التجريد
لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج (كِتَابُ الْعِدَدِ) جَمْعٌ، وَالْعِدَّةُ
مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا، وَهِيَ
مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا
أَوْ لِلتَّعَبُّدِ، أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي
وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ الْآتِيَةُ وَشُرِعَتْ
صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ (تَجِبُ
عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَهُمَا حَمْلَانِ) أَيْ فَالثَّانِي مِنْ مَاءِ رَجُلٍ آخَرَ
بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ إلَخْ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ سم اهـ ح
ل. (قَوْلُهُ: جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ جَرْيًا
عَلَى الْغَالِبِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَا يُقَارَنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ) أَيْ: بَلْ يَتَأَخَّرُ عَنْ
لَحْظَةِ الْوَطْءِ وَهَذَا الْغَالِبُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ
بِسَبَبِ الْجِمَاعِ فَيَتَأَخَّرُ نُزُولُ الْمَنِيِّ عَنْ إدْخَالِ
الذَّكَرِ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةٍ فَقَطْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ
نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّ أَقَلَّهَا سِتَّةٌ
وَلَحْظَتَانِ، وَغَيْرُ الْغَالِبِ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ
بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَيَكُونُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَابَ إلَخْ) أَيْ: فَلَهُ النَّفْيُ
قَالَ ح ل أَيْ: وَهُوَ مَعْذُورٌ بِالتَّأْخِيرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ
النَّفْيَ عَلَى الْفَوْرِ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا)
وَلَا يُقَالُ قَدْ زَالَتْ فَوْرِيَّةُ النَّفْيِ بِهَذَا. لِأَنَّا
نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا قَالَهُ فِي تَوَجُّهِهِ
لِلْقَاضِي أَوْ فِي حَالَةٍ يُعْذَرُ فِيهَا بِالتَّأْخِيرِ لِنَحْوِ
لَيْلٍ س ل.
. (قَوْلُهُ: لِبَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ: لِمَا بَعْدَهُ فَحَذَفَ مَا
بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَحَرْفُ
الْجَرِّ جَارٌّ لِمَا مَحْذُوفَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ
شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ النِّكَاحِ
أَيْ: زَمَنٍ بَعْدَ النِّكَاحِ اهـ (قَوْلُهُ: لِنَفْيِ وَلَدٍ) أَيْ:
أَوْ حَمْلٍ (قَوْلُهُ: إلَى بَعْدِ النِّكَاحِ) أَيْ: بَعْدَ حُصُولِهِ
وَقَبْلَ الْبَيْنُونَةِ ح ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: إلَى بَعْدَ
النِّكَاحِ لَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ مَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ
وَأَيْضًا فِيهِ أَيْ: فِي تَقْدِيرِ مَا السَّلَامَةُ مِنْ جَرِّ بَعْدَ
بِإِلَى وَهِيَ إنَّمَا تُجَرُّ كَقَبْلُ بِمِنْ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى مَا
قَبْلَ نِكَاحِهِ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ صَدَرَ مِنْهُ الْقَذْفُ حَالَ
الزَّوْجِيَّةِ وَأَضَافَهُ إلَى قَبْلِ النِّكَاحِ بُرُلُّسِيٌّ سم
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْقَذْفُ الْمُطْلَقُ) هَذَا بَعِيدٌ مِنْ سِيَاقِهِ
لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْقَذْفِ الَّذِي قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ
الْبَيْنُونَةِ فَلَعَلَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْقَذْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ
ثُمَّ قُيِّدَ بِالْمُطْلَقِ أَوْ الَّذِي بَعْدَ النِّكَاحِ. .
[كِتَابُ الْعِدَدِ]
. (كِتَابُ الْعِدَدِ) أُخِّرَتْ إلَى هُنَا؛ لِتَرَتُّبِهَا غَالِبًا
عَلَى الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَأُلْحِقَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ
بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا كَانَا طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ
وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي
الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ طُولِبَ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ وَإِذَا
ظَاهَرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَوْرًا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَلَا كَفَّارَةَ
وَكُرِّرَتْ الْأَقْرَاءُ الْمُلْحَقُ بِهَا الْأَشْهُرُ مَعَ حُصُولِ
الْبَرَاءَةِ بِوَاحِدٍ اسْتِظْهَارًا أَيْ: طَلَبًا لِظُهُورِ مَا
شُرِعَتْ لِأَجَلِهِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَاكْتُفِيَ بِهَا مَعَ
أَنَّهَا لَا تُفِيدُ تَيَقُّنَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ
تَحِيضُ لِكَوْنِهِ نَادِرًا م ر وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:
لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْعِدَدِ مِنْ الْأَشْهُرِ أَوْ
الْأَقْرَاءِ ح ل لَا يُقَالُ: الْعِدَّةُ نَفْسُ الْعَدَدِ كَثَلَاثَةِ
أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اشْتِمَالُ الشَّيْءِ عَلَى
نَفْسِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي
تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْعَدَدِ
فَالْمُدَّةُ مَعْدُودٌ لَا عَدَدٌ. (قَوْلُهُ تَتَرَبَّصُ) أَيْ:
تَنْتَظِرُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمَهَا)
الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ إذْ مَا عَدَا وَضْعِ
الْحَمْلِ يَدُلُّ عَلَيْهَا ظَنًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) أَوْ
حَقِيقِيَّةٌ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَهَا وَمَانِعَةُ خُلُوٍّ بِالنَّظَرِ
لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَفَجُّعِهَا) أَيْ: تَحَزُّنِهَا
وَتَوَجُّعِهَا وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ؛ لِأَنَّهُ
قَدْ يَجْتَمِعُ التَّفَجُّعُ وَالتَّعَبُّدُ كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ
وَالْآيِسَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُمَا وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّفَجُّعُ
أَيْضًا مَعَ مَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ كَالْحَائِلِ الْمُتَوَفَّى
عَنْهَا. (قَوْلُهُ: وَتَحْصِينًا إلَخْ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الصَّغِيرَةِ
وَغَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ ح ل. وَأُجِيبَ
بِأَنَّهَا حِكْمَةٌ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا
شُرِعَتْ فِي الْأَصْلِ لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ عَطْفُ مَلْزُومٍ عَلَى
لَازِمٍ وَالِاخْتِلَاطُ الِاشْتِبَاهُ. (قَوْلُهُ بِوَطْءِ شُبْهَةِ)
قَدَّمَهُ.
(4/76)
حَيٍّ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ
انْفِسَاخٍ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (دَخَلَ مَنِيُّهُ
الْمُحْتَرَمُ أَوْ وَطِئَ) فِي فَرْجٍ (وَلَوْ فِي دُبُرٍ) بِخِلَافِ مَا
إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولُ مَنِيٍّ وَلَا وَطْءٌ وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ
قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ
فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] ،
وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِدُخُولِ مَنِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ بَلْ
أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ،
وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الْمُحْتَرَمَ غَيْرُهُ بِأَنْ يُنْزِلَ الزَّوْجُ
مَنِيَّهُ بِزِنًا فَتُدْخِلَهُ الزَّوْجَةُ فَرْجَهَا (أَوْ تَيَقُّنِ
بَرَاءَةِ رَحِمٍ) كَمَا فِي صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ فَإِنَّ الْعِدَّةَ
تَجِبُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي بِهِ
الْعُلُوقُ خَفِيٌّ يَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ
وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ إدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا
اكْتَفِي فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ
(فَعِدَّةُ حُرَّةٍ تَحِيضُ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) وَلَوْ جَلَبَتْ
الْحَيْضَ فِيهَا بِدَوَاءٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ أَكْثَرُ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَتُعْتَبَرُ
الشُّبْهَةُ مِنْ الْوَاطِئِ بِأَنْ لَا يُوجِبَ هَذَا الْوَطْءُ الْحَدَّ
وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُرَاهِقُ
بِبَالِغَةٍ أَوْ الْمَجْنُونُ بِعَاقِلَةٍ وَلَوْ زِنَا مِنْهَا
فَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ لِاحْتِرَامِ الْمَاءِ إلَّا الْمُكْرَهَ لِأَنَّ
الْإِكْرَاهَ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ هُوَ زِنًا فَلَا يُوجِبُ
الْعِدَّةَ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ
الْمَحَلُّ الَّذِي يَطَأُ فِيهِ مِمَّا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ
فِيهِ الظَّاهِرُ نَعَمْ حَرِّرْ ح ل وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَيٍّ)
مِثْلُ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ مَسْخُهُ حَيَوَانًا وَمِثْلُ فُرْقَةِ
الْمَوْتِ مَسْخُهُ جَمَادًا. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) كَرِدَّةٍ.
(قَوْلُهُ: دَخَلَ مَنِيُّهُ) وَلَوْ خَصِيًّا دُونَ الْمَمْسُوحِ؛
لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ ح ل. (قَوْلُهُ: الْمُحْتَرَمُ) أَيْ:
حَالَ خُرُوجِهِ فَقَطْ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ كَانَ غَيْرَ
مُحْتَرَمٍ حَالَ الدُّخُولِ كَمَا إذَا احْتَلَمَ الزَّوْجُ وَأَخَذَتْ
الزَّوْجَةُ مَنِيَّهُ وَأَدْخَلَتْهُ فِي فَرْجِهَا ظَانَّةً أَنَّهُ
مَنِيُّ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ هَذَا مُحْتَرَمٌ حَالَ الْخُرُوجِ وَغَيْرُ
مُحْتَرَمٍ حَالَ الدُّخُولِ وَتَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ إذَا طَلُقَتْ
الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لحج؛ لِأَنَّهُ
اعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فِي الْحَالَيْنِ شَيْخُنَا
وَعِبَارَةُ م ر دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ وَقْتَ الْإِنْزَالِ وَلَا
أَثَرَ لِوَقْتِ اسْتِدْخَالِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَإِنْ
نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارَ حَالَةِ الْإِنْزَالِ
وَالِاسْتِدْخَالِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ
فَأَمْنَى ثُمَّ اسْتَدْخَلَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ عَالِمَةً بِالْحَالِ أَوْ
أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتُهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ
وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ
فَحَمَلَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ
كَوْنَهُ مِنْهُ وَالشَّرْعُ مَنَعَ نَسَبَهُ مِنْهُ اهـ بِالْحَرْفِ
وَقَوْلُ م ر فَأَمْنَى أَيْ: بِغَيْرِ اسْتِمْنَاءٍ بِيَدِهِ.
وَقَوْلُهُ: فَأَتَتْ أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْبِنْتِ
وَهُمَا خَارِجَانِ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ ضَمِيرَ مِنْهُ
رَاجِعٌ لِلزَّوْجِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ شَامِلٌ لِدُخُولِ
مَنِيِّهِ فِي غَيْرِ زَوْجَتِهِ أَوْ يُقَاسَ عَلَى مَنِيِّ الزَّوْجِ
الْمُحْتَرَمِ مَنِيُّ غَيْرِهِ الْمُحْتَرَمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي
دُبُرٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ وَلِقَوْلِهِ
أَوْ وَطِئَ فِي فَرْجِ إلَخْ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا وَطْءَ) وَلَوْ وَطِئَ
زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِلَا
إشْكَالٍ بَلْ لَوْ اسْتَدْخَلَتْ هَذَا الْمَاءَ زَوْجَةٌ أُخْرَى
وَجَبَتْ الْعِدَّةُ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم. وَصُورَةُ ذَلِكَ
أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَطَأَهَا يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً
وَأَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا زِنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ
وَطْؤُهَا سِوَى ذَلِكَ فَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِطَلَاقِهِ وَلَا
نَظَرَ لِكَوْنِ الْوَطْءِ بِقَصْدِ الزِّنَا فَيُقَالُ لَا عِدَّةَ
عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً قَبْلَ الدُّخُولِ وَوَطْءُ الزِّنَا
لَا يُوجِبُ عِدَّةً اعْتِبَارًا بِكَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ فِي نَفْسِ
الْأَمْرِ زَوْجَةً وَمَا تَخَيَّلَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ مِنْ
أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ بِذَلِكَ الظَّنِّ وَجَبَ عَلَيْهَا
أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَحَرُمَ عَلَى
زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ مِمَّا لَا
مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ نُظِرَ إلَى كَوْنِ الْوَطْءِ بِاسْمِ
الزِّنَا فَالزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ وَإِنْ نُظِرَ إلَى كَوْنِهَا
زَوْجَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ مُوجِبًا لِلْعِدَّةِ
فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: قَالَ
تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] إلَخْ اسْتَدَلَّ
بِمَنْطُوقِ الْآيَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ وَبِمَفْهُومِهَا عَلَى
الْمَنْطُوقِ مَعَ قِيَاسِ الِاسْتِدْخَالِ عَلَى الْوَطْءِ فِيهِمَا
وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَتْ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مُقْتَضَى
الْآيَةِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَطْءِ وَإِنْ وُجِدَ
الِاسْتِدْخَالُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي صَغِيرٍ وُطِئَ أَوْ صَغِيرَةٍ
وُطِئَتْ) أَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَاءَ وَتَهَيَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا
لِلْوَطْءِ فَابْنُ سَنَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِوَطْئِهِ وَكَذَا صَغِيرَةٌ لَا
تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ ح ل وَز ي (قَوْلُهُ: وَاكْتُفِيَ بِسَبَبِهِ) أَيْ
الْإِنْزَالِ وَكَوْنُ الْوَطْءِ سَبَبًا لِلْإِنْزَالِ صَحِيحٌ وَأَمَّا
كَوْنُ إدْخَالِ الْمَنِيِّ سَبَبًا لِلْإِنْزَالِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛
لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْعُلُوقِ لَا لِلْإِنْزَالِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ
قَوْلَهُ أَوْ إدْخَالٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى سَبَبِهِ شَيْخُنَا
وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ رَاجِعٌ
لِلْإِنْزَالِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعُلُوقِ وَيَكُونُ
الضَّمِيرُ فِي سَبَبِهِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلًّا مِنْ
الْوَطْءِ وَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ سَبَبٌ لِلْعُلُوقِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ
رَفْعُ الْمَعْطُوفِ بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ مَعْنًى لَكِنَّ فِيهِ أَنَّ
الْمُحَدَّثَ عَنْهُ الْإِنْزَالُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ خَفَائِهِ خَفَاءُ
الْعُلُوقِ.
(قَوْلُهُ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) وَلَوْ بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَهَا احْتِيَاطًا
كَزَوْجَتِهِ الْقِنَّةِ إذَا ظَنَّهَا حُرَّةً ح ل فَقَوْلُهُ: فَعِدَّةُ
حُرَّةٍ أَيْ: فِي الْوَاقِعِ كَمَا إذَا ظَنَّ الْحُرَّةَ أَمَةً أَوْ فِي
ظَنِّهِ كَمَا إذَا ظَنَّ الْأَمَةَ حُرَّةً كَمَا فِي ق ل عَلَى
الْجَلَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَاعْتَبَرَ حَجّ ظَنَّ الْوَاطِئِ
لَا الْوَاقِعِ حَيْثُ قَالَ فَإِذَا ظَنَّ
(4/77)
قَالَ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وَلَوْ
مُسْتَحَاضَةً) غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِأَقْرَائِهَا
الْمَرْدُودَةِ هِيَ إلَيْهَا مِنْ عَادَةٍ وَتَمْيِيزٍ وَأَقَلِّ حَيْضٍ
كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
(وَالْقُرْءُ) الْمُرَادُ هُنَا (طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ) أَيْ دَمَيْ
حَيْضَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ نِفَاسَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْله
تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ: فِي
زَمَانِهَا وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ
حَرَامٌ كَمَا مَرَّ، وَزَمَنَ الْعِدَّةِ يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ
وَالْقُرْءُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ
وَالْحَيْضِ وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ
النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا»
وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِي الطُّهْرِ مَجَازٌ فِي الْحَيْضِ، وَقِيلَ:
عَكْسُهُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ (فَإِنْ
طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ
(انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِطَعْنٍ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِحُصُولِ
الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِذَلِكَ بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ
الطُّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ قُرْءًا وَطِئَ فِيهِ أَمْ لَا وَلَا
بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةً قُرُوءٍ
كَمَا فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:
197] بِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ (أَوْ)
طَلُقَتْ (حَائِضًا) وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ شَيْءٌ
(فَفِي رَابِعَةٍ) أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ
رَابِعَةٍ لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ،
وَزَمَنُ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ
يَتَبَيَّنُ بِهِ انْقِضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَخَرَجَ
بِالطُّهْرِ بَيْنَ دَمَيْنِ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ تَنْفَسْ
فَلَا يُحْسَبُ قُرْءًا (وَ) عِدَّةُ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ) وَلَوْ
مُتَقَطِّعَةَ الدَّمِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (طَلُقَتْ أَوَّلَ
شَهْرٍ) كَأَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ (ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ
(حَالًّا) لَا بَعْدَ الْيَأْسِ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ
وَحَيْضٍ غَالِبًا مَعَ عِظَمِ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ،
أَمَّا لَوْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ
خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حُسِبَ قُرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا
مَحَالَةَ فَتَكْمُلُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ وَإِنْ بَقِيَ
مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ لَمْ يُحْسَبُ قُرْءًا؛
لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَيْضَ فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ
هِلَالِيَّةٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْحُرَّةَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ
وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ م ر مِنْ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ
أَقْرَاءَ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي
التَّخْفِيفِ ز ي. قَوْلُهُ: {يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] أَيْ:
لِيَنْتَظِرْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ عَنْ النِّكَاحِ اهـ جَلَالَيْنِ،
وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ يَتَرَبَّصْنَ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا
إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى، وَالْبَاءُ فِي بِأَنْفُسِهِنَّ زَائِدَةٌ
لِلتَّوْكِيدِ لِأَنَّهُ تَوْكِيدٌ لِلنُّونِ كَمَا فِي جَاءَ زَيْدٌ
بِنَفْسِهِ وَالْأَصْلُ يَتَرَبَّصْنَ أَنْفُسَهُنَّ أَيْ: لَا أَنَّ
غَيْرَهُنَّ يَتَرَبَّصْنَ بِهِنَّ فَهُوَ تَهْيِيجٌ وَبَعْثٌ لَهُنَّ
عَلَى التَّرَبُّصِ فَإِنَّ نُفُوسَ النِّسَاءِ تَمِيلُ إلَى الرِّجَالِ
فَأُمِرْنَ أَنْ يَقْمَعْنَهَا وَيَحْمِلْنَهَا عَلَى التَّرَبُّصِ كَمَا
فِي الْبَيْضَاوِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ عَادَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ
أَيْ: الَّتِي عَرَفَتْهَا مِنْ عَادَةٍ إلَخْ وَلَيْسَتْ بَيَانًا
لِلْأَقْرَاءِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَادَةِ وَمَا بَعْدَهَا الْحَيْضُ
وَالْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ الْأَطْهَارُ فَكَيْفَ يَكُونُ الْحَيْضُ
بَيَانًا لِلطُّهْرِ؟ شَيْخُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ
مُتَعَلِّقَةٌ بِمَرْدُودَةٍ.
. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ هُنَا) بِخِلَافِهِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّ
الْمُرَادَ بِهِ الْحَيْضُ وَبِخِلَافِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي
شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ نِفَاسَيْنِ) بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ
زِنًا أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ وَضَعَتْ
ثُمَّ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا أَيْضًا ثُمَّ وَضَعَتْ فَإِنَّ الطُّهْرَ
بَيْنَهُمَا يُعَدُّ قُرْءًا فَتَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِقُرْأَيْنِ
فَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الثَّانِي مِنْ زِنًا فَقَطْ ح ل، وَقَوْلُهُ:
بِقُرْأَيْنِ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ
فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تَأْتِي بِقُرْءٍ فَقَطْ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ
كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ الطُّهْرَ الَّذِي طَلَّقَهَا
فِيهِ حَيْضٌ فَلَا يُعَدُّ حِينَئِذٍ قُرْءًا. (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ
قَوْله تَعَالَى) دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْأَقْرَاءِ
الْأَطْهَارَ وَقَوْلُهُ: زَمَنَ الطُّهْرِ عَيَّنَ الدَّعْوَى فَلِذَلِكَ
عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إلَخْ وَهُنَاكَ مُقَدِّمَةٌ
مَحْذُوفَةٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَمَامُ الدَّلِيلِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ
الْقُرْءُ هُوَ الْحَيْضُ لَكِنَّا مَأْمُورِينَ بِالْحَرَامِ، وَأَمَّا
قَوْلُهُ: وَزَمَنُ الْعِدَّةِ إلَخْ فَلَمْ يُعْرَفْ مَوْقِعُهُ مِنْ
الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: لِعِدَّتِهِنَّ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي بِدَلِيلِ
كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ} [البقرة: 197] أَيْ:
زَمَنُ الْحَجِّ لِأَنَّ الْحَجَّ لَيْسَ نَفْسَ الْأَشْهُرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ طَلُقَتْ حَائِضًا) وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ
الطَّلَاقِ فِي النِّفَاسِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ
الْحَيْضِ عَدَمُ حُسْبَانِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ:
الطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ)
فَلَا تَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَيَصِحُّ فِيهِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا
شَرْحُ م ر وَمُقْتَضَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ جَوَازُ الْعَقْدِ
فِيهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ
ابْتِدَاءً أَنَّ هَذَا الدَّمَ لَيْسَ دَمَ حَيْضٍ فَيَكُونُ الطُّهْرُ
بَاقِيًا شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَنْفَسْ) يُقَالُ فِي
فِعْلِهِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ
الْفَاءِ فِيهِمَا، وَالضَّمُّ أَفْصَحُ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا فِي الْمَاضِي
وَأَمَّا الْمُضَارِعُ فَهُوَ عَلَى زِنَةِ مُضَارِعِ عَلِمَ لَا غَيْرُ
مِنْ بَابِ تَعِبَ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ) كَذَا
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ م ر بِخَطِّهِ مُرَادُهُ
بِالْأَكْثَرِ يَوْمٌ فَأَكْثَرُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ
مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرُ وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ فَإِنَّهُ
لَوْ اكْتَفَى بِمَا دُونَ السِّتَّةَ عَشَرَ لَجَازَ أَنْ يَقَعَ
الطَّلَاقُ مُطَابِقًا لِأَوَّلِ الْحَيْضِ وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ
وَالْبَاقِي بَعْدَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا
يَسَعُ الطُّهْرَ لِأَنَّ أَقَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا
كَذَلِكَ السِّتَّةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ مِنْهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ
حَيْضًا وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا س ل. (قَوْلُهُ عَلَى طُهْرٍ) أَيْ:
وَحَيْضٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل:
81] أَيْ وَالْبَرْدَ. (قَوْلُهُ: فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ
أَشْهُرٍ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ تُكْمِلْ عَلَى هَذَا وَتَكُونُ أَشْهُرُهَا
هِلَالِيَّةً أَوْ عَدَدِيَّةً فِي غَيْرِ الْمُكْمَلِ؟ وَالْجَوَابُ مَا
أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَيْ:
(4/78)
(وَ) عِدَّةُ (غَيْرِ حُرَّةٍ) تَحِيضُ
وَلَوْ مُبَعَّضَةً أَوْ مُسْتَحَاضَةً غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ (قُرْءَانِ)
لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ
الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقَرْءَ الثَّانِي لِتَعَذُّرِ
تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ
كُلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَعُودَ الدَّمُ (فَإِنْ
عَتَقَتْ فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ فَكَحُرَّةٍ) فَتُكَمِّلُ ثَلَاثَةَ
أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِي أَكْثَرِ
الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا
عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ بَيْنُونَةٍ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ
فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
(وَ) عِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ بِشَرْطِهَا) السَّابِقِ
وَهُوَ أَنْ تَطْلُقَ أَوَّلَ شَهْرٍ (شَهْرَانِ) فَإِنْ طَلُقَتْ فِي
أَثْنَائِهِ وَالْبَاقِي أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ حُسِبَ قُرْءًا
فَتُكَمِّلُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ هِلَالِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ قُرْءًا
فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
خِلَافًا لِلْبَارِزِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ وَهَذِهِ مِنْ
زِيَادَتِي.
(وَ) عِدَّةُ (حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ) مِنْ الْحَيْضِ
(ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ بِأَنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى
أَوَّلِ الشَّهْرِ قَالَ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ
مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ
وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ
(فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَمَّلَتْهُ مِنْ الرَّابِعِ
ثَلَاثِينَ) يَوْمًا سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا.
(وَ) عِدَّةُ (غَيْرِ حُرَّةٍ) لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ (شَهْرٌ
وَنِصْفٌ) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ وَتَعْبِيرِي
بِغَيْرِ حُرَّةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَمَةٍ.
(وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا) مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَوْ بِلَا
عِلَّةٍ) تُعْرَفُ (تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) فَتَعْتَدَّ بِأَقْرَاءٍ
(أَوْ تَيْأَسَ) فَبِأَشْهُرٍ وَإِنْ طَالَ صَبْرُهَا لِأَنَّ الْأَشْهُرَ
إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَلِلْآيِسَةِ وَهَذِهِ
غَيْرُهُمَا.
(فَلَوْ حَاضَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ) مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ)
حَاضَتْ (آيِسَةٌ) كَذَلِكَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْهُرِ (فَبِأَقْرَاءٍ)
تَعْتَدُّ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا
قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بَدَلِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَالْمُتَيَمِّمِ
إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ حَاضَتْ
بَعْدَهَا الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا
يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ
مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، أَوْ الثَّانِيَةَ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ
ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِي (كَآيِسَةٍ حَاضَتْ بَعْدَهَا وَلَمْ تَنْكِحْ)
زَوْجًا آخَرَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا
لَيْسَتْ آيِسَةً فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا
لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ظَاهِرًا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا
وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى
الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ
الْحُرَّةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ مِنْ زِيَادَتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ حَيْضٌ.
. (قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ) وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا
حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى
لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ
بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ أَوْ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ
بِقُرْءٍ وَاحِدٍ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ اعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ
لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّهُ فَنِيطَتْ بِظَنِّهِ هَذَا مَا قَالَاهُ وَهُوَ
ظَاهِرٌ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ اهـ حَجّ وَهُوَ
أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ احْتِيَاطًا كَمَا جَزَمَ بِهِ م
ر. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَنَّهُ الْحُرِّيَّةَ يُؤَثِّرُ، وَظَنَّهُ
الرِّقَّ لَا يُؤَثِّرُ م ر. (قَوْلُهُ: قُرْءَانِ) وَلَيْسَ هَذَا مِنْ
الْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي يَتَسَاوَيَانِ فِيهَا لِأَنَّ مَا
زَادَ هُنَا عَلَى الْقُرْءِ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِظْهَارِ
وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْحُرَّةِ أَكْثَرُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةٍ إلَخْ) وَأَمَّا بِالْعَكْسِ
بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِاسْتِلْحَاقِهَا
بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْتَرَقَّ فَتُكْمِلَ عِدَّةَ حُرَّةٍ عَلَى
أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ شَوْبَرِيٌّ
قَوْلُهُ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] أَيْ: لَمْ تَعْرِفُوا مَا
تَعْتَدُّ بِهِ الَّتِي يَئِسَتْ خَطِيبٌ وَانْظُرْ وَجْهَ هَذَا
التَّقْيِيدِ وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4]
أَيْ: شَكَكْتُمْ فِي عِدَّتِهِنَّ أَيْ: جَهِلْتُمْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا
نَزَلَ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ
قُرُوءٍ} [البقرة: 228] قِيلَ وَمَا عِدَّةُ اللَّائِي يَئِسْنَ فَنَزَلَتْ
اهـ فَيَكُونُ الْقَيْدُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَخَاطَبَ الْأَزْوَاجَ
لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّهُمْ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِصِيَانَةِ مَائِهِمْ ع
ش.
. (قَوْلُهُ: شَهْرٌ وَنِصْفٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ
الْمُتَحَيِّرَةِ حَيْثُ تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ كَمَا مَرَّ أَنَّ
الْأَشْهُرَ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأَقْرَاءِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ وَكُلُّ شَهْرٍ قَائِمٌ
مَقَامَ قُرْءٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا عِلَّةٍ) لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ وَعِبَارَةُ
الْمَحَلِّيِّ وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ الْمَرْأَةُ الَّتِي انْقَطَعَ
دَمُهَا لَا لِعِلَّةٍ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مُدَّةَ الْحَمْلِ غَالِبًا وَفِي
قَوْلٍ مِنْ الْقَدِيمِ: أَرْبَعُ سِنِينَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ اهـ
وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهَرِ أَقَلُّ مُدَّةِ
الْحَمْلِ لِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ فِيهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ تَعْتَدُّ
بِالْأَشْهُرِ وَقَوْلُهُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ رَاجِحٌ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا
فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: فِي الْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ
وَأَحْمَدُ انْتَهَى ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: وَبِهِ قَالَ
مَالِكٌ أَيْ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ
تَصْبِرُ حَتَّى تَمْضِيَ عَلَيْهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ أَيْ: لَا دَمَ
فِيهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ التِّسْعَةَ أَشْهُرٍ مَعَ الثَّلَاثَةِ سَنَةٌ.
(قَوْلُهُ: تُعْرَفُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ لَا بُدَّ لَهُ
مِنْ عِلَّةٍ فِي الْوَاقِعِ فَمَصَبُّ النَّفْيِ قَوْلُهُ: تُعْرَفُ
تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: تَصْبِرَ حَتَّى تَحِيضَ) ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا
الصَّبْرَ فَذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ
إلَى امْتِدَادِ الرَّجْعَةِ وَدَوَامِ النَّفَقَةِ فَلَا لِمَا يَلْحَقُ
الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ بَلْ تَمْتَدُّ الرَّجْعَةُ
وَالنَّفَقَةُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي
الْكَلَامِ عَلَى عِدَّةِ الْمُتَحَيِّرَةِ شَوْبَرِيٌّ لَكِنْ اسْتَظْهَرَ
ع ش عَلَى م ر أَنَّ الرَّجْعَةَ وَالنَّفَقَةَ يَمْتَدَّانِ إلَى
انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ أَوْ انْقِضَائِهَا بِالْأَشْهُرِ
بَعْدَ الْيَأْسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَيْأَسَ) فَتَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ
أَشْهُرٍ وَيُلْغَى بَعْضُ الْأَقْرَاءِ إنْ سَبَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا
حَاضَتْ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ لَهَا مَا سَبَقَ مِنْ
الْأَقْرَاءِ.
. (قَوْلُهُ فَلَوْ حَاضَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ) أَيْ: وَلَوْ صَغِيرَةً.
(قَوْلُهُ كَآيِسَةٍ) لَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ
الْآيِسَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ حَاضَتْ فِي الْأَشْهُرِ وَهَذِهِ بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) فَإِذَا مَضَى لَهَا
قُرْءٌ أَوْ قُرْءَانِ ثُمَّ انْقَطَعَ الْحَيْضُ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ
أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ كَمَا إذَا حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْهَا ابْتِدَاءً فِي
أَثْنَاءِ الْأَقْرَاءِ م ر.
(4/79)
(وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْيَأْسِ (يَأْسُ
كُلِّ النِّسَاءِ) بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ لَا طَوْفُ نِسَاءِ
الْعَالَمِ وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ
وَسِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ خَمْسُونَ.
(وَ) عِدَّةُ (حَامِلٍ وَضْعُهُ) أَيْ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ
إلَّا بَعْدَ عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ
عَلَى الْبَرَاءَةِ ظَنًّا، وَالْحَمْلَ يَدُلُّ عَلَيْهَا قَطْعًا (حَتَّى
ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي الْبَابِ قَبْلَهُ
قَالَ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ
حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُخَصِّصُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}
[البقرة: 228] ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ
وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا أَوْ
مُضْغَةً تُتَصَوَّرُ) لَوْ بَقِيَتْ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا قَوَابِلُ
لِظُهُورِهَا عِنْدَهُنَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدَ غَيْرِهِنَّ
أَيْضًا لِظُهُورِ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفُرٍ أَوْ غَيْرِهَا وَذَلِكَ
لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَكْنَ فِي
أَنَّهَا لَحْمُ آدَمِيٍّ وَبِخِلَافِ الْعَلَقَةِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى
حَمْلًا، وَلَا عُلِمَ كَوْنُهَا أَصْلَ آدَمِيٍّ هَذَا.
(إنْ نُسِبَ) الْحَمْلُ (إلَى ذِي عِدَّةٍ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ
بِلِعَانٍ) فَلَوْ لَاعَنَ حَامِلًا وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ
عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ ظَاهِرًا لِإِمْكَانِ
كَوْنِهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَمْ تَنْقَضِ
بِوَضْعِهِ كَأَنْ مَاتَ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَمْسُوحٌ وَامْرَأَتُهُ
حَامِلٌ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ.
(وَلَوْ ارْتَابَتْ) أَيْ شَكَّتْ وَهِيَ (فِي عِدَّةٍ فِي) وُجُودِ
(حَمْلٍ) لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا (لَمْ تَنْكِحْ) آخَرَ (حَتَّى
تَزُولَ الرِّيبَةُ) فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ
فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (أَوْ) ارْتَابَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ
الْعِدَّةِ (سُنَّ صَبْرٌ) عَنْ النِّكَاحِ لِتَزُولَ الرِّيبَةُ
وَالتَّصْرِيحُ بِالسَّنِّ مِنْ زِيَادَتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْيَأْسِ) أَيْ: فِي تَقْدِيرِ زَمَنِهِ
فَحِينَئِذٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ. (قَوْلُهُ: يَأْسُ
كُلِّ النِّسَاءِ) أَيْ: نِسَاءِ عَصْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ
رَأَيْنَ أَوْ بَعْضُهُنَّ الدَّمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الِاثْنَيْنِ
وَسِتِّينَ ثُمَّ انْقَطَعَ صَارَ ذَلِكَ أَقْصَى الْيَأْسِ فِي حَقِّ
أَهْلِ عَصْرِهِنَّ لَا مُطْلَقًا شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ ادَّعَتْ بُلُوغَهَا
سِنَّ الْيَأْسِ لِتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ وَلَا
تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَلَا يُنَافِيهِ
قَوْلُهُمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِي بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ
إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِتَيَسُّرِهَا أَيْ: غَالِبًا؛ لِأَنَّهَا هُنَا
مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى سَبْقِ حَيْضٍ وَانْقِطَاعِهِ، وَدَعْوَى سِنَّ
الْيَأْسِ وَقَعَ تَبَعًا، وَكَلَامُهُمْ فِي دَعْوَاهُ اسْتِقْلَالًا اهـ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا طَوْفُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى يَأْسُ أَيْ:
الْمُعْتَبَرُ يَأْسُ كُلِّ نِسَاءِ عَصْرِهَا لَا طَوْفُ نِسَاءِ
الْعَالَمِ بِأَسْرِهِ وَقِيلَ إنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَا فِي
قَوْلِهِ بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ أَيْ لَا بِحَسَبِ طَوْفْ
إلَخْ وَالْمَعْنَى ظَاهِرٌ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: وَلَا
يَأْسُ عَشِيرَتِهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى يَأْسُ
كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَلْ جَرُّهُ فِي غَايَةِ
الْوُضُوحِ وَالتَّقْدِيرِ لَا بِحَسَبِ طَوْفِ نِسَاءٍ أَيْ: جُمْلَةِ
نِسَاءِ الْعَالَمِ وَلَا بِحَسَبِ يَأْسِ عَشِيرَتِهَا. (قَوْلُهُ
وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً) أَيْ: فِي الْغَالِبِ فَلَا
يُنَافِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَأْسُ كُلِّ النِّسَاءِ وَعِبَارَةُ م ر
وَحَدَّدُوهُ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُمْ بِاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ إلَخْ.
. (قَوْلُهُ: وَضْعُهُ) أَيْ: وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا
وَاسْتَمَرَّ سِنِينَ كَثِيرَةً لِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ بِهِ فَلَا مَعْنَى
لِلْقَوْلِ بِالِانْقِضَاءِ مَعَ وُجُودِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر وَز ي ع
ش (قَوْلُهُ: حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي
وَضْعِهِ اعْلَمْ أَنَّ التَّوْمَ بِلَا هَمْزٍ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ
الْوَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ،
وَبِهَمْزٍ اسْمٌ لِلْوَاحِدِ كَرَجُلٍ تَوْأَمٍ وَامْرَأَةٍ تَوْأَمَةٍ
مُفْرَدٌ وَتَثْنِيَتُهُ تَوْأَمَانِ كَمَا فِي الْمَتْنِ فَاعْتِرَاضُهُ
بِأَنَّهُ لَا تَثْنِيَةَ لَهُ وَهْمٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ
التَّوْمِ بِلَا هَمْزٍ وَالتَّوْأَمِ بِالْهَمْزِ، وَأَنَّ تَثْنِيَةَ
الْمَتْنِ إنَّمَا هِيَ لِلْمَهْمُوزِ لَا غَيْرُ اهـ. حَجّ اهـ ع ش عَلَى
م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مُضْغَةً) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا فِي
الْغُرَّةِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ مَدَارَهُمَا عَلَى مَا
يُسَمَّى وَلَدًا شَرْحُ م ر وَالْمُضْغَةُ لَا تُسَمَّى وَلَدًا إلَّا
إذَا تَصَوَّرَتْ بِالْفِعْلِ فَقَوْلُ م ر وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَدَّ
بِهَا أَيْ بِالْمُضْغَةِ الَّتِي لَمْ تُتَصَوَّرْ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهَا
إنْ تَصَوَّرَتْ بِالْفِعْلِ يَحْصُلُ بِهَا أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ كَمَا
ذَكَرَهُ م ر فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا قَوَابِلُ) أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ
رَجُلَانِ فَلَوْ أَخْبَرَتْ بِذَلِكَ وَاحِدَةٌ حَلَّ لَهُ أَنْ
يَتَزَوَّجَ بِهَا بَاطِنًا وَالْقَابِلَةُ هِيَ الَّتِي تَتَلَقَّى
الْوَلَدَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا
تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَقَدْ ضَاعَ السَّقْطُ قُبِلَ قَوْلُهَا
بِيَمِينِهَا ح ل وَعَبَّرُوا هَاهُنَا بِأَخْبَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا
يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ إلَّا إذَا وُجِدَتْ دَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ
أَوْ مُحَكَّمٍ شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ دَخَلَ هُنَا إذْ
الْكَلَامُ فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ، وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ
فَسَتَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَبِيٌّ) أَيْ: لَا يُمْكِنُ كَوْنُ
الْوَلَدِ مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ ح ل وَم ر.
(قَوْلُهُ: حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) أَيْ بِأَمَارَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى
عَدَمِ الْحَمْلِ وَيُرْجَعُ فِيهَا لِلْقَوَابِلِ إذْ الْعِدَّةُ
لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ) أَيْ: بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ
خِلَافًا لحج لِلشَّكِّ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَلَيْسَ النِّكَاحُ
كَالْبَيْعِ يُعْتَبَرُ فِيهِ نَفْسُ الْأَمْرِ بَلْ كَالْعِبَادَةِ
يُعْتَبَرُ فِيهِ ظَنُّ الْمُكَلَّفِ أَيْضًا ح ل قَالَ ع ش عَلَى م ر،
وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا
فِي نَفْسِ الْأَمْرِ انْتَهَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ
مَخْصُوصَةٌ بِغَيْرِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعِبَادَاتِ
لِاحْتِيَاجِهِ إلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ تَأَمَّلْ لَكِنْ سَيَأْتِي
لِلشَّارِحِ فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ نَكَحَتْ
وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ
فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ
مَيِّتًا اهـ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاعِدَةَ لَمْ تُخَصَّ بِغَيْرِ
النِّكَاحِ فَانْظُرْ مَا الْمَخْلَصُ مِمَّا هُنَا. وَالْجَوَابُ مَا
قَالَهُ ز ي هُنَاكَ عَنْ حَجّ مِنْ
(4/80)
(فَإِنْ نَكَحَتْ) قَبْلَ زَوَالِهَا (أَوْ
ارْتَابَتْ بَعْدَ نِكَاحِ) الْآخَرِ (لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ النِّكَاحُ
لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ مِنْ إمْكَانِ عُلُوقٍ) بَعْدَ عَقْدِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ
قَوْلِهِ: مِنْ عَقْدِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَالْوَلَدُ
لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ
لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِنْ أَمْكَنَ
كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِي تَأَخَّرَ فَهُوَ
أَقْوَى؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَوْ
أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي
الْعِدَّةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ مَا صَحَّ بِالِاحْتِمَالِ
وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَوْ أَتَتْ
بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ لَحِقَ
بِالْوَاطِئِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا
ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(وَلَوْ فَارَقَهَا) فِرَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (فَوَلَدَتْ
لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَأَقَلَّ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ
وَلَمْ تَنْكِحْ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ
مِنْ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ بِخِلَافِ
مَا لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَبْلُغُ
أَرْبَعَ سِنِينَ وَهُوَ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ كَمَا اُسْتُقْرِئَ
وَاعْتِبَارِي لِلْمُدَّةِ فِي هَذِهِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ
قَبْلَ الْفِرَاقِ لَا مِنْ الْفِرَاقِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَكْثَرُ
الْأَصْحَابِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ حَيْثُ قَالَا: فِيمَا
أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ
التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ
قَبْلَ الْفِرَاقِ وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ
سِنِينَ وَمُرَادُهُمَا بِأَنَّهُ قَوِيمٌ أَنَّهُ أَوْضَحُ مِمَّا
قَالُوهُ وَإِلَّا فَمَا قَالُوهُ صَحِيحٌ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ لَيْسَ
مُرَادُهُمْ بِالْأَرْبَعِ فِيهَا الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ الْوَطْءِ
وَالْوَضْعِ الَّتِي هِيَ مُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ
الْحَمْلِ بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ فَلَا
تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يُورَدُ
مِنْ ذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ.
(فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ
أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ هُنَا سَبَبًا ظَاهِرًا فَكَانَ قَوِيًّا فِي
اقْتِضَاءِ الْفَسَادِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لَيْسَ فِيهَا
سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ قَبْلَ زَوَالِهَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ
أَوْ ارْتَابَتْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ بِالِاحْتِمَالِ) مُتَعَلِّقٌ
بِإِبْطَالٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَالثَّانِي) أَيْ النِّكَاحِ
الثَّانِي. (قَوْلُهُ: لَحِقَ بِالْوَاطِئِ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ
مِنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِانْقِطَاعِ إلَخْ كَمَا
صَرَّحَ بِذَلِكَ م ر فَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ: الْأَوَّلِ الْوَاقِعِ فِي
كَلَامِ م ر فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَارَقَهَا) مِثْلُ الْمُفَارَقَةِ الْمَوْتُ
وَقَوْلُهُ: مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ
الْمَتْنِ سَابِقًا فَحُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَنْكِحْ أَوْ نَكَحَتْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى
أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي فَإِنْ نَكَحَتْ مُقَابِلٌ لِهَذَا
الْمُقَدَّرِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) أَيْ: قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَحَتْ
بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ) وَبِأَنَّ وُجُوبَ
نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ شَرْحُ
م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَمْلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَحِقَهُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدُوا
الْأَرْبَعَ سِنِينَ بِكَوْنِهَا دُونَ لَحْظَةٍ فَلَمَّا حَسَبُوا
الْأَرْبَعَةَ مِنْ الْفِرَاقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَيِّدُوا
وَيَقُولُوا أَرْبَعُ سِنِينَ مِنْ الْفِرَاقِ إلَّا لَحْظَةً وَهِيَ
لَحْظَةُ الْوَطْءِ فَتَكْمُلُ بِهَا الْأَرْبَعُ اهـ. (قَوْلُهُ
وَالْقَوِيمُ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ قُلْنَا
إنَّهَا مِنْ الْفِرَاقِ لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ
سِنِينَ أَيْ: بِلَحْظَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْعُلُوقُ قَبْلَ الْفِرَاقِ
وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُمْ حَصَرُوا
أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ فَقَطْ بِدُونِ لَحْظَةِ
الْوَطْءِ بِخِلَافِ أَقَلِّ الْحَمْلِ فَإِنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِيهِ
هَذِهِ اللَّحْظَةَ. (قَوْلُهُ: الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ إلَخْ) أَيْ:
لِأَرْبَعٍ كَامِلَةٍ مَعَ هَذَا الزَّمَنِ فَيَكُونُ زَائِدًا عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْأَرْبَعِ
الْمَجْرُورَةِ بِالْبَاءِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ. (قَوْلُهُ:
بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ إلَخْ) أَيْ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُرَادٌ
لَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: أَرْبَعَ سِنِينَ إلَّا لَحْظَةً وَهَذِهِ
اللَّحْظَةُ هِيَ لَحْظَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ الْفِرَاقِ فَسَاوَتْ
عِبَارَتُهُمْ عِبَارَةَ الْمَتْنِ، فَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ زِيَادَةُ
لَحْظَةٍ عَلَى الْأَرْبَعَةِ النَّاقِصَةِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ
الْمُكَمِّلَةُ لِلْأَرْبَعَةِ لَا زَائِدَةٌ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْزَمْ
عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ
سِنِينَ بَلْ إنَّمَا لَزِمَ كَوْنُهُ أَرْبَعَةً وَهُوَ الْمُرَادُ.
(قَوْلُهُ: بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ) أَيْ: وَدُونَ زَمَنِ الْوَطْءِ
لِأَنَّ زَمَنَ الْوَطْءِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ
الْفِرَاقِ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: أَرْبَعَ سِنِينَ
مِنْ الْفِرَاقِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا زَمَنَ الْوَطْءِ فَتَكُونُ
الْأَرْبَعَةُ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ عَلَى كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُ
مَحْسُوبٌ مِنْهَا دُونَ زَمَنِ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَهَا ح
ل فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَدَّلَ الْوَضْعُ بِالْوَطْءِ
لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: بِدُونِ زَمَنِ
الْوَضْعِ وَأَمَّا زَمَنُ الْوَطْءِ فَمُعْتَبَرٌ مِنْ الْمُدَّةِ اهـ
قَالَ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْبَعَ مَتَى حُسِبَ مِنْهَا لَحْظَةُ
الْوَضْعِ أَوْ لَحْظَةُ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا دُونَهَا
وَمَتَى زَادَ عَلَيْهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا وَلَمْ
يَنْظُرُوا هُنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ عَلَى النِّسَاءِ لِأَنَّ
الْفِرَاشَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ انْقِطَاعُهُ مَعَ
الِاحْتِيَاطِ لِلْأَنْسَابِ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالْإِمْكَانِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْوَصِيَّةِ) كَأَنْ أَوْصَى لِحَمْلِ هِنْدٍ وَانْفَصَلَ
لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا فَإِنْ حَسَبْنَا الْأَرْبَعَ
مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ أَرْبَعَةً
كَوَامِلَ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا مِنْ تَمَامِ صِيغَةِ الْوَصِيَّةِ
كَانَتْ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ فَالصِّيغَةُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ
الْفِرَاقِ وَقَوْلُهُ: وَالطَّلَاقِ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا
فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا
فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ
قَبْلَ الطَّلَاقِ كَانَتْ أَرْبَعَةً كَوَامِلَ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا
مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ كَانَتْ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ.
(4/81)
بَعْدَ الْعَقْدِ (لَحِقَ الثَّانِي)
وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا
ارْتَابَتْ.
(وَلَوْ نَكَحَتْ) آخَرَ (فِيهَا) أَيْ فِي عِدَّتِهَا (فَاسِدًا
وَجَهِلَهَا الثَّانِي فَوَلَدَتْ لِإِمْكَانٍ مِنْهُ) دُونَ الْأَوَّلِ
(لَحِقَهُ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ
إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ
مِنْ وَطْئِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا فَفِيهِ
قَوْلَانِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا
كَذَلِكَ وَالثَّانِي يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَنَقَلَهُ
الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ هَذَا الَّذِي يَنْبَغِي
الْفَتْوَى بِهِ (أَوْ) لِإِمْكَانٍ (مِنْ الْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي
(لَحِقَهُ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ
وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ
بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ ثَانِيًا لِلثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ
الْفَصْلِ الْآتِي (أَوْ) لِإِمْكَانٍ (مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ)
وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ
مَا مَرَّ فِيهِ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ
اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَائِفٌ اُنْتُظِرَ
بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِزَمَنٍ لَا
يُمْكِنُ كَوْنُهُ فِيهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ
سِنِينَ مِمَّا مَرَّ لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَخَرَجَ
بِالْفَاسِدِ الصَّحِيحُ وَذَلِكَ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَإِذَا
أَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لَحِقَ الثَّانِيَ وَلَمْ
يُعْرَضْ عَلَى قَائِفٍ وَبِزِيَادَتِي وَجَهِلَهَا الثَّانِي مَا لَوْ
عَلِمَهَا فَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ
فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ دَرْسٌ.
(فَصْلٌ)
فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ لَوْ (لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ
جِنْسٍ) وَاحِدٍ (كَأَنْ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (طَلَّقَ
ثُمَّ وَطِئَ فِي عِدَّةِ غَيْرِ حَمْلٍ) مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ
وَلَمْ تَحْبَلْ مِنْ وَطْئِهِ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهَا
الْمُطَلَّقَةُ أَوْ بِالتَّحْرِيمِ وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ
نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (لَا عَالِمًا) بِذَلِكَ (فِي بَائِنٍ)
؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (تَدَاخَلَتَا) أَيْ
عِدَّتَا الطَّلَاقِ وَالْوَطْءِ.
(فَتَبْتَدِئُ عِدَّةً) بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ (مِنْ) فَرَاغِ (وَطْءٍ)
وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْبَقِيَّةُ وَاقِعَةٌ
عَنْ الْجِهَتَيْنِ (وَلَهُ رَجْعَةٌ فِي الْبَقِيَّةِ) فِي الطَّلَاقِ
الرَّجْعِيِّ دُونَ مَا بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ، وَهَذَا
مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) مِنْ (جِنْسَيْنِ كَحَمْلٍ وَأَقْرَاءٍ) كَأَنْ
طَلَّقَهَا حَائِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي أَقْرَاءٍ وَأَحْبَلَهَا، أَوْ
طَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَهِيَ مِمَّنْ
تَحِيضُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَتَدَاخَلَانِ بِأَنْ تَدْخُلَ الْأَقْرَاءُ
فِي الْحَمْلِ فِي الْمِثَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِرَاشَ
الثَّانِيَ تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى ع ش.
. (قَوْلُهُ فَاسِدًا) أَيْ: فِي الْوَاقِعِ لَا فِي ظَنِّ الْوَاطِئِ
وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَعَلَيْهَا إنْ عَلِمْت
أَيْضًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ) أَيْ:
مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: مِنْ وَطْئِهِ أَيْ: الثَّانِي (قَوْلُهُ:
أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ) أَيْ: يُلْحَقُ بِالثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
وَقَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَلْحَقَهُ
بِالْأَوَّلِ لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ:
اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ) فَلَوْ لَمْ يُنْتَسَبْ بَعْدَ
الْبُلُوغِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ
لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْحُ م ر وَلَا تُوقَفُ الْعِدَّةُ إلَى ذَلِكَ بَلْ
إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ وَضْعِهِ
وَلَمْ يَنْتِفْ عَنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ
تَعْتَدُّ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَإِنْ
انْتَفَى عَنْهُمَا اعْتَدَّتْ لِكُلٍّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ وَتَقَدَّمَ
عَدَمُ الْأَوَّلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ
بَعْدَ انْتِسَابِهِ بِغَيْرِ مِنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ كَانَ الْمُعَوَّلُ
عَلَيْهِ إلْحَاقَ الْقَائِفِ لِأَنَّ إلْحَاقَهُ كَالْحُكْمِ أَوْ
كَالْبَيِّنَةِ ح ل (قَوْلُهُ: بِالْفَاسِدِ الصَّحِيحِ) أَيْ: فِيمَا إذَا
نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ صَحِيحًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَرُبَ عَهْدُهُ)
ظَاهِرٌ فِي الْبَائِنِ دُونَ الرَّجْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ:
إذَا وَلَدَتْهُ لِإِمْكَانٍ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لَحِقَهُ
أَوْ لِإِمْكَانٍ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لَحِقَهُ أَوْ
لِإِمْكَانٍ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ. .
[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ]
أَيْ: إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ مِنْ شَخْصَيْنِ.
(قَوْلُهُ: عِدَّتَا شَخْصٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْعِدَّتَيْنِ إمَّا
أَنْ يَكُونَا لِشَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا
مِنْ جِنْسِ أَوْ جِنْسَيْنِ. (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةٍ غَيْرِ حَمْلٍ إلَخْ)
بِأَنْ كَانَتْ بِأَقْرَاءَ أَوْ أَشْهُرٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ
يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ
يَكُونَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ جَاهِلًا فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ تَحْبَلْ مِنْ وَطْئِهِ) حَتَّى يَتَحَقَّقَ كَوْنُ
الْعِدَّتَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّحْرِيمِ)
أَيْ: تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ وَقَوْلُهُ: وَقَرُبَ عَهْدُهُ
بِالْإِسْلَامِ إلَخْ ظَاهِرُهُ فِي الْبَائِنِ دُونَ الرَّجْعِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: لَا عَالِمًا بِذَلِكَ) أَيْ: بِالتَّحْرِيمِ أَوْ جَاهِلًا
بِهِ غَيْرَ مَعْذُورٍ وَقَوْلُهُ: فِي بَائِنٍ بِخِلَافِهِ فِي
الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ وَطْأَهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ ح ل وَإِنْ كَانَ
عَالِمًا لِشُبْهَةٍ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَطْءَ
يَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ. (قَوْلُهُ تَدَاخَلَتَا) أَيْ: دَخَلَتْ
بَقِيَّةُ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ كَمَا يَأْتِي فَالْمُفَاعَلَةُ
لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا.
. (قَوْلُهُ: مِنْ فَرَاغِ وَطْءٍ) وَهُوَ إخْرَاجُ الْحَشَفَةِ ح ل
(قَوْلُهُ: وَالْبَقِيَّةُ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ ح ل وَصَرِيحُ
كَلَامِهِ أَنَّ الْبَقِيَّةَ مَوْجُودَةٌ حَتَّى يَصِحَّ وُقُوعُهَا عَنْ
الْجِهَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ
أَوَّلُ الثَّانِيَةِ الَّذِي هُوَ قَدْرُ الْبَقِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ فِي
الرَّجْعَةِ فَالْقُرْءُ الْأَوَّلُ وَاقِعٌ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ) فَلَوْ رَاجَعَ فِي الْبَقِيَّةِ
فَالظَّاهِرُ انْقِطَاعُ الْعِدَّةِ لِرُجُوعِهَا لِلزَّوْجِيَّةِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِتَكُونَ مِنْ
ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ الْمُمَثَّلِ بِهَا وَإِلَّا فَذَوَاتُ الْأَشْهُرِ
كَذَلِكَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ
هَلَّا جَمَعَهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا وَجُعِلَ قَوْلُهُ تَدَاخَلَتَا
رَاجِعًا إلَيْهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ
إنَّمَا فَصَّلَهَا لِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى وَلَهُ رَجْعَةٌ إلَخْ وَفِي
الثَّانِيَةِ فَتَنْقَضِيَانِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي الْحَمْلِ) مَعْنَى
دُخُولِ الْأَقْرَاءِ فِي الْحَمْلِ.
(4/82)
لِاتِّحَادِ صَاحِبِهِمَا، وَالْأَقْرَاءُ
إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةَ الدَّلَالَةِ عَلَى
الْبَرَاءَةِ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ
الرَّحِمِ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ
(فَتَنْقَضِيَانِ بِوَضْعِهِ) وَهُوَ وَاقِعٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ.
(وَيُرَاجِعُ قَبْلَهُ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ
الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ أَمْ لَا.
(أَوْ) لَزِمَهَا عِدَّتَا (شَخْصَيْنِ كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ
أَوْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ) مِنْ آخَرَ (بِشُبْهَةٍ) كَنِكَاحٍ
فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ
(فَلَا تَدَاخُلَ) لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحَقِّ بَلْ تَعْتَدُّ لِكُلٍّ
مِنْهُمَا عِدَّةً كَامِلَةً.
(وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ حَمْلٍ) تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ
لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُطَلَّقِ ثُمَّ وُطِئَتْ
بِشُبْهَةٍ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْحَمْلِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ
لِلشُّبْهَةِ بِالْأَقْرَاءِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ فَتُقَدَّمُ
عِدَّةُ (طَلَاقٍ) عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَإِنْ سَبَقَ وَطْءُ
الشُّبْهَةِ الطَّلَاقَ لِقُوَّتِهَا بِاسْتِنَادِهَا إلَى عَقْدٍ جَائِزٍ
(وَلَهُ رَجْعَةٌ فِيهَا) سَوَاءً أَكَانَ ثَمَّ حَمْلٌ أَمْ لَا لَكِنَّهُ
لَا يُرَاجِعُ وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِخُرُوجِهَا حِينَئِذٍ عَنْ
عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ (وَ) لَهُ رَجْعَةٌ
(قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِأَنْ يَكُونَ ثَمَّ حَمْلٌ
مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَإِنْ رَاجَعَ فِي النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ
لَمْ تَنْقَضِ وَخَرَجَ بِالرَّجْعَةِ التَّجْدِيدُ فَلَا يَجُوزُ فِي
عِدَّةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ وَالرَّجْعَةُ شَبِيهَةٌ
بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَهَذِهِ، وَكَذَا الَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا
إذَا كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ أَوْ سَبَقَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ زِيَادَتِي.
(فَإِنْ رَاجَعَ) فِيهَا (وَلَا حَمْلَ انْقَطَعَتْ وَشَرَعَتْ فِي
الْأُخْرَى) أَيْ فِي عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا
إنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ وَتُتِمَّهَا إنْ انْعَكَسَ
ذَلِكَ (وَلَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَقْضِيَهَا) رِعَايَةً
لِلْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ مِنْهُ انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ
أَيْضًا وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ وَلَهُ
التَّمَتُّعُ بِهَا إلَى مُضِيِّهِمَا لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لَيْسَتْ فِي
عِدَّةٍ وَلَوْ رَاجَعَ حَامِلًا مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ
التَّمَتُّعُ بِهَا حَتَّى تَضَعَ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ الْمُعْتَدَّةَ لَوْ
(عَاشَرَ مُفَارِقٌ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَجْعِيَّةً فِي عِدَّةِ
أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ لَمْ تَنْقَضِ) عِدَّتُهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ
لِقِيَامِ شُبْهَةِ الْفِرَاشِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ غَيْرِ حَمْلِ
الزِّنَا أَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ كَمَا فِي ع
ش. (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْت إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ
الشَّارِحُ هُنَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
بِالْأَقْرَاءِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي
الْبَهْجَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجَلَالُ
الْمَحَلِّيُّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ: الْوَاقِعِ بَعْدَ
الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا أَيْ: أَوْ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ
الطَّلَاقِ أَيْ: حَالَ الزَّوْجِيَّةِ ح ل. .
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ
وَلَا طَلَاقٌ قُدِّمَ عِدَّةُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ إلَّا إذَا كَانَ
الْأَوَّلُ نِكَاحًا فَاسِدًا وَوُطِئَتْ فِيهِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ
لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ عِدَّةَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ
التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا ح ل. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلشُّبْهَةِ)
أَيْ: بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ النِّفَاسِ أَيْ: عِدَّةً كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَقَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ إلَخْ) فَإِذَا مَضَى
قُرْءَانِ مَثَلًا مِنْ عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ طَلُقَتْ
فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِلطَّلَاقِ ثُمَّ تَبْنِي عَلَى
الْقُرْأَيْنِ السَّابِقَيْنِ اللَّذَيْنِ لِعِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ
وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَا
يُرَاجِعُ وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ) بَلْ وَلَا بَعْدَهُ مَا دَامَتْ
الْمُعَاشَرَةُ مَوْجُودَةً بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْهَا حَتَّى يُفَرَّقَ
بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ تَشْمَلُ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ وَفِي
شَرْحِ م ر لَكِنَّهُ لَا يُرَاجِعُ وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ سَوَاءٌ
كَانَتْ الشُّبْهَةُ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ: لَا يُرَاجِعُ فِي حَالِ
بَقَاءِ فِرَاشِ وَاطِئَهَا بِأَنْ لَمْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَنِيَّةُ
عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا كَالتَّفْرِيقِ اهـ وَفِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ
نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ زَمَنَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ
وَالْمُعَاشَرَةِ مَحْسُوبٌ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَكِنَّهُ لَا
يُرَاجِعُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي
وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ
ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لِلشُّبْهَةِ حَيْثُ لَا حَمْلَ وَلَا يُحْسَبُ
زَمَنُ الْمُعَاشَرَةِ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
الشَّارِحِ لِخُرُوجِهَا حِينَئِذٍ عَنْ عِدَّتِهِ أَيْ: لِلطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِدَّتَهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ لَمْ تَنْقَضِ لِعَدَمِ
وُجُودِهَا أَيْ: إنْ كَانَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ عَقِبَ الطَّلَاقِ فَهِيَ
سَالِبَةٌ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ تَدَبَّرْ وَيُمْكِنُ حَمْلُ
كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا تَأَخَّرَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ عَنْ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ) أَيْ الْكَامِلِ وَإِلَّا فَهِيَ
اسْتِدَامَةٌ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَمَتَّعُ بِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَظَرِهِ
إلَيْهَا وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَالْخَلْوَةِ بِهَا شَرْحُ م ر، وَقَالَ ع
ش هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ قُبَيْلَ الْخِطْبَةِ مِنْ جَوَازِ
النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ
الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الشُّبْهَةِ اهـ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ
الْغَرَضَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا مُجَرَّدُ بَيَانِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ
عِبَارَتِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اعْتِمَادُهُ فَلْيُرَاجَعْ عَلَى
أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ لِأَنَّ النَّظَرَ
بِلَا شَهْوَةٍ لَا يُعَدُّ تَمَتُّعًا (قَوْلُهُ: حَتَّى تَقْضِيَهَا)
أَيْ: الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ
وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَحْبَلَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا
رَجْعِيًّا وَرَاجَعَهَا. (قَوْلُهُ انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ أَيْضًا) أَيْ:
مِنْ حِينِ الرَّجْعَةِ وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْمَفْهُومِ مُوَافِقٌ
لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ وَلَا
حَمْلَ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَتَى بِالْمَفْهُومِ لِأَجْلِ
قَوْلِهِ بَعْدُ وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ. .
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ الْمُعْتَدَّةَ]
(قَوْلُهُ: لَوْ عَاشَرَ مُفَارِقٌ) أَيْ: الْمُعَاشَرَةَ الْمُعْتَادَةَ
بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ بِالْخَلْوَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ
كَالْخَلْوَةِ لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ ز ي وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
وَالْمُرَادُ بِالْمُعَاشَرَةِ أَنْ يَدُومَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي
كَانَتْ مَعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ النَّوْمِ مَعَهَا لَيْلًا أَوْ
نَهَارًا وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ:
أَوْ غَيْرِهِ) كَخَلْوَةٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا) وَإِنْ
طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا كَعَشْرِ سِنِينَ اهـ ع ش فَإِذَا زَالَتْ
الْمُعَاشَرَةُ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهَا كَمَّلَتْ عَلَى
مَا مَضَى قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَاشَرَةَ لَا
تَنْقَطِعُ إلَّا.
(4/83)
فِي الرَّجْعِيَّةِ دُونَ الْبَائِنِ
نَعَمْ إنْ عَاشَرَهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَكَالرَّجْعِيَّةِ، أَمَّا
غَيْرُ الْمُفَارِقِ فَإِنْ كَانَ سَيِّدًا فَهُوَ فِي أَمَتِهِ
كَالْمُفَارِقِ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ غَيْرِهِ فَكَالْمُفَارِقِ فِي
الْبَائِنِ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ عِدَّةُ الْحَمْلِ فَتَنْقَضِي
بِوَضْعِهِ مُطْلَقًا (وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ
الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهِمَا الْعِدَّةُ
احْتِيَاطًا وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَغَيْرِهِ (وَيَلْحَقُهَا طَلَاقٌ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّةٍ) لِذَلِكَ.
(وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ صِحَّةِ وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ)
عِدَّتُهَا (بِوَطْئِهِ) لِحُصُولِ الْفِرَاشِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا
لَمْ يَطَأْ وَإِنْ عَاشَرَهَا لِانْتِفَاءِ الْفِرَاشِ.
(وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا أَوْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا
اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً (وَإِنْ لَمْ يَطَأْ) لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ
إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ
الْوَضْعِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ وَإِنْ وَطِئَ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ.
(وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ ثُمَّ وَطِئَ ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ)
عِدَّةً لِأَجْلِ الْوَطْءِ (وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) مِنْ
الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهُمَا لِوَاحِدٍ وَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ
الْوَطْءِ بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْعِدَّةِ وَأَكْمَلَتْهَا، وَلَا
عِدَّةَ لِهَذَا الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ فِي نِكَاحٍ جَدِيدٍ طَلَّقَهَا
فِيهِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ عِدَّةٌ بِخِلَافِ مَا
مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ.
(فَصْلٌ) فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَفِي الْمَفْقُودِ وَفِي الْإِحْدَادِ
(تَجِبُ بِوَفَاةِ زَوْجٍ عِدَّةٌ وَهِيَ) أَيْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ
(لِحُرَّةٍ حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ مِنْ غَيْرِهِ كَزَوْجَةِ صَبِيٍّ) أَوْ
مَمْسُوحٍ (وَلَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ لَمْ تُوطَأْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرَةً)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِالنِّيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمُعَاشَرَةِ كَانَتْ
مُعَاشَرَةً جَدِيدَةً ح ل فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ بِلَا مُعَاشَرَةٍ
بِأَنْ اسْتَمَرَّتْ الْمُعَاشَرَةُ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ اسْتَأْنَفَتْ
الْعِدَّةَ مِنْ حِينِ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ
ح ل فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ فَلَا مُنَافَاةَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:
كَالْمُفَارِقِ فِي الرَّجْعِيَّةِ) أَيْ: كَمُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ
أَيْ: فَيَثْبُتُ لَهَا جَمِيعُ أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ الْمُعَاشَرَةِ.
(قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) أَيْ: وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ وَهَذَا
هُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ كَالْبَائِنِ بَعْدَ مُضِيِّ
عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً فَلَا
تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا
لِعَانٌ وَلَا نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ لَهَا لِأَنَّهَا كَالْبَائِنِ
بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ جَوَازِ رَجْعَتِهَا ع ش وَكَالرَّجْعِيَّةِ فِي
لُحُوقِ الطَّلَاقِ وَفِي أَنَّهَا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا يُحَدُّ
بِوَطْئِهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي بَابِ النَّفَقَةِ
وَأَفْتَى بِجَمِيعِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شَرْحُ م ر،
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا كَالرَّجْعِيَّةِ فِي سِتَّةِ أَحْكَامٍ فِي لُحُوقِ
الطَّلَاقِ وَفِي وُجُوبِ سُكْنَاهَا وَفِي أَنَّهُ لَا يُحَدُّ
بِوَطْئِهَا وَلَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ نَحْوِ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ
سِوَاهَا وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا أَيْ حَالَ الْمُعَاشَرَةِ
وَلَهَا حُكْمُ الْبَائِنِ فِي تِسْعَةِ أَحْكَامٍ فِي أَنَّهُ لَا تَصِحُّ
رَجْعَتُهَا وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ
وَلَا ظِهَارٌ وَلَا لِعَانٌ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كُسْوَةَ وَلَا
يَصِحُّ خُلْعُهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ
رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُ الْعِوَضُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ
لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إلَّا
هَذِهِ وَإِذَا مَاتَ عَنْهَا لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا
يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَع ش (قَوْلُهُ: إلَى
انْقِضَاءِ عِدَّةٍ) أَيْ الْعِدَّةُ الَّتِي تَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ
زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ لِأَنَّ
لُحُوقَ الطَّلَاقِ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش: وَصُورَةُ
مَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا أَنْ يَتْرُكَ مُعَاشَرَتَهَا وَيَمْضِيَ
بَعْد ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءَ أَوْ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ يَسْبِقْ عَنْ
عِدَّتِهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ وَإِلَّا بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى
ع ش. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: احْتِيَاطًا.
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً) أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ بِقَرِينَةِ
قَوْلِهِ بِظَنِّ صِحَّةٍ وَأَمَّا لَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ فَسَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: انْقَطَعَتْ) مَعْنَى انْقِطَاعِهَا أَنَّ زَمَنَ الْفِرَاشِ
قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ:
بِوَطْئِهِ) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ وَطْئِهِ لِانْقِطَاعِ الْعِدَّةِ
وَحِينَئِذٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا فُرِّقَ فُصِّلَ إنْ كَانَتْ
حَامِلًا مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اعْتَدَّتْ بِهِ وَبَعْدَ الْوَضْعِ
تُكْمِلُ الْعِدَّةَ الْأُولَى، وَإِلَّا فَتُكْمِلُ الْعِدَّةَ الْأُولَى
ثُمَّ تَشْرَعُ فِي الثَّانِيَةِ.
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا إلَخْ) فَلَوْ طَلَّقَ مِنْ غَيْرِ
مُرَاجَعَةٍ بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى ح ل. (قَوْلُهُ: لِعَوْدِهَا
بِالرَّجْعَةِ إلَخْ) أَيْ: فَكَانَ الطَّلَاقُ مِنْهُ فِيمَا إذَا لَمْ
يَطَأْ طَلَاقًا بَعْدَ وَطْئِهَا، وَالْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْوَطْءِ
تَعْتَدُّ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي تَجْدِيدِ الْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ
الْوَطْءِ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنْشَاءُ نِكَاحٍ جَدِيدٍ وَقَدْ طَلُقَتْ
فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: الَّذِي
وُطِئَتْ فِيهِ) أَيْ: قَبْلَ الطَّلَاقِ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
وَلَوْ رَاجَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاجِعُ إلَّا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا
بِهَا (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) وَهِيَ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ}
[الطلاق: 4] إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ) أَيْ الْبَائِنِ وَهُوَ جَائِزٌ
لِأَنَّ لِلشَّخْصِ نِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ:
الْبَقِيَّةُ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ بَقَائِهَا وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ
وَطْئِهِ لَهَا انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ
لَهَا بَقِيَّةٌ أَصْلًا م ر بِالْمَعْنَى فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِ
الْمُصَنِّفِ وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلَتْهَا)
أَيْ: عِدَّةَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. .
. (فَصْلٌ: فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَفِي الْإِحْدَادِ) . (قَوْلُهُ:
وَلَوْ رَجْعِيَّةً) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَ طَلَاقِهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا
فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ عِدَّةِ
الطَّلَاقِ وَتُحِدُّ وَتَسْقُطُ مُؤْنَتُهَا وَلَوْ حَامِلًا وَهَذَا
بِخِلَافِ الْبَائِنِ الْحَامِلِ فَلَا تَنْتَقِلُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا
الْإِحْدَادُ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَإِنْ صَارَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا
بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي
غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ:
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةً) لِأَنَّ بِالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
يَتَحَرَّكُ الْمَحَلُّ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَزِيدَتْ
الْعَشْرُ اسْتِظْهَارًا وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي ظُهُورَ حَمْلٍ إنْ كَانَ
وَهَذِهِ حِكْمَةٌ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا ح ل لِتَخَلُّفِهَا فِيمَا
إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ وَطْئِهَا أَوْ كَانَ صَغِيرًا قَالَ م ر أَوْ
لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَصْبِرْنَ عَنْ الزَّوْجِ أَكْثَرَ مِنْ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ. (فَرْعٌ)
لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ
(4/84)
مِنْ الْأَيَّامِ (بِلَيَالِيِهَا) قَالَ
تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:
234] أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا وَسَوَاءٌ الصَّغِيرَةُ وَذَاتُ
الْأَقْرَاءِ وَغَيْرُهُمَا، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ
الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ وَأُلْحِقَ بِهِنَّ الْحَامِلَاتُ مِمَّنْ
ذُكِرَ، وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ وَيُكْمَلُ
الْمُنْكَسِرُ بِالْعَدَدِ كَنَظَائِرِهِ (وَلِغَيْرِهَا) وَلَوْ
مُبَعَّضَةً (كَذَلِكَ) أَيْ حَائِلٌ أَوْ حَامِلٌ مِمَّنْ ذَكَرَ
(نِصْفُهَا) وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا
وَيَأْتِي فِي الِانْكِسَارِ مَا مَرَّ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ
وَبِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.
(وَلِحَامِلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا
(وَلَوْ مَجْبُوبًا) بَقِيَ أُنْثَيَاهُ (أَوْ مَسْلُولًا) بَقِيَ ذَكَرُهُ
(وَضْعُهُ) أَيْ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ
أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُقَيِّدٌ
لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَفَارَقَ الْمَجْبُوبُ وَالْمَسْلُولُ
الْمَمْسُوحَ بِأَنَّ الْمَجْبُوبَ بَقِيَ فِيهِ أَوْعِيَةُ الْمَنِيِّ
وَقَدْ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ وَالْمَسْلُولُ بَقِيَ
ذَكَرُهُ وَقَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً
رَقِيقًا بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ.
(وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) مُعَيَّنَةً عِنْدَهُ أَوْ
مُبْهَمَةً (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ)
لِلْمُبْهَمَةِ وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ.
تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا إرْثَ لَهَا وَإِنْ
كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا
إحْدَادَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُعَاشَرَتِهَا وَلَا مِنْ
وَطْئِهَا حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ:
مِنْ الْأَيَّامِ) فَسَّرَ الْعَشَرَةَ فِي الْمَتْنِ بِالْأَيَّامِ وَفِي
الْآيَةِ بِاللَّيَالِيِ جَرْيًا عَلَى الْأَفْصَحِ عِنْدَ حَذْفِ
الْمَعْدُودِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤْتَى فِي الْعَدَدِ بِالتَّاءِ إذَا كَانَ
الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا وَيُجَرَّدُ مِنْهَا إذَا كَانَ مُؤَنَّثًا كَمَا
إذَا كَانَ الْمَعْدُودُ مَذْكُورًا فَانْدَفَعَ تَوَقُّفُ ح ل. قَوْلُهُ:
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: 234] أَيْ: وَزَوْجَاتُ الَّذِينَ
يُتَوَفَّوْنَ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ يَتَرَبَّصْنَ فَإِنَّ التَّرَبُّصَ
لِلزَّوْجَاتِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ يُقَالُ تُوُفِّيَ فُلَانٌ وَتَوَفَّى
إذَا مَاتَ فَمَنْ قَالَ تُوُفِّيَ مَعْنَاهُ قُبِضَ وَأُخِذَ، وَمَنْ
قَالَ تَوَفَّى مَعْنَاهُ تَوَفَّى أَجَلَهُ أَيْ: اسْتَوْفَى عُمْرَهُ
وَاسْتَكْمَلَهُ وَعَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
يَتَوَفَّوْنَ بِفَتْحِ الْيَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَشْرَ لَيَالٍ)
وَفَسَّرَ الْعَشْرَ بِذَلِكَ لِتَأْنِيثِهَا وَلِأَنَّهَا غُرَرُ
الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَيَّامِهَا إلَى دَفْعِ
إيهَامِ إخْرَاجِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ الْمُدَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِمَّنْ ذَكَرَ) أَيْ: مِنْ زَوْجَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَسْمُوحِ
ع ش فَمِنْ بَيَانِيَّةٌ لَا لِلتَّعَدِّيَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ
مِمَّنْ ذَكَرَ أَيْ: مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ فَتَكُونُ مِنْ
لِلتَّعَدِّيَةِ عَلَى هَذَا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْأَهِلَّةِ) مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ وَقَدْ
بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَحِينَئِذٍ ثَلَاثَةٌ
بِالْأَهِلَّةِ، وَتُكْمِلُ مِنْ الرَّابِعِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ
جَهِلَتْ الْأَهِلَّةَ حَسِبَتْهَا كَامِلَةً شَرْحُ م ر وَأَمَّا لَوْ
بَقِيَ مِنْهُ عَشْرَةٌ فَقَطْ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَهِلَّةٍ
بَعْدَهَا وَلَوْ نَوَاقِصَ ع ش. (قَوْلُهُ: نِصْفُهَا) وَهُوَ شَهْرَانِ
وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ
لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ وَرُدَّ بِأَنَّ
عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا
الظَّنُّ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ اهـ حَجّ وَصَوَّرَ
بَعْضُهُمْ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ فَقَالَ لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ
حُرَّةٌ وَأَمَةٌ فَوَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا
زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ وَاسْتَمَرَّ ظَنُّهُ إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ
عِدَّةَ الْأَحْرَارِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا إذْ
الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا مِنْ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ فِي الْحَيَاةِ
فَكَذَا فِي الْمَوْتِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ
بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ
فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ اهـ م ر فِي شَرْحِهِ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسْلُولًا) أَيْ: خُصْيَتَاهُ وَقَوْلُهُمْ الْخُصْيَةُ
الْيُمْنَى لِلْمَاءِ وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ
الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ وُجِدَ مَنْ لَهُ الْيُسْرَى فَقَطْ وَلَهُ
مَاءٌ كَثِيرٌ وَشَعْرٌ كَثِيرٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقَيِّدٌ
لِلْآيَةِ) فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا
وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ.
قُلْت يُمْكِنُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى تَوْجِيهٍ آخَرَ لِلْآيَةِ، لَكِنْ
يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْآيَةَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ لَا الْمُطْلَقِ
فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ
الْمَوْصُولَ فِي مِثْلِ هَذَا لَا عُمُومَ لَهُ ع ش وَالْأَوْلَى
الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُضَافَ الْمُقَدَّرَ فِي الْآيَةِ وَهُوَ زَوْجَاتٌ
لَا عُمُومَ لَهُ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَصِل) أَيْ: مَعَ
عِلْمِهِ بِنُزُولِ الْمَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ
يُبَالِغُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا يَتَأَتَّى فِي الْمَسْمُوحِ
بِالْمُسَاحَقَةِ إذْ الذَّكَرُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَاءِ وَإِنَّمَا
هُوَ طَرِيقُهُ كَالثُّقْبَةِ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.
. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا
أَنْ يَكُونَ وَطِئَهُمَا أَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا أَوْ لَمْ يَطَأْ
وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا
أَوْ رَجْعِيًّا فَالْحَاصِلُ سِتَّةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَعْتَدَّ
بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ أَوْ إحْدَاهُمَا بِالْأَقْرَاءِ،
وَالْأُخْرَى بِالْأَشْهُرِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ
بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِحِ تِسْعَةٌ؛
لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ يَطَأَ
وَاحِدَةً أَوْ يَطَأَهُمَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ إمَّا أَنْ
تَكُونَ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا
أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَالْمَجْمُوعُ
ثَمَانِيَةٌ تُضَمُّ لِلْأُولَى، وَاسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَتَيْنِ
بِقَوْلِهِ لَا فِي بَائِنٍ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ
وَالتَّقْدِيرُ اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لَا فِي
بَائِنٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدُ
فَتَعْتَدُّ مَنْ وُطِئَتْ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا
مَعَ قَوْلِهِ وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ مُطْلَقًا مَفْهُومُ قَوْلِهِ
وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَوَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ
رَجْعِيٍّ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ ذَوَاتَا أَقْرَاءٍ فِي رَجْعِيٍّ.
(4/85)
وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَوْ
ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ وَطِئَهُمَا وَهُمَا ذَوَاتَا
أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَوْ ذَوَاتَا أَقْرَاءٍ فِي رَجْعِيٍّ بِقَرِينَةِ مَا
يَأْتِي (اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهَا
عِدَّةٌ فِي الْأُولَى، وَأَنْ يَلْزَمَهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ فِي
غَيْرِهَا الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي ذَاتِ
الْأَشْهُرِ وَفِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ
كُلَّ شَهْرٍ لَا يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ لِلِاحْتِيَاطِ فِي
الْجَمِيعِ.
(لَا فِي) طَلَاقٍ (بَائِنٍ) وَوَطِئَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (فَتَعْتَدُّ
مَنْ وُطِئَتْ وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ
مِنْهَا) أَيْ مِنْ وَفَاةٍ (وَ) عِدَّةِ (أَقْرَاءٍ مِنْ طَلَاقٍ)
لِذَلِكَ وَتَعْتَدُّ غَيْرُهَا لِوَفَاةٍ لِمَا تَقَرَّرَ، وَذِكْرُ
حُكْمِ وَطْءِ إحْدَاهُمَا فِي الْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِي وَوَجْهُهُ
اعْتِبَارُ الْأَكْثَرِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ
عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ أَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ
مِنْ التَّعْيِينِ اُعْتُبِرَ السَّبَبُ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَفِيهِ كَلَامٌ
ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(وَالْمَفْقُودُ) بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ حَتَّى
يَثْبُتَ مَوْتُهُ بِمَا مَرَّ) فِي الْفَرَائِضِ (أَوْ طَلَاقُهُ)
بِحُجَّةٍ فِيهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ) كَمَا لَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي
قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ حَتَّى يَثْبُتَ وَلِأَنَّ
النِّكَاحَ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَتَعْبِيرِي
بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ (فَلَوْ حُكِمَ
بِنِكَاحِهَا قَبْلَ ثُبُوتِهِ نُقِضَ) الْحُكْمُ لِمُخَالَفَتِهِ
الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي مَالِهِ
وَمَيِّتًا فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ (وَلَوْ نَكَحَتْ) قَبْلَ ثُبُوتِهِ
(وَبَانَ مَيِّتًا) قَبْلَ نِكَاحِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ)
(النِّكَاحُ) لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا
لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.
(وَيَجِبُ إحْدَادٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا فِي بَائِنِ الْمُسْتَثْنَى مِمَّا تَقَدَّمَ
وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ: بَائِنٌ وَوُطِئَتْ
وَذَاتُ أَقْرَاءٍ وَفِيهِ صُورَتَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ
وَوَطِئَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِيهِ سَبْعُ
صُوَرٍ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِيهِ صُورَتَانِ
وَقَوْلُهُ: فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَيْ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ
تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ
مُطْلَقًا) أَيْ: فِي طَلَاقِ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ
دُونَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ قَطْعًا فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ أَحْوَطُ سَوَاءٌ
انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ لَا كَمَا
فِي الْبَائِنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّهَا
حِينَئِذٍ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا
يَأْتِي) أَيْ: قَوْلُهُ لَا فِي طَلَاقٍ بَائِنٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَنْ
لَا يَلْزَمَهَا عِدَّةٌ) أَيْ: لِعَدَمِ وَطْئِهَا. (قَوْلُهُ: فِي
الْأُولَى) وَهِيَ وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَيْ: لِأَنَّ
الْمُطَلَّقَةَ الْغَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا سم.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَلْزَمَهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا) هَذَا
مُشْكِلٌ فِي الرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّهَا إذَا مَاتَ زَوْجُهَا فِي
أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَكَيْفَ
يُمْكِنُ فِي حَقِّهَا هَذَا الِاحْتِمَالُ؟ أَعْنِي أَنْ يَلْزَمَهَا
عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ اخْتِصَاصَ هَذَا
الِاحْتِمَالِ بِغَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا
إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) وَلَوْ مَضَتْ جَمِيعُ الْأَقْرَاءِ
قَبْلَ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لِأَنَّ
كُلًّا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ
مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ اهـ سم ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: مِنْهَا) حَالٌ
مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْ: حَالَ كَوْنِهَا مُبْتَدَأَةً مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَعِدَّةِ أَقْرَاءٍ مِنْ طَلَاقٍ) هَذَا إنْ لَمْ يَمْضِ
قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ بَعْضُ الْأَقْرَاءِ فَلَوْ مَضَى قَبْلَ مَوْتِهِ
قُرْءَانِ مَثَلًا اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْبَاقِي وَعِدَّةِ
الْوَفَاةِ لَا مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ تَأْتِي
بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ ح ل وَمِثْلُهُ فِي م
ر (قَوْلُهُ: وَتَعْتَدُّ غَيْرُهَا لِوَفَاةٍ) اُنْظُرْ لِمَ أَعَادَهُ
مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ
ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ مَنْ وُطِئَتْ وَقَوْلِهِ: لِمَا
تَقَرَّرَ وَهُوَ قَوْلُهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ: وَوَجْهُ اعْتِبَارِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ
الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ حُسْبَانَهَا مِنْ الطَّلَاقِ مَبْنِيٌّ عَلَى
ضَعِيفٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَحْسِبُ مِنْ التَّعْيِينِ. فَأَجَابَ
الشَّارِحُ بِأَنَّ حُسْبَانَهَا مِنْ التَّعْيِينِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا
فَتَحْسِبُ مِنْ الطَّلَاقِ بِاتِّفَاقٍ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: الْمَفْقُودُ) وَكَذَا الْمَفْقُودَةُ لَا يَنْكِحُ زَوْجُهَا
أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهَا بِمَا مَرَّ
وَلَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقِهِ جَازَ لَهَا
بَاطِنًا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِمَوْتِ زَوْجَتِهِ
جَازَ لَهُ بَاطِنًا نِكَاحُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا سم،
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَدْلَ
رِوَايَةٍ بِأَحَدِهِمَا حَلَّ لَهَا بَاطِنًا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ
قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا
وَيُقَاسُ بِذَلِكَ فَقْدُ الزَّوْجَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنِكَاحِ نَحْوِ
أُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ سِوَاهَا. (قَوْلُهُ بِحُجَّةٍ فِيهِ) أَيْ:
الطَّلَاقِ أَيْ: بِحُجَّةٍ مَقْبُولَةٍ فِيهِ بِحَيْثُ يَثْبُتُ بِهَا
وَهِيَ رَجُلَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ
حُكِمَ بِنِكَاحِهَا إلَخْ) أَيْ: حَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ يَرَاهُ
كَالْحَنَفِيِّ نُقِضَ حُكْمُهُ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ حَكَمَ الْحَاكِمُ
يَرْفَعُ الْخِلَافَ مَا لَمْ يُخَالِفْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ كَمَا هُوَ
مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ، وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ هُنَا هُوَ قِسْمَةُ
مَالِهِ وَعِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: الْجَلِيَّ) وَهُوَ مَا
قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ
الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ. (فَقَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) لِأَنَّ
النِّكَاحَ أَوْلَى مِنْ الْمَالِ فِي الْمُرَاعَاةِ حَيْثُ يُحْتَاطُ لَهُ
أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي مَالِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ
أَدْوَنُ مِنْ النِّكَاحِ فِي الِاحْتِيَاطِ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِلرَّدِّ
عَلَى الْحَنَفِيَّةِ ع ش حَيْثُ جَعَلُوهُ حَيًّا فِي عَدَمِ قِسْمَةِ
مَالِهِ، وَمَيِّتًا فِي جَوَازِ نِكَاحِ زَوْجَتِهِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ) وَلَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي
الْمُرْتَابَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ
لَا حَمْلَ مَعَ أَنَّ الْحَاصِلَ فِي كُلٍّ شَكٌّ لِأَنَّ الشَّكّ ثَمَّ
لِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فَأَبْطَلَ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَفِيهِ مَا
لَا يَخْفَى ح ل.
. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إحْدَادٌ) وَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ عِ ش. (قَوْلُهُ:
عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَإِنْ شَارَكَهَا غَيْرُهَا بِأَنْ
أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ
(4/86)
لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا يَحِلُّ
لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى
مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»
أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ
لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ
جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ
يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ وَعَلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ
مَنْعُهُمَا مِمَّا يُمْنَعُ غَيْرُهُمَا (وَسُنَّ لِمُفَارِقَةٍ) وَلَوْ
رَجْعِيَّةً وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ فَهِيَ
مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِفَسْخٍ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى
فِيهَا، فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَذِكْرُ سَنِّهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ
مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ
أَبِي ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ
أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى
رَجْعَتِهَا.
(وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ حَدَّ وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ
أَحَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ) بِمَا
يُقْصَدُ (لِزِينَةٍ وَلَوْ) صُبِغَ (قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خُشِّنَ)
لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ «كُنَّا نُنْهَى أَنْ
نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ وَأَنْ نَلْبَسَ
ثَوْبًا مَصْبُوغًا» بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ كَكَتَّانٍ
وَإِبْرَيْسَمٍ لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ زِينَةً كَنَقْشٍ وَبِخِلَافِ
الْمَصْبُوغِ لَا لِزِينَةٍ لِمُصِيبَةٍ أَوْ احْتِمَالِ وَسَخٍ
كَالْأَسْوَدِ وَالْكُحْلِيِّ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ فِيهِ وَإِنْ
تَرَدَّدَ الْمَصْبُوغُ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ
وَالْأَزْرَقِ فَإِنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ حَرُمَ وَإِلَّا
فَلَا (وَ) تَرْكُ (تَحَلٍّ بِحَبٍّ) يَتَحَلَّى بِهِ كَلُؤْلُؤٍ
(وَمَصْبُوغٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَنُحَاسٍ إنْ
مُوِّهَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَتَحَلَّى بِهِ
(نَهَارًا) كَخَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَخَاتَمٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد
وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ
الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ
وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ» وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ
بِالْمِشْقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ:
طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا وَخَرَجَ بِالتَّحَلِّي بِمَا ذَكَرَ
التَّحَلِّي بِغَيْرِهِ كَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ عَارِيَّيْنِ عَمَّا مَرَّ
وَبِالنَّهَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي التَّحَلِّي بِمَا ذَكَرَ لَيْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَنْهَا وَقُلْنَا تَعْتَدُّ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا أَيْ: عَنْ عِدَّةِ
الْوَفَاةِ وَالشُّبْهَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْ: لِأَنَّهُمَا لِوَاحِدٍ
فَلَوْ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ لِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَتْ
حَامِلًا مِنْهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إحْدَادٌ قَبْلَ الْوَضْعِ
وَهَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَجِبُ إحْدَادٌ عَلَى
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ح ل وَعِبَارَةُ م ر وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ
غَيْرِهِ: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِيَشْمَلَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ
حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ حَالَةَ الْحَمْلِ
الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ اهـ بِالْحَرْفِ
وَقَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْأُولَى لِئَلَّا يَشْمَلَ. (قَوْلُهُ: أَيْ
يَجِبُ) لِأَنَّ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ وَجَبَ غَالِبًا م ر.
(قَوْلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَوْ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى
الِامْتِثَالِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ) وَإِنْ كَانَ
زَوْجُهَا كَافِرًا م ر ع ش وَرَاعَى مَعْنَى غَيْرَ فَأَنَّثَ الضَّمِيرَ
الْعَائِدَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ) بِمَعْنَى
أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ يَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا
أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنْ لُزُومُ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى
الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ
رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجْعِيَّةً) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا
يَجِبُ) أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ لِأَجْلِ التَّعْلِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ
وَلِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُتَوَفَّى
عَنْهَا قَالَ م ر: وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ
بِالْفِرَاقِ إلَخْ فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا إنْ
فُورِقَتْ إلَخْ إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي اسْتَنَدَ
إلَيْهِ الضَّعِيفُ. (قَوْلُهُ مَجْفُوَّةٌ بِهِ) أَيْ: مَهْجُورَةٌ
مَتْرُوكَةٌ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَنَفْسُهَا قَائِمَةٌ مِنْهُ فَلَا
تَحْزَنُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ
إلَخْ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تَرْجُو رَجْعَتَهُ بِالتَّزَيُّنِ
وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لِفَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ حَجّ.
(قَوْلُهُ: لُغَةً الْمَنْعُ) لِأَنَّ الْمُحِدَّةَ تَمْنَعُ نَفْسَهَا
مِنْ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِمَا) أَيْ بِصِبْغٍ يُقْصَدُ
لِزِينَةٍ إنَّمَا قُدِّرَ هَذَا الْمَتْنُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ
إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِقَصْدِ الزِّينَةِ لَا
مَا صُبِغَ لَا بِقَصْدِ الزِّينَةِ وَإِنْ كَانَ الصِّبْغُ فِي نَفْسِهِ
زِينَةً فَأَشَارَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إلَى امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مِنْ
شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِصَبْغِهِ
خُصُوصُ زِينَةٍ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ إلَخْ)
الْغَايَةُ الْأُولَى لِلرَّدِّ، وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا
يُفْهَمُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَيِّتٍ) أَيْ: لِأَجْلِهِ
(قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجٍ) أَيْ: فَلَا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَيْهِ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَلْ نُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَأَرْبَعَةٌ مَعْمُولٌ
لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ نَكْتَحِلَ أَيْ وَنُنْهَى أَنْ
نَكْتَحِلَ إلَخْ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى
فِعْلٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَلَا يَصِحُّ
عَطْفُهُ عَلَى أَنْ نُحِدَّ؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى وَكُنَّا
نُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ
تَرْكِ الِاكْتِحَالِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْإِحْدَادَ الْمَنْهِيَّ
عَنْهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ نَعَمْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ إنْ
قُدِّرَ مُضَافٌ أَيْ: وَعَنْ تَرْكِ الِاكْتِحَالِ إلَخْ، وَمَحَلُّ
وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إنْ لَمْ
تَكُنْ حَامِلًا مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ إلَى
وَضْعِهِ سَوَاءٌ تَرَاخَى وَضْعُهُ عَنْ مَوْتِهِ بِمُدَّةٍ كَثِيرَةٍ
بَلَغَتْ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: كَكَتَّانٍ) بِفَتْحِ
الْكَافِ وَكَسْرِهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِبْرَيْسَمٍ)
وَهُوَ الْحَرِيرُ الْأَبْيَضُ اهـ. ح ل وَهَذَا خَرَجَ بِالْمَصْبُوغِ
وَهَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَتَزَيَّنُونَ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمَصُوغٍ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ ع ش. (قَوْلُهُ:
مِمَّنْ يَتَحَلَّى بِهِ) أَيْ: بِالنُّحَاسِ غَيْرِ الْمُمَوَّهِ ح ل
(قَوْلُهُ: نَهَارًا) رَاجِعٌ لِلتَّحَلِّي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ
كَلَامُهُ فِي الْمَفْهُومِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَ الْمَصْبُوغِ
يَمْتَنِعُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي
شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَفَارَقَ حُرْمَةُ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ
لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ
الْحُلِيُّ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَلُبْسِ مَصْبُوغٍ
أَيْ: وَلَوْ لَيْلًا وَمَسْتُورًا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ)
أَيْ: فِي قَوْلِهِ إنْ مُوِّهَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ.
(4/87)
فَجَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَاجَةٍ
وَمَعَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ.
(وَ) تَرْكُ (تَطَيُّبٍ) فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَكُحْلٍ وَلَوْ
غَيْرَ مُحْرِمٍ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ وَاسْتَثْنَى
اسْتِعْمَالَهَا عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ قَلِيلًا
مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْبَخُورِ كَمَا
وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا إنْ احْتَاجَتْ
إلَى تَطَيُّبٍ جَازَ كَالِاكْتِحَالِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ (وَ)
تَرْكُ (دَهْنِ شَعْرٍ) لِرَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ
الزِّينَةِ بِخِلَافِ دَهْنِ سَائِرِ الْبَدَنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) تَرْكُ (اكْتِحَالٍ بِكُحْلِ زِينَةٍ) كَإِثْمِدٍ وَلَوْ كَانَتْ
سَوْدَاءَ وَكَكُحْلٍ أَصْفَرَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْضَاءَ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ فِيهِمَا طِيبٌ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ (إلَّا
لِحَاجَةٍ) كَرَمَدٍ (فَ) تَكْتَحِلُ بِهِ (لَيْلًا) وَتَمْسَحُهُ
نَهَارًا، وَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ نَهَارًا وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي
دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ
سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ فِي
عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ هُوَ
صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ
بِالنَّهَارِ» وَالصَّبْرُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ
الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَخَرَجَ بِكُحْلِ
الزِّينَةِ غَيْرُهُ كَالتُّوتْيَاءِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا إذْ لَا زِينَةَ
فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِثْمِدٍ
وَقَوْلِي قَلِيلًا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) تَرْكُ (اسْفِيذَاجٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ
رَصَاصٍ يُطْلَى بِهِ الْوَجْهُ (وَدِمَامٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ
وَكَسْرِهَا وَهِيَ حُمْرَةٌ يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ (وَخِضَابِ مَا
ظَهَرَ) مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا مَا
تَحْتَ الثِّيَابِ (بِنَحْوِ حِنَّاءَ) كَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانَ لِخَبَرِ
أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَقَوْلِي مَا ظَهَرَ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا
فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الرُّويَانِيِّ لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ
يُونُسَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَفِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ
تَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا وَتَصْفِيفُ طُرَّتِهَا وَتَجْعِيدُ شَعْرِ
صُدْغَيْهَا وَتَسْوِيدُ الْحَاجِبِ وَتَصْفِيرُهُ.
(وَحَلَّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ) مِمَّا تَرْقُدُ وَتَقْعُدُ عَلَيْهِ مِنْ
مَرْتَبَةٍ وَنِطَعٍ وَوِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا (وَ) تَجْمِيلُ (أَثَاثٍ)
بِمُثَلَّثَتَيْنِ وَهُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُزَيِّنَ
بَيْتَهَا بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ
فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفِرَاشِ وَالْمَكَانِ (وَ) حَلَّ (تَنْظِيفٌ)
بِغَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمِ ظُفُرٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَامْتِشَاطٍ
وَحَمَّامٍ وَاسْتِحْدَادٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ
أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْوَطْءِ فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ اسْمِهَا عَلَى
ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
(وَلَوْ تَرَكَتْ إحْدَادًا أَوْ سُكْنَى) فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ
بَعْضِهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا إلَّا بَعْدَ
الْمُدَّةِ (انْقَضَتْ) بِمُضِيِّهَا (عِدَّتُهَا) وَإِنْ عَصَتْ هِيَ أَوْ
وَلِيُّهَا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحُرْمَتِهِ إذْ
الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
(وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يَتَحَلَّى بِهِ ع ش أَيْ عَارِيَّيْنِ عَنْ التَّمْوِيهِ وَالتَّزْيِينِ
بِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَجَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةِ الْحَاجَةِ) كَالْخَوْفِ
عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ تَطَيُّبٍ) أَيْ: بِمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَحْرَمِ
ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فَيَلْزَمُهَا نَزْعُ الثَّوْبِ الْمُطَيَّبِ إذَا
طَرَأَتْ الْعِدَّةُ ح ل بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ
عَلَيْهِ اسْتِدَامَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّطَيُّبِ قَبْلَ
الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَ
كُحْلَ زِينَةٍ كَالتُّوتْيَا وَالشِّشْمِ فَإِنَّهُمَا غَيْرُ
مُحَرَّمَيْنِ قَبْلَ وَضْعِ الطِّيبِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ قُسْطٍ)
بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَظْفَارٍ)
ضَرْبٌ مِنْ الْعِطْرِ عَلَى شَكْلِ أَظْفَارِ الْإِنْسَانِ
قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَخُورِ)
بِفَتْحِ الْبَاءِ مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ: جَازَ) وَعِنْدَ زَوَالِ
الْحَاجَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا إزَالَةُ ذَلِكَ فَوْرًا ح ل. (قَوْلُهُ:
وَتَرْكُ اكْتِحَالٍ) وَلَوْ لِعَمْيَاءَ بَاقِيَةِ الْحَدَقَةِ سم عَلَى
حَجّ ع ش. (قَوْلُهُ وَكَكُحْلٍ أَصْفَرَ) وَهُوَ الصَّبْرُ كَمَا فِي
شَرْحِ م ر فِي الْمُخْتَارِ الصَّبْرُ الدَّوَاءُ الْمُرُّ. (قَوْلُهُ:
إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ: مُبِيحَةٍ لِلتَّيَمُّمِ ح ل وَز ي قَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا لَا
يُحْتَمَلُ عَادَةً. قَوْلُهُ: «دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَيْ:
زَوْجَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ
نِكَاحِهَا» وَتَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ
بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ
وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ، وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا
أَوْ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ
مِنْ خَصَائِصِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالصَّبْرُ) وَهُوَ الْكُحْلُ
الْأَصْفَرُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: لَيْلًا
وَنَهَارًا لِحَاجَةٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ) هَذِهِ
شِبْهُ مُصَادَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى يَجُوزُ كُحْلُ غَيْرِ
الزِّينَةِ إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: حُمْرَةٌ إلَخْ) وَاشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِحُسْنِ
يُوسُفَ. (قَوْلُهُ مَا ظَهَرَ) أَيْ: عِنْدَ الْمِهْنَةِ. (قَوْلُهُ
بِنَحْوِ حِنَّاءٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ
وَبِالْمَدِّ جَمْعٌ وَاحِدُهُ حِنَّاءَةٌ بِالْمَدِّ أَيْضًا ق ل عَلَى خ
ط، وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَاحِدُهُ حِنْأَةٌ كَعِنَبَةٍ سُمِّيَتْ
بِذَلِكَ لِأَنَّهَا حَنَّتْ لِآدَمَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ فَكَانَ
كُلَّمَا أَخَذَ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَرَقًا يَسْتَتِرُ بِهِ طَارَ
عَنْهُ إلَّا وَرَقَ الْحِنَّاءِ. (قَوْلُهُ: كَوْرَسٍ) هُوَ نَبْتٌ
أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ فِي الْيَمَنِ. (قَوْلُهُ: وَتَصْفِيفُ طُرَّتِهَا)
أَيْ: تَسْوِيَةُ قُصَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَتَصْفِيرُهُ) التَّصْفِيرُ
بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ جَعْلُ الشَّيْءِ أَصْفَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ
يَكُونَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: يُجْعَلُ صَغِيرًا بِأَنْ
يُقَلِّلَ شَعْرَهُ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ ع ش.
. (قَوْلُهُ: وَحَلُّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ) أَيْ: تَجْمِيلُ الْبَيْتِ
بِالْفِرَاشِ وَكَذَا يُقَالُ فِي تَجْمِيلِ الْأَثَاثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ
بِأَنْ تُزَيِّنَ إلَخْ لِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ يَعُودُ لِتَجْمِيلِ
الْفِرَاشِ وَالْأَثَاثِ وَعَطْفُهُ عَلَى الْفِرَاشِ مِنْ عَطْفِ
الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِأَنَّ الْأَثَاثَ يَشْمَلُ الْفِرَاشَ
وَالْأَوَانِيَ شَيْخُنَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَأَمَّا الْغِطَاءُ
فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ مُطْلَقًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَحَمَّامٍ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ
وَإِلَّا حَرُمَ شَرْحُ م ر، وَالْخُرُوجُ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَكُونَ
لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ
. (قَوْلُهُ: لَا لِلرَّجُلِ) أَخْذُهُ مِنْ
(4/88)
(إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ
قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ) لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا
وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ
الْمَبْحَثِ.
(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ
(تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ
وَفَاةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وَقِيسَ بِهِ الْفَسْخُ بِأَنْوَاعِهِ بِجَامِعِ
فُرْقَةِ النِّكَاحِ فِي الْحَيَاةِ وَلِخَبَرِ فُرَيْعَةَ بِضَمِّ
الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ فِي الْوَفَاةِ: «أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ
فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ
تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي
مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت
حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ
اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ
فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا حَيْثُ (تَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَى
الزَّوْجِ (لَوْ لَمْ تُفَارِقْ) فَلَا تَجِبُ سُكْنَى لِمَنْ لَا نَفَقَةَ
لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَاشِزٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَصَغِيرَةٍ لَا
تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَمَةٍ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَا تَجِبُ
لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ
فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا نَاشِزَةً وَهُوَ مِنْ
زِيَادَتِي فِي مُعْتَدَّةِ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ وَحَيْثُ لَا تَجِبُ
سُكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ فَلِلزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ إسْكَانُهَا حِفْظًا
لِمَائِهِ وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَحَيْثُ لَا تَرِكَةَ وَلَمْ
يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ بِالسُّكْنَى سُنَّ لِلسُّلْطَانِ إسْكَانُهَا مِنْ
بَيْتِ الْمَالِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ
وَمُعْتَدَّةِ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَهِيَ حَائِلٌ دُونَ النَّفَقَةِ
لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ
الْفُرْقَةِ كَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهَا قَبْلَهَا وَالنَّفَقَةُ
لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى
فَإِنَّمَا تَجِبُ (فِي مَسْكَنٍ) لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ بِهِ عِنْدَ
الْفُرْقَةِ وَلَوْ)
كَانَ (مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ) كَصُوفٍ؛ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ
الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَقْدِيمِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ: فَيَحْرُمُ
عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَاجْتِنَابُ كُلِّ مَا يُشْعِرُ بِالتَّبَرُّمِ أَيْ:
التَّضَرُّرِ وَالتَّضَجُّرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ
أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا صَبْرَ لَهَا عَلَى الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ
الرَّجُلِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَسَيِّدٍ) أَيْ وَمَمْلُوكٍ وَصِهْرٍ وَصَدِيقٍ
وَعَالِمٍ وَصَالِحٍ بِخِلَافِ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ فَيَحْرُمُ الْإِحْدَادُ
عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ. .
[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ]
. (فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ سُكْنَى
لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ) وَلَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّ السُّكْنَى عَنْ
الزَّوْجِ لَمْ يَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِوُجُوبِهَا
يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ شَرْحٌ م ر
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ
الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ اهـ ع ش
عَلَيْهِ ثَمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ
بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْهُ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي
الذِّمَّةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فَسْخٍ) أَوْ انْفِسَاخٍ بِرِدَّةٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ
رَضَاعٍ ح ل أَوْ مُرَادُهُ بِالْفَسْخِ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ
وَصَرَّحَ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ ع ش أَيْضًا. (قَوْلُهُ:
أَوْ وَفَاةٍ) أَيْ حَيْثُ وُجِدَتْ تَرِكَةٌ، وَتُقَدَّمَ عَلَى
الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش وَتُقَدَّمُ
سُكْنَاهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ
التَّرِكَةِ وَمَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَوْمِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ
لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا لَهُ لِأَنَّهَا
تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ كَمَا قَالَهُ م ر. قَوْلُهُ: {مِنْ حَيْثُ
سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ
الْبَيْضَاوِيُّ بِقَوْلِهِ أَيْ: مِنْ مَكَانِ سُكْنَاكُمْ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي الرُّجُوعِ) أَيْ: إلَى أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا
كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ
أَمَرَهَا بِالْمُكْثِ فِي بَيْتِهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي
الْحُجْرَةِ) أَيْ: حُجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِك) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي كُنْت فِيهِ
وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ يَبْلُغُ الْكِتَابَ) أَيْ: الْمَكْتُوبَ وَهُوَ الْعِدَّةُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) كَأَنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِلَا
إذْنِ الزَّوْجِ وَإِذَا عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ السُّكْنَى ح ل.
(قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٍ) أَيْ: مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ اسْتَدْخَلَتْ
مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ كَمَا فِي ز ي وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا
قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى
الصَّبِيَّةِ إذَا وُطِئَتْ تَهَيُّؤُهَا لِلْوَطْءِ فَإِنْ لَمْ
تَتَهَيَّأْ لَهُ فَلَا عِدَّةَ لَهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ اسْتِدْخَالَ
الْمَاءِ لَا يُوجِبُهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ
يُقَالَ الْمُرَادُ بِالتَّهَيُّؤِ هُنَا التَّهَيُّؤُ بِالْفِعْلِ
وَهُنَاكَ بِاعْتِبَارِ السِّنِّ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ
مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ
زَوْجَتَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ
لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ تَهَيُّئِهِمَا لِلْوَطْءِ لِكَوْنِهِمَا دُونَ
الْحَوْلَيْنِ، فَالظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُحَشِّي
مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَهَيُّؤِ الصَّغِيرَةِ لِلْوَطْءِ وَمِنْ ثَمَّ
لَمْ يَعْتَبِرْ م ر كحج هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي الصَّبِيِّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسَلِّمَةً لَهُ
لَيْلًا وَنَهَارًا ح ل. (قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ: وَيَجِبُ
عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ
تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ اهـ زي. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ)
أَيْ: مَفْهُومُهُ أَعَمُّ وَقَوْلُهُ: فِي مُعْتَدَّةٍ إلَخْ يَقْتَضِي
أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُهُ فِي مُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ
يَذْكُرْهُ أَصْلًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ
عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إلَّا نَاشِزَةً فَكَأَنَّهُ
ذَكَرَهُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ
تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِذَلِكَ لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ وَمِثْلُهُ
السُّلْطَانُ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا نَظَرَ
لِلْمِنَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى الْمَيِّتِ ح ل.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا
إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ
الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى
كَمَا لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ:
لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ) هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَلَا
يُنْتَقَضُ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ
أَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ صَغِيرَةً
أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ
الزَّوْجِ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الصَّغِيرَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَوْ
ارْتَحَلَ أَهْلُهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةِ.
(4/89)
وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ
تَخَيَّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا
يَأْتِي فِي الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ
وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا تَخْرُجُ) مِنْهُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً
(وَلَا تَخْرُجُ) هِيَ مِنْهُ وَلَوْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى
خُرُوجِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ وَعَلَى الْحَاكِمِ
الْمَنْعُ مِنْهُ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ
وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ قَالَ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ
بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وَمَا ذَكَرْته فِي
الرَّجْعِيَّةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ
عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ
الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ
لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي
نُكَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ
وَالْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ:
إنَّهُ الصَّوَابُ (إلَّا لِعُذْرٍ كَشِرَاءِ غَيْرِ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ)
عَلَى الْمُفَارِقِ (نَحْوَ طَعَامٍ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ (نَهَارًا
وَغَزْلِهَا وَنَحْوِهِ) كَحَدِيثِهَا وَتَأَنُّسِهَا (عِنْدَ جَارَتِهَا
لَيْلًا إنْ) رَجَعَتْ وَ (بَاتَتْ بِبَيْتِهَا) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ،
أَمَّا مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ كَرَجْعِيَّةٍ وَحَامِلٍ بَائِنٍ فَلَا
يَخْرُجَانِ لِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ كَالزَّوْجَةِ إذْ عَلَيْهِ
الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ
تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ
السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَكَخَوْفٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ نَحْوِ هَدْمٍ وَغَرَقٍ
وَفَسَقَةٍ مُجَاوِرِينَ لَهَا وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِخَوْفٍ
مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا (وَشِدَّةِ تَأَذِّيهَا
بِجِيرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهمْ بِهَا لِلْحَاجَةِ
إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَذَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِقَامَةُ وَإِنْ
لَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِلَّةُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِينَ إلَخْ)
أَيْ: مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ فَلَوْ عَادُوا لَزِمَهَا الْعَوْدُ ح ل
(قَوْلُهُ: وَعَدَدٌ) أَيْ: كَثْرَةٌ فَهُوَ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى
مُسَبَّبٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعِ عِدَّةٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً) لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لِلزَّوْجِ
إخْرَاجُهَا وَإِسْكَانُهَا حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ
الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ) أَيْ:
الْمَذْكُورِ مِنْ الْخُرُوجِ وَالْإِخْرَاجِ اللَّذَيْنِ فِي الْمَتْنِ
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَلَى
الْحَاكِمِ وَلِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ قَالَ ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا
لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ السُّكْنَى أَوْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا لَا
يَسْقُطُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ) فَكَمَا لَا
يَجُوزُ إبْطَالُ أَصْلِ الْعِدَّةِ بِاتِّفَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ
تَوَابِعِهِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ)
مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: نَهَارًا) ، أَمَّا اللَّيْلُ وَلَوْ أَوَّلَهُ
خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَلَا تَخْرُجُ فِيهِ مُطْلَقًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ
مَظِنَّةُ الْفَسَادِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنهَا ذَلِكَ نَهَارًا أَيْ:
وَأَمِنَتْ كَمَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَغَزْلِهَا وَنَحْوِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ
عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَتَأْنَسُ بِهِ لَكِنْ قَالَ حَجّ بِشَرْطِ
أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَيُؤَانِسُهَا عَلَى
الْأَوْجَهِ ع ش عَلَى م ر، وَسِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي
أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ
مَنْ لَهَا النَّفَقَةَ لَا تَخْرُجُ لِجَارَتِهَا لِلْغَزْلِ وَنَحْوِهِ
وَيُؤَيِّدُ هَذَا صَنِيعُهُ فِي الْمَفْهُومِ حَيْثُ أَخَّرَهُ عَنْ هَذَا
أَيْضًا لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ الْآتِيَ فِيهِ بِقَوْلِهِ إذْ عَلَيْهِ
الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا يُبْعِدُ تَقْيِيدَ الْخُرُوجِ لِلْجَارَةِ
بِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا إذْ لَا عَلَاقَةَ لِلْخُرُوجِ لِلْغَزْلِ
وَالتَّأَنُّسِ وَنَحْوِهِمَا بِالنَّفَقَةِ وَعَدَمِهَا وَذَكَرَ حَجّ
مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ غَيْرَ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ قَبْلَ مَسْأَلَةِ
الْخُرُوجِ لِلْغَزْلِ عِنْدَ الْجَارَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا غَيْرُ
مُقَيَّدَةٍ بِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَالضَّمِيرُ فِي غَزْلِهَا
لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا لَا نَفَقَةَ
لَهَا لَكِنَّ صَنِيعَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَصَنِيعِهِ هُنَا
وَمِثْلُهُمَا م ر (قَوْلُهُ: عِنْدَ جَارَتِهَا) أَيْ: الْمُلَاصِقَةِ
لَهَا وَمُلَاصِقَةِ الْمُلَاصِقَةِ لَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ ح
ل.
(قَوْلُهُ لَيْلًا) أَيْ: حِصَّةً مِنْهُ لَمْ تَكُنْ مُعْظَمَهُ وَإِلَّا
فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَدَّثَ عِنْدَ جَارَتِهَا مُعْظَمَ
اللَّيْلِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ
لِلْعَادَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ كَشَيْخِنَا ح ل. (قَوْلُهُ: وَبَاتَتْ
بِبَيْتِهَا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَهَا صِنَاعَةٌ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا
بِاللَّيْلِ كَالْمُسَمَّاةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْعَامِلَةِ
وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَجْ لِلْخُرُوجِ فِي تَحْصِيلِ
نَفَقَتِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَحَامِلٍ بَائِنٍ) أَيْ: بِغَيْرِ وَفَاةٍ بِخِلَافِ
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَلَوْ حَامِلًا فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا
شَوْبَرِيٌّ وَح ل. (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ) هِيَ ظَاهِرٌ
بِنَاءً فِي الرَّجْعِيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ
يَسْكُنُهَا حَيْثُ شَاءَ أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا
يُسْكِنُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ
لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَسْقُطُ
بِإِذْنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَسَامَحُوا فِيهِ لِعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ
لِلْمَسْكَنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ عُرْفًا ع ش
عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ) وَكَذَا الْأُولَى كَمَا
نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا لِضَعْفِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهَا وَفِي كَلَامِ
شَيْخِنَا أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لِذَلِكَ ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر
قَوْلُهُ: أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُكَفِّيَةٌ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ
أَنَّهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةَ لَوْ احْتَاجَتْ لِلْخُرُوجِ لِشِرَاءِ
قُطْنٍ أَوْ تَأْنَسَ بِجَارَتِهَا لَيْلًا جَازَ.
. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) أَوْ اخْتِصَاصٍ م ر. (قَوْلُهُ
أَوْ مَالٍ) أَيْ: وَلَوْ لِغَيْرِهَا وَإِنْ قَلَّ اهـ ب ر. (قَوْلُهُ:
بِجِيرَانٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ هُنَا مُلَاصِقٌ أَوْ
مُلَاصِقَةٌ وَنَحْوُهُ كَالْمُقَابِلِ لَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ
شَرْحُ م ر. أَقُولُ لَوْ اُعْتُبِرَ بِالْعُرْفِ كَمَا يَأْتِي فِي رَفْعٍ
لِذِمِّيٍّ بِنَاءَهُ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ لَكَانَ قَرِيبًا
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهمْ بِهَا) وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ
الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ تَأَذِّيهِمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ
تَتَعَدَّ بِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا
الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ
(4/90)
الْيَسِيرِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ
وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ نَعَمْ إنْ
اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً
نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ
بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ؛
لِأَنَّ الْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمَا.
(وَلَوْ انْتَقَلَتْ لِبَلَدٍ أَوْ مَسْكَنٍ بِإِذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ
(فَوَجَبَتْ عِدَّةٌ وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا) إلَيْهِ (اعْتَدَّتْ فِيهِ)
لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ سَوَاءً أَحَوَّلَتْ
الْأَمْتِعَةَ مِنْ الْأُوَلِ أَمْ لَا (أَوْ) انْتَقَلَتْ لِذَلِكَ (بِلَا
إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ) تَعْتَدُّ وَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ
وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا
بَعْدَ انْتِقَالِهَا أَنْ تُقِيمَ فِي الثَّانِي فَكَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ
بِالْإِذْنِ (كَمَا لَوْ أَذِنَ) فِي الِانْتِقَالِ (فَوَجَبَتْ) أَيْ
الْعِدَّةُ (قَبْلَ خُرُوجِهَا) فَتَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ
الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ.
(أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ) لِحَاجَتِهَا أَوْ لِحَاجَتِهِ كَحَجٍّ
وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ وَاسْتِحْلَالٍ مِنْ مَظْلِمَةٍ وَرَدِّ آبِقٍ أَوْ
لَا لِحَاجَتِهِمَا كَنُزْهَةٍ وَزِيَارَةٍ (فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ
فَعَوْدُهَا أَوْلَى) مِنْ مُضِيِّهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهَا
الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْمَسِيرِ مَشَقَّةً ظَاهِرَةً وَهِيَ
مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا مَضَتْ أَوْ عَادَتْ.
(وَيَجِبُ) أَيْ عَوْدُهَا (بَعْدَ انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا) إنْ سَافَرَتْ
لَهَا (أَوْ) بَعْدَ انْقِضَاءِ (مُدَّةِ الْإِذْنِ) إنْ قَدَّرَ لَهَا
مُدَّةً (أَوْ) مُدَّةِ (إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) إنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهَا
مُدَّةً فِي سَفَرِ غَيْرِ حَاجَتِهَا لِتَعْتَدَّ لِلْبَقِيَّةِ فِي
الطَّرِيقِ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ وَبَعْضُهَا فِي الْأَوَّلِ عَمَلًا
بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (كَوُجُوبِهَا بَعْدَ وُصُولِهَا) الْمَقْصِدَ
فَإِنَّهُ يَجِبُ عَوْدُهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ وَإِطْلَاقِي لِلسَّفَرِ
أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ لَكِنْ إنْ
سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَلَا تُقِيمُ بِمَحَلِّ
الْفُرْقَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ إنْ أَمِنْت
الطَّرِيقَ وَوَجَدَتْ الرُّفْقَةَ؛ لِأَنَّ سَفَرَهَا كَانَ بِسَفَرِهِ
فَيَنْقَطِعُ بِزَوَالِ سَلْطَنَتِهِ وَاغْتُفِرَ لَهَا مُدَّةُ إقَامَةِ
الْمُسَافِرِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأُهْبَةِ الزَّوْجِ فَلَا تَبْطُلُ
عَلَيْهَا أُهْبَةُ السَّفَرِ وَذِكْرُ أَوْلَوِيَّةِ الْعَوْدِ مَعَ
قَوْلِي أَوْ مُدَّةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَوْ خَرَجَتْ) مِنْهُ (فَطَلَّقَهَا وَقَالَ مَا أَذِنْتُ فِي خُرُوجٍ
أَوْ) قَالَ وَقَدْ قَالَتْ (أَذِنْتَ) لِي فِي نَقْلِي (لَا لِنَقْلَةٍ
حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الْأُولَى
وَعَدَمُ الْإِذْنِ فِي النَّقْلَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ رُجُوعُهَا
فِي الْحَالِ إلَى مَسْكَنِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ
الْقَائِلُ فِي الثَّانِيَةِ وَارِثَ الزَّوْجِ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ
بِيَمِينِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ
وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّحْلِيفِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ)
لَأَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ لِمَا مَرَّ (وَصَحَّ بَيْعُهُ فِي عِدَّةِ
أَشْهُرٍ) كَالْمُكْتَرَى لَا فِي عِدَّةِ حَمْلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ظَاهِرُ شَرْحِ م ر شَوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: الْيَسِيرُ) وَهُوَ مَا
يُحْتَمَلُ عَادَةً شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْجِيرَانِ) أَيْ:
وَبِخِلَافِ تَأَذِّيهَا مِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءِ فَهُوَ مَفْهُومُ
قَيْدٍ مُلَاحَظٍ فِي كَلَامِهِ أَيْ: جِيرَانٍ غَيْرِ أَحْمَاءَ.
(قَوْلُهُ: وَتَأَذَّتْ بِهِمْ) الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ بِهِمَا لَكِنَّ
مُرَادَهُ التَّعْمِيمُ فِي أَهْلِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَبَوَيْنِ
غَيْرُ قَيْدٍ.
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا) أَيْ وَبَعْدَمَا يُشْتَرَطُ
مُجَاوَزَتُهُ فِي التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ مِنْ الْبَلَدِ وَإِلَّا
وَجَبَ عَلَيْهَا الْعَوْدُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَفِي الْأَوَّلِ تَعْتَدُّ)
أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إسْكَانُهَا
لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ نَاشِزَةٌ ح ل وَفِيهِ أَنَّ النَّاشِزَةَ إذَا
عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ عَادَ لَهَا وُجُوبُ
الْإِسْكَانِ مِنْ حِينِ عَوْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ إلَخْ) لَا تَلْتَبِسُ هَذِهِ بِمَا
قَبْلَهَا لِأَنَّ هَذِهِ سَافَرَتْ وَتَعُودُ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهَا
انْتَقَلَتْ لِتَسْكُنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَاجَتِهِ) أَوْ مَانِعَةِ
خُلُوٍّ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِلظُّلْمِ
أَمَّا بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا ظُلِمَ بِهِ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى ع ش
عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْ لَا لِحَاجَتِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ
لِحَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ وَقَوْلُهُ وَزِيَارَةٍ أَيْ: زِيَارَةِ
الصَّالِحِينَ أَمَّا زِيَارَةُ أَقَارِبِهَا فَهِيَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ
فَهِيَ مِنْ حَاجَتِهَا ح ل (قَوْلُهُ: فِي طَرِيقِ) أَيْ: بَعْدَ
مُجَاوَزَةِ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِي التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ
كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَعَوْدُهَا أَوْلَى)
هَذَا شَامِلٌ كَمَا تَرَى لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لِاسْتِحْلَالِ
مَظْلِمَةٍ أَوْ لِحَجٍّ وَلَوْ مُضَيَّقًا وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ
حِينَئِذٍ فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ
الْمُضِيِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ.
. (قَوْلُهُ أَوْ مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ
أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ ع ش. (قَوْلُهُ عَمَلًا
بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَيَجِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ
حَاجَتِهَا أَيْ: مَعَ عِلَّتِهِ وَهِيَ قَوْلُهُ لِتَعْتَدَّ فَلَوْ
ذَكَرَهُ بِجَنْبِهِ كَمَا صَنَعَ م ر كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ لَكِنْ
إنْ سَافَرَتْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَعَوْدُهَا أَوْلَى.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ إلَخْ) أَيْ: فَبِزَوَالِ أُهْبَةِ
الزَّوْجِ عَنْهَا لَا تَزُولُ أُهْبَةُ السَّفَرِ عَنْهَا بِسُقُوطِ
السَّلْطَنَةِ فَاغْتَفَرُوا لَهَا مُدَّةَ السَّفَرِ ح ل وَفِي
الْمُخْتَارِ: تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ، وَأُهْبَةُ الْحَرْبِ عِدَّتُهَا،
وَجَمْعُهَا أُهَبٌ اهـ فَالْمَعْنَى لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مُلْتَبِسَةً
بِمَا أَعَدَّهُ مِنْ الْمَأْكَلِ وَحَوَائِجِ السَّفَرِ فَلَا يَفُوتُ
عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهَا بِمُجَرَّدِ فِرَاقِهَا سَافِرِي مِنْ
غَيْرِ أُهْبَةٍ بَلْ تَمْكُثُ مُدَّةَ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ لِتَحْصِيلِ
ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: أُهْبَةُ السَّفَرِ أَيْ: الْمُدَّةُ الَّتِي
تَتَأَهَّبُ فِيهَا لِلسَّفَرِ.
. (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَسْكَنِ. (قَوْلُهُ حَلَفَ) وَيَجِبُ
عَلَيْهِ إسْكَانُهَا فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى عَمَلًا
بِتَصْدِيقِهِ ح ل. (قَوْلُهُ مِنْ الْوَارِثِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَعْرَفُ
قَالَ سم، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الزَّوْجَ يُصَدَّقُ
إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِذْنِ أَوْ صِفَتَهُ، وَالْوَارِثَ يُصَدَّقُ
إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلَ دُونَ الصِّفَةِ.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ {لا
تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَوْ فِي الْحَدِيثِ مِنْ
قَوْلِهِ «اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»
أَوْ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى
تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ: وَيَكُونُ مَسْلُوبَ
الْمَنْفَعَةِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ
أَشْهُرٍ) فَلَوْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَانْتَقَلَتْ
(4/91)
أَوْ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ آخِرَ الْمُدَّةِ مَجْهُولٌ (أَوْ) كَانَ
(مُسْتَعَارًا أَوْ مُكْتَرًى وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ) أَيْ الْمُكْتَرَى
(انْتَقَلَتْ) مِنْهُ (إنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ) مِنْ بَقَائِهِمَا بِيَدِ
الزَّوْجِ بِأَنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِإِجَارَتِهِ
بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَامْتَنَعَ الْمُكْرِي مِنْ تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ
بِذَلِكَ وَكَامْتِنَاعِهِ خُرُوجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ فِي
الْمَسْكَنِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (أَوْ) كَانَ مِلْكًا (لَهَا
تَخَيَّرَتْ) بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ
وَالِانْتِقَالِ مِنْهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
إذْ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُهُ بِإِعَارَةٍ وَلَا بِإِجَارَةٍ، فَقَوْلُ
الْأَصْلِ اسْتَمَرَّتْ أَيْ جَوَازًا؛ لِئَلَّا يُخَالِفَ ذَلِكَ وَإِنْ
أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِالْوُجُوبِ (كَمَا لَوْ كَانَ) الْمَسْكَنُ
(خَسِيسًا) فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ وَطَلَبِ النَّقْلِ
إلَى لَائِقٍ بِهَا (وَيُخَيَّرُ) هُوَ (إنْ كَانَ نَفِيسًا) بَيْنَ
إبْقَائِهَا فِيهِ وَنَقْلِهَا إلَى مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا وَيَتَحَرَّى
الْمَسْكَنَ الْأَقْرَبَ إلَى الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُ،
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهُ وَاسْتَبْعَدَهُ الْغَزَالِيُّ
وَتَرَدَّدَ فِي الِاسْتِحْبَابِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) وَلَوْ أَعْمَى (مُسَاكَنَتُهَا وَلَا مُدَاخَلَتُهَا) فِي
مَسْكَنٍ لِمَا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا وَهِيَ حَرَامٌ
كَالْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ (إلَّا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ مَعَ مُمَيِّزٍ
بَصِيرٍ مَحْرَمٍ لَهَا مُطْلَقًا) أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (أَوْ)
مَعَ مُمَيِّزٍ بَصِيرٍ مَحْرَمٍ لَهُ (أُنْثَى أَوْ حَلِيلَةٍ) مِنْ
زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (أَوْ) فِي (دَارٍ بِهَا نَحْوُ حُجْرَةٍ) كَطَبَقَةٍ
(وَانْفَرَدَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِوَاحِدَةٍ بِمَرَافِقِهَا كَمَطْبَخٍ
وَمُسْتَرَاحٍ وَمَمَرٍّ) وَمَرْقًى (وَأُغْلِقَ بَابٌ بَيْنَهُمَا) أَوْ
سُدَّ وَهُوَ أَوْلَى فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ بِلَا
مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِيهِ
لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ وَلَا
عِبْرَةَ فِي الْأُولَى بِمَجْنُونٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ
وَتَعْبِيرِي فِيهِمَا بِمَا ذُكِرَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَاتٍ
أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ
فِي الْحَلِيلَةِ كَوْنُهَا ثِقَةً، وَأَنَّ غَيْرَ الْمَحْرَمِ مِمَّنْ
يُبَاحُ نَظَرُهُ كَامْرَأَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ ثِقَتَيْنِ كَالْمَحْرَمِ
فِيمَا ذَكَرَ. |