التجريد
لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج [دَرْس] (بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ
وَنَحْوِهِ، قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَالتَّصَرُّفِ فِي مَا لَهُ
تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (الْمَبِيعِ قَبْلَ
قَبْضِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَالدِّيَاتِ يُفَرَّقُ بِالْقُوَّةِ وَبِالضَّعْفِ، وَإِذَا نُظِرَ
إلَيْهِ مَعَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفَرَّقُ بِتَعَدُّدِ الْجِهَةِ
وَعَدَمِهِ وَتَعَدُّدُ الْجِهَةِ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ.
ز ي فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلَفِ إلَخْ أَيْ:
مَعَ تَعَدُّدِ الْمُوجِبِ وَهُوَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ، وَإِزَالَةُ
الْجِلْدَةِ فَوَطْءُ الشُّبْهَةِ أَوْجَبَ مَهْرَ الْبِكْرِ، وَإِزَالَةُ
الْجِلْدَةِ أَوْجَبَتْ الْأَرْشَ لِلْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ
الْمَبِيعِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَقَوْلُهُ: فِي حُصُولِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى حُصُولَ
الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ عِنْدَ
الْمُشْتَرِي ضَمِنَهُ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ
مَهْرِ بِكْرٍ فَقَطْ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا هُنَا وَفَرَّقَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَنَّ الْبَكَارَةَ فِي
النِّكَاحِ الصَّحِيحِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَزَالَ
الْبَكَارَةَ بِأُصْبُعِهِ، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَيْسَ
عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَى نِصْفِ الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَزَالَهَا
فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ أَرْشُهَا. ع ن
إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ،
وَالْبَكَارَةُ مَضْمُونَةٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ
النِّكَاحِ. وَأَجَابَ ع ش عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي
أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي قَدْرِ الْمَضْمُونِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ
فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فَلَيْسَ فِيهِ عَقْدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَإِنَّمَا
فِيهِ غَصْبٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَ الْمِلْكُ وَجَبَ
عَلَيْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ
فِي الْفَرْقِ.
شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِيمَا
ذُكِرَ أَيْ: فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهِ لِلْأَجْنَبِيِّ الْوَاطِئِ
بِالْكُلِّيَّةِ، وَمُوجِبُ مَهْرِ الْبِكْرِ فِي وَطْءِ الْمَبِيعَةِ
بَيْعًا فَاسِدًا وَطْءُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِهَا
بِكْرًا، وَمُوجِبُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ إزَالَةُ الْجِلْدَةِ وَلَا
يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْجِنَايَةِ، وَالْغَصْبِ
مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُوجِبُ لِمَهْرِ
الْبِكْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ فِي الْغَصْبِ جِهَةُ الْغَصْبِ وَهِيَ
جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ مَهْرَ بِكْرٍ لَتَضَاعَفَ
غُرْمُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَرَّتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ
مُمْتَنِعٌ. ح ل فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْغَاصِبُ الَّذِي لَمْ
يُخْتَلَفْ فِي عَدَمِ مِلْكِهِ أَوْلَى بِالتَّغْلِيظِ مِمَّنْ اُخْتُلِفَ
فِي مِلْكِهِ اهـ. حَجّ ز ي.
[بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ]
(بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ إلَخْ) ذَكَرَ لَهُ أَحْكَامًا ثَلَاثَةً:
الِانْفِسَاخَ بِالتَّلَفِ وَثُبُوتَ الْخِيَارِ بِالتَّعَيُّبِ عَلَى
التَّفْصِيلِ الْآتِي وَعَدَمَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَمَا
سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ إلَخْ
وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ كَالصَّدَاقِ وَالْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ،
وَأَمَّا الثَّمَنُ فَدَاخِلٌ فِي الْمَبِيعِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ
ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ مَنْطُوقًا
وَقَوْلُهُ وَبَعْدَهُ ذَكَرَهُ مَفْهُومًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِالظَّرْفِ،
إذْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّهُ بَعْدَهُ لَيْسَ مِنْ
ضَمَانِ الْبَائِعِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ أَصْلًا
أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ
فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ أَيْضًا كَهُوَ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي التَّفْصِيلِ
الْآتِي. لَكِنَّ قَوْلَهُ وَنَحْوَهُ لَمْ يَذْكُرَ لِلنَّحْوِ
الْأَحْكَامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَ لِلْمَبِيعِ بَلْ ذَكَرَ لَهُ
الثَّالِثَ فَقَطْ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَمَا
شَمِلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ إلَخْ. وَقَوْلُهُ
وَالتَّصَرُّفُ فِيمَا لَهُ هُوَ مَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ
تَصَرُّفٌ فِيمَا لَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ،
وَقَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ
وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْكَلَامُ عَلَى الْقَبْضِ الْآتِي فِي
قَوْلِهِ وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ إلَى آخِرِ الْبَابِ. وَاَلَّذِي
يَتَعَلَّقُ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا لَهُ تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ مَسْأَلَةُ
الِاسْتِبْدَالِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
الْآتِيَانِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ اسْتِبْدَالٌ إلَخْ وَمَعْنَى
تَعَلُّقِهِمَا بِمَسْأَلَةِ التَّصَرُّفِ أَنَّهُمَا نَظِيرَانِ لَهَا
مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهَا تَصَرُّفًا فِي الْعَيْنِ وَفِيهِمَا تَصَرُّفٌ
فِي الدَّيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ
الْمُتَصَرِّفِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ الْمَبِيعِ) خَرَّجَ زَوَائِدَهُ فَهِيَ أَمَانَةٌ وَلَا
أُجْرَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا وَلَوْ بَعْدَ طَلَبِهَا
كَالْمَبِيعِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ
الْبَائِعُ ق ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ اُحْتُرِزَ
بِالْمَبِيعِ عَنْ زَوَائِدِهِ الْمُنْفَصِلَةِ الْحَادِثَةِ فِي يَدِ
الْبَائِعِ كَثَمَرَةٍ وَلَبَنٍ وَبَيْضٍ وَصُوفٍ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي
يَدِ الْبَائِعِ وَإِنْ تَعَدَّى بِحَبْسِ الْمَبِيعِ، بِأَنْ طَلَبَهُ
الْمُشْتَرِي فَمَنَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَلَوْ
اسْتَعْمَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ لَهُ
أُجْرَةٌ لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ حَجّ فِي شَرْحِ
الْعُبَابِ إنْ طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ
إقْبَاضِهِ لَهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ وَهُوَ النَّاقِلُ
لِلضَّمَانِ وَكَذَا بَعْدَهُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ كَانَ
(2/267)
مِنْ ضَمَانِ بَائِعٍ) بِمَعْنَى
انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِتَلَفِهِ أَوْ إتْلَافِ بَائِعٍ، وَثُبُوتِ
الْخِيَارِ بِتَعَيُّبِهِ أَوْ تَعْيِيبِ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ
وَبِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي. (وَإِنْ أَبْرَأَهُ) مِنْهُ
(مُشْتَرٍ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَ عَمَّا لَمْ يَجِبْ.
(فَإِنْ تَلِفَ) بِآفَةٍ (أَوْ أَتْلَفَهُ بَائِعٌ، انْفَسَخَ) الْبَيْعُ
لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ فَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي،
وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قُبَيْلَ التَّلَفِ،
وَكَالتَّلَفِ وُقُوعُ دُرَّةٍ فِي بَحْرٍ، وَانْفِلَاتُ طَيْرٍ أَوْ
صَيْدٍ مُتَوَحِّشٍ، وَانْقِلَابُ الْعَصِيرِ خَمْرًا، وَاخْتِلَاطُ
مُتَقَوِّمٍ بِآخَرَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ، أَمَّا غَصْبُ الْمَبِيعِ أَوْ
إبَاقُهُ أَوْ جَحْدُ الْبَائِعِ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْقَبْضُ لَا عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ الْوَاقِعِ عَنْ
جِهَةِ الْبَيْعِ فَالْقَبْضُ الْوَاقِعُ لَا عَنْ جِهَتِهِ كَالْعَدَمِ
فَهُوَ بَعْدَهُ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَذَلِكَ
كَأَنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ
بِأَنْ أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ إيَّاهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَدِيعَةً وَكَانَ
لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ فَتَلَفُهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ
الْحَالَةِ كَتَلَفِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ
لَا أَثَرَ لِهَذَا الْقَبْضِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ بَقَاءَ حَبْسِ
الْبَائِعِ بَعْدَهُ وَقَوْلُ م ر وَكَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ
مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَأَوْدَعَ
لَهُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَصَلَ بِهِ الْقَبْضُ الْمُضْمَنُ
لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي ع ش
(قَوْلُهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعٍ) وَإِنْ عَرَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي
فَلَمْ يَقْبَلْهُ لِبَقَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ لَهُ
الْمُشْتَرِي هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَك، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إيدَاعُ
مَنْ يَدُهُ ضَامِنَةٌ يُبْرِئُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي ضَمَانِ
الْيَدِ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ وَمَا هُنَا فِي ضَمَانِ الْعَقْدِ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِمَعْنَى انْفِسَاخِ الْبَيْعِ إلَخْ) وَهَذَا
يُقَالُ لَهُ ضَمَانٌ اصْطِلَاحًا وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ
لَمَّا كَانَ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ قَبَضَهُ
صَارَ كَأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ بِمَعْنَى غُرْمِ بَدَلِهِ أَيْ لَا
بِمَعْنَى الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ غُرْمُ الْبَدَلِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ
قِيمَةٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِي ضَمَانِ الْيَدِ وَمَا هُنَا فِي ضَمَانِ
الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ أَوْ إتْلَافِ بَائِعٍ) وَلَوْ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي ح ل
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَهُ) أَيْ الْبَائِعَ
وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الضَّمَانِ أَيْ مِنْ مُقْتَضَاهُ وَهُوَ
غُرْمُ الثَّمَنِ وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَقَالَ سم وَإِنْ أَبْرَأَهُ
مِنْهُ أَيْ مِنْ الضَّمَانِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ كَأَنْ قَالَهُ
لَهُ وَإِذَا تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَإِنْ
تَعَيَّبَ لَا خِيَارَ لِي وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ
أَبْرَأَهُ مِنْ الضَّمَانِ بِمَعْنَى غُرْمِ الْبَدَلِ فَفِيهِ
اسْتِخْدَامٌ أَوْ الْمَعْنَى أَبْرَأَهُ مِنْ مُقْتَضَاهُ وَهُوَ غُرْمُ
الْبَدَلِ فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَمِنْ الثَّانِي أَنْ
يَدَّعِيَ الْعَبْدُ الْحُرِّيَّةَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيُحْكَمَ
بِحُرِّيَّتِهِ فَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى
الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ السُّؤَالِ كَمَا قَالَهُ ح
ل (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ قِيَامِ الْبَدَلِ
مَقَامَهُ فَلَا يَرِدُ مَا يَأْتِي فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ
فَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ
فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ وَجَبَ رَدُّهُ، لِفَوَاتِ التَّسَلُّمِ
الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ فَبَطَلَ كَمَا لَوْ تَفَرَّقَا فِي عَقْدِ
الصَّرْفِ أَيْ النَّقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ
وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ إلَخْ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ
الزَّوَائِدُ فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ لَمْ يُخْتَصَّ الْخِيَارُ
بِالْبَائِعِ، وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا فِي م ر
وَحِّ ل. وَكَوْنُ الزَّوَائِدِ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْخِيَارُ
لَهُمَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ حُرِّرَ
(قَوْلُهُ وَكَالتَّلَفِ وُقُوعُ دُرَّةٍ) أَيْ جَوْهَرَةٍ فِي الْبَحْرِ
لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ وَلَوْ بِعُسْرٍ فَإِنْ عَادَتْ فِي
هَذِهِ الْحَالَةِ تَبَيَّنَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي
الطَّيْرِ وَالصَّيْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَلَّلَ الْخَمْرُ فَإِنَّ
الْفَسْخَ بَاقٍ بِحَالِهِ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى
بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ ح ل وَزّ ي قَوْلُهُ
وَانْقِلَابُ الْعَصِيرِ خَمْرًا أَيْ مَا لَمْ يَعُدْ خَلًّا وَإِلَّا
ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَاخْتِلَافُ مُتَقَوِّمٍ
بِآخَرَ) أَيْ لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ اخْتِلَاطِ الْمِثْلِيِّ بِآخَرَ،
فَإِنْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَشَيْرَجٍ بِزَيْتٍ فَكَالتَّلَفِ
أَيْضًا وَإِنْ اخْتَلَطَ بِجِنْسِهِ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي،
وَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ شَرِكَةً ع ش عَلَى م ر وَلَمْ يُفَصِّلُوا فِي
وُقُوعِ الدُّرَّةِ وَمَا بَعْدَهَا بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ
بِنَفْسِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ
قَبْضًا، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ
فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا غَرَقُ الْأَرْضِ إلَخْ فَتَارَةً يَكُونُ الْغَرَقُ
وَوُقُوعُ الصَّخْرَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ
أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ غَيْرِ فَاعِلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا
التَّفْصِيلَ مُتَعَيَّنٌ
وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَشَمِلَ التَّلَفَ الْحِسِّيَّ وَالْحُكْمِيَّ
كَوُقُوعِ دُرَّةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ق ل لَكَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ أَوْ جَحْدُ الْبَائِعِ لَهُ) بِأَنْ قَالَ لَمْ أَبِعْك هَذَا ح
ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ أَوْ جَحْدُ الْبَائِعِ لَهُ أَيْ بِأَنْ
أَنْكَرَ أَصْلَ الْبَيْعِ فَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ الْحَلِفِ
حَيْثُ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لَهُ
يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ، فَإِنْ فَسَخَ أَخَذَ
الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ.
وَإِنْ أَجَازَ أَخَذَ الثَّمَنَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالظَّفَرِ بِمَعْنَى
أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ مِثْلَ الْمَبِيعِ فَإِنْ لَمْ يَفِ بِمَا قَبَضَهُ
الْبَائِعُ مِنْهُ لِرُخْصِ السِّعْرِ فِي الثَّمَنِ
(2/268)
فَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ، وَأَمَّا غَرَقُ
الْأَرْضِ أَوْ وُقُوعُ صَخْرَةٍ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا
فَرَجَّحَ الشَّيْخَانِ هُنَا أَنَّهُ تَعَيُّبٌ، وَفِي الْإِجَارَةِ
أَنَّهُ تَلَفٌ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ
. (وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ) لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَبْضٌ) لَهُ (وَإِنْ
جَهِلَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ، كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ
ضَيْفًا لِلْغَاصِبِ وَلَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ، فَإِنَّ
الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمَّا إتْلَافُهُ لَهُ بِحَقٍّ كَصِيَالٍ
وَقَوَدٍ وَكَرِدَّةٍ، وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ وَفِي
مَعْنَى إتْلَافِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ وَمَا
لَوْ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ الْوَارِثُ مِنْ
مُوَرِّثِهِ شَيْئًا، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ طُرُوُّ عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَ عَمَّا
دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ بِطَرِيقٍ مَا، وَلَهُ أَنْ لَا يُحَلِّفَ الْبَائِعَ
وَيَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ، لِعَدَمِ وُصُولِهِ إلَى
حَقِّهِ.
(قَوْلُهُ فَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ) وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي فِي
الثَّلَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ح ل وَعِ ش (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ
رَفْعُهَا) أَيْ إلَّا بِعُسْرٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا فَتَلَفٌ
أَيْ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا قَالَهُ م ر فِي الْحَوَاشِي وَقَالَ
أَيْضًا فَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُ الْمَاءِ عَنْهَا، لَكِنْ مَحَا
حُدُودَهَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهَا فَكَاخْتِلَاطِ الصُّبْرَةِ
بِغَيْرِهَا، س ل أَيْ فَلَهُ الْخِيَارُ.
(قَوْلُهُ تَعَيُّبٌ) أَيْ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ
وَقَوْلُهُ تَلَفٌ أَيْ فَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ
لَائِحٌ) أَيْ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِجَارَةِ
الْمَنْفَعَةُ، وَهِيَ تَتْلَفُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي
الِانْتِفَاعَ فِي الْحَالِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ بِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ
وَالصَّخْرَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ ذَاتُ
الْمَبِيعِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ مَعَ الْحَيْلُولَةِ فَلَا فَسْخَ فِيهِ ح ل
بِإِيضَاحٍ
. (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ مُشْتَرٍ) أَيْ مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ وَلَوْ
بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ مُكْرَهًا لِأَنَّ وَكِيلَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ
بَاشَرَ الْعَقْدَ كَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ قَبْضٌ لَهُ) أَيْ إنْ كَانَ
الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَا خِيَارَ أَصْلًا، وَإِلَّا
انْفَسَخَ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ
الْبَائِعِ، وَيَغْرَمُ لَهُ بَدَلَ الْمَبِيعِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ ع
ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَبْضٌ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا
بِأَنْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا بَلْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ،
وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ
وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا قَبْضٌ) أَيْ فَيَبْرَأُ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَصَحَّ
التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ كَأَكْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَكْلِ الْمَالِكِ
طَعَامَهُ) قَدْ يَقْتَضِي التَّشْبِيهُ أَنَّ الْخِيَارَ لَوْ كَانَ
لِلْبَائِعِ لَا يَكُونُ إتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ
بَلْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حِينَئِذٍ إنْ فَسَخَ أَوْ عَيَّبَهُ
تَخَيَّرَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَقَرَّهُ حَجّ س ل
قَالَ: ح ل وَهَذَا الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ إتْلَافَ غَيْرِ الْأَهْلِ
كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ قَبْضٌ، لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ
الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا بَرِئَ الْغَاصِبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ
أَنَّ مِلْكَهُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَقِرٌّ وَهُنَا غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ إذْنُ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْإِتْلَافِ
لَغْوًا انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ ضَيْفًا حَالٌ مِنْ الْمَالِكِ وَهُوَ لَيْسَ قَيْدًا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ) أَيْ إذَا لَمْ يُحْدِثْ
فِيهِ شَيْئًا قَالَ م ر وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّمَهُ
لَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ يَأْكُلَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ
(قَوْلُهُ وَكَرِدَّةٍ) وَمِثْلُ الرِّدَّةِ: تَرْكُ الصَّلَاةِ وَقَطْعُ
الطَّرِيقِ وَزِنَا الْمُحْصَنِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا
يُتَصَوَّرُ مِنْ الرَّقِيقِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْحُرِّيَّةُ. وَأُجِيبَ
بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي ذِمِّيٍّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ ثُمَّ حَارَبَ
وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ بِيعَ فَإِذَا قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ
يَكُونُ قَابِضًا لَهُ لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ
يَكُنْ إمَامًا قَابِضًا بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ
غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى قَاتِلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ
قَتَلَ مِلْكَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ
ثَمَنُهُ وَلِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ ضَمَانَيْ الْقِيمَةِ
وَالثَّمَنِ، إذْ الْمُرْتَدُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا يُضْمَنَانِ
بِالْقِيمَةِ وَيُضْمَنَانِ بِالثَّمَنِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمَوْقُوفِ
لَا يُضْمَنَانِ بِالثَّمَنِ وَيُضْمَنَانِ بِالْقِيمَةِ س ل وَشَرْحُ
الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ وَإِلَّا كَانَ
قَابِضًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا
نَظَرَ لِكَوْنِهِ مُهْدَرًا. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْعُقُودِ لَا يُنَافِي عَدَمَ ضَمَانِ
الْقِيَمِ فَالْمُرْتَدُّ لَا يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَيَضْمَنُ
بِالثَّمَنِ، وَمِثْلُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ،
وَالْمَوْقُوفُ بِالْعَكْسِ وَأَعَادَ الْكَافَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ
رُجُوعُ قَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ
الصِّيَالُ وَالْقَوَدُ وَمَحَلُّ كَوْنِ قَتْلِ الْإِمَامِ لِلْمُرْتَدِّ
لَيْسَ قَبْضًا إذَا قَتَلَهُ لِأَجْلِ الرِّدَّةِ وَإِلَّا كَانَ قَبْضًا
اهـ سُلْطَانُ.
(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ) أَيْ فَيَكُونُ قَبْضًا وَكَانَ
الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ إحْبَالُ الْأَبِ
وَعَجْزُ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتُ الْمُوَرِّثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ
فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ) وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا وَالْمَهْرُ إنْ
أَنْزَلَ بَعْدَ دُخُولِ الْحَشَفَةِ لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ لِأَنَّهُ
مَا أَدْخَلَ إلَّا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ س ل (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ اشْتَرَى
السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ) ظَاهِرُ هَذَا بَقَاءُ الْعَقْدِ وَحُصُولُ
الْقَبْضِ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ وَفَائِدَةُ كَوْنِ هَذَا
بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ صِحَّةُ تَصَرُّفِ السَّيِّدِ وَالْوَارِثِ فِي
الْعَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ وَعَدَمُ تَعَلُّقِ
الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ الْمُوَرِّثِ بِهَا، بَلْ إنْ
كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا كَالثَّمَرِ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَى
صَاحِبِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ فَإِنْ قُلْت مَا فَائِدَةُ كَوْنِ
(2/269)
أَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ
(وَخُيِّرَ) مُشْتَرٍ (بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ) بَيْنَ الْإِجَازَةِ
وَالْفَسْخِ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ فِي الْعَيْنِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ،
(غَرَّمَهُ) الْبَدَلَ (أَوْ فَسَخَ، غَرَّمَهُ الْبَائِعُ) إيَّاهُ فَلَا
يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِقِيَامِ الْبَدَلِ
مَقَامَ الْمَبِيعِ، وَهَذَا الْخِيَارُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا
اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَفَّالِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ الْقَاضِي وَإِتْلَافُ
أَعْجَمِيٍّ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ بِأَمْرِ غَيْرِهِمَا كَإِتْلَافِهِ
وَمَحَلُّ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَفِيمَا إذَا كَانَ
الْأَجْنَبِيُّ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ
وَإِلَّا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ
(وَلَوْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِآفَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ عَيَّبَهُ
بَائِعٌ فَرَضِيَهُ مُشْتَرٍ) فِيهِمَا (أَوْ عَيَّبَهُ مُشْتَرٍ أَخَذَهُ
بِالثَّمَنِ) ، وَلَا أَرْشَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ فِي
الْأُولَيَيْنِ وَحُصُولِ الْعَيْبِ بِفِعْلِهِ فِي الثَّالِثَةِ
(أَوْ) عَيَّبَهُ (أَجْنَبِيٌّ) أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ بِغَيْرِ حَقٍّ
(خُيِّرَ) الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ (فَإِنْ أَجَازَ)
الْبَيْعَ (وَقَبَضَ) الْمَبِيعَ (غَرَّمَهُ الْأَرْشَ) ، وَإِنْ فَسَخَ
غَرَّمَهُ الْبَائِعُ إيَّاهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي وَقَبَضَ مَا لَوْ
أَجَازَ وَلَمْ يَقْبِضْ، فَلَا تَغْرِيمَ لِجَوَازِ تَلَفِهِ فَيَنْفَسِخُ
الْبَيْعُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْشِ فِي الرَّقِيقِ مَا يَأْتِي فِي
الدِّيَاتِ وَغَيْرِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ فَفِي يَدِ الرَّقِيقِ
نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا مَا نَقَصَ مِنْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
التَّعْجِيزِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ كَالْإِتْلَافِ مَعَ أَنَّ الثَّمَنَ
وَالْمُثَمَّنَ يَنْتَقِلُ لِلسَّيِّدِ أَوْ الْوَارِثِ قُلْت فَائِدَةُ
ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنٌ وَعَلَى الْمُوَرِّثِ
دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ) أَيْ عَنْ الْوَارِثِ الْحَائِزِ
فَإِنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَصَرَّفْ
فِي النِّصْفِ الَّذِي يَخُصُّ أَخَاهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ كَمَا
ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ ح ل وَقَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَيْ مِنْ أَخِيهِ
لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي إقْبَاضِ النِّصْفِ كَمَا فِي
الشَّوْبَرِيِّ
(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ
فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) هَذَا لَا يُشْكِلُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ
فِيمَا لَوْ غَصَبَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ غَاصِبٌ حَتَّى انْقَضَتْ
الْمُدَّةُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ
عَلَى الْجَانِي بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ
الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا سم (قَوْلُهُ
وَهَذَا الْخِيَارُ عَلَى التَّرَاخِي) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ لَكِنْ نَظَرَ
فِيهِ الْقَاضِي مُعْتَمَدٌ ع ش.
(قَوْلُهُ كَإِتْلَافِهِ) أَيْ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ
فَكَإِتْلَافِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ
الْمُشْتَرِي كَانَ قَابِضًا وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ خُيِّرَ
الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ
الثَّلَاثَةِ أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِمَا فَالْقِيَاسُ
الِانْفِسَاخُ فِي ثُلُثِهِ وَالْقَبْضُ فِي ثُلُثِهِ وَالتَّخْيِيرُ فِي
ثُلُثِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ: شَيْخُنَا وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ
عَلَى ذَلِكَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ
لِأَنَّا نَقُولُ فِعْلُهُ اقْتَضَى ذَلِكَ وَهُوَ أَمْرُ مَنْ ذُكِرَ
بِالْإِتْلَافِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ رِضَاهُ بِتَفْرِيقِهَا اهـ
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ
لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلنِّصْفِ وَلَا يَتَخَيَّرُ فِي
النِّصْفِ الْآخَرِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ح
ل.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) أَيْ الْمُعَيَّنِ لِتَعَذُّرِ
التَّقَابُضِ وَالْبَدَلُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش أَمَّا الرِّبَوِيُّ فَيَنْفَسِخُ فِيهِ الْعَقْدُ،
لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا يُؤْخَذُ
مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَيَنْفَسِخُ فِيهِ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ
رَاجِعٌ لِلثَّلَاثِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ) خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ، وَقَدْ
اشْتَرَطُوا فِي الْجَانِي فِي بَابِ الْقَوَدِ أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا
لِلْأَحْكَامِ وَأَخْرَجُوا بِهِ الْحَرْبِيَّ وَغَيْرَ الْمُكَلَّفِ
فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: فَرْقٌ بَيْنَ الْتِزَامِ
الْأَحْكَامِ وَالْتِزَامِ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ كُلًّا
مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ أَهْلٌ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِالدِّينِ
وَغَيْرُ أَهْلٍ لِالْتِزَامِ الْأَحْكَامِ أَيْ التَّكْلِيفِ
(قَوْلُهُ فَرَضِيَهُ مُشْتَرٍ) أَيْ بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ، وَفُهِمَ
مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي هَاتَيْنِ
الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَهَذَا
الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ
فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْفَوْرِ جَزْمًا
لِأَنَّهُ إمَّا كَالْآفَةِ أَوْ إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكُلٌّ
مِنْهُمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ
بِجَمِيعِ الثَّمَنِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحُصُولِ الْعَيْبِ بِفِعْلِهِ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهُ فَلَوْ
ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ امْتَنَعَ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا مَرَّ وَصَارَ
قَابِضًا لِمَا أَتْلَفَهُ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ
حِصَّتُهُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا فَلَوْ كَانَ
الْعَيْبُ جُرْحًا وَسَرَى لِلنَّفْسِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ
كُلُّهُ. ح ل
وَقَوْلُهُ حِصَّتُهُ أَيْ حِصَّةُ مَا أَتْلَفَهُ
وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ إلَخْ فِيهِ تَسَامُحٌ وَحَقُّ
التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ
كَنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا
(قَوْلُهُ أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ بِغَيْرِ حَقٍّ) هُمَا قَيْدَانِ فِي
تَغْرِيمِ الْأَرْشِ لَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فَكَانَ الْأَوْلَى
تَأْخِيرَ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ غُرْمَ الْأَرْشِ عَنَانِيٌّ لِأَنَّ
التَّخَيُّرَ ثَابِتٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ
فَوْرًا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ م ر
(قَوْلُهُ فَلَا تَغْرِيمَ) أَيْ الْآنَ (قَوْلُهُ مَا يَأْتِي فِي
الدِّيَاتِ) وَهُوَ أَنَّ مَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ مِنْ الْحُرِّ يَجِبُ
فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمَا لَهُ مُقَدَّرٌ فَبِنِسْبَتِهِ
لِلْقِيمَةِ. ح ل وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَفِي نَفْسِ رَقِيقٍ قِيمَتُهُ
وَفِي غَيْرِهَا مَا نَقَصَ مِنْهَا إنْ لَمْ تَتَقَدَّرْ مِنْ حُرٍّ
وَإِلَّا فَبِنِسْبَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ.
(قَوْلُهُ فَفِي يَدِ الرَّقِيقِ) إلَّا إذَا كَانَ الْقَاطِعُ لَهَا
الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ تَلِفَ لَا بِالسِّرَايَةِ عِنْدَ الْبَائِعِ
فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ مَا نَقَصَ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ فَفِي يَدِ الرَّقِيقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَيْ
إذَا كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا أَمَّا الْمُشْتَرِي فَالْأَرْشُ فِي
حَقِّهِ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَى الثَّمَنِ كَنِسْبَةِ مَا
نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا لَوْ كَانَ سَلِيمًا، فَلَوْ
كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا ثَلَاثِينَ وَمَقْطُوعًا عِشْرِينَ اسْتَقَرَّ
عَلَيْهِ ثُلُثُ الثَّمَنِ، فَإِذَا مَاتَ عِنْدَ الْبَائِعِ بِغَيْرِ
سِرَايَةٍ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا ذُكِرَ
(2/270)
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ وَلَوْ مَعَ
بَائِعٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَرَهْنٍ) كَهِبَةٍ وَكِتَابَةٍ وَإِجَارَةٍ
(فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ وَضُمِنَ بِعَقْدٍ) كَمَبِيعٍ وَثَمَنٍ وَصَدَاقٍ
مُعَيَّنَاتٍ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي
الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ، وَمَحَلُّ مَنْعِ
بَيْعِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي إذَا
لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمُقَابَلِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ
فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ،
وَمَحَلُّ مَنْعِ رَهْنِهِ مِنْهُ إذَا رُهِنَ بِالْمُقَابَلِ، وَكَانَ
لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَالْإِجَازُ عَلَى الْأَصَحّ الْمَنْصُوصِ
(وَيَصِحُّ) تَصَرُّفُهُ فِيهِ (بِنَحْوِ إعْتَاقٍ وَوَصِيَّةٍ) كَإِيلَادٍ
وَتَدْبِيرٍ وَتَزْوِيجٍ وَوَقْفٍ وَقِسْمَةٍ وَإِبَاحَةِ طَعَامٍ
لِلْفُقَرَاءِ اشْتَرَاهُ جُزَافًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ،
وَلِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْقُدْرَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ إعْتَاقِ
الْآبِقِ، وَيَكُونُ بِهِ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَفِي مَعْنَاهُ
الْبَقِيَّةُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا عَيَّبَ الْمَبِيعَ
أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَكَيْفَ
يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْصِ؟
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ حُكْمِ الْمَبِيعِ
وَنَحْوُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ زَوَائِدِهِ
الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَيَصِحُّ بَيْعُهَا لِانْتِفَاءِ
ضَمَانِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا بَعْدَ
الْقَبْضِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا قَالَهُ
شَيْخُنَا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ بَائِعٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ أَيْ قَبْضًا مُصَحِّحًا
لِلتَّصَرُّفِ سَوَاءٌ لَمْ يُقْبَضْ أَصْلًا أَوْ قُبِضَ قَبْضًا نَاقِلًا
لِلضَّمَانِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي قَبْضِ مَا
بِيعَ مُقَدَّرًا إلَخْ فَفُرِّقَ بَيْنَ الْقَبْضِ هُنَا وَالْقَبْضِ فِي
قَوْلِهِ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِ، إذْ الْمَدَارُ
فِي ذَاكَ عَلَى مُطْلَقِ الِاسْتِيلَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بِدُونِ
تَقْدِيرٍ فِيمَا بِيعَ مُقَدَّرًا اهـ.
(قَوْلُهُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ) وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقُبِضَ
الثَّمَنُ. اهـ. سم ع ش (قَوْلُهُ وَضُمِنَ بِعَقْدٍ) وَهُوَ الَّذِي
يُضْمَنُ بِالْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ مُعَيَّنَاتٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَتْ
فِي الذِّمَّةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي الِاسْتِبْدَالِ، وَهُوَ
أَنَّهَا إذَا كَانَتْ ثَمَنًا أَوْ صَدَاقًا صَحَّ أَخْذُ غَيْرِهِمَا
عَنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَهَذَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ
تَصَرَّفَ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الثَّمَنِ وَالصَّدَاقِ شَيْخُنَا أَيْ
فَوَصْفُ الْمَبِيعِ بِالْمُعَيَّنِ لَيْسَ قَيْدًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ
الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمُقَابِلِ) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ
جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ.
وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ عَطْفٌ عَلَى تَلَفٍ أَيْ أَوْ لَمْ
يَتْلَفْ لَكِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِعَيْنِ
الْمُقَابِلِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ فِي
الذِّمَّةِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إقَالَةٌ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ
فِي الذِّمَّةِ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُشْتَرِي عَبْدًا
مَثَلًا بِدِينَارٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَبِيعَهُ لِلْبَائِعِ
قَبْلَ قَبْضِهِ بِدِينَارٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ أَوْ يَكُونُ
الْمُشْتَرِي أَقْبَضَ الْبَائِعُ دِينَارًا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ
يَبِيعَهُ الْعَبْدُ بِدِينَارٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ أَوْ مُعَيَّنٍ
غَيْرِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ
وَعَلَى كِلَا الصُّورَتَيْنِ يُقَالُ: أَنَّهُ بَاعَهُ بِمِثْلِ
الْمُقَابِلِ وَالْمُقَابِلُ فِي الذِّمَّةِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ
مَثَلًا (قَوْلُهُ إذَا رُهِنَ بِالْمُقَابِلِ) أَيْ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ
وَكَانَ لَهُ أَيْ لِكُلٍّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ
الْمُقَابِلِ أَوْ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ جَازَ عَلَى
الْأَصَحِّ. وَمِمَّا يُصَدَّقُ بِهِ كَلَامُهُ صِحَّةُ رَهْنِهِ عَلَى
غَيْرِ الْمُقَابِلِ مَعَ كَوْنِهِ حَقَّ الْحَبْسِ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ
عَدَمُ صِحَّةِ الرَّهْنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِ
الْمُقَابِلِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ أَمْ
لَا ح ل لِضَعْفِ الْمِلْكِ فَلَيْسَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالْمَنْصُوصِ
مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بَلْ هُوَ بَحْثٌ لِلْأَذْرَعِيِّ
وَالسُّبْكِيِّ وَضَابِطُ كَوْنِهِ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ أَنْ يَكُونَ
الثَّمَنُ حَالًّا وَلَمْ يَقْبِضْهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا
(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ
بِنَحْوِ إعْتَاقٍ هَذِهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا
قَبْلَهَا وَيَصِيرُ قَابِضًا فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَهِيَ الْإِعْتَاقُ
وَالْإِيلَادُ وَالْوَقْفُ وَلَا يَصِيرُ قَابِضًا فِي الْبَاقِي
(قَوْلُهُ كَإِيلَادٍ) مِثَالٌ لِنَحْوِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ وَتَزْوِيجٍ
هُوَ وَمَا قَبْلَهُ مِثَالٌ لِنَحْوِ الْوَصِيَّةِ
وَقَوْلُهُ وَوَقْفٍ مِثَالٌ لِنَحْوِ الْإِعْتَاقِ كَمَا قَالَهُ
الشَّوْبَرِيُّ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ كَإِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ هُوَ مِنْ نَحْوِ
الْوَصِيَّةِ لِكَوْنِهِ تَعْلِيقًا لِلْعِتْقِ عَلَى الْمَوْتِ فَأَشْبَهَ
الْوَصِيَّةَ لِكَوْنِهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ
(قَوْلُهُ وَوَقْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ لَا ع ش
(قَوْلُهُ وَقِسْمَةٍ) أَيْ قِسْمَةِ إفْرَازٍ أَوْ تَعْدِيلٍ أَيْ لِأَنَّ
الرِّضَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهِمَا وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الرِّضَا
جَازَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الْقَبْضُ كَالشُّفْعَةِ س ل.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَقِسْمَةٍ أَيْ إفْرَازٍ أَوْ تَعْدِيلٍ لَا
رَدٍّ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَلَا يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ بِخِلَافِ
التَّعْدِيلِ يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ فَكَأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا
(قَوْلُهُ وَإِبَاحَةِ طَعَامٍ لِلْفُقَرَاءِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَانْظُرْ
هَلْ الطَّعَامُ قَيْدٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ اشْتَرَاهُ جُزَافًا) أَيْ
لِيَتَأَتَّى عَدَمُ الْقَبْضِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَكِيلًا فَلَا
بُدَّ لِصِحَّةِ إبَاحَتِهِ مِنْ كَيْلِهِ وَقَبْضِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ بِهِ) أَيْ بِالْإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي قَابِضًا،
وَانْظُرْ هَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ قَابِضًا أَوْ غَيْرَ قَابِضٍ
فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ الْعِتْقِ الْبَقِيَّةُ أَيْ فِي
الصِّحَّةِ لَا فِي الْقَبْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ
وَالْجَامِعُ
(2/271)
لَكِنْ لَا يَكُونُ قَابِضًا
بِالْوَصِيَّةِ وَلَا بِالتَّدْبِيرِ وَلَا بِالتَّزْوِيجِ وَلَا
بِالْقِسْمَةِ وَلَا بِإِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْفُقَرَاءِ إنْ لَمْ
يَقْبِضُوهُ وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَلَى مَالٍ وَلَا عَنْ كَفَّارَةِ
الْغَيْرِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لِذَلِكَ قَاعِدَةً وَتَعْبِيرِي بِمَا
ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ
(وَلَهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يُضْمَنُ
بِعَقْدٍ كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ
وَمَوْرُوثٍ كَانَ لِلْمُوَرِّثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَبَاقٍ بِيَدِ
وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ (وَمَأْخُوذٍ بِسَوْمٍ) ، وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ
مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِيَتَأَمَّلْهُ أَيُعْجِبُهُ؟ أَمْ لَا،
وَمُعَارٍ وَمَمْلُوكٍ بِفَسْخٍ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِي الْمَذْكُورَاتِ
وَمَحَلُّهُ فِي الْمَمْلُوكِ بِفَسْخٍ بَعْدَ رَدِّ ثَمَنِهِ
لِمُشْتَرِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّ لَهُ حَبْسَهُ
إلَى اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ. وَلَوْ اكْتَرَى صَبَّاغًا أَوْ قَصَّارًا
لِعَمَلٍ فِي ثَوْبٍ وَسَلَّمَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِيهِ قَبْلَ
الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ الْأُجْرَةَ
وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ
(وَصَحَّ اسْتِبْدَالٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
كَوْنُ كُلٍّ تَصَرُّفًا لِغَيْرِ مَالِكٍ
وَقَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ مُقْتَضَى كَوْنِهِ غَيْرَ قَابِضٍ
بِالْمَذْكُورَاتِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ
انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَالتَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا
يَكُونُ قَابِضًا) فَإِنْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ
بِالْوَصِيَّةِ) أَيْ وَيَكُونُ قَابِضًا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ
كَالْإِيلَادِ وَالْإِعْتَاقِ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا بِالتَّدْبِيرِ)
لَعَلَّهُ مَا لَمْ يَمُتْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يُعْتَقُ حِينَئِذٍ
فَيَكُونُ قَابِضًا شَوْبَرِيٌّ. (قَالَهُ وَلَا بِالْقِسْمَةِ) أَيْ
غَيْرِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْبِضُوهُ) أَيْ الْفُقَرَاءُ
وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي
أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ) تَقْيِيدٌ لِصِحَّةِ الْإِعْتَاقِ
بِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَبِعَدَمِ كَوْنِهِ عَنْ كَفَّارَةِ
الْغَيْرِ فَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَلَى مَالٍ أَيْ لِأَنَّهُ
بَيْعٌ وَلَا عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ شَرْحُ م ر أَيْ
وَلَا بِالْهِبَةِ الضِّمْنِيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَعْتِقْ عَبْدَك
عَنِّي وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَأَجَابَهُ كَمَا قَالَهُ: ع ش
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَالٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ وَإِلَّا
فَهُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ يَقَعُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ
وَلَمْ يَذْكُرُوا لِذَلِكَ) أَيْ لِلتَّصَرُّفِ الَّذِي يَصِحُّ قَبْلَ
الْقَبْضِ وَاَلَّذِي لَا يَصِحُّ قَبْلَهُ قَاعِدَةً، وَلِذَلِكَ احْتَاجَ
الشَّارِحُ إلَى تَعَدُّدِ الْأَمْثِلَةِ فِي قَوْلِهِ كَإِيلَادٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ وَلَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِهِ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ
وَضُمِنَ بِعَقْدٍ فَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا أَوْ
يَضْمَنْ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَوْلُهُ فِي
مَالِهِ بِالْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ بِلَفْظِ الْمَوْصُولِ يَشْمَلُ
الِاخْتِصَاصَ وَهُوَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ
بِفَتْحِ اللَّامِ إذْ لَا فَائِدَةَ تُرَجِّحُهُ عَلَى الْإِضَافَةِ كَمَا
فِي ع ش.
(قَوْلُهُ كَوَدِيعَةٍ) وَمِثْلُهُ عِلَّةُ وَقْفٍ وَغَنِيمَةٍ فَلِأَحَدِ
الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ الْغَانِمِينَ بَيْعُ حِصَّتِهِ قَبْلَ إفْرَازِهَا
قَالَهُ شَيْخُنَا بِخِلَافِ حِصَّتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَصِحُّ
بَيْعُهَا قَبْلَ إفْرَازِهَا وَرُؤْيَتِهَا وَاكْتَفَى بَعْضُ
مَشَايِخِنَا بِالْإِفْرَازِ فَقَطْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ ق ل.
(قَوْلُهُ كَانَ لِلْمُوَرِّثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ
مَرْهُونٍ (قَوْلُهُ وَبَاقٍ بِيَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ) أَوْ كَانَ
مَضْمُونًا لَكِنْ لَا ضَمَانَ عَقْدٍ بَلْ ضَمَانَ يَدٍ فَقَوْلُهُ
وَمَأْخُوذٍ بِسَوْمٍ عَطْفٌ عَلَى وَدِيعَةٍ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مِثَالٌ
لِمَا انْتَفَى فِيهِ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا مِثَالٌ لِمَا
إذَا انْتَفَى فِيهِ ضَمَانُ الْعَقْدِ، لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ بِالسَّوْمِ
مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ إنْ أَخَذَهُ لِيَشْتَرِيَهُ كُلَّهُ فَإِنْ
أَخَذَهُ لِيَشْتَرِيَ نِصْفَهُ مَثَلًا ضَمِنَ نِصْفَهُ لِأَنَّ النِّصْفَ
الْآخَرَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ ح ل أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِمَّا لَا
يُضْمَنُ بِعَقْدٍ صَادِقٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَضْمُونًا أَصْلًا أَوْ
يَكُونَ مَضْمُونًا ضَمَانَ يَدٍ فَمَثَّلَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ
كَوَدِيعَةٍ وَقِرَاضٍ وَمَرْهُونٍ وَلِلثَّانِي بِالْمَأْخُوذِ
بِالسَّوْمِ وَالْمُعَارِ وَضَمَانُ الْيَدِ هُوَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ فِي
الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ
الْمَأْخُوذَ بِالسَّوْمِ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ وَإِنْ
كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمُعَارِ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ إفَاقَتِهِ فَلَوْ عَبَّرَ
بِزَوَالِ الْحَجْرِ لَشَمِلَهُ. اهـ. بَابِلُ (قَوْلُهُ أَيُعْجِبُهُ)
بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَعْجَبَ قَالَ تَعَالَى {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ}
[الفتح: 29] وَأَمَّا الثُّلَاثِيُّ فَهُوَ لَازِمٌ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ
تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} [الرعد: 5] فَيَتَعَدَّى بِمِنْ فَيُقَالُ
عَجِبْت مِنْ كَذَا فَقَوْلُ الْبِرْمَاوِيِّ إنَّهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ
مِنْ عَجِبَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ عَجِبَ الثُّلَاثِيِّ لَازِمٌ
وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ مُتَعَدٍّ فَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِضَمِّهَا
مِنْ الرُّبَاعِيِّ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ:
وَعَجِبَ مِنْ الشَّيْءِ عَجَبًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إلَى أَنْ قَالَ
وَأَعْجَبَنِي حُسْنُهُ (قَوْلُهُ وَمَمْلُوكٍ) أَيْ لِلْبَائِعِ بِسَبَبِ
فَسْخِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي الْمَمْلُوكِ بِفَسْخٍ) أَيْ
أَيِّ فَسْخٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ صَدَاقٍ
أَوْ غَيْرِهَا ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَوْ اكْتَرَى صَبَّاغًا أَوْ قَصَّارًا إلَخْ) هَذِهِ
وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَا لَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ
مِمَّا لَا يُضْمَنُ بِعَقْدٍ لِصِدْقِهِ بِمَا لَا يُضْمَنُ أَصْلًا أَوْ
يُضْمَنُ ضَمَانَ يَدٍ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ
الزِّيَادِيُّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ نِعْمَ لَوْ اكْتَرَى إلَخْ
(قَوْلُهُ وَسَلَّمَهُ) أَتَى بِهِ لِيَكُونَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ
وَهُوَ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بِيَدِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ قَيْدًا
كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيَمْتَنِعُ
عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ وَفِي عِبَارَةِ
شَيْخِنَا هُنَا خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ ح ل.
(قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجِيرِ بِهَا
لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ
وَقَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَ الْأُجْرَةَ
لِاسْتِحْقَاقِهِ حَبْسَهَا عَلَى الْأُجْرَةِ فَكَأَنَّهُ مَعْجُوزٌ عَنْ
تَسَلُّمِهَا شَرْعًا
(قَوْلُهُ وَصَحَّ اسْتِبْدَالٌ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِبْدَالُ
بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ
(2/272)
وَلَوْ فِي صُلْحٍ عَنْ دَيْنٍ غَيْرِ
مُثَمَّنٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِغَيْرِ دَيْنٍ) كَثَمَنٍ فِي
الذِّمَّةِ (وَدَيْنِ قَرْضٍ وَإِتْلَافٍ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: «كُنْت
أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ،
وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت
رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْته عَنْ
ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا
شَيْءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى
شَرْط مُسْلِمٍ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَا
نَقْدَيْنِ، فَهُوَ مَا اتَّصَلَتْ بِهِ الْبَاءُ، وَالْمُثَمَّنُ
مُقَابِلُهُ، أَمَّا الدَّيْنُ الْمُثَمَّنُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا
يَصِحُّ اسْتِبْدَالُهُ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقَالَةً لِعَدَمِ
اسْتِقْرَارِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ
ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الصِّحَّةَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ
الْمُعَاطَاةِ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي صُلْحٍ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ:
صَالَحَتْك مِنْ الدِّينَارِ الَّذِي أَدَّعِيهِ عَلَيْك بِدِرْهَمٍ
وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ فِي صُلْحٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ
الِاسْتِبْدَالُ بِوَاسِطَةِ صُلْحٍ. وَأَمَّا تَصْوِيرُ الْعَزِيزِيِّ
بِقَوْلِهِ صُورَتُهُ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهِ
بِأَلْفٍ، ثُمَّ يَسْتَبْدِلَ عَنْ الْأَلْفِ شَيْئًا فَلَا يَظْهَرُ إلَّا
إذَا كَانَ التَّعْمِيمُ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَصَحَّ
اسْتِبْدَالٌ عَنْ دَيْنٍ وَلَوْ فِي صُلْحٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ
ثَبَتَ بِوَاسِطَةِ صُلْحٍ. (قَوْلُهُ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ رِبَوِيٍّ
وَغَيْرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْقُيُودُ
ثَلَاثَةٌ بِغَيْرِ دَيْنٍ رَابِعٍ (قَوْلُهُ غَيْرِ مُثَمَّنٍ) وَكَذَا
كُلُّ مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ
وَالرِّبَوِيِّ أَيْ الَّذِي بِيعَ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَكَأُجْرَةِ الْإِجَارَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ) أَيْ سَابِقٍ عَلَى الِاسْتِبْدَالِ وَإِلَّا
فَلَوْ صَالَحَهُ بِدَيْنٍ يَحْدُثُ حِينَئِذٍ فَصَحِيحٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ) قَالَ: بَعْضُهُمْ لَكِنْ بَعْدَ
لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَالَ فِي
الْإِيعَابِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ
لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ
يَمْلِكُ الثَّمَنَ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ جَوَازِ اسْتِبْدَالِهِ عَنْهُ؟
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ) هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ
عَنْ دَيْنٍ هُوَ ثَمَنٌ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ أَيْ مِنْ
عَقْدِ الِاسْتِبْدَالِ ح ل (قَوْلُهُ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ إلَخْ) مِنْهُ
يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِفُلُوسٍ مَعْلُومَةٍ فِي
الذِّمَّةِ امْتَنَعَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِأَنَّ الدِّينَارَ هُوَ
الثَّمَنُ وَالْفُلُوسَ هُوَ الْمُثَمَّنُ وَمِثْلُ الْفُلُوسِ
الْأَمْتِعَةُ وَالْعَبِيدُ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فِي الذِّمَّةِ، إذْ
لَا فَرْقَ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا
الْعَبْدَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِك صَحَّ الِاعْتِيَاضُ
عَنْهَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ مَعَ أَنَّهَا مُسْلَمٌ فِيهَا وَفِي كَلَامِ
الْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ يُلْتَزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ
الِاسْتِبْدَالِ عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَصِحُّ
الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى الْغَالِبِ اهـ أَوْ حَيْثُ لَمْ
يَعْقِدْ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ
الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ
عَنْهُ مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ
الْمُسْلَمُ فِيهِ نَقْدًا كَأَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا فِي نَقْدٍ
فَيَمْتَنِعُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ النَّقْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي
شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ ثَمَنٌ لِأَنَّ النَّقْدَ فِي
الْحَقِيقَةِ مُسْلَمٌ فِيهِ. فَقَوْلُهُمْ يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ
الثَّمَنِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْلَمًا فِيهِ
وَكَالْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ إنْ عُقِدَ عَلَيْهِ
بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ كَأَنْ عُقِدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ
شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا عَلَى غَيْرِ طَرِيقَةِ الشَّارِحِ أَمَّا عَلَى
طَرِيقَتِهِ فَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ مُسْلَمٌ فِيهِ وَإِنْ عُقِدَ
بِلَفْظِ الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا سَيَأْتِي. وَمَفْهُومُ
قَوْلِ الشَّارِحِ كَثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ
لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ مَعَ عُمُومِ التَّعْلِيلِ الْآتِي
وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَلِأَنَّ الثَّمَنَ تُقْصَدُ مَالِيَّتُهُ،
وَعُمُومُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ كُنْت
أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ
لِلْمُعَيَّنِ وَلِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ
الشَّارِحِ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ قَيْدًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عَدَمُ
ذِكْرِهِ مُحْتَرَزَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّعْمِيمَ مَا نُقِلَ عَنْ
الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ
هُوَ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ شَامِلٌ
لِلثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَلَعَلَّ ذِكْرَ الذِّمَّةِ بَيَانٌ لِمَا ثَبَتَ
فِيهَا مِمَّا شَابَهَ الثَّمَنَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ كَاتِبُهُ اط ف
وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ سَابِقًا: كَمَبِيعٍ وَثَمَنٍ
وَصَدَاقٍ مُعَيَّنَاتٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الذِّمَّةِ قَيْدٌ
مُعْتَبَرٌ فَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ لِأَنَّهُ
يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ
بَاعَهُ بِاَلَّذِي قَبَضَهُ بَدَلَهُ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ خَاصٌّ بِمَا
فِي الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقَالَةً) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِ
رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَوْ بِنَقْصٍ كَأَنْ
أَسْلَمَ إلَيْهِ قِرْشًا عَلَى إرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ
أَرَادَ أَنْ يَسْتَبْدِلَ الْإِرْدَبَّ بِإِرْدَبَّيْنِ فُولًا مَثَلًا
فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، أَمَّا لَوْ اسْتَبْدَلَ بِالْمُقَابِلِ وَهُوَ
الْقِرْشُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. اهـ. بش وَيَصِيرُ الْقِرْشُ دَيْنًا عَلَى
الْمُسْلَمِ إلَيْهِ
(2/273)
فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ بِانْقِطَاعِهِ
لِلِانْفِسَاخِ أَوْ الْفَسْخِ وَلِأَنَّ عَيْنَهُ تُقْصَدُ بِخِلَافِ
الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوِهِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُثَمَّنِ
وَبِدَيْنِ الْإِتْلَافِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ
وَبِقِيمَةِ الْمُتْلَفِ (كَبَيْعِهِ) أَيْ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ
(لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) بِغَيْرِ دَيْنٍ (كَأَنْ بَاعَ) لِعَمْرٍو
(مِائَةً لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ) فَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَا رَجَّحَهُ
فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَفِي أَصْلِهَا آخِرُ الْخُلْعِ كَبَيْعِهِ
مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ السَّابِقُ
وَرَجَّحَ الْأَصْلُ الْبُطْلَانَ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ،
وَالْأَوَّلُ مَحْكِيٌّ عَنْ النَّصِّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَدْيُونِ مِلِّيًّا مُقِرًّا
وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا
(وَشُرِطَ) لِكُلٍّ مِنْ الِاسْتِبْدَالِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ
هُوَ عَلَيْهِ (فِي مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ رِبًا) كَدَرَاهِمَ عَنْ
دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسِهِ (قَبْضٌ) ، لِلْبَدَلِ فِي الْأَوَّلِ
وَلِلْعِوَضَيْنِ فِي الثَّانِي (فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا
فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا
فِي الذِّمَّةِ، (وَ) شُرِطَ (فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ مُتَّفِقَيْ
عِلَّةِ الرِّبَا، كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ (تَعْيِينٌ) لِذَلِكَ (فِيهِ)
أَيْ فِي الْمَجْلِسِ (فَقَطْ) ، أَيْ لَا قَبْضُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ بَاعَ
ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ، لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِي
الْمَجْلِسِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ فِي بَيْعِ
الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ،
وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ كَالْبَغَوِيِّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِيهِ
مَحْمُولٌ عَلَى مُتَّفِقَيْ عِلَّةِ الرِّبَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ
بِانْقِطَاعِهِ) وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَفَاسَخَا عَقْدَ
السَّلَمِ لِيَصِيرَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ
يَسْتَبْدِلَ عَنْهُ بِشَرْطِهِ الْآتِي أَيْ هُنَا فِي الْمَتْنِ
وَمَحَلُّ التَّفَاسُخِ عِنْدَ مُوجِبِهِ كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ
لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ إلَّا بِالسَّبَبِ اهـ زِيَادِيٌّ
بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ لِلِانْفِسَاخِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ
وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِالِانْقِطَاعِ بَلْ
يُخَيَّرُ الْمُسْلِمُ قَالَهُ ح ل فَقَوْلُهُ أَوْ الْفَسْخِ هُوَ
الْمُعْتَمَدُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي
وَقْتِ الْحُلُولِ قِيلَ: يَنْفَسِخُ السَّلَمُ وَقِيلَ: يَثْبُتُ
لِلْمُسْلِمِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ) فَإِنَّ
الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالِيَّةُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ دَيْنِ الْقَرْضِ وَدَيْنِ الْإِتْلَافِ
وَدَيْنِ الْأُجْرَةِ وَكُلِّ مَضْمُونٍ ضَمَانَ عَقْدٍ ح ل وَمَحَلُّ
مَنْعِ الِاسْتِبْدَالِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ شَخْصٌ،
أَمَّا لَوْ ضَمِنَهُ شَخْصٌ فَإِنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْهُ
مِنْ الضَّامِنِ وَهَذِهِ نَقَلَهَا م ر فِي شَرْحِهِ عَنْ وَالِدِهِ
وَإِنَّمَا صَحَّ فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اعْتِيَاضٌ
عَنْ دَيْنِ الضَّمَانِ لَا عَنْ دَيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ
(قَوْلُهُ كَبَيْعِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمُقَيَّدِ
بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُثَمَّنٍ وَبِكَوْنِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ فَاشْتِرَاطُ
كَوْنِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ
الْمَتْنِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ
عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ
تَمَامِ تَفْسِيرِ الضَّمِيرِ فَكَأَنْ يَقُولَ كَبَيْعِهِ أَيْ الدَّيْنِ
غَيْرِ الْمُثَمَّنِ بِغَيْرِ دَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ) أَيْ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ
لِلدَّيْنِ الْمُسْتَبْدَلِ عَنْهُ بِقَيْدِهِ، وَالْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ
فِي الصِّحَّةِ لَا لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ هَذَا مَقِيسٌ عَلَى الْأَوَّلِ
لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعِهِ
لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ) أَيْ سَابِقٍ عَلَى
الِاسْتِبْدَالِ وَإِلَّا فَلَوْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ مُنْشَأٍ وَقْتَ
الْعَقْدِ فَصَحِيحٌ س ل (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ) لِأَنَّ
مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ
مُعَيَّنٍ وَمَا عُيِّنَ لَيْسَ عَيْنَ مَا فِيهَا وَجَوَابُهُ: أَنَّ
الشَّرْطَ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَاصِلٌ
بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ الْمَشْرُوطِ بِصِحَّةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ
وَيُشْتَرَطُ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
كَوْنُ الْمَدْيُونِ مَلِيئًا أَيْ مُوسِرًا مِنْ الْمَلَاءَةِ وَهِيَ
السَّعَةُ
وَقَوْلُهُ مُقِرًّا أَيْ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَقَوْلُهُ مُسْتَقِرًّا
أَيْ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ خَرَجَ بِهِ الْأُجْرَةُ قَبْلَ تَمَّامِ
الْمُدَّةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَقِرَّةً فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا
وَكَنُجُومِ الْكِتَابَةِ
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي بَيْعِ
الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْ اسْتَبْدَلَا فِي الذِّمَّةِ كَأَنْ
قَالَ اسْتَبْدَلْت عَنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِك دِينَارًا فِي
ذِمَّتِك وَيَقْبِضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَجْرِي فِي بَيْعِهِ لِغَيْرِ
مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَأَنْ بَاعَ لِعَمْرٍو مِائَةً لَهُ عَلَى
زَيْدٍ بِمِائَةٍ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو لِأَنَّ مِثَالَ الْمَتْنِ شَامِلٌ
لِهَذِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي غَيْرِهِمَا) حَاصِلُ
الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ
يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِلْعِوَضَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ
سَوَاءٌ اتَّحَدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَمْ لَا وَأَمَّا فِي
الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الدَّيْنِ إنْ اتَّحَدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا
اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ
فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ فِيهِ شَيْخُنَا وَانْظُرْ الْفَرْقَ
بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ تَعْيِينٌ لِذَلِكَ) أَيْ الْبَدَلِ فِي الْأَوَّلِ
وَالْعِوَضَيْنِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ لَا قَبْضُهُ فِيهِ) ضَعِيفٌ
بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ
كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ بَاعَ إلَخْ قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا
يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَحْمُولًا عَلَى مَا بَعْدَ اللُّزُومِ
أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ بِرِضَاهُمَا ح ل (قَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ)
رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّوْبِ وَالدَّرَاهِمِ، لِأَنَّهُ أَنْسَبُ
بِالْمَقَامِ
وَقَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ أَيْ وَلَا الدَّرَاهِمِ بَلْ
الشَّرْطُ تَعْيِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْلِسِ إنْ كَانَ مِنْ
قَبِيلِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَتَعْيِينُ
الدَّرَاهِمِ فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِبْدَالِ كَمَا
قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ) الْمُعْتَمَدُ
إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَّفِقِينَ فِي عِلَّةِ
الرِّبَا وَغَيْرِهِمَا وَالْحَمْلُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِي
قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا لَوْ بَاعَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ
عَلَى عَمْرٍو. اهـ. ز ي.
وَعِبَارَةُ ح ل الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُضَعِّفُ هَذَا
الْحَمْلُ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ فِي التَّمْثِيلِ لِهَذَا بِأَنْ ابْتَاعَ
(2/274)
وَخَرَجَ بِغَيْرِ دَيْنٍ فِيمَا ذُكِرَ
الدَّيْنُ، أَيْ الثَّابِتُ قَبْلُ كَأَنْ اسْتَبْدَلَ عَنْ دَيْنِهِ
دَيْنًا آخَرَ أَوْ كَانَ لَهُمَا دَيْنَانِ عَلَى ثَالِثٍ فَبَاعَ
أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ، سَوَاءٌ اتَّحَدَ
الْجِنْسُ أَمْ لَا «لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» ،
رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ
الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ
الْبَيْهَقِيّ، وَالتَّصْرِيحُ بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي غَيْرِ
الصُّلْحِ مِنْ زِيَادَتِي، وَلَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ عَنْ
الْحَالِّ، وَيَجُوزُ عَكْسُهُ وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْمُؤَجَّلِ عَجَّلَهُ
(، وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ) مِنْ أَرْضٍ وَضِيَاعٍ وَشَجَرٍ وَثَمَرَةٍ
مَبِيعَةٍ عَلَيْهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجِذَاذِ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ
أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ (بِتَخْلِيَتِهِ لِمُشْتَرٍ)
بِأَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ وَيُسَلِّمَهُ الْمِفْتَاحَ
(وَتَفْرِيغُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ اشْتَرَى عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو وَفِيهِ أَنَّهُ
لَا مُنَافَاةَ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِغَيْرِ دَيْنٍ إلَخْ)
هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّانِي الْمُصَرَّحِ بِهِ أَوَّلًا
بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَثَانِيًا بِقَوْلِهِ كَبَيْعِهِ إذْ
الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمُسْتَبْدَلِ عَنْهُ بِقَيْدَيْهِ أَيْ
كَوْنِهِ غَيْرَ مُثَمَّنٌ وَكَوْنِهِ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَأَمَّا مَفْهُومُ
الْأَوَّلِ فَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ أَمَّا الدَّيْنُ
الْمُثَمَّنُ وَسَكَتَ عَنْهُ فِي الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ
وَلِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ح ل (قَوْلُهُ الدَّيْنُ أَيْ الثَّابِتُ
إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَبْدَلِ بِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ
دَيْنٍ ثَابِتٍ قَبْلَ عَقْدِ الِاسْتِبْدَالِ بِأَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ
يَكُونَ دَيْنًا مُنْشَأً بِأَنْ قَالَ لَهُ اسْتَبْدَلْت عَنْ
الْعِشْرِينَ رِيَالًا الَّتِي فِي ذِمَّتِك خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فِي
ذِمَّتِك لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَهَا فِي الْمَجْلِسِ
لِاتِّفَاقِهِمَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اهـ (قَوْلُهُ كَأَنْ اسْتَبْدَلَ
عَنْ دَيْنِهِ) كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى بَكْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ
وَلِبَكْرٍ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَبْدِلَ أَحَدُهُمَا
عَنْ دَيْنِهِ دَيْنَ الْآخَرِ
وَقَوْلُهُ عَلَى ثَالِثٍ كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ دِينَارٌ عَلَى بَكْرٍ
وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا
دِينَارَهُ بِدَرَاهِمِ الْآخَرِ، مَعَ كَوْنِهِمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ
غَيْرِ قَبْضٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ الْكَالِئِ) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا ضَبَطَهُ شُرَّاحُ
الْحَدِيثِ اهـ فَتْحُ الْبَارِي لحج عَلَى الْبُخَارِيِّ وَهُوَ مِنْ
الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّيْنَ مَحْفُوظٌ
فَكَيْفَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْفَاعِلِ، وَالْقِيَاسُ اسْمُ
الْمَفْعُولِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مُتَأَوَّلٌ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ
فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِ الثَّانِي
مَجَازًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] أَيْ مَدْفُوقٍ
وَ {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43] أَيْ لَا
مَعْصُومَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إلَخْ) هَذَا
التَّفْسِيرُ ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ أَخْذًا مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَالِئَ بِالْكَالِئِ هُوَ
النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ أَيْ الْمُؤَجَّلُ سم
(قَوْلُهُ وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ) هَذَا بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ الْقَبْضِ
الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَائِعِ قَبْلَهُ وَالْمُشْتَرِي
بَعْدَهُ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِهِ الْمَبِيعِ قَبْلَ
قَبْضِهِ إلَخْ فَهُوَ جَوَابُ سُؤَالٍ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ مَا الْقَبْضُ
فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ وَقَبْضُ إلَخْ. وَحَاصِلُ أَطْرَافِ هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَكُلٌّ
إمَّا حَاضِرٌ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ غَائِبٌ عَنْهُ وَكُلٌّ إمَّا
بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ وَكُلٌّ إمَّا مَشْغُولٌ أَوْ غَيْرُ
مَشْغُولٍ وَالْمَشْغُولُ إمَّا بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ
أَوْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ وَالْمُشْتَرَكَةُ إمَّا بَيْنَ
اثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ بَيْنَ ثَلَاثَةِ وَالْمُرَادُ بِأَمْتِعَةِ
الْمُشْتَرِي مَا لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا وَلَوْ بِوَدِيعَةٍ وَإِنْ كَانَتْ
لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، وَالْمُرَادُ
قَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ حَاضِرٍ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَلَيْسَ بِيَدِ
الْمُشْتَرِي كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ كَانَ
الْمَبِيعُ حَاضِرًا إلَخْ ح ل أَيْ قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي غَائِبٍ
وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمَنْقُولِ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِحَالِهِ
الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ حَالَةَ الْبَيْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الثَّمَرَةَ
مَنْقُولَةٌ ع ش
(قَوْلُهُ وَضِيَاعٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ جَمْعُ ضَيْعَةٍ وَهِيَ
الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ فَعَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مُغَايِرٌ
لِأَنَّ الْقَرْيَةَ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَشَجَرٍ)
وَإِنْ بِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ م ر وَحِّ ل (قَوْلُهُ قَبْلَ أَوَانِ
الْجِذَاذِ) وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ
فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا حَيْثُ اكْتَفَوْا فِيهَا بِالتَّخْلِيَةِ
وَالْبَيْعُ وَاقِعٌ بَعْدَ أَوَانِ الْجِذَاذِ. اهـ. ح ل وَالْجِذَاذُ
بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ إعْجَامِ الذَّالَيْنِ
وَإِهْمَالِهِمَا فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ (قَوْلُهُ أَعَمُّ) وَجْهُ
الْعُمُومِ شُمُولُهُ لِغَيْرِ النَّخْلِ مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرَةِ
الْمَبِيعَةِ عَلَى الشَّجَرِ فَإِنَّ الْعَقَارَ عَلَى مَا فِي
الْمُخْتَارِ الْأَرْضُ وَالضِّيَاعُ وَالنَّخْلُ لَكِنَّهُ قَالَ فِي
بَابِ الْعَيْنِ: الضَّيْعَةُ الْعَقَارُ ثُمَّ قَالَ قُلْت قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ: الضَّيْعَةُ عِنْدَ الْحَاضِرَةِ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ
وَالْأَرْضُ وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ الضَّيْعَةَ إلَّا فِي الْحِرْفَةِ
وَالصِّنَاعَةِ وَعَلَيْهِ فَوَجْهُ الْعُمُومِ شُمُولُهُ لِلثَّمَرَةِ.
اهـ. ع ش أَيْ وَالْعَقَارُ لَا يَشْمَلُهَا لَكِنَّ فِي كَلَامِ
بَعْضِهِمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَقَارَ يَشْمَلُ الثَّمَرَ عِنْدَ
الْفُقَهَاءِ، فَهُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَعَلَيْهِ فَلَا أَعَمِّيَّةَ
ح ل (قَوْلُهُ بِأَنْ يُمْكِنَهُ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا
كَخَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ
كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ
لَهُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهِ فَلَا
يَحْتَاجُ إلَى لَفْظٍ اهـ طَنْدَتَائِيٌّ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيُسَلِّمَهُ الْمِفْتَاحَ) أَيْ إنْ كَانَ مُغْلَقًا وَكَانَ
الْمِفْتَاحُ
(2/275)
مِنْ مَتَاعِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ
الْمُشْتَرِي، نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ
شَرْعًا أَوْ لُغَةً فَإِنْ جَمَعَ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي فِي الدَّارِ
الْمَبِيعَةِ بِمَحَلٍّ مِنْهَا وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا،
فَمَا سِوَى الْمَحَلِّ مَقْبُوضٌ، فَإِنْ نَقَلَ الْأَمْتِعَةَ مِنْهُ
إلَى مَحَلٍّ آخَرَ صَارَ قَابِضًا لِلْجُمْلَةِ، وَتَعْبِيرِي بِمَتَاعِ
غَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ
(وَ) قَبْضُ (مَنْقُولٍ) مِنْ سَفِينَةٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِمَا
(بِنَقْلِهِ) مَعَ تَفْرِيغِ السَّفِينَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَوْجُودًا وَلَوْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى أَمَاكِنَ بِهَا مَفَاتِيحُ
فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ تِلْكَ الْمَفَاتِيحِ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ
الْأَمَاكِنُ صَغِيرَةً كَالْخَزَائِنِ الْخَشَبِ. اهـ. ح ل فَالْمُرَادُ
بِالْمِفْتَاحِ الْجِنْسُ فَلَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ تَسَلَّمْهُ
وَاصْنَعْ لَهُ مِفْتَاحًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِذَلِكَ عَنْ
تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ. اهـ. سم وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي
الْمِفْتَاحِ، بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي
الْخِيَارُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ
الْمِفْتَاحِ تَافِهَةً ع ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ تَسْلِيمُهُ
الْمِفْتَاحَ مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَشَغْلِ الدَّارِ
بِأَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَكَوْنِهَا فِي يَدِ
غَاصِبٍ وَالْمُرَادُ أَيْضًا بِالْمِفْتَاحِ مِفْتَاحُ غَلْقٍ مُثْبَتٍ
بِخِلَافِ مِفْتَاحِ الْقُفْلِ كَمَا قَالَهُ ع ش (قَوْلُهُ مِنْ مَتَاعِ
غَيْرِهِ) وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ فَلَا بُدَّ فِي
قَبْضِهَا مِنْ نَقْلِهَا وَيُتَسَامَحُ فِي بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ
الْحَقِيرَةِ كَحَصِيرٍ لَا كَفَصٍّ صَغِيرِ الْجِرْمِ كَثِيرِ الْقِيمَةِ
فِي ظَرْفٍ صَغِيرٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِيرِ بِأَنَّهُ
لِغُلُوِّهِ يُقْصَدُ حِفْظُهُ فِي الدَّارِ وَإِحْرَازُهُ بِهَا فَتُعَدُّ
مَشْغُولَةً وَلَا كَذَلِكَ الْحَقِيرُ. اهـ. س ل وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ
فَقَالَ: إنْ اشْتَرَاهَا مَعَ الدَّارِ أَوْ بَعْدَ شِرَاءِ الدَّارِ
اُشْتُرِطَ التَّفْرِيغُ وَإِنْ اشْتَرَاهَا قَبْلَ شِرَاءِ الدَّارِ لَمْ
يُشْتَرَطْ التَّفْرِيغُ. (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ) أَيْ
كَالْإِحْيَاءِ وَالْحِرْزِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ) عِلَّةٌ
لِلْعِلَّةِ وَصَرِيحُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْعُرْفَ مُؤَخَّرٌ عَنْ
اللُّغَةِ وَاَلَّذِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ خِلَافُهُ وَهُوَ تَقْدِيمُ
الْعُرْفِ عَلَى اللُّغَةِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ذَاكَ فِي الْأَلْفَاظِ
الْمَوْضُوعَةِ لِمَعَانٍ أَيْ فَيُقَدَّمُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ فَإِنْ
تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ
عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهَذَا فِي الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ
الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لِمَعْنًى وَإِنَّمَا فُهِمَ مَعْنَاهُ مِنْ
الِاسْتِعْمَالِ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ ع ش. (قَوْلُهُ فَمَا سِوَى
الْمَحَلِّ مَقْبُوضٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي جَانِبٍ
مِنْ الْمَحَلِّ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أُغْلِقَ عَلَيْهَا بَابُ الْبَيْتِ
وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْقَبْضِ فِيمَا عَدَا الْمَوْضِعَ
الْحَاوِيَ لِلْأَمْتِعَةِ عُرْفًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ
تَعْبِيرِهِ) أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ أَمْتِعَةٍ جَمْعٌ
فَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ مِنْ مَتَاعٍ وَاحِدٍ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ مِنْ مَتَاعٍ
قَلِيلِ الْقِيمَةِ كَجَرَّةٍ مَكْسُورَةٍ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ
كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ مِنْ مَتَاعِ
الْأَجْنَبِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ
الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيغِ كَمَا قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَقَبْضُ مَنْقُولٍ) أَيْ حَاضِرٍ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَلَيْسَ
بِيَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ كَانَ
الْمَبِيعُ حَاضِرًا ح ل (قَوْلُهُ مِنْ سَفِينَةٍ) أَيْ صَغِيرَةٍ أَوْ
كَبِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ أَمَّا كَبِيرَةٌ فِي الْبَرِّ لَا تُنْقَلُ
عَادَةً، فَقَبْضُهَا بِالتَّخْلِيَةِ وَالتَّفْرِيغِ مِنْ مَتَاعِ
غَيْرِهِ ز ي كَالْعَقَارِ وَقَالَ م ر إذَا كَانَتْ لَا تَنْجَرُّ
بِالْجَرِّ فَهِيَ كَالْعَقَارِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَرِّ أَوْ
الْبَحْرِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ وَلَوْ
بِمُعَاوَنَةِ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ فَكَالْمَنْقُولِ وَلَا
يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ وَحْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ
الْحَمْلَ الثَّقِيلَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ وَحْدَهُ عَلَى نَقْلِهِ
وَيَحْتَاجُ إلَى مُعَاوَنَةِ غَيْرِهِ فِيهِ مِنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي
يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ عَلَى نَقْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ
تَنْجَرَّ بِجَرِّهِ مَعَ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ وَإِلَّا فَكُلُّ سَفِينَةٍ
يُمْكِنُ جَرُّهَا بِجَمْعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ لَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ بِنَقْلِهِ) فَإِذَا نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِمَا يَخْتَصُّ بِهِ
الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ حَصَلَ الْقَبْضُ النَّاقِلُ لِلضَّمَانِ
لَا الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ، وَكَذَا لَوْ نَقَلَهُ بِإِذْنِهِ لَكِنْ
لَا عَنْ جِهَةِ الْقَبْضِ فَإِنْ نَقَلَهُ بِإِذْنِهِ فِي النَّقْلِ
لِلْقَبْضِ حَصَلَ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ سَوَاءٌ كَانَ
الْمَكَانُ الَّذِي نُقِلَ إلَيْهِ يَخْتَصُّ بِهِ الْبَائِعُ أَوْ لَا
لَكِنَّهُ إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ صَارَ الْمُشْتَرِي غَاصِبًا لَهُ إذَا
لَمْ يَأْذَنْ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ مَعَ صِحَّةِ الْقَبْضِ الْمُفِيدِ
لِلتَّصَرُّفِ فَحِينَئِذٍ تَفْصِيلُ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ لِمَا لَا
يَخْتَصُّ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ غَاصِبٍ
وَكَوْنِهِ مُسْتَعِيرًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ
كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إلَيْهِ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ كَمَا
أَشَارَ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ بِنَقْلِهِ) أَيْ نَقْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ
وَإِنْ اشْتَرَى حَيِّزَهُ بَعْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْحَيِّزِ
صَفْقَةً مَا لَمْ يَكُنْ تَابِعًا غَيْرَ مَقْصُودٍ كَمَاءِ الْبِئْرِ
الْمَوْجُودِ حَالَ شِرَاءِ الْبِئْرِ وَكَنَقْلِ الْحَيَوَانِ أَمْرُهُ
بِالِانْتِقَالِ مَعَ انْتِقَالِهِ وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهُ وَاقِفًا وَلَا
اسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ وَلَا الْجُلُوسُ عَلَى الْفِرَاشِ الْمَبِيعِ
نَعَمْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ الْبَائِعُ مِنْ ضَمَانِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ
أَنَّ الْمَدَارَ فِي إبْرَاءِ الْبَائِعِ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى
اسْتِيلَاءِ الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ
(2/276)
الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ نَظَرًا
لِلْعُرْفِ فِيهِ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «كُنَّا
نَشْتَرِي الطَّعَامَ جُزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ» ، وَقِيسَ
بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ هَذَا إنْ نَقَلَهُ (لِمَا) أَيْ لِحَيِّزٍ (لَا
يَخْتَصُّ بَائِعٌ بِهِ) كَشَارِعٍ أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي (أَوْ)
يَخْتَصُّ بِهِ لَكِنْ نَقَلَهُ (بِإِذْنِهِ) فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ،
(فَيَكُونُ) مَعَ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ (مُعِيرًا لَهُ) أَيْ لِلْحَيِّزِ
الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ لِلْقَبْضِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ
إلَّا فِي النَّقْلِ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ
وَإِنْ حَصَلَ لِضَمَانِ الْيَدِ وَلَا يَكُونُ مُعِيرًا لِلْحَيِّزِ،
وَكَنَقْلِهِ بِإِذْنِهِ نَقْلُهُ إلَى مَتَاعٍ مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ
مُعَارٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَا ح ل
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِنَقْلِهِ) أَيْ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا يَكْفِي
أَخْذُهُ وَمَشْيُهُ بِهِ وَلَوْ مُدَّةً طَوِيلَةً كَمَا قَالَهُ م ر
وَبَحَثَ فِيهِ ع ش وَقَالَ يَكْفِي مَشْيُهُ بِهِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ
نَقْلًا لَهُ اهـ (قَوْلُهُ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ) أَيْ
الْغَيْرِ الْحَقِيرَةِ كَحَصِيرَةٍ وَبَعْضِ مَاعُونٍ أَيْ فَلَا
يُشْتَرَطُ تَخْلِيَتُهَا مِنْهُ وَمِثْلُ السَّفِينَةِ فِي ذَلِكَ كُلُّ
مَا يُعَدُّ ظَرْفًا فِي الْعَادَةِ فَظَهْرُ الْحَيَوَانِ لَا يُعَدُّ
ظَرْفًا عَادَةً، فَلَا يُشْتَرَطُ إلْقَاءُ مَاءٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَمِنْ
الْأَمْتِعَةِ آلَاتُ السَّفِينَةِ ح ل (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ)
قُدِّمَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى النَّقْلِيِّ لِعُمُومِهِ
وَلِكَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ
عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) الْحَدِيثُ
فِيهِ ذِكْرُ الطَّعَامِ وَهُوَ مَنْقُولٌ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ
مَنْقُولٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَكَوْنُهُ جُزَافًا لَيْسَ قَيْدًا
بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ أَوْ قَيْدٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَبْضِهِ مِنْ
غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَيُقَاسُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِمْ لَهُ بَقِيَّةُ
التَّصَرُّفَاتِ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرَ ذَلِكَ كَمَا عَبَّرَ
بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ لِمَا لَا يَخْتَصُّ بَائِعٌ بِهِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ
نَقَلَهُ إلَى مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ حَصَلَ الْقَبْضُ
وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِالنَّقْلِ إلَيْهِ كَمَا
هُوَ قَضِيَّةُ النَّظَرِ ز ي أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِيهِ
أَيْضًا مَعَ النَّقْل اهـ شَوْبَرِيٌّ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِمَا
لَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيهِ حَقٌّ أَيْ خَاصٌّ فَلَا يَرِدُ الشَّارِعُ
وَالْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُمَا لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا عَامٌّ فَلَا
يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ
لِغَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ رِضَاهُ م ر بِالْمَعْنَى وَإِنْ حَرُمَ
(قَوْلُهُ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ) وَلَوْ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ
وَعَارِيَّةٍ. فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ إنَّ
الْمُسْتَعِيرَ لَا يُعِيرُ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ بِالْإِذْنِ مُعِيرٌ
لِلْبُقْعَةِ. قُلْت لَا يُشْكِلُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ لَهُ إنَابَةَ مَنْ
يَسْتَوْفِي لَهُ الْمَنْفَعَةَ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ
وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا لِأَنَّ النَّقْلَ لِلْقَبْضِ انْتِفَاعٌ يَعُودُ
لِلْبَائِعِ يُبْرِئُهُ عَنْ الضَّمَانِ، فَيَكْفِي إذْنُهُ فِيهِ وَلَمْ
يَكُنْ مَحْضَ إعَارَةٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ وَحِينَئِذٍ تَسْمِيَتُهُ فِي
هَذِهِ مُعِيرًا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ لَا الْحَقِيقَةِ. اهـ. ز ي قَالَ
ع ش وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ الْبُقْعَةُ تَحْتَ يَدِ
الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ
فِي الْحَقِيقَةِ نَائِبٌ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ
الْمُسْتَعِيرِ
(قَوْلُهُ فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ) فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَيَقُولُ أَذِنْت لَك فِي النَّقْلِ
لِلْقَبْضِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ حِسِّيَّةٌ ح ل وَلَا بُدَّ أَنْ
يَقُولَ: أَذِنْت لَك فِي النَّقْلِ لِلْقَبْضِ إلَيْهِ أَيْ إلَى
الْمَحَلِّ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَيَكُونُ
مُعِيرًا لَهُ أَيْ لِلْحَيِّزِ الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي النَّقْلِ) بِأَنْ قَالَ أَذِنْت
لَك فِي نَقْلِهِ أَوْ نَقْلُهُ لَا لِلْقَبْضِ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ
يَحْصُلْ الْقَبْضُ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ قَالَهُ
السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ حَجّ وَضَعَّفَ الزِّيَادِيُّ كَلَامَ
السُّبْكِيّ، وَاعْتَمَدَ التَّعْمِيمَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَقُّ
الْحَبْسِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْضًا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ
لِلتَّصَرُّفِ إلَخْ) لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَى حَيِّزِهِ فَتَكُونُ
يَدُهُ عَلَى الْمَبِيعِ الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ
حَصَلَ لِضَمَانِ الْيَدِ) وَكَذَا لِضَمَانِ الْعَقْدِ فَيَنْبَنِي عَلَى
الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ
خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَإِنَّ الْمَالِكَ يُطَالِبُ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ
يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَغْرَمُهُ مِنْ بَدَلِهِ، وَفِي
رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ تَلَفِهِ عِنْدَهُ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ مِنْ
ضَمَانِهِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا عَقْدَ فَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى
الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبْضٌ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ وَيَنْبَنِي عَلَى
الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَوْ عِنْدَ
الْبَائِعِ فِيمَا لَوْ رَجَّعَهُ الْمُشْتَرِي لِلتَّوَثُّقِ بِهِ إنْ
كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ وَلَا
يَسْقُطُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ كَافٍ فِي
نَقْلِ الضَّمَانِ عَنْ الْبَائِعِ.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ لِضَمَانِ الْيَدِ إلَخْ فَلَوْ
خَرَجَ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ تَلَفِهِ غَرِمَ بَدَلَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ
وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ
لَوْ تَلِفَ وَكَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، بَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ
لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ إلَى الْآنَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ مُعِيرًا لِلْحَيِّزِ
إلَخْ) لِأَنَّ إذْنَهُ فِي مُجَرَّدِ النَّقْلِ لَا يَقْتَضِي رَفْعَ
يَدِهِ عَنْ الْحَيِّزِ فَيَدُهُ عَلَى الْمَبِيعِ حِسِّيَّةٌ ح ل
فَكَأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْبَائِعِ فِي النَّقْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا
أَذِنَ لَهُ فِي النَّقْلِ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْقَبْضِ وَنَقَلَ فَقَدْ
ارْتَفَعَتْ يَدُهُ
(2/277)
فِي حَيِّزٍ يَخْتَصُّ الْبَائِعُ بِهِ
قَالَهُ الْقَاضِي وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِي لِمَا لَا يَخْتَصُّ
بَائِعٌ بِهِ لِصِدْقِهِ بِالْمَتَاعِ فَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ خَفِيفًا
فَقَبْضُهُ بِتَنَاوُلِهِ بِالْيَدِ، وَوَضْعُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ
بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ، نَعَمْ إنْ وَضَعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ
فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ
بِقَبْضِ الْجَمِيعِ، وَالزَّائِدِ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْقَابِضِ
(وَشُرِطَ فِي غَائِبٍ) عَنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ مَعَ إذْنِ الْبَائِعِ فِي
الْقَبْضِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، (مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ
قَبْضُهُ) بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ، وَالنَّقْلُ فِي
الْمَنْقُولِ وَالتَّخْلِيَةُ وَالتَّفْرِيغُ فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّ
الْحُضُورَ الَّذِي كُنَّا نُوجِبُهُ لَوْلَا الْمَشَقَّةُ لَا يَتَأَتَّى
إلَّا بِهَذَا الزَّمَنِ فَلَمَّا أَسْقَطْنَاهُ لِمَعْنًى لَيْسَ
مَوْجُودًا فِي الزَّمَنِ بَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ، نَعَمْ إنْ كَانَ
الْمَبِيعُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَنْ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ مُعِيرًا لِمَحَلِّهِ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ مُعِيرًا لِلْحَيِّزِ أَيْ بَلْ
يَكُونُ الْمُشْتَرِي غَاصِبًا لَهُ وَمَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي
النَّقْلِ وَلَمْ يَقُلْ: لِحَيِّزِي الْخَاصِّ بِي وَأَمَّا إذَا أَذِنَ
لَهُ فِي النَّقْلِ لِحَيِّزِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ إذْنُهُ فِي
النَّقْلِ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْقَبْضِ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَلَا
يَكُونُ الْبَائِعُ مُعِيرًا لَهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى الْمَبِيعِ وَعَلَى
مَكَانِهِ بَاقِيَةٌ وَالْمُشْتَرِي نَائِبٌ عَنْهُ فِي نَقْلِ الْمَبِيعِ
مِنْ مَكَانِهِ إلَى مَكَانِهِ الْآخَرِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فِي حَيِّزٍ يَخْتَصُّ الْبَائِعُ بِهِ) وَمَحَلُّهُ إنْ وُضِعَ
ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ أَوْ الْمُعَارُ فِي ذَلِكَ الْحَيِّزِ بِإِذْنِ
الْبَائِعِ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ فِي قَوْلِي لِمَا لَا يَخْتَصُّ) بِأَنْ
تُفَسَّرَ مَا بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ خَفِيفًا)
تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنَقْلِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ
ثَقِيلًا (قَوْلُهُ وَوَضْعُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ) أَيْ الْخَفِيفَ
وَقَوْلُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي أَيْ بِحَيْثُ يَتَنَاوَلُهُ
بِيَدِهِ وَأَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ إلَى
الْبَائِعِ (قَوْلُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ
وَكَذَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ حَيْثُ سَهُلَ
تَنَاوُلُهُ، فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْ يَكُونَ فِي
مَكَان يُلَاحِظُهُ (قَوْلُهُ قَبْضٌ) أَيْ إقْبَاضٌ فَعَبَّرَ
بِاللَّازِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِقْبَاضِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ
لَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَوْلِي
عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ كَمَا فِي ح ل
وَقَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ أَيْ ضَمَانَ يَدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا
ضَمَانُ الْعَقْدِ فَيَضْمَنُهُ بِهَذَا الْوَضْعِ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ
مُسْتَحَقًّا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ لَمْ يَنْفَسِخْ وَيَسْتَقِرَّ
عَلَيْهِ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) وَكَذَا بِأَمْرِهِ
عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا) أَيْ وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ أَيْ
لَمْ يُطَالَبْ بِبَدَلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ
وَضَمَانُ الْيَدِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ وَضْعِهَا حَقِيقَةً شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَقَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ
وَلَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ
الْإِذْنُ فِي قَبْضِهِ، إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ
فَإِنْ أَقْبَضَهُ الْبَائِعُ بِلَا إذْنِهِ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ
وَالْقَرَارُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ أَوْ
جَاهِلًا لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ وَإِنْ خَصَّ بَعْضُهُمْ ضَمَانَ
الْبَائِعِ بِحَالَةِ الْجَهْلِ لِأَنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي فِي أَصْلِهَا
يَدُ ضَمَانٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْجَهْلُ فِيهَا اهـ بِحُرُوفِهِ، وَإِذْنُ
الشَّرِيكِ شَرْطٌ فِي حِلِّ الْقَبْضِ فِي الْمَنْقُولِ لَا فِي
الْعَقَارِ لِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْمَنْقُولِ حِسِّيَّةٌ وَعَلَى
الْعَقَارِ حُكْمِيَّةٌ ح ل وَقَالَ سم: إذْنُ الشَّرِيكِ شَرْطٌ فِي
صِحَّةِ الْقَبْضِ وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر
أَنَّهُ شَرْطٌ فِي حِلِّ قَبْضِ الْمَنْقُولِ لَا فِي صِحَّتِهِ.
(قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ الْبَاقِي لِلْبَائِعِ
أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ
(قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي غَائِبٍ) أَيْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِقَرِينَةِ مَا
سَيَأْتِي مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ ع ش
(قَوْلُهُ عَنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ) أَيْ مَجْلِسِهِ وَإِنْ كَانَ
بِالْبَلَدِ ع ش (قَوْلُهُ مَعَ إذْنِ الْبَائِعِ فِي الْقَبْضِ) بِأَنْ
يَقُولَ لَهُ: أَذِنْت لَك فِي قَبْضِهِ أَوْ تَسَلُّمِهِ وَانْظُرْ مَا
الْحِكْمَةُ فِي تَنْبِيهِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ فِي بَعْضِ
الصُّوَرِ دُونَ بَعْضٍ مَعَ أَنَّ جَمِيعَ صُوَرِ الْبَابِ عَلَى حَدٍّ
سَوَاءٍ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ
مُضِيُّ زَمَنٍ) وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ
لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا فَمِنْ حِينِ الْإِذْنِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَالتَّفْرِيغُ) فِيهِ تَسَمُّحٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ
الْمُرَادَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَقْدِيرُ
التَّفْرِيغِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَشْغُولًا
بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُشْتَرَطْ تَفْرِيغٌ لَا حَقِيقَةً وَلَا
تَقْدِيرًا، وَإِنْ كَانَ فَارِغًا فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِ التَّفْرِيغِ
مَعَ عَدَمِ تَصَوُّرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِأَمْتِعَةِ غَيْرِ
الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيغِ بِالْفِعْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ
سم وَس ل وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِأَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ لَا يَتَوَجَّهُ
عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا عِنْدَ جَعْلِ التَّفْرِيغِ مَعْطُوفًا
عَلَى الْمُضِيِّ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنْ جُعِلَ
مَعْطُوفًا عَلَى مُضِيِّ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ وَقُيِّدَ
بِكَوْنِهِ مَشْغُولًا بِأَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَلَا إشْكَالَ
فِي كَلَامِهِ وَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ أَيْضًا عِنْدَ جَعْلِهِ
مَنْصُوبًا عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا مَعَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى
لِلشَّارِحِ تَقْدِيمَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِهِ عَلَى قَوْلِهِ
وَالتَّفْرِيغُ لِمَا عَلِمْت آنِفًا أَنَّ التَّفْرِيغَ شَرْطٌ فِي كُلٍّ
مِنْ الْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ جَرْيٌ عَلَى
الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ التَّفْرِيغَ لَا يَكُونُ فِي الْمَنْقُولِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُضُورَ) أَيْ حُضُورَ الْمَبِيعِ إلَى مَجْلِسِ
الْعَقْدِ لِيُقْبَضَ فِيهِ وَقَوْلُهُ فَلَمَّا أَسْقَطْنَاهُ أَيْ
الْحُضُورَ لِمَعْنًى وَهُوَ الْمَشَقَّةُ (قَوْلُهُ فِي الزَّمَنِ) أَيْ
فِي اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ بَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ) وَيَتَرَتَّبُ
عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ
(2/278)
اُشْتُرِطَ نَقْلُهُ أَوْ تَخْلِيَتُهُ
أَيْضًا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ يُمْكِنُ فِيهِ
الْمُضِيُّ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا مَنْقُولًا أَوْ
غَيْرَهُ وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ بِيَدِهِ،
اُعْتُبِرَ فِي قَبْضِهِ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ
أَوَالتَّخْلِيَةُ، وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ الْبَائِعِ إلَّا إنْ
كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا بِيعَ بِلَا تَقْدِيرٍ
بِكَيْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بِيعَ بِتَقْدِيرٍ فَسَيَأْتِي
وَشُرِطَ فِي الْمَقْبُوضِ كَوْنُهُ مَرْئِيًّا لِلْقَابِضِ وَإِلَّا
فَكَالْبَيْعِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْإِمَامِ.
(فُرُوعٌ: لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (اسْتِقْلَالٌ بِقَبْضٍ) لِلْمَبِيعِ
(إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا) وَإِنْ حَلَّ (أَوْ) كَانَ حَالًّا
كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَ (سَلَّمَ الْحَالَّ) لِمُسْتَحِقِّهِ، فَإِنْ
لَمْ يُسَلِّمْهُ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَ
بَعْضَهُ، لَمْ يَسْتَقِلَّ بِقَبْضِهِ فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ لَزِمَهُ
رَدُّهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَسْتَحِقُّ حَبْسَهُ وَلَا يَنْفُذُ
تَصَرُّفُهُ فِيهِ، لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لِيُطَالِبَ بِهِ،
إنْ خَرَجَ مُسْتَحِقًّا وَلِيَسْتَقِرَّ ثَمَنُهُ عَلَيْهِ وَقَوْلِي أَوْ
سَلَّمَ الْحَالَّ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سَلَّمَهُ أَيْ الثَّمَنَ
(وَشُرِطَ فِي قَبْضِ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا مَعَ مَا مَرَّ نَحْوَ ذَرْعٍ)
بِإِعْجَامِ الذَّالِ مِنْ كَيْلٍ وَوَزْنٍ وَعَدٍّ بِأَنْ بِيعَ ذَرْعًا
إنْ كَانَ يُذْرَعُ أَوْ كَيْلًا إنْ كَانَ يُكَالُ أَوْ وَزْنًا إنْ كَانَ
يُوزَنُ أَوْ عَدًّا إنْ كَانَ يُعَدُّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ
مُسْلِمٍ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَبْلَ مُضِيِّ الزَّمَنِ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ بَعْدَهُ
يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَ
نَقْلُهُ أَوْ تَخْلِيَتُهُ) أَيْ مَعَ التَّفْرِيغِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى
أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ النَّقْلِ فَقَطْ بَلْ
لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ النَّقْلِ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يُوجَدَ
النَّقْلُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي حَصَلَ بَعْدَ إمْكَانِ الْوُصُولِ
إلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَمَنٍ بَعْدَ زَمَنِ
إمْكَانِ الْوُصُولِ يُوجَدُ فِيهِ النَّقْلُ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ
الْحَاصِلُ بَعْدَ إمْكَانِ الْوُصُولِ زَمَانَيْنِ أَحَدُهُمَا: يُمْكِنُ
فِيهِ النَّقْلُ، وَالْآخَرُ: يُوجَدُ فِيهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ
ذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ ع ش وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: اُشْتُرِطَ
نَقْلُهُ أَوْ تَخْلِيَتُهُ وَتَفْرِيغُهُ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا
يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْحَاضِرِ
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ
قَبْضُهُ وَقَوْلُهُ أَوْلَى وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ مَا فِي
الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْوُصُولِ كَافٍ ع ش (قَوْلُهُ فَإِنْ
كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ
مِنْ قَوْلِهِ وَقَبْضُ غَيْرِ مَنْقُولٍ وَقَبْضُ مَنْقُولٍ إلَخْ أَيْ
فَمَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ حَاضِرًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ وَلَيْسَ
بِيَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ. اهـ. ح ل وَقَالَ ع ش:
إنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي غَائِبٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ
وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ لَا تَكُونَ
أَمْتِعَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ فِيهِ أَمْتِعَةٌ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ
كَانَ فِيهِ أَمْتِعَةٌ لِغَيْرِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ
يُشْتَرَطُ تَفْرِيغُهَا بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنِ ذَلِكَ
ح ل (قَوْلُهُ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ الْمَنْقُولُ خَفِيفًا كَثَوْبٍ رَافِعًا لَهُ بِيَدِهِ فَلَا
بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ فِيهِ تَنَاوُلُ
ذَلِكَ الثَّوْبِ وَلَا يَكُونُ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ ح ل
(قَوْلُهُ مَرْئِيًّا لِلْقَابِضِ) أَيْ وَقْتَ الْقَبْضِ أَيْضًا كَوَقْتِ
الشِّرَاءِ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْغَائِبَ بِأَنْ يُلَاحِظَ
صِفَاتِهِ الَّتِي رَآهَا قَبْلُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْبَيْعِ) أَيْ
فَإِنْ كَانَ لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِي الْمُدَّةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَ
الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ، صَحَّ الْقَبْضُ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ فُرُوعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ لَهُ اسْتِقْلَالٌ) أَيْ
بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ قَبْضِهِ عَلَى تَسْلِيمِ
الْبَائِعِ وَلَا إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ
فِي دَارِ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الدُّخُولُ
لِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِي الدُّخُولِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ
مِنْ الْفِتْنَةِ وَهَتْكِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِالدُّخُولِ فَإِنْ امْتَنَعَ
صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ تَمْكِينِهِ جَازَ لَهُ الدُّخُولُ لِأَخْذِ حَقِّهِ
لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ بِامْتِنَاعِهِ مِنْ التَّمْكِينِ يَصِيرُ
كَالْغَاصِبِ لِلْمَبِيعِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ
لَزِمَهُ رَدُّهُ) أَيْ عَصَى بِذَلِكَ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ فَلَوْ قَالَ
لَهُ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ: أَذِنْت لَك فِي قَبْضِهِ عَنِّي لَمْ يَصِحَّ
لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ
ذَلِكَ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِيهِ
وَقَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَيْ ضَمَانَ يَدٍ
وَضَمَانَ عَقْدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَيُطَالِبَ بِهِ إنْ
خَرَجَ مُسْتَحَقًّا أَيْ وَتَلِفَ وَلِيَسْتَقِرَّ ثَمَنُهُ عَلَيْهِ أَيْ
إنْ تَلِفَ وَلَمْ يَخْرُجْ مُسْتَحَقًّا، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
ضَمَانُ عَقْدٍ وَمَا قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ ز ي وَس
ل. وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّهُ يَضْمَنُ ضَمَانَ يَدٍ فَقَوْلُ
الشَّارِحِ وَلِيَسْتَقِرَّ ثَمَنُهُ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ وَفِي ع ش عَلَى م ر
أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ يَدٍ فَقَطْ لَا ضَمَانَ عَقْدٍ فَإِذَا تَلِفَ
فِي يَدِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ وَيَلْزَمُهُ
الْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ
(قَوْلُهُ مَعَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ النَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ
وَالتَّخْلِيَةِ وَالتَّفْرِيغِ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فِي
غَيْرِهِ أَيْ فِيمَا بِيعَ مِنْ الْأَرْضِ مُقَدَّرًا بِالذِّرَاعِ. اهـ.
ع ش وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا أَيْ قَوْلِهِ وَشُرِطَ إلَخْ عَلَى
الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ نَحْوَ ذَرْعٍ) وَلَا
بُدَّ مِنْ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَوْ أَذِنَ
لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتَالَ مِنْ الصُّبْرَةِ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ
لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ مِنْ كَيْلٍ
أَوْ وَزْنٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ فَعَلَ بِهِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ قَبْلَ
شِرَائِهِ فَلَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ إلَّا إنْ بَقِيَ فِي الذِّرَاعِ أَوْ
الْمِكْيَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْرِيغِهِ وَإِعَادَتِهِ ح ل
(قَوْلُهُ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا) لَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِ
الْمُدَّعِي بَلْ هُوَ عَامٌّ لِمَا اُشْتُرِيَ جُزَافًا وَلِغَيْرِهِ
وَهُوَ غَيْرُ ضَارٍّ فِي الدَّلِيلِ فَغَيْرُ الْجُزَافِ دَلَّ عَلَيْهِ
مَا ذُكِرَ، وَيَخْرُجُ الْجُزَافُ بِدَلِيلٍ آخَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ
فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَشْتَرِي
الطَّعَامَ إلَخْ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ غَيَّا النَّهْيَ فِيمَا تَقَدَّمَ
بِالنَّقْلِ فَدَلَّ عَلَى تَوَقُّفِ الْمُبْتَاعِ جُزَافًا عَلَى
النَّقْلِ لَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ ع ش
(2/279)
فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» دَلَّ
عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ فِيهِ الْقَبْضُ إلَّا بِالْكَيْلِ، مِثَالُهُ
بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ بِعْتُكهَا
بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَا عَلَى
كَيَّالٍ مَثَلًا فَذَاكَ وَإِلَّا نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا
يَتَوَلَّاهُ فَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جُزَافًا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ،
لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ
(وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِبَكْرٍ (طَعَامٌ) مَثَلًا (مُقَدَّرٌ عَلَى
زَيْدٍ) كَعَشَرَةِ آصُعٍ (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ
لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ (ثُمَّ) يَكْتَلْ (لِعَمْرٍو) ، لِيَكُونَ
الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ صَحِيحَيْنِ (وَيَكْفِي اسْتِدَامَةٌ فِي نَحْوِ
الْمِكْيَالِ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي، (فَلَوْ قَالَ) بَكْرٌ: لِعَمْرٍو
(اقْبِضْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ (مَا لِي عَلَيْهِ لَك، فَفَعَلَ فَسَدَ
الْقَبْضُ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَهُ) لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ
وَالْمُقْبِضِ، وَمَا قَبَضَهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ
رَدُّهُ لِدَافِعِهِ، بَلْ يَكِيلُهُ الْمَقْبُوضُ لَهُ لِلْقَابِضِ،
وَأَمَّا قَبْضُهُ لِبَكْرٍ فَصَحِيحٌ تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ زَيْدٍ
لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ
(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ،
وَهُوَ حَالٌّ (حَبْسُ عِوَضِهِ حَتَّى يَقْبِضَ مُقَابِلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ
صِحَّةَ الْبَيْعِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ لَكِنْ لَيْسَ فِي
الْخَبَرِ أَنَّهُ بَيْعٌ مُقَدَّرٌ بِالْكَيْلِ وَلَعَلَّهُمْ أَخَذُوا
التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ مِنْ الْمَعْنَى أَوْ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ ح ل
(قَوْلُهُ أَمِينًا) أَيْ كَيَّالًا أَوْ وَزَّانًا أَوْ عَدَّادًا فَلَوْ
أَخْطَأَ الْكَيَّالُ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا
لِتَقْصِيرِهِمْ بِخِلَافِ خَطَأِ النُّقَّادِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ،
فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي
م ر لَكِنْ لَا أُجْرَةَ لَهُ أَيْ فِيمَا غَلِطَ فِيهِ فَقَطْ دُونَ
الْبَقِيَّةِ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ بِخِلَافِ
الْكَيَّالِ وَمَا بَعْدَهُ وَأَمَّا الْقَبَّانِيُّ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ
غَيْرُ مُجْتَهِدٍ فَهُوَ مُقَصِّرٌ فَهُوَ كَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ
وَالْعَدَّادِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ
النَّقَّادُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ أَخْطَأَ الْقَبَّانِيُّ فِي الْوَزْنِ
ضَمِنَ كَمَا لَوْ غَلِطَ فِي النَّقْشِ الَّذِي عَلَى الْقَبَّانِ وَلَوْ
أَخْطَأَ نَقَّاشُ الْقَبَّانِ كَأَنْ نَقَشَ مَالَهُ فَبَانَ أَقَلَّ أَوْ
أَكْثَرَ ضَمِنَ أَيْ النَّقَّاشُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُجْتَهِدًا بِخِلَافِ
النَّقَّادِ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيُّ
وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاعْتَمَدَ ع ش عَلَى م ر عَدَمَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ
غَيْرُ مُبَاشِرٍ، وَنَصُّهُ: أَقُولُ فِي تَضْمِينِ النَّقَّاشِ نَظَرٌ
لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ
تَغْرِيرُ الْمُشْتَرِي وَكَتَغْرِيرِهِ إخْبَارُهُ، فَالْحَاصِلُ مِنْهُ
مُجَرَّدُ تَغْرِيرٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ وَيَنْبَغِي أَنَّ
مِثْلَ خَطَأِ الْوَزَّانِ وَالْكَيَّالِ فِي الضَّمَانِ مَا لَوْ أَخْطَأَ
النَّقَّادُ مِنْ نَوْعٍ إلَى نَوْعٍ آخَرَ وَكَانَ الْمُمَيِّزُ
بَيْنَهُمَا عَلَامَةً ظَاهِرَةُ كَالرِّيَالِ وَالْكَلْبِ وَالْجَيِّدِ
وَالْمَقْصُوصِ وَمَا لَوْ كَانَ لَا يَعْرِفُ النَّقْدَ بِالْمَرَّةِ
وَأَخْبَرَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ اهـ بِحُرُوفِهِ
وَقَوْلُهُ أَمِينًا يَتَوَلَّاهُ وَأُجْرَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيعِ
عَلَى الْبَائِعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي بَابِ
التَّوْلِيَةِ، كَأُجْرَةِ إحْضَارِهِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ
وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا أُجْرَةُ
النَّقْلِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ التَّسْلِيمُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي
بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيعِ وَعَلَى الْبَائِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ
كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ نَقْدِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَأُجْرَةَ نَقْدِ
الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ
لِأَنَّ الْقَصْدَ إظْهَارُ عَيْبٍ بِهِ إنْ كَانَ لِيَرُدَّهُ ح ل
(فَرْعٌ)
الدَّلَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ شَرَطَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ
الْعَقْدُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ بِعْتُك بِعَشَرَةٍ مَثَلًا سَالِمًا
فَيَقُولُ اشْتَرَيْت لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ سَالِمًا أَنَّ
الدَّلَالَةَ عَلَيْك فَيَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا ق ل (قَوْلُهُ لَمْ
يَصِحَّ الْقَبْضُ وَيَلْزَمْهُ رَدُّهُ) قَالَ الشَّوْبَرِيُّ فَلَوْ
تَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ صَحَّحَ
الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ لِتَمَامِ الْقَبْضِ وَحُصُولِ الْمَالِ
فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا بَقِيَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ
أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ قَالَ الشَّيْخُ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر إلَى
الْفَرْقِ (قَوْلُهُ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ لِيُطَالَبَ بِهِ إنْ خَرَجَ
مُسْتَحَقًّا وَيَسْتَقِرَّ ثَمَنُهُ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَ فَهُوَ مَضْمُونٌ
ضَمَانَ يَدٍ وَضَمَانَ عَقْدٍ بِاعْتِبَارَيْنِ كَالْمُتَقَدِّمِ فِي
الْفَرْعِ السَّابِقِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ
الشَّارِحَ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الدَّرْسِ فِي ثَلَاثِ
مَوَاضِعَ، هَذَا وَاَلَّذِي فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ وَاَلَّذِي عَقِبَ
قَوْلِهِ فَيَكُونُ مُعِيرًا لَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ مَثَلًا) رَاجِعٌ لِطَعَامٍ وَلِبَكْرٍ لِأَنَّ بَكْرًا لَمْ
يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ حَتَّى يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ
فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ) أَيْ يَطْلُبْ أَنْ يُكَالَ لَهُ لِأَنَّهُ
يَكِيلُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ
الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَ الْكَيْلَ وَإِنْ
أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَيَكْفِي اسْتِدَامَتُهُ فِي الْمِكْيَالِ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى
ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِلْءَ ذَا الْكُوزِ بُرًّا بِكَذَا
وَاسْتَمَرَّ جَازَ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُهُ مَلْآنًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى
كَيْلٍ ثَانٍ. ع ش (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ اقْبِضْ مِنْهُ) بِكَسْرِ
الْبَاءِ فَفِي الْمُخْتَارِ قَبْضُ الشَّيْءِ أَخْذُهُ وَالْقَبْضُ
أَيْضًا عَدَمُ الْبَسْطِ وَبَابُهُ ضَرَبَ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زِدْته
بِقَوْلِي لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ) بَلْ لَا
يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ بَلْ يَكِيلُهُ الْمَقْبُوضُ لَهُ) وَهُوَ بَكْرٌ
لِلْقَابِضِ وَهُوَ عَمْرٌو (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْضُهُ لِبَكْرٍ
فَصَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ عَنْ الْمَدِينِ يَسْتَلْزِمُ
الْقَبْضَ عَنْ الْآذِنِ: وَالْإِذْنُ فِي الْمُسْتَلْزِمِ إذْنٌ فِي
لَازِمِهِ فَصَحَّ فِي اللَّازِمِ وَإِنْ فَسَدَ فِي الْمَلْزُومِ
شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ) هَذَا هُوَ الْفَرْعُ الثَّالِثُ
(قَوْلُهُ وَهُوَ حَالٌّ) سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ
فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(2/280)
إنْ خَافَ فَوْتَهُ) بِهَرَبٍ أَوْ
غَيْرِهِ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ
حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ لِمَا فِي إجْبَارِهِ عَلَى تَسْلِيمِ عِوَضِهِ
قَبْلَ قَبْضِهِ مُقَابِلَهُ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّرَرِ الظَّاهِرِ
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ، (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِي
الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: لَا أُسَلِّمُ
عِوَضِي حَتَّى يُسَلِّمَنِي عِوَضَهُ (أُجْبِرَا) بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ
كُلًّا مِنْهُمَا بِإِحْضَارِ عِوَضِهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى عَدْلٍ، فَإِنْ
فَعَلَ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي يَبْدَأُ
بِأَيِّهِمَا شَاءَ هَذَا (إنْ عَيَّنَ الثَّمَنَ) كَالْمَبِيعِ (وَإِلَّا)
بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، (فَبَائِعٌ) يُجْبَرُ عَلَى الِابْتِدَاءِ
بِالتَّسْلِيمِ لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ (فَإِذَا
سَلَّمَ) بِإِجْبَارٍ أَوْ بِدُونِهِ (أُجْبِرَ مُشْتَرٍ) عَلَى
تَسْلِيمِهِ (إنْ حَضَرَ الثَّمَنُ) مَجْلِسَ الْعَقْدِ (وَإِلَّا فَإِنْ
أَعْسَرَ بِهِ، فَلِلْبَائِعِ فَسْخٌ) بِالْفَلَسِ وَأَخْذُ الْمَبِيعِ
بِشَرْطِ حَجْرِ الْحَاكِمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (أَوْ أَيْسَرَ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي
أَمْوَالِهِ) كُلِّهَا (حَتَّى يُسَلِّمَ) الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ
فِيهَا بِمَا يُبْطِلُ حَقَّ الْبَائِعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَالُهُ
بِمَسَافَةِ قَصْرٍ (فَلِبَائِعٍ فَسْخٌ) وَأَخْذُ الْمَبِيعِ لِتَعَذُّرِ
تَحْصِيلِ الثَّمَنِ كَالْإِفْلَاسِ بِهِ، فَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى
إحْضَارِ الْمَالِ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، (فَإِنْ صَبَرَ) إلَى
إحْضَارِهِ (فَالْحَجْرُ) يُضْرَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي أَمْوَالِهِ
لِمَا مَرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ وَالْمَبِيعُ مُعَيَّنٌ وَكَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا ح ل (قَوْلُهُ إنْ
خَافَ فَوْتَهُ) أَيْ وَيَأْتِي فِيهِمَا مَا يَأْتِي مِنْ إجْبَارِ
الْحَاكِمِ كُلًّا وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَّحِدٌ مَعَ
الْمُقَابِلِ لِأَنَّ مَا هُنَا أَعَمُّ وَالْمُقَابِلُ خَاصٌّ بِمَا إذَا
عُيِّنَ الثَّمَنُ وَلَا يُنَافِي إجْبَارُ الْحَاكِمِ لَهُمَا قَوْلَ
الشَّارِحِ لِمَا فِي إجْبَارِهِ إلَخْ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ الْمُمْتَنِعَ
إجْبَارُهُ عَلَى تَسْلِيمِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ لِمَا فِي إجْبَارِهِ)
أَيْ إجْبَارِ كُلٍّ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَانَعَا وَإِلَّا
فَيُجْبَرَانِ كَمَا عَلِمْت. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي
الِابْتِدَاءِ) مُقَابِلُهُ مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ
لَمْ يَتَنَازَعَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أُجْبِرَا) أَيْ بَعْدَ
لُزُومِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ إجْبَارُهُمَا إنْ عُيِّنَ
الثَّمَنُ كَالْمَبِيعِ وَبَاعَ كُلٌّ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ
أَحَدُهُمَا وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ نَاظِرَ وَقْفٍ أَوْ عَامِلَ
قِرَاضٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى
يَقْبِضَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ أَيْ الْحَالَّ وَلَوْ تَبَايَعَ
نَائِبَانِ عَنْ الْغَيْرِ لَمْ يَتَأَتَّ إجْبَارُهُمَا اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ الثَّمَنُ) وَكَذَا إنْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ
فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ)
أَيْ وَالْمَبِيعُ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ
الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَالْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ
الذِّمَمِ الْوَاقِعِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ
قَبْضٌ فِي الْمَجْلِسِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي إنْ
حَضَرَ الْمَبِيعُ إلَى آخِرِ التَّفْصِيلِ الْآتِي كَمَا قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِرِضَاهُ) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ
مُعَيَّنًا وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي فَرَاجِعْهُ
بِرْمَاوِيٌّ وَز ي (قَوْلُهُ بِإِجْبَارٍ أَوْ بِدُونِهِ) ضَعِيفٌ
بِالنِّسْبَةِ لِلْفَسْخِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ بِالنِّسْبَةِ
لِلْفَسْخِ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ لَهُ
الْفَسْخُ إذَا وَفَّى الْمَبِيعُ بِالثَّمَنِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ
تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ
بِالنِّسْبَةِ لِلْإِجْبَارِ فَقَطْ لَا لِمَا بَعْدَهُ فَلَا تَضْعِيفَ
اهـ شَوْبَرِيٌّ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُهُ فَلِبَائِعٍ فَسْخٌ
لِأَنَّهُ لَا يَفْسَخُ إلَّا إذَا سَلَّمَ بِإِجْبَارٍ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ
مُشْتَرٍ) فَإِنْ أَصَرَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يَثْبُتْ
لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الثَّمَنُ) الْمُرَادُ حُضُورُ عَيْنِهِ إنْ كَانَ
مُعَيَّنًا أَوْ نَوْعِهِ الَّذِي يُقْضَى مِنْهُ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ
فَإِنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُسَمَّى ثَمَنًا إلَّا
مَجَازًا خَطِيبٌ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ) إنَّمَا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ الْعَقْدِ
دُونَ مَجْلِسِ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ
لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَقَعُ لَهُ خُصُومَةٌ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ
أَعْسَرَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ يَفِي بِثَمَنِهِ
وَقَوْلُهُ أَوْ أَيْسَرَ أَيْ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ يَفِي
بِالثَّمَنِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بش (قَوْلُهُ فَلِبَائِعٍ فَسْخٌ) قَالَ
حَجّ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ
شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُرْشِدُ إلَيْهِ إطْلَاقُ
الشَّارِحِ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْسَارِ قَبْلَهُ
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ حَجْرِ الْحَاكِمِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ
فَسْخِ الْبَائِعِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ فَسَخَ قَبْلَ
الْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْفُذْ فَسْخُهُ فَلْيُحَرَّرْ. اط ف
قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا الْحَجْرُ لَيْسَ مِنْ الْغَرِيبِ بَلْ هُوَ
الْحَجْرُ الْمَعْرُوفُ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ بِخِلَافِ
الْحَجْرَيْنِ لِلَّذَيْنِ فِي الْمَتْنِ فَهُمَا مِنْ الْغَرِيبِ إذْ
الْفَرْضُ فِيهِمَا أَنَّهُ مُوسِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ
بِمَسَافَةِ قَصْرٍ) بِأَنْ كَانَ دُونَهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ
لِلْمُشْتَرِي خَمْسَةَ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُحْضِرَ الثَّمَنَ
أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا أَوْ
مُوسِرًا وَالْمُوسِرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالُهُ دُونَ مَسَافَةِ
الْقَصْرِ أَوْ فِيهَا وَإِذَا كَانَ فَإِمَّا أَنْ يَصْبِرَ إلَى
حُضُورِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ عَلَيْهِ
الْحَاكِمُ وَهَذَا يُسَمَّى بِالْحَجْرِ الْغَرِيبِ إذْ يُفَارِقُ حَجْرَ
الْفَلَسِ فِي أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ فِيهِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَلَا
يُتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالِ غَرِيمٍ وَلَا عَلَى فَكِّ الْقَاضِي بَلْ
يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَا عَلَى نَقْصِ
مَالِهِ عَنْ الْوَفَاءِ لِعُذْرِ الْبَائِعِ هُنَا حَيْثُ سَلَّمَ
بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا اُعْتُبِرَ
النَّقْصُ أَيْ نَقْصُ مَالِهِ عَنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْفَلَسِ وَفِي
أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى مَمُونِهِ نَفَقَةَ مُوسِرٍ وَلَا يَتَعَدَّى
لِلْحَادِثِ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ لِإِمْكَانِ
الْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ سَعَةٌ. اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ بِمَا يُبْطِلُ) أَيْ يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ
بِأَنْ كَانَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ) أَيْ مِنْ بَلَدِ الْبَيْعِ
فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ انْتَقَلَ الْبَائِعُ مِنْهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ
فَالْأَوْجَهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّضَرُّرِ
بِالتَّأْخِيرِ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْبَائِعِ، لَا بَلَدِ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ لِئَلَّا يُتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا يُبْطِلُ
حَقَّ الْبَائِعِ
(2/281)
وَمَحَلُّ الْحَجْرِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا
عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، وَإِلَّا فَلَا حَجْرَ أَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ
فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ بِهِ لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ
وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَلَا حَبْسَ لَهُ أَيْضًا. |