التجريد لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج

[بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ]
(بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ) أَيْ بَيَانِ مَا يَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْهَا وَمَا لَا يَدْخُلُ. اهـ. ق ل وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي

(2/289)


وَهِيَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ (وَ) بَيْعِ (الثِّمَارِ، جَمْعُ ثَمَرٍ جَمْعُ ثَمَرَةٍ مَعَ مَا يَأْتِي) ، (يَدْخُلُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ أَوْ سَاحَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ أَوْ عَرْصَةٍ) مُطْلَقًا (لَا فِي رَهْنِهَا مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ وَأُصُولِ بَقْلٍ يُجَزُّ) مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، (أَوْ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) وَلَوْ بَقِيَتْ أُصُولُهُ دُونَ سَنَتَيْنِ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فَالْأَوَّلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهَا أَيْ اللُّغَوِيِّ وَإِلَّا فَمَا تَنَاوَلَتْهُ يُقَالُ: إنَّهُ مُسَمَّاهَا عُرْفًا اهـ ح ل أَيْ وَشَرْعًا (قَوْلُهُ وَهِيَ الشَّجَرُ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِلْأُصُولِ هُنَا وَإِلَّا فَهِيَ جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ لُغَةً مَا بُنِيَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ع ش وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف قَوْلُهُ وَهِيَ الشَّجَرُ اُعْتُرِضَ حَصْرُ الْأُصُولِ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَالدَّارِ فَإِنَّهَا أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا وَكَذَا الدَّابَّةُ فَإِنَّهَا أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَعْلِهَا وَكَذَلِكَ الْبُسْتَانُ وَالْقَرْيَةُ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ لِأَنَّ كَوْنَهُمَا أَصْلَيْنِ لِغَيْرِهِمَا أَشْهَرُ فِي الْعُرْفِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْأَرْضَ شَامِلَةٌ لِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّهَا تَارَةً يُعَبَّرُ عَنْهَا بِلَفْظِ الْأَرْضِ وَتَارَةً بِلَفْظِ الدَّارِ وَتَارَةً بِلَفْظِ الْقَرْيَةِ وَتَارَةً بِلَفْظِ الْبُسْتَانِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا الدَّابَّةُ تَنْضَمُّ مَعَ الشَّجَرِ لِلْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَتَكُونُ الْأُصُولُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا سِتَّةً فَالْمُرَادُ بِالْأُصُولِ الْأُمُورُ الَّتِي تَسْتَتْبِعُ شَرْعًا غَيْرَ مُسَمَّاهَا لُغَةً كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ جَمْعُ ثَمَرَةٍ) أَيْ جَمْعٌ مَعْنًى وَإِلَّا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ لَهَا وَجَمْعُهَا الْحَقِيقِيُّ ثَمَرَاتٌ وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّمَرُ بِفَتْحَتَيْنِ يُجْمَعُ عَلَى ثِمَارٍ مِثْلَ جَبَلٍ وَجِبَالٍ ثُمَّ يُجْمَعُ الثِّمَارُ عَلَى ثَمَرٍ مِثْلَ كِتَابٍ وَكُتُبٍ ثُمَّ يُجْمَعُ ثَمَرٌ عَلَى أَثْمَارٍ مِثْلَ عُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ
(قَوْلُهُ مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إلَخْ
وَقَوْلُهُ وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ بِالْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ إلَى آخِرِ الْبَابِ فَقَدْ تَرْجَمَ لِشَيْءٍ وَزَادَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي نَحْوِ بَيْعِ أَرْضٍ مِمَّا يَنْقُلُ الْمِلْكَ لَا فِي نَحْوِ رَهْنِهَا مِمَّا لَا يَنْقُلُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ مَثَلًا لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْكِيلِ مَا يَدْخُلُ فِيهَا لَوْ بَاعَهَا الْمُوَكِّلُ م ر، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: فَلَوْ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا وَبَاعَ الْعَرْصَةَ دَخَلَ فِيهَا مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا لَوْ بَاعَهَا الْمُوَكِّلُ. اهـ. سم.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر يَدْخُلُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَى مَا فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَلْ أَوْلَى فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَلَى الْمُولَى عَلَيْهِ شَرْعًا فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ (قَوْلُهُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ إلَخْ) هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ ح ل وَع ش (قَوْلُهُ أَوْ سَاحَةٍ) هِيَ فِي اللُّغَةِ الْفَضَاءُ الَّذِي لَا بِنَاءَ فِيهِ وَقَالَ م ر الْفَضَاءُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ وَالْبُقْعَةُ هِيَ الَّتِي خَالَفْت غَيْرَهَا انْخِفَاضًا أَوْ ارْتِفَاعًا وَالْعَرْصَةُ هِيَ الْفَضَاءُ الَّتِي بَيْنَ الدُّورِ اهـ مُخْتَارٌ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا الْعَرْصَةَ وَالسَّاحَةَ فِي مَعْنَاهُمَا اللُّغَوِيِّ بَلْ أَشَارُوا إلَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْأَرْبَعَةَ عُرْفًا بِمَعْنًى وَهُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا بَيْنَ الدُّورِ ع ش وَقَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ مَعْنَاهَا وَاحِدًا فَلِمَ جَمَعُوا بَيْنَهَا وَقَالَ: فِي الْمِصْبَاحِ الْبُقْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ الْقِطْعَةُ مِنْهَا بِضَمِّ الْبَاءِ فِي الْأَكْثَرِ وَتُجْمَعُ عَلَى بُقَعٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَبِفَتْحِهَا فَتُجْمَعُ عَلَى بِقَاعٍ كَكُلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَقَالَ: فِيهِ أَيْضًا سَاحَةُ الدَّارِ الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ أَمَامَهَا وَالْجَمْعُ سَاحَاتٌ وَقَالَ: فِيهِ أَيْضًا عَرْصَةُ الدَّارِ سَاحَتُهَا وَهِيَ الْبُقْعَةُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ وَالْجَمْعُ عِرَاصٌ مِثْلَ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَعَرَصَاتٌ مِثْلَ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ انْتَهَى، وَعَطْفُ السَّاحَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بَيْعًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ وَقِيلَ: مُطْلَقًا عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَإِنْ قُيِّدَ بِنَفْيٍ لَمْ يَدْخُلْ لَا فِي الْبَيْعِ وَلَا فِي الرَّهْنِ أَوْ بِإِثْبَاتٍ دَخَلَتْ فِيهِمَا بِالنَّصِّ لَا بِالتَّبَعِ وَلَوْ قَالَ: بِمَا فِيهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَطْعًا حَتَّى فِي نَحْوِ الرَّهْنِ أَوْ دُونَ حُقُوقِهَا أَوْ مَا فِيهَا لَمْ يَدْخُلْ قَطْعًا
(قَوْلُهُ وَأُصُولِ بَقْلٍ) الْبَقْلُ خَضْرَاوَاتُ الْأَرْضِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، وَالْإِضَافَةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُجَزُّ بِمَعْنَى اللَّامِ فَالْأُصُولُ بِمَعْنَى الْجُذُورِ وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بَيَانِيَّةٌ فَالْأُصُولُ هِيَ الْبَقْلُ نَفْسُهُ كَلُبَابِ الْبِطِّيخِ وَالْخِيَارِ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْبَقْلُ كُلُّ نَبَاتٍ اخْضَرَّتْ بِهِ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ أَوْ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ) أَيْ أَوْ أَغْصَانُهُ ق ل (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقَى سَنَتَيْنِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِيهَا إلَّا دُونَ سَنَةٍ بِحَيْثُ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَتَعْبِيرُهُ

(2/290)


(كَقَتٍّ) بِمُثَنَّاةٍ وَهُوَ عَلَفُ الْبَهَائِمِ وَيُسَمَّى بِالْقِرْطِ وَالرَّطْبَةِ وَالْفِصْفِصَةِ بِكَسْرِ الْفَاءَيْنِ وَبِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْقَضْبُ بِمُعْجَمَةٍ وَقِيلَ: بِمُهْمَلَةٍ وَنَعْنَاعٍ (و) الثَّانِي (نَحْوَ بَنَفْسَجٍ) وَنَرْجِسِ وَقِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فِي الْأَرْضِ فَتَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ، بِخِلَافِ رَهْنِهَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَيَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ مِنْ نَحْوِ هِبَةٍ وَوَقْفٍ كَالْبَيْعِ، وَأَنَّ مَا لَا يَنْقُلُهُ مِنْ نَحْوِ إقْرَارٍ وَعَارِيَّةٍ كَالرَّهْنِ وَمِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ تَقْيِيدُ الشَّجَرِ بِالرُّطَبِ، فَيَخْرُجُ الْيَابِسُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا تَتَنَاوَلُ غُصْنًا يَابِسًا وَعَلَى دُخُولِ أُصُولِ الْبَقْلِ فِي الْبَيْعِ فَكُلٌّ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْجِزَّةِ الظَّاهِرَتَيْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ، فَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا لِأَنَّهَا تَزِيدُ، وَيَشْتَبِهُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَالضَّابِطُ مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ كَقَتٍّ) أَيْ وَكَقَصَبٍ فَارِسِيٍّ وَسِلْقٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَمِنْهُ نَوْعٌ لَا يُجَزُّ سِوَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ فَلَا يَدْخُلُ وَكَالنِّيلَةِ وَالْحِنَّاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَفُ الْبَهَائِمِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْبِرْسِيمِ ق ل. وَهَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَفِي الْمِصْبَاحِ الْقَتُّ الْفِصْفِصَةُ إذَا يَبِسَتْ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى بِالْقِرْطِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْبِرْسِيمَ (قَوْلُهُ وَالْقَضْبِ) بِمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ وَكُلُّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مَا عَدَا النَّعْنَاعَ، اسْمٌ لِلْقَتِّ فَتَكُونُ مَعْطُوفَةً عَلَى قَوْلِهِ بِالْقِرْطِ
وَقَوْلُهُ وَنَعْنَاعٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَقَتٍّ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ بِمُهْمَلَةٍ) أَيْ مَفْتُوحَةٍ (قَوْلُهُ وَنَعْنَاعٍ) فِي الْمُخْتَارِ النَّعْنَاعُ وَالنُّعْنُعُ كَجَعْفَرٍ وَهُدْهُدٍ: بَقْلَةٌ وَفِي الْقَامُوسِ إنَّ النُّعْنُعَ كَجَعْفَرٍ وَهْمٌ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبَنَفْسَجٍ) بِوَزْنِ سَفَرْجَلٍ ع ش وَهُوَ شَيْءٌ أَزْرَقُ كَالْيَاسَمِينِ (قَوْلُهُ وَنَرْجِسِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفِي النُّونِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَهِيَ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَعْلَلٌّ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَهُوَ زَهْرٌ أَصْفَرُ وَحَوَالَيْهِ وَرَقٌ أَبْيَضُ ذَكِيُّ الرَّائِحَةِ (قَوْلُهُ وَقِثَّاءٍ) فِي الْمِصْبَاحِ الْقِثَّاءُ فُعَالٌ وَهَمْزَتُهُ أَصْلٌ وَكَسْرُ الْقَافِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَهُوَ اسْمٌ لِمَا تُسَمِّيهِ النَّاسُ بِالْخِيَارِ وَالْعَجُّورِ وَالْفَقُّوسِ الْوَاحِدَةُ قِثَّاءَةٌ وَأَرْضٌ مَقْثَأَةٌ وَذَاتُ قِثَّاءٍ وَبَعْضُ النَّاسِ يُطْلِقُ الْقِثَّاءَ عَلَى نَوْعٍ يُشْبِهُ الْخِيَارَ وَهُوَ مُطْلَقٌ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِي الرِّبَا وَفِي الْقِثَّاءِ مَعَ الْخِيَارِ وَجْهَانِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ لَا يَحْنَثُ بِالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَبِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ فَاكِهَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَفِي لُغَةٍ لِأَهْلِ الْحِجَازِ تَقْدِيمُ الطَّاءِ عَلَى الْبَاءِ وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُ الْأَوَّلَ وَهُوَ غَلَطٌ لِفَقْدِ فِعْلِيلٍ بِالْفَتْحِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ دُخُولِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ
وَقَوْلُهُ وَالدَّوَامِ الدَّوَامُ فِي كُلِّ شَيْءٍ طُولُ بَقَائِهِ عَادَةً وَلَوْ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ لَا يُقَالُ: مَا مَعْنَى الدَّوَامِ مَعَ أَنَّ مُدَّتَهَا قَلِيلَةٌ وَإِنْ أُخِذَتْ مُرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهِ أَخْذُ مَا ظَهَرَ مَعَ بَقَاءِ أُصُولِهِ أَشْبَهَ مَا قُصِدَ مِنْهُ الدَّوَامُ وَلَا كَذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَعَطْفُ الدَّوَامِ عَلَى الثَّبَاتِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ فَيَسْتَتْبِعُ) أَيْ يَطْلُبُ أَنْ يَتْبَعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ إلَخْ اُنْظُرْ جُعْلَ الْجَعَالَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ، لِأَنَّ فِيهِ نَقْلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ دُخُولُهُ فِي الْوَصِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا فِي الْحَالِ ع ش
(قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ هِبَةٍ) كَوَصِيَّةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَصَدَاقٍ وَصُلْحٍ وَأُجْرَةٍ أَيْ بِأَنَّ جُعَلَ الْأَرْضِ أُجْرَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا مَا يَأْتِي كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ إقْرَارٍ) كَالْإِجَارَةِ فَالْمُرَادُ بِمَا لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ مَا لَيْسَ فِيهِ نَقْلُ مِلْكِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ وَعَدَمُ دُخُولِ غَيْرِ الْأَرْضِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ. ق ل (قَوْلُهُ وَمِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْ السَّابِقِ وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ قِيَاسُ إلَخْ) بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ دُخُولَ الْغُصْنِ فِي اسْمِ الشَّجَرَةِ أَقْرَبُ مِنْ دُخُولِ الشَّجَرَةِ فِي اسْمِ الْأَرْضِ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ اسْمِ نَحْوِ الْأَرْضِ لِلشَّجَرِ الْيَابِسِ بِمَا يَأْتِي مِنْ تَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أُثْبِتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَتَدَ وَنَحْوَهُ إنَّمَا دَخَلَ فِي اسْمِ الدَّارِ لِأَنَّهُ أُثْبِتَ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ فَصَارَ كَجُزْئِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرِ الْيَابِسِ وَمِنْهُ أُخِذَ أَنَّهُ لَوْ عُرِّشَ عَلَى الشَّجَرِ الْيَابِسِ دَخَلَ فِي مُسَمَّى نَحْوِ الْأَرْضِ لِصَيْرُورَتِهِ كَالْجُزْءِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ قَصْدَ التَّعْرِيشِ كَافٍ فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَرْبِطًا لِلدَّوَابِّ كَالْوَتَدِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى دُخُولِ أُصُولِ الْبَقْلِ) أَيْ وَإِذَا جَرَيْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِ إلَخْ وَهَذَا إمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي مُقَابِلُهُ عَدَمُ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ هُنَا أَوْ يُقَالُ: وَعَلَى دُخُولِ النَّوْعِ الَّذِي يَدْخُلُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ سَرَتْ لَهُ مِنْ شَيْخِهِ الْمَحَلِّيِّ الَّذِي نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْ الثَّمَرَةِ) كَالْخِيَارِ وَالْقِثَّاءِ وَقَوْلُهُ وَالْجِزَّةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَقَوْلُهُ لِلْبَائِعِ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أُصُولِ شَرْحُ م ر وَلَوْ قَالَ: وَخَرَجَ بِأُصُولِ الثَّمَرَةِ لَكَانَ أَوْلَى عَنَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِع عَلَى نَفْسِهِ وَيُوَافِقُهُ الْمُشْتَرِي وَقَالَ:

(2/291)


سَوَاءٌ أَبَلَغَ مَا ظَهَرَ أَوَانَ الْجَزِّ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: إلَّا الْقَصَبُ أَيْ الْفَارِسِيُّ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ظَهَرَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَلِلسُّبْكِيِّ فِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْته مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَقَوْلِي أَوْ عَرْصَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَبُرٍّ وَجَزَرٍ وَفُجْلٍ لَا يَدْخُلُ فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ، فَهُوَ كَالْمَنْقُولَاتِ فِي الدَّارِ

(وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ فِي بَيْعِ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ لَا يَدْخُلُ) فِيهَا (إنْ جَهِلَهُ وَتَضَرَّرَ) بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ع ش فَيَشْتَرِطُ أَيْ الْمُبْتَدِئُ مِنْهُمَا أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ الْمُشْتَرِيَ فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعَ فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَيْ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ قَطْعُهَا الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْجِزَّةِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَبَلَغَ مَا ظَهَرَ أَوَانَ الْجَزِّ أَمْ لَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَقَالَ: فَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ قَطْعُ الْجِزَّةِ انْتَهَى وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ تَلَاحُقُهَا وَاخْتِلَاطُ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لَكِنَّ فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِ شَرْطُ قَطْعِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغَا أَوَانَ الْجَزِّ وَالْقَطْعِ لِئَلَّا يَزِيدَ فَيَشْتَبِهُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ
وَقَوْلُهُ فَيَشْتَبِهُ الْمَبِيعُ أَيْ فَلَوْ أُخِّرَ الْقَطْعُ وَحَصَلَ الِاشْتِبَاهُ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِلَّا صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَيْهِ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ م ر وَمَا قَبْلَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَبَلَغَ) تَعْمِيمٌ فِي مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَيُكَلَّفُ قَطْعَهُ سَوَاءٌ أَبَلَغَ إلَخْ
وَقَوْلُهُ إلَّا الْقَصَبُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ، وَهُوَ تَكْلِيفُ الْقَطْعِ لَا مَنْ شُرِطَ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْفَارِسِيُّ) أَتَى بِأَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ لَيْسَ فِي كَلَامِ التَّتِمَّةِ وَمَا فِي التَّتِمَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. ط ف
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ إلَّا الْقَصَبُ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ لُزُومِ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ شَرْطِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ وَالْمُرَادُ بِالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ الْبُوصُ الْمَعْرُوفُ فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ سَهْوٌ، وَلَعَلَّ الْقَصَبَ الْمَأْكُولُ وَهُوَ الْحُلْوُ مِثْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَجَرَ الْخِلَافِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ) أَيْ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ قَطْعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ تَكْلِيفُهُ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: مَا فَائِدَةُ الشَّرْطِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَائِدَتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَلَا بُعْدَ فِي وُجُوبِ تَأْخِيرِ الْقَطْعِ حَالًا لِمَعْنًى بَلْ قَدْ عُهِدَ تَخَلُّفُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ لِمَالِكِ الشَّجَرَةِ وَشَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ فَلَا يُكَلَّفُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كَلَامَ التَّتِمَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي تَكْلِيفِ الْقَطْعِ لَا فِي عَدَمِ شَرْطِ الْقَطْعِ، فَالِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا هُوَ مِنْ تَكْلِيفِ الْقَطْعِ لَا مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ ز ي وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَلْيُشْتَرَطْ عَلَيْهِ قَطْعُهَا مُطْلَقًا وَيُكَلَّفُ قَطْعَهَا إلَّا الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ (قَوْلُهُ يُنْتَفَعُ بِهِ) وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ أَيَّ شَيْءٍ نَبَتَ مِنْهُ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَيَكُونُ مِثْلَ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْهُ كَالتَّسْقِيفِ بِهِ وَجَعْلِهِ دَوَاةً لِلدُّخَانِ أَوْ أَقْلَامًا يُكْتَبُ بِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ذَكَرْته مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَيُجَابُ عَنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اسْتَثْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ انْتَهَى، أَيْ فَإِنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ مِنْ نَحْوِ النَّعْنَاعِ وَالْكَرَفْسِ وَالْكُرَّاثِ وَالسِّلْقِ يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ، بِخِلَافِ الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَّ غَيْرَ الْفَارِسِيِّ مِنْ جِزَّةِ الْبِرْسِيمِ مَثَلًا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلْأَكْلِ مَثَلًا، وَأَمَّا الْقَصَبُ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَدْرٌ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ لِأَنَّهُ مُرٌّ وَأَمَّا قَصَبُ السُّكَّرِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُقْطَعُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرَةِ مِنْ كَوْنِهَا يُنْتَفَعُ بِهَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَوَانِ الْقَطْعِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُكَلَّفُ قَطْعَهَا مِنْ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ ح ل
(قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَأُصُولِ بَقْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَجَزَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِ الزَّايِ
وَقَوْلُهُ وَفُجْلٍ بِضَمِّ الْفَاءِ بِوَزْنِ قُفْلٍ قَامُوسٌ

(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ) أَيْ فَوْرًا فِي بَيْعِ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ أَيْ رَآهَا قَبْلَهُ أَوْ مِنْ خِلَالِهِ م ر (قَوْلُهُ إنْ جَهِلَهُ) وَصُورَتُهُ أَنْ تُرَى الْأَرْضُ مِنْ خِلَالِ

(2/292)


لِتَأْخِيرِ انْتِفَاعِهِ بِالْأَرْضِ فَإِنْ عَلِمَهُ أَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَأَنْ تَرَكَهُ الْبَائِعُ لَهُ، وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ أَوْ قَالَ: أَفْرِغْ الْأَرْضَ وَقَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ، لِانْتِفَاءِ ضَرَرِهِ. وَقَوْلِي وَتَضَرَّرَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِلَا يَدْخُلُ مِنْ زِيَادَتِي

(وَصَحَّ قَبْضُهَا مَشْغُولَةً) بِالزَّرْعِ فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالتَّخْلِيَةِ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْأَمْتِعَةِ الْمَشْحُونَةِ بِهَا الدَّارُ الْمَبِيعَةُ حَيْثُ يُمْنَعُ قَبْضُهَا بِأَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ مُتَأَتٍّ فِي الْحَلَالِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ (وَلَا أُجْرَةَ) لَهُ (مُدَّةَ بَقَائِهِ) أَيْ الزَّرْعِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ابْتَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ التَّفْرِيغِ وَيَبْقَى ذَلِكَ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْقَلْعِ، نَعَمْ إنْ شُرِطَ الْقَلْعُ فَأَخَّرَ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لِتَرْكِهِ الْوَفَاءَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الزَّرْعِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ظَانًّا أَنَّهُ حَصَدَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ رَآهَا قَبْلَهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لِتَأْخِيرِ انْتِفَاعِهِ) بِهَذَا يُفَارِقُ مَا لَوْ جَهِلَ مَا يَدْخُلُ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ وَإِنْ قَالَ: بِحُقُوقِهَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَهُ) إلَى قَوْلِهِ فَلَا خِيَارَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ لِلْمَالِكِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إذَا بَانَ الزَّرْعُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَلَوْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْخِيَارُ اهـ (قَوْلُهُ كَأَنْ تَرَكَهُ) وَلَا يَمْلِكُ إلَّا بِالتَّمْلِيكِ فَإِنْ رَجَعَ عَادَ خِيَارُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ) مَعْنَى كَوْنِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا خِيَارَ لَهُ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَتَرْكُهُ إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ إلَّا إنْ وَقَعَ بِصِيغَةِ تَمْلِيكٍ وَأَمْكَنَ، وَإِذَا عَادَ فِيهِ عَادَ الْخِيَارُ ق ل وَقَالَ ع ش وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ قَبْضُهَا مَشْغُولَةً) أَيْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ النَّاقِلُ لِلضَّمَانِ فَكَانَ عَلَيْهِ فِي التَّفْرِيعِ أَنْ يَقُولَ: فَيَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهَا وَأَمَّا تَفْرِيغُهُ لِنَقْلِ الضَّمَانِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ حَيْثُ يُمْنَعُ) أَيْ الشَّحْنُ (قَوْلُهُ مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَانَ الزَّرْعُ قَلِيلًا وَالْأَمْتِعَةُ كَثِيرَةً ق ل وَع ش (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ) لَا يَتَأَتَّى تَفْرِيغُهَا مِنْ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ ح ل أَيْ فَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ قَلِيلًا جِدًّا وَكَانَتْ الدَّارُ مَمْلُوءَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا فِي الْحَالِ، كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ) وَكَذَا مُدَّةُ التَّفْرِيغِ أَيْضًا خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ مُدَّةَ التَّفْرِيغِ أَيْ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَكَذَا أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّفْرِيغِ بَعْدَ قَبْضٍ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا بَعْدَهُ قَالَ سم نَقْلًا عَنْ النَّاشِرِيِّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يُتَخَيَّلُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا تَضَرَّرَ أَمْ لَا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَيَزُولُ ضَرَرُهُ بِالْخِيَارِ، وَفِي الْحِجَارَةِ لَا خِيَارَ لَهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا سَيَأْتِي ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا جَهِلَ الزَّرْعَ قَالَ الشَّيْخُ وَأَقُولُ بَلْ يُقَالُ: مُطْلَقًا إنَّهُ يَتَأَتَّى فِي الْجَهْلِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِالزَّرْعِ فَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِهِ شَوْبَرِيٌّ بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ إمَّا بِإِعَارَةٍ مِنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِغَصْبٍ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْأُجْرَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ قَالَهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَبِهِمَا قُرِئَ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَيْ أَوَّلِ زَمَنِ إمْكَانِ الْحَصَادِ الْمُعْتَادِ فِي مِثْلِهِ وَلَا نَظَرَ بَعْدَ دُخُولِ أَوَّلِ إمْكَانِهِ إلَى زِيَادَةِ ثَمَنِهِ بِبَقَائِهِ بَعْدَهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ ذَلِكَ، لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ اُعْتِيدَ أَخْذُهُ رُطَبًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ إبْقَاؤُهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْقَلْعِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ الْقَلْعِ) كَأَنْ يَكُونَ جَزَرًا أَوْ فُجْلًا أَوْ بَصَلًا قَالَ م ر وَعِنْدَ قَلْعِهِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَقَطْعُ مَا ضَرَّ بِهَا كَعُرُوقِ الذُّرَةِ شَرْحٌ م ر
وَقَوْلُهُ مَا ضَرَّ بِهَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مَا ضَرَّهَا أَوْ مَا أَضَرَّ بِهَا لِأَنَّ الْفِعْلَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ إنْ كَانَ مُجَرَّدًا تَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَوْ مَزِيدًا فِيهِ الْهَمْزَةُ تَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَإِنَّمَا ذَكَرْته لِيُحْذَرَ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ شُرِطَ) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ اط ف (قَوْلُهُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ ع ش وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ بَيْنَ أَنْ يُطَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالْقَلْعِ الْوَاجِبِ فَيَمْتَنِعَ، وَأَنْ لَا وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي الشَّجَرَةِ أَوْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ الْمَشْرُوطِ قَطْعُهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ إلَّا إنْ طُولِبَ بِالْمَشْرُوطِ فَامْتَنَعَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَخَّرَ ثَمَّ عَيْنُ الْمَبِيعِ وَهُنَا عَيْنٌ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ، وَالْمَبِيعُ يُتَسَامَحُ فِيهِ كَثِيرًا بِمَا لَا يُتَسَامَحُ فِي غَيْرِهِ لِمَصْلَحَةِ بَقَاءِ الْعَقْدِ بَلْ وَلِغَيْرِهَا أَلَا تَرَى

(2/293)


وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِمَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ

(وَبَذْرٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (كَنَابِتِهِ) فَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بَذْرُ مَا يَدْخُلُ فِيهَا دُونَ بَذْرِ مَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا، وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَهُ وَتَضَرَّرَ، وَصَحَّ قَبْضُهَا مَشْغُولَةً بِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ

(وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِبَيْعٍ) كَبُرٍّ لَمْ يُرَ كَأَنْ يَكُونَ فِي سُنْبُلِهِ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ) لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ، وَتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ نَعَمْ إنْ دَخَلَ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ كَانَ دَائِمَ النَّبَاتِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَكَانَ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ فَرَضُوهُ فِي الْبَذْرِ وَاسْتُشْكِلَ فِيمَا إذَا لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ مَعَ حَمْلِهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْحَمْلِ

(وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (حِجَارَةٌ ثَابِتَةٌ فِيهَا) مَخْلُوقَةً كَانَتْ أَوْ مَبْنِيَّةً لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا، وَقَوْلِي ثَابِتَةٌ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَخْلُوقَةً (لَا مَدْفُونَةٌ) فِيهَا كَالْكُنُوزِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهَا كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا أَمْتِعَةٌ، (وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَضَرَّ قَلْعُهَا وَلَمْ يَتْرُكْهَا لَهُ بَائِعٌ) ضَرَّ تَرْكُهَا؟ أَوْ لَا، (أَوْ) تَرَكَهَا لَهُ وَ (ضَرَّ تَرْكُهَا) لِوُجُودِ الضَّرَرِ وَقَوْلِي وَلَمْ يَتْرُكْهَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ أَوْ جَهِلَهُ وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْبَائِعِ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا أُجْرَةَ فِيهِ وَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ قَبْضُهُ فَامْتَنَعَ تَعَدِّيًا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ اهـ ابْنُ حَجَرٍ.
اط ف (قَوْلُهُ وَبِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إلَخْ لِأَنَّ صِحَّةَ الْقَبْضِ تَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عُلِمَ مِنْهُ وَمِمَّا قَبْلَهُ وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْلَى اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَشْغُولَةً بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالزَّرْعِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ

(قَوْلُهُ وَبَذْرٌ كَنَابِتِهِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْبَابِ، وَبَذْرٌ مُبْتَدَأٌ وَالْمُسَوِّغُ لِلِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ الْعُمُومُ وَقَوْلُهُ لَا يُفْرَدُ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَهَلَّا قَالَ: لَا يُفْرَدَانِ لِأَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] وَإِنَّمَا الَّتِي يُفْرَدُ الضَّمِيرُ بَعْدَهَا هِيَ الَّتِي لِلشَّكِّ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم نَقْلًا عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ أَوْ الَّتِي يُفْرَدُ الضَّمِيرُ بَعْدَهَا هِيَ الَّتِي لِلشَّكِّ وَنَحْوِهِ دُونَ الَّتِي لِلتَّنْوِيعِ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا) كَبَذْرِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ جَزَرٍ أَوْ فُجْلٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يُفْرَدُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا يُفْرَدُ كَالشَّعِيرِ وَالزَّرْعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ هُوَ الْمَسْتُورُ بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ كَالسُّنْبُلِ وَالْبَذْرِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ أَيْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ ز ي وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَبُرٍّ) مِثَالٌ لِلزَّرْعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ وَمِثَالُ الْبَذْرِ الَّذِي يُفْرَدُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَتَيَسَّرَ أَخْذُهُ، وَالزَّرْعُ الَّذِي يُفْرَدُ كَالْقَصِيلِ الَّذِي لَمْ يُسَنْبِلْ أَوْ سَنْبَلَ وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالذُّرَةِ أَيْ الصَّيْفِيِّ وَالشَّعِيرِ. اهـ. س ل قَالَ ع ش الْقَصِيلُ اسْمٌ لِلزَّرْعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ بِالْقَافِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَخَلَ) أَيْ بِالْبَذْرِ أَوْ الزَّرْعِ وَدُخُولُ الْبَذْرِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا دُخُولُ الزَّرْعِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَاَلَّذِي يَدْخُلُ إنَّمَا هُوَ أُصُولُهُ كَمَا مَرَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالزَّرْعِ هُنَا أَيْ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ دَخَلَ إلَخْ أُصُولُهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ دَائِمَ النَّبَاتِ) هُوَ بِالنُّونِ لَا بِالثَّاءِ كَنَوَى النَّخْلِ وَهُوَ أَقْعَدُ بِرْمَاوِيٌّ وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَهَذَا لَا يُقَالُ: لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالصَّوَابُ قِرَاءَتُهُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ) فَرْضُهُ فِي دُخُولِ الْبَذْرِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ لَمْ يَرَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يُغْتَفَرُ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ فِيهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا؟ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَبِيعًا بِكَوْنِهِ تَابِعًا، فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الْبَذْرِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا جَرَيَانُهُ فِي الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ رُؤْيَتُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا دَخَلَ تَبَعًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ رُؤْيَةَ الْبَذْرِ قَدْ تَتَعَذَّرُ لِاخْتِلَاطِهِ بِالطِّينِ وَتَغَيُّرِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ ع ش (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُتَحَقِّقَ الْوُجُودِ كَأَنْ أَخْبَرَ بِهِ مَعْصُومٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا الْحِجَارَةُ) أَيْ فَلَيْسَتْ عَيْبًا إلَّا فِي أَرْضٍ تُقْصَدُ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا تَضُرُّهُ الْحِجَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ حِجَارَةٌ ثَابِتَةٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا) ثُمَّ إنْ قُصِدَتْ الْأَرْضُ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ كَانَتْ عَيْبًا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِهِ. اهـ. م ر وَمِنْ قَوْلِهِ كَانَتْ عَيْبًا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي حِجَارَةٍ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ مَا لَوْ قُصِدَتْ لِبِنَاءٍ وَأَضَرَّتْ بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لَا مَدْفُونَةٌ فِيهَا) وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: بَعْدَ قَلْعِ الْمُشْتَرِي الْحِجَارَةَ كَانَتْ مَدْفُونَةً بِهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَتْ مُثْبَتَةً صُدِّقَ الْبَائِعُ كَمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنَّ الْبَيْعَ كَانَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبْلَهُ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَالْكُنُوزِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا أَمْتِعَةٌ تَنْظِيرٌ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ جَهِلَ الْحَالَ) حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْحَالَ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضُرَّ الْقَلْعُ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتْرُكَ الْبَائِعَ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَضُرَّ التَّرْكُ أَوْ لَا فَذَكَرَ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ قُيُودٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا فِي الشَّرْحِ وَذَكَرَ الْبَاقِيَ لِعَدَمِ

(2/294)


أَوْ تَرَكَهَا لَهُ الْبَائِعُ وَلَمْ يَضُرَّ تَرْكُهَا (فَلَا) خِيَارَ لَهُ لِعِلْمِهِ بِالْحَالِ فِي الْأُولَى، وَانْتِفَاءِ الضَّرَرِ فِي الْبَاقِي نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِهَا وَجَهِلَ ضَرَرَ قَلْعِهَا أَوْ ضَرَرَ تَرْكِهَا وَكَانَ لَا يَزُولُ بِالْقَلْعِ، فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالْمُتَوَلِّي فِي الثَّانِيَة
(وَعَلَى بَائِعٍ) حِينَئِذٍ (تَفْرِيغٌ) لِلْأَرْضِ مِنْ الْحِجَارَةِ بِأَنْ يَقْلَعَهَا وَيَنْقُلَهَا مِنْهَا (وَتَسْوِيَةٌ) لِلْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: بِأَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ الْمُزَالَ بِالْقَلْعِ مِنْ فَوْقِ الْحِجَارَةِ مَكَانَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسَوَّ، وَذِكْرُ التَّسْوِيَةِ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَضُرَّ الْقَلْعُ مِنْ زِيَادَتِي. (وَكَذَا) عَلَيْهِ (أُجْرَةُ) مِثْلِ (مُدَّةِ التَّفْرِيغِ) الْوَاقِعِ (بَعْدَ قَبْضٍ) لَا قَبْلَهُ (حَيْثُ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) لِأَنَّ التَّفْرِيغَ الْمُفَوِّتَ لِلْمَنْفَعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ثُبُوتِهِ أَيْ الْخِيَارِ فِي ضِمْنِ إلَّا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ هَذَا مَفْهُومُ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ ثَمَانُ صُوَرٍ وَتُعْلَمُ مِنْ الْبَيَانِ السَّابِقِ
وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَهُ وَلَمْ يَضُرَّ إلَخْ هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّانِي وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ تَرَكَهَا هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الثَّالِثِ الْمُرَدَّدِ بَيْنَ الْقَيْدَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَفِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ تَرَكَهَا لَهُ الْبَائِعُ) وَهُوَ إعْرَاضٌ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ الْهِبَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَيَعُودُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ: أَنَا أَغْرَمُ لَك الْأُجْرَةَ وَالْأَرْشَ لِلْمِنَّةِ لَا يُقَالُ: فِي التَّرْكِ مِنَّةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ تَحَمُّلُهَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْمِنَّةُ فِيهَا حَصَلَتْ بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْمَبِيعِ فَيُشْبِهُ جُزْأَهُ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ اهـ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ فَلَا خِيَارَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَكَانَ لَا يَزُولُ بِالْقَلْعِ) أَيْ أَوْ يَزُولُ بِهِ لَكِنْ يَحْتَاجُ لِمُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ بِأَنْ كَانَتْ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَوْ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ فِي الْإِجَارَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْمَحَالِّ ابْنُ حَجَرٍ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمُتَوَلِّي فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا وَجَهِلَ ضَرَرَ تَرْكِهَا كَانَ طَامِعًا فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَتْرُكُهَا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَضُرَّ تَرْكُهَا لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَطْمَعُ حِينَئِذٍ، وَضَعُفَ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ طَمَعَهُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَتْرُكُهَا لَهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْمُتَوَلِّي فِي الثَّانِيَةِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ لِرِضَاهُ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّرْكِ أَوْ الْقَلْعِ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ ضَرَرَ التَّرْكِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنْقُولَاتِ حَيْثُ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ قَلْعَهَا مُضِرٌّ فَإِقْدَامُهُ رِضًا بِالضَّرَرِ الْحَاصِلِ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِيهَا عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ وُجُودُ الضَّرَرِ اهـ
(قَوْلُهُ وَعَلَى بَائِعٍ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ خُيِّرَ وَأَجَازَ ح ل (قَوْلُهُ قَالَ: فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) لَا يُقَالُ: إيجَابُ التَّسْوِيَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْغَاصِبِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدَمُ وُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ عَلَى هَادِمِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: طَمُّ الْأَرْضِ لَا يَكَادُ يَتَفَاوَتُ وَهَيْئَةُ الْأَبْنِيَةِ تَتَفَاوَتُ، فَالطَّمُّ يُشْبِهُ الْمِثْلِيَّ، وَالْجِدَارُ يُشْبِهُ الْمُتَقَوِّمَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ) فَإِنْ تَلِفَ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ شَرْحُ م ر سم وَالْكَلَامُ فِي التُّرَابِ الطَّاهِرِ أَمَّا النَّجَسُ كَالرَّمَادِ النَّجَسِ وَالسِّرْجِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إعَادَةِ مَا ذُكِرَ وَإِنْ طَالَتْ وَكَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ مَكَانَهُ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلَأْ الْحُفْرَةَ يَجُوزُ جَعْلُهُ فِي جَانِبٍ مِنْهَا كَيْفَ كَانَ وَلَوْ مَعَ الِارْتِفَاعِ أَوْ الِانْخِفَاضِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُسَوِّيهِ فِيهَا إلَى الْحَدِّ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ تَقْرِيبًا لِلْأَرْضِ مِنْ الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسَوَّ) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِتُرَابٍ آخَرَ لِبُعْدِ إيجَابِ عَيْنٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ نَعَمْ إنْ تَلِفَ التُّرَابُ كُلِّفَ الْإِتْيَانَ بِغَيْرِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إعَادَةِ مَا ذُكِرَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَكَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ح ل فَإِنْ حَصَلَ فِيهَا نَقْصٌ بِالتَّفْرِيغِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَزِمَهُ أَرْشُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَلُزُومِ الْأُجْرَةِ لُزُومُ الْأَرْشِ ح ل وَع ش (قَوْلُهُ وَكَذَا عَلَيْهِ أُجْرَةٌ إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَسْأَلَةِ الزَّرْعِ حَيْثُ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ التَّفْرِيغِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الزَّرْعِ أَمْرٌ لَازِمٌ فَإِذَا كَانَ عَالِمًا وَأَجَازَ فَقَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْحِجَارَةِ، تَفْرِيغُهَا لَيْسَ لَازِمًا شَيْخُنَا وَفِي لُزُومِ أُجْرَةِ التَّفْرِيغِ لِلْبَائِعِ مَعَ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي وَإِجَارَتِهِ وَقْفُهُ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ لَهُ ح ل (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضٍ) ظَاهِرُهُ كَغَيْرِ حُصُولِ الْقَبْضِ مَعَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِالْحِجَارَةِ وَذَلِكَ يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْأَمْتِعَةِ الْمَشْحُونَةِ بِهَا الدَّارُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ

(2/295)


مُدَّتُهُ جِنَايَةٌ مِنْ الْبَائِعِ، وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ بَاعَ الْبَائِعُ الْأَحْجَارَ بِطَرِيقِهِ فَهَلْ يَحِلُّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ؟ أَوْ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا؟ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْبَيْعِ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُخَيَّرْ، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّفْرِيغِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَكَلُزُومِ الْأُجْرَةِ لُزُومُ الْأَرْشِ لَوْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ عَيْبٌ بِهَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَاسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ وَتَعْبِيرِي بِالتَّفْرِيغِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّقْلِ

(وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ بُسْتَانٍ وَقَرْيَةٍ أَرْضٌ وَشَجَرٌ وَبِنَاءٌ فِيهِمَا) لِثَبَاتِهَا، لَا مَزَارِعَ حَوْلَهُمَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ثَمَّ مُتَعَلِّقَةٌ بِالظَّاهِرِ فَكَانَتْ مَانِعَةً مِنْ الِانْتِفَاعِ مَعَ تَأَتِّي تَفْرِيغِهَا حَالًا بِخِلَافِ مَا هُنَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ الْحِجَارَةَ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مُدَّتَهُ) بِالنَّصْبِ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ الْمُفَوِّتَ أَوْ ظَرْفٌ لِلتَّفْرِيغِ
وَقَوْلُهُ جِنَايَةٌ خَبَرُ أَنَّ وَلَيْسَ مُدَّتُهُ مُبْتَدَأً، وَجِنَايَةٌ خَبَرَهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ كَمَا فَهِمَهُ الْبَعْضُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِطَرِيقِهِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَهَا لِمَنْ رَآهَا قَبْلَ الدَّفْنِ ع ش (قَوْلُهُ فَهَلْ يَحِلُّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ) أَيْ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مُشْتَرِيَ الْحِجَارَةِ لِمُشْتَرِي الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ التَّفْرِيغِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ وَحَلَلْت بِالْبَلَدِ حُلُولًا مِنْ بَابِ قَعَدَ نَزَلْت بِهِ اهـ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ. اهـ. ع ن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْبَيْعِ) أَيْ بَيْعِ الْأَرْضِ وَالْأَجْنَبِيُّ جِنَايَتُهُ عَلَى الْمَبِيعِ مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ، فَلَا تُضْمَنُ عَلَيْهِ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ لَمْ أَقِفْ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَابِ هَذَا التَّرْدِيدِ
وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لَا مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ م ر وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَنَافِيًا حَيْثُ قَالَ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ الثَّانِي. وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَالثَّانِي مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ، قَوْلُهُ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ أَيْ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ
وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي أَيْ الرَّاجِحُ عِنْدِي الثَّانِي لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ فَتَأَمَّلْ وَفِي اط ف إنَّ قَوْلَهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَيُصَرِّحُ بِكَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ قَوْلُ م ر كَمَا هُوَ أَصَحُّ احْتِمَالَيْنِ فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ أَيْ الْأَجْنَبِيِّ مَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُخَيَّرْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا (قَوْلُهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) قَالَ الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ وَجْهَ عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ مَعَ الْعِلْمِ دُونَ مَا إذَا خُيِّرَ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف وَجْهُهُ فَقَالَ: لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ يَقْتَضِي رِضَاهُ بِشَغْلِهَا مُدَّةَ التَّفْرِيغِ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ مَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ وَكَانَ لَا يَضُرُّ الْقَلْعُ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مُدَّةٌ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ م ر فِيمَا مَرَّ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ مَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ وَتَرَكَهَا الْبَائِعُ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَاوُ لِلْحَالِ وَيَكُونُ بَيَانًا لِلْوَاقِعِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَكَلُزُومِ الْأُجْرَةِ لَهُ لُزُومُ الْأَرْشِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الْعَيْبُ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ أَرْشُهُ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ سم عَلَى حَجّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا أَرْشَ أَيْضًا، عَدَمُ الْفَرْقِ ع ش (قَوْلُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّقْلِ التَّفْرِيغُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقُلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ مِنْهَا وَأَيْضًا التَّعْبِيرُ بِالنَّقْلِ لَا يَشْمَلُ مُدَّةَ حَفْرِ الْأَرْضِ وَإِخْرَاجِ الْحِجَارَةِ مِنْ بَاطِنِهَا إلَى الظَّاهِرِ ع ش

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ بُسْتَانٍ) وَكَذَا فِي رَهْنِهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَلِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ نَعَمْ الْبِنَاءُ الَّذِي فِي الْبُسْتَانِ لَا يَدْخُلُ فِي رَهْنِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّاهُ، وَيَنْبَغِي دُخُولُ السَّاقِيَّةِ أَيْضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ، فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْبُسْتَانَ مُسَمَّاهُ لُغَةً أَرْضٌ وَشَجَرٌ وَبِنَاءٌ وَالْكَلَامُ فِي أَلْفَاظٍ تَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهَا لُغَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِنَاءِ، الْبِنَاءُ الدَّاخِلُ فِي الْبُسْتَانِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِنَاءٌ فِيهِمَا وَاَلَّذِي مِنْ مُسَمَّاهُ هُوَ الْبِنَاءُ الْمُحِيطُ بِهِ (قَوْلُهُ وَقَرْيَةٍ) وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ أَرْضِ الْبُسْتَانِ وَالْقَرْيَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحِ الْبَهْجَةِ سم وَمِثْلُهُ م ر قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْأَرْضِ فِيمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُحْتَكَرَةً فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَدْخُلْ وَلَا يَسْقُطُ فِي مُقَابَلَتِهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ (قَوْلُهُ لَا مَزَارِعُ) شَمِلَ

(2/296)


(وَ) يَدْخُلُ فِي بَيْعِ (دَارٍ) (هَذِهِ) الثَّلَاثَةُ أَيْ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ الَّتِي فِيهَا حَتَّى حَمَّامُهَا، (وَمُثَبَّتٌ فِيهَا لِلْبَقَاءِ وَتَابِعٌ لَهُ) أَيْ لِلْمُثَبَّتِ (كَأَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ) لَا مَقْلُوعَةٍ (وَحَلَقِهَا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَأَغْلَاقِهَا الْمُثَبَّتَةِ (وَإِجَّانَاتٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَا يُغْسَلُ فِيهَا (وَرَفٍّ وَسُلَّمٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (مُثَبَّتَاتٍ) أَيْ الْإِجَّانَاتِ وَالرَّفِّ وَالسُّلَّمِ (وَحَجَرَيْ رَحًى) الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ الْمُثَبَّتِ (وَمِفْتَاحِ غَلَقٍ مُثَبَّتٍ) وَبِئْرِ مَاءٍ نَعَمْ الْمَاءُ الْحَاصِلُ فِيهَا لَا يَدْخُلُ، بَلْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِ وَإِلَّا اخْتَلَطَ مَاءُ الْمُشْتَرِي بِمَاءِ الْبَائِعِ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَذِكْرُ دُخُولِ شَجَرِ الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ مَعَ تَقْيِيدِ الْإِجَّانَاتِ بِالْإِثْبَاتِ مِنْ زِيَادَتِي
(لَا مَنْقُولٍ كَدَلْوٍ وَبَكْرَةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَإِسْكَانِهَا مُفْرَدُ بَكَرٍ بِفَتْحِهَا (وَسَرِيرٍ) وَحَمَّامٍ خَشَبٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ، لِأَنَّ اسْمَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْمَزَارِعِ وَنَحْوِهَا مَا لَوْ قَالَ: بِحُقُوقِهَا لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الْعُرْفِ دُخُولَهَا وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ بِدُخُولِهَا م ر ع ش

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ دَارٍ) مِثْلُهَا الْخَانُ وَالْحَوْشُ وَالْوَكَالَةُ وَالزَّرِيبَةُ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الرَّبْعِ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ بَاعَ عُلُوًّا عَلَى سَقْفٍ فَهَلْ يَدْخُلُ السَّقْفُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْقَرَارِ كَالْأَرْضِ؟ أَوْ لَا يَدْخُلُ وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ إلَى السُّفْلِ أَظْهَرُ مِنْهَا لِلْعُلُوِّ؟ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ مِنْ الدُّخُولِ. اهـ وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ عَدَمِ الدُّخُولِ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ السَّقْفُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ بَعْدَ انْهِدَامِهِ وَلَا يُكَلَّفُ إعَادَتَهُ وَفِيمَا لَوْ تَوَلَّدَ ضَرَرٌ مِنْ صَاحِبِ الْعُلُوِّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا ذَكَرَهُ اط ف نَقْلًا عَنْ شَرْحِ م ر وَع ش (قَوْلُهُ حَتَّى حَمَّامُهَا) حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ حَتَّى حَمَّامُهَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا، لَا عَاطِفَةٌ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةً مَعَ حَذْفِ الْخَبَرِ وَانْظُرْ لِمَ نُصَّ عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ حَتَّى حَمَّامُهَا غَايَةٌ لِلْبِنَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْمُثَبَّتِ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَحَمَّامٍ خَشَبٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمُثَبَّتٌ فِيهَا لِلْبَقَاءِ) قَضِيَّةُ اخْتِصَاصِهِ بِالدُّخُولِ فِي الدَّارِ عَدَمُ دُخُولِهِ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَابِعٌ) الْمُرَادُ بِالتَّابِعِ هُنَا كُلُّ مُنْفَصِلٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْمُثَبَّتُ (قَوْلُهُ كَأَبْوَابٍ مَنْصُوبَةٍ لَا مَقْلُوعَةٍ) بِخِلَافِ دَرَارِيبِ الدُّكَّانِ وَآلَاتِ السَّفِينَةِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِانْفِصَالِ ذَلِكَ بِخِلَافِ بَابِ الدَّارِ ح ل (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ) فِي الْمُخْتَارِ الْحَلْقَةُ بِالتَّسْكِينِ حَلْقَةُ الدِّرْعِ وَكَذَا حَلْقَةُ الْبَابِ وَحَلْقَةُ الْقَوْمِ وَالْجَمْعُ الْحَلَقُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَ: الْأَصْمَعِيُّ الْجَمْعُ حَلَقٌ كَبَدْرَةٍ وَبَدَرٍ وَقَصْعَةٍ وَقَصَعٍ وَحَكَى يُونُسُ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ حَلَقَةً فِي الْوَاحِدِ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْجَمْعُ حَلَقٌ وَحَلَقَاتٌ قَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّهُمْ عَلَى ضَعِيفٍ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَلَقَةٌ بِالتَّحْرِيكِ إلَّا فِي قَوْلِهِمْ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حَلَقَةٌ لِلَّذِينَ يَحْلِقُونَ الشَّعْرَ، جَمْعُ حَالِقٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ مُثَبَّتَاتٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالرَّبْطِ لِلسُّلَّمِ وَالرَّفِّ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الرَّفَّ وَالسُّلَّمَ لَا بُدَّ فِي جَعْلِهِمَا مُثَبَّتَيْنِ مِنْ تَسْمِيرِهِمَا أَوْ بِنَائِهِمَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَمِثْلُهُ فِي ح ل وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ وَمِفْتَاحِ غَلْقٍ) أَيْ ضَبَّةٍ بِخِلَافِ الْأَقْفَالِ الْمُقْفِلَةِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ هِيَ وَلَا مَفَاتِيحُهَا وَكَذَا وَتَرُ الْقَوْسِ كَمَا قَالَهُ ح ل وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَدْخُلُ وَتَرُ الْقَوْسِ فِي بَيْعِهِ، وَمَالَ شَيْخُنَا لِعَدَمِ دُخُولِهِ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى الْجَمْعِ بِأَنَّهُ إنْ بِيعَ وَهُوَ مَوْتُورٌ دَخَلَ وَتَرُهُ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ وَعَلَّلَ م ر فِي شَرْحِهِ دُخُولَ الْحَجْرِ الْأَعْلَى وَمِفْتَاحِ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِمُثَبَّتٍ قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِمُثَبَّتٍ أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا لَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِتَوْقِيعٍ جَدِيدٍ وَمُعَالَجَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ الْجَوَابَ عَمَّا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي دَرْسِ الشَّيْخِ كَمَا فِي حَاشِيَتِهِ، مِنْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ مِدَقَّ الْبُنَّ هَلْ تَدْخُلُ آلَتُهُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا أَوْ لَا وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِأَنَّهَا كَمَا تُسْتَعْمَلُ فِيهِ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ وَتَوْقِيعٍ فَهِيَ كَالْبَكْرَةِ وَهَذَا الْمَأْخَذُ أَوْلَى مِمَّا سَلَكَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ نَعَمْ الْمَاءُ الْحَاصِلُ فِيهَا إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَبِئْرِ مَاءٍ فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِدْرَاكِ وَلَوْ قَالَ: بِخِلَافِ مَائِهَا لَكَانَ أَوْلَى ع ش (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِ) وَلَوْ بِيعَتْ مُسْتَقِلَّةً وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدِينَ قَدْرَ مَا فِي الْبِئْرِ مِنْ الْمَاءِ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَرَّرَهُ ح ف وَكَالْمَاءِ فِيمَا ذُكِرَ، الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالنُّورَةِ وَالْكِبْرِيتِ بِخِلَافِ الْبَاطِنِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ) مُرَادُهُ إنْ لَمْ يُشْرَطْ بَطَلَ الْبَيْعُ لَا أَنَّهُ صَحَّ ثُمَّ انْفَسَخَ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالِانْفِسَاخِ عَدَمُ الصِّحَّةِ.
وَعِبَارَةُ ع ش أَيْ آلَ إلَى الِانْفِسَاخِ لِأَنَّهُ انْفَسَخَ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِلَاطِ (قَوْلُهُ لَا مَنْقُولٌ) أَيْ غَيْرُ تَابِعٍ

(2/297)


لَا يَتَنَاوَلُهَا

(وَ) يَدْخُلُ (فِي) بَيْعِ (دَابَّةٍ نَعْلِهَا) لِاتِّصَالِهِ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ نَحْوِ فِضَّةٍ كَبَرَّةِ الْبَعِيرِ (لَا) فِي بَيْعِ (رَقِيقٍ) عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (ثِيَابَهُ) ، وَإِنْ كَانَتْ سَاتِرَةً الْعَوْرَةَ فَلَا تَدْخُلُ كَمَا لَا يَدْخُلُ سَرْجُ الدَّابَّةِ فِي بَيْعِهَا

دَرْسٌ (وَ) يَدْخُلُ فِي بَيْعِ (شَجَرَةٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (رَطْبَةٍ) وَلَوْ مَعَ الْأَرْضِ بِالتَّصْرِيحِ أَوْ تَبَعًا (أَغْصَانُهَا الرَّطْبَةُ وَوَرَقُهَا) وَلَوْ يَابِسًا أَوْ وَرَقَ تُوتٍ مُطْلَقًا كَانَ الْبَيْعُ أَوْ بِشَرْطِ قَلْعٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ إبْقَاءٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا بِخِلَافِ أَغْصَانِهَا الْيَابِسَةِ، لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا الْقَطْعُ كَالثَّمَرَةِ، (وَكَذَا) يَدْخُلُ (عُرُوقُهَا) وَلَوْ يَابِسَةً بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعٌ) وَإِلَّا فَلَا تَدْخُلُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ (لَا مَغْرِسُهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا) أَيْ شَرْعًا وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي أَلْفَاظٍ تَتَنَاوَلُ غَيْرَ مُسَمَّاهَا أَيْ اللُّغَوِيِّ وَإِنْ كَانَ مُسَمَّاهَا شَرْعًا

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ دَابَّةٍ نَعْلُهَا) أَيْ الْمُسَمَّرُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي تُنْعَلُ عَادَةً كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَوْ لَا سم ع ش (قَوْلُهُ لِاتِّصَالِهِ بِهَا) أَيْ مَعَ كَوْنِ اسْتِعْمَالِهِ لِمَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَى الدَّابَّةِ، فَلَا يُرَدُّ عَدَمُ دُخُولِ الْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ وَالْحِزَامِ مَعَ اتِّصَالِهَا بِالْعَبْدِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَبَرَّةِ الْبَعِيرِ) وَهِيَ الْحَلْقَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي أَنْفِهِ أَيْ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِعَدَمِ الْمُسَامَحَةِ بِذَلِكَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَكِنْ تَسَامَحُوا فِي سِنٍّ مِنْ ذَهَبٍ وَأُنْمُلَةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا أُصْبُعٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ تَعَدَّى بِالْأُصْبُعِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ ذَهَبًا ح ل (قَوْلُهُ لَا فِي بَيْعِ رَقِيقٍ ثِيَابَهُ) وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ إبْقَاءُ ثِيَابِ عَوْرَتِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِسَاتِرٍ، فِيهِ نَظَرٌ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ جَوَازُ رُجُوعِ مُعِيرٍ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ أَقُولُ لَوْ تَعَذَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ عَقِبَ الْقَبْضِ وَلَوْ بِالِاسْتِئْجَارِ لَا يَبْعُدُ بَقَاءُ لُزُومِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِلْبَائِعِ بِأُجْرَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَدْخُلُ سَرْجُ الدَّابَّةِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ اللِّجَامُ وَلَا الْمِقْوَدُ وَلَا الْبَرْذعَةُ وَلَا الْحِزَامُ ق ل (فَرْعٌ)
اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي جَوْفِهَا جَوْهَرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ، إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا أَثَرُ مِلْكٍ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ ق ل

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ شَجَرَةٍ) أَيْ مُنْفَرِدَةٍ أَوْ مَعَ مَحَلِّهَا تَصْرِيحًا أَوْ تَبَعًا، فَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ بَيْعُهَا وَحْدَهَا أَوْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ أَوْ هُمَا مَعًا فَإِذَا بِيعَتْ الْأَرْضُ وَحْدَهَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ تَابِعَةً لَهَا وَأَصْلًا لِمَا عَلَيْهَا لَكِنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ بَعْدُ لَا مَغْرِسُهَا يُنَاسِبُ بَيْعَهَا وَحْدَهَا فَقَطْ وَهَذَا أَيْ بَيْعُ الشَّجَرَةِ هُوَ الْأَصْلُ السَّادِسُ وَأَخَّرَهُ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ خَمْسَةُ أُصُولٍ (قَوْلُهُ أَغْصَانُهَا الرَّطْبَةُ) هَذَا الْقَيْدُ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَالْعُرُوقِ فَيَخْرُجُ الْيَابِسُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ وَلَوْ يَابِسًا ضَعِيفٌ وَمِثْلُ الْأَغْصَانِ الْعُرْجُونُ م ر
وَقَوْلُهُ وَوَرَقُهَا شَمِلَ وَرَقَ النِّيلَةِ وَالْحِنَّاءِ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ، إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ وَرَقٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ وَرَقًا كَمَا هُنَا فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّيلَةَ وَالْحِنَّاءَ مِنْ الشَّجَرِ، وَكَذَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُمَا مِنْ أُصُولِ الْبَقْلِ فَتَدْخُلُ الْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ فِي الْبَيْعِ وَيُخَصُّ كَوْنُهَا لِلْبَائِعِ بِغَيْرِهِمَا ح ل مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ وَرَقُ تُوتٍ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَوَرَقُ التُّوتِ الْأَبْيَضِ الْأُنْثَى الْمَبِيعَةُ شَجَرَتُهُ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ، قَدْ خَرَجَ وَجْهٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِتَرْبِيَةِ دُودِ الْقَزِّ وَالتُّوتُ بِتَاءَيْنِ عَلَى الْفَصِيحِ وَفِي لُغَةٍ أَنَّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْبَيْعُ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهَا وَحْدَهَا لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، أَوْ مَعَ أَصْلِهِ جَازَ لَا بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَمِثْلُهُ شَرْطُ الْقَلْعِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُشْرَطْ قَطْعٌ وَفِي قَوْلِهِ فِي الْيَابِسَةِ فَلَوْ شُرِطَ قَلْعُهَا إلَخْ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ الثَّلَاثَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تُقَيَّدُ بِمَا لَوْ بِيعَتْ وَحْدَهَا، أَمَّا لَوْ بِيعَتْ مَعَ الْأَرْضِ فَلَا يَصِحُّ بِشَرْطِ الْقَلْعِ وَلَا الْقَطْعِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَخَذَ الشَّارِحُ هَذَا التَّعْمِيمَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا عُرُوقُهَا إنْ لَمْ يُشْرَطْ قَطْعٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا) أَيْ عُرْفًا إذْ الْكَلَامُ فِي أَلْفَاظٍ تَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهَا، وَفِيهِ أَنْ يَقْتَضِيَ أَنَّ اسْمَ الشَّجَرَةِ فِي اللُّغَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَغْصَانَ وَالْوَرَقَ وَالْعُرُوقَ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا أَوْ هُوَ فَاسِدٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا عُرُوقُهَا) وَلَوْ امْتَدَّتْ وَجَاوَزَتْ الْعَادَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُسَمَّاهَا شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَجَاوَزَتْ الْعَادَةَ أَيْ وَلَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ الِامْتِدَادِ عَلَى أَرْضِ الْبَائِعِ، فَإِنْ خَرَجَتْ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَكْلِيفُهُ قَطْعُ مَا وَصَلَ إلَى أَرْضِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ يَابِسَةً) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعٌ) بِأَنْ أُطْلِقَ أَوْ شُرِطَ الْقَطْعُ أَوْ الْإِبْقَاءُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَدْخُلُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ) أَيْ وَتُقْطَعُ الشَّجَرَةُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ بِنَاءً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ

(2/298)


أَيْ مَوْضِعِ غَرْسِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا، لِأَنَّ اسْمَهَا لَا يَتَنَاوَلُهُ (وَ) لَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ (يَنْتَفِعُ بِهِ مَا بَقِيَتْ) أَيْ الشَّجَرَةُ تَبَعًا لَهَا

(وَلَوْ أُطْلِقَ بَيْعُ) شَجَرَةٍ (يَابِسَةٍ لَزِمَ مُشْتَرِيًا قَلْعُهَا) لِلْعَادَةِ فَلَوْ شُرِطَ قَلْعُهَا أَوْ قَطْعُهَا لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، أَوْ إبْقَاؤُهَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ بَيْعَ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ تَدْخُلُ فِيهِ أَغْصَانُهَا وَوَرَقُهَا مُطْلَقًا وَعُرُوقُهَا إنْ أُطْلِقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِي مِثْلِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي حَفْرَ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى زِيَادَةِ مَا يَقْطَعُهُ لَمْ يُمْكِنْ (قَوْلُهُ أَيْ مَوْضِعُ غَرْسِهَا) أَيْ مَا سَامَتْهَا مِنْ الْأَرْضِ وَمَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ عُرُوقُهَا، فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِمَا يَضُرُّ الشَّجَرَةَ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَتَجَدَّدَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ لِلْمُشْتَرِي اسْتِحْقَاقٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُقَصِّرٌ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ ح ل وَدَفَعَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر هَذَا اللَّازِمَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّعٌ عَنْ أَصْلِ اسْتِحْقَاقِهِ وَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ تَجَدُّدُ اسْتِحْقَاقٍ مُبْتَدَأٍ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ حَجّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ
(فَرْعٌ)
لَوْ نَبَتَ شَيْءٌ مِنْ الشَّجَرَةِ حَوْلَ أَصْلِهَا فَاحْتِمَالَانِ أَظْهَرُهُمَا اسْتِحْقَاقُ إبْقَائِهَا كَأَصْلِهَا وَيُجْعَلُ كَغِلَظِ الشَّجَرَةِ وَالْعُرُوقِ الْحَادِثَةِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر وَلَوْ تَفَرَّخَ عَنْهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى اُسْتُحِقَّ إبْقَاءُ ذَلِكَ كَالْأَصْلِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ اسْتِخْلَافَهَا كَالْمَوْزِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْمَهَا) أَيْ الشَّجَرَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ مَعْقُودٌ لِمَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ مُسَمَّاهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيُّ وَمَا يَتَنَاوَلُهُ هُوَ مُسَمَّاهُ عُرْفًا وَهَذَا غَيْرُ مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيِّ. ح ل فَقَوْلُهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ) أَيْ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ مَا بَقِيَتْ أَيْ يَنْتَفِعُ بِهِ الِانْتِفَاعَ الْمُتَعَلِّقَ بِالشَّجَرَةِ عَلَى الْعَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّقَادُ تَحْتَهَا لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي مَنْفَعَتَهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ إجَارَتَهُ أَوْ وَضْعَ مَتَاعٍ فِيهِ أَوْ إعَارَتَهُ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ مَنْعَ الْبَائِعِ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا يَضُرُّ بِالشَّجَرَةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَضُرُّهَا فَلَهُ فِعْلُهُ وَلَوْ بِنَحْوِ زَرْعٍ (قَوْلُهُ مَا بَقِيَتْ) فَإِنْ قُلِعَتْ أَوْ انْقَلَعَتْ لَمْ يَجُزْ لَهُ إعَادَةُ بَدَلِهَا مُطْلَقًا بَلْ وَلَا إعَادَتُهَا هِيَ، وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ حَيَاتِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلزَّرْكَشِيِّ إيعَابٌ قَالَ سم قَالَ شَيْخُنَا م ر وَإِذَا قُلِعَتْ أَوْ انْقَلَعَتْ وَلَمْ يَعْرِضْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا كَمَا كَانَتْ فَلَهُ الرَّدُّ وَأَقَرَّهُ ع ش م ر ثُمَّ قَالَ:
وَقَوْلُهُ وَإِذَا قُلِعَتْ أَيْ وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ لِغَرَضٍ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُعْرِضْ
وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعْرِضْ أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ اهـ وَهَلْ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ بَابِ الْعَارِيَّةِ اللَّازِمَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ؟ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى الثَّانِي وَفِي الْإِيعَابِ الَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ وَخَلَفُهَا مِثْلُهَا وَإِنْ أُزِيلَتْ، وَكَذَا مَا نَبَتَ مِنْ مَحَلِّ قَطْعِهَا وَلَهُ عَوْدُهَا بَعْدَ قَلْعِهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً تَنْبُتُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ غَرْسُ بَدَلِهَا مَكَانَهَا وَلَا إبْقَاؤُهَا إنْ جَفَّتْ وَلَهُ وَصْلُ غُصْنٍ بِهَا فِي حَيَاتِهَا وَلَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِقَطْعِهِ إلَّا إنْ زَادَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَغْصَانِهَا

(قَوْلُهُ وَلَوْ أُطْلِقَ بَيْعُ شَجَرَةٍ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ رَطْبَةٍ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّ الْيَابِسَةَ إنْ بِيعَتْ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ فَسَدَ الْبَيْعُ أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ أَوْ أُطْلِقَ صَحَّ الْبَيْعُ، وَيَلْزَمُ الْقَطْعُ فِي صُورَةِ شَرْطِهِ وَالْقَلْعُ فِي صُورَةِ شَرْطِهِ وَفِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَنْتَفِعُ الْمُشْتَرِي بِمَغْرِسِهَا، فَتُخَالِفُ الرَّطْبَةَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ وَلُزُومُ قَلْعِهَا عِنْدَ إطْلَاقِ بَيْعِهَا وَعَدَمُ انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِمَغْرِسِهَا وَتَوَافُقُهَا فِي دُخُولِ الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَالْعُرُوقِ (قَوْلُهُ لَزِمَ مُشْتَرِيًا قَلْعُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ قَطْعَهَا غَيْرُ كَافٍ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِبَعْضِ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَالُّ لُزُومِ الْقَلْعِ إذَا كَانَ بَقَاءُ الْأَصْلِ مُضِرًّا بِالْبَائِعِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْوَفَاءُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي إبْقَائِهَا كَوَضْعِ جِذْعٍ عَلَيْهَا ع ش (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ رَطْبَةٍ وَمِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا فَقَوْلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَغْصَانُهَا وَوَرَقُهَا مُطْلَقًا عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ وَعُرُوقُهَا إلَخْ عُلِمَ مِنْ رَطْبَةٍ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ تَأَمَّلْ. وَبَعْدَ ذَلِكَ يُقَالُ عَلَيْهِ لَمْ يَظْهَرْ لِتَقْيِيدِ الشَّجَرَةِ بِكَوْنِهَا رَطْبَةً فَائِدَةٌ، فَإِنَّ الَّذِي تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّطْبَةَ وَالْيَابِسَةَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي تَنَاوُلِ الْأَغْصَانِ وَالْأَوْرَاقِ لَا الْمَغْرِسِ نَعَمْ يَتَخَالَفَانِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْعُرُوقِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا عُرُوقُهَا إلَخْ وَفِي قَوْلِهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ مَا بَقِيَتْ فَالتَّقْيِيدُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَوَرَقُهَا مُطْلَقًا) أَيْ بِشَرْطِ الْقَلْعِ أَوْ الْقَطْعِ أَوْ الْإِطْلَاقِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِطْلَاقِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ التَّعْمِيمَ فِي الْوَرَقِ وَالْأَغْصَانِ بِالرَّطْبِ

(2/299)


أَوْ شَرَطَا الْقَلْعَ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْتَفِعُ بِمَغْرِسِهَا

(وَثَمَرَةُ شَجَرٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ نَخْلٍ (مَبِيعٍ إنْ شُرِطَتْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (فَ) هِيَ (لَهُ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ؟ أَمْ لَا (وَإِلَّا) بِأَنْ سَكَتَ عَنْ شَرْطِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَإِنْ ظَهَرَ) مِنْهَا (شَيْءٌ) بِتَأَبُّرٍ فِي ثَمَرَةِ نَخْلٍ أَوْ بِدُونِهِ فِي ثَمَرَةٍ لَا نَوْرَ لَهَا كَتُوتٍ، أَوْ لَهَا نَوْرٌ وَتَنَاثُرٌ كَمِشْمِشٍ، (فَ) هِيَ كُلُّهَا (لِبَائِعٍ) كَمَا فِي ظُهُورِ كُلِّهَا
الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى وَلِعُسْرِ إفْرَادِ الْمُشَارَكَةِ، (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ظُهُورٌ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، (فَ) هِيَ كُلُّهَا (لِمُشْتَرٍ) لِمَا مَرَّ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْيَابِسِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إذْ يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ يَابِسَةً وَالْأَغْصَانُ أَوْ الْأَوْرَاقُ رَطْبَةً ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ اسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ شَجَرَةً مِنْ بُسْتَانٍ بَاعَهُ لَمْ يَدْخُلْ الْمَغْرِسُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَمَحَلُّ الْمَنْبَتِ كَمَغْرِسِ الشَّجَرَةِ (فَرْعٌ)
لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَتْهُ ضَمِنَهُ إنْ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَقَالَ حَجّ وَغَيْرُهُ بِالضَّمَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَلَا دَخْلَ لِشَرْطِ الْعِلْمِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ ق ل.
(قَوْلُهُ أَوْ شَرَطَا الْقَلْعَ إلَخْ) بِخِلَافِ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِهِ فِي الرَّطْبَةِ
وَقَوْلُهُ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أُطْلِقَ بَيْعُ شَجَرَةٍ إلَخْ أَيْ وَمِنْ قَوْلِهِ مَا بَقِيَتْ

(قَوْلُهُ ثَمَرَةُ شَجَرٍ مَبِيعٍ) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ الَّذِي هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ التَّرْجَمَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَالْعُرُوقِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الثَّمَرِ مِنْ حَيْثُ التَّبَعِيَّةِ وَعَدَمِهَا، لَكِنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ أَعَمَّ مِنْ التَّبَعِيَّةِ أَوْ الشَّرْطِ وَعَلَى كِلَيْهِمَا الثَّمَرَةُ لَيْسَتْ مَبِيعَةً بِدَلِيلِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ لِلْبَائِعِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ قَدْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَبِدَلِيلِ عَدَمِ التَّفْصِيلِ بَيْنَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا الْمَبِيعُ الشَّجَرُ وَحْدَهُ وَأَمَّا بَيْعُ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الشَّجَرِ فَسَيَأْتِي شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ مَا يَشْمَلُ الْمَشْمُومَ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْمَرْسِينُ وَمِثْلُهُ شَجَرَةُ الْبَقْلِ الَّتِي تُؤْخَذُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَتَقَدَّمَ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّ الْبَاذِنْجَانَ وَالْبِطِّيخَ مِنْ الْبُقُولِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُمَا الْبَامِيَةُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ إنْ شُرِطَتْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ شُرِطَ جَمِيعُهَا أَوْ بَعْضُهَا الْمُعَيَّنُ كَالنِّصْفِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ أَمْ لَا) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تُشْرَطَ لِلْبَائِعِ حَالَ عَدَمِ وُجُودِهَا أَصْلًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ فَرْعُ الْوُجُودِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ لِتَفْسِيرِهِمْ الظُّهُورَ بِالتَّأْبِيرِ وَعَدَمَ الظُّهُورِ بِعَدَمِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ وَثَمَرَةُ شَجَرَةٍ أَيْ مَوْجُودَةٍ ع ش مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ بِتَأْبِيرٍ) أَيْ وَلَوْ لِبَعْضِهَا وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ شَرْحُ م ر أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنْ تَشَقَّقَتْ قَبْلَ أَوَانِهِ فَلِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ التَّأْبِيرِ لِعَدَمِ اتِّصَافِ ثَمَرَةِ غَيْرِ النَّخْلِ بِهِ لِمَا يَأْتِي فِي تَعْرِيفِ التَّأْبِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيرِ لَكِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ع ش (قَوْلُهُ لَا نَوْرَ لَهَا) النَّوْرُ بِفَتْحِ النُّونِ الزَّهْرُ عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَ شَرْحُ م ر وَقَالَ ع ش نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَارِ إنَّ الزَّهْرَ بِفَتْحَتَيْنِ وَفِي الْمِصْبَاحِ زَهْرُ النَّبَاتِ نَوْرُهُ، الْوَاحِدَةُ زَهْرَةٌ مِثْلَ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ وَقَدْ تُفْتَحُ الْهَاءُ قَالُوا: وَلَا يُسَمَّى زَهْرًا حَتَّى يَنْفَتِحَ (قَوْلُهُ وَتَنَاثَرَ) أَيْ بَلَغَ زَمَنًا يَتَنَاثَرُ فِيهِ النَّوْرُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَنَاثَرْ بِالْفِعْلِ ح ل (قَوْلُهُ كَمِشْمِشٍ) بِكَسْرِ مِيمِهِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ أَنَّهُ بِتَثْلِيثِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ لِبَائِعٍ) لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِنَحْوِ التَّأْبِيرِ لِسَبْقِ رُؤْيَتِهِ تَخَيَّرَ شَوْبَرِيٌّ وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ حَتَّى تَكُونَ الثَّمَرَةُ لَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْعَقْدِ؟ أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ؟ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّارِحِ خِلَافًا لحج ع ش
(قَوْلُهُ وَلِعُسْرِ إفْرَادِ الْمُشَارَكَةِ) الْمُرَادُ بِالْإِفْرَادِ التَّمْيِيزُ أَيْ لِعُسْرِ تَمْيِيزِ نَصِيبِ الْمُشْتَرِي فِي الْمُشَارَكَةِ أَيْ الْمُخَالَطَةِ أَيْ إذَا قُلْنَا: إنَّ الظَّاهِرَ لِلْبَائِعِ وَغَيْرَهُ لِلْمُشْتَرِي فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَهُ عُسْرُ الْإِفْرَادِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ لَا يَعْسُرُ أَصْلًا كَمَا لَوْ ظَهَرَ فِي شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَشْجَارٍ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي ظُهُورٍ إلَخْ أَيْ لِلْقِيَاسِ عَلَى ظُهُورِ كُلِّهَا وَلِعُسْرِ إلَخْ وَهُوَ قِيَاسٌ أَدْوَنُ. (قَوْلُهُ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بِالتَّأْبِيرِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي تَعْلِيلِ دُخُولِ الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا كَالْوَرَقِ ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْعِلَلِ الثَّلَاثِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلدَّعَاوَى الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ قَدْ أُبِّرَتْ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْفِعْلِ: أَبَرَ النَّخْلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَأَبَّرَهُ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنًى كَمَا فِي الْمُخْتَارِ ع ش وَأَنَّثَهُ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يَجُوزُ تَأْنِيثُهُ قَالَ تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] وَقَالَ تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] (قَوْلُهُ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ) هَلَّا قَالَ: لَهُ بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ لِمَنْ وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ لِلْإِيضَاحِ

(2/300)


إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْبَائِعُ، وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْتَرَطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأُلْحِقَ تَأْبِيرُ بَعْضِهَا بِتَأْبِيرِ كُلِّهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ، لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنْ الْعُسْرِ وَالتَّأْبِيرِ، وَيُسَمَّى التَّلْقِيحُ تَشْقِيقَ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَذَرَّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ لِيَجِيءَ رُطَبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ، وَالْمُرَادُ هُنَا تَشْقِيقُ الطَّلْعِ مُطْلَقًا لِيَشْمَلَ مَا تَأَبَّرَ بِنَفْسِهِ وَطَلْعَ الذُّكُورِ، وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ، وَحُكْمُهُ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ
(وَإِنَّمَا تَكُونُ) أَيْ الثَّمَرَةُ كُلِّهَا فِيمَا ذَكَرَ (لِبَائِعٍ إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ وَبُسْتَانٌ وَجِنْسٌ وَعَقْدٌ وَإِلَّا) بِأَنْ تَعَدَّدَ الْحَمْلُ فِي الْعَامِ غَالِبًا كَتِينٍ وَوَرْدٍ، أَوْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ الْبَقِيَّةِ بِأَنْ اشْتَرَى فِي عَقْدٍ بُسْتَانَيْنِ مِنْ نَخْلٍ مَثَلًا أَوْ نَخْلًا وَعِنَبًا فِي بُسْتَانٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي عَقْدَيْنِ نَخْلًا مَثَلًا، وَالظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا وَغَيْرُهُ فِي الْآخَرِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ (حُكْمُهُ) فَالظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ، وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ وَاخْتِلَافِ زَمَنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي ع ش (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ) أَيْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ التَّأْبِيرِ سُقُوطُ النَّوْرِ وَالْبُرُوزِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْعَقِدْ تِلْكَ الثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَسْقُطْ نَوْرُهَا لَا يَصِحُّ شَرْطُهَا لِلْبَائِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ح ل (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ) هُوَ مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ مَنْ بَاعَ نَخْلًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي هُوَ مَفْهُومُهُ (قَوْلُهُ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْرَطَ لَهُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ يُدْرِكُهُ مَنْ لَهُ فَهْمٌ أَنِيقٌ أَيْ حَسَنٌ سم وَوَجْه الْبَحْثِ أَنَّهُ كَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ تُشْرَطَ لِلْبَائِعِ مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» أَيْ الْمُشْتَرِي؟ إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلَوْ بِالشَّرْطِ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُشْتَرِي، وَهَذَا تَهَافُتٌ إذْ مَتَى شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ لَا يَتَأَتَّى شَرْطُهَا لِلْمُشْتَرِي، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ الثَّانِيَةُ شَيْخُنَا سَجِينِيٌّ أَيْ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَمْرٍ عَامٍّ شَامِلٍ لِلسُّكُوتِ وَالتَّقْدِيرُ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ أَقُولُ وَوَجْهُ الْبَحْثِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ مَا ذُكِرَ بَلْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ نَخْلًا لَمْ تُؤَبَّرْ لَا تَكُونُ ثَمَرَتُهَا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَبِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي إذَا شُرِطَتْ لَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْ الشَّرْطِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ تَأْبِيرُ بَعْضِهَا) وَلَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ ق ل (قَوْلُهُ بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْكَسْ لِأَنَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ آيِلٌ إلَى الظُّهُورِ س ل
(قَوْلُهُ وَالتَّأْبِيرُ) أَيْ لُغَةً وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَلْعَ الْإِنَاثِ أَوْ الذُّكُورِ وَسَوَاءٌ تَشَقَّقَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيَشْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَطَلْعَ الذُّكُورِ) أَيْ وَشَمِلَ طَلْعَ الذُّكُورِ أَيْ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِهِ يَذُرُّ فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَشَقَّقَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّوْرُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَنَاثَرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ حَيْثُ بَلَغَ أَوَانَ التَّنَاثُرِ بِأَنْ انْعَقَدَ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَنَاثَرْ، وَيَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي تَأْبِيرِ طَلْعِ النَّخْلِ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ تَأْبِيرَ طَلْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَوَانِهِ لَا يُفْسِدُهُ، بِخِلَافِ أَخْذِ النَّوْرِ قَبْلَ أَوَانِهِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُ ح ل (قَوْلُهُ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ ثَانٍ لِلْمُرَادِ الَّذِي ادَّعَاهُ أَيْ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ إلَخْ وَمَحَلُّ التَّعْلِيلِ قَوْلُهُ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ
وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ تَعْلِيلٌ ثَالِثٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فِيهِ خُصُوصِيَّاتُ الْفِعْلِ وَكَوْنُ الْمُؤَبَّرِ طَلْعَ الْإِنَاثِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلِذَلِكَ قَالَ: وَالْمُرَادُ إلَخْ وَعَلَّلَ بِالْعِلَلِ الثَّلَاثِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ) فِيهِ أَنَّ التَّشَقُّقَ بِنَفْسِهِ يُقَالُ لَهُ تَأْبِيرٌ كَمَا ذَكَرَهُ فَكَيْفَ قَالَ: وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ إلَّا أَنْ يُرَادَ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ،
وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ كَالْمُؤَبَّرِ أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ تَأَمَّلْ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَحُكْمُهُ كَالْمُؤَبَّرِ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ الِاسْتِغْنَاءُ بِهَذَا عَنْهُ تَأَمَّلْ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَهُ مُؤَبَّرٌ (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا بَعْدُ إلَّا وَهُوَ ظُهُورُ الْبَعْضِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ) بِأَنْ كَانَتْ لَا تَحْمِلُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا مَا يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ، فَمَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إلْحَاقٍ ح ل (قَوْلُهُ وَعَقْدٌ) قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي نُكَتِهِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَالِكِ وَذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَكِيلُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَتِينٍ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّجَرَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ كَانَ فِيهَا تِينٌ ظَاهِرٌ وَتِينٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَكِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ حُبْلَانَةً بِهِ فَهُوَ مَوْجُودٌ وَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ بَطْنٍ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بَطْنٍ آخَرَ فَغَيْرُ الظَّاهِرِ لِلْمُشْتَرِي وَالظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ وَلَا تَبَعِيَّةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَحْمِلُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِأَنْ بَاعَ نَخْلًا عَلَيْهِ بَلَحٌ ظَاهِرٌ وَبَلَحٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ الْبَقِيَّةِ) لَمْ يَقُلْ أَوْ تَعَدَّدَ كَمَا قَالَ فِي الْحَمْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفَنُّنٌ (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ
وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافُ زَمَنِ الظُّهُورِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، مَا عَدَا تَعَدُّدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَانْتِفَاءِ عُسْرِ

(2/301)


الظُّهُورِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ وَانْتِفَاءُ عُسْرِ الْإِفْرَادِ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ النَّوْعِ، نَعَمْ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَ ثَمَرُهَا لَهُ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ فَإِنَّهُ لِلْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَا: لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ قُلْت وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا سَوَّيَا بَيْنَ الْعِنَبِ وَالتِّينِ فِي حُكْمِهِ السَّابِقِ نَقْلًا عَنْ التَّهْذِيبِ وَتَوَقَّفَا فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِفْرَادِ رَاجِعٌ لِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ اج.
وَعِبَارَةُ اط ف قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ هَذَا تَعْلِيلٌ عَامٌّ
وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافِ زَمَنِ الظُّهُورِ أَيْ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ مِنْ الْجِنْسَيْنِ وَالْبُسْتَانَيْنِ
وَقَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ أَيْ الْمَجْمُوعِ، لِئَلَّا يُرَدَّ الْعَقْدُ اهـ (قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ وَاقِعَةٌ عَلَى أَنْوَاعِ الِاخْتِلَافِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِهَا بِالْعِلَّةِ الْأُولَى وَعَلَى اخْتِلَافِ الْحَمْلِ وَالْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ وُقُوعِهَا عَلَى الثَّانِيَةِ، فَالْعِلَّةُ الْأُولَى شَامِلَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ وَالثَّانِيَةُ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ أَيْضًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ وَاخْتِلَافِ زَمَنِ الظُّهُورِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ أَيْ الْجِنْسِ وَالْحَمْلِ وَالْبُسْتَانِ وَالْعَقْدِ. فَإِنْ قُلْت: لَا يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِ مَا ذُكِرَ اخْتِلَافُ زَمَنِ الظُّهُورِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اتِّحَادُهُ مَعَ اخْتِلَافِ مَا ذُكِرَ قُلْت الْغَرَضُ أَنَّ زَمَنَ الظُّهُورِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا إلَخْ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِلَلِ الثَّلَاثِ عِلَّةً لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَمَنْ جَعَلَ الثَّانِيَةَ عِلَّةً لِاثْنَيْنِ مِنْهَا لَمْ يَنْظُرْ لِقَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ غَالِبًا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ أَوْ يُتْرَكُ التَّقْيِيدُ بِغَالِبًا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَهَذَا لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِدْرَاكًا عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ بَلْ هَذَا أَوْلَى (قَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ) أَيْ ظُهُورٌ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ) أَيْ الظَّاهِرُ ذَلِكَ فَقَدْ اتَّحَدَ الْحَمْلُ لِأَنَّ النَّخْلَ لَا يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ حَمْلًا آخَرَ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ بِالتَّبَعِيَّةِ بَلْ لِلْمُشْتَرِي.
وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنْسِ أَيْ الْأَغْلَبُ فِي النَّخْلِ أَنْ لَا يَحْمِلَ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَا وُجِدَ مِنْهُ وَلَوْ نَوْعًا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِأَنْ كَانَ يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ دَائِمًا ح ل وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ اتِّحَادِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ لِلنَّادِرِ) وَهُوَ كَوْنُهُ حَمْلًا ثَانِيًا لِأَنَّ كَوْنَهَا تَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ نَادِرٌ، وَقَوْلُهُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعَامِ (قَوْلُهُ فِي حُكْمِهِ) أَيْ التِّينِ السَّابِقِ، وَتَوَقَّفَا فِيهِ أَيْ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ، وَهُوَ أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُشْتَرِي ح ل أَيْ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَكَانَتْ الْأُولَى لِلْبَائِعِ وَالثَّانِيَةُ كَمَا مَرَّ لِلْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِ إلَّا بِأَنْ تَعَدَّدَ الْحَمْلُ إلَخْ فَالْمُرَادُ بِحُكْمِهِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ.
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ لِلتِّينِ وَالْعِنَبِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلِيَ بِهِمَا أُسْوَةٌ فِي التَّوَقُّفِ فِي الْعِنَبِ أَيْ دُونَ التِّينِ الَّذِي تَوَقَّفَا فِيهِ، وَهَذَا وَاضِحٌ لَوْ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ وَإِلَّا فَضَمِيرُ حُكْمِهِ يَرْجِعُ لِلتِّينِ أَيْ جَعَلُوا حُكْمَ الْعِنَبِ كَحُكْمِ التِّينِ الْمُسْتَلْزِمِ ذَلِكَ لِتَعَدُّدِ حَمْلِهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الشَّارِحُ أَقَامَ الظَّاهِرَ مَقَامَ الضَّمِيرِ ح ل أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الضَّمِيرُ فِي وَتَوَقَّفَا فِيهِ رَاجِعًا لِلْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِنَبِ فَقَطْ، فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي فِي التَّوَقُّفِ فِي الْعِنَبِ أَقَامَ الظَّاهِرَ مَقَامَ الضَّمِيرِ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي التَّوَقُّفِ فِيهِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لَمْ يَتَوَقَّفَا إلَّا فِي الْعِنَبِ.
هَذَا وَيُمْكِنُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْعِنَبِ بَدَلًا مِنْ الضَّمِيرِ فِي فِيهِ فِي قَوْلِهِ وَتَوَقَّفَا فِيهِ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ وَهُوَ بَعِيدٌ لِلْفَصْلِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي فِيهِ رَاجِعًا لِلْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلتِّينِ وَالْعِنَبِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْعِنَبِ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَا فِيهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ سَوَّيَا بَيْنَهُمَا نَقْلًا عَنْ التَّهْذِيبِ فَالتَّسْوِيَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ التَّهْذِيبِ وَالتَّوَقُّفُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَلَا تَنَافِي وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ التَّوَقُّفَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِنَبِ لِأَنَّ حُكْمَ التِّينِ حُكْمُ وِفَاقٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَعَلَّ الْعِنَبَ نَوْعَانِ، وَسَكَتَ عَنْ التِّينِ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا تَمْثِيلُ الشَّارِحِ سَابِقًا بِالتِّينِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فِي الْعِنَبِ لِأَنَّهُ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِلْإِيضَاحِ، وَالتَّوَقُّفُ فِي الْحَقِيقَةِ فِي سَبَبِ الْحُكْمِ وَهُوَ تَعَدُّدُ حَمْلِهِ فِي الْعَامِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْعِنَبَ نَوْعَانِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَالتَّهْذِيبُ نَاظِرٌ لِلنَّوْعِ الَّذِي يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ، وَالْمُتَوَقِّفُ نَاظِرٌ لِلنَّوْعِ الْآخَرِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي سَبَبِ الْحُكْمِ التَّوَقُّفُ فِي الْحُكْمِ جُعِلَ التَّوَقُّفُ فِي الْحُكْمِ اهـ

(2/302)


وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ فِي التَّوَقُّفِ فِي الْعِنَبِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ مَعَ التِّينِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ، وَلَعَلَّ الْعِنَبَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَحْمِلُ مَرَّةً، وَنَوْعٌ يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ، وَذِكْرُ حُكْمِ ظُهُورِ الْبَعْضِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ مَعَ ذِكْرِ اتِّحَادِ الْحِمْلِ وَالْجِنْسِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَإِذَا بَقِيَتْ ثَمَرَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا) بِأَنْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَطْعِ أَيْ زَمَنِهِ لِلْعَادَةِ وَإِذَا جَاءَ زَمَنُ الْجَذَاذِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ الثَّمَرَةِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَلَا مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ، كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ سَقْيُ الثَّمَرَةِ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعَظُمَ ضَرَرُ الشَّجَرِ بِإِبْقَائِهَا، فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهَا، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهَا آفَةٌ وَلَا فَائِدَةَ فِي تَرْكِهَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، أَطْلَقَهُمَا الشَّيْخَانِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ
(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْإِبْقَاءِ (سَقْيٌ) إنْ (لَمْ يَضُرَّ الْآخَرَ) ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ انْتَفَعَ بِهِ شَجَرٌ وَثَمَرٌ (وَإِنْ ضَرَّهُمَا حَرُمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَلِيَ بِهِمَا أُسْوَةٌ) أَيْ اقْتِدَاءٌ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] (قَوْلُهُ فِي التَّوَقُّفِ فِي الْعِنَبِ) أَيْ بَلْ يُلْحَقُ مَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ فِي السَّنَةِ ح ل (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الرُّويَانِيُّ) فِي الْبَحْرِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ ح ل (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْعِنَبَ إلَخْ) أَيْ فَمَا فِي التَّهْذِيبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعِنَبِ كَالتِّينِ وَرَدَّ هَذَا شَيْخُنَا بِأَنَّ حَمْلَهُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ نَادِرٌ كَالنَّخْلِ، فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ فِي التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّ هَذَا التَّعَدُّدَ نَادِرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ ح ل وَفِي هَذَا الرَّدِّ بُعْدٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَنَّهُ نَوْعَانِ قَالَ ع ش وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْمَرَّةِ بَعْدَ الْمَرَّةِ أَنَّ فِيهِ نَوْعًا يَحْمِلُ سَبْعَةَ بُطُونٍ

(قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهَا) أَيْ وُجُوبًا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا غَلَبَ اخْتِلَاطُ حَادِثِهَا بِمَوْجُودِهَا أَوْ جَوَازًا وَذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ فِيمَا يَغْلِبُ فِيهِ اخْتِلَاطٌ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إلَى الْقَطْعِ) أَيْ زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ فَمَا اُعْتِيدَ قَطْعُهُ قَبْلَ نُضْجِهِ قُطِعَ كَذَلِكَ وَمَا اُعْتِيدَ قَطْعُهُ بَعْدَهُ قُطِعَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ إلَخْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تَشْمَلُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ نُضْجِهِ كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ فِي بِلَادٍ لَا يَنْتَهِي فِيهَا، كُلِّفَ الْبَائِعُ قَطْعَهَا عَلَى الْعَادَةِ وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ لِأَنَّ هَذَا وَقْتُ جَذَاذِهَا عَادَةً وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى قُيُودٍ ثَلَاثَةٍ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، فَلَهُ تَرْكُهَا إلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ: مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ إلَخْ وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ السَّقْيُ وَمَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا آفَةٌ، وَسَيَأْتِي قَيْدٌ رَابِعٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اُمْتُصَّ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْعَادَةِ) فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَادَةُ كَأَنْ اعْتَادَ قَوْمٌ تَرْكَهُ إلَى النُّضْجِ، وَقَوْمٌ قَطْعَهُ قَبْلَهُ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْبَائِعِ قَالَ الْفَارِقِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ الْبَلَدِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَمَا قَالَهُ الْفَارِقِيُّ أَوْجَهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ فَالْأَوْجَهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ع ش (قَوْلُهُ زَمَنُ الْجَذَاذِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ وَإِعْجَامِهِمَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ الثَّمَرَةِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ قَالَهُ ح ل فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ لِمَا بَعْدَ الْعَادَةِ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ سَقْيُ الثَّمَرَةِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ فَلَهُ تَرْكُهَا إلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَقَدْ لَا تَلْزَمُ التَّبْقِيَةُ، كَأَنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعِظَمِ ضَرَرِ النَّخْلِ بِبَقَائِهَا، أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ سَقْيٌ إلَخْ) أَيْ وَيُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ السَّقْيِ مِمَّا اُعْتِيدَ سَقْيُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَبِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِطًا لِنَفْسِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ اغْتَفَرُوهُ شَرْحُ م ر فَإِنْ لَمْ يَأْتَمِنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
وَلَوْ لَمْ يَسْقِ الْبَائِعُ وَطَلَبَ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَسْقِي بِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ ق ل (قَوْلُهُ فِي الْإِبْقَاءِ) وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَهُ تَرْكُهَا بِصُورَتَيْهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَعَمُّ) لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يَسْقِي أَحَدُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا بِالرِّضَا، فَكَلَامُ الْأَصْلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا حَرُمَ) عَلَى كُلٍّ بِرِضَاهُمَا لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَقَدْ ارْتَفَعَ بِرِضَاهُ وَإِنْ بَقِيَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ إتْلَافِ الْمَالِ لِغَيْرِ غَرَضٍ ح ل لَا يُقَالُ: فِيهِ إفْسَادٌ لِلْمَالِ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ مَعَ تَرَاضِيهِمَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْإِفْسَادُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ ارْتَفَعَ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِفِعْلٍ فَأَشْبَهَ إحْرَاقَ الْمَالِ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَيْسَ هُنَا إضَاعَةُ مَالٍ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَتِهَا إذَا كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا وَمُسَامَحَتُهُ هُنَا أَشْبَهَ بِالتَّرْكِ عَلَى أَنَّ هُنَا غَرَضًا وَهُوَ حِرْصُهُ عَلَى نَفْعِ صَاحِبِهِ وَعَلَى نَفْعِ نَفْسِهِ بِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا) قَدْ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ نَفْعِهِمَا بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ انْتَفَى النَّفْعُ

(2/303)


إلَّا بِرِضَاهُمَا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا (أَوْ) ضَرَّ (أَحَدَهُمَا، وَتَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ فِي السَّقْيِ، (فُسِخَ) الْعَقْدُ أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا بِإِضْرَارٍ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ سَامَحَ الْمُتَضَرِّرُ فَلَا فَسْخَ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِي وَتَنَازَعَا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ إيضَاحًا لِأَنَّهُ مَتَى سَامَحَ الْمُتَضَرِّرُ، فَلَا مُنَازَعَةَ
(وَلَوْ امْتَصَّ ثَمَرٌ رُطُوبَةَ شَجَرٍ لَزِمَ الْبَائِعَ قَطْعٌ) لِلثَّمَرِ (أَوْ سَقْيٌ) لِلشَّجَرِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي

(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا، (جَازَ بَيْعُ ثَمَرٍ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ) وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ إبْقَائِهِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ: «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» أَيْ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا، وَقَبْلَهُ تَسَرُّعٌ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (فَإِنْ بِيعَ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ أَصْلِهِ (لَمْ يَجُزْ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، (إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) فَيَجُوزُ إجْمَاعًا بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْبَيْعِ مِنْ كَوْنِهِ مَرْئِيًّا، مُنْتَفَعًا بِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لِمُشْتَرٍ) فَيَجِبُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَالضَّرَرُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَقِّهِمَا وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ الْمَنْعُ، وَهَذَا فِي الرَّشِيدِ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ ق ل (قَوْلُهُ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَفْسَخُ هُوَ الْمُتَضَرِّرُ ح ل وَع ش وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا قِيلَ مِمَّا يُخَالِفُهُ فَضَعِيفٌ، فَاحْذَرْهُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]
(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى بَائِعٍ مَا بَدَا صَلَاحُهُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ) وَلَوْ حَبَّةً فِي بُسْتَانٍ بِأَنْ بَلَغَ صِفَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا ح ل (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ الْإِطْلَاقِ التَّعْمِيمَ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَغْلِبْ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ ح ل (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ) أَيْ إذَا بِيعَ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، أَمَّا إذَا بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ فَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي وَإِنْ أَوْهَمَ تَفْصِيلُهُ ثَمَّ عَدَمَ جَرَيَانِ ذَلِكَ هُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ قَالَ سم فَإِنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ فَأَخْلَفَ فَمَا أَخْلَفَهُ لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ قَلْعِهِ فَإِنَّ مَا أَخْلَفَهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ) لِأَنَّ مَفْهُومَ الْغَايَةِ يُحْتَجُّ بِهِ ح ل (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْحَدِيثُ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي تَأْوِيلِ نَكِرَةٍ بَعْدَ النَّفْيِ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ فَيَكُونُ عَامًّا.
وَعِبَارَةُ ع ن وَهُوَ أَيْ الْحَدِيثُ صَادِقٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، لَكِنْ يُخَصِّصُهُ الْإِجْمَاعُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا يَأْتِي اهـ وَكَذَا مَفْهُومُهُ صَادِقٌ بِالصِّحَّةِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ع ش (قَوْلُهُ فَيَفُوتُ) أَيْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِهَذَا الْمَعْنَى الْفَارِقُ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَأَيْت إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ح ل وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْفَوَاتِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ أَرَأَيْت) أَيْ أَخْبِرْنِي يَا بَائِعُ
وَقَوْلُهُ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ أَيْ سَلَّطَ عَلَيْهَا الْعَاهَةَ أَيْ فَإِنَّ مَنْعَ الثَّمَرَةِ لَا يَكُونُ غَالِبًا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِضَعْفِهَا حِينَئِذٍ ح ل، وَالْعَاهَةُ الْآفَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ وَحْدَهُ) أَيْ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ، وَخَرَجَ بِالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ، فَلَا يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِمَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِجَائِحَةٍ لَا يَفُوتُ عَلَى الْمُتَّهِبِ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَرَةِ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوَثُّقِ، وَدَيْنُهُ بَاقٍ بِحَالِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الثَّمَرَةِ بِعَاهَةٍ يُضَيِّعُ الثَّمَنَ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، فَاحْتِيجَ فِيهِ لِشَرْطِ الْقَطْعِ لِيَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) أَيْ خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) أَيْ حَالًا وَلَا تُغْنِي عَنْهُ الْعَادَةُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقَطْعُ فَوْرًا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لَوْ تَأَخَّرَ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لِغَلَبَةِ الْمُسَامَحَةِ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا م ر إلَّا إنْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ بِهِ، وَالشَّجَرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَسْلِيمِ الثَّمَرِ بِدُونِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ كَوْنَ ظَرْفِ الْمَبِيعِ عَارِيَّةً وَلَوْ اسْتَثْنَى بَائِعٌ الشَّجَرَةِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ بَلْ يَجُوزُ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ ق ل (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إجْمَاعًا) وَالْإِجْمَاعُ مُخَصِّصٌ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا يَبْدُو صَلَاحُهُ مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ مُنْتَفِعًا بِهِ) لَا يُقَالُ: إنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ النَّفْعِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا شَرْطٌ زَائِدٌ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ لِوُجُوبِ قَطْعِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ وُجُودُ النَّفْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَجَحْشٍ صَغِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ فَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَرْبِيَتِهِ عَلَى الشَّجَرِ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ إلَخْ) هُوَ غَايَةٌ لِعَدَمِ الْجَوَازِ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ

(2/304)


لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى، (لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ وَفَاءٌ) بِهِ فِي هَذِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ عَنْ أَصْلِهِ، عَلَى أَنَّهُ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ، صِحَّةَ بَيْعِهِ لَهُ بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا، وَلَوْ بَاعَ ثَمَرَةً عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى عَلَيْهَا، فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ

(أَوْ) بِيعَ الثَّمَرُ (مَعَ أَصْلِهِ) بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ (جَازَ، لَا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِلْعَاهَةِ أَمَّا بَيْعُهُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ، وَفَارَقَ جَوَازَ بَيْعِهِ لِمَالِكِ أَصْلِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ بِوُجُودِ التَّبَعِيَّةِ هُنَا، لِشُمُولِ الْعَقْدِ لَهُمَا وَانْتِفَائِهَا ثَمَّ، فَإِنْ فَصَّلَ كَبِعْتُكَ الْأَصْلَ بِدِينَارٍ وَالثَّمَرَةَ بِنِصْفِهِ، لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الثَّمَرَةِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ وَتَعْبِيرِي بِالْأَصْلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّجَرِ، لِشُمُولِهِ بَيْعَ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ خَالَفَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ حَيْثُ قَالَا: بِوُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا فِي الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ لِتَعَرُّضِ أَصْلِهِ لِلْعَاهَةِ:

(وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ) وَلَوْ بَقْلًا (بِالْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ) فِي الثَّمَرِ وَبِاشْتِرَاطِ الْقَلْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (إنْ بَدَا صَلَاحُهُ وَإِلَّا فَ) يَجُوزُ بَيْعُهُ (مَعَ أَرْضِهِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الثَّمَرِ (أَوْ قَلْعِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَحْدَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَوْ لِمَالِكِ أَصْلِهِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى
فَقَوْلُهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْجَوَازِ لِمَالِكِ الْأَصْلِ لَا لِقَوْلِهِ شَرْطُ الْقَطْعِ تَأَمَّلْ. لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ لَهُ الْإِجْمَاعُ ح ل (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» فَإِنَّهُ عَامٌّ لِمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِأَصْلِ الثَّمَرِ، وَالْعُمُومُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِجْمَاعِ الْمُخَصِّصِ لِلْخَبَرِ س ل
وَقَوْلُهُ وَالْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُهُ، وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ عَامٌّ أَيْضًا لِمَا إذَا بَاعَهَا لِمَالِكِ الْأَصْلِ أَيْ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ وَفَاءٌ، وَانْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ فِي الشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ؟ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ صُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ إلَخْ) وَقَالَ م ر بَعْدَ مَا ذُكِرَ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لِعُمُومِ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى إذْ الْمَبِيعُ الثَّمَرَةُ وَلَوْ تَلِفَتْ لَمْ يَبْقَ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ ثَمَرَةً إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ فِيمَا سَبَقَ وَصَرَّحَ بِهِ م ر فَقَالَ: وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إنْ بِيعَ وَهُوَ عَلَى شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَيْعُ ثَمَرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ) أَفْهَمَ جَوَازَ شَرْطِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ سم عَلَى حَجّ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِتَفْرِيغِ مِلْكِ الْبَائِعِ ع ش (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ) أَيْ عَدَمُ الْإِبْقَاءِ

(قَوْلُهُ أَوْ مَعَ أَصْلِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَاصٌّ بِمَا إذَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ س ل (قَوْلُهُ بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ) أَيْ صَفْقَةً وَاحِدَةً ح ل (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ بَيْعُهُ مَعَ أَصْلِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ
وَقَوْلُهُ جَوَازُ بَيْعِهِ لِمَالِكِ أَصْلِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لِوُجُودِ التَّبَعِيَّةِ هُنَا أَيْ فِي بَيْعِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَانْتِفَائِهَا ثُمَّ أَيْ فِي بَيْعِهِ لِمَالِكٍ. (قَوْلُهُ بِوُجُودِ التَّبَعِيَّةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الصِّيغَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لِشُمُولِ الْعَقْدِ، وَالتَّبَعِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الصِّيغَةِ، وَيَدْخُلُ تَبَعًا لَوْ بَاعَ الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ التَّبَعِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ وَهُوَ الشَّجَرَةُ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ وَإِنْ ذُكِرَتْ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الشَّجَرَةُ لِحُصُولِهَا فِي جَمِيعِ الْأَعْوَامِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا مَاءٌ عَذْبٌ بِمِثْلِهَا فَالْمَاءُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ قَالُوا: لِأَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ مَقْصُودَ الْعَيْنِ بِالنَّظَرِ لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ، فَافْهَمْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْ. ع ش (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ ثَمَرٌ لِلْبَقْلِ ح ل (قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَا بِوُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا) أَيْ بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا، وَيُرَدُّ هَذَا بِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِثْمَارِ يَأْمَنُ الْعَاهَةَ. اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَسْتَتِرْ فِي سُنْبُلِهِ وَأَمَّا إذَا اسْتَتَرَ فِي سُنْبُلِهِ كَالْبُرِّ فَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي حَالِ اسْتِتَارِهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ وَلَوْ بَقْلًا، أَيْ لَا يُجَزُّ مِرَارًا كُلٌّ مِنْ الزَّرْعِ وَالْبَقْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مِمَّا يَخْتَلِطُ حَادِثُهُ بِالْمَوْجُودِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَقْلًا) يَقْتَضِي أَنَّ الزَّرْعَ لَا يُسَمَّى بَقْلًا مَعَ أَنَّ تَفْسِيرَ الْبَقْلِ بِخَضْرَاوَاتِ الْأَرْضِ يَشْمَلُ الزَّرْعَ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُخَصَّ الْخَضْرَاوَاتُ بِنَحْوِ الْمُلُوخِيَّةِ وَالرِّجْلَةِ وَالْخُبَّيْزَةِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَلَوْ بَقْلًا أَيْ فَالْمُرَادُ الزَّرْعُ هُنَا مَا لَيْسَ شَجَرًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ وَلَوْ بَقْلًا غِيَابُهُ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَشْمَلُ الْأَخْضَرَ وَغَيْرَهُ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فِي أَوَانِ حَصَادِهِمَا (قَوْلُهُ بِالْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ) أَيْ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي ح ل وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى زَادَ، فَالزِّيَادَةُ حَتَّى السَّنَابِلُ لِلْبَائِعِ وَقَدْ اخْتَلَطَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ اخْتِلَاطًا لَا يَتَمَيَّزُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَمْ يَقْلَعْ حَتَّى زَادَ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ، فَمَا ظَهَرَ يَكُونُ لَهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ أَوْ قَلْعِهِ) وَإِذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ قَلْعِهِ فَقَطَعَهُ ثُمَّ أَخْلَفَ كَانَ مَا أَخْلَفَهُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِذَا بَاعَهُ أُصُولٌ نَحْوَ بِطِّيخٍ أَوْ قَرْعٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَحَدَثَتْ هُنَاكَ زِيَادَةٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْأَخْذِ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ

(2/305)


لَا مُطْلَقًا وَلَا بِشَرْطِ إبْقَائِهِ، وَتَعْبِيرِي بِالْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ وَبِبُدُوِّ الصَّلَاحِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ فِي بَيْعِ بَقْلٍ بَدَا صَلَاحُهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيِّ
وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ: وَحُمِلَ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ كَالْأَصْلِ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ عَلَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَقَوْلِي أَوْ قَلْعِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الثَّمَرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ مِنْ الْأَرْضِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ مُسْتَتِرٍ فِي سُنْبُلِهِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ كِمٌّ لَا يُزَالُ إلَّا لِأَكْلٍ وَأَنَّ مَا لَهُ كِمَّانِ يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي الْكِمِّ الْأَسْفَلِ دُونَ الْأَعْلَى
(دَرْسٌ) (وَبُدُوُّ صَلَاحِ مَا مَرَّ) مِنْ ثَمَرٍ وَغَيْرِهِ (بُلُوغُهُ صِفَةً يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا) ، وَعَلَامَتُهُ فِي الثَّمَرِ الْمَأْكُولِ الْمُتَلَوِّنِ، أَخْذُهُ فِي حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ صُفْرَةٍ كَبَلَحٍ وَعُنَّابٍ وَمِشْمِشٍ وَإِجَّاصٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ، وَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ مِنْهُ كَالْعِنَبِ، الْأَبْيَضِ لِينُهُ وَتَمْوِيهُهُ وَهُوَ صَفَاؤُهُ وَجَرَيَانُ الْمَاءِ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شُرِطَ الْقَلْعُ أَوْ الْقَطْعُ وَبِهِ تُعْلَمُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ أُصُولِ الزَّرْعِ وَنَحْوِ الْبِطِّيخِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا وَلَا بِشَرْطِ إبْقَائِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَحُمِلَ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِرَعْيِ الْبَهَائِمِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ أَوْ يَسْتَعِيرَهَا اهـ ز ي وَح ف (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِيعَ الثَّمَرُ مَعَ أَصْلِهِ جَازَ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ مَعَ قَوْلِهِ أَمَّا بَيْعُهُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ، وَغَرَضُهُ مِنْ هَذَا تَقْيِيدُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَمَعَ أَرْضِهِ،
وَقَوْلُهُ وَمِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذِهِ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَتْنِ، مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهَا هُنَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إذْ الَّذِي مَرَّ فِي الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ التَّقْيِيدُ فِي الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَأَمَّا مَا بَدَا صَلَاحُهُ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهَذَا الْقَيْدِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ أَيْضًا كَمَا صَنَعَ الْحَوَاشِيُّ، هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ فِي فَهْمِ الْعِبَارَةِ
(قَوْلُهُ وَمِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْكَتَّانُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ يَظْهَرُ جَوَازُ بَيْعِهِ، لِأَنَّ مَا يُغْزَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ وَالسَّاسُ فِي بَاطِنِهِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالنَّوَى اهـ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مَا لَمْ يُبَعْ مَعَ بِزْرِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بَيْعُ حَبٍّ مُسْتَتِرٍ فِي سُنْبُلِهِ) كَبُرٍّ وَسِمْسِمٍ وَعَدَسٍ وَحِمَّصٍ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَصْلِهِ، وَأَمَّا إذَا بِيعَ الْأَصْلُ وَحْدَهُ فَيَصِحُّ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبِرْسِيمِ مَعَ حَبِّهِ وَقَدْ انْعَقَدَ وَلَوْ لِرَعْيِ الْبَهَائِمِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ حَبِّهِ لَيْسَ مَقْصُودًا الْآنَ بِخِلَافِ شَعِيرٍ وَذُرَةٍ وَأُرْزٍ فِي السُّنْبُلِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِخِلَافِ السَّلَمِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِ خِفَّةً وَرَزَانَةً، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ جَزَرٍ وَفُجْلٍ وَثُومٍ وَبَصَلٍ فِي الْأَرْضِ لِاسْتِتَارِ مَقْصُودِهِ بِخِلَافِ الْخَسِّ وَالْكُرُنْبِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ، لِأَنَّ مَا سُتِرَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودٍ غَالِبًا ح ل
وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ شَعِيرٍ قَالَ سم يَنْبَغِي فِي الشَّعِيرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ سُنْبُلَةٍ وَلَا يُقَالُ: رُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ فُرِّقَتْ أَجْزَاءُ الصُّبْرَةِ، لَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ كِمٌّ) كَالرُّمَّانِ وَطَلْعِ النَّخْلِ وَالْبِطِّيخِ ح ل وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكِمَّةٌ وَكِمَامٌ وَأَكَامِيمُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَا لَهُ كِمَّانِ) كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا ح ل (قَوْلُهُ فِي الْكِمِّ الْأَسْفَلِ) لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ دُونَ الْأَعْلَى لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) وَهُوَ الزَّرْعُ
وَقَوْلُهُ بُلُوغُهُ أَيْ وُصُولُهُ
وَقَوْلُهُ صِفَةً أَيْ حَالَةً
وَقَوْلُهُ يُطْلَبُ فِيهَا، فِي سَبَبِيَّةٌ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ يُطْلَبُ بِسَبَبِهَا، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَهَا وَيُمْكِنُ بَقَاؤُهَا عَلَى حَالِهَا مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ يُطْلَبُ فِي أَوَانِهَا
(قَوْلُهُ وَعَلَامَتُهُ فِي الثَّمَرِ الْمَأْكُولِ إلَخْ) وَفِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْقَرَظِ أَنْ يَتَهَيَّأَ لِمَا قُصِدَ مِنْهُ كَدَبْغٍ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ أَحَدُهَا بِاللَّوْنِ كَالْبَلَحِ وَالْعُنَّابِ، ثَانِيهَا بِالطَّعْمِ كَحَلَاوَةِ الْقَصَبِ وَحُمُوضَةِ الرُّمَّانِ، ثَالِثُهَا بِالنُّضْجِ وَاللِّينِ كَالتِّينِ وَالْبِطِّيخِ، رَابِعُهَا بِالْقُوَّةِ وَالِاشْتِدَادِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، خَامِسُهَا بِالطُّولِ وَالِامْتِلَاءِ كَالْعَلَفِ وَالْبُقُولِ، سَادِسُهَا بِالْكِبَرِ كَالْقِثَّاءِ، سَابِعُهَا بِانْشِقَاقِ كِمَامِهِ كَالْقُطْنِ وَالْجَوْزِ، ثَامِنُهَا بِانْفِتَاحِهِ كَالْوَرْدِ وَبَقِيَ مِنْهَا مَا لَا كِمَامَ لَهُ كَالْيَاسَمِينِ فَبِظُهُورِهِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي الْأَخِيرَةِ ق ل
(قَوْلُهُ الْمَأْكُولِ الْمُتَلَوِّنِ) أَيْ غَيْرِ اللَّيْمُونِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَلَوُّنُهُ أَيْ طُرُوُّ لَوْنٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصُّفْرَةُ (قَوْلُهُ كَبَلَحٍ وَعُنَّابٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ اط ف وَهُمَا مِثَالَانِ لِلْحُمْرَةِ وَقَوْلُهُ وَمِشْمِشٍ مِثَالٌ لِلصُّفْرَةِ
وَقَوْلُهُ وَإِجَّاصٍ مِثَالٌ لِلسَّوَادِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْقَرَاصِيَّةِ فَاللَّفُّ وَالنَّشْرُ مُلَخْبِطٌ، وَقِيلَ: الْبَلَحُ مِثَالٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَقْعَدُ ق ل.
(قَوْلُهُ كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ) إنْ قُلْت: إذَا كَانَ أَبْيَضَ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْمُتَلَوِّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُتَلَوِّنُ هُوَ الَّذِي يَحْدُثُ لَهُ لَوْنٌ بَعْدَ آخَرَ وَهَذَا الْعِنَبُ أَبْيَضُ خِلْقَةً وَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْبَيَاضِ، فَكَانَ نَوْعًا مِنْ الْعِنَبِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ بِقَوْلِهِ الْأَبْيَضِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْعِنَبِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَتَمْوِيهُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالْأَوْلَى تَمَوُّهُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ: فِي فِعْلِهِ تَمَوَّهَ إذَا لَانَ وَلَيْسَ مَصْدَرُهُ عَلَى تَمْوِيهٍ نَعَمْ يُقَالُ: مَوَّهَ الشَّيْءَ تَمْوِيهًا طَلَاهُ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ وَتَحْتَ

(2/306)


وَفِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ أَنْ يُجْنَى غَالِبًا لِلْأَكْلِ، وَفِي الزَّرْعِ اشْتِدَادُهُ بِأَنْ يَتَهَيَّأَ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَفِي الْوَرْدِ انْفِتَاحُهُ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ الْمَأْخُوذِ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِئِ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ (وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ) وَإِنْ قَلَّ (كَظُهُورِهِ) ، فَيَصِحُّ بَيْعُ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ إنْ اتَّحَدَ بُسْتَانٌ وَجِنْسٌ وَعَقْدٌ، وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَيُشْتَرَطُ الْقَطْعُ فِيمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ دُونَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ لِإِفَادَتِهِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ، أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ

(وَعَلَى بَائِعٍ مَا بَدَا صَلَاحُهُ) مِنْ ثَمَرٍ وَغَيْرِهِ وَأَبْقَى، (سَقْيُ مَا بَقِيَ) قَبْلَ التَّخْلِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ نُحَاسٌ أَوْ حَدِيدٌ، وَمِنْهُ التَّمْوِيهُ وَهُوَ التَّلْبِيسُ اهـ مُخْتَارٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا ع ش.
(قَوْلُهُ وَفِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ) مُقْتَضَى عَطْفِهِ عَلَى الثَّمَرِ وَإِفْرَادِهِ بِعَلَامَةٍ عَلَى حِدَتِهِ، أَنَّهُ لَا يُقَالُ: لَهُ ثَمَرٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: ثَمَرٌ فِي قَوْلِهِ، وَتَعْبِيرِي بِالْأَصْلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّجَرِ لِشُمُولِهِ بَيْعَ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ النَّحْوِ الْقِثَّاءُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي قَوْلِهِ وَفِي الْوَرْدِ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الزَّرْعِ لِأَنَّهُ مِنْ الثَّمَرِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ أَعَمُّ وَأَوْلَى) وَجْهُ الْعُمُومِ ظَاهِرٌ لِشُمُولِهِ الزَّرْعَ وَأَمَّا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ فِيهَا الْإِخْبَارُ بِالْخَاصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ ظُهُورُ مَبَادِئِ النُّضْجِ إلَخْ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا فِيهِ حَلَاوَةٌ كَالْقَصَبِ وَالرُّمَّانِ، وَلَيْسَ شَامِلًا لِلِينِ الْعِنَبِ وَتَمْوِيهِهِ، وَالنُّضْجُ فِي كَلَامِهِ اسْتِوَاؤُهُ وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ عَنْ الْعَامِّ، وَهُوَ وَقَوْلُهُ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ لِأَنَّ الثَّمَرَ فِي كَلَامِهِ شَامِلٌ لِلْقَرْعِ وَالْخِيَارِ وَالْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَاللَّيْمُونِ الْمَالِحِ وَالْحُلْوِ وَالرُّمَّانِ الْحُلْوِ وَالْحَامِضِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَأَيْضًا يُوهِمُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ اللِّينِ وَالتَّمْوِيهِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ، مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فِيهِ وَأَيْضًا يُوهِمُ أَنَّ الصُّفْرَةَ لَيْسَتْ بُدُوَّ الصَّلَاحِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَّصِفُ بِهَا كَالْمِشْمِشِ وَأَيْضًا يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ مَعَ أَنَّ الرُّمَّانَ الْحَامِضَ بُدُوُّ صَلَاحِهِ الْحُمُوضَةُ وَأَجَابَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ. بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ مُتَعَلِّقٌ بِبُدُوٍّ وَظُهُورٍ فَاسْتَوَى عَلَى هَذَا الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ فِي الْخُصُوصِ شَيْخُنَا.
وَأُجِيبَ عَنْ الْأَخِيرِ بِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَالْحَلَاوَةُ بِمَعْنًى أَوْ فَيَشْمَلُ الرُّمَّانَ وَالْحَامِضَ وَاللَّيْمُونَ الْحَامِضَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْإِخْبَارَ بِالْخَاصِّ عَنْ الْعَامِّ لَا يَنْدَفِعُ عَلَى كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِلرُّمَّانِ الْحَامِضِ وَالْقَرْعِ وَالْبَاذِنْجَانِ لِعَدَمِ الْحَلَاوَةِ فِيهَا
وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَفِي غَيْرِهِ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ الْخَبَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ، وَلَوْ حَذَفَ الْبَاءَ لَكَانَتْ مِنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ) كَحَبَّةِ عِنَبٍ فِي بُسْتَانٍ وَسُنْبُلَةٍ فِي زَرْعٍ كَثُرَ جِدًّا، لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ مَا لَا يَخْفَى، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تُبَاعَ الْحَبَّةُ بَعْدَ الْحَبَّةِ ح ل. وَعِبَارَةُ م ر لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا بِطَيِّبِ الثِّمَارِ عَلَى التَّدْرِيجِ إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ، فَلَوْ شُرِطَ طِيبُ جَمِيعِهِ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ لِأَنَّ السَّابِقَ قَدْ يَتْلَفُ، أَوْ تُبَاعُ الْحَبَّةُ بَعْدَ الْحَبَّةِ وَفِي كُلٍّ حَرَجٌ شَدِيدٌ اهـ
وَقَوْلُهُ كَظُهُورِهِ أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي ظُهُورِ الْبَعْضِ كَالتَّأْبِيرِ حَيْثُ اُكْتُفِيَ بِالْبَعْضِ أَيْ عَنْ الْكُلِّ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إنْ اتَّحَدَ إلَخْ ح ل أَيْ فَكَمَا أَنَّ ظُهُورَ الْبَعْضِ فِيمَا مَرَّ كَظُهُورِ الْكُلِّ، فَكَذَلِكَ جُعِلَ هُنَا بُدُوُّ صَلَاحِ الْبَعْضِ كَبُدُوِّ صَلَاحِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ كَظُهُورِهِ) التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ التَّبَعِيَّةِ وَفِي الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَعَقْدٌ) أَيْ وَحَمْلٌ فِي ثَمَرٍ وَإِنَّمَا أَسْقَطَهُ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الثَّمَرِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ أَيْ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ الزَّرْعَ وَلَا يُقَالُ: فِيهِ حَمْلٌ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ بَاعَ الثَّمَرَةَ الْمَوْجُودَةَ وَهُنَاكَ بَاعَ الْأُصُولَ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ بِظُهُورِ بَعْضِهَا بِتَبَعِيَّةِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِمَا ظَهَرَ، إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ أَثْمَرَ التِّينُ بَطْنًا بَدَا صَلَاحُهَا وَبَطْنًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَبِيعَ الْكُلُّ، وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ دُونَ مَا بَدَا
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَبُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ
وَقَوْلُهُ لِإِفَادَتِهِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ بُسْتَانٌ
وَقَوْلُهُ أَوْلَى وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ يُوهِمُ الِاكْتِفَاءَ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَعْضِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ

(قَوْلُهُ وَعَلَى بَائِعِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ) أَيْ حَيْثُ بَاعَهُ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَصْلِ مِنْ شَجَرٍ وَأَرْضٍ فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ سَقْيٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا شَرْحُ م ر وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ السَّقْيُ إذَا بَاعَهُ مَعَ الْأَصْلِ بِالْأَوْلَى سم عَلَى حَجّ، وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ لِزَيْدٍ ثُمَّ بَاعَ الشَّجَرَةَ لِعَمْرٍو هَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ السَّقْيُ؟ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ اللُّزُومُ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ السَّقْيَ، فَبَيْعُ الشَّجَرَةِ لِغَيْرِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا الْتَزَمَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَأَبْقَى) أَيْ اسْتَحَقَّ إبْقَاءَهُ بِأَنْ بِيعَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ إبْقَائِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، فَلَوْ بِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إلَخْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ سَقْيُ مَا بَقِيَ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّا يُسْقَى وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى سَقْيٍ كَأَنْ كَانَ يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ كَالْبَعْلِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ

(2/307)


وَبَعْدَهَا قَدْرَ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ التَّلَفِ وَالْفَسَادِ، لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ فَلَوْ شُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّتِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ: أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي إلَّا الْإِبْقَاءُ فَلَوْ بِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ السَّقْيُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ (وَيَتَصَرَّفُ) فِيهِ (مُشْتَرِيهِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ تَخْلِيَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ لِحُصُولِ قَبْضِهِ بِهَا، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَبِمَا ذُكِرَ، عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ، كَانَ أَوْلَى بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ مِمَّا لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْقَطْعِ الْمَشْرُوطِ، أَمَّا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَنَظَائِرِهِ
(فَلَوْ تَلِفَ بِتَرْكِ سَقْيٍ) مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. (أَوْ تَعَيَّبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا) اُنْظُرْ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي هَلْ يَسْقُطُ السَّقْيُ عَنْ الْبَائِعِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ السَّقْيُ لَهُ؟ أَوْ لَا، وَيَحِلُّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَحَلَّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ السَّقْيُ لَهُ، اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ الثَّانِيَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا، وَوَجَدَ بِهَا حِجَارَةً ثُمَّ بَاعَهَا لِآخَرَ. الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ السَّقْيَ لَهُ غَايَةٌ بِخِلَافِ وَضْعِ الْأَحْجَارِ بِالْأَرْضِ اهـ وَجَزَمَ الْعَنَانِيُّ بِالثَّانِي فَقَالَ: يَلْزَمُ الْبَائِعَ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي وَانْظُرْ حُكْمَ هِبَتِهِ هَلْ هِيَ كَبَيْعِهِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ وَانْظُرْ أَيْضًا لَوْ تَلِفَ الثَّمَرُ بِتَرْكِ السَّقْيِ هَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الثَّانِي فَقَطْ؟ أَوْ وَالْأَوَّلُ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَلَعَلَّ الثَّانِيَ فِي الْجَمِيعِ أَقْرَبُ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ قَدْرِ مَا يَنْمُو) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا يُدْفَعُ بِهِ عَنْهُ التَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَقْيٍ يُنَمِّيهِ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ وَيَسْلَمُ مِنْ التَّلَفِ عَطْفٌ مُغَايِرٌ، وَالْفَسَادِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوْ مُغَايِرٍ إنْ أُرِيدَ بِهِ التَّعَيُّبُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ) أَيْ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ) إيضَاحُهُ أَنَّ الْبَائِعَ الْتَزَمَ الْبَقَاءَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَهُوَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالسَّقْيِ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ فَلَوْ شُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ) سَوَاءٌ أَشُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي سَقْيُهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُعَدِّ لَهُ أَوْ بِجَلْبِ مَاءٍ لَيْسَ مُعَدًّا لِسَقْيِ الشَّجَرَةِ الْمَبِيعَةِ ثَمَرَتُهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَأَبْقَى ع ش (قَوْلُهُ فَلَوْ بِيعَ) أَيْ مَا بَدَا صَلَاحُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَبَاعَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ح ل (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ السَّقْيُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ أَخْذُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى السَّقْيِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ السَّقْيُ وَخَرَجَ بِبَعْدِ التَّخْلِيَةِ مَا قَبْلَهَا، فَيَلْزَمُهُ السَّقْيُ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ السَّقْيُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ، مَفْهُومُهُ وُجُوبُ السَّقْيِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ قَطْعُهُ حَالًا وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ هَذَا الْقَيْدَ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَمَا قَبْلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ فَلَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِ الْبَائِعِ السَّقْيَ الَّذِي يُنَمِّيهِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ
وَقَدْ يُقَالُ: بِوُجُوبِهِ قَبْلِ التَّخْلِيَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْبَائِعِ حَيْثُ لَمْ يُخَلَّ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهُ فَإِذَا تَلِفَ بِتَرْكِ السَّقْيِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ وَقَدْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَبْرَأُ مِنْ إسْقَاطِ الضَّمَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَدَا صَلَاحُهُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا بَدَا صَلَاحُهُ خَاصَّةً، إذْ عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَفْرَادِهِ لَا مَعْلُومٍ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ
ح ل (قَوْلُهُ بَعْدَ تَخْلِيَةٍ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَهُ أَمْ لَا، فَهُوَ غَايَةٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلتَّصَرُّفِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا ح ل قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلْ غَايَةً لَهُمَا أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، اهـ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ قَبْضِهِ بِهَا) أَيْ بِالتَّخْلِيَةِ وَإِنْ دَخَلَ أَوَانُ الْجَذَاذِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَحْصُلُ قَبْضُ الثَّمَرِ الَّذِي بَلَغَ أَوَانَ الْجَذَاذِ إلَّا بِقَطْعِهِ م ر وَانْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ مَعَ أَنَّ الَّذِي شَرَطَ قَطْعَهُ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهُ إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ سم
قَوْلُهُ «أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» أَيْ عَنْ الْمُشْتَرِي جَمْعُ جَائِحَةٍ وَهِيَ الْعَاهَةُ وَالْآفَةُ كَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَالْأَغْرِبَةِ أَيْ بِوَضْعِ ثَمَنِ مُتْلَفِ الْجَوَائِحِ. (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ) أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ ح ل، فَيَكُونُ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَلِفَ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ تَخْلِيَةٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِالتَّلَفِ، وَلَا خِيَارَ بِالتَّعَيُّبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالتَّخْلِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ تَلَفِهِ أَوْ تَعَيُّبِهِ بِسَبَبِ تَرْكِ السَّقْيِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ شَيْخُنَا وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَعَلَى بَائِعِ مَا بَدَا صَلَاحُهُ إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ فُرِّعَ هَذَا عَلَيْهِ بِالْفَاءِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَعَيَّبَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّعَيُّبِ هُنَا عُرُوضُ مَا يُنْقِصُهُ عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ عَدَمَ نُمُوِّهِ كَنُمُوِّ

(2/308)


بِهِ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَائِحَةُ مِنْ ضَمَانِهِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَ الْبَائِعَ التَّنْمِيَةَ بِالسَّقْيِ فَالتَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ كَالتَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ قَبْلَ الْقَبْضِ

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرٍ (يَغْلِبُ) تَلَاحُقُهُ وَ (اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ) وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ (كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، (إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَافِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ وَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ، بَيْعَهُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ إبْقَائِهِ كَمَا مَرَّ. (فَإِنْ وَقَعَ اخْتِلَاطٌ فِيهِ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي، (أَوْ فِيمَا لَا يَغْلِبُ) اخْتِلَاطُهُ (قَبْلَ التَّخْلِيَةِ) سَوَاءٌ أَنَدَرَ؟ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ، أَمْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ؟ أَمْ جُهِلَ الْحَالُ؟ (خُيِّرَ مُشْتَرٍ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ (إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ) بِهِ (بَائِعٌ) بِهِبَةٍ أَوْ إعْرَاضٍ، وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الْمُبَادَرَةُ بِالْفَسْخِ
فَإِنْ بَادَرَ الْبَائِعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
نَوْعِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّقْيُ قَدْرَ مَا يُنَمِّيهِ وَيَقِيهِ عَنْ التَّلَفِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَوْ تَعَيَّبَ بِهِ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) أَيْ فَوْرًا خَرَّجَ مَا لَوْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِهِ وَانْظُرْ لَوْ تَعَيَّبَ بِهِمَا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ؟ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي هَلْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ بِتَرْكِ السَّقْيِ؟ يُحَرَّرُ شَوْبَرِيٌّ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَرْشَ الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ السَّقْيُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَنْ غَارَتْ الْعَيْنُ أَوْ انْقَطَعَ النَّهْرُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَلَا انْفِسَاخَ بِالتَّلَفِ أَيْضًا سم وَلَا يُكَلَّفُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إجْرَاءَ مَاءٍ آخَرَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ) فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ وَآلَ بِهِ التَّعَيُّبُ إلَى التَّلَفِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَفْسَخْ، لَمْ يَغْرَمْ لَهُ الْبَائِعُ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْجَائِحَةُ) أَيْ مُتْلَفُهَا وَالْوَاوُ لِلْحَالِ
وَقَوْلُهُ مِنْ ضَمَانِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّخْلِيَةِ ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ) عِلَّةٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالتَّلَفُ وَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِهِمَا بِالْجَائِحَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَكَوْنُ مُتْلَفِ الْجَائِحَةِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَا يُنَافِي كَوْنَ مُتْلَفِ تَرْكِ السَّقْيِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا) أَيْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَالْمُرَادُ زَرْعٌ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى بِحَيْثُ يَكُونُ بَعْضُهُ لِلْبَائِعِ وَبَعْضُهُ لِلْمُشْتَرِي ح ل (قَوْلُهُ مَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِمَوْجُودِهِ) أَيْ يَقِينًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِيمَا لَا يَغْلِبُ سَوَاءٌ أَنَدَرَ إلَخْ ع ش وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ تَمَيَّزَ بِكِبَرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ رَدَاءَةٍ أَوْ جَوْدَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ.
(قَوْلُهُ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ ذِكْرَهُ فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَأَنَّ الِاخْتِلَاطَ يُغْنِي عَنْهُ، فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي الْمَتْنِ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ التَّلَاحُقَ فَالتَّلَاحُقُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ لِجَوَازِ أَنْ تَظْهَرَ ثَمَرَةٌ ثَانِيَةٌ قَبْلَ قَطْعِ الْأُولَى وَلَا تَشْتَبِهُ بِهَا لِصِغَرِهَا أَوْ رَدَاءَتِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ إنْ حُمِلَ التَّلَاحُقُ عَلَى مُشَارَكَتِهِ لِلْأَوَّلِ فِي الْوُجُودِ وَالصِّفَةِ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ لِأَنَّ حُكْمَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَقَدَّمَ أَنَّ صِحَّةَ بَيْعِهِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْمِيمِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَهُوَ جَائِزٌ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِنَاءً عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ بِمَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ حَالًا كَمَا تَقَدَّمَ ع ش.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ) لِاخْتِلَاطِ الْحَادِثِ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْبَائِعِ بِالْمَبِيعِ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالتَّسَلُّمِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) فَالشَّرْطُ فِي الْحَالِ وَالْقَطْعُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِالْقَطْعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ اقْتَضَى أَنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ حَالَةَ الْبَيْعِ وَأَقُولُ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَيُكَلَّفُ الْقَطْعَ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ح ل
(قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ) وَهُوَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَغْلِبُ) وَهُوَ مَا يَنْدُرُ اخْتِلَاطُهُ أَوْ تَسَاوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ يُجْهَلُ حَالُهُ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِ فَصْلٌ جَازَ بَيْعُ ثَمَرٍ بَدَا صَلَاحُهُ إلَخْ، وَذِكْرُهُ تَوْطِئَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِهِ إذَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَاطُ ع ش (قَوْلُهُ خُيِّرَ مُشْتَرٍ) وَهُوَ خِيَارُ عَيْبٍ فَيَكُونُ فَوْرِيًّا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَاكِمٍ لِصِدْقِ حَدِّ الْعَيْبِ السَّابِقِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ صَارَ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ فَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْمَحْ بَائِعٌ، جَاءَ فِيهِ مَا يَأْتِي وَلَا يَخْفَى أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ حِينَئِذٍ الْبَائِعُ شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ لِلْحَلَبِيِّ. (قَوْلُهُ بِهِبَةٍ) إنْ قَلَّتْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَوْهُوبِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ قُلْت جَازَتْ الْهِبَةُ هُنَا وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ غَيْرَ مَعْلُومٍ لِلضَّرُورَةِ. كَمَا قِيلَ بِنَظِيرِهِ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ
(قَوْلُهُ أَوْ إعْرَاضٍ) وَيَمْلِكُهُ بِخِلَافِ النَّعْلِ لِأَنَّ عَوْدَهُ مُتَوَقَّعٌ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ أَوْ إعْرَاضٍ وَحِينَئِذٍ يَمْلِكُهُ مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَمْيِيزِ حَقِّ الْبَائِعِ، كَمَا يَمْلِكُ السَّنَابِلَ بِالْإِعْرَاضِ وَلَا أَثَرَ لِلْمِنَّةِ هُنَا لِكَوْنِهَا فِي ضِمْنِ عَقْدٍ بِخِلَافِ النَّعْلِ لَا يَمْلِكُهُ

(2/309)


وَسَمَحَ، سَقَطَ خِيَارُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوَّلًا، وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَكَلَامِي ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُ الثَّانِيَ، بِمَعْنَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ إنْ سَأَلَ الْبَائِعَ لِيَسْمَحَ لَهُ فَلَمْ يَسْمَحْ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي قَبْلَ التَّخْلِيَةِ مَا لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَهَا فَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَلْ إنْ تَوَافَقَا عَلَى قَدْرٍ فَذَاكَ وَإِلَّا صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ، وَهَلْ الْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْبَائِعِ؟ أَوْ لِلْمُشْتَرِي؟ أَوْ لَهُمَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ بِ) بُرٍّ (صَافٍ) مِنْ التِّبْنِ (وَهُوَ الْمُحَاقَلَةُ وَلَا) بَيْعُ (رُطَبٍ عَلَى نَخْلٍ بِتَمْرٍ وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَبِيعِ فِي الْمُحَاقَلَةِ مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقْلِ جَمْعُ حَقْلَةٍ، وَهِيَ السَّاحَةُ الَّتِي تُزْرَعُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِهَا بِزَرْعٍ فِي حَقْلَةٍ وَالْمُزَابَنَةُ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ لِكَثْرَةِ الْغَبْنِ فِيهَا فَيُرِيدُ الْمَغْبُونُ دَفْعَهُ، وَالْغَابِنُ خِلَافُهُ فَيَتَدَافَعَانِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ تَسْمِيَتُهُمَا بِمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ

(وَرُخِّصَ فِي) بَيْعِ (الْعَرَايَا) جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا لِلْأَكْلِ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْبَائِعُ بِإِعْرَاضِ الْمُشْتَرِي عَنْهُ فِيمَا إذَا نَعَلَ الدَّابَّةَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا وَرَدَّهَا، لِأَنَّ النَّعْلَ عَوْدُهُ لِلْمُشْتَرِي مُتَوَقَّعٌ بِإِمْكَانِ انْفِصَالِهِ عَنْ الدَّابَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَسَمَحَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَفِي الْمِصْبَاحِ سَمَحَ يَسْمَحُ بِفَتْحَتَيْنِ سُمُوحًا وَسَمَاحًا وَسَمَاحَةً جَادَ اهـ (قَوْلُهُ سَقَطَ خِيَارُهُ) اُنْظُرْ لَوْ قَارَنَ سَمَاحَةَ الْبَائِعِ فَسْخُ الْمُشْتَرِي، هَلْ يَغْلِبُ الْفَسْخُ فَيَنْفُذُ؟ أَوْ السَّمَاحَةُ فَلَا يَنْفُذُ، حُرِّرَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ) أَيْ بَيْنَ السَّمَاحِ وَعَدَمِهِ، لَا بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ، أَيْ فَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِ الْبَائِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ سَكَتَ سَاعَةً يَتَرَوَّى أَيْ يَتَشَهَّى لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَارِ أَوَّلًا لِلْمُشْتَرِي
وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَارِ أَوَّلًا لِلْبَائِعِ بَيْنَ أَنْ يَسْمَحَ بِالزَّائِدِ أَوْ لَا، وَوَجْهُ ظُهُورِهِ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْبَائِعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَهُ أَنْ يَنْفَسِخَ حِينَئِذٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَسْمَحْ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ السَّمَاحَةُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ. وَقَوْلُهُ بِمَعْنًى مُتَعَلِّقٍ بِيُحْتَمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَصْوِيرٌ لَهُ
(قَوْلُهُ وَهَلْ الْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْبَائِعِ) أَيْ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُخْتَلِطِ لَهُ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ لَهُ أَيْضًا، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ
وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ بَعْضَ الْمُخْتَلِطِ لَهُ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا أَيْ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الْمُخْتَلِطِ لَهُمَا وَعَلَى هَذَا فَيُقْسَمُ مَا تَنَازَعَا فِيهِ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْخِلَافُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَغَيْرُهَا مِنْ كُلِّ مَبِيعٍ بَعْدَ قَبْضِهِ، الْيَدُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَلِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِمَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَوَجْهُ فَسَادِهِمَا مَا فِيهِمَا مِنْ الرِّبَا مَعَ انْتِفَاءِ الرُّؤْيَةِ فِي الْأُولَى، وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ زَرْعًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ، أَوْ بُرًّا صَافِيًا بِشَعِيرٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ، جَازَ إذْ لَا رِبَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَيْ الزَّرْعُ رِبَوِيًّا، كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ اهـ
(قَوْلُهُ سُمِّيَتْ) أَيْ الْمُحَاقَلَةُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ بِذَلِكَ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الرِّبَا فِيهِمَا كَمَا أَفَادَهُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ، وَفِي بَابِ الْبَيْعِ فِي الْمُحَاقَلَةِ كَمَا أَفَادَهُ الثَّانِي

(قَوْلُهُ وَرُخِّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا رُطَبٍ عَلَى نَخْلٍ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا فِي الْعَرَايَا وَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ لَفْظَ بَيْعٍ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ الْمُرَخَّصَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْعَرَايَا بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ بَيْعُ رُطَبٍ إلَخْ كَمَا يَأْتِي فَيَصِيرُ الْمَعْنَى مَعَ ثُبُوتِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَرُخِّصَ فِي بَيْعِ الْبَيْعِ وَهُوَ تَهَافُتٌ، وَيُمْكِنُ جَعْلُ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً أَيْ بَيْعٌ هُوَ الْعَرَايَا وَفِيهِ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَكُونُ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّرَخُّصُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ تَحْرِيمُ بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْضُهَا بِدُونِ الشَّرْطِ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ فِي الْعَرَايَا) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ جَمْعُ عَرِيَّةٍ، فَصَحَّ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَكَانَ التَّقْدِيرُ وَرُخِّصَ فِي بَيْعِ الْبَيْعِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، يَكُونُ فِي الْمَتْنِ قُصُورٌ إذْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ وَرُخِّصَ فِي بَيْعِ مَا يُفْرِدُهَا مَالِكُهَا لِلْأَكْلِ وَالْغَرَضُ التَّرْخِيصُ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ جَمْعُ عَرِيَّةٍ) وَأَصْلُهَا عَرْيُوةٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً، وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ فَهِيَ لُغَةً النَّخْلَةُ، فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ بِإِعْرَاءِ مَالِكِهَا لَهَا عَنْ بَاقِي النَّخْلِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ، وَبِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ عِنْدَ آخَرِينَ مِنْ عَرَّاهُ يَعْرُوهُ إذَا أَتَاهُ، لِأَنَّ مَالِكَهَا يَعْرُوهَا أَيْ يَأْتِيهَا فَهِيَ مَعْرُوَّةٌ وَعَلَيْهِمَا فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ. وَهَذَا ظَاهِرٌ بِحَسْبِ اللُّغَةِ وَأَمَّا بِحَسْبِ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى الْعَقْدِ حَقِيقَةٌ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ وَقَوْلُ الشَّوْبَرِيِّ وَأَصْلُهَا عَرْيُوةٌ إلَخْ ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِنْ عَرَا يَعْرُو بِمَعْنَى نَزَلَ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ عَرِيَ يَعْرَى كَتَعِبَ يَتْعَبُ فَأَصْلُهَا عَرِيْيَةٌ بِيَاءَيْنِ أُدْغِمَتْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ) لِأَنَّ حُكْمَ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ أَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَالْعَرِيَّةُ عَرِيَتْ عَنْ حُكْمِ جَمِيعِ الْبُسْتَانِ لِأَنَّهَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا

(2/310)


(وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ أَوْ عِنَبٍ عَلَى شَجَرٍ خَرْصًا، وَلَوْ لِأَغْنِيَاءَ بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ كَيْلًا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِيهَا فِي الرُّطَبِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ، وَظَاهِرُ الْخَبَرِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ وَمَا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْفُقَرَاءِ ضَعِيفٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَمَا ذُكِرَ فِيهِ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ، وَكَالرُّطَبِ الْبُسْرُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ كَهِيَ إلَى الرُّطَبِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قِيلَ: وَمِثْلُهُ الْحِصْرِمُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحِصْرِمَ لَمْ يَبْدُ بِهِ صَلَاحُ الْعِنَبِ، وَبِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَدْخُلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ كِبَرُهُ بِخِلَافِ الْبُسْرِ فِيهِمَا وَقَوْلِي خَرْصًا مِنْ زِيَادَتِي، وَدَخَلَ بِقَوْلِي كَيْلًا مَا لَوْ بَاعَ ذَلِكَ بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ عَلَى شَجَرٍ كَيْلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِهِ خَرْصًا، فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ بِالْأَرْضِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِنْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَرُتِّبَ عَلَيْهِ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلِهَذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَمَحَلُّ الرُّخْصَةِ (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الذِّمَّةِ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا أَيْ لِأَنَّهُ خَرَصَ بَعْضَ الْبُسْتَانِ فَقَطْ لِيَتَصَرَّفَ فِي هَذَا الْمَخْرُوصِ بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا
(قَوْلُهُ وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَرَايَا بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، وَالْعَرَايَا الْمُتَقَدِّمَةُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ. (قَوْلُهُ خَرْصًا) وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ وَيَكْفِي كَوْنُهُ أَحَدَ الْعَاقِدِينَ تَوَسُّعًا فِي الرُّخَصِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِأَغْنِيَاءَ) فَلَا يَخْتَصُّ بَيْع الْعَرَايَا بِالْفُقَرَاءِ، وَإِنْ كَانُوا هُمْ سَبَبَ الرُّخْصَةِ لِشِكَايَتِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا يَشْتَرُونَ بِهِ الرُّطَبَ إلَّا التَّمْرَ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ، وَالْمُرَادُ بِالْفُقَرَاءِ مَنْ لَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ وَإِنْ مَلَكُوا أَمْوَالًا كَثِيرَةً غَيْرَهُ. اهـ. س ل (قَوْلُهُ كَيْلًا) أَيْ مُكَايَلَةً بِأَنْ يُذْكَرَ فِي الْعَقْدِ مُكَايَلَةٌ احْتِرَازًا مِنْ الْجُزَافِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْكَيْلِ إذَا هَذَا لَيْسَ شَرْطًا بَلْ مَتَى قَالَ: مُكَايَلَةٌ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَالصَّاعِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْنِي صَاعَيْ رُطَبٍ بِصَاعٍ تَمْرٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَسَيَأْتِي الشَّرْطُ وَهُوَ التَّقَابُضُ فِي كَلَامِهِ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ فِي الرُّطَبِ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِهِ الْعِنَبُ) فَإِنْ قُلْت: هَذِهِ رُخْصَةٌ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا يُتَعَدَّى بِالرُّخْصَةِ مَوْضِعَهَا قُلْت: مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُدْرَكْ الْمَعْنَى فِيهَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ) فَإِنَّ حِكْمَةَ الْمَشْرُوعِيَّةِ فِيهِمَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَظُنُّونَ ضَعْفَ الصَّحَابَةِ حَيْثُ قَالُوا: أَضْعَفَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ أَيْ الْمَدِينَةِ فَفَعَلُوهُمَا لِيَظُنُّوا أَنَّهُمْ أَقْوِيَاءَ فِيهَا بَوْنُهُمْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَكَالرُّطَبِ الْبُسْرُ إلَخْ) رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يُقَالُ لَهُ بُسْرٌ. اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ بَعْدُ بِخِلَافِ الْبُسْرِ فِيهِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بَدَا صَلَاحُهُ فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا تَنَاهَتْ حُمْرَتُهُ أَوْ صُفْرَتُهُ، وَحُمِلَ كَلَامُهُ قَبْلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ وَالْبُسْرُ هُوَ الْبَلَحُ الْأَحْمَرُ أَوْ الْأَصْفَرُ وَفِيهِ أَنَّ الْجَامِعَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يُوجَدُ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يُدَّخَرُ يَابِسُهُ (قَوْلُهُ الْحِصْرِمَ) هُوَ الْعِنَبُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَهُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى وَزْنِ زِبْرِجٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْحِصْرِمُ أَوَّلُ الْعِنَبِ مَا دَامَ حَامِضًا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَحِصْرِمُ كُلِّ شَيْءٍ حَشَفُهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَخِيلِ: حِصْرِمٌ ع ش (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبُسْرِ فِيهِمَا) أَيْ فِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالْخَرْصِ ع ش (قَوْلُهُ شَجَرٍ كَيْلًا) أَيْ مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَيْ وَقْتَ التَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُكَالَ وَهُوَ عَلَى الشَّجَرِ، فَالْعَقْدُ وَهُوَ عَلَى الشَّجَرِ فَقَطْ ثُمَّ يُقْطَعُ بَعْدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَيُكَالُ اهـ ق ل وَاعْتَمَدَ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى وَهُوَ عَلَى الشَّجَرِ، وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى عَنَانِيٌّ فَالْأَرْضُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ م ر وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَوْنُهُ مَقْطُوعًا وَلَوْ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْأَرْضَ قَيْدٌ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ كَوْنُهُ عَلَى الْأَرْضِ حَالَةَ التَّسْلِيمِ فَهُوَ لَا يُخَالِفُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ لِاعْتِبَارِهِ كَيْلًا، فَلَا حَاجَةَ لِاعْتِمَادِهِ وَلَا تَضْعِيفَ، أَوْ كَوْنِهَا عَلَيْهَا حَالَةَ الْعَقْدِ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُكَالُ فِي الْمَجْلِسِ، وَوُجُودُ الرُّخْصَةِ لَا يُوجِبُ اعْتِبَارَهُ لِوُجُودِ الْقِيَاسِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ مَا لَيْسَ مُتَّصِلًا بِالشَّجَرِ لَا حَقِيقَةُ الْأَرْضِ، فَالْوَجْهُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا كَوْنُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُسَمَّى الْعَرَايَا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ بَابِ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ خَرْصًا) أَيْ تَخْمِينًا بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك مَا عَلَى هَذَا الشَّجَرِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ بَاعَهُ جُزَافًا (قَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تَتَجَاوَزُ مَحَلَّ وُرُودِهَا وَإِنَّمَا تَجَاوَزَتْ إلَى الْأَغْنِيَاءِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا سم مُعْتَرِضًا قَدْ تُجَاوِزُهُ بِقِيَاسِ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ، وَالصَّحِيحُ فِي الْأُصُولِ جَوَازُ الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب أَنَّهُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَيْلًا أَوْ خَرْصًا. اهـ اج (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِ التَّقْيِيدِ بِالْأَرْضِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) أَيْ بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى تَفَاوُتِ الْكَيْلَيْنِ فَالْخَمْسَةُ تَقْرِيبٌ، وَقِيلَ: تَحْدِيدٌ فَإِنْ زَادَتْ بَطَلَ فِي الْكُلِّ وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. اهـ. ق ل وَهَذَا أَعْنِي

(2/311)


بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ بِمِثْلِهِ
رَوَى الشَّيْخَانِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» ، شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ، فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الرُّخْصَةِ فِيهَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ الزَّكَاةِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْجُودُ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ خُرِصَ عَلَى الْمَالِكِ أَمَّا مَا زَادَ عَلَى مَا دُونَهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ، (فَإِنْ زَادَ) عَلَى مَا دُونَهَا (فِي صَفَقَاتٍ) كُلٍّ مِنْهَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، (جَازَ) سَوَاءٌ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ؟ أَمْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي؟ أَمْ الْبَائِعِ؟

(وَشُرِطَ) فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا (تَقَابُضٌ) فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَطْعُومٍ بِمَطْعُومٍ (بِتَسْلِيمِ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ) كَيْلًا (وَتَخْلِيَةٍ فِي شَجَرٍ) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ أَوْ الْعِنَبُ فَذَاكَ، وَإِنْ جُفِّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَخَرَجَ بِالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ سَائِرُ الثِّمَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْمِشْمِشِ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا، وَقَوْلِي أَوْ زَبِيبٍ مِنْ زِيَادَتِي وَلِهَذَا عَبَّرْت بِشَجَرٍ بَدَلَ تَعْبِيرِهِ بِنَخْلٍ.

(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَكَذَا تَعْبِيرِي بِالْعَقْدِ وَالْعِوَضِ فِيمَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيْعِ وَالثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ. لَوْ (اخْتَلَفَ مَالِكَا أَمْرِ عَقْدٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ وَلَعَلَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْعَرَايَا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ: نَقْلًا عَنْ سم فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْ قَوْلُهُ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ حَلُّ مَعْنًى لِطُولِ الْفَصْلِ، لَا حَلُّ إعْرَابٍ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِدُونِ أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ دُونَ بِالنَّظَرِ لِحَالِ جَفَافِهِ وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْبَيْعِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ. وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الدُّونِ، أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَبِيعًا بِمِثْلِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ رَوَى الشَّيْخَانِ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ بِخَرْصِهَا) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، أَيْ بِقَدْرِ مَخْرُوصِهَا. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الرُّخْصَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ الزَّكَاةِ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرَايَا إلَّا بِتِسْعِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عِنَبًا أَوْ رُطَبًا، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مَكِيلًا وَالْآخَرُ مَخْرُوصًا، وَأَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْأَرْضِ يَابِسًا وَالْآخَرُ رُطَبًا، وَأَنْ يَكُونَ الرُّطَبُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ، وَأَنْ يَكُونَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَأَنْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَأَنْ يَكُونَ بَدَا صَلَاحُهُ، وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعَ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ
(قَوْلُهُ أَوْ خَرَصَ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ وَضَمِنَ الْمَالِكُ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ مُوسِرًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَرْصِ الْجَمِيعِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي خَرْصُ قَدْرِ الْمَبِيعِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى خَرْصِ مَا دُونَهَا مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّكَاةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُحْتَاجُ لَهُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ هُنَا
(قَوْلُهُ أَمَّا مَا زَادَ عَلَى مَا دُونِهَا) أَيْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ) فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ، فَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى مَا دُونِهَا) تَقْيِيدٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَمْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ صَفْقَةً فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ صَحَّ، لِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا فِي حُكْمِ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ، وَبَقِيَ تَعَدُّدُ الصَّفْقَةِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ كَيْلًا) أَيْ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَقَدْ بِيعَ مُقَدَّرًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ
وَقَوْلُهُ وَتَخْلِيَةٍ فِي شَجَرٍ أَيْ لِأَنَّ غَرَضَ الرُّخْصَةِ طُولُ التَّفَكُّهِ بِأَخْذِ الرُّطَبِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْجَذَاذِ فَلَوْ شُرِطَ فِي قَبْضِهِ كَيْلُهُ فَاتَ ذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَتَخْلِيَةٍ فِي شَجَرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِمَا فِيهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ، لِأَنَّ قَبْضَهُ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الرِّبَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِي قَبْضِ الْمَنْقُولِ وَهَذَا فِي قَبْضِ غَيْرِ الْمَنْقُولِ. اهـ. س ل (قَوْلُهُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ) أَيْ كَيْلِهِ رُطَبًا وَكَيْلِهِ جَافًّا
(قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْعُقُودِ جَرَيَانُهَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ بَعْدَ الْجَفَافِ الِامْتِحَانُ لِيُعْرَفَ النَّقْصُ أَوْ مُقَابِلُهُ. اهـ. ابْنُ حَجَرٍ.