التجريد لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج

(كِتَابُ الرَّهْنِ) هُوَ لُغَةً: الثُّبُوتُ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ م ر شَوْبَرِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ تَبَعًا وَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا كَأَنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ فَرَدَّهَا وَمَعَهَا نَحْوُ سَمْنٍ وَيُصَدَّقُ الْآخِذُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ هَدِيَّةً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إذْ لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ لَذَكَرَهُ وَمَعْلُومٌ مِمَّا صَوَّرْنَا بِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْمُقْرَضَ وَالزِّيَادَةَ مَعًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ هَدِيَّةً، أَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ وَنَحْوِهِ مَعَ كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الدَّيْنِ لَا هَدِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الدَّافِعُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرُهُ) أَيْ أَنْ يُقْرِضَ الْمُقْرِضُ الْمُقْتَرِضَ قَرْضًا آخَرَ ح ل وز ي وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ يُقْرِضَ الْمُقْتَرِضُ الْمُقْرِضَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُرُّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ فَلَا يَصِحُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَرَضُ غَيْرُ مَلِيءٍ) أَيْ بِالْمُقْرَضِ أَوْ بِبَدَلِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: لَغَا الشَّرْطُ) أَيْ فَقَطْ وَيُسَنُّ الْوَفَاءُ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ) لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَهُوَ لَاغٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَكَوْنُهُ لِلْمُقْتَرِضِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُمَا) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَالْمُقْتَرِضُ غَيْرُ مَلِيءٍ بِأَنْ كَانَ مُعْسِرًا.
وَعِبَارَةُ م ر وَلَا عِبْرَةَ بِجَرِّهَا لِلْمُقْرِضِ فِي الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَمَّا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ الْجَرُّ إلَيْهِ أَقْوَى فَغَلَبَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَرِضُ مُعْسِرٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ) وَهُوَ كَوْنُ جَرِّ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ لَا يُفْسِدُ الْقَرْضَ الْمُتَقَدِّمَ فِي قَوْلِهِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ بِأَنَّ مِثْلَهُ وَهُوَ كَوْنُ الْمَنَافِعِ لِلْمُرْتَهِنِ يُفْسِدُ الرَّهْنَ وَمِنْهُ الْغَارُوقَةُ الْمَشْهُورَةُ فَهِيَ رِبًا؛ لِأَنَّ دَافِعَ الدَّرَاهِمِ يَنْتَفِعُ بِالطِّينِ الْمَرْهُونِ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعِيرَهُ الْأَرْضَ أَوْ يُؤَجِّرَهَا لَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ وَضْعَ الْفَرْضِ عَلَى جَرِّ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ فَلَمْ يَفْسُدْ بِاشْتِرَاطِهِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: دَاعِي الْقَرْضِ) أَيْ الْبَاعِثِ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّوَابُ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ رَهْنٍ) مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا قَبْلَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِلَا شَرْطٍ) فَإِنَّهُ قَدْ يَسْتَحْيِي مِنْهُ إذَا كَانَ بِلَا سَبَبٍ وَأَيْضًا فَالرُّجُوعُ حِينَئِذٍ جَائِزٌ قَطْعًا بِخِلَافِ بِلَا سَبَبٍ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل: فَإِنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الرُّجُوعِ بِلَا سَبَبٍ فَإِذَا وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ الْمُقْرِضُ مَعْذُورًا فِي الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ غَيْرَ مَلُومٍ وَمِنْ فَوَائِدِ الشَّرْطِ أَيْضًا الْأَمْنُ مِنْ الْجُحُودِ، وَالْبَعْثُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ، وَصَوْنُ الْعِرْضِ عَنْ الرُّجُوعِ بِلَا سَبَبٍ.

[كِتَابُ الرَّهْنِ]
(قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ) أَيْ: وَالْحَبْسُ هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ رَهَنَ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ، وَلَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِيَ بِمَعْنَاهُ فَارْهَنُوا وَأَقْبِضُوا أَمَّا إذَا جُعِلَ مَصْدَرًا لِرَهَنَ مُتَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَهَنَ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ: رَهَنْت الشَّيْءَ عِنْدَهُ، وَمَعْنَاهُ أَثْبَتُّهُ عِنْدَهُ، وَالثُّبُوتُ إنَّمَا يُنَاسِبُ اللَّازِمَ دُونَ الْمُتَعَدِّي الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَطْلَقَ الثُّبُوتَ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْإِثْبَاتِ وَأَرَادَ بِهِ الْإِثْبَاتَ نَفْسَهُ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ رَهَنَ بِمَعْنَى ثَبَتَ، وَدَامَ لِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْأَتِيَةَ لَا تُنَاسِبُهُ.
ع ش (فَائِدَةٌ)
رَهَنَ أَفْصَحُ مِنْ أَرْهَنَ بَلْ مَنَعَ الْأَزْهَرِيُّ الثَّانِيَةَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ، وَمِنْ الثَّانِي «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ» أَيْ: مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِ نَحْوِ الصِّبْيَانِ كَأَنْ لَزِمَهُمْ دَيْنٌ بِإِتْلَافِهِمْ كَمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى مَنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ ح ل وَم ر وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ خَلَّفَ وَفَاءً لَا يُحْبَسُ، وَإِنْ لَمْ يُقْضَ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ حِينَئِذٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، فَالْإِثْمُ عَلَيْهِمْ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ، فَإِذَا تَصَرَّفُوا فِيهَا تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِذِمَّتِهِمْ، وَأَمَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهِ فَلَا تَكُونُ نَفْسُهُ مَرْهُونَةً لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ اهـ عَنَانِيٌّ.
وَعِبَارَةُ خ ط مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ، وَفِي الْآخِرَةِ مَعُوقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ قَالَ ع ش: الْبَرْزَخُ

(2/356)


وَشَرْعًا: جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ فَارْهَنُوا ` وَأُقْبِضُوا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ جُعِلَ جَزَاءً لِلشَّرْطِ بِالْفَاءِ فَجَرَى مَجْرَى الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الشَّحْمِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ لِأَهْلِهِ» وَالْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ ثَلَاثَةٌ: شَهَادَةٌ وَرَهْنٌ وَضَمَانٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُدَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ أُدْخِلَ الْبَرْزَخَ. (قَوْلُهُ جَعْلُ عَيْنِ) قَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ الْجَعْلَ بِصِيغَةٍ، وَهِيَ تَسْتَلْزِمُ مُوجِبًا وَقَابِلًا وَقَوْلُهُ عَيْنِ مَالٍ أَيْ: مُتَمَوِّلَةٍ إشَارَةٌ إلَى الْمَرْهُونِ
وَقَوْلُهُ بِدَيْنٍ إشَارَةٌ إلَى الْمَرْهُونِ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ أَيْ: وَلَوْ مَنْفَعَةً بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مَنْفَعَةً. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا) أَيْ: مِنْ ثَمَنِهَا وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ بَيَانٌ لِفَائِدَتِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْهُ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ كَالْمَوْقُوفِ وَالْمَغْصُوبِ، وَمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْهَا لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَيْنِ زَائِدَةً عَلَى الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ
وَقَوْلُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالضَّمِيرُ فِي وَفَائِهِ عَائِدٌ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ الصَّادِقِ بِبَعْضِهِ شَيْخُنَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ق ل: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَّا فِي رَهْنِ وَلِيٍّ عَلَى مَالِ مَحْجُورِهِ. .
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ: فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ وَطَلَبِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَعْلُ الْمَصْدَرِ فِي الْآيَةِ دَالًّا عَلَى الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي) أَيْ: الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَلَى مَا هُوَ الْقَاعِدَةُ مِنْ انْصِرَافِ هَذَا الِاسْمِ إلَيْهِ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبَيْضَاوِيَّ كَمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ تَفْسِيرِ الْآيَةِ،
وَقَوْلُهُ مَعْنَاهُ غَرَضُهُ بِهَذَا تَصْحِيحُ كَوْنِهِ جَزَاءً لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ بِمَعْنَى الْأَمْرِ بَلْ يُمْكِنُ جَعْلُهُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً أَيْ: فَعَلَيْكُمْ رَهْنٌ أَيْ أَعْيَانٌ مَرْهُونَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " مَقْبُوضَةٌ " وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 283] أَيْ: عَازِمِينَ عَلَى سَفَرٍ وَقَوْلُهُ {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: 283] قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْكِتَابَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مُفْرَدِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ رَهْنًا هُنَا لَيْسَ مَصْدَرًا، بَلْ هُوَ جَمْعُ رَهْنٍ بِمَعْنَى مَرْهُونٍ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ بِمَقْبُوضَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ هُوَ كَمَا نُظِرَ بِهِ مِنْ الْآيَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِصِحَّةِ كَوْنِهِ جَمْعَ رَهْنٍ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ وَلَا يُنَافِيهِ مَقْبُوضَةٌ لِأَنَّ وَزْنَ مَفْعُولٍ يَأْتِي مَصْدَرًا أَيْضًا إيعَابٌ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا عَبْدُ رَبِّهِ إنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِمَقْبُوضَةٍ، لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَصْفُهُ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُتَعَلِّقُهُ الْعَيْنُ أَوْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ بِمَعْنَى أَنَّا جَعَلْنَا الرَّهْنَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَأَعَدْنَا الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ فِي " مَقْبُوضَةٌ " عَلَيْهِ بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ هَذَا كُلُّهُ جَارٍ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَأَمَّا إذَا جَعَلْنَاهُ بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ فَلَا إشْكَالَ. اهـ.
وَعِبَارَةُ سم فِيهِ أَنَّ وَصْفَهُ بِ " مَقْبُوضَةٌ " يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ، إذْ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَبْضُ إنَّمَا هُوَ الْعَيْنُ لَا الْحَدَثُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَصْفُهُ بِالْقَبْضِ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَالْأَصْلُ مَقْبُوضٌ مُتَعَلِّقُهَا أَيْ: وَهُوَ الْأَعْيَانُ أَوْ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ مَجَازٌ عَنْ الْمَصْدَرِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أَيْ: فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ فَلْيُحَرِّرْ رَقَبَةً. (قَوْلُهُ أَبُو الشَّحْمِ) لِكَوْنِهِ كَانَ سَمِينًا. (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثِينَ) أَيْ: عَلَى ثَمَنِ ثَلَاثِينَ،
وَقَوْلُهُ لِأَهْلِهِ أَيْ: اشْتَرَاهَا لِأَهْلِهِ وَافْتَكَّهُ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: عَلِيٌّ وَقِيلَ: غَيْرُهُمَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَهُ ق ل وَالْبِرْمَاوِيُّ.
وَخَالَفَ ع ش فَقَالَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَلَمْ يَفْتَكَّهُ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ ق ل، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْجَلَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَكَوْنُ الدِّرْعِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْيَهُودِيِّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى الرَّهْنِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ لِأَخْذِهِ بَعْدَ فَكِّهِ وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْيَهُودِيَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ صَدَقَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ رَدُّ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَرَضَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانُوا يُبَرِّئُونَهُ فَتَأَمَّلْ، وَإِنَّمَا آثَرَ الْيَهُودِيَّ بِالرَّهْنِ مِنْهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِبَيَانِ جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يَسْتَرْهنُونَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِيَسْلَمَ مِنْ الْمِنَّةِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ) أَيْ: بِجِنْسِ الْحُقُوقِ إذْ مِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الثَّلَاثَةُ كَالْبَيْعِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ

(2/357)


كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ، فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ وَالْآخَرَانِ لِخَوْفِ الْإِفْلَاسِ

(أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (عَاقِدٌ وَمَرْهُونٌ وَمَرْهُونٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَشَرَطَ فِيهَا) أَيْ: فِي الصِّيغَةِ (مَا) مَرَّ فِيهَا. (فِي الْبَيْعِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ) أَيْ: فِي الرَّهْن (مُقْتَضَاهُ كَتَقَدُّمِ مُرْتَهِنٍ بِهِ) أَيْ: بِالْمَرْهُونِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ (أَوْ) شُرِطَ فِيهِ (مَصْلَحَةٌ لَهُ كَإِشْهَادٍ بِهِ أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) كَأَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ كَذَا (صَحَّ) الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ

(لَا) إنْ شَرَطَ (مَا يَضُرُّ أَحَدَهُمَا) أَيْ: الْمُرْتَهِنَ وَالرَّاهِنَ. (كَأَنْ لَا يُبَاعَ) عِنْدَ الْمَحَلِّ وَالتَّمْثِيلُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَكَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ.

(أَوْ) شَرْطِ (أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ) كَثَمَرِ الشَّجَرَةِ وَنِتَاجِ الشَّاةِ (مَرْهُونَةً) ، فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي الثَّلَاثَةِ لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَلِتَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِجَهَالَةِ الزَّوَائِدِ وَعَدَمِهَا فِي الثَّالِثَةِ فَإِنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي الثَّانِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّهَادَةُ فَقَطْ وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الشَّهَادَةُ وَالْكَفَالَةُ دُونَ الرَّهْنِ، وَهُوَ الْجِعَالَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الْكَفَالَةُ فَقَطْ كَضَمَانِ الدَّرْكِ ع ش عَلَى م ر وَشَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهَا تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ، وَلَكِنَّ مَا سَبَقَ لَا يُفِيدُ الْحَصْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ كَوْنِهَا تَوْثِيقَاتٍ أَوْ أَنَّ الْحَصْرَ اُسْتُفِيدَ مِمَّا سَبَقَ مَعَ رِعَايَةِ الْمَقَامِ، وَالْبَابُ وَالْكِتَابُ يُطْلَقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُقَالُ: الْمُعَبَّرُ بِهِ الْكِتَابُ دُونَ الْبَابِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَمَرْهُونٌ وَمَرْهُونٌ بِهِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بَدَلَهُمَا وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْآخَرِ فَكَانَ التَّفْصِيلُ أَوْلَى لِمُطَابَقَتِهِ لِمَا بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطٌ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ) قَدَّمَ شُرُوطَ الصِّيغَةِ اهْتِمَامًا بِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ مُخَاطَبَةِ مَنْ وَقَعَ مَعَهُ الْعَقْدُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ: رَهَنْت مُوَكِّلَك لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَقَدْ يُفْهَمُ أَيْضًا تَوَافُقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّهْنَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ عَدَمُ التَّوَافُقِ كَمَا فِي الْهِبَةِ فَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا صَحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ بِخَمْسِمِائَةٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي عَلَيْهِ كَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ، وَلَيْسَ هُنَا قَبُولٌ، وَكَانَ مَا صَدَرَ مِنْ الْبَائِعِ مُغْنِيًا عَنْهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِي لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب الْأَوَّلَ وَفِي تَصْحِيحِ ابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ أَنَّهُ الْمُرَجَّحُ وَاعْتَمَدَهُ م ر أَيْضًا. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ شُرِطَ فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ أَيْ: مِنْ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ وَمِنْ صِحَّتِهِ بِشَرْطِ مُقْتَضَاهُ أَوْ مَا لَا غَرَض فِيهِ، وَبُطْلَانٌ بِغَيْرِهِ فَجَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ يَجْرِي هُنَا وَلَوْ قَالَ: يَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّ صِحَّتَهُ بِالشَّرْطِ وَعَدَمِهَا بِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِي مَقَامِ الشُّرُوطِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ يَئُولُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا. (قَوْلُهُ مُقْتَضَاهُ) الْمُقْتَضَى وَالْمَصْلَحَةُ مُتَبَايِنَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى عِبَارَةٌ عَمَّا يَلْزَمُ الْعَقْدَ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ، وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا مَا ذُكِرَ كَالْإِشْهَادِ فَإِنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَصْلَحَةِ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مُسْتَحَبًّا كَانَ أَوْ مُبَاحًا ع ش عَلَى م ر.
1 -
. (قَوْلُهُ أَوْ شُرِطَ فِيهِ) أَيْ: الرَّهْنِ أَيْ: فِي عَقْدِهِ وَقَوْلُهُ مَصْلَحَةٌ لَهُ أَيْ: لِلْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي قَوْلِهِ كَإِشْهَادٍ بِهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ) قَدْ يُقَالُ: كَوْنُ هَذَا الشَّرْطِ مِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ لِجَوَازِ أَنَّ أَكْلَ غَيْرِ مَا شُرِطَ يَضُرُّ الْعَبْدَ مَثَلًا فَرُبَّمَا نَقَصَتْ بِهِ الْوَثِيقَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِيمَا يَأْكُلُهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ) أَيْ: فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَأْكِيدٌ، وَالثَّانِي مُعْتَبَرٌ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ) تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ هُمَا مِنْ لَفْظِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ بِالْجَرِّ، وَيَصِحُّ جَعْلُهُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ أَحَدٌ، وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الشَّارِحِ لِلْأَوَّلِ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِأَوْ ع ش (قَوْلُهُ كَأَنْ لَا يُبَاعَ) أَيْ: أَصْلًا أَوْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ ق ل (قَوْلُهُ وَكَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ) أَعَادَ الْكَافَ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا يَضُرُّ الرَّاهِنَ وَمَا قَبْلَهُ يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ. ع ن

(قَوْلُهُ أَوْ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً) أَيْ: أَنْ تَكُونَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً حَالَ حُدُوثِهَا لَا أَنَّهَا تَحْدُثُ مَوْصُوفَةً بِالرَّهْنِ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ الْأَكْسَابِ وَالْمَنَافِعِ قَطْعًا ق ل.
(قَوْلُهُ لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ بَيْعُهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ ح ل (قَوْلُهُ وَلِتَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْمَرْهُونِ لِلرَّاهِنِ ح ل لِأَنَّ التَّوَثُّقَ إنَّمَا هُوَ بِالْعَيْنِ، وَالْمَنَافِعُ لِلرَّاهِنِ وَقَدْ يُقَالُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الثَّالِثَةِ أَيْضًا، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: وَلِتَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلِجَهَالَةِ الزَّوَائِدِ فِي الثَّالِثَةِ فَتَكُونُ الثَّالِثَةُ مُعَلَّلَةً بِعِلَّتَيْنِ فَافْهَمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ: أَنَّ كَوْنَ الْمَنْفَعَةِ لِلرَّاهِنِ لَيْسَ قَضِيَّةَ عَقْدِ الرَّهْنِ بَلْ لَهُ مُطْلَقًا رَهَنَ أَوْ لَمْ يُرْهَنْ لِأَنَّهَا فَرْعُ مِلْكِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَضِيَّةَ عَقْدِ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ فَقَطْ وَشَرْطُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُرْتَهِنِ تَغْيِيرٌ لِقَضِيَّةِ

(2/358)


وَالرَّهْنُ مَشْرُوطٌ فِي بَيْعٍ فَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْعَاقِدِ) مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ (مَا) مَرَّ (فِي الْمُقْرِضِ) مِنْ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي، وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ (فَلَا) يَرْهَنُ مُكْرَهٌ وَلَا يَرْتَهِنُ كَسَائِرِ عُقُودِهِ وَلَا (يَرْهَنُ وَلِيٌّ) أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا أَوْ أَمِينَهُ. (مَالُ مَحْجُورِهِ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ (وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْعَقْدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ مَشْرُوطٌ فِي بَيْعٍ) يَخْرُجُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَرَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك سُكْنَاهَا سَنَةً بِدِينَارٍ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ هَذَا وَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ رَهْنٍ وَإِجَارَةٍ فَلْيُرَاجَعْ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَسَنَةٍ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْن بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ إنْ كَانَ الرَّهْنُ مَمْزُوجًا بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَشَرْطِ رَهْنٍ وَكُلٌّ صَحِيحٌ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا م ر فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِسَنَةٍ مَثَلًا، وَكَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَيَصِحَّانِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا وَسَكَتَ عَنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَمْزُوجِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلهمْ إنَّ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَال: إنْ اسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَة بِالْعَقْدِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْجَمْعِ الْمَذْكُور فَلَيْسَ مِنْ إجَارَةِ مَرْهُونٍ وَإِلَّا فَلَا جَمْعَ لِتَوَقُّفِ الْإِجَارَةِ عَلَى وُجُودِ الرَّهْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ اتِّصَال الْمَنْفَعَة بِالْعَقْدِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَزْجِ حَيْثُ قَالَ: مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرَتْ وَرَهَنْت صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآخِر بَعْده: قَبِلْتُ أَوْ ارْتَهَنْتُ لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطَ الِاسْتِيجَاب. اهـ، وَعَلَى هَذَا فَلْيُنْظَرْ مَا صُورَةُ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجِ إلَى عَقْدِ رَهْنٍ بَعْده الْمُشَار إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ.
وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ وَالرَّهْنُ مَشْرُوطٌ فِي بَيْعٍ حَذَفَ هَذَا الْقَيْدُ فِي الْغُرَرِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي بِمِائَةٍ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَنِي بِهَا دَارَك وَأَنْ تَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً فَبَعْضُ الْعَبْدِ مَبِيع وَبَعْضُهُ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ فَلَوْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ الدَّارِ فِي هَذَا الْمِثَالِ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَالْعَبْدُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ بِالْجُزْئِيَّةِ، فَثُلُثَاهُ مَبِيعٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمِائَةِ وَثُلُثُهُ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ تَأَمَّلْ.
هَذَا التَّصْوِيرَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَجَزَ عَنْهُ، وَقَدْ ظَفَرْت بِهِ فِي بَعْضِ شُرُوحِ التَّنْبِيهِ لِلزَّنْكَلُونِيِّ بَعْدَ التَّوَقُّفِ كَثِيرًا وَالسُّؤَالِ عَنْهُ كَثِيرًا، فَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْمِائَةِ زي
وَقَوْلُهُ بِعْتُك عَبْدِي بِمِائَةٍ يُعْلَمُ مِنْ بَقِيَّةِ عِبَارَتِهِ أَنَّ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ مُسَامَحَةً، وَأَنَّ الْمَعْنَى بِعْتُك بَعْضَهُ بِمِائَةٍ
وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً أَيْ: بِبَقِيَّةِ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمِائَةَ وَمَنْفَعَةَ الدَّارِ سَنَةٌ مَجْمُوعُهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ إبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ كَلَامِ ز ي آخِرًا؟ . حُرِّرَ قَالَ ح ل فَلَوْ عَرَضَ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَ الْبَيْع فِيمَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ مِثْلِ الدَّارِ سَنَةً مِنْ الْعَبْد اهـ كَلَامُهُ وَصَوَابُهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْفَسِخْ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ عِنْد انْفِسَاخ الْإِجَارَة وَلَوْ فَاتَهُ بَعْض الْعَبْد وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّفْقَة لَمْ تَتَحَدَّ إذْ مَا هُنَا بَيْع وَإِجَارَةٌ، وَالْخِيَارُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدِ) أَيْ: لِعَقْدِهِ عَقْدًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِضَرُورَةٍ وَلَا غِبْطَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَلَا يَرْهَنُ وَلِيٌّ إلَخْ، وَإِلَّا فَمُقْتَضَى اشْتِرَاطِ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ فِي الْعَاقِدِ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مُطْلَقًا. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) لَمْ يَظْهَرْ لِهَذَا الِاشْتِرَاطِ فِي الْمُرْتَهِنِ وَجْهٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِشَيْءٍ بَلْ تَوَثَّقَ عَلَى دَيْنِهِ وَكَذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِي الرَّاهِنِ وَجْهٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ وَلِأَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ بِالِاسْتِرْدَادِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا بِشَيْءٍ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي الرَّهْنِ نَوْعُ تَبَرُّعٍ لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ. اهـ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا أَنَّ التَّبَرُّعَ بِأَيِّ شَيْءٍ حَصَلَ. وَكَوْنُ الْحَبْسِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ تَبَرُّعٌ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ إلَّا لَوْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَفُوتُ عَلَى الْمَالِكِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت اهـ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّبَرُّعَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْلَ عَيْنٍ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَالْمُرْتَهِنُ مُتَبَرِّعٌ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَرْهَنُ مُكْرَهٌ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ جَدًّا) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ،
وَقَوْلُهُ أَوْ وَصِيًّا أَيْ: عَمَّنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا
وَقَوْلُهُ أَوْ حَاكِمًا أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ الثَّلَاثَةِ أَيْ: إنْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ
وَقَوْلُهُ أَوْ أَمِينِهِ أَيْ: إنْ أَقَامَةَ نَائِبًا عَنْهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ)

(2/359)


، فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ فِيهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا مِثَالُهُمَا لِلضَّرُورَةِ أَنْ يَرْهَنَ عَلَى مَا يُقْتَرَضُ لِحَاجَةِ الْمُؤْنَةِ لِيُوَفِّيَ مِمَّا يُنْتَظَرُ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ حُلُولِ دَيْنٍ أَوْ نَفَاقِ مَتَاعٍ كَاسِدٍ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَا يُقْرِضُهُ أَوْ يَبِيعُهُ مُؤَجَّلًا لِضَرُورَةِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ نَسِيئَةً بِغِبْطَةٍ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَإِذَا رَهَنَ فَلَا يَرْهَنُ إلَّا مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا يَتَضَمَّنُ أَهْلِيَّةَ التَّبَرُّعِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَبَرَّعُ بِهِ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَأْتِي فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الْغِبْطَةَ مَالٌ لَهُ وَقْعٌ فَانْظُرْ مُفَادَ قَوْلِهِ هُنَا ظَاهِرَةٌ شَوْبَرِيٌّ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِهَا ظُهُورُ نَفْعِهَا لِلْمَوْلَى فَقَدْ يَكُونُ مَالٌ لَهُ وَقْعٌ لَكِنْ يُعَارَضُ بِمَضَارَّ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ) هَذَا جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ؛ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ
لِلْمَصْلَحَةِ
بِرْمَاوِيٌّ بِخِلَافِ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُقْرِضُ مَالَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَرْضَ مَضْمُونٌ وَالرَّهْنُ غَيْرُ مَضْمُونٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَقْتَرِضُ لِحَاجَةٍ) أَيْ: شَدِيدَةٍ لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ التَّفَكُّهَ، وَثِيَابَ الزِّينَةِ مَثَلًا فَكَيْفَ فَسَّرَ الضَّرُورَةَ بِذَلِكَ؟ . (قَوْلُهُ أَوْ نَفَاقٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ: رَوَاجٍ، وَقَوْلُهُ كَاسِدٍ أَيْ: بَائِرٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ نَفَقَ الْمَبِيعُ يَنْفُقُ بِالضَّمِّ نَفَاقًا رَاجَ وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفَقَتْ السِّلْعَةُ وَالْمَرْأَةُ نَفَاقًا بِالْفَتْحِ كَثُرَ طُلَّابُهَا وَخُطَّابُهَا ا. هـ وَفِيهِ أَيْضًا كَسَدَ الشَّيْءُ يَكْسُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَسَادًا لَمْ يَنْفُقْ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ فَهُوَ كَاسِدٌ. ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) كَسَرِقَةٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةَ) لِأَنَّ الْمَرْهُونَ إنْ سُلِّمَ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا كَانَ فِي الْمَبِيعِ مَا يَجْبُرُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ تَرَكَ الشِّرَاءَ إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةٍ) أَيْ: وَقَدْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الرَّهْنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ يَسْتَفِيدُ الْمَبِيعُ فَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُ فِي الرَّهْنِ حِينَئِذٍ؟ . وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي الْحَالِ أَيْضًا بِأَنْ اشْتَرَى بِمِائَةٍ حَالَّةٍ فَطُلِبَتْ فَتَعَذَّرَتْ فَرَهَنَ عَلَيْهَا فَيُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) أَيْ: حَالَّتَيْنِ عَمِيرَةُ وَشَوْبَرِيٌّ وَع ش وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا حَالَّتَيْنِ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ تَشْمَلُ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَتَمْثِيلُهُمْ بِالْحَالِّ لَعَلَّهُ لَيْسَ قَيْدًا. اهـ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْحَجْرِ) رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ ارْتِهَانِ الْوَلِيِّ أَيْ: ارْتِهَانِهِ لِأَجْلِ الْغِبْطَةِ وَارْتِهَانِهِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ
لِمَصْلَحَةٍ
وَلَوْ نَسِيئَةً، وَمِنْ مَصَالِحِ النَّسِيئَةِ أَنْ يَكُونَ بِزِيَادَةٍ أَوْ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَامِلُ مَلِيئًا ثِقَةً، وَيَشْهَدُ حَتْمًا فِي بَيْعِهِ نَسِيئَةً وَيَرْتَهِنُ كَذَلِكَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا. (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ أَمِينٍ) أَيْ: يَجُوزُ إيدَاعُهُ بِأَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ آمِنًا أَيْ: لَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ الْخَوْفُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَكَوْنِ الْأَجَل قَصِيرًا عُرْفًا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ م ر ع ش وَإِنْ ارْتَهَنَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ وَافِيًا بِالدَّيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَصِيرًا وَيُشْهِدُ فَشُرُوطُ الِارْتِهَانِ ثَلَاثَةٌ، وَشُرُوطُ الرَّهْنِ أَرْبَعَةٌ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي كَلَامِهِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي الِارْتِهَانِ شَرْطًا رَابِعًا، وَهُوَ أَنْ لَا يَخَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ س ل لَكِنَّ الَّذِي فِي ع ش فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الرَّهْنِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ.
(قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدِ مَا مَرَّ فِي الْمُقْرِضِ. (قَوْلُهُ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ مَنْعِ رَهْنِ الْوَلِيِّ وَارْتِهَانِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ إذْ حَقِيقَةُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ هُوَ مَنْ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ أَصْلًا، وَهُوَ حَجْرٌ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقِهِ حَقِيقَةً إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَهَذَا التَّفْرِيعُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمْ إلَخْ أَوْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْلَى وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ إنَّمَا هِيَ بِالنَّظَرِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ عَلَى مَا يُسَاوِي أَهْلِيَّةَ التَّبَرُّعِ وَقَدْ أَجَابَ بِذَلِكَ الشَّارِحُ بِهَامِشِ الدَّمِيرِيِّ حَيْثُ بُيِّنَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي الصَّرْفِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ: بِأَنْ يَصِحَّ مِنْهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ، وَهَذَا عَيْنُ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ. اهـ. ع ش مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ) إلَّا مَعَ السَّيِّدِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَهُ، وَمَعَ غَيْرِهِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُخَالِفُهُ مِنْ اقْتِضَاءِ جَوَازِ رَهْنِ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ

(2/360)


إنْ أَعْطَى مَالًا أَوْ رَبِحَ

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَرْهُونِ كَوْنَهُ عَيْنًا) يَصِحُّ بَيْعُهَا، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ دَيْنٍ وَلَوْ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا رَهْنُ مَنْفَعَةٍ كَأَنْ يَرْهَنَ سُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً؛ لِأَنَّ: الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا اسْتِيثَاقٌ وَلَا رَهْنُ عَيْنٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا كَوَقْفٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ، (وَلَوْ) كَانَ (مُشَاعًا) فَيَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَيَقْبِضُ بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ بِالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَبِالنَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ أَبَى الْإِذْنَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ وَإِنْ تَنَازَعَا نَصَّبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إنْ كَانَ مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ، وَعِبَارَتُهُ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْمُكَاتَبَ فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ، وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ مَعَ غَيْرِ السَّيِّدِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ. أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ بِجَعْلِ قَوْلِهِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ رَاجِعًا لِلْغَيْرِ،
وَقَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ: فِي كَوْنِهِ لَا يَرْهَنُ وَلَا يَرْتَهِنُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ إنْ أَعْطَى مَالًا أَوْ رَبِحَ) قَيْدٌ فِي الْعَبْدِ فَقَطْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُعْطِ مَالًا وَلَا رَبِحَ فَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَمْ لَا ح ل كَأَنْ اشْتَرَى دَابَّةً بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَى شَيْئًا آخَرَ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَرَهَنَ هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى الثَّمَنِ فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ مُطْلَقًا شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ أَوْ رَبِحَ) أَيْ: أَوْ لَمْ يُعْطِ مَالًا لَكِنْ حَصَلَ لَهُ رِبْحٌ بِأَنْ صَارَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِي الذِّمَّةِ، وَحَصَلَ لَهُ رِبْحٌ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ عَيْنًا) وَلَوْ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَمِ أَوْ مَشْغُولَةً بِنَحْوِ زَرْعٍ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمَشْغُولَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ قِيلَ: وَالْمُرَادُ كَوْنُهُ عَيْنًا ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَقَدْ يَصِيرُ الْمَرْهُونُ دَيْنًا كَمَا سَيَأْتِي كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِإِتْلَافٍ فَبَدَلُهُ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي رَهْنٌ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْضِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ، وَمَا دَامَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى التَّوَثُّقِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْقَرْضِ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَالْغَالِبُ عَدَمُ بَقَائِهَا مَعَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالْقَبْضِ بَلْ إذَا طَالَ الْفَصْلُ فَالْغَالِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ إعْرَاضُهُ عَمَّا اقْتَرَضَهُ وَالسَّعْيُ فِي تَحْصِيلِ غَيْرِهِ لِظَنِّهِ امْتِنَاعَ الْمُقْرِضِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْقَرْضِ، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ بِتَمَيُّزِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الْمُقْرِضِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا قَبَضَهُ فِي تَعَلُّقِ نَفْسِهِ بِهِ، وَعَدَمِ الْتِفَاتِهَا إلَى غَيْرِهِ مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ دَيْنٍ) الْكَلَامُ فِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ فَلَا يُنَافِي فِي صِحَّةِ رَهْنِهِ شَرْعًا فِيمَا لَوْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ دَيْنٌ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِأَنَّهُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَبَعْدَهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا. اهـ.
وَعِبَارَةُ ح ل لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَإِذَا قَبَضَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا (قَوْلُهُ وَلَا رَهْنُ مَنْفَعَةٍ) أَيْ: وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ أَيْ: ابْتِدَاءً أَيْضًا فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَانَتْ تَرِكَةً ق ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ مَثَلًا بَلْ وَبِالنِّسْبَةِ لِمَنْفَعَةِ ذَلِكَ الرَّاهِنِ كَأَنْ يَرْهَنَهُ مَنْفَعَةَ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ السَّنَةِ. سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ وَقْتِ الْبَيْعِ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَشَاعًا) فَلَوْ رَهَنَ حِصَّةً مِنْ بَيْتٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَقُسِّمَتْ إفْرَازًا فَوَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا رَهْنًا مَكَانَهَا لِأَنَّهُ يُعَدُّ إتْلَافًا. ق ل (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَخْ) أَيْ: يَحْرُمُ وَيَصِحُّ وَخَرَجَ بِهِ الْعَقَارُ، فَيَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهِ لَيْسَتْ حِسِّيَّةً، وَأَنَّهُ لَا تَعَدِّيَ فِي قَبْضِهِ لِجَوَازِهِ. ع ش (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ) فَإِنْ نَقَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَصَلَ قَبْضُهُ، وَصَارَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مَضْمُونَةً عَلَى الرَّاهِنِ، وَعَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ النَّقْلُ يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ لَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنِهِ، فَالْمَوْقُوفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْمَنْقُولِ حِلُّ الْقَبْضِ لَا صِحَّتُهُ، كَذَا فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ) مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ بِنَفْسِ الرِّضَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ الْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ وَشَرِيكُ الرَّهْنِ. (قَوْلُهُ نَصَبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا) أَيْ: عَدْلَ شَهَادَةٍ لَا رِوَايَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَكُونُ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْ أَحَدِهِمَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ عَنْهُمَا وَيُؤَجِّرُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤَجَّرُ أَيْ: الْحَاكِمُ أَوْ الْعَدْلُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَبَيَا الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَة وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِمَا كَامِلَيْنِ فَكَيْفَ يُجْبِرُهُمَا عَلَى ذَلِكَ؟ .

(2/361)


(أَوْ) كَانَ (أَمَةً دُونَ وَلَدِهَا) الَّذِي يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ.
(أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ: كَانَ الْمَرْهُونُ وَلَدَهَا دُونَهَا (وَيُبَاعَانِ) مَعًا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَى تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ (وَيَقُومُ الْمَرْهُونُ) مِنْهُمَا مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ حَاضِنًا أَوْ مَحْضُونًا (ثُمَّ) يَقُومُ (مَعَ الْآخَرِ فَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهِ (قِيمَةُ الْآخَرِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مَعَ الْآخَرِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالنِّسْبَةُ بِالْأَثْلَاثِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَالتَّقْوِيمُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَرَهْنُ جَانٍ وَمُرْتَدٍّ كَبَيْعِهِمَا) وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمُتَعَلَّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا قَوَدٌ أَوْ بِذِمَّتِهِ مَالٌ، وَفِي الْخِيَارِ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ الْجَانِي لَا يَكُونُ بِهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّ: مَحَلَّ الْجِنَايَةِ بَاقٍ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ

(وَرَهْنُ مُدَبَّرٍ) أَيْ: مُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ. (وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّهُمَا بِامْتِنَاعِهِمَا صَارَا كَالنَّاقِصَيْنِ بِنَحْوِ صِفَةٍ فَمَكَّنَهُ الشَّارِعُ مِنْ جَبْرِهِمَا رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِمَا. فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ أَوَاخِرَ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا. قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَالَ كُلٍّ ثَمَّ فِي يَدِهِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَزْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لَهُ فَجَازَ لَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمَا، وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ وَضْعِهِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا أَخَذَهُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، وَهُوَ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ لِمَالِكِهَا، وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ وُجُوبُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا أَصْلَحُ لَهُمَا إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَمَةً) فِي جَعْلِهِ غَايَةً لِقَوْلِهِ كَوْنُهُ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ وَحْدَهَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا الْوَلَدُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأُمَّ يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ أَوْ أَنَّ الْغَايَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمُقَيَّدِ لَا بِقَيْدِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا إشَارَةٌ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا. اهـ. ع ش وَهَذَا أَيْ: كَوْنُ الْمَرْهُونِ أَمَةً دُونَ وَلَدِهَا عَيْبٌ فِيهَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ بِهِ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَاهِلًا كَوْنُهَا ذَاتَ وَلَدٍ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ فَسْخُ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ إذَا أَتَى بِهِ الرَّاهِنُ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي بِأَمَةٍ فَرَهَنَهَا عِنْدَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا ذَاتُ وَلَدٍ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ. اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَع ش قَالَ ق ل: وَمِثْلُ الْأَمَةِ غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ وَيُبَاعَانِ مَعًا) أَيْ: إنْ كَانَا مِلْكًا لِلرَّاهِنِ، وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْهُونُ وَحْدَهُ ح ل، وَلَوْ رُهِنَتْ الْأُمُّ عِنْدَ وَاحِدٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ آخَرَ، وَاخْتَلَفَ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا الدَّيْنَ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالَّا، وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُبَاعُ مَنْ اسْتَحَقَّ دَيْنَهُ دُونَ الْآخَرِ لِلْحَاجَةِ أَوْ يَنْتَظِرُ حُلُولَ الْمُؤَجَّلِ لِيَبِيعَهَا أَوْ يُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ؟ . فَمَا يَخُصُّ الْحَالَّ يُوفِي بِهِ وَمَا يَخُصُّ الْمُؤَجَّلَ يُرْهَنُ بِهِ إلَى حُلُولِهِ احْتِمَالَاتٌ أَقْرَبُهَا الثَّالِثُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ عَهْدُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَيُحْفَظُ ثَمَنُهُ إلَى الْحُلُولِ، وَلَمْ يُعْهَدْ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ حُلُولِهِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ تَأْخِيرُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ عَنْ الْحُلُولِ بِمُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَعَ الْآخَرِ) وَعَكْسُ هَذَا التَّقْوِيمِ صَحِيحٌ فَثُمَّ لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا حَاضِنَةً، وَالْوَلَدُ بِكَوْنِهِ مَحْضُونًا. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) وَفَائِدَةُ هَذَا التَّوْزِيعِ مَعَ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِكُلِّ حَالٍ تَظْهَرُ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَرَهْنُ جَانٍ) هَذَا الْحُكْمُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَوْنُهُ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا، فَصِحَّةُ رَهْنِ الْمُرْتَدِّ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُهَا الْمَنْطُوقُ، وَعَدَمُ صِحَّةِ رَهْنِ الْجَانِي مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ يَصِحُّ بَيْعُهَا، ع ش (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ) أَيْ: صَرِيحًا، وَقَوْلُهُ وَفِي الْخِيَارِ أَيْ: ضِمْنًا فَالْأَوَّلُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقَدَّرَهُ تُسَلِّمُهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَمَرْهُونٌ عَلَى مَا يَأْتِي وَلَا جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ قَبْلَ اخْتِيَارِ فِدَاءٍ وَالثَّانِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَضْمَنُهُ الْبَائِعُ بِقَتْلِهِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ الْجَانِي) أَيْ: الْمُتَعَلِّق بِرَقَبَتِهِ مَالٌ، وَهُوَ الْمَرْجُوحُ الْمَبْنِيُّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الشَّارِحِ إسْقَاطُ هَذَا لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَمِنْ عَادَتِهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ الضَّعِيفَ وَلَا مَا يَنُبْنِي عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْفَرْقُ عَلَى الضَّعِيفِ فِيهِ غُمُوضٌ احْتَاجَ لِذِكْرِهِ تَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: إذَا قُلْنَا: بِصِحَّتِهِ وَذَلِكَ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِهِ قَوَدٌ أَوْ بِذِمَّتِهِ مَالٌ كَذَا يَتَبَادَرُ الْفَهْمُ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ الْفِدَاءَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَا بِذِمَّتِهِ مَالٌ وَلَا بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ بَلْ الْمُرَادُ إذَا قُلْنَا: بِصِحَّةِ رَهْنِ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ، وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِذَلِكَ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْجَانِي الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ بِالرَّهْنِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ صِحَّةُ رَهْنِ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بِأَنْ جَنَى خَطَأً أَوْ شَبَهَ عَمْدٍ أَمَّا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ، وَكَذَا رَهْنُهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ: لَا يَكُونُ بِهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مِنْ سَيِّدِهِ ز ي.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ عَلَى وَجْهٍ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الْمُصَحِّحِ لِبَيْعِهِ يَكُونُ بِالْبَيْعِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَحَلَّ

(2/362)


لَمْ يُعْلَمْ الْحُلُولُ) لِلدَّيْنِ (قَبْلَهَا) بِأَنْ عُلِمَ حُلُولَهُ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَوْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا (بَاطِلٌ) ؛ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ مِنْ الرَّهْنِ فِي بَعْضِهَا وَلِلْغَرَرِ فِي الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً فَإِنْ عَلِمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةِ الْحُلُولِ قَبْلَهَا أَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا صَحَّ رَهْنُهُ وَكَذَا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ إنْ شَرَطَ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ فِي الْمُرْشِدِ فِيمَا يَصْدُقُ بِالِاحْتِمَالَاتِ غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَمِثْلُهُ الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصِفَةٍ يُمْكِنُ سَبَقَهَا حُلُولُ الدَّيْنِ لِاقْتِضَاءِ تَعْبِيرِهِ الصِّحَّةَ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ بِالْمُقَارَنَةِ وَاحْتِمَالِ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّأَخُّرِ هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْقَوِيُّ فِي الدَّلِيلِ صِحَّةُ رَهْنِ الْمُدَبَّرِ انْتَهَى وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْجِنَايَةِ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ مُتَعَلِّقًا بِكُلٍّ مِنْ صَحَّ رَهْنُهُ وَبِيعَ أَيْ: وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ جَانٍ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ ح ل.

(قَوْلُهُ لَمْ يُعْلَمْ الْحُلُولُ قَبْلَهَا) أَيْ: وَكَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْحُلُولِ، وَلَمْ يَشْرِطْ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَلِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُعَلَّقِ ثَلَاثُ قُيُودٍ تُعْلَمُ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ عُلِمَ حُلُولُهُ بَعْدَهَا إلَخْ) هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مَأْخُوذَتَانِ مِنْ رُجُوعِ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ، وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَهَا وَصُوَرُ الِاحْتِمَالِ الْأَرْبَعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ رُجُوعِ النَّفْيِ لِلْمُقَيَّدِ وَهُوَ عِلْمُ الْحُلُولِ. (قَوْلُهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ) أَيْ: الْبَعْدِيَّةُ وَالْمَعِيَّةُ
وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَيْ: الْحُلُولِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَقَطْ أَيْ: اُحْتُمِلَ الْبَعْدِيَّةُ وَالْمَعِيَّةُ، وَالسَّبْقُ
وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهَا أَيْ: أَوْ قَبْلَهَا وَمَعَهَا فَالصُّوَرُ سَبْعَةٌ وَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ وَالسِّتَّةُ بَاطِلَةٌ. ح ل
وَقَوْلُهُ سَبْعَةٌ بَلْ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ صُورَتَيْنِ،
وَقَوْلُهُ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ مِنْ الرَّهْنِ فِي بَعْضِهَا أَيْ: الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْ: بِعِتْقِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ ح ل وَقَوْلُهُ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآتِي فِي الرَّوْضَةِ فَهُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْحَالِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَلَّقِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ صُورَتَانِ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ فَهُوَ صُورَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ أَشَارَ بِهِ إلَى قَيْدٍ مُلَاحَظٍ فِي الْمَنْطُوقِ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُعْلَمْ الْحُلُولُ قَبْلَهَا وَلَمْ يَشْرِطْ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِهَا فَشُرِطَ بَيْعُهُ مَعَ الِاحْتِمَالِ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ شُعُورٌ بِالصِّفَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْمُعَلَّقِ تِسْعَةٌ سِتَّةٌ فِي الْمَنْطُوقِ بَاطِلَةٌ، وَثِنْتَانِ فِي الْمَفْهُومِ صَحِيحَتَانِ وَوَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، وَهِيَ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْمُقَدَّرِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا) مَفْهُومُ الْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْحُلُولِ. (قَوْلُهُ إنْ شُرِطَ بَيْعُهُ) أَيْ: وَبِيعَ قَبْلَهَا، وَإِلَّا عَتَقَ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الرَّهْنِ،
وَقَوْلُهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَيْ: بِزَمَنٍ يَسَعُ الْبَيْعَ. (قَوْلُهُ فِيمَا) أَيْ: فِي تَعْبِيرٍ يَصْدُقُ أَيْ: ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالِاحْتِمَالَاتِ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَوْ اُحْتُمِلَ قَبْلَهَا، وَبَعْدَهَا وَالْأَخِيرُ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَعَهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ.
(قَوْلُهُ الْبَقِيَّةُ) أَيْ: مَا زَادَ عَلَى مَسَائِلِ الِاحْتِمَالَاتِ غَيْرُ الْأَخِيرِ، وَهُمَا مَسْأَلَتَا الْعِلْمِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَخِيرُ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي مَسْأَلَتَيْ الْعِلْمِ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ حُلُولُ الدَّيْنِ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا يَحْرِصُ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ تِلْكَ الصِّفَةِ لِتَحَقُّقِ الْفَوَاتِ عِنْدَ الْحُلُولِ بِخِلَافِ مَسَائِلِ الِاحْتِمَالِ رُبَّمَا تَهَاوُن وَتَرَاخَى، وَأَمَّا أَوْلَوِيَّةُ الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ، وَالثَّانِي فَوَاضِحَةٌ أَيْضًا دُونَ الثَّالِثِ ح ل وَس ل وَوَجْهُ أَوْلَوِيَّةِ الْأَخِيرِ عَلَى بَاقِي الِاحْتِمَالَاتِ أَنَّ مَا قَلَّ فِيهِ الِاحْتِمَالُ أَوْلَى مِمَّا كَثُرَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ إيهَامًا وَقَالَ: بَعْضُهُمْ وَأَمَّا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فَظَاهِرٌ: أَمَّا فِي الِاحْتِمَال الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ فِيهِ احْتِمَالَ الْمَعِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَهُمَا أَكْثَرُ غَرَرًا مِنْ احْتِمَالِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ فِيهِ احْتِمَالَ الْبَعْدِيَّةِ بِخِلَافِ الْأَخِيرِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ فِيهِ احْتِمَالُ الْبَعْدِيَّةِ.
(قَوْلُهُ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ بِالْمُقَارَنَةِ) هَذِهِ هِيَ الثَّانِيَةُ،
وَقَوْلُهُ وَاحْتِمَالُ إلَخْ هَذِهِ هِيَ السَّادِسَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ هُنَا تَأْخِيرُ الصِّفَةِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ مُتَقَدِّمًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مِنْ صُوَرِ الِاحْتِمَالَاتِ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ، وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأَوْلَى مِنْ صُورَتَيْ الْعِلْمِ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى أَوْ دَاخِلَةٌ فِيهِ بِحَمْلِ الْإِمْكَانِ عَلَى الْعَامِّ، وَيَبْقَى ثِنْتَانِ قَدْ نَاقَشَ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) غَرَضُهُ بِهَذَا التَّنْبِيهُ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فِي مَسْأَلَةٌ الْمُدَبَّرِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْفَرْقُ) أَيْ: عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَتْنُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا. أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَفَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ إلَخْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) أَمَّا لَوْ بَنَيْنَا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ فَلَا يَتَأَتَّى الْإِشْكَالُ لِأَيِّهِمَا لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ وَاَلَّذِي يَنُبْنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ، وَعِبَارَتِهِ هُنَاكَ مَعَ الْمَتْنِ وَالتَّدْبِيرُ

(2/363)


فَلْيَصِحَّ رَهْنُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا مَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ النُّصُوصِ انْتَهَى، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ مِنْهُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ دُونَ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ رَهْنِ مَا لَا يُبَاعُ كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَوْقُوفٍ.

[دَرْس] (وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ) كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ (أَوْ رَهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ، وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَمِثْلُهُ إشَارَةُ أَخْرَسَ وَكِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْته نَقَضْته رَجَعْت فِيهِ صَحَّ الرُّجُوعُ إنْ قُلْنَا: بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ وَصِيَّةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهَا بِالْقَوْلِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ نَقُلْ وَصِيَّةٌ بَلْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْفِعْلِ نَحْوُ بَيْعِهِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ. (قَوْلُهُ فَلْيُصَحِّحْ رَهْنَهُمَا) أَيْ: مُطْلَقًا أَوْ يَمْنَعْ رَهْنَهُمَا أَيْ: مُطْلَقًا أَيْ: فَكَيْفَ بَطَلَ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا وَصَحَّ رَهْنُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ عُلِمَ الْحُلُولُ قَبْلَ الصِّفَةِ؟ . ح ل (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَدَّمَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ تَأَخُّرِهِ عَنْ السُّبْكِيّ لِجَزْمِهِ بِمَا قَالَهُ، وَتَرَدُّدِ السُّبْكِيّ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا مَال إلَيْهِ السُّبْكِيُّ ع ش (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْمُسْتَشْكِلِ أَوْ كَلَامُ السُّبْكِيّ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ) هَلَّا فَرَّقَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ مِنْهُ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْآكَدِيَّةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ دَلِيلًا عَلَى الْآكَدِيَّةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْآكَدِيَّةِ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ. ع ش وَوَجَّهَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ. وَهِيَ الْمَوْتُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَكَانَ الْغَرَرُ فِيهِ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْمَرْهُونِ كَوْنه عَيْنًا يَصِحّ بَيْعُهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ هَلْ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا إلَخْ فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَظْهَرُ إلَّا تَكْرَارُهُ لَكِنْ أَخْبَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ انْتَهَى. وَقَالَ س ل: ذَكَرَهُ جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ أَسْقَطَ مِنْ شُرُوطِ الْمَرْهُونِ كَوْنَهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ. اهـ (قَوْلُهُ وَمَوْقُوفٌ) هَذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عِنْدَ شَرْحٍ قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنِهِ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا فَهُوَ مُكَرَّرٌ زي ع ش.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) يَنْتَظِمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ كَلَامِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ ثَمَانِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ إمَّا أَنْ يَرْهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ عُلِمَ حُلُولُهُ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ: اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ هَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَاعْتُبِرَ مِثْلُهَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهَا فِي مَقَامَيْنِ الْأَوَّلُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي فِيمَا يُفْعَلُ فِيهَا بَعْدَ الرَّهْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِشَرْطِ فِي الْبَعْضِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ فِيهِ ثَمَانِ صُوَرٍ تُعْلَمُ مِنْ الْبَيَانِ السَّابِقِ وَأَشَارَ إلَى خَمْسَةٍ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٌ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا أَيْ: يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا فَالْحَالُّ وَاحِدَةٌ، وَالْمُؤَجَّلُ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ الْحُلُولُ قَبْلَهُ أَوْ يُحْتَمَلُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ،
وَقَوْلُهُ أَوْ شُرِطَ إلَخْ إشَارَةً إلَى ثَلَاثَةٍ بِأَنْ عُلِمَ الْحُلُولُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ احْتَمَلَ الْأَمْر أَنْ يَجْعَلَ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُجَفَّف فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْأُولَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ فِي قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ صَادِقٌ بِأَنْ حَلَّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ وَيُبَاعُ فِي ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ دَاخِلَةٍ تَحْتَ الْغَيْرِ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا الَّتِي هِيَ صُوَرُ الشَّرْطِ السَّابِقَةُ، وَيُحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ رَهْنٍ لِلثَّمَنِ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ.
(قَوْلُهُ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) أَيْ: بِزَمَنٍ يَسَعُ الْبَيْعَ عُرْفًا شَيْخُنَا ح ف
وَقَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا الْمَعْنَى أَوْ احْتِمَالًا أَيْ: احْتِمَالًا لِلْقَبْلِيَّةِ بِأَنْ اُحْتُمِلَ الْحُلُولُ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ وَخَرَجَ مَا إذَا انْتَفَتْ الْقَبْلِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ وَالْمُحْتَمَلَةُ بِأَنْ عُلِمَ الْحُلُولُ بَعْدَ الْفَسَادِ أَوْ عُلِمَ مَعَهُ أَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ الْفَسَادِ وَمَعَهُ، فَالْمَنْفِيُّ ثَلَاثُ صُوَرٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِاللَّازِمِ إذَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْقَبْلِيَّةِ يَقِينًا

(2/364)


بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ وَاسْتُشْكِلَتْ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يُحْتَمَلُ سَبْقُهَا الْحُلُولَ، وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ (أَوْ) يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ لَكِنْ (شَرَطَ بَيْعَهُ) عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ (وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا) مَكَانَهُ، وَاغْتُفِرَ هُنَا شَرْطُ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لِلْحَاجَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لَا يَصِحُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ احْتِمَالًا لِانْتِفَاءِ عِلْمِ الْبَعْدِيَّةِ وَانْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَعِيَّةِ وَانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ إذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ: بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ مَعَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ انْتَفَى هَاتَانِ الصُّورَتَانِ: وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: أَيْضًا وَبِأَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْبَعْدِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ مَعًا؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِالْقَبْلِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْمُحْتَمَلَةِ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا صُورَةُ الْقَبْلِيَّةِ الَّتِي نَفَاهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَهِيَ الْمَطْلُوبَةُ تَحْتَ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَهِيَ مُرَادَةٌ فِي الْعِبَارَةِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَتْ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ) الْإِضَافَة لِلْجِنْسِ لِأَنَّ صُورَةَ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ الْغَايَةِ كَمَا عَلِمْت،
وَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُهَا الْحُلُولَ وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَعِيَّةٍ أَوْ مَعَهَا فَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِصُورَتَيْنِ مِنْ السِّتَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ صُوَرِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِذَا كَانَ بِدُونِ مَعِيَّةٍ فَهِيَ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ هُنَاكَ، وَإِذَا كَانَ مَعَهَا فَالرَّابِعَةُ هُنَاكَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِعِبَارَةٍ تَصْدُقُ بِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ، وَهِيَ السَّادِسَةُ مِنْ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ احْتِمَالُ سَبْقِ الْحُلُولِ عَلَى الصِّفَةِ وَمُقَارَنَتِهِ لَهَا كَأَنْ يَقُولَ: يُمْكِنُ سَبْقُهَا حُلُولَ الدَّيْنِ وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ أَوْ يُمْكِنُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ وَمُقَارَنَتُهَا لَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِشْكَالَ هُنَا فِي صُوَرِ الِاحْتِمَالِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ مُشْكِلَةٌ بِصُوَرٍ ثَلَاثَةٍ مُنَاظِرَةٍ لَهَا مِنْ صُوَرِ الصِّفَةِ لَا اثْنَتَيْنِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ) وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ عَلَامَةَ الْفَسَادِ هُنَا تَظْهَرُ دَائِمًا بِخِلَافِهِ س ل. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ ثَمَّ وَهُوَ التَّعْلِيقُ مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا انْتَهَى شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلَّا فَرَّقَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً (قَوْلُهُ أَوْ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ) أَيْ: يَقِينًا
وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ احْتَمَلَ حُلُولَهُ بَعْدَهُ وَمَعَهُ فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ ح ل (قَوْلُهُ لَكِنْ شُرِطَ بَيْعُهُ) كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَبِيعَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ فَلَوْ شُرِطَ بَيْعُهُ الْآنَ بَطَلَ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُبَاعُ قَطْعًا وَبَيْعُهُ الْآنَ أَحَظُّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمَنْعِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ وَتَرَكَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ حِينَئِذٍ ضَمِنَ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ سَيَأْتِي لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الِاسْتِيثَاقُ بِثَمَنِهِ فَهُوَ يَطْلُبُ زِيَادَتَهُ. انْتَهَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ عِنْدَ إشْرَافِهِ) ظَرْفٌ لِلْبَيْعِ لَا لِلشَّرْطِ إذْ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَعِنْدَ خَوْفِ الْفَسَاد وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ مَا لَوْ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي بَيْعَهُ فَيُبَاعُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ وَقْتَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ حُكْمًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ قِيَامِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ وَأَخْذِ مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَإِذَا كَانَ مَنْ أُرِيدَ الْأَخْذُ مِنْهُ مَرْهُونًا عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَثَلًا وَأُرِيدَ أَخْذُهَا مِنْهُ أَوْ عَرَضَ إبَاقُ الْعَبْدِ مَثَلًا جَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَعَلَ الثَّمَنَ مَكَانَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الْحِنْطَةِ الْمُبْتَلَّةِ الْآتِيَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ) بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ: شَرْطِ بَيْعِهِ وَشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ هَذَا الْجَعْلِ حَتَّى يَكُونَ رَهْنًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: يَكُونُ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهُ رَهْنًا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيْعِهِ انْفِكَاكُ رَهْنه. ح ل.
(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ صِحَّةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لَا يَصِحُّ أَيْ: الْإِذْنُ فَمَا هُنَا كَانَ أَوْلَى بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَتَأَثُّرُ الْعُقُودِ بِالشُّرُوطِ أَكْثَرُ، وَالْفَارِقُ الْحَاجَةُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَتُهُ

(2/365)


(وَجَفَّفَ فِي الْأُولَى) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) وَمُؤْنَةُ تَجْفِيفِهِ عَلَى مَالِكِهِ الْمُجَفِّفِ لَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَبِيعَ) وُجُوبًا (فِي غَيْرِهَا عِنْدَ خَوْفِهِ) أَيْ: فَسَادِهِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ وَعَمَلًا بِالشَّرْطِ. (وَيَكُونُ فِي الْأَخِيرَةِ وَيُجْعَلُ فِي غَيْرِهَا ثَمَنُهُ رَهْنًا) مَكَانَهُ وَذَكَرَ الْبَيْعَ فِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى مَعَ قَوْلِي فِي الْأَخِيرَةِ وَيُجْعَلُ فِي غَيْرِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي ثَمَنُهُ تَنَازَعَهُ يَكُونُ وَيُجْعَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِيمَا سَيَأْتِي لِأَبِيعَهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ مُؤَجَّلٍ أَوْ بِشَرْطِ رَهْنِ ثَمَنِهِ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَوَجَّهُوا فَسَادَ الشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِذْنِ. اهـ فَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فَفَرَّطَ بِأَنْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَتَرَكَ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ضَمِنَ. اهـ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَجَفَّفَ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ أَيْ: يُجْبَرُ عَلَيْهِ،
وَقَوْلُهُ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ بِأَنْ كَانَ يَحِلُّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ مَعَهُ وَبَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ يَحِلُّ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ، وَخَرَجَ بِالْمُؤَجَّلِ الْحَالُّ، وَبِقَوْلِهِ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ مَا إذَا كَانَ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ، فَصُوَرُ الِاحْتِمَالِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا تُضَمُّ إلَى الْقَبْلِيَّةِ يَقِينًا وَإِلَى الْحُلُولِ؛ فَالْمَجْمُوعُ خَمْسُ صُوَرٍ لَيْسَ فِيهَا تَجْفِيفٌ بَلْ يُبَاعُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَذَكَرَ الْبَيْعُ فِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى، فَمُرَادُهُ بِمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى هَذِهِ الصُّوَرُ الْخَمْسَةُ مِمَّا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا أَيْ: فِي غَيْرِ الْأُولَى بِقَيْدِهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِانْتِفَائِهَا مَعَ قَيْدِهَا أَوْ بِانْتِفَاءِ قَيْدِهَا فَقَطْ، وَيُبَاعُ أَيْضًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَعْنِي قَوْلَ الْمَتْنِ أَوْ رَهْنٌ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَكَذَا إذَا شُرِطَ بَيْعُهُ، وَكَانَ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ يَحْتَمِلُ الْمَعِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَهِيَ صُوَرُ مَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ فَتُضَمُّ هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ لِلْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْهَا ثَلَاثَةُ شُرِطَ فِيهَا الْبَيْعُ وَالتَّجْفِيفُ فِي ثَلَاثَةٍ،
وَقَوْلُهُ وَجَفَّفَ فِي الْأُولَى أَيْ: وُجُوبًا (قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ) وَلَوْ مُعَيَّرًا وَقَوْلُهُ الْمُجَفَّفُ لَهُ أَيْ: الْآمِرُ بِتَجْفِيفِهِ، وَإِنَّمَا جُفِّفَ حِفْظًا لِلرَّهْنِ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَ بِثَمَنِهِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا رَاجَعَ الْحَاكِمَ ح ل.
وَقَوْلُهُ أَيْ الْآمِرُ بِهِ أَيْ: عَلَى وَجْهٍ يَسْتَلْزِمُ الْعِوَضَ أَيْ بِأَنْ سَمَّى أُجْرَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ: اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً لَزِمَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ع ش (قَوْلُهُ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْأُولَى وَهِيَ مَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَرُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ. ح ل أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَشُرِطَ بَيْعُهُ، فَيُبَاعُ فِي صُوَرِ عَدَمِ إمْكَانِ التَّجْفِيفِ الثَّمَانِيَةِ، وَفِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى وَهُوَ قَوْلُهُ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَالْخَارِجُ بِهِ خَمْسُ صُوَرٍ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ الَّذِي يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا وَالِاحْتِمَالُ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ أَوْ الْقَبْلِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ أَوْ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ خَوْفِهِ) مَحَلُّهُ فِي صُورَةِ الْحَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ التَّوْفِيَةَ، وَإِلَّا فَيُبَاعُ مِنْ الْآنِ (قَوْلُهُ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ) رَاجِعٌ لِكُلِّ الصُّوَرِ
وَقَوْلُهُ وَعَمَلًا بِالشَّرْطِ أَيْ: فِي مَسْأَلَتِهِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِي الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ مَا إذَا كَانَ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ وَشَرْطُ بَيْعِهِ أَيْ: يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ. ح ل (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ فِي غَيْرِهَا) وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَا يَتَجَفَّفُ، وَإِلَّا فَهِيَ ثَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ، وَهِيَ مَا إذَا رَهَنَهُ بِحَالٍ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا رَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ عَقَدَ رَهْنِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّيْخِ خ ط، حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ إنْشَاءُ عَقْدٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى) هُوَ قَوْلُهُ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ وَالْخَارِجُ بِهِ مَا إذَا كَانَ حَالًّا أَوْ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ قَالَهُ ح ل، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْبَيْعِ حِينَئِذٍ وَجُعِلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا لِوُجُوبِ وَفَاءِ الدَّيْنِ؛ فَالْوَاجِبُ بَيْعُهُ لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ دَفْعُ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ حَالًّا، وَفِيهِ أَيْضًا أَنْ هَذَا لَيْسَ قَيْدًا فِي الْأُولَى بَلْ قَيْدٌ فِي التَّجْفِيفِ فِي الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. فَفِي التَّعْبِيرُ مُسَامَحَةً، وَالتَّقْدِير وَخَرَجَ بِقَيْدِ التَّجْفِيفِ فِي الْأُولَى.
(قَوْلُهُ وَقَوْلِي ثَمَنُهُ تَنَازَعَهُ إلَخْ) وَكَذَا قَوْلُهُ رَهْنًا إلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِضَمِيرِ الرَّهْنِ وَيُؤَخِّرُهُ وَيَقُولُ: ثَمَنُهُ رَهْنًا إيَّاهُ وَيَكُونُ إيَّاهُ مَعْمُولًا لِلْمُهْمَلِ

(2/366)


وَفُهِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ لِمَقْصُودِ التَّوْثِيقِ فِي الْأُولَى وَمَا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمَحَلِّ، وَالْبَيْعِ قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ فِيهَا وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَى تَصْحِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ وَمُقَابِلُهُ يَصِحُّ وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّ: الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ إفْسَادَ مَالِهِ، وَعَزَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَى تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. .

(وَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَا عَرَّضَهُ لَهُ) أَيْ: لِلْفَسَادِ قَبْلَ الْحُلُولِ (كَبُرٍّ ابْتَلَّ) ، وَإِنْ تَعَذَّرَ تَجْفِيفُهُ؛ لِأَنَّ: الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَجْفِيفِهِ عَلَى بَيْعِهِ، وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ

(وَصَحَّ رَهْنٌ مُعَارٍ بِإِذْنٍ) مِنْ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّوْثِقَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ (وَتَعَلَّقَ بِهِ) لَا بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ. (الدَّيْنُ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ (وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ) كَحُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَصِحَّةٍ وَتَكْسِيرٍ (وَمُرْتَهِنٍ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَرَهَنَ بِدُونِهِ جَازَ.

(وَبَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ الْمُعَارَ. (لَا رُجُوعَ فِيهِ) لِمَالِكِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنَى أَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ. (وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الرَّاهِنِ (لَوْ تَلِفَ) الْمُعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ: الْحَقَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ ذِمَّتِهِ وَلَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ يَكُونُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ
وَأَخِّرْنَهُ إنْ يَكُنْ هُوَ الْخَبَرْ
وَالْخَبَرُ شَامِلٌ لِلْمَنْسُوخِ، فَانْظُرْ وَجْهَهُ وَلَعَلَّهُ حَذْفٌ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ وَفُهِمَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ شَرْطُ بَيْعِهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ بَيْعًا وَلَا عَدَمَهُ، وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ الْآنَ فَهَلْ يَصِحُّ حَمْلًا لِلْبَيْعِ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِهِ لِبَيْعِهِ الْآنَ؟ فِيهِ نَظَرٌ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُكَلَّفِ تُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَنْعُ الْبَيْعِ وَالثَّانِيَةُ الْإِطْلَاقُ،
وَقَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَيْ: لِفَسَادِ الْمَرْهُونِ قَبْلَهُ إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ،
وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ: الثَّانِيَةِ وَهِيَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ) مُعْتَمَدٌ،
وَقَوْلُهُ وَعَزَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَى تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ ضَعِيفٌ ع ش (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ) وَيَصِيرُ ثَمَنُهُ رَهْنًا عَلَى دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدِ اكْتِفَاءٍ بِكَوْنِ الرَّهْنِ مُقْتَضِيًا لِهَذِهِ الصَّيْرُورَةِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَا عَرَضَهُ لَهُ) أَيْ: فِي دَوَامِ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَيْ: لَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الرَّهْنِ م ر (قَوْلُهُ كَبُرٍّ ابْتَلَّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَابْتِلَالِ بُرٍّ شَوْبَرِيُّ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَالَ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ قَوْلُهُ كَبُرٍّ ابْتَلَّ مِثَالٌ لِلْمَرْهُونِ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ لَا لِلسَّبَبِ فَلَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى كَابْتِلَالِ بُرٍّ. اهـ.
وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ مَرِضَ الْحَيَوَانُ مَرَضًا مَخُوفًا فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهِ، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا فَلَوْ قَالَ: الرَّاهِنُ أَنَا أَبْذُلُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا وَلَا أَبِيعُ، فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ كَمَا فِي سم وَق ل (قَوْلُهُ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى) أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ بَاطِلٌ وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا) أَيْ: بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ ع ش وَفِي الشَّوْبَرِيِّ نَقْلًا عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مُعَارٍ) وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ ضِمْنِيَّةً نَحْوُ ارْهَنْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى دَيْنِي فَفَعَلَ فَإِنَّهُ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ وَرَهَنَهُ ح ل، وَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُعَارِ الَّذِي رَهَنَهُ لِبَقَاءِ الْإِعَارَةِ م ر قَالَ ع ش: وَيُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ بَلْ يَصِحُّ وَلَوْ مُعَارًا. (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ) أَيْ: لِلْمُعِيرِ وَعِلْمُ الْمُعِيرِ بِالدَّيْنِ مُغْنٍ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَدَّرَهُ) وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ: ارْهَنْ عَبْدِي بِمَا شِئْت صَحَّ أَنْ يَرْهَنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ. ح ل (قَوْلُهُ وَصِفَتُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ فِيمَا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ. ح ل (قَوْلُهُ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) وَلَوْ بِأَنْ يُعَيِّنَ لَهُ زَيْدًا فَيُرْهَنُ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ يُعَيِّنُ لَهُ وَلِيٌّ مَحْجُورٌ فَيَرْهَنُ مِنْهُ بَعْدَ كَمَالِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ) فَلَوْ خَالَفَ بِزِيَادَةٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لَا الزَّائِدِ فَقَطْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ شَوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ نِعْمَ لَوْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا قَالَ ح ل، وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ عَيَّنَ لَهُ أَجَلًا فَرَهَنَ بِأَقَلَّ مِنْهُ جَازَ وَنَازَعَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ قَدْ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ. انْتَهَى (قَوْلُهُ فَرَهَنَ بِدُونِهِ) أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ فَلَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَرَهَنَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ. اهـ. س ل وَكَذَا لَوْ طَلَبَهُ مِنْهُ لِيَرْهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِ ثِقَةٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ لِسُهُولَةِ مُعَامَلَةِ غَيْرِ الثِّقَةِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ عَلَى حَالَ فَرَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ بِرْمَاوِيٌّ بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ فَاسِدًا لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ بِهِ الْإِذْنُ لِلرَّاهِنِ بِوَضْعِ الْمَرْهُونِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ ح ل لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَ الْخُصُوصُ وَهُوَ التَّوَثُّقُ لَا يَبْطُلُ الْعُمُومُ وَهُوَ إذْنُ الْمَالِكِ بِوَضْعِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) أَمَّا لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الرَّاهِنِ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَ انْفِكَاكِهِ فَيَضْمَنُهُ كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ. س ل (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ:

(2/367)


(وَبَيْعُ) الْمُعَارِ. (بِمُرَاجَعَةِ مَالِكِهِ فِي) دَيْنٍ (حَالٍّ) ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ. (ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ الْمَالِكُ عَلَى الرَّاهِنِ (بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ سَوَاءٌ أَبِيعَ بِقِيمَتِهِ أَمْ بِأَكْثَرَ أَمْ بِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَرْهُونِ بِهِ) لِيَصِحَّ الرَّهْنُ (كَوْنُهُ دَيْنًا) وَلَوْ مَنْفَعَةً، فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعَيْنٍ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا، وَلَوْ مَضْمُونَةً كَمَغْصُوبَةٍ وَمُعَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِهَا لِتَرُدَّ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي التَّوَثُّقِ بِأَنَّ ضَمَانَهَا لَا يَجُرُّ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ إلَى ضَرَرٍ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهَا فَيَجُرُّ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ فِي الْمَرْهُونِ.
(مَعْلُومًا) لِلْعَاقِدَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً هُوَ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ كَضَمَانِهِ. (ثَابِتًا) أَيْ: مَوْجُودًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَا لَمْ يُقَصِّرَا فَإِنْ قَصَّرَا ضَمِنَا.

(قَوْلُهُ وَبِيعَ بِمُرَاجَعَةٍ إلَخْ) هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّ الْعَيْنِ، وَقَدْ أَلْغَزَ الْعَلَّامَةُ الدَّمِيرِيُّ هُنَا فَقَالَ: لَنَا مَرْهُونٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ جَزْمًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَصُورَتُهُ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِشُرُوطِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُعِيرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ الْوَثِيقَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ تَرَدَّدَ شَرْحُ م ر ع ش وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
عَيْنٌ لَنَا مَرْهُونَةٌ قَدْ صَحَّحُوا ... بَيْعًا لَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنْ
ذَاكَ مُعَارٌ بَاعَهُ الْمُعِيرُ مِنْ ... مَنْ اسْتَعَارَ لِلرِّهَانِ فَارْتَهَنْ
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِمُرَاجَعَةِ مَالِكِهِ أَيْ: يَبِيعُهُ الْحَاكِم بِمُرَاجَعَةِ مَالِكِهِ لَعَلَّهُ يَفْدِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي بَيْعِهِ بِيعَ قَهْرًا عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ طَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ رُوجِعَ الْمَالِكُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْدِي مِلْكَهُ.
(قَوْلُهُ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ) أَيْ: يَتَسَامَحُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عُبَابٌ.

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ بِهِ) أَيْ: عَلَيْهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ سَبَبِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ لِيَصِحَّ الرَّهْنُ دُفِعَ بِهِ مَا يُقَالُ: الشُّرُوطُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْعُقُودِ وَالْعِبَادَاتُ وَالْمَرْهُونُ بِهِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: شَرْطُ صِحَّةِ الرَّهْنِ. إلَخْ ع ن (قَوْلُهُ دَيْنًا) قَالَ الْخَطِيبُ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ بُطْلَانُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ أَيْ: بُطْلَانُ الشَّرْطِ لَا الْوَقْفِ مِنْ كَوْنِهِ يَقِفُ كِتَابًا، وَيَشْرِطُ أَنْ لَا يُعَارَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَان يُحْبَسُ فِيهِ إلَّا بِرَهْنٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِخِلَافِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنْ أَرَادَ الْوَاقِفُ الرَّهْنَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ تَذْكِرَةً لِأَجْلِ رَدِّهِ صَحَّ وَكَذَا إنْ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ إرَادَةٌ وَيُحْمَلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. س ل وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَنْفَعَةً) وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَلْزَمَتْ ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَيَدْفَعُهَا لَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعَيْنٍ) أَيْ: عَلَى عَيْنٍ بِأَنْ يُعِيرَهُ عَيْنًا وَيَأْخُذَ عَلَيْهَا رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا أَيْ: وَلَا عَلَى مَنْفَعَتِهَا فَالْبَاءُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى عَلَى كَأَنْ يُؤَجِّرَهُ دَابَّةً، وَيَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى مَنْفَعَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَتْ دَيْنًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَضْمُونَةً) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْعَيْنِ، وَمِثْلُهَا مَنْفَعَتُهَا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُمَا إذْ الْمُدَّعَى عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْعَيْنِ وَمَنْفَعَتِهَا.
(قَوْلُهُ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِهَا إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهَا، فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ بِالضَّمَانِ، وَحُصُولُ الْعَيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ ضَمَانَهَا لَا يَجُرُّ إلَخْ) وَصُورَتُهَا أَنْ يَغْصِبَ شَخْصٌ دَابَّةَ آخَرَ فَيَقُولُ رَجُلٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: ضَمَانُهَا عَلَيَّ لِأَرُدَّهَا لَك لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ سِوَى الرَّدِّ، وَإِذَا تَلِفَتْ انْفَكَّ الضَّمَانُ، وَيَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى بَدَلِهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَيُسْتَوَى الضَّمَانُ حِينَئِذٍ مَعَ الرَّهْنِ اهـ عَبْدُ رَبِّهِ.
(قَوْلُهُ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ) وَكَذَا لَوْ تَلِفَتْ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا رَدَّ الْعَيْنِ لَا الْبَدَلِ س ل؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ انْفَكَّ الضَّمَانُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَتَأَتَّى الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَيْنِ الْمَرْهُونِ عَلَيْهَا أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ فَلَا جَامِعَ فَلَا فَرْقَ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ مَفْهُومُهُ الضَّمَانُ لَوْ تَلِفَتْ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ؛ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا بِتَلَفِهَا، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ صُورَةَ الضَّمَانِ لَا تُخَالِفُ الرَّهْنَ بَعْد التَّلَفِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّ الضَّامِنَ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، وَالرَّاهِنُ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِدَوَامِ حَبْسِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ فِي الْمَرْهُونِ لَا إلَى غَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا عَلِمْت لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ الْعَيْنِ وَلَا مَنْفَعَتِهَا مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ.
(قَوْلُهُ قَدْرًا وَصِفَةً) أَيْ: وَعَيْنًا (قَوْلُهُ ثَابِتًا) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَنَا دَيْنٌ غَيْرُ ثَابِتٍ ح ل (قَوْلُهُ أَيْ مَوْجُودًا)

(2/368)


فَلَا يَصِحُّ بِمَا سَيَثْبُتُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ (لَازِمًا وَلَوْ مَآلًا) كَالثَّمَنِ بَعْدَ اللُّزُومِ أَوْ قَبْلَهُ، فَلَا يَصِحُّ بِنُجُومِ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلتَّوَثُّقِ، وَالْمُكَاتَبُ لَهُ الْفَسْخُ مَتَى شَاءَ فَتَسْقُطُ بِهِ النُّجُومُ فَلَا مَعْنَى لِتَوْثِيقِهَا وَلَا بِجُعْلِ جِعَالَةٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا فَسْخَهَا فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ.

(وَصَحَّ مَزْجُ رَهْنٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ) كَقَرْضٍ (إنْ تَوَسَّطَ طَرَفُ رَهْنٍ وَتَأَخَّرَ) الطَّرَفُ (الْآخَرُ) كَقَوْلِهِ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَوْ أَقْرَضْتُك كَذَا وَارْتَهَنْت بِهِ عَبْدَك، فَيَقُولُ الْآخَرُ ابْتَعْت أَوْ اقْتَرَضْت وَرَهَنْت؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ فَمَزْجُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ وَاغْتُفِرَ تَقَدُّمُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ قَالَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: الْآنَ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ لَفْظُ الدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسْمِيَةِ الْوُجُودُ، وَإِلَّا لَمْ يُسَمَّ الْمَعْدُومُ مَعْدُومًا شَرْحُ م ر وَفِيهِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَعْدُومِ وَالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بِمَا سَيَثْبُتُ) كَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فِي الْغَدِ. (قَوْلُهُ لَازِمًا وَلَوْ مَآلًا) أَيْ: آيِلًا إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ جَعْلَ الْجِعَالَةِ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ الْعَمَلِ لَا بِنَفْسِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ: وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِيَتَمَلَّكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى يَرْتَهِنَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ لَهُ الْفَسْخُ مَتَى شَاءَ) وَلَا يُقَالُ: يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ فَهُوَ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَلَا يَجْعَلُ جِعَالَةً) صُورَةُ الْجِعَالَةِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَيَقُولُ: شَخْصٌ ائْتِنِي بِرَهْنٍ وَأَنَا أَرُدُّهُ وَمِثْلُهُ إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ وَهَذَا رَهْنٌ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ دِينَارٌ، وَهَذَا رَهْنٌ عَلَيْهِ. س ل.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ) أَيْ: يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ إنْ ظَهَرَ أَثَرٌ فِي الْعَمَلِ كَأَنْ جَاعَلَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارٍ مَثَلًا فَبَنَى بَعْضَهَا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ فِي الْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَشَرَعَ فِي رَدِّهِ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ وَفُسِخَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ مَزْجُ رَهْنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ: وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ إلَّا مِنْ صُورَةِ مَزْجِ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ بِشَرْطِ تَأْخِيرِ أَحَدِ طَرَفَيْ فِي الرَّهْنِ انْتَهَى وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْ: مِنْ شَرْطِ الثُّبُوتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّمَحُّلَاتِ وَالتَّكَلُّفَاتِ شَوْبَرِيٌّ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ وُقُوعُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ بَيْنَ شِقَّيْ نَحْوِ الْبَيْعِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُمَا فَيَصِحُّ إذَا قَالَ: بِعْنِي هَذَا بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ هَذَا فَقَالَ: بِعْت وَارْتَهَنْت وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ أَجَّرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت صَحَّ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَمِنْ صُوَر الْمَزْجِ أَنْ يَقُولَ: بِعْنِي عَبْدَك بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ الثَّوْبَ فَيَقُولُ: بِعْت وَارْتَهَنْت اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ فَيَقُولُ الْآخَرُ) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَبُولِ الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي نَحْوِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُقْتَرِضَ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ
وَقَوْلُهُ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ أَيْ: بِخِلَافِ الْمَزْجِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت الْبَيْعَ وَلَا يَقُولُ: وَرَهَنْت إذْ لَوْ فَعَلَ كَذَلِكَ بَطَلَ عَقْدُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ تَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ.
(قَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ تَقَدُّمُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: أَنْتُمْ قَدْ شَرَطْتُمْ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ ثُبُوتَ الدَّيْنِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَكَمْتُمْ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَمَامِ صِيغَةِ الْبَيْعِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ إلَخْ
وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي إلَخْ جَوَابٌ آخَرُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَ ثَابِتٌ تَقْدِيرًا وَأَنَّ الرَّهْنَ انْعَقَدَ بَعْدَ الثُّبُوتِ تَقْدِيرًا أَيْضًا شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ: بَلْ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا مُتَقَدِّمَانِ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ إذْ مُقْتَضَى تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ تَوَقُّفُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ إذْ كَيْفَ يَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ؟ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْقَبْضُ بَيْنَ الشِّقَّيْنِ بِأَنْ عَقَّبَ قَوْلَهُ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِتَسْلِيمِهَا لَهُ، وَقَدْ يُمْنَعُ مِلْكُهَا بِهَذَا التَّسْلِيمِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَكْفِي مِلْكُهُ مَعَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا أَحَدُ الشِّقَّيْنِ سم.
(قَوْلُهُ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ) أَيْ: التَّأَكُّدِ، وَإِلَّا فَالتَّوَثُّقُ يَحْصُلُ بِالِاشْتِرَاطِ مَعَ تَأَخُّرِ طَرَفَيْهِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْقَاضِي وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ أَيْ: لِتَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ هُنَا لِاغْتِفَارِ التَّقَدُّمِ فِيهِ لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ: فِي الْجَوَابِ عَنْ الشَّارِحِ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ إلَخْ بَلْ الْمُرَادُ حِكَايَةُ قَوْلٍ آخَرَ لِتَوْجِيهِ الصِّحَّةَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُمْهُورَ اغْتَفَرُوا مِثْلَ هَذَا وَاكْتَفَوْا بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَمَامُ الصِّيغَةِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ طَرَفَيْ الرَّهْنِ فَكَأَنَّ صِيغَةَ الرَّهْنِ لَمْ تَقَعْ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ صِيغَةِ الْبَيْعِ. ع ش فَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ؛ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ

(2/369)


وَيُقَدَّرُ وُجُوبُ الثَّمَنِ وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ كَمَا لَوْ قَالَ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ الْمِلْكُ لَهُ ثُمَّ يُعْتِقُ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ الْعِتْقِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَ) صَحَّ (زِيَادَةُ رَهْنٍ) عَلَى رَهْنٍ (بِدَيْنٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوْثِقَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا بِهِ مَعًا. (لَا عَكْسُهُ) أَيْ: زِيَادَةُ دَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ وَفَّى بِهِمَا فَلَا تَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ هَذَا شُغْلٌ مَشْغُولٌ وَذَاكَ شُغْلٌ فَارِغٌ. نَعَمْ يَجُوزُ الْعَكْسُ فِيمَا لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ؛ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ وَفِيمَا لَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ

(وَلَا يَلْزَمُ) الرَّهْنَ (إلَّا بِقَبْضِهِ) بِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ إقْبَاضٍ) مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ فَلَوْ أَذِنَ أَوْ أَقْبَضَ فَجُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ وَاللُّزُومُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، وَالْقَبْضُ وَالْإِذْنُ أَوْ الْإِقْبَاضُ إنَّمَا يَكُونُ (مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ) لِلرَّهْنِ، فَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ غَيْرِهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْوَاوِ كَأَنْ يَقُولَ: وَقَالَ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ وُجُوبُ الثَّمَنِ) أَيْ: ثُبُوتُهُ.
(قَوْلُهُ وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ) أَيْ: الْوُجُوبُ وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا يَنْفَعُ فِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَيَحْتَاجُ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الرَّهْنِ إلَى التَّوْجِيهِ السَّابِقِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ زِيَادَةُ رَهْنٍ) هَذِهِ تَنَاسُبُ قَوْلَهُ ثَابِتًا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ رَهْنًا عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ. (قَوْلُهُ أَيْ: زِيَادَةُ دَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَاحِدٍ) فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ إذَا رَهَنَهُ ثَانِيًا مَعَ إرَادَةِ بَقَائِهِ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرِدْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنْ فَسَخَ الْأَوَّلَ أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْفَسْخِ الْمَذْكُورِ صَحَّ، وَكَانَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي ح ل قَالَ م ر: وَمِنْ هَذَا مَا لَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الْجَعْلِيِّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا شُغْلُ مَشْغُولٍ) أَيْ: فَهُوَ نَقْصٌ مِنْ الْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْضُهَا رَهْنًا عَلَى الدَّيْنِ الْآخَرِ
وَقَوْلُهُ وَذَاكَ شُغْلٌ فَارِغٌ أَيْ: فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي التَّوْثِقَةِ شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي الْعِلَّةِ بِأَنْ يُقَالَ: بِأَنَّ هَذَا شَغْلُ مَشْغُولٍ أَيْ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ مَشْغُولٌ وَالْمَشْغُولُ لَا يَجُوزُ شَغْلُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَالْأُولَى. وَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. اهـ (قَوْلُهُ فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) فَلَوْ فَدَاهُ بِلَا إذْنٍ فَهَلْ يَصِحُّ الْقَبْضُ لِلْفِدَاءِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ كَمَنْ وَفَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ يَبْطُلُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَلَا سِيَّمَا إذَا شُرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ) وَقَوْلُهُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْفِدَاءِ وَالنَّفَقَةِ حَالَ الْإِذْنِ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ مُحَافَظَةً عَلَى مَصْلَحَةِ حِفْظِ الرَّهْنِ. حَجّ شَوْبَرِيُّ
(قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ: الْإِنْفَاقِ أَيْ: بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فِيهِ وَهُوَ إذْنُ الْمَالِكِ أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِذْنِ مِنْ الْمَالِكِ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَوْنُهُ مَعْلُومًا أَوْ يُغْتَفَرُ هَذَا لِوُقُوعِهِ تَابِعًا؟ . كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ شَوْبَرِيٌّ وَع ش وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْأَيَّامِ الَّتِي يُنْفِقُ فِيهَا أَيْضًا لِيَكُونَ الْمَرْهُونُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا كَمَا قَالَهُ س ل.

. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضِهِ) فَلَوْ أَقْبَضَ الْمَرْهُونَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ الرَّهْنِ فَوَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ م ر: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الرَّهْنِ سم ع ش وَهَلْ يَكْتَفِي بِقَبْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ لِيَلْزَم الرَّهْنُ؟ . الْمَنْقُولُ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ إذْنِ الْغَيْرِ لِدَفْعِ الْإِثْمِ لَا لِلُزُومِ الرَّهْنِ وَفِي الْإِيعَابِ خِلَافُهُ ح ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالرَّاهِنُ فِي الْإِذْنِ لَهُ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوْ رَهْنِهِ وَعَدَمِهِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَرْهُونُ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ: مَحَلَّ كَوْنِ الرَّهْنِ يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ بِالْإِذْنِ وَبِالْإِقْبَاضِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ، وَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُ بِقَبْضِهِ.
وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ نَحْوِ مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ وَكِيلِ رَاهِنٍ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ إقْبَاضِ وَكِيلِهِ، وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ) أَيْ: قَبْلَ وُجُودِ الْقَبْضِ
وَقَوْلُهُ أَوْ أَقْبَضَ أَيْ: شَرَعَ فِي الْإِقْبَاضِ وَقَوْلُهُ فَجُنَّ إلَخْ أَيْ: قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ) أَيْ: وَلَا يَلْزَمُ إذَا قَبَضَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ اللُّزُومِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَلْزَمْ لِأَجْلِ الْمُقَابَلَةِ. (قَوْلُهُ وَاللُّزُومُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ) أَمَّا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ فِي حَقِّهِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَسْخُ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَيَقْبِضُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْبَيْعَ فَيَنْفَسِخُ الرَّهْنُ تَبَعًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِيَارِ شَرْحُ م ر، وَاللُّزُومُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ أَوْ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ أَنَّ أَيْ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللُّزُومَ إلَخْ أَوْ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ أَيْ: وَمَعْلُومٌ

(2/370)


(وَلَهُ) أَيْ: لِلْعَاقِدِ (إنَابَةُ غَيْرِهِ) فِيهِ كَالْعَقْدِ (لَا) إنَابَةُ (مُقْبِضٍ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، فَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِغَيْرِهِ فِي الْإِقْبَاضِ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ فِي الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الرَّهْنِ فَقَطْ فَتَعْبِيرِي بِالْمُقْبِضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاهِنِ (وَ) لَا إنَابَةَ (رَقِيقِهِ) أَيْ: الْمُقْبِضِ وَلَوْ كَانَ رَقِيقُهُ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ: يَدَهُ كَيَدِهِ (لَا مُكَاتَبَهُ) فَتَصِحُّ إنَابَتُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَمِثْلُهُ مُبَعَّضٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَوَقَعَتْ الْإِنَابَةُ فِي نَوْبَتِهِ

. (وَلَا يَلْزَمُ رَهْنُ مَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْهُ) كَمُودَعٍ وَمَغْصُوبٍ وَمُعَارٍ (إلَّا بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (وَإِذْنُهُ) أَيْ: الرَّاهِنِ. (فِيهِ) أَيْ: قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ: الْيَدَ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِمُضِيِّ ذَلِكَ مُضِيُّهُ مِنْ الْإِذْنِ (وَيُبَرِّئُهُ عَنْ ضَمَانِ يَدِ إيدَاعِهِ لَا ارْتِهَانِهِ) ؛ لِأَنَّ: الْإِيدَاعَ ائْتِمَانٌ يُنَافِي الضَّمَانَ، وَالِارْتِهَانُ تَوَثُّقٌ لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِي الْمَرْهُونِ صَارَ ضَامِنًا مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ بِحَالِهِ وَلَوْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ ارْتَفَعَ كَوْنُهَا وَدِيعَةً، وَفِي مَعْنَى ارْتِهَانِهِ قِرَاضُهُ وَتَزَوُّجُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَوْكِيلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ عَنْ ضَمَانِهِ وَتَعْبِيرِي فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَيَحْصُلُ رُجُوعٌ) عَنْ الرَّهْنِ (قَبْلَ قَبْضِهِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ مِلْكًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّ مَحَلَّ اللُّزُومِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالْقَبْضُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ. اهـ.

. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ: لِلْعَاقِدِ مُطْلَقًا إنَابَةُ غَيْرِهِ فِيهِ أَيْ: فِي الْقَبْضِ أَوْ الْإِقْبَاضِ وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الْعَاقِدَ بِالْمُرْتَهِنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
وَعِبَارَةُ م ر وَيَجْرِي فِيهِ أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ النِّيَابَةُ لَكِنْ لَا يَسْتَنِيبُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ رَاهِنًا. اهـ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ مَنْ يَصِحُّ قَبْضُهُ لِيَخْرُجَ نَحْوُ مَحْجُورِ السَّفَهِ كَمَا فِي ع ش.
(قَوْلُهُ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ فِي الْقَبْضِ) أَيْ: إنَابَةُ الْمُرْتَهِنِ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْغَيْرِ
وَقَوْلُهُ وَلَا إنَابَةُ رَقِيقِهِ أَيْ: وَلَا أَنْ يُنِيبَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ رَقِيقَ الْمُقْبِضِ، وَإِنَّمَا صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي ذَلِكَ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ. اهـ. ح ل
وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّ إلَخْ أَيْ: مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ تَوْكِيلٌ لِسَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَ الْعَبْدَ وَكَّلَ سَيِّدَهُ فَصَارَ بَائِعًا مُشْتَرِيًا. (قَوْلُهُ لَا مُكَاتَبِهِ) أَيْ: الصَّحِيحُ الْكِتَابَةُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَوَقَعَتْ الْإِنَابَةُ) الْأَوْلَى الْقَبْضُ
وَقَوْلُهُ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْقَبْضَ فِيهَا وَقَبَضَ فِي نَوْبَتِهِ ح ل.
وَعِبَارَةُ م ر وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَلَمْ يُشْرَطْ فِيهِ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ رَهْنُ مَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْهُ) أَيْ: لَهُ (قَوْلُهُ وَإِذْنُهُ) عُطِفَ عَلَى مُضِيٍّ لَا عَلَى زَمَنٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ كَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) قِيلَ: لَوْ قُدِّمَ الْإِذْنُ فِي الْمَتْنِ عَلَى مُضِيٍّ لَفُهِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ وَفِيهِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ وَيُبَرِّئُهُ) أَيْ: يُبَرِّئُ الشَّخْصَ الَّذِي عِنْدَهُ شَيْءٌ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ كَالْمَغْصُوبِ إيدَاعُهُ أَيْ: إيدَاعُ الْمَالِكِ إيَّاهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ إيدَاعُهُ) أَيْ: إيدَاعُ الشَّيْءِ الْمَضْمُونِ الْمَفْهُومِ مِنْ ضَمَانٍ. (قَوْلُهُ لَا ارْتِهَانُهُ) أَيْ: لَا ارْتِهَانُ الشَّخْصِ إيَّاهُ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْضًا وَحُذِفَ الْفَاعِلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قِرَاضِهِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الرَّهْنِ فَلَوْ قَدَّمَ الِارْتِهَانَ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا يُبَرِّئَهُ عَنْ ضَمَانِ يَدِ ارْتِهَانِهِ بِخِلَافِ إيدَاعِهِ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ ضَمَانَ يَدٍ إلَّا أَرْبَعَةٌ الْمَغْصُوبُ وَالْمُعَارُ وَالْمُسْتَامُ وَالْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَمَا عَدَاهَا يُضْمَنُ بِالْمُقَابِلِ ح ف.
(قَوْلُهُ قِرَاضُهُ) نَعَمْ إنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بَرِئَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّهُ تَسَلَّمَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ ز ي وَكَذَا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَهُ) بِأَنْ كَانَ أَمَةً (قَوْلُهُ وَتَوْكِيلُهُ) أَيْ: فِي بَيْعِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ عَنْ ضَمَانِهِ) لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَلِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَنْ عَيْنٍ، وَالْإِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ دَيْنٍ وَيُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْقِرَاضِ وَالْعَارِيَّةِ فِي إعَارَةِ النَّقْدِ لِلتَّزَيُّنِ أَوْ لِرَهْنِهِ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ وَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ بَرِئَ مِنْهُ ح ل وَم ر.

(قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ رُجُوعٌ عَنْ الرَّهْنِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ مِلْكًا) كَنَحْوِ بَيْعٍ بُتَّ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا م ر.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر بَعْدَ قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ رُجُوعٌ، وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ مَا دَامَ الْخِيَارُ بَاقِيًا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ خِلَافُهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ، وَالرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَقْرَبُ مِنْ تَرَتُّبِهِ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْهِبَةُ

(2/371)


كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) لِزَوَالِ مَحَلِّ الرَّهْنِ (وَبِرَهْنٍ كَذَلِكَ) أَيْ: مَقْبُوضِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَتَقْيِيدُهُمَا بِالْقَبْضِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهَا الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ بِدُونِ قَبْضٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرُّبَيِّعِ لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا قَبُولٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا الْقَبْضُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ.
(وَكِتَابَةٌ وَتَدْبِيرٌ وَإِحْبَالٌ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ مِلْكًا مَعْنَاهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ زَوَالُ الْمِلْكِ أَوْ تَصَرُّفٌ هُوَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ. اهـ.
(قَوْلُهُ كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) أَيْ: مَقْبُوضٍ مُتَعَلَّقُهَا وَهُوَ الْمَوْهُوبُ، وَقَيْدُ الْقَبْضِ فِيهَا وَفِي الرَّهْنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَهُمَا رُجُوعٌ وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ وَتَقْيِيدُ الشَّيْخَيْنِ بِالْقَبْضِ لِكَوْنِهِمَا مِثَالَيْنِ لِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ حَقِيقَةً، وَشَمِلَ الرَّهْنُ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ الْأَوَّلِ ق ل. (قَوْلُهُ وَبِرَهْنٍ) أَعَادَ الْعَامِلَ إشَارَةً إلَى اسْتِقْلَالِهِ أَيْ: فَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بَلْ عَلَى تَصَرُّفٍ، وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كَهِبَةٍ وَرَهْنٍ مَقْبُوضَيْنِ لَكَانَ أَخْصَرَ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ،.
وَعِبَارَةُ ع ش أَعَادَ الْعَامِلَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ: الْمَذْكُورَ مِنْ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرَّبِيعِ) أَيْ: لِمَا اسْتَنْبَطَهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ رُجُوعَ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ بِهِبَتِهِ لِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَبْضِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْهِبَةِ لِفَرْعِهِ قَطْعًا؛ فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لَهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ بِمَا ذُكِرَ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَالتَّخْرِيجُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ لِلْمُجْتَهِدِ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى نَظِيرُهُ لَهَا، وَأَشَارَ ابْنُ السُّبْكِيّ إلَى ضَابِطِ التَّخْرِيجِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْمُجْتَهِدِ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ لَكِنْ عُرِفَ فِي نَظِيرَتِهَا فَهُوَ قَوْلُهُ الْمُخَرَّجُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ، وَحَاصِلُهُ كَمَا أَوْضَحَهُ شَارِحُهُ وَحَوَاشِيهِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ مُتَشَابِهَتَانِ فَيَنُصُّ الْمُجْتَهِدُ فِي كُلٍّ عَلَى حُكْمٍ غَيْرِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُخْرَى فَيَخْرُجُ الْأَصْحَابُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلًا آخَرَ اسْتِنْبَاطًا لَهُ مِنْ الْمَنْصُوصِ فِي الْأُخْرَى، وَمِثَالُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الرَّهْنِ بِهِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِمَا وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ، وَنَصَّ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ هِبَةُ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْهَا بِهِبَةٍ أُخْرَى أَوْ رَهْنٍ إلَّا مَعَ الْقَبْضِ عَلَى قَوْلٍ فَخَرَّجَ الرَّبِيعُ فِي مَسْأَلَتِنَا لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِمَا إلَّا مَعَ الْقَبْضِ اسْتِنْبَاطًا مِنْ الْمَنْصُوصِ فِي مَسْأَلَتِنَا الْهِبَةُ لِلْفَرْعِ، وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ أَنَّ الرَّبِيعَ خَرَّجَ لِلشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ قَوْلًا بِأَنَّهُ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِمَا وَلَوْ بِدُونِ قَبْضٍ اسْتِنْبَاطًا مِمَّا هُنَا لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ م ر فِي الْهِبَةِ إنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَكُونُ رُجُوعُهُ قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكُونُ الْقَبْضُ لَيْسَ قَيْدًا فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ لِنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِهَذَا الْعَبْدِ ثُمَّ وَهَبَهُ لِعَمْرٍو فَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ.
إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا قَبُولٌ) بَلْ مُجَرَّدُ الْإِيجَابِ وَهُوَ فِيهَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْقَبُولِ، وَالْقَبُولُ يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الرَّهْنَ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ قَبُولٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُبْطِلُهُ مُجَرَّدُ الْهِبَةِ وَالرَّهْنُ لِلْغَيْرِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضَا وَذَكَرَ شَيْخُنَا لِمَا لَا يَبْطُلُ، وَلِمَا يَبْطُلُ ضَابِطًا، وَهُوَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَبْطَلَهُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا الرَّهْنُ، وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ كَشَيْخِنَا الْمَذْكُورِ فَلْيُحَرَّرْ ح ل وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ التَّخَمُّرُ وَالْإِبَاقُ مَعَ أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَهُ وَلَا يُبْطِلَانِهِ، وَإِذَا طَرَآ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا دَاخِلَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ،
وَقَوْلُهُ إلَّا الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ وَمِثْلُهُمَا الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْجِنَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) وَلَوْ فَاسِدَةً كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ وَم ر وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَنَابَ مُكَاتَبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يُشْعِرُ بِالرُّجُوعِ، وَثَمَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً. ع ش (قَوْلُهُ وَإِحْبَالٍ) أَيْ: مِنْهُ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْأَوْلَى وَحَبَلٍ لِيَشْمَلَ مَا إذَا حَبِلَتْ بِإِحْبَالِهِ أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر أَوْ أَطْلَقَ الْإِحْبَالَ، وَأَرَادَ بِهِ الْحَبَلَ

(2/372)


وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ (لَا بِوَطْءٍ وَتَزْوِيجٍ) لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِمَا لَهُ. (وَمَوْتُ عَاقِدٍ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ (وَجُنُونِهِ) وَإِغْمَائِهِ؛ لِأَنَّ: مَصِيرَهُ اللُّزُومِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَقُومُ فِي الْمَوْتِ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ مَقَامَهُمَا فِي الْإِقْبَاضِ وَالْقَبْضِ، وَفِي غَيْرِهِ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَتَخَمُّرٍ) لِعَصِيرٍ كَتَخَمُّرِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ وَإِنْ ارْتَفَعَ بِالتَّخَمُّرِ عَادَ بِانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا (وَإِبَاقٍ) لِرَقِيقٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّخَمُّرِ

(وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مُقْبِضٍ رَهْنٌ) لِئَلَّا يُزَاحِمَ الْمُرْتَهِنَ (وَ) لَا (وَطْءَ) لِخَوْفِ الْإِحْبَالِ فِيمَنْ تَحْبَلُ وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا (وَ) لَا (تَصَرُّفَ يُزِيلُ مِلْكًا) كَوَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الرَّهْنَ (أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ) وَكَإِجَارَةٍ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ يَحِلُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ، وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ مَعَ فَرَاغِهَا جَازَتْ الْإِجَارَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
اسْتِعْمَالًا لِلْمَصْدَرِ فِي أَثَرِهِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ الْمُحْتَرَمَ أَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ: كَانَ اللَّائِقُ التَّعْبِيرَ بِالْحَبَلِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ) أَيْ: مِنْ ضَعْفِهِ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ الْقَبْضِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْإِحْبَالَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُنَافِيهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ لَا بِوَطْءٍ) أَيْ: بِلَا إحْبَالٍ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَقَوْلُهُ وَتَزْوِيجٌ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَوْرِدِ الرَّهْنِ بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَوَّجُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً م ر وَمَعْنَى كَوْنِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَحْصُلُ بِهَا الرُّجُوعُ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْفَسِخُ بِهَا بَلْ هُوَ بَاقٍ كَمَا فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ) أَيْ: أَوْ وَكِيلُهَا أَوْ وَكِيلُ أَحَدِهِمَا م ر. (قَوْلُهُ وَجُنُونُهُ وَإِغْمَائِهِ) أَيْ: أَوْ حَجْرٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ هَذَا التَّعْلِيلَ لِأَنَّ مَعْنَى مَصِيرِ الْعَقْدِ إلَى اللُّزُومِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي تَلْزَمُ بِنَفْسِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَإِنَّهُ إذَا انْقَضَى الْخِيَارُ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ، وَالرَّهْنُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْإِقْبَاضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا رَهَنَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبِضَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ. ع ش (قَوْلُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ فَيَقُومُ فِي الْمَوْتِ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ لَا يَتَقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ كَذَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْمَرْهُونِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِجَرَيَانِ الْعَقْدِ. ح ل (قَوْلُهُ وَالْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ) الْمُعْتَمَدُ انْتِظَارُ إفَاقَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. اهـ. ح ف وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ مَا إذَا أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
(قَوْلُهُ كَتَخَمُّرِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ) الْكَافُ لِلْقِيَاسِ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ وَهُوَ قِيَاسٌ أَدْوَنُ فَقَوْلُهُ وَكَتَخَمُّرِهِ عِلَّةٌ أُولَى، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ) وَهُوَ التَّوَثُّقُ. (قَوْلُهُ عَادَ) أَيْ: يَعُودُ بِانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ حَالَ التَّخَمُّرِ فَإِنْ فَعَلَ اُسْتُؤْنِفَ الْقَبْضُ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ. ح ل قَالَ م ر: لَكِنْ مَا دَامَ خَمْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ حُكْمُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ، فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَتْ الرَّهْنِيَّةُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(قَوْلُهُ وَإِبَاقٍ لِرَقِيقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الرَّاهِنِ بِالدَّيْنِ حَيْثُ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّخَمُّرِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا انْتَهَى إلَى حَالَةٍ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا الْجَامِعُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّخَمُّرِ، وَالْإِبَاقِ يُزِيلُ الرَّهْنَ كَمَا عُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ الَّذِي ذَكَرَهُ ع ش مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُمَا لَا يُزِيلَانِهِ فَالْأَوْلَى أَنَّ الْجَامِعَ رَجَاءُ الْعَوْدِ فِي كُلٍّ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ إلَخْ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ إلَّا مَا سَيَأْتِي بِخِلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ سَوَاءٌ حَصَلَ بِهِ الرُّجُوعُ أَمْ لَا شَيْخُنَا
وَقَوْلُهُ لِئَلَّا يُزَاحِمَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْمِصْبَاحِ زَحَمْته زَحْمًا مِنْ بَابِ نَفَعَ دَفَعْته فَيُزَاحِمُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ: لِئَلَّا يَكُونَ سَبَبًا فِي مُزَاحَمَتِهِ
(قَوْله وَلَا وَطِئَ) أَيْ: لِلْمُعْسِرِ وَخَرَّجَ بِالْوَطْءِ الِاسْتِخْدَامُ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَإِنْ خَافَ الْوَطْءَ إذَا تَمَتَّعَ حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَاسْتَظْهَرَهُ م ر ع ش (قَوْلُهُ أَوْ يَنْقُصُهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ مَا بَعْدَهَا مُوَافَقَةً. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4] (قَوْلُهُ كَتَزْوِيجٍ) سَوَاءٌ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ، وَخَرَجَ بِالتَّزْوِيجِ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَقَدُّمِ حَقّ الزَّوْجِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ: الْمُدَّةُ كَأَنْ حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِلَحْظَةٍ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ خِلَافُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ، وَلَا يَنْقُصُ الْقِيمَةَ بَلْ هُوَ كَالْبَيْعِ بِدُونِ ثَمَن الْمِثْلِ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُوَجَّهُ الْبُطْلَانُ بِبَقَاءٍ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. ع ش.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا بِأَنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِمَحَلِّ عَمَلٍ كَبِنَاءٍ وَخِيَاطَةٍ، وَقَوْلُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ أَيْ: إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا أَوْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِيَدِهِ ح ل وَانْظُرْ لِمَ أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَهَلَّا قَالَ: جَازَتْ فَلَوْ فَرَضَ حُلُولَ الدَّيْنِ قَبْلَ فَرَاغِهَا كَأَنْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَبْقَى الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا وَيُنْتَظَرُ

(2/373)


وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَمَعَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَلَا يَنْفُذُ) بِمُعْجَمَةٍ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لِتَضَرُّرِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ وَإِيلَادُهُ) فَيَنْفُذَانِ تَشْبِيهًا لَهُمَا بِسِرَايَةِ إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ حَالًا أَوْ مَآلًا مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ بِغُرْمِ الْقِيمَةِ كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا نَفَذَ فِيمَا أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ. (وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إعْتَاقِهِ وَإِحْبَالِهِ) وَتَكُونُ (رَهْنًا) مَكَانَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ لِقِيَامِهَا مَقَامَهُ، وَقَبْلَ الْغُرْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَلَا إيلَادٌ وَذِكْرُ الْغُرْمِ فِي الْإِيلَادِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَالْوَلَدُ) الْحَاصِلُ مِنْ وَطْءِ الرَّاهِنِ (حُرٌّ) نَسِيبٌ، وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ لَكِنْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ، وَيَكُونُ رَهْنًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
انْقِضَاؤُهَا لِأَنَّ الشَّيْءَ يُغْتَفَرُ دَوَامًا فَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا يَقْضِي بَاقِيَ دَيْنِهِ مِنْ الرَّهْنِ شَوْبَرِيٌّ أَوْ يَصْبِرُ إلَى انْقِضَائِهَا.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ) لَكِنْ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا. سم (قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ: الْمُزِيلَةِ لِلْمِلْكِ أَوْ الْمُنَقِّصَةِ لَهُ بِقَرِينَةِ تَمْثِيلِهِ. ح ل (قَوْلُهُ إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ) أَيْ: وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَكَذَا الْإِيلَادُ وَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ إقْدَامُ الْمُوسِرِ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ غَايَتَهُ الْإِحْبَالُ، وَإِحْبَالُهُ نَافِذٌ كَإِعْتَاقِهِ يَظْهَرُ الْآنَ نَعَمْ جَزَمَ بِهِ س ل لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا قُصِدَ بِهِ الْإِيلَادُ، وَحِينَئِذٍ يَنْحَصِرُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ خَوْفَ الْإِحْبَالِ إلَخْ فِي الْمُعْسِرِ سم، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ نَاجِزَةٌ فِي الْعِتْقِ فَقَوِيَ نَظَرُ الشَّارِعِ إلَيْهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْإِحْبَالُ فَإِنَّهُ مُنْتَظَرٌ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَيُؤَيِّدُ أَنَّ الْعِتْقَ النَّاجِزَ هُوَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ مُنَجَّزًا صَحَّ أَوْ غَيْرَ مُنَجَّزٍ كَإِعْتَاقِهِ غَدًا لَمْ يَصِحَّ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِسِرَايَةِ إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ كَأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ حَالًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِعْتَاقِ
وَقَوْلُهُ أَوْ مَآلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِيلَادِ. شَوْبَرِيٌّ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَوْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ تَشْبِيهًا وَلِمَا وَرَدَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ إحْبَالُ الْمُعْسِرِ وَإِعْتَاقُهُ، فَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُمَا يَنْفُذَانِ أَيْضًا دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ بِسُؤَالِ الْغَيْرِ وَكَانَ بِعِوَضٍ كَانَ بَيْعًا، وَإِلَّا كَانَ هِبَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُرْتَهِنَ جَازَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ جَائِزٌ مَعَهُ، وَيَنْفُذُ عَنْ كَفَّارَتِهِ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ) ضَعِيفٌ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارَ يَسَارِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَمِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ ع ش سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ
وَقَوْلُهُ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ أَيْ: فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَمْلِكُ قَدْرَ مَا يَغْرَمُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ نَفَذَ فِيمَا أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ) هَذَا يَجْرِي فِي الْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ فَيَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي الْبَعْضِ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ إلَخْ) عَبَّرَ عَنْهَا بِالْمُضَارِعِ، وَفِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا، وَكَانَتْ رَهْنًا مَكَانَهَا بِالْمَاضِي لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي تَحَقَّقَ فِيهِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ بِمَوْتِ الْأَمَةِ، وَأَمَّا هُنَا فَالْإِحْبَالُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا رَهْنًا لِجَوَازِ عُرُوضِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ بَيْعِ الْأَمَةِ بَعْدَ حَمْلِهَا وَبَيَانُ مَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعِتْقِ فَنَاسَبَ التَّعْبِيرُ فِيهِ الْمُسْتَقْبَلَ الْمُحْتَمِلَ لِعَدَمِ الْوُقُوعِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَقَبْلَ الْغُرْمِ يَنْبَغِي إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْغُرْمِ دَيْنًا مَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ رَهْنِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَعَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَيْسَ لَهُ سِوَى قَدْرِ الْقِيمَةِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي) كَأَنْ قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّ أَرْشَ الْيَدِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَكُونُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي قَبْلَ الْغُرْمِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ كَالْفَائِدَةِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ الْمُعْسِرُ) أَيْ: وَقْتَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَلَا إيلَادٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْوَطْءَ لِخَوْفِ الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي سم عَلَى حَجّ نُفُوذُ الْإِيلَادِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ النُّفُوذِ لِأَنَّ فِي النُّفُوذِ تَفْوِيتًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش.

(قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ اسْتِيلَادُهُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ حَجّ فَقَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ الرَّاهِنِ أَيْ: وَلَوْ مُعْسِرًا. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ) أَيْ: مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا بِكْرًا، وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ بِكْرٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ سُقُوطُهُ أَوْ يُقَالُ: هُوَ رَاجِعٌ لِلْمُعْسِرِ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَفَائِدَتُهُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ إيلَادِهِ عَدَمُ غُرْمِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ رَهْنًا) أَيْ: مَعَ

(2/374)


(وَإِذَا لَمْ يَنْفُذَا) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (نَفَذَ الْإِيلَادُ) لَا الْإِعْتَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِّ، فَإِذَا رُدَّ لَغَا وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ فِي الْحَالِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ الْحَقُّ ثَبَتَ حُكْمُهُ فَإِنْ انْفَكَّ بِبَيْعٍ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ إلَّا أَنَّ مِلْكَ الْأَمَةِ.
(فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) وَهُوَ مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ ثُمَّ أَيْسَرَ (غَرِمَ قِيمَتَهَا) وَقْتَ الْإِحْبَالِ وَكَانَتْ (رَهْنًا) مَكَانَهَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إهْلَاكِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ

(وَلَوْ عَلَّقَ) عِتْقَ الْمَرْهُونِ (بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْفَكِّ) لِلرَّهْنِ (فَكَإِعْتَاقٍ) فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِيهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَالتَّنْجِيزِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وُجِدَتْ بَعْدَ الْفَكِّ أَوْ مَعَهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (نَفَذَ) الْعِتْقُ مِنْ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ إذْ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ

(وَلَهُ) أَيْ: لِلرَّاهِنِ (انْتِفَاعٌ) بِالْمَرْهُونِ (لَا يُنْقِصُهُ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» (لَا بِنَاءٌ وَغَرْسٌ) لِأَنَّهُ مَا يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَقَالَ: أَنَا أَقْلَعُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَهُ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَعَ مَا قَبْلَهُمَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أُعِيدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذَا) أَيْ: لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَالْمُحْبِلِ مُعْسِرًا الْأَوَّلُ وَقْتِ الْإِعْتَاق وَالثَّانِي وَقْتُ الْوَطْءِ الَّذِي مِنْهُ الْإِحْبَالُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْآتِي أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ إلَّا إنْ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِغَيْرِ بَيْعٍ. ح ل وَحَيْثُ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَضَعَ وَلَدَهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَأَنْ تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ، وَأَنْ تُوجَدَ لَهُ مُرْضِعَةٌ تَكْفِيهِ فَإِذَا وُجِدَتْ جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ حُرًّا. اهـ. ح ف.
(قَوْلُهُ فَإِذَا رُدَّ) الْمُرَادُ بِرَدِّهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَقَوْلُهُ وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ إعْتَاقِهِمَا. ح ل وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ. وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَمُنِعَ عَدَمُ صِحَّتِهِ كِنَايَةً عَنْ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا إنْ مَلَكَ الْأَمَةَ إلَخْ) فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ فِيهِ، وَسَرَى إنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَئِذٍ وَكَذَا لَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي شَرْحِ الْغَايَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا إنْ بَقِيَتْ، وَإِلَّا فَتَفْرِيعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقِيلَ: إنَّهُ تَقْيِيدٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ أَيْ: مَحَلِّ كَوْنِ الْأَمَةِ الَّتِي أَحْبَلَهَا الْمُعْسِرُ بَاقِيَةً عَلَى الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ غُرْمِ قِيمَتِهَا إنْ لَمْ تَمُتْ بِالْوِلَادَةِ وَلَوْ وَطِئَ حَرَّةً بِشُبْهَةٍ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَالْعُلُوقُ مِنْ آثَارِهِ وَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ وَالِاسْتِيلَاءَ وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِ زَوْجَتِهِ أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً بِالْوِلَادَةِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْتُ بِنَفْسِ الْوَطْءِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَدِيَتُهَا دِيَةَ خَطَأٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْوَارِثُ فِي مَوْتِهَا بِهِ، فَالْمُصَدَّقُ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْمَوْتِ بِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مَوْتٍ بِالْوِلَادَةِ. انْتَهَى سم (قَوْلُهُ غَرِمَ قِيمَتَهَا) أَيْ: إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُ إلَّا قَدْرَ الدَّيْنِ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمَرْهُونِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الرَّهْنِ بِأَنْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ يُعْلَمُ حُلُولُ الدَّيْنِ قَبْلَهَا، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ أَمْ كَانَ بَعْدَهُ. ع ش (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ) وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ وُجِدَتْ ثَانِيًا بَعْدَ الْفَكِّ لِانْحِلَالِ التَّعْلِيقِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ. سم (قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ: مِنْ غُرْمِ قِيمَتِهِ وَقْتَ إعْتَاقِهِ، وَيَصِيرُ رَهْنًا ح ل (قَوْلُهُ إذْ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ: لَا يَحْصُلُ بِهِ فَوَاتُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِاسْتِيفَائِهِ لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ مَعَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْ: لِلرَّاهِنِ) وَمِثْلُهُ مُعِيرُهُ فَلَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ انْتِفَاعٌ بِهِ) فَإِنْ تَلِفَ بِالِانْتِفَاعِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَصْدُقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ نَظِيرُ عَكْسِهِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ كَرُكُوبٍ) أَيْ: لِغَيْرِ سَفَرٍ، وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا لَا فِي الْبَلَدِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ جِدًّا. ح ل (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَرْهُونًا) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهِ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ.
(قَوْلُهُ لَا بِنَاءٌ وَغَرْسٌ) بِالرَّفْعِ أَخَذْته مِنْ ضَبْطِهِ بِالْقَلَمِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ بِنَاءٍ خَفِيفٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ؛ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ وَلَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِهِ وَلَهُ زَرْعُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ مَعَهُ وَلَمْ تَنْقُصْ بِهِ قِيمَةَ الْأَرْضِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لِعَارِضٍ تَرَكَهُ إلَى الْإِدْرَاكِ.
(قَوْلُهُ يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ) لِكَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ الْخَارِجَيْنِ عَنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِالْأَرْضِ خَالِيَةً مِنْهُمَا فَتُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَحْدَهَا مَعَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِهِمَا؛ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ يُزِيدَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ لَا يُنْقِصَانِهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا لَمْ يُنْقِصْ قِيمَةَ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ ح ل.
(قَوْلُهُ مَا قَبْلَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَهُ انْتِفَاعٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عُلِمَ) أَيْ: الْحُكْمُ مِمَّا مَرَّ أَيْ: قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مُقْبِضُ رَهْنٍ وَلَا تَصَرُّفٌ يُزِيلُ مِلْكًا أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْقِصُهُ ح ل فَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عُلِمَ مِنْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ، وَحُكْمُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ مِنْ الرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى

(2/375)


لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (لَمْ يُقْلَعْ قَبْلَ حُلُولِ) الْأَجَلِ (بَلْ) يُقْلَعُ (بَعْدَهُ إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ: قِيمَتُهَا. (بِالدَّيْنِ وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ: بِقَلْعِ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِأَرْضٍ فَارِغَةٍ فَإِنْ وَفَّتْ الْأَرْضُ بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ تَزِدْ بِالْقَلْعِ أَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْلَعْ بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَيُحْسَبُ النَّقْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ بِلَا اسْتِرْدَادٍ) لِلْمَرْهُونِ (انْتِفَاعٌ يُرِيدُهُ) الرَّاهِنُ مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ عَبْدًا يَخِيطُ، وَأَرَادَ مِنْهُ الْخِيَاطَةَ (لَمْ يَسْتَرِدَّ) ؛ لِأَنَّ: الْيَدَ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلِي يُرِيدُهُ مِنْ زِيَادَتِي. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا اسْتِرْدَادٍ (فَيُسْتَرَدُّ) كَأَنْ يَكُونَ دَارًا يَسْكُنُهَا أَوْ دَابَّةً يَرْكَبُهَا أَوْ عَبْدًا يَخْدُمُهُ، وَيَرُدُّ الدَّابَّةَ وَالْعَبْدَ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَيْلًا، وَشَرْطُ اسْتِرْدَادِهِ الْأَمَةَ أَمْنُ غَشَيَانِهَا كَكَوْنِهِ مُحْرِمًا لَهَا أَوْ ثِقَةً وَلَهُ أَهْلٌ.
(وَيَشْهَدُ) عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ بِالِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ شَاهِدَيْنِ فِي كُلِّ اسْتِرْدَادَةٍ. (إنْ اتَّهَمَهُ) فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الشَّهَادَةِ (وَلَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ تَصَرُّفٍ وَانْتِفَاعٍ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ فَإِنْ لَمْ يُحْبِلْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ وَإِنْ أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ نَفَذَتْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ: حُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَيَنْبَنِي عَلَى حُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) وَيَنْبَنِي عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُمَا وَهُوَ الِانْتِفَاعُ قَوْلُهُ بَعْدُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ أَيْ: فَلِهَذَا قَالَ: مَا يَأْتِي وَلَمْ يَقُلْ: لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ بَلْ يُقْلَعُ بَعْدَهُ) أَيْ يُكَلِّفُ الْقَلْعَ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ: وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) أَيْ: بِفَلَسٍ ح ل (قَوْلُهُ بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ وَيُوَزَّعُ إلَخْ) أَيْ: فِي الْأَخِيرَةِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَوْبَرِيٍّ وَتُبَاعُ الْأَرْضُ وَحْدَهَا فِي الْأَوْلَيَيْنِ. (قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ النَّقْصُ) أَيْ: فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ. اهـ عَزِيزِيٌّ.
وَعِبَارَةُ م ر بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ. أَيْ: فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَيُحْسَبُ النَّقْصُ فِي الثَّالِثَةِ عَلَى الزَّرْعِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ، وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ كَمَا فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ النَّقْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ.) صُورَتُهُ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ خَالِيَةً عَنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، ثُمَّ تُقَوَّمُ مَشْغُولَةً بِهِمَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِيمَتِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ خَالِيَةً عِشْرِينَ مَثَلًا وَمَعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِيمَتِهِمَا عَشْرَةً أَيْ: وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عِشْرُونَ ثُمَّ بِيعَا مَعًا بِثَلَاثِينَ مَثَلًا فَاَلَّذِي يَخُصُّ الْأَرْضَ الثُّلُثَانِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِهِمَا وَالْبِنَاءَ، وَالْغِرَاسَ الثُّلُثُ هَذَا إنْ حُسِبَ النَّقْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلَوْ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِمَا لَكَانَ يَخُصُّ الْأَرْضَ النِّصْفُ وَهُمَا النِّصْفُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ بِلَا اسْتِرْدَادٍ انْتِفَاعٌ يُرِيدُهُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حَرْفٌ لَا يُمْكِنُهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَدْنَاهَا جَازَ لَهُ نَزْعُهُ لِاسْتِيفَاءِ أَعْلَاهَا. اهـ فَتْحُ الْجَوَادِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ أَعْلَاهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا يُجَابُ لِأَدْنَاهَا عِنْدَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَسْتَرِدُّ) أَيْ: وَقْتَ الِانْتِفَاعِ، وَأَفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِوَقْتِ الِانْتِفَاعِ أَنَّ مَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ عِنْدَ الرَّاهِنِ لَا يَرُدُّهُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ غَيْرَهُ يَرُدُّهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ، فَيَرُدُّ الْخَادِمَ وَالْمَرْكُوبَ الْمُنْتَفِعَ بِهِمَا نَهَارًا فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ لَا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ فِي الصَّيْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَيَرُدُّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ نَهَارًا وَفَارَقَ هَذَا الْمَحْبُوسَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ يَدَ الْبَائِعِ لَا تُزَالُ عَنْهُ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ بَلْ يَكْتَسِبُ فِي يَدِهِ لِلْمُشْتَرِي بِأَنَّ مِلْك الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ بِخِلَافِ مِلْكِ الرَّاهِنِ. شَرْحُ م ر وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ لَيْلًا) مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْعَبْدِ لَيْلًا رَدَّهُ نَهَارًا. (قَوْلُهُ أَوْ ثِقَةً) أَيْ: وَكَوْنُهُ ثِقَةً (قَوْلُهُ وَلَهُ أَهْلٌ) أَيْ: حَلِيلَةٌ، وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدُ؟ ح ل.
وَعِبَارَةُ م ر أَوْ ثِقَةً عِنْدَهُ نَحْوُ حَلِيلَةٍ يُؤْمَنُ مَنْ مَعَهَا مِنْهُ عَلَيْهَا، فَالْمُرَادُ حِينَئِذٍ بِالْأَهْلِ مَنْ يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجَةً. (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ) أَيْ: لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الدَّفْعِ إلَى أَنْ يَشْهَدَ لَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ ذَلِكَ أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ إلَى أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى ح ل فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ أَصْلًا كَمَا فِي م ر.
(قَوْلُهُ شَاهِدَيْنِ) أَيْ: أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُ فِي الْمَالِ، وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ لِيَحْلِفَ مَعَهُ شَرْحُ. م ر (قَوْلُهُ فِي كُلِّ اسْتِرْدَادِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى، ح ل وَكَلَامُ الشَّارِحِ وَجِيهٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ اتَّهَمَهُ فِي كُلِّ مُرَّةٍ. (قَوْلُهُ إنْ اتَّهَمَهُ) أَيْ: فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلِانْتِفَاعِ شَرْحُ م ر، وَاتِّهَامُهُ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَيْرِ الِانْتِفَاعِ كَادِّعَائِهِ انْفِكَاكَ الرَّهْنِ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ لَهُ، وَإِنْ أَشْهَدَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تُحِيلُ فِي إتْلَافِهِ بَلْ يَرُدُّ لِعَدْلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَثِقَ) بِأَنْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ الْعَدَالَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ بَاطِنَهُ. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنِ فَيَجُوزُ وَيَنْفُذُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. . اهـ. ح ل (قَوْلُهُ بِإِذْنِ) وَإِنْ رَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَزِيدُ بِالرَّدِّ، وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ بِأَنَّهَا عَقْدٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ) وَلَا يَتَنَاوَلُ الْإِذْنَ فِيهِ.

(2/376)


(لَا بَيْعُهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ مُؤَجَّلٍ) مِنْ ثَمَنِهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ غَيْرُهُ (أَوْ) بِشَرْطِ (رَهْنِ ثَمَنِهِ) وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَوَجَّهُوا فَسَادَ الشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِذْنِ

(وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُرْتَهِنِ (رُجُوعٌ) عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ تَصَرُّفِ رَاهِنٍ) كَمَا لِلْمُوَكِّلِ الرُّجُوعُ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ وَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا بَعْدَ تَصَرُّفِهِ بِهِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ بِلَا قَبْضٍ وَبِوَطْءٍ بِلَا إحْبَالٍ. (فَإِنْ تَصَرَّفَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ رُجُوعِهِ وَلَوْ جَاهِلًا بِهِ (لَغَا) تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِ وَكِيلٍ عَزَلَهُ مُوَكِّلُهُ.

[دَرْس] (فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ. (إذَا لَزِمَ) الرَّهْنُ (فَالْيَدُ) فِي الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ) ؛ لِأَنَّهَا الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوَثُّقِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي (غَالِبًا) مَا لَوْ رَهَنَ رَقِيقًا مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا مِنْ كَافِرٍ أَوْ سِلَاحًا مِنْ حَرْبِيٍّ فَيُوضَعُ عِنْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إلَّا مَرَّةً فَلَا بُدَّ فِي كُلِّ مُرَّةٍ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ حَبِلَتْ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْإِحْبَالِ ح ل قَالَ م ر نَقْلًا عَنْ الذَّخَائِرِ: فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ مُنِعَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مُرَّةٍ إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ فَلَا مَنْعَ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ، وَأَقَرَّهُ الشَّوْبَرِيُّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ أَحْبَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَا بَيْعُهُ بِشَرْطٍ) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِالشَّرْطِ أَوْ يَنْوِيَهُ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ ع ش، وَهَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ فِي حَالَةِ الْإِذْنِ أَوْ فِي صُلْبِ الْبَيْعِ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَمَا وَجْهُ فَسَادِ الشَّرْطِ، وَانْظُرْ هَلْ الشَّرْطُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ؟ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْإِذْنِ، وَأَنَّ الشَّرْطَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَوَجَّهُوا فَسَادَ الشَّرْطِ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ قَضِيَّةِ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الثَّمَنَ صَحَّ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ وَلِهَذَا عَلَّلَهُ فِي الْإِبَانَةِ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَهُ عَيْنًا أُخْرَى، وَهُوَ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. اهـ.
شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ع ش: لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَيْ: غَالِبًا.

(قَوْلُهُ قَبْلَ تَصَرُّفِ رَاهِنٍ) ، وَكَذَا مَعَهُ لِبَقَاءِ حَقِّهِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِوَطْءٍ بِلَا إحْبَالٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِهِبَةٍ أَيْ: وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ بِوَطْءٍ بِلَا إحْبَالٍ، وَلَعَلَّ مَعْنَى الرُّجُوعِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ كُلَّ مُرَّةٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يَنْقُضُهُ وَيُبْطِلُهُ بِرُجُوعِهِ وَحِينَئِذٍ يَتَوَقَّفُ فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ بِلَا إحْبَالٍ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ كُلَّ مَرَّةٍ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْحَبَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ بَعْدَهُ) أَيْ: بِغَيْرِ إعْتَاقٍ وَإِيلَادٍ وَهُوَ مُوسِرٌ م ر.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ]
وَهُوَ كَوْنُ الْيَدِ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ نَحْوِ تَوَافُقِهِمَا عَلَى وَضْعِهِ عِنْدَ ثَالِثٍ وَبَيَانُ أَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ ع ش عَلَى م ر وَفِي الْحَقِيقَةِ التَّرْجَمَةُ لَا تَنْزِلُ إلَّا عَلَى قَوْلِهِ إذَا لَزِمَ؛ فَالْيَدُ لِلْمُرْتَهِنِ غَالِبًا، وَمَا عَدَا هَذَا الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْفَصْلِ كُلِّهِ زَائِدٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ. (قَوْلُهُ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ) أَيْ: بِإِقْبَاضِهِ أَوْ بِقَبْضِهِ مَعَ الْإِذْنِ أَوْ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْغَائِبِ مِنْ الْإِذْنِ، وَالْمُرَادُ لَزِمَ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ أَبَدًا. (قَوْلُهُ فَالْيَدُ لِلْمُرْتَهِنِ) أَيْ: الْيَدُ الْحِسِّيَّةُ أَيْ: كَوْنُهُ فِي حِرْزِهِ وَفِي بَيْتِهِ مَثَلًا. وَحَاصِلُ مَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا مَسَائِلُ خَمْسَةٌ الرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ، وَالْمُصْحَفُ، وَالسِّلَاحُ، وَالْأَمَةُ، وَالْمَرْهُونُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي حَالَةِ اسْتِرْدَادِهِ لِلِانْتِفَاعِ فَالْيَدُ الْحِسِّيَّة عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ حَمَلَتْ الْيَدُ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ أَيْ: كَوْنُهُ فِي سَلْطَنَتِهِ وَفِي وِلَايَتِهِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، أَوْ يَنْقُصُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّقْيِيدِ بِغَالِبًا؛ لِأَنَّ الْيَدَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ دَائِمًا حَتَّى فِي الصُّوَرِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَهِنِ وَارِثُهُ فَلَيْسَ عَلَى الرَّاهِنِ الرِّضَا بِيَدِهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْعَدَالَةِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوَثُّقِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هُنَاكَ يَدًا أُخْرَى لَهَا دَخْلٌ فِي التَّوَثُّقِ، وَلَيْسَتْ رُكْنًا أَعْظَمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا يَدَ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهَا تُنَافِي التَّوَثُّقَ فَلَيْسَتْ رُكْنًا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا يَدُ ثَالِثٍ يُوضَعُ عِنْدَهُ الرَّهْنُ كَمَا يَأْتِي، فَهِيَ رُكْنٌ فِي التَّوَثُّقِ لَكِنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ أَعْظَمُ.
(قَوْلُهُ رَقِيقًا مُسْلِمًا) وَلَوْ فِيمَا مَضَى فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ فَيُوضَعُ عِنْدَ مَنْ لَهُ تَمَلُّكُهُ) مُقْتَضَى صَنِيعِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُصْحَفِ وَالْمُسْلِمِ وَالسِّلَاحِ يُسَلَّمُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ، ثُمَّ يَنْزِعُ مِنْهُ وَيَجْعَلُ تَحْتَ يَدِ مَنْ لَهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ يُوَكِّلُ فِي قَبْضِهِ مَنْ لَهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْمُصْحَفِ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ دُونَ الْمُسْلِمِ وَالسِّلَاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُصْحَفِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ مَسُّهُ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمَلُّكُهُ، وَيَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهُ كَكُتُبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يُسَلَّمُ لَهُ ثُمَّ يُنْزَعُ مِنْهُ، وَهَلْ الْمُرَادُ مَنْ يَصْلُحُ لِتَمَلُّكِهِ أَوْ مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ؟ لِيَخْرُجَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ الرَّقِيقِ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ وَقْفِ الْمُصْحَفِ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فَيُوضَعُ أَيْ: بَعْدَ قَبْضِ مَا عَدَا الْمُصْحَفَ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ

(2/377)


مَنْ لَهُ تَمَلُّكُهُ، وَمَا لَوْ رَهَنَ أَمَةً فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مَحْرَمًا أَوْ ثِقَةً مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عِنْدَهُ حَلِيلَتُهُ أَوْ مَحْرَمُهُ أَوْ امْرَأَتَانِ ثِقَتَانِ وُضِعَتْ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ ثِقَةٍ مِمَّنْ مَرَّ وَالْخُنْثَى كَالْأَمَةِ، لَكِنْ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْيَدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَنْ شَرْحِ م ر أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُصْحَفِ الَّذِي لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ الْكَافِرُ مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ حَرْفًا إنْ قَصَدَ أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ فِي ضِمْنِ نَحْوِ تَفْسِيرٍ أَوْ عِلْمٍ
وَقَوْلُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ مَنْ يَصْلُحُ إلَخْ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِتَمَلُّكِهِ جَزْمًا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ الرَّقِيقِ أَوْ شَهِدَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ أَيْ: لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَمَلُّكٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مَنْ لَهُ تَمَلُّكُهُ) عَبَّرَ بِذَلِكَ دُونَ قَوْلِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ لِيَشْمَلَ جَوَازَ وَضْعِ السِّلَاحِ عِنْدَ ذِمِّيٍّ فِي قَبْضَتِنَا ع ش، وَيَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ دُونَ الْمُصْحَفِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَبْدَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغَاثَةُ إذَا حَصَلَ لَهُ إذْلَالٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى) أَيْ: لِأَحَدٍ مُطْلَقًا لِأَهْلِ طِبَاعٍ سَلِيمَةٍ أَمْ لَا، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يَحِلّ حَتَّى تُشْتَهَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَمْتَنِعُ وَضْعُهَا عِنْدَهُ ابْتِدَاءً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تُوضَعُ إلَى حِينَ تُشْتَهَى فَتُؤْخَذُ مِنْهُ. اهـ عَلْقَمِيٌّ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي ع ش عَلَى م ر فَلَوْ صَارَتْ الصَّغِيرَةُ تُشْتَهَى نُقِلَتْ، وَجُعِلَتْ عِنْدَ عَدْلٍ بِرِضَاهُمَا فَإِنْ تَنَازَعَا وَضَعَهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَاتَتْ حَلِيلَتُهُ أَوْ مَحْرَمُهُ أَوْ سَافَرَتْ.
قَالَ حَجّ: وَشَرْطُ خِلَافِ ذَلِكَ مُفْسِدٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ شَرْطُ خِلَافِ مُقْتَضَاهُ. اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا الشِّقُّ مِنْ التَّفْصِيلِ لَيْسَ خَارِجًا بِغَالِبًا بَلْ هُوَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَإِنَّمَا الْخَارِجُ الشِّقُّ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مَحْرَمًا) أَيْ: لَا يَرَى نِكَاحَ الْمَحَارِمِ. ح ل (قَوْلُهُ أَوْ ثِقَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ عَفِيفٌ عَنْ الزِّنَا. ح ل (قَوْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ) بَيَانٌ لِثِقَةٍ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ وَمَا بَعْدَهَا الْعَدَالَةُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ مُفَسِّرٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ أَنَّ الثِّقَةَ هِيَ الْمَرْأَةُ وَمَا بَعْدَهَا سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا، وَيُمْكِنُ جَعْلُ مِنْ حَالًا مُقَيَّدًا لِلثِّقَةِ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الثِّقَةِ كَوْنُهُ امْرَأَةً أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ أَجْنَبِيًّا عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ فَلَا يَكْفِي أَجْنَبِيٌّ عَدْلٌ لَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْحَلِيلَةِ، وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنَّ حَلِيلَةَ الْأَجْنَبِيِّ، وَمَحْرَمَهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْحَلِيلَةَ تَغَارُ عَلَى حَلِيلِهَا، وَالْمَحْرَمُ يَسْتَحْيِي مِنْهَا فَاكْتُفِيَ بِهِمَا وَلَوْ فَاسِقَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُ الْمَرْأَتَيْنِ بِالثِّقَتَيْنِ دُونَهُمَا. ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْ امْرَأَتَانِ ثِقَتَانِ) هَلَّا اُكْتُفِيَ بِوَاحِدَةٍ؟ لِأَنَّهَا مَعَ الْمَرْهُونَةِ يَجُوزُ الْخَلْوَةُ بِهِمَا، وَأَمَّا حُرْمَةُ الْخَلْوَةِ بِهَا قَبْلَ الْمَرْهُونَةِ فَأَمْرٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالرَّهْنِ ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: يَكْفِي وَاحِدَةٌ سم لِأَنَّهَا مَعَ الْأَمَةِ يَجُوزُ الْخَلْوَةُ بِهِمَا، وَيُؤَيِّدُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمَحْرَمِ الْوَاحِدَةِ، وَخَالَفَ حَجّ قَالَ ع ش: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الرَّهْنِ قَدْ تَطُولُ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اشْتِغَالِ الْمَرْأَةِ الثِّقَةِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ؛ فَتَحْصُلُ خَلْوَةُ الْمُرْتَهِنِ بِالْأَمَةِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا يَأْتِي فِي الْمَحْرَمِ الْوَاحِدِ وَالْحَلِيلَةِ الْوَاحِدَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ أَوْ امْرَأَتَانِ ثِقَتَانِ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَكْفِي امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ: إنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ، وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ، وَاعْتَمَدَهُ حَجّ كَلَامُ الشَّارِحِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَحِلِّ الْخَلْوَةِ بِامْرَأَتَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا قَدْ تَطُولُ، فَيَكُونُ وُجُودُ الْوَاحِدَةِ مَظِنَّةً لِلْخَلْوَةِ بِهَا. انْتَهَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعِنْدَ مَحْرَمٍ لَهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ صَغِيرَةً وَلَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مَحْرَمًا لَهَا وَلَا ثِقَةً مِمَّنْ مَرَّ لَا يُقَالُ: هَذَا عَيْنُ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مَحْرَمًا إلَخْ فَلَا تَحْسُنُ الْمُقَابَلَةُ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَحْرَمُ وَالثِّقَةُ هُنَا غَيْرُ الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِهِمَا فِي مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ مِمَّنْ مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ مِنْ امْرَأَةٍ إلَخْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالثِّقَةِ هُنَا الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى كَالْأَمَةِ) أَيْ: فِيمَا قَبْلُ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ لَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: وَيُوضَعُ عِنْدَ غَيْرِهَا مِمَّنْ مَرَّ مِنْ مَمْسُوحٍ. إلَخْ ع ش وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُوضَعُ حَتَّى عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ عِنْدَهُ حَلِيلَتُهُ أَوْ مَحْرَمُهُ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوضَعَ عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَخْرُجَ الْأَجْنَبِيُّ لِحَاجَةٍ، فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِلَاءُ الرَّجُلِ عَلَى احْتِمَالٍ بِامْرَأَةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يُوضَعُ إلَّا عِنْدَ مَحْرَمٍ لَهُ أَوْ مَمْسُوحٍ. اهـ. س ل وع ش.
وَاسْتَوْجَهَ الشَّوْبَرِيُّ أَنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَحْرَمِ وَالْحَلِيلَةِ يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ بِهِ بِفَرْضِ كَوْنِهِ أُنْثَى. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْيَدَ إلَخْ) أَيْ: فَيُضَمُّ لِمَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا ع ش فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَوْ رَهَنَ

(2/378)


تُزَالُ لِلِانْتِفَاعِ

(وَلَهُمَا) أَيْ: الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (شَرْطُ وَضْعِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (عِنْدَ ثَالِثٍ أَوْ اثْنَيْنِ) مَثَلًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ لَا يَثِقُ بِالْآخَرِ وَكَمَا يَتَوَلَّى الْوَاحِدُ الْحِفْظَ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ.

(وَلَا يَنْفَرِدُ) فِي صُورَةِ الِاثْنَيْنِ (أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ) كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ أَوْ سُلِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَيَجُوزُ الِانْفِرَادُ وَتَعْبِيرِي كَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا بِثَالِثٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَدْلٍ فَإِنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَدْلِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ التَّصَرُّفَ التَّامَّ، أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَقَيِّمٍ وَمَأْذُونٍ لَهُ وَعَامِلِ قِرَاضٍ وَمُكَاتَبٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ مَنْ يُوضَعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُنْقَلُ مِمَّنْ هُوَ) أَيْ: الْمَرْهُونُ (بِيَدِهِ) مِنْ مُرْتَهِنٍ أَوْ ثَالِثٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ إلَى آخَرَ (بِاتِّفَاقِهِمَا) عَلَيْهِ.

(وَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ فِسْقِهِ أَوْ زِيَادَةِ فِسْقِهِ أَوْ عَجْزِهِ عَنْ حِفْظِهِ أَوْ حُدُوثِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
رَقِيقًا إلَخْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِالْغَالِبِ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَهَذَا جَوَابُ مَنْ حَذَفَ مِنْ الْأَصْلِ قَوْلَهُ وَلَا تَزَالُ إلَّا لِلِانْتِفَاعِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ تُزَالُ لِلِانْتِفَاعِ) أَيْ: وَإِزَالَةُ يَدِهِ لَا تُنَافِي الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ حُكْمًا عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا شَرْطُ وَضْعِهِ) أَيْ: دَائِمًا أَوْ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ كَأَنْ شَرَطَا كَوْنَهُ عِنْدَ ثَالِثٍ يَوْمًا وَعِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَوْمًا وَعِنْدَ الرَّاهِنِ يَوْمًا بِرْمَاوِيٌّ، وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ لَا بَعْدَ اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ ثَالِثٍ) أَيْ: وَلَوْ فَاسِقًا، وَمِثْلُ الثَّالِثِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ اللُّزُومِ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ مَوْضُوعًا عِنْدَ الرَّاهِنِ سم وَم ر (قَوْلُهُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ) أَيْ: لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ وَيَتَوَلَّى الثَّالِثُ الْحِفْظَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا شَرْطُ وَضْعِهِ عِنْدَ ثَالِثٍ تَأَمَّلْ.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ فِي تَوْلِيَتِهِ لِلْحِفْظِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ لِلثَّالِثِ بَلْ كَمَا يُسْتَقْبَلُ بِالْحِفْظِ يَسْتَقِلُّ بِالْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ: الْإِيصَاءُ أَوْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ فَصْلٌ مِنْهَا. (قَوْلُهُ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ، وَلَمْ يَكُونَا مُسْتَقِلَّيْنِ بِهِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ شَرْحُ الرَّوْضِ. أَقُولُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ إثْمٌ؛ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ هُنَا مَقْصُورٌ عَلَى الْحِفْظِ شَوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ الْمُنْفَرِدُ) وَكَذَا صَاحِبُهُ إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعِ وَالدَّفْعُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ ضَمِنَ نِصْفَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ضَمَانَ الِاسْتِقْرَارِ بِأَنْ يَكُونَ الْآخَرُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِ ذَلِكَ النِّصْفِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ حِفْظِهِ وَمَنَعَهُ الْآخَرُ مِنْ أَخْذِهِ فَتَرَكَ لِأَنَّهُ وَدِيعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحِفْظُ مَعَ التَّمَكُّنِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ ثُمَّ عَرَّضْته عَلَى م ر فَتَوَقَّفَ. ع ش (قَوْلُهُ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ) أَيْ: ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَ النِّصْفِ أَيْ: النِّصْفَ الَّذِي سُلِّمَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُتَعَدٍّ بِالتَّسْلِيمِ، وَالْآخَرُ بِالتَّسَلُّمِ، وَأَمَّا نِصْفُهُ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَالْقَرَارُ فِي النِّصْفِ الْمَضْمُونِ عَلَى الَّذِي تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ فَإِذَا غَرِمَ لَمْ يَرْجِعْ وَإِذَا غَرِمَ صَاحِبُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا يَضْمَنَانِ مَعًا النِّصْفَ أَنَّهُمَا يُطَالِبَانِ بِهِ لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ رُبُعَهُ. سم بِإِيضَاحٍ.
(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَاهُ ح ل (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَدْلٍ) قَدْ يُدَّعَى أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ لِأَنَّ فِي مَفْهُومِهَا تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ وَعِبَارَتُهُ شَامِلَةٌ لِغَيْرِ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ يَشْمَلُ الْفَاسِقَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ فَيَقْتَضِي الْمَفْهُومُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: مَحَلُّ وَضْعِهِ عِنْدَ الْفَاسِقِ فِي الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ اللَّذَيْنِ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا، بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ حُرًّا رَشِيدًا لَيْسَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ مَنْ يُوضَعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ كَوَلِيٍّ إلَخْ) هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ مَا عَدَا الْمُكَاتَبَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ الْوَلِيَّ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَتَصَرَّفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ
وَقَوْلُهُ وَمُكَاتَبٌ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ التَّصَرُّفُ التَّامُّ
وَقَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ أَيْ: الرَّهْنُ أَيْ: إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَالْوَلِيُّ لَا يُجَوِّزُ لَهُ الرَّهْنَ مِنْ مَالٍ مُوَلِّيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِهِ صُدِّقَ النَّافِي بِلَا يَمِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. ح ل.
(قَوْلُهُ بِمَوْتِهِ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَوَرَثَتُهُ عُدُولٌ كَانَ لِلرَّاهِنِ نَقْلُهُ مِنْ أَيْدِيهمْ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْيَدُ لِلْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ مَاتَ فَلِلرَّاهِنِ طَلَبُ النَّقْلِ. سم.
(قَوْلُهُ أَوْ فِسْقُهُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدْل لَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ عِنْدَهُ

(2/379)


(وَتَشَاحَّا) فِيهِ (وَضَعَهُ حَاكِمٌ عِنْدَ عَدْلٍ) يَرَاهُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ مَاتَ الْعَدْلُ أَوْ فَسَقَ جَعَلَاهُ حَيْثُ يَتَّفِقَانِ وَإِنْ تَشَاحَّا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ.

(وَيَبِيعُهُ الرَّاهِنُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (لِلْحَاجَةِ) أَيْ: عِنْدَهَا بِأَنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَلَمْ يُوفِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ: لَهُ فِيهِ حَقًّا.
(وَيَقْدُمُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ (بِثَمَنِهِ) عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَبِالذِّمَّةِ وَحَقُّهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ فَقَطْ

(فَإِنْ أَبَى) الْمُرْتَهِنُ (الْإِذْنَ قَالَ لَهُ: الْحَاكِمُ ائْذَنْ) فِي بَيْعِهِ (أَوْ أُبْرِئُ) دَفْعًا لِضَرَرِ الرَّاهِنِ.

(أَوْ) أَبَى (الرَّاهِنُ بَيْعَهُ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِهِ) أَيْ: بِبَيْعِهِ (أَوْ بِوَفَاءٍ) بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ أَصَرَّ) أَحَدُهُمَا عَلَى الْإِبَاءِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَنَّهُ نَائِبَهُ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ سم (قَوْلُهُ وَتَشَاحَّا فِيهِ) أَيْ: فِي النَّقْلِ بِأَنْ قَالَ: أَحَدُهُمَا يُنْقَلُ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا يُنْقَلُ وَقِيلَ: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْآخَرِ أَيْ: الَّذِي يُوضَعُ عِنْدَهُ فَلَوْ تَشَاحَّا عِنْدَ عَدَمِ تَغَيُّرِ حَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُلْتَفَتَ إلَيْهِمَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهِ، وَلَوْ فَاسِقًا وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الثَّالِثَ لَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ أَيْ: الْحَاصِلِ عِنْدَ الْوَضْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ نَائِبُهُمَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا بِرَهْنٍ عَنْ غَيْرِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ) لِشُمُولِهِ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ: لِمَا إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا مَاتَ، وَيَنْقُلُهُ الْوَارِثُ وَالرَّاهِنُ، وَيَضَعَانِهِ عِنْدَ آخَرَ بِاتِّفَاقِهِمَا وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَاهُ حَيْثُ يَتَّفِقَانِ إلَّا إنْ مَاتَ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ بِالْفِسْقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِثْلُهُ الْعَجْزُ عَنْ الْحِفْظِ أَوْ حُدُوثُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا شَيْخُنَا، وَأَيْضًا يَقْتَضِي كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ مِنْ يَدِهِ إلَّا إنْ تَغَيَّرَ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُهُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَإِنْ تَشَاحَّا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ حَيْثُ يَتَّفِقَانِ؛ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ خَاصٌّ بِمَوْتِ الْعَدْلِ أَوْ فِسْقِهِ مَعَ أَنَّ وَضْعَ الْحَاكِمِ الرَّهْنَ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ حِينَئِذٍ شَامِلٌ لِحُدُوثِ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْعَجْزِ عَنْ حِفْظِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَشَاحَّا) أَيْ: وَالْحَالَةُ هَذِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ وَيَبِيعُهُ الرَّاهِنُ) هَلَّا قَالَ: رَاهِنٌ كَمَا قَالَ: مُرْتَهِنٌ،
وَقَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ هَلَّا قَالَ: لِحَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ؟
وَقَوْلُهُ أَيْ: عِنْدَهُمَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عِنْدَ. (قَوْلُهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ) وَلَا يَنْزِعُهُ مِنْ يَدِهِ فَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: رُدَّهُ لِأَبِيعَهُ لَمْ يَجِبْ بَلْ يُبَاعُ فِي يَدِهِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَائِهِ أَيْ: الدَّيْنِ يُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي بِرِضَا الرَّاهِنِ إنْ كَانَ حَقُّ الْحَبْسِ أَوْ لِلرَّاهِنِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِرِضَاهُ وَلَا يُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَالْحَاكِمُ. شَرْحُ م ر قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْ: لِلرَّاهِنِ وَهَذَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي
وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِضَاهُ أَيْ: الْمُشْتَرِي بِأَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِئْذَانِهِ، وَاسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ صَحَّ بَيْعُهُ. ح ل لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِي ثَمَنِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَفَائِدَةُ الْبَيْعِ اسْتِرَاحَتُهُ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ مَثَلًا. س ل. (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ) إنَّمَا قُيِّدَ بِهَا تَوْطِئَةً لِلتَّفْصِيلِ الْآتِي، وَإِلَّا فَلِلرَّاهِنِ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ مَا مَنَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ أَيْ: عِنْدَهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ لَا لِلتَّعْلِيلِ لِصِدْقِهَا بِسَبْقِ الْحَاجَةِ وَمُقَارَنَتِهَا وَتَأَخُّرِهَا. ع ش وَعَرَّفَهُ وَلَمْ يَقُلْ لِحَاجَةٍ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لِلْعَهْدِ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ أَلْ. (قَوْلُهُ بِأَنْ حَلَّ الدَّيْنُ) أَيْ: أَوْ أَشْرَفَ الرَّهْنُ عَلَى الْفَسَادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَوْبَرِيٍّ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ بِأَنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَلَمْ يُوفِ أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يُوَفِّيَ مِنْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَأْخِيرٌ كَثِيرٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اللَّائِقِ أَنْ يَسْتَمِرَّ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ مَعَ مُطَالَبَتِهِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالٍ آخَرَ حَالَةَ الْحَجْرِ. اهـ، وَطَرِيقُ الْمُرْتَهِنِ فِي طَلَبِ التَّوْفِيَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ أَنْ يَفْسَخَ الرَّهْنَ لِجَوَازِهِ مِنْ جِهَتِهِ، وَيُطَالِبُ الرَّاهِنَ بِالتَّوْفِيَةِ. اهـ عَمِيرَةُ ع ش. .
وَلِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ أَوْ وَفَاءُ دَيْنِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ طَلَبُ الْبَيْعِ، وَفُهِمَ مِنْ طَلَبِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَخْتَارَ الْبَيْعَ وَالتَّوْفِيَةَ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّوْفِيَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّأْخِيرِ، وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَاجِبًا فَوْرًا؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِعَيْنِ الرَّهْنِ رِضَا مِنْهُ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ وَطَرِيقُهُ الْبَيْعُ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ) هَلَّا قَالَ حَاكِمٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ؟ وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهُ شَوْبَرِيٌّ فَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ الْعِلْمِيِّ فَيُفْهَمُ مِنْهُ حَاكِمُ الْبَلَدِ وَرُدَّ عَلَيْهِ تَنْكِيرُهُ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَلْزَمَ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ: بِسَبَبِ حَبْسٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ أَحَدُهُمَا) هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ إصْرَارِ الرَّاهِنِ فَإِنْ أَصَرَّ الْمُرْتَهِنُ فَلَا مَانِعَ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ شَوْبَرِيٌّ، وَالْإِصْرَارُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الِامْتِنَاعِ كَمَا قَالَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ عَلَى الْإِبَاءِ) أَوْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ حُجَّةً عَلَى الدَّيْنِ الْحَالِ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِي غِيبَةِ الرَّاهِنِ بَيِّنَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ فِي الْبَلَدِ فَلَهُ الْبَيْعُ

(2/380)


(بَاعَهُ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ وَقَضَى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ.

(وَلِمُرْتَهِنٍ بَيْعُهُ) فِي الدَّيْنِ (بِإِذْنِ رَاهِنٍ وَحَضْرَتِهِ) بِخِلَافِهِ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيُتَّهَمُ فِي الِاسْتِعْجَالِ وَتَرْكِ النَّظَرِ فِي الْغَيْبَةِ دُونَ الْحُضُورِ نَعَمْ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا صَحَّ الْبَيْعُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
(وَلِلثَّالِثِ بَيْعُهُ) عِنْدَ الْمَحَلِّ (إنْ شَرْطَاهُ وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ الرَّاهِنَ) فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ دَوَامُ الْإِذْنِ أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُشْتَرَطُ مُرَاجَعَتُهُ قَطْعًا فَرُبَّمَا أَمْهَلَ أَوْ أَبْرَأَ وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ: إذْنَهُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ، وَيَنْعَزِلُ الثَّالِثُ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ لَا الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الْبَيْعِ وَإِذْنُ الْمُرْتَهِنِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ وَيَكُونُ بَيْعُ الثَّالِثِ لَهُ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ) كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لَكِنْ لَا يَضُرُّ النَّقْصُ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِمَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَسَامَحُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِنَفْسِهِ كَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ س ل (قَوْلُهُ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ: قَهْرًا عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ كَالْمُمْتَنِعِ بِلَا رَهْنٍ مِنْ الْبَيْعِ لِدَيْنِهِ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْفَلَسِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ كَوْنُهُ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْيَدُ عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ فَيَكْفِي إقْرَارُهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ. س ل وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ بَيْعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ مِنْ الْمَرْهُونِ، وَغَيْرِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ إلَى مَسَافَةِ الْعَدْوِ أَوْ امْتِنَاعِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْغَالِبِ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً فَإِنْ كَانَ لَهُ نَقْدٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَطَلَبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَفَّاهُ مِنْهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَقَضَى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ) قَالَ م ر: وَلِلْحَاكِمِ حِينَئِذٍ بَيْعُ غَيْرِ الرَّهْنِ مِنْ أَمْوَالِهِ بِالْمَصْلَحَةِ ابْنُ الشَّوْبَرِيِّ فَقَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ.

(قَوْلُهُ بِإِذْنِ رَاهِنٍ) مَحَلُّهُ إذَا قَالَ: لِلْمُرْتَهِنِ بِعْهُ لِي أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَالَ: بِعْهُ لَك لَمْ يَصِحَّ لِلتُّهْمَةِ. حَجّ (قَوْلُهُ وَحَضْرَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ، وَلَا يَكْفِي حُضُورُ بَعْضِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَرْكِ النَّظَرِ) عَطْفٌ لَازِمٌ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا) أَيْ: وَأَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ حَالًّا. (قَوْلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ) وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَرْهُونِ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ، وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ بِفَلَسٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرِصُ عَلَى أَوْفَى الْأَثْمَانِ. أَيْ: فَتَضْعُفُ التُّهْمَةُ أَوْ تَنْتَفِي كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ ح ل وم ر (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَاهُ) أَيْ: شَرَطَا بَيْعَهُ لَهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ، ح ل وَالْمُرَادُ شَرَطَاهُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ الرَّاهِنَ) هَلَّا نَكَّرَهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْإِذْنِ) أَيْ: الَّذِي تَضَمَّنَهُ الشَّرْطُ ح ل (قَوْلُهُ قَطْعًا، وَقَوْلُهُ بَعْدُ لَا خِلَافَ إلَخْ) بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ، وَلَعَلَّ كُلًّا مِنْهُمَا نَفَى الْخِلَافَ مُبَالَغَةً لِعَدَمِ اعْتِدَادِهِ بِهِ لِظُهُورِ دَلِيلِهِ عِنْدَهُ، وَضَعْفِ دَلِيلِ مُقَابِلِهِ ح ف.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ إذْنَهُ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يَكْتَفِي بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ السَّابِقِ لِأَنَّ إلَخْ وَالْمُرَادُ الْإِذْنُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الشَّرْطُ إلَخْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ يُعْتَدُّ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَيْثُ كَانَ لَا يَصِحُّ لَا يَتَأَتَّى خِلَافُ الْإِمَامِ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ أَذِنَ إذْنًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الشَّرْطُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّالِثِ لَهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْإِمْهَالِ أَوْ الْإِبْرَاءِ. ح ل فَقَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِقَيْدٍ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ إذْنَهُ) أَيْ: إذْنَ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ أَيْ: وَشَرْطُهُمَا أَنْ يَبِيعَهُ الثَّالِثَ، وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِلْإِذْنِ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ: قَبْضِ الثَّالِثِ،
وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ أَيْ:؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَلْزَمْ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَيَنْعَزِلُ الثَّالِثُ) أَيْ: مِنْ الْبَيْعِ،
وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ: الثَّالِثُ وَكِيلُهُ أَيْ: الرَّاهِنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ لَا الْمُرْتَهِنُ) لَكِنْ يَبْطُلُ بِعَزْلِهِ إذْنُهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِذْنُ الْمُرْتَهِنِ شَرْطٌ إلَخْ) وَيَبْطُلُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْإِذْنِ مِنْهُ هَلْ وَلَوْ لِلرَّاهِنِ؟ اُنْظُرْهُ. ح ل.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ لَكِنْ يَبْطُلُ إذْنُهُ بِعَزْلِهِ، وَمَوْتِهِ فَإِنْ جَدَّدَهُ لَهُ لَمْ يُشْتَرَطْ تَجْدِيدُ تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ وَإِنْ جَدَّدَ الرَّاهِنُ إذْنًا بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ اشْتِرَاطُ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِانْعِزَالِ الْعَدْلِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ.
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ بَيْعُ الثَّالِثِ لَهُ) قَيَّدَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ: وَيَكُونُ بَيْعُ الْجَمِيعِ الشَّامِلُ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ كَمَا فَعَلَ م ر؛ لِكَوْنِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ ع ش وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْعَامِلَ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِلَفْظِ بَيْعٍ فِي قَوْلِهِ وَالثَّالِثُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِاللَّامِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّالِثِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ فَقُدِّرَ الْعَامِلُ دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ لُزُومَ بَيْعِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ) إنَّ لَمْ يَزِدْ رَاغِبٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ) أَيْ: الْبَيْعِ (قَوْلُهُ كَالْوَكِيلِ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّةِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ مُوَكِّلِهِ وَلَا يُسَلَّمُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا ضَمِنَ ح ل قَالَ ق ل: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَيُبَدِّلُهُ الْحَاكِمُ بِجِنْسِهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ نَقْدُ غَيْرِ الْبَلَدِ أَنْفَعَ. ح ل (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَضُرُّ النَّقْصُ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَدْفَعُ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا يَبِيعُ إلَّا مِنْهُ. ح ل (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَتَسَامَحُونَ

(2/381)


فِيهِ وَفِي مَعْنَى الثَّالِثِ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ بَيْعَهُ بِجِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ جَازَ.

(فَإِنْ زَادَ) فِي الثَّمَنِ (رَاغِبٌ قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ: الْبَيْعِ وَاسْتَقَرَّتْ الزِّيَادَةُ (فَلْيَبِعْهُ) بِالزَّائِدِ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ، وَيَكُونُ الثَّانِي فَسْخًا لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ بَيْعِهِ (انْفَسَخَ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَلَوْ رَجَعَ الرَّاغِبُ عَنْ الزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ اُشْتُرِطَ بَيْعٌ جَدِيدٌ، وَقَوْلِي فَلْيَبِعْهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَلْيُفْسَخْ وَلْيَبِعْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْسَخُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهِ إلَخْ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ التَّغَابُنَ التَّسَامُحُ، وَأُجِيبَ بِأَنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَعْنَاهُ التَّسَامُحُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يُبْتَلَى بِالْغَبْنِ بِهِ كَثِيرًا، وَتَفْسِيرُهُ بِمَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ سم بِالْمَعْنَى،.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر بِمَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ أَيْ: يُبْتَلَوْنَ بِهِ كَثِيرًا وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ.
(قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّالِثِ الرَّاهِنُ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا إنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي يَبِيعُ بِهِ يَفِي بِالدَّيْنِ، فَيَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مَا بَاعَ بِهِ دُونَ قِيمَتِهِ بِكَثِيرٍ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيهِ، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَدْخُلْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْمَتْنِ مَعَ إمْكَانِ شُمُولِهِ لَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ رَاجِعًا لِبَيْعِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَيْضًا بِأَنْ يَقُولَ: وَيَكُونُ بَيْعُ الْجَمِيعِ لَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ إلَخْ لِأَنَّ الثَّالِثَ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ أَيْ: تَوَهُّمُ بَيْعِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَمَحَلُّهُ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ إذَا نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ يُسَاوِي مِائَةً، وَالدَّيْنُ عَشْرَةٌ فَبَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بِعَشْرَةٍ صَحَّ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيهِ. اهـ. ح ل وَسُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ) أَوْ الرَّاهِنُ الَّذِي هُوَ الْمَالِكُ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ جَازَ) مُعْتَمَدٌ وَهَلَّا كَانَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ سم أَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَتَحْصِيلُ الدَّيْنِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَأْخِيرِ التَّوْفِيَةِ فَيَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ ع ش.

(قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ فِي الثَّمَنِ) أَيْ: وَالزِّيَادَةُ مُحَرَّمَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ لَهُ مِنْ الْوَكِيلِ، لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ بِالْمُصْلِحَةِ كَمَا فِي ق ل وع ش.
وَعِبَارَةُ س ل. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا جَوَازُ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ الشِّرَاءِ عَلَى شِرَاءِ الْغَيْرِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ عَلَى التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ سم أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَهُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ وَعَلَيْهِ فَإِنَّمَا أَنَاطُوا بِهَا تِلْكَ الْأَحْكَامَ مَعَ حُرْمَتِهَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ. انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ رَاغِبٌ) أَيْ: مَوْثُوقٌ بِهِ، وَسَلِمَ مَالُهُ مِنْ الشُّبْهَةِ إنْ سَلِمَ مِنْهَا الْبَيْعُ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَقَلَّ شُبْهَةً مِنْ مَالِهِ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَتِهِ أَيْضًا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَقَرَّتْ الزِّيَادَةُ) وَكَانَتْ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا
وَقَوْلُهُ قَبْلَ لُزُومِهِ بِأَنْ كَانَ زَمَنُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا ح ل، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِاسْتِقْرَارِ الزِّيَادَةِ عَدَمُ رُجُوعِ الطَّالِبِ بِهَا عَنْهَا كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ اسْتِقْرَارَ الزِّيَادَةِ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا انْفَسَخَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَسْتَقِرَّ بِأَنْ رَجَعَ الرَّاغِبُ بِهَا عَنْهَا لَمْ يَنْفَسِخْ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ رَجَعَ الرَّاغِبُ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَاسْتَقَرَّتْ الزِّيَادَةُ بِأَنْ جَزَمَ الرَّاغِبُ فِيهَا بِهَا وَهُوَ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ فَلْيَبِعْهُ بِالزَّائِدِ) أَيْ: لِلرَّاغِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي ح ل.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا انْفَسَخَ) لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُنَاكَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ: الثَّالِثُ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى لَزِمَ الْبَيْعُ وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَقْرَبُ عِنْدِي تَبَيُّنُ الْفَسْخِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَلَوْ ارْتَفَعَتْ الْأَسْوَاقُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ طَلَبَ بِزِيَادَةٍ بَلْ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عَدْلِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِمْ شَرْحُ م ر وَح ل وق ل لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. .
(قَوْلُهُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ: الرَّاغِبِ (قَوْلُهُ اشْتِرَاطُ بَيْعٍ جَدِيدٍ) لِانْفِسَاخِ الْأَوَّلِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ شَرْحُ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي بَيْعِهِ إلَى إذْنِ الرَّاهِنِ لِعَدَمِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا رُدَّ بِعَيْبٍ لَمْ يَبِعْهُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْسَخُ) أَيْ: يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ فَيَرْجِعُ إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَلَّ بِالْبَيْعِ مِنْ ابْتِدَاءِ

(2/382)


فَيَرْجِعُ الرَّاغِبُ فَإِنْ زِيدَ بَعْدَ اللُّزُومِ فَلَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ. (وَالثَّمَنُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ) حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالثَّالِثُ أَمِينُهُ فَمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ فَإِنْ ادَّعَى الثَّالِثُ تَلَفَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَوْ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الثَّالِثِ وَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ.

(فَإِنْ تَلِفَ) الثَّمَنُ (فِي يَدِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَرْهُونُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) فَيَرْجِعُ الثَّالِثُ الْغَارِمُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ الْحَاكِمَ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ أَوْ مَوْتِهِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي فِي مَالِ الرَّاهِنِ، وَلَا يَكُونُ الثَّالِثُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ، وَهُوَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ بِتَفْرِيطٍ فَمُقْتَضَى تَصْوِيرِ الْإِمَامِ قَصْرُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَإِنْ اقْتَضَى إطْلَاقُ غَيْرِهِ خِلَافَهُ وَفِي مَعْنَى الثَّالِثِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَمْرِ (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ الرَّاغِبُ) أَيْ: عَنْ الزِّيَادَةِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْبَيْعِ لَهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ يَنْفَسِخ الْبَيْعُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ زِيدَ بَعْدَ اللُّزُومِ) أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ كَذَا قَالَهُ ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا إذَا جَعَلْنَا اللُّزُومَ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ اللُّزُومَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثُ سَوَاءٌ لَزِمَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا وَالْحَلَبِيُّ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ اللُّزُومُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، فَاحْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ) لَكِنْ يُسَنُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَقِيلَ أَيْ: يَطْلُبُ الْإِقَالَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَبِيعَهُ لِلرَّاغِبِ بِالزِّيَادَةِ شَرْحُ م ر وَق ل (قَوْلُهُ وَالثَّمَنُ عِنْدَهُ) أَيْ: الثَّالِثُ مِثْلُهُ مَنْ أَرْسَلَهُ الْمَدِينُ بِدَيْنِهِ لِيُسَلِّمَهُ لِلدَّائِنِ فَقَالَ لِلدَّائِنِ: اُتْرُكْهُ عِنْدَك وَهُوَ مِنْ ضَمَانِي فَتَلِفَ عِنْدَ الرَّسُولِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْسِلِ. شَرْحُ م ر وَانْظُرْ هَلَّا نَكَّرَ الرَّاهِنُ وَكَذَا الْمَرْهُونُ وَكَذَا قَوْلُهُ الْمُشْتَرِي وَالرَّاهِن بَعْدَهُ؟ وَقَوْلُهُ وَالْقَرَارُ وَمَا مَعْنَى تَنْكِيرِهِ تَارَةً وَتَعْرِيفِهِ أُخْرَى؟ مَعَ رِعَايَةِ الِاخْتِصَارِ تَأَمَّلْ. لَا يُقَالُ: عَرَّفَ الثَّمَنَ فِرَارًا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إذَا وُصِفَتْ سَاغَ الِابْتِدَاءُ بِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221] شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ صُدِّقَ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ،
وَقَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى الثَّالِثُ تَلَفَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى تَفْصِيلِ الْوَدِيعَةِ.
(قَوْلُهُ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الثَّالِثِ) وَحِينَئِذٍ فَهَلْ لِهَذَا الثَّالِثِ أَنْ يَرْجِعَ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؟ فَإِذَا ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَخَذَهُ كَالظَّافِرِ بِحَقِّهِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي غُرْمِهِ أَوْ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي غَرِمَهُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَيَرْجِعَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُصَدِّقَهُ فَيَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ) أَيْ: لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ مَعَ عَدَمِ عَوْدِ ثَمَرَةٍ عَلَى الرَّاهِنِ نَعَمْ إنْ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ أَوْ صَدَّقَهُ فِي التَّسْلِيمِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِشْهَادِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَشَهِدْتَ؟ وَغَابَتْ الشُّهُودُ أَوْ مَاتُوا وَصَدَّقَهُ الرَّاهِنُ أَوْ قَالَ لَهُ: لَا تَشْهَدْ أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ لَمْ يَرْجِعْ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ فِي الْأَوَّلِينَ، وَإِذْنِهِ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ وَلِتَقْصِيرِهِ فِي الرَّابِعَةِ.

. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ) أَيْ: بِلَا تَفْرِيطٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ وَكِيلُ الرَّاهِنِ أَوْ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الثَّالِثَ مُقَامَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ عَقْدٌ وَلَا يَدَ لَهُ عَلَى الثَّمَنِ ح ل وسم وَلِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمَرْهُونِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِالتَّوْكِيلِ أَلْجَأَ الْمُشْتَرِيَ شَرْعًا إلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ لِلْعَدْلِ هَذَا غَايَةُ مَا قِيلَ فِيهِ، وَإِلَّا فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ وَلَا عَقْد وَلَا يَضْمَنُ بِالتَّغْرِيرِ ز ي قَالَ الشَّوْبَرِيُّ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُعَارًا هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعِيرِ أَيْضًا أَوْ عَلَيْهِ؟ أَيْ: الثَّالِثِ فَقَطْ حَرِّرْ.
وَعِبَارَةُ ق ل وَلَوْ خَرَجَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ مُسْتَحَقًّا طُولِبَ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ وَالْمُعِيرُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ الْحَاكِمَ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْ: مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الثَّالِثُ وَكِيلًا عَنْ الرَّاهِنِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونَ الْحَاكِمِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي فِي مَالِ الرَّاهِنِ وَلَا يُطَالِبُ الثَّالِثَ. (فَوَّتَهُ وَهُوَ) أَيْ: الْحَاكِمُ لَا يَضْمَنُ فَكَذَا نَائِبُهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ) أَيْ: قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ. وَإِلَّا بِأَنْ تَسَلَّمْهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ أَعَادَهُ لِلثَّالِثِ صَارَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ أَيْضًا شَوْبَرِيٌّ وَم ر.
(قَوْلُهُ قَصَرَ الضَّمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ: الثَّالِثِ مَعَ كَوْنِ الرَّاهِنِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ أَيْضًا. ع ش عَلَى م ر وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ قَصْرِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُرَدَّدُ الطَّلَبُ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالرَّاهِنِ. اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى إطْلَاقَ غَيْرِهِ) أَيْ: أَطْلَقُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُرَدِّدُ الطَّلَبَ بَيْن الثَّالِثَ وَالرَّاهِنِ إذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ كَوْنِ الثَّالِثِ مُتَعَدِّيًا فِي التَّلَفِ أَوْ لَا كَمَا قَرَّرَهُ. شَيْخُنَا ح ف وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ الضَّعِيفَ يَقُولُ: إنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الرَّاهِنِ مَعَ كَوْنِ التَّلَفِ بِتَفْرِيطِ الثَّالِثِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى مَا إذَا تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تَضْمِينِ الرَّاهِنِ كَمَا عَلِمْت كَوْنُهُ أَقَامَ

(2/383)


فِيمَا ذُكِرَ الْمُرْتَهِنُ

(وَعَلَيْهِ) أَيْ: الرَّاهِنِ الْمَالِكِ (مُؤْنَةُ مَرْهُونٍ) كَنَفَقَةِ رَقِيقِ وَكِسْوَتِهِ وَعَلَفِ دَابَّةٍ وَأُجْرَةِ سَقْيِ أَشْجَارٍ وَجُذَاذِ ثِمَارٍ وَتَجْفِيفِهَا وَرَدِّ آبِقٍ وَمَكَانِ حِفْظٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ

(وَلَا يُمْنَعُ) الرَّاهِنُ (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (كَفَصْدٍ وَحَجْمٍ) وَمُعَالَجَةٍ بِأَدْوِيَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَيْهَا حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ» أَيْ: مِنْ ضَمَانِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ.

[دَرْس] (وَأَصْلُ فَاسِدِ كُلِّ عَقْدٍ) صَدَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الثَّالِثَ مُقَامَهُ وَجَعَلَ يَدَهُ كَيَدِهِ فَإِذَا فَرَّطَ فَقَدْ اسْتَقَلَّ بِالْعُدْوَانِ فَلْيَسْتَقِلَّ بِالضَّمَانِ ح ل.
(قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ قَوْلِهِ، وَالثَّمَنُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ إلَى هُنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا بَاعَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَمْلِكُ ثَمَنَهُ بِقَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ اتِّحَادَ الْقَابِضِ وَالْمَقْبِضِ تَأَمَّلْ، وَحَرِّرْ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الرَّاهِنُ الْمَالِكُ) وَأَمَّا فِي الْمُسْتَعِيرِ فَعَلَى مَالِكِ الْمَرْهُونِ وَهُوَ الْمُعِيرُ. ح ل وَشَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ مَرْهُونٍ) أَيْ: الَّتِي بِهَا بَقَاؤُهُ فَخَرَجَ نَحْوُ أُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنَ دَوَاءٍ، فَهِيَ وَاجِبَةٌ وَلَوْ لِغَيْرِ مَرْهُونٍ وَنَحْوُ مُؤْنَةِ سَمْنٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُؤْنَةُ مِنْ الرَّاهِنِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ إعْسَارِهِ مَالَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إنْ رَأَى لَهُ مَالًا، وَإِلَّا فَيُقْتَرَضُ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهُ، وَلَوْ مَالَهُ الْمُرْتَهَنَ رَجَعَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَإِلَّا فَلَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. .
(قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ رَقِيقٍ) وَمِمَّا يَلْزَمُ كَالْمُؤَنِ إعَادَةُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْمَرْهُونِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ لِأَنَّ تَخْيِيرَ الْمُسْتَأْجِرِ يَجْبُرُ تَضَرُّرَهُ بِذَلِكَ، وَالْمُرْتَهِنُ لَا جَابِرَ لِتَضَرُّرِهِ إلَّا إعَادَةُ الْمَرْهُونِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا مَا يُتَّجَهُ فِي الْفَرْقِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ شَوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَ سَقْيِ زَرْعِهِ وَعِمَارَةِ دَارِهِ وَلَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِاخْتِصَاصِهِ بِذِي الرُّوحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُؤَجَّرَ عِمَارَةُ الدَّارِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْدَفِعُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ. ز ي.

(قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ الرَّاهِنَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ) لَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ وَلَا مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِاخْتِصَاصِهِ بِذِي الرُّوحِ، وَلَهُ خِتَانُ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا إنَّ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَكَانَ يَنْدَمِلُ قَبْلَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ السَّلَامَةُ وَلَهُ قَطْعُ سِلْعَةٍ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، وَإِلَّا فَلَا ح ل وَق ل قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَالِكِ كَسَابِقِهِ، وَلَعَلَّهُ حَذَفَهُ مِنْهُ لِدَلَالَةٍ سَابِقَةٍ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُسْتَعِيرِ الرَّاهِنِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ؟ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَمِثْلُهُ الْوَدِيعُ أَوْ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمَالِكِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ كَفَصْدٍ وَحَجْمٍ) وَكَذَا خَتْنٌ وَلَوْ لِكَبِيرٍ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَقَطْعِ سِلْعَةٍ كَذَلِكَ. ق ل. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ مُنِعَ مِنْ الْقَصْدِ دُونَ الْحَاجَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِخَبَرٍ رُوِيَ «قَطْعُ الْعُرُوقِ مَسْقَمَةٌ وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ» شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ: لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهَا عَلَى السَّيِّدِ لِحَقِّ الرَّقِيقِ كَمَا فِي النَّفَقَاتِ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ ثَمَانِ مَسَائِلَ مَا لَوْ تَحَوَّلَ الْمَغْصُوبُ رَهْنًا أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ غَصْبًا أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ عَارِيَّةً أَوْ تَحَوَّلَ الْمُسْتَعَارُ رَهْنًا أَوْ رُهِنَ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، أَوْ رَهْنٍ مَقْبُوضٍ بِسَوْمٍ أَوْ رَهْنٍ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَعَهُ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْ: مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ: لَا مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَالدَّلَالَةُ عَلَى الْمُدَّعِي مَفْهُومُ الْحَدِيثِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمَا جَعَلَاهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الرَّاهِنِ، وَلَوْ زَادَ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا فِي ق ل وَمَحَلُّ سُقُوطِ قَدْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى كَالدَّوَابِّ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِدُونِهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ التَّفْرِيطِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَمَعَ ضَمَانِهِ لَهَا دَيْنُهُ بَاقٍ وَقَوْلُهُ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمَعْنَى بِجَامِعِ فَوَاتِ التَّوَثُّقِ يَعْنِي مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ بِحَالِهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْقُطُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ وَعِنْدَ مَالِكٍ كَذَلِكَ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ) أَيْ: بَعْدَ طَلَبِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فَقِيلَ: طَلَبُهُ أَمَانَةٌ، وَالْمُرَادُ بِرَدِّهِ تَخْلِيَتُهُ ق ل.
وَعِبَارَةُ م ر أَوْ مُنِعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ. أَمَّا بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ. .

(قَوْلُهُ وَأَصْلُ فَاسِدِ كُلِّ عَقْدٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْكَثِيرُ وَالْغَالِبُ قَالَ خ ط: وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كُلُّ عَيْنٍ لَا تَعَدِّيَ فِيهَا، وَكَانَتْ مَضْمُونَةً بِعَقْدٍ

(2/384)


(مِنْ رَشِيدٍ كَصَحِيحِهِ فِي ضَمَانٍ) وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ: وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا فَالْمَقْبُوضُ بِفَاسِدٍ بَيْعٌ أَوْ إعَارَةٌ مَضْمُونٌ، وَبِفَاسِدٍ رَهْنٌ أَوْ هِبَةٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ رَشِيدٍ مَا لَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ وَنَبَّهْت بِزِيَادَتِي أَصْلُ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
صَحِيحٍ كَانَتْ مَضْمُونَةً بِفَاسِدِ الْعَقْدِ وَمَالًا فَلَا لَمْ يَرِدُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ مِنْ رَشِيدٍ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ رَشِيدًا أَيْ: غَيْرُ مَحْجُور عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ، وَالْمُرَادُ صَدَرَ مِنْ رَشِيدٍ مَعَ رَشِيدٍ فَلَوْ صَدَرَ مَعَ سَفِيهٍ فَلَا يَضْمَنُ السَّفِيهُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَا يَضْمَنُ أَيْ: السَّفِيهُ مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ وَتَلَفٍ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ أَيْ: لَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شُرُوطِ الْعَاقِدِ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ
وَقَوْلُهُ فِي ضَمَانٍ أَيْ: فِي مُطْلَقِ الضَّمَان وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ يُضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ فَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ التَّسْوِيَةُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي الضَّامِنِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمُوَلِّيهِ فَاسِدًا تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ عَلَى مُوَلِّيهِ وَلَا فِي الْقَدْرِ فَلَا يَرِدُ كَوْنُ صَحِيحِ الْبَيْعِ مَضْمُونًا بِالثَّمَنِ، وَفَاسِدُهُ بِالْبَدَلِ وَالْقَرْضُ بِمِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ الصُّورِيِّ وَفَاسِدُهُ بِالْقِيمَةِ وَنَحْوُ الْقَرْضِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِالْمُسَمَّى وَفَاسِدُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ إلَخْ) الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى) لِأَنَّ الصَّحِيحَ قَدْ أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ وَالْمَالِك، وَالْفَاسِدُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ بَلْ فِيهِ التَّجَرُّؤُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ وَاضِعَ إلَخْ لَا يُفِيدُ إلَّا ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر
وَقَوْلُهُ فَفَاسِدَة كَذَلِكَ قَالَ سم: وَلَمْ يَقُلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ بَلْ بِالضَّمَانِ. انْتَهَى، وَوَجْه ذَلِكَ أَنْ عَدَمَ الضَّمَانِ تَخْفِيف وَلَيْسَ الْفَاسِدَ أَوْلَى بِهِ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يَكُونُ أَوْلَى بِالضَّمَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْر بِلَا حَقٍّ، فَكَانَ أَشْبَهَ بِالْغَصْبِ. اهـ فَيَكُونُ قِيَاسُ الْفَاسِدِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قِيَاسًا أَدْوَنَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الصَّحِيحُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الشَّارِعِ، وَالْمَالِكِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ فَكَانَ يُنَاسِبُهُ الضَّمَانُ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ لَمَّا كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ،
وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا لِكَوْنِ صَحِيحِهِ غَيْرَ مُضَمَّنٍ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ أَيْ: الْفَاسِدِ.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ رَشِيدٍ) اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ التَّقْيِيدَ بِالرَّشِيدِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ غَيْرِهِ بَاطِلٌ لِاخْتِلَالِ رُكْنِهِ لَا فَاسِدٌ، وَالْكَلَامُ فِي الْفَاسِدِ، وَأَقُولُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْفَاسِدَ وَالْبَاطِلَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ الْحَجُّ، وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامٍ مَخْصُوصَةٍ، فَالتَّقْيِيدُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَا لَوْ صَدَرَ إلَخْ) مَا الْأُولَى مَصْدَرِيَّةٌ، وَلَوْ زَائِدَةٌ، وَالثَّانِيَةُ وَاقِعَةٌ عَلَى عَقْدٍ أَيْ: وَخَرَجَ صُدُورُ عَقْدِ لَا يَقْتَضِي إلَخْ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ رَشِيدٍ قَيْدٌ فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُوَ قَوْله وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُحْتَرَزًا فِي الْأَوَّلِ بَلْ فِي الثَّانِي، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّادِرَ مِنْ رَشِيدٍ إذَا كَانَ مُضَمَّنًا يَكُونُ الصَّادِرُ مِنْ غَيْرِهِ مُضَمَّنًا بِالْأَوْلَى. .
(قَوْلُهُ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ) كَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ) أَيْ: مُتَعَلَّقُهُ، وَهُوَ الْمَقْبُوضُ فِيهِ عَلَى الْقَابِضِ الرَّشِيدِ. (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ أَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِالْأَصْلِ الضَّابِطُ: وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُسْتَنِدًا لَهُ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ) أَجَابَ م ر وَغَيْرُهُ عَنْ خُرُوجِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَأَمَّا فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ فَمَالُ الْقِرَاضِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي فِي الْمُسَاقَاةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَكَذَا مَالُ الشَّرِكَةِ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَضَمَانُ الْمَرْهُونِ وَالْمُكْتَرِي الْمَغْصُوبَيْنِ لِعَارِضِ الْغَصْبِ لَا مِنْ حَيْثُ الْفَسَادُ وَالصِّحَّةُ فَلَمْ تَدْخُلْ حَتَّى تَخْرُجَ. اهـ. ح ف. أَيْ: فَالْكَلَامُ فِي الْأَعْيَانِ الْمَقْبُوضَةِ الَّتِي لَا تَعَدِّيَ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فَالْمَقْبُوضُ إلَخْ وَأَمَّا عَمَلُ الْعَامِلِ فَلَيْسَ عَيْنًا مَقْبُوضَةً حَتَّى يُرَدَّ

(2/385)


فَمِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً وَمَا لَوْ قَالَ: سَاقَيْتُك عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لِي فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً، وَمَا لَوْ صَدَرَ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا جِزْيَةَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَمِنْ الثَّانِي الشَّرِكَةُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَمَلَ الْآخَرِ مَعَ صِحَّتِهَا، وَيَضْمَنُهُ مَعَ فَسَادِهَا، وَمَا لَوْ صَدَرَ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةِ مِنْ مُتَعَدٍّ كَغَاصِبٍ فَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُتَعَدِّي مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ.

(وَشَرْطُ كَوْنِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (مَبِيعًا لَهُ عِنْدَ مَحِلٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ: وَقْتَ الْحُلُولِ (مُفْسِدٌ) لِلرَّهْنِ لِتَأْقِيتِهِ وَلِلْبَيْعِ لِتَعْلِيقِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْمَرْهُونُ بِهَذَا الشَّرْطِ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْمَحَلِّ (أَمَانَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَإِنْ قَالَ: رَهَنْتُك وَإِذَا لَمْ أَقْضِ عِنْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَسَدَ الْبَيْعُ، قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا الرَّهْنُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ فِيهِ شَيْئًا وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِيهِ (وَحَلَفَ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ فَيُصَدَّقُ (فِي دَعْوَى تَلَفٍ) لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ كَالْمُكْتَرِي فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمِنْهَاجِ لَفْظُ أَصْلٍ. (قَوْلُهُ فَمِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ: فَمِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي ضَمَانٍ أَيْ: إذَا كَانَ صَحِيحُهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى وَقَدْ يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ وَفَاسِدُهُ لَا يَقْتَضِيهِ كَالْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ عَرَضَ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهَا إلَى أَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، فَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، وَلَوْ كَانَتْ فَاسِدَةً لَمْ تَسْتَقِرَّ شَرْحُ. م ر (قَوْلُهُ فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ) فَصَحِيحُهُ يَقْتَضِي ضَمَانَ عَمَلِ الْعَامِلِ بِالرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ وَفَاسِدُهُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً) مَعَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ فِي الصَّحِيحِ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ قَالَ: وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا لَكَانَ أَوْضَحَ فَتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ: هَلَّا حَذَفَ قَوْلَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ إلَخْ مِنْ أَحَدِهِمَا اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِهِ فِي الْآخَرِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً أَيْ: وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ غَيْرِ طَامِعٍ كَمَا فِي ع ش.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الثَّانِي) أَيْ: وَمِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ الَّذِي حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ: وَالْبَرْدَ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْعَمَلِ مُعْتَادَةٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَإِذَا صَحَّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَقْصِيرٌ وَلَا يُعَدَّانِ مُقَصِّرَيْنِ بِخِلَافِهِمَا عِنْدَ الْفَسَادِ فَإِنَّهُمَا لَمَّا قَصَّرَا أَثِمَا، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ التَّشْدِيدُ عَلَيْهِمَا فَوَجَبَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْفَاسِدَةِ تَغْلِيظًا وَزَجْرًا عَنْهَا إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ عَمَلُ الْآخَرِ) أَيْ: أُجْرَةُ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ مَعَ فَسَادِهَا) أَيْ: فَيَضْمَنُ كُلَّ أُجْرَةٍ مِثْلَ عَمَلِ الْآخَرِ إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمَلِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ صُدِّقَ الْغَارِمُ حَيْثُ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُتَعَدِّي) أَيْ: إذَا كَانَ الْآخِذُ مِنْهُ يَجْهَلُ تَعَدِّيَهُ، وَإِلَّا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ لَا عَلَى الْمُتَعَدِّي شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَشَرَطَ كَوْنَهُ مَبِيعًا) أَيْ: بِأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنِّي أَوْ عَلَى أَنِّي إنْ لَمْ أُوفِ عِنْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَالرَّهْنُ مُؤَقَّتٌ بِالْحُلُولِ وَتَأْقِيتُهُ يُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا فِي الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا إلَى حُلُولِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَنْفَكُّ عِنْدَ الْحُلُولِ، وَإِنْ لَمْ يُوفِ الدَّيْنَ فَتَأَمَّلْ. قَالَ م ر: وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْ: قَوْلِهِ وَفَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَشَرْطُ كَوْنِهِ مَبِيعًا لَهُ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَهُوَ قَبْلَهُ أَمَانَةٌ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَدَمُهُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِالْفَاءِ بِأَنْ يَقُولَ: فَهُوَ أَمَانَةٌ
وَقَوْلُهُ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي ضَمَانٍ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ رَهَنَهُ أَرْضًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَهِيَ قَبْلَ الشَّهْرِ أَمَانَةٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا فَلَزِمَ كَوْنُهُ مُسْتَعِيرًا بَعْدَ الشَّهْرِ.
(قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ) وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ قَبْضُهُ. ق ل.
(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ) أَيْ: بِأَقْصَى الْقِيَمِ ق ل (قَوْلُهُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْضِ بَعْدَ الْحُلُولِ زَمَنٌ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ، وَتَلِفَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ الْآنَ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُقَدَّرُ فِيهِ فِي أَدْنَى زَمَنٍ عَقِبَ انْقِضَاءِ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا. شَرْحُ حَجّ وم ر قَالَ س ل: اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ وَنَظَرَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر بِأَنَّ الْقَبْضَ الْأَوَّلُ وَقَعَ عَنْهُمَا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ رَهَنْتُك إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا بَيَانُ مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ وَشَرْطُ كَوْنِهِ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَشَرْطُ إلَخْ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا الرَّهْنُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ فَسَادُ الرَّهْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُؤَقَّتٌ مَعْنَى إذْ الْمَعْنَى رَهَنْتُك بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا مِنْك عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَفَاءِ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ فِيهِ شَيْئًا) لَك أَنْ تَقُولَ: كَيْفَ يُقَالُ: لَمْ يَشْرِطْ فِيهِ شَيْئًا، وَمَعْنَى الْعِبَارَةِ كَمَا تَرَى رَهَنْتُك بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ

(2/386)


فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي كَالْغَاصِبِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ (لَا) فِي دَعْوَى (رَدٍّ) إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ.

(وَلَوْ وَطِئَ) الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِدُونِهَا (لَزِمَهُ مَهْرٌ إنْ عُذِرَتْ) كَأَنْ أَكْرَهَهَا أَوْ جَهِلَتْ التَّحْرِيمَ كَأَعْجَمِيَّةٍ لَا تَعْقِلُ. (ثُمَّ إنْ كَانَ) وَطْؤُهُ (بِلَا شُبْهَةٍ) مِنْهُ (حُدَّ) لِأَنَّهُ زَانٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَبِيعًا مِنْك عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَفَاءِ لَا يُقَالُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَرَاخَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ صِيغَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ بَدِيهِيُّ الصِّحَّةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ قَوْلُ السُّبْكِيّ فِيمَا يَظْهَرُ لَا مَعْنَى لَهُ شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ وَمَعْنَى الْعِبَارَةِ لَعَلَّ السُّبْكِيَّ يَمْنَعُ أَنَّ مَعْنَاهَا ذَلِكَ، وَيَكُونُ قَدْ عَطَفَ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً عَلَى صِيغَةِ الرَّهْنِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا كَمَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ وَعَلَيْك أَلْفٌ حَيْثُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ اتَّجَهَ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْمَذْكُورِ. انْتَهَى بِحُرُوفِهِ فَقَوْلُهُ لَا الرَّهْنُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُؤَقَّتٌ مَعْنًى.
(قَوْلُهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَحَلَفَ فِي تَلَفِهَا مُطْلَقًا أَيْ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ، فَإِنْ عُرِفَ عُمُومُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ فَلَا يَحْلِفُ، وَإِنْ جُهِلَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِوُجُودِهِ ثُمَّ يَحْلِفُ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِهِ. انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) أَيْ: بِقَوْلِنَا إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي كَالْغَاصِبِ) أَيْ: وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَصْدِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بَلْ قُلْنَا: إنَّهُ يَضْمَنُ الْبَدَلَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ كَالْغَاصِبِ يَضْمَنُ، فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ مُسَاوَاةُ الْمُتَعَدِّي لِغَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَعَ كَلَامِ الْمَتْنِ قَاعِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ وَاضِعِ يَدٍ سَوَاءٌ كَانَ أَمِينًا أَوْ ضَامِنًا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا دَعْوَى الرَّدِّ فَيُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ الضَّامِنِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَبَيْن الْأَمِينَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُرْتَهِنَ قَالَ ع ش وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الدَّلَّالُ وَالصَّبَّاغُ وَالْخَيَّاطُ وَالطَّحَّانُ؛ لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ لَا مُسْتَأْجِرُونَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فَيُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِلَا بَيِّنَةٍ.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ: كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٌ يَجِبُ عَلَى رَادِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ يَدِ الْأَمَانَةِ. اهـ. أَيْ: فَإِنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ كَالْغَاصِبِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْ: لِأَجْلِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ يَضْمَنُهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ) وَقَدْ قَالُوا كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبِضُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا ح ف هَذِهِ الْعِلَّةُ تَأْتِي فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْفَرْقُ الْوَاضِحُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّلَفَ غَالِبًا لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ كَالْمُسْتَعِيرِ) هُوَ لَيْسَ بِأَمِينٍ بَلْ هُوَ ضَامِنٌ فَهُوَ قِيَاسٌ أَدْنَى، وَإِنَّمَا مِثْلُهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُسْتَأْجَرِ بَدَلَ الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ: الذَّكَرُ الْوَاضِحُ الْمَرْهُونَةَ الْأُنْثَى الْوَاضِحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ. أَيْ: الْمَالِكِ فَدَخَلَ الْمُعِيرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ. ق ل.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَهْرٌ) أَيْ: مَهْرُ ثَيِّبٍ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَمَهْرُ بِكْرٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَأَرْشُ بَكَارَةٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْوَطْءِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الْأَرْشُ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَهْرٌ قَالَ شَيْخُنَا ز ي: وَيَجِبُ فِي بِكْرٍ مَهْرُ بِكْرٍ، وَيُتَّجَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ لَا مَعَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ الْإِتْلَافُ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ أَثَرُهُ بِالْإِذْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. .
(قَوْلُهُ كَأَنْ أَكْرَهَهَا) وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِهِ فَيَضْمَنُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْأَمَةُ فِي الْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ هَلْ تُصَدَّقُ الْأَمَةُ أَوْ الْوَاطِئُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ الْأَوَّل؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْمَهْرِ فِي وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَهْرِ ذِمَّةَ الْوَاطِئِ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَتْ التَّحْرِيمَ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ جَهْلُهَا التَّحْرِيمَ بِمَا يَأْتِي فِي الْمُرْتَهِنِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ الرَّاهِنُ؟ إلَخْ فَيُقَالُ هُنَا: وَأَذِنَ لَهَا السَّيِّدُ فِي تَمْكِينِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ وَطْئِهَا أَوْ قَرُبَ عَهْدُهَا بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْعُلَمَاءِ. اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَتْ التَّحْرِيمَ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبُ مَهْرِ الْجَاهِلَةِ، وَتَقْيِيدُ جَهْلِ الْوَاطِئِ بِمَا يَأْتِي أَنَّهَا تُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي وَحَذَفُوهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ جَهْلَ مِثْلِ

(2/387)


وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ جَهْلًا) بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ (وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ وَطْؤُهُ بِشُبْهَةٍ مِنْهُ كَأَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ الرَّاهِنُ أَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، (فَلَا) أَيْ: فَلَا يُحَدُّ وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِيَمِينِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ لَا حَقَّ بِهِ لِلشُّبْهَةِ. (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَالِكِهَا) لِتَفْوِيتِهِ الرِّقَّ عَلَيْهِ وَقَوْلِي وَلَوْ وَطِئَ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَلَوْ أَتْلَفَ مَرْهُونٌ فَبَدَّلَهُ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ (رَهْن) مَكَانَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَيُجْعَلُ بَعْدَ قَبْضِهِ فِي يَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الثَّالِثِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ وَقَبَضَ بَدَلَهُ صَارَ رَهْنًا لِمَا عَرَفْت أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا قَبْلَ قَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ: الدَّيْنَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً.
(وَالْخَصْمُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْبَدَلِ (الْمَالِكُ) رَاهِنًا كَانَ أَوْ مُعِيرًا لِلْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ مُطْلَقًا، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ إيعَابٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ. ح ل.
(قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ وَلَا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ وَطْؤُهُ. إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ غَيْر نَسِيبٍ) إنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا وَهُوَ نَسِيبٌ كَأَنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ بِأَمَةٍ أَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ وَطْؤُهُ بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ ظَنَّهَا حَلِيلَتَهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ أَيْ: ظَنَّ أَنَّ الِارْتِهَانَ يُبِيحُ الْوَطْءَ أَيْ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، وَلَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الرَّقِيقَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ ح ل (قَوْلُهُ كَأَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) وَكَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِهِ فَلَا يُعْذَرُ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ مِنْ إبَاحَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ. انْتَهَى م ر وع ش.
(قَوْلُهُ وَأَذِنَ لَهُ) أَيْ: وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ نَشَأَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بَابِلِيٌّ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مَعَ الْإِذْنِ قَدْ يَخْفَى حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَصَالَةِ الْمُخَالِطِينَ لَنَا؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ خَفِيَ عَلَى عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَحَيْثُ وُجِدَ الْإِذْنُ لَا يَضْمَنُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِإِذْنٍ. اهـ. ح ل. وَاعْتَمَدَهُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ) سَوَاءٌ نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَدِمَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَيْ: بِهَذَا الْحُكْمِ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ شَوْبَرِيٌّ وَح ل.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) أَيْ: وَقْتَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ بِأَنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ ابْنَهُ فَيَكُون الْوَلَدُ ابْنَ ابْنِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِنْ تَبِعَهُ الْخَطِيبُ وَلَوْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ بَعْدُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْوَاطِئُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ اتَّهَبَهَا مِنْهُ، وَقَبَضَهَا وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ مَلَكَهَا بَعْدُ فِي غَيْرِ صُورَةِ التَّزْوِيجِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ق ل وَشَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَتْلَفَ مَرْهُونٌ) أَيْ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ فَبَدَلَهُ رَهْنٌ، وَلَوْ زَائِدًا عَلَى قِيمَتِهِ كَأَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ، فَإِنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ مَرْهُونًا مَعَهُ، وَيَكُونُ الْبَدَلُ رَهْنًا وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُتْلِفَ وَفَائِدَةُ رَهْنِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الْغُرَمَاءِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ؛ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَمْ يَخْلُفْ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ بَلْ وَعَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ ح ل
وَقَوْلُهُ أَوْ الرَّاهِنُ إلَخْ، وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا شَخْصٌ أَتْلَفَ مَالَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ غُرْمُ بَدَلِهِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ مَرْهُونٌ أَيْ: إتْلَافًا مُضَمَّنًا خَرَجَ مَا لَوْ تَلِفَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَتْلَفَ دَفْعًا لِصِيَالِهِ، فَلَا بَدَلَ لَهُ بَلْ يَفُوتُ الرَّهْنُ حِينَئِذٍ اهـ.
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ) بِخِلَافِ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ إذَا أُتْلِفَ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ الْوَقْفِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ رَهْنًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ وَقْفًا سُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الثَّالِثِ) أَيْ: أَوْ الرَّاهِنِ وَلَوْ قَالَ: وَجُعِلَ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ لِيَشْمَلَ الرَّاهِنَ فِيمَا لَوْ تَوَافَقَا عَلَى أَنْ يَكُونَ تَحْتَ يَدِهِ لَكَانَ أَوْلَى ع ش إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَوْنَهُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ وَالْخَصْمُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْبَدَلِ أَيْ: فِي اسْتِخْلَاصِهِ مِنْ التَّلَفِ ح ل فَلَا يُنَافِي أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ مِنْ جِهَةِ اسْتِحْقَاقِهِ التَّوَثُّقَ بِالْبَدَلِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْحَصْرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَالْمُرَادُ مَالِكُ التَّصَرُّفِ لِيَدْخُلَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ، وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ مَالِكُ الرَّقَبَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فَيَكُونُ الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ غَيْرِ الْمَالِك إنْ كَانَ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا، فَهُوَ أَيْضًا خَصْمٌ أَوْ مُرْتَهِنًا أَوْ مُسْتَعِيرًا فَلَيْسَ بِخَصْمٍ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْمَالِكَ يُخْرِجُ الْوَصِيَّ وَالْقَيِّمَ مَعَ أَنَّهُمَا يُخَاصِمَانِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. ح ف.
(قَوْلُهُ أَوْ مُعِيرًا لِلْمَرْهُونِ) نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الرَّاهِنِ

(2/388)


بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَهُ إذَا خَاصَمَ الْمَالِكُ حُضُورَ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْبَدَلِ، وَتَعْبِيرِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاهِنِ

(فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ) فِي الْمَرْهُونِ الْمُتْلَفِ (وَاقْتَصَّ) أَيْ: الْمَالِكُ لَهُ أَوْ عَفَا بِلَا مَالٍ (فَاتَ الرَّهْنُ) فِيمَا جَنَى عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ بِلَا بَدَلٍ (أَوْ) وَجَبَ (مَالٌ) بِعَفْوِهِ عَنْ قِصَاصٍ بِمَالٍ أَوْ كَوْنِ الْجِنَايَةِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ بِعَفْوِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ

. (وَلَا) يَصِحُّ (إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِي) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ، وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ

(وَسَرَى رَهْنٌ إلَى زِيَادَةٍ) فِي الْمَرْهُونِ (مُتَّصِلَةٍ) كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ وَبَيْضٍ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلَا يَسْرِي إلَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِغَيْبَتِهِ أَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ الرَّاهِنَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ لِيَتَوَثَّقَ بِالْبَدَلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْبَتِهِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ) هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُخَاصَمَةَ فِي الْعَيْنِ مَعَ حُضُورِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ، فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ الْمُخَاصَمَةَ لِحَقِّ التَّوَثُّقِ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّوَثُّقَ عَلَى دَيْنِهِ بِهَذِهِ الْعَيْنِ، وَالْغَاصِبُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ خُصُوصًا مَعَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ وَتَعَذُّرِ مُخَاصَمَتِهِ فَيَحْتَاجُ فِي دَعْوَى إثْبَاتِ حَقِّ التَّوَثُّقِ إلَى إثْبَاتِ مِلْكِ الرَّاهِنِ لِلْعَيْنِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَاصِبُ أَنَّهَا مِلْكُ الرَّاهِنِ كَانَ لَهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ فُلَانٍ رَهْنًا عِنْدِي، وَقَدْ غَصَبَهَا فُلَانٌ مِنِّي وَكَانَتْ يَدِي عَلَيْهَا بِحَقٍّ، وَإِنْ سَأَلَهُ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا هَكَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَاعْتَمَدَهُ وَقَيَّدَ بِهِ إطْلَاقَ الشَّيْخَيْنِ سم فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةٌ مِنْ حَيْثُ مِلْكُ الْعَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا وَثِيقَةً عِنْدَهُ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ. م ر. فَقَوْلُهُ وَلَهُ حُضُورُ خُصُومَةٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُخَاصِمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ الْبَدَلَ وَثِيقَةً عِنْدَهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّوَثُّقَ عَلَى دَيْنِهِ بِالْعَيْنِ الَّتِي أَتْلَفَهَا هَذَا الرَّجُلُ، وَأُسْتَحَقّ بَدَلَهَا لِأَتَوَثَّقَ بِهَا عَلَى دَيْنِي، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَاصَمَةٍ، لِأَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم، وَقَوْلُهُ وَلَهُ إذَا خَاصَمَ الْمَالِكَ حُضُورُ خُصُومَتِهِ أَيْ: لَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ إذَا حَضَرَ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ الْحُضُورُ وَلَكِنْ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ. ح ف.
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَالِكِهَا وَقَوْلُهُ، وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْأُولَى لِلْمُسْتَعِيرِ، وَأَنَّهُ الْخَصْمُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فِيهِمَا بَلْ الْقِيمَةُ فِي الْأُولَى لِلْمُعِيرِ، وَهُوَ الْخَصْمُ فِي الثَّانِيَةِ. ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاهِنِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ لِيَشْمَلَ الْوَلِيَّ وَالْوَصِيَّ وَنَحْوَهُمَا شَرْحُ. م ر.

(قَوْلُهُ وَاقْتَصَّ إلَخْ) وَلَوْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا شَرْحُ. م ر. (قَوْلُهُ فَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ: إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي النَّفْسِ فَإِنْ كَانَتْ فِي طَرَفٍ وَنَحْوِهِ فَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ شَرْحُ م ر وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ فَاتَ الرَّهْنُ أَيْ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا جَنَى عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ، وَقَتَلَ أَحَدَهُمَا وَاقْتَصَّ فَاتَ الرَّهْنُ فِيهِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ: بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّهْنِ الْمَرْهُونُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ الْمَرْهُونُ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا) أَيْ: وَكَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْمَالَ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ الْمُكَافَأَةِ كَالْجَائِفَةِ. ع ن.
(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ) وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَصَارَ الْمَالُ مَرْهُونًا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا مَرَّ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ) إلَّا إنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا شَرْحُ م ر بِأَنْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْوَثِيقَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقّه مِنْهَا. ح ل.

(قَوْلُهُ وَسَرَّى رَهْنٌ إلَى زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ) ضَابِطُ الْمُتَّصِلَةِ هِيَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ وَالْمُنْفَصِلَةُ هِيَ الَّتِي يُمْكِنُ إفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ فَالْحَمْلُ مِنْ الْمُتَّصِلَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَكِبَرُ شَجَرَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ غِلَظُهَا لَا طُولُهَا بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى السَّمْنِ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا وَعَلَى هَذَا فَطَوِّهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهَا سَنَابِلُ الزَّرْعِ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِيفٌ وَسَعَفٌ وَنَحْوُ صُوفِ غَنَمٍ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. .
(قَوْلُهُ وَوَلَدُ) أَيْ: حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ رَهْنِ الْحَائِلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبَيْضٌ) وَلَوْ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ وَصُوفٌ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ وَلَبَنٌ وَلَوْ فِي الضَّرْعِ وَقْتَ الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَ بَيْضَةً فَفَرَّخَتْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ كَذَلِكَ فَنَبَتَ فَالْفَرْخُ وَالنَّبَاتُ رَهْنٌ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالْمُتَّصِلَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ يَسْرِي إلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ كَوَلَدِ جَارِيَةٍ بِخِلَافِ ثَمَرَةٍ شَجَرَةٍ. ق ل.
(قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ إمْكَانِ الِانْفِصَالِ كَمَا فِي ح ل

(2/389)


كَالْإِجَارَةِ.
(وَدَخَلَ فِي رَهْنِ حَامِلٍ حَمْلُهَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ فَهُوَ رَهْنٌ بِخِلَافِ رَهْنِ الْحَائِلِ لَا يَتْبَعُهَا حَمْلُهَا الْحَادِثُ فَلَيْسَ بِرَهْنٍ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّ: اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ، وَتَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَى الْأُمِّ وَالْحَمْلِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ سَأَلَ أَنْ تُبَاعَ وَيُسْلَمَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ

. [دَرْس] (وَلَوْ جَنَى مَرْهُونٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَالشَّوْبَرِيُّ.
وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يَسْرِي إلَخْ وَلَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) أَيْ: فِي أَنَّهُ لَا يَسْرِي حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى زَوَائِدِ الْعَيْنِ الْمُنْفَصِلَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي رَهْنٍ حَاصِلٍ حَمْلُهَا) وَلَوْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ؛ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ عِنْدَ الرَّاهِنِ فَيَكُونُ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ) أَيْ: يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمَعْلُومِ فَصَحَّ دُخُولُهُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْن مَا لَا يُعْلَمُ وَإِنَّمَا قُلْنَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمَعْلُومِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا حَقِيقَةً لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ نُفَّاخًا. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ) اُنْظُرْ وَجْهَ هَذَا الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ لِلدُّخُولِ، وَعَلَّلَ بِهَا هُنَا لِعَدَمِهِ وَالْعِلَّةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُنْتِجُ النَّقِيضَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ أَيْ: مَعَ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ فَكَانَ إذَنْ رَهْنًا
وَقَوْلُهُ ثَانِيًا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَيْ: مَعَ عَدَمِ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ فَكَانَ إذَنْ غَيْرَ رَهْنٍ، وَقِيلَ: وَجْهُ الْبِنَاءِ فِي عَدَمِ التَّبَعِيَّةِ أَنَّ الْحَمْلَ عِنْدَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَرُبَّمَا يُقَالُ: يَتْبَعُ كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَقَالَ الشَّارِحُ لَا يَتْبَعُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى مُقَابِلِهِ لَقِيلَ بِالتَّبَعِيَّةِ لِأَنَّهُ كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ.
وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ لَا يَتْبَعُهَا إلَخْ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ الْحَادِثُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ كَالسَّمْنِ الْحَادِثِ فَيَكُونُ رَهْنًا دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَيْ: عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ، وَهَذَا طَيْرٌ مَعْلُومٌ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فَيَكُونُ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يُعْلَمُ يَكُونُ رَهْنًا كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا حَامِلًا) فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كحج أَنَّ التَّعَذُّرَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ بِأَنْ كَانَ مُوصَى بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي ح ل. أَيْ: لِأَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِلرَّاهِنِ.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا حَامِلًا هَذَا إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرِ فَلَسٍ أَوْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ دُونَهُ كَالْجَانِيَةِ وَالْمُعَارَةِ لِلرَّهْنِ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَوْ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أُلْزِمَ الرَّاهِنُ بِالْبَيْعِ أَوْ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ إنْ تُسَاوَى الدَّيْنُ، وَالثَّمَنُ فَذَاكَ وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَإِنْ نَقَصَ طُولِبَ بِالْبَاقِي انْتَهَى. زي وَمِثْلُهُ م ر (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِثْنَاء الْحَمْلَ) أَيْ: فِي عَقْدِ الْبَيْعِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذِهِ لَا حَمْلَهَا،
وَقَوْلُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يُسْتَثْنَى كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَهَنَ نَخْلَةً فَأَطْلَعَتْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَاسْتَثْنَاهُ الثَّمَرَةُ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ اسْتِدْرَاكُ عَلَى قَوْلِهِ يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا حَامِلًا الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا فَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ ح ل. (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ) قَالَ حَجّ: وَمِنْ هُنَا وَقَوْلُهُمْ يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا اسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ مَا مَرَّ مِنْ التَّعَذُّرِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْحَمْلِ حَقٌّ ثَالِثٌ. اهـ. سُلْطَانٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ جَنَى مَرْهُونٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ السَّيِّدُ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْجَانِيَ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ قِصَاصُ فِي عَمْدٍ أَوْ دِيَةٌ فِي خَطَأٍ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ ضَمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ازْدَحَمَ عَلَى عَيْنٍ مَرْهُونَةٍ حَقَّانِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ قُدِّمَ بِهِ، وَحَيْثُ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْجَانِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّ الْجِنَايَةِ بِالْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ سم ز ي، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ أَنَا أَمَرْته أَيْ: غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِالْجِنَايَةِ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ حَقِّهِ أَيْ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنْ الرَّقَبَةِ بَلْ يُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ وَعَلَى السَّيِّدُ قِيمَتُهُ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانه لِإِقْرَارِهِ بِأَمْرِهِ بِالْجِنَايَةِ قَالَهُ ح ل فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَالسَّيِّد بِأَنْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْأَمْرَ أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَأَنْكَرَ كَوْنَ الْمَأْمُورِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ كَوْنَهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ وَلَا بَيِّنَةَ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ إمَّا لِطُولِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْجِنَايَةِ، وَالْمُنَازَعَةِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ حُصُولُ التَّمْيِيزِ، أَوْ زَوَالُ الْعُجْمَةِ أَوْ حُصُولِ حَالَةٍ تُشْعِرُ بِمَا ادَّعَاهُ السَّيِّد صُدِّقَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَعَلُّقُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ بِرَقَبَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مُسْقِطٌ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

(2/390)


عَلَى أَجْنَبِيٍّ قَدِمَ بِهِ) عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا وَبِالذِّمَّةِ (فَإِنْ اُقْتُصَّ) مِنْهُ الْمُسْتَحَقُّ (أَوْ بِيعَ لَهُ) أَيْ: لِحَقِّهِ بِأَنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا أَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ. (فَاتَ الرَّهْنُ) فِيمَا اُقْتُصَّ فِيهِ أَوْ بِيعَ لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ نَعَمْ إنْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ كَأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ غَاصِبٍ لَمْ يَفُتْ الرَّهْنُ بَلْ تَكُونُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ فَلَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا.
(كَمَا لَوْ تَلِفَ) الْمَرْهُونُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (أَوْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتُصَّ) مِنْهُ الْمُسْتَحَقُّ فَيَفُوتُ الرَّهْنُ لِذَلِكَ (لَا إنْ وُجِدَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُرْتَهِنَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَدِمَ بِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْ: قَدِمَ بِدَيْنِ الْجِنَايَةِ عَلَى دَيْنِ الرَّهْنِ أَوْ يُقَالُ: الْمُرْتَهِنُ فِيهِ جِهَتَانِ مِنْ حَيْثُ الْجِنَايَةُ أَجْنَبِيٌّ، وَمِنْ حَيْثُ الرَّهْنُ غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ فَلَا تَهَافُتَ فِي الْعِبَارَةِ شَوْبَرِيٌّ، وَفِي ع ش الْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ السَّيِّدِ وَعَبْدُهُ أَيْ: غَيْرُ الْمَرْهُونِ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ بِقَرِينَةِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قَتَلَ مَرْهُونٌ إلَخْ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ) بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْهُونَ لَوْ مَاتَ، وَهُوَ الْجَانِي يَسْقُطُ حَقُّهُ ح ل، وَعَبَّرَ بِهِ دُونَ التَّعَلُّقِ كَمَا فِيمَا بَعْدَهُ لِلِانْحِصَارِ هُنَا فَالتَّعْيِينُ أَلْيَقُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَّ) قَدْ عُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِعَفْوٍ أَوْ فِدَاءٍ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ س ل (قَوْلُهُ الْمُسْتَحِقُّ) بَدَلٌ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُسْتَتِرِ الْعَائِدِ عَلَى مَعْلُومٍ مِنْ الْمَقَامِ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا ح ف، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُسْتَحِقِّ دُونَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِعُمُومِهِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الطَّرَفِ أَوْ وَارِثُهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْكُلِّ.
(قَوْلُهُ أَيْ: لِحَقِّهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَأَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ (قَوْلُهُ فَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَيْ: انْفَسَخَ عَقْدُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَرْهُونَ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ
وَقَوْلُهُ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ مِنْ النَّفْسِ أَوْ غَيْرِهَا
وَقَوْلُهُ أَوْ بِيعَ أَيْ: كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ فَيَفُوتُ فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. ح ل.
(قَوْلُهُ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ أَوْ بِيعَ) احْتِرَازٌ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَطْعَ يَدٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ بَطَلَ الرَّهْنُ بِالنِّسْبَةِ لِيَدِهِ دُونَ بَاقِيهِ وَلَوْ كَانَ الْأَرْشُ قَدْرَ بَعْضِ قِيمَتِهِ فَقَطْ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَبَقِيَ بَاقِيهِ رَهْنًا فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ أَوْ نَقَصَ بِالتَّبْعِيضِ بِيعَ الْكُلُّ وَبَقِيَ الْفَاضِلُ عَنْ الْأَرْشِ رَهْنًا. اهـ. م ر سم (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ إلَخْ) صُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُ غَصْبٌ مِنْ عِنْدِ الْمُرْتَهِنِ وَجَنَى عَمْدًا عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ كَانَ مَغْصُوبًا عِنْدَهُ أَيْ: الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ رَهَنَهُ عِنْدَهُ وَجَنَى جِنَايَةَ عَمْدٍ تُوجِبُ عَلَيْهِ قِصَاصًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا فَإِنَّ الْغَاصِبَ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى رَهْنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ، وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ فَاتَ الرَّهْنُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْمَالِ فَيَبْقَى فِيهَا الرَّهْنُ بِحَالِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَيَفْدِيهِ الْغَاصِبُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ جَنَى مَغْصُوبٌ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ فَدَاهُ الْغَاصِبُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ شَيْخُنَا وَس ل (قَوْلُهُ كَأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ غَاصِبٍ) أَيْ: أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُشْتَرٍ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ. م ر. (قَوْلُهُ فَلَوْ عَادَ الْبَيْعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ) أَيْ: عَادَ بَعْدَ الْبَيْعِ فِي الْجِنَايَةِ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ الْكَائِنِ لِأَجْلِ الْجِنَايَةِ كَأَنْ عَادَ لَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ عَادَ لَهُ بِفَسْخٍ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ تَبَيَّنَ بَقَاءُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ تَبَيَّنَ بَقَاءُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ: مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْجَانِي، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ رَجَعَ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعُودُ رَهْنًا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُقَدَّمًا بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيعٍ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا) أَيْ: فَالزَّائِلُ الْعَائِدُ هُنَا كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ (قَوْلُهُ فَاقْتَصَّ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ) وَهُوَ السَّيِّدُ فِي غَيْرِ النَّفْسِ، وَالْوَارِثِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَقْتَصَّ لَا يَفُوتُ وَفِي هَذَا حَذْفُ الْفَاعِلِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ لَفْظِ الْمُسْتَحِقِّ وَيُجْعَلُ اُقْتُصَّ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ح ل وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مَعْلُومٍ مِنْ الْمَقَامِ وَالْمُسْتَحِقُّ بَدَلٌ مِنْهُ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحَذْفِ فِي شَيْءٍ بَلْ الْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] .
(قَوْلُهُ فَيَفُوتُ لِرَهْنِ لِذَلِكَ) أَيْ: لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ. ح ل (قَوْلُهُ لَا إنْ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِ مَالٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَوُجِدَ سَبَبُ قَوَدٍ إلَخْ لَا إنْ وُجِدَ إلَخْ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى فَاقْتُصَّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وُجُودُ سَبَبِ الْقَوَدِ وَهَلَّا قَالَ: لَا إنْ لَمْ يَقْتَصَّ

(2/391)


وَالْجِنَايَةُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. (سَبَبُ) وُجُوبِ (مَالٍ) كَأَنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَلَا يَفُوتُ الرَّهْنُ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعُفِيَ عَلَى مَالٍ.

(وَإِنْ قَتَلَ مَرْهُونٌ مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ آخَرَ فَاقْتَصَّ) مِنْهُ السَّيِّدُ (فَاتَ الرَّهْنَانِ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهِمَا

(وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) كَأَنْ قُتِلَ خَطَأً أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ (تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ: بِالْمَالِ. (حَقُّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ) .
وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ (فَيُبَاعُ) بِقَيْدِ زِدْته بِقَوْلِي. (إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ) بِالْقَتْلِ (وَثَمَنُهُ) إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْوَاجِبِ (رَهْنٌ) وَإِلَّا فَقَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْهُ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ نَفْسُهُ رَهْنًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ يَقُولُ: فَإِنْ لَمْ يَقْتَصَّ فَلَا يَفُوتُ مَعَ أَنَّهُ أَوْضَحُ وَأَخْصَرُ، وَأَجَابَ ح ف بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَالْجِنَايَةُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ أَجْنَبِيٍّ بِزِيَادَةِ غَيْرٍ وَهُوَ إصْلَاحٌ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلَا يَفُوتُ الرَّهْنُ أَيْ: بِمُجَرَّدِ وُجُودِ السَّبَبِ وَإِنَّمَا يَفُوتُ بِالْبَيْعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فِي التَّقْيِيدِ بِالْأَجْنَبِيِّ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ، وَأَيْضًا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى السَّيِّدِ، وَإِيهَامُهُ أَنَّ سَبَبَ الْقِصَاصِ يُخَالِفُ سَبَبَ الْمَالِ فَيَفُوتُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إنَّمَا يَفُوتُ فِيهِمَا بِالْقِصَاصِ أَوْ الْبَيْعِ فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ هَذِهِ الْأَنْظَارُ وَعَلَى الْمَرْجُوعِ إلَيْهَا لَا يَلْزَمُ وَاحِدٌ مِنْهَا شَوْبَرِيٌّ.
لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَيْ: إلَى قَوْلِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ أَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ السَّيِّدُ أَوْ عَبْدُهُ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَال فَقَوْلُهُ وَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ أَجْنَبِيٍّ مُتَعَيِّنٍ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ لَفْظِ غَيْرٍ لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ وُجُودَ السَّبَبِ بِالْمَالِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ إذْ وُجُودُ سَبَبِ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ إذْ لَا يَفُوتُ إلَّا إنْ اُقْتُصَّ بِالْفِعْلِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قُيِّدَ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَقَدْ يُوجَدُ الْفَوَاتُ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ سَبَبُ وُجُوبِ مَالٍ) وَتَخَلَّفَ الْمُسَبَّبُ عَنْ السَّبَبِ لِوُجُودِ مَانِعٍ وَهُوَ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ لَا إنْ وُجِدَ سَبَبٌ إلَخْ يُؤَيِّدُ النُّسْخَةَ الَّتِي فِيهَا غَيْرٌ فِي قَوْلِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ أَجْنَبِيٍّ وَإِلَّا لَقَالَ لَا إنْ وَجَبَ مَالٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَأَنْ عَفَا عَلَى مَالٍ) قُيِّدَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَالٍ لِيَكُونَ مِثَالًا لِقَوْلِهِ لَا إنْ وُجِدَ إلَخْ، وَإِلَّا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهُوَ كَعَفْوِهِ مَجَّانًا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ. (قَوْلُهُ فَلَا يَفُوتُ الرَّهْنُ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ ابْتِدَاءً لَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ بِخِلَافِ الدَّوَامِ كَمَا لَوْ جَنَى غَيْرُ عَمْدٍ عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَرِّثُ أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ حِينَئِذٍ وَيَبِيعُهُ فِيهِ. ح ل وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسم لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ قَالَ سم: وَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَيَفُوتُ الرَّهْنُ

(قَوْلُهُ مَرْهُونٌ) لَيْسَ هَذَا بَيَانًا لِكَوْنِ الْفَاعِلِ مَحْذُوفًا إذْ لَا يَصِحُّ حَذْفُهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي الْفِعْلِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ؛ فَيَقُولُ: وَإِنْ قَتَلَ أَيْ: مَرْهُونٌ.
(قَوْلُهُ فَاتَ الرَّهْنَانِ) فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ مَجَّانًا أَيْ: بِلَا مَالٍ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الْقَتِيلِ فَقَطْ وَبَقِيَ رَهْنُ الْقَاتِلِ. ق ل.

(قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) مِنْ هَذَا نَعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْمَالِ يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ هُنَا عَلَى عَبْدِهِ مُغْتَفَرٌ لِأَجْلِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ صَحَّ بِلَا إشْكَالٍ عَمِيرَةُ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ الْوُجُوبُ هُنَا لِرِعَايَةِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ وُجُوبَ شَيْءٍ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ) أَيْ: لِحَقِّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ لَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقُهُ بِعَبْدِهِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ فَيُبَاعُ) أَيْ: إنْ لَمْ يَتَّفِقْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى نَقْلِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ وَصَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ يُبَاعُ جَمِيعُهُ، وَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْوَاجِبِ وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ رَهْنًا إلَّا مِقْدَارُ الْوَاجِبِ مِنْ الثَّمَنِ لَا الْجَمِيعُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: وَالزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ يَسْتَوْثِقُ بِهِ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ. (قَوْلُهُ وَثَمَنُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ إلَخْ) لَا يُقَالُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَقَدْ تَكُونُ قِيمَتُهُ مِائَةً وَيَشْتَرِيهِ شَخْصٌ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا، (قَوْلُهُ رَهْنٌ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْرُ الْوَاجِبِ) أَيْ: بِأَنْ زَادَ ثَمَنُهُ عَلَى الْوَاجِبِ هَذَا مُرَادُهُ، وَأَمَّا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ فَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ زَادَتْ إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَهُ بَعْدُ لَكَانَ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَكَانَ أَخْصَرَ.
(قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ نَفْسُهُ رَهْنًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُبَاعُ أَوْ عَلَى وَثَمَنُهُ رَهْنٌ أَيْ: لَا أَنَّهُ يَتَحَوَّلُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ، وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَقِيلَ: يَصِيرُ

(2/392)


؛ لِأَنَّ: حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرْغَبُ فِيهِ بِزِيَادَةٍ فَيَتَوَثَّقُ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ بِهَا فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ عَلَى الْوَاجِبِ بِيعَ قَدْرُهُ، وَحُكْمُ ثَمَنِهِ مَا مَرَّ فَإِنْ تَعَذَّرَ بِيعَ بَعْضُهُ أَوْ نَقَصَ بِهِ بِيعَ الْكُلُّ، وَصَارَ الزَّائِدُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ وَلَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنَانِ عَلَى النَّقْلِ فَعَلَ أَوْ الرَّاهِنُ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ فَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ طَلَبُ الْبَيْعِ ثُمَّ قَالَا: وَمُقْتَضَى التَّوْجِيهِ بِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ.

(فَإِنْ كَانَا) أَيْ: الْقَاتِلُ وَالْقَتِيلُ (مَرْهُونَيْنِ بِدَيْنٍ) وَاحِدٍ عِنْدَ شَخْصٍ فَأَكْثَرَ (أَوْ بِدَيْنَيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ فَإِنْ اقْتَصَّ سَيِّدٌ) مِنْ الْقَاتِلِ. (فَأَتَتْ الْوَثِيقَةُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ بَلْ وَجَبَ مَالٌ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ (نَقَصَتْ) أَيْ: الْوَثِيقَةُ (فِي الْأُولَى وَتُنْقَلُ فِي الثَّانِيَةِ لِغَرَضٍ) أَيْ: فَائِدَةٍ لِلْمُرْتَهِنِ بِأَنْ يُبَاعَ الْقَاتِلُ، وَيَصِيرُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَ الْقَتِيلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهَا غَرَضٌ لَمْ تُنْقَلْ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا، وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَطْوَلَ أَجَلًا مِنْ الْآخَرِ فَلِلْمُرْتَهِنِ التَّوَثُّقُ بِثَمَنِ الْقَاتِلِ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ فَإِنْ كَانَ حَالًّا، فَالْفَائِدَةُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الْقَاتِلِ فِي الْحَالِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
نَفْسُهُ رَهْنًا وَلَا يُبَاعُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ؛ حَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلَهَا وَرُدَّ بِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَبِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ طَلَبِ الرَّاهِنِ النَّقْلَ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ، أَمَّا لَوْ طَلَبَ الرَّاهِنُ الْبَيْعَ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ النَّقْلَ، فَالْمُجَابُ الرَّاهِنُ قَطْعًا إذْ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي عَيْنِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَيُبَاعُ
وَقَوْلُهُ فِي مَالِيَّتِهِ أَيْ: قِيمَتِهِ
وَقَوْلُهُ لَا فِي عَيْنِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ إلَخْ،
وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ تَعْلِيلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لِمَجْمُوعِهِمَا. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْقَاتِلِ
وَقَوْلُهُ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ هَلَّا قَالَ مُرْتَهِنُهُ: لِأَنَّ الْمَحَلَّ لِلْإِضْمَارِ، وَانْظُرْ حِكْمَةَ الْإِظْهَارِ، وَكَوْنَ الضَّمِيرِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَوْدُهُ عَلَى مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ بَعِيدٌ مِنْ السِّيَاقِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: لَيْسَ كَمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ. (قَوْلُهُ وَحُكْمُ ثَمَنِهِ مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ رَهْنٌ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْوَاجِبِ وَإِلَّا فَقَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَ بِهِ) أَيْ: نَقَصَ الْبَعْضُ بِالْبَيْعِ يَعْنِي نَقَصَ عَنْ قِيمَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْكُلِّ عِشْرِينَ فَقِيمَةُ النِّصْفِ فِي الْجُمْلَةِ عَشْرَةٌ وَلَوْ بِيعَ النِّصْفُ وَحْدَهُ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ إلَّا بِسَبْعَةٍ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَصَارَ الزَّائِدُ) أَيْ: مِنْ الثَّمَنِ الْكُلُّ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ يَعْنِي، وَصَارَ قَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْ ثَمَنِ الْكُلِّ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَيُبَاعُ، وَانْظُرْ الْحُكْمَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ أَيْ: حَتَّى لِمَا إذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْلِ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ هُوَ نَقْلُ كُلِّهِ فِيمَا إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ وَنَقَلَ بَعْضُهُ الَّذِي هُوَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ فِيمَا إذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْوَاجِبِ. سم.
(قَوْلُهُ عَلَى النَّقْلِ) أَيْ: لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ أَيْ: أَنْ يُجْعَلَ الْقَاتِلُ مَرْهُونًا بِدَيْنِ الْقَتِيلِ، وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِمُجَرَّدِ الِاتِّفَاقِ ح ل (قَوْلُهُ فَعَلَ) أَيْ: فُسِخَ عَقْدُ رَهْنِ الْقَاتِلِ وَجُعِلَ رَهْنًا عَلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ، وَإِلَّا فَجَعْلُ عَيْنٍ مَكَانَ عَيْنٍ مَرْهُونَةٍ مِنْ غَيْرِ فَسْخِ عَقْدِ الرَّهْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ. ح ل.
(قَوْلُهُ فَنَقَلَ الشَّيْخَانِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَلَا نَظَرَ لِتَوَقُّعِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا. اهـ. م ر،
وَقَوْلُهُ طَلَبَ الْبَيْعَ أَيْ: بَيْعَ الْقَاتِلِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَا إلَخْ ضَعِيفٌ، وَيُجَابُ عَنْ مُقْتَضَى التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ مُرْتَهِنَ الْقَاتِلِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ حَتَّى يُرَاعَى بِخِلَافِ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ طَلَبَ أَخْذَ التَّرِكَةِ بِالْقِيمَةِ، وَالْغَرِيمُ بَيْعَهَا رَجَاءَ الزِّيَادَةِ يُجَابُ الْوَارِثُ. ح ل. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ إلَخْ) بَلْ يُنْقَلُ كَمَا قَالَهُ م ر وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الرَّاغِبِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا ذَكَرُوهُ هُنَاكَ نَعَمْ إنْ وُجِدَ الرَّاغِبُ بِالْفِعْلِ أُجِيبَ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ

(قَوْلُهُ عِنْدَ شَخْصٍ فَأَكْثَرَ) فَهِيَ مُطْلَقَةٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِشَخْصٍ كَمَا يَأْتِي؛ فَيَكُونُ قَوْلُهُ عِنْدَ شَخْصٍ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا نُبِّهَ عَلَيْهِ بَعْدُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدَيْنَيْنِ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ تَوَقُّفِ الشَّوْبَرِيِّ الْآتِي. (قَوْلُهُ فَاتَتْ الْوَثِيقَةُ) هَلَّا قَالَ: فَاتَ الرَّهْنَانِ كَسَابِقِهِ وَانْظُرْ حِكْمَةَ الْمُخَالَفَةِ وَلَعَلَّهَا لِلتَّفَنُّنِ أَوْ لِلِاخْتِصَارِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا نَقَصَتْ. (قَوْلُهُ بَلْ وَجَبَ مَالٌ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ: فَائِدَةٌ فِي تَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ وُجِدَ سَبَبُ مَالٍ كَمَا قَالَ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُبَاعَ) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى النَّقْلِ. (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ ثَمَنُهُ رَهْنًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ كَمَا قَالَهُ ز ي.
(قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِغَرَضٍ لَكِنَّ مَحَلَّ التَّفْرِيعِ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَالًا فَالْفَائِدَةُ إلَخْ وَمَا قَبْلَهُ تَوْطِئَةٌ لَهُ،
وَقَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهَا غَرَضٌ، وَالْمُرَادُ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا إلَخْ أَيْ: أَوْ اتَّفَقَا حُلُولًا أَوْ تَأْجِيلًا لَكِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ إلَخْ وَفِي شَرْحِ م ر، وَمِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْقَدْرِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا وَتَسَاوَيَا فِي الْمَالِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ.

(2/393)


أَوْ مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَوَثَّقَ، وَيُطَالَبُ بِالْحَالِ وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ قَدْرًا وَحُلُولًا أَوْ تَأْجِيلًا، وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا لَمْ تُنْقَلْ الْوَثِيقَةُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نُقِلَ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ، وَذِكْرُ فَوَاتِ الْوَثِيقَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَنْ التَّقْيِيدِ فِي الْأُولَى فِي النَّقْصِ بِشَخْصٍ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَيَنْفَكُّ) الرَّهْنُ (بِفَسْخِ مُرْتَهِنٍ) وَلَوْ بِدُونِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ: الْحَقَّ لَهُ وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ. (وَبِبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَا) بِبَرَاءَةٍ مِنْ (بَعْضِهِ فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ) مِنْ الْمَرْهُونِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ أَوْ مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَوَثَّقَ) وَالْفَائِدَةُ حِينَئِذٍ أَمْنُ الْإِفْلَاسِ عِنْدَ الْحُلُولِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُطَالَبُ إلَخْ فَلَيْسَ بَيَانًا لِلْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ وَلَوْ قَبْلَ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ وَلِعَدَمِ النَّقْلِ.
(قَوْلُهُ لَمْ تُنْقَلْ الْوَثِيقَةُ) وَلَوْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا الَّذِي هُوَ دَيْنُ الْقَاتِلِ ضَامِنٌ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ نَقْلَ الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِالضَّمَانِ إلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا أُجِيبَ لِأَنَّهُ لَهُ غَرَضٌ. سُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قِيمَةُ الْقَاتِلِ قَدْرَ الدَّيْنَيْنِ فَيَنْقُلُ مِنْهَا قَدْرُ دَيْنِ الْقَتِيلِ؛ لِيَكُونَ التَّوَثُّقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذِهِ فَائِدَةٌ أَيَّ فَائِدَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَارْتَضَاهُ طب شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ مُسَاوِيَةً لِدَيْنِ الْقَتِيلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ) هُوَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا إلَخْ الَّذِي هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْطُوفَ فِيهِ فَائِدَةٌ أَيْضًا فَهُوَ مِنْ التَّفْرِيعِ عَلَى الْمَنْطُوقِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ نُقِلَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ثَمَنِهِ بِأَنْ يُبَاعَ وَيُجْعَلَ مِنْ ثَمَنِهِ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ. ع ش قَالَ سم: ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ دُونَ قَدْرِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ هُوَ عَلَيْهِ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَنْ التَّقْيِيدِ) أَيْ: مَعَ عُمُومِ الْإِطْلَاقِ أَيْ: الْعُمُومِ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ شَخْصٍ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَالْإِطْلَاقُ لَيْسَ لَفْظًا حَتَّى يَكُونَ مِنْ زِيَادَتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُولَى لَهَا حَالَتَانِ حَالَةُ فَوَاتِ الْوَثِيقَةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْقِصَاصِ وَحَالَةُ نَقْصِهَا وَذَلِكَ عِنْدَ وُجُوبِ الْمَالِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا هِيَ مُطْلَقَةٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الدَّيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَذْكُرْ حَالَةَ الْفَوَاتِ فِيهَا فَضْلًا عَنْ الْإِطْلَاقِ أَوْ التَّقْيِيدِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ حَالَةَ النَّقْصِ، وَقَيَّدَهَا بِكَوْنِ الدَّيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ، وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ كَانَا مَرْهُونَيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ نَقَصَتْ الْوَثِيقَةُ أَوْ بِدَيْنَيْنِ وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ غَرَضٌ نُقِلَتْ. اهـ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي النَّقْصِ حَالٌ مِنْ الْأُولَى، أَيْ: وَأَمَّا الْإِطْلَاقُ عَنْ التَّقْيِيدِ فِي الْأُولَى فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ فَلَيْسَ مِنْ زِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَذْكُرْ حَالَةَ الْفَوَاتِ كَمَا عَلِمْت فَضْلًا عَنْ إطْلَاقِهَا أَوْ تَقْيِيدِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ التَّقْيِيدِ فِي الْأُولَى) اُنْظُرْ هَلْ يُعَكِّرُ عَلَى دَعْوَاهُ الْإِطْلَاقَ فِي الْأُولَى قَوْلُهُمْ إنَّ الْقَيْدَ إذَا تَأَخَّرَ كَمَا هُنَا رَجَعَ لِجَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إطْلَاقَ شَوْبَرِيٌّ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يُعَكِّرُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ التَّخْصِيصِ، وَالْقَرِينَةُ هُنَا إعَادَةُ الْبَاءِ فِي الْمَعْطُوفِ فَهِيَ قَرِينَةٌ عَلَى كَوْنِ الْقَيْدِ خَاصًّا بِهِ وَلَا يَرْجِعُ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فِي النَّقْصِ) أَيْ: لَا فِي الْفَوَاتِ عَنَانِيٌّ أَيْ: لِأَنَّ الْأُولَى لَهَا شِقَّانِ الْفَوَاتُ وَالنَّقْصُ. ح ل
وَقَوْلُهُ فِي النَّقْصِ، أَيْ: فِي حَالَةِ النَّقْصِ، أَيْ: نَقْصِ الْوَثِيقَةِ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا نَقَصَتْ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الْأُولَى وَهُوَ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ، فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حُرٍّ فِي جَرٍّ بِمَعْنَى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: الْكَائِنَةُ فِي النَّقْصِ.

(قَوْلُهُ وَيَنْفَكُّ بِفَسْخِ مُرْتَهِنٍ) مَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ عَلَى مَيِّتٍ، وَقُلْنَا بِأَنَّ التَّرِكَةَ رَهْنٌ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَنْفَكُّ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا. اهـ. ح ل وَلَوْ اعْتَاضَ عَنْ الدَّيْنِ عَيْنًا انْفَكَّ الرَّهْنُ فَلَوْ تَلِفَتْ أَوْ تَقَايَلَا فِي الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا عَادَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِدُونِ الرَّاهِنِ) أَيْ: وَلَوْ بِدُونِ فَسْخِ الرَّاهِنِ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ) بِخِلَافِ الرَّاهِنِ لَا يَنْفَكُّ بِفَسَخِهِ لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَتِهِ. ح ل (قَوْلُهُ بِأَدَاءٍ) أَيْ: مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ إبْرَاءٍ أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ حَوَالَةٍ) أَيْ: مِنْ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِغَرِيمِهِ عَلَى الرَّاهِنِ. ز ي (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) كَإِرْثٍ أَوْ اعْتِيَاضٍ لَكِنْ لَوْ تَقَايَلَا فِي الِاعْتِيَاضِ عَادَ الرَّاهِنُ كَمَا عَادَ الدَّيْنُ. سم. (قَوْلُهُ لَا بِبَرَاءَةٍ مِنْ بَعْضِهِ) فَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ وَرَثَتِهِ فَأَدَّى أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَنْفَكَّ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَدَى نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَنْ دَفَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ إمَّا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ أَوْ كَتَعَلُّقِ

(2/394)


كَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ كَالشَّهَادَةِ (إلَّا أَنْ تَعَدَّدَ عَقْدٌ أَوْ مُسْتَحِقٌّ) لِلدَّيْنِ (أَوْ مَدِينٌ أَوْ مَالِكُ مُعَارِ رَهْنٍ) فَيَنْفَكُّ بَعْضُهُ بِالسَّقْطِ كَأَنْ رَهَنَ بَعْضَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَبَاقِيَهُ بِآخَرَ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا أَوْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنِهِمَا عَلَيْهِ، ثُمَّ بَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ رَهَنَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ بَرِئَ أَحَدُهُمَا مِمَّا عَلَيْهِ أَوْ رَهَنَ عَبْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ اثْنَيْنِ لِيَرْهَنَهُ ثُمَّ أَدَّى نِصْفَ الدَّيْنِ وَقَصَدَ فِكَاكَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَوْ أَطْلَقَ، ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُ وَذَكَرَ تَعَدُّدَ الْمُسْتَحِقِّ، وَمَالِكُ الْمُعَارِ مِنْ زِيَادَتِي.

[دَرْس] (فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَوْ (اخْتَلَفَا) أَيْ: الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (فِي رَهْنِ تَبَرُّعٍ) أَيْ أَصْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَرْشِ بِالْجَانِي فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فَأَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فَيَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ عَنْهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ كَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ) أَيْ: فَإِنَّ جُمْلَتَهُ مَحْبُوسَةٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَلَوْ أَدَّى بَعْضَ الثَّمَنِ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ عَنْ الْحَبْسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ كُلَّمَا قَضَى شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ انْفَكَّ مِنْ الْمَرْهُونِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ الرَّهْنُ. ح ل.
(قَوْلُهُ كَالشَّهَادَةِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ وَثِيقَةٌ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ يَشْهَدُ بِجَمِيعِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ، فَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِهِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَحِقٌّ لِلدَّيْنِ) لَا يُقَالُ: مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ، لِأَنَّا نَقُولُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اخْتَصَّ الْقَابِضُ بِمَا أَخَذَهُ بِأَنْ قَصَدَ الدَّافِعُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ لَهُ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ. م ر وَس ل. (قَوْلُهُ أَوْ مَالِكَ مُعَارِ رَهْنٍ) يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْإِضَافَةِ أَيْ: مُعَارِ رَهْنٍ عَلَى كَوْنِ رَهْنٍ مَصْدَرًا وَبِعَدَمِهَا أَيْ: مُعَارٍ رَهْنٌ عَلَى كَوْنِهِ فِعْلًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَانْظُرْ أَيُّهُمَا أَوْلَى وَلَعَلَّ الْأُولَى أَوْلَى وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ أَيْ: مُعَارٍ لِلرَّهْنِ أَيْ: الْمَرْهُونِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ رَهَنَ بَعْضَ عَبْدٍ) وَيَنْفَكُّ بَعْضُهُ أَيْضًا بِفَكِّ الْمُرْتَهِنِ كَأَنْ فُسِخَ الرَّهْنُ فِي بَعْضِهِ لِأَنَّ لَهُ فَسْخَ كُلِّهِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ: بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ ذَلِكَ عَنْ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ قَصَدَ الشُّيُوعَ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ صَرَفَهُ إلَى مَا شَاءَ شَرْحُ. م ر.
وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا أَيْ: وَلَوْ بِالدَّفْعِ لَهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الدَّيْنُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ أَوْ اخْتَلَفَ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يَخْتَصُّ بِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الشُّرَكَاءِ فِي الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ثَلَاثٍ الْإِرْثُ، وَالْكِتَابَةُ، وَرِيعُ الْوَقْفِ فَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ دَيْنِ مُوَرَّثِهِمْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ نَعَمْ إنْ أَحَالَ بِهِ اخْتَصَّ الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ، وَهَذِهِ مِنْ حِيَلِ الِاخْتِصَاصِ، وَمَا أَخَذَهُ أَحَدُ السَّيِّدَيْنِ مَثَلًا مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَمَا أَخَذَهُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ فِي حِصَّتِهِ وَأَجَّرَهَا بِنَفْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر، وَاعْتَمَدَهُ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَخَرَجَ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَرْبَابُ الْوَظَائِفِ الْمُشْتَرَكَةِ فَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمْ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ غَيْرِهِ يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى النَّاظِرِ تَقْدِيمُ طَالِبِ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِرِضَا غَيْرِهِ مِنْهُمْ. اهـ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ رَهَنَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ بِدَيْنِهِ) هُوَ بَيَانٌ لِتَعَدُّدِ الْمَدِينِ بِخِلَافِهِ بِدَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِمَا بِأَنْ قَالَا: رَهَنَّاكَ عَبْدَنَا بِالْأَلْفِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ، فَإِنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ جَزَمَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ رَهَنَ عَبْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ اثْنَيْنِ لِيَرْهَنَهُ) وَإِنْ قَالَا أَعَرْنَاكَ الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي هَذِهِ لَا يَنْفَكُّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِأَدَاءِ نِصْفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَضِيَ بِرَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَصُورَةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنْ يَأْذَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ قَصَدَ الدَّافِعُ أَحَدَهُمَا، وَحِينَئِذٍ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ الْمُؤَدِّي. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ أُطْلِقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُ) انْفَكَّ نَصِيبُهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الشُّيُوعَ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةُ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْوَارِثُ جَعَلَ بَيْنَهُمَا. م ر.

[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(فَصْلٌ: فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ) أَيْ: الشَّامِلِ لِأَصْلِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ قَدْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّهْنِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَالْمُرَادُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَدْرُ الْمَرْهُونِ بِهِ وَعَيْنُهُ وَقَبْضُ الْمَرْهُونِ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِذْنِ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الْجِنَايَةِ إلَى آخِرِ الْبَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ إلَخْ وَفِي الِاخْتِلَافِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَمَسْأَلَةُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا وَثِيقَةٌ تَرْجِعُ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ: الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنِ) أَوْ الرَّاهِنُ وَالْمُعِيرُ ح ل.
(قَوْلُهُ فِي رَهْنِ تَبَرُّعٍ) وَهُوَ الَّذِي

(2/395)


كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتنِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ قَدْرِهِ) أَيْ: الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتنِي الْأَرْضَ بِشَجَرِهَا فَقَالَ بَلْ وَحْدَهَا (أَوْ عَيْنِهِ) كَهَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: بَلْ الثَّوْبُ (أَوْ قَدْرُ مَرْهُونٍ بِهِ) كَبِأَلْفَيْنِ فَقَالَ: بَلْ بِأَلْفٍ، وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِي.
(حَلَفَ رَاهِنٌ) وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ، وَخَرَجَ بِرَهْنِ التَّبَرُّعِ الرَّهْنُ الْمَشْرُوطُ فِي بَيْعٍ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ فِيهِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ غَيْرِ الْأُولَى فَيَتَحَالَفَانِ فِيهِ كَسَائِرِ صُوَرِ الْبَيْعِ إذَا اخْتَلَفَا فِيهَا

(وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِائَةٍ، وَأَقْبَضَاهُ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ رَهْنٌ بِخَمْسِينَ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَحَلَفَ الْمُكَذِّبُ) لِمَا مَرَّ. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدَّقِ عَلَيْهِ) لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ، وَقَوْلِي وَأَقْبَضَاهُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (وَهُوَ بِيَدِ رَاهِنٍ أَوْ) بِيَدِ (مُرْتَهِنٍ وَقَالَ: الرَّاهِنُ غَصَبْته أَوْ أَقْبَضْته عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لَمْ يُشْرَطْ فِي بَيْعٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ. (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتنِي كَذَا) أَيْ: وَأَقْبَضْتنِيهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً كَذَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ، وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ ضَعِيفٌ، وَنَصُّهَا قَوْلُهُ حَلَفَ رَاهِنٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ، وَالْكَلَامُ فِي الِاخْتِلَافِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَا أَثَرَ فِي تَحْلِيفٍ، وَلَا دَعْوَى، وَيَجُوزُ أَنْ تُسْمَعَ فِيهِ الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ الرَّاهِنُ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ، وَيَلْزَمُ الرَّهْنُ بِإِقْبَاضِهِ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَوَالَةِ وَالْقَرْضِ وَنَحْوِهِمَا. انْتَهَى، وَاعْتَمَدَ م ر فِي شَرْحِهِ هَذَا الِاحْتِمَالَ. اهـ. سم قَالَ شَيْخُنَا وَتَسْمِيَتُهُمَا رَاهِنًا وَمُرْتَهِنًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ: الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَوْ بِحَسَبِ زَعْمِ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَدْرُهُ) أَيْ: الْمَرْهُونُ وَكَذَا الْمَرْهُونُ بِهِ أَوْ صِفَتُهُ كَقَدْرِ الْأَجَلِ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتنِي الْعَبْدَ بِمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ لَكِنْ قَالَ: كُلُّ نِصْفٍ مِنْهُ بِخَمْسِينَ مَثَلًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَح ل.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ) فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامٌ. (قَوْلُهُ فَقَالَ بَلْ الثَّوْبُ) وَحَيْثُ صَدَّقْنَا الرَّاهِنَ فِي هَذِهِ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْمُرْتَهِنِ بِالثَّوْبِ لِإِنْكَارِهِ وَلَا بِالْعَبْدِ لِإِنْكَارِ الْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرَادَ الرَّاهِنُ التَّصَرُّفَ فِي الثَّوْبِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ؟ لِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِزَعْمِ الْمَالِكِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ، وَقِيَاسُ مَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ سم اعْتِبَارُ إذْنِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي إذَا انْقَطَعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِإِبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا قَالَهُ سم فِيمَا يَأْتِي وَهَا هُنَا إنْكَارُ الْمُرْتَهِنِ أَسْقَطَ اعْتِبَارَ قَوْلِ الرَّاهِنِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ حَيْثُ قِيلَ: يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ وَيَتَصَرَّفُ الْمُقِرُّ فِيهِ بِمَا شَاءَ، وَلَا يَعُودُ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَيَأْتِي مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: رَهَنْته بِالدَّنَانِيرِ فَقَالَ: بَلْ بِالدَّرَاهِمِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ قُدِّرَ مَرْهُونٌ بِهِ) أَوْ عَيَّنَهُ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَصِفَتَهُ كَأَنْ يَدَّعِي الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَهَنَ عَلَى الْمِائَةِ الْحَالَّةِ فَيَسْتَحِقُّ الْآنَ بَيْعَهُ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَلَى الْمُؤَجَّلِ. ح ف.
(قَوْلُهُ حَلَفَ رَاهِنٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: حَلَفَ مَالِكٌ لِيَشْمَلَ مُعِيرَ الرَّهْنِ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ رَاهِنٌ وَلَوْ كَانَ مُسْتَعِيرًا، فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَالِكِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ تَرْجِيحًا لِدَعْوَاهُ بِيَدِهِ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ. .
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّاهِنُ جِهَةَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ. س ل.
(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ) مِنْ قَدْرِ الْمَرْهُونِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ الْقَدْرِ الْمَرْهُونِ بِهِ. (قَوْلُ غَيْرِ الْأُولَى) وَهِيَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتنِي كَذَا وَوَفَّيْت بِالشَّرْطِ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَمْ لَمْ أَرْهَنْ، فَلَا تَخَالُفَ وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ فَسْخِ الْبَيْع حَيْثُ لَمْ يَرْهَنْ عِنْدَهُ لَا يُقَالُ: هَذَا بِعَيْنِهِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْأُولَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ فِي غَيْرِهَا: اتَّفَقَا عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، فَتَحَالَفَا بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْعَقْدِ تَأَمَّلْ. ح ل.
(قَوْلُهُ فَيَتَحَالَفَانِ فِيهِ) وَإِذَا تَحَالَفَا يَفْسَخَانِهِ أَيْ: عَقْدَ الرَّهْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ إلَّا فِي الِاخْتِلَافِ فِي اشْتِرَاطِهِ فِي الْبَيْعِ فَيَفْسَخُ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا تَحَالَفَا لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، وَهُوَ الرَّهْنُ أَوْ اشْتِرَاطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ فِي الْبَيْعِ ح ل

(قَوْلُهُ وَأَقْبَضَاهُ) قَالَ ح ل: يَنْظُرُ حِكْمَةَ التَّقْيِيدِ بِالْإِقْبَاضِ فِي هَذِهِ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مُلْزِمَةً؛ لِأَنَّهَا بِدُونِ قَبْضٍ غَيْرُ مُلْزِمَةٍ فَلَا تُسْمَعُ. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ شَوْبَرِيٌّ. .
(قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ) أَيْ: أَوْ امْرَأَتَانِ مَثَلًا. ع ش

. (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ) إنَّمَا فَصَلَ هَذِهِ عَنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَلِفُ الرَّاهِنِ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ بِيَدِ رَاهِنٍ) أَيْ: وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَخَذَتْهُ لِلِانْتِفَاعِ مَثَلًا فَقَوْلُهُ وَقَالَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَوْ أَقْبَضَهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) وَكَذَا لَمْ أَقْبِضْهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ وُجُوبِ قَصْد الْإِقْبَاضِ عَنْهُ، وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ ق ل

(2/396)


كَإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَإِيدَاعٍ (حَلَفَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَوَافَقَهُ الرَّاهِنُ عَلَى إذْنِهِ لَهُ فِي قَبْضِهِ عَنْهُ لَكِنَّهُ قَالَ: إنَّك لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْهُ أَوْ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ، فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ

(وَلَوْ أَقَرَّ) الرَّاهِنُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ (بِقَبْضِهِ) أَيْ: بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ كَإِعَارَةٍ) بَحَثَ السُّبْكِيُّ فِي صُورَةِ الْعَارِيَّةِ أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ قَوْلِ الرَّاهِنِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِ الْقَبْضِ لَيْسَ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ لَا لِثُبُوتِ الْعَارِيَّةِ حَتَّى تَصِيرَ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً، وَهُوَ مُتَّجَهٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ حَلَفَ) أَيْ: الرَّاهِنُ، وَلَا يَلْزَمُ الْغَصْبُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَإِنْ صَلَحَتْ لِدَفْعِ الرَّهْنِ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ دَعْوَى الْغَصْبِ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ إنَّ تَلِفَ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ. ع ش.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّهْنِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ) فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَتَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمَرْهُونِ صُدِّقَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ لَهُ الرَّاهِنُ: أَنْتَ لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْ الرَّهْنِ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ قَبَضَهُ عَنْ الرَّهْنِ فِي الْأُولَى وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِرُجُوعِ الرَّاهِنِ عَنْ الْإِذْنِ فِي الثَّانِيَةِ. ح ل.
وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ أَيْ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَلِفَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَأُجْرَتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ يَمِينَ الرَّاهِنِ إنَّمَا قُصِدَ بِهَا دَفْعُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ لُزُومَ الرَّهْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْغَصْبِ وَلَا غَيْرِهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي قَدَّمَهُ لَيَرُدَّ بِهِ وَادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَهُ لِيَكُونَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْبَائِعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَسَخَ عَقْدَ الْبَيْعِ وَرَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِمُقْتَضَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي دَعْوَى الْحُدُوثِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ يَمِينَ الْبَائِعِ إنَّمَا صَلَحَتْ لِدَفْعِ الرَّدِّ فَلَا تَصْلُحُ لِتَغْرِيمِ الْأَرْشِ، وَعَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُرْتَهِنِ مَا ذُكِرَ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ دَعْوَى جَدِيدَةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ مَا غَصَبَهُ وَإِنَّمَا قَبَضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُجَرَّدَ حَلِفِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ مَا قَبَضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ بِيَمِينِ الرَّاهِنِ انْتَفَى اسْتِحْقَاقُ وَضْعِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الِاخْتِلَافِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ حَلِفَ الْبَائِعُ أَفَادَهُ عَدَمَ رَدِّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا حَقٌّ لِلرَّاهِنِ فَلْيُرَاجَعْ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) مُحْتَرَزٌ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْته إلَخْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: التَّقْيِيدُ بِالْيَدِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسْتَدْرَكٌ بَلْ مُضِرٌّ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: فَالْوَجْهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الرَّاهِنُ مُقِرًّا بِالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَوْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِيَدِهِ إذَا أَنْكَرَ الرَّاهِنُ أَصْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُوَافِقًا عَلَى الرُّجُوعِ، وَلَكِنْ زَعَمَ تَأَخُّرَهُ عَنْ الْقَبْضِ فَالْمُصَدَّقُ الرَّاهِنُ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ قَدْ يُقَالُ حَيْثُ وَافَقَهُ عَلَى قَبْضٍ: فَالْيَدُ لَهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادُ الشَّارِحِ الْيَدَ الْحِسِّيَّةَ فَلَا اعْتِرَاضَ شَوْبَرِيٌّ.
وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُمَا قَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنَّهُ قَالَ: إنَّك لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْهُ أَوْ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ. اهـ (قَوْلُهُ فِي قَبْضِهِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الرَّهْنِ. (قَوْلُهُ لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْهُ) بِأَنْ قَالَ: قَبَضْته عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ) وَجَّهَهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ أَدْرَى بِصِفَةِ قَبْضِهِ، وَبِهِ فَارَقَ تَصْدِيقَ الرَّاهِنِ فِي قَوْلِهِ أَقَبَضْته عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ أَدْرَى بِصِفَةِ إقْبَاضِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ. ع ش مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ. م ر. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ أَقْبَضَ الْمَرْهُونَ وَكَذَا لَهُ تَحْلِيفُهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِقَبْضِهِ إنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهُ لِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ عُلِمَ اسْتِنَادُهُ إلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ اُحْتُمِلَ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ. س ل. (قَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ: فَلِلرَّاهِنِ تَحْلِيفُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ وَقَعَ

(2/397)


(وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ: الرَّاهِنُ لِإِقْرَارِهِ (تَأْوِيلًا) كَقَوْلِهِ ظَنَنْت حُصُولَ الْقَبْضِ بِالْقَوْلِ أَوْ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا

. (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنَايَةِ) عَبْدٍ (مَرْهُونٍ أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: جَنَى قَبْلَ قَبْضٍ حَلَفَ مُنْكِرٌ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ يُنْكِرَهَا الرَّاهِنُ فِي الْأُولَى فَعَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَى وَصِيَانَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الثَّانِيَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِس الْحُكْمِ أَوْ لَا بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ لَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَلَيْسَ هَذَا أَعَنَى قَوْلَهُ فَلَهُ تَحْلِيقَةُ جَوَابَ الشَّرْطِ بَلْ هُوَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَفَائِدَةُ التَّحْلِيفِ مَعَ ثُبُوتِ الْقَبْضِ بِإِقْرَارٍ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ عَرْض الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ يَنْكُلَ عَنْهَا فَيَحْلِفُ الرَّاهِنُ وَيَثْبُتُ عَدَمُ الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) الْغَايَةَ لِلرَّدِّ وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لَظَنَنْت إلَخْ مِثَالٌ لِلتَّأْوِيلِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: لَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّا نَعْلَمُ فِي الْغَالِبِ أَنَّ الْوَثَائِقَ يَشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا، فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ بِالْقَوْلِ) أَيْ: بِقَوْلِي أَقَبَضْتُك (قَوْلُهُ أَوْ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ) الْمَعْنَى أَوْ أَقْرَرْت بِالْقَبْضِ قَبْلَ حُصُولِهِ لِأَجْلِ أَنْ أُشْهِدَ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَيْ: عَلَى مَا رُسِمَ، وَكُتِبَ فِيهَا مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ فَالْإِشْهَادُ لَيْسَ عَلَى رَسْمِهَا بَلْ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ وَكُتِبَ فِيهَا، وَيَرْجِعُ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ عَلَى تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ: أَشْهَدْت عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ قَبْلَ حُصُولِهِ لِأَجْلِ رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَرْسُمَ فِيهَا،
وَقَوْلُهُ لِأَنَّا نَعْلَمُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَشْهَدْت إلَخْ أَيْ: لِكَوْنِهِ تَأْوِيلًا وَعُذْرًا
وَقَوْلُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا أَيْ: قَبْلَ حُصُولِهِ فِي الْخَارِجِ فَعَادَةُ كَتَبَةِ الْوَثَائِقِ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ أَقَرَّ فُلَانٌ بِكَذَا أَوْ بَاعَ أَوْ أَقْرَضَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَيُشْهِدُونَ قَبْلَ وُجُودِهَا فِي الْخَارِجِ،
وَقَوْلُهُ عَلَى رَسْمِ أَيْ: كِتَابَةٍ وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ اسْمٌ لِلْوَرَقَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْحَقُّ الْمَقَرُّ بِهِ مَثَلًا أَيْ: أَشْهَدْت عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا تَقَدَّمَ. .
(قَوْلُهُ لِأَنَّا نَعْلَمُ إلَخْ) قَالَ ق ل: مِنْ هَذَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَخْتَصُّ بِمَا هُنَا بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ. اهـ، وَمِثْلُهُ فِي ح ل.
(قَوْلُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا فِيهَا) أَيْ: قَبْلَ تَحَقُّقِ مَا كُتِبَ فِيهَا وَهُوَ هُنَا قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنَايَةِ عَبْدٍ مَرْهُونٍ) أَيْ: بَعْدَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ ادَّعَى الْجِنَايَةَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ ح ل فَفِي الْأُولَى صُورَتَانِ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ قَبْضِ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلِمَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي م ر، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأُولَى بِمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَالثَّانِيَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى فِي الْأُولَى جِنَايَتُهُ الْآنَ وَفِي الثَّانِيَةِ جِنَايَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ. سم ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ) أَيْ: صَدَرَ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا قَيَّدَهُ م ر وَإِلَّا صُدِّقَ أَيْ: الرَّاهِنُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ إقْبَاضُهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَتَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ. ع ش قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ أَوْ قَالَ: الرَّاهِنُ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى اخْتَلَفَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى، أَوْ لَمْ يَخْتَلِفَا إلَخْ مَعَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ حَاصِلٌ فِيهِ أَيْضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ جَنَى قَبْلَ قَبْضٍ) أَيْ: قَبْلَ الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ رَهْنُهُ بَاطِلًا أَيْ: فَمَا أَقَبَضْته لَك إلَّا وَهُوَ جَانٍ أَيْ: وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ أَصْلَ الْجِنَايَةِ
وَقَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضٍ مُتَعَلَّقُ يَجْنِي لَا يُقَالُ.
وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْقَبْضِ: جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَقَالَ: جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ أَمْ قَبْلَهُ؟ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ: عِبَارَةُ الْمَتْنِ تَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَهِيَ لَا تُبْطِلُ الْعَقْدَ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَالَ الرَّاهِنُ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَيْخِنَا وَحَجّ تَصْوِيرَهَا بِصُورَتَيْنِ أَيْ: كَوْنَ الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ حَلَفَ مُنْكِرٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ وَالْمُرْتَهِنُ يُنْكِرُ الْجِنَايَةَ فِي ثَلَاثَةٍ وَيُنْكِرُهَا الرَّاهِنُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ صُورَتَيْ الْأُولَى، فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُنْكِرَهَا الرَّاهِنُ فِي الْأُولَى لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ إنْكَارِهِ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ بَلْ بَيَانٌ لِحَالَةِ إنْكَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْكِرُ إلَّا فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ فَعَلَى الْبَتِّ) أَيْ: لِأَنَّ فِعْلَ الْمَمْلُوكِ كَفِعْلِ الْمَالِكِ وَكَذَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ الْمُنْكِرُ عَنْ الْبَتِّ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُخْرَى مِنْ صُورَتَيْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَالِكِ شَوْبَرِيٌّ وَح ل، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالشَّارِحِ. .
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ حَلَفَ مُنْكِرٌ وَقَوْلُهُ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فِي الْأُولَى أَيْ: بَقَاءُ التَّوَثُّقِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُرْفَعُ بِمُجَرَّدِ الْجِنَايَةِ، وَالْمُرَادُ بَقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ وَإِلَّا فَيَبْقَى أَيْضًا لَوْ صَدَقَ الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ وَلَا يَفُوتُ الرَّهْنُ إلَّا إذَا بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ قُتِلَ قَوَدًا لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لِتَعَرُّضِهِ لِلزَّوَالِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقِصَاصِ.

(2/398)


وَإِذَا بِيعَ لِلدَّيْنِ فِي الْأُولَى فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ) وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُقِرِّ (وَإِذَا حَلَفَ) أَيْ: الْمُنْكِرُ (فِي الثَّانِيَةِ وَغَرِمَ الرَّاهِنُ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ. (وَالْأَرْشَ) كَمَا فِي جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ (وَلَوْ نَكَلَ) الْمُنْكِرُ فِيهِمَا (حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا (ثُمَّ) إذَا حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بِيعَ) الْعَبْدُ (لِلْجِنَايَةِ) لِثُبُوتِهَا بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (إنْ اسْتَغْرَقَتْ) أَيْ: الْجِنَايَةُ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَإِذَا بِيعَ الدَّيْنُ فِي الْأُولَى) سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِرُّ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَهِنَ فَقَدْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَمْ يَجْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ هُوَ الرَّاهِنَ فَقَدْ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ لَمْ يَجْنِ فَلَمْ يَزَلْ الْعَبْدُ مَرْهُونًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِحَقِّهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا حَقُّهُ فِيهِ، وَهُوَ الْعَبْدُ بِحَلِفِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ، وَفِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْمُقِرَّ، وَقَدْ حَلَفَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ لَمْ يَجْنِ، ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ ثَمَنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي ثَمَنِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ خَاصٌّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ تَأَمَّلْ شَيْخُنَا قَالَ سم: وَانْظُرْ كَيْفَ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِالْجِنَايَةِ؟ وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ مُرَاعَاةُ غَرَضِ الرَّاهِنِ فِي التَّوَصُّلِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا طَلَبَهُ أُجِيبَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. سم عَلَى حَجَرٍ فَلَوْ لَمْ يُبَعْ فِي الدَّيْنِ بَلْ فُكَّ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ هُوَ الرَّاهِنَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَوْلِهِ وَيَلْزَمُ إلَخْ وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ هُوَ الرَّاهِنُ لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، فَإِذَا أَقَرَّ بِوُجُودِ الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِإِقْبَاضِهِ فَلِهَذَا غَرِمَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ. ح ل بِزِيَادَةٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا، وَإِذَا بِيعَ لِلدَّيْنِ فِي الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِرُّ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ، وَكَذَا إذَا بِيعَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ بِصُورَتَيْهَا لَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِحَلِفِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى عَدَمِ الْجِنَايَةِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ لِذَلِكَ،
وَقَوْلُهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُقِرِّ أَيْ: فِيمَا إذَا ادَّعَى الْجِنَايَةَ أَمَّا الْمُنْكِرُ يَعْنِي فِي الْأُولَى، فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ لَهُ لِإِنْكَارِهِ الْجِنَايَةَ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الصُّوَرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ فَتَخَلَّصَ أَنَّهُ مَتَى بِيعَ لِدَيْنِ الرَّهْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُ فِي وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ) وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِحَلِفِ الرَّاهِنِ أَنْ لَا جِنَايَةَ،
وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِتَضْيِيعِهِ الْوَثِيقَةَ عَلَيْهِ فَفَوَّتَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَيَتَوَقَّفُ بَيْعُهَا عَلَى اسْتِئْذَانِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِبَقَاءِ الرَّهْنِيَّةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ وَشَيْخُنَا. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رَهْنًا وَإِنْ لَزِمَ مِنْ حَيْثُ وَفَاءُ الدَّيْنِ. ق ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قَبُولِهِ أَوْ لَا؟ يَظْهَرُ الْأَوَّلُ لِغَرَضِ الرَّاهِنِ وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُ الْمُرْتَهِنِ، وَيَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ تَسْلِيمُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ دُونَهُ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ. اهـ. اط ف.
(قَوْلُهُ وَإِذَا حَلَفَ أَيْ: الْمُنْكِرُ فِي الثَّانِيَةِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلَا حَقَّ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ فِيهَا الرَّاهِنَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَاغٍ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ انْفَكَّ الرَّهْنُ سم بِالْمَعْنَى أَيْ: لِأَجْلِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ السَّابِقِ عَلَى الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ادَّعَاهَا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْ: ادَّعَى وُجُودَهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ أَيْ: الْمُنْكِرُ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ
وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: بِصُورَتَيْهَا (قَوْلُهُ غَرِمَ الرَّاهِنُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لِلْحَيْلُولَةِ. اهـ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا فَكَّ الرَّهْنُ لَهُ الرُّجُوعَ فِيمَا غَرِمَهُ وَيُبَاعُ الرَّهْنُ لِلْجِنَايَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُرْمُ عَيْنًا إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَحَيْثُ زَالَ رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْغُرْمِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِصُورَتَيْهَا
وَقَوْلُهُ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَيْ: فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَقَوْلُهُ لَا الْمُقِرُّ، وَهُوَ الرَّاهِنُ فِي ثَلَاثَةٍ وَالْمُرْتَهِنُ فِي وَاحِدَةٌ،
وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِيعَ لِلْجِنَايَةِ أَيْ: فِي الْأَرْبَعَةِ
وَقَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا أَيْ: فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ صُورَتَيْ الثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَهِيَ مَا لَوْ ادَّعَى الْجِنَايَةَ قَبْلَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا يَمِينٌ رُدَّ حَلِفُهَا عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ غَيْرُ مُدَّعٍ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا) أَيْ: إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ شَوْبَرِيٌّ وَصَوَابُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَهَذَا فِي إحْدَى صُورَتَيْ الثَّانِيَةِ.
وَعِبَارَةُ سم أَيْ: إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقْدِ كَانَ الْبَاقِي رَهْنًا قَطْعًا. اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَالَ سم: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ

(2/399)


كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَوْلِي وَلَوْ نَكَلَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْأُولَى وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِيَةِ.

(وَلَوْ أَذِنَ) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ (فِي بَيْعِ مَرْهُونٍ فَبِيعَ ثُمَّ) بَعْدَ بَيْعِهِ. (قَالَ: رَجَعْت قَبْلَهُ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَعْدَهُ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ) ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّاهِنِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ فَيَتَعَارَضَانِ، وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ حُكْمَ التَّحْلِيفِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا وَثِيقَةٌ) كَرَهْنٍ (فَأَدَّى أَحَدَهُمَا وَنَوَى دَيْنَهَا) أَيْ: الْوَثِيقَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ أَدَّى عَنْ الدَّيْنِ الْآخَرِ سَوَاءً اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ ذَلِكَ أَمْ فِي لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّي أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالَيْنِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، فَإِنْ جَعَلَهُ عَنْهُمَا قُسِّطَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ لَا بِالْقِسْطِ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَلْفَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ.

(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ادَّعَى أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْشِ رَهْنًا يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ سم.
(قَوْلُهُ كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ: مِنْ الْمُقِرِّ وَهُوَ الرَّاهِنُ. (قَوْلُهُ أَوْ كَالْإِقْرَارِ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فِي الِابْتِدَاءِ) بِأَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَالدَّعْوَى بِأَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْجِنَايَةَ فِي الِابْتِدَاءِ إذْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ س ل.

(قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الرُّجُوعِ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ: رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ، وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ س ل (قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ) وَهُوَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّاهِنِ فِي الْوَقْتِ إلَخْ) وَهُوَ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّاهِنِ) وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ تَبَعًا. اهـ. ح ف فَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ سَلِمَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ لِأَنَّ رَهْنَهُ سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ ح ل

. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً. ح ف.
(قَوْلُهُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَخْ) وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَامَلَةٌ وَنُجُومُ كِتَابَةٍ فَأَدَّى، وَهُوَ سَاكِتٌ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ النُّجُومَ وَادَّعَى سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَصَدَ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي إرَادَةِ أَخْذِهِ عَنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَة؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ بِخِلَافِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِلسُّقُوطِ أَيْضًا لَكِنْ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الرَّقَبَةُ زي قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَرَضَ شَيْئًا وَنَذَرَ أَنَّ لِلْمُقْرِضِ كَذَا مَا دَامَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ، ثُمَّ دَفَعَ لَهُ قَدْرًا يَفِي بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَقَالَ: قَصَدْت بِهِ الْأَصْلَ فَسَقَطَ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ مِنْ الدِّينِ شَيْءٌ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَقْتَ الدَّفْعِ: إنَّهُ عَنْ النَّذْرِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْآخِذُ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ أَوْ لَفْظِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَدَّى لَدَائِنه شَيْئًا وَقَصَدَ أَنَّهُ عَنْ دَيْنِهِ وَقَعَ عَنْهُ، وَإِنْ ظَنَّهُ الدَّائِنُ وَدِيعَةً أَوْ هَدِيَّةً كَذَا قَالُوا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْن أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُ بِحَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ، وَأَنْ لَا بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لَكِنْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَالْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الدَّافِعِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَيْثُ أَخَذَهُ وَرَضِيَ بِهِ ز ي مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَبِالتَّعْيِينِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ مِنْ حِينِ الدَّفْعِ لَا مِنْ التَّعْيِينِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ. ح ل.

[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]
(فَصْلٌ: فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ إمْسَاكُهَا بِالْأَقَلِّ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ وَارِثٌ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ، وَقَوْلُهُ: بِالتَّرِكَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْجُعْلِيُّ لَا يَصِحُّ بِهِمَا (قَوْلُهُ مَنْ مَاتَ) وَلَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَيَكُونُ لَهُ تَعَلُّقَانِ تَعَلُّقٌ خَاصٌّ وَتَعَلُّقٌ عَامٌّ، وَفَائِدَةُ الثَّانِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يَفِ بِهِ يُزَاحِمْ بِمَا بَقِيَ لَهُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي النُّكَتِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ غَيْرُ لَفْظَةِ تَمَلُّكِهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا قَدْ لَا يَظْهَرُ فَيَلْزَمُ دَوَامُ الْحَجْرِ لَا إلَى غَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِتَعَلُّقِهِ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهَا مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِانْتِقَالِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مُضِيِّ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِشَرْطِهِ، فَيُدْفَعُ لِإِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاضٍ أَمِينٍ فَثِقَةٍ، وَلَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْرِفُهُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَصَارِفِهِ وَشَمِلَ الدَّيْنَ مَا بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ وَشَمِلَ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُ الْحَجُّ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِئْجَارُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ كَذَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثٍ سَقَطَ عَنْهُ بِقَدْرِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(2/400)


مُسْتَغْرِقٌ أَوْ غَيْرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ (تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ كَمَرْهُونٍ) وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ وَأَقْرَبُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَيَسْتَوِي فِي حُكْمِ التَّصَرُّفِ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا غَيْرِ إعْتَاقِهِ وَإِيلَادِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَالْمَرْهُونِ سَوَاءً أَعَلِمَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِالْحُقُوقِ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ أَدَّى بَعْضُ الْوَرَثَةِ مِنْ الدَّيْنِ بِقِسْطِ مَا وَرِثَ انْفَكَّ نَصِيبُهُ كَمَا فِي تَعَدُّدِ الرَّاهِنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ الْمُوَرِّثُ عَيْنًا ثُمَّ مَاتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مُسْتَغْرِقٌ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ الدَّيْنُ جِدًّا (قَوْلُهُ: بِتَرِكَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ مِنْهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنْ انْفَكَّ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِهِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقِيَّةِ التَّرِكَةِ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَمَرْهُونٍ) أَيْ جُعْلِيٍّ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هَذَا رَهْنٌ شَرْعِيٌّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ قِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّرِكَةَ لَوْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ خَلَصَتْ بِدَفْعِ الْوَارِثِ قِيمَتَهَا وَذَلِكَ يُخَالِفُ كَوْنَ التَّعَلُّقِ رَهْنًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ انْتَهَى، وَقَالَ س ل قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّيْنَ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ التَّرِكَةِ فَوَفَّى الْوَارِثُ قَدْرَهَا فَقَطْ لَانْفَكَّ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَصْلِ التَّعَلُّقِ وَبِهِ يُجَابُ عَمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَارِثَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْوَارِثُ بِمَنْزِلَةِ الرَّاهِنِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَقَلَتْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِهَا إرْثًا وَلَوْ قَبَضَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْضَ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثِ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ فَلَوْ أَحَالَ بِحِصَّتِهِ اخْتَصَّ الْمُحْتَالُ بِمَا قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الْحَوَالَةِ لَا عَنْ الْإِرْثِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَوِي فِي حُكْمِ التَّصَرُّفِ) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ فِي حُكْمِ التَّعَلُّقِ أَوْ يُؤَخِّرَ هَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي التَّصَرُّفِ أَمْ لَا وَهَذَا إذَا تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ لِغَرَضِ الْمَيِّتِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ فَيَصِحُّ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ وَلَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِهِمْ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إذَا أَذِنَ الْجَمِيعُ فَلَا يَكْفِي إذْنُ بَعْضِهِمْ إلَّا إذَا كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ غَائِبًا وَأَذِنَ عَنْهُ الْحَاكِمُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَيَكُونَ الثَّمَنُ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلدَّائِنِ رَهْنًا رِعَايَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ع ش عَلَى م ر.
وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ أَذِنَ الْغُرَمَاءُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمَيِّتِ بِبَقَاءِ رَهْنِ نَفْسِهِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ اهـ. وَأَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَسَّطَةً عَلَى الشُّهُورِ مَثَلًا أَوْ مُؤَجَّلَةً إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ أَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ وَقَبَضَهَا وَدَفَعَهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْحَالَّةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَتَبْرَأُ بِدَفْعِهَا لِلدَّائِنِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ لَا يُقَالُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَتَنْفَسِخَ الْإِجَارَةُ فَمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْأُمُورُ الْمُسْتَقِلَّةُ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ مَنْفَعَةً عَقَارًا وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا فَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الدَّائِنُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ: تَصَرُّفُهُ أَيْ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ اط ف وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ قَلِيلًا جِدًّا كَفَلْسٍ وَالتَّرِكَةُ كَثِيرَةً جِدًّا وَشَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبًا فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ وَأَفْرَزَ لَهُ قَدْرَ دَيْنِهِ فَفِي عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَرَجٌ وَضِيقٌ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مُحْتَاجِينَ أَوْ صِغَارًا وَذَلِكَ الضِّيقُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ مِثْلُهُ فِي الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ مُوَرِّثٌ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ قَلَّ فَلْيُحَرَّرْ الْجَوَابُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ الْإِعْسَارِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ ضَرَرُ رَبِّ الدَّيْنِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ مُعْسِرًا لَزِمَ عَلَيْهِ عَدَمُ دَفْعِ قِيمَةِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَأَحْبَلَهُ اللَّازِمَةُ لَهُ بِإِعْتَاقِهِ وَإِحْبَالِهِ لِأَجْلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَالْمَرْهُونِ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَيَسْتَوِي وَقَوْلُهُ: فَلَا يَنْفُذُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: غَيْرُ إعْتَاقِهِ وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَعَلِمَ الْوَارِثُ إلَخْ رَاجِعٌ أَيْضًا لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ) أَيْ التَّصَرُّفُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْحُقُوقِ أَيْ الدُّيُونِ وَمَعْنَى تَعَلُّقِ التَّصَرُّفِ بِالدُّيُونِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حَتَّى تُوَفَّى الدُّيُونُ وَقَوْلُهُ: بِذَلِكَ أَيْ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ اهـ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْجُعْلِيَّ يَنْفَكُّ فِيهِ بَعْضُ الْمَرْهُونِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ إذَا تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ فَالشَّرْعِيُّ وَالْجَعْلِيُّ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ الْمُوَرِّثُ إلَخْ أَيْ رَهْنًا جُعْلِيًّا وَقَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا أَيْ عَنْ الْجُعْلِيَّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُوَرِّثُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَوْ أَدَّى بَعْضُ الْوَرَثَةِ) أَيْ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ

(2/401)


فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ الْوَضْعِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ (وَلَا يَمْنَعُ) تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِهَا (إرْثًا) إذْ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ الْمُفِيدِ لِلْمِلْكِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ، وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِرْثِ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ (فَلَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ الدَّيْنُ (بِزَوَائِدِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا وَأَدَّى الْبَعْضَ لَا يَنْفَكُّ وَتَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ وَكَتَبَ أَيْضًا اُنْظُرْ لَوْ أَدَّى لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ بَعْضَ مَالِ كُلٍّ شَوْبَرِيٌّ الظَّاهِرُ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يُوَفِّيَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ) أَيْ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ اثْنَيْنِ فَوَفَّى الرَّاهِنُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَ الدَّيْنِ لَمْ يَنْفَكَّ نَصِيبُهُ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ حَيْثُ بَحَثَ أَنَّهُ يَنْفَكُّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ) أَيْ مَعَ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدِ لِلْمُلْكِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا مِلْكُهُ إجْبَارُهُ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَفِ بِالدَّيْنِ لِيُوَفِّيَ مَا ثَبَتَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ؛ وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْ رَهْنٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ وَكَلَامُهُمْ فِي وَارِثِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. أَقُولُ وَقَضِيَّةُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مُطَالَبَةَ هَذَا الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرُ) أَيْ تَعَلُّقٌ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: بِالْمَوْرُوثِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: تَعَلُّقِ) أَيْ كَتَعَلُّقِ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ أَيْ تَعَلُّقُ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي أَيْ فَكَذَلِكَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْ لَيْسَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ وَمِنْ تَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي بَلْ مُسَاوٍ أَوْ أَقَلَّ وَالتَّعَلُّقُ بِهَذَيْنِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ بِدَلِيلِ نُفُوذِ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَخْصَرُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ: إذْ لَيْسَ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْأَرْشِ بِالْجَانِي تَأَمَّلْ. .
وَعِبَارَةُ الرَّمْلِيِّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَحَذْفٌ وَزِيَادَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ خَبَرُهُ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَمْنَعُ إرْثًا. وَحَاصِلُ الْإِيرَادِ أَنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهَا بِقَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَهَذَا يُنَافِي الْمُدَّعَى هُنَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْآيَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِسْمَةُ وَالْإِخْرَاجُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ أَيْ: إنَّهُ عَقْدُ الْقِسْمَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ يَجِبُ تَقْدِيمُ إخْرَاجِ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِ الْوَارِثِ حِصَّتَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ اسْتَحَقَّ التَّرِكَةَ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَقَوْلُهُ: لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ وَأَصْلُ الْكَلَامِ وَتَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى التَّرِكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَيْ مِلْكَ الْوَارِثِ لَهَا لِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ أَيْ: لِكَوْنِ التَّقْدِيمِ مِنْ حَيْثُ الْإِخْرَاجُ وَالْقِسْمَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ تَأَمَّلْ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لِإِخْرَاجِ مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيمٍ وَلَيْسَ عِلَّةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ فَتُقَوَّمُ مَهْزُولَةً ثُمَّ سَمِينَةً فَمَا زَادَ عَنْ قِيمَتِهَا مَهْزُولَةً اخْتَصَّ بِهِ الْوَرَثَةُ لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ الْمُنْفَصِلَةِ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ لَكِنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَبِّ إذَا انْعَقَدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَدِينِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا تَكُونُ رَهْنًا فَتُقَوَّمُ التَّرِكَةُ بِالزِّيَادَةِ وَبِدُونِهَا كَمَا سَبَقَ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَوْ بَذَرَ أَرْضًا وَمَاتَ وَالْبَذْرُ مُسْتَتِرًا بِالْأَرْضِ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ ثَبَتَ وَبَرَزَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ م ر يَكُونُ جَمِيعُ مَا بَرَزَ بِتَمَامِهِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ هِيَ الْبَذْرُ وَهُوَ بِاسْتِتَارِهِ فِي الْأَرْضِ كَالتَّالِفِ وَمَا بَرَزَ مِنْهُ لَيْسَ عَيْنُهُ بَلْ غَيْرُهُ لَكِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ وَنَاشِئٌ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ م ر وَأَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ بَحْثٌ مِنْهُ لَا نَقْلٌ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْبَذْرَ حَالَ اسْتِتَارِهِ كَالْحَمْلِ وَهُوَ لِلْمُوَرِّثِ مُطْلَقًا انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ ق ل قَرِيبًا.
وَعِبَارَةُ الرَّمْلِيِّ: فَرْعٌ لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ زَرْعًا لَمْ تَبْرُزْ سَنَابِلُهُ ثُمَّ سَنْبَلَ فَهَلْ تَكُونُ السَّنَابِلُ لِلْوَارِثِ أَمْ تَرِكَةً؟ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَيْ فَيَأْخُذُ الْوَارِثُ السَّنَابِلَ وَمَا زَادَ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْمَوْتِ فَلَوْ بَرَزَتْ السَّنَابِلُ ثُمَّ مَاتَ وَصَارَتْ حَبًّا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ وَالْأَوْجَهُ

(2/402)


كَكَسْبٍ وَنِتَاجٍ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ (وَلِلْوَارِثِ إمْسَاكُهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَالدَّيْنِ) حَتَّى لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ وَقَالَ الْوَارِثُ آخُذُهَا بِقِيمَتِهَا وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أُجِيبَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِ الْأَصْلِ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ

(وَلَوْ تَصَرَّفَ وَلَا دَيْنَ فَطَرَأَ دَيْنٌ) بِنَحْوِ رَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ تَلِفَ ثَمَنُهُ وَ (لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ الدَّيْنُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَسَخَ) التَّصَرُّفَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَسَادُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ ظَاهِرًا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ خَفِيٌّ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.