التجريد لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)
بِالْمَدِّ أَيْ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ لَا بَلْ فِيهِ مُجَرَّدُ زِيَادَةٍ لَا تَصِلُ لِحَدِّ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَمَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ خَاصَّةٌ بِالصَّلَاةِ. اهـ. ع ش لَكِنَّ التَّحْقِيقَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ الْوَارِدَةَ فِي الصَّلَاةِ تَأْتِي فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَغَيْرِهَا تَأَمَّلْ. فَإِنْ قُلْت نَذْرُ الصَّوْمِ بِالْحَرَمِ مُتَضَمِّنٌ لِإِتْيَانِهِ، وَمَرَّ أَنَّ نَذْرَ إتْيَانِهِ صَحِيحٌ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذُكِرَ فَلِمَ لَا يَلْزَمْهُ إتْيَانُهُ بِنُسُكٍ؟ . قُلْت: لَازِمُ الشَّيْءِ لَا يُعْطَى حُكْمَهُ كَمَا قَالُوهُ فِي لَازِمِ الْمَذْهَبِ إلَخْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِ) مِنْهُ مَا لَوْ نَذَرَ نَحْرَ شَاةٍ بِبَلَدِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ النَّحْرَ لَا يَلْزَمُ، إلَّا فِي بَلَدٍ يَطْلُبُ النَّحْرُ فِيهِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ: لَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ ع ش قَالَ ح ل: أَيْ: إنْ لَمْ يَنْوِ تَفْرِقَةَ الْمَذْبُوحِ عَلَى فُقَرَاءِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الذَّبْحُ، وَالتَّفْرِقَةُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا، وَإِنْ تَوَسَّعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ حَجّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَصَحَّ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ بَلْ اسْتُنْبِطَتْ مِنْ الْأَخْبَارِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي حَاشِيَةِ مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَقْصَى، وَبِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الصَّوْمِ شَرْحُ حَجّ

. (قَوْلُهُ: أَوْ مُقَيَّدًا بِنَحْوِ دَهْرٍ) كَأَنْ قَالَ: نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ دَهْرًا فَيُحْمَلُ قَوْلُ دَهْرًا عَلَى مُطْلَقِ الزَّمَنِ بِخِلَافِ الدَّهْرِ الْمُعَرَّفِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَيَّامِ، وَيَلْزَمُهُ صَوْمُهَا؛ حَيْثُ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ح ل وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَيَّامُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ مِنْ تَرَدُّدٍ طَوِيلٍ لِلْأَذْرَعِيِّ. وَيَأْتِي نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي صَوْمِ شَهْرٍ، أَوْ الشُّهُورِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ شَهْرٌ وَاحِدٌ، وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لَا غَيْرَ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي ذَلِكَ وَلَا نَظَرَ؛ لِكَوْنِهِ جَمْعَ كَثْرَةٍ، وَأَقَلُّهُ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا تَنْزِلُ عَلَيْهَا الْأَلْفَاظُ الْعُرْفِيَّةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: جَازَ فِعْلُهَا قَائِمًا) ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الْمَشْيِ عَنْ الرُّكُوبِ، وَعَكْسِهِ أَنَّ الْقِيَامَ قُعُودٌ، وَزِيَادَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا، وَزِيَادَةٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ، وَالْمَشْيِ س ل. وَأَقُولُ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُعُودَ هُوَ انْتِصَابُ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِصَابَ مَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ، وَزِيَادَةً، وَهِيَ انْتِصَابُ الْفَخِذَيْنِ، وَالسَّاقَيْنِ ع ش عَلَى م ر

. (قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ عِتْقًا) الْأَوْلَى الْإِعْتَاقَ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ إنْكَارَهُ جَهْلٌ لَكِنَّهُ حَسَنٌ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي ارْتِكَابِ الْحَسَنِ الرَّدَّ عَلَى الْمُنْكِرِ فَكَانَ أَهَمَّ مِنْ ارْتِكَابِ الْأَحْسَنِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاقِصَةً) وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ مَعَ كَوْنِهِ غَرَامَةً سُومِحَ فِيهِ. وَخَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ س ل. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ) فَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَلِفَتْ، أَوْ أَتْلَفَهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا لِمَالِكِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا بَدَلَهَا بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ، وَهْم مَوْجُودُونَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ سم

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]
[حُكْم تَوَلِّي الْقَضَاءِ]
(كِتَابُ الْقَضَاءِ) . أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهِ مِنْ كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَوْ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الْمُصَنِّفُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ شَرْطِ الْقَاضِي، وَتِلْكَ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْقَبُولِ وَتَأْتِي فِي الْإِيجَابِ أَيْضًا مَا عَدَا كَوْنَهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ لِأَحَدِهِمْ فَفَرْضُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ هَذَا عَلَى الْعُمُومِ فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ لَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا لِأَوْصَافٍ تُوجَدُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْمُتَوَلِّي تُوجِبُ ذَلِكَ فَكَمَا أَوْجَبَتْ تِلْكَ الْأَوْصَافُ حُرْمَةَ قَبُولِهِ، أَوْ كَرَاهَتَهُ مَثَلًا أَوْجَبَتْ كَرَاهَةَ

(4/343)


{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَقَوْلِهِ {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] ، وَأَخْبَارٍ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهَا «فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ» وَمَا جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ كَقَوْلِهِ: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» مَحْمُولٌ عَلَى عِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَنْ يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي (تَوَلِّيهِ) أَيْ: الْقَضَاءِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ لَهُ فِي النَّاحِيَةِ، أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ لِأَحَدِهِمْ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ. [دَرْس] (فَمَنْ تَعَيَّنَ لَهُ فِي نَاحِيَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُهُ) ، وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ أَوْ خَافَ مِنْ نَفْسِهِ الْمَيْلَ (وَ) لَزِمَهُ (قَبُولُهُ) إذَا وَلِيَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (فِيهَا) أَيْ: فِي نَاحِيَتِهِ فَلَا يَلْزَمَانِهِ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْوَطَنِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَضَاءِ لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْمُحْوَجَةِ إلَى السَّفَرِ كَالْجِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ (أَوْ) لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا لَكِنَّهُ (كَانَ أَفْضَلَ) مِنْ غَيْرِهِ (سُنَّا) أَيْ: الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (لَهُ) فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِيجَابِ أَوْ حُرْمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لَهُ وَأَصْلُهُ قَضَايْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَيْت قُلِبَتْ الْيَاءُ هَمْزَةً لِتَطَرُّفِهَا إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ بُرُلُّسِيٌّ، وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ كَقَبَاءٍ وَأَقْبِيَةٍ. وَهُوَ لُغَةً إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ الشَّيْءَ وَيُمْضِيهِ، وَشَرْعًا الْوَلَايَةُ الْآتِيَةُ أَوْ الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ) لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْقَلِيلِ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ؛ وَلِجَوَازِ أَنَّهُ أُعْلِمَ أَوَّلًا بِالْأَجْرَيْنِ فَأَخْبَرَ بِهِمَا ثُمَّ بِالْعَشَرَةِ فَأَخْبَرَ بِهَا أَوْ أَنَّ الْأَجْرَيْنِ يُسَاوِيَانِ الْعَشَرَةَ.
فَإِنْ قُلْت: الْعَشَرَةُ يَصِحُّ أَنْ تُجْعَلَ أَجْرًا أَوْ اثْنَيْنِ فَمَا بَالُهُ جَعَلَهَا عَشَرَةً؟ قُلْت يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْوَاعًا مِنْ الثَّوَابِ مُخْتَلِفَةً يَبْلُغُ عَدَدُهَا هَذَا الْقَدْرَ فَنَبَّهَ بِذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ عَلَى ذَلِكَ نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ شَرْحِ الْوَرَقَاتِ لسم قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي حَاكِمٍ عَادِلٍ مُجْتَهِدٍ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَأْثَمُ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَإِنْ وَافَقَ الصَّوَابَ، وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ وَرَوَى الْأَرْبَعَةُ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» وَفُسِّرَ الْأَوَّلُ بِمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ، وَالْأَخِيرَانِ بِمَنْ عَرَفَ وَجَارَ وَمَنْ قَضَى عَلَى جَهْلٍ م ر. وَقَوْلُهُ: وَأَحْكَامُهُ مَرْدُودَةٌ أَيْ إنْ لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْأَرْبَعَةَ بِقَوْلِهِ:
أَعْنِي أَبَا دَاوُد ثُمَّ التِّرْمِذِيّ ... وَالنَّسَائِيُّ وَابْنَ مَاجَهْ فَاحْتَذِي
(قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا) عِبَارَةُ م ر وَكَالْخَبَرِ الْحَسَنِ «مَنْ وُلِّيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» . (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ يُكْرَهُ لَهُ) فِيهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُوجِبُ هَذَا الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ. (قَوْلُهُ تَوَلِّيهِ) أَيْ قَبُولُهُ، وَيَحْتَاجُ الْقَضَاءُ إلَى مُوَلٍّ وَمُتَوَلٍّ وَمُوَلًّى فِيهِ كَالْأَنْكِحَةِ وَالدِّمَاءِ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ أَرْكَانًا. (قَوْلُهُ: أَمَّا تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ) وَمِنْ صَرَائِحِ التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك أَوْ قَلَّدْتُك أَوْ فَوَّضْت إلَيْك الْقَضَاءَ وَمِنْ كِنَايَتِهَا عَوَّلْت وَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ لَفْظًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ الشُّرُوعُ بِالْفِعْلِ كَالْوَكِيلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ نَعَمْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ فَوْرًا فِي قَضَاءِ الْإِقْلِيمِ وَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى قَاضِي الْإِقْلِيمِ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ أَوْ خَلِيفَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ فَوْقِهَا مُشِقٌّ وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ، أَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ أَيْ دَفْعُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بَيْنَهُمَا إذَا أَفْضَى لِتَعْطِيلٍ أَوْ طُولِ نِزَاعٍ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ تَعَيَّنَ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي النَّاحِيَةِ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ غَيْرَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّاحِيَةِ بَلَدُهُ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى ع ن بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى نَصْبُ قَاضٍ س ل. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ طَلَبُهُ) وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ) أَيْ زَائِدٍ عَلَى مَا يَكْفِيهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ فِيمَا يَظْهَرُ ح ل وم ر قَالَ ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِسُقُوطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ وَإِنْ قَلَّ أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَوَجَبَ بَذْلُهُ لِلْقِيَامِ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ) اسْتَشْكَلَ تَوْلِيَةُ الْمُمْتَنِعِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مَعَ تَعَيُّنِهِ لَهُ مُفَسِّقٌ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِعَدَمِ فِسْقِهِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ غَالِبًا يَكُونُ بِتَأْوِيلٍ فَلَا يَعْصِي بِذَلِكَ جَزْمًا وَإِنْ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمَانِهِ فِي غَيْرِهَا) نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْإِمَامُ قَاضِيًا وَأَرْسَلَهُ إلَى مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَزِمَهُ الِامْتِثَالُ وَالْقَبُولُ وَإِنْ بَعُدَتْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ أَحَدًا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ فِي الْمَحَلِّ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَوْ بِقُرْبِهِ وَحِينَئِذٍ يَجْتَمِعُ الْكَلَامَانِ س ل. (قَوْلُهُ: كَالْجِهَادِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا غَايَةً فَلَيْسَ فِيهَا تَرْكُ الْوَطَنِ بِالْكُلِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: سُنَّا وَقَوْلُهُ بَعْدُ: كُرِهَا) لَا يُقَالُ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ سَابِقًا: تَوَلِّيهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَوْنُهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَدْ يُسَنُّ وَقَدْ يُكْرَهُ؛ لِخُصُوصِ مَنْ اتَّصَفَ بِالْوَصْفِ الْمُقْتَضِي لِلسِّنِّ أَوْ الْكَرَاهَةِ تَأَمَّلْ.

(4/344)


إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِي وَقَبُولُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَانَ (مَفْضُولًا، وَلَمْ يَمْتَنِعْ الْأَفْضَلُ) مِنْ الْقَبُولِ (كُرِهَا لَهُ) أَيْ: لِلْمَفْضُولِ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» فَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْقَبُولِ فَكَالْمَعْدُومِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ، وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَانَ (مُسَاوِيًا) لِغَيْرِهِ (فَكَذَا) أَيْ: فَيُكْرَهَانِ لَهُ (إنْ اُشْتُهِرَ) بِالِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ (وَكُفِيَ) بِغَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ امْتِنَاعُ السَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ أَوْ لَمْ يَكْفِ بِمَا ذُكِرَ (سُنَّا لَهُ) لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيُكْفَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. .

وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ بِعَزْلِ صَالِحٍ لَهُ، وَلَوْ مَفْضُولًا وَتَبْطُلُ عَدَالَةُ الطَّالِبِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَشَرْطُ الْقَاضِي كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا (كَافِيًا) لِأَمْرِ الْقَضَاءِ فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى وَفَاسِقٌ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَأَعْمَى وَأَخْرَسُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِنَقْصِهِمْ (مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَبِالْقِيَاسِ وَأَنْوَاعِهَا) فَمِنْ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرُ وَالْآحَادُ وَالْمُتَّصِلُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي وَالْأَدْوَنُ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ م ر وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُ شَارِحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ يُحْتَرَزُ إذَا خَافَ عَلَيْهَا إذْ ظَاهِرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ ع ن. (قَوْلُهُ: أَطْوَعَ) أَيْ يُطَاوِعُهُ النَّاسُ وَيَمْتَثِلُونَ لِحُكْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْفَاضِلِ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَقْرَبَ) تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ: إلَى الْقَبُولِ أَيْ قَبُولِ النَّاسِ لِحُكْمِهِ أَيْ فَلَا يُكْرَهَانِ حِينَئِذٍ بَلْ يُجَوَّزَانِ كَمَا قَالَهُ م ر فَعُلِمَ أَنَّهُمَا تَعْتَرِيهِمَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. (قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ) أَيْ قَبُولِ حُكْمِهِ بِأَنْ يُطَاعَ وَأُلْزِمَ فِيهِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ ع ن. (قَوْلُهُ: لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ إلَخْ) التَّعْلِيلُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِيُكْفَى إلَخْ) هَذَا يُشْعِرُ بِجَوَازِ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَى الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْمُعْسِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ لَائِقَةٍ بِهِ، أَمَّا أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا إنْ كَانَتْ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ز ي. .

. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ إلَخْ) فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَوُلِّيَ نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ، وَغَيْرُ الصَّالِحِ يَجِبُ عَزْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ بَذْلُ الْمَالِ لِعَزْلِهِ س ل وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَحَرُمَ عَلَى الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ طَلَبُهُ لَهُ وَبَذْلُ مَالِ لِعَزْلِ قَاضٍ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ وَبَطَلَتْ بِذَلِكَ عَدَالَتُهُ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَالْمَعْزُولُ بِهِ عَلَى قَضَائِهِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ، لِأَنَّ الْعَزْلَ بِالرِّشْوَةِ حَرَامٌ وَتَوْلِيَةُ الْمُرْتَشِي لِلرَّاشِي حَرَامٌ اهـ بِحُرُوفِهِ.

[شُرُوطُ الْقَاضِي]
. (قَوْلُهُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ) فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اتَّكَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى شُهْرَتِهِ. (قَوْلُهُ: سَمِيعًا) وَلَوْ بِالصِّيَاحِ ز ي. (قَوْلُهُ: بَصِيرًا) وَلَوْ بِالنَّهَارِ فَقَطْ أَوْ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ عَلَى الْأَوْجَهِ أَوْ بِبَصَرِهِ ضَعْفٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الصُّوَرِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ ز ي وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَتُهُ فَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: كَافِيًا لِأَمْرِ الْقَضَاءِ) أَيْ نَاهِضًا لِلْقِيَامِ بِأَمْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ فَلَا يُوَلَّى مُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ نَظَرٍ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ) ، وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ نَصْبِ حَاكِمٍ لِلذِّمِّيِّينَ مِنْهُمْ فَهُوَ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ لَا حُكْمٌ فَهُوَ كَالْمُحَكَّمِ لَا الْحَاكِمِ ز ي وَمِنْ ثَمَّ لَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ إلَّا إنْ رَضُوا بِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْعَارِفِ) وَلَا يُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ بَلْ يَكْفِي الدَّرَجَةُ الْوُسْطَى فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَإِنْ لَمْ يُتْقِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، أَمَّا مُقَلِّدٌ لَا يَعْدُو أَيْ لَا يُجَاوِزُ مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ مَعَ نُصُوصِ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَصِّ إمَامِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: الْعَامُّ وَالْخَاصُّ) الْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، وَالْخَاصُّ بِخِلَافِهِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» .
(قَوْلُهُ: وَالْمُجْمَلُ) وَهُوَ مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] ، وَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا قَدْرُ الْوَاجِبِ، وَالْمُبَيِّنُ مِثْلُ قَوْلِهِ «وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» . (قَوْلُهُ وَالنَّصُّ) وَهُوَ مَا دَلَّ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً، وَالظَّاهِرُ مَا دَلَّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً، وَقَوْلُهُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ كَآيَتَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّصِلُ) أَيْ بِاتِّصَالِ رُوَاتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ فَقَطْ وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفُ، أَوْ إلَى النَّبِيِّ وَيُسَمَّى الْمَرْفُوعُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ الْأَوْلَى) وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، وَالْمُسَاوِي وَهُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ، وَالْأَدْوَنُ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ م ر قَالَ ع ش

(4/345)


فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطُّعْمِ (وَحَالِ الرُّوَاةِ) قُوَّةً وَضَعْفًا فَيُقَدِّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدَ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّصَّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُحْكَمَ عَلَى الْمُتَشَابِهِ وَالنَّاسِخَ وَالْمُتَّصِلَ وَالْقَوِيَّ عَلَى مُقَابِلِهَا (وَلِسَانِ الْعَرَبِ) لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً (وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ) إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ (فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطُ) الْمَذْكُورُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ مُتَّصِفٌ بِهِ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ مُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ) كَفَاسِقٍ وَمُقَلِّدٍ وَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ (نَفَذَ) بِمُعْجَمَةٍ (قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ) ؛
لِئَلَّا
تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَتَعْبِيرِي بِمُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِتَعْلِيلِهِمْ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُهُمْ تَفَقُّهًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. .

(وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ) إعَانَةً لَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (اسْتَخْلَفَ) ، وَلَوْ بَعْضَهُ (فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ دُونَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (أَوْ) أَطْلَقَ (الْإِذْنَ) بِأَنْ لَمْ يُعَمِّمْ لَهُ فِي الْإِذْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ (فَ) يَسْتَخْلِفُ (مُطْلَقًا) ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَيَقْتَصِرْ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ: الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) أَيْ: كَشَرْطِهِ السَّابِقِ (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فِي) أَمْرٍ (خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُحْكَمُ بِاجْتِهَادِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا بِكَسْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِمُعْتَقَدِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ) أَيْ: خِلَافُ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ. .

(وَجَازَ نَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ بِمَحَلٍّ) كَبَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يُخَصَّ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ هَذَا (إنْ لَمْ يُشْرَطْ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلِي أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: قَاضِيَيْنِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ: مَا لَمْ يَكْثُرُوا وَفِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. .

(وَ) جَازَ (تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ الصَّوَابُ حَذْفُ انْتِفَاءٍ وَإِبْدَالُهُ بِوُجُودٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ) الْمُطْلَقُ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَالْمُقَيَّدُ مَا دَلَّ عَلَيْهَا بِقَيْدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فِي آيَةِ الْقَتْلِ وَالْمُطْلَقُ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] فِي آيَةِ الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ وَالْمُحْكَمُ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فَهَذِهِ نَصٌّ فِي أَنَّهُ لَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ وَالْمُتَشَابِهُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] . (قَوْلُهُ: وَالْقَوِيُّ) أَيْ مِنْ الرُّوَاةِ. (قَوْلُهُ: وَلِسَانِ الْعَرَبِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ وَرَدَتْ بِلِسَانِ الْعَرَبِ فَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا عَلَيْهِ ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ) أَيْ وَعُرْفِ أُصُولِ الِاجْتِهَادِ أَيْ وَلَوْ بِمَلَكَةٍ حَصَلَتْ لَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا بِطَرِيقِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَصِنَاعَتِهِمْ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَمْ يَكُونُوا يَنْظُرُونَ فِيهَا وَهْم أَكْمَلُ الْأُمَّةِ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا وَلَا يُشْتَرَطُ حِفْظُهُ لِلْقُرْآنِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ لِلْخَطِّ ز ي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطُ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ قَالَ ز ي وَالْفَقْدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَحَيْثُ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ اهـ أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَ الْأَهْلُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: سُلْطَانٌ) خَرَجَ بِالسُّلْطَانِ غَيْرُهُ كَقَاضِي الْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ غَيْرَ الْأَهْلِ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ مَا وَلَّاهُ س ل. (قَوْلُهُ ذُو شَوْكَةٍ) عِبَارَةُ م ر أَوْ ذُو شَوْكَةٍ اهـ فَتَوْلِيَةُ السُّلْطَانِ مُطْلَقًا صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَا شَوْكَةٍ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحَيْ م ر وحج فَوَلَّى سُلْطَانٌ أَوْ مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ غَيْرَهُ بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ.
(قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِضَرُورَةِ النَّاسِ أَيْ اضْطِرَارِهِمْ إلَى الْقَاضِي وَشِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ
لِتَعَطُّلِ
مَصَالِحِهِمْ بِدُونِهِ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ؛ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ أَوْ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ نَحْوِهِ انْعَزَلَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ جَوَامِكَ فِي نَظَرِ الْأَوْقَافِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إنَّمَا نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَالُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ تَعْبِيرِي بِمُسْلِمًا وَقَوْلُهُ الْأَوْفَقُ لِتَعْلِيلِهِمْ وَهُوَ قَوْلُهُ:؛ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْأَهْلِ بِأَنْ قَالَ: غَيْرَ أَهْلٍ كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ. .

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْضَهُ) أَيْ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ ح ل، أَمَّا إذَا فَوَّضَ الْإِمَامُ لِشَخْصٍ اخْتِيَارَ قَاضٍ فَلَا يَخْتَارُ وَالِدَهُ وَلَا وَلَدَهُ كَمَا لَا يَخْتَارُ نَفْسَهُ ز ي. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَغَيْرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ م ر ع ش.

. (قَوْلُهُ: لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر: لِأَنَّ اجْتِهَادَهُمَا مُخْتَلِفٌ غَالِبًا فَلَا تَنْفَصِلُ الْخُصُومَاتُ. .

. (قَوْلُهُ تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ أَهْلًا) تَحْكِيمُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَأَهْلًا مَفْعُولُهُ قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْحَاوِي يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ دُونَ غَيْرِهِ م ر ع ن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ مُجْتَهِدًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ ضَرُورَةً ع ش.

(4/346)


أَوْ فِي قَوَدٍ أَوْ نِكَاحٍ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ: مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَإِلَّا جَازَ حَتَّى فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ وَبِغَيْرِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى عُقُوبَتُهُ مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهَا إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيِّ الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحْكِيمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ: صَرِيحًا (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِهِ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ رِضَاهُمَا هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْوِلَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا قَاضِيًا) وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْلِيَةٌ مِنْهُ فَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، أَمَّا الرِّضَا بِالْحُكْمِ بَعْدَهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ (وَلَا يَكْفِي رِضَا جَانٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: رِضَا قَاتِلٍ بِحُكْمٍ (فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ أَيْضًا بِهِ، وَلَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِهِ فَكَيْفَ يُؤَاخَذُونَ بِرِضَاهُمْ (وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْحُكْمِ، وَلَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ (امْتَنَعَ) الْحُكْمُ وَلَيْسَ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْبِسَ بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ وَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرِمُ أُبَّهَةَ الْوُلَاةِ. .

(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
لَوْ (زَالَتْ أَهْلِيَّةُ) أَيْ: أَهْلِيَّةُ الْقَاضِي (بِنَحْوِ جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ) كَغَفْلَةٍ وَصَمَمٍ وَنِسْيَانٍ يُخِلُّ بِالضَّبْطِ وَفِسْقٍ (انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ عَقْدٌ جَائِزٌ، نَعَمْ لَوْ عَمِيَ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَيَمْتَنِعُ التَّحْكِيمُ الْآنَ لِوُجُودِ الْقُضَاةِ وَلَوْ قُضَاةَ ضَرُورَةٍ كَمَا نَقَلَهُ ز ي عَنْ م ر إلَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي يَأْخُذُ مَالًا لَهُ وَقَعَ فَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي قَوَدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّحْكِيمُ فِي قَوَدٍ إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَايَةِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ س ل (قَوْلُهُ: مِنْ حَدٍّ) كَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا طَالِبَ لَهُ مُعَيَّنٌ) كَالزَّكَاةِ ع ش أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ. (قَوْلُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِقَاضِي الضَّرُورَةِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِمَا س ل (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ لَفْظًا فَلَا أَثَرَ لِلسُّكُوتِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إلَخْ) رَدَّ فِي الْكِفَايَةِ هَذَا الْبِنَاءَ بِأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ وَغَيْرَهُ قَالُوا لَيْسَ التَّحْكِيمُ تَوْلِيَةً فَلَا يَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا صَدَرَ التَّحْكِيمُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ إلَخْ) لَيْسَ الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْوَاوِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ إلَخْ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ لِيَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ صَحَّ التَّحْكِيمُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا إلَخْ فَهُوَ بَحْثٌ آخَرُ لَا تَقْتَضِيهِ الْمُقَابَلَةُ لِمَا بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَا يَجُوزُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَيْنِ يَقَعُ بَيْنَهُمَا الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُحَكَّمَيْنِ قَدْ يَكُونَانِ مُجْتَهِدَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا نَادِرٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي رِضَا جَانٍ) بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ دَمًا فَتَنَازَعَا فِي إثْبَاتِهِ فَحَكَّمَا شَخْصًا يَحْكُمُ فَحَكَمَ بِأَنَّ الْقَتْلَ خَطَأٌ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إلَّا بِرِضَا عَاقِلَةِ الْجَانِي وَهَذَا فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: يُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى رِضَا الْمُحَكَّمَيْنِ رِضَا الْعَاقِلَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَظَهَرَ ارْتِبَاطُهُ بِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ) بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَكَّمِ عَزَلْتُك فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ ز ي (قَوْلُهُ: يَخْرِمُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ (قَوْلُهُ أُبَّهَةَ الْوُلَاةِ) أَيْ فَخْرَهُمْ وَشَرَفَهُمْ وَعَظَمَتَهُمْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْأُبَّهَةُ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرُ وَهِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. .

[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]
(فَصْلٌ: فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي إلَخْ) الْأَنْسَبُ تَأْخِيرُ هَذَا الْفَصْلِ عَمَّا بَعْدَهُ لِأَنَّ الْعَزْلَ بَعْدَ ثُبُوتِ التَّوْلِيَةِ كَمَا صَنَعَ فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: انْعِزَالَ الْقَاضِي) أَيْ مِنْ غَيْرِ عَزْلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَزْلَهُ أَيْ بِعَزْلِ الْإِمَامِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ نَائِبُهُ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ) كَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى الْإِغْمَاءِ فَيَقُولُ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ، وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الْغَفْلَةَ وَإِنْ لَمْ تُخِلُّ بِالضَّبْطِ تَقْتَضِي الْعَزْلَ ح ل.
(قَوْلُهُ وَإِغْمَاءٍ) وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ م ر وَلَوْ لَحْظَةً خِلَافًا لِلشَّرْحِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى فِي نَحْوِ الشَّرِيكِ مِقْدَارَ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ هُنَا مَا لَا يُحْتَاطُ ثَمَّ وَيَنْعَزِلُ بِمَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ وَقَدْ عَجَزَ مَعَهُ عَنْ الْحُكْمِ س ل. (قَوْلُهُ: كَغَفْلَةٍ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ بِحَيْثُ إذَا نُبِّهَ لَا يَتَنَبَّهُ. (قَوْلُهُ: وَصَمَمٍ) أَيْ وَعَمًى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ وَعِبَارَةُ ح ل وَقَوْلُهُ وَصَمَمٍ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّ سَمَاعَهُ بِالصِّيَاحِ يَكْفِي. (قَوْلُهُ: وَفِسْقٍ) وَلَوْ كَانَ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ وَوُلِّيَ مَعَ فِسْقِهِ وَزَادَ فِسْقُهُ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَرَضَ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ لَرَضِيَ بِهِ وَوَلَّاهُ لَمْ يَنْعَزِلْ وَإِلَّا انْعَزَلَ م ر ز ي.

(4/347)


وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِشَارَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (فَلَوْ عَادَتْ) أَهْلِيَّتُهُ (لَمْ تَعُدْ وَلَايَتُهُ) كَالْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ (وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) كَالْوَكِيلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلِلْإِمَامِ عَزْلُهُ بِخَلَلٍ) ظَهَرَ مِنْهُ وَيَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَمَحَلُّ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنْ وُجِدَ ثَمَّ صَالِحٌ غَيْرَهُ لِلْقَضَاءِ (وَبِأَفْضَلَ) مِنْهُ (وَبِمَصْلَحَةٍ) كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ سَوَاءٌ أَعَزَلَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِدُونِهِ، وَذِكْرُ حُكْمِ دُونِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (حَرُمَ) عَزْلُهُ (وَ) لَكِنَّهُ (يَنْفُذُ) طَاعَةً لِلْإِمَامِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ وُجِدَ) ثَمَّ (صَالِحٌ) غَيْرَهُ لِلْقَضَاءِ وَإِلَّا فَلَا يَنْفُذُ، أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ بِلَا مُوجِبٍ بِنَاءً عَلَى انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ (وَلَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ عَزْلَهُ) لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِنَقْضِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ التَّصَرُّفَاتِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْخَصْمُ أَنَّهُ مَعْزُولٌ لَمْ يُنْفِذْ حُكْمَهُ لَهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ: عَزَلَهُ (بِقِرَاءَتِهِ كِتَابًا انْعَزَلَ بِهَا وَبِقِرَاءَةٍ) مِنْ غَيْرِهِ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ انْعِزَالِهِ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمَرْعِيَّ ثَمَّ النَّظَرُ إلَى الصِّفَاتِ وَهُنَا إلَى الْإِعْلَامِ وَكَمَا يَنْعَزِلُ بِقِرَاءَتِهِ الْكِتَابَ يَنْعَزِلُ بِمَعْرِفَتِهِ مَا فِيهِ بِتَأَمُّلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِرَاءَةً حَقِيقَةً (وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ (نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ (لَا قَيِّمُ يَتِيمٍ وَوَقْفٍ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ؛ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أَبْوَابُ الْمَصَالِحِ (وَلَا مَنْ اسْتَخْلَفَهُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ: اسْتَخْلِفْ عَنِّي) ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ سَفِيرٌ فِي التَّوْلِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَطْلَقَ فَيَنْعَزِلُ بِذَلِكَ لِظُهُورِ غَرَضِ الْمُعَاوَنَةِ لَهُ فَلَا تُشْكِلُ الثَّانِيَةُ بِنَظِيرَتِهَا مِنْ الْوَكَالَةِ إذْ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: لِإِشَارَةٍ) أَيْ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ بِأَنْ كَانَا مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَادَتْ أَهْلِيَّتُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّائِلُ عَمًى وَصَمَمًا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ الْأَعْمَى إذَا عَادَ بَصِيرًا عَادَتْ وِلَايَتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ الصَّمَمُ ح ل فَقَوْلُهُ لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ أَيْ فِي غَيْرِ زَوَالِ الْعَمَى وَالصَّمَمِ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر اعْتِمَادَهُ فِي الْعَمَى وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مَانِعًا لَا سَالِبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ طب فَلَوْ عَمِيَ ثُمَّ أَبْصَرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ حُصُولُ الْعَمَى حَقِيقَةً اُحْتِيجَ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا الثَّانِي يُحْمَلُ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: إنَّهُ لَوْ أَبْصَرَ بَعْدَ الْعَمَى لَمْ يَحْتَجْ لِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَعْقُودِ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْغَيْرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ إذَا زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ ثُمَّ عَادَتْ فَإِنَّهَا تَعُودُ وِلَايَتُهُ وَفِيهِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ بَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْعَارِضَ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْحَاضِنَةُ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ بِخَلَلٍ) أَيْ لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعُفَ أَوْ زَالَتْ هَيْبَتُهُ فِي الْقُلُوبِ؛ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى عَزْلٍ لِانْعِزَالِهِ بِهِ ز ي وم ر. (قَوْلُهُ وَبِأَفْضَلَ مِنْهُ) رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ أَمَّا الْخَاصُّ كَإِمَامَةٍ وَتَدْرِيسٍ وَأَذَانٍ وَتَصَوُّفٍ وَنَظَرٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ح ل وَخَرَجَ بِالْقَاضِي الْإِمَامُ إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي فَلَا يَحْسُنُ تَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ وَذِكْرُ حُكْمِ دُونِهِ) أَيْ الشَّامِلِ لَهُ قَوْلُهُ وَبِمَصْلَحَةٍ ع ش. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّ لَهُ عَزْلَ نُوَّابِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ شَرْحُ م ر فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ أَيْ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ انْعَزَلَ بِمَوْتِ شَخْصٍ فَلَهُ عَزْلُهُ فِي حَيَاتِهِ كَالْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ. (قَوْلُهُ بُلُوغِهِ عَزْلُهُ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَعَزْلُهُ فَاعِلٌ بِالْمَصْدَرِ ز ي. (قَوْلُهُ: لِعِظَمِ الضَّرَرِ) أَيْ مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ وُلِّيَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يَبْلُغَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلَوْ فِي أَمْرٍ عَامٍّ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرَ عَزْلِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ عَدَمُ عِظَمِ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ التَّصَرُّفَاتِ ز ي وَيَثْبُتُ عَزْلُهُ بِعَدْلَيْ شَهَادَةٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ لَا بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ وَلَا يَكْفِي كِتَابٌ مُجَرَّدٌ وَإِنْ حَفَّتْهُ قَرَائِنُ تُبْعِدُ تَزْوِيرَ مِثْلِهِ ع ن. (قَوْلُهُ: حُكْمُهُ لَهُ) أَمَّا حُكْمُهُ عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ سم (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ أَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْخَصْمِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قَاضِيًا شَرْحُ م ر وز ي وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ غَيْرَ حَاكِمٍ بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ خَبَرُ الْعَزْلِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِعِلْمِ الْخَصْمِ أَنَّ الْإِمَامَ عَزَلَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ إلَخْ) وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ عَزَلْتُك أَوْ أَنْتَ مَعْزُولٌ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَمْ يَنْعَزِلْ مَا لَمْ يَأْتِهِ الْكِتَابُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ جَاءَهُ بَعْضُ الْكِتَابِ وَانْمَحَى مَوْضِعُ الْعَزْلِ لَمْ يَنْعَزِلْ وَإِلَّا انْعَزَلَ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ ز ي. (قَوْلُهُ انْعَزَلَ بِهَا) وَيَكْفِي قِرَاءَةُ مَحَلِّ الْعَزْلِ فَقَطْ م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ) أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمِّيَّةٍ وَقَرَأَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا ح ل. (قَوْلُهُ: وَيَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ نَائِبُهُ) الرَّاجِحُ أَنَّ نَائِبَهُ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا إذَا بَلَغَهُ الْعَزْلُ ز ي وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْأَصْلَ فَيَنْعَزِلُ حِينَئِذٍ النَّائِبُ لَا الْأَصْلُ، وَكَذَا لَوْ بَلَغَ الْعَزْلُ الْأَصْلَ دُونَ النَّائِبِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ سم (قَوْلُهُ لَا قَيِّمُ يَتِيمٍ وَوَقْفٍ) الْمُرَادُ بِقَيِّمِ الْوَقْفِ نَاظِرُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلْقَاضِي نَظَرُ وَقْفٍ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَأَقَامَ شَخْصًا عَلَيْهِ انْعَزَلَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ نَائِبُهُ سم. (قَوْلُهُ: فَلَا تُشْكِلُ الثَّانِيَةُ إلَخْ) كَأَنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ

(4/348)


فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ. .

(وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ وَوَالٍ) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي (بِانْعِزَالِ الْإِمَامِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِي تَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ، وَتَعْبِيرِي بِالِانْعِزَالِ هُنَا وَفِي الْقَيِّمِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَوْتِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُتَوَلٍّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَا) قَوْلُ (مَعْزُولٍ حَكَمْت بِكَذَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِهِ (وَلَا شَهَادَةُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِحُكْمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (إلَّا إنْ شَهِدَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ كَذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِهِ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ وَقَوْلِي: وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي. .

(وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ جَوْرٌ فِي حُكْمٍ لَمْ يُسْمَعْ) ذَلِكَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ وَالدَّعْوَى عَلَى النَّائِبِ دَعْوَى عَلَى الْمُنِيبِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَ التَّحْلِيفِ لَتَعَطَّلَ الْقَضَاءُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ وَإِلَّا حَلَفَ (أَوْ) اُدُّعِيَ عَلَيْهِ (مَا) أَيْ: شَيْءٌ (لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ شَيْءٌ) كَأَخْذِ مَالٍ بِرِشْوَةٍ أَوْ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (فَكَغَيْرِهِمَا) فَتُفَصَّلُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلِفٍ أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَقَيَّدَ السُّبْكِيُّ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ فَقَالَ هَذَا إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ بِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ وَلَا يَحْلِفُ وَلَا طَرِيقَ لِلْمُدَّعِي حِينَئِذٍ إلَّا الْبَيِّنَةُ ثُمَّ قَالَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْحَاكِمِ صِحَّةُ الدَّعْوَى صِيَانَةً لَهُ عَنْ ابْتِذَالِهِ بِالدَّعْوَى وَالتَّحْلِيفِ انْتَهَى وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ فِي مَحَلِّ وَلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْوَكِيلِ وَكِّلْ وَأَطْلَقَ أَيْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا كُلِّهِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْإِمَامُ الْمَأْذُونَ فِي اسْتِخْلَافِهِ فَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ: اسْتَخْلِفْ فُلَانًا فَهُوَ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ مُطْلَقًا ح ل. .

. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ، أَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَإِنْ رُجِيَ تَوَلِّيهِ انْعَزَلَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي انْعِزَالِهِ ع ن (قَوْلُهُ وَوَالٍ) كَالْأَمِيرِ وَالْمُحْتَسِبِ وَنَاظِرِ الْجَيْشِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَاضِي. (قَوْلُهُ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ) وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لِنُوَّابِهِ فَإِنَّهُ عَنْ نَفْسِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنْشَاءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَلَوْ عَلَى أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ز ي (قَوْلُهُ: وَلَا قَوْلُ مَعْزُولٍ حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ الْإِقْرَارُ بِالْحُكْمِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا وَخَرَجَ بِالْمَعْزُولِ مَا لَوْ قَالَ قَبْلَ عَزْلِهِ: كُنْت حَكَمْت بِكَذَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَتَّى لَوْ قَالَ: حَكَمْت عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْبَلَدِ بِطَلَاقِ نِسَائِهِمْ وَعِتْقِ عَبِيدِهِمْ أَيْ وَهُنَّ مَحْصُورَاتٌ، وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ز ي (قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَةُ كُلٍّ بِحُكْمِهِ) خَرَجَ بِحُكْمِهِ مَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ بِكَذَا فَيُقْبَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُرَادُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ نَفْسُ بَلَدِ قَضَائِهِ الْمَحُوطِ بِالسُّوَرِ أَوْ الْبِنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِهَا سم لَا الْبَسَاتِينُ وَالْمَزَارِعُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي) أَيْ الَّذِي حَصَلَتْ الدَّعْوَى عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ كَذَلِكَ) بِأَنْ تَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا أَوْ أَرْضَعْتُهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا أَيْ حَيْثُ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً فِي ذَلِكَ وَيُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ قَبُولِ الْقَاضِي وَقَبُولِ الْمُرْضِعَةِ حَيْثُ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلْ قَوْلُ الْمُرْضِعَةِ أَرْضَعْتُهُمَا إرْضَاعًا مُحَرِّمًا مَعَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ كَذَلِكَ ح ل وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا حَيْثُ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً بِخِلَافِ الْقَاضِي إذَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِأَمْرِ الْحَكَمِ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُفَارِقُ الْمُرْضِعَةَ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِيهِمَا اهـ. .

. (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى مُتَوَلٍّ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ح ل أَيْ؛ لِأَنَّ كَذَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي: إنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا شَامِلٌ لِلْجَوْرِ وَفِي شُمُولِهِ نَظَرٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إلَخْ غَرَضُهُ بِهِ بَيَانُ حُكْمِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى مُتَوَلٍّ جَوْرًا إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَا لَا يَتَعَلَّقُ إلَخْ إذْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا بَلْ هِيَ دَعْوَى نَفْسِ حُكْمِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ دَعْوَى عَلَى الْمُنِيبِ) وَهُوَ الشَّرْعُ ح ل. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ) كَغَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ دَيْنٍ س ل (قَوْلُهُ كَأَخْذِ مَالٍ بِرِشْوَةٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَهِيَ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّ مُرَادُهُمْ بِالرِّشْوَةِ لَازِمُهَا أَيْ بِبَاطِلٍ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الرِّشْوَةَ سَبَبٌ مُغَايِرٌ لِلْأَخْذِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ) تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِكُنَاسَةِ بَيْتِهِ أَوْ نَزْحِ سَرَابٍ وَقَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ أَيْ لِأَجْلِ التَّحْلِيفِ وَإِلَّا فَهِيَ تُسْمَعُ لِبَيِّنَةٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا بِبَيِّنَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ب وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي أَوْ الشَّاهِدِ أَنَّهُ حَكَمَ أَوْ شَهِدَ لَهُ أَوْ أَنْكَرَ لَمْ يَرْفَعْهُ لِقَاضٍ آخَرَ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ.

(4/349)


أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا أَوْ مَعْزُولًا سُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَمَا ذَكَرْتُهُ فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ. .

(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (تَثْبُتُ التَّوْلِيَةُ) لِلْقَضَاءِ (بِشَاهِدَيْنِ) كَغَيْرِهَا (وَيَخْرُجَانِ مَعَ الْمُتَوَلِّي) إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ (يُخْبِرَانِ) أَهْلَهُ بِهَا (أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ) بِهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ وَلِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الْإِشْهَادِ فَلَا تَثْبُتُ بِكِتَابٍ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ قَالَ تَعَالَى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] (وَسُنَّ أَنْ يَكْتُبَ مُوَلِّيهِ) إمَامًا كَانَ أَوْ قَاضِيًا فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ (لَهُ) كِتَابًا بِالتَّوْلِيَةِ وَبِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَفِيهِ الزَّكَوَاتُ وَالدِّيَاتُ وَغَيْرُهَا (وَ) أَنْ (يَبْحَثَ الْقَاضِي عَنْ حَالَ عُلَمَاءِ الْمَحَلِّ وَعُدُولِهِ) قَبْلَ دُخُولِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَحِينَ يَدْخُلُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِمْ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحَلِّ هُنَا فِيمَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ (وَ) أَنْ (يَدْخُلَ) وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ (يَوْمَ اثْنَيْنِ) صَبِيحَتَهُ (فَ) إنْ عَسِرَ دَخَلَ يَوْمَ (خَمِيسٍ فَ) يَوْمَ (سَبْتٍ) وَقَوْلِي فَخَمِيسٍ فَسَبْتٍ مِنْ زِيَادَتِي وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَ) أَنْ (يَنْزِلَ وَسَطَ الْبَلَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَشْهَرِ لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ (وَ) أَنْ (يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ) ؛ لِأَنَّهُ عَذَابٌ (فَمَنْ أَقَرَّ) مِنْهُمْ (بِحَقٍّ فَعَلَ) بِهِ (مُقْتَضَاهُ) فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَدًّا أَقَامَهُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ أَوْ تَعْزِيرًا وَرَأَى إطْلَاقَهُ فَعَلَ أَوْ مَالًا أَمَرَ بِأَدَائِهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُهُ أَدَامَ حَبْسُهُ وَإِلَّا نُودِيَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ خَصْمٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
س ل وح ل كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ سَمِعْتُ الْبَيِّنَةَ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا) فَطَرِيقُهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْخَصْمِ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ لَهُ بِكَذَا ع ش (قَوْلُهُ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ) الْمُنَاسِبُ فِي الْمُقَابَلَةِ سَمِعْت الدَّعْوَى لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِاللَّازِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَمَا ذَكَرْتُهُ فِي الْمَعْزُولِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ بِشَيْءٍ فَكَغَيْرِهِمَا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحْلِفُ. وَحَاصِلُهُ دَفْعُ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِهِ سَابِقًا وَبَيْنَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ أَيْ مِنْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ فَتُفْصَلُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلِفٍ أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَمَا ذَكَرَاهُ فِيهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ أَيْ وَلَا يَحْلِفُ اهـ، وَعِبَارَةُ سم فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ أَيْ مِنْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ أَيْ فَيُسْتَثْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْلِيفِ مَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ أَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَوْ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ الَّتِي هِيَ كَالْإِقْرَارِ وَإِقْرَارُ الْمَعْزُولِ وَمَنْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا فَائِدَةَ لِتَحْلِيفِهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِأَجْلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ) ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ ز ي. .

[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا]
(فَصْلٌ: فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَقَوْلِهِ تَثْبُتُ التَّوْلِيَةُ (قَوْلُهُ يُخْبِرَانِ أَهْلَهُ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ بَلْ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ وَلَا حَاجَةَ لِلْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ ح ل أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ وَإِلَّا ادَّعَيَا عِنْدَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ) أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: بِكِتَابٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِفَاضَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ ح ل (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ) وَهَذَا مَأْخَذُ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ الْحُجَجَ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمٌ وَلَا شَهَادَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّذَكُّرِ فَقَطْ فَلَا تُثْبِتُ حَقًّا وَلَا تَمْنَعُهُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يَكْتُبَ مُوَلِّيهِ) وَيَسْتَحِقُّ الْقَاضِي رِزْقَهُ مِنْ حِينِ الْعَمَلِ لَا مِنْ وَقْتِ التَّوْلِيَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ س ل (قَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ) وَجْهُ الْعُمُومِ ظَاهِرٌ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ اللَّامَ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِح الْمَحَلِّ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ لَا الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ وَإِلَّا فَبِمَذْهَبِ مُقَلِّدِهِ وَأَمَّا كُتُبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَلِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا كَانَ يَحْكُمُ بِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ أَوْ عَلِمَهُ عَنْهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ لَا يَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَلْوَانِ يُمْكِنُ تَغَيُّرُهَا بِخِلَافِ السَّوَادِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ يَوْمَ اثْنَيْنِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَصَوْمُهُ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ز ي. (قَوْلُهُ: صَبِيحَتَهُ) كَانَ الْأَوْلَى وَصَبِيحَتَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهَا سُنَّةٌ أُخْرَى كَمَا أَفَادَهُ ح ل (قَوْلُهُ فَيَوْمُ سَبْتٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأُسْبُوعِ وَأَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ بُكُورُهُ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» . (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَنْزِلَ وَسَطَ الْبَلَدِ) أَيْ حَيْثُ اتَّسَعَتْ خُطَّتُهُ وَإِلَّا نَزَلَ حَيْثُ يَتَيَسَّرُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ مَوْضِعٌ يَعْتَادُ الْقُضَاةُ النُّزُولَ فِيهِ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسَاوِي تَسَاوِي كُلٍّ مَعَ نَظِيرِهِ فَأَهْلُ الْأَطْرَافِ يَتَسَاوَوْنَ كَذَا مَنْ يَلِيهِمْ وَهَكَذَا سم أَيْ؛ لِأَنَّ السَّاكِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ وَسَطِ الْبَلَدِ لَيْسَ مُسَاوِيًا لِمَنْ مَسْكَنُهُ فِي أَطْرَافِهَا فَأَشَارَ إلَى أَنَّ التَّسَاوِيَ لِمَنْ فِي طَرَفٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي الطَّرَفِ الْمُقَابِلِ لَهُ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا) أَيْ نَدْبًا بَعْدَ أَنْ يُنَادِيَ فِي الْبَلَدِ مُتَكَرِّرًا أَنَّ الْقَاضِيَ يُرِيدُ النَّظَرَ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا فَمَنْ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَإِلَّا نُودِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ أَدَّى أَوْ أَثْبَتَ إعْسَارَهُ وَفَائِدَةُ النِّدَاءِ.

(4/350)


أَطْلَقَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَمَنْ قَالَ ظُلِمْتُ) بِالْحَبْسِ (فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَ الْمَحْبُوسُ بِيَمِينِهِ (فَإِنْ كَانَ) خَصْمُهُ (غَائِبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ) هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ عَاجِلًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَلَفَ وَأَطْلَقَ لَكِنْ يَحْسُنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ. .

(ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْبُوسِينَ يَنْظُرُ (فِي الْأَوْصِيَاءِ) بِأَنْ يُحْضِرَهُمْ إلَيْهِ فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً بَحَثَ عَنْهَا هَلْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَا وَعَنْ حَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا (فَمَنْ وَجَدَهُ عَدْلًا قَوِيًّا) فِيهَا (أَقَرَّهُ أَوْ فَاسِقًا) أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ، وَلَمْ يُعَدِّلْهُ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ (أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ أَوْ) عَدْلًا (ضَعِيفًا) لِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ (عَضَّدَهُ بِمُعِينٍ) يَتَقَوَّى بِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِينَ عَلَى الْمَحَاجِيرِ وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا ثُمَّ فِي الْوَقْفِ الْعَامِّ وَالْمَالِ الضَّالِّ وَاللُّقَطَةِ (ثُمَّ يَتَّخِذُ كَاتِبًا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَفَرَّغُ لِلْكِتَابَةِ غَالِبًا (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ لِتُؤْمَنَ خِيَانَتُهُ (ذَكَرًا حُرًّا) هُمَا مِنْ زِيَادَتِي (عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ) وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ لِيَعْلَمَ صِحَّةَ مَا يَكْتُبُهُ مِنْ فَسَادِهِ (شَرْطًا) فِيهَا وَالْمَحْضَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا يُكْتَبُ فِيهِ مَا جَرَى لِلْمُتَحَاكِمِينَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ أَوْ تَنْفِيذَهُ سُمِّيَ سِجِلًّا وَقَدْ يُطْلَقَانِ عَلَى مَا يُكْتَبُ (فَقِيهًا) بِمَا زَادَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ؛ لِئَلَّا يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ الْجَهْلِ (عَفِيفًا) عَنْ الطَّمَعِ؛ لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِهِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَافِرَ عَقْلٍ) ؛ لِئَلَّا يُخْدَعَ (جَيِّدَ خَطٍّ) ؛ لِئَلَّا يَقَعَ الْغَلَطُ وَالِاشْتِبَاهُ حَاسِبًا فَصِيحًا (نَدْبًا) فِيهَا. .

(وَ) أَنْ يَتَّخِذَ (مُتَرْجِمِينَ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي تَعْرِيفِ كَلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ مِنْ خَصْمٍ أَوْ شَاهِدٍ، أَمَّا تَعْرِيفُ كَلَامِ الْقَاضِي الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْخَصْمُ أَوْ الشَّاهِدُ لُغَتَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ (وَ) أَنْ يَتَّخِذَ قَاضٍ (أَصَمُّ مُسْمِعِينَ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا، أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ لِأَصَمَّ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي وَالْخَصْمُ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ لِمَا مَرَّ وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمِينَ وَالْمُسْمِعِينَ أَنْ يَكُونَا (أَهْلَيْ شَهَادَةٍ) فَيُشْتَرَطُ إتْيَانُهُمَا بِلَفْظِهَا فَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا وَيُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ حَتَّى لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ إنْ تَضَمَّنَ حَقًّا لَهُمَا، وَيُجْزِئُ مِنْ الْمُتَرْجِمِينَ وَالْمُسْمِعِينَ فِي الْمَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ احْتِمَالُ أَنْ يَظْهَرَ غَرِيمٌ أَعْرَفُ بِحَالِهِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِيَسَارِهِ س ل أَيْ فَالنِّدَاءُ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) قِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي الْحَبْسِ حُكْمٌ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحَبْسِهِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ الْخَصْمُ حُجَّةً؟ سم. (قَوْلُهُ كَتَبَ إلَيْهِ) أَيْ أَوْ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَأْمُرَهُ بِالْحُضُورِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ لَمْ يَحْضُرْ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ وُجُوبًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ) لِتَقْصِيرِ الْغَائِبِ حِينَئِذٍ م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَحْسُنُ) أَيْ يُنْدَبُ ع ش. .

(قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ) الْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الْعَدَالَةِ بَقَاءُ الْمَالِ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ عَدَالَتِهِ م ر ع ش. (قَوْلُهُ: الْعَامِّ) ، وَكَذَا الْخَاصُّ ز ي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَّخِذُ كَاتِبًا) أَيْ نَدْبًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ سَنِّ مَا ذَكَرَ مِنْ اتِّخَاذِ كَاتِبٍ إلَخْ ع ش وَقَدْ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُتَّابٌ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَلِيُّ وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ) وَثَمَنُ وَرَقِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يُجْبَرْ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ) وَهِيَ مَا تَكْتُبُهُ بَعْضُ الْقُضَاةِ لِبَعْضٍ إنِّي حَكَمْت بِكَذَا فَنَفِّذْهُ ح ل وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالْحُجَجِ اهـ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُكْمٌ وَلَا دَعْوَى كَحُجَجِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: شَرْطًا فِيهَا) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ أَيْ صَاحِبِهَا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدْلِ وَمَا بَعْدَهُ شَرْطًا فِي كِتَابَةِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ هَكَذَا يُفْهَمُ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَقِيلَ هُوَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ شُرِطَ ذَلِكَ شَرْطًا. (قَوْلُهُ أَوْ تَنْفِيذَهُ) هُوَ أَنْ يَكْتُبَ بِالْحُكْمِ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيُنَفِّذَهُ وَتَنْفِيذُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ مِنْ الْمُنَفِّذِ إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُكْمِ عِنْدَنَا وَإِلَّا كَانَ إثْبَاتًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ س ل. (قَوْلُهُ: سُمِّيَ سِجِلًّا) وَهُوَ مَا يَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْقَاضِي وَيُؤْخَذُ صُورَتُهُ وَقَدْ يُسَمَّى ذَلِكَ بِكِتَابِ الْحُكْمِ ح ل فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ: وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلسِّجِلَّاتِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤْتَى إلَخْ) أَيْ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ عَلَيْهِ الْخَلَلُ مِنْ قِبَلِ الْجَهْلِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: نَدْبًا فِيهَا) أَيْ فِي هَذَا الْأُمُورِ أَيْ هَذِهِ الْأُمُورُ مَنْدُوبَةٌ ح ل. .

. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَّخِذَ مُتَرْجِمِينَ) اُسْتُشْكِلَ اتِّخَاذُ الْمُتَرْجِمِ بِأَنَّ اللُّغَاتِ لَا تَنْحَصِرُ وَيَبْعُدُ حِفْظُ شَخْصٍ لِكُلِّهَا وَيَبْعُدُ أَنْ يَتَّخِذَ الْقَاضِي فِي كُلِّ لُغَةٍ مُتَرْجِمًا لِلْمَشَقَّةِ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَاتِ الَّتِي يَغْلِبُ وُجُودُهَا فِي عَمَلِهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ عُسْرًا أَيْضًا ز ي. (قَوْلُهُ: أَصَمُّ) أَيْ صَمَمًا لَا يُبْطِلُ سَمْعَهُ شَرْحُ م ر وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ قَاضِيًا كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: مُسْمِعِينَ) وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُسْمِعِينَ غَيْرَ الْمُتَرْجِمِينَ بَلْ إنْ حَصَلَ الْغَرَضَانِ بِاثْنَيْنِ بِأَنْ عَرَفَا لُغَاتِ الْقَاضِي وَالْخُصُومِ كَفَيَا فِي الْغَرَضَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ لِكُلِّ غَرَضٍ مِمَّنْ يَقُومُ بِهِ سم. (قَوْلُهُ: أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا مُسْمِعُ إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّعَدُّدَ فِي الْمُسْمِعِ لَا فِي الْإِسْمَاعِ. (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمَا شَاهِدَانِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ تَفْرِيعٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ حَقًّا لَهُمَا) أَيْ لِلْوَالِدِ إنْ كَانَ وَلَدُهُ مُتَرْجِمًا أَوْ مُسْمِعًا وَلِلْوَلَدِ إنْ كَانَ وَالِدُهُ كَذَلِكَ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ لَا بِقَيْدِ

(4/351)


أَوْ حَقِّهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَفِي غَيْرِهِ رَجُلَانِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِي الْمُتَرْجِمِ بِالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَدِ وَفِي الْمُسْمِعِ بِالْعَدَدِ (وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى) ؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ وَالْإِسْمَاعَ تَفْسِيرٌ وَنَقْلُ اللَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فِي الْمُسْمِعِينَ. .

(وَ) أَنْ (يَتَّخِذَ الْقَاضِي مُزَكِّيَيْنِ) لِمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُمَا آخِرَ الْبَابِ، وَمَحَلُّ سَنِّ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّخَاذِ كَاتِبٍ، وَمَنْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً أَوْ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَ) أَنْ يَتَّخِذَ (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (لِتَأْدِيبٍ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَلِعُقُوبَةٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِتَعْزِيرٍ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَمَجْلِسًا رَفِيقًا) بِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ لَائِقًا بِالْحَالِ كَأَنْ يَجْلِسَ فِي الشِّتَاءِ فِي كِنٍّ وَفِي الصَّيْفِ فِي فَضَاءٍ وَكَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَفِرَاشٍ وَتُوضَعَ لَهُ وِسَادَةٌ. .

(وَكُرِهَ مَسْجِدٌ) أَيْ: اتِّخَاذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَادَةً، وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِيهِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا (وَ) كُرِهَ (قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ بِنَحْوِ غَضَبٍ) كَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ وَفَرَحٍ شَدِيدٍ نَعَمْ إنْ غَضِبَ لِلَّهِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا (وَأَنْ يُعَامِلَ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ (بِنَفْسِهِ) إلَّا إنْ فُقِدَ مَنْ يُوَكِّلُهُ (أَوْ وَكِيلٍ) لَهُ (مَعْرُوفٍ) ؛ لِئَلَّا يُحَابَى، وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُعَامَلَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
كَوْنِهِمَا مُتَرْجِمِينَ أَوْ مُسْمِعِينَ اهـ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ، وَالْوَلَدِ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَضَمَّنَتْ حَقًّا لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ دُونَ مَا إذَا تَضَمَّنَتْ حَقًّا عَلَيْهِ سم. (قَوْلُهُ أَوْ حَقِّهِ) كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) وَقِيسَ بِذَلِكَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ س ل لِقَوْلِهِمْ: مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ تُقْبَلُ فِيهِ تَرْجَمَتُهَا ع ن. (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) وَلَوْ زِنًا أَوْ رَمَضَانَ س ل أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُثْبِتَيْنِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ ثُبُوتُ صَوْمِ رَمَضَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ فَالْمُتَرْجِمُ وَالْمُسْمِعُ بِالْأَوْلَى.

. (قَوْلُهُ: مُزَكِّيَيْنِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا الْمُزَكِّيَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا بَلْ الْمُرَادُ بِهِمَا اللَّذَانِ يَنْقُلَانِ تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ مِنْ جِيرَانِهِمَا مَثَلًا لِلْقَاضِي شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ؛ لِئَلَّا يَتَغَالَوْا فِي الْأُجْرَةِ شَرْحُ م ر وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَعْرِفْ لُغَةَ قَوْمٍ مَاذَا يَصْنَعُ مِنْ جِهَةِ التُّرْجُمَانِ؟ (قَوْلُهُ: وَسِجْنًا) وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ الَّذِي شَغَلَهُ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يُهَيَّأْ صَرْفُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ س ل. (قَوْلُهُ: كَمَا اتَّخَذَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَدِرَّةُ عُمَرَ كَانَتْ أَهَيْبَ مِنْ سَيْفِ الْحَجَّاجِ اهـ وَيُقَالُ: إنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُقَالُ: لَمْ يَضْرِبْ بِهَا أَحَدًا عَلَى ذَنْبٍ وَعَادَ لِفِعْلِهِ ز ي. (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَجْلِسَ) أَيْ مُتَعَمِّمًا مُتَطَيْلِسًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى مُرْتَفِعٍ وَفِرَاشٍ) أَيْ لِيَكُونَ أَهَيْبَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ لِلْحَاجَةِ إلَى قُوَّةِ الرَّهْبَةِ وَالْهَيْبَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ جُلُوسُهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ شَرْحُ م ر. .

. (قَوْلُهُ: أَيْ اتِّخَاذُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَرَاهَةِ الْمَسْجِدِ إذْ الْأَحْكَامُ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ صَوْنًا لَهُ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالصِّغَارِ وَالْحُيَّضِ وَالْكُفَّارِ وَإِقَامَةُ الْحَدِّ فِيهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَتْ إلَخْ) الْأَنْسَبُ التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: اتِّخَاذُهُ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) كَمَطَرٍ حَجّ فَإِنْ جَلَسَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَدَمِهَا كَأَنْ كَانَ لِعُذْرٍ مَنَعَ الْخُصُومَ مِنْ الْخَوْضِ فِيهِ بِالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا وَيَقْعُدُونَ خَارِجَهُ وَيُنَصِّبُ مَنْ يُدْخِلُ عَلَيْهِ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ فِي كَرَاهَةِ الِاتِّخَاذِ بَيْتُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ تَحْتَشِمُ النَّاسُ دُخُولَهُ، أَمَّا إذَا أَعَدَّهُ لِلْقَضَاءِ وَأَخْلَاهُ مِنْ نَحْوِ عِيَالِهِ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُهُ أَحَدٌ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَلَا يُكْرَهُ حِينَئِذٍ م ر. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْغَضَبِ وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَلِاخْتِلَالِ فَهْمِهِ وَفِكْرِهِ بِذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِعَدَمِ أَمْنِ التَّقْصِيرِ فِي مُقَدِّمَاتِ الْحُكْمِ سم كَعَدَالَةِ الشُّهُودِ وَتَزْكِيَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ قَضَاءٌ إلَخْ) وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ فِي حَالَ الْغَضَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إلَّا كَمَا يَقُولُهُ فِي الرِّضَا لِعِصْمَتِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ غَضَبٍ) نَعَمْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ لِلْحُكْمِ فِي الْحَالِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ. اهـ. م ر سم. (قَوْلُهُ هَذَا أَعَمُّ) يُوهِمُ أَنَّ الْأَصْلَ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ يُسَنُّ لَا أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَالْأَصْلُ عَبَّرَ بِمَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) فَلَوْ فَعَلَ صَحَّ لَكِنْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُحَابَاةٌ فَفِي قَدْرِهَا مَا يَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ سم. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَابَى) بَحَثَ سم أَنَّ مُحَابَاتَهُ فِي حُكْمِ الْهَدِيَّةِ لَهُ وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ لَهُ شَيْءٌ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ قَالَ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمْ لِئَلَّا يُحَابَى

(4/352)


(وَسُنَّ) عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ فِي حُكْمٍ (أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ) الْأُمَنَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] . .

(وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهُ) بِهَا (قَبْلَ وِلَايَتِهِ أَوْ) لَهُ عَادَةٌ بِهَا وَ (زَادَ عَلَيْهَا) قَدْرًا أَوْ صِفَةً بِقَيْدٍ زِدْتُهُ فِيهِمَا بِقَوْلِي (فِي مَحَلِّهَا) أَيْ: وِلَايَتِهِ (وَ) قَبُولُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا هَدِيَّةَ (مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) عِنْدَهُ وَإِنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَخِيرَةِ تَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ وَفِي غَيْرِهَا سَبَبُهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا وَلِخَبَرِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» وَرُوِيَ " سُحْتٌ " رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ لَمْ يَزِدْ الْمُهْدِي عَلَى عَادَتِهِ وَلَا خُصُومَةَ فِيهِمَا (جَازَ) قَبُولُهَا، وَلَوْ أَرْسَلَ بِهَا إلَيْهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ، وَلَمْ يُدْخِلْهُ مَعَهَا وَلَا حُكُومَةَ لَهُ فَفِي جَوَازِ قَبُولِهَا وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَحَيْثُ حَرُمَتْ لَمْ يَمْلِكْهَا (وَسُنَّ) لَهُ فِيمَا يَجُوزُ قَبُولُهَا (أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا أَوْ يَرُدَّهَا) لِمَالِكِهَا (أَوْ يَضَعَهَا بِبَيْتِ الْمَالِ) وَهَذَانِ الْأَخِيرَانِ مِنْ زِيَادَتِي. .

(وَلَا يَقْضِي) أَيْ: الْقَاضِي (بِخِلَافِ عِلْمِهِ) وَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ قَاطِعًا بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ (وَلَا بِهِ) أَيْ: بِعِلْمِهِ (فِي عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ لِنَدْبِ السَّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا (أَوْ) فِي غَيْرِهَا وَ (قَامَتْ) عِنْدَهُ (بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ) ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحُدُودِ وَمَا عَدَا مَا ذُكِرَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَعْلِيلًا لِلْكَرَاهَةِ قَدْ يَقْتَضِي حِلَّ قَبُولِ الْمُحَابَاةِ س ل. (قَوْلُهُ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ) عَطْفُ مُسَبِّبٍ أَوْ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: الْفُقَهَاءَ الْأُمَنَاءَ) وَلَوْ دُونَهُ. .

. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبُولُهُ) وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِثْلُهُ فِي نَحْوِ الْهَدِيَّةِ كَمَشَايِخِ الْبُلْدَانِ لَكِنَّهُ أَغْلَظُ م ر وع ش. (قَوْلُهُ هَدِيَّةَ) وَالضِّيَافَةُ وَالْهِبَةُ كَالْهَدِيَّةِ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ عَلَى الْأَوْجَهِ ز ي وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ حَضَرَ ضِيَافَتَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا إلَّا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْعُمَّالِ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إحْضَارِ طَعَامٍ لِشَادِّ الْبَلَدِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمُلْتَزِمِ أَوْ الْكَاتِبِ ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ عَلَيْهَا) فَإِنْ تَمَيَّزَتْ الزِّيَادَةُ رَدَّهَا فَقَطْ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا س ل وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وِلَايَتِهِ) وَلَوْ أَهْدَى بَعْدَ الْحُكْمِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُجَازَاةً وَإِلَّا فَلَا كَذَا أَطْلَقَهُ شَارِحٌ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مُهْدٍ مُعْتَادٍ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ حَجّ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي. (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَيُخَاصِمُ وَلَوْ بَعْضًا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى هَدِيَّةَ أَبْعَاضِهِ إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ز ي وَأَقَرَّهُ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْهَدِيَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْمُهْدِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَا فِي مَحَلِّ الْوِلَايَةِ أَوْ خَارِجَهَا أَوْ الْقَاضِي دَاخِلًا وَالْمُهْدِي خَارِجًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَادَةٌ أَوْ لَا وَإِذَا كَانَ لَهُ عَادَةٌ فَإِمَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ لَا، فَهَذِهِ سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِيهَا الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكُلُّهَا حَرَامٌ إلَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ الْمُهْدِي عَلَى عَادَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ فِيهِمَا شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ فَقَدْ صَرَّحَ سم بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا تَحْرُمُ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا فِي مَحَلِّهَا مَعَ قَوْلِهِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ إلَخْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَإِنْ زَادَ عَلَى الْعَادَةِ سم أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ س ل (قَوْلُهُ مَنْ لَيْسَ إلَخْ) مَنْ فَاعِلُ أَرْسَلَ. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ م ر وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَحَرُمَ إلَخْ فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا سَبَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ صَاحِبُهَا مَعَهَا وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهَا فَهُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ حَرُمَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ كَمَا قَالَهُ م ر، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ حَمَلَهَا إلَيْهِ فَلَوْ جَهَّزَهَا لَهُ مَعَ رَسُولٍ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهَا) فَيَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ ز ي. .

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ) أَيْ ظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ كَمَا لَوْ شَهِدْت بَيِّنَةٌ بِرِقٍّ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهُ أَوْ بَيْنُونَتَهَا أَوْ عَدَمَ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ بِبُطْلَانِ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِعِلْمِهِ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ عَدَالَتِهَا ظَاهِرًا شَرْحُ م ر. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ لَا يَقْضِي بِهَا لِعِلْمِهِ بِخِلَافِهَا وَلَا بِعِلْمِهِ لِأَجْلِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَيُعْرِضُ عَنْ الْقَضِيَّةِ سم. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِي عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى) نَعَمْ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ مَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا عَزَّرَهُ وَإِنْ كَانَ قَضَاءً بِالْعِلْمِ وَقَدْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَمَا إذَا عَلِمَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ أَظْهَرَ الرِّدَّةَ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ وَكَمَا إذَا اعْتَرَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِمُوجِبِ حَدٍّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ فَيَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ وَكَمَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ مُنْكَرٌ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ كَأَنْ شَرِبَ خَمْرًا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ) كَأَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِي أَبْرَأ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّا ادَّعَاهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَتَلَهُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ حَيٌّ فَلَا يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ فِيمَا ذُكِرَ ز ي أَيْ وَلَا بِعِلْمِهِ لِمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ حَيٌّ خَبَرُ أَنَّ.
(قَوْلُهُ: وَمَا عَدَا مَا ذُكِرَ) مَثَّلَهُ الْأَئِمَّةُ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَالٍ وَقَدْ رَآهُ أَقْرَضَهُ قَبْلُ

(4/353)


يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَضَى بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ فَبِالْعِلْمِ وَإِنْ شَمِلَ الظَّنَّ أَوْلَى وَشَرْطُ الْحُكْمِ بِهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِمُسْتَنَدِهِ فَيَقُولُ عَلِمْتُ أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَحَكَمْتُ عَلَيْك بِعِلْمِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَلَا) يَقْضِي مُطْلَقًا (لِنَفْسِهِ) وَبَعْضِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (وَرَقِيقِ كُلٍّ) مِنْهُمْ، وَلَوْ مُكَاتَبًا (وَشَرِيكِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ) لِلتُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ (وَيَقْضِي لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ إمَامٍ وَقَاضٍ، وَلَوْ نَائِبًا عَنْهُ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ، وَذِكْرُ رَقِيقِ الْبَعْضِ وَشَرِيكِ غَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي. .

(وَلَوْ أَقَرَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ) بِالْحَقِّ (أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي) يَمِينَ الرَّدِّ أَوْ غَيْرَهَا (أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَسَأَلَ) الْمُدَّعِي (الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِإِقْرَارِهِ أَوْ يَمِينِهِ أَوْ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) سَأَلَهُ (الْحُكْمَ بِمَا ثَبَتَ) عِنْدَهُ (وَالْإِشْهَادَ بِهِ لَزِمَهُ) إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ حَكَمْت بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ أَوْ عُزِلَ وَقَوْلِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَلَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ ذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى لَزِمَهُ إجَابَتُهُ (أَوْ) سَأَلَهُ (أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) فِي قِرْطَاسٍ أَحْضَرَهُ (مَحْضَرًا) بِمَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ (أَوْ) أَنْ يَكْتُبَ لَهُ (سِجِلًّا) بِمَا جَرَى مَعَ الْحُكْمِ بِهِ (سُنَّ إجَابَتُهُ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةً لِحُجَّتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ كَالْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُثْبِتُ حَقًّا بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ وَالْوُقُوفُ، وَغَيْرُهُمَا نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الزَّبِيلِيِّ وَشُرَيْحٍ وَالرُّويَانِيِّ، وَكَالْمُدَّعِي فِي سَنِّ الْإِجَابَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَصِيغَةُ الْحُكْمِ نَحْوُ حَكَمْتُ أَوْ قَضَيْتُ بِكَذَا أَوْ أَنْفَذْت الْحُكْمَ بِهِ أَوْ أَلْزَمْت الْخَصْمَ بِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَوْ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَالْحُكْمُ إلْزَامٌ (وَ) سُنَّ (نُسْخَتَانِ) بِمَا وَقَعَ بَيْنَ ذِي الْحَقِّ وَخَصْمِهِ (إحْدَاهُمَا) تُعْطَى (لَهُ) غَيْرَ مَخْتُومَةٍ (وَالْأُخْرَى) تُحْفَظُ (بِدِيوَانِ الْحُكْمِ) مَخْتُومَةً مَكْتُوبًا عَلَى رَأْسِهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ. .

(وَإِذَا حَكَمَ) قَاضٍ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ (فَبَانَ) حُكْمُهُ (بِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) كَعَبْدَيْنِ (أَوْ خِلَافِ نَصٍّ) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ نَصِّ مُقَلَّدِهِ (أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ) وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ بَعْدَ تَأْثِيرِهِ (بَانَ أَنْ لَا حُكْمَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ سَمِعَهُ أَقَرَّ بِهِ مَعَ احْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ س ل (قَوْلُهُ يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا، أَمَّا قَاضِي الضَّرُورَةِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: قَضَيْت بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ بِذَلِكَ وَطُلِبَ مِنْهُ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعَ رَدَدْنَاهُ وَلَمْ نَعْمَلْ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَمِلَ الظَّنَّ) أَيْ الْقَوِيَّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْبَيِّنَةَ تُفِيدُ الظَّنَّ أَيْضًا فَلَا تَظْهَرُ الْأَوْلَوِيَّةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْضِي مُطْلَقًا) أَيْ لَا بِعِلْمِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ تَعْزِيرُ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ كَحَكَمْتُ عَلَيَّ بِالْجَوْرِ؛ لِئَلَّا يُسْتَخَفَّ وَيُسْتَهَانَ بِهِ فَلَا يُسْمَعُ حُكْمُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) أَمَّا عَلَيْهَا فَيَجُوزُ، وَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ حُكْمٌ؟ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إقْرَارٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ز ي. (قَوْلُهُ: وَبَعْضِهِ) بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِمَحْجُورِهِ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ، وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفٍ شُرِطَ نَظَرُهُ لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ وَبِإِثْبَاتِ مَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ يُرْزَقُ مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ لِمَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا وَوَقْفٍ نَظَرَهُ لَهُ قَبْلَ الْوَلَايَةِ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فَكَالْوَصِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ س ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَشَرِيكِهِ) أَيْ شَرِيكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) بِأَنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جِهَتِهِ لِنَحْوِ لَوْثٍ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ س ل وم ر. (قَوْلُهُ: وَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ سَأَلَ مَا إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ لِامْتِنَاعِ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ كَامْتِنَاعِهِ قَبْلَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ إلَّا فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ س ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ إثْبَاتَ الْحَقِّ دُونَ الْمُطَالَبَةِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عُزِلَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ إلَخْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ كَمَا قَالَهُ ع ن. (قَوْلُهُ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ ذَلِكَ) أَيْ الْحُكْمَ وَالْإِشْهَادَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي لُزُومِ الْحُكْمِ وَالْإِشْهَادِ، وَسُنَّ الْإِجَابَةُ. (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ عَلَيْهِ أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّسْجِيلُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ فِي ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ يَظْهَرُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا: رُجُوعُ الْحَاكِمِ، أَوْ الشُّهُودِ بَعْدَهُ هَلْ يَغْرَمُونَ؟ إنْ قُلْنَا: الثُّبُوتُ حُكْمٌ غَرِمُوا أَوْ لَا فَلَا ز ي. (قَوْلُهُ وَسُنَّ نُسْخَتَانِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ ذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ: مَخْتُومَةً) بِأَنْ تُشَمَّعَ أَيْ يُجْعَلَ عَلَى الْوَرَقَةِ قِطْعَةُ شَمْعٍ بَعْدَ طَيِّهَا ثُمَّ يَخْتِمُ عَلَى الشَّمْعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَتْمِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ الْآنَ قَرَّرَهُ الْخَلِيفِيُّ. .

. (قَوْلُهُ: أَوْ خِلَافَ نَصٍّ) الْمُرَادُ بِالنَّصِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّاهِرَ عَلَى مَا فِي الْمَطْلَبِ عَنْ النَّصِّ لَا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ شَرْحُ حَجّ. (قَوْلُهُ: بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ) هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ تَأْثِيرِهِ هُوَ الْمُسَاوِي.
(قَوْلُهُ: بَانَ أَنْ لَا حُكْمَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى نَقْضٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ س ل وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَبْقِيَةَ الْأَصْلِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقَالَ م ر نَقَضَهُ أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ فَقَوْلُ س ل وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ لَيْسَ.

(4/354)


وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْ: مِنْ الْحُكَّامِ لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ فِيهِ وَلِمُخَالَفَتِهِ الْقَاطِعَ أَوْ الظَّنَّ الْمُحْكَمَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ تَأْثِيرُ الْفَارِقِ فَلَا يَنْقُضُ الْحُكْمَ الْمُخَالِفَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ الْمُتَعَادِلَةَ لَوْ نُقِضَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَمَا اسْتَمَرَّ حُكْمٌ وَلَشَقَّ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ، وَالْجَلِيُّ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ لِلْوَالِدَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ، وَالْخَفِيُّ كَقِيَاسِ الذُّرَةِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطُّعْمِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عُبِّرَ بِهِ الْمَذْكُورُ بَعْضُهُ فِي الشَّهَادَاتِ. .

(وَقَضَاءَ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (رُتِّبَ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ) بِأَنْ كَانَ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ (يَنْفُذُ ظَاهِرًا) لَا بَاطِنًا فَلَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا عَكْسُهُ فَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِظَاهِرَيْ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِحُكْمِهِ الْحِلُّ بَاطِنًا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالنِّكَاحُ وَغَيْرُهُمَا، أَمَّا الْمُرَتَّبُ عَلَى أَصْلٍ صَادِقٍ فَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ فِيهِ بَاطِنًا أَيْضًا قَطْعًا إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ وَيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ فَلَوْ قَضَى حَنَفِيٌّ لِشَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ بِالْإِرْثِ بِالرَّحِمِ حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ بِهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْ الْأَخْذِ بِذَلِكَ وَلَا مِنْ الدَّعْوَى بِهِ إذَا أَرَادَهَا اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَالِاجْتِهَادُ إلَى الْقَاضِي لَا إلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا جَازَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ اعْتِقَادِهِ. .

(وَلَوْ رَأَى) قَاضٍ أَوْ شَاهِدٌ (وَرَقَةً فِيهَا حُكْمُهُ أَوْ شَهَادَتُهُ) عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ (أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ حَكَمَ أَوْ شَهِدَ) بِكَذَا (لَمْ يَعْمَلْ بِهِ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي إمْضَاءِ حُكْمٍ وَلَا أَدَاءِ شَهَادَةٍ (حَتَّى يَذْكُرَ) مَا حَكَمَ أَوْ شَهِدَ بِهِ لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ (وَلَهُ) أَيْ: لِلشَّخْصِ (حَلِفٌ عَلَى مَا لَهُ بِهِ تَعَلَّقَ) كَاسْتِحْقَاقِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَدَائِهِ لِغَيْرِهِ (اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ نَحْوِ مُوَرِّثِهِ) كَنَفْسِهِ وَمُكَاتَبَهُ الَّذِي مَاتَ مُكَاتَبًا أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَدَاءِ مَا لَهُ عَلَيْهِ (إنْ وَثِقَ بِأَمَانَتِهِ) لِاعْتِضَادِهِ بِالْقَرِينَةِ وَفَارَقَ الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَةَ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْخَطُّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُذْكَرْ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَالْحُكْمَ وَالشَّهَادَةَ بِغَيْرِهِ وَكَالْخَطِّ إخْبَارُ عَدْلٍ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ الظَّنِّ الْمُحْكَمِ) أَيْ الْوَاضِحِ الدَّلَالَةِ سم. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ إلَخْ) كَقِيَاسِ الذُّرَةِ عَلَى الْبُرِّ فَإِنَّ الْفَارِقَ بَيْنَهُمَا مَوْجُودٌ وَهُوَ كَثْرَةُ الِاقْتِيَاتِ فِي الْبُرِّ دُونَ الذُّرَةِ وَلَا يَبْعُدُ تَأْثِيرُهُ فِي الْحُكْمِ أَيْ بِنَفْيِ الرِّبَوِيَّةِ عَنْ الذُّرَةِ فَإِذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الذُّرَةِ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ الْخَفِيِّ الْمُثْبِتِ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ الْمُسْتَلْزِمِ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ الْمُتَعَادِلَةَ) أَيْ الْمُتَسَاوِيَةَ (قَوْلُهُ: كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ) فَالْفَارِقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الضَّرْبَ إيذَاءٌ بِالْفِعْلِ وَالتَّأْفِيفَ إيذَاءٌ بِالْقَوْلِ مَثَلًا مَقْطُوعٌ بِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ الضَّرْبِ أَيْ لَا يَنْفِيهَا فَلَوْ حَكَمَ بِعَدَمِ تَعْزِيرِ مَنْ ضَرَبَ أَبَاهُ لِكَوْنِ الضَّرْبِ لَيْسَ حَرَامًا بَطَلَ حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ: الْخَفِيُّ كَقِيَاسِ الذُّرَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّمْثِيلُ لِلْخَفِيِّ بِقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ؛ لِأَنَّ قِيَاسَ الذُّرَةِ عَلَى الْبُرِّ مِنْ الْمُسَاوِي. وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَمْثِيلَهُ بِالنَّظَرِ لِمَا كَانَ قَبْلُ مِنْ نُدْرَةِ أَكْلِ الذُّرَةِ. .

. (قَوْلُهُ: عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا شَهَادَةُ الزُّورِ (قَوْلُهُ بِظَاهِرِيْ الْعَدَالَةِ) بَدَلٌ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ، وَعِبَارَةُ م ر فَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ كَاذِبَيْنِ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ بَاطِنًا. (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ) مِثْلُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِشَاهِدَيْنِ وَاَلَّذِي فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِهِمْ مِثْلُ وُجُوبِ صَوْمِهِ بِوَاحِدٍ وَمِثْلُ شُفْعَةِ الْجِوَارِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ) عِلَّةٌ لِيَنْفُذَ. (قَوْلُهُ: بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِالْإِرْثِ بِالرَّحِمِ) أَيْ عِنْدَ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُوَرِّثُهُمْ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي) أَيْ الْحَنَفِيِّ أَوْ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ) وَهُوَ الْحَنَفِيُّ.
(قَوْلُهُ وَالِاجْتِهَادُ إلَى الْقَاضِي) اُنْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ لِذِكْرِ هَذَا هُنَا. (قَوْلُهُ وَلِهَذَا جَازَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ) أَيْ بِاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ وَالشُّفْعَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلْقَاضِي عِنْدَكُمْ أَوْ لَمْ يَقُلْ فِي الْإِرْثِ بِالرَّحِمِ وَفِي الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ ح ل وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا بِالْجِوَارِ اهـ. .

. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْمَلْ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ رُؤْيَةِ الْوَرَقَةِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِجَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ شَهِدَا عِنْدَ غَيْرِهِ بِأَنَّ فُلَانًا حَكَمَ بِكَذَا لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ إلَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَنْكَرَ حُكْمَهُ وَكَذَّبَهُمَا ز ي وَكَلَامُ ز ي قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا شَهِدَا بِالْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَذْكُرَ) أَيْ يَتَذَكَّرَ الْوَاقِعَةَ مُفَصَّلَةً شَوْبَرِيٌّ وَلَا يَكْفِيهِ تَذَكُّرُهُ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ شَرْحُ م ر قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَهُ حَلِفٌ) يَشْمَلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَالْيَمِينَ الَّتِي مَعَهَا شَاهِدٌ. (قَوْلُهُ: الَّذِي مَاتَ مُكَاتَبًا) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ م ر فِي شَرْحِهِ هَذَا الْقَيْدَ. (قَوْلُهُ: إنَّ لَهُ) بَيَانٌ لِلْخَطِّ. (قَوْلُهُ: إنْ وَثِقَ بِأَمَانَتِهِ) بِأَنْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ التَّسَاهُلِ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اعْتِضَادًا بِالْقَرِينَةِ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ عِنْدَهُ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيَّ كَذَا سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِاعْتِضَادِهِ) أَيْ الْحَالِفِ وَقَوْلُهُ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ خَطُّ نَحْوِ مُوَرِّثِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمَ وَالشَّهَادَةَ بِغَيْرِهِ) فَاحْتِيطَ لِلْغَيْرِ وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ وَعَامٌّ بِخِلَافِ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْحَالِفِ وَيُبَاحُ بِغَالِبِ

(4/355)


(وَلَهُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ) عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً وَعَلَى ذَلِكَ عَمِلَ الْعُلَمَاءُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَفَارَقَتْ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ يُرْوَى مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ وَلَا يَشْهَدُ. .

(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا. (تَجِبُ تَسْوِيَةٌ) عَلَى الْقَاضِي (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي) وُجُوهِ (الْإِكْرَامِ) وَإِنْ اخْتَلَفَا شَرَفًا (كَقِيَامٍ) لَهُمَا وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا (وَدُخُولٍ) عَلَيْهِ فَلَا يَأْذَنُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ (وَاسْتِمَاعٍ) لِكَلَامِهِمَا (وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ) لَهُمَا (وَجَوَابِ سَلَامٍ) مِنْهُمَا إنْ سَلَّمَا مَعًا فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ: سَلِّمْ أَوْ يَصْبِرَ حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُجِيبَهُمَا جَمِيعًا. قَالَ الشَّيْخَانِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوهُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ (وَمَجْلِسٍ) بِأَنْ يُجْلِسَهُمَا إنْ كَانَا شَرِيفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ وَقَوْلِي فِي الْإِكْرَامِ مَعَ جَعْلِ مَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْثِلَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهُ رَفْعُ مُسْلِمٍ) عَلَى كَافِرٍ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ كَأَنْ يُجْلِسَ الْمُسْلِمَ أَقْرَبَ إلَيْهِ كَمَا جَلَسَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ وَقَالَ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك وَلَكِنِّي «سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَذِكْرُ رَفْعِ الْمُسْلِمِ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَزِدْت لَهُ تَبَعًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ لِأُنَبِّه عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ فِي الرَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ سُلَيْمٍ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ بِدَلِيلِ سُجُودَيْ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. .

(وَإِذَا حَضَرَاهُ) أَيْ: الْخَصْمَانِ هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِذَا جَلَسَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الظَّنِّ وَلَا يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ عَامٍّ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ عِنْدَهُ) كَأَنْ يَجِدَ وَرَقَةً مَكْتُوبًا فِيهَا بِخَطِّهِ أَنَّهُ قَرَأَ الْبُخَارِيَّ مَثَلًا عَلَى الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ أَوْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ أَجَازَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ وَالسَّمَاعَ مِنْهُ وَالْإِجَازَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فِي الْوَرَقَةِ بِخَطِّهِ كَمَا سَبَقَ إلَى بَعْضِ الْأَوْهَامِ شَيْخُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ رَأَى خَطَّ شَيْخِهِ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ وَعَرَفَهُ جَازَ اعْتِمَادُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذَّكَّرْ قِرَاءَةً) بِتَشْدِيدِ الذَّالِ وَالْكَافِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ م ر وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ قِرَاءَةً إلَخْ. .

[فَصْلٌ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا]
(فَصْلٌ: فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) الْخَصْمَانِ تَثْنِيَةُ خَصْمٍ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يُثَنِّيهِ وَيَجْمَعُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ تَعَالَى {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] وَالْخَصْمُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةُ ز ي (قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهَا) كَقَوْلِهِ وَإِذَا حَضَرَاهُ سَكَتَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا وَكِيلَاهُمَا فِي الْخُصُومَةِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّوْكِيلِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ وَرْطَةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ جَهْلٌ قَبِيحٌ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَرْتَفِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَحْلِيفِهِ إذَا وَجَبَتْ يَمِينٌ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الزَّبِيلِيِّ وَأَقَرَّهُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَقِيَامٍ لَهُمَا) لَوْ قَامَ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِي خُصُومَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ لِلْآخَرِ أَوْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ جَاءَ فِي خُصُومَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَيْ الِاعْتِذَارُ وَاجِبًا وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا وَضِيعًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْقِيَامِ لِمِثْلِهِ وَالْآخَرُ رَفِيعًا يُقَامُ لَهُ حَرُمَ الْقِيَامُ لَهُمَا لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَادَةً إلَّا الْقِيَامُ لِلرَّفِيعِ سم وَمِثْلُهُ فِي ز ي. (قَوْلُهُ: وَجَوَابِ سَلَامٍ) وَلَمْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَضِيلَةٍ؛ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُ الْآخَرِ ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَاغْتُفِرَ هُنَا التَّكَلُّمُ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ قَاطِعًا لِلرَّدِّ لِضَرُورَةِ التَّسْوِيَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْبِرَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ مَا ذَكَرَ هُنَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ مِنْ جَمْعٍ فَإِذَا حَضَرَ جَمْعٌ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ كَفَى عَنْ الْبَاقِينَ ز ي. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُسَلِّمَ) فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ تَرَكَ جَوَابَ الْأَوَّلِ مُحَافَظَةً عَلَى التَّسْوِيَةِ ز ي وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ لِتَحْصِيلِ وَاجِبٍ فَمَا الْمُرَجَّحُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَجَّحُ الِاحْتِيَاطُ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّسْوِيَةِ. (قَوْلُهُ بِجَنْبِ شُرَيْحٍ) وَهُوَ تَابِعِيٌّ كَانَ نَائِبًا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا قَالَهُ م ر وَلَمَّا ادَّعَى الْيَهُودِيُّ عَلَى عَلِيٍّ قَالَ عَلِيٌّ أَدَّيْتُ الثَّمَنَ؟ فَقَالَ شُرَيْحٌ هَلُمَّ بِشَاهِدٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ أَسْلَمَ وَقَالَ وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا لَهُوَ الدِّينُ الْحَقُّ بَابِلِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ يَهُودِيٍّ) أَيْ فِي دِرْعٍ م ر أَيْ فِي ثَمَنِ دِرْعٍ اشْتَرَاهُ عَلِيٌّ مِنْ الْيَهُودِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَابِلِيِّ لَكِنْ فِي شَرْحِ خ ط عَلَى أَبِي شُجَاعٍ أَنَّ النِّزَاعَ فِي نَفْسِ الدِّرْعِ حَيْثُ ادَّعَاهُ عَلِيٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ لَوْ كَانَ إلَخْ) لَعَلَّ حِكْمَةَ قَوْلِهِ ذَلِكَ إظْهَارُ شَرَفِ الْإِسْلَامِ وَمُحَافَظَةُ أَهْلِهِ عَلَى الشَّرْعِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ وَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ رَفْعِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ ز ي فَيَأْذَنُ لِلْمُسْلِمِ أَوَّلًا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا كَانَ إلَخْ) لِأَنَّ مِنْ أَمَارَاتِ الْوُجُوبِ كَوْنَ الْفِعْلِ مَمْنُوعًا مِنْهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ كَالْخِتَانِ وَالْحَدِّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عُقُوبَةٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ) قَدْ يُقَالُ: كَوْنُهَا

(4/356)


أَيْ: بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا (سَكَتَ) عَنْهُمَا حَتَّى يَتَكَلَّمَا (أَوْ قَالَ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ هَيْبَةِ الْقُدُومِ قَالَ الشَّيْخَانِ أَوْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي إذَا عَرَفَهُ تَكَلَّمْ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَإِذَا ادَّعَى) أَحَدُهُمَا (طَالَبَ) الْقَاضِي جَوَازًا (خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ) وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَبِذَلِكَ تَنْفَصِلُ (فَإِنْ أَقَرَّ) بِالْحَقِّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِهِ (أَوْ أَنْكَرَ سَكَتَ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ حُجَّةٌ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِأَنَّ لَهُ إقَامَتَهَا فَالسُّكُوتُ أَوْلَى أَوْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى أَوْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ إعْلَامُهُ بِهِ (فَإِنْ قَالَ) فِيهِمَا (لِي حُجَّةٌ وَأُرِيدُ حَلِفَهُ مُكِّنَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْلِفُ وَيُقِرُّ فَيَسْتَغْنِي الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْحُجَّةِ وَإِنْ حَلَفَ أَقَامَهَا وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ فَلَهُ فِي طَلَبِ حَلِفِهِ غَرَضٌ (أَوْ) قَالَ (لَا) حُجَّةَ لِي أَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً أَوْ كُلُّ حُجَّةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ زُورٌ (ثُمَّ أَقَامَهَا) ، وَلَوْ بَعْدَ الْحَلِفِ (قُبِلَتْ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ لَهُ حُجَّةً أَوْ نَسِيَ ثُمَّ عَرَفَ وَتَعْبِيرِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ.
(وَإِذَا ازْدَحَمَ مُدَّعُونَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: خُصُومٌ (قَدَّمَ) وُجُوبًا (بِسَبْقٍ) مِنْ أَحَدِهِمْ (عَلِمَ فَ) إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبْقٌ بِأَنْ جَهِلَ أَوْ جَاءُوا مَعًا قَدَّمَ (بِقُرْعَةٍ) وَالتَّقْدِيمُ فِيهِمَا (بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ) ؛ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَنُ فَيَتَضَرَّرُ الْبَاقُونَ. .

(وَ) لَكِنْ (سُنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَكْثَرِيَّةً لَا يَمْنَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهَا فَإِنَّ أَكْثَرِيَّتَهَا تَقْتَضِي رُجْحَانَ الْعَمَلِ بِهَا إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ م ر وَلَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُ مَنْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ فَيُصَدَّقُ بِالْوَاجِبِ كَمَا فِي الْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ اهـ. .

. (قَوْلُهُ: أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِذَا حَضَرَاهُ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ. (قَوْلُهُ: سَكَتَ) وَهُوَ أَوْلَى؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَيْلُهُ لِلْمُدَّعِي م ر. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَيْلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ طَالَبَ الْقَاضِي جَوَازًا) أَيْ قَبْلَ طَلَبِ خَصْمِهِ وَوُجُوبًا إنْ طَلَبَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ لِلْحَالِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ) أَيْ بِالْجَوَابِ تَنْفَصِلُ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَقَرَّ فَإِنْ أَنْكَرَ فَلَا يَظْهَرُ الِانْفِصَالُ لَا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ انْفِصَالُهَا قَرِيبًا صَارَتْ كَأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) بِأَنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَحَلَفَ ح ل وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ هَذَا قَسِيمًا لِقَوْلِهِ أَوْ أَنْكَرَ فَالتَّصْوِيرُ الْحَسَنُ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي إنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ ادَّعَى عَلَيَّ سَابِقًا وَطَلَبَ مِنِّي الْيَمِينَ فَرَدَدْتهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ فَإِنَّ هَذَا مُتَضَمِّنٌ لِثُبُوتِ الْحَقِّ اللَّازِمِ لِلْإِقْرَارِ شَيْخُنَا ح ف أَوْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَنْكَرَ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَالْأَوْلَى تَصْوِيرُ قَوْلِهِ حُكْمًا بِمَا إذَا ادَّعَى الْأَدَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ فَإِنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِقْرَارِ فَيَكُونُ إقْرَارًا حُكْمًا بِلَا إنْكَارٍ س ل. (قَوْلُهُ: فِي ثُبُوتِهِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ (قَوْلُهُ سَكَتَ) أَيْ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ حُجَّةٌ) أَيْ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِمَّا لَا يَمِينَ فِيهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَإِلَّا كَاللَّوْثِ أَيْ كَدَعْوَى الْقَتْلِ عِنْدَ اللَّوْثِ قَالَ لَهُ أَتَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا ز ي. (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ) أَيْ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي حَالِ السُّكُوتِ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَلَك حُجَّةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: أَقَامَهَا وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ كَانَ مُتَصَرِّفًا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ تَعَيَّنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِئَلَّا يَحْتَاجَ الْأَمْرُ إلَى الدَّعْوَى بَيْنَ يَدَيْ مَنْ لَا يَرَى الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيَحْصُلَ الضَّرَرُ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّعِي فَلَا يَرْفَعُ غَرِيمَهُ إلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْفَصِلَ أَمْرُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ زُورٌ) هُمَا بِمَعْنًى ع ش. (قَوْلُهُ ثُمَّ عَرَفَ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ التَّذَكُّرَ فَيَشْمَلُ النِّسْيَانَ وَقَالَ ح ل وَلَوْ قَالَ عِنْدَ التَّصَدِّي لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ لَسْت بِشَاهِدٍ فِي كَذَا ثُمَّ شَهِدَ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّصَدِّي وَلَوْ بِيَوْمٍ قُبِلَتْ اهـ وَمِثْلُهُ ز ي.
(قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ خُصُومٌ) لِأَنَّ الْخَصْمَ يَصْدُقُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ إنَّمَا هِيَ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي ح ل أَيْ فَإِذَا سَبَقَ قُدِّمَ هُوَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ وَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا مُدَّعُونَ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَتَى بَعْدَهُ الْمُدَّعِي وَتَخَلَّلَ مُدَّعُونَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّا لَا نُقَدِّمُهُمَا لِمَا مَرَّ اهـ. (قَوْلُهُ قُدِّمَ وُجُوبًا) أَيْ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا فَيُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِسَبْقٍ) أَيْ حَيْثُ حَضَرَ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ فَلَا عِبْرَةَ بِحُضُورِ الْمُدَّعِي مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَوْ سَبَقَ الْمُدَّعِي وَتَخَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ مُدَّعٍ آخَرَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي قُدِّمَ الْمُدَّعِي الْآخَرُ عَلَى السَّابِقِ لِحُضُورِ خَصْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي دَعْوَاهُ ح ل قَالَ م ر وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ مُدَّعٍ وَحْدَهُ ثُمَّ مُدَّعٍ مَعَ خَصْمِهِ ثُمَّ حَضَرَ خَصْمُ الْأَوَّلِ قُدِّمَ مَنْ جَاءَ مَعَ خَصْمِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ خَصْمَ الْأَوَّلِ إنْ حَضَرَ قَبْلَ دَعْوَى الثَّانِي قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ أَوْ بَعْدَهَا فَتَقْدِيمُ الثَّانِي هُنَا لَيْسَ إلَّا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ وَقْتَ دَعْوَى الثَّانِي غَيْرُ مُمْكِنٍ لَا لَبُطْلَانِ حَقِّ الْأَوَّلِ اهـ.
وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ مَا إذَا كَانَ كَافِرًا فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ز ي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَهِلَ) أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ ع ش. (قَوْلُهُ بِدَعْوَى وَاحِدَةٍ) تَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّعْوَى فَصْلُهَا

(4/357)


تَقْدِيمُ مُسَافِرِينَ مُسْتَوْفِزِينَ) شَدُّوا الرَّحَّالَ لِيَخْرُجُوا مَعَ رُفْقَتِهِمْ عَلَى مُقِيمِينَ (وَ) تَقْدِيمُ (نِسْوَةٍ) عَلَى غَيْرِهِنَّ مِنْ الْمُقِيمِينَ طَلَبًا لِسِتْرِهِنَّ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسْوَةُ فِي الْمَجِيءِ إلَى الْقَاضِي (إنْ قَلُّوا) وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مُدَّعِينَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ التَّقْدِيمِ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا مَرَّ أَوْ نِسْوَةً وَمُسَافِرِينَ قُدِّمُوا عَلَيْهِنَّ وَالِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضًا وَإِلَّا فَالْخِيَرَةُ إلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ. .

(وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (اتِّخَاذُ شُهُودٍ) مُعَيَّنِينَ (لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ) ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ (بَلْ مَنْ) شَهِدَ عِنْدَهُ وَ (عَلِمَ) مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ فِسْقٍ (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) فِيهِ فَيَقْبَلُ الْأَوَّلَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلٍ وَإِنْ طَلَبَهُ الْخَصْمُ وَيَرُدُّ الثَّانِيَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَحْثٍ نَعَمْ لَا يَعْمَلُ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ تَفْرِيعًا عَلَى تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ تَزْكِيَتَهُ لَهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ ذَلِكَ (اسْتَزْكَاهُ) أَيْ: طَلَبَ تَزْكِيَتَهُ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِ الْخَصْمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ شَرْطِهَا (كَأَنْ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: بِأَنْ (يَكْتُبَ مَا يُمَيِّزُ الشَّاهِدَ وَالْمَشْهُودَ لَهُ وَ) الْمَشْهُودَ (عَلَيْهِ) مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْحِرَفِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّاهِدِ مَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ كَبَعْضِيَّةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ (وَ) الْمَشْهُودُ (بِهِ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَنِكَاحٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ مُجَرَّدُ سَمَاعِهَا مَعَ جَوَابِ الْخَصْمِ وَاسْتَقْرَبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى فَصْلِهَا تَأْخِيرٌ بِأَنْ تَوَقَّفَ عَلَى إحْضَارِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَسْمَعُ غَيْرَهَا فِي مُدَّةِ إحْضَارِ نَحْوِ الْبَيِّنَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَالْأَوْلَى لَهُمْ تَقْدِيمُ مَرِيضٍ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ فَإِنْ امْتَنَعُوا قَدَّمَهُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَطْلُوبًا؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ شَرْحُ م ر. .

(قَوْلُهُ تَقْدِيمُ مُسَافِرِينَ) وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ ع ن وَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُونَ بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِمْ مَا لَمْ يَضُرَّ غَيْرَهُمْ ضَرَرًا بَيِّنًا أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِلَّا فَبِدَعْوَى وَاحِدَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى مُقِيمِينَ) وَعَلَى مُقِيمَاتٍ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي السَّفَر أَقْوَى ح ل (قَوْله مِنْ الْمُقِيمِينَ) أَمَّا الْمُسَافِرُونَ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى النِّسْوَةِ كَمَا يَأْتِي ع ش. (قَوْلُهُ: إنْ قَلُّوا) غَلَبَ فِي جَمْعِ الذُّكُورِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى النِّسْوَةِ وَدَخَلَ فِي النِّسْوَةِ الْعَجَائِزُ خِلَافًا لِمَنْ أَلْحَقَهُنَّ بِالرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُفَرِّقَ إلَخْ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْضُوعِ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ ازْدِحَامُ مُدَّعِينَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرُوا) لَمْ يُبَيِّنُوا حَدَّ الْكَثْرَةِ وَمَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا مِثْلَ الْمُقِيمِينَ وَأَكْثَرَ كَالْحَجِيجِ بِمَكَّةَ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ تُفْهِمُ اعْتِبَارَ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لَا اعْتِبَارَ الْمُسَافِرِينَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ قَالَهُ ابْنُ قَاضِي شُبْهَةَ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى وَاعْتَمَدَهُ م ر ع ن (قَوْلُهُ: قُدِّمُوا عَلَيْهِنَّ) لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِمْ أَقْوَى م ر. (قَوْلُهُ كَالِازْدِحَامِ عَلَى الْقَاضِي) فَيُقَدِّمُ بِسَبْقٍ فَبِقُرْعَةٍ وَيُقَدِّمُ السَّابِقَ وَالْقَارِعَ بِدَرْسٍ وَاحِدٍ وَفَتْوَى وَاحِدَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُسَافِرِينَ وَالنِّسْوَةِ يَأْتِي هُنَا ع ن. (قَوْلُهُ فَرْضًا) أَيْ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ فَرْضَ كِفَايَةٍ م ر وَعِ ش مِثْلُ ذَلِكَ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ كَالْحَدَّادِ وَالْخَيَّاطِ وَالنَّجَّارِ وَالْخَبَّازِ اهـ كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مَثَلًا لِاضْطِرَارِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْخِيرَةَ لَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ أَصْلِهِ لَيْسَ وَاجِبًا بَلْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِ بَعْضِ الْمُشْتَرِينَ وَيَبِيعَ بَعْضًا وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ ثُمَّ الْقُرْعَةِ فِي الْمُزْدَحِمِينَ عَلَى مُبَاحٍ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الطَّوَاحِينِ بِالرِّيفِ الَّتِي أَبَاحَ أَهْلُهَا الطَّحْنَ بِهَا لِمَنْ أَرَادَ فَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَالِكِينَ لَهَا، أَمَّا هُمْ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ غَيْرَهُمْ مُسْتَعِيرٌ مِنْهُمْ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ الْمَالِكُونَ وَإِذَا اجْتَمَعُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ جَاءُوا مُرَتَّبِينَ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْمَنْفَعَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَالْفُرُوضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ ع ش أَيْ بَلْ سُنَّةٌ. .

. (قَوْلُهُ: حَرُمَ اتِّخَاذُ شُهُودٍ) ، وَكَذَا كُتَّابٌ حَيْثُ لَمْ يَتَبَرَّعُوا وَلَمْ يُرْزَقُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ الْحُقُوقِ بِالْمُغَالَاةِ فِي الْأُجْرَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ وَإِلَّا تَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى الِاسْتِزْكَاءِ ز ي. (قَوْلُهُ فَيَقْبَلُ الْأَوَّلَ) أَيْ مَنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُ وَيَرُدُّ الثَّانِيَ أَيْ مَنْ عَلِمَ فِسْقَهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ تَزْكِيَتَهُ لَهُمَا) أَيْ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُزَكِّيَيْنِ غَيْرَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: اسْتَزْكَاهُ) وَالتَّزْكِيَةُ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا الذُّكُورُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ امْرَأَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا تَئُولُ إلَيْهِ سم. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِ الْخَصْمُ) بَلْ وَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ إنَّهُ عَدْلٌ كَمَا سَيَأْتِي ع ش عَلَى م ر وَطَعَنَ مِنْ بَابِ نَفَعَ وَقَتَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ بِشَهَادَتِهِ) هُوَ خَبَرٌ أَيْ: يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ بِالْفِعْلِ إلَّا بِشَهَادَةِ الْمُزَكِّي كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ بِشَهَادَتِهِ فَلَا مُنَافَاةَ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ) ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْكِتَابَةَ شَرْطٌ مَعَ أَنَّ مِثْلَهَا الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ (قَوْلُهُ فَقَطْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْمُزَكِّيَيْنِ ع ش وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ كَبَعْضِيَّةٍ أَيْ: لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٍ أَيْ: لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الظَّاهِرِ مَا ذَكَرَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُ تَأَمَّلْ.

(4/358)


فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدَّرَ الدَّيْنَ (وَيَبْعَثَ) سِرًّا (بِهِ) أَيْ: بِمَا كَتَبَهُ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ وَلَا يُعْلِمُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ (لِكُلِّ مُزَكٍّ) لِيَبْحَثَ عَنْ حَالِ مَنْ ذَكَرَ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ فِي نَفْسِهِ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُ؟
(ثُمَّ يُشَافِهَهُ الْمَبْعُوثُ بِمَا عِنْدَهُ بِلَفْظِ شَهَادَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ بِشَهَادَتِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيَكْفِي) اشْهَدْ عَلَيَّ بِشَهَادَتِهِ (أَنَّهُ عَدْلٌ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَعَلَيَّ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعَدَالَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَزِيَادَةُ لِي وَعَلَيَّ تَأْكِيدٌ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ فِي الْبَلَدِ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ إلَى الْقَاضِي (وَشَرْطُ الْمُزَكِّ كَشَاهِدٍ) أَيْ: كَشَرْطِهِ (مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ) أَيْ: بِأَسْبَابِهِمَا (وَخِبْرَةِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (أَوْ مُعَامَلَةٍ) لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِمَّا يَشْهَدُ بِهِ مِنْ التَّعْدِيلِ أَوْ الْجَرْحِ (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ جَرْحٍ) كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ وَلَا يُجْعَلُ بِذِكْرِ الزِّنَا قَاذِفًا وَإِنْ انْفَرَدَ لِأَنَّهُ مَسْئُولٌ فَهُوَ فِي حَقِّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِنَحْوِ جِيرَانِ الشَّاهِدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِأَحْوَالِهِ. (قَوْلُهُ وَقَدْرُ الدَّيْنِ) بِالرَّفْعِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ، وَكَذَا قَدْرُ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَيَبْعَثُ) أَيْ: وُجُوبًا وَقَوْلُهُ سِرًّا أَيْ: نَدْبًا ح ل (قَوْلُهُ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ) أَيْ: رَسُولَيْنِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نُسْخَةٌ مَخْفِيَّةٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَسُمِّيَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْأَلَانِ الْمُزَكِّيَ عَنْ حَالِ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَسْأَلُونَ أَوَّلًا عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فَإِنْ وَجَدُوهُمْ مَجْرُوحِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ عُدِّلُوا سَأَلُوا عَمَّنْ شَهِدُوا لَهُ فَإِنْ ذَكَرُوا مَانِعًا مِنْ الشَّهَادَةِ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ ذَكَرُوا الْجَوَازَ سَأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ وَإِنْ ذَكَرُوا الْجَوَازَ ذَكَرُوا حِينَئِذٍ الْقَدْرَ الْمَشْهُودَ بِهِ عَمِيرَةُ سم (قَوْلُهُ لِكُلِّ مُزَكٍّ) فَيَبْعَثُ كُلًّا مِنْ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ لِكُلِّ مُزَكٍّ لِلشَّاهِدَيْنِ، وَانْظُرْ هَلْ لِلْمُزَكِّيَيْنِ ضَابِطٌ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ فَيُكْتَفَى بِاثْنَيْنِ لِكُلِّ شَاهِدٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَةِ جَمِيعِ جِيرَانِهِ وَأَصْحَابِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِكُلِّ مُزَكٍّ حَرِّرْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِمُزَكِّيَيْنِ لِلشَّاهِدَيْنِ أَفَادَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَقَوْلُهُ لِكُلِّ مُزَكٍّ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ فِي نَفْسِهِ) أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يُشَافِهُهُ) أَيْ: الْقَاضِي ح ل (قَوْلُهُ الْمَبْعُوثُ) وَهُوَ صَاحِبَا الْمَسْأَلَةِ ح ل لِأَنَّ الْمَبْعُوثَيْنِ يُسَمَّيَانِ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَبْحَثَانِ وَيَسْأَلَانِ كَمَا قَالَهُ م ر. (قَوْلُهُ وَيَكْفِي أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ) أَيْ: الْمُزَكِّي وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي الْمَبْعُوثِ وَالْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مَعَ الْأَصْلِ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ شَهَادَةٍ مِنْ الْمُزَكِّ كَبَقِيَّةِ الشَّهَادَاتِ اهـ فَقَوْلُهُ مِنْ الْمُزَكِّي يَشْمَلُ الْمَبْعُوثَ وَالْمَبْعُوثَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ عَدْلٌ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ لَا بِالْفِعْلِ وَالْمُرَادُ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ الْمُزَكِّي بِأَنَّهُ عَدْلٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّسُولَ يَشْهَدُ بِالْعَدَالَةِ بَلْ بِشَهَادَةِ الْمُزَكَّى بِهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَعَلَيَّ) لِلرَّدِّ قَالَ الْقَفَّالِ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: عَدْلٌ عَلَيَّ أَوْ لِي أَيْ: لَيْسَ عَدُوًّا لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيَّ وَلَيْسَ بِابْنٍ لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِي قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ز ي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدْلِ عَدَاوَةٌ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ أَيْ: الْمُزَكِّيَ بِأَنْ يَقُولَ عَلَيَّ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ ع ن.
(قَوْلُهُ: عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ) أَيْ: شَهَادَةَ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمُزَكِّينَ وَقَوْلُهُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ أَيْ: الْمُزَكِّينَ ح ل. (قَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ إلَخْ) فَصَارَ عُذْرًا فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ ع ن (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْمُزَكِّي) وَهُوَ الشَّاهِدُ بِالْعَدَالَةِ ز ي فَيَشْمَلُ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي بَعَثَهُ الْقَاضِي كَمَا قَالَهُ م ر أَيْ: فَشَرْطُهُ كَشَرْطِ الْمُزَكِّي فِي غَيْرِ خِبْرَةِ الْبَاطِنِ كَمَا فِي ق ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: كَشَرْطِهِ) مِنْ إسْلَامٍ وَتَكْلِيفٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ وَعَدَالَةٍ وَعَدَمِ عَدَاوَةٍ فِي جَرْحٍ وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ أَوْ أُبُوَّةٍ فِي تَعْدِيلِ ز ي. (قَوْلُهُ: مَنْ يُعَدِّلُهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَارِحِ خِبْرَةُ بَاطِنِ مَنْ يَجْرَحُهُ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ لَا يُقْبَلُ إلَّا مُفَسَّرًا قَالَهُ حَجّ وَم ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُعَامَلَةٍ) فَقَدْ شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ اثْنَانِ فَقَالَ لَهُمَا لَا أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنَّى لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا فَأَتَيَا بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا؟ قَالَ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ قَالَ هَلْ كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا؟ قَالَ لَا قَالَ هَلْ عَامَلْتَهُمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا أَمَانَاتُ الرِّجَالِ؟ قَالَ لَا قَالَ هَلْ صَاحَبْتَهُمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ أَيْ: يَكْشِفُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ؟ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ سَبَبِ جَرْحٍ) قَدْ أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجَرْحِ وَسَبَبِهِ وَلَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْجَرْحَ هُوَ الْفِسْقُ أَوْ رَدُّ الشَّهَادَةِ وَسَبَبُهُ نَحْوُ الزِّنَا سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ) أَقُولُ لَك أَنْ تَقُولَ يَلْزَمُ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْجَرْحِ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ التَّعْدِيلِ يُدْرَكُ

(4/359)


فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُمْ قَذَفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ إلَى السِّتْرِ فَهُمْ مُقَصِّرُونَ (وَيَعْتَمِدُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْجَرْحِ (مُعَايَنَةً) كَأَنْ رَآهُ يَزْنِي (أَوْ سَمَاعًا مِنْهُ) كَأَنْ سَمِعَهُ يَقْذِفُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ اسْتِفَاضَةً) أَوْ تَوَاتُرًا أَوْ شَهَادَةً مِنْ عَدْلَيْنِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِذَلِكَ وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ، وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالثَّانِي أَوْجَهُ، أَمَّا أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ فَيَعْتَمِدُونَ الْمُزَكِّينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَرْحَ الَّذِي لَيْسَ مُفَسَّرًا وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ يُفِيدُ التَّوَقُّفَ عَنْ الْقَبُولِ إلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الرِّوَايَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ (وَيُقَدِّمُ) الْجَرْحَ أَيْ: بَيِّنَتَهُ (عَلَى) بَيِّنَةِ (تَعْدِيلٍ) ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ (فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ تَابَ مِنْ سَبَبِهِ) أَيْ: الْجَرْحِ (قَدَّمَ) قَوْلَهُ عَلَى قَوْلِ الْجَارِحِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ حِينَئِذٍ زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَلَا يَكْفِي) فِي التَّعْدِيلِ (قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ) وَقَدْ غَلِطَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ وَإِنْ كَانَ الْبَحْثُ لِحَقِّهِ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِعَدَالَتِهِ لِأَنَّ الِاسْتِزْكَاءَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. .

(بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ)
عَنْ الْبَلَدِ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ وَتَوَارَى أَوْ تَعَزَّزَ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ (هُوَ جَائِزٌ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) ، وَلَوْ فِي قَوَدٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ قَالَ جَمْعٌ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» وَهُوَ قَضَاءٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى زَوْجِهَا أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ غَائِبٌ، وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ لَك أَنْ تَأْخُذِي أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْك أَوْ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَقُلْ خُذِي لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ بِمَكَّةَ وَأَبُو سُفْيَانَ فِيهَا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَيُقْضَى فِيهِ عَلَى الْغَائِبِ (إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي حُجَّةٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ سم.
(قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَوْ فَرْضُ عَيْنٍ إنْ انْفَرَدَ. (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْعِلْمِ) أَيْ: فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالرَّابِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ الظَّنِّ أَيْ: فِي الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَوْجَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ) وَهْم الْمُسَمَّوْنَ الْآنَ بِالرُّسُلِ وَنَحْوِهَا ع ش وَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: وَيَعْتَمِدُ الْمُزَكِّيَ أَوْ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ إلَخْ شَرْطٌ فِي الْمُزَكِّي، أَمَّا أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيَعْتَمِدُونَ الْمُزَكِّينَ) أَيْ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ خِبْرَةُ الْبَاطِنِ ح ل، وَأَمَّا شُرُوطُ الشَّاهِدِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِيهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مُفَسَّرًا) أَيْ: مِنْ الْجَارِحِ فَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ ع ش. (قَوْلُهُ: تَابَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا قَبُولُ شَهَادَتِهِ لِاشْتِرَاطِ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَهَا كَمَا يَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ تَارِيخَ الْجَرْحِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: قَدَّمَ قَوْلَهُ عَلَى قَوْلِ الْجَارِحِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ شَهِدَتْ بِأَمْرٍ بَاطِنٍ وَبَيِّنَةَ التَّعْدِيلِ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ فَكَانَتْ أَقْوَى لِأَنَّهَا عَلِمَتْ مَا خَفِيَ عَلَى الْأُخْرَى، وَمَنْ جُرِحَ بِبَلَدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ لِآخَرَ فَعَدَّلَهُ اثْنَانِ قُدِّمَ التَّعْدِيلُ إنْ تَخَلَّلَ مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ غَلِطَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ) لَيْسَ هَذَا بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ أَنَّ إنْكَارَهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِعَدَالَتِهِ مُسْتَلْزِمٌ نِسْبَتَهُ لِلْغَلَطِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فَإِنْ قَالَ: عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ: فَلَا يَسْقُطُ بِاعْتِرَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ. .

[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]
وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ م ر وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذَا الْبَابِ الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ فَلَمْ يَقُولُوا بِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ: فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَتَوَارَى) أَيْ: خَوْفًا. (قَوْلُهُ أَوْ تَعَزَّزَ) أَيْ: امْتَنَعَ. (قَوْلُهُ: مَا يُذْكَرُ مَعَهُ) مِنْ الْفَصْلِ الْآتِي وَقَوْلُهُ: وَسُنَّ كُتَّابٌ. (قَوْلُهُ: لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى " {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ (قَوْلُهُ قَالَ جَمْعٌ) تَبْرَأُ مِنْهُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا وَلَا غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: لِهِنْدٍ إلَخْ) قَالَ لَهَا ذَلِكَ لَمَّا شَكَتْ لَهُ مِنْ شُحِّ زَوْجِهَا م ر وَكَانَتْ بِمَكَّةَ أَيْ: بَعْدَ فَتْحِهَا لَمَّا حَضَرَتْ لِلْمُبَايَعَةِ وَذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَلا يَسْرِقْنَ} [الممتحنة: 12] فَشَكَتْ هِنْدُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) وَاعْتَرَضَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهَا أَيْ: وَمِنْ شَرْطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يُقَدِّرْ الْمَحْكُومَ بِهِ لَهَا وَلَمْ يُحَرِّرْ دَعْوَى عَلَى مَا شَرَطُوهُ وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ أَنَّهُ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ مِثْلُهَا، وَالْقِيَاسُ عَلَى مَيِّتٍ وَصَغِيرٍ مَعَ أَنَّهُمَا أَعْجَزُ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ الْغَائِبِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا) فَالْحَقُّ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفَتْوَى وَالْمُلَازَمَةُ فِي قَوْلِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ لَك أَنْ تَأْخُذِي إلَخْ مَمْنُوعَةٌ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَتْوَى وَيَقُولُ خُذِي كَمَا أَفَادَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ مِنْ حَدٍّ) كَحَدِّ شُرْبِ خَمْرٍ وَزِنًا اعْتَرَفَ بِهِمَا الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ هَرَبَ ز ي. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي حُجَّةٌ) شَامِلَةٌ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَيَقْضِي بِهِمَا عَلَى الْغَائِبِ

(4/360)


وَلَمْ يَقُلْ هُوَ) أَيْ: الْغَائِبُ (مُقِرٌّ) بِالْحَقِّ بِأَنْ قَالَ هُوَ جَاحِدٌ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُ جُحُودَهُ وَلَا إقْرَارَهُ وَالْحُجَّةَ تُقْبَلُ عَلَى السَّاكِتِ فَلْتُجْعَلْ غَيْبَتُهُ كَسُكُوتِهِ فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ وَأَنَا أُقِيمُ الْحُجَّةَ اسْتِظْهَارًا لَمْ تُسْمَعْ حُجَّتُهُ لِتَصْرِيحِهِ بِالْمُنَافِي لِسَمَاعِهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا مَعَ الْإِقْرَارِ نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ وَأَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى دَيْنِهِ لَا لِيَكْتُبَ الْقَاضِي بِهِ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْغَائِبِ بَلْ لِيُوَفِّيَهُ دَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَسْمَعُهَا وَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَكَذَا لَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ أَوْ قَالَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ أَقَرَّ فُلَانٌ بِكَذَا وَلِي بِهِ بَيِّنَةٌ (وَلِلْقَاضِي نَصْبُ مُسَخَّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ (يُنْكِرُ) عَنْ الْغَائِبِ لِتَكُونَ الْحُجَّةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ.
(وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ: الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ مُتَوَارِيًا وَلَا مُتَعَزِّزًا (بَعْدَ) إقَامَةِ (حُجَّتِهِ أَنَّ الْحَقَّ) ثَابِتٌ (عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ) وَبَعْدَ تَعْدِيلِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا احْتِيَاطًا لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ رُبَّمَا ادَّعَى مَا يُبْرِئُهُ مِنْهُ (كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ) مِنْ مَجْنُونٍ وَمَيِّتٍ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ؛ لِمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ نَائِبٌ حَاضِرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
كَالْحَاضِرِ وَهَلْ يَكْفِي يَمِينٌ أَوْ يُشْتَرَطُ يَمِينَانِ أَحَدُهُمَا لِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ وَالثَّانِي لِلِاسْتِظْهَارِ؟ الْأَصَحُّ الثَّانِي دَمِيرِيٌّ وَمِثْلُهُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَيِّتِ ع ش عَلَى م ر وَجَزَمَ س ل بِالْأَوَّلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَهَلْ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فِي الْقَسَامَةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا دُونَ الْبَيِّنَةِ أَوْ لَا لِكَوْنِهَا مِنْ جِنْسِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا حَاجَةَ لِيَمِينٍ أُخْرَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ يُكْتَفَى بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَجِبُ خَمْسُونَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ هُوَ مُقِرٌّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ غَابَ أَوْ تَوَارَى أَوْ هَرَبَ عَنْ الْمَجْلِسِ عِنْدَ الدَّعْوَى جُعِلَ كَالنَّاكِلِ فَيَحْلِفُ خَصْمُهُ إنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي سم بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مَقْبُولُ الْإِقْرَارِ فَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِسَفَهٍ أَوْ نَحْوِهِ سُمِعَتْ ح ل. (قَوْلُهُ اسْتِظْهَارًا) أَيْ: مَخَافَةَ أَنْ يُنْكِرَ أَوْ يَكْتُبَ بِهَا الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِهِ بِالْمُنَافِي) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ اهـ وَهِيَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْحُجَّةِ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ) هَذَا لَا يُنْتِجُ الْمُنَافَاةَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُقِرٌّ فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ) وَغَرَضُهُ مِنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنْ يَكْتُبَ لِقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ أَنْ يُوَفِّيَهُ حَقَّهُ خَوْفًا مِنْ جُحُودِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِي بِهِ) أَيْ: بِإِقْرَارِهِ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ وَلِلْقَاضِي) أَيْ: يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: مُسَخَّرٍ) وَأُجْرَتُهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ ح ل. (قَوْلُهُ يُنْكِرُ) أَيْ: يَقُولُ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ مَا تَدَّعِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: يُنْكِرُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ، وَالْكَذِبُ قَدْ يَجُوزُ لِمَصْلَحَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: عَنْ الْغَائِبِ) أَيْ: وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَأْتِي شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ تَحْلِيفُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَوَارِيًا أَوْ مُتَعَزِّزًا ز ي وع ن وَقَالَ حَجّ أَمَّا الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزُ فَيَقْضِي عَلَيْهِمَا بِلَا يَمِينٍ لِتَقْصِيرِهِمَا. (قَوْلُهُ: إنَّ الْحَقَّ) أَيْ: بِأَنَّ الْحَقَّ تَنَازَعَهُ تَحْلِيفُهُ وَإِقَامَةُ حُجَّةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ: وَبَعْدَ تَعْدِيلِهَا عَنْهُ وَإِلَّا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: حُجَّتِهِ قَالَ س ل نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا، وَكَذَا نَحْوُ الْإِبْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ تَحْتَ يَدِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا ع ش وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَدَعْوَى قِنٍّ عِتْقًا أَوْ امْرَأَةٍ طَلَاقًا عَلَى غَائِبٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ إذَا لَاحَظَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ شَرْحُ م ر [تَنْبِيهٌ] .
مَسَائِلُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عَشْرَةٌ ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْهَا أَرْبَعَةً. وَالْخَامِسَةُ الدَّعْوَى عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ حَالَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ. السَّادِسَةُ دَعْوَى الْإِعْسَارِ وَقَدْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُقِيمُ شَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتَلَفِ مَالِهِ وَيَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فِي الْبَاطِنِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. السَّابِعَةُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا عِنِّينٌ وَكَانَتْ بِكْرًا وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَشَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنَّهَا بِكْرٌ فَتَحْلِفُ مَعَ شَهَادَتِهِنَّ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا وَطْئًا خَفِيفًا وَعَادَتْ الْبَكَارَةُ. الثَّامِنَةُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي نِكَاحٍ غَيْرَ هَذَا أَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِهِ فَيُقِيمُ شَاهِدَيْنِ عَلَى نِكَاحِ الْغَيْرِ أَوْ نِكَاحِهِ الْأَوَّلِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ أَرَادَ الْإِخْبَارَ بِذَلِكَ. التَّاسِعَةُ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْجِنَايَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ لِوُجُودِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي سَلَامَةِ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ فَيَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى سَلَامَتِهِ. الْعَاشِرَةُ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ سَافَرَ لِلْخَوْفِ ثُمَّ هَلَكَتْ بِالسَّفَرِ فَإِنَّهُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ لِلْخَوْفِ الظَّاهِرِ وَيَحْلِفُ أَنَّهَا هَلَكَتْ بِالسَّفَرِ وَلَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا حَلَفَ يَمِينَيْنِ يَمِينًا لِتَكْمِيلِ الشَّهَادَةِ وَيَمِينًا لِلِاسْتِظْهَارِ اهـ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ ز ي.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ: احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ نَائِبٌ) اسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْشِيحِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ

(4/361)


أَوْ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ نَائِبٌ خَاصٌّ أَوْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ خَاصٌّ اعْتَبَرَ فِي وُجُوبِ التَّحْلِيفِ سُؤَالَهُ، وَلَوْ ادَّعَى قَيِّمٌ لِمُوَلِّيهِ شَيْئًا وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً عَلَى قَيِّمِ شَخْصٍ آخَرَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُ كَمَالِ الْمُدَّعَى لَهُ لِيَحْلِفَ ثُمَّ يُحْكَمُ لَهُ وَخَالَفَهُمَا السُّبْكِيُّ فَقَالَ الْوَجْهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ كَمَالَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الِانْتِظَارِ ضَيَاعُ الْحَقِّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا تَابِعَةٌ لِلْبَيِّنَةِ، وَتَعْبِيرِي فِيمَا مَرَّ بِالْعُقُوبَةِ وَفِيهِ وَفِيمَا يَأْتِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ وَبِالْبَيِّنَةِ وَقَوْلِي يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ لِتَأْجِيلٍ وَنَحْوِهِ. .

(وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى غَائِبٍ لَمْ يَحْلِفْ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِحَالٍ (وَلَوْ حَضَرَ) الْغَائِبُ (وَقَالَ) لِلْوَكِيلِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ) لِلْوَكِيلِ وَلَا يُؤَخِّرُ الْحَقَّ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا لَانْجَرَّ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ بِالْوَكَالَةِ وَيُمْكِنُ ثُبُوتُ الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْدُ إنْ كَانَتْ لَهُ حُجَّةٌ (وَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ: الْوَكِيلِ (أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأَهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ يَقْتَضِي اعْتِرَافُهُ بِهَا سُقُوطَ مُطَالَبَتِهِ لِخُرُوجِهِ بِاعْتِرَافِهِ بِهَا مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ بِخِلَافِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ نَحْوِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْوَكِيلِ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي. .

(وَإِذَا حَكَمَ) الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ (بِمَالٍ وَلَهُ مَالٌ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (فِي عَمَلِهِ قَضَاهُ مِنْهُ) لِغَيْبَتِهِ وَقَوْلِي حَكَمَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: ثَبَتَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى مِنْ مَالِ الْغَائِبِ إذَا حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي لَا بِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْكُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ فِي عَمَلِهِ (فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ) فِي ذَلِكَ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ أَنْهَاهُ) إلَيْهِ (بِإِشْهَادِ عَدْلَيْنِ) يُؤَدِّيَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ إمَّا (بِحُكْمٍ) إنْ حَكَمَ لِيَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ (أَوْ بِسَمَاعِ حُجَّةٍ) لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ (وَيُسَمِّيهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ تَجِبْ يَمِينٌ جَزْمًا قَالَ حَجّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْخُصُومَاتِ فِي نَحْوِ الْيَمِينِ بِالْمُوَكِّلِ لَا الْوَكِيلِ فَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّعْوَى إنْ سُمِعَتْ عَلَى الْوَكِيلِ تَوَجَّهَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِطَلَبِ الْيَمِينِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ الْحُكْمُ إلَى الْغَائِبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا س ل، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ لَا تُسْمَعُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِذَا حَكَمَ عَلَى الْغَائِبِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي مَسَافَةِ عَدْوَى نُقِضَ حُكْمُهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ أَفْتَى وَالِدُهُ بِعَدَمِ النَّقْضِ. اهـ. سم مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: نَائِبٌ خَاصٌّ) الْأَوْلَى وَلِيٌّ وَلَعَلَّهُ عَبَّرَ بِالنَّائِبِ لِمُشَاكَلَةِ مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ فِي وُجُوبِ التَّحْلِيفِ سُؤَالُهُ) أَيْ: طَلَبُهُ لِلْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ حَكَمَ وَلَا يُؤَخِّرُ الْيَمِينَ لِسُؤَالِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّحْلِيفِ عِنْدَ عَدَمِ سُؤَالِهِ ز ي أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ لِجَهْلٍ وَإِلَّا فَيَعْرِفُهُ الْحَاكِمُ س ل. (قَوْلُهُ: عَلَى قَيِّمِ شَخْصٍ) لِكَوْنِ الشَّخْصِ أَتْلَفَ دَابَّةَ الْيَتِيمِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الِانْتِظَارِ ضَيَاعُ الْحَقِّ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَضِيعُ بِأَخْذِ رَهْنٍ بِأَنْ يَأْخُذَ الْقَيِّمُ مَا يَفِي بِالْمُدَّعَى بِهِ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ تَابِعَةٌ لِلْبَيِّنَةِ) أَيْ: فَتَسْقُطُ ع ن أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ الْمَتْبُوعُ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي التَّابِعِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْبَيِّنَةِ) لِعَدَمِ شُمُولِهَا لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لَكِنْ قَالَ م ر: بَيِّنَةٌ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فِيمَا يَقْضِي فِيهِ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَإِعْسَارٍ. .

. (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ) أَيْ: وَكِيلُ غَائِبٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَا يُؤَخِّرُ الْحَقَّ، وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ إلَخْ أَيْ: وَكِيلُ غَائِبٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْمَتْنِ الَّذِي شَرَحَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ حَجّ (قَوْلُهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ) وَإِنَّمَا يَدَّعِي وَكِيلُ الْغَائِبِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا إلَى مَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ الْحُكْمِ وَإِنْ قَرُبَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَهَا وَلَا هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْبَابِ قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ الْغَيْبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ كَذَا بِخَطِّ الْبُرُلُّسِيِّ، وَأَقُولُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْأُولَى حَيْثُ جَعَلَ الْحَاضِرَ هُوَ الْغَائِبَ فَتَأَمَّلْ، لَكِنْ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهِيَ تَشْمَلُ الْحَاضِرَ ابْتِدَاءً سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَخِّرُ الْحَقَّ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ) أَيْ: مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مِنْهُ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَتَحْلِيفِهِ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ ح ل وَقَوْلُهُ: تَحْلِيفُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَخَذَ مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: دَعْوَى صَحِيحَةٍ) أَيْ: دَعْوَى الْغَائِبِ الْإِبْرَاءَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ: كَالصَّبِيِّ وَالْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: كَوْنُ الْمَالِ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ وَنَحْوِهِ. .

. (قَوْلُهُ: وَلَهُ مَالٌ) أَيْ: عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى حَاضِرٍ فِي عَمَلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَنْعُهُمْ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ ثَابِتًا عَلَى غَرِيمِهِ فَلَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى لِيُقِيمَ شَاهِدًا وَيَحْلِفَ مَعَهُ س ل وم ر. (قَوْلُهُ: قَضَاهُ مِنْهُ) أَيْ: بَعْدَ طَلَبِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَنْهَاهُ) أَيْ: وُجُوبًا وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بِسَمَاعِ حُجَّةٍ) أَيْ: وَالْحَاكِمُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَإِلَّا وَجَبَ إحْضَارُ الْبَيِّنَةِ وَسَمَاعُ كَلَامِهِمَا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ ح ل.

(4/362)


أَيْ: الْحُجَّةَ (إنْ لَمْ يُعَدِّلْهَا وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُ تَسْمِيَتِهَا) كَمَا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ اسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْحُجَّةُ شَاهِدَيْنِ فَذَاكَ أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً وَجَبَ بَيَانُهَا فَقَدْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً عِنْدَ الْمَنْهِيِّ إلَيْهِ.
(وَسُنَّ) مَعَ الْإِشْهَادِ (كِتَابٌ) بِهِ (يَذْكُرُ فِيهِ مَا يُمَيِّزُ الْخَصْمَيْنِ) الْغَائِبَ وَذَا الْحَقِّ، وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي وَيَكْتُبُ فِي إنْهَاءِ الْحُكْمِ قَامَتْ عِنْدِي حُجَّةٌ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَحَكَمْت لَهُ بِهِ فَاسْتَوْفَى حَقَّهُ وَقَدْ يَنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ (وَ) سُنَّ (خَتْمُهُ) بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِحَضْرَتِهِ وَيَقُولُ شَهِدَ كَمَا أَنِّي كَتَبْت إلَى فُلَانٍ بِمَا سَمِعْتُمَا وَيَضَعَانِ خَطَّهُمَا فِيهِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ كَمَا أَنَّ هَذَا خَطِّي وَأَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي وَيَدْفَعُ لِلشَّاهِدَيْنِ نُسْخَةً أُخْرَى بِلَا خَتْمٍ لِيُطَالِعَاهَا وَيَتَذَكَّرَا عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَيَشْهَدَانِ) عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ عَلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ (بِمَا جَرَى) عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ (إنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ) الْمُحْضَرُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِيهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ لَيْسَ الْمَكْتُوبُ اسْمِي حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَعْرِفْ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِنَفْسِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَإِنْ عُرِفَ بِهِ لَمْ يُصَدِّقْ بَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (لَسْتُ الْخَصْمَ وَ) قَدْ (ثَبَتَ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِحُجَّةٍ (أَنَّهُ اسْمُهُ حَكَمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي الِاسْمِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُعَاصِرًا لِلْمُدَّعِي) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ كَانَ، وَلَمْ يُعَاصِرْ الْمُدَّعِيَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ وَعَاصَرَ الْمُدَّعِيَ.
(فَإِنْ مَاتَ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ أَنْكَرَ) الْحَقَّ (بَعَثَ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (لِلْكَاتِبِ لِيَطْلُبَ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (وَيَكْتُبَهَا) وَيُنْهِيَهَا ثَانِيًا لِقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ وَقَفَ الْأَمْرَ حَتَّى يَنْكَشِفَ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُشَارِكُ بِالْحَقِّ طُولِبَ بِهِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا مَعَ الْمُعَاصَرَةِ إمْكَانُ الْمُعَامَلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
(وَلَوْ شَافَهَ الْحَاكِمُ) وَهُوَ (فِي عَمَلِهِ بِحُكْمِهِ قَاضِيًا) ، وَلَوْ غَيْرَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِأَنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً) وَصُورَتُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ حَالَ حُضُورِهِ فَيُنْكِرَ وَيَعْجِزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَيَرُدُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُهَا أَيْ: الْمُدَّعِي فِي غَيْبَتِهِ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ع ن، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً الْفَرْضُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ فَأَنْكَرَ وَرَدَّ الْيَمِينَ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْقَضَاءِ ثُمَّ قُضِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَسُنَّ مَعَ الْإِشْهَادِ كِتَابٌ بِهِ) أَيْ: بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ نَفْيٍ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ رَجُلَانِ وَلَوْ فِي مَالٍ أَوْ هِلَالِ رَمَضَانَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَا يُمَيِّزُ الْخَصْمَيْنِ) أَيْ: مِنْ اسْمٍ وَنَسَبٍ وَصِفَةٍ وَحِلْيَةٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَقَدْ يُنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ) أَيْ: إذَا كَانَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا ع ش وَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ ح ل أَيْ: وَقَدْ لَا يُنْهَى عِلْمُ نَفْسِهِ كَأَنْ كَانَ الْمَنْهِيُّ إلَيْهِ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالْعِلْمِ، وَالْإِنْهَاءُ بِالْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ عَلِمْتُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَحَكَمْتُ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ إلَيْهِ يَحْكُمُ اكْتِفَاءً بِإِخْبَارِ ذَلِكَ الْقَاضِي عَنْ عِلْمِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ بَلْ يَنْزِلُ إخْبَارُهُ عَنْ عِلْمِهِ مَنْزِلَةَ إنْهَاءِ الْبَيِّنَةِ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ م ر حَيْثُ قَالَ وَخَرَجَ بِالْبَيِّنَةِ عِلْمُهُ فَلَا يَكْتُبُ إلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَا قَاضٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعُدَّةِ، لَكِنْ ذَهَبَ السَّرَخْسِيُّ إلَى خِلَافِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ إذَا عَلِمَهُ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ خَتْمُهُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَتْمِهِ جَعْلُ نَحْوِ شَمْعٍ عَلَيْهِ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ بِخَاتَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَفَّظُ بِذَلِكَ، وَيُكَرِّمُ بِهِ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: يَشْهَدَانِ) أَيْ: بَعْدَ حُضُورِ الْخَصْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَابِلِيٌّ وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ م ر فِي الشَّرْحِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ الْمَحْضَرُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَكَمَ احْتِيَاطًا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَا يَتَوَقَّفُ إثْبَاتُ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عَنْ حُضُورِ الْخَصْمِ كَمَا قَالَهُ ع ن.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: حَيْثُ لَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ ح ل وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ مَا يَشْمَلُ تَنْفِيذَهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمَنْهِيُّ الْحُكْمَ (قَوْلُهُ: وَيُنْهِيهَا ثَانِيًا) وَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ ثَانٍ بِمَا كَتَبَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ بِلَا دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ شَرْحُ م ر، وَاعْتَمَدَهُ الْبَابِلِيُّ قَالَ حَجّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِئْنَافِ حُكْمٍ آخَرَ اهـ قَالَ سم وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الْحُكْمِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُعَاصَرَةِ إمْكَانُ الْمُعَامَلَةِ) لَهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ أَوْ إتْلَافِهِ لِمَالِهِ س ل فَلَوْ كَانَ عُمُرُهُ خَمْسَ سِنِينَ وَعُمُرُ الْمُدَّعِي عِشْرِينَ سَنَةً فَهَذَا لَمْ تُمْكِنْ مُعَامَلَتُهُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَافَهَ الْحَاكِمُ قَاضِيًا) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَحْصُلُ مِنْهُ إلْزَامٌ فَيَشْمَلُ الشَّاذَّ إنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِي الْإِنْهَاءِ إلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وحج وع ش فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْحَاكِمِ بَدَلَ الْقَاضِي لِيَشْمَلَ حَاكِمَ السِّيَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْمُرَادِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ غَيْرَ مَكْتُوبٍ إلَيْهِ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّ هُنَاكَ كِتَابَةً لِلْمُشَافِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ إنِّي حَكَمْت بِكَذَا أَمْضَاهُ وَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ.

(4/363)


أَوْ حَضَرَ الْقَاضِي إلَى بَلَدِ الْحَاكِمِ وَشَافَهَهُ بِذَلِكَ أَوْ نَادَاهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ عَمَلِهِ (أَمْضَاهُ) أَيْ: نَفَّذَهُ إذَا كَانَ (فِي عَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ (وَهُوَ) حِينَئِذٍ (قَضَاءٌ بِعِلْمِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَافَهَهُ بِهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَمَا لَوْ شَافَهَهُ بِسَمَاعِ الْحُجَّةِ فَقَطْ فَلَا يَقْضِي بِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ تَيَسَّرَتْ شَهَادَةُ الْحُجَّةِ (وَالْإِنْهَاءِ) ، وَلَوْ بِلَا كِتَابٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْكِتَابِ (يَحْكُمُ بِمُضِيٍّ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِفَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (وَ) الْإِنْهَاءِ (بِسَمَاعِ حُجَّةٍ يُقْبَلُ فِيمَا فَوْقَ مَسَافَةِ عَدْوَى) لَا فِيمَا دُونَهُ وَفَارَقَ الْإِنْهَاءَ بِالْحُكْمِ بِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمَنْهِيِّ وَالْغَرِيمِ (وَهِيَ) أَيْ: مَسَافَةُ الْعَدْوَى (مَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ إلَى مَحَلِّهِ يَوْمَهُ) الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ: إلَى مَحَلِّهِ لَيْلًا وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعْدِي أَيْ: يُعِينُ مَنْ طَلَبَ خَصْمًا مِنْهَا عَلَى إحْضَارِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ عَسِرَ إحْضَارُ الْحُجَّةِ مَعَ الْقُرْبِ بِنَحْوِ مَرَضٍ قُبِلَ قَبْلَ الْإِنْهَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ. .

(فَصْلٌ) فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ لَوْ (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا) بِغَيْرِهَا (كَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ عُرْفًا) بِأَنْ عُرِفَ الْأَوَّلُ بِشُهْرَةٍ، وَالثَّانِي بِهَا أَوْ بِحُدُودِهِ وَسِكَّتِهِ (سَمِعَ) الْقَاضِي حُجَّتَهُ (وَحَكَمَ بِهَا وَكَتَبَ) بِذَلِكَ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ لِيُسَلِّمَهَا لِلْمُدَّعِي) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ (وَيَعْتَمِدُ) الْمُدَّعِي (فِي) دَعْوَى (عَقَارٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (لَمْ يَشْتَهِرْ حُدُودُهُ) لِيَتَمَيَّزَ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِدُونِهِ (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا (بَالَغَ) الْمُدَّعِي (فِي وَصْفِ مِثْلِيٍّ) مَا أَمْكَنَهُ (وَذِكْرِ قِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ) وُجُوبًا فِيهِمَا وَنُدِبَ أَنْ يَذْكُرَ قِيمَةَ مِثْلِيٍّ وَأَنْ يُبَالِغَ فِي وَصْفٍ مُتَقَوِّمٍ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ وِلَايَةُ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى جَمِيعِ الْبَلَدِ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ عَلَى نِصْفِهِ مُعَيِّنًا فَإِنْ كَتَبَ بِالْحُكْمِ قَبْلَهُ أَوْ بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَا سم. (قَوْلُهُ: أَوْ حَضَرَ الْقَاضِي) أَيْ: قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهَا أَيْ: الْمُشَافَهَةُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: قَضَاءٌ بِعِلْمِهِ) أَيْ: فِي مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْضِي بِذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَمَاعَهَا نَقْلٌ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يَحْكُمُ الْفَرْعُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي أَيْ: بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا الْمَأْخُوذُ مَشَى عَلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَخْ سم. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَيَسَّرَتْ) وَإِلَّا بِأَنْ غَابَتْ أَوْ مَرِضَتْ فَيَقْضِي بِهَا سم. (قَوْلُهُ: مَا يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ: هِيَ الَّتِي لَوْ خَرَجَ مِنْهَا بُكْرَةً لِبَلَدِ الْحَاكِمِ لَرَجَعَ إلَيْهَا يَوْمَهُ بَعْدَ فَرَاغِ زَمَنِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ وَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ وَتَعْدِيلِهَا وَالْعِبْرَةُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ؛ لِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ س ل (قَوْلُهُ: مُبَكِّرٌ) أَيْ: خَارِجٌ عَقِبَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَكِّرُ عُرْفًا وَهُوَ مَنْ يَخْرُجُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَجّ س ل. (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا إلَخْ. .

[فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ]
(فَصْلٌ: فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ) أَيْ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ غَصَبَهُ غَيْرُهُ عَيْنًا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ قَالَ م ر فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ نَاسَبَ ذِكْرُ هَذَا الْفَصْلِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ اهـ. (قَوْلُهُ: غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ: وَكَانَتْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَالَ س ل عَنْ الْبَلَدِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِحُدُودِهِ) أَيْ: الْأَرْبَعَةِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَكَثِيرِينَ يَكْفِي ثَلَاثَةٌ مَحَلُّهُ إنْ تَمَيَّزَ بِهَا بَلْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ تَمَيَّزَ بِحَدٍّ يَكْفِي وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ بَلَدِهِ وَمَحَلِّهِ فِيهَا كَمَا تَقَرَّرَ ع ن قَالَ م ر وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ بَلَدِهِ وَسَكَنِهِ وَمَحَلِّهِ مِنْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَكَنِهِ) الْمُرَادُ بِهَا الْحَارَةُ س ل. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ: مِنْ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مَأْمُونَ الِاشْتِبَاهِ إمَّا بِالشُّهْرَةِ، وَإِمَّا بِالتَّحْدِيدِ كَمَا مَرَّ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَالَغَ فِي وَصْفِ مِثْلِيٍّ) أَيْ: بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى أَوْصَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا تَزِيدُهُ إيضَاحًا وَفِي الْمُسْلَمِ فِيهِ تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَقَوْلُهُ مَا أَمْكَنَهُ أَيْ: يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْصَاءُ بِهِ وَاشْتُرِطَتْ الْمُبَالَغَةُ هُنَا دُونَ السَّلَمِ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ الْمُنَافِيَةِ لِصِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَذِكْرِ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَصْفُهُ وَقَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يُبَالِغَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ وَصْفُ الْمُتَقَوِّمِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ أَصْلَ الْوَصْفِ وَاجِبٌ فَلْيُحَرَّرْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقِيمَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَكَرَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْمُتَقَوِّمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ لَوْنِهِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَذِكْرِ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ مَعَ قَوْلِهِ وَأَنْ يُبَالِغَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً) أَيْ: فَخَالَفَ مَا هُنَا فِي الْمُتَقَوِّمَةِ فَلِذَا أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ.

(4/364)


هُوَ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَبِذَلِكَ انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ كَلَامَهُمَا هُنَا يُخَالِفُ مَا فِي الدَّعَاوَى (وَسَمِعَ الْحُجَّةَ) فِي الْعَيْنِ اعْتِمَادًا عَلَى صِفَاتِهَا (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْحُكْمِ بِهَا لِخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ (وَكَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ بِمَا قَامَتْ بِهِ) الْحُجَّةُ (فَيَبْعَثُهَا لِلْمُكَاتَبِ مَعَ الْمُدَّعِي بِكَفِيلٍ بِبَدَنِهِ) أَيْ: الْمُدَّعِي، احْتِيَاطٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى إذَا لَمْ تُعَيِّنْهَا الْحُجَّةُ طُولِبَ بِرَدِّهَا هَذَا (إنْ لَمْ تَكُنْ أَمَةً) تَحْرُمُ خَلْوَتُهُ بِهَا (إلَّا) بِأَنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (فَمَعَ أَمِينٍ) فِي الرُّفْقَةِ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهَا نَعَمْ إنْ أَظْهَرَ الْخَصْمُ عَيْنًا أُخْرَى مُشَارِكَةً فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي، وَسُنَّ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى الْعَيْنِ عِنْدَ تَسْلِيمِهَا بِخَتْمٍ لَازِمٍ؛ لِئَلَّا تُبَدَّلَ بِمَا يَقَعُ بِهِ اللَّبْسُ عَلَى الشُّهُودِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا (فَإِنْ قَامَتْ) عِنْدَهُ (بِعَيْنِهَا كَتَبَ) إلَى قَاضِي بَلَدِهَا (بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ) بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ وَتَسْلِيمِ الْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي. .

(أَوْ) ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً (عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ) أَيْ: لَا عَنْ الْبَلَدِ (كُلِّفَ إحْضَارَ مَا يَسْهُلُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: يُمْكِنُ (إحْضَارُهُ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهِ) لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ فَلَا تَشْهَدُ بِصِفَةٍ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مَشْهُورَةً لِلنَّاسِ أَوْ عَرَفَهَا الْقَاضِي لَمْ يَحْتَجْ إلَى إحْضَارِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَسْهُلْ إحْضَارُهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ كَعَقَارٍ أَوْ يَعْسُرْ كَشَيْءٍ ثَقِيلٍ أَوْ يُورِثُ قَلْعُهُ ضَرَرًا فَلَا يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ بَلْ يُحَدِّدُ الْمُدَّعِي الْعَقَارَ وَيَصِفُ مَا يَعْسُرُ وَتَشْهَدُ الْحُجَّةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَالصِّفَاتِ أَوْ يَحْضُرُ الْقَاضِي أَوْ يَبْعَثُ نَائِبَهُ لِسَمَاعِ الْحُجَّةِ فَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ مَشْهُورًا بِالْبَلَدِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَحْدِيدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
هُوَ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْحَاضِرَةَ يَجِبُ فِيهَا ذِكْرُ الصِّفَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً قَالَ سم وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ تَسْهُلُ مَعْرِفَتُهُ فَاشْتُرِطَ وَصْفُهُ فِي الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا اهـ أَيْ: فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ: كُلِّفَ إحْضَارُ مَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَمَا يَأْتِي مِنْ تَكْلِيفِ الْإِحْضَارِ بِالنِّسْبَةِ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ) أَيْ: وَمَا هُنَا فِي عَيْنٍ غَائِبَةٍ عَنْ الْبَلَدِ ز ي وح ل وَمِثْلُ الْحَاضِرَةِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي مَسَافَةِ عَدْوَى أَوْ دُونَهَا فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَاضِرَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّرْحُ. (قَوْلُهُ: فِي الْعَيْنِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً كَالْعَقَارِ أَوْ مِثْلِيَّةً كَالْخَشَبِ أَوْ لَا وَلَا كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ اخْتِصَاصًا يَرُدُّهُ لَهُ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ اعْتِمَادًا عَلَى صِفَاتِهَا) وَمِنْ صِفَاتِهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ أَيْضًا أَوْ أَنَّ فِيهِ اكْتِفَاءً فَلَا يُقَالُ: لَا يَشْمَلُ الْمُتَقَوِّمَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ ذِكْرُ الْقِيمَةِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: لِخَطَرِ) أَيْ: خَوْفِ الِاشْتِبَاهِ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَشْتَبِهْ حَكَمَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبَلَدِ أَوْ غَائِبَةً عَنْهَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ فِيهَا اهـ شَيْخُنَا وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ فَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا حَيْثُ يَحْكُمُ لِعَدَمِ خَوْفِ الِاشْتِبَاهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا. (قَوْلُهُ فَيَبْعَثُهَا) أَيْ: الْعَيْنَ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ مِمَّا يَعْسُرُ بَعْثُهُ أَوْ يُورِثُ قَلْعُهُ ضَرَرًا كَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ وَالْمُثَبَّتِ أَوْ يَتَعَذَّرُ بَعْثُهُ كَالْعَقَارِ الْغَيْرِ الْمَعْرُوفِ وَسَأَلْتُ الطَّبَلَاوِيَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ. اهـ. سم وَقَالَ م ر يَتَدَاعَيَانِ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: بِكَفِيلٍ) بِمَكْفُولٍ بِبَدَنِهِ وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ ثِقَةً مَلِيئًا يُطِيقُ السَّفَرَ لِإِحْضَارِهِ وَيُصَدَّقُ فِي طَلَبِهِ شَوْبَرِيٌّ وَشَرْحُ م ر وَنَازَعَ سم فِي اشْتِرَاطِ الْمُلَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا الْقُدْرَةُ عَلَى أُهْبَةِ السَّفَرِ.
(قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِكَفِيلِهِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ أَمَةً تَحْرُمُ خَلْوَتُهُ بِهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَمَةً أَوْ كَانَتْ أَمَةً لَا يَحْرُمُ خَلْوَتُهُ بِهَا بِأَنْ تَكُونَ مَحْرَمًا أَوْ مَعَهُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ ح ل وَقَوْلُهُ تَحْرُمُ خَلْوَتُهُ بِهَا أَيْ: بِتَقْدِيرِ عَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَمَعَ أَمِينٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ هُنَا إلَى نَحْوِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ تَمْنَعُ الْخَلْوَةَ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يَشُقُّ فَسُومِحَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ شَرْحُ م ر، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ نَحْوُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي مِنْ الطَّمَعِ فِيهَا مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَقْوَى سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لِتَقُومَ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهَا) أَيْ: فَفَائِدَةُ الْإِقَامَةِ الْأُولَى نَقْلُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ بُرُلُّسِيٌّ سم. (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَبْعَثُهَا لِلْمُكَاتَبِ. (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ) فَيُرْسِلُ لِلْقَاضِي يَطْلُبُ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ الشُّهُودُ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ وَقَفَ الْأَمْرَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِخَتْمٍ لَازِمٍ) أَيْ: لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ كَنِيلَةٍ فَلَا يُكْتَفَى بِخَتْمِهِ بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ رَقِيقًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا. .

. (قَوْلُهُ: لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ) عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ) نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى كَذَا وَوَصَفَهُ الشُّهُودُ سَمِعْت س ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَرَفَهَا الْقَاضِي) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَمَّا مَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي فَإِنْ عَرَفَهُ النَّاسُ أَيْضًا فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ وَإِنْ اخْتَصَّ بِهِ الْقَاضِي فَإِنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا نَفَذَ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا لِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُورِثُ إلَخْ) كَخَشَبَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي جِدَارٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: ثَقِيلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَيَصِفُ مَا يَعْسُرُ أَيْ: بِقِسْمَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَتَشْهَدُ الْحُجَّةُ) فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ إنَّمَا نَعْرِفُ عَيْنَهُ فَقَطْ تَعَيَّنَ حُضُورُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ م ر س ل.
(قَوْلُهُ: بِتِلْكَ الْحُدُودِ) أَيْ: فِي الْعَقَارِ وَقَوْلُهُ: وَالصِّفَاتِ أَيْ: فِيمَا يَعْسُرُ وَإِذَا شَهِدَتْ الْحُجَّةُ

(4/365)


فِيمَا ذُكِرَ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي وَصْفِ مَا يَعْسُرُ إحْضَارُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ عَنْ الْبَلَدِ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى كَاَلَّتِي فِي الْبَلَدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إيجَابِ الْإِحْضَارِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ. .

(وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ) الْمُدَّعَاةَ (حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (ثَمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (لِلْمُدَّعِي دَعْوَى بَدَلِهَا) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ حُجَّةً) حِينَ أَنْكَرَ (كُلِّفَ الْإِحْضَارَ) لِلْعَيْنِ لِتَشْهَدَ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهَا (وَحُبِسَ عَلَيْهِ) حَيْثُ لَا عُذْرَ؛ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ وَإِنْ نَاقَضَ نَفْسَهُ إذْ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ لَخَلَّدَ عَلَيْهِ الْحَبْسَ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهَا، وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِي التَّلَفِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَوْ غَصَبَهُ) غَيْرُهُ (عَيْنًا أَوْ دَفَعَهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا فَجَحَدَهَا وَشَكَّ أَبَاقِيَةٌ) هِيَ فَيَدَّعِيهَا (أَمْ لَا) فَبَدَلُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا فِي الثَّانِيَةِ (فَقَالَ ادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ بَقِيَ أَوْ بَدَلُهُ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (إنْ تَلِفَ أَوْ ثَمَنُهُ إنْ بَاعَهُ سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً لِلْحَاجَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا بَدَلُهَا وَلَا ثَمَنُهَا وَإِنْ نَكَلَ فَقِيلَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي كَمَا ادَّعَى وَقِيلَ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَتَعْبِيرِي بِالْبَدَلِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ (وَإِذَا أُحْضِرَتْ الْعَيْنُ) الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَجْلِسِ (فَثَبَتَتْ لِلْمُدَّعِي فَمُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ عَلَى خَصْمِهِ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ (فَهِيَ) أَيْ: مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَيْنِ إلَى مَحَلِّهَا (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُدَّعِي لِتَعَدِّيهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَيْضًا لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ إنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ لَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَقَطْ. .

(فَصْلٌ) . فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْحُجَّةُ) عَلَيْهِ (وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ) مَسَافَةِ (عَدْوَى) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (أَوْ) مَنْ (تَوَارَى أَوْ تَعَزَّزَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِذَلِكَ حَكَمَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ: فِي الدَّعْوَى بِهِ وَالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ أَيْ: مِثْلُ هَذَا التَّقْيِيدِ. .

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ الْعَيْنَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ وَعَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ فَقَالَ لَيْسَ بِيَدِي عَيْنٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَالَ ع ن قَوْلُهُ: الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدَّعْوَى بِالْحَاضِرَةِ أَوْ الْغَائِبَةِ اهـ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: كُلِّفَ الْإِحْضَارَ الْمُوهِمَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْغَائِبَةِ عَنْ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمَّا حَلَفَ يَمِينَ الرَّدِّ أَوْ أَقَامَ الْحُجَّةَ غَلَّظَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَكْلِيفِهِ الْإِحْضَارَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ حَلَفَ (قَوْلُهُ أَوْ أَقَامَ حُجَّةً) وَيَكْفِي أَنْ تَشْهَدَ بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْصُوفَةَ كَانَتْ بِيَدِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي شَرْحُ م ر وس ل وع ن. (قَوْلُهُ: لِتَشْهَدَ الْحُجَّةُ بِعَيْنِهَا) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِي أَيْ: قَوْلِهِ أَوْ أَقَامَ حُجَّةً. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْإِحْضَارِ أَيْ: لِأَجْلِهِ فَعَلَى لِلتَّعْلِيلِ وَلَا يُطْلَقُ إلَّا بِإِحْضَارِ الْعَيْنِ أَوْ بِادِّعَاءِ تَلَفِهَا مَعَ الْحَلِفِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ حَلَفَ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ التَّلَفَ إلَى جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِهَا ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهَا كَالْوَدِيعِ ع ن وس ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَاقَضَ نَفْسَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ التَّلَفَ تُنَافِي إنْكَارَهُ أَوَّلًا ب ش. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَنُهُ إنْ بَاعَهُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ أَوْ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ تَلَفًا لَا يَقْتَضِي تَضْمِينَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَلَمْ يُسْلِمْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِذَلِكَ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةَ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْإِلْزَامَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ م ر إلَّا أَنْ يُقَالَ بِجَحْدِهَا صَارَ غَاصِبًا فَيَضْمَنُهَا وَثَمَنَهَا وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ. (قَوْلُهُ فَقِيلَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي) أَيْ: يَحْلِفُ يَمِينًا مَرْدُودَةً وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحِينَئِذٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الْعَيْنَ فَذَاكَ أَوْ غَيْرَهَا قَبِلَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي قَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنًا أَوْ بَدَلًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ س ل. (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ) وَنَفَقَتُهَا إلَى أَنْ تَثْبُتَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِافْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي م ر ع ن. (قَوْلُهُ: لَا عَنْ الْمَجْلِسِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ ع ن قَالَ سم وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِلْمُحْضَرِ مِنْ الْبَلَدِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ الْبَلَدُ وَأَنَّهُ تَجِبُ لِلْمُحْضَرَةِ مِنْ خَارِجِهَا وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْكَلَامُ فِيمَا لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَإِنْ أُحْضِرَتْ مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ. اهـ. م ر. .

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]
(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ سَمِعَ حُجَّةً إلَى آخِرِ الْفَصْلِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ فَوْقِ مَسَافَةِ عَدْوَى) أَيْ: أَوْ مَنْ فِيهَا أَوْ دُونَهَا وَكَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ كَمَا يَأْتِي قَالَ م ر وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ فَبَانَ كَوْنُهُ حِينَئِذٍ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَدَعْوَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ مَمْنُوعَةٌ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ بَانَ كَمَالُهُمْ وَلَوْ قَدِمَ الْغَائِبَ وَقَالَ وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ كُنْت بِعْت أَوْ أَعْتَقْت قَبْلَ بَيْعٍ الْحَاكِمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ اهـ. (قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ) فِيهِ أَنَّ الْحَاجَةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ وَيَأْتِي بِوَاوِ الْعَطْفِ وَتَكُونُ الْأُولَى عَامَّةً وَالثَّانِيَةُ خَاصَّةً. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَوَارَى) أَيْ: هَرَبَ ع ن.

(4/366)


وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إحْضَارِهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَإِلَّا لَاتَّخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ الْحُقُوقِ، أَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَا تُسْمَعُ الْحُجَّةُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِ الْحَاكِمِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُكَاتِبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ سَمِعَ حُجَّةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدَّمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ تُعَدْ) أَيْ: لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا (بَلْ يُخْبِرُهُ) بِالْحَالِ (وَيُمَكِّنُهُ مِنْ جَرْحٍ) لَهَا أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْجَرْحِ يَوْمَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ. .

(وَلَوْ سَمِعَهَا فَانْعَزَلَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ (فَوُلِّيَ) ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ (أُعِيدَتْ) وُجُوبًا لِبُطْلَانِ السَّمَاعِ الْأَوَّلِ بِالِانْعِزَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ عَنْ عَمَلِهِ ثُمَّ عَادَ أَوْ حَكَمَ بِقَبُولِ الْحُجَّةِ فَإِنَّ لَهُ الْحُكْمَ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ (وَلَوْ اُسْتُعْدِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى حَاضِرٍ) بِالْبَلَدِ أَيْ: طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَذِبَهُ (أَحْضَرَهُ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَرِيَ الْعَيْنِ وَحُضُورُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُكْتَرِي كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (بِدَفْعِ خَتْمٍ) أَيْ: مَخْتُومٍ مِنْ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْمُدَّعِي يَعْرِضُهُ عَلَى الْخَصْمِ وَيَكُونُ نَقْشُ الْخَتْمِ: أَجِبْ الْقَاضِيَ فُلَانًا (فَإِنْ امْتَنَعَ بِلَا عُذْرٍ فَبِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ) مِنْ الْأَعْوَانِ بِبَابِ الْقَاضِي يُحْضِرُهُ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْمُرَتَّبِ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَ) إنْ امْتَنَعَ كَذَلِكَ فَبِ (أَعْوَانِ السُّلْطَانِ) يُحْضِرُهُ (وَيُعَزِّرُهُ) بِمَا يَرَاهُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَخَوْفِ ظَالِمٍ وَكُلُّ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ أَوْ بَعَثَ إلَيْهِ الْقَاضِي نَائِبَهُ فَإِنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى بَعَثَ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يُحَلِّفُهُ (أَوْ) عَلَى (غَائِبٍ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ أَوْ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إحْضَارِهِ) أَيْ: بِنَفْسِهِ وَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ ع ن (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلْحَاجَةِ إلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْغَائِبِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُخْبِرُهُ بِالْحَالِ) أَيْ: وُجُوبًا فَيَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى إخْبَارِهِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ إلَخْ) الْمُقَابَلَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حُجَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِذَا سَمِعَ حُجَّةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعِدْهَا قَالَ م ر بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ إبْدَاءِ قَادِحٍ أَوْ رَافِعٍ. (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ) أَيْ: مُعْتَمَدٌ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ إلَخْ أَيْ: الَّتِي تَشْهَدُ بِأَدَاءِ الْمَالِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِأَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعِي فَسَقَةٌ يَوْمَ شَهَادَتِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تَمْضِ سَنَةٌ أَيْ: إذَا كَانَ مَعَهُ حُجَّةٌ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ بِالْجَرْحِ فَيُقِيمُهَا أَيْ: يُمَكِّنُهُ الْقَاضِي مِنْ إقَامَتِهَا. (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ) وَهِيَ سَنَةٌ. .

. (قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ انْعَزَلَ يَشْمَلُ انْعِزَالَهُ بِنَفْسِهِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ فِسْقٍ وَعَزْلَهُ بِعَزْلِ مُوَلِّيهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَمِعَهَا فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ بِجَنْبِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَكَمَ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُسْتُعْدِيَ) قَالَ ز ي ثُمَّ اسْتَطْرَدَ لِذِكْرِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْبَابِ فَقَالَ وَلَوْ اُسْتُعْدِيَ اهـ وَفِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ: اسْتَعْدَيْت الْأَمِيرَ عَلَى فُلَانٍ فَأَعْدَانِي أَيْ: اسْتَعَنْت بِهِ عَلَيْهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمَعُونَةُ. (قَوْلُهُ كَذِبَهُ) أَيْ: الطَّالِبِ. (قَوْلُهُ: أَحْضَرَهُ وُجُوبًا) وَيُحْضِرُ الْمُسْلِمَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِيهَا إلَّا إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ ز ي. (قَوْلُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُكْتَرِي) بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَالْأَوْجَهُ أَمْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِدَفْعِ خَتْمٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: مِمَّا يُعْتَادُ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ نَقْشُ الْخَتْمِ إلَخْ) قَالَ م ر وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا ثُمَّ هُجِرَ وَاعْتِيدَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْوَرَقِ وَهُوَ أَوْلَى اهـ قَالَ ع ش: وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا فِي الطِّينِ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ ثُمَّ هُجِرَ ذَلِكَ وَاعْتَادَ الطَّلَبَ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ: مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ شَرْحُ م ر وَشَمِلَ نَحْوَ أَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْعُذْرُ كَالْمَرَضِ وَحَبْسِ الظَّالِمِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَقَيَّدَ غَيْرُهُ الْمَرَضَ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَسُوغُ بِمِثْلِهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَبِمُرَتَّبٍ) قَالَ م ر وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالرَّسُولِ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ) يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ: بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي فَلَا تُخَالِفُ م ر وز ي وس ل (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى التَّخْيِيرِ مُؤْنَتُهُ أَيْ: الْمُرَتَّبِ إلَخْ قَالَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَمُؤْنَتُهُ أَيْ: الْمُرَتَّبِ عَلَى الطَّالِبِ حَيْثُ ذَهَبَ بِهِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ فَإِنْ ذَهَبَ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِتَعَدِّيهِ بِامْتِنَاعِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّرْتِيبِ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الطَّالِبِ عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ وَعَلَى الْمُمْتَنِعِ عَلَى قَوْلِ التَّرْتِيبِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُؤْنَةُ) أَيْ: أُجْرَةُ الْمُعَيَّنِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا م ر فَإِنْ اخْتَفَى نُودِيَ عَلَى بَابِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ وَخُتِمَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ سُمِّرَ وَخُتِمَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا دَارُهُ وَإِنْ عُرِفَ مَوْضِعُهُ بَعَثَ الْقَاضِي نِسْوَةً وَخُصْيَانًا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالطَّلَبِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ شَاهِدَيْنِ بِامْتِنَاعِهِ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بَعَثَ إلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لِيُحْضِرَهُ. اهـ. ز ي وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ

(4/367)


وَلَهُ ثَمَّ نَائِبٌ أَوْ فِيهِ مُصْلِحٌ) بَيْنَ النَّاسِ (لَمْ يُحْضِرْهُ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى؛ وَلِمَا فِي إحْضَارِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلِي أَوْ فِيهِ مُصْلِحٌ مِنْ زِيَادَتِي.
(بَلْ يَسْمَعُ حُجَّةً) عَلَيْهِ (وَيَكْتُبُ) بِذَلِكَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ فِي الْأُولَى إنْ كَانَ وَالِيَ النَّائِبِ أَوْ الْمُصْلِحَ فِي الثَّانِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَقَوْلِي بَلْ يَسْمَعُ حُجَّةً وَيَكْتُبُ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْأُولَى (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي عَمَلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَائِبٌ لَهُ وَلَا مُصْلِحٌ (أَحْضَرَهُ) بَعْدَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَصِحَّةِ سَمَاعِهَا (مِنْ) مَسَافَةِ (عَدْوَى) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِأَوَّلِ الْفَصْلِ وَقِيلَ يُحْضِرُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَدْعَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ وَلِئَلَّا يُتَّخَذَ السَّفَرُ طَرِيقًا لِإِبْطَالِ الْحُقُوقِ (وَلَا تُحْضَرُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مُخَدَّرَةٌ) أَيْ: لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا بَلْ وَلَا الْحُضُورَ لِلتَّحْلِيفِ إلَّا لِتَغْلِيظِ يَمِينٍ بِمَكَانٍ (وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهَا وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ تَخْرُجَ قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَعَزَاءٍ وَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ. .

(بَابُ الْقِسْمَةِ) هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَآيَةِ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا فَقَدْ يَتَبَرَّمُ الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ (قَدْ يَقْسِمُ) الْمُشْتَرَكَ (الشُّرَكَاءُ أَوْ حَاكِمٌ وَلَوْ مَنْصُوبَهُمَا وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ) أَيْ: الْحَاكِمِ (أَهْلِيَّتُهُ لِلشَّهَادَاتِ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا ذَكَرًا حُرًّا مُسْلِمًا عَدْلًا ضَابِطًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا فَلَا يَصِحُّ نَصْبُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَصْبَهُ لِذَلِكَ وِلَايَةٌ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ (وَعِلْمُهُ بِقِسْمَةٍ) وَالْعِلْمُ بِهَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِالْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ؛ لِأَنَّهُمَا آلَتَاهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزِ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ: لِلْقَاضِي ثُمَّ نَائِبِهِ وَمِثْلُهُ الْبَاشَا إذَا طُلِبَ مِنْهُ إحْضَارُ شَخْصٍ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ حَيْثُ كَانَ بِمَحَلٍّ فِيهِ مَنْ يَفْصِلُ الْخُصُومَةَ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِمَا فِي إحْضَارِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ خَلَاصُ الْحَقِّ عَلَى حُضُورِهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إحْضَارٌ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ مُصْلِحٌ بَيْنَ النَّاسِ) وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ كَالشَّاذِّ وَمَشَايِخِ الْعُرْبَانِ وَالْبُلْدَانِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لَمْ يُحْضِرْهُ) أَيْ: لَمْ يَجُزْ لَهُ إحْضَارُهُ س ل.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكِتَابَ بِسَمَاعِ الْحُجَّةِ إنَّمَا يُقْبَلُ فَوْقَ مَسَافَةِ عَدْوَى بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْغَائِبَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ وَيُكَاتِبَ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ ز ي (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ: سَمَاعِ الْحُجَّةِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهَا ح ل (قَوْلُهُ إلَى الْكُوفَةِ) فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ إلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ ح ل أَيْ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَدْخُلْ الْكُوفَةَ ح ف (قَوْلُهُ: وَلَا تُحْضَرُ مُخَدَّرَةٌ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ كَوْنَهَا فِي عِدَّةٍ وَاعْتِكَافٍ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ حُضُورِهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ م ر ع ن. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ إلَخْ) أَيْ: لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ بَلْ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْغَالِبُ عَلَى نِسَائِهِمْ التَّخْدِيرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِلَّا صُدِّقَ هُوَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَازَمَتْ الْخِدْرَ فَكَالْفَاسِقِ إذَا تَابَ فَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ سَنَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا الْحُضُورَ لِلتَّحْلِيفِ) بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا فِي مَحَلِّهَا شَرْحُ م ر. .

[بَابُ الْقِسْمَةِ]
[دَرْسٌ] (بَابُ الْقِسْمَةِ) وَجْهُ ذِكْرِهَا عَقِبَ الْقَضَاءِ احْتِيَاجُ الْقَاضِي إلَيْهَا وَلِأَنَّ الْقَاسِمَ كَالْقَاضِي عَلَى مَا سَيَأْتِي م ر ع ن. (قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ: لُغَةً وَشَرْعًا، وَعِبَارَةُ ح ل يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَاهَا لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا الِاصْطِلَاحِيَّ، وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَمُطْلَقُ التَّمْيِيزِ وَكَلَامُ الصِّحَاحِ يُفِيدُ أَنَّهَا التَّفْرِيقُ. قَوْلُهُ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] أَيْ: قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ (قَوْلُهُ يَتَبَرَّمُ) أَيْ: يَتَضَرَّرُ (قَوْلُهُ الِاسْتِبْدَادَ) أَيْ: الِاسْتِقْلَالَ (قَوْلُهُ قَدْ يَقْسِمُ) قَدْ لِلتَّحَقُّقِ بِالنَّظَرِ لِلشُّرَكَاءِ وَلِلتَّقْلِيلِ بِالنَّظَرِ لِلْحَاكِمِ قَالَ م ر فَلَوْ قَسَمَ بَعْضُهُمْ فِي غَيْبَةِ الْبَاقِينَ وَأَخَذَ قِسْطَهُ فَلَمَّا عَلِمُوا أَقَرُّوهُ صَحَّتْ، لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ قَالَ ع ش فَلَوْ وَقَعَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا خَصَّهُ قَبْلَ التَّقْرِيرِ كَانَ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ الشُّرَكَاءُ) أَيْ: الْكَامِلُونَ أَمَّا غَيْرُ الْكَامِلِ فَلَا يَقْسِمُ لَهُ وَلِيُّهُ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غِبْطَةٌ ع ن وَشَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غِبْطَةٌ لِغَيْرِ الْكَامِلَيْنِ كَمَا فِي الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: لِلشَّهَادَاتِ) أَيْ: لِكُلِّ شَهَادَةٍ فَلَا تُرَدُّ الْمَرْأَةُ فَلَا يَقْسِمُ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَالْعِلْمُ بِهَا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِعِلْمِ الْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُمَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ تَعَرَّضَ لَهُمَا فِي ضِمْنِ تَعَرُّضِهِ لِعِلْمِ الْقِسْمَةِ. (قَوْلُهُ: الْعِلْمَ بِالْمِسَاحَةِ) بِأَنْ يَعْلَمَ طُرُقَ اسْتِعْلَامِ الْمَجْهُولَاتِ

(4/368)


وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ، وَمَعْرِفَتُهُ بِالْقِيمَةِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهَا تَبَعًا لِجَزْمِ جَمَاعَةٍ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا سَأَلَ عَدْلَيْنِ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُهَا فِي التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ، أَمَّا مَنْصُوبُ الشُّرَكَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا التَّكْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَمُحَكَّمُهُمْ كَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ إمَّا (تَعَدُّدُهُ لِتَقْوِيمٍ) فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَقْوِيمٌ كَفَى قَاسِمٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ تَلْزَمُ بِنَفْسِ قَوْلِهِ: فَأَشْبَهَ الْحَاكِمَ وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاسِمُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَإِنْ وَجَبَ تَعَدُّدُهُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى عَمَلٍ مَحْسُوسٍ (أَوْ جَعْلُهُ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ الْحَاكِمُ (حَاكِمًا فِيهِ) أَيْ: فِي التَّقْوِيمِ فَيَقْسِمُ وَحْدَهُ وَيَعْمَلُ بِعَدْلَيْنِ وَبِعِلْمِهِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ. .

(وَأُجْرَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (فَ) إنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَأُجْرَتُهُ (عَلَى الشُّرَكَاءِ) سَوَاءٌ أَطَلَبَ الْقِسْمَةَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَهُمْ (فَإِنْ اسْتَأْجَرُوا قَاسِمَا وَعَيَّنَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (قَدْرًا لَزِمَهُ) ، وَلَوْ فَوْقَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ سَوَاءٌ أَعَقَدُوا مَعًا أَمْ مُرَتَّبِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقُوا الْمُسَمَّى (فَالْأُجْرَةُ) مُوَزَّعَةٌ (عَلَى قَدْرِ) مِسَاحَةِ (الْحِصَصِ الْمَأْخُوذَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الْمِلْكِ كَالنَّفَقَةِ وَخَرَجَ بِزِيَادَةِ الْمَأْخُوذَةِ الْحِصَصُ الْأَصْلِيَّةُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ عَلَى قَدْرِ مِسَاحَتِهَا بَلْ عَلَى قَدْرِ مِسَاحَةِ الْمَأْخُوذِ قِلَّةً وَكَثْرَةً لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْقَلِيلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَإِلَّا فَالْمُوَزَّعُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ مُطْلَقًا (ثُمَّ مَا عَظُمَ ضَرَرُ قِسْمَتِهِ إنْ بَطَلَ نَفْعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٌ نَفِيسَيْنِ مَنَعَهُمْ الْحَاكِمُ مِنْهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْعَدَدِيَّةِ الْعَارِضَةِ لِلْمَقَادِيرِ كَطَرِيقِ مَعْرِفَةِ الْقُلَّتَيْنِ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ فَقَطْ فَإِنَّ عِلْمَهَا يَكُونُ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ.
(قَوْلُهُ: بِالْمِسَاحَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ يُقَالُ: مَسَحْتُ الْأَرْضَ أَيْ: ذَرَعْتهَا لِيُعْلَمَ مِقْدَارُهَا وَقَوْلُهُ: وَالْحِسَابِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْمِسَاحَةَ مِنْ الْحِسَابِ ح ل. (قَوْلُهُ: عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ) لَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا فِي الْقَاضِي ح ل. (قَوْلُهُ: رَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ نَدْبَهَا) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: وَرَدَّهُ أَيْ: النَّدْبَ. (قَوْلُهُ: فِي التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ) أَيْ: لَا فِي الْإِفْرَازِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ فِيهِ مُسْتَوِيَةٌ فَلَا تَقْوِيمَ حَتَّى يُعْتَبَرَ مَعْرِفَتُهُ بِالْقِيمَةِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ فِي التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ خَاصٌّ بِهِمَا (قَوْلُهُ مَنْصُوبُ الشُّرَكَاءِ) أَيْ: وَكِيلُهُمْ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا التَّكْلِيفُ) دُونَ مَا عَدَاهُ مِنْ الذُّكُورَةِ وَغَيْرِهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِنًّا وَفَاسِقًا وَامْرَأَةً ح ل أَيْ: وَذِمِّيًّا كَمَا فِي ع ش. (قَوْلُهُ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) ، وَكَذَا بَاقِي الشُّرُوطِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ كَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ) أَيْ: فِي شُرُوطِهِ الْمَارَّةِ وَيَلْزَمُهُمْ قَبُولُ قِسْمَتِهِ بِخِلَافِ الْمَنْصُوبِ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَمَّا تَعَدُّدُهُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ فَقَطْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ وَشُرَّاحِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ حَتَّى فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ فَمَتَى كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمُقَوَّمِ وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: التَّقْوِيمَ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ الْحَاكِمَ) أَيْ: وَالْحَاكِمُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاسِمُ إلَخْ) وَأَمَّا الشَّاهِدُ بِالتَّقْوِيمِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ شَهَادَةٍ هُوَ وَاضِحٌ إذَا كَانَ عِنْدَ حَاكِمٍ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: قِسْمَتُهُ. (قَوْلُهُ: بِعَدْلَيْنِ) أَيْ: يَشْهَدَانِ عِنْدَهُ بِالْقِيمَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبِعِلْمِهِ) أَيْ: إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا. .

. (قَوْلُهُ: وَأُجْرَتُهُ) أَيْ: مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ س ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ أَوْ كَانَ هُنَاكَ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ) وَلَا يُشْكِلُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ هُنَا إذَا كَانَ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي لِأَنَّهُ يَأْخُذُهَا عَلَى أَفْعَالٍ يُبَاشِرُهَا بِخِلَافِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الصَّادِرَيْنِ مِنْ الْقَاضِي، لَكِنْ قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ كَانَ كَنَائِبِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ عَمِيرَةُ سم.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَطَلَبَ الْقِسْمَةَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ الطَّالِبُ شَيْئًا وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّنْ عَمِلَ عَمَلًا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ، لَكِنْ فِي كَلَامِ حَجّ كَالْخَطِيبِ وَشَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ شَيْئًا ح ل، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ إنْ اسْتَأْجَرُوهُ لَا إنْ عَمِلَ سَاكِتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بَعْضُهُمْ فَالْكُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحُكْمَ حَقُّهُ تَعَالَى وَالْقِسْمَةَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ لِلْقَاسِمِ عَمَلًا يُبَاشِرُهُ فَالْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَالْحَاكِمُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. (قَوْلُهُ: مَعًا) كَاسْتَأْجَرْنَاكَ لِتَقْسِمَ هَذَا بَيْنَنَا بِدِينَارٍ عَلَى فُلَانٍ وَبِدِينَارَيْنِ عَلَى فُلَانٍ أَوْ وَكَّلُوا مَنْ عَقَدَ لَهُمْ كَذَلِكَ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَمْ مُرَتَّبِينَ) بِأَنْ عَقَدَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِإِفْرَازِ نَصِيبِهِ ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ ز ي. (قَوْلُهُ: فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ فِي الْأَصْلِ النِّصْفُ فَصَارَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا الْأُجْرَةِ وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثُهَا ز ي. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ) أَيْ: الَّذِي تَبَيَّنَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ نِصْفَيْنِ وَيَعْدِلُ ثُلُثُهَا ثُلُثَيْهَا فَالصَّائِرُ لَهُ الثُّلُثُ يُعْطَى مِنْ أُجْرَةِ الْقَسَّامِ الثُّلُثَ وَالصَّائِرُ لَهُ الثُّلُثَانِ يُعْطَى الثُّلُثَيْنِ ح ل (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ: التَّفْصِيلُ بِقَوْلِهِ وَعَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْرًا مَعَ قَوْلِهِ وَإِلَّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: عَيَّنُوا قَدْرًا أَمْ لَا ح ل.
(قَوْلُهُ إنْ بَطَلَ نَفْعُهُ) أَيْ: صَارَ لَا نَفْعَ لَهُ أَصْلًا أَوْ لَا نَفْعَ لَهُ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ نَقَصَ نَفْعُهُ أَيْ: وَبَقِيَ نَفْعٌ لَهُ وَقَعَ ح ل (قَوْلُهُ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ) فِي التَّمْثِيلِ بِهِمَا لِبُطْلَانِ النَّفْعِ بِالْكُلِّيَّةِ بَحْثٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْكَلَامُ فِي جَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ صَغِيرَيْنِ أَوْ مَعَ كَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ فِيهِمَا

(4/369)


؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ، وَلَمْ يُجِبْهُمْ إلَيْهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ نَقَصَ نَفْعُهُ أَوْ بَطَلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ (لَمْ يَمْنَعْهُمْ، وَلَمْ يُجِبْهُمْ) فَالْأَوَّلُ (كَسَيْفٍ يُكْسَرُ) فَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ قِسْمَتِهِ كَمَا لَوْ هَدَمُوا جِدَارًا وَاقْتَسَمُوا نَقْضَهُ وَلَا يُجِيبُهُمْ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ (وَ) الثَّانِي (كَحَمَّامٍ وَطَاحُونَةٍ صَغِيرَيْنِ) فَلَا يَمْنَعُهُمْ وَلَا يُجِيبُهُمْ؛ لِمَا مَرَّ وَفِي لَفْظِ صَغِيرَيْنِ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ؛ لِأَنَّ الْحَمَّامَ مُذَكَّرٌ وَالطَّاحُونَةَ مُؤَنَّثَةٌ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَبِيرًا بِأَنْ أَمْكَنَ جَعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَمَّامَيْنِ أَوْ طَاحُونَتَيْنِ أُجِيبُوا وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى إحْدَاثِ بِئْرٍ أَوْ مُسْتَوْقَدٍ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْوَاقِفِ عَلَى ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ كَلَامِ الْأَصْلِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ عُشْرُ دَارٍ) مَثَلًا (لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَالْبَاقِي لِآخَرَ) يَصْلُحُ لَهَا، وَلَوْ بِضَمِّ مَا يَمْلِكُهُ بِجِوَارِهِ (أُجْبِرَ) صَاحِبُ الْعُشْرِ عَلَى الْقِسْمَةِ (بِطَلَبِ الْآخَرِ لَا عَكْسُهُ) أَيْ: لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُشْرِ مُتَعَنِّتٌ فِي طَلَبِهِ وَالْآخَرَ مَعْذُورٌ.، أَمَّا إذَا صَلَحَ الْعُشْرُ، وَلَوْ بِالضَّمِّ فَيُجْبَرُ بِطَلَبِ صَاحِبِهِ الْآخَرِ لِعَدَمِ تَعَنُّتِهِ حِينَئِذٍ. .

(وَمَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ) أَيْ: ضَرَرُ قِسْمَتِهِ (قِسْمَتُهُ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ وَهِيَ الْآتِيَةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْسُومَ إنْ تَسَاوَتْ الْأَنْصِبَاءُ مِنْهُ صُورَةً وَقِيمَةً فَهُوَ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رَدِّ شَيْءٍ آخَرَ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالثَّالِثُ (أَحَدُهَا) الْقِسْمَةُ (بِالْأَجْزَاءِ) وَتُسَمَّى قِسْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ (كَمِثْلِيٍّ) مِنْ حُبُوبٍ وَدَرَاهِمَ وَأَدْهَانٍ وَغَيْرِهَا (وَدَارٍ مُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ وَأَرْضٍ مُشْتَبِهَةِ الْأَجْزَاءِ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ) عَلَيْهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا (فَيُجَزَّأُ مَا يَقْسِمُ) كَيْلًا فِي الْمَكِيلِ وَوَزْنًا فِي الْمَوْزُونِ وَذَرْعًا فِي الْمَذْرُوعِ وَعَدًّا فِي الْمَعْدُودِ (بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ إنْ اسْتَوَتْ) كَالْأَثْلَاثِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ (وَيُكْتَبُ) مَثَلًا هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ (فِي كُلِّ رُقْعَةٍ) إمَّا (اسْمُ الشَّرِيكِ) مِنْ الشُّرَكَاءِ (أَوْ جُزْءٌ) مِنْ الْأَجْزَاءِ (مُمَيَّزٌ) عَنْ الْبَقِيَّةِ بِحَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَتُدْرَجُ) الرُّقَعُ (فِي بَنَادِقَ) مِنْ نَحْوِ طِينٍ مُجَفَّفٍ أَوْ شَمْعٍ (مُسْتَوِيَةٍ) وَزْنًا وَشَكْلًا نَدْبًا (ثُمَّ يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا) أَيْ: الْكِتَابَةَ وَالْأَدْرَاجَ بَعْدَ جَعْلِ الرِّقَاعِ فِي حِجْرِهِ مَثَلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ وَمَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إلَى أَنَّ النَّفْعَ الَّذِي لَا وَقْعَ لَهُ كَالْعَدَمِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْقَسْمَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْنَعْهُمْ) لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِمَا صَارَ إلَيْهِ مِنْهُ عَلَى حَالِهِ أَوْ بِاِتِّخَاذِهِ سِكِّينًا مَثَلًا وَلَا يُجِيبُهُمْ إلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعَهُ لَهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِعْلَ مَا ذَكَرَ بِأَنْفُسِهِمْ تَخَلُّصًا مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ نَعَمْ بَحَثَ جَمْعٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ نَفِيسٍ أَنَّ مَا هُنَا فِي سَيْفٍ خَسِيسٍ وَإِلَّا مَنَعَهُمْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ ضَرَرَ الْقِسْمَةِ قَدْ يَكُونُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَقَطْ قَالَ ح ل: فَمَا عَظُمَ ضَرَرُ قِسْمَتِهِ إمَّا عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِمَّا عَلَى أَحَدِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ عُشْرُ دَارٍ مَثَلًا) أَيْ: أَوْ حَمَّامٍ أَوْ أَرْضٍ م ر. (قَوْلُهُ: لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى) أَوْ لِكَوْنِهِ حَمَّامًا أَوْ لِمَا يُقْصَدُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِضَمِّ مَا يَمْلِكُهُ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي س ل. (قَوْلُهُ: بِطَلَبِ الْآخَرِ) لِانْتِفَاعِهِ، وَضَرَرُ صَاحِبِ الْعُشْرِ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِهِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ الْقِسْمَةِ م ر وحج (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالضَّمِّ) أَيْ: ضَمِّ مَا يَمْلِكُهُ بِجِوَارِهِ فَيَأْخُذُ مَا هُوَ بِجِوَارِ مِلْكِهِ وَيُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْأَجْزَاءَ مُتَسَاوِيَةٌ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ ح ل، وَعِبَارَةُ م ر نَعَمْ لَوْ مَلَكَ أَوْ أَحْيَا مَا لَوْ ضَمَّ لِعُشْرِهِ صَلُحَ أُجِيبَ اهـ قَالَ ع ش: وَإِذَا أُجِيبَ وَكَانَ الْمَوَاتُ أَوْ الْمِلْكُ فِي أَحَدِ جَوَانِبِ الدَّارِ دُونَ بَاقِيهَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ إعْطَاؤُهُ لِمَا يَلِي مِلْكَهُ بِلَا قُرْعَةٍ وَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَوْنِ الْقِسْمَةِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْقُرْعَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْقُرْعَةِ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ حِصَّتُهُ فِي غَيْرِ جِهَةِ مِلْكِهِ لَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ، أَوْ يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوَاتُ أَوْ الْمَمْلُوكُ مُحِيطًا بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الدَّارِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِلْحَاجَةِ مَعَ عَدَمِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ حَيْثُ كَانَتْ الْأَجْزَاءُ مُتَسَاوِيَةً اهـ وَصَرَّحَ بِهِ م ر فِيمَا بَعْدُ.

[النَّوْع الْأَوَّلُ الْقِسْمَةُ بِالْأَجْزَاءِ]
. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ تَجْرِي فِيهِ هَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ إذَا وَقَعَتْ قِسْمَتُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلَ هَذِهِ أَيْ: الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ ضَابِطًا لِلْمَقْسُومِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ كَانَ فِيمَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ تَفْصِيلٌ آخَرُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ تَارَةً يَمْنَعُهُمْ وَتَارَةً لَا يَمْنَعُ وَلَا يُجِيبُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَحَدُهَا بِالْأَجْزَاءِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ وَقْفٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ إفْرَازًا لَا بَيْعًا سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ النَّاظِرَ أَوْ الْمَالِكَ أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لَمْ يَجُزْ الْقِسْمَةُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ تَمْتَنِعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرَ شَرْطِهِ اهـ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرَ شَرْطِهِ كَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مُقْتَضَى الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ لِجَمِيعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَعِنْدَ الْقِسْمَةِ يُخَصُّ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ وَمِثْلُهُ حَجّ سم.
(قَوْلُهُ: مُتَّفِقَةَ الْأَبْنِيَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ ع ب بِأَنْ كَانَ فِي جَانِبٍ مِنْهَا بَيْتٌ وَصِفَةٌ وَفِي الْجَانِبِ الْآخَرِ كَذَلِكَ وَالْعَرْصَةُ تَنْقَسِمُ سم. (قَوْلُهُ: كَيْلًا) حَالٌ مِنْ مَا. (قَوْلُهُ: أَوْ جُزْءٌ) بِالرَّفْعِ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ شَرْحُ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَرُّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا) وَذَلِكَ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ إذْ الْقَصْدُ سِتْرُهَا عَنْ الْمُخْرَجِ

(4/370)


فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا (رُقْعَةً) إمَّا (عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ إنْ كُتِبَتْ الْأَسْمَاءُ) فَيُعْطَى مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ (أَوْ عَلَى اسْمِ زَيْدٍ) مَثَلًا (إنْ كُتِبَتْ الْأَجْزَاءُ) فَيُعْطَى ذَلِكَ الْجُزْءُ وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ فِي الرُّقْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيُخْرِجُهَا عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي أَوْ عَلَى اسْمِ عَمْرٍو وَتَتَعَيَّنُ الثَّالِثَةُ لِلْبَاقِي إنْ كَانَتْ أَثْلَاثًا وَتَعْيِينُ مَنْ يَبْدَأُ بِهِ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْقَاسِمِ. .

(فَإِنْ اخْتَلَفَتْ) أَيْ: الْأَنْصِبَاءُ (كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ) فِي أَرْضٍ أَوْ نَحْوِهَا (جُزِّئَ) مَا يُقْسَمُ (عَلَى أَقَلِّهَا) وَهُوَ فِي الْمِثَالِ السُّدُسُ فَيَكُونُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَأَقْرَعَ كَمَا مَرَّ (وَيَجْتَنِبُ) إذَا كُتِبَتْ الْأَجْزَاءُ (تَفْرِيقَ حِصَّةِ وَاحِدٍ) بِأَنْ لَا يَبْدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ لِأَنَّهُ إذَا بَدَأَ بِهِ حِينَئِذٍ رُبَّمَا خَرَجَ لَهُ الْجُزْءُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ فَيَتَفَرَّقُ مِلْكُ مَنْ لَهُ النِّصْفُ أَوْ الثُّلُثُ فَيَبْدَأُ بِمَنْ لَهُ النِّصْفُ مَثَلًا فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أُعْطِيهِمَا وَالثَّالِثَ وَيُثَنِّي بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الرَّابِعُ أُعْطِيهِ وَالْخَامِسَ وَيَتَعَيَّنُ السَّادِسُ لِمَنْ لَهُ السُّدُسُ فَالْأَوْلَى كِتَابَةُ الْأَسْمَاءِ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ أَوْ سِتٍّ وَالْإِخْرَاجُ عَلَى الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى اجْتِنَابِ مَا ذَكَرَ. .

(الثَّانِي) الْقِسْمَةُ (بِالتَّعْدِيلِ) بِأَنْ تُعْدَلُ السِّهَامُ بِالْقِيمَةِ (كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا) لِنَحْوِ قُوَّةِ إنْبَاتٍ وَقُرْبِ مَاءٍ أَوْ يَخْتَلِفُ جِنْسُ مَا فِيهَا كَبُسْتَانٍ بَعْضُهُ نَخْلٌ وَبَعْضُهُ عِنَبٌ فَإِذَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ وَقِيمَةُ ثُلُثِهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا ذَكَرَ كَقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا الْخَالِيَيْنِ عَنْ ذَلِكَ جُعِلَ الثُّلُثُ سَهْمًا وَالثُّلُثَانِ سَهْمًا وَأُقْرِعَ كَمَا مَرَّ (وَيُجْبَرُ) الْمُمْتَنِعُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسَاوِي فِي الْأَجْزَاءِ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا فِيهَا كَأَرَضِينَ يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَجْزَاءِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْدِيلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
(وَ) يُجْبَرُ عَلَيْهَا (فِي مَنْقُولَاتِ نَوْعٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
حَتَّى لَا يَتَوَجَّهَ إلَيْهِ تُهْمَةٌ وَمِنْ ثَمَّ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ قَلِيلَ الْفَطِنَةِ لِتَبْعُدَ الْحِيلَةُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) أَيْ: الْكِتَابَةَ س ل وَرَجْعُهُ أَيْ: الضَّمِيرِ م ر لِلْوَاقِعَةِ فَعَلَيْهِ لَا أَوْلَوِيَّةَ. (قَوْلُهُ: بِنَظَرِ الْقَاسِمِ) أَيْ: لَا بِنَظَرِ الْمُخْرَجِ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ عَلَى أَقَلِّهَا أَيْ: مُخْرَجِهِ. .

. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ) أَيْ: مَا يُقْسَمُ. (قَوْلُهُ: فَيَتَفَرَّقُ مِلْكُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأَرْضِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْحُبُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ تَفْرِيقُ مِلْكِ مَنْ لَهُ النِّصْفُ أَوْ الثُّلُثُ لِإِمْكَانِ ضَمِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أُعْطِيهِمَا وَالثَّالِثُ) وَانْظُرْ لَوْ خَرَجَ لَهُ الْخَامِسُ ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَاهُ وَالرَّابِعُ وَالسَّادِسُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا خَرَجَ لَهُ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُعْطَاهُ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ أَوْ خَرَجَ لَهُ الثَّانِي أَخَذَهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ أَوْ خَرَجَ لَهُ الثَّالِثُ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ أَوْ الرَّابِعُ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَخِيرَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَوْ الْخَامِسُ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَيَتَعَيَّنُ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْطَاؤُهُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمٌ فَلِمَ لَا أُعْطَى السُّهْمَانِ مِمَّا بَعْدَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَتَعَيَّنُ هَذَا بَلْ يَتْبَعُ نَظَرَ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نَظَائِرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أُعْطِيَهُ وَالْخَامِسُ) وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مُسْتَوِيَةُ الْأَجْزَاءِ وَلِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ تَلِيهَا فَطَلَبَ قِسْمَتَهَا وَأَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ إلَى جِهَةِ أَرْضِهِ. أُجِيبَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الصُّلْحِ أُجْبِرَ عَلَى قِسْمَةِ عَرْصَةٍ وَلَوْ طُولًا لِيَخْتَصَّ كُلٌّ بِمَا يَلِيهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ سِتٍّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَجُوزُ كَتْبُ الْأَسْمَاءِ فِي سِتِّ رِقَاعٍ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ فِي ثَلَاثَةٍ وَصَاحِبِ الثُّلُثِ فِي اثْنَتَيْنِ وَصَاحِبِ السُّدُسِ فِي وَاحِدَةٍ وَيُخْرِجُ عَلَى مَا ذَكَرَ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ زَائِدَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ إلَّا سُرْعَةُ خُرُوجِ اسْمِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ حَيْفًا لِتَسَاوِي السِّهَامِ فَجَازَ ذَلِكَ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ الْمَنْصُوصُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبَيْ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ مَزِيَّةً بِكَثْرَةِ الْمِلْكِ فَكَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ بِكَثْرَةِ الرِّقَاعِ فَإِنْ كُتِبَتْ الْأَجْزَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا فِي سِتِّ رِقَاعٍ اهـ بِحُرُوفِهِ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ السِّتِّ رِقَاعٍ أَيْضًا إذَا كُتِبَتْ الْأَجْزَاءُ مَعَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مَثَلًا أَخَذَهُ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِكِتَابَةِ الْجُزْأَيْنِ الْمُكَمِّلَيْنِ لِحِصَّتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَنْ لَهُ الثُّلُثُ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ فِي كِتَابَةِ السِّتِّ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ وُضِعَتْ الرِّقَاعُ مَعًا عَلَى الْأَجْزَاءِ فَرُبَّمَا تَفَرَّقَتْ رِقَاعُ صَاحِبِ النِّصْفِ مَثَلًا كَأَنْ تَخْرُجَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَالْخَامِسِ، وَإِنْ وُضِعَتْ مُرَتَّبَةً فَإِذَا خَرَجَتْ وَرَقَةٌ مِنْ أَوْرَاقِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَخَذَهُ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي كِتَابَةِ اسْمِهِ فِي الرُّقْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ إلَّا سُرْعَةُ الْإِخْرَاجِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) قَالَ سم لَك أَنْ تَقُولَ إذَا كُتِبَتْ الْأَسْمَاءُ ثُمَّ بُدِئَ بِالْإِخْرَاجِ عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي مَثَلًا فَرُبَّمَا خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ السُّدُسِ فَيَلْزَمُ تَفْرِيقُ حِصَّةِ غَيْرِهِ فَيُحْتَاجُ إلَى اجْتِنَابِ الْبُدَاءَةِ بِالْإِخْرَاجِ عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسِ فَفِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ نَظَرٍ. .

[الثَّانِي الْقِسْمَةُ بِالتَّعْدِيلِ]
. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ أَخْذًا مِنْ تَمْثِيلِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا إضْمَارُهُ هُنَا وَإِظْهَارُهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ. (قَوْلُهُ: فِي مَنْقُولَاتِ نَوْعٍ) أَرَادَ بِالنَّوْعِ الصِّنْفَ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحْتَرَزِ؛ لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ أَصْنَافٌ.

(4/371)


لَمْ يَخْتَلِفْ مُتَقَوِّمَةً كَعَبِيدٍ وَثِيَابٍ مِنْ نَوْعٍ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِالْقِسْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي كَثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ زِنْجِيَّةٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَكَثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ كَذَلِكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ كَقِيمَةِ الْآخَرَيْنِ لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا بِخِلَافِ مَنْقُولَاتِ نَوْعٍ اخْتَلَفَ كَضَائِنَتَيْنِ شَامِيَّةٍ وَمِصْرِيَّةٍ أَوْ مَنْقُولَاتِ أَنْوَاعٍ كَعَبِيدٍ تُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ وَزِنْجِيٍّ وَثِيَابِ إبْرَيْسَمٍ وَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ أَوْ لَمْ تَزُلْ الشَّرِكَةُ كَعَبْدَيْنِ قِيمَةُ ثُلُثَيْ أَحَدِهِمَا تَعْدِلُ قِيمَةَ ثُلُثِهِ مَعَ الْآخَرِ فَلَا إجْبَارَ فِيهَا لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا وَلِعَدَمِ زَوَالِ الشَّرِكَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي الْأَخِيرَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَنْقُولَاتِ نَوْعٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَبِيدٍ وَثِيَابٍ مِنْ نَوْعٍ. .

(وَ) يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ أَيْضًا (فِي نَحْوِ دَكَاكِينَ صِغَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ) مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ كُلٌّ مِنْهَا الْقِسْمَةَ (أَعْيَانًا إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ) بِهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّكَاكِينِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ غَيْرِ الْمَوْصُوفَةِ بِمَا ذَكَرَ فَلَا إجْبَارَ فِيهَا وَإِنْ تَلَاصَقَتْ الْكِبَارُ وَاسْتَوَتْ قِيمَتُهَا لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ وَالْأَبْنِيَةِ كَالْجِنْسَيْنِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ طُلِبَتْ قِسْمَةُ الْكِبَارِ غَيْرَ أَعْيَانٍ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ، وَذِكْرُ حُكْمِ نَحْوِ الدَّكَاكِينِ الصِّغَارِ مِنْ زِيَادَتِي بَلْ كَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيهَا وَتَقْيِيدُ الْحُكْمِ فِي الْمَنْقُولَاتِ بِزَوَالِ الشَّرِكَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي. .

(الثَّالِثُ) الْقِسْمَةُ (بِالرَّدِّ) بِأَنْ يُحْتَاجَ فِي الْقِسْمَةِ إلَى رَدِّ مَالِ أَجْنَبِيٍّ (كَأَنْ يَكُونَ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) مِنْ الْأَرْضِ (نَحْوُ بِئْرٍ) كَشَجَرٍ وَبَيْتٍ (لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ) وَلَيْسَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَا يُعَادِلُهُ إلَّا بِضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ (فَيَرُدُّ آخِذُهُ) بِالْقِسْمَةِ الَّتِي أَخْرَجَتْهَا الْقُرْعَةُ (قِسْطَ قِيمَتِهِ) أَيْ: قِيمَةِ نَحْوِ الْبِئْرِ فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَلَهُ النِّصْفُ رَدَّ خَمْسَمِائَةٍ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ بِئْرٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبِئْرٍ وَشَجَرٍ (وَلَا إجْبَارَ فِيهِ) أَيْ: فِي هَذَا النَّوْعِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكًا؛ لِمَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ فَكَانَ كَغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ (وَشُرِطَ لِمَا) أَيْ: لِقِسْمَةِ مَا (قُسِمَ بِتَرَاضٍ) مِنْ قِسْمَةِ رَدٍّ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ بِقَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا بِقُرْعَةٍ (رِضًا) بِهَا (بَعْدَ) خُرُوجِ (قُرْعَةٍ) ، أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبِيعُ وَالْبَيْعُ لَا يَحْصُلُ بِالْقُرْعَةِ فَافْتَقَرَ إلَى الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِهَا كَقَبْلَهُ.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا فَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ (كَ) قَوْلِهِ: مَا (رَضِينَا) بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ أَوْ بِهَذَا أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ فَإِنْ لَمْ يُحْكِمَا الْقُرْعَةَ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ) فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى النَّوْعِ وَقَوْلُهُ: مُتَقَوِّمَةٍ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِمَنْقُولَاتٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي بِخِلَافِ مَنْقُولَاتِ نَوْعٍ اخْتَلَفَ وَصَرَّحَ بِهِ الْأُجْهُورِيُّ عَلَى خ ط. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَرْبَعَةُ قُيُودٍ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّارِحُ مَفْهُومَ الثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مُتَقَوِّمَةٍ فَخَرَجَ بِهِ الْمِثْلِيَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْقُولَاتِ أَنْوَاعٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْأَجْنَاسَ بِدَلِيلِ الْمِثَالِ الثَّانِي.

. (قَوْلُهُ: عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ) اُنْظُرْ لِمَ خَصَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ قِسْمَةُ الْإِفْرَازِ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الدَّكَاكِينَ إنْ كَانَتْ مُسْتَوِيَةَ الْقِيمَةِ فَإِفْرَازٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِيهَا بِسَبَبِ بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ فَتَعْدِيلٌ. (قَوْلُهُ: أَعْيَانًا) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: قِسْمَةً أَعْيَانًا بِأَنْ طَلَبَ الشُّرَكَاءُ جَعْلَ حِصَصِهِمْ دَكَاكِينَ صِحَاحًا فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ أَعْيَانٍ بِأَنْ طَلَبُوا قِسْمَةَ كُلِّ دُكَّانٍ نِصْفَيْنِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ أَعْيَانًا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ وَقَالَ ح ف أَعْيَانًا بِأَنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ الِاسْتِقْلَالَ بِأَعْيَانٍ أَيْ: بِأَفْرَادٍ مِنْهَا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ ح ل أَعْيَانًا أَيْ: مُسْتَوِيَةَ الْقِيمَةِ اهـ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ م ر وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي دَكَاكِينَ صِغَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ مُسْتَوِيَةِ الْقِيمَةٍ لَا يَحْتَمِلُ أَحَدُهَا الْقِسْمَةَ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةً أَعْيَانًا. أُجِيبَ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ: مُتَلَاصِقَةٍ، أَوْ أَعْيَانًا (قَوْلُهُ فِيهَا) وَالْقَاطِعُ لِلنِّزَاعِ بَيْعُ الْجَمِيعِ وَقَسْمُ ثَمَنِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّكَاكِينِ الْمُتَبَاعِدَةِ دُونَ الْمُتَلَاصِقَةِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمَحَالِّ الَّتِي هِيَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: اخْتِلَافُ الْغَرَضِ فِيهَا بِاخْتِلَافِ أَبْنِيَتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْأَبْنِيَةُ وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا يَأْتِي فِي الصِّغَارِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ: فِي قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَدَارٌ مُتَّفِقَةُ الْأَبْنِيَةِ إلَخْ ع ن وس ل. (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَعْيَانٍ) بِأَنْ يُقْسَمَ كُلٌّ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْحُكْمِ فِي الْمَنْقُولَاتِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ زِيَادَتِهِ؟ ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ فِيمَا بَعْدُ فَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ رَاجِعٌ إلَيْهِ أَيْضًا فَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ سَابِقًا إنْ زَالَتْ الشَّرِكَةُ بِالْقِسْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي.

[الثَّالِثُ الْقِسْمَةُ بِالرَّدِّ]
. (قَوْلُهُ: لِمَا قُسِمَ بِتَرَاضٍ) بِأَنْ كَانَ الرِّضَا شَرْطًا وَهُوَ قِسْمَةُ الرَّدِّ أَمْ لَا وَهُوَ غَيْرُهَا ع ن وس ل كَبَعْضِ أَنْوَاعِ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ أَيْ: فِيمَا إذَا أَمْكَنَ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ إلَخْ، وَكَذَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ امْتِنَاعٌ بِأَنْ اقْتَسَمَا بِاخْتِيَارِهِمَا مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ قِسْمَةِ رَدٍّ وَغَيْرِهَا) مِنْ تَعْدِيلٍ وَإِفْرَازٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا قُسِمَتْ بِتَرَاضٍ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا إجْبَارٌ سم (قَوْلُهُ رِضًا بِهَا) أَيْ: بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَوَجَبَ أَنْ يُنَاطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا) وَهُوَ قِسْمَةُ الْإِفْرَازِ إذَا قُسِمَتْ بِالتَّرَاضِي ح ل. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِمَا إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا صَارَ.

(4/372)


أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالْآخَرُ الْآخَرَ أَوْ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالْآخَرُ النَّفِيسَ وَيَرُدَّ زَائِدَ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرَاضٍ ثَانٍ، أَمَّا قِسْمَةُ مَا قُسِمَ إجْبَارًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الرِّضَا لَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ بِالنَّظَرِ لِقِسْمَةِ غَيْرِ الرَّدِّ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ فِيهَا (وَ) النَّوْعُ (الْأَوَّلُ إفْرَازٌ) لِلْحَقِّ لَا بَيْعٌ قَالُوا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَلَمَا جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إفْرَازًا أَنَّ الْقِسْمَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ مِلْكَهُ، وَقِيلَ هُوَ بَيْعٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ، إفْرَازٌ فِيمَا كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ لِلْحَاجَةِ وَبِهَذَا جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهَا لَهُ فِي بَابَيْ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ وَالرِّبَا (وَغَيْرُهُ) مِنْ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ (بَيْعٌ) وَإِنْ أُجْبِرَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِبَعْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا الْإِجْبَارُ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَ الْمَدِينِ جَبْرًا.
(وَلَوْ ثَبَتَ بِحَاجَةٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: بِبَيِّنَةٍ (غَلَطٌ) فَاحِشٌ أَوْ غَيْرُهُ (أَوْ حَيْفٌ فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ أَوْ قِسْمَةِ تَرَاضٍ) بِأَنْ نَصَبَا لَهُمَا قَاسِمًا أَوْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَرَضِيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ (هِيَ بِالْأَجْزَاءِ نُقِضَتْ) أَيْ: الْقِسْمَةُ بِنَوْعَيْهَا كَمَا لَوْ قَامَتْ حُجَّةٌ بِجَوْرِ الْقَاضِي أَوْ كَذِبِ شُهُودٍ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ إفْرَازٌ وَلَا إفْرَازَ مَعَ التَّفَاوُتِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِالْأَجْزَاءِ بِأَنْ كَانَتْ بِالتَّعْدِيلِ أَوْ الرَّدِّ لَمْ تُنْقَضْ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَلَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ وَالْحَيْفِ فِيهِ كَمَا لَا أَثَرَ لِلْغَبْنِ فِيهِ لِرِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِتَرْكِهِ (وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ) ذَلِكَ وَبَيَّنَ الْمُدَّعِي قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ (فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ) كَنَظَائِرِهِ وَلَا يَحْلِفُ الْقَاسِمُ الَّذِي نَصَبَهُ الْحَاكِمُ كَمَا لَا يَحْلِفُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْ. .

(وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ مَقْسُومٍ مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ سَوَاءٌ) بِأَنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِهِ أَوْ أَصَابَ مِنْهُ أَكْثَرَ (بَطَلَتْ) أَيْ: الْقِسْمَةُ لِاحْتِيَاجِ أَحَدِهِمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا سَوَاءٌ (بَطَلَتْ فِيهِ) لَا فِي الْبَاقِي تَفْرِيقًا لِلْفِقْهِ [خَاتِمَةٌ] لَوْ تَرَافَعُوا إلَى قَاضٍ فِي قِسْمَةِ مِلْكٍ بِلَا بَيِّنَةٍ بِهِ لَمْ يُجِبْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ وَقِيلَ يُجِيبُهُمْ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إلَيْهِ قَبْلَ رِضَاهُ ع ن. (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرَاضٍ) وَيَمْتَنِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ قِسْمَةٍ أُخْرَى وَيَتَعَيَّنُ لَهُ مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا قُسِمَ إجْبَارًا) وَذَلِكَ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ وَالتَّعْدِيلِ ح ل كَالْحُبُوبِ وَمَنْقُولَاتِ نَوْعٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَالُوا لِأَنَّهَا إلَخْ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ بَيْعٌ وَقَالُوا بِدُخُولِ الْإِجْبَارِ فِيهَا ع ن وَأَيْضًا لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجْبَارِ بَلْ قَدْ يُجَامِعُهُ كَمَا فِي إجْبَارِ الْحَاكِمِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْبَيْعِ وَتَوْفِيَةِ الدَّيْنِ عَبْدُ الْبَرِّ فَالْمُلَازَمَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَمْنُوعَةٌ. (قَوْلُهُ: كَانَ مِلْكَهُ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ لَهُ لَمْ يَكُنْ مِلْكَهُ بَلْ مِلْكُهُ شَائِعٌ فِي الْجَمِيعِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر إفْرَازٌ لِلْحَقِّ أَيْ: يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ كَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ بَيْعٌ إلَخْ) يُعَيَّنُ أَنَّهُ بَيْعٌ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِنَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ بِيعَ لِنَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ كَانَ أَوْضَحَ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْعِ الشِّرَاءُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا دَخَلَهَا) أَيْ: عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ بَيْعٌ) أَيْ: فِي الْمَعْنَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ إلَخْ فَطَابَقَ الدَّلِيلُ الْمُدَّعَى. (قَوْلُهُ: قَالُوا لِأَنَّهُ إلَخْ) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَجْرِي فِي الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَأَيْضًا قَوْلُهُ كَأَنَّهُ إلَخْ لَا يُنْتِجُ أَنَّهُ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ بَاعَ إلَخْ) وَلَمْ يَقُلْ بِالتَّبَيُّنِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْإِفْرَازِ لِلتَّوَقُّفِ هُنَا عَلَى التَّقْوِيمِ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بَيِّنَةٍ) لِشُمُولِهِ الْإِقْرَارَ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِي هُنَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ وَلَا الرَّجُلُ وَالْيَمِينُ س ل وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ م ر ع ن.
(قَوْلُهُ بِتَرْكِهِ) أَيْ: الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ) كَانَ الْأَنْسَبُ التَّفْرِيعَ.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَحَقَّ إلَخْ) أَمَّا لَوْ بَانَ فَسَادُ الْقِسْمَةِ وَقَدْ أَنْفَقَ أَوْ زَرَعَ أَوْ بَنَى أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا جَرَى هُنَا مَا مَرَّ فِيمَا إذَا بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنْ الْأَقْرَبُ هُنَا عَدَمُ لُزُومِ كُلِّ شَرِيكٍ زَائِدٍ عَلَى مَا يَخُصُّ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْشِ نَحْوِ الْقَلْعِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ أَيْ: مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ بِالنَّفَقَةِ وَالْقَلْعِ مَجَّانًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ سَوَاءٌ) أَيْ: لَيْسَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَصَابَ) أَيْ: أَوْ عَمَّمَهُمَا لَكِنَّهُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَمَّا إذَا أَقَامُوهَا وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَيُجِيبُهُمْ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقَامُ وَتُسْمَعُ عَلَى خَصْمٍ وَلَا خَصْمَ هُنَا. وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ فَقَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لِيَحْكُمَ لَهُمْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ ابْنُ كج وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُشْرَعُ حَيْثُ يَكُونُ خَصْمٌ لِتُرَدَّ عَلَيْهِ لَوْ حَصَلَ نُكُولٌ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ ز ي. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُمْ) أَيْ: لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُمْ شَوْبَرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَإِذَا قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ بِقَسْمَةِ الْقَاضِي وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ

(4/373)