التجريد
لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج (كِتَابُ الرِّدَّةِ)
(هِيَ) لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ وَشَرْعًا (قَطْعُ
مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ الْإِسْلَامَ بِكُفْرٍ عَزْمًا) وَلَوْ فِي قَابِلٍ
(أَوْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا اسْتِهْزَاءً) كَانَ ذَلِكَ (أَوْ عِنَادًا
أَوْ اعْتِقَادًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ
الرِّدَّةِ كَاجْتِهَادٍ أَوْ سَبْقِ لِسَانٍ أَوْ حِكَايَةٍ أَوْ خَوْفٍ
وَكَذَا قَوْلُ الْوَلِيُّ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ أَنَا اللَّهُ لَكِنْ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ يُعَزَّرُ فَلَا يَتَقَيَّدُ
الِاسْتِهْزَاءُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ
كَلَامُ الْأَصْلِ وَذَلِكَ (كَنَفْيِ الصَّانِعِ) الْمَأْخُوذِ مِنْ
قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَلَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَاحِدًا هَذَا
مَا تَبَيَّنَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَهْلِ
الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ز ي (قَوْلُهُ: بِعَهْدِهِ) أَيْ بِوَصِيَّتِهِ
إلَيْهِ بِأَنْ يَسْتَخْلِفَ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا عَهِدَ) أَيْ أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ إلَخْ
الَّذِي كَتَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا وَأَوَّلِ
عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ
وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ إنِّي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ فَإِنْ بَرَّ وَعَدَلَ فَذَاكَ عِلْمِي وَرَأْيِي فِيهِ وَإِنْ
جَارَ وَبَدَّلَ فَلَا عِلْمَ لِي بِالْغَيْبِ وَالْخَيْرَ أَرَدْتُ
وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) أَيْ عَدَمُ الرَّدِّ وَلَيْسَ لَهُ
عَزْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ ح ل (قَوْلُهُ:
أَيْ تَشَاوُرًا) إشَارَةً إلَى أَنَّ شُورَى مَصْدَرٌ بِمَعْنَى
التَّشَاوُرِ ز ي (قَوْلُهُ: فَيَرْتَضُونَ إلَخْ) فَلَيْسَ لَهُمْ
الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَجِبُ
عَلَيْهِمْ الِاخْتِيَارُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ امْتَنَعُوا مِنْ
الِاخْتِيَارِ لَمْ يُجْبَرُوا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَيْنَ سِتَّةٍ)
لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُمْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ
لِغَيْرِهِمْ بَكْرِيٌّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَى عُثْمَانَ) ؛
لِأَنَّهُ كَانَ حَلِيمًا (قَوْلُهُ: شَخْصٍ) أَيْ غَيْرِ كَافِرٍ أَمَّا
هُوَ فَلَا تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ ح ل (قَوْلُهُ: شَمِلَ الْمُسْلِمِينَ)
فِي الْمُخْتَارِ شَمِلَهُمْ الْأَمْرُ شُمُولًا عَمَّهُمْ وَجَمَعَ
اللَّهُ شَمْلَهُ أَيْ مَا تَشَتَّتَ مِنْ أَمْرِهِ، وَالشَّمَلُ
بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةٌ فِي الشَّمْلِ.
[كِتَابُ الرِّدَّةِ]
[دَرْسٌ] (كِتَابُ الرِّدَّةِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ
وَلَوْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إلَخْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا
بَعْدَ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الدِّينِ وَمَا
تَقَدَّمَ جِنَايَةٌ عَلَى النَّفْسِ وَأَخَّرَهَا مَعَ كَوْنِهَا أَهَمَّ
لِكَثْرَةِ وُقُوعِ مَا قَبْلَهَا ع ش مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: مَنْ يَصِحُّ
طَلَاقُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا وَدَخَلَتْ الْمَرْأَةُ؛
لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهَا نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِهِ إلَيْهَا وَطَلَاقُ
غَيْرِهَا بِوَكَالَتِهَا (قَوْلُهُ: الْإِسْلَامَ) أَيْ دَوَامَهُ
وَقَوْلُهُ: بِكُفْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي
قَابِلٍ) فَيَرْتَدُّ حَالًا م ر؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِسْلَامِ
شَرْطٌ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ كَفَرَ حَالًا (قَوْلُهُ:
اسْتِهْزَاءً كَانَ ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ
مَضْرُوبَةٌ فِي مِثْلِهَا وَمَثَّلَ م ر لِلِاسْتِهْزَاءِ بِمَا إذَا
قِيلَ لَهُ قَلِّمْ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ
وَإِنْ كَانَ سُنَّةً أَوْ وَلَوْ جَاءَنِي بِهِ النَّبِيُّ مَا فَعَلْتُهُ
مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ
فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ
اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عِنَادًا) بِأَنْ عَرَفَ الْحَقَّ بَاطِنًا وَقَالَ
بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتِقَادًا) أَيْ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ
اجْتِهَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ كَاجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ
إلَخْ) مُقَابِلُ اسْتِهْزَاءً إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِالْقَصْدِ
(قَوْلُهُ: كَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ
عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرِ نَحْوِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ
الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَالِاجْتِهَادُ
مِثْلُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُجَسِّمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ
كُفْرِهِمْ اهـ. بَابِلِيٌّ.
(قَوْلُهُ: حَالَ غَيْبَتِهِ) أَيْ خُرُوجِهِ عَنْ التَّكْلِيفِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: يُعَزَّرُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَهُ وَهُوَ
مُكَلَّفٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا مَحَالَةَ وَهُوَ خِلَافُ فَرْضِ
الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ قَالَهُ حَالَ الْغَيْبَةِ الْمَانِعَةِ
لِلتَّكْلِيفِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَأَيُّ وَجْهٍ لِلتَّعْزِيرِ ز ي
إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ حَيْثُ شَكَكْنَا فِي حَالِهِ كَمَا فِي ح ل
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وس ل لَا بُعْدَ فِي تَعْزِيرِهِ وَإِنْ
قَالَهُ حَالَ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصُورَةِ مَعْصِيَةٍ أَلَا
تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا أَتَى بِصُورَةِ مَعْصِيَةٍ يُعَزَّرُ وَفِيهِ
أَنَّ الصَّبِيَّ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَيَنْزَجِرُ بِالتَّعْزِيرِ
بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي
تَعْزِيرِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَنَفْيِ الصَّانِعِ)
وَكَذَا نَفْيُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ س ل أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْغَزَالِيِّ الَّذِي
يَكْتَفِي بِوُجُودِ الْمَادَّةِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَيْضًا بِخَبَرِ «إنَّ
اللَّهَ صَانِعٌ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَته» وَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ
الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِدُ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ نَحْوَ
{أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64]
نَعَمْ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ
(4/205)
أَوْ) نَفْيِ (نَبِيٍّ أَوْ تَكْذِيبِهِ
أَوْ جَحْدِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا بِقَيْدَيْنِ
زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي (مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً بِلَا عُذْرٍ)
كَرَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَكَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ بِخِلَافِ
جَحْدِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ وَلَوْ كَانَ
فِيهِ نَصٌّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ
وَبِخِلَافِ الْمَعْذُورِ كَمَنْ قَرُبَ عَهْدَهُ بِالْإِسْلَامِ (أَوْ
تَرَدُّدٍ فِي كُفْرٍ أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ أَوْ سُجُودٍ
لِمَخْلُوقٍ) كَصَنَمٍ وَشَمْسٍ فَتَعْبِيرِي بِمَخْلُوقٍ أَعَمُّ مِنْ
قَوْلِهِ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ.
(فَتَصِحُّ رِدَّةُ سَكْرَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
«اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ فَاتِحٌ لَكُمْ وَصَانِعٌ» وَهُوَ
دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ
وَالْمُعَرَّفِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْيِ نَبِيٍّ) أَيْ
نُبُوَّتِهِ وَالْمُرَادُ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي يَجِبُ
الْإِيمَانُ بِهِمْ تَفْصِيلًا وَهْم الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ
الْمَذْكُورُونَ فِي الْقُرْآنِ وَنَظَمَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:
حَتْمٌ عَلَى كُلِّ ذِي التَّكْلِيفِ مَعْرِفَةٌ ... لِأَنْبِيَاءٍ عَلَى
التَّفْصِيلِ قَدْ عُلِمُوا
فَتِلْكَ حُجَّتُنَا مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ ... مِنْ بَعْدِ عَشَرٍ
وَيَبْقَى سَبْعَةٌ وَهُمْ
إدْرِيسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صَالِحٌ وَكَذَا ... ذُو الْكِفْلِ آدَم
بِالْمُخْتَارِ قَدْ خُتِمُوا
(قَوْلُهُ: أَوْ تَكْذِيبِهِ) خَرَجَ الْكَذِبُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِكُفْرٍ
وَإِنْ كَانَ حَرَامًا ع ش (قَوْلُهُ: مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَذَا
مَشْهُورٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي خَاتِمَةِ
الْإِجْمَاعِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ط ب اهـ. سم كَنَدْبِ الْوِتْرِ
(قَوْلُهُ: إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ
أَيْ مُجْمَعٍ عَلَى إثْبَاتِهِ أَوْ نَفْيِهِ فَقَوْلُهُ: كَرَكْعَةٍ
مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ مِثَالٌ لِلثَّانِي
(قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) قَالَ طب إلَّا أَنْ
يَعْلَمَهُ وَيَجْحَدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَبَثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اهـ
وَعِبَارَةُ خ ط بِخِلَافِ جَحْدِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا
الْخَوَاصُّ بَلْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ وَلَا يَعْتَقِدُهُ وَظَاهِرُهُ
أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْرِفُهُ يَكْفُرُ إذَا جَحَدَهُ وَظَاهِرُ
كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ أَيْ فَلَا يَكْفُرُ بِإِنْكَارِهِ وَإِنْ كَانَ
يَعْرِفُهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ حَوَاشِي م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إلْقَاءِ
مُصْحَفٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ إذْ لَوْ
عُطِفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ
وَفِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ م ر فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى
الرَّوْضِ أَقُولُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ لَكِنْ قَضِيَّتُهُ
قَوْلُهُ: أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِهِ؛ لِأَنَّ
إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ ع ش عَلَى م ر قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ
وَالْإِلْقَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُمَاسَّتِهِ
بِقَذَرٍ وَلَوْ طَاهِرًا (قَوْلُهُ: مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ
شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ
قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ م ر وَالْحَدِيثُ فِي
كَلَامِهِ شَامِلٌ لِلضَّعِيفِ دُونَ الْمَوْضُوعِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م
ر.
(قَوْلُهُ: بِقَاذُورَةٍ) أَوْ قَذَرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطٍ وَبُصَاقٍ
وَمَنِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ وَفِي هَذَا
الْإِطْلَاقِ وَقْفَةٌ فَلَوْ قِيلَ تُعْتَبَرُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى
الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ شَرْحُ م ر وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ بِهِ
الْعَادَةُ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ
بِكُفْرٍ بَلْ يَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَتِهِ أَيْضًا ع ش عَلَى م ر
وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ
قُرْآنٌ أَوْ نَحْوُهُ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ
وَبَقِيَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَثَلًا
يَضْرِبُ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ
هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا أَمْ لَا؟ وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ
مِنْ بُعْدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ
الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ
الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ
بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ رَوَّحَ بِالْكُرَّاسَةِ
عَلَى وَجْهِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ سُجُودٍ) خَرَجَ
الرُّجُوعُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِمَخْلُوقٍ عَادَةً وَلَا كَذَلِكَ
السُّجُودُ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ
فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ
تَعَالَى بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُفْرِ شَرْحُ م ر قَالَ ع
ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ أَيْ فَلَوْ لَمْ
يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا بَلْ لَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا
كَمَا يُشْعِرُ لَهُ قَوْلُهُ لِوُقُوعِ صُورَةٍ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً
لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ تَوَاضُعِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَانُوا إذَا
رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ
لِذَلِكَ، نَصُّهَا: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ أَيْ الْقِيَامِ لِلْإِكْرَامِ
لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ حَيْثُ كَانَ مَكْرُوهًا وَبَيْنَ حُرْمَةِ
الرُّكُوعِ إعْظَامًا بِأَنَّ صُورَةَ نَحْوِ الرُّكُوعِ لَمْ تُعْهَدْ
إلَّا لَعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ صُورَةِ الْقِيَامِ اهـ.
وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ
لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ وَبِأَنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ لِمَخْلُوقٍ وَهِيَ
مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِمَخْلُوقٍ عَادَةً
أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ
إلَى حَدٍّ لَا يَصِلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ
وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ رِدَّةُ سَكْرَانَ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ
يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَفِيهِ أَنَّ الرِّدَّةَ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ لَا تُوصَفُ
(4/206)
كَإِسْلَامِهِ) بِخِلَافِ الصَّبِيِّ
وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ أُمْهِلَ)
احْتِيَاطًا فَلَا يُقْتَلُ فِي جُنُونِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ
وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ قُتِلَ فِيهِ هُدِرَ؛ لِأَنَّهُ
مُرْتَدٌّ لَكِنْ يُعَزَّرُ قَاتِلُهُ لِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِتَابَةَ
الْوَاجِبَةَ
(وَيَجِبُ تَفْصِيلُ شَهَادَةٍ بِرِدَّةٍ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا
يُوجِبُهَا وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ
وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ تَعَارُضِ
الْبَيِّنَتَيْنِ لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا هُنَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ
عَدَمَ الْوُجُوبِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ إنَّهُ
الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ
بِهَا إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ وَصَحَّحَهُ
جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ
الْمَعْرُوفُ عَقْلًا وَنَقْلًا.
قَالَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ (وَلَوْ ادَّعَى) مُدَّعَى
عَلَيْهِ بِرِدَّةٍ (إكْرَاهًا وَقَدْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِلَفْظِ كُفْرٍ
أَوْ فِعْلِهِ حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ وَلَوْ بِلَا قَرِينَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ
يُكَذِّبْ الشُّهُودَ وَالْحَزْمُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ
وَقَوْلِي أَوْ فِعْلِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) شَهِدَتْ (بِرِدَّتِهِ
فَلَا تُقْبَلُ) أَيْ الْبَيِّنَةُ لِمَا مَرَّ وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ
تُقْبَلُ وَلَا يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ بِلَا قَرِينَةٍ
لِتَكْذِبِيهِ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا
إلَّا بِقَرِينَةٍ كَأَسْرِ كُفَّارٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا
حَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا
. (وَلَوْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مَاتَ أَبِي مُرْتَدًّا
فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ رِدَّتِهِ) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ)
لِبَيْتِ الْمَالِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ (اسْتُفْصِلَ) فَإِنْ ذَكَرَ
مَا هُوَ رِدَّةٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَهَا كَقَوْلِهِ كَانَ يَشْرَبُ
الْخَمْرَ صُرِفَ إلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ
وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ فَيْءٌ أَيْضًا
ضَعِيفٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ
هُنَا التَّحَقُّقُ وَالثُّبُوتُ لَا مَعْنَاهَا الْأُصُولِيُّ (قَوْلُهُ:
كَإِسْلَامِهِ) قَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِإِسْلَامِهِ فِي السُّكْرِ أَنْ
لَا يَحْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا
فَقَدْ حَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا أَفَاقَ
عَرَضْنَا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَهُ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ
حِينِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ وَصَفَ الْكُفْرَ كَانَ كَافِرًا مِنْ
الْآنَ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ صَحَّ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ اهـ. خ ط س ل
وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَأْتِيَ
بِإِسْلَامِهِ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ
الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ السُّكْرِ
غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهِ) فَإِنْ
رَضِيَ بِقَلْبِهِ فَمُرْتَدٌّ س ل قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ
بِأَنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فِيمَا يُتَّجَهُ
تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِمْ الْمُكْرَهُ لَا تَلْزَمُهُ
التَّوْرِيَةُ شَرْحُ م ر وحج وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَيْ
كَالْمُطْمَئِنِّ قَلْبُهُ بِالْإِيمَانِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ؛
لِأَنَّ اسْتِحْضَارَ الْإِيمَانِ لَا يَجِبُ دَائِمًا كَالنَّائِمِ
وَالْغَافِلِ.
(قَوْلُهُ: فَجُنَّ) أَشَارَ بِالتَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ إلَى تَعْقِيبِ
الْجُنُونِ لِلرِّدَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا ارْتَدَّ وَاسْتُتِيبَ
فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ حَالَ جُنُونِهِ س ل
(قَوْلُهُ: أُمْهِلَ) أَيْ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَفْصِيلُ شَهَادَةٍ بِرِدَّةٍ) بِأَنْ يَذْكُرَ
مُوجِبَهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا اخْتِلَافًا لِمَا
يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. اهـ. شَرْحُ م ر فَانْدَفَعَ مَا
لِلْحَلَبِيِّ هُنَا وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ
الشُّهُودَ هَذَا وَاضِحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ
فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا عَلَى
أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ
جُمْلَةِ التَّفْصِيلِ كَوْنُهُ مُخْتَارًا فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ
تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ)
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ بِالْكَسْرِ قُدُومًا
وَمَقْدِمًا أَيْضًا وَقَدَمَ يَقْدُمُ كَنَصَرَ يَنْصُرُ قُدُمًا بِوَزْنِ
قَفَلَ أَيْ تَقَدَّمَ وَقَدُمَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ قِدَمًا بِوَزْنِ
عِنَبٍ فَهُوَ قَدِيمٌ وَأَقْدَمَ عَلَى الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى
بَصِيرَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ فَقِيهٍ يَعْرِفُ
الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: حَلَفَ) فَإِنْ
قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ
تَثْبُتْ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ وَالْأَصْلُ
الِاخْتِيَارُ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي خ ط س ل (قَوْلُهُ:
وَالْحَزْمُ) أَيْ الرَّأْيُ السَّدِيدُ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ)
مَعْطُوفٌ عَلَى وَقَدْ شَهِدَتْ (قَوْلُهُ: بِرِدَّتِهِ) أَيْ وَلَمْ
تُفَصِّلْ فَإِنْ فَصَّلَتْ فَلَا خَوْفَ فِي الْقَبُولِ س ل (قَوْلُهُ:
فَلَا تُقْبَلُ) أَيْ بَلْ هُوَ الَّذِي يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ
قَرِينَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ
مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ حَيْثُ قَالَ فِيمَا قَبْلَهُ حَلَفَ وَقَالَ فِي
هَذَا فَلَا تُقْبَلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْمُنَاسِبُ فِي
الْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ فَلَا يَحْلِفُ وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ
مَفْهُومٌ بِاللَّازِمِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ عَلَى
طَرِيقَتِهِ لِعَدَمِ التَّفْصِيلِ فَجَانِبُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ
أَقْوَى فَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَصْلًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا
أَوْ مِنْ وُجُوب تَفْصِيلِ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ
قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ
تَقْدِيرُهُ وَهَذَا أَيْ نَفْيُ قَبُولِهَا مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا
ذَكَرْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ، وَعَلَى مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ
عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ تُقْبَلُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ، مَعْطُوفٌ
عَلَى تُقْبَلُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ) وَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِبَيْنُونَةِ
زَوْجَاتِهِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَيُطَالَبُ بِالنُّطْقِ
بِالشَّهَادَتَيْنِ س ل (قَوْلُهُ: مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ بِلَا قَرِينَةٍ)
أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا شَهِدُوا بِرِدَّتِهِ إجْمَالًا كَمَا هُوَ
فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلُ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ
بِلَا قَرِينَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ وَاعْتَمَدَهُ خ ط س ل
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ إلَخْ) فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا
فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا
التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ
لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا شَرْحُ م ر
(4/207)
(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ مُرْتَدٍّ) ذَكَرًا
أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَرَمًا بِالْإِسْلَامِ وَرُبَّمَا
عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَزُولُ وَالِاسْتِتَابَةُ تَكُونُ (حَالًا) ؛
لِأَنَّ قَتْلَهُ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا حَدٌّ فَلَا يُؤَخَّرُ كَسَائِرِ
الْحُدُودِ نَعَمْ إنْ كَانَ سَكْرَانَ سُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الصَّحْوِ
(فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ
فَاقْتُلُوهُ» (أَوْ أَسْلَمَ صَحَّ) إسْلَامُهُ وَتُرِكَ.
(وَلَوْ) كَانَ (زِنْدِيقًا) أَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ لِآيَةِ {قُلْ
لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 38] وَخَبَرِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا
مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ»
وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُخْفِي الْكَفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ كَمَا
قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابَيْ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ
وَالْفَرَائِضِ أَوْ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا كَمَا قَالَاهُ فِي
اللِّعَانِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ثَمَّ (وَفَرْعُهُ) أَيْ
الْمُرْتَدِّ (إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ فِيهَا
وَأَحَدُ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) تَبَعًا وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو
(أَوْ) أُصُولُهُ (مُرْتَدُّونَ فَمُرْتَدٌّ) تَبَعًا لَا مُسْلِمٌ وَلَا
كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَلَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ
وَيُسْتَتَابَ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمَيِّتِ مِنْ
أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي
الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ تَبَعًا لِلْمُحَقِّقَيْنِ
أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمْ فِي النَّارِ،
وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا
وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ
(وَمِلْكُهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (مَوْقُوفٌ) كَبُضْعِ زَوْجَتِهِ (إنْ
مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُهُ بِالرِّدَّةِ) وَإِلَّا فَلَا يَزُولُ
(وَيُقْتَضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) بِإِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ
(وَ) بَدَلُ (مَا أَتْلَفَهُ فِيهَا) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَعَدَّى
بِحَفْرِ بِئْرٍ وَمَاتَ ثُمَّ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ (وَيُمَانُ مِنْهُ
مُمَوَّنَهُ) مِنْ نَفْسِهِ وَبَعْضِهِ وَمَالِهِ وَزَوْجَاتِهِ؛
لِأَنَّهَا حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ
(وَتَصَرُّفُهُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ
التَّعْلِيقَ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ (بَاطِلٌ) لِعَدَمِ
احْتِمَالِهِ الْوَقْفَ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ احْتَمَلَهُ بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ كَعِتْقٍ
وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ (فَمَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ) بِمُعْجَمَةٍ
تَبَيَّنَّا وَإِلَّا فَلَا (وَيُجْعَلُ مَالُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ
عِنْدَ نَحْوِ مَحْرَمٍ) كَامْرَأَةٍ ثِقَةٍ احْتِيَاطًا وَتَعْبِيرِي
بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ (وَيُؤَجَّرُ
مَالُهُ) عَقَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ
(وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ لِقَاضٍ) حِفْظًا لَهَا وَيُعْتَقُ
بِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ
غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ لَمْ
يَذْكُرْ شَيْئًا وُقِفَ الْأَمْرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ
[وُجُوبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدّ]
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ مُرْتَدٍّ) شُرُوعٌ فِي أَحْكَامِ
الرِّدَّةِ بَعْدَ وُقُوعِهَا ز ي فَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ
الِاسْتِتَابَةِ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِ ع ش
عَلَى م ر (قَوْلُهُ: حَالًا) وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شَرْحُ
م ر (قَوْلُهُ: وَتُرِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَأَتَى بِهِ مَعَ
عِلْمِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ زِنْدِيقًا
لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى
كُفْرٍ خَفِيٍّ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: أَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ)
وَيُعَزَّرُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا لَا الْأُولَى س
ل (قَوْلُهُ: عَصَمُوا مِنِّي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى
أَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وِقَايَةً مِنْ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ
مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا) أَيْ لَا يَنْتَسِبُ إلَى دِينٍ مُعَيَّنٍ
فَفِي الْمُخْتَارِ فُلَانٌ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ كَذَا إذَا انْتَسَبَ
إلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ انْعَقَدَ) يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ
بِالِانْعِقَادِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حُصُولُ الْمَاءِ فِي
الرَّحِمِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً
وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ فَيُنْظَرُ هَلْ
الرِّدَّةُ قَبْلَ الْوَطْءِ فَقَدْ انْعَقَدَ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَهُ
فَقَدْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا؟ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا حَصَلَ
وَطْءٌ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَوَطْءٌ بَعْدَهَا وَاحْتُمِلَ الِانْعِقَادُ
مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ مُسْلِمٌ اهـ. سم عَلَى
حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَأَحَدِ أُصُولِهِ) وَإِنْ بَعُدَ شَرْحُ م ر أَيْ حَيْثُ
يُعَدُّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُسْتَتَابُ) أَيْ
بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إلَخْ) مُقَابِلٌ
لِمَحْذُوفٍ صَرَّحَ بِهِ م ر فَقَالَ هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ
الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ
مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ فَهُوَ
فِي الْجَنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْلَادِ الْكُفَّارِ)
أَيْ الْأَصْلِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ ح ل وَالْمُرَادُ كُفَّارُ
هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ
الْمُنَاوِيُّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجَنَّةِ) أَيْ مُسْتَقِلُّونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ) هُوَ مَكَانٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ
وَالنَّارِ ع ش وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الْجَلَالُ أَنَّ الْأَعْرَافَ
سُوَرُ الْجَنَّةِ أَيْ حَائِطُهَا الْمُحِيطُ بِهَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ
لِكَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ عَلَى الْأَعْرَافِ وَلَمْ يَقُلْ فِي
الْأَعْرَافِ وَقَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف:
46] (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ مُرْتَدُّونَ
(قَوْلُهُ: وَمِلْكُهُ مَوْقُوفٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ
مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ
الْحَاكِمِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ
وَأَنَّهُ يَكُونُ كَحَجْرِ الْفَلَسِ لِأَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قِيَاسًا) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا غَيْرُ مَالِكٍ
(قَوْلُهُ: وَيُمَانُ مِنْهُ مُمَوَّنَهُ) أَيْ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ
شَرْحُ م ر قَالَ ع ش هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ
أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبِ
الِاسْتِتَابَةِ حَالًا فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ حَتَّى
يُمَانَ مُمَوَّنَهُ. وَيُجَابُ بِمَا إذَا أُخِّرَ لِعُذْرٍ قَامَ
بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَرَضَ عَقِبَ الرِّدَّةِ اهـ.
بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَّا) أَيْ تَبَيَّنَ لَنَا نُفُوذُهُ مِنْ
حِينِهِ لَا مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ.
نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفُذْ
مُطْلَقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَدْ تَوَهَّمَ الشَّارِحُ
أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ
فَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِهِ م ر ز ي.
(4/208)
|