَ بِ يُقْصَدُ وَصْفٌ لَا يَقْصُدُ كَزِنًا، وَسَرِقَةٍ فَلَا خِيَارَ بِفَوْتِهِ.

(وَ) صَحَّ (بِشَرْطِ مُقْتَضَاهُ كَقَبْضٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ، أَوْ) بِشَرْطِ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ ك) شَرْطِ (أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا) كَهَرِيسَةٍ. وَالشَّرْطُ فِي الْأَوَّلِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَلْغِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورِثُ تَنَازُعًا غَالِبًا. (أَوْ) بِشَرْطِ (إعْتَاقِهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ (مُنَجَّزًا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مُطْلَقًا، أَوْ عَنْ مُشْتَرٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ.
(قَوْلُهُ: وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْفَوْتِ) وَمِثْلُهُ إذَا شَرَطَ كَوْنَهَا حَامِلًا مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَبَانَ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَإِنَّ لَهُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي هَذَا الشَّرْطِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ) وَهِيَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ بِفَوْتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ إعْلَامٌ بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَمِنْ الْمُشْتَرِي رِضًا بِهِ ح ل وَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ نَصٌّ فِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ، فَالتَّقْيِيدُ فِي الْمَتْنِ بِكَوْنِ الْوَصْفِ يُقْصَدُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْفَوْتِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ.

. (قَوْلُهُ: وَبِشَرْطٍ مُقْتَضَاهُ) أَيْ: مَا يَقْتَضِيهِ الْبَيْعُ وَهُوَ مَا رَتَّبَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ح ف. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا لِصِحَّتِهِ كَشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرَةِ، أَوْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ كَالْقَبْضِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، أَوْ مِنْ مَصَالِحِهِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ أَوْ مِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ كَأَكْلِ الْهَرِيسَةِ، أَوْ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَاهُ كَعَدَمِ الْقَبْضِ فَهَذَا الْأَخِيرُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَتَأْكِيدٌ فِي الثَّانِي، وَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ فِي الثَّالِثِ، وَلَاغٍ فِي الرَّابِعِ. اهـ. (فَرْعٌ)
اخْتَلَفَ جَمْعٌ فِيمَنْ اشْتَرَى حَبًّا بِشَرْطِ أَنْ يَنْبُتَ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ قَبْلَ بَذْرِهِ بِعَدَمِ إنْبَاتِهِ خَبِيرَانِ خُيِّرَ فِي رَدِّهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ عِلْمِ عَدَمِ إنْبَاتِهِ بِبَذْرٍ قَلِيلٍ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِدُونِهِ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا فَغَرَزَ إبْرَةً فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُ فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً حَيْثُ يَرُدُّ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَتْلَفْ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَنْ بَذَرَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يَنْبُتْ شَيْءٌ مَعَ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ، وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْهَا وَصَارَ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ، أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَلَهُ الْأَرْشُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَبًّا نَابِتًا، وَحَبًّا غَيْرَ نَابِتٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا لَبُونٌ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَبُونٌ، وَحَلَفَ أَنَّهَا غَيْرُ لَبُونٍ لَهُ الْأَرْشُ. وَالْمَبِيعُ إذَا تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ جَمِيعُ مَا خَسِرَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ كَأُجْرَةِ الْبَاذِرِ، وَنَحْوِ الْحَرَّاثِ وَبَعْضِهِمْ أُجْرَةَ الْبَاذِرِ فَقَطْ فَبَعِيدٌ جِدًّا إذْ الْوَجْهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ مُجَرَّدُ الْإِنْبَاتِ تَغْرِيرًا مُوجِبًا لِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَفْتَى فِي بَيْعِ بَذْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَذْرُ قِثَّاءٍ فَزَرَعَهُ الْمُشْتَرِي. فَأَوْرَقَ وَلَمْ يُثْمِرْ بِأَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ وَإِنْ أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ قِثَّاءٍ فَلَهُ الْأَرْشُ. اهـ. حَجّ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِعَيْبٍ) مَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَاهِنًا وَأَوْلَدَ وَلَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهُ لِإِعْسَارِهِ، ثُمَّ أَرَادَ شِرَاءَ الْمَرْهُونِ بَعْدَ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ بِشَرْطِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ لِنُفُوذِ إيلَادِهِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لَهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ: عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا م ر. (قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ فِي الْأُولَى صَحِيحٌ) هِيَ شَرْطٌ مُقْتَضَاهُ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ شَرْطُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: لَا يُورِثُ تَنَازُعًا) أَيْ: بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ الْمُعَيَّنِ فَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ مَا اشْتَرَاهُ، أَوْ بَعْضَ مَا اشْتَرَاهُ مُعَيَّنًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيهِ حُرًّا عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ مُبْهَمًا لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.
وَعِبَارَةُ ز ي وَبِشَرْطِ إعْتَاقِهِ أَيْ: الرَّقِيقِ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ الْبَعْضَ بِشَرْطِ إعْتَاقِ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَهُ الْكُلَّ بِشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ لَكِنْ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ: إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ الْكُلَّ بِشَرْطِ إعْتَاقِ الْكُلِّ، أَوْ يَبِيعَهُ الْكُلَّ بِشَرْطِ إعْتَاقِ الْبَعْضِ، أَوْ يَبِيعَهُ الْبَعْضَ بِشَرْطِ إعْتَاقِ ذَلِكَ الْبَعْضِ. اهـ بِحُرُوفِهِ
وَتُزَادُ صُورَةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ بَيْعُهُ الْبَعْضَ بِشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَكَانَ مُعَيَّنًا ع ش عَلَى م ر، وَلَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ ذِكْرِ وَلُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ كَوْنِ الْمُبْتَدِئِ بِالشَّرْطِ هُوَ الْبَائِعُ، وَيُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، أَوْ عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي إلَخْ) أَيْ: فَالْمَزِيدُ مَجْمُوعُ قَوْلِهِ: مُطْلَقًا، أَوْ عَنْ مُشْتَرٍ وَهُوَ قَيْدٌ ثَالِثٌ مَرْدُودٌ وَبَقِيَ رَابِعٌ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدُ.
وَذَكَرَهُ م ر بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ

(2/214)


فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَالشَّرْطُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ (وَلِبَائِعٍ) كَغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (مُطَالَبَةٌ) لِلْمُشْتَرِي (بِهِ) وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ فِيهِ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْوَلَاءِ وَلَوْ مَعَ الْعِتْقِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِشَرْطِ تَدْبِيرِهِ، أَوْ كِتَابَتِهِ، أَوْ إعْتَاقِهِ مُعَلَّقًا، أَوْ مُنَجَّزًا عَنْ غَيْرِ مُشْتَرٍ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ خَبَرُ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إعْتَاقُهُ أَيْ: لِغَيْرِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ أَنْ لَا يُضِيفَهُ إلَى أَحَدٍ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَنْ مُشْتَرٍ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْبَيْعُ) وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْقَرْضُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِبَائِعٍ مُطَالَبَةٌ بِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ إلَّا بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبْلَهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْفَسْخِ ع ش عَلَى م ر، وَمِثْلُ الْبَائِعِ وَارِثُهُ وَالْحَاكِمُ وَكَذَا الرَّقِيقُ الْمَبِيعُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْآحَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَبِالطَّلَبِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فَوْرًا، وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَهُ وَلَهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَبِ اسْتِخْدَامُهُ وَلَوْ بِالْوَطْءِ، وَكَسْبُهُ، وَإِعَارَتُهُ لَا رَهْنُهُ وَلَا بَيْعُهُ، وَلَا وَقْفُهُ وَلَا إجَارَتُهُ، وَيَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ لَوْ جَنَى كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ قُتِلَ فَلَهُ قِيمَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ غَيْرِهِ بِهَا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْحُرِّيَّةِ لَهُ وَقَدْ فَاتَتْ بِخِلَافِ مَصْلَحَةِ الْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَةِ فَإِنَّهَا لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهَا بِقِيمَتِهَا إذَا تَلْفِت، وَكَوْنُ كَسْبِ الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِعْتَاقِ يَشْكُلُ بِمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ فَتَأَخَّرَ عِتْقُهُ عَنْ مَوْتِ الْمُوصِي حَتَّى حَصَلَ مِنْهُ أَكْسَابٌ فَإِنَّهَا لَهُ لَا لِلْوَارِثِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَلْزَمُ مِنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ إذْ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ رَفْعُهُ بِالِاخْتِيَارِ، وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالِاخْتِيَارِ بِالتَّقَابُلِ وَفَسْخُهُ بِالْخِيَارِ، وَالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش عَلَى م ر وسم عَلَى حَجّ. وَلَا يُجْزِئُهُ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَيَعْتِقُ عَنْهُ بِالشَّرْطِ لَا عَنْهَا ق ل.
وَعِبَارَةُ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ وَيَظْهَرُ إلْحَاقُ وَارِثِهِ بِهِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ لِإِثَابَتِهِ عَلَى شَرْطِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْآحَادَ. اهـ وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيُجْبِرُ الْقَاضِي الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْإِعْتَاقِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ، وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَارَ كَالْمَوْلَى فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْقَاضِي كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَيْرِ مُطَالَبَةٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَاضِيًا، أَوْ نَحْوَهُ كَوَارِثِ الْبَائِعِ دُونَ الْآحَادِ بِرْمَاوِيٌّ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْغَيْرَ خَاصٌّ بِوَارِثِ الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ وَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ ح ف، وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطَالِبَ وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ لِيُنَاسِبَ التَّعْمِيمَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلِبَائِعٍ كَغَيْرِهِ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ الْمُطَالِبُ هُوَ الْبَائِعُ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ س ل. وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ) أَيْ: كَعِتْقِ الْعَبْدِ الْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ فِي كَوْنِ الْحَقِّ فِي الْعِتْقِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْعَبْدِ شَيْخُنَا وَقَالَ ع ش أَيْ: فِي أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ الْمُطَالَبَةَ. اهـ أَيْ: كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ مُسَلَّمٍ فِي الْمَقِيسِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْإِعْتَاقَ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ: لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ مَا ذُكِرَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلِبَائِعٍ مُطَالَبَةٌ إلَخْ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتِجُ إلَّا مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْعِتْقِ) أَيْ: الْإِعْتَاقِ.
وَقَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: بِشَرْطِ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ مُشْتَرٍ) وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْتِقَ الشَّرِيكُ الْكُلَّ فَلَا يَصِحُّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عِتْقِ غَيْرِ الْمَبِيعِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأُولَى) هِيَ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَالْأَخِيرَةُ هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ مُنَجَّزًا عَنْ غَيْرِ مُشْتَرٍ إلَخْ وَالْبَقِيَّةُ هِيَ مَا لَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ، أَوْ كِتَابَتَهُ، أَوْ إعْتَاقَهُ مُعَلَّقًا ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ الْعِتْقُ الْمُطْلَقُ وَفِي مَعْنَاهُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُشْتَرِي فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مَا وَرَدَ بِهِ خَبَرُ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورُ) وَهُوَ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ «أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْهَا أَيْ: بَرِيرَةَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ أَيْ: لَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا اشْتِرَاطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ. . . إلَخْ» . اهـ أَيْ: لِأَنَّ الْبَائِعِينَ كَانُوا اشْتَرَطُوا الْوَلَاءَ لِأَنْفُسِهِمْ وَكَانَتْ بَرِيرَةُ جَارِيَةً

(2/215)


وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيَكُونَ ذَلِكَ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى.

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ دَابَّةٍ) مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ (وَحَمْلِهَا) لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الْحَامِلِيَّةَ وَصْفًا تَابِعًا (أَوْ) بَيْعُ (أَحَدِهِمَا) أَمَّا بَيْعُهَا دُونَ حَمْلِهَا فَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يُسْتَثْنَى كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَلِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ (كَبَيْعِ حَامِلِ بَحْرٍ) فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اُسْتُثْنِيَ، وَاسْتُشْكِلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا وَيُجَابُ عَنْ الْحَمْلِ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ. (وَيَدْخُلُ حَمْلُ دَابَّةِ) مَمْلُوكٍ لِمَالِكِهَا (فِي بَيْعِهَا مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِهِ مَعَهَا ثُبُوتًا، وَنَفْيًا تَبَعًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَبَيْعِ حَامِلٍ بِحُرٍّ) لَوْ بَاعَ أَمَةً حَامِلًا مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ وَوَلَدَتْ غَيْرَ آدَمِيٍّ أَوْ شَاةً مَثَلًا فَالْأَقْرَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالنَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهَا وَلَا يُقَالُ هِيَ كَالْحَامِلِ بِحُرٍّ فَيَكُونُ مُسْتَثْنَى شَرْعًا فَلَا يَصِحُّ وَرُبَّمَا رَأَيْتُ فِي كَلَامِ حَجّ مَا خَالَفَ ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا حَرِّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِقَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعَةِ أَوَاقٍ مِنْ الذَّهَبِ فِي تِسْعَةِ أَعْوَامٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ. وَالْأُوقِيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَشَكَتْ لِعَائِشَةَ ثِقَلَ النُّجُومِ فَقَالَتْ لَهَا قَوْلِي لَهُمْ: إنَّ عَائِشَةَ تَشْتَرِينِي بِالتِّسْعَةِ أَوَاقٍ نَقْدًا فَذَهَبَتْ وَأَخْبَرَتْهُمْ بِذَلِكَ فَقَالُوا: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَنَا الْوَلَاءُ فَرَجَعَتْ بَرِيرَةُ وَأَخْبَرَتْهَا بِذَلِكَ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا: اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ فَاشْتَرَتْهَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ. وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ: أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ الثَّانِي: أَنَّ شَرْطَ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ مُفْسِدٌ. وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا بِدَلِيلِ سِيَاقِ الْحَدِيثِ، وَعَنْ الثَّانِي بِجَوَابَيْنِ: الْأَوَّلِ: أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لِبَرِيرَةَ بِمَعْنَى أَنَّهَا خُصَّتْ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا مَعَ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعَيْنِ لَهَا. وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ: اشْتَرِطِي عَلَيْهِمْ أَنَّ الْوَلَاءَ لَك كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] أَيْ: عَلَيْهَا كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ. وَالْجَوَابُ الثَّانِي: هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِحَالِ الْبَائِعَيْنِ، وَتَوْبِيخُهُ لَهُمْ بِقَوْلِهِ مَا بَالُ أَقْوَامٍ إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ نَاسِخٍ لِصِحَّةِ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَقِيَّةِ فَلِأَنَّهُ) أَيْ: الشَّرْطَ فِي الْبَقِيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَذَا نَقَلَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ: فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ شَرْطِ الْعِتْقِ حُصُولُهُ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَرَادَ بِالْإِعْتَاقِ الْعِتْقَ أَيْ: لَا الْإِتْيَانَ بِالصِّيغَةِ صَحَّ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. س ل وح ل

(قَوْلُهُ: وَحَمْلَهَا) مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَلَا يَصِحُّ الْعَطْفُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ إلَخْ) فَيَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهِ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مَجْهُولٌ وَإِعْطَاؤُهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا كَمَا ذَكَرَهُ م ر قَالَ ز ي وَهَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْجُبَّةِ وَحَشْوِهَا، أَوْ الْجِدَارِ وَأُسِّهِ لِدُخُولِ الْحَشْوِ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ، وَالْأُسِّ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: وَصْفًا تَابِعًا) أَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) أَيْ: دُونَ الْآخَرِ أَيْ: صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ أَمَّا بَيْعُهَا دُونَ حَمْلِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْعُهَا بِدُونِ حَمْلِهَا) وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِ الشَّجَرَةِ بِدُونِ ثَمَرَتِهَا بِتَيَقُّنِ وُجُودِ الثَّمَرَةِ، وَالْعِلْمِ بِصِفَاتِهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ، وَالْبَاءُ وَمَعَ كَالْوَاوِ ز ي.
(قَوْلُهُ: كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَمْلَ آيِلٌ إلَى الِانْفِصَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُوَ اسْتِثْنَاءُ مَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ فَيَصِيرُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ إذَا بَاعَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ نَعَمْ يَرِدُ مَا لَوْ اسْتَثْنَى الْمَنْفَعَةَ فِي بَيْعِهَا غَيْرَ مُؤَجَّرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَصِحُّ إذَا قَدَّرَ مُدَّةً فَرَاجِعْهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا فَيُبْطِلُهُ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا، وَلَا مُتَقَوِّمًا وَلَا مَقْدُورًا عَلَى تَسَلُّمِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ حَامِلٍ بِحُرٍّ) أَيْ: كَأَنْ اشْتَبَهَتْ أَمَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ فَإِنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ع ش. وَقَالَ ز ي: أَوْ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَلَوْ بِيعَتْ لِمَالِكِ الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى) عِبَارَةُ م ر إلْحَاقًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ بِالْحِسِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ: عَدَمُ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ) لَك أَنْ تَقُولَ: إنَّ الْمَنْفَعَةَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَهَيِّئٌ لِلِانْفِصَالِ، وَلَا كَذَلِكَ هِيَ وَالْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ مِنْ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ مَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ فَيَصِيرُ الْكُلُّ مَجْهُولًا، بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهَا اسْتِثْنَاءُ مَعْلُومٍ مِنْ مَعْلُومٍ ز ي، وَتَقَدَّمَ عَنْ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: كَبَيْعِ حَامِلٍ بِحُرٍّ لِلتَّنَاسُبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: بَيْعًا مُطْلَقًا ح ل.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهَا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ

(2/216)


(فَصْلٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا (مِنْ الْمَنْهِيِّ) عَنْهُ (مَا لَا يَبْطُلُ بِالنَّهْيِ) عَنْهُ لِمَعْنًى اقْتَرَنَ بِهِ لَا لِذَاتِهِ أَوْ لَازِمِهِ (كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ) بِأَنْ (قَدِمَ) الْبَادِي (بِمَا تَعُمُّ حَاجَةٌ) أَيْ: حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ (إلَيْهِ) كَالطَّعَامِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ بَيْعَةٌ بِالْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ لِكِبَرِ الْبَلَدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مُوصًى بِهِ.
وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ لِمَالِكِ الْحَمْلِ. . (تَنْبِيهٌ)
حَذْفُ الْمُفْسِدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يُصَحِّحْ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَإِلْحَاقُ الْمُفْسِدِ فِيهَا يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

[فَصْلٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا]
(فَصْلٌ: فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ إلَخْ) أَيْ: فِي أَنْوَاعٍ نُهِيَ عَنْهَا فَلِذَلِكَ بَيَّنَ مَا بِقَوْلِهِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فِي عَنْهُ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ مَا، وَتَأْنِيثُهُ فِي بُطْلَانِهَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا، وَفِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مُسَامَحَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَيْعًا صَحِيحًا مَنْهِيًّا عَنْهُ إلَّا الْمِثَالَ الْأَخِيرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَبَيْعُ نَحْوِ رُطَبٍ لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ وَأَمَّا غَيْرُ هَذَا الْمِثَالِ مِنْ بَقِيَّةِ أَمْثِلَةِ الْفَصْلِ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِيهَا لَيْسَ بَيْعًا وَإِنَّمَا هِيَ أُمُورٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ فَفِي الْحَقِيقَةِ قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَا عَدَا الْمِثَالَ الْأَخِيرَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) كَالنَّجْشِ وَالسَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْبُيُوعُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَنْهِيِّ) أَيْ: مِنْ الْبُيُوعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا نَوْعٌ لَا يَبْطُلُ إلَخْ فَأَلْ مَوْصُولٌ وَلَا يَخْفَى قُصُورُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَشْمَلُ السَّوْمَ عَلَى السَّوْمِ، وَالنَّجْشُ مِنْ كُلٍّ مَا لَيْسَ بَيْعًا مَعَ ذِكْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّقْدِيرُ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ نَوْعٌ لَا يَبْطُلُ بِالنَّهْيِ، وَنَوْعٌ آخَرُ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ السَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ وَالنَّجْشِ. فَقَوْلُهُ: وَسَوْمٌ عَلَى سَوْمٍ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يَبْطُلُ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ. ح ل قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ أَقُولُ وَقَدْ يَمْنَعُ إيرَادَ السَّوْمِ وَالنَّجْشِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا بِأَنْ يُجْعَلَا مِثَالًا لَهُ وَيَكُونَانِ بِالْجَرِّ عَلَى هَذَا. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَبْطُلُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ) أَيْ: نَوْعٌ مُغَايِرٌ لِلْأَوَّلِ. وَالضَّمِيرُ فِي يَبْطُلُ عَائِدٌ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْبَيْعِ فَالْفَاعِلُ مَذْكُورٌ أَيْ: بِالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ ز ي وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف إنْ كَانَتْ مَا وَاقِعَةً عَلَى نَوْعٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى مِنْ الْمَنْهِيِّ نَوْعٌ لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ أَيْ: الْبَيْعُ مِنْهُ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِبَعْضِ أَفْرَادِهِ؛ وَيَكُونُ التَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ إلَخْ مَعَ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ النَّوْعَ شَامِلٌ لِلْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِعَةً عَلَى بَيْعٍ يَكُونُ التَّمْثِيلُ مُشْكِلًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَاضِرِ مَتَاعًا لِلْبَادِي لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ سَبَبُهُ وَالسَّبَبُ لَيْسَ مِنْ الْبُيُوعِ وَأَيْضًا السَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ لَيْسَا بَيْعًا فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَا لِذَاتِهِ أَوْ لَازِمِهِ) بِأَنْ كَانَ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنْ رَجَعَ لِذَاتِ الْعَقْدِ كَأَنْ فُقِدَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ أَوْ لَازِمِهِ كَأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهِ اقْتَضَى الْفَسَادَ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى مَا ذُكِرَ بِأَنْ كَانَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ لَمْ يَقْتَضِ الْفَسَادَ كَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي قَدْ يُؤَدِّي لِلتَّضْيِيقِ فَنَهَى عَنْهُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ) أَيْ: كَسَبَبِ بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ تَدْرِيجًا بِأَغْلَى؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَجَائِزٌ ع ش قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي نُكَتِهِ قَدْ يُقَالُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَالنَّجْشُ وَالسَّوْمُ لَيْسَ بَيْعًا فَكَيْفَ يُعَدُّ مِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا؟ . وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ بِالْبَيْعِ أَطْلَقَ عَلَيْهَا ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلْبَيْعِ سَمَّاهَا بَيْعًا مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبِّبِ اهـ أَقُولُ وَقَدْ يَمْنَعُ إيرَادَ هَذَا وَنَحْوِ السَّوْمِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا. اهـ إطْفِيحِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِبَادٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: مَتَاعًا كَائِنًا لِبَادٍ.
وَعِبَارَةُ الْبَهْجَةِ وَبَيْعُ حَاضِرٍ مَتَاعَ بَادٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَدِمَ الْبَادِي إلَخْ) وَيَظْهَرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ مَخْزُونٌ فَأَخْرَجَهُ لِيَبِيعَهُ حَالًّا فَتَعَرَّضَ لَهُ مَنْ يَبِيعُهُ تَدْرِيجًا بِأَغْلَى حَرُمَ لِلْعِلَّةِ الْآتِيَةِ حَجّ لَكِنْ كَتَبَ الشَّوْبَرِيُّ بِهَامِشِ حَجّ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَهَا تَشَوُّفٌ لِمَا يُقَدَّمُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَالتَّعْبِيرُ بِالْبَادِي وَالْحَاضِرِ إلَخْ يُوَافِقُ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: بِمَا تَعُمُّ) أَيْ: تَكْثُرُ أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَأَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ) أَيْ: مَثَلًا م ر وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ أَيْضًا، وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجُوا لِأَنْفُسِهِمْ

(2/217)


(لِيَبِيعَهُ حَالًّا فَيَقُولُ الْحَاضِرُ اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ تَدْرِيجًا) أَيْ: شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) مِنْ بَيْعِهِ حَالًّا فَيُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ: «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ.» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ دَوَابِّهِمْ حَالًا أَوْ مَآلًا وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْبَلَدِ لِاعْتِيَادِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ مِثْلَهُ فِي احْتِيَاجِ عَامَّةِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّائِفَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ. ع ش (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ حَالًا) يَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ فَلَوْ قَدِمَ لِيَبِيعَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ: اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ لَك بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْآتِي فِيهِ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُرِيدُ بَيْعَهُ بِسِعْرِ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَسَأَلَهُ تَأْخِيرَهُ عَنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّضْيِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ إنَّمَا تَتَشَوَّفُ لِلشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ. اهـ. حَجّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ فَلَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُؤَجِّرَ مَحَلَّا حَالًا فَأَرْشَدَهُ شَخْصٌ إلَى تَأْخِيرِ الْإِجَارَةِ لِوَقْتِ كَذَا كَزَمَنِ النِّيلِ مَثَلًا حَرُمَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ حَالًا وَمِثْلُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ الْحَاضِرُ) وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدَوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّصِيحَةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ. وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ، وَثَانِيهِمَا: لَا أَيْ: لَا يَجِبُ إرْشَادُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ وَمَعْنَى عَدَمِ وُجُوبِ إرْشَادِهِ أَنَّهُ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ. م ر وَقَضِيَّةُ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِرْشَادِ الْإِبَاحَةُ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ع ش حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ: ابْنُ الْوَكِيلِ لَا يُرْشِدُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ وَامْتِنَاعُ الْإِرْشَادِ هُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى.
ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيّ وَلَوْ اسْتَشَارَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي التَّأْخِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِالنَّصِيحَةِ وَلَوْ بِمَا فِيهِ التَّضْيِيقُ تَقْدِيمًا لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْقَائِلُونَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَثِمُوا كُلُّهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: اُتْرُكْهُ) أَيْ: عِنْدِي أَوْ عِنْدَك أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ التَّضْيِيقُ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِعِنْدِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ قَالَ الْحَاضِرُ مِنْ غَيْرِ اسْتِشَارَةِ بَيْعُكَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ أَحَظُّ حَرُمَ أَيْضًا. اط ف (قَوْلُهُ: لِأَبِيعَهُ) أَيْ: أَوْ لِيَبِيعَهُ لَك فُلَانٌ بَلْ وَلَوْ قَالَ لَهُ لِتَبِيعَهُ أَنْتَ بَعْدَ يَوْمٍ لِوُجُودِ الْمَعْنَى. ح ل.
وَعِبَارَةُ اط ف قَوْلُهُ: لِأَبِيعَهُ أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي أَوْ بِنَظَرِي أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ فَقَطْ وَذِكْرُ الْبَيْعِ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، فَلَوْ قَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَيْعِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ وَافَقَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى التَّرْكِ. ع ش (قَوْلُهُ: تَدْرِيجًا) أَيْ: أَوْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَعْدَ يَوْمٍ ح ل وَهُوَ أَيْ: التَّدْرِيجُ مَأْخُوذٌ مِنْ الدَّرْجِ كَأَنَّهُ يَصْعَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا. (قَوْلُهُ: بِأَغْلَى) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِهِ لِيَكُونَ أَدْعَى لِإِجَابَةِ الْبَادِي ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لَمْ يَحْمِلْهُ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَتِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلتَّضْيِيقِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَأَلَهُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِأَغْلَى فَالزِّيَادَةُ رُبَّمَا حَمَلَتْهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَيُؤَدِّي لِلتَّضْيِيقِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُجِبْهُ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُرْمَةِ فَالْقَوْلُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ بَلْ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْدَ امْتِثَالِهِ بِالْبَيْعِ حَالًا (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّرْكِ (قَوْلُهُ: لَا بَيْعٌ) يَصِحُّ بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الرِّوَايَةُ بِالْجَزْمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَذْفُ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ. ع ش أَيْ: لَا يَتَسَبَّبُ حَاضِرٌ فِي بَيْعِ مَتَاعٍ لِبَادٍ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ سَبَبُ الْبَيْعِ لَا الْبَيْعُ وَالْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: زَادَ مُسْلِمٌ إلَخْ) أَتَى بِالزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ لِعُمُومِهَا وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ فِي غَفَلَاتِهِمْ وَنَسَبَهُ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ غَلَطٌ إذْ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مُسْلِمٍ بَلْ وَلَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ كَمَا قَضَى بِهِ سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهَا. اهـ. حَجّ ز ي وَقِ ل وح ل
وَقَوْلُهُ: سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ أَيْ: تَتَبُّعُ وَتَفْتِيشُ مَا بِأَيْدِيهِمْ. (قَوْلُهُ: دَعُوا النَّاسَ) فَإِنَّكُمْ إنْ تَرَكْتُمُوهُمْ بَاعَ ذُو الْمَتَاعِ أَهْلَ السُّوقِ بَيْعًا مُرْبِحًا وَحِينَئِذٍ تَسْلَمُونَ مِنْ الْإِثْمِ وَيَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَقَوْلُهُ: يَرْزُقُ اللَّهُ حَالٌ أَيْ: دَعُوا النَّاسَ فِي حَالٍ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَعَلَيْهِ فَيَرْزُقُ مَرْفُوعٌ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَزْمِهِ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ قَصْدُ الْجَزَاءِ وَهَذَا الْقَصْدُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى هُنَا؛ لِأَنَّ الرِّزْقَ مِنْ اللَّهِ لَا يَتَسَبَّبُ عَنْ تَرْكِ النَّاسِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالْجَزْمِ فَيُؤَوَّلُ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِيِّ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ تَدَعُوهُمْ

(2/218)


عَنْ ذَلِكَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَهُ الْبَادِي بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَتْرُكُهُ عِنْدَكَ؛ لِتَبِيعَهُ تَدْرِيجًا أَوْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ، وَقَصَدَ الْبَادِي بَيْعَهُ تَدْرِيجًا فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ حَالًّا فَقَالَ لَهُ: اُتْرُكْهُ عِنْدِي؛ لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ. وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لَا فِيمَا يَأْتِي فِي بَقِيَّةِ الْفَصْلِ لِلتَّحْرِيمِ فَيَأْثَمُ بِارْتِكَابِهِ الْعَالِمُ بِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِمَا مَرَّ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ دُونَ الْبَدَوِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ رِزْقَهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ عَلَى شَيْءٍ. شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: يَرْزُقُ هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيُمْنَعُ الْجَزْمُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إنْ تَدَعُوهُمْ يَرْزُقُ اللَّهُ وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ تَدَعُوهُمْ لَا يَرْزُقُ وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ رِزْقَ اللَّهِ النَّاسَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى أَمْرٍ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ وَأَمَّا إذَا عُلِمَتْ فَتَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَعْنَاهَا عَلَى الْجَزْمِ إنْ تَدَعُوهُمْ يَرْزُقْهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ مَنَعْتُمُوهُمْ جَازَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي أَيْ: عَنْ سَبَبِهِ. (قَوْلُهُ: مَا يُؤَدِّي) أَيْ: تَضْيِيقٌ يُؤَدِّي بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي إلَيْهِ أَيْ: إلَى ذَلِكَ التَّضْيِيقِ فَقَوْلُهُ: مِنْ التَّضْيِيقِ بَيَانٌ لِمَا، وَكَانَ عَلَيْهِ إبْرَازُ فَاعِلِ يُؤَدِّي؛ لِأَنَّ اللَّبْسَ غَيْرُ مَأْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى النَّهْيِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِبْرَازَ لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْوَصْفِ كَمَا قَالَهُ ح ف لَكِنْ الشَّيْخُ يَس عَلَى الْفَاكِهِيِّ أَوْجَبَ الْإِبْرَازَ فِي الْفِعْلِ أَيْضًا تَأَمَّلْ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى ع ش (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَهُ الْبَادِي) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَيَقُولُ لَهُ الْحَاضِرُ (قَوْلُهُ: آتْرُكُهُ عِنْدَك؟) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٌ بِرْمَاوِيٌّ وَلَا يَتَعَيَّنُ هَذَا بَلْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ لِلْمُتَكَلِّمِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الْمُضَارِعِ. وَقَوْلُهُ: عِنْدَك لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِمَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ الِاخْتِصَاصَاتُ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا نَادِرًا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى النُّدُورِ هَلْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ النَّاسِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَوْقَاتِ؟ كَأَنْ تَعُمَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ طَائِفَةٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَأَكْثَرُ أَهْلِهَا فِي غُنْيَةً عَنْهُ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلْيُنْظَرْ صُورَةُ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا وَلَعَلَّهُ نَحْوُ الْبَلُّوطِ. اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ عَمَّتْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِيَبِيعَهُ حَالًا وَقَوْلُهُ: لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ أَيْ: حَالًا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَدْرِيجًا ح ل وَلَمْ يَأْخُذْ مُحْتَرَزَ الْبَقِيَّةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ قُيُودًا فِي الْحُرْمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبَهُ الْبَائِعُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي زَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ الزَّمَنِ الَّذِي طَلَبَهُ الْحُرْمَةُ وَهِيَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي حَجّ وَمَيْلُهُ إلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْحُرْمَةُ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ. ع ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ التَّأْخِيرَ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ الْحَاضِرُ أَخِّرْهُ إلَى شَهْرَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ. اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ) رَاجِعٌ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ
وَقَوْلُهُ: لَا سَبِيلَ أَيْ: لَا طَرِيقَ إلَى مَنْعِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأُولَى وَالثَّالِثَةِ. وَقَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ أَيْ: الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْحَاضِرَ لَمْ يُضَرَّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ. (قَوْلُهُ: إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ. وَقَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ أَيْ: الْمَنْعِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ أَيْ: بِالْمَالِكِ أَيْ: وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُ بِارْتِكَابِهِ) أَيْ: النَّهْيَ بِمَعْنَى الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِيمَا هُنَا وَفِيمَا سَيَأْتِي. م ر (قَوْلُهُ: الْعَالِمُ بِهِ) وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ الْمُقَصِّرُ وَلَوْ فِيمَا يَخْفَى غَالِبًا قَالَ شَيْخُنَا وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَزِّرَهُ فِي ارْتِكَابِ مَا لَا يَخْفَى غَالِبًا وَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرْمَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْعِلْمِ أَوْ التَّقْصِيرِ وَأَنَّ التَّعْزِيرَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْخَفَاءِ. ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ لِمَعْنًى اقْتَرَنَ بِهِ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لِلَازِمِهِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْبَيْعِ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَفِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّوْسِعَةِ بِهِ أَيْ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ سَبَبُهُ وَهُوَ الْقَوْلُ. ح ف وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فَيَحْرُمُ كَالْوَسِيلَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ: الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَالْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ) وَهُوَ مِنْ الصَّغَائِرِ م ر وَعَدَّهُ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ أَيْ: إثْمُ هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْبَدَوِيِّ) أَيْ:؛ لِأَنَّ غَرَضَ الرِّبْحِ لَهُ دَفْعُ الْإِثْمِ عَنْهُ وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِانْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْكَلَامِ الصَّادِرِ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ لَعِبِ شَافِعِيٍّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ حَنَفِيٍّ إذْ لَا يَتَأَتَّى إلَّا مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ بِرْمَاوِيٌّ وَفَارَقَ حُرْمَةَ تَمْكِينِ زَوْجِهَا الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ وَهِيَ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ

(2/219)


وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي انْتَهَى. وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَذَلِكَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَدَوِيٌّ وَإِلَى الْحَاضِرَةِ حَضَرِيٌّ. وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْقَادِمِ غَرِيبًا وَلَا بِكَوْنِ الْمَتَاعِ عِنْدَ الْحَاضِرِ وَإِنْ قَيَّدَ بِهِمَا الْأَصْلُ.

(وَتَلَقِّي رُكْبَانٍ) بِأَنْ (اشْتَرَى) شَخْصٌ (مِنْهُمْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهَا فِي عَدَمِ تَمْكِينِهِ فَرَاجِعْهُ. ق ل قَالَ: حَجّ وَلَا يُقَالُ هَذَا بِإِجَابَتِهِ مُعِينٌ لَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَيْ: شَرْطَ كَوْنِهِ مُعِينًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَنْ لَا تُوجَدَ الْمَعْصِيَةُ إلَّا مِنْهُمَا كَلَعِبِ الشَّافِعِيِّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ مَنْ يُحَرِّمُهُ وَمُبَايَعَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ نِدَائِهَا وَهُنَا الْمَعْصِيَةُ تَمَّتْ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْمَالِكُ سُلْطَانٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ لَوْ اشْتَرَاهُ عِنْدَ الْقُدُومِ لَاشْتَرَاهُ بِأَرْخَصَ ح ف وَلَوْ قَدِمَ الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ بِثَمَنٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ التَّحْرِيمَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ قَالَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ سم فَإِنْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ. اط ف (قَوْلُهُ: وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ الْبَادِيَةُ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْعِمَارَةُ فَإِنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ أَوْ كَبُرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ أَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَرْعٍ وَخِصْبٍ فَرِيفٌ شَوْبَرِيٌّ.
ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ لَا يُسَمَّى رِيفًا بَلْ الرِّيفُ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ السُّكْنَى الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى زَرْعٍ وَخِصْبٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا اُشْتُهِرَ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَنَّ الرِّيفَ مَا عَدَا الْمُدُنَ، وَالْبَادِيَةَ عَلَى كَلَامِ حَجّ أَرْضٌ قَفْرَاءُ لَا عِمَارَةَ فِيهَا وَلَا زَرْعَ وَلَا ثَمَرَ. (قَوْلُهُ: وَخِصْبٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ كَثْرَةُ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخِصْبُ وَزَّانُ حِمْلٍ الثِّمَارُ وَالْبَرَكَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْجَدْبِ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَخْصَبَ الْمَكَانُ بِالْأَلِفِ فَهُوَ مُخْصِبٌ وَفِي لُغَةٍ خَصِبَ يَخْصَبُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ خَصِيبٌ وَأَخْصَبَ اللَّهُ الْمَوْضِعَ إذَا أَنْبَتَ فِيهِ الْعُشْبَ وَالْكَلَأَ. ع ش (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُدُنِ وَالْقُرَى وَالرِّيفِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَدَوِيٌّ) أَيْ: عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ بَادِيٌّ وَحَاضِرِيٌّ؛ لِأَنَّ فَعَلِيٌّ مُطَّرِدٌ فِي فَعِيلَةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَفَعَلِيٌّ فِي فَعِيلَةٍ الْتَزِمْ
أَيْ: وَفَعِيلَةٌ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا فَيَكُونُ فَعَلِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ) فَلَوْ قَالَ حَاضِرٌ لِحَاضِرٍ أَوْ بَادٍ لِبَادٍ أَوْ بَادٍ لِحَاضِرٍ أَوْ بِالْعَكْسِ حَرُمَ عَلَى الْقَائِلِ لَا الْمَقُولِ لَهُ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِكَوْنِ الْمَتَاعِ عِنْدَ الْحَاضِرِ) مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَلَا بِكَوْنِ الْحَاضِرِ يَطْلُبُ كَوْنَ الْمَتَاعِ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَلَقِّي رُكْبَانٍ) أَيْ: لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا يَبْطُلُ أَيْ: وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ تَلَقِّي إلَخْ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعٍ إلَخْ أَيْ: وَكَبَيْعٍ مُتَسَبِّبٍ عَنْ تَلَقِّي رُكْبَانٍ أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى التَّلَقِّي بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لَهُ. شَيْخُنَا ح ف وَالتَّلَقِّي لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ح ل وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الْعُرْبَانِ يَقْدُمُ إلَى مِصْرَ وَيُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ فَيَمْنَعُهُمْ حُكَّامُ مِصْرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالشِّرَاءِ خَوْفًا مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ فَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُمْ وَالْبَيْعُ لَهُمْ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا الشِّرَاءُ مِنْ الْمَارِّينَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ إلَى مِصْرَ أَمْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ سِعْرَ مِصْرَ؟ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِمْ إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَقْدُمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ سِعْرَ الْبَلَدِ وَأَنَّ الْعَرَبَ إذَا أَرَادُوا الشِّرَاءَ يَأْخُذُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلَدِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ نَعَمْ إنْ مَنَعَ الْحَاكِمُ مِنْ الْبَيْعِ لَهُمْ حَرُمَ لِمُخَالَفَةِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْهُمْ) أَيْ: وَلَوْ بِصُورَةِ اسْتِفْهَامٍ مِنْهُ فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيبُوهُ لِلْبَيْعِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش وَلَوْ تَلَقَّاهُمْ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ كَانَ كَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ شَرْحُ م ر وز ي وَمَحَلُّ حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ إذَا بَاعَهُمْ بِأَزْيَدَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اط ف وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ مُلَاقِي الْحُجَّاجَ بِالنُّزُولِ فِيهَا كَالْعَقَبَةِ مَثَلًا تُعَدُّ بَلَدُ الْقَادِمِينَ فَتَحْرُمُ مُجَاوَزَتُهَا وَتَلَقِّي الْحُجَّاجِ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ

(2/220)


(مَتَاعًا قَبْلَ قُدُومِهِمْ) الْبَلَدَ مَثَلًا (وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ) الْمُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِدُونِ السِّعْرِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِلْغَبْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي كَأَنْ خَرَجَ لِنَحْوِ صَيْدٍ فَرَآهُمْ وَاشْتَرَى مِنْهُمْ وَمَا عَبَّرْت بِهِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. (وَخُيِّرُوا) فَوْرًا (إنْ عَرَفُوا الْغَبْنَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَلَقُّوا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَلَقُّوا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ.» وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْفَوْرِ فَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي كَاذِبًا، أَمْ لَمْ يُخْبِرْ فَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِطَلَبِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ لَكِنْ بَعْدَ قُدُومِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ أَوْ قَبْلَهَا وَاشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا تَحْرِيمَ؛ لِانْتِفَاءِ التَّغْرِيرِ وَلَا خِيَارَ؛ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْخِيَارُ؟ وَجْهَانِ: مَنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ وَكَلَامُ الشَّاشِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِمْرَارِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِمَا اُعْتِيدَ النُّزُولُ فِيهِ.
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَتَاعًا) وَإِنْ نَدَرَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: قَبْلَ قُدُومِهِمْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِيدُوا دُخُولَ الْبَلَدِ بَلْ اجْتَازُوا بِهَا فَيَحْرُمُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ فِي حَالِ مُرُورِهِمْ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ اعْتَمَدَهُ. م ر (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَتُهُمْ) أَيْ: إمْكَانُهَا ح ل (قَوْلُهُ: الْمُشْعِرِ ذَلِكَ) أَيْ: التَّلَقِّي الْمَذْكُورُ مَعَ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ أَيْ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِيَ بِدُونِ سِعْرِ الْبَلَدِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ دُونَ سِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ يَكْفِي فِي الِاسْمِ شِرَاؤُهُ بِدُونِ سِعْرِ الْبَلَدِ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ تَلَقِّيَ الرُّكْبَانِ حَرَامٌ ح ل وَالْمُشْعِرِ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِلتَّلَقِّي أَوْ بِالنَّصْبِ صِفَةٌ لِلظَّرْفِ. (قَوْلُهُ: بِدُونِ السِّعْرِ) بِأَنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ بِدُونِ ثَمَنِ السُّوقِ حَالَ شِرَائِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَإِنْ صَدَقَ فِي إخْبَارِهِ لَهُمْ بِالسِّعْرِ بِأَنْ أَخْبَرَهُمْ بِمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَزَادَ بَعْدَ إخْبَارِهِ وَقَبْلَ شِرَائِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْقِيَمُ فِي الْأَسْوَاقِ وَبَاعُوا عَلَى طِبْقِ أَحَدِهَا فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَوْ لَا فَرْقَ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَلَوْ قِيلَ الِاعْتِبَارُ بِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُعَدُّونَ مَغْلُوبِينَ إلَّا إذَا بَاعُوا بِدُونِهِ لَمْ يَبْعُدْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي ذَلِكَ) أَيْ: الدُّونَ (قَوْلُهُ: وَخُيِّرُوا فَوْرًا إنْ عَرَفُوا الْغَبْنَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا الْبَلَدَ، وَقِيلَ يُخَيَّرُونَ إنْ دَخَلُوا الْبَلَدَ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا قَبْلَهُ وَمَتَى فَسَخُوا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ عَلَى الثَّانِي لَمْ يَنْفَسِخْ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِ مُوَرِّثِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الشُّرُوطَ وَالْأَرْكَانَ، وُجِدَتْ ثَمَّ بِتَمَامِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا. إذْ شَرْطُ الْفَسْخِ الْعِلْمُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَدُخُولُ الْبَلَدِ عَلَى الثَّانِي، وَالْفَسْخُ وَقَعَ قَبْلَ شَرْطِهِ فَلَغَا وَأَيْضًا فَالْغَبْنُ لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِلْفَسْخِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي عَدَمُ الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ الرِّضَا مَعَ الْجَهْلِ بِالْغَبْنِ وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرْته أَنَّهُ لَوْ فَسَخَ بِعَيْبٍ جَاهِلًا بِوُجُودِهِ فَبَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَنْفُذْ فَسْخُهُ لِفَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِهِ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ كَظَاهِرِهِ. إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِالْخِيَارِ أَوْ كَوْنَهُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ صُدِّقَ وَعُذِرَ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ: تَتَلَقَّوْهُمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ) أَيْ: أَوْ لِلشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَهْبِطَ بِهَا) حَتَّى تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ: لِيَهْبِطَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ: النَّهْيِ الْمُفِيدِ لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّخْيِيرِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ أَيْ: النَّاشِئِ عَنْ شِرَائِهِ بِدُونِ السِّعْرِ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ الْمُشْعِرِ ذَلِكَ يَقْتَضِي حُصُولَ الْإِثْمِ وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ غَبْنٌ إلَّا أَنَّ احْتِمَالَ الْغَبْنِ وَالْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِدُونِ السِّعْرِ حَاصِلٌ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ احْتِمَالِ. ح ل أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْخِيَارِ عَلَى الْغَبْنِ بِالْفِعْلِ، وَالْمَدَارُ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ عَلَى احْتِمَالِ الْغَبْنِ. ح ل لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَلَا خِيَارَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِلتَّخْيِيرِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ لَفْظَةُ احْتِمَالٍ مُقْحَمَةٌ.
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ غَبْنُهُمْ قَالَ: ق ل عَلَيْهِ أَيْ: بِالْفِعْلِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْحُرْمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ يُرَادُ بِهِ هَذَا وَلَفْظَةُ احْتِمَالٍ مُقْحَمَةٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ قُدُومِهِمْ) أَيْ: وَمَعْرِفَتِهِمْ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِهِمْ السُّوقَ وَإِنْ اُحْتُمِلَ غَبْنُهُمْ، وَوَجْهُهُ تَقْصِيرُهُمْ حِينَئِذٍ وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَةِ السِّعْرِ شَرْحُ. م ر لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ وَيَثْبُتُ لَهُمْ الْخِيَارُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ع ش (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ) أَيْ: وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ إنْ صَدَّقُوهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرِيمَ) قَدْ يُقَالُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا خِيَارَ لِانْتِفَاءِ الْغَبْنِ الَّذِي قَدَّمَهُ وَالْمُرَادُ انْتِفَاءُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ هُوَ الْمَعْنَى السَّابِقُ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ) وَهُوَ الْغَبْنُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ب ر (قَوْلُهُ: حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ) فِي الْمِصْبَاحِ: رَخُصَ الشَّيْءُ رُخْصًا فَهُوَ رَخِيصٌ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَهُوَ ضِدُّ الْغَلَاءِ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَرْخَصَ اللَّهُ السِّعْرَ، وَتَعْدِيَتُهُ بِالتَّضْعِيفِ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَالرُّخْصُ مِثْلُ قُفْلٍ اسْمٌ مِنْهُ.
اهـ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ) فَإِنْ اعْتَبَرْنَا الِابْتِدَاءَ قُلْنَا بِالْخِيَارِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الِانْتِهَاءَ قُلْنَا بِعَدَمِهِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِمْرَارِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر حَيْثُ قَالَ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ

(2/221)


وَالْأَوْجَهُ اسْتِمْرَارُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. وَالرُّكْبَانُ جَمْعُ رَاكِبٍ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ الْقَادِمُ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ مَاشِيًا.

(وَسَوْمٌ عَلَى سَوْمٍ) أَيْ سَوْمِ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الرَّجُلِ وَالْأَخِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَالثَّانِي لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ وَسُرْعَةِ امْتِثَالِهِ فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ (بَعْدَ تَقَرُّرِ ثَمَنٍ) بِالتَّرَاضِي بِهِ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَخَذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَهُ بِكَذَا رُدَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِنْ قِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ ضَرَرَ الْمُشْتَرِي انْدَفَعَ بِزَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَالضَّرَرُ هُنَا بَاقٍ بِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ فَلَهُ مَنْدُوحَةٌ هُنَا فِي اسْتِمْرَارِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِأَنْ يَفْسَخَ وَيَدَّخِرَهُ إلَى عَوْدِ سِعْرِهِ فَتَأَمَّلْ. اط ف (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اسْتِمْرَارُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْخَبَرِ) إذْ ظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِسِعْرِ الْبَلَدِ. ح ل (قَوْلُهُ: جَمْعُ رَاكِبٍ) وَهُوَ لُغَةً خَاصٌّ بِرَاكِبِ الْإِبِلِ لَكِنْ الْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. ع ش

(قَوْلُهُ: وَسَوْمٌ عَلَى سَوْمٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبُيُوعُ أَيْ: وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سَوْمٌ إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا أَيْ: الْبُيُوعِ. ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَرُّ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ أَيْ: وَبَيْعٍ نَاشِئٍ عَنْ سَوْمٍ إلَخْ بِرْمَاوِيٌّ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى نَوْعٍ وَهُوَ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ، وَالرَّفْعُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهَا وَاقِعَةً عَلَى بَيْعٍ، وَالْجَرُّ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُرَادُ بِالسَّوْمِ مَا يَشْمَلُ الْإِسَامَةَ مِنْ صَاحِبِ السِّلْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا طَلَبُ سَبَبِهِمَا كَالْأَمْرِ لِلْبَائِعِ بِالِاسْتِرْدَادِ وَالْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ لَا حَقِيقَتُهُمَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السَّوْمِ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ لِيَتَأَمَّلَ فِيهَا أَتُعْجِبُهُ فَيَشْتَرِيهَا أَمْ لَا فَيَرُدَّهَا وَالْإِسَامَةُ كَوْنُ الْمَالِكِ يُعْطِيهَا لَهُ لِيَسُومَهَا. فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَقُولَ تَفْسِيرٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْإِسَامَةِ عَلَى التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَلِلسَّوْمِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَسُومُهَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إنْ كَانَ السَّوْمُ الْأَوَّلُ جَائِزًا وَإِلَّا كَسَوْمِ نَحْوِ عِنَبٍ مِنْ عَاصِرِ الْخَمْرِ فَلَا يَحْرُمُ السَّوْمُ عَلَى سَوْمِهِ بَلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبَكْرِيُّ يُسْتَحَبُّ الشِّرَاءُ بَعْدَهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيَظْهَرُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ جَوَازُ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ إذَا كَانَتْ الْأُولَى مُحَرَّمَةً وَلَوْ أَخَذَ مَتَاعًا غَيْرَ مُتَمَيِّزِ الْأَجْزَاءِ لِيَأْخُذَ بَعْضَهُ ضَمِنَ ذَلِكَ الْبَعْضَ فَقَطْ، وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ وَذَلِكَ كَمَقْطَعِ قُمَاشٍ سَامَهُ لِيَأْخُذَ مِنْهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فَلَوْ كَانَ مُتَمَيِّزَ الْأَجْزَاءِ كَمَقْطَعَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا فَتَلِفَا وَلَوْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَأْخُوذٌ بِالسَّوْمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ لِشَيْخِنَا وَلِلْأُجْهُورِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ.
لَكِنْ قَالَ: ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ ثَوْبَيْنِ مُتَقَارِبَيْ الْقِيمَةِ وَقَدْ أَرَادَ شِرَاءَ أَعْجَبَهُمَا إلَيْهِ فَقَطْ وَتَلِفَا فَهَلْ يَضْمَنُ أَكْثَرَهُمَا قِيمَةً أَوْ أَقَلَّهُمَا قِيمَةً؟ لِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ الْأَقَلُّ قِيمَةً وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْكُلِّ بَيْنَ كَوْنِ مَا يَسُومُهُ مُتَّصِلَ الْأَجْزَاءِ كَثَوْبٍ يُرِيدُ شِرَاءَ بَعْضِهِ وَكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ كَالثَّوْبَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرِيدُ أَخْذَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ مَأْخُوذٌ بِالسَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا النِّصْفَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَعْلَى يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْأَسْفَلِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا مَحْضًا لَلَزِمَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِ الصَّادِقِ لِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مَغْبُونًا وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ. (قَوْلُهُ: فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا) فَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ مِثْلُ الْمُسْلِمِ وَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُهُمَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا احْتِرَامًا فِي الْجُمْلَةِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ صَرِيحًا مَعَ الْمُوَاعَدَةِ عَلَى إيقَاعِ الْعَقْدِ بِهِ وَقْتَ كَذَا فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ افْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ لَمْ يَحْرُمْ السَّوْمُ حِينَئِذٍ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ شَوْبَرِيٌّ وح ف (قَوْلُهُ: صَرِيحًا) فَفِي السُّكُوتِ لَا يَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ.
اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فَالْإِشَارَةُ هُنَا وَلَوْ مِنْ النَّاطِقِ كَاللَّفْظِ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إشَارَةَ النَّاطِقِ لَغْوٌ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ بِالْعَقْدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِهَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُ الْقَوْلِ أَنْ يُخْرِجَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَهُوَ

(2/222)


حَتَّى أَبِيعَك خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ، أَوْ يَقُولَ لِمَالِكِهِ اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ وَخَرَجَ بِالتَّقَرُّرِ مَا يُطَافُ بِهِ عَلَى مَنْ يُزِيدُ فِيهِ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ.

(وَبَيْعٍ عَلَى بَيْعٍ) أَيْ: غَيْرِهِ فِي زَمَنِ خِيَارٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَهُ كَأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِيَ بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَ الْمَبِيعِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ أَقَلَّ (وَشِرَاءٍ عَلَى شِرَاءٍ) أَيْ: شِرَاءِ غَيْرِهِ (زَمَنِ خِيَارٍ) أَيْ: خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ. (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ.» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْإِيذَاءُ فَقَوْلِي زَمَنِ خِيَارٍ إلَى آخِرِهِ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَخَرَجَ بِزَمَنِ الْخِيَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَرْخَصُ مِنْهُ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرَّدِّ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَقَلِّ لَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَدٌّ وَلَا بَيْعٌ لِلْإِيذَاءِ وَصَرَّحَ فِي الزَّوَاجِرِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى أَبِيعَك إلَخْ) فَإِنْ سَكَتَ عَنْ هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ رَدَّهُ قَالَ شَيْخُنَا م ر فَلَا حُرْمَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِغُلُوٍّ أَوْ عَيْبٍ وَإِعْلَامُهُ بِهِ جَائِزٌ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الرَّدُّ كَمَا فِي ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ فِي النِّكَاحِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ تَدْلِيسٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْلَامُ إذْ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. ق ل (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهُ بِأَقَلَّ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ ذَكَرُوهُ لِيَكُونَ أَدْعَى لِلْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الْإِيذَاءِ وَهُوَ حَاصِلٌ وَلَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فِيمَا سَيَأْتِي أَوْ بِأَكْثَرَ. شَيْخُنَا ق ل ح ل وَحِينَئِذٍ مَعْنَى كَوْنِهِ سَائِمًا عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ أَنَّهُ عَرَّضَ بِضَاعَتَهُ لِلسَّوْمِ الْوَاقِعِ لِسِلْعَةِ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ عَرْضُ سِلْعَتِهِ الَّتِي مِثْلَ الْمَبِيعِ بِأَنْقَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْمَبِيعِ فِي الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ لِأَجْلِهِ.
ح ل (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالتَّقَرُّرِ مَا يُطَافُ بِهِ عَلَى مَنْ يَزِيدُ فِيهِ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَإِلَّا حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّجْشِ الْآتِي بَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الشِّرَاءَ أَخْذُ الْمَتَاعِ الَّذِي يُطَافُ بِهِ لِمُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ إنَّمَا يَأْذَنُ عَادَةً فِي تَقْلِيبِهِ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا. ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَبَيْعٍ عَلَى بَيْعٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعٍ حَاضِرٍ ح ل وَمِثْلُ الْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَنْ أُنْعِمَ عَلَيْهِ بِكِتَابٍ لِيُطَالِعَ فِيهِ حَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَهُ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَقَوْلُهُ: أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ أَيْ: أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ لِيُطَالِعَ فِيهِ هُوَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مَغْبُونًا وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ م ر وَسُمِّيَ هَذَا بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي بَعْدَ الْفَسْخِ إلَيْهِ ع ش فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ مِثْلَهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ سِلْعَةً مِثْلَهَا بِأَرْخَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِمِثْلِ ثَمَنِ الْأُولَى بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النَّدَمِ أَوْ الْفَسْخِ وَالْأَمْرُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ لِلْإِيذَاءِ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاءٍ عَلَى شِرَاءٍ) هُوَ بِالْجَرِّ أَيْضًا عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ الْأَوَّلِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ لَيْسَ بَيْعًا وَشِرَاءً حَقِيقِيَّيْنِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لَهُمَا فَيَحْرُمُ لِذَلِكَ. ز ي (قَوْلُهُ: أَعَمُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ خِيَارَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ لُزُومِهِ) أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَالَةِ بِتَخْوِيفٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ) وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ بِهِ فَوْرِيٌّ بِمَا إذَا وُجِدَ عُذْرٌ كَأَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ. ح ف وع ش وَيُتَصَوَّرُ فَسْخُ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ بِمَا إذَا وُجِدَ عَيْبٌ بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) حَتَّى تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَبْتَاعَ إلَخْ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: أَوْ يَذَرَ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ تَعْلِيلِيَّةً بِالنَّظَرِ لِيَبْتَاعَ؛ وَغَائِيَّةً بِالنَّظَرِ لِيَذَرَ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ وَاسْتُشْكِلَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِي يَبْتَاعَ إلَى الْبَعْضِ بِأَنَّ الْبَعْضَ بَائِعٌ لَا مُشْتَرٍ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ حَتَّى يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ بَيْعَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي أَيْ: عَلَى بَيْعِ أَحَدٍ لِبَعْضٍ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لَهُ حِينَئِذٍ أَوْ يُقَالُ إنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ كَمَا قَالَهُ س ل وَهَذَا عَلَى كَوْنِ يَبْتَاعُ بِمَعْنَى يَشْتَرِي فَإِذَا قُلْنَا مَعْنَاهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ فَلَا إشْكَالَ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ لَعَلَّ الْمُرَادَ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ يَبْتَاعَ أَيْ: يَلْزَمَ الْبَيْعَ فَيَتْرُكَهُ أَوْ يَذَرَ أَيْ: فَيَفْسَخَ الْبَيْعَ فَيَبِيعُهُ غَيْرُهُ فَهُوَ غَايَةٌ لِمُدَّةِ مَنْعِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَنَّ لَفْظَةَ يَبْتَاعُ مُقْحَمَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي النَّهْيِ عَنْ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَبَيْعٍ عَلَى بَيْعٍ وَشِرَاءٍ عَلَى شِرَاءٍ وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَلَغَ

(2/223)


مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ وَبِزِيَادَتِي بِغَيْرِ إذْنٍ مَا لَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ عَلَى شِرَائِهِ فَلَا تَحْرِيمَ.

(وَنَجْشٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنٍ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ لَا لِرَغْبَةٍ فِي شِرَائِهَا بَلْ (لَيَغُرَّ) غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيَهَا وَلَوْ كَانَ التَّغْرِيرُ بِالزِّيَادَةِ لِيُسَاوِيَ الثَّمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ الْإِيذَاءُ. (وَلَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ.

(وَبَيْعِ نَحْوِ رُطَبٍ) كَعِنَبٍ (لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا) بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يَظُنَّهُ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ مِنْهُ فَالْبَيْعُ لَهُ مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ أَوْ كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ مُحَقَّقَةٍ أَوْ مَظْنُونَةٍ أَوْ لِمَعْصِيَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا أَوْ مُتَوَهَّمَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ لِيَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَبْنٍ نَشَأَ عَنْ غِشٍّ لِتَقْصِيرِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُبَالِ بِإِضْرَارِهِ بِالْفَسْخِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَأَ الْغَبْنُ عَنْ تَقْصِيرِ الْمَغْبُونِ لِعَدَمِ بَحْثِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ حِينَئِذٍ ضَرَرٌ عَلَيْهِ أَيْ: الْبَائِعِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ. اط ف (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ) أَيْ: الْأَمْرُ بِالْفَسْخِ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِهِ أَيْ: فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ) مَحَلُّهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَالِكًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَنْ يَأْذَنَ لَا عَنْ ضَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَنَجَشٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يَبْطُلُ وَهُوَ لُغَةً الْإِثَارَةُ بِالْمُثَلَّثَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إثَارَةِ الرَّغْبَةِ يُقَالُ نَجَشَ الطَّائِرَ أَثَارَهُ مِنْ مَكَانِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ وَجَرُّهُ أَظْهَرُ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ حَاضِرٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَزِيدَ إلَخْ) لَا يَبْعُدُ أَنْ ذَكَرَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَلَوْ دَفَعَ فِيهَا ثَمَنًا ابْتِدَاءً لَا لِرَغْبَةٍ فِيهَا فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ فَتْحُ الْبَابِ مِنْ عَارِفٍ يَرْغَبُ فِي فَتْحِهِ؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ بَيْعِ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهَا فِي الْعَادَةِ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ.
وَمَدْحُ السِّلْعَةِ لِيَرْغَبَ فِيهَا بِالْكَذِبِ كَالنَّجْشِ. شَرْحُ م ر قَالَ: ع ش وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي الْوَصْفِ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدْحَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَحْمِلُ الْمَالِكَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دُفِعَ فِيهَا أَوَّلًا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا عَلِمَ بِهَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دُفِعَ لَهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: لَا لِرَغْبَةٍ) أَيْ: أَوْ لِرَغْبَةٍ لَكِنْ قَصَدَ إضْرَارَ غَيْرِهِ. ع ش (قَوْلُهُ: لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) يُقَالُ غَرَّهُ يَغُرُّهُ بِالضَّمِّ غُرُورًا خَدَعَهُ وَالتَّغْرِيرُ حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الْغَرَرِ. اهـ مُخْتَارٌ وَقَوْلُهُ: لِيَغُرَّ غَيْرَهُ لَيْسَ قَيْدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ النَّفْعَ لِبَائِعٍ وَلَمْ يَقْصِدْ تَغْرِيرَ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ) أَيْ: بِعَدَمِ مُرَاجَعَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَتَأَمَّلْهُ، وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ لِلتَّدْلِيسِ كَالتَّصْرِيَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ مُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لِلنَّاجِشِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ جَزْمًا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَعْطَيْت فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا عَقِيقٌ أَوْ فَيْرُوزُ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ فَاشْتَرَاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ وَيُفَارِقُ التَّصْرِيَةَ بِأَنَّهَا تَغْرِيرٌ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ. اهـ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: فَبَانَ خِلَافُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ بِعْتُك هَذَا الْعَقِيقَ أَوْ الْفَيْرُوزَجَ فَبَانَ خِلَافَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّى جِنْسًا فَبَانَ خِلَافُهُ فَسَدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى نَوْعًا وَتَبَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ وَسُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ بِيعَ بُرْدٌ عَلَى أَنَّ حَوَاشِيَهُ حَرِيرٌ فَبَانَتْ غَيْرُهُ هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَأَجَابَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقَالَ: لِأَنَّ الَّذِي بَانَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَعْضُ الْمَبِيعِ ع ش عَلَيْهِ أَيْ: وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ نَحْوِ رُطَبٍ) وَمَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَا يُقَالُ هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ لِوَصْفٍ لَازِمٍ فِي الْمَبِيعِ بَلْ فِي الْبَائِعِ خَارِجٍ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ، وَشُرُوطُهُ وَبِهِ فَارَقَ لِبُطْلَانِ الْآتِي فِي التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّهُ لِوَصْفٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْعَقْدِ. شَرْحُ م ر وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُنَا وَلَمْ يُقَدِّمْهُ عِنْدَ الْبُيُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَهْيٍ فِيهِ بِخُصُوصِهِ وَمِنْ النَّحْوِ بَيْعُ الْأَمْرَدِ لِمَنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ، وَالْجَارِيَةِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا لِلْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ، وَالْخَشَبِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ وَإِطْعَامِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ كَافِرًا مُكَلَّفًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَذَا بَيْعُهُ طَعَامًا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ نَهَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَمِنْ النَّحْوِ النُّزُولُ عَنْ وَظِيفَةٍ لِغَيْرِ أَهْلِهَا حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ يُقَرَّرُ فِيهَا وَمِنْ ذَلِكَ الْفَرَاغُ عَنْ نِظَارَةٍ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَبْدِلُ بَعْضَ أَمَاكِنِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِيفَاءِ شُرُوطِ الْإِبْدَالِ. .
اهـ. ح ل وَقَرَّرَهُ ح ف (قَوْلُهُ: لِمُتَّخِذِهِ مُسْكِرًا) أَيْ: وَلَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ إظْهَارِهِ وَهَلْ يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّبِيبِ لِحَنَفِيٍّ يَتَّخِذُهُ مُسْكِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّ النَّبِيذِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِسْكَارِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ

(2/224)


وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَبَيْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ.

[دَرْس] (فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا وَتَفْرِيقُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.؛ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ فِي الدَّوَامِ، أَوْ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَقَدْ بَيَّنْتُهَا بِهَذَا التَّرْتِيبِ فَقُلْت: لَوْ (بَاعَ) فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (حِلًّا وَحِرْمًا) كَخَلٍّ وَخَمْرٍ أَوْ عَبْدٍ وَحُرٍّ أَوْ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
نَظَرًا لِاعْتِقَادِ الْبَائِعِ سم عَلَى حَجّ ع ش (قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إطْلَاقُ الْخَمْرِ عَلَى عَصِيرِ الرُّطَبِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ إنَّمَا يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى عَصِيرِ الْعِنَبِ وَأَيْضًا الْخَمْرُ لَا يُعْصَرُ وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لِعَاصِرِ الْعِنَبِ الَّذِي يَئُولُ إلَى كَوْنِهِ خَمْرًا نَعَمْ فِي غَيْرِ اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ عَصِيرٍ وَأَمَّا عَصِيرُ الرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ فَيُقَالُ لَهُ فِي اللُّغَةِ نَبِيذٌ وَالْعُمُومُ فِي قَوْلِهِ نَحْوُ رُطَبٍ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ شَيْخُنَا (تَنْبِيهٌ)
اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَيَجِبُ فِي نَحْوِ اضْطِرَارٍ وَمَالِ مُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ زَمَنِ الْغَلَاءِ، وَفِي الْمُحَابَاةِ لِلْعَالِمِ بِهَا، وَيُكْرَهُ فِي نَحْوِ بَيْعِ مُصْحَفٍ وَدُورِ مَكَّةَ وَفِي سُوقٍ اخْتَلَطَ فِيهِ الْحَرَامُ بِغَيْرِهِ وَمِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَفِي خُرُوجٍ مِنْ حَرَامٍ بِحِيلَةٍ كَنَحْوِ رِبًا، وَيَحْرُمُ فِي بَيْعِ نَحْوِ الْعِنَبِ مِمَّا مَرَّ وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِمَّا يَجِبُ بَيْعُ مَا زَادَ عَلَى قُوتِهِ سَنَةً إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَمِمَّا يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ عَلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَطْعُومَاتِ لِخَبَرِ «لَا تُسَعِّرُوا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ» وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ بِخِلَافِهِ لَكِنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ خَالَفَ إذَا بَلَغَهُ لِشَقِّ الْعَصَا أَيْ: اخْتِلَالِ النِّظَامِ فَهُوَ مِنْ التَّعْزِيرِ عَلَى الْجَائِزِ وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَمِمَّا يَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ قُوتًا لَا غَيْرَهُ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ يَقْصِدُ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَغْلَى فَخَرَجَ بِالشِّرَاءِ مَا لَوْ أَمْسَكَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ؛ لِيَبِيعَهَا فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ وَبِالْقَصْدِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ مُطْلَقًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ إمْسَاكُهُ لِذَلِكَ، وَبِزَمَنِ الْغَلَاءِ زَمَنُ الرُّخْصِ وَمَكَانُ الْغَلَاءِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِيَنْقُلَهُ إلَى مَكَّةَ لِيَبِيعَهُ بِأَغْلَى أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْبَلَدِ إلَى طَرَفِهَا الْآخَرِ؛ لِذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

[فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا]
(فَصْلٌ: فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ)
أَيْ: الْعَقْدِ بِمَعْنَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْعَقْدُ لَا يُفَرَّقُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَتَصَافَقُونَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ وَالْمُرَادُ بِالتَّفْرِيقِ أَثَرُهُ وَقَوْلُهُ: فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَيْ: فِي بَيَانِ مَا يَقْتَضِي تَفْرِيقَهَا وَبَيَانِ مَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَهَا وَمَعْنَى التَّفْرِيقِ اخْتِلَافُهَا صِحَّةً بِالنِّسْبَةِ لِشَيْءٍ وَفَسَادًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَالتَّفْرِيقُ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ عَقْدٍ مِنْ الْمُخْتَلِفَيْنِ حُكْمًا يَخُصُّهُ وَلَا يُوجَدُ فِي الْآخَرِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَتَفْرِيقُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ) وَكَذَا تَعَدُّدُهَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ مَعَ الْمُثَمَّنِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ) وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى
وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي الدَّوَامِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ تُفْرَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ وَتَتْلَفُ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ لَازِمَيْنِ أَوْ جَائِزَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْعَقْدَيْنِ مِنْ جِهَةِ اشْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا لَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْآخَرُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ صَحِيحًا بِرْمَاوِيٌّ.
وَقِ ل وَقَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّهُ غَلَبَ التَّفْرِيقُ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ عَلَى التَّفْرِيقِ فِي اتِّفَاقِهَا فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ جُمِعَ عَقْدٌ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ هُنَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اخْتِلَافٍ فَلِذَلِكَ غَلَّبَهُ.
(قَوْلُهُ: لَوْ بَاعَ) الْمُرَادُ بِالْبَيْعِ هُنَا الْإِيجَابُ فَقَطْ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ الْعَقْدُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْبَيْعِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ.
وَعِبَارَةُ ع ش لَوْ بَاعَ أَيْ: مَلَكَ. اهـ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَيْعَ لِكَوْنِهِ مَوْضِعَ الْبَحْثِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ وَغَيْرُهُمَا كَالرَّهْنِ كَذَلِكَ فَإِذَا رَهَنَ مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ صَحَّ فِيمَا يَصِحُّ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ وَإِذَا زَوَّجَ بِنْتَه وَبِنْتَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ صَحَّ فِي بِنْتِهِ. (قَوْلُهُ: وَاحِدَةٌ) أَتَى بِهِ بَعْدَ صَفْقَةٍ مَعَ أَنَّ التَّاءَ لِلْوَحْدَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْجِنْسِ كَتَمْرَةٍ خَيْرٍ مِنْ جَرَادَةٍ. (قَوْلُهُ: حِلًّا وَحِرْمًا) أَيْ: مَقْصُودًا مَعْلُومًا كَمَا يَأْتِي وَهُمَا لُغَتَانِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمِنْ ثَمَّ قُرِئَ " وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ " وَالْمُرَادُ بِالْحِلِّ الَّذِي يَحِلُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَبِالْحِرْمِ الَّذِي يَحْرُمُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ

(2/225)


بِغَيْرِ إذْنِ الْغَيْرِ وَالشَّرِيكِ (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي الْحِلِّ) مِنْ الْخَلِّ وَعَبْدِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ، وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ وَقِيلَ: يَبْطُلُ فِيهِمَا قَالَ الرَّبِيعُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا فَلَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ بَيْعُ الْجَمِيعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ مَالِكُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدَيْنِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ (بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) سَوَاءٌ أَعَلِمَ الْحَالَ أَمْ جَهِلَ وَأَجَازَ الْبَيْعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَذَاتُ الشَّيْءِ لَا تُوصَفُ لَا بِحِلٍّ وَلَا بِحِرْمَةٍ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الْغَيْرِ وَالشَّرِيكِ) مَفْهُومُ الْقَيْدِ مُخْتَلِفٌ فَفِي الْمُشْتَرَكِ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ وَفِي عَبْدِ الْغَيْرِ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْحِلِّ) سَوَاءٌ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ أَمْ هَذَيْنِ الْخَلَّيْنِ أَمْ الْقِنَّيْنِ أَمْ الْخَلَّ وَالْخَمْرَ أَمْ الْقِنَّ وَالْحُرَّ م ر، وَبَقِيَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ التَّعْمِيمُ بِعْتُك هَذَيْنِ الْخَمْرَيْنِ أَوْ الْحُرَّيْنِ أَوْ أَشَارَ إلَى الْخَلِّ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَمْرِ أَوْ إلَى الْخَمْرِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَلِّ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَهَلْ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَمْ لَا؟ وَظَاهِرُ قَوْلِ ز ي فِي حَاشِيَتِهِ أَوْ وَصَفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الْحَلَالَ عَلَى الْحَرَامِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ الصِّحَّةُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ سم فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى الْمَبِيعَ بِغَيْرِ اسْمِ جِنْسِهِ كَأَنْ سَمَّى الْقُطْنَ حَرِيرًا أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا هُنَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بِصِفَةِ الْخَمْرِيَّةِ وَالْخَلِّيَّةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْإِنْسَانُ وَالْعَصِيرُ نَزَلَا مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ فَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ إنَّهُ لَمَّا سَمَّى الْخَلَّ وَالْعَبْدَ بِمَا لَا يَرِدُ الْبَيْعَ عَلَى مُسَمَّاهُ أَصْلًا جُعِلَ لَغْوًا بِخِلَافِ الْقُطْنِ مَثَلًا إذَا سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَالْحَرِيرِ خَرَجَ إلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدًا لِلْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فِيهِ فِي الْخَارِجِ فَأَبْطَلَ الْعَقْدَ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ إمْكَانِهِ. ع ش اط ف (قَوْلُهُ: مِنْ الْخَلِّ وَعَبْدِهِ إلَخْ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْخَلَّ وَالْخَمْرَ أَوْ الْقِنَّ وَالْحُرَّ أَمَّا عَكْسُهُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْخَمْرَ وَالْخَلَّ أَوْ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَبَاطِلٌ فِي الْكُلِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ كَمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ لِعَطْفِهَا عَلَى مَا لَمْ تُطَّلَقْ وَرَدَّ الشِّهَابُ م ر هَذَا الْقِيَاسَ بِأَنَّ قِيَاسَ مَا هُنَا أَنْ يَقُولَ طَلَّقْت نِسَاءُ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي وَفِي هَذَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأَوَّلِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الثَّانِي وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ بَيْعُ الْخَلِّ وَقِيَاسُ مَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي أَنْ يُقَالَ هُنَا هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك وَهَذَا الْخَلُّ وَفِي هَذِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْخَلِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَلَمْ تَتِمَّ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ تَمَامِهَا وَهُوَ طَالِقٌ فِي الْأُولَى وَمَبِيعٌ فِي الثَّانِيَةِ.
ح ل وع ش مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْطُلُ فِيهِمَا) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَيْسَ هَذَا طَرِيقَتُهُ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّبِيعُ وَإِلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَالَ الرَّبِيعُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَرُدَّ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أَخَّرَهُمَا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْفَتْوَى وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا وَالرَّبِيعُ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْمُرَادِيِّ لَا لِلْجِيزِيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدَيْنِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَفْصِلْ الثَّمَنَ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَوْنِ الصَّفْقَةِ وَاحِدَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَيْضًا أَمَّا لَوْ فَصَلَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِيهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِدِينَارٍ وَعَبْدَ زَيْدٍ بِثَوْبٍ وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ ثَمَنٍ إلَى آخِرِهِ شَرْحُ م ر بِتَصَرُّفٍ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ) هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ مَعَ أَنَّهُ صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِشِدَّةِ الْجَهْلِ إذَا أَذِنَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي ثَمَنَيْنِ وَذَاكَ فِي ثَمَنٍ سم وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِالتَّنَازُعِ لَا إلَى غَايَةٍ فِيمَا إذَا أَذِنَ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ فَالتَّنَازُعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَدْفُوعٌ بِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي وَالتَّنَازُعِ فِيمَا إذَا أَذِنَ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ كَأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا عَبْدِي يُسَاوِي كَذَا وَيُنْكِرَ الْآخَرُ. م ر بِالْمَعْنَى وَقَالَ: ق ل لِلْجَهْلِ أَيْ: مَعَ التَّنَازُعِ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ الْمُوَزَّعِ عَلَيْهَا الثَّمَنُ مِنْ الْمَالِكَيْنِ لَا إلَى غَايَةٍ وَقَدْ يَشْكُلُ فِيهِ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقِيَمِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ. (قَوْلُهُ: بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى) أَيْ: إنْ كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَدَمٍ فَيَصِحُّ فِي الْحِلِّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلضَّرَرِ. م ر ع ش (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ: فِي غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمِثْلَيْنِ الْمُتَّفِقَيْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى النَّظَرِ لِلْقِيمَةِ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ إذْ

(2/226)


؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَتِهِمَا وَيُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا، وَالْحُرُّ رَقِيقًا فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا ثَلَثَمِائَةٍ وَالْمُسَمَّى مِائَةً وَخَمْسِينَ وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ مِائَةٌ فَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسُونَ. وَخَرَجَ بِبَاعَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ وَمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الثَّمَنُ مُوَزَّعٌ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمِثْلَيْنِ ابْتِدَاءً. س ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَتِهِمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِإِيقَاعِهِمَا الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَتِهِمَا جَمِيعًا فَلَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا بِقِسْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا) وَمَحَلُّ التَّوْزِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا بَعْدَ فَرْضِهِمَا خَلَّيْنِ فَإِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ وُزِّعَ عَلَى الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مِثْلِيَّانِ.
وَعِبَارَةُ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْمِثْلِيِّ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ مُتَقَوِّمًا حَتَّى يَعْرِفَ نِسْبَةَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ. لَكِنْ الْأَرْجَحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَوْزِيعُ الثَّمَنِ فِي الْمِثْلِيِّ أَيْ: الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ وَفِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَيْ: وَمِثْلُ الْمُتَقَوِّمَاتِ الْمِثْلِيَّاتُ الْمُخْتَلِفَةُ الْقِيمَةُ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ أَعْلَى الْخَلِّ أَوْ أَدْنَاهُ أَوْ الْغَالِبُ مِنْ جِنْسِهِ؟ وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ لِلْعُرْفِ ع ش وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَاقِدَانِ كَافِرَيْنِ فَلَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْتَفَى فِي التَّقْوِيمِ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ كَالْوِلَايَةِ وَهِيَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالنِّسَاءِ. اهـ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ تَقْدِيرَ الْخَمْرِ بِالْخَلِّ دُونَ الْعَصِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ عَصِيرًا وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ خَلًّا فَكَانَ التَّقْدِيرُ بِهِ أَوْلَى. وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْكِلَابِ النَّظَرُ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى التَّقْوِيمِ لِصِحَّتِهَا بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ. اهـ، وَتَقْدِيرُ الْمَيْتَةِ مُذَكَّاةً وَالْخِنْزِيرِ عَنْزًا بِقَدْرِهِ كِبَرًا وَصِغَرًا لَا بَقَرَةً وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ هُنَا لِلتَّقْوِيمِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَيْ: وَمِنْ شَأْنِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَجْهَلُونَ قِيمَةَ الْخَمْرِ عِنْدَ أَهْلِهَا سُلْطَانٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَقْوِيمِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً لِظُهُورِ الْفَرْقِ فَإِنَّهُمَا ثَمَّ حَالَةَ الْعَقْدِ كَانَا يَرَيَانِ لَهُ قِيمَةً فَعُومِلَا بِاعْتِقَادِهِمَا بِخِلَافِهِ هُنَا. فَإِنْ قُلْت قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا لَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ قُوِّمَ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَلْتَزِمَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْبَيْعَ يُحْتَاطُ لَهُ لِكَوْنِهِ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاطُ لِلصَّدَاقِ إذْ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهِ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَقِ ل قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا أَيْ: لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَيْهِ عَادَةً كَذَا قَدَّرُوهُ هُنَا وَقَدَّرُوهُ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ شَيْئًا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ كُلِّ مَحَلٍّ بِمَا فِيهِ فَلْيُنْظَرْ حِكْمَةُ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ إنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ الْخَمْرِ فَاسِدًا اُعْتُبِرَ لَهُ وَقْتُ صِحَّةٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَلًّا أَوْ عَصِيرًا أَوْ اُعْتُبِرَ الْخَلُّ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ لُزُومَهُ مُسْتَقْبَلٌ عَنْ الْعَقْدِ فَرُبَّمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ فَاعْتُبِرَ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ حَالُ الْخَمْرِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَاعْتُبِرَ بِوَقْتٍ سَابِقٍ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَهُوَ كَوْنُهُ عَصِيرًا وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُشْرِكِ فَالْعَقْدُ وَقَعَ صَحِيحًا بِالْخَمْرِ عِنْدَهُمْ، وَلَمَّا امْتَنَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ رَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ وَقْتَهُ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ غَيْرِ وَقْتِهِ يُؤَدِّي إلَى اعْتِبَارِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صِحَّتِهِ وَرُبَّمَا يَقَعُ إجْحَافٌ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا أَقَلَّ غَالِبًا مِنْ قِيمَةِ الْخَلِّ وَالْعَصِيرِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ عَثَرَاتِ الْأَفْهَامِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ دَقَائِقِ نَفَائِسِ الْإِلْهَامِ.
اهـ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ) هَلَّا قَالَ وَقِيمَةُ الْخَلِّ مُرَاعَاةً لِمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَتْنِ حَرِّرْ اط ف (قَوْلُهُ: فَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ ثُلُثُ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّ الْمِائَةَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِبَاعَ إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْهُ لَا بِهِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ لَوْ كَانَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ مَخْصُوصًا بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي الْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ بِأَنْ زَوَّجَ بِنْتَه، وَبِنْتَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَصِحُّ فِي بِنْتِهِ فَقَطْ وَالشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَ لِابْنِهِ وَغَيْرِهِ بِشَيْءٍ فَتَصِحُّ لِلْغَيْرِ فَلَوْ عَبَّرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي ذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى. ح ل وَقَالَ: ع ش إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الصُّوَرَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ صُوَرِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْعًا لَكِنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلْبَيْعِ فَنَبَّهَ بِبُطْلَانِهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ بَيْعٌ مُرَتَّبٌ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ بَاطِلًا وَأَيْضًا فَفِي ذِكْرِهَا رَمْزٌ إلَى أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ يُلْحَقُ بِهَا فِي أَنَّهُ إذَا وَرَدَ عَلَى مَا يَقْبَلُ التَّصَرُّفَ الَّذِي أَتَى بِهِ وَمَا لَا يَقْبَلُ صَحَّ فِيمَا يَقْبَلُ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ) أَيْ: عَلَيْهِ فَزَادَ عَلَيْهِ كَأَنْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ عَلَى عَشَرَةٍ فَرَهَنَهُ عَلَى عِشْرِينَ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ)

(2/227)


فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الصِّحَّةِ مَا لَوْ فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ أَوْ زَادَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا لِيَتَأَتَّى التَّقْسِيطُ.

(وَخُيِّرَ) فَوْرًا (مُشْتَرٍ جَهِلَ) الْحَالَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ. أَمَّا الْبَائِعُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لَهُ إلَّا الْحِصَّةُ لِتَعَدِّيهِ حَيْثُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَطَمِعَ فِي ثَمَنِهِ.

(أَوْ) بَاعَ (نَحْوَ عَبْدَيْهِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ) انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْآخَرِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (بَلْ يَتَخَيَّرُ مُشْتَرٍ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ (فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْحِصَّةِ) مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ تَوَزَّعَ عَلَيْهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ جَمَعَ عَقْدٌ) عَقْدَيْنِ (لَازِمَيْنِ أَوْ جَائِزَيْنِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ شَوْبَرِيٌّ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الصِّحَّةُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الصِّحَّةِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَعَهُ كَأَنَّهُ رَضِيَ بِنَقْصِ الْوَثِيقَةِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ يُبَاعُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ وَلِاحْتِمَالِ صَبْرِهِ بِالدَّيْنِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ كَاتِبُهُ. اط ف (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَادَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ خَرَجَ عَنْ وِلَايَةِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى عَقْدِ الْهُدْنَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ. س ل (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى) غَايَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِخَرَجَ لِشُمُولِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَاعَ لِهَذِهِ فَلَمْ يَصِحَّ جَعْلُهَا خَارِجَةً بِلَفْظِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ) اُنْظُرْ وَجْهَ اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الْمُقَسِّمَ بَاعَ حِلًّا وَحِرْمًا شَوْبَرِيٌّ.
فَالصَّوَابُ جَعْلُهُ مِمَّا خَرَجَ بِبَاعَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ) وَهُوَ فِي الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَفِي الْعَرَايَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا) أَيْ: حَالًا أَوْ مَآلًا بِأَنْ يُمْكِنَ عِلْمُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ شَوْبَرِيٌّ. وَالْحَاصِلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم أَنَّ الْحَرَامَ إنْ كَانَ مَجْهُولًا جَهْلًا مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ لَا حَالَ الْعَقْدِ وَلَا بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا كَأَنْ قَالَ لَهُ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا عَبْدًا آخَرَ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا حَالَ الْعَقْدِ لَكِنْ كَانَتْ تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بَعْدَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا وَعَبْدَ زَيْدٍ الَّذِي فِي الدَّارِ مَثَلًا صَحَّ الْعَقْدُ فِي الْحَمْلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ لِإِمْكَانِ الْمَعْرِفَةِ بَعْدَهُ. ع ش

(قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ فَوْرًا إلَخْ) أَيْ:؛ لِكَوْنِهِ خِيَارَ نَقْصٍ وَقَوْلُهُ: لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ مَعْذُورًا بِجَهْلِهِ فَهُوَ كَعَيْبٍ ظَهَرَ، وَمَحَلُّ الْخِيَارِ إنْ كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَدَمٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا بِرْمَاوِيٌّ وَصَرَّحَ بِهِ م ر لِلُحُوقِ الضَّرَرِ لَهُ وَأَقَرَّهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: جَهِلَ الْحَالَ) وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا عُلِمَ فِيهِ الْفَسَادُ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَجِبْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَجِبْ لَهُ إلَّا الْحِصَّةُ ع ش وَقَالَ شَيْخُنَا هَذِهِ الْغَايَةُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَجِبُ لَهُ الْحِصَّةُ فَقَطْ بِأَنْ كَانَ الْحَرَامُ مَقْصُودًا وَقَدْ لَا تَجِبُ لَهُ الْحِصَّةُ فَقَطْ بَلْ يَجِبُ لَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ. (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِ) وَعُذْرُهُ بِالْجَهْلِ نَادِرٌ، وَهُوَ مُقَصِّرٌ فِيمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُمَا مِلْكُهُ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا كَانَ عَالِمًا فَلَوْ قَالَ لِتَقْصِيرِهِ لَكَانَ أَوْلَى. ح ل وَقَالَ ق ل قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِ أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا لِتَفْرِيطِ الْجَاهِلِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالتَّفْرِيطِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ لَشَمِلَهُمَا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ) وَلَا يُقَالُ إنَّ التَّبْعِيضَ حَصَلَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ فِي الثَّمَنِ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً فَاغْتُفِرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْمُثَمَّنِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ فَأَثَّرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا حَجّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر قَالَ: ع ش عَلَيْهِ
وَقَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً يُتَأَمَّلُ مَعْنَى الْأَصَالَةِ فِي الثَّمَنِ سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَإِنَّ الثَّمَنَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ مِنْهُمَا وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِهَذَا الدِّينَارِ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذَا الثَّوْبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْأَصَالَةِ مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ نَقْدًا وَالْمُثَمَّنِ عَرَضًا إذْ الْمَقْصُودُ غَالِبًا تَحْصِيلُ الْعُرُوضِ بِالثَّمَنِ لِلِاكْتِفَاءِ بِذَوَاتِهَا كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَالنَّقْدِ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ بَلْ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ نَحْوَ عَبْدَيْهِ) وَضَابِطُ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْضٌ مِنْ الْمَبِيعِ يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ أَيْ: إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ بَعْضُهُ أَوْ كَانَ دَارًا فَتَلِفَ سَقْفُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَتَسْتَمِرُّ صِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ سُقُوطُ يَدِ الْمَبِيعِ وَعَمَى عَيْنَيْهِ وَاضْطِرَابُ سَقْفِ الدَّارِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَسْقُطُ فِيهِ بَعْضُ الثَّمَنِ بَلْ لَهُ الْخِيَارُ لِيَرْضَى الْمَبِيعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بِفَسْخٍ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ شَرْحُ. م ر

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ عَقْدٌ) هَذَا

(2/228)


وَإِنْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا (كَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ أَوْ) إجَارَةٍ (وَسَلَمٍ أَوْ شَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ صَحَّا وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ: قِيمَةِ الْمُؤَجَّرِ مِنْ حَيْثُ الْأُجْرَةُ، وَقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ الْمُحْوِجَيْنِ إلَى التَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شُرُوعٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَمَعْنَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْأَحْكَامِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْعَقْدَيْنِ حُكْمًا يَخُصُّهُ لَا أَنَّهُ يَصِحُّ أَحَدُهُمَا وَيَبْطُلُ الْآخَرُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى تَفْرِيقَهَا فِي مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا) تَعْمِيمٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ فَيَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِثَالَيْنِ. فَقَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَبَيْعٌ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ وَسَلَمٌ فَالْمُرَادُ بِهَا الْوَارِدَةُ عَلَى الْعَيْنِ شَرْحُ. م ر وَلِأَجْلِ أَنْ تَخَالَفَ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِهِمَا. وَيُمَثَّلُ لِلْمُتَّفِقَيْنِ مِنْ اللَّازِمَيْنِ بِالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الذِّمَّةِ الْمُقَدَّرَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ فَهِيَ لَا تَقْتَضِي التَّأْقِيتَ كَالسَّلَمِ وَتَقْتَضِي قَبْضَ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَالسَّلَمِ،
وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةٌ وَقِرَاضٌ مِثَالٌ لِلْمُتَّفِقَيْنِ مِنْ الْجَائِزِ كَمَا قَالَ وَقَدْ مَثَّلْت لَهُ إلَخْ وَانْظُرْ مَا مِثَالُ الْمُخْتَلِفَيْنِ مِنْ الْجَائِزَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ) كَأَنْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي وَآجَرْتُك دَارِي شَهْرًا بِكَذَا
وَقَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ وَسَلَمٌ كَبِعْتُكَ كَذَا فِي ذِمَّتِي سَلَمًا وَآجَرْتُكَ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِمِثَالَيْنِ لِلَّازِمَيْنِ لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَبِيعِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةٌ وَقِرَاضٌ) مِثَالٌ لِمَا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهُمَا كَأَنْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَشَارَكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضَهُ عَلَى الْآخَرِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ سَائِرَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاضِ يُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَرِّرْهُ وَسَكَتَ عَنْ مِثَالِ مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ مِنْ اللَّازِمَيْنِ وَمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ مِنْ الْجَائِزَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ عَلَى فَرْضِ أَنْ يُوجَدَ اتِّفَاقُ أَوْ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَيْنِك اللَّازِمَيْنِ وَالْجَائِزَيْنِ. ح ل (قَوْلُهُ: وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا مُسَمًّى وَإِنَّمَا فِيهِمَا رِبْحٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى فِي غَيْرِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَمَّا فِيهِمَا فَيُوَزَّعُ الرِّبْحُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوْزِيعَ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: قِيمَةُ الْمُؤَجَّرِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَوُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا إلَخْ) أَيْ: إنْ اُحْتِيجَ إلَى التَّوْزِيعِ بِأَنْ حَصَلَ فَسْخٌ أَوْ انْفِسَاخٌ لِلْإِجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ بِأَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَوْ تَعَيَّبَتْ وَاسْتَمَرَّ مَا مَعَهَا صَحِيحًا أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الصِّحَّةِ فَيُحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ حِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ عَشَرَةً، وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ خَمْسَةٌ فَإِذَا بَاعَ الْعَبْدُ مَثَلًا وَآجَرَ الدَّارَ سَنَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَيَخُصُّ الْعَبْدَ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَيَخُصُّ الدَّارَ أَرْبَعَةٌ فَيَكُونُ أَثْلَاثًا كَالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْأُجْرَةُ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ قِيمَةُ الْعَيْنِ، وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأُجْرَةَ تُسَمَّى قِيمَةً إذْ هِيَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ ع ش وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ حَيْثُ الْمَنْفَعَةُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ الْقِيمَةُ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَيْ: قِيمَةُ الْمُؤَجَّرَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا) أَيْ: اللَّازِمَيْنِ وَالْجَائِزَيْنِ أَيْ: وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ لِلْجَائِزَيْنِ وَاللَّازِمَيْنِ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ النَّاشِئِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ أَيْ: عَلَى فَرْضِ أَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ فَقَدْ يُوجَدُ اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ فِي الْبَيْعِ لِمُعَيَّنٍ وَالْإِجَارَةُ لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيهِمَا كَالْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ. ح ل قَالَ شَيْخُنَا وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَا يُؤَثِّرُ رَدُّ عِلَّةِ الْمُقَابِلِ الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ مَا يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ وَيَلْزَمُ الْجَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِنَا وَلَا يُؤَثِّرُ مَا قَدْ يَعْرِضُ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا) مَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ رَشِيدِيٌّ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ إذْ كَانَ يَقُولُ مِنْ أَسْبَابِهِ أَيْ: أَسْبَابِ مَا يَعْرِضُ لَكِنْ أُظْهِرَ لِلْإِيضَاحِ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ فِيهِ خَفَاءٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ مَا قَدْ يَعْرِضُ أَيْ: تَنَازُعٌ وَتَوْزِيعٌ قَدْ

(2/229)


لِلْجَهْلِ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ وَشِقْصٍ مِنْ دَارٍ فِي صَفْقَةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الشُّفْعَةِ وَاحْتِيجَ إلَى التَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِمَا ذُكِرَ وَحَذَفْت قَوْلَهُ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا كَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ وَقَدْ مَثَّلْت لَهُ مِنْ زِيَادَتِي بِالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ. وَخَرَجَ بِزِيَادَةِ لَازِمَيْنِ أَوْ جَائِزَيْنِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَازِمًا، وَالْآخَرُ جَائِزًا كَبَيْعٍ وَجَعَالَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَبَيَانُ اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ فِيمَا اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي التَّأْقِيتِ، وَالْبَيْعَ وَالسَّلَمَ يَقْتَضِيَانِ عَدَمَهُ، وَالسَّلَمَ يَقْتَضِي قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(وَيَتَعَدَّدُ) أَيْ: الْعَقْدُ (بِتَفْصِيلِ ثَمَنٍ) كَبِعْتُكَ ذَا بِكَذَا وَذَا بِكَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَعْرِضُ إلَخْ وَاللَّامُ فِي الِاخْتِلَافِ بِمَعْنَى عِنْدَ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ إنَّ اللَّامَ تَعْلِيلِيَّةٌ؛ لِقَوْلِهِ يَعْرِضُ وَالْبَاءُ فِي بِاخْتِلَافِ سَبَبِيَّةٌ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْكَلَامُ فِي مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِمَا أَنَّ أَسْبَابَ فَسْخِهِمَا وَانْفِسَاخِهِمَا مُتَّحِدَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَهُوَ إنَّمَا سَاقَهُ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ تَعْلِيلًا لِلْبُطْلَانِ. وَأَسْبَابُ الْفَسْخِ كَتَعَيُّبِ الدَّابَّةِ وَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالِانْفِسَاخُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ عِنْدَ الْعَقْدِ) قَدْ يُقَالُ الْجَهْلُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الْعَقْدِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ مَا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَكِنْ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ إلَّا حِينَ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا وَسُقُوطِ الْآخَرِ أَمَّا إذَا بَقِيَا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْمَجْمُوعُ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّوْزِيعِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الْجَهْلُ. س ل (قَوْلُهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ إلَخْ) أَيْ: فَهَذَا عَقْدٌ وَاحِدٌ فِيهِ جَهْلٌ بِالتَّوْزِيعِ حَالَةَ وُجُودِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَضُرَّ مَثَلًا فِي الْعَقْدَيْنِ وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ؛ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّنَازُعِ بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ) إنْ قُلْت إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَمِّمَ بِضِدِّهِ فَيَقُولَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ اتَّفَقَ حُكْمُهُمَا كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَهُنَا عَمَّمَ بِنَفْسِ الْقَيْدِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا إلَخْ قُلْت إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَنَاسَبَ أَنْ يُغَيِّيَ بِهِ لِيَرُدَّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ مُتَّفِقَيْ الْحُكْمِ يَصِحُّ جَمْعُهُمَا جَزْمًا شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَجَعَالَةٍ) أَيْ: وَكَإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَالْمُرَادُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يَقْتَضِيَانِ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَالرِّبَوِيِّ وَالسَّلَمِ وَإِجَارَةِ الذِّمَّةِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَجَاعَلْتُكَ عَلَى رَدِّ عَبْدِي بِدِينَارٍ وَكَأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت مِنْك صَاعَ بُرٍّ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا فِي ذِمَّتِك سَلَمًا وَجَاعَلْتُكَ عَلَى رَدِّ عَبْدِي بِكَذَا،. اهـ. سم وَكَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك حَمْلِي لِمَكَّةَ وَجَاعَلْتُكَ عَلَى رَدِّ عَبْدِي بِكَذَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ أَيْ: الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ قِيمَةُ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ كَالصَّرْفِ أَيْ: بَيْعِ النَّقْدِ كَبَيْعِ الدَّرَاهِمِ بِدِينَارٍ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ. أَمَّا بَيْعُ الْعَيْنِ وَإِجَارَةُ الْمُعَيَّنِ فَيَصِحُّ جَمْعُهُمَا مَعَ الْجَعَالَةِ فَحِينَئِذٍ مَدَارُ الصِّحَّةِ عَلَى إمْكَانِ الْجَمْعِ وَمَدَارُ الْفَسَادِ عَلَى عَدَمِهِ وَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَى الِاتِّفَاقِ فِي الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ وَفِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَقْتَضِي تَنَافِيَ الْمَلْزُومَاتِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي اللُّزُومِ وَالْجَوَازِ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِلْبُطْلَانِ. ح ل (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي التَّأْقِيتَ) أَيْ: وَأَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ شَرْحُ. م ر

(قَوْلُهُ: وَيَتَعَدَّدُ) أَيْ: الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ عَقْدَ بَيْعٍ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَى هَذَا الْعُمُومِ بِقَوْلِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْعَاقِدِ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَتَتَعَدَّدُ أَيْ: الصَّفْقَةُ؛ لِأَنَّهَا السَّابِقَةُ وَمِنْ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ جَوَازُ إفْرَادِ كُلِّ حِصَّةٍ بِالرَّدِّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلِ ثَمَنٍ) أَيْ: مَعَ الْمُثَمَّنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ فَخَرَجَ مَا لَوْ فَصَّلَ الثَّمَنَ فَقَطْ أَوْ الْمُثَمَّنَ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِدِينَارٍ وَثَوْبٍ أَوْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَهَذِهِ الْجَارِيَةَ بِدِينَارٍ فَلَا يَتَعَدَّدُ فِي هَذَا وَالْمُرَادُ بِتَفْصِيلِهِ مِمَّنْ ابْتَدَأَ بِالْعَقْدِ لِتَرَتُّبِ كَلَامِ الْآخَرِ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعَدُّدَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا فَصَّلَ الْبَادِئُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي دُونَ الْقَابِلِ فَإِذَا فَصَّلَ الْمُوجِبُ وَأَجْمَلَ الْقَابِلُ كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَدِّدًا؛ حَمْلًا لِلْإِجْمَالِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَوْ أَجْمَلَ الْمُوجِبُ وَفَصَّلَ الْقَابِلُ لَا يَتَعَدَّدُ الْعَقْدُ حَمْلًا لِلتَّفْصِيلِ عَلَى الْإِجْمَالِ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ. .
اهـ. ح ل وَلَا يَضُرُّ كَثْرَةُ التَّفْصِيلِ وَإِنْ طَالَ بِهَا الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِأَنَّ هَذَا فَصَّلَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَرْحُ. م ر (قَوْلُهُ: كَبِعْتُكَ ذَا بِكَذَا) وَلَيْسَ مِنْ التَّعَدُّدِ بِعْتُك ذَا وَذَا بِعَشَرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَشَرَةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا بِعْتُك ذَا بِعَشَرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَشَرَةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ. اهـ

(2/230)


فَيُقْبَلُ فِيهِمَا وَلَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ (وَبِتَعَدُّدِ عَاقِدٍ) مُوجِبٍ أَوْ قَابِلٍ كَبِعْنَاك ذَا بِكَذَا فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا وَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ، وَكَبِعْتُكُمَا ذَا بِكَذَا فَيُقْبَلَانِ وَلِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ بِالْعَيْبِ.

(وَلَوْ) كَانَ الْعَاقِدُ (وَكِيلًا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَا فِي رَهْنٍ وَشُفْعَةٍ) فَالْعِبْرَةُ فِي اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا فِي غَيْرِهِمَا بِالْوَكِيلِ؛ لِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ وَكِيلِ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْ وَاحِدٍ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُ اثْنَيْنِ أَوْ وَكِيلَا وَاحِدٍ مَعِيبًا فَلِلْمُوَكِّلِ الْوَاحِدِ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ رَدُّ نَصِيبِهِ أَمَّا فِي الرَّهْنِ وَالشُّفْعَةِ فَالْعِبْرَةُ بِالْمُوَكِّلِ لَا بِالْوَكِيلِ اعْتِبَارًا بِاتِّحَادِ الدَّيْنِ وَالْمِلْكِ وَعَدَمِهِ فَلَوْ وَكَّلَ اثْنَانِ وَاحِدًا فِي رَهْنِ عَبْدِهِمَا عِنْدَ زَيْدٍ بِمَا لَهُ عَلَيْهِمَا مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ قَضَى أَحَدُهُمَا دَيْنَهُ انْفَكَّ نَصِيبُهُ. وَتَعْبِيرِي بِالْعَاقِدِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.