فتوحات
الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل (بَابُ صِفَةِ) أَيْ: كَيْفِيَّةِ
(الصَّلَاةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِيهِ الْمِحْرَابُ الْمُعْتَمَدُ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَغَيَّرَ
اجْتِهَادُهُ) أَيْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ فِيهَا (وَقَوْلُهُ
عَمِلَ بِالثَّانِي) مَحَلُّهُ إنْ كَانَ فِيهَا إذَا تَرَجَّحَ الثَّانِي
وَإِلَّا اسْتَمَرَّ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ
الْبَغَوِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ
كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَمَا هُنَا تَصْحِيحَ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَلَوْ
مَعَ التَّسَاوِي كَمَا لَوْ فَرَضَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي
الصَّلَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَمِلَ بِالثَّانِي) وَلَا إعَادَةَ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا
جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ جَمَاعَةً
مَكَثُوا يُصَلُّونَ فِي قَرْيَةٍ إلَى مِحْرَابٍ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً
ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ شَخْصٌ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ فِي الْقِبْلَةِ
انْحِرَافًا كَثِيرًا فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ مَا صَلَّوْهُ فِي
الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ أَمْ لَا وَهُوَ أَنَّهُمْ إنْ تَيَقَّنُوا
الْخَطَأَ فِي وَضْعِ الْمِحْرَابِ الَّذِي كَانُوا يُصَلُّونَ إلَيْهِ
وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِكُلِّ مَا صَلَّوْهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ
يَتَيَقَّنُوا ذَلِكَ وَلَا ظَنُّوا خِلَافَهُ فَلَا إعَادَةَ لِشَيْءٍ
مِمَّا صَلَّوْهُ وَيَسْتَمِرُّونَ عَلَى حَالِهِمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ
مِنْ تَطَاوُلِ الْأَيَّامِ مَعَ كَثْرَةِ الطَّارِقِينَ لِلْمَحَلِّ
أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ وَأَنَّ الْمُخْبِرَ لَهُمْ هُوَ الْمُخْطِئُ،
وَإِنْ تَرَجَّحَ بِدَلِيلٍ غَيْرِ قَطْعِيٍّ كَإِخْبَارِ مَنْ يُوثَقُ
بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَمِلُوا بِالثَّانِي وَلَا إعَادَةَ لِمَا
صَلُّوهُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ ع ش
عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ لِمَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ) مِنْ
جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ
لِجِهَةٍ إلَّا إذَا كَانَ دَلِيلُهَا أَرْجَحَ وَأَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ
بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ وَاسْتِمْرَارُ صِحَّتِهَا إذَا ظَنَّ
الصَّوَابَ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُظَنَّ
الصَّوَابَ مُقَارِنًا بَطَلَتْ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى
قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْهَا إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ:
فَلَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا
إعَادَةَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْتَهِدُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ
لَهُ ذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً) أَيْ وَلَا
جِهَةً وَقَوْلُهُ وَلَا فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ جِهَةً أَيْ وَلَهُ
أَنْ يَجْتَهِدَ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً.
وَالْمُرَادُ بِمِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- مَا ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى إلَيْهِ وَلَوْ بِالْآحَادِ اهـ خَضِرٌ لَا
الْمِحْرَابُ الْمَعْرُوفُ الْآنَ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ
اهـ شَرْحُ م ر. وَفِي الْمِصْبَاحِ الْيَسَارُ بِالْفَتْحِ الْجِهَةُ
وَالْيَسْرَةُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا مِثْلُهُ وَقَعَدَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً
وَيَمِينًا وَيَسَارًا وَفِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَالْيُمْنَى
وَالْيُسْرَى وَالْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي
مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الْمَوْثُوقِ بِهَا بِأَنْ نَشَأَ بِهَا
قُرُونٌ أَيْ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَسَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ؛
لِأَنَّ الْغَالِبَ نَصْبُهَا بِحَضْرَةِ جَمْعٍ عَارِفِينَ بِسِمَةِ
الْكَوَاكِبِ وَالْأَدِلَّةِ، وَخَرَجَ بِالْمَوْثُوقِ بِهَا مَحَارِيبُ
قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَمْ يَنْشَأْ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ
خَرِبَةٌ لَا يَدْرِي بَانِيهَا أَوْ طَرِيقٌ لَمْ يَكُنْ مُرُورُ النَّاسِ
بِهِ أَكْثَرُ وَمَحَارِيبُ طُعِنَ فِيهَا كَمَحَارِيبِ الْقَرَافَةِ
وَنَحْوِهَا وَأَرْيَافِ مِصْرَ فَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهَا وَمِحْرَابُ
الْجَامِعِ الطُّولُونِيِّ مُنْحَرِفٌ جِدًّا وَقَوْلُهُ جِهَةً أَيْ
وَيَجْتَهِدُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً لِاسْتِحَالَةِ الْخَطَإِ فِي الْجِهَةَ
دُونَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ الصَّوَابَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ
الِاجْتِهَادُ وَلَوْ فِي نَحْوِ قِبْلَةِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ
وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالشَّامِ وَجَامِعِ مِصْرَ الْعَتِيقِ الْمُسَمَّى
بِجَامِعِ عَمْرٍو جَائِزًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْصِبُوهَا إلَّا عَنْ
اجْتِهَادٍ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِعَدَمِ انْحِرَافٍ، وَإِنْ
قَلَّ.
(فَائِدَةٌ) قِيلَ إنَّ نَاصِبَ قِبْلَةِ الْبَصْرَةِ عُتْبَةُ بْنُ
غَزْوَانَ بِالْغَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَنَاصِبَ قِبْلَةِ
الْكُوفَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَنَاصِبَ قِبْلَةِ مِصْرَ عَمْرُو
بْنُ الْعَاصِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: جِهَةً) أَيْ وَيَجْتَهِدُ
فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً أَيْ يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ كَمَا صَرَّحَ
بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ قَالَ لَا قَائِلَ بِالْوُجُوبِ، وَقَالَ
السُّبْكِيُّ يَجِبُ، وَفِي الْخَادِمِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَجْتَهِدْ
أَمَّا لَوْ اجْتَهَدَ فَظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ ظَنًّا أَوْ قَطْعًا فَلَا
يَسُوغُ لَهُ التَّقْلِيدُ قَطْعًا أَيْ تَقْلِيدُ تِلْكَ الْمَحَارِيبِ
اهـ سم.
[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُرَكَّبَاتِ وَكُلُّ مُرَكَّبٍ
لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَلٍ أَرْبَعٍ يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ بِهَا: عِلَّةٍ
مَادِّيَّةٍ وَفَاعِلِيَّةٍ وَغَائَيَّةٍ وَصُورِيَّةٍ، وَالْمُرَادُ
بِالْكَيْفِيَّةِ هُنَا الْعِلَّةُ الصُّورِيَّةُ أَيْ: الْهَيْئَةُ
الْخَارِجِيَّةُ فَتَكُونُ إضَافَةُ الصِّفَةِ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ
إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى كُلِّهِ إذْ الصَّلَاةُ كُلٌّ كَمَا عَلِمْت
وَبَعْدَ ذَلِكَ يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةَ فِي
الْبَابِ بَلْ بَيَّنَ مَا تَنْشَأُ عَنْهُ وَهُوَ الْعِلَّةُ
الْمَادِّيَّةُ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ وَيُقَالُ بَابُ مُلَابَسَاتِ صِفَةِ
الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُلَابَسَاتُ أَعَمَّ مِنْ الْأَجْزَاءِ
وَالْمُرَادُ ذَلِكَ الْأَعَمُّ فَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ تِلْكَ
الْكَيْفِيَّةُ تَشْتَمِلُ أَيْ تُلَابِسُ فَالْمُرَادُ بِالِاشْتِمَالِ
الْمُلَابَسَةُ وَالتَّعَلُّقُ اهـ. شَيْخُنَا، وَالصِّفَةُ مَصْدَرُ
وَصَفْت الشَّيْءَ صِفَةً وَوَصْفًا إذَا كَشَفْت وَأَجْلَيْت شَأْنَهُ
قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصْفِ وَالصِّفَةِ لُغَةً وَالْمُتَكَلِّمُونَ
فَرَّقُوا فَجَعَلُوا الْوَصْفَ مَا قَامَ بِالْوَاصِفِ وَالصِّفَةَ مَا
قَامَ بِالْمَوْصُوفِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْهُمَامِ ثُبُوتَ
(1/327)
وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ تُسَمَّى
أَرْكَانَهَا وَعَلَى سُنَنٍ يُسَمَّى مَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ مِنْهَا
بَعْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هَذَا الْفَرْقِ لُغَةً أَيْضًا؛ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَصْفَ مَصْدَرُ
وَصَفَهُ إذَا ذَكَرَ مَا فِيهِ وَالصِّفَةُ هِيَ مَا فِيهِ وَلَا يُنْكَرُ
أَنْ يُطْلَقَ الْوَصْفُ وَيُرَادَ بِهِ الصِّفَةُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ
قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ
التَّخْصِيصُ؛ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرٌ يَصِحُّ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ
الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ عَلَى أَنَّهُ لَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ
وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى الْكَيْفِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى فَرْضٍ
وَسُنَّةٍ لِاشْتِمَالِ الْبَابِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ
بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ
لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْفِعْلِيَّةُ الصَّادِقَةُ عَلَى
الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهَوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ
الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَتَدَبَّرْ وَكَتَبَ أَيْضًا
تُطْلَقُ الصِّفَةُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَعَلَى الْأَمْرِ الْقَائِمِ
بِالذَّاتِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِانْفِكَاكَ وَعَلَى الَّذِي يَقْبَلُهُ
وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ اهـ. غَزِّيٌّ.
مِثَالُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَاَلَّذِي
يَقْبَلُ كَالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ نَحْوَ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا
عَرَضٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا الصِّفَةُ تُطْلَقُ بِمَعَانٍ مِنْهَا
الْمُشْتَقُّ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّحْوِيِّينَ الصِّفَةُ مَا دَلَّ عَلَى
ذَاتٍ مُبْهَمَةٍ بِاعْتِبَارِ حَدَثٍ مُعَيَّنٍ، وَمِنْهَا النَّعْتُ،
وَمِنْهَا الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالذَّاتِ، وَمِنْهَا الْمَعْنَى
الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ فَلِهَذَا قَالَ أَيْ: كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
وَفَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ اسْمٌ لِمَا
زَادَ عَلَى الشَّيْءِ كَالْبَيَاضِ وَالْكَيْفِيَّةُ أَعَمُّ اهـ
شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ أَيْ كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عِبَارَةُ
الْإِسْنَوِيِّ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا الْكَيْفِيَّةُ انْتَهَتْ اهـ
عَمِيرَةُ. أَقُولُ غَرَضُهُ مِنْ سَوْقِهَا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ
تَفْسِيرَهَا بِالْكَيْفِيَّةِ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِنَّمَا فَسَّرَهَا
بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ إمَّا مِنْ قَبِيلِ الْكَمِّ
وَإِمَّا مِنْ قَبِيلِ الْكَيْفِ كَالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ
الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ فَاخْتَارَ كَالشَّارِحِ الثَّانِيَ، وَقَدْ
يُقَالُ: لَوْ عَمَّمَهَا الْمُصَنِّفُ فِي قِسْمَيْهَا فَقَالَ أَيْ:
كَيْفِيَّتِهَا وَكَمِيَّتِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ؛ لِأَنَّهُ عَدَدُ
أَرْكَانِهَا أَيْضًا وَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّوْطِئَةِ لِذِكْرِ
الْعَدَدِ بِقَوْلِهِ وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ إلَخْ. إلَّا أَنْ
يُقَالَ اقْتَصَرَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْمُعْظَمُ وَمَا
عَدَاهَا فَذَكَرَهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَا الْقَصْدِ الذَّاتِيِّ
وَفِيهِ بُعْدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.
ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا
نَصُّهُ قَوْلُهُ: صِفَةُ الصَّلَاةِ قَالَ: الْأَكْمَلُ الصِّفَةُ
وَالْوَصْفُ مُتَرَادِفَانِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْهَاءُ عِوَضٌ
عَنْ الْوَاوِ كَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ
الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ أَيْ: فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ صِفَةُ
الصَّلَاةِ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ لِلصَّلَاةِ بِأَرْكَانِهَا
وَعَوَارِضِهَا قَالَ شَيْخُنَا الْغُنَيْمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى -: وَالْإِضَافَةُ شِبْهُ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى الْكُلِّ؛
لِأَنَّ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ كَالْجُزْءِ مِنْهَا كَحُمْرَةِ الْوَرْدِ
وَعِنْدِي فِيهِ شُبْهَةٌ وَهِيَ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ
الْمَقْصُودُ بِالذِّكْرِ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ لَا نَفْسَهَا مَعَ أَنَّ
الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ
مَاهِيَّةُ الصَّلَاةِ وَمِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ
الْمَاهِيَّةَ أَعَمُّ فِي نَفْسِهَا مِنْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ
وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِمْ شَجَرُ أَرَاكٍ وَرُبَّمَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ
عَلَى هَذِهِ الْإِضَافَةِ أَنَّهَا إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ
مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكَافِيَةِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ
فِيهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ
وَجْهٍ ثُمَّ رَأَيْت السُّيُوطِيّ ذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ
لَيْسَتْ بَيَانِيَّةً وَلَا عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفٍ، وَلَا مَحْضَةً بَلْ
هِيَ إمَّا غَيْرُ مَحْضَةٍ أَوْ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْمَحْضَةِ
وَغَيْرِهَا، وَإِضَافَةُ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ
إلَى مُرَادِفِهِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَالْكَيْفِيَّةَ
غَيْرُ الْمُكَيَّفِ اهـ مُلَخَّصًا وَفِيهِ بَحْثٌ لِشَيْخِنَا
فَلْيُرَاجَعْ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا عج.
(قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْكَيْفِيَّةُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ
لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ حَقِيقَةً لِلْأَرْكَانِ خَاصَّةً وَلِهَذَا
لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَفَاهُ وَكَانَتْ صَلَاةً حَقِيقَةً اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَهِيَ تَشْتَمِلُ إلَخْ) يَشْكُلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
الْآتِي وَعَلَى شُرُوطٍ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَيْسَتْ جُزْءًا، وَيُجَابُ
بِأَنَّهُ تَجُوزُ بِالِاشْتِمَالِ عَلَى التَّعَلُّقِ وَذَلِكَ يَسْتَوِي
فِيهِ الرُّكْنُ وَالشَّرْطُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيَتَعَلَّقُ بِهَا
أُمُورٌ بَعْضُهَا يُسَمَّى أَرْكَانًا إلَخْ أَوْ يُقَالُ: إنَّ هَيْئَةَ
الشَّيْءِ قَدْ تُسَمَّى جُزْءًا مِنْهُ كَالتَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى
جُزْءًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَبِهِ تَشْتَمِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى وَاجِبٍ وَيَنْقَسِمُ لِدَاخِلٍ فِي مَاهِيَّتِهَا
وَيُسَمَّى رُكْنًا وَلِخَارِجٍ عَنْهَا وَيُسَمَّى شَرْطًا وَسَيَأْتِي
فِي الْبَابِ الْآتِي، وَعَلَى مَنْدُوبٍ وَيَنْقَسِمُ أَيْضًا لِمَا
يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَيُسَمَّى بَعْضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهِ
بِالْجَبْرِ لِشَبَهِهِ بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ
السَّهْوِ وَلِمَا لَا يُجْبَرُ وَيُسَمَّى هَيْئَةً وَهُوَ مَا عَدَا
الْأَبْعَاضِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ أَيْ: عَنْ هَذَا التَّفْصِيلِ
بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَيُقَالُ مَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ إنْ وَجَبَ لَهَا
فَشَرْطٌ أَوْ فِيهَا فَرُكْنٌ أَوْ سُنَّ وَجُبِرَ فَبَعْضٌ وَإِلَّا
فَهَيْئَةٌ وَشُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ
وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ وَالْهَيْئَاتُ
كَشَعْرِهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَشُبِّهَتْ الصَّلَاةُ إلَخْ هَذِهِ
(1/328)
وَمَا لَا يُجْبَرُ هَيْئَةً وَعَلَى
شُرُوطٍ تَأْتِي فِي بَابِهَا.
(أَرْكَانُهَا) ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي
مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ هَيْئَةً تَابِعَةً لِلرُّكْنِ وَفِي
الرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا
أَرْكَانًا وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي رُكْنًا
عَلَى قِيَاسِ عَدِّ الصَّائِمِ وَالْعَاقِدِ فِي الصَّوْمِ وَالْبَيْعِ
رُكْنَيْنِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَحَدُهَا.
(نِيَّةٌ) لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
حِكْمَةٌ لِتَقْسِيمِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إلَى
الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَعْنِي م ر فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ الرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا
بُدَّ مِنْهُ وَيُفَارِقُهُ بِمَا مَرَّ أَيْ: مِنْ أَنَّ الرُّكْنَ
دَاخِلٌ فِيهَا وَالشَّرْطَ خَارِجٌ عَنْهَا، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَا
اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ
وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَرِدُ
الِاسْتِقْبَالُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَاصِلًا فِي الْقِيَامِ
وَالْقُعُودِ حَقِيقَةً هُوَ حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا عُرْفًا مَعَ أَنَّهُ
بِبَعْضٍ مُقَدَّمُ الْبَدَنِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا وَشَمِلَ هَذَا
التَّعْرِيفُ الْمَتْرُوكَ كَتَرْكِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَا فِي
الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَكِنْ صَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُمَا
مُبْطِلَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى شُرُوطٍ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ لَوْ أَرَادَ
بِالصِّفَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الشَّرْطَ لَتَرْجَمَ لِلشُّرُوطِ بِفَصْلٍ
أَوْ نَحْوِهِ وَلَمَّا تَرْجَمَ لَهُ بِبَابٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ
كَوْنَ الشَّرْطِ الْخَارِجِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ مِنْ جُمْلَةِ
الْكَيْفِيَّةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ تَأْتِي فِي بَابِهَا) وَهِيَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَاسْتِقْبَالُ
الْقِبْلَةِ وَالسَّتْرُ وَالطَّهَارَتَانِ وَيُضَافُ إلَيْهَا سَادِسٌ
وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَسَابِعٌ وَهُوَ مَعْرِفَةُ فَرْضِهَا مِنْ نَفْلِهَا
عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ
وَالشَّرْحِ أَنَّهَا تِسْعَةٌ مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ وَالتَّوَجُّهُ
وَالسَّتْرُ وَالْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهَا وَطُهْرُ حَدَثٍ وَطُهْرُ نَجَسٍ
وَتَرْكُ نُطْقٍ وَتَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَتَرْكُ مُفْطِرٍ
اهـ.
(قَوْلُهُ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ إلَخْ) لَعَلَّ هَذِهِ الْبَاءَ
سَبَبِيَّةٌ.
وَعِبَارَةُ حَجّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ إلَخْ انْتَهَتْ
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَقَوْلُهُ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ
الرُّكُوعُ وَالِاعْتِدَالُ وَالسُّجُودُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ. مُتَعَلِّقٌ
بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَجَعَلَهَا فِي الرَّوْضَةِ أَوْ وَعَدَّهَا فِي
الرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ إلَخْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ لِلرُّكْنِ) أَيْ: فِي الْوُجُوبِ اهـ
شَيْخُنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ
عَنْ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ أَيْ: لِأَنَّ
كُلًّا يُوجِبُ الْإِتْيَانَ بِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي
السُّجُودِ فِي طُمَأْنِينَةِ الِاعْتِدَالِ مَثَلًا وَجَبَ التَّدَارُكُ
بِأَنْ يَعُودَ لِلِاعْتِدَالِ فَوْرًا وَيَطْمَئِنَّ فِيهِ، وَإِنْ
قُلْنَا: إنَّهَا هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ
وُجُوبِ التَّدَارُكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ
وَبِوُجُوبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا هَيْئَةٌ غَيْرُ تَابِعَةٍ بَلْ
مَقْصُودَةٌ وَبُنِيَ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُ الْخِلَافِ مَعْنَوِيًّا وَقَاسَ
ذَلِكَ عَلَى الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ
مِنْ قِرَاءَتِهَا وَفِيهَا مِنْ أَصْلِهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ حَيْثُ
يُؤَثِّرُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَرَدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَ
الطُّمَأْنِينَةِ وَبَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا
الشَّكَّ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حُرُوفَ
الْفَاتِحَةِ لَيْسَتْ صِفَةً تَابِعَةً لِلْمَوْصُوفِ كَالطُّمَأْنِينَةِ
بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْجُزْءُ لَيْسَ تَابِعًا
لِلْكُلِّ، وَقَدْ يُقَالُ: كَانَ الْقِيَاسُ تَنْزِيلَ الْهَيْئَةِ
مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ بِالْأَوْلَى اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِعَدِّ الْمُصَلِّي رُكْنًا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ
يُقَالُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفَاعِلَ إنَّمَا
جُعِلَ رُكْنًا فِي الْبَيْعِ نَظَرًا لِلْعَقْدِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُودَهُ
عَلَيْهِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا
شَرْطَانِ؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ عَنْهُ وَفِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ
مَاهِيَّتَه غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ وَإِنَّمَا تُتَعَقَّلُ
بِتَعَقُّلِ الْفَاعِلِ فَجُعِلَ رُكْنًا لِتَكُونَ تَابِعَةً لَهُ
بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةُ تُوجَدُ خَارِجًا فَلَمْ يَحْتَجْ لِلنَّظَرِ
لِفَاعِلِهَا اهـ شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ التَّحْقِيقُ
إلَخْ. كَذَا فِي حَجّ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: قِيَاسٌ عَدَّهُ شَرْطًا ثُمَّ
عَدَّهُ هُنَا شَرْطًا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ قُلْت: الشَّرْطُ هُنَا
غَيْرُهُ ثُمَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ
مَاهِيَّتَه غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ مِثْلُهُ فِي ابْنِ حَجَرٍ
قَالَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛
لِأَنَّ مَاهِيَّةَ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ الْمَخْصُوصُ بِمَعْنَى كَفِّ
النَّفْسِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ وَالْكَفُّ الْمَذْكُورُ فِعْلٌ
كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَصْلِ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ كَمَا
صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا فِيهِ حَيْثُ قَالُوا: إذْ الْفِعْلُ الْمُكَلَّفُ
بِهِ الْفِعْلُ بِمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَمَثَّلُوهُ
بِالْهَيْئَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالصَّلَاةِ وَبِالْإِمْسَاكِ عَنْ
الْمُفْطِرَاتِ لَا بِمَعْنَى إيقَاعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ
اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ
الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ
وَشَرَحَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ
اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ) الَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ -
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»
وَهَذَا لَا يُنْتِجُ كَوْنَهَا رُكْنًا بِخُصُوصِهِ إنَّمَا يُنْتِجُ
كَوْنَ النِّيَّةِ وَاجِبَةً فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا كَوْنُهَا رُكْنًا
فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ قَالَ:
وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَوَّلُهَا فِي
جَمِيعِهَا فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا
انْتَهَتْ فَأَنْتَ تَرَاهُ قَدْ زَادَ قَوْلَهُ وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ
فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ إلَخْ لِأَجْلِ
(1/329)
وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ هُنَا وَفِي سَائِرِ
الْأَبْوَابِ.
(بِقَلْبٍ) فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ مَعَ غَفْلَتِهِ وَلَا يَضُرُّ
النُّطْقُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ كَأَنْ نَوَى الظُّهْرَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ
إلَى غَيْرِهَا.
(لِفِعْلِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ
بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ مَعَ
الْغَفْلَةِ عَنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَهِيَ هُنَا مَا
عَدَا النِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى.
(مَعَ تَعْيِينِ ذَاتِ وَقْتٍ أَوْ سَبَبٍ) كَصُبْحٍ وَسُنَّتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
إنْتَاجِ الرُّكْنِيَّةِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ بِقَلْبِ
مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ
قَوْلَهُ بِقَلْبٍ يَقْتَضِي أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ بِالْقَلْبِ،
وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَلْبِ؛
لِأَنَّهَا الْقَصْدُ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِقَلْبِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا
حَاجَةَ إلَيْهِ؛ إذْ النِّيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ
الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ بَيَانُ الْمَاهِيَّةِ وَأَيْضًا ذَكَرَهُ
لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِطُ اللَّفْظَ فِيهَا لَا يُقَالُ يُنَافِي
هَذَا جَعْلَ قَوْلِهِ فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ إلَخْ. مُفَرَّعًا
عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ مَعَ قَيْدِهِ
وَتَفْرِيعُهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ
وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ إلَخْ. مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَيْدِ وَحْدَهُ وَهُوَ
بَيِّنٌ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهَا) أَيْ: أَوْ تَعَمَّدَ
فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ وَمَا وَقَعَ قَبْلَ التَّحَرُّمِ
لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْبُطْلَانُ بِذِكْرِهِ اهـ ع ش
وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى
الْعَصْرِ وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَهُ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ وَقَصَدَ مَا
نَوَاهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِفِعْلِهَا) لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ
بَيَانِيَّةً لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا إلَخْ بَلْ هِيَ
مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى كُلِّهِ؛ إذْ الْفِعْلُ عِلَّةٌ مَادِّيَّةٌ
لِلصَّلَاةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُرَكَّبَاتِ
فَالْمُرَادُ إيقَاعُ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ وَتَحْصِيلُهَا فِي الْخَارِجِ
سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ يُوجَدُ
خَارِجُهَا كَالْقِيَامِ أَوْ لَا؟ يُوجَدُ كَالرُّكُوعِ، وَالْمُرَادُ
أَنَّهُ يَنْوِي هَذَا الْفِعْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَلَاةٌ فَقَوْلُهُ
بَعْدُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ فِعْلِهَا أَيْ عَنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهَا
صَلَاةً وَإِنْ لَمْ يَغْفُلْ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ. هَذَا هُوَ
الْمُرَادُ انْتَهَى شَيْخُنَا، فَإِنْ قُلْت النِّيَّةُ مُشْتَمِلَةٌ
عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ
فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِفِعْلِهَا وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ جَرَّدَ
النِّيَّةَ عَنْ بَعْضِ مَعْنَاهَا وَهُوَ الْفِعْلُ اهـ شَيْخُنَا ح ف
أَيْ: وَأَرَادَ بِهَا مُطْلَقَ الْقَصْدِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لَا مَحَلَّ لَهَا؛
لِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ أَصْلَ النِّيَّةِ فِي النَّفْلِ فِيهِ خِلَافٌ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي نِيَّةِ
النَّفْلِيَّةِ اهـ ز ي اهـ ع ش وَمُرَادُهُ بِالنَّفْلِ مَا يَشْمَلُ
الْمُطْلَقَ وَغَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي
غَيْرِ السُّجُودِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُوجَدُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ إلَخْ) مِثْلُ
الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَنَحْوُهُمَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفِعْلِ وَأَنَّثَهُ
لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا
وَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ رَدٌّ لِمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إنَّ
النِّيَّةَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ شَرْطٌ؛ إذْ الرُّكْنُ مَا كَانَ دَاخِلَ
الْمَاهِيَّةِ وَبِفَرَاغِ النِّيَّةِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَجَوَابُهُ
أَنَّا نَتَبَيَّنُ بِفَرَاغِهَا دُخُولَهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا قَالَ
الرَّافِعِيُّ: وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً
عَنْهَا وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا وَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ
أُخْرَى قَالَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ رُكْنِيَّتُهَا وَلَا
يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَاهَا مِنْ
الْأَرْكَانِ أَيْ: لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ
وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا
قَالَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ
يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَالنِّيَّةِ
وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ
الصَّلَاةِ فَتُحَصِّلُ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ
فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا انْتَهَتْ.
(فَائِدَةٌ) الْعِبَادَاتُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ تَنْقَسِمُ
بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إلَى أَقْسَامٍ مِنْهَا
الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالزَّكَاةُ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ
خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ هُنَا فِي الزَّكَاةِ وَمِنْهَا
مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالْجُمُعَةُ
مِنْهَا وَمِنْهَا عَكْسُهُ وَهُوَ الصَّوْمُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ ثَمَّ خِلَافَهُ،
وَمِنْهَا عِبَادَةٌ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يَضُرُّ عَلَى
الصَّحِيحِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ فَإِذَا نَوَى فَرْضَهُ لَمْ يَكْفِ اهـ
شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى) وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ؛
لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَهَذَا لَا يَأْتِي إلَّا
إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَنْوِي كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ
لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: يَنْوِي الْمَجْمُوعَ أَيْ:
يُلَاحِظُ مَجْمُوعَ الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
فَيُمْكِنُ أَنْ تُنْوَى بِأَنْ تُلَاحَظَ مِنْ جُمْلَةِ أَفْعَالِ
الصَّلَاةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى أَيْ:
لَا تَجِبُ نِيَّتُهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُلَاحِظَ
النِّيَّةَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُلَاحِظَ أَنَّ
النِّيَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ
تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ تَصِيرُ
مُحَصِّلَةً لِنَفْسِهَا وَغَيْرِهَا كَالشَّاةِ مِنْ أَرْبَعِينَ تُزَكِّي
نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ أَيْ: مُلَاحَظَةُ
هَذَا الْقَدْرِ اهـ ح ل مَعَ إيضَاحٍ.
(قَوْلُهُ كَصُبْحٍ وَسُنَّتِهِ) هَذَانِ مِثَالَانِ
(1/330)
لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَا
تَكْفِي نِيَّةُ صَلَاةِ الْوَقْتِ.
(وَمَعَ نِيَّةِ فَرْضٍ فِيهِ) أَيْ: فِي الْفَرْضِ وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ
نَذْرًا لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ وَلِبَيَانِ حَقِيقَتِهِ فِي
الْأَصْلِ وَشَمِلَ ذَلِكَ الْمُعَادَةَ نَظَرًا لِأَصْلِهَا وَسَيَأْتِي
بَيَانُهَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَهُوَ
مَا صَحَّحَهُ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ فِي
الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ بَلْ صَوَّبَهُ قَالَ: إذْ
كَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ وَصَلَاتُهُ لَا تَقَعُ فَرْضًا وَيُؤْخَذُ
جَوَابُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِذَاتِ الْوَقْتِ وَمِثَالُ ذَاتِ السَّبَبِ كَالْكُسُوفِ وَمِنْ
الْأَوَّلِ سُنَّةُ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةُ أَوْ الْبَعْدِيَّةُ وَإِنْ
لَمْ يُلَاحِظْ الْمُؤَكَّدَةَ وَهُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُنْصَرِفٌ
إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ قَبْلَ الْقَبْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ
الْوَقْتَ لَا يُعَيَّنُ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ تَعْيِينُ عِيدِ الْفِطْرِ
لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِالْأَضْحَى وَلَوْ أَطْلَقَ فِي الْقَبْلِيَّةِ أَوْ
الْبَعْدِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْمُؤَكَّدَتَيْنِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَصُبْحٍ وَسُنَّتِهِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ
وَكُسُوفٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصُّبْحِ صَلَاةُ الْغَدَاةِ
أَوْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِصِدْقِهِمَا عَلَيْهَا وَفِي إجْزَاءِ نِيَّةِ
صَلَاةٍ يَثُوبُ فِي أَذَانِهَا أَوْ يَقْنُتُ فِيهَا أَبَدًا عَنْ نِيَّةِ
الصُّبْحِ تَرَدُّدٌ وَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ
نِيَّةَ صَلَاةٍ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لَهَا عِنْدَ تَوَفُّرِ شُرُوطٍ
مُعَيَّنَةٍ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا،
وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت أُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سُنَّةَ الصُّبْحِ
هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ الْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَقَوْلُهُ: سُنَّةَ
الصُّبْحِ، بَيَانٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ
لِلْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَجْرِ أَنَّهُ لِلْفَرْضِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا) وَهُوَ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ صَلَاةُ الْوَقْتِ) أَيْ الْمُطْلَقِ الصَّادِقِ بِكُلِّ
الْأَوْقَاتِ اهـ شَيْخُنَا.
1 -
(قَوْلُهُ أَوْ نَذْرًا) وَفِي الذَّخَائِرِ الِاكْتِفَاءُ فِي
الْمَنْذُورِ بِالنَّذْرِ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ
لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَجِبُ
إسْقَاطُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُصَلِّيَ الظُّهْرِ مَثَلًا إذَا قَصَدَ
فِعْلَهَا وَعَيَّنَهَا بِكَوْنِهَا ظُهْرًا تَمَيَّزَتْ بِذَلِكَ عَنْ
سَائِرِ النَّوَافِلِ بِحَيْثُ لَا تَصْدُقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَكَيْفَ
يُعَلِّلُ اشْتِرَاطَ الْفَرْضِيَّةِ مَعَ ذَلِكَ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ
النَّفْلِ؟ لَا يُقَالُ: مُرَادُهُ بِالنَّفْلِ الْمُعَادَةُ وَصَلَاةُ
الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ
إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي الْبِرْمَاوِيِّ،
ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا
التَّعْلِيلَ لِلصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ وَقَوْلُهُ وَلِبَيَانِ
حَقِيقَتِهِ تَعْلِيلٌ لِغَيْرِهَا وَيَكُونُ التَّعْلِيلُ عَلَى
التَّوْزِيعِ وَيُطَابِقُهُ قَوْلُهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ إلَخْ اهـ وَيُمْكِنُ
أَنْ يُقَالَ: لَا يَرِدُ هَذَا مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ
بِتَعْيِينِ ذَاتِ الْوَقْتِ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهَا ذَاتَ وَقْتٍ كَذَا
وَمَنْ تَعَرَّضَ لِلظُّهْرِ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مُرَادُهُ كَوْنُهَا
ذَاتَ هَذَا الْوَقْتِ وَهِيَ حِينَئِذٍ صَادِقَةٌ بِالْفَرْضِ
وَتَوَابِعِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَيَكُونُ
التَّعْلِيلُ مُتَعَيِّنًا وَمَنْشَأُ هَذَا الْإِيرَادِ فَهِمَ قَائِلُهُ
أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهْرِ الَّتِي تَعَرَّضَ لَهَا مَا هُوَ عَلَمٌ
عَلَى الْفَرْضِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا عَرَفْت تَأَمَّلْ مُنَصَّفًا،
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَوَابَ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي بَابِ أَدَاءِ
زَكَاةِ الْمَالِ حَيْثُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ
الْفَرْضِيَّةِ فِي الزَّكَاةِ: لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ كَالْمَالِ
لَيْسَتْ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا وَبِهِ
فَارَقَ مَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَقَدْ كَتَبَ
عَلَيْهِ هُنَاكَ بَعْضَ الْحَوَاشِي، قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ أَيْ
بِكَوْنِهَا لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ يَقَعُ عَلَى
الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَالْمُرَادُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ صَاحِبَةُ
الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ سُنَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ
التَّعَرُّضِ لِلْفَرِيضَةِ تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَلِبَيَانِ حَقِيقَتِهِ فِي الْأَصْلِ) أَيْ فَالْغَرَضُ مِنْ
نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا التَّمْيِيزُ وَإِمَّا
بَيَانُ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ لَا تَمْيِيزُهُ عَنْ غَيْرِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَمَعَ نِيَّةِ فَرْضٍ فِيهِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)
عِبَارَةُ هَذَا الشَّرْحِ ثُمَّ وَيَنْوِي الْفَرْضَ وَإِنْ وَقَعَتْ
نَفْلًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ
الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً اهـ أَيْ
الْمَقْصُودُ هُوَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ النَّاوِي لَكِنَّ
قَوْلَهُ أَنَّهُ يَنْوِي يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُلَاحِظَ
ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: لَا إعَادَتَهَا فَرْضًا أَوْ أَنَّهُ يَنْوِي مَا
هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضُ عَلَيْهِ اهـ أَيْ: فَإِنْ
نَوَى ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كُتُبُنَا عَلَى هَذَا ثُمَّ إنَّ
الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُلَاحَظَةُ مَا ذُكِرَ بَلْ
الشَّرْطُ أَنْ لَا يَنْوِيَ حَقِيقَةَ الْفَرْضِ وَقَوْلُهُ بَلْ
صَوَّبَهُ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ جَوَابُهُ مِنْ تَعْلِيلِنَا
الثَّانِي أَيْ: وَهُوَ قَوْلُهُ وَلِبَيَانِ حَقِيقَتِهِ فِي الْأَصْلِ؛
لِأَنَّ مَا ذُكِرَ فَرْضٌ فِي الْأَصْلِ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ
وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَوُجُوبُهَا فِي
الْمُعَادَةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) مُعْتَمَدٌ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ؛ إذْ كَيْفَ يَنْوِي الْفَرِيضَةَ) هَذَا يَقْتَضِي امْتِنَاعَ
نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ
تَلَاعُبٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي
وُجُوبِهَا وَعَدَمِهِ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ حَيْثُ نَوَى
الْفَرْضِيَّةَ أَنْ لَا يُرِيدَ أَنَّهُ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ بِحَيْثُ
يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَإِنَّمَا يَنْوِي بِالْفَرْضِ بَيَانَ
الْحَقِيقَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ يُطْلَقُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى
الْحَقِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ
بَلَغَ فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ
الْفَرْضِيَّةُ نَظَرًا لِلْوَقْتِ الَّذِي أَعَادَهَا فِيهِ أَمْ لَا
نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إعَادَةٌ لِمَا سَبَقَ وَهُوَ كَانَ نَفْلًا فِيهِ
نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ
(1/331)
مِنْ تَعْلِيلِنَا الثَّانِي وَبِمَا
ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَكْفِي لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مَا لَا
يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ لِحُصُولِهِ
بِهَا، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْ
الْوُضُوءِ وَالْإِحْرَامَ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالِاسْتِخَارَةَ
وَعَلَيْهِ تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا مَرَّ.
(وَسُنَّ نِيَّةُ نَفْلٍ فِيهِ) أَيْ: فِي النَّفْلِ خُرُوجًا مِنْ
الْخِلَافِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ لِلُزُومِ النَّفْلِيَّةِ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْمَذْكُورَةِ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا فِي
حَقِّهِ لَا بِالْأَصْلِ وَلَا بِالْحَالِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِوُقُوعِ
صَلَاتِهِ نَفْلًا أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت
أُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا نَفْلًا الصِّحَّةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ
لَاحَظَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ
أَرَادَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَأَمَّا
الْحَائِضُ وَالْمَجْنُونُ فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ قَضَائِهِمَا عَلَى
مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ فِي
حَقِّهِمَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُمَا مِنْ
حَيْثُ السِّنُّ كَانَا مَحَلًّا لِلتَّكْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ
الصَّبِيِّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِنْ تَعْلِيلِنَا الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَلِبَيَانِ
حَقِيقَتِهِ فِي الْأَصْلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ
نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَتَجِبُ فِي الْمُعَادَةِ
وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقِيَامُ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ
الْمُحَاكَاةُ وَهِيَ بِالْقِيَامِ حِسِّيٌّ ظَاهِرٌ وَبِالنِّيَّةِ
قَلْبِيٌّ خَفِيٌّ وَالْمُحَاكَاةُ إنَّمَا تَظْهَرُ بِالْأَوَّلِ فَوَجَبَ
اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَبِمَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ لِفِعْلِهَا أَيْ
الصَّلَاةِ الصَّادِقَةِ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ ثُمَّ زَادَ فِي
الْمُوَقَّتِ وَذِي السَّبَبِ شَيْئًا وَزَادَ فِي الْفَرْضِ شَيْئًا
وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَكْفِي
فِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِحُصُولِهِ بِهَا) سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ
الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا النَّاسُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ
لِحِفْظِ الْإِيمَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ
هَلْ يَنْوِي بِهِمَا حِفْظَ الْإِيمَانِ أَوْ يَكْتَفِي بِفِعْلِ مُطْلَقِ
الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ تَعْيِينُ
نِيَّتِهِمَا كَغَيْرِهِمَا مِنْ ذَوَاتِ السَّبَبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا مَرَّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذِي السَّبَبِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَا
الْوُضُوءِ وَالْإِحْرَامُ وَالِاسْتِخَارَةُ وَالطَّوَافُ وَصَلَاةُ
الْحَاجَةِ وَسُنَّةُ الزَّوَالِ وَصَلَاةُ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ
وَالْعِشَاءِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ
لِلسَّفَرِ وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَأَرَادَ مُفَارَقَتَهُ
كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى وَالْإِحْيَاءِ فِي الثَّانِيَةِ
وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَمَا بَحَثَهُ
بَعْضُهُمْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ نُقِلَ فِي
الْكُفَاةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا
ذَلِكَ، وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ؛
لِأَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا
هُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَّلَ بِهِ مَقْصُودَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ
وَالْوِتْرُ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَجِبُ إضَافَتُهُ إلَى
الْعِشَاءِ بَلْ يَنْوِي سُنَّةَ الْوِتْرِ وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ إنْ
أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةِ الْوِتْرِ أَيْضًا وَإِنْ فَصَلَهُ
كَمَا يَنْوِي التَّرَاوِيحَ بِجَمِيعِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْوِي
فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُ الْوِتْرَ أَوْ سُنَّتَهُ وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا
سِوَى الْأَخِيرَةِ مِنْهُ إذَا فَصَلَهُ بَيْنَ نِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ
وَمُقَدَّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ وَهِيَ أَوْلَى، قَالَ فِي
الْمُهِّمَّاتِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى عَدَدًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ
فَهَلْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ أَوْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى رَكْعَةٍ؛
لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ أَوْ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ كَنِيَّةِ
الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ رَكْعَتَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الرَّكْعَةِ
أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَهُ غَايَةٌ هِيَ أَفْضَلُ
فَحَمَلْنَا الْإِطْلَاقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ
اهـ.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذِهِ التَّرْدِيدَاتُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ؛
لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا لِلْوِتْرِ أَقَلَّ وَأَكْمَلَ وَأَدْنَى
كَمَالٍ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي
النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى
إحْدَى عَشْرَةَ إنْ كَانَ فِيمَا إذَا نَوَى مُقَدَّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ
مِنْ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ
وَقَالَ: أُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْوِتْرُ أَقَلُّهُ رَكْعَةٌ فَيَنْزِلُ
الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا حَمْلًا عَلَى أَدْنَى الْمَرَاتِبِ اهـ
وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ
مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ
إحْدَى عَشْرَةَ وَرَجَّحَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
الْحَمْلَ عَلَى ثَلَاثٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا طَلَبَهُ
الشَّارِعُ فِيهِ فَصَارَ بِمَثَابَةِ أَقَلِّهِ إذْ الرَّكْعَةُ يُكْرَهُ
الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لَهُ بِنَفْسِهَا
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ
فِي ذِي السَّبَبِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ نِيَّةُ نَفْلٍ فِيهِ) يَنْبَغِي غَيْرُ صَلَاةِ
الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ خُرُوجًا مِنْ
الْخِلَافِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ: فِي النَّفْلِ) أَيْ: الْمُطْلَقِ وَذِي السَّبَبِ
وَالْمُوَقَّتِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر
وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ وَجْهَانِ كَمَا فِي اشْتِرَاطِ
نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ قُلْت: الصَّحِيحُ لَا تُشْتَرَطُ
نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ إذْ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ
مُلَازِمَةٌ لِلنَّفْلِ إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِلُزُومِ النَّفْلِيَّةِ لَهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ
النَّفْلِيَّةِ وَالْفَرْضِيَّةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِمَا لَا يَخْفَى اهـ
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ بِاللَّازِمِ مَا لَا يَتَغَيَّرُ فِي
نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ بِسَبَبِ الْمُكَلَّفِ وَالنَّفَلُ
كَذَلِكَ؛ إذْ لَا يَتَغَيَّرُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَأَرَادَ بِغَيْرِ
اللَّازِمِ مَا يَتَغَيَّرُ بِنَفْسِهِ بِدُونِ تَسَبُّبِ الْمُكَلَّفِ
وَالْفَرْضُ كَذَلِكَ إذْ يَتَغَيَّرُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي صَلَاةِ
الصَّبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُعَادَةُ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ لَيْسَ
لَهُ دَخْلٌ فِي نَدْبِهَا وَإِنَّمَا
(1/332)
بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ لِلظُّهْرِ
وَنَحْوِهَا (وَ) سُنَّ (إضَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى) خُرُوجًا مِنْ
الْخِلَافِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكُونُ
إلَّا لَهُ تَعَالَى وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ هَذَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَنُطْقٍ) بِالْمَنْوِيِّ (قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
غَايَةُ مَا فِي وُسْعِهِ فِعْلُ الْأَوْلَى وَهُوَ لَيْسَ سَبَبًا
لِنَدْبِ الْمُعَادَةِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ فِي نَفْسِهَا بِمَنْزِلَةِ
سُنَّةِ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ لِلظُّهْرِ وَنَحْوِهَا) أَيْ:
فَإِنَّهَا قَدْ تَتَخَلَّفُ وَذَلِكَ فِي الْمُعَادَةِ وَصَلَاةِ
الصَّبِيِّ فَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا
الْمُعَادَةِ الْغَرَضُ مِنْهَا بَيَانُ حَقِيقَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ لَا
تَمْيِيزُهَا عَنْ النَّافِلَةِ وَكَذَا صَلَاةُ الصَّبِيِّ إذَا نَوَى
الْفَرْضِيَّةَ فِيهَا الْغَرَضُ مِنْهَا بَيَانُ حَقِيقَتِهَا لَا
تَمْيِيزُهَا عَنْ النَّافِلَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ
وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ فَلِتَمْيِيزِهَا عَنْهُمَا فَتَأَمَّلْ وَبِهَذَا
سَقَطَ مَا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ هُنَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛
لِأَنَّ عِبَادَةَ الْمُسْلِمِ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى،
وَالثَّانِي: تَجِبُ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ وَيَجْرِيَانِ فِي
سَائِرِ الْعِبَادَاتِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى) أَيْ: لَا تَكُونُ وَاقِعَةً
إلَّا لَهُ لَكِنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ إضَافَتِهَا إلَيْهِ فَتُسَنُّ
مُلَاحَظَتُهَا لِيَتَحَقَّقَ إضَافَتُهَا لَهُ مِنْ النَّاوِي اهـ ع ش
عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَنَطَقَ بِالْمَنْوِيِّ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَأْتِيَ
بِالْمَشِيئَةِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً إلَّا إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ
فَيَضُرَّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ
كَالِاسْتِقْبَالِ وَلَا لِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ تَفْصِيلًا فَلَوْ فَصَلَ
وَذَكَرَ خِلَافَ الْوَاقِعِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ اهـ
ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مَعَ زِيَادَاتِ لُعْ ش عَلَيْهِ وَتَبْطُلُ
صَلَاتُهُ بِتَلَفُّظِهِ بِالْمَشِيئَةِ فِيهَا أَوْ بِنِيَّتِهَا إنْ
قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَلَوْ مَعَ التَّبَرُّكِ أَوْ أَطْلَقَ
لِلْمُنَافَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ التَّبَرُّكَ وَحْدَهُ وَهَذَا
التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ التَّلَفُّظِ
بِالْمَشِيئَةِ فِيهَا بِأَنْ وَقَعَ بَعْدَ التَّحَرُّمِ؛ لِأَنَّهُ
كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ وَتَبْطُلُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ وَبِالتَّرَدُّدِ
فِيهِ حَيْثُ طَالَ التَّرَدُّدُ بِأَنْ تَرَدَّدَ بَعْدَ قِرَاءَةِ
الْفَاتِحَةِ مَثَلًا وَقَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ مَضَى رُكْنٌ فِي حَالِ
تَرَدُّدِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ فَلَا
تَبْطُلُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ،
وَتَبْطُلُ بِتَعْلِيقِهَا بِشَيْءٍ وَلَوْ مُسْتَحِيلًا عَقْلًا وَإِنْ
لَمْ يَحْصُلْ لِمَا مَرَّ مِنْ الْمُنَافَاةِ، وَفَارَقَ مَنْ نَوَى
وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُوَلَ مُبْطِلٌ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ
جَازِمٌ وَالْمُعَلَّقُ غَيْرُ جَازِمٍ وَالْوَسْوَاسُ الْقَهْرِيُّ لَا
أَثَرَ لَهُ.
وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَأَتَمَّ
صَلَاتَهُ عَلَى هَذَا الظَّنِّ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِشَكِّ
جَالِسٍ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فِي ظُهْرِهِ فَقَامَ لِثَالِثَةٍ ثُمَّ
تَذَكَّرَهُ وَلَا بِالْقُنُوتِ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ كَأَنْ كَانَ فِي
سُنَّةِ الصُّبْحِ فَظَنَّهَا الصُّبْحَ مَثَلًا وَعَكْسُهُ فَيَصِحُّ فِي
كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْأَمْرِ
ثُمَّ إنْ تَذَكَّرَهُ فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ أَعَادَ
السُّنَّةَ نَدْبًا وَالصُّبْحَ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُلٍّ
مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِالظَّنِّ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّ مَا نَوَاهُ
ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ مَثَلًا فَيَضُرُّ حَيْثُ طَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ
مَضَى رُكْنٌ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ؛
لِأَنَّهُ تَطْوِيلٌ لِرُكْنٍ قَصِيرٍ سَهْوًا وَلَا تَبْطُلُ بِنِيَّةِ
الصَّلَاةِ وَدَفْعِ الْغَرِيمِ أَوْ حُصُولِ دِينَارٍ فِيمَا إذَا قِيلَ
لَهُ صَلِّ وَلَك دِينَارٌ بِخِلَافِ نِيَّةِ فَرْضٍ وَنَفْلٍ لَا
يَنْدَرِجُ فِيهِ لِلتَّشْرِيكِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ
كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ أَمَّا مَا يَنْدَرِجُ كَتَحِيَّةِ
الْمَسْجِدِ فَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْضِ
وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَا مَرَّ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ
التَّعْيِينِ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إلَخْ فَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ
فِي نِيَّتِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَا بَيْنَهَا
وَبَيْنَ الرَّاتِبَةِ أَوْ نَحْوِهَا وَبِخِلَافِ نِيَّةِ الطَّوَافِ
وَدَفْعِ الْغَرِيمِ فَلَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُدْفَعُ
بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
وَلَوْ قَلَبَ الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا صَلَاةً أُخْرَى
عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَحْرَمَ
بِالْفَرْضِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ رَأَى جَمَاعَةً تُقَامُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ
لَهُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي،
وَلَوْ أَتَى بِمُنَافِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ كَأَنْ أَحْرَمَ
الْقَادِرُ بِالْفَرْضِ قَاعِدًا أَوْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ
عَامِدًا عَالِمًا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ فَإِنْ كَانَ
لَهُ عُذْرٌ كَظَنِّهِ دُخُولَ الْوَقْتِ فَأَحْرَمَ بِالْفَرْضِ أَوْ
قَلَبَهُ نَفْلًا لِإِدْرَاكِ جَمَاعَةٍ مَشْرُوعَةٍ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ
فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا، أَوْ رَكَعَ مَسْبُوقٌ قَبْلَ
تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ جَاهِلًا وَلَوْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِ
الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ دَقَائِقِ الْعِلْمِ انْقَلَبَتْ نَفْلًا
لِعُذْرِهِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ وَهُوَ الْفَرْضُ
بُطْلَانُ الْعُمُومِ وَهُوَ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ.
وَلَوْ قَلَبَهَا نَفْلًا مُعَيَّنًا كَرَكْعَتَيْ الضُّحَى لَمْ تَصِحَّ
لِافْتِقَارِهِ إلَى تَعْيِينٍ وَلَوْ لَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّهِ
الْجَمَاعَةُ الَّتِي أَرَادَ فِعْلَهَا مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَ فِي
صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا فَوَجَدَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ لَمْ يَجُزْ
لَهُ قَطْعُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ عَلِمَ كَوْنَهُ أَحْرَمَ
قَبْلَ وَقْتِهَا فِي أَثْنَائِهَا لَمْ يُتِمَّهَا لِتَبَيُّنِ
بُطْلَانِهَا وَإِنَّمَا وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا لِقِيَامِ عُذْرِهِ كَمَا
لَوْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ
الْحَالُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا أَوْ فِي
أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ كَمَا
(1/333)
لَيْسَا عَدَّ اللِّسَانُ الْقَلْبَ
(وَصَحَّ أَدَاءٌ بِنِيَّةِ قَضَاءٍ وَعَكْسُهُ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي
(لِعُذْرٍ) مِنْ غَيْمٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْتِي
بِمَعْنَى الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِخِلَافِهِ
فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ.
(وَ) ثَانِيهَا (تَكْبِيرُ تَحَرُّمٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ
الْمُصَلِّيَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِهِ مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ مِنْ
مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ خَبَرُ الْمُسِيءِ فِي
صَلَاتِهِ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا
تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ
رَاكِعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مَرَّ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْرَارُ فِيهَا وَلَوْ صَلَّى لِقَصْدِ
ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْهَرَبِ مِنْ عِقَابِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ
كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا
لِلْفَخْرِ الرَّازِيّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَنْ مَحَضَ
عِبَادَتَهُ لِذَلِكَ وَحْدَهُ وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي بَقَاءِ
إسْلَامِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِينَ
أَنَّهُ مَحَطُّ نَظَرِهِمْ لِمُنَافَاتِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى
الْعِبَادَةَ مِنْ الْخَلْقِ لِذَاتِهِ أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْحِضْهَا فَلَا
شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ عِبَادَتِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ؛ إذْ طَمَعُهُ فِي
ذَلِكَ وَطَلَبُهُ إيَّاهُ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ
كَسَابِقَيْهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ وَلِأَنَّهُ
أَبْعَدُ عَنْ الْوَسْوَاسِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ أَدَاءٌ بِنِيَّةِ قَضَاءٍ إلَخْ) أَيْ: عَلَى
الْأَصَحِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ
الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ بِعُذْرٍ وَالثَّانِي لَا
يَصِحُّ بَلْ يُشْتَرَطَانِ لِيَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ
كَمَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَكِنْ يُسَنُّ التَّعَرُّضُ لَهُمَا
عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْوَقْتِ
كَالْيَوْمِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ فَلَوْ عَيَّنَ
الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ صَحَّ فِي الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ
بِالْوَقْتِ الْمُتَعَيَّنِ لِلْفِعْلِ بِالشَّرْعِ تُلْغِي خَطَأَهُ
فِيهِ، وَكَذَا فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمَا فِي
التَّيَمُّمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى
لِلْبَارِزِيِّ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي مَوْضِعٍ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً
يَتَرَاءَى لَهُ الْفَجْرُ فَيُصَلِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ
فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا
قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ عَيَّنَ كَوْنَهَا عَنْ الْيَوْمِ
الَّذِي ظَنَّ دُخُولَ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَكُونُ
قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا يَشْكُلُ عَلَى
ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَحْرَمَ بِفَرِيضَةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا
ظَانًّا دُخُولَهُ انْعَقَدَتْ نَفْلًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِيمَنْ
لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَقْضِيَّةٌ نَظِيرُ مَا نَوَاهُ بِخِلَافِ
مَسْأَلَتِنَا وَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَارِزِيُّ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَسُئِلَ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ ظُهْرِ يَوْمِ
الْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمِ الْخَمِيسِ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ قَضَاءَ
الْمُتَأَخِّرِ فَهَلْ يَقَعُ عَنْهُ أَمْ عَنْ الْأَوَّلِ فَأَجَابَ
بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ، وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ عَلَيْهِ
قَضَاءُ ظُهْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَقَطْ فَصَلَّى ظُهْرًا نَوَى بِهِ
قَضَاءَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ غَالِطًا هَلْ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ؛
لِأَنَّهُ عَيَّنَ مَا لَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ أَوْ لَا
كَمَا فِي الْإِمَامِ وَالْجِنَازَةِ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا
عَلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَإِنْ
خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَصَحَّ أَدَاءٌ) أَيْ: فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِنِيَّةِ
قَضَاءٍ أَيْ: شَرْعِيٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَكْسِ وَمَحَلُّ
التَّفْصِيلِ بَيْنَ النَّذْرِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّرْعِيِّ
أَمَّا نِيَّةُ اللُّغَوِيِّ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ
كُلًّا مِنْهُمَا يَأْتِي بِمَعْنَى الْآخَرِ أَيْ: لُغَةً أَيْ:
فَيُحْمَلُ فِي غَرَضِ النَّاوِي عَلَى اللُّغَوِيِّ بِوَاسِطَةِ عُذْرِهِ
وَإِنْ كَانَ قَاصِدًا لِلشَّرْعِيِّ.
(قَوْلُهُ يَأْتِي بِمَعْنَى الْآخَرِ) أَيْ لُغَةً يُقَالُ أَدَّيْت
الدَّيْنَ وَقَضَيْته بِمَعْنَى وَفَيْته اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِخِلَافِهِ) أَيْ:، وَقَدْ نَوَى الْمَعْنَى
الْحَقِيقِيَّ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ الْمَعْنَى
اللُّغَوِيَّ فَإِنَّهَا تَصِحُّ اهـ شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا وَعَزَمَ عَلَى
مَدِّهَا لِيُوقِعَهَا خَارِجَ الْوَقْتِ فَهَلْ يَنْوِي حِينَئِذٍ
الْقَضَاءَ نَظَرًا لِقَصْدِهِ أَوْ الْأَدَاءِ نَظَرًا لِلْوَقْتِ الَّذِي
يَظْهَرُ الثَّانِي اهـ كَاتِبُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ) أَيْ: وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ
يَدْخُلُ بِهِ فِي أَمْرٍ مُحْتَرَمٍ قَالَ عَمِيرَةُ يُقَالُ: أَحْرَمَ
الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُنْتَهَكُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَلَمَّا دَخَلَ بِهَذِهِ التَّكْبِيرَةِ فِي
عِبَادَةٍ يَحْرُمُ فِيهَا أُمُورٌ قِيلَ لَهَا تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ اهـ ع
ش عَلَى م ر وَالْحِكْمَةُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ
اسْتِحْضَارُ الْمُصَلِّي عَظَمَةَ مَنْ تَهَيَّأَ لِخِدْمَتِهِ
وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَمْتَلِئَ هَيْبَةً فَيُحْضِرُ قَلْبَهُ
وَيَخْشَعُ وَلَا يَعْبَثُ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ اُخْتُصَّ انْعِقَادُهَا بِلَفْظِ التَّكْبِيرِ دُونَ
لَفْظِ التَّعْظِيمِ قُلْت: إنَّمَا اُخْتُصَّ بِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ
يَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ وَالتَّعْظِيمِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ
وَالْأَعْظَمُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ وَكُلُّهَا تَقْتَضِي
التَّفْخِيمَ إلَّا أَنَّهَا تَتَفَاوَتُ، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُبْحَانَ اللَّهِ نِصْفُ الْمِيزَانِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ مِلْءُ مَا
بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» .
وَقَالَ حِكَايَةً عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي
وَالْعَظَمَةُ إزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا قَصَمْته
وَلَا أُبَالِي» اسْتَعَارَ لِلْكِبْرِيَاءِ الرِّدَاءَ وَلِلْعَظَمَةِ
الْإِزَارَ وَالرِّدَاءُ أَشْرَفُ مِنْ الْإِزَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ خَبَرُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ) أَيْ: خَبَرُ الشَّخْصِ الَّذِي
أَسَاءَ صَلَاتَهُ وَاسْمُهُ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ
الْأَنْصَارِيُّ اهـ عَمِيرَةُ. أَقُولُ إنَّمَا ذَكَرَ الْخَبَرَ
بِتَمَامِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ «إذَا قُمْتَ إلَى
الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ»
(1/334)
ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا
ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى
تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» رَوَاهُ
الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى
تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ
افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ
بَدَلُ قَوْلِهِ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا «حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا»
.
(مَقْرُونًا بِهِ النِّيَّةُ) بِأَنْ يَقْرِنَهَا بِأَوَّلِهِ
وَيَسْتَصْحِبَهَا إلَى آخِرِهِ لَكِنْ النَّوَوِيُّ اخْتَارَ فِي
مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الِاكْتِفَاءَ
بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ
مُسْتَحْضِرٌ لِلصَّلَاةِ (وَتَعَيَّنَ) فِيهِ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى
النُّطْقِ بِهِ (اللَّهُ أَكْبَرُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
وَغَيْرُهُ مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي
أُصَلِّي» فَلَا يَكْفِي اللَّهُ كَبِيرٌ وَلَا الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ
(وَلَا يَضُرُّ مَا لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ: اسْمَ التَّكْبِيرِ
(كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ) وَاَللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
عَلَى عَادَتِهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي الْأَحَادِيثِ الطِّوَالِ عَلَى
مَحَلِّ الِاسْتِدْلَالِ لِيُحِيلَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى
بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ التَّشَهُّدَ وَنَحْوَهُ مِنْ
بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ لِكَوْنِهِ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ
اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك إلَخْ وَكَانَ الَّذِي تَيَسَّرَ مَعَهُ مِنْ
الْقُرْآنِ إذْ ذَاكَ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَقَدْ جَاءَ
فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا) لَيْسَ فِي هَذِهِ
الرِّوَايَةِ تَصْرِيحٌ بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ فَلِذَلِكَ
أَتَى بِرِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ ثُمَّ اُسْجُدْ) بَعْدَ قَوْلِهِ
ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا اهـ ع ش فَيَكُونُ بَيَانًا
لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ ارْفَعْ أَيْ لِلرَّكْعَةِ
الثَّانِيَةِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَقْرُونًا بِهِ النِّيَّةُ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي
ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ ثُمَّ يَقْصِدُ
فِعْلَ هَذَا الْمَعْلُومِ وَيَجْعَلُ قَصْدَهُ هَذَا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ
التَّكْبِيرِ وَلَا يَغْفُلُ عَنْ تَذَكُّرِهِ حَتَّى يُتِمَّ التَّكْبِيرَ
وَنَازَعَ فِيهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّهُ لَا تَحْوِيهِ الْقُدْرَةُ
الْبَشَرِيَّةُ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ إلَخْ وَقَالَ ابْنُ
الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ سِوَاهُ وَصَوَّبَهُ
السُّبْكِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
وَالزَّرْكَشِيِّ أَنَّهُ حَسَنٌ بَالِغٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ
وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَالسُّبْكِيُّ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ
وَقَعَ فِي الْوَسْوَاسِ الْمَذْمُومِ، وَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ اللَّهُ
أَكْبَرُ مَا لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِهِ فَلَا تُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ
النِّيَّةِ لَهُ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ
الِانْعِقَادُ اهـ مِنْ ع ش وزي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ
مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلْجَلِيلِ مَثَلًا لَوْ قَالَ اللَّهُ الْجَلِيلُ
أَكْبَرُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ صَالِحٌ الْبُلْقِينِيُّ.
قَالَ: وَإِلَّا لَصَدَقَ أَنَّهُ تَخَلَّلَ فِي التَّكْبِيرِ عَدَمُ
الْمُقَارَنَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُهُ وَأَنَّ كَلَامَهُمْ خَرَجَ
مَخْرَجَ الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ زِيَادَةِ شَيْءٍ بَيْنَ لَفْظَيْ
التَّكْبِيرِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ اقْتِرَانُهَا
بِاللَّفْظِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَيْهِ وَهُوَ اللَّهُ
أَكْبَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُهَا بِمَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا
وَلَمَّا كَانَ الزَّمَنُ يَسِيرًا لَمْ يَقْدَحْ عُزُوبُهَا بَيْنَهُمَا
لِشَبَهِهِ بِسَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ وَلَا يَجِبُ
اسْتِصْحَابُهَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ لِلْعُسْرِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ
انْتَهَتْ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ
اسْتِحْضَارٌ حَقِيقِيٌّ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ جَمِيعَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ
تَفْصِيلًا وَقَرْنٌ حَقِيقِيٌّ بِأَنْ يَقْرِنَ ذَلِكَ الْمُسْتَحْضَرَ
بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ وَاسْتِحْضَارٌ عُرْفِيٌّ بِأَنْ
يَسْتَحْضِرَ الْأَرْكَانَ إجْمَالًا، وَقَرْنٌ عُرْفِيٌّ بِأَنْ يَقْرِنَ
ذَلِكَ الْمُسْتَحْضَرَ بِجُزْءٍ مَا مِنْ التَّكْبِيرِ وَالْمُعْتَمَدُ
فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ وَإِنْ اكْتَفَى
بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْأَخِيرَيْنِ لِمَا قِيلَ أَنَّ
الِاسْتِحْضَارَ الْحَقِيقِيَّ مَعَ الْقَرْنِ الْحَقِيقِيِّ لَا تُطِيقُهُ
الطَّبِيعَةُ الْبَشَرِيَّةُ بَلْ يَكْفِي الِاسْتِحْضَارُ الْعُرْفِيُّ
مَعَ الْقَرْنِ الْعُرْفِيِّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ
الشَّارِحِ بِحَيْثُ يُعَدُّ إلَخْ لَيْسَ بَيَانًا لِلْمُقَارَنَةِ
الْعُرْفِيَّةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الِاسْتِحْضَارَ الْعُرْفِيَّ
وَالْمُقَارَنَةَ الْعُرْفِيَّةَ مُتَغَايِرَانِ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ
بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ كَمَا اكْتَفَى بِالِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ
بِحَيْثُ يُعَدُّ إلَخْ وَمَعْنَى عَدِّهِ مُسْتَحْضَرًا اسْتِحْضَارُهُ
الْأَرْكَانَ إجْمَالًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَقْرُنَهَا) بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ قَرَنَ يَقْرُنُ
وَبَابُهُ نَصَرَ يَنْصُرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَسْتَصْحِبُهَا إلَخْ) أَيْ: ذِكْرًا لَا حُكْمًا فَقَطْ
ثُمَّ هَذَا الْقَصْدُ الْمُسْتَصْحَبُ هُوَ قَصْدُ الصَّلَاةِ
الْمُتَّصِفَةِ بِأَنَّهَا ظُهْرٌ مَثَلًا أَوْ أَنَّهَا فَرْضٌ لَا قَصْدُ
الصَّلَاةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صِفَتِهَا وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ
أَوَّلًا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ اهـ سَمِّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ اللَّهُ أَكْبَرُ) هِيَ مَوْصُولَةٌ فِي هَذِهِ
الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا عَلَى الْحِكَايَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ
يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إيقَاعُهَا أَيْ: الْإِتْيَانُ بِهَا مَقْطُوعَةً
وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ مَأْمُومًا اللَّهُ أَكْبَرُ
بِوَصْلِهَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ عَمِيرَةُ لَكِنَّ
الْوَصْلَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ م ر، وَبَقِيَ مَا لَوْ
فَتَحَ الْهَاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ اللَّهُ وَمَا لَوْ فَتَحَ الرَّاءَ
أَوْ كَسَرَهَا مِنْ أَكْبَرُ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ اللَّحْنَ فِي
الْقِرَاءَةِ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ وَنَقَلَ
بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ
فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ مَا لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ: لَا يَفُوتُ
مَعْنَاهُ وَهُوَ كَوْنُ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِأَنْ لَا
يَنْضَمَّ إلَيْهِ مَا يُوهِمُ عَدَمَ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ أَوْ يَفْصِلُ
بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ بِمَا يَطُولُ بِهِ الْفَصْلُ مِنْ
الصِّفَاتِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ مَا لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ: إذَا كَانَ مِنْ نُعُوتِ
اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَقَوْلِهِ اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ
فَإِنَّهُ يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَاَللَّهِ يَا رَحْمَنُ أَكْبَرُ.
اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيَضُرُّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّهُ
جُمْلَةٌ وَهُوَ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أُسَبِّحُ
اللَّهَ سُبْحَانَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ) أَيْ:
(1/335)
وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْبَرُ (لَا
أَكْبَرُ اللَّهُ) وَلَا اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ
الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا وَيَجِبُ
إسْمَاعُ التَّكْبِيرِ نَفْسَهُ إنْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَلَا عَارِضَ
مِنْ لَغَطٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَمَنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَفْصَحُ
مِنْ كَسْرِهَا عَنْ نُطْقِهِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ (تُرْجِمَ)
عَنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِأَنَّ أَلْ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى بَلْ تُقَوِّيهِ بِإِفَادَةِ
الْحَصْرِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَعَنْ
الْقَدِيمِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا أَكْبَرُ اللَّهُ) أَيْ: وَلَا لِأَكْبَرَ اللَّهُ قَالَ
شَيْخُنَا الشبراملسي هَلْ وَلَوْ أَتَى بِأَكْبَرَ ثَانِيًا كَأَنْ قَالَ:
أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ لَا نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ:
إنْ قَصَدَ الْبِنَاءَ ضَرَّ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ
أَطْلَقَ لَا يَضُرُّ وَيَضُرُّ الْإِحْلَالُ بِحَرْفٍ مِنْ اللَّهِ
أَكْبَرَ وَزِيَادَةُ حَرْفٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَمَدِّ هَمْزَةِ
اللَّهِ وَكَأَلِفٍ بَعْدَ الْبَاءِ سَوَاءٌ فَتَحَ الْهَمْزَةَ أَوْ
كَسَرَهَا؛ لِأَنَّ إكْبَارَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْمَاءِ
الْحَيْضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِفَتْحِهَا جَمْعُ كَبَرٍ بِفَتْحَتَيْنِ
وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَمَنْ قَالَ
ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا كَفَرَ وَزِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ
وَتَشْدِيدُ الْبَاءِ أَوْ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي
الشِّقِّ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَمَرْدُودٌ؛ إذْ الرَّاءُ حَرْفُ تَكْرِيرٍ
وَزِيَادَتُهُ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَإِبْدَالُ هَمْزَةِ أَكْبَرُ
وَاوًا مِنْ الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ
جَمْعِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لُغَةً وَإِبْدَالُ الْكَافِ
هَمْزَةً مَا لَمْ تَكُنْ لُغَتَهُ وَتَخَلُّلُ وَاوٍ بَيْنَ
الْكَلِمَتَيْنِ سَاكِنَةٍ أَوْ مُتَحَرِّكَةٍ وَلَوْ زَادَ فِي الْمَدِّ
فِي الْأَلِفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يَرَاهُ
أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ ضَرَّ، وَقَالَ
الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ لَا يَضُرُّ وَلَوْ زَادَ وَغَايَةُ مِقْدَارِ
مَا نُقِلَ عَنْهُمْ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ سَبْعُ أَلِفَاتٍ
وَتُقَدَّرُ كُلُّ أَلِفٍ بِحَرَكَتَيْنِ وَهُوَ عَلَى التَّقْرِيبِ
وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِتَحْرِيكِ الْأَصَابِعِ مُتَوَالِيَةً مُقَارِنَةً
لِلنُّطْقِ بِالْمَدِّ وَوَصْلُ هَمْزَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَا قَبْلَهَا
خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا تَبْطُلُ لِسُقُوطِهَا دَرَجًا وَلَا يَضُرُّ
ضَمُّ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ وَلَا فَتْحُهَا وَلَا كَسْرُهَا؛ لِأَنَّ
اللَّحْنَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى خِلَافًا لِجَمْعٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا اللَّهُ الَّذِي إلَخْ) ضَابِطُ مَا يَضُرُّ الْفَصْلُ
بِهِ ثَلَاثٌ كَلِمَاتٌ فَأَكْثَرُ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ الْمَلِكُ
الْقُدُّوسُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْفَصْلِ الْمُضِرِّ بَلْ لَوْ لَمْ
يَتَأَتَّ بِهِ ضَرَّ الْفَصْلُ بِمَا قَبْلَهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا) اُنْظُرْ لَا يُسَمَّى
عِنْدَ مَنْ مَنَعَ أَنَّ مَعْنَى التَّكْبِيرِ وَهُوَ كَوْنُ اللَّهِ
أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ إسْمَاعُ التَّكْبِيرِ نَفْسَهُ) خَصَّ التَّكْبِيرَ؛
لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ
كَذَلِكَ وَيَجِبُ إيقَاعُ التَّكْبِيرِ قَائِمًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ
الْقِيَامُ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَقْصُرَهُ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ وَأَنْ
لَا يَمْطُطْهُ وَقَصْرُهُ بِأَنْ يُسْرِعَ بِهِ أَوْلَى، وَلَوْ كَبَّرَ
لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَاتٍ نَاوِيًا بِكُلٍّ مِنْهَا الِافْتِتَاحَ دَخَلَ
فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَخَرَجَ بِالْإِشْفَاعِ إنْ لَمْ يَنْوِ
بَيْنَهُمَا خُرُوجًا أَوْ افْتِتَاحًا وَإِلَّا فَيَخْرُجُ بِالنِّيَّةِ
وَيَدْخُلُ بِالتَّكْبِيرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ الْأُولَى شَيْئًا
لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ
إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِذَا كَرَّرَهُ طَلُقَتْ
بِالثَّانِيَةِ وَانْحَلَّتْ بِهَا الْيَمِينُ الْأُولَى وَبِالرَّابِعَةِ
وَانْحَلَّتْ بِهَا الثَّالِثَةُ وَبِالسَّادِسَةِ وَانْحَلَّتْ بِهَا
الْخَامِسَةُ وَهَكَذَا وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ الْعَمْدِ أَمَّا مَعَ
السَّهْوِ فَلَا بُطْلَانَ وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ أَحْرَمَ أَوْ لَا؟
فَأَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ
تَنْعَقِدْ الصَّلَاةُ مَعَ الشَّكِّ وَهَذَا مِنْ الْفُرُوعِ
النَّفِيسَةِ، وَلَوْ كَبَّرَ بِنِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ كَبَّرَ
بِنِيَّةِ أَرْبَعٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَبَّرَ إمَامُهُ
مَرَّتَيْنِ لَمْ يُفَارِقْهُ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ إلَخْ) وَمُضَارِعُهُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ
ذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ عَجَزَ عَنْ الشَّيْءِ عَجْزًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ
وَعَجِزَ عَجْزًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةٌ لِبَعْضِ قَيْسِ غَيْلَانَ
ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهَذِهِ اللُّغَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ
عِنْدَهُمْ وَقَدْ رَوَى ابْنُ فَارِسٍ بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ
الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ لَا يُقَالُ عَجِزَ الْإِنْسَانُ بِالْكَسْرِ
إلَّا إذَا كَبُرَتْ عَجِيزَتُهُ.
(قَوْلُهُ تُرْجِمَ عَنْهُ) التَّرْجَمَةُ هِيَ التَّعْبِيرُ بِأَيِّ
لُغَةٍ كَانَتْ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ تَرْجَمَتُهُ
بِالْفَارِسِيَّةِ خداي بزرك تَرْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ
وَمَعْنَى خداي بزرك وَحْدَهُمَا اللَّهُ كَبِيرٌ وَمَعْنَى تر هُوَ
التَّفْضِيلُ الَّذِي فِي أَكْبَرَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا
لِمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ قَوْلِهِ تَرْ اهـ شَيْخُنَا ح ف، وَأَمَّا
تَرْجَمَتُهُ بِالْعَجَمِيَّةِ فَهِيَ خداي ترست اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَقَوْلُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ إلَخْ هَكَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ
الشُّرَّاحِ وَرَأَيْت فِي الدُّرَرِ لِمُلَّا خُسْرو وَالْفَاضِلِ مِنْ
الْحَنَفِيَّةِ مَا نَصُّهُ، وَجَازَتْ التَّحْرِيمَةُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى
التَّعَظُّمِ وَبِالْفَارِسِيَّةِ نَحْوُ خداي بزركست اهـ بِحُرُوفِهِ
وَفِي ق ل فِي فَصْلِ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ مَا نَصُّهُ.
(فَائِدَةٌ) مُهِمَّةٌ اسْمُ اللَّهِ بِالْعِبْرِيَّةِ إيَّلُ
وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ إيل وآئيل وأيلا وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ إيلا أَوْ
عيلا وَبِالْفَارِسِيَّةِ خداي وَبِالْخَزَرِيَّةِ تندك وَبِالرُّومِيَّةِ
شمخشا وَبِالْهِنْدِيَّةِ مشطيشا وَبِالتُّرْكِيَّةِ ببات وبالخفاجية أغان
بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ
وَبِالْبُلْغَارِيَّةِ تكري وبالتغرغرية بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ
بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ أُلُه بِهَمْزَةٍ وَلَامٍ مَضْمُومَتَيْنِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ
(1/336)
وُجُوبًا بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ وَلَا
يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ (وَلَزِمَهُ تَعَلُّمٌ إنْ
قَدَرَ) عَلَيْهِ وَلَوْ بِسَفَرٍ وَبَعْدَ التَّعَلُّمِ لَا يَلْزَمُهُ
قَضَاءُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ إلَّا إنْ أَخَّرَ التَّعَلُّمَ مَعَ
التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَلَاتِهِ
بِالتَّرْجَمَةِ لِحُرْمَتِهِ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِتَفْرِيطِهِ
وَيَلْزَمُ الْأَخْرَسَ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ
بِالتَّكْبِيرِ قَدْرَ إمْكَانِهِ وَهَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ أَذْكَارِهِ
الْوَاجِبَةِ مِنْ تَشَهُّدٍ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَإِنْ
عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ.
(وَسُنَّ لِإِمَامٍ جَهْرٌ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ
وَغَيْرِهِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ
أَوْ بَعْضُهُمْ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْإِمَامِ
وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي كَالْإِمَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ) أَيْ مِنْ فَارِسِيَّةٍ أَوْ
سُرْيَانِيَّةٍ أَوْ عِبْرَانِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَأْتِي بِمَدْلُولِ
التَّكْبِيرِ بِتِلْكَ اللُّغَةِ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ بِخِلَافِ
الْفَاتِحَةِ حَيْثُ لَا يُتَرْجَمُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ
وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ السُّرْيَانِيَّةُ أَوْ الْعِبْرَانِيَّةُ؛ لِأَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ بِهِمَا كِتَابًا فَإِنْ عَجَزَ
فَبِالْفَارِسِيَّةِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِمَا شَاءَ، وَقِيلَ:
الْفَارِسِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى
الْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اللُّغَاتِ كُلِّهَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ
لِلذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ
الرَّمْلِيِّ فِي الْأَخْرَسِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بِقَلْبِهِ
كَمَا فِي الْمَرِيضِ إنَّ هَذَا كَذَلِكَ، وَقَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي:
يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ عَاجِزٌ عَنْ النُّطْقِ
بِخِلَافِ هَذَا فَيَنْتَقِلُ إلَى الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ وَهَذَا
وَاضِحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ) أَيْ: عِنْدَ
الْقُدْرَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ
إلَى ذِكْرٍ آخَرَ أَوْ يَسْقُطُ التَّكْبِيرُ بِالْكُلِّيَّةِ فِيهِ
نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى عَدَمِ
التَّعَرُّضِ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ
الْمُصَنِّفِ الْآتِي.
(قُلْت) الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ جَوَازُ التَّفْرِقَةِ إلَخْ مِنْ
قَوْلِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قُدْرَتُهُ عَلَى الذِّكْرِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ
وَقْفَةٌ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَهَذَا
غَيْرُ خَاصٍّ بِالْفَاتِحَةِ بَلْ يَطَّرِدُ فِي التَّكْبِيرَةِ
وَالتَّشَهُّدِ اهـ يَقْتَضِي خِلَافَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ تَعَلُّمٌ إنْ قَدَرَ) وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ
تَعْلِيمُ غُلَامِهِ الْعَرَبِيَّةَ لِأَجْلِ التَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ أَوْ
تَخْلِيَتِهِ لِيَكْتَسِبَ أُجْرَةَ مُعَلِّمِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْهُ
وَاسْتَكْسَبَهُ عَصَى وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَخْلُصُ مِنْ الْإِثْمِ
بِتَعْلِيمِهِ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ قَدْرَ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ
ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ
يُعَلِّمْهُ وَاسْتَكْسَبَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَاسْتَكْسَبَهُ
لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْعِصْيَانِ بَلْ الْعِصْيَانُ ثَابِتٌ إذَا لَمْ
يُعَلِّمْهُ وَلَمْ يُخَلِّهِ لِيَكْتَسِبَ أُجْرَةَ الْمُعَلِّمِ كَأَنْ
حَبَسَهُ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ فَحَيْثُ لَمْ يَسْتَكْسِبْهُ فَلَا عِصْيَانَ
لِإِمْكَانِ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَلَوْ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ وَلَا يُقَالُ
الْعَبْدُ لَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّرْعُ جَعَلَ لَهُ
الْوِلَايَةَ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ وَهَذِهِ مِنْهُ؛
لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْجَأَهُ لِذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِسَفَرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ بِسَفَرٍ طَاقَهُ وَإِنْ طَالَ كَمَا
اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ
فَهُوَ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ السَّفَرُ لِلْمَاءِ عَلَى
فَاقِدِهِ لِدَوَامِ النَّفْعِ هُنَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ) وَهُوَ مِنْ الْبُلُوغِ لَا مِنْ
التَّمْيِيزِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ أَوْ مِنْ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ
طَرَأَ إسْلَامُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِتَفْرِيطِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى لِحُرْمَتِهِ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ
تَرَكَ التَّعَلُّمَ لَهَا مَعَ إمْكَانِهِ وَإِمْكَانُهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ
الْإِسْلَامِ فِيمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِهِ يُتَّجَهُ كَمَا
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْ تَمْيِيزِهِ
لِكَوْنِ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الصَّبِيِّ
وَالْبَالِغِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَيْ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ
الْبُلُوغِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُؤَاخَذَتِهِ بِمَا مَضَى فِي زَمَنِ صِبَاهُ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْأَخْرَسَ إلَخْ) حَمَلَ هَذَا بَعْضُهُمْ عَلَى
مَا إذَا طَرَأَ الْخَرَسُ وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي
الطَّارِئِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ
لِلتَّحْرِيكِ الْمَذْكُورَةِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِهَا بَقِيَ
التَّحْرِيكُ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ
بِالْمَعْسُورِ أَمَّا إذَا وُلِدَ أَخْرَسَ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ
لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ فَلَمْ
يَجِبْ التَّابِعُ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيكُ وَكَمَا فِي النَّاطِقِ
الْعَاجِزِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ م ر فِي
شَرْحِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَلْزَمُ الْأَخْرَسَ) أَيْ الطَّارِئُ خَرَسُهُ
بَعْدَمَا أَحْسَنَ شَيْئًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْمَتْنَ
يُوهِمُ نَفْيَهُ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَاجِزِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ
لَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَهَاتُهُ) وَهِيَ اللَّحْمَةُ الْمُنْطَبِقَةُ فِي أَقْصَى
سَقْفِ الْفَمِ اهـ ز ي.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَاللَّهَاةُ اللَّحْمَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى
الْحَلْقِ فِي أَقْصَى الْفَمِ وَالْجَمْعُ لَهًى وَلَهَيَاتٌ مِثْلُ
حَصَاةٍ وَحَصًى وَحَصَيَاتٍ وَلَهَوَاتٍ أَيْضًا عَلَى الْأَصْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ إجْرَاؤُهُ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِإِمَامٍ جَهْرٌ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: بِقَصْدِ الذِّكْرِ
فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ أَوْ بِقَصْدِهِ مَعَ الْإِسْمَاعِ بِخِلَافِ مَا
إذَا قَصَدَ الْإِسْمَاعَ وَحْدَهُ أَوْ أُطْلِقَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ
تَبْطُلُ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمُبَلَّغِ فَقَوْلُهُ لِيَسْمَعَ
الْمَأْمُومُونَ إلَخْ. اللَّامُ فِيهِ لِلْعَاقِبَةِ لَا لِلْعِلَّةِ
الْبَاعِثَةِ وَإِلَّا لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ
إذَا عَلِمُوا صَلَاتَهُ بِغَيْرِ الْجَهْرِ لَمْ يُسَنَّ الْجَهْرُ وَهُوَ
كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا أَيْ: فَيَكُونُ مُبَاحًا فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ
لَمْ يُسَنَّ الْجَهْرُ عَلَى مَعْنَى لَمْ يُسَنَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ
بِهِ كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْكَرَاهَةِ اهـ مِنْ ع ش.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: لَوْ تَوَسْوَسَ الْمَأْمُومُ فِي
تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ
(1/337)
مُبَلِّغٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (وَ) سُنَّ
(لِمُصَلٍّ) مِنْ إمَامٍ وَغَيْرِهِ (رَفْعُ كَفَّيْهِ) لِلْقِبْلَةِ
مَكْشُوفَتَيْنِ مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ مُفَرَّقَةً وَسَطًا (مَعَ)
ابْتِدَاءِ تَكْبِيرٍ (تَحْرُمُ حَذْوَ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ:
مُقَابِلٍ (مَنْكِبَيْهِ) بِأَنْ تُحَاذِيَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ أَعْلَى
أُذُنَيْهِ وَإِبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَرَاحَتَاهُ
مَنْكِبَيْهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا
افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» أَمَّا الِانْتِهَاءُ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
وَشَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ إنْ فَرَغَ
مِنْهُمَا مَعًا فَذَاكَ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْآخَرِ
أَتَمَّ الْآخَرَ، لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ
وَالْوَسِيطِ وَالتَّحْقِيقِ اسْتِحْبَابُ انْتِهَائِهِمَا مَعًا.
(وَ) ثَالِثُهَا (قِيَامٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مِنْ الْمَأْمُومِينَ حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ
بِجِوَارِ الْمُصَلِّي وَكَذَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا
عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ اهـ. نَقَلَهُ فِي
حَوَاشِي الرَّوْضِ قَبْلَ بَابِ الْغُسْلِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ كَرَاهَةُ
الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ وَالتَّصْرِيحُ بِرَدِّ مَا قَالَهُ ابْنُ
الْعِمَادِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) تَقْيِيدُهُ فِي الْمَبْلَغِ بِالِاحْتِيَاجِ
يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ يَطْلُبُ مِنْهُ الْجَهْرَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ
كَذَلِكَ بَلْ فِي كُلِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالِاحْتِيَاجِ
وَهُوَ قَوْلُهُ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ أَيْ بِالرَّفْعِ فَلَوْ عَلِمُوهُ
بِغَيْرِ الرَّفْعِ انْتَفَى الِاحْتِيَاجُ فَيَكُونُ الرَّفْعُ مَكْرُوهًا
اهـ ع ش اهـ أطف. فَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ فَقَطْ أَوْ الذِّكْرَ
وَالْإِعْلَامَ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ فَقَطْ أَوْ
أَطْلَقَ بَطَلَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَصْدُ الذِّكْرِ شَرْطٌ عِنْدَ
كُلِّ تَكْبِيرَةٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ
التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذُكِرَ فِي
الْعَالِمِ، أَمَّا فِي الْعَامِّيِّ وَلَوْ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ
فَلَا يَضُرُّهُ قَصْدُ الْإِعْلَامِ فَقَطْ وَلَا الْإِطْلَاقُ اهـ
شَيْخُنَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِمُصَلٍّ) أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً رَفْعَ كَفَّيْهِ
أَيْ: وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اضْطِجَاعٍ اهـ شَرْحُ م ر وَالْحِكْمَةُ
فِي ذَلِكَ إعْظَامُ إجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ
وَالِاقْتِدَاءُ بِنَبِيِّهِ وَوَجْهُ الْإِعْظَامِ مَا تَضَمَّنَهُ
الْجَمْعُ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ مِنْ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ عَلَى
كِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَالتَّرْجَمَةِ عَنْهُ بِاللِّسَانِ
وَإِظْهَارِ مَا يُمْكِنُ إظْهَارُهُ بِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَقِيلَ
لِلْإِشَارَةِ إلَى تَوْحِيدِهِ وَقِيلَ لِيَرَاهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ
تَكْبِيرَهُ فَيَقْتَدِي بِهِ وَقِيلَ إشَارَةً إلَى طَرْحِ مَا سِوَاهُ
وَالْإِقْبَالَ بِكُلِّهِ عَلَى صَلَاتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ.
قَوْلُهُ: وَلِمُصَلٍّ رَفْعُ كَفَّيْهِ لَوْ رَفَعَ وَاحِدَةً كُرِهَ
وَكَتَبَ أَيْضًا قِيلَ حِكْمَتُهُ رَفْعُ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ
اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعَهُ
الْأَعْمَى وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إلَى طَرْحِ الدُّنْيَا
وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَقِيلَ إلَى
الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِيُنَاسِبَ فِعْلُهُ قَوْلَ اللَّهُ
أَكْبَرُ وَقِيلَ إلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَقِيلَ إشَارَةً
إلَى تَمَامِ الْقِيَامِ وَقِيلَ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ
وَالْمَعْبُودِ وَقِيلَ لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَنْسَبُهَا وَتَعَقَّبَ وَقَالَ الرَّبِيعُ قُلْت
لِلشَّافِعِيِّ مَا مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ قَالَ: تَعْظِيمُ اللَّهِ
وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ بِكُلِّ
رَفْعٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ أُصْبُعٍ حَسَنَةٌ فَتْحُ الْبَارِي
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ رَفْعُ كَفَّيْهِ) أَيْ: ابْتِدَاءُ رَفْعِ كَفَّيْهِ مَعَ
ابْتِدَاءِ تَحَرُّمِهِ إلَخْ فَيَكُونُ ذَاكِرًا لِلِابْتِدَاءِ فِيهِمَا
مَعًا وَتَارِكًا لِانْتِهَائِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّارِحُ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: مَنْهِيًّا
لَهُمَا حَذْوَ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَرَاحَتَاهُ) أَيْ ظَهْرُهُمَا مَنْكِبَيْهِ قَالَ م ر وَعُلِمَ
مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ أَصَابِعِهِ
وَكَوْنِهِ وَسَطًا وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَسُنَّ
رَفْعُ كَفَّيْهِ لِلْقِبْلَةِ وَكَوْنُهُمَا مَكْشُوفَتَيْنِ إلَخْ
بِزِيَادَةِ الْعَاطِفِ فِي الْكُلِّ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ
ذَلِكَ اهـ أَطْفِيحِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَمَّا الِانْتِهَاءُ) أَيْ: انْتِهَاءُ الرَّفْعِ مَعَ
التَّكْبِيرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ
هَذَا حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا الِانْتِهَاءُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ اسْتِحْبَابُ انْتِهَائِهِمَا) أَيْ التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَمَّا حَطُّ الْيَدَيْنِ فَبَعْدَ انْتِهَاءِ
التَّكْبِيرِ وَلَوْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ رَفْعُ إحْدَى يَدَيْهِ
رَفَعَ الْأُخْرَى وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ رَفَعَ السَّاعِدَ
أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ رَفَعَ الْعَضُدَ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى
الرَّفْعِ الْمَسْنُونِ بِأَنْ كَانَ إذَا رَفَعَ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَتَى
بِالْمُمْكِنِ مِنْهُمَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالْأَوْلَى
الزِّيَادَةُ وَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى شَرَعَ فِي
التَّكْبِيرِ رَفَعَ أَثْنَاءَهُ لَا بَعْدَهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَبِمَا
تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّفْعِ وَتَفْرِيقِ أَصَابِعِهِ
وَكَوْنِهِ وَسَطًا وَإِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَإِذَا
فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا أُثِيبَ عَلَيْهِ وَفَاتَهُ الْكَمَالُ فِيمَا
تَرَكَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قَبْلَ الرَّفْعِ وَالتَّكْبِيرِ إلَى
مَوْضِعِ سُجُودِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَوْ نَحْوَ
مَا يَمْنَعُهُ السُّجُودَ وَيَطْرُقُ رَأْسَهُ قَلِيلًا ثُمَّ يَرْفَعُ
يَدَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ لُعْ ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَثَالِثُهَا قِيَامٌ) وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ
لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَفْضَلِ الْأَذْكَارِ وَهُوَ الْقُرْآنُ ثُمَّ
السُّجُودُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْرَبُ
مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ثُمَّ الرُّكُوعُ
ثُمَّ بَاقِي الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبُ مِنْهُ الَّذِي يُؤَدِّي بِهِ
الرُّكْنَ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَتَطْوِيلُهُ
بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ لِضَرُورَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا وَكَذَا
لِلسُّورَةِ، وَيُسَنُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِشِبْرٍ
خِلَافًا لِقَوْلِ الْأَنْوَارِ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ فَقَدْ صَرَّحُوا
بِالشِّبْرِ فِي تَفْرِيقِ رُكْبَتَيْهِ فِي السُّجُودِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ
مَا هُنَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى
وَأَنْ يُلْصِقَ قَدَمَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ
أَوْجَبُوا الذِّكْرَ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ وَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ
(1/338)
فِي فَرْضٍ) لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ
بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَيَجِبُ حَالَ التَّحْرِيمِ بِهِ وَخَرَجَ
بِالْفَرْضِ النَّفَلُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَحُكْمُ الْعَاجِزِ
وَإِنَّمَا أَخَّرُوا الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ مَعَ
أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ فِي الصَّلَاةِ
مُطْلَقًا وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ فَقَطْ وَلِأَنَّهُ قَبْلَهُمَا
فِيهَا شَرْطٌ وَرُكْنِيَّتُهُ إنَّمَا هِيَ مَعَهُمَا وَبَعْدَهُمَا
(بِنَصْبِ ظَهْرٍ) وَلَوْ بِاسْتِنَادٍ إلَى شَيْءٍ كَجِدَارٍ فَلَوْ
وَقَفَ مُنْحَنِيًا أَوْ مَائِلًا بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا لَمْ
يَصِحَّ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ ذَلِكَ (وَصَارَ كَرَاكِعٍ) لِكِبَرٍ أَوْ
غَيْرِهِ (وَقَفَ كَذَلِكَ) وُجُوبًا لِقُرْبِهِ مِنْ الِانْتِصَابِ
(وَزَادَ) وُجُوبًا (انْحِنَاءً لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ) عَلَى
الزِّيَادَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَلَمْ يُوجِبُوهُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ
الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ فَاحْتِيجَ
إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصُهُمَا لِلْعِبَادَةِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ
يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ إلَّا
لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ ذِكْرٌ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ) أَيْ وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ بِالْأَصَالَةِ فَشَمِلَ
صَلَاةَ الصَّبِيِّ وَالْجِنَازَةَ وَالْمُعَادَةَ وَالْمَنْذُورَةَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: وَلَمْ يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ
بِذَلِكَ الْغَيْرِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: مِنْ مُعِينٍ أَوْ عُكَّازَةٍ
أَيْ: وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ بِدُونِهِمَا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ
إلَيْهِمَا فِي النُّهُوضِ فَقَطْ وَإِلَّا بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا فِي
النُّهُوضِ وَالدَّوَامِ لَمْ يَجِبْ الْقِيَامُ وَهُوَ عَاجِزٌ الْآنَ
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ بَسَطَهَا الشَّيْخُ
فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا كَابْنِ حَجَرٍ قَالَ:
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَحَيْثُ أَطَاقَ أَصْلَ الْقِيَامِ أَوْ
دَوَامَهُ بِالْمُعِينِ لَزِمَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَاَلَّذِي تَحَصَّلَ
لِلْعَلَّامَةِ عِ ش عَلَى م ر أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْغَزِّيِّ
وَالرَّوْضِ بَعْدَ اضْطِرَابِ الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْعُكَّازَةِ
وَالْمُعِينِ حَيْثُ قَالَ: مَنْ قَدَرَ بَعْدَ النُّهُوضِ عَلَى
الْقِيَامِ مُعْتَمِدًا عَلَى نَحْوِ جِدَارٍ وَعَصَى لَزِمَهُ أَوْ
بِمُعِينٍ لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ شَمِلَ مَا إذَا
عَجَزَ عَنْهُ مُسْتَقِلًّا وَقَدَرَ عَلَيْهِ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ
أَوْ قَدَرَ عَلَى النُّهُوضِ بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ
طَلَبِهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ يَوْمَهُ
وَلَيْلَتَهُ، وَقِيلَ: إنَّهَا تُعْتَبَرُ بِمَا فِي التَّيَمُّمِ،
وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ؛ لِأَنَّهُ
مَيْسُورَةٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ حَالَ التَّحَرُّمِ) وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ وَبِالْقَادِرِ الْعَاجِزُ وَسَيَأْتِي
حُكْمُهُمَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ فَقَطْ) أَيْ: فَانْحَطَّتْ
رُتْبَتُهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ قَبْلَهُمَا فِيهَا شَرْطٌ) يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ
بِمُقَارَنَتِهِ لَهُمَا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمَا إلَّا
أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ مَنْقُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ مَعَ
إشْكَالِهِ أَوْ تَكُونَ شَرْطِيَّتُهُ قَبْلَهُمَا لِتَوَقُّفِ
مُقَارَنَتِهِ لَهُمَا عَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَتْ لَمْ
يُشْتَرَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِنَصْبِ ظَهْرٍ) بِأَنْ يَكُونَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ
مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ يَكُونَ إلَيْهِمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ اهـ ح
ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا أَيْ:
بِحَيْثُ صَارَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ
الْقِيَامُ أَقْرَبَ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ وَنَازَعَ
الْأَذْرَعِيُّ النَّوَوِيَّ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ
فِيهَا لَكِنْ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا فِي فَصْلٍ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ
صَلَاتِهِ فِيمَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَكَبَّرَ
تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا أَتَى
بِهَا وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ وَقَدْ
كَتَبْنَاهُ بِالْهَامِشِ ثَمَّ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِنَصْبِ ظَهْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ:
وَيَحْصُلُ الْقِيَامُ بِنَصْبِ ظَهْرٍ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِاسْتِنَادٍ إلَى شَيْءٍ) وَيُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ
حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَجِدَارٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ لَسَقَطَ
لِوُجُودِ اسْمِ الْقِيَامِ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ الِاسْتِنَادُ نَعَمْ
لَوْ اسْتَنَدَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ قَدَمَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛
لِأَنَّهُ مُعَلِّقٌ نَفْسَهُ وَلَيْسَ بِقَائِمٍ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ
صِحَّةُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَجِبُ وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ
فَلَوْ أَخَذَ اثْنَانِ بِعَضُدَيْهِ وَرَفَعَاهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى
صَلَّى لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ قِيَامُهُ عَلَى ظَهْرِ
قَدَمَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي اسْمَ الْقِيَامِ
وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ نَظِيرُهُ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي
وَضْعَ الْقَدَمَيْنِ الْمَأْمُورَ بِهِ ثُمَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ وَقَفَ مُنْحَنِيًا) أَيْ: إلَى قُدَّامِهِ أَوْ خَلْفِهِ
وَقَوْلُهُ أَوْ مَائِلًا أَيْ: إلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَقَوْلُهُ
بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا ضَابِطٌ لِلِانْحِنَاءِ السَّالِبِ
لِلْقِيَامِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالِانْحِنَاءُ السَّالِبُ لِلِاسْمِ أَنْ يَصِيرَ
إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَا إنْ كَانَ إلَى
الْقِيَامِ أَقْرَبُ أَوْ مُسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ
الرَّوْضَةِ أَيْضًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَزَادَ وُجُوبًا انْحِنَاءٌ) قَالَ الشَّيْخُ: وَسَكَتُوا
عَمَّا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَهَلْ يَسْقُطُ الرُّكُوعُ حِينَئِذٍ
لِتَعَذُّرِهِ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الِاعْتِدَالِ أَوْ
يَلْزَمُهُ الْمُكْثُ زِيَادَةً عَلَى وَاجِبِ الْقِيَامِ لِيَجْعَلَهَا
عَنْ الرُّكُوعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى
الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ ثُمَّ بِالْإِجْرَاءِ عَلَى
قَلْبِهِ لَزِمَهُ اهـ.
(قُلْت) وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الَّتِي بَعْدَهَا
فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الزِّيَادَةِ) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ لَزِمَهُ
الْمُكْثُ زِيَادَةً عَلَى وَاجِبِ الْقِيَامِ وَيَصْرِفُهَا لِلرُّكُوعِ
بِطُمَأْنِينَتِهِ ثُمَّ لِلِاعْتِدَالِ بِطُمَأْنِينَتِهِ اهـ حَجّ قَالَ
سم عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ثُمَّ لِلِاعْتِدَالِ هَلْ مَحَلُّ هَذَا إنْ عَجَزَ
أَيْضًا عَنْ الْإِيمَاءِ إلَى الِاعْتِدَالِ بِنَحْوِ رَأْسِهِ ثُمَّ
جَفْنِهِ وَإِلَّا قَدَّمَهُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ
(1/339)
(وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ)
دُونَ قِيَامٍ (قَامَ) وُجُوبًا (وَفَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ) فِي
انْحِنَائِهِ لَهُمَا بِصُلْبِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِرَقَبَتِهِ وَرَأْسِهِ
فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ إلَيْهِمَا (أَوْ) عَجَزَ (عَنْ قِيَامٍ) بِلُحُوقِ
مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ كَزِيَادَةِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفِ غَرَقٍ أَوْ دَوَرَانِ
رَأْسٍ فِي سَفِينَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَعْلَى مِنْهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الْأَوَّلُ
اهـ بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) أَيْ: لِعِلَّةٍ فِي
ظَهْرِهِ مَثَلًا تَمْنَعُهُ الِانْحِنَاءَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فِي
انْحِنَائِهِ فِي بِمَعْنَى مِنْ الْبَيَانِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ قَامَ وُجُوبًا) أَيْ: وَلَوْ بِمُعِينٍ وَإِنْ كَانَ مَائِلًا
عَلَى جَنْبٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ وَمِثْلُهُ
الِاسْتِنَادُ إلَى شَيْءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ قَامَ وَفَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا
يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ آكَدُ مِنْهُمَا وَسُقُوطُهُ
فِي النَّفْلِ دُونَهُمَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ خِلَافًا زَعَمَهُ اهـ
شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ وَذَلِكَ؛
لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ فِي النَّافِلَةِ لَكِنَّهُ
شُرِعَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ أَدْوَنَ مِنْ رُكُوعِ الْقَائِمِ فَكَانَ
كُلٌّ مِنْ حَقِيقَةِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ سَاقِطًا فِي النَّافِلَةِ،
وَأَمَّا عَدَمُ سُقُوطِ السُّجُودِ فِي النَّافِلَةِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ
لَنَا حَالَةٌ دُونَهُ يُعَدُّ مَعَهَا سَاجِدًا اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَفَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ أَيْ:
لِخَبَرِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»
وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ
آكَدُ مِنْهُمَا وَسُقُوطُهُ فِي النَّفْلِ دُونَهُمَا لَا يُنَافِي
ذَلِكَ، وَلَوْ أَطَاقَ الْقِيَامَ وَالِاضْطِجَاعَ دُونَ الْجُلُوسِ
قَامَ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ وَيَفْعَلُ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ
الْإِيمَاءِ وَتَشَهَّدَ قَائِمًا وَلَا يَضْطَجِعُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ إلَيْهِمَا) وَبَعْدَ الْإِيمَاءِ
لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ
الثَّانِي حَيْثُ أَمْكَنَهُ الْجُلُوسُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ
فَقَطْ دُونَ السُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ كَرَّرَهُ عَنْ السُّجُودِ اهـ ح
ل وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَقُومُ إلَخْ. اُنْظُرْ هَلْ الْقِيَامُ شَرْطٌ؟ وَمَا
الْمَانِعُ مِنْ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ الثَّانِي مِنْ جُلُوسٍ مَعَ
أَنَّهُ أَقْرَبُ؟ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْمَأَ إلَيْهِمَا) أَيْ: بِأَجْفَانِهِ فَإِنْ عَجَزَ
فَبِقَلْبِهِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَأَمْكَنَهُ بِرَقَبَتِهِ
وَرَأْسِهِ وَجَبَ وَإِلَّا وَجَبَ قَصْدُهُ وَسَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ عَنْ قِيَامٍ قَعَدَ) وَلَوْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ
الْفَاتِحَةِ ثُمَّ عَجَزَ فِي أَثْنَائِهَا قَعَدَ لِيُكْمِلَهَا وَلَا
يُكَلَّفُ قَطْعَهَا لِيَرْكَعَ وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ أَحَبَّ،
وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَمْكَنَهُ
الْقِيَامُ وَإِنْ زَادَ عَجَزَ صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ فِي
الرَّوْضَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ قَائِمًا ثُمَّ
يَجْلِسُ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُ ذَلِكَ لَكِنْ
صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَفْضَلِيَّتِهِ
وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضَ الْقِيَامُ مُنْفَرِدًا مِنْ
غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا بِفِعْلِ
بَعْضِهَا قَاعِدًا فَالْأَفْضَلُ الِانْفِرَادُ وَتَصِحُّ مَعَ
الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قَعَدَ فِي بَعْضِهَا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ
أَيْ: فَإِذَا عَرَضَ لَهُ الْعَجْزُ لِتَطْوِيلِ الْإِمَامِ مَثَلًا
جَلَسَ إلَى رُكُوعِ الْإِمَامِ فَيَقُومُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ وَكَانَ
وَجْهُهُ أَنَّ عُذْرَهُ اقْتَضَى مُسَامَحَتَهُ بِتَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ
فَانْدَفَعَ قَوْلُ جَمْعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ
آكَدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَإِنَّمَا اغْتَفَرُوا تَرْكَ الْقِيَامِ
لِأَجْلِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَغْتَفِرُوا الْكَلَامَ النَّاشِئَ
عَنْ التَّنَحْنُحِ لِسُنَّةِ الْجَهْرِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ
أَنَّ الْقِيَامَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ وَقَدْ أَتَى بِبَدَلٍ عَنْهُ
وَالْكَلَامُ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ
بِدَفْعِهِ أَهَمُّ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلَامَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ
بِخِلَافِ الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَرْكَانِهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِلُحُوقِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) أَيْ: تُذْهِبُ الْخُشُوعَ كَذَا
قَالَ الْإِمَامُ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ أَيْ
فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي هِيَ أَرْقَى مِنْ
ذَلِكَ أَيْ: إذْهَابِ الْخُشُوعِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ
بِشِدَّتِهَا مَا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ بَلْ أَرْقَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ
شَيْخُنَا: وَأَجَابَ الْوَالِدُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَهَابَ الْخُشُوعِ
يَنْشَأُ عَنْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ
غَيْرِهَا اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ شَدِيدَةٍ أَيْ: تُذْهِبُ خُشُوعَهُ
أَوْ كَمَالَهُ أَوْ لَا تُحْتَمَلُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِلُحُوقِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) هَذَا ضَابِطٌ
لِلْعَجْزِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عَدَمَ الْإِمْكَانِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا نَعْنِي بِالْعَجْزِ
عَدَمَ الْإِمْكَانِ فَقَطْ بَلْ فِي مَعْنَاهُ خَوْفُ الْهَلَاكِ أَوْ
الْغَرَقِ انْتَهَتْ.
(فَرْعٌ) لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا وَإِنْ لَحِقَتْهُ
الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ لَزِمَهُ الْقِيَامُ حَيْثُ أَطَاقَهُ؛
لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِحَقِّ النَّذْرِ
مَا لَا يَلْزَمُهُ بِحَقِّ الشَّرْعِ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَزِيَادَةِ مَرَضٍ) وَكَذَا حُدُوثُهُ بِالْأَوْلَى اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(وَقَوْلُهُ أَوْ دَوْرَانِ رَأْسٍ فِي سَفِينَةٍ) أَيْ: وَلَا إعَادَةَ
عَلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِهِ
لِنَحْوِ زَحْمَةٍ لِنُدُورِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ وَشَرْحُ م ر،
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى
الْأَرْضِ أَيْ: وَلَوْ بِلَا مَشَقَّةٍ فَلَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ مِنْ
السَّفِينَةِ لِلصَّلَاةِ خَارِجَهَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ
الشَّارِحِ لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ
إذَا شَقَّ الْخُرُوجُ إلَى
(1/340)
(قَعَدَ) كَيْفَ شَاءَ (وَافْتِرَاشُهُ)
وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي التَّشَهُّدِ (أَفْضَلُ) مِنْ تَرَبُّعِهِ
وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ قُعُودُ عِبَادَةٍ وَلِأَنَّهُ قُعُودٌ لَا
يَعْقُبُهُ سَلَامٌ كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَتَعْبِيرِي
بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ.
(وَكُرِهَ إقْعَاءٌ) فِي قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ (بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى
وِرْكَيْهِ) أَيْ: أَصْلِ فَخِذَيْهِ وَهُوَ الْأَلْيَانُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْأَرْضِ أَوْ فَوَّتَ مَصْلَحَةَ السَّفَرِ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي
الصُّوَرِ الثَّلَاثِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ) أَيْ: لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ
وَثَوَابُ الْقَاعِدِ لِعُذْرٍ كَثَوَابِ الْقَائِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
صَلَّى قَبْلَ مَرَضِهِ لِكُفْرٍ أَوْ تَهَاوُنٍ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ
نَعَمْ إنْ عَصَى بِنَحْوِ قَطْعِ رِجْلَيْهِ لَمْ يَتِمَّ ثَوَابُهُ
وَإِنْ كَانَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ يُصَلِّي
قَاعِدًا بِالِانْحِنَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الرُّكُوعِ إلَى حَدِّ
رُكُوعِهِ أَوْ لَا؟ قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ لَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ جَاهِلًا
وَإِلَّا بَطَلَتْ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي بِأَنْ كَانَ عَالِمًا
وَفَعَلَ ذَلِكَ لَا لِعُذْرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَأَنْ جَلَسَ
مُفْتَرِشًا فَتَعِبَتْ رِجْلَاهُ وَأَرَادَ التَّوَرُّكَ فَحَصَلَ
انْحِنَاءٌ بِسَبَبِ الْإِتْيَانِ بِالتَّوَرُّكِ فَلَا يَضُرُّ، وَإِذَا
وَقَعَ مَطَرٌ وَهُوَ فِي بَيْتٍ لَا يَسَعُ قَامَتَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ
مُكْتَنٍ غَيْرُهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ
مَكْتُوبَةً بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ قُعُودًا أَمْ لَا؟ إلَّا أَنْ
ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُصَلِّيَ فِي
مَوْضِعٍ يُصِيبُهُ فِيهِ الْمَطَرُ فَإِنْ قِيلَ بِالتَّرَخُّصِ فَهَلْ
تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا؟ قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ إنْ كَانَتْ
الْمَشَقَّةُ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَيْهِ فِي الْمَطَرِ دُونَ الْمَشَقَّةِ
الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى الْمَرِيضِ لَوْ صَلَّى قَائِمًا لَمْ يَجُزْ لَهُ
أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَشَقَّ مِنْهَا
جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ قَاعِدًا نَعَمْ
هَلْ الْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْدِيمُ أَوْ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ
مُتَّسِعًا فِيهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إذَا كَانَ
يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ وَلَا
إعَادَةَ؛ لِأَنَّ الْمَطَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ؛ وَلِذَلِكَ
يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَهَلْ مِثْلُ الْمَطَرِ
مَا لَوْ حُبِسَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ فِيهِ فَصَلَّى
قَاعِدًا أَمْ لَا لِنُدْرَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَطَرِ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَافْتِرَاشُهُ أَفْضَلُ) أَيْ: عَلَى الْأَظْهَرِ قَالَ م ر فِي
شَرْحِهِ وَالثَّانِي التَّرَبُّعُ أَفْضَلُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَافْتِرَاشُهُ أَفْضَلُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً
ثُمَّ بَعْدَ الِافْتِرَاشِ الْإِقْعَاءُ الْمَنْدُوبُ ثُمَّ التَّرَبُّعُ
وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مُخَالَفَةٌ لِذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي التَّشَهُّدِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ
بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى كَعْبِ يُسْرَاهُ وَيَنْصِبَ يُمْنَاهُ وَيَضَعَ
أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ لِلْقِبْلَةِ اهـ. وَيُكْرَهُ فَرْشُ قَدَمَيْهِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ) التَّرَبُّعُ جُلُوسٌ مَعْرُوفٌ
يُسَمَّى الْجَالِسُ كَذَلِكَ مُتَرَبِّعًا؛ لِأَنَّهُ رَبَّعَ نَفْسَهُ
أَيْ: أَدْخَلَ أَرْبَعَتَهُ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ بَعْضَهَا تَحْتَ
بَعْضٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَدِّ رِجْلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ أَيْ
كَالتَّوَرُّكِ؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ وَكَذَا بَاقِي الْجِلْسَاتِ وَلَوْ
تَعَارَضَ التَّوَرُّكُ وَالتَّرَبُّعُ قُدِّمَ التَّرَبُّعُ لِجَرَيَانِ
الْخِلَافِ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الِافْتِرَاشِ وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ
فِي التَّوَرُّكِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قُعُودُ عِبَادَةٍ) أَيْ: قُعُودٌ مَشْرُوعٌ فِيهَا
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ إقْعَاءٌ) وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا
رِجْلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَهَذَا فِي الصَّلَاةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ
بِقَوْلِهِ فِي قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ، أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا إلَّا
إذَا كَانَ عِنْدَ مَنْ يَسْتَحِي مِنْهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ
تَكُنْ ضَرُورَةً تَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ اهـ ع ش
عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فِي قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِالصَّلَاةِ غَيْرُهَا فَلَا
يُكْرَهُ فِيهَا الْإِقْعَاءُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ
الْكَيْفِيَّاتِ، نَعَمْ إنْ قَعَدَ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ أَوْ
تُشْعِرُ بِعَدَمِ اكْتِرَاثِهِ بِالْحَاضِرِينَ وَهُمْ مِمَّنْ
يُسْتَحْيَا مِنْهُمْ كُرِهَ ذَلِكَ وَإِنْ تَأَذَّوْا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ
لَيْسَ كُلُّ إيذَاءٍ مُحَرَّمًا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْ: أَصْلَ فَخِذَيْهِ) كَذَا حَرَّرَهُ السُّبْكِيُّ نَقْلًا
عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَغْلَطُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ
الْوِرْكَ هُوَ الْفَخِذُ فَيَسْتَشْكِلُ تَصْوِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَخِذَ يَلِي الرُّكْبَةَ وَفَوْقَهُ
الْوِرْكُ وَفَوْقَ الْأَلْيَةِ فَظَهَرَ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ
التَّسَمُّحِ قَالَ حَجّ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَلْزَمُهُ اتِّحَادُ
الْوِرْكِ وَالْأَلْيَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي الْقَامُوسِ: الْفَخِذُ
مَا بَيْنَ السَّاقِ وَالْوِرْكِ وَالْوِرْكُ هُوَ مَا فَوْقَ الْفَخِذِ
وَالْأَلْيَةُ الْعَجِيزَةُ اهـ مِنْ مَحَالَّ بِاخْتِصَارٍ وَهُوَ صَرِيحٌ
فِي تَغَايُرِ الْوِرْكِ وَالْأَلْيَةِ وَالْفَخِذِ لَكِنَّهُ لَمْ
يُبَيِّنْ الْحَدَّ الْفَاصِلَ لِلْوِرْكِ عَنْ الْآخَرَيْنِ وَبَيَانُهُ
مَا سَأَذْكُرُهُ فِي الْجِرَاحِ أَنَّ الْوِرْكَ هُوَ الْمُتَّصِلُ
بِمَحَلِّ الْقُعُودِ مِنْ الْأَلْيَةِ وَهُوَ مُجَوَّفٌ وَلَهُ اتِّصَالٌ
بِالْجَوْفِ الْأَعْظَمِ بِخِلَافِ الْفَخِذِ اهـ بِاخْتِصَارٍ. قَالَ سم:
قَدْ يَكُونُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ بَيَانًا لِلْمُرَادِ هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَلْيَانِ) فِي الْمِصْبَاحِ: الْأَلْيَةُ بِفَتْحِ
الْهَمْزَةِ أَلْيَةُ الشَّاةِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَجَمَاعَةٌ: وَلَا
تُكْسَرُ الْهَمْزَةُ وَلَا يُقَالُ لَيَّةٌ وَالْجَمْعُ أَلْيَاتٌ مِثْلُ
سَجْدَةٍ وَسَجْدَاتٍ وَالتَّثْنِيَةُ أَلْيَانِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ
بِحَذْفِ الْهَاءِ وَفِي لُغَةٍ أَلْيَتَانِ بِإِثْبَاتِهَا عَلَى
الْقِيَاسِ وَأَلِيَ الْكَبْشُ أَلًى مِنْ بَابِ تَعِبَ عَظُمَتْ
أَلْيَتُهُ فَهُوَ أَلْيَانُ مِثْلُ نَدْمَانَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ،
وَسُمِعَ آلَى وِزَانُ أَعْمَى وَهُوَ الْقِيَاسُ وَنَعْجَةٌ أَلْيَانَةٌ
وَرَجُلٌ آلَى وَامْرَأَةُ عَجْزَاءُ قَالَ ثَعْلَبٌ
(1/341)
(نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْ
الْإِقْعَاءِ فِي الصَّلَاةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمِنْ
الْإِقْعَاءِ نَوْعٌ مَسْنُونٌ عِنْدَ جَمْعٍ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الِافْتِرَاشُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَهُوَ أَنْ
يَفْرِشَ رِجْلَيْهِ أَيْ: أَصَابِعَهُمَا وَيَضَعَ أَلْيَيْهِ عَلَى
عَقِبَيْهِ.
(ثُمَّ يَنْحَنِيَ) الْمُصَلِّي قَاعِدًا (لِرُكُوعِهِ) إنْ قَدَرَ
(وَأَقَلُّهُ أَنْ) يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ (تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَا
أَمَامَ رُكْبَتَيْهِ وَأَكْمَلُهُ أَنْ) يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ (تُحَاذِيَ)
جَبْهَتُهُ (مَحَلَّ سُجُودِهِ) وَرُكُوعُ الْقَاعِدِ فِي النَّفْلِ
كَذَلِكَ (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُصَلِّي بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ عَنْ
الْقُعُودِ (اضْطَجَعَ) عَلَى جَنْبِهِ مُتَوَجِّهَ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ
وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وُجُوبًا (وَسُنَّ عَلَى) جَنْبِهِ (الْأَيْمَنِ)
وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ بِلَا عُذْرٍ جَزَمَ بِهِ
فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ
صَلَّى لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْجَنْبِ
(اسْتَلْقَى) عَلَى ظَهْرِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ (رَافِعًا
رَأْسَهُ) مِنْ زِيَادَتِي بِأَنْ يَرْفَعَهُ قَلِيلًا بِشَيْءٍ
لِيَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ إنْ لَمْ
يَكُنْ فِي الْكَعْبَةِ وَهِيَ مُسْقَفَةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ
الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَكَانَتْ بِهِ بَوَاسِيرُ صَلِّ قَائِمًا
فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»
زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» ثُمَّ إذَا صَلَّى فَيُومِئُ بِرَأْسِهِ
فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ إنْ عَجَزَ عَنْهُمَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ
الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أَوْمَأَ بِأَجْفَانِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ وَالْقِيَاسُ أَلْيَانَةٌ وَأَجَازَهُ أَبُو
عُبَيْدَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى
الْأَرْضِ خِلَافًا لِأَبِي عُبَيْدَةَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ فِي الصَّلَاةِ) وَوَجْهُ
النَّهْيِ عَنْهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْكَلْبِ وَالْقِرْدِ
كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) يَلْحَقُ بِالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا
كُلُّ جُلُوسٍ قَصِيرٍ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ اهـ شَرْحُ م ر
وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اهـ ق ل.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْحَنِي لِرُكُوعِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَعَدَ
كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا اهـ شَيْخُنَا فَهُوَ
مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ لَا مِنْ
تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى الْإِقْعَاءِ اِ هـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ
وَأَقَلُّهُ أَنْ تُحَاذِيَ جِهَتَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى
أَقَلِّ رُكُوعِ الْقَائِمِ وَأَكْمَلِهِ؛ إذْ الْأَوَّلُ يُحَاذِي فِيهِ
مَا أَمَامَ قَدَمَيْهِ وَالثَّانِي يُحَاذِي فِيهِ قَرِيبَ مَحَلِّ
سُجُودِهِ فَمَنْ قَالَ: إنَّهُمَا عَلَى وِزَانِ رُكُوعِ الْقَائِمِ
أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْأَمْرِ التَّقْرِيبِيِّ لَا
التَّحْدِيدِيِّ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ مَا أَمَامَ رُكْبَتَيْهِ) أَيْ: الْمَكَانَ الَّذِي أَمَامَ
رُكْبَتَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) صَلَّى مُضْطَجِعًا وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى
الْجُلُوسِ فَجَلَسَ سُنَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا ثُمَّ إذَا قَدَرَ عَلَى
الْقِيَامِ فَقَامَ سُنَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا أَيْضًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ
مِنْ التَّكْرِيرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ) وَهُوَ لُحُوقُ الْمَشَقَّةِ
الَّذِي دَوَرَانُ الرَّأْسِ فِي السَّفِينَةِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مُتَوَجِّهٌ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ)
الْمُرَادُ بِهِ الصَّدْرُ فَلَا يَضُرُّ الِانْحِرَافُ بِغَيْرِهِ وَكَذَا
يُقَالُ فِي قَوْلِهِ فِي الِاسْتِلْقَاءِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مُتَوَجِّهٌ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ إلَخْ) كَذَا
قَالُوهُ وَفِي وُجُوبِ اسْتِقْبَالِهَا بِالْوَجْهِ هُنَا دُونَ
الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ نَظَرٌ وَقِيَاسُهُمَا عَدَمُ وُجُوبِهِ هُنَا؛
إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا لِإِمْكَانِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْمُقَدَّمِ
دُونَهُ وَتَسْمِيَتُهُ مَعَ ذَلِكَ مُسْتَقْبِلًا فِي الْكُلِّ
بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي
فِي رَفْعِ الْمُسْتَلْقِي رَأْسَهُ لِيَسْتَقْبِلَ بِوَجْهِهِ بِنَاءً
عَلَى مَا أَفْهَمَهُ اقْتِصَارُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَبَعًا
لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ بِمُقَدَّمِ
بَدَنِهِ لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ عَبَّرَ
بِالْوَجْهِ وَمُقَدَّمِ الْبَدَنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ
فَيَحْمِلُ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا
بِقَدْرِ اسْتِقْبَالِ وَجْهِهِ فَقَطْ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا
أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ أَيْضًا فَحِينَئِذٍ
يَسْقُطُ الِاسْتِقْبَالُ بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ
اهـ شَرْحُ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ
لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ
عَلَى الْأَيْمَنِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ نَدْبًا إنْ كَانَ
مُتَوَجِّهًا بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وَإِلَّا فَوُجُوبًا اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ وَأَخْمَصَاهُ
أَوْ رِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ كَالْمُخْتَصَرِ لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ فَلَا
يَضُرُّ إخْرَاجُهُمَا عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ اسْمَ
الِاسْتِلْقَاءِ وَالِاسْتِقْبَالُ حَاصِلٌ بِالْوَجْهِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ
يَجِبْ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يُعْهَدْ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ نَعَمْ إنْ
فَرَضَ تَعَذُّرَهُ بِالْوَجْهِ لَمْ يَبْعُدْ إيجَابُهُ بِالرِّجْلِ
حِينَئِذٍ تَحْصِيلًا لَهُ بِبَعْضِ الْبَدَنِ مَا أَمْكَنَهُ اهـ حَجّ
وَفِي حَاشِيَةِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ الْجَزْمُ
بِاشْتِرَاطِ الِاسْتِقْبَالِ بِالرِّجْلَيْنِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ
فَلَعَلَّ حَجّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ شَيْخِهِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ
إنْ فَرَضَ إلَخْ فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ
الِاسْتِقْبَالَ لَهُ عُضْوٌ مَخْصُوصٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا
تَعَذَّرَ سَقَطَ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ
أَنْ لَوْ وَجَبَ بِالْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ فَيُقَالُ الْمَيْسُورُ لَا
يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ
ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر فِي كِتَابِ
الْجَنَائِزِ مَا نَصُّهُ، وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ هُوَ بِتَثْلِيثِ
الْهَمْزَةِ أَيْضًا اهـ وَهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ الْقَدَمَيْنِ اهـ
شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِصْبَاحِ مَا نَصُّهُ خَمِصَتْ الْقَدَمُ
خَمْصًا مِنْ بَابِ تَعِبَ ارْتَفَعَتْ عَنْ الْأَرْضِ فَلَمْ تَمَسَّهَا
فَالرَّجُلُ أَخْمَصُ الْقَدَمِ وَالْمَرْأَةُ خَمْصَاءُ وَالْجَمْعُ
خُمْصٌ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحُمْرٌ حَمْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ فَإِنْ
جَمَعْت الْقَدَمَ نَفْسَهَا قُلْت: الْأَخَامِصُ مِثْلُ الْأَفْضَلِ
وَالْأَفَاضِلُ إجْرَاءٌ لَهُ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
بِالْقَدَمِ خَمْصٌ فَهِيَ رَحَّاءُ بِرَاءٍ وَحَاءٍ مُشَدَّدَةٍ
مُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْمَدِّ اهـ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا صَلَّى فَيُومِئُ) أَيْ: الْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّهُ
الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا
وَعَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ لِيَسْجُدَ مِنْهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فِي رُكُوعِهِ) وَسُجُودِهِ وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ
الرُّكُوعِ فِي هَذَا الْإِيمَاءِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَوْمَأَ بِأَجْفَانِهِ) أَيْ: جِنْسِهَا فَيَكْفِي جَفْنٌ
وَاحِدٌ اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا إيمَاءٌ لِلسُّجُودِ أَخْفَضُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ
خِلَافًا لِلْجَوْهَرِيِّ
(1/342)
فَإِنْ عَجَزَ أَجْرَى أَفْعَالَ
الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ مَا دَامَ
عَقْلُهُ ثَابِتًا.
(وَلِقَادِرٍ) عَلَى الْقِيَامِ (نَفْلٌ قَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا) لِخَبَرِ
الْبُخَارِيِّ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى
قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا أَيْ:
مُضْطَجِعًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَيَقْعُدُ لِلرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْمُسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ وَإِنْ
أَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِظُهُورِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ دُونَ
الطَّرْفِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ) أَيْ: بِأَنْ
يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا وَقَارِئًا وَرَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ
وَلَا إعَادَةَ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يُقَدَّرُ
بِهِ تِلْكَ الْأَفْعَالُ أَنْ يَسَعَهَا لَوْ كَانَ قَادِرًا وَفَعَلَهَا
بَلْ حَيْثُ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَفْعَالِ فِي نَفْسِهِ كَأَنْ
مَثَّلَ نَفْسَهُ رَاكِعًا وَمَضَى زَمَنٌ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ
كَفَى وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ صِفَةِ الْقُرْآنِ مِنْ
الْإِدْغَامِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ
وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛
لِأَنَّ الصِّفَاتِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عِنْدَ النُّطْقِ لِيَتَمَيَّزَ
بَعْضُ الْحُرُوفِ عَنْ بَعْضٍ خُصُوصًا الْمُتَمَاثِلَةُ
وَالْمُتَقَارِبَةُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا إنَّمَا يَأْتِي بِهَا
عَلَى وَجْهِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَلَا يُشْتَبَهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ
حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّمْيِيزِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ) أَيْ:
بِأَنْ يُجْرِيَ أَرْكَانَهَا وَسُنَنَهَا عَلَيْهِ قَوْلِيَّةً أَوْ
فِعْلِيَّةً إنْ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا
وَقَارِئًا وَرَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ
وَالْقَوْلُ بِنُدْرَتِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا يَلْزَمُ نَحْوَ الْقَاعِدِ
وَالْمُومِئِ إجْرَاءُ نَحْوِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى
قَلْبِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ إلَخْ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ إذَا
عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ قَالَ
الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يُعِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا) أَيْ لِوُجُودِ مَنَاطِ
التَّكْلِيفِ وَلَوْ قَدَرَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ
الْقُعُودِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَرَأَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَلَا
تَجْزِيهِ قِرَاءَتُهُ فِي نُهُوضِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فِيمَا هُوَ
أَكْمَلُ مِنْهُ فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ شَيْئًا أَعَادَهُ وَتَجِبُ
الْقِرَاءَةُ فِي هَوِيِّ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ
وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهَا وَجَبَ قِيَامٌ بِلَا
طُمَأْنِينَةٍ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ
تَجِبْ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ
أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ ارْتَفَعَ
لَهَا إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَإِنْ انْتَصَبَ ثُمَّ رَكَعَ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ بَعْدَ
الطُّمَأْنِينَةِ فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ
إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ، وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ؛
لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ
فِي الِاعْتِدَالِ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ وَاطْمَأَنَّ وَكَذَا
بَعْدَهَا إنْ أَرَادَ قُنُوتًا فِي مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ
الْقِيَامُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يَطُولُ
وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ
أَدَّى قِيَامُهُ إلَى تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ تَطْوِيلًا غَيْرَ
مَشْرُوعٍ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ الْقِيَامِ لِتَكْمِيلِ الدُّعَاءِ
الْمَشْرُوعِ فِيهِ فَإِنْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمَا
نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْإِبَاحِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا بَلَغَ
غَايَةَ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ وَصَفَا قَلْبُهُ وَاخْتَارَ الْإِيمَانَ
عَلَى الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ نِفَاقٍ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ
وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ رَدَّهُ
التَّفْتَازَانِيُّ بِأَنَّهُ كُفْرٌ وَضَلَالٌ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
فِي الْإِيمَانِ الْأَنْبِيَاءُ خُصُوصًا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ التَّكَالِيفَ فِي حَقِّهِمْ أَتَمُّ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلِقَادِرٍ نَفْلٌ قَاعِدًا) أَيْ: بِالْإِجْمَاعِ رَاتِبًا
كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَكْثُرُ فَاشْتِرَاطُ
الْقِيَامِ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ أَوْ التَّرْكِ وَلِهَذَا لَا
يَجُوزُ الْقُعُودُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ
عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ لِنُدُورِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م
ر.
(قَوْلُهُ فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ) هَذَا وَارِدٌ فِيمَنْ صَلَّى
النَّفَلَ كَذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَهَذَا فِي حَقِّنَا، وَأَمَّا فِي
حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا إذْ مِنْ خَصَائِصِهِ
أَنَّ تَطَوُّعَهُ قَاعِدًا كَهُوَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ
الْكَسَلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَعْقِدُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِمَا
كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلِلتَّحَرُّمِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَانْظُرْ حُكْمَ الْجُلُوسِ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ هَلْ يَقْعُدُ لَهُ أَوْ يَكْفِيهِ الِاضْطِجَاعُ فِيهِ
تَأَمُّلٌ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِيعَابِ قَالَ وَيَكْفِيهِ الِاضْطِجَاعُ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي الِاعْتِدَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ) بِخِلَافِ الِانْحِنَاءِ
فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ؛
لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْقُعُودِ نَعَمْ إذَا قَرَأَ فِيهِ وَأَرَادَ
جَعْلَهُ لِلرُّكُوعِ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مُضِيُّ جُزْءٍ
مِنْهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مُطْمَئِنٌّ لِيَكُونَ عَنْ الرُّكُوعِ
إذْ مَا قَارَنَهَا لَا يُمْكِنُ حُسْبَانُهُ عَنْهُ سُئِلَ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَائِمًا هَلْ
يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ حَالَ قِيَامِهِ قَبْلَ
اعْتِدَالِهِ وَتَنْعَقِدُ بِهِ صَلَاتُهُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ
يَجُوزُ لَهُ بِتَكْبِيرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَتَنْعَقِدُ بِهَا
صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي حَالَةٍ
أَدْنَى مِنْ حَالَتِهِ وَلَوْ فِي حَالِ اضْطِجَاعِهِ ثُمَّ يُصَلِّي
قَائِمًا وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ سَابِقًا مِنْ إجْزَاءِ
قِرَاءَتِهِ فِي هَوِيِّهِ لِلْجُلُوسِ دُونَ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ
(1/343)
(وَ) رَابِعُهَا (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ
كُلَّ رَكْعَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هُنَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ؛ إذْ لَا يَتِمُّ دُخُولُهُ فِيهَا
إلَّا بِتَمَامِ تَكْبِيرِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ فَسُومِحَ
هُنَا مَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ ثَمَّ، وَلَوْ أَرَادَ عِشْرِينَ رَكْعَةً
قَاعِدًا وَعَشْرًا قَائِمًا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْجَوَاهِرِ
وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْعِشْرِينَ أَفْضَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ
زِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا
أَكْمَلُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الِاسْتِوَاءُ.
وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى - تَفْضِيلُ الْعَشْرِ مِنْ قِيَامٍ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا
أَشَقُّ فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ
مِنْ قِيَامٍ أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ قُعُودٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ
«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ: الْقِيَامِ، وَصُورَةُ
الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ
م ر وَقَوْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَى الزَّمَانُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ
اسْتِوَاءُ زَمَنِ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْقُعُودِ مَعَ كُلِّ
رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْقِيَامِ لِتَحْصُلَ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ
نَفْسِ الْقِيَامِ وَنَفْسِ تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِلَّا
بِأَنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي صَرَفَهُ لِمَجْمُوعِ
الْعَشْرِ مُسَاوٍ لِلزَّمَانِ الَّذِي صَرَفَهُ لَلْعِشْرِينَ فَيَنْبَغِي
الْقَطْعُ بِتَفْضِيلِ الْعَشْرِ مِنْ قِيَامٍ وَالتَّفْضِيلُ حِينَئِذٍ
عَارِضٌ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ لَا مِنْ ذَاتِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ
رَشِيدِيٌّ وَالْكَلَامُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَمَّا غَيْرُهُ
كَالرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى
الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ أَفْضَلُ فَفِعْلُ الْوِتْرِ إحْدَى عَشْرَةَ
فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا فِي
قِيَامٍ يَزِيدُ عَلَى زَمَنِ ذَلِكَ الْعَدَدِ لِكَوْنِ الْعَدَدِ فِيمَا
ذُكِرَ بِخُصُوصِهِ مَطْلُوبًا لِلشَّارِعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) هَذِهِ دَعْوَى أُولَى وَقَوْلُهُ
كُلَّ رَكْعَةٍ دَعْوَى ثَانِيَةٌ وَقَدْ أَثْبَتَهُمَا بِالدَّلِيلِ
وَقَوْلُهُ فِي قِيَامٍ أَوْ بَدَلِهِ دَعْوَى ثَالِثَةٌ وَلَمْ
يُثْبِتْهَا بِالدَّلِيلِ وَيُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِخَبَرِ الْمُسِيءِ
صَلَاتَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ
اقْرَأْ» فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْقِيَامِ وَيُقَاسُ
بِالْقِيَامِ بَدَلُهُ اهـ لِكَاتِبِهِ، وَلِشَرَفِ الْفَاتِحَةِ عَلَى
غَيْرِهَا كَثُرَتْ أَسْمَاؤُهَا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ
عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى غَالِبًا وَلِذَلِكَ ذُكِرَ لَهَا ثَلَاثُونَ
اسْمًا وَهِيَ الْفَاتِحَةُ وَالْحَمْدُ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَأُمُّ
الْقُرْآنِ وَالشِّفَاءُ وَالشَّافِيَةُ وَتَعْلِيمُ الْمَسْأَلَةِ
وَالْوَافِيَةُ وَسُورَةُ الْوَفَاءِ وَالْكَافِيَةُ وَسُورَةُ
الْكَافِيَةِ وَالرَّاقِيَةُ وَالْأَسَاسُ وَالصَّلَاةُ وَسُورَةُ
الصَّلَاةِ وَسُورَةُ الْكَنْزِ وَسُورَةُ الثَّنَاءِ وَسُورَةُ
التَّفْوِيضِ وَالسَّبْعُ وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ وَالْمُجْزِئَةُ
وَالْمُنْجِيَةُ وَسُورَةُ الْإِجْزَاءِ وَسُورَةُ النَّجَاةِ وَسُورَةُ
الرَّحْمَةِ وَسُورَةُ النِّعْمَةِ وَسُورَةُ الِاسْتِعَانَةِ وَسُورَةُ
الْهِدَايَةِ وَسُورَةُ الْجَزَاءِ وَسُورَةُ الشُّكْرِ فَلَوْ نَذَرَ
قِرَاءَةَ سُورَةِ الشُّكْرِ مَثَلًا انْصَرَفَ إلَى الْفَاتِحَةِ.
(فَائِدَةٌ) إثْبَاتُ نَحْوِ أَسْمَاءِ السُّوَرِ وَالْأَعْشَارِ مِنْ
بِدَعِ الْحَجَّاجِ اهـ حَجّ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ إثْبَاتُهَا فِي
الْمَصَاحِفِ لَا أَنَّهُ اخْتَرَعَ أَسْمَاءَهَا لِمَا صَحَّ أَنَّهَا
كُلَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ كُلَّ رَكْعَةٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً
أَوْ سِرِّيَّةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالسُّنَّةُ فِي
حَقِّ الْمَأْمُومِ تَأْخِيرُ قُرْآنِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ
الْأُولَتَيْنِ إلَى مَا بَعْدِ فَاتِحَةِ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ
قِرَاءَتَهُ لِنَحْوِ بَعْدَ قَدْرِ زَمَنِهَا وَحِينَئِذٍ يَشْتَغِلُ
بِإِطَالَةِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ يَأْتِي بِهِ اهـ ح
ل وَقَدْ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا لَا لِخَلَلٍ فِي الصِّحَّةِ
وَإِنَّمَا هُوَ لِحِيَازَةِ فَضِيلَةٍ كَأَنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا
ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ
عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ وَإِذَا قَامَ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ
الْفَاتِحَةِ لِتَقَعَ مِنْهُ حَالَ الْكَمَالِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ
انْتَقَلَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا
ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَحِينَئِذٍ إذَا قَرَأَهَا ثَانِيًا
قَاعِدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِوُجُودِ مَنْ يَمْسِكُهُ أَوْ
غَيْرُ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ.
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا وَإِنْ ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ قُدْرَتَهُ
عَلَى الْقِيَامِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى
الْقِيَامِ فَيَزِيدُ اسْتِحْبَابُهَا وَيَنْتَظِمُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ
وَأَبْلَغُ مِنْهُ وُجُوبُ تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ
الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ
الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي
غَيْرِ الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ إذَا فَرَغَ مِنْ
الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِ
الصَّلَاةِ وَلَا يُكَلَّفُ الْقِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ فَلَوْ
خَالَفَ وَقَرَأَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ
وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ حَالًا؛
لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ وَمَحَلُّهُ فِي الْمَأْمُومِ
مَا لَمْ يُعَارِضْهُ رُكُوعُ الْإِمَامِ فَإِنْ عَارَضَهُ فَيَنْبَغِي
أَنْ يُتَابِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَتَدَارَكَ بَعْدُ ثُمَّ إنَّ
قَوْلَهُمْ حَالًا هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَطَسَ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ
الْوَاجِبَةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْمِلَ الْفَاتِحَةَ عَنْ
الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِهَا عَنْ النَّذْرِ إنْ أَمِنَ
رُكُوعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا أَخَّرَهَا إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ بَقِيَ
مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ جُنُبٌ هَلْ يَقْرَأُ أَوْ يُؤَخِّرُ
الْقِرَاءَةَ إلَى أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَكُونُ
(1/344)
فِي قِيَامِهَا أَوْ بَدَلِهِ لِخَبَرِ
الشَّيْخَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»
أَيْ: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ
(إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا
يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا عَنْهُ
(وَالْبَسْمَلَةُ) آيَةٌ (مِنْهَا) عَمَلًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا آيَةً مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا عَمَلًا الظَّنُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛
لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَنْذُورَةَ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ
تَفُوتُ بِسَبَبِهِ فَهِيَ مِنْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ
فَوْرٌ حَتَّى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عَقِبَ الْعُطَاسِ كَانَ
مَحْمُولًا عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ وَهُوَ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ
وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ عَطَسَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ
فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَتَمَّ بَقِيَّةَ الْفَاتِحَةِ لَمْ
يَجْزِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنَّهُ
لِلْعُطَاسِ أَمْ أَطْلَقَ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ
نِعْمَةَ اللَّهِ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ
الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاوِيًا الشُّكْرَ فَلَا
يَجْزِهِ أَنْ يُكْمِلَ عَلَيْهَا بَقِيَّةَ الْفَاتِحَةِ لِذَلِكَ،
وَقَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّ هَذَا غَفْلَةٌ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ
إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَكُلُّهُ
مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فِي قِيَامِهَا) وَمِنْهُ الْقِيَامُ الثَّانِي مِنْ رَكْعَتَيْ
صَلَاةِ الْخُسُوفِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلُهُ سَوَاءٌ
كَانَ ذَلِكَ الْبَدَلُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَذَلِكَ فِي النَّفْلِ وَهُوَ
الْقُعُودُ وَالِاضْطِجَاعُ أَوْ مَعَ الْعَجْزِ، وَذَلِكَ فِي الْفَرْضِ
وَهُوَ الْقُعُودُ وَالِاضْطِجَاعُ وَالِاسْتِلْقَاءُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا
كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَبَطِيءِ الْحَرَكَةِ وَمَنْ زَحَمَ عَنْ
السُّجُودِ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ
إمَامِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَتَخَلَّفَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ أَيْ:
حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهُوَ هُنَا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ
زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَفِي مَعْنَاهُ
كُلُّ مُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ كَزَحْمَةٍ وَنِسْيَانٍ وَبُطْءِ حَرَكَةٍ
بِأَنْ لَمْ يَقُمْ مِنْ السُّجُودِ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ أَوْ هَاوٍ
لِلرُّكُوعِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي مَعْنَى الْمَسْبُوقِ كُلُّ مُتَخَلِّفٍ
بِعُذْرٍ كَزَحْمَةٍ وَنِسْيَانٍ لِلصَّلَاةِ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ
انْتَهَتْ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مُحْتَرِزٌ
لِلصَّلَاةِ أَيْ: فَلَا يَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ بَلْ إذَا
تَذَكَّرَ الْفَاتِحَةَ وَجَبَ أَنْ يَتَخَلَّفَ وَيَقْرَأَهَا فَإِنْ
فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ مِنْ الْإِمَامِ
فَذَاكَ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى
هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ
مُتَخَلِّفٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّ
نِسْيَانَ الْقِرَاءَةِ كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ
إطْلَاقِ غَيْرِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَتَخَلَّفُ
لِقِرَاءَتِهَا وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ
ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ
اللَّهُ - فِي فَصْلٍ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ بَعْدَ قَوْلِ
الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ إلَخْ أَوْ سَهَا عَنْهَا أَيْ:
الْقِرَاءَةِ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطٌ لَا
لِقِرَاءَةٍ وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ وَعَلَى
تَسْلِيمِهَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نِسْيَانَ الصَّلَاةِ
يَكْثُرُ بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُقَصِّرًا
فِيهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْأُجْهُورِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ فَنِسْيَانُ الصَّلَاةِ
وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّمْسُ
الرَّمْلِيُّ فِي فَصْلِ الْمُتَابَعَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لَهُ هُنَا
فِي بَعْضِ نُسَخِهِ حَيْثُ قَالَ: وَنِسْيَانٌ لِلصَّلَاةِ لَا
لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ اهـ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ
سَوَاءٍ انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ) أَيْ
فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ لَا مِنْ أَصْلِهِ؛
لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا وَجَبَتْ وَيَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ
وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ
وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْجَمَاعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا عَنْهُ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُدْرِكُ
الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ حَتَّى لَوْ
فَارَقَ إمَامَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَاقْتَدَى بِآخَرَ وَهُوَ
رَاكِعٌ وَقَصَدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ صَحَّ
اقْتِدَاؤُهُ وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَرَّرَ
ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ آيَةٌ مِنْهَا) وَكَذَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ مَا عَدَا بَرَاءَةٍ
وَلَيْسَتْ لِلْفَصْلِ وَإِلَّا لَثَبَتَتْ أَوَّلَ بَرَاءَةٍ وَسَقَطَتْ
أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ عَمَلًا أَيْ لَا اعْتِقَادًا
فَلَا يَجِبُ اعْتِقَادُ كَوْنِهَا مِنْهَا وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ،
وَأَمَّا كَوْنُهَا قُرْآنًا فَيَجِبُ اعْتِقَادُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ
بِالْإِجْمَاعِ فَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا آيَةٌ مِنْهَا) أَيْ: وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ مَا عَدَا
بَرَاءَةٍ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ وَقْتَ الْحَرْبِ وَالسَّيْفِ وَهِيَ
لِلْأَمَانِ فَتُكْرَهُ أَوَّلُهَا وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَائِهَا عِنْدَ
الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ كَابْنِ
حَجَرٍ: تَحْرُمُ فِي أَوَّلِهَا وَتُكْرَهُ فِي أَثْنَائِهَا
وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَتُنْدَبُ فِي
أَثْنَاءِ غَيْرِهَا اتِّفَاقًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا عَمَلًا الظَّنُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ
رُوَاةَ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ آحَادٌ وَهُوَ كَافٍ مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ
وَاشْتِرَاطُ التَّوَاتُرِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا
لَا حُكْمًا لَا يُقَالُ لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا؛
لِأَنَّا نَقُولُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا
وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ وَالْكَلَامُ
(1/345)
(وَيَجِبُ رِعَايَةُ حُرُوفِهَا) فَلَوْ
أَتَى قَادِرٌ أَوْ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعْلِيمُ بَدَلَ حَرْفٍ مِنْهَا
بِآخَرَ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ
النَّظْمَ وَلَوْ نَطَقَ بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ
الْقَافِ وَالْكَافِ صَحَّتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ
وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا
بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ (وَ) رِعَايَةُ (تَشْدِيدَاتِهَا) الْأَرْبَعَ
عَشْرَةَ؛ لِأَنَّهَا هَيْئَاتٌ لِحُرُوفِهَا الْمُشَدَّدَةِ فَوُجُوبُهَا
شَامِلٌ لِهَيْئَاتِهَا (وَ) رِعَايَةُ (تَرْتِيبِهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ
بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ
وَالْإِعْجَازِ فَلَوْ بَدَأَ بِنِصْفِهَا الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ
وَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ وَلَمْ يَطُلْ
الْفَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي غَيْرِ الْبَسْمَلَةِ الَّتِي فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ رِعَايَةُ حُرُوفِهَا إلَخْ) الضَّمَائِرُ
الْأَرْبَعَةُ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ لِلْفَاتِحَةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بُدِّلَ حَرْفٌ مِنْهَا بِآخَرَ) أَيْ: كَضَادٍ بِظَاءٍ وَذَالِ
الَّذِينَ الْمُعْجَمَةِ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ زَايٍ خِلَافًا
لِلزَّرْكَشِيِّ وَكَحَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ هَاءً وَيَاءِ الْعَالَمِينَ
وَاوًا خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَتَخْفِيفِ إيَّاكَ وَكَسْرِ كَافِهَا
بَلْ لَوْ تَرَكَ التَّشْدِيدَ عَمْدًا وَهُوَ يَعْرِفُ مَعْنَاهُ كَفَرَ؛
لِأَنَّ إيَا بِالتَّخْفِيفِ ضَوْءُ الشَّمْسِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَعْبُدُ
ضَوْءَهَا وَكَسْرِ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ ضَمِّهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ) وَحَيْثُ
بَطَلَتْ الْقِرَاءَةُ دُونَ الصَّلَاةِ فَمَتَى رَكَعَ عَمْدًا قَبْلَ
إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الصَّوَابِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ إلَخْ
أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْقِرَاءَةِ وَلَا تَبْطُلُ
صَلَاتُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَكَانَ عَامِدًا عَالِمًا
انْتَهَتْ. وَنَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ ع ش وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف
وَقَالَ شَيْخُنَا الْأُجْهُورِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى تَعَمَّدَ
الْإِبْدَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى أَوْ لَا
بِخِلَافِ اللَّحْنِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَا غَيَّرَ الْمَعْنَى
فَيَضُرُّ وَمَا لَا فَلَا اهـ.
لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يُشِيرُ إلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ
أَنَّ الْإِبْدَالَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَيْسَ مُبْطِلًا مُطْلَقًا حَيْثُ
قَالَ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَقُلْ
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ) أَيْ
وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا صَحَّتْ وَيَسْجُدُ
لِلسَّهْوِ وَسُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا إذَا قَرَأَ
الْمُصَلِّي أَنْعَمْت بِإِسْقَاطِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ لِلدَّرْجِ هَلْ
تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا فَأَجَابَ
بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِقِرَاءَتِهِ الْمَذْكُورُ بَلْ يَجِبُ
عَلَيْهِ إعَادَةُ تِلْكَ الْكَلِمَةِ لِإِسْقَاطِ الْهَمْزَةِ، وَأَمَّا
إذَا زَادَ حَرْفًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ
إلَّا إذَا غَيَّرَ الْمَعْنَى وَتَعَمَّدَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِقَافِ الْعَرَبِ) الْمُرَادُ بِالْعَرَبِ أَجْلَافُهُمْ،
وَأَمَّا الْفُصَحَاءُ مِنْهُمْ فَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ اهـ بَابِلِيٌّ
وَقَوْلُهُ صَحَّتْ أَيْ: وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقَافِ
الْخَالِصَةِ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ
بِإِبْدَالِ حَرْفٍ بَلْ هِيَ قَافٌ غَيْرُ خَالِصَةٍ اهـ شَيْخُنَا ح ف
وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ مَكْرُوهَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَرِعَايَةُ تَشْدِيدَاتِهَا) فَلَوْ خَفَّفَ مِنْهَا
تَشْدِيدَةً لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ تِلْكَ الْكَلِمَةَ لِتَغْيِيرِ
نَظْمِهَا وَيَتَعَيَّنُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ أَيْضًا إذَا غَيَّرَ
الْمَعْنَى حَرِّرْ، وَلَوْ شَدَّدَ حَرْفًا مُخَفَّفًا أَسَاءَ
وَأَجْزَأَهُ مَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَهَلْ
مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: الصِّرَاطَ الَّذِينَ بِزِيَادَةِ أَلْ أَوْ
يُفَرَّقُ بِعَدَمِ تَمَيُّزِ الزِّيَادَةِ فِي التَّشْدِيدِ وَبِأَنَّ
زِيَادَةَ أَلْ تُنَافِي الْإِضَافَةَ أَيْ: لَا تَتَبَادَرُ مِنْهَا
الْإِضَافَةُ الظَّاهِرُ الْفَرْقُ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ السُّيُوطِيّ أَنَّ
ذَلِكَ مُبْطِلٌ مَعَ الْعَمْدِ أَيْ وَعَلِمَ التَّحْرِيمَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ الْأَرْبَعُ عَشْرَةَ) فَلَوْ زَادَ فِيهَا بِأَنْ أَدْغَمَ
مِيمَ الرَّحِيمِ فِي مِيمِ مَالِكِ لَمْ يَضُرَّ اهـ ح ل لَكِنَّهُ
يَحْرُمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر
مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ شَاذٌّ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ
الشَّيْخَانِ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى اهـ
شَيْخُنَا، وَأَمَّا الْإِدْغَامُ مَعَ إسْقَاطِ أَلِفِ مَالِكِ
فَسَبُعِيَّةٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ شَامِلٌ لِهَيْئَاتِهَا) وَمِنْهَا الْحَرَكَاتُ وَالسَّكَنَاتُ
وَالْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ) مِنْ هُنَا
يَظْهَرُ عَدَمُ وُجُوبِ تَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ حَيْثُ لَا يُغَيِّرُ
الْمَعْنَى؛ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ فَلَا يَشْكُلُ جَوَازُ الْإِخْلَالِ
بِتَرْتِيبِهِ بِوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ مَعَ أَنَّ أَمْرَ الْمُوَالَاةِ
أَخَفُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَإِنْ كَانَ أَضْيَقَ فِي
الْفَاتِحَةِ إلَّا أَنَّ وُجُوبَهُ لِمَعْنًى لَمْ يُوجَدْ فِي
التَّشَهُّدِ وَهُوَ الْإِعْجَازُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْمُوَالَاةُ فِي
التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالنَّظْمِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ) أَيْ: مَرْجِعُهَا.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ نَاطَهُ نَوْطًا مِنْ بَابِ قَالَ عَلَّقَهُ
وَاسْمُ مَوْضِعِ التَّعْلِيقِ مَنَاطٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَوْلُهُ:
وَالْإِعْجَازُ عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ الْبَلَاغَةَ مُطَابَقَةُ
الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ مَعَ فَصَاحَتِهِ وَالْإِعْجَازُ
مُسَبَّبٌ عَنْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر أَيْ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ
أَنَّ إعْجَازَ الْقُرْآنِ بِسَبَبِ بَلَاغَتِهِ لَا بِالصِّرْفَةِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَوْ بَدَأَ بِنِصْفِهَا الثَّانِي إلَخْ) أَيْ عَمْدًا أَوْ
سَهْوًا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُ السَّهْوِ
مَا لَوْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهُ لَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِهِ
عَلَى الثَّانِي الَّذِي بَدَأَ بِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْنِي
عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُطِلْ
الْفَصْلَ أَيْ بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالتَّكْمِيلِ عَلَيْهِ
بِالثَّانِي اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ أَيْ:
تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ
هَذَا بِمَا إذَا قَصَدَ التَّكْمِيلَ بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى
الثَّانِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَإِنْ لَمْ
يَقْصِدْ بِالْأَوَّلِ التَّكْمِيلَ عَلَى الثَّانِي وَالْفَرْضُ أَنَّهُ
(1/346)
وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ أَوْ طَالَ
الْفَصْلُ (وَ) رِعَايَةُ (مُوَالَاتِهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَاتِهَا
عَلَى الْوَلَاءِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي
أُصَلِّي» (فَيَقْطَعُهَا تَخَلُّلُ ذِكْرٍ) وَإِنْ قَلَّ (وَسُكُوتٌ
طَالَ) عُرْفًا (بِلَا عُذْرٍ) فِيهِمَا (أَوْ) سُكُوتٌ (قَصَدَ بِهِ
قَطْعَ الْقِرَاءَةِ) لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقِرَاءَةِ
بِخِلَافِ سُكُوتٍ قَصِيرٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقَطْعَ أَوْ طَوِيلٍ أَوْ
تَخَلُّلِ ذِكْرٍ بِعُذْرٍ مِنْ جَهْلٍ وَسَهْوٍ وَإِعْيَاءٍ وَتَعَلُّقِ
ذِكْرٍ بِالصَّلَاةِ كَتَأْمِينِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَاصِدٌ لِلتَّأْخِيرِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْأَوَّلَ أَيْ: يَعُدَّهُ
ثَانِيًا بَلْ يَبْنِي عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ أَيْ:
وَلَوْ بِعُذْرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا
إذَا قَصَدَ التَّكْمِيلَ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبَ
الِاسْتِئْنَافِ بِالْوُضُوءِ وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ،
وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطَ الْإِعْجَازِ
كَمَا مَرَّ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ فَجَعَلَ قَصْدَ
التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ
تِلْكَ الصُّورَةِ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي فِي ذَلِكَ مُرَادُهُ
مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ
صِحَّةُ الْبِنَاءِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ
فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ.
(فَرْعٌ) شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَضُرَّ
وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ التَّشَهُّدُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ
شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ
فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ شَكَّ فِي السُّجُودِ مَثَلًا مِنْ أَصْلِهِ
لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ فِي نَحْوِ وَضْعِ الْيَدِ لَمْ
يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ أَيْ: وَهُوَ أَنَّ
الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا تَامَّةً وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي
الْفَاتِحَةِ وَمِثْلُهَا التَّشَهُّدُ بِخِلَافِ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ
الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ كَالتَّكْبِيرَةِ وَالسَّلَامِ
وَالْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّ الْقَوْلَ الْكَثِيرَ
مُتَفَاصِلُ الْأَجْزَاءِ الْكَثِيرَةِ فَيَكْثُرُ الشَّكُّ فِيهِ
فَخَفَّفَ فِيهِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهُ) أَيْ
وَقَصَدَ بِهِ التَّكْمِيلَ عَلَى النِّصْفِ الثَّانِي الَّذِي بَدَأَ
بِهِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ تَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ فَلَا يَضُرُّ بَلْ لَا
بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّكْمِيلِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ التَّكْمِيلِ بِهِ صَارِفٌ
عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ أَيْ:
بِنَحْوِ سُكُوتٍ عَمْدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَهَا بِذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ
كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ: وَلَوْ بِعُذْرٍ وَفَارَقَ مَا
يَأْتِي فِي الْمُوَالَاةِ بِأَنَّ نَظَرَ الشَّارِعِ إلَى التَّرْتِيبِ
أَكْمَلُ مِنْ نَظَرِهِ إلَى الْمُوَالَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ؛
لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْإِعْجَازِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ: بَيْنَ فَرَاغِهِ
وَإِرَادَةِ تَكْمِيلِهِ بِأَنْ تَعَمَّدَ السُّكُوتَ لِمَا يَأْتِي
أَنَّهُ سَهْوٌ لَا يَضُرُّ وَلَوْ مَعَ طُولِهِ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ
الْمَحَلِّيِّ فِي شَارِحِ الْأَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَحْمُولٌ عَلَى
هَذَا التَّفْصِيلِ اهـ ز ي وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَجّ فِي شَرْحِ
الْأَصْلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَرِعَايَةِ مُوَالَاتِهَا) وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً مِنْهَا
لِلشَّكِّ وَالتَّفَكُّرِ أَوْ لَا لِسَبَبٍ عَمْدًا فَفِي الْمَجْمُوعِ
عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ يَبْنِي وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ
وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ
عَنْ تَفْصِيلِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَرَّرَ مَا هُوَ فِيهِ
أَوْ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَصْحَبَ بَنَى وَإِلَّا كَأَنْ وَصَلَ إلَى
{أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] فَقَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
[الفاتحة: 4] فَقَطْ فَلَا يَبْنِي إنْ كَانَ عَالِمًا مُتَعَمِّدًا؛
لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي التِّلَاوَةِ وَاعْتَمَدَ صَاحِبُ
الْأَنْوَارِ وَإِنْ قَرَأَ نِصْفَهَا ثُمَّ شَكَّ هَلْ بَسْمَلَ
فَأَتَمَّهَا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَسْمَلَ أَعَادَ مَا قَرَأَهُ بَعْدَ
الشَّكِّ فَقَطْ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَصْلُ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
[الفاتحة: 7] بِمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْفٍ وَلَا مُنْتَهَى
آيَةٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ عَلَى الْوَلَاءِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَوْ شَكَّ هَلْ
تَرَكَ حَرْفًا فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ
يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا تَامَّةً وَلِأَنَّ الشَّكَّ فِي
حُرُوفِهَا يَكْثُرُ لِكَثْرَتِهَا فَعَفَا عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ
فَاكْتَفَى مِنْهَا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ
أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ هَلْ قَرَأَهَا أَوْ لَا؟
اسْتَأْنَفَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا وَالْأَوْجَهُ
إلْحَاقُ التَّشَهُّدِ بِهَا فِيمَا ذُكِرَ لَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ
الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ) الذِّكْرُ بِكَسْرِ الذَّالِ بِاللِّسَانِ
ضِدُّ الْإِنْصَاتِ وَبِالضَّمِّ بِالْقَلْبِ ضِدُّ النِّسْيَانِ قَالَهُ
الْكِسَائِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى اهـ شَرْحُ
م ر.
(قَوْلُهُ وَسُكُوتٌ طَالَ) أَيْ: وَلَوْ لِتَدَبُّرٍ أَوْ تَأَمُّلٍ أَوْ
نَحْوِ ذَلِكَ إنْ زَادَ عَلَى سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالْعِيِّ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ طَالَ عُرْفًا) قَالَ م ر فِي ضَابِطِهِ بِأَنْ زَادَ عَلَى
سَكْتَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ الْإِعْيَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الذِّكْرِ وَالسُّكُوتِ
وَالذِّكْرُ الَّذِي بِلَا عُذْرٍ كَتَحْمِيدِ عَاطِسٍ أَيْ كَقَوْلِ
الْعَاطِسِ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِجَابَةِ
مُؤَذِّنٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَسْنُونٍ فِيهَا فَكَانَ مُشْعِرًا
بِالْإِعْرَاضِ اهـ حَلَبِيٌّ وَمِنْ الْعُذْرِ غَلَبَةُ سُعَالٍ
وَنَحْوِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ سُكُوتٌ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ الْقِرَاءَةِ) بِخِلَافِ
مُجَرَّدِ نِيَّةِ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ فَإِنَّهُ لَا
يُؤَثِّرُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِيَّةِ قَطْعِ الصَّلَاةِ حَيْثُ
تَبْطُلُ بِهَا بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ النِّيَّةَ وَيَجِبُ
اسْتِدَامَتُهَا حُكْمًا وَمَعَ نِيَّةِ الْقَطْعِ لَا اسْتِدَامَةَ
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ كَالْفَاتِحَةِ، فَإِذَا
نَوَى قَطْعَ الرُّكُوعِ مَثَلًا وَحْدَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَهُوَ كَذَلِكَ
قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ اهـ ح ل.
(فَرْعٌ) لَوْ سَكَتَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ عَمْدًا بِقَصْدِ أَنْ
يُطِيلَ السُّكُوتَ هَلْ تَنْقَطِعُ الْمُوَالَاةُ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ
(1/347)
لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ وَفَتْحِهِ عَلَيْهِ
إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا وَوَجْهُهُ فِي الذِّكْرِ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ
مَسْنُونٌ لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ اسْتِئْنَافُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ
الْخِلَافِ وَلَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ الْآيَةَ قَالَهُ
الْمُتَوَلِّي وَقَوْلِي بِلَا عُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِي
وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلِ.
(فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهَا) لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي السُّكُوتِ كَمَا لَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ
مُتَوَالِيَاتٍ حَيْثُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي
الْخُطْوَةِ الْأُولَى أَوْ لَا تَنْقَطِعُ إلَّا إنْ حَصَلَ الطُّولُ
بِالْفِعْلِ حَتَّى لَوْ أَعْرَضَ وَلَمْ يُطِلْ لَمْ تَنْقَطِعْ،
وَيُفَارِقُ مَا ذُكِرَ بِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا ضَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي
اشْتِرَاطَ دَوَامِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ قَصْدَ
الْمُبْطِلِ يُنَافِي الدَّوَامَ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ
وُجُودُ مَا يَقْطَعُ أَوْ السُّكُوتُ بِقَصْدِ الْقَطْعِ وَلَمْ يُوجَدْ
وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمُجَرَّدُ الشُّرُوعِ فِي السُّكُوتِ بِقَصْدِ
إطَالَتِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ لِجَوَازِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ
فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الْآنَ الثَّانِي وَالْفَرْقُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ
سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَدْ يُقَالُ يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَهُ
شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ بِقَصْدِ الْإِطَالَةِ مُسْتَلْزِمٌ
لِقَصْدِ الْقَطْعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَكَتَ يَسِيرًا بِقَصْدِ قَطْعِ
الْقِرَاءَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْ؛ لِأَنَّهُ
مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا لَوْ أَمَّنَ أَوْ دَعَا لِقِرَاءَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ
سَجَدَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ أَوْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ
سَبَّحَ لِمُسْتَأْذِنٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُوَالَاةَ تَنْقَطِعُ بَلْ
تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي صُورَةِ السُّجُودِ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ،
وَأَمَّا سَمَاعُ آيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَمِعَهَا مِنْ إمَامِهِ فَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ
إيَّاهَا مَنْدُوبًا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَكَذَا سُؤَالُ
الرَّحْمَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهَا وَالِاسْتِغْفَارُ كَذَلِكَ
وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ أَوْ الْعَذَابِ كَذَلِكَ أَيْضًا اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَفَتْحُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ
الْفَتْحِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ
عَالِمًا فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَلَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُبَلَّغِ
وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي أَصْلِ الْقِرَاءَةِ أَوْ
أَثْنَائِهَا فِي بَعْضِهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا بِخِلَافِ شَكِّهِ
بَعْدَهَا فِي بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا عَلَى
التَّمَامِ اهـ ز ي وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ يُؤَيِّدُهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ فِيمَا يَأْتِي وَلَا بِنَظْمٍ قُرْآنٍ بِقَصْدِ
تَفْهِيمٍ وَقِرَاءَةٍ اهـ شَيْخُنَا وَالْفَتْحُ تَلْقِينُ الْآيَةِ اهـ
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي
غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إعَانَةً لِلْإِمَامِ عَلَى
الْقِرَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ فِي الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَسْنُونٌ) أَيْ:
فِيهَا فَهُوَ لِمَصْلَحَتِهَا وَقَوْلُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ
أَيْ خِلَافِ مَنْ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بِذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ
عَلَيْهِ التَّكْرِيرُ لِلْفَاتِحَةِ إنْ كَانَ الِاسْتِئْنَافُ بَعْدَ
فَرَاغِهَا أَوْ لِبَعْضِهَا إنْ لَمْ يُتِمَّهَا، وَقَدْ قِيلَ
بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ فَقَدْ تَعَارَضَ الْخِلَافَانِ وَقَدْ قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ تَعَارُضِ الْقَوْلَيْنِ بِتَرْكِ رِعَايَتِهِمَا
وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا
أَقْوَى مُدْرَكًا وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ وَمَنْ قَالَ بِقَطْعِ
الْمُوَالَاةِ مُدْرَكُهُ أَقْوَى مِمَّنْ قَالَ بِإِبْطَالِ التَّكْرِيرِ
كَمَا أَنَّ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِأَنَّ مَحَلَّ
مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا كَانَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ
الْمَذْهَبَيْنِ وَإِلَّا قُدِّمَ مَذْهَبُهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ الْآيَةَ) أَيْ:
لَا يُسَنُّ لَهُ الْفَتْحُ حِينَئِذٍ فَإِنْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ
هَذِهِ انْقَطَعَتْ الْمُوَالَاةُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَرَشِيدِيٍّ وَهَلْ
يَقْطَعُ الْمُوَالَاةُ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
حِينَ ذَكَرَهُ الظَّاهِرُ لَا مُرَاعَاةَ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا عِنْدَ
ذِكْرِهِ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي
الْكَلَامِ عَلَى الْقُنُوتِ وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِهِ اهـ مَا نَصّه
وَمَا ذَكَرَهُ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِهِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ
عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَرَأَ فِيهَا
آيَةً مُتَضَمِّنَةً اسْمَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِخِلَافِهِ اهـ وَفِي الْعُبَابِ لَوْ قَرَأَ
الْمُصَلِّي آيَةً فِيهَا اسْمُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - نُدِبَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْرَبِ بِالضَّمِيرِ
كَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
لِلِاخْتِلَافِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِنَقْلِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ اهـ
قَالَ حَجّ فِي شَرْحِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ
يَقْرَأَ أَوْ يَسْمَعَ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إفْتَاءُ
النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَتَرْجِيحُ
الْأَنْوَارِ وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ قَوْلَ الْعِجْلِيّ يُسَنُّ إلَخْ اهـ
ح ل.
(قَوْلُهُ مَا دَامَ يُرَدِّدُ الْآيَةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً
أَوْ مَنْدُوبَةً اهـ فَإِنْ فَتَحَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُرَدِّدُهَا
فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ اهـ سم اهـ ع ش وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ
يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ أَيْ: فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ أَيْ: سَوَاءٌ
قَصَدَ التِّلَاوَةَ وَحْدَهَا أَوْ الْفَتْحَ وَحْدَهُ أَوْ هُمَا أَوْ
أَطْلَقَ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَتَبْطُلُ إنْ قَصَدَ الْفَتْحَ وَحْدَهُ
أَوْ أَطْلَقَ وَلَا تَبْطُلُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْحَ عِنْدَ عَدَمِ التَّوَقُّفِ قَاطِعٌ
لِلْمُوَالَاةِ مُطْلَقًا وَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ التَّفْصِيلُ
الْمَذْكُورُ وَعِنْدَ التَّوَقُّفِ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى
التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ) دَخَلَ الْعَدَمُ الْحِسِّيُّ بِأَنْ لَمْ
يَجِدْ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ
وَالشَّرْعِيُّ بِأَنْ تَوَقَّفَ عَلَى أُجْرَةٍ عَجَزَ عَنْهَا كَمَا فِي
شِرَاءِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِي الْبَلَدِ إلَّا
مُصْحَفًا وَاحِدًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ
(1/348)
أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا
مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ جَهِلَ الْفَاتِحَةَ (فَسَبْعُ
آيَاتٍ) عَدَدُ آيَاتِهَا يَأْتِي بِهَا (وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً) وَإِنْ
لَمْ تُفِدْ الْمُتَفَرِّقَةُ مَعْنًى مَنْظُومًا إذَا قُرِئَتْ كَمَا
اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِإِطْلَاقِ
الْجُمْهُورِ (لَا تَنْقُصُ حُرُوفُهَا) أَيْ: لِسَبْعٍ (عَنْهَا) أَيْ:
عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَهِيَ بِالْبَسْمَلَةِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ
وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِإِثْبَاتِ أَلِفِ مَالِكِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ
الْمَجْمُوعَ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَجْمُوعِ لَا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ
الْبَدَلِ قَدْرُ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ (فَ) إنْ عَجَزَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
التَّعَلُّمُ إلَّا مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكَهُ إعَارَتُهُ وَلَا
إجَارَتُهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ إلَّا مُعَلِّمٌ وَاحِدٌ
لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْلِيمُ بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُعَلِّمَ
إعَارَةُ نَفْسِهِ وَإِنْ انْفَرَدَ وَيَلْزَمُهُ إجَارَتُهَا وَلَوْ
قَدَرَ عَلَى مُصْحَفٍ لِغَائِبٍ لَزِمَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ مَعَ بَذْلِ
الْأُجْرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَبَلَادَةٍ وَضِيقِ وَقْتٍ عَنْ تَعَلُّمِ
ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَلَى جِدَارٍ خَلْفَهُ فَهَلْ
يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ لِقِرَاءَتِهَا ثُمَّ يَعُودُ لِلِاسْتِقْبَالِ
تَقْدِيمًا لِلْفَاتِحَةِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ
الْآنَ عَاجِزٌ فَيَنْتَقِلُ لِلْبَلَدِ حَرِّرْ قُلْت: الظَّاهِرُ
الْأَوَّلُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ عَدَدُ آيَاتِهَا) أَيْ: الَّتِي هِيَ سَبْعٌ الْأُولَى {بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] الثَّانِيَةُ {الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] الثَّالِثَةُ {الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] الرَّابِعَةُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
[الفاتحة: 4] الْخَامِسَةُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
[الفاتحة: 5] السَّادِسَةُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:
6] السَّابِعَةُ {صِرَاطَ الَّذِينَ} [الفاتحة: 7] إلَى آخِرِ السُّورَةِ
وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ
الْمُتَفَرِّقَةُ لَا تُجْزِئُ مَعَ حِفْظِ الْمُتَوَالِيَةِ وَأَمَّا مَعَ
الْعَجْزِ عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ فَتُجْزِئُ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ
لَمْ تُفِدْ إلَخْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ غَيْرَ الْمُفِيدَةِ
لَا تُجْزِئُ مَعَ حِفْظِ الْمُفِيدَةِ إمَّا مَعَ الْعَجْزِ عَنْ
الْمُفِيدَةِ فَتُجْزِئُ غَيْرُ الْمُفِيدَةِ اتِّفَاقًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لَا تَنْقُصُ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ
النُّونِ وَضَمِّ الْقَافِ مِنْ نَقَصَ كَنَصَرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَا تَنْقُصُ حُرُوفُهَا عَنْهَا) أَيْ: عَلَى
الْأَصَحِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ حُرُوفِ
الْبَدَلِ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ فِي
الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي يَجُوزُ سَبْعُ آيَاتٍ أَوْ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ
مِنْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ أَقَلَّ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ كَمَا يَجُوزُ
صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ قَضَاءً عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ طَوِيلٍ وَرُدَّ بِأَنَّ
الصَّوْمَ يَخْتَلِفُ زَمَانُهُ طُولًا وَقِصَرًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي
قَضَائِهِ مُسَاوَاةٌ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ لَا تَخْتَلِفُ فَاعْتُبِرَ
فِي بَدَلِهَا الْمُسَاوَاةُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِإِثْبَاتِ أَلِفِ
مَالِكِ) أَيْ: وَيُعَدُّ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ أَمَّا لَوْ عُدَّ
بِحَرْفٍ وَاحِدٍ فَتَكُونُ جُمْلَتُهَا مِائَةً وَوَاحِدًا وَأَرْبَعِينَ
بِإِثْبَاتِ أَلِفِ مَالِكِ قَالَ حَجّ.
(تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ حُرُوفَهَا بِدُونِ تَشْدِيدَاتِهَا
وَبِقِرَاءَةِ مَالِكِ بِالْأَلِفِ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَأَرْبَعُونَ هُوَ
مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى
أَنَّ مَا حُذِفَ رَسْمًا لَا يُحْسَبُ فِي الْعَدَدِ وَبَيَانُهُ أَنَّ
الْحُرُوفَ الْمَلْفُوظَ بِهَا وَلَوْ فِي حَالَةٍ كَأَلِفَاتِ الْوَصْلِ
مِائَةٌ وَسَبْعُونَ وَأَرْبَعُونَ وَقَدْ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الرَّسْمِ
عَلَى حَذْف سِتِّ أَلِفَاتٍ أَلِفُ اسْمِ وَأَلِفٌ بَعْدَ لَامِ
الْجَلَالَةِ مَرَّتَيْنِ وَبَعْدَ مِيمِ الرَّحْمَنِ مَرَّتَيْنِ وَبَعْدَ
عَيْنِ الْعَالَمِينَ فَالْبَاقِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَخَالَفَهُ
شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الصَّغِيرِ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ
أَنَّهَا مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَأَرْبَعُونَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ
الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَبِعْتهمْ فِي الْأَصْلِ وَالْحَقُّ أَنَّهَا
مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ بِالِابْتِدَاءِ بِأَلِفَاتِ الْوَصْلِ
اهـ.
وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ أَلِفَ صِرَاطَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ
وَالْأَلِفُ بَعْدَ ضَادِ الضَّالِّينَ مَحْذُوفَةٌ رَسْمًا لَكِنْ هَذَا
قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَالْأَرْجَحُ كَمَا قَالَ الشَّاطِبِيُّ صَاحِبُ
الْمَرْسُومِ ثُبُوتُهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ بَلْ اقْتَضَى
كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ثُبُوتُ الثَّالِثَةِ
وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَوْلُ شَيْخِنَا
بِالِابْتِدَاءِ إلَخْ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَقِّ الَّذِي ذَكَرَهُ بَلْ
يَأْتِي عَلَى كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ أَيْضًا نَظَرًا لِثُبُوتِهَا فِي
الرَّسْمِ هَذَا وَاعْتِبَارُ الرَّسْمِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا وَجْهَ
لَهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي قِرَاءَةِ أَحْرُفٍ بَدَلَ أَحْرُفٍ عَجْزٌ
عَنْهَا وَذَلِكَ إنَّمَا يُنَاطُ بِالْمَلْفُوظِ دُونَ الْمَرْسُومِ؛
لِأَنَّهُمْ يَرْسُمُونَ مَا لَا يُتَلَفَّظُ بِهِ وَعَكْسُهُ لِحِكَمٍ
ذَكَرُوهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ وَلِذَا قَالُوا خَطَّانِ
لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا خَطُّ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ وَخَطُّ
الْعَرُوضِيِّينَ فَاصْطِلَاحُ أَهْلِ الرَّسْمِ لَا يُوَافِقُ اللَّفْظَ
الْمَنُوطَةَ بِهِ الْقِرَاءَةُ بِوَجْهٍ فَالْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيصَ
عَنْهُ اعْتِبَارًا لِلَّفْظِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ أَلِفَاتُ
الْوَصْلِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَلَفَّظُ بِهَا فِي حَالَةِ
الِابْتِدَاءِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهَا مَحْذُوفَةٌ مِنْ اللَّفْظِ غَالِبًا
كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ فَيَجِبُ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ
وَأَرْبَعُونَ حَرْفًا غَيْرَ الشَّدَّاتِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ
فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَسِتُّونَ حَرْفًا، فَإِنْ قُلْت:
يَلْزَمُ عَلَى فَرْضِ الشَّدَّاتِ كَذَلِكَ عَدُّ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ
مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ لَامَ الرَّحْمَنِ مَثَلًا حُسِبَتْ وَحْدَهَا
وَالرَّاءُ حُسِبَتْ وَحْدَهَا ثُمَّ حُسِبَتَا وَاحِدًا فِي الشَّدَّةِ
قُلْت الْمُمْتَنِعُ حُسْبَانُهُ مَرَّتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا
هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا حُسِبَتَا أَوَّلًا نَظَرًا لِأَصْلِ
الْفَكِّ وَثَانِيًا لِعَارِضِ الْإِدْغَامِ وَكَمَا حُسِبَتْ أَلِفَاتُ
الْوَصْلِ نَظَرًا لِبَعْضِ الْحَالَاتِ فَكَذَا هَذِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ
فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ الْبَدَلِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ
أَنْ تَكُونَ أَنْقَصَ أَوْ أَزْيَدَ وَيُحْسَبُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ
مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْبَدَلِ وَيُغْنِي عَنْ
(1/349)
عَنْ الْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ (سَبْعَةُ
أَنْوَاعٍ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ كَذَلِكَ) أَيْ: لَا تَنْقُصُ
حُرُوفُهَا عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَاعْتِبَارُ الْأَنْوَاعِ
وَالِاكْتِفَاءُ بِالدُّعَاءِ مِنْ زِيَادَتِي وَيَجِبُ تَعَلُّقُهُ
بِالْآخِرَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي
مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَنْ
يَقْصِدَ بِهِمَا الْبَدَلِيَّةَ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِمَا
غَيْرَهَا وَإِذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ كَرَّرَهُ لِيَبْلُغَ
قَدْرَهَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَدَلٍ وَإِلَّا قَرَأَهُ وَضَمَّ
إلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَاتِحَةُ مَعَ رِعَايَةِ
التَّرْتِيبِ (فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَةِ
الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لَزِمَهُ (وَقْفَةٌ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) فِي
ظَنِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْمُشَدَّدِ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَرْفَانِ مِنْ الْبَدَلِ وَهَلْ عَكْسُهُ
كَذَلِكَ فَيُجْزِئُ حَرْفٌ مُشَدَّدٌ مِنْ الْبَدَلِ عَنْ حَرْفَيْنِ مِنْ
الْفَاتِحَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ وَنُقِلَ أَنَّ شَيْخَنَا
ارْتَضَى عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ فَلَا يُقَامُ
الْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ مِنْ الْبَدَلِ مَقَامَ حَرْفَيْنِ مِنْ
الْفَاتِحَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ) اُنْظُرْ التَّشَهُّدَ لِمَ لَمْ
يَجِبْ بَدَلُهُ ذِكْرٌ عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَدْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ
فَأَمَرَهُ بِالْبَدَلِ» الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ «فَإِنَّهُ
رَأَى رَجُلًا، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ فَلَمْ
يَأْمُرْهُ بِالْبَدَلِ» اهـ شَيْخُنَا جَوْهَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ) أَيْ لِيَكُونَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا
مَكَانَ آيَةٍ نَحْوِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ
إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا
بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ
يَشَأْ رَبُّنَا لَمْ يَكُنْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ
فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضِهَا مِنْ الذِّكْرِ
وَبَعْضِهَا مِنْ الدُّعَاءِ اهـ ع ش وَعَطْفُ الدُّعَاءِ عَلَى الذِّكْرِ
يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا فَإِنَّ الذِّكْرَ مَا دَلَّ عَلَى ثَنَاءٍ
عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَالدُّعَاءُ مَا دَلَّ عَلَى طَلَبٍ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ ثَوَابَ
الْآخِرَةِ فَهُوَ أُخْرَوِيٌّ وَإِنْ كَانَ نَفْعًا دُنْيَوِيًّا فَهُوَ
دُنْيَوِيٌّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْ: لَا تَنْقُصُ حُرُوفُهَا إلَخْ) هَلْ يَكْتَفِي بِظَنِّهِ
فِي كَوْنِ مَا أَتَى بِهِ قَدْرُ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ كَمَا اكْتَفَى
بِهِ فِي كَوْنِ وُقُوفِهِ بِقَدْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي اهـ سم عَلَى حَجّ
وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ لِمَشَقَّةِ عَدِّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ
الْحُرُوفِ بَلْ قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ النَّاسِ
اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَعَلُّقُهُ بِالْآخِرَةِ) فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَ
مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا أَتَى بِهِ وَأَجْزَأَهُ وَهُوَ
الْمُعْتَمَدُ وَيُجْزِئُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الدُّعَاءِ
الْمُتَعَلِّقِ بِالْآخِرَةِ وَإِنْ حَفِظَ ذِكْرًا غَيْرَهُ وَمِنْهُ
يُفْهَمُ أَنَّ الدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَوْ
فِي كَلَامِهِ لِلتَّخْيِيرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَخْ)
وَمِثْلُهُمَا الْآيَاتُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا أَنْ يَقْصِدَ
الْبَدَلِيَّةَ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهَا غَيْرَ
الْبَدَلِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِمَا غَيْرَهَا) أَيْ فَقَطْ أَيْ: حَتَّى
فِي التَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ إذَا كَانَ كُلٌّ بَدَلًا خِلَافًا لحج
اهـ ح ل أَيْ: فَلَوْ قَصَدَ الْبَدَلِيَّةَ وَغَيْرَهَا لَا يَضُرُّ عَلَى
كَلَامِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَضُرُّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا
سَيَأْتِي فِي قَصْدِ الرُّكْنِ مَعَ غَيْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرُّكْنَ
أَصْلٌ وَالْبَدَلَ فَرْعٌ وَالْأَصْلُ يُغْتَفَرُ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا
حِفْنِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ
بِهِمَا غَيْرَهَا أَيْ الْبَدَلِيَّةِ وَلَوْ مَعَهَا فَلَوْ افْتَتَحَ
وَتَعَوَّذَ بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ وَالْبَدَلِيَّةِ لَمْ يَكْفِ اهـ م ر
انْتَهَتْ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ع ش.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ قَصْدُ
الْبَدَلِيَّةِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهَا وَلَوْ
مَعَهَا فَلَوْ افْتَتَحَ أَوْ تَعَوَّذَ بِقَصْدِ السُّنِّيَّةِ
وَالْبَدَلِ لَمْ يَكْفِ انْتَهَتْ، وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهَا
الْمُحَشِّيَانِ وَسَلَّمَاهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) هَذَا
مَفْهُومُ الْجَمِيعِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهَا إلَخْ
فَكَانَ الْأَنْسَبُ فِي الْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ
الْبَعْضِ كَرَّرَ الْمَقْدُورَ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: كَرَّرَ
لِيَبْلُغَ قَدْرَهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى ثُلُثِهَا الْأَوَّلِ
وَالْأَخِيرِ وَعَجَزَ عَنْ الْوَسَطِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَكْرِيرُ
أَحَدِهِمَا أَوْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ يَظْهَرُ الْأَوَّلُ
فَلْيُحَرَّرْ كَاتِبُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَدَلٍ) أَيْ: قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ
كَمَا فِي ع ش.
(قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي
الصَّلَاةِ إلَّا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَيُكَرِّرُهَا بِقَدْرِ
الْفَاتِحَةِ وَلَا يَقِفُ بِقَدْرِهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنْ
يُصَوِّرَ بِمَا إذَا لَقَّنَهَا لَهُ شَخْصٌ عِنْدَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ
نَسِيَهَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَةِ الذِّكْرِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ بَلْ
تَصْرِيحٌ بِوُجُوبِ التَّرْجَمَةِ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ أَيْضًا وَانْظُرْ تَرَدُّدَ الشَّيْخِ فِي حَاشِيَتِهِ مَعَ مَا
هُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ فَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذِهِ الْغَايَةِ إلَى
مَرْتَبَةٍ خَامِسَةٍ بَيْنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَبَيْنَ الْوُقُوفِ
أَسْقَطَهَا فِي الْمَتْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ وَقْفَةٌ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ: قَدْرَ وَقْفَةِ
مُعْتَدِلِ الْقِرَاءَةِ اهـ ح ل فَلَوْ قَدَرَ بَعْدَهَا لَمْ يَجِبْ
عَلَيْهِ الْعَوْدُ بَلْ يُسَنُّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ فِي ظَنِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ
لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْوَسَطِ
الْمُعْتَدِلِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ
حَشَفَتُهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَدْرِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَقْطُوعِ
لَا مِنْ غَالِبِ النَّاسِ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ الْعِبْرَةُ هُنَا
بِقِرَاءَتِهِ لَا بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَوَجْهُ عَدَمِ
الْمُخَالَفَةِ أَنَّ الْحَشَفَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً ثُمَّ قُطِعَتْ
فَاعْتُبِرَ قَدْرُهَا مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ نَسِيَهَا
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ:
(1/350)
وَلَا يُتَرْجَمُ عَنْهَا بِخِلَافِ
التَّكْبِيرِ لِفَوَاتِ الْإِعْجَازِ فِيهَا دُونَهُ.
(وَسُنَّ عَقِبَ تَحَرُّمٍ) بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (دُعَاءُ افْتِتَاحٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَلَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ صَارَ بَدَلًا حِينَئِذٍ
وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَصْلًا وَبَدَلًا
لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَنًا
يَسَعُ قِرَاءَةَ السُّورَةِ حَيْثُ طُلِبَتْ وَعَلَى قِيَاسِهِ يُزَادُ
عَلَى الْآيَاتِ السَّبْعِ بِقَدْرِ السُّورَةِ وَكَذَا عَلَى الْأَنْوَاعِ
السَّبْعِ، وَقَدْ نُقِلَ الْأَوَّلُ عَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ فَقَدْ
قِيلَ وَاسْتَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ قِرَاءَةَ ثَمَانِ آيَاتٍ لِتَكُونَ
الثَّامِنَةُ بَدَلًا مِنْ السُّورَةِ اهـ ح ل وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ عَلَى
الْوَاقِفِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ كَمَا فِي
الْأَخْرَسِ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي لَا يَجِبُ تَحْرِيكُهُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُتَرْجَمُ عَنْهَا) أَيْ: لَا تَجُوزُ التَّرْجَمَةُ
عَنْهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْإِعْجَازَ مُخْتَصٌّ بِنَظْمِهِ
الْعَرَبِيِّ دُونَ مَعْنَاهُ فَلَوْ تَرْجَمَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ أَجْنَبِيٌّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِفَوَاتِ الْإِعْجَازِ فِيهَا دُونَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ
لَا يُتَرْجَمُ عَنْ الْبَدَلِ إنْ كَانَ قُرْآنًا وَكَلَامُ الشَّارِحِ
يُفِيدُهُ أَيْ: حَيْثُ قَالَ حَتَّى عَنْ تَرْجَمَةِ الذِّكْرِ
وَالدُّعَاءِ وَلَمْ يَقُلْ وَالْقِرَاءَةِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى
الْفَاتِحَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ
الْبَدَلِ أَتَى بِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَلَوْ كَانَ
الْبَدَلُ وُقُوفًا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَأَجْزَأَهُ مَا فَعَلَهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ عَقِبَ تَحَرُّمٍ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ
الْفَاتِحَةِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى سُنَنِهَا وَهِيَ أَرْبَعٌ:
ثِنْتَانِ قَبْلَهَا: وَهُمَا دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذُ،
وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا: وَهُمَا التَّأْمِينُ وَالسُّورَةُ اهـ مِنْ شَرْحِ
م ر اهـ ح ف.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ عَقِبَ تَحَرُّمٍ دُعَاءُ افْتِتَاحٍ) أَيْ:
خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي
اسْتِحْبَابِهِ قَبْلَهُ وَعَقِبَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ
الْقَافِ وَزِيَادَةِ يَاءٍ بَعْدَ الْقَافِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وَحُكِيَ
ضَمُّ الْعَيْنِ وَسُكُونُ الْقَافِ وَيَجُوزُ ضَمُّهُمَا اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ عَقِبَ تَحَرُّمٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ
انْتَهَتْ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ أَيْ: عَقِبَهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ التَّحَرُّمِ لَعَلَّ
تَعْبِيرَهُ بِبَعْدَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفُوتُ
بِالتَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَتَعْبِيرُ
الشَّارِحِ بِالْعَقِبِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ
الْمُبَادَرَةُ بِهِ عَقِبَ التَّحَرُّمِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ
بِالتَّأْخِيرِ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ قَوْلُهُ عَقِبَ
تَحَرُّمٍ اُنْظُرْ التَّعْبِيرَ بِعَقِبَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ الْفَوَاتُ
إذَا طَالَ الْفَصْلُ، وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا إذَا
طَالَ الْفَصْلُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ دُعَاءُ افْتِتَاحٍ فَتَعَوُّذٍ) ،
وَقَدْ يُحَرَّمَانِ أَيْ: الِافْتِتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ أَوْ أَحَدُهُمَا
عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ
أَيْ: بِأَنْ أَحْرَمَ بِهَا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا
يَسَعُهَا وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ إذَا
أَحْرَمَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا وَإِنْ لَزِمَ صَيْرُورَتُهَا قَضَاءً
لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ
الْوَقْتِ بِأَنْ خَافَ خُرُوجَ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى
مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا
شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً بِدُونِ دُعَاءِ
الِافْتِتَاحِ وَيَخْرُجُ بَعْضُهَا بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ
تَرَكَهُ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ حَجّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم فِي شَرْحِ
الْغَايَةِ يُسْتَثْنَى مِنْ السُّنَنِ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ فَلَا
يَأْتِي بِهِ إلَّا حَيْثُ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ
عَنْ وَقْتِهَا اهـ وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
بَقِيَّةِ السُّنَنِ بِأَنَّهُ عَهْدُ طَلَبِ تَرْكِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ
فِي الْجِنَازَةِ وَفِيمَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوْ
اعْتِدَالٍ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ أَوْ بِأَنَّ
السُّنَنَ شُرِعَتْ مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَتْ مُقَدِّمَةً لِشَيْءٍ
بِخِلَافِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَإِنَّهُ شُرِعَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ
اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ دُعَاءُ افْتِتَاحٍ) أَيْ: لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ وَمَأْمُومٍ
وَتَمَكَّنَ كُلٌّ مِنْ فَوْتِ الصَّلَاةِ أَوْ الْأَدَاءِ أَوْ إدْرَاكِ
الْمَأْمُومِ فِي الْقِيَامِ دُونَ الِاعْتِدَالِ فَمَا بَعْدَهُ وَغَلَبَ
عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مَعَ اشْتِغَالِهِ بِهِ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ
قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَسُمِّيَ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّهُ فِي
مُفْتَتَحِ الصَّلَاةِ وَلَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا حَتَّى تَعَوَّذَ
لَمْ يَأْتِ بِهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَهُ
فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى التَّعَوُّذِ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ وَلَا يَأْتِي
بِهِ الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ ثُمَّ قَامَ
بَعْدَ سَلَامِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ أَمَّا لَوْ
أَحْرَمَ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ فَإِنَّهُ يَأْتِي
بِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ الْإِسْرَاعُ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ إذَا كَانَ
يَسْمَعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ
يَسْمَعُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَقْرَؤُهُ وَإِنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ
إمَامِهِ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ
السُّورَةِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ تُعَدُّ قِرَاءَةً لِلْمَأْمُومِ
فَأَغْنَتْ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَسُنَّ اسْتِمَاعُهُ لَهَا وَلَا كَذَلِكَ
الِافْتِتَاحُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَدُعَاءُ الشَّخْصِ
لِنَفْسِهِ لَا يُعَدُّ دُعَاءً لِغَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي
الْمَدَابِغِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ وَلَا يَطْلُبُ إلَّا إنْ
اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ
قَاعِدًا أَوْ قَعَدَ مَعَهُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ
(1/351)
نَحْوُ «وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ
الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَوْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ أَدْرَكَ إمَامَهُ قَاعِدًا أَوْ قَعَدَ مَعَهُ
لَمْ يُسَنَّ لَهُ الِافْتِتَاحُ فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَ إمَامِهِ
بِأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ أَوْ قَامَ عَقِبَ
تَحَرُّمِهِ وَقَبْلَ قُعُودِهِ مَعَهُ فِيهِمَا نُدِبَ لَهُ الْإِتْيَانُ
بِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ نَدْبِهِ إذَا قَعَدَ مَعَهُ فَإِنَّهُ
يَفُوتُ وَقْتُهُ بِالْقُعُودِ اهـ اج انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ نَحْوُ وَجَّهْت وَجْهِي إلَخْ) أَفْهَمَ صَنِيعُهُ أَنَّ
دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ لَهُ صِيَغٌ أُخَرُ غَيْرُ هَذِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ
فَمِنْهَا " اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ
سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْت نَفْسِي
وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ
فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي
سَيِّئَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ،
لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ
إلَيْك أَنَا بِك وَإِلَيْك تَبَارَكْت وَتَعَالَيْت أَسْتَغْفِرُكَ
وَأَتُوبُ إلَيْك " اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَمِنْهَا " سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ " اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْهَا " الْحَمْدُ
لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ " وَمِنْهَا " اللَّهُ
أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا " وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ
خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ
نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ
الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ
وَالْبَرَدِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمُرَادُ الْمَغْفِرَةُ لَا
الْغُسْلُ الْحَقِيقِيُّ وَبِأَيِّهَا افْتَتَحَ حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ
لَكِنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ قَوْلُهُ نَحْوُ وَجَّهْت وَجْهِي إلَخْ
أَفْضَلُهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ الْجَمْعِ
بَيْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ
رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ مِنْ
شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا نَحْوَ وَجَّهْت وَجْهِي) أَيْ: أَقْبَلْت بِوَجْهِي
وَالْمُرَادُ ذَاتِي وَقِيلَ قَصَدْت بِعِبَادَتِي اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ:
وَنَحْوُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اهـ شَرْحُ م ر وَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَوَصَلَ كَبِيرًا بِتَكْبِيرَةِ
الْإِحْرَامِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ
التَّحَرُّمَ وَلَا الِافْتِتَاحَ مَعَ كَوْنِهِ قَاصِدًا لِلْفِعْلِ مَعَ
التَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَا يَشْكُلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي
مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ
وَأَطْلَقَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ لِتَعَارُضِ قَرِينَتَيْ
الِافْتِتَاحِ وَالْهَوِيِّ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَكْبِيرَ
الْهَوِيِّ ثَمَّ مَطْلُوبٌ بِخُصُوصِهِ فَصَلُحَ مُعَارِضًا لِلتَّحَرُّمِ
بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ الِافْتِتَاحُ وَهُوَ
كَمَا يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ
بَلْ وَجَّهْت أَوْلَى مِنْهُ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ تَكْبِيرِ
الرُّكُوعِ فَلَمْ يَصْلُحْ مُعَارِضًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ سم
عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ.
(فَرْعٌ) نَوَى مَعَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا إلَخْ فَهَلْ تَنْعَقِدُ
صَلَاتُهُ وَلَا يَضُرُّ مَا وَصَلَهُ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ قَوْلِهِ
كَبِيرًا إلَخْ الْوَجْهُ نَعَمْ اهـ م ر اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِلَّذِي فَطَرَ) أَيْ: أَبْدَعَ أَوْ أَوْجَدَ أَوْ ابْتَدَأَ
الْخَلْقَ أَوْ الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ
مِثَالٍ سَبَقَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ السَّمَوَاتِ) جَمْعُ سَمَاءٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا
الْأَجْرَامُ الْمَخْصُوصَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْأَفْلَاكِ الْعُلْوِيَّةِ
الدَّائِمَةِ الْحَرَكَةِ لِنَفْعِ الْعَالَمِ وَجَمَعَهَا لِانْتِفَاعِنَا
بِجَمْعِ الْأَجْرَامِ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ
وَغَيْرِهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا؛ لِأَنَّ
السَّبْعَ السَّيَّارَةَ وَهِيَ زُحَلُ وَالْمُشْتَرَى وَالْمِرِّيخُ
وَالشَّمْسُ وَالزَّهْرَةُ وَعُطَارِدُ وَالْقَمَرُ مُثْبَتَةٌ فِيهَا
عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ
زُحَلُ شَرَى مِرِّيخَهُ مِنْ شَمْسِهِ ... فَتَزَاهَرَتْ لِعُطَارِدَ
الْأَقْمَارُ
وَمَا عَدَاهَا فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى بِالْكُرْسِيِّ
وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالسَّمَاوَاتِ مَا يَشْمَلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْأَرْضَ) إنَّمَا أَفْرَدَهَا لِانْتِفَاعِنَا بِالطَّبَقَةِ
الْعُلْيَا فَقَطْ وَاخْتُلِفَ هَلْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ
عَكْسُهُ؟ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ
أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْأَنْبِيَاءِ
وَالْعُلَمَاءِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ تَبَعًا
لِلْعَلَّامَةِ حَجّ أَنَّ السَّمَاءَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يُعْصَ
اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا قَطُّ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْبُقْعَةِ
الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا
هِيَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى مِنْ
الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وَمِثْلُهَا الْبُقَعُ
الَّتِي ضَمَّتْ بَقِيَّةَ الْأَنْبِيَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ حَنِيفًا) يُطْلَقُ الْحَنِيفُ عَلَى الْمَائِلِ وَعَلَى
الْمُسْتَقِيمِ أَيْ مَائِلًا عَنْ كُلِّ الْأَدْيَانِ الْمُخَالِفَةِ
لِدِينِ الْحَقِّ وَهُوَ الْإِسْلَامُ أَوْ مُسْتَقِيمًا عَلَيْهِ وَعِنْدَ
الْعَرَبِ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ - اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مُسْلِمًا) أَيْ: مُنْقَادًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنَّ صَلَاتِي) أَيْ: عِبَادَتِي الْمَخْصُوصَةَ وَنُسُكِي
(1/352)
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا مِنْ
الْمُسْلِمِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا كَلِمَةَ مُسْلِمًا
فَابْنُ حِبَّانَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ» وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ
بِمَا فِيهَا تَارَةً؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ
وَبِمَا فِي الْأُولَى أُخْرَى وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ أَنَّهُ لَا
يُسَنُّ فِي صَلَاتِهَا دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ (فَتَعَوُّذٌ) لِلْقِرَاءَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَيْ عِبَادَتِي فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ
وَالنَّاسِكُ الْمُخْلِصُ فِي عِبَادَتِهِ وَالنَّسِيكَةُ الْقُرْبَةُ
الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ النَّسِيكَةُ مَا
أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمَحْيَايَ) أَيْ إحْيَائِي وَمَمَاتِي أَيْ: إمَاتَتِي
فَالْمُرَادُ بِالْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ الْإِحْيَاءُ وَالْإِمَاتَةُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلَّهِ) أَيْ: لَا لِغَيْرِهِ رَبِّ أَيْ: مَالِكِ
الْعَالَمِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ عَالَمٍ وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ
تَعَالَى فَشَمِلَ عَالَمَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ
وَالطَّيْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) أَيْ: لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ
وَلَا فِي أَفْعَالِهِ.
(قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ أُمِرْت أَيْ: مِنْ اللَّهِ
تَعَالَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ
تَأْتِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِأَلْفَاظِهِ الْمَذْكُورَةِ لِلتَّغْلِيبِ
الشَّائِعِ لُغَةً وَاسْتِعْمَالًا وَإِرَادَةُ الشَّخْصِ فِي نَحْوِ
حَنِيفًا مُحَافَظَةً عَلَى لَفْظِ الْوَارِدِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُ
مَنْ قَالَ إنَّ الْقِيَاسَ مُرَاعَاةُ صِفَةِ التَّأْنِيثِ اهـ شَرْحُ م ر
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلَهُ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ
إلَخْ قَالَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْقِيَاسُ
الْمُشْرِكَاتُ الْمُسْلِمَاتُ وَقَوْلُ غَيْرِهِ الْقِيَاسُ حَنِيفَةٌ
مُسْلِمَةٌ انْتَهَتْ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ أَتَتْ بِهِ حَصَلَتْ السُّنَّةُ
ثُمَّ قَالَ ع ش فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَقِيَ مَا لَوْ أَتَى بِمَعْنَى
الْمُسْلِمِينَ كَقَوْلِهِ وَأَنَا مُسْلِمٌ أَوْ أَنَا ثَانِي
الْمُسْلِمِينَ فِي حَقِّ الصِّدِّيقِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ
وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى
لِقَوْلِهِ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي إلَخْ) وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا
يَقْصِدُ هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْ قَصَدَهُ كَفَرَ بَلْ يَقْصِدُ
الْقِرَاءَةَ أَوْ يُطْلِقُ وَهَذَا التَّوَجُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ
النَّبِيَّ مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ
الْمُرَادَ بِالْأُمَّةِ الْمَدْعُوُّونَ بِرِسَالَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛
لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ حَتَّى لِنَفْسِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمِي هَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ:
فِي الْمَوْجُودِ الْخَارِجِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا كَمَا فِي حَجّ لِتَقَدُّمِ خَلْقِ ذَاتِهِ
وَإِفْرَاغِ النُّبُوَّةِ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ
اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي
صَلَاتِهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ خِلَافًا
لِابْنِ الْعِمَادِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر
وَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ
هُنَا؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي يُقَيِّدُ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَتَعَوَّذَ) وَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى
التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَفْضَلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَعُوذُ
بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ
وَأَفْضَلُهُ أَيْ: أَفْضَلُ صِيغَةٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ:
بِالنِّسْبَةِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا لَا مُطْلَقًا
وَإِلَّا فَلَا خَفَاءَ أَنَّ التَّعَوُّذَ الْوَارِدَ لِدُخُولِ
الْمَسْجِدِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْهُ أَوْ لِدُخُولِ الْخَلَاءِ الْأَفْضَلُ
الْمُحَافَظَةُ فِيهِ عَلَى لَفْظِ الْوَارِدِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلْقِرَاءَةِ) أَيْ أَوْ بَدَلِهَا.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَيُسْتَحَبُّ لِعَاجِزٍ أَتَى بِذِكْرٍ بَدَلِ
الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمُهِّمَّاتِ وَلَوْ
تَعَارَضَ الِافْتِتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ أَيْ: لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا
أَحَدُهُمَا بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ لَا يَسَعُ إلَّا
أَحَدَهُمَا وَالصَّلَاةَ هَلْ يُرَاعِي الِافْتِتَاحَ لِسَبْقِهِ أَوْ
التَّعَوُّذِ؛ لِأَنَّهُ لِلْقِرَاءَةِ؟ اُنْظُرْهُ.
(قُلْت) مِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ فَتَعَوَّذَ كُلَّ رَكْعَةٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر
ثُمَّ يُسَنُّ لِمُتَمَكِّنٍ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرِ صَلَاةِ
الْعِيدِ التَّعَوُّذُ وَلَوْ فِي جِنَازَةٍ وَإِتْيَانُهُ ثَمَّ لِنَدْبِ
تَرْتِيبِهِ إذَا أَرَادَهُمَا لَا لِنَفْيِ سُنَّةِ التَّعَوُّذِ وَلَوْ
أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ وَيَفُوتُ بِالشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ
وَلَوْ سَهْوًا انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ وَلَوْ سَهْوًا خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ
سَبَقَ لِسَانُهُ فَلَا يَفُوتُ وَكَذَا يَطْلُبُ إذَا تَعَوَّذَ قَاصِدًا
الْقِرَاءَةَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ
حَيْثُ طَالَ الْفَصْلُ بِاسْتِمَاعِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ بِخِلَافِ مَا
لَوْ قَصُرَ الْفَصْلُ فَلَا يَأْتِي بِهِ، وَكَذَا لَا يُعِيدُهُ لَوْ
سَجَدَ مَعَ إمَامِهِ لِلتِّلَاوَةِ قَالَ حَجّ لِقِصَرِ الْفَصْلِ
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ بِالسُّجُودِ أَعَادَ التَّعَوُّذَ
وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] أَيْ: فِي الصَّلَاةِ
وَغَيْرِهَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر حَتَّى لَوْ قَرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ اُسْتُحِبَّ
لَهُ الِابْتِدَاءُ بِالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ سَوَاءٌ افْتَتَحَ مِنْ
أَوَّلِ سُورَةٍ أَمْ مِنْ أَثْنَائِهَا كَذَا رَأَيْته فِي زِيَادَاتِ
أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالنَّقْلُ فِي
التَّسْمِيَةِ غَرِيبٌ فَتَفَطَّنْ لَهُ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ
بِالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ هُمَا تَابِعَانِ لِلْقِرَاءَةِ إنْ سِرًّا
فَسِرٌّ وَإِنْ جَهْرًا فَجَهْرٌ لَكِنْ اسْتَثْنَى ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي
النَّشْرِ مِنْ الْجَهْرِ بِالتَّعَوُّذِ الْقَارِئَ بَعْدَ الْأَوَّلِ فِي
قِرَاءَةِ الْإِدَارَةِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ بِالْمُدَارَسَةِ فَقَالَ
يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْإِسْرَارُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ جَعْلُ
الْقِرَاءَتَيْنِ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ الْوَاحِدَةِ اهـ وَيَنْبَغِي
جَرَيَانُ مِثْلُهُ فِي التَّسْمِيَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ أَمْ مِنْ أَثْنَائِهَا أَيْ: السُّورَةِ أَيْ
وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَارِجُ الصَّلَاةِ وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ
السُّنَّةَ لِمَنْ ابْتَدَأَ مِنْ أَثْنَاءِ السُّورَةِ أَنْ
(1/353)
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:
98] أَيْ: إذَا أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (كُلَّ رَكْعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ فِيهَا
قِرَاءَةً (وَالْأُولَى آكَدُ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا.
(وَإِسْرَارٌ بِهِمَا) أَيْ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فِي
السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ الْمَسْنُونَةِ
(وَ) سُنَّ (عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِقَارِئِهَا
فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا (آمِينَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَقِيسَ بِهَا خَارِجُهَا
(مُخَفِّفًا) مِيمَهَا (بِمَدٍّ وَقَصْرٍ) وَالْمَدُّ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ
وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يُبَسْمِلَ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم لَكِنَّهُ خَصَّهُ م ر بِخَارِجِهَا
فَلْيُحَرَّرْ. أَقُولُ وَيُوَجَّهُ مَا خَصَّهُ م ر بِأَنَّ مَا أَتَى
بِهِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهِ يُعَدُّ مَعَ
الْفَاتِحَةِ كَأَنَّهُ قِرَاءَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْقِرَاءَةُ الْوَاحِدَةُ
لَا يُطْلَبُ التَّعَوُّذُ وَلَا التَّسْمِيَةُ فِي أَثْنَائِهَا نَعَمْ
لَوْ عَرَضَ لِلْمُصَلِّي مَا مَنَعَهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ
الْفَاتِحَةِ ثُمَّ زَالَ وَأَرَادَ الْقِرَاءَةَ بَعْدُ سُنَّ لَهُ
الْإِتْيَانُ بِالْبَسْمَلَةِ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ ابْتِدَاءً
قِرَاءَةٌ الْآنَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ الشَّيْطَانِ) هُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مُتَمَرِّدٍ مِنْ شَاطَ
إذَا احْتَرَقَ أَوْ مِنْ شَطَنَ بِمَعْنَى بَعُدَ سُمِّيَ بِذَلِكَ
لِبُعْدِهِ عَنْ الرَّحْمَةِ أَوْ عَنْ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ أَوْ عَنْ
تَعَوُّذٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْجِنْسُ وَقِيلَ إبْلِيسُ وَقِيلَ
الْقَرِينُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ الرَّجِيمِ) بِمَعْنَى الْمَرْجُومِ بِاللَّعْنِ أَوْ الرَّاجِمِ
بِالْوَسْوَسَةِ فَهُوَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ وَالصِّيغَةُ
لِلذَّمِّ وَالتَّحْقِيرِ وَالْمَعْنَى أَلْتَجِئُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى
مِنْ كُلِّ مُتَمَرِّدٍ عَاتٍ مَطْرُودٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كُلَّ رَكْعَةٍ) أَيْ فِي قِيَامِهَا أَوْ بَدَلِهِ وَلَوْ
الْقِيَامَ الثَّانِيَ مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ
لِلْقِرَاءَةِ وَقَدْ حَصَلَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ
بِالرُّكُوعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر
وَيَتَعَوَّذُ كُلَّ رَكْعَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْأُولَى آكَدُ مِمَّا
بَعْدَهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا هَذَا أَيْ: أَنَّ التَّعَوُّذَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
وَالثَّانِي يَتَعَوَّذُ فِي الْأُولَى فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي
الصَّلَاةِ وَاحِدَةٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِسْرَارٌ بِهِمَا) أَيْ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ لَوْ
كَانَ سَمِيعًا اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: فَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ تَعْلِيمَ الْمَأْمُومِينَ التَّعَوُّذَ
وَالِافْتِتَاحَ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ إمَّا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَإِمَّا
بَعْدَهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ الْمَسْنُونَةِ) أَيْ: فَإِنَّهُ
يُطْلَبُ الْإِسْرَارُ بِهَا وَالْمُرَادُ بِالْأَذْكَارِ مَا يَشْمَلُ
الدُّعَاءَ فَيُسِرُّ بِهِ إلَّا الْقُنُوتَ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ اهـ ع
ش.
(قَوْلُهُ وَعَقِبَ الْفَاتِحَةِ آمِينَ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ
السُّنَّتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ شَرَعَ فِي اللَّاحِقَتَيْنِ فَقَالَ:
وَعَقِبَ الْفَاتِحَةِ آمِينَ إلَخْ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يُسَنُّ عَقِبَ
بَدَلِ الْفَاتِحَةِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى
إطْلَاقِهِمْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ فَلَوْ تَضَمَّنَتْ آيَاتُ
الْبَدَلِ دُعَاءً فَيَنْبَغِي التَّأْمِينُ عَقِبَهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ
أَيْ: وَإِلَّا فَلَا يُؤَمِّنُ عَقِبَهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ
الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ
الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسُنَّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَلَهَا إنْ
تَضَمَّنَ دُعَاءً فِيمَا يَظْهَرُ مُحَاكَاةً لِلْمُبْدَلِ آمِينَ
انْتَهَتْ، وَلَوْ بَدَأَ فِي الْبَدَلِ بِمَا يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ
وَخَتَمَ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُهُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ فِي
الْآخِرَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ
لَا يُؤَمِّنُ إلَّا إنْ أَخَّرَ مَا يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ) أَيْ: بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ
اهـ ع ش فَالْمُرَادُ بِالْعَقِبِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ
إذْ تَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ
سَنِّ السَّكْتَةِ اللَّطِيفَةِ بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا يَفُوتُ إلَّا
بِالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ: وَلَوْ سَهْوًا
فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ
بَيْنَهُمَا لَفْظٌ. نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ نَحْوَ رَبِّ اغْفِرْ
لِي لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ رَبِّ اغْفِرْ لِي آمِينَ اهـ حَجّ
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلِوَالِدِيَّ وَلِجَمِيعِ
الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَالسَّكَتَاتُ
الْمُسْتَحَبَّةُ فِي الصَّلَاةِ أَرْبَعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ: سَكْتَةٌ
بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يَفْتَتِحُ فِيهَا، وَثَانِيَةٌ: بَيْنَ
وَلَا الضَّالِّينَ وَآمِينَ، وَثَالِثَةٌ: لِلْإِمَامِ بَيْنَ
التَّأْمِينِ وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِقَدْرِ مَا
يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ وَيَشْتَغِلُ حِينَئِذٍ بِدُعَاءٍ أَوْ
ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ سِرًّا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْقِرَاءَةُ
أَوْلَى، وَرَابِعَةٌ: قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَتَسْمِيَةُ كُلٍّ
مِنْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ سَكْتَةً مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْكُتُ
حَقِيقَةً لِمَا تَقَرَّرْ فِيهِمَا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَدَّهَا
الزَّرْكَشِيُّ خَمْسَةً الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ
تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالِافْتِتَاحِ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ الِافْتِتَاحِ
وَالْقِرَاءَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي سَكْتَةِ الْإِمَامِ
بَعْدَ التَّأْمِينِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِمَدٍّ وَقَصْرٍ) أَيْ: لِعَدَمِ إخْلَالِهِ بِالْمَعْنَى
وَحَكَى مَعَ الْمَدِّ لُغَةً ثَالِثَةً وَهِيَ الْإِمَالَةُ وَحُكِيَ
أَيْضًا التَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَهُوَ لَحْنٌ بَلْ قِيلَ:
إنَّهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ وَالْمُرَادُ قَاصِدِينَ إلَيْك وَأَنْتَ أَكْرَمُ
مِنْ أَنْ تُخَيِّبَ مَنْ قَصَدَك اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمَدُّ أَفْصَحُ) وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: الْأَصْلُ
الْقَصْرُ؛ لِأَنَّ وَزْنَهُ فَعِيلٌ، وَأَمَّا الْمَدُّ فَهُوَ مِنْ
أَبْنِيَةِ الْعَجَمِ كَقَابِيلَ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنَّهُ
بِالْمَدِّ لَيْسَ عَرَبِيًّا وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ عَرَبِيٌّ فَالْأَلِفُ
مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ إشْبَاعِ فَتْحَةِ الْهَمْزَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ) وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا
تُخَيِّبْ رَجَاءَنَا وَقِيلَ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا أَحَدٌ سِوَاك
وَقِيلَ جِئْنَاك قَاصِدِينَ وَدَعَوْنَاك رَاغِبِينَ فَلَا تَرُدَّنَا
(1/354)
مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فَلَوْ شَدَّدَ
الْمِيمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ.
(وَ) سُنَّ (فِي جَهْرِيَّةٍ جَهَرَ بِهَا) لِلْمُصَلِّي حَتَّى
لِلْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ تَبَعًا لَهُ (وَأَنْ يُؤَمِّنَ)
الْمَأْمُومُ (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا
أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ
تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ بَلْ
لِقِرَاءَتِهِ الْفَاتِحَةَ وَقَدْ فَرَغَتْ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إذَا
أَمَّنَ الْإِمَامُ إذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ وَيُوضِحُهُ خَبَرُ
الشَّيْخَيْنِ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا آمِينَ» فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ
لَهُ مُوَافَقَتُهُ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إمَامُهُ
عَنْ الزَّمَنِ الْمَسْنُونِ فِيهِ التَّأْمِينُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَقِيلَ: إنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنَّ
الْمُصَلِّيَ قَالَ: اهْدِنَا يَا اللَّهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ طَابَعُ
الدُّعَاءِ وَخَاتَمٌ عَلَيْهِ وَقِيلَ إنَّهُ كَنْزٌ يُعْطَاهُ قَائِلُهُ
وَقِيلَ: إنَّهُ اسْمٌ تَنْزِلُ بِهِ الرَّحْمَةُ اهـ حَوَاشِي شَرْحِ
الرَّوْضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ) لَا يُقَالُ اسْتَجِبْ مُتَعَدٍّ دُونَهُ
بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ اسْتَجِبْ دُعَاءَنَا وَلَا يُقَالُ آمِينَ
دُعَاءَنَا وَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي لَا يُفَسَّرُ بِالْمُتَعَدِّي؛
لِأَنَّا نَقُولُ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَحُكْمُهَا أَيْ: أَسْمَاءِ
الْأَفْعَالِ غَالِبًا فِي التَّعَدِّي وَاللُّزُومِ حُكْمُ الْأَفْعَالِ
انْتَهَى، قَالُوا: وَخَرَجَ بِ غَالِبًا آمِينَ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى
اسْتَجِبْ وَهُوَ مُتَعَدٍّ دُونَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ) أَيْ: لِلتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى
أَنَّهُ بُنِيَ عَلَى حَرَكَةٍ حَذَرًا مِنْ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ
مِثْلَ أَيْنَ وَكَيْفَ وَكَانَتْ فَتْحَةً لِخِفَّةِ الْفَتْحِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ شَدَّدَ الْمِيمَ) أَيْ: مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ
وَقَوْلُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ أَيْ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ
الدُّعَاءُ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ الْمُصَلِّي اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ
مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ قَاصِدِينَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ
كَذَلِكَ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ أَيْضًا لَكِنَّ
الْمُعْتَمَدَ فِي هَذِهِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ خِلَافًا لحج اهـ
شَيْخُنَا وَأَصْلُهُ فِي الْحَلَبِيِّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ) لَيْسَ قَيْدًا فَلَا يَضُرُّ
وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَلَوْ
زَادَ بَعْدَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَكَانَ حَسَنًا
وَلَا يُسَنُّ قَبْلَهُ الدُّعَاءُ مِنْ أَحَدٍ وَاسْتَثْنَى الْعَلَّامَةُ
حَجّ رَبِّ اغْفِرْ لِي لِوُرُودِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ
مِنْ أَمَاكِنِ إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَلَمْ يُوَافِقُوهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
إلَخْ كَذَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ هُوَ تَابِعٌ فِي
هَذَا لِلْإِمْدَادِ لَكِنْ الَّذِي فِي غَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى
رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ لَوْ قَالَ آمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وَغَيْرَهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَسَنًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ فِي جَهْرِيَّةٍ) أَيْ: مَطْلُوبٍ فِيهَا الْجَهْرُ
فَالْعِبْرَةُ بِالْمَشْرُوعِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُومًا أَوْ
غَيْرَهُ يَجْهَرُ بِهِ إنْ طُلِبَ مِنْهُ الْجَهْرُ وَيُسِرُّ بِهِ إنْ
طُلِبَ مِنْهُ الْإِسْرَارُ قَالَ شَيْخُنَا: وَجَهْرُ الْخُنْثَى
وَالْأُنْثَى بِهِ كَجَهْرِهِمَا بِالْقِرَاءَةِ وَسَيَأْتِي اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ حَتَّى لِلْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ) وَالْأَمَاكِنُ
الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْمَأْمُومُ خَلْفَ إمَامِهِ خَمْسَةٌ:
تَأْمِينُهُ مَعَ إمَامِهِ، وَفِي دُعَاءِ الْإِمَامِ فِي قُنُوتِ
الصُّبْحِ، وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ
رَمَضَانَ، وَفِي قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ،
وَإِذَا فُتِحَ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) أَيْ: لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ
وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَصَلَ التَّأْمِينَ بِالْفَاتِحَةِ بِلَا فَصْلٍ
وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ
غَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ
خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَمِعَ قِرَاءَةَ غَيْرِهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ
مَأْمُومٍ فَلَا يُسَنُّ لَهُ التَّأْمِينُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ
إلَخْ) أَيْ وَمَعْلُومٌ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ «أَنَّ الْمَلَائِكَةَ
تُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ» فَيَكُونُ الدَّلِيلُ مُنْتِجًا
لِلْمُدَّعَى اهـ شَيْخُنَا ح ف، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَعْنَى
مُوَافَقَتِهِ لِلْمَلَائِكَةِ أَنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الزَّمَنِ وَقِيلَ
فِي الصِّفَاتِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَهَؤُلَاءِ
الْمَلَائِكَةُ قِيلَ: هُمْ الْحَفَظَةُ وَقِيلَ: غَيْرُهُمْ، وَلَوْ قِيلَ
بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ اهـ
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ) وَهُمْ مَنْ شَهِدَ تِلْكَ الصَّلَاةَ
فِي الْأَرْضِ أَوْ السَّمَاءِ وَقِيلَ الْمُأَمِّنُونَ عَلَى أَدْعِيَةِ
الْمُصَلِّينَ وَقِيلَ الْحَفَظَةُ وَقِيلَ جَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ؛
لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَأْمِينِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ وَهَلْ يَقُولُونَ لَفْظَ
آمِينَ أَوْ مَا هُوَ مَعْنَاهُ؟ قَالَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ: إنَّهُمْ
يَقُولُونَ آمِينَ كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْبُخَارِيِّ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ وَمَا
تَأَخَّرَ وَالْمُرَادُ الصَّغَائِرُ وَإِنْ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ:
إنَّهُ شَامِلٌ لِلْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُؤَمِّنُ لِتَأْمِينِ إمَامِهِ)
أَيْ: حَتَّى يَلْزَمَ تَأْخِيرُ تَأْمِينِهِ عَنْ تَأْمِينِ الْإِمَامِ
بَلْ لِقِرَاءَتِهِ وَقَدْ فَرَغَتْ أَيْ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
عَقِبَهَا لِيُقَارِنَ تَأْمِينَ الْإِمَامِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَيُوضِحُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ
مُخَفَّفَةً مِنْ أَوْضَحَ إذَا بَيَّنَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ
بِالْمَعْنَى اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ عَقِبَ تَأْمِينِهِ) أَيْ: وَإِنْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي
السُّورَةِ فَإِنَّ مَنْ قَرَأَ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَفَرَغَا مَعًا
كَفَاهُ تَأْمِينٌ وَاحِدٌ أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ أَمَّنَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ
لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا يُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ
قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَهُ وَفِي الْعُبَابِ
أَنَّهُ يُؤَمِّنُ إذَا سَمِعَ تَأْمِينَ الْمَأْمُومِينَ وَضَعَّفَهُ
مَشَايِخُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ كَفَاهُ تَأْمِينٌ وَاحِدٌ
هَكَذَا فِي شَرْحِ م ر وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ تَكْرِيرَ التَّأْمِينِ
أَوْلَى وَيُقَدِّمُ تَأْمِينَ قِرَاءَتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ عَنْ الزَّمَنِ الْمَسْنُونِ فِيهِ التَّأْمِينُ) أَيْ: وَهُوَ
بِقَدْرِ
(1/355)
أَمَّنَ الْمَأْمُومُ وَخَرَجَ
بِزِيَادَتِي فِي جَهْرِيَّةٍ السِّرِّيَّةُ فَلَا جَهْرَ بِالتَّأْمِينِ
فِيهَا وَلَا مَعِيَّةَ بَلْ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ سِرًّا
مُطْلَقًا (ثُمَّ) بَعْدَ التَّأْمِينِ سُنَّ أَنْ (يَقْرَأَ غَيْرُهُ)
أَيْ: غَيْرُ الْمَأْمُومِ مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ (سُورَةً) غَيْرَ
الْفَاتِحَةِ (فِي) رَكْعَتَيْنِ (أُولَيَيْنِ) جَهْرِيَّةً كَانَتْ
الصَّلَاةُ أَوْ سِرِّيَّةً لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي
الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقِيسَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا (لَا هُوَ) أَيْ:
الْمَأْمُومُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ سُورَةٌ إنْ سَمِعَ لِلنَّهْيِ عَنْ
قِرَاءَتِهِ لَهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (بَلْ يَسْتَمِعُ)
قِرَاءَةَ إمَامِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا) لِصَمَمٍ
أَوْ بُعْدٍ أَوْ سَمَاعِ صَوْتٍ لَمْ يَفْهَمْهُ أَوْ إسْرَارِ إمَامِهِ
وَلَوْ فِي جَهْرِيَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
سُبْحَانَ اللَّهِ فَإِذَا تَأَخَّرَ الْإِمَامُ بِتَأْمِينِهِ زِيَادَةً
عَلَى هَذَا الزَّمَنِ فَاتَهُ سُنِّيَّةُ التَّأْمِينِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَمَّنَ الْمَأْمُومُ) أَيْ: لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ
اعْتِبَارًا بِالْمَشْرُوعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: لِأَنَّ السَّبَبَ
لِلتَّأْمِينِ انْقِضَاءُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ كَمَا عَلِمْت وَقَدْ
وُجِدَ وَلَا نَظَرَ لِلْمُقَارَنَةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ طَلَبِهَا إذَا
أَتَى بِهَا الْإِمَامُ فِي زَمَنِهَا الْمَطْلُوبِ وَهُوَ عَقِبَ
الْقِرَاءَةِ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ
لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ فَلَا جَهْرَ بِالتَّأْمِينِ فِيهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ سَمِعَ
قِرَاءَةَ إمَامِهِ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ وَلَا يُسَنُّ فِي
السِّرِّيَّةِ جَهْرٌ بِالتَّأْمِينِ وَلَا مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيهِ
بَلْ يُؤَمِّنُ كُلٌّ سِرًّا مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ جَهَرَ الْإِمَامُ
بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا أَيْ السِّرِّيَّةِ لَمْ تَبْعُدْ مُوَافَقَتُهُ
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ بِالسُّورَةِ فِي
السِّرِّيَّةِ يَشْتَغِلُ هُوَ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ
إمَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ بِالْجَهْرِ لِمَا طُلِبَ مِنْهُ قَالَ
فَالْعِبْرَةُ بِالْمَشْرُوعِ لَا بِالْمَفْعُولِ وَمُقْتَضَى هَذَا
التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ فِي
السِّرِّيَّةِ وَإِنْ جَهَرَ إمَامُهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ أَسَرَّ
اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْرَأُ غَيْرَهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى آمِينَ فِي
قَوْلِهِ وَعَقِبَ الْفَاتِحَةِ آمِينَ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهِ اهـ
شَيْخُنَا لَكِنْ صَنِيعُ الشَّارِحِ يُوهِمُ أَنَّ السُّورَةَ لَا تُسَنُّ
إلَّا إنْ أَمَّنَ مَعَ أَنَّهَا تُسَنُّ مُطْلَقًا وَكَوْنُهَا بَعْدَ
التَّأْمِينِ سُنَّةٌ أُخْرَى.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَتُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ سُورَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ يَجُوزُ فِيهِ الْهَمْزُ
وَتَرْكُهُ وَهُوَ أَشْهَرُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ اهـ سم اهـ ع ش عَلَى
م ر.
(قَوْلُهُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ) أَمَّا هِيَ فَلَا تُحْسَبُ عَنْ
السُّورَةِ إذَا كَرَّرَهَا إلَّا إذَا لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَهَا فِيمَا
يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر لَكِنْ فِيهِ أَنَّ لَنَا قَوْلًا بِأَنَّ
تَكْرِيرَ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ يُجَابَ
بِضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ جِدًّا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ
الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ تَكْرِيرًا بَلْ هِيَ بَدَلٌ عَنْ
السُّورَةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ فِي رَكْعَتَيْنِ أُولَيَيْنِ) أَيْ: مِنْ الْفَرْضِ مُطْلَقًا
وَالنَّفَلِ الَّذِي تَشَهَّدَ فِيهِ تَشَهُّدَيْنِ، وَأَمَّا النَّفَلُ
الَّذِي يُصَلِّيهِ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فَيَقْرَأُ فِيهِ فِي كُلِّ
رَكْعَةٍ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا
النَّفَلُ الَّذِي يُصَلِّيهِ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ إلَخْ كَذَا فِي شَرْحِ
م ر وَفِي ع ش عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ
بِتَشَهُّدَيْنِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ وَقِيَاسُ
مَا يَأْتِي فِي النَّفْلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدٍ
بَعْدَ أَنْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ
السَّهْوِ أَنْ يَتْرُكَ هُنَا السُّورَةَ فِيمَا بَعْدَ مَحَلِّ
التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِقَصْدِهِ كَأَنَّهُ الْتَزَمَهُ
فَأُلْحِقَ بِالْفَرْضِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا تُسَنُّ سُورَةٌ إنْ سَمِعَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي
السِّرِّيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى فِعْلِ
الْإِمَامِ لَا عَلَى الْمَشْرُوعِ وَقَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهِ
لَهَا أَيْ فَقِرَاءَتُهُ لَهَا مَكْرُوهَةٌ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَهُوَ
كَذَلِكَ إلَخْ اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ
لَوْ جَهَرَ بِالسُّورَةِ فِي السِّرِّيَّةِ اشْتَغَلَ هُوَ بِالْقِرَاءَةِ
وَلَا يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ بِالْجَهْرِ لِمَا
طُلِبَ مِنْهُ فَالْعِبْرَةُ بِالْمَشْرُوعِ لَا بِالْمَفْعُولِ اهـ
وَأَقَرَّهُ ع ش.
(قَوْلُهُ بَلْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ إمَامِهِ) وَتُكْرَهُ لَهُ
الْقِرَاءَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ قِرَاءَتِهَا
خَلْفَهُ فَالِاسْتِمَاعُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ
السُّنَّةَ فِي حَقِّهِ تَأْخِيرُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي
الْأُولَيَيْنِ إلَى مَا بَعْدَ فَاتِحَةِ إمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ
لِبُعْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُقَدِّرُ ذَلِكَ
بِالظَّنِّ وَلَمْ يَذْكُرْ وَإِمَّا يَقُولُهُ غَيْرُ السَّامِعِ فِي
زَمَنِ سُكُوتِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُطِيلُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ
الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ أَوْ يَأْتِي بِذِكْرٍ آخَرَ أَمَّا
السُّكُوتُ الْمَحْضُ فَبَعِيدٌ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ
بَعِيدٌ أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر ثُمَّ قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ سُكُوتُ
الْإِمَامِ بَعْدَ تَأْمِينِهِ فِي الْجَهْرِيَّةِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ
الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ وَيَشْتَغِلُ حِينَئِذٍ بِدُعَاءٍ أَوْ ذِكْرٍ
أَوْ قِرَاءَةٍ سِرًّا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْقِرَاءَةُ أَوْلَى
اهـ. وَقَوْلُهُ وَالْقِرَاءَةُ أَوْلَى أَيْ فَيَقْرَأُ مَثَلًا بَعْضَ
السُّورَةِ الَّتِي يُرِيدُ قِرَاءَتَهَا سِرًّا فِي زَمَنِ قِرَاءَةِ
الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ يُكْمِلُهَا جَهْرًا وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ
يَقْرَأُ مِمَّا يَلِي السُّورَةَ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى اهـ ع ش
عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204]
حَمَلَ الشَّارِحُ الْقُرْآنَ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَحَمَلَهُ فِي
بَابِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ
فِيهَا تَفْسِيرَانِ فَنَظَرَ الشَّارِحُ فِي أَحَدِ الْبَابَيْنِ إلَى
أَحَدِهِمَا وَفِي الْآخَرِ إلَى الْآخَرِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا) أَيْ: قِرَاءَةَ إمَامِهِ وَالْمُرَادُ
سَمَاعُ تَفَهُّمٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي
السِّرِّيَّةِ أَوْ عَكَسَ اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ
كَلَامُ الْأَصْلِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَ فِي
الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ الْمَشْرُوعِ فِي
(1/356)
(قَرَأَ) سُورَةً؛ إذْ لَا مَعْنَى
لِسُكُوتِهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ بَعُدَ
أَوْ كَانَتْ سِرِّيَّةً قَرَأَ (فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) أَيْ
بِالْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْهُمَا مَعَهُ
(قَرَأَهَا) فِي بَاقِي صَلَاتِهِ إذَا تَدَارَكَهُ وَلَمْ يَكُنْ
قَرَأَهَا فِيمَا أَدْرَكَهُ وَلَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا
لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْ السُّورَةِ بِلَا عُذْرٍ (وَ) أَنْ
(يُطَوِّلَ) مَنْ تُسَنُّ لَهُ سُورَةٌ (قِرَاءَةَ أُولَى عَلَى ثَانِيَةٍ)
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ إنْ وَرَدَ نَصٌّ بِتَطْوِيلِ
الثَّانِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْفَاتِحَةِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَوْ أَسَرَّ إمَامُهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَوْ
عَكْسِهِ اُعْتُبِرَ بِأَصْلِ السُّنَّةِ لَا بِفِعْلِهِ لِإِسَاءَتِهِ
خِلَافًا لِلرَّوْضَةِ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ إسْرَارُ إمَامِهِ
وَلَوْ فِي جَهْرِيَّةٍ مَشَى فِيهِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ قَرَأَ سُورَةً) أَيْ: لَا تَتَضَمَّنُ آيَةَ سَجْدَةٍ وَلَوْ "
{الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] " فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِمَا
سَيَأْتِي فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ
قِرَاءَةُ آيَتِهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ السُّجُودِ فَمَا
أَطْلَقُوهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِمَا سَيَأْتِي كَمَا أَنَّ الَّذِي
سَيَأْتِي مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِمْ هُنَا يُسَنُّ فِي أُولَى صُبْحِ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ قِرَاءَةُ " {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] " الشَّامِلُ
ذَلِكَ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى
غَيْرِ الْمَأْمُومِ أَيْ: لَا يُسَنُّ ذَلِكَ إلَّا لِلْإِمَامِ
وَالْمُنْفَرِدِ دُونَ الْمَأْمُومِ وَسَيُصَرِّحُ بِتَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ
الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ
أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ
تَكُنْ سِرِّيَّةً لَا يَقْرَأُ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ سَمِعَ صَوْتًا
لَا يَفْهَمُهُ أَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ أَسَرَّ الْإِمَامُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ قَرَأَهَا فِي بَاقِي صَلَاتِهِ) أَيْ فِي الثَّالِثَةِ
وَالرَّابِعَةِ وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ يُكَرِّرُ
السُّورَةَ مَرَّتَيْنِ فِي ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
اهـ ح ل وَإِنَّمَا قَضَى السُّورَةَ دُونَ الْجَهْرِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ
آخِرَ الصَّلَاةِ تَرْكُ الْجَهْرِ وَلَيْسَتْ السُّنَّةُ آخِرَهَا تَرْكَ
السُّورَةِ بَلْ لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَرْقٌ
وَاضِحٌ اهـ حَجّ وَأَيْضًا السُّورَةُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ
الْجَهْرِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْقِرَاءَةِ فَسُومِحَ فِيهِ
تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إذَا تَدَارَكَهُ) إذَا هُنَا ظَرْفِيَّةٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ
مَعْنَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ التَّدَارُكَ لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَهَا فِيمَا أَدْرَكَهُ) أَمَّا إذَا كَانَ
قَرَأَهَا فِيمَا أَدْرَكَهُ بِأَنْ كَانَ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ
وَإِمَامُهُ بَطِيئُهَا فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ ثَانِيًا وَفِي شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى إمْكَانِ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمِهَا
فَمَتَى أَمْكَنَتْهُ الْقِرَاءَةُ وَلَمْ يَقْرَأْ لَا يَقْرَأُ فِي
الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَفِي كَلَامِ
الشِّهَابِ عَمِيرَةَ لَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا فِي الْأُولَيَيْنِ
فَالظَّاهِرُ تَدَارُكُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَنَظِيرِهِ مِنْ سُجُودِ
السَّهْوِ اهـ ح ل وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَلَامَ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اهـ وَعَلَيْهِ
فَلَوْ أَدْرَكَ ثَانِيَةً رُبَاعِيَّةٍ وَأَمْكَنَتْهُ السُّورَةُ فِي
أُولَيَيْهِ تَرَكَهَا فِي الْبَاقِي لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ
ثَانِيَتُهُ دُونَ ثَالِثَتِهِ قَرَأَهَا فِيهَا وَلَا يَقْرَؤُهَا فِي
رَابِعَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُمْكِنْهُ فِي ثَالِثَتِهِ
فَيَقْرَؤُهَا فِي رَابِعَتِهِ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَهَا فِيمَا
أَدْرَكَهُ أَيْ: وَلَا تَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَتِهَا كَمَا قَالَهُ
الشَّوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ وَلَا سَقَطَتْ عَنْهُ) أَيْ: تَبَعًا لِمَتْبُوعِهَا وَهُوَ
الْفَاتِحَةُ لَا لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا
تُسَنُّ لَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ
عَنْهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا) أَيْ: أَوْ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ اهـ
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لِئَلَّا تَخْلُو صَلَاتُهُ عَنْ السُّورَةِ) هَذَا فِي
الرُّبَاعِيَّةِ وَمِثْلُهَا الثُّلَاثِيَّةُ فَيَأْتِي بِالسُّورَتَيْنِ
فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ
فِيمَا لَوْ فَاتَتْهُ فِيهِمَا وَطُلِبَتْ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنْ
فَاتَتْهُ فِي إحْدَاهُمَا طُلِبَتْ سُورَتُهَا فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ
مَا يُقْرَأُ فِي قِيَامِ الرَّكْعَةِ يُسَمَّى سُورَةً وَإِنْ كَثُرَ
وَلَيْسَ هُنَا طَلَبُ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِكُلِّ رَكْعَةٍ كَمَا فِي
الْجُمُعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُطَوِّلَ قِرَاءَةَ أُولَى عَلَى ثَانِيَةٍ) أَيْ؛
لِأَنَّ النَّشَاطَ فِيهَا أَكْثَرُ فَخَفَّفَ فِي غَيْرِهَا حَذَرًا مِنْ
الْمَلَلِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَطْوِيلُ كُلٍّ مِنْ الرَّكَعَاتِ
عَلَى مَا بَعْدَهَا وَقَالُوا أَيْضًا فِي عِلَّةِ ذَلِكَ أَنَّ تَطْوِيلَ
الْأُولَى لِيُدْرِكَهَا النَّاسُ وَظَاهِرُ هَذَا وَإِنْ كَانَ إمَامًا
لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِتَطْوِيلِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ رُبَّمَا
يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِي وَكُرِهَ لَهُ تَطْوِيلٌ وَإِنْ قَصَدَ لُحُوقَ
غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ رَضُوا إلَخْ لَكِنْ سَيَأْتِي
أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ تَطْوِيلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
لِلْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ أَيْ إدْرَاكِ
النَّاسِ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ النَّشَاطِ فِيهَا أَكْثَرُ
وَالْوَسْوَسَةُ فِيهَا أَقَلُّ وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لِلْقَصْدِ
الْمَذْكُورِ أَيْ: إدْرَاكِ النَّاسِ لَهَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ مِنْ
فَوَائِدِهَا أَنَّهُ يَقْصِدُ تَطْوِيلَهَا لِذَلِكَ وَقَوْلُ الرَّاوِي
كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ تَعْبِيرٌ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ لَا أَنَّهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَدَ ذَلِكَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُطَوِّلُ قِرَاءَةَ أُولَى عَلَى ثَانِيَةٍ)
وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ إنْ
كَانَ تَوْقِيفِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَوَاضِحٌ أَوْ
اجْتِهَادِيًّا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَقَدْ وَقَعَ إجْمَاعُ
الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ وَقِرَاءَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَمَّا
تَرْتِيبُ كُلِّ سُورَةٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ
فَتَوْقِيفِيٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ وَخَصَّهُ
الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ التَّالِيَةُ لَهَا أَطْوَلَ
كَالْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٍ لِئَلَّا تَطُولَ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى
وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَقَدْ
(1/357)
اُتُّبِعَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ
أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ لِيَلْحَقَهُ
مُنْتَظِرُ السُّجُودِ.
(وَسُنَّ) لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامٍ (فِي صُبْحٍ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ)
بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا (وَ) فِي (ظُهْرٍ قَرِيبٍ مِنْهَا) أَيْ:
مِنْ طِوَالِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ
زِيَادَتِي وَالْأَصْلُ أَدْخَلَهُ فِيمَا قَبْلَهُ (وَ) فِي (عَصْرٍ
وَعِشَاءٍ أَوْسَاطُهُ) وَالثَّلَاثَةُ فِي الْإِمَامِ مُقَيَّدَةٌ
بِقَيْدٍ زِدْته تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (بِرِضَا)
مَأْمُومِينَ (مَحْصُورِينَ) أَيْ: لَا يُصَلِّي وَرَاءَ غَيْرِهِمْ (وَ)
فِي (مَغْرِبٍ قِصَارُهُ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ فِي ذَلِكَ وَأَوَّلُ
الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ
وَغَيْرِهَا (وَ) فِي (صُبْحِ جُمُعَةٍ) فِي أُولَى {الم - تَنْزِيلُ}
[السجدة: 1 - 2] وَفِي ثَانِيَةٍ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يُقَالُ لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ طُولَ الثَّانِيَةِ
لَا يُنَافِي تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا
حِينَئِذٍ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ تَرْتِيبِهِ وَطَوَّلَ الْأُولَى عَلَى
الثَّانِيَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُسَنُّ أَيْضًا أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ
السُّورَتَيْنِ فَلَوْ تَرَكَهُ كَأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى الْهُمَزَةَ
وَالثَّانِيَةِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ
عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا يُفْعَلُ الْآنَ
فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مِنْ قِرَاءَةِ أَلْهَاكُمْ ثُمَّ سُورَةِ
الْإِخْلَاصِ إلَى آخِرِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى أَيْضًا لِتَرْكِ
الْمُوَالَاةِ وَتَكْرِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ) أَيْ: بِأَنْ زَحَمَ إنْسَانٌ
عَنْ السُّجُودِ وَكَمَا فِي تَطْوِيلِ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ
الثَّانِيَةَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِتَلْحَقَهُ الْفِرْقَةُ
الثَّانِيَةُ اهـ ح ل وَكَمَا لَوْ نَسِيَ سُورَةَ السَّجْدَةِ فِي
الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ
يَقْرَؤُهَا وَهَلْ أَتَى فِي الثَّانِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ
اهـ زِيَادِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ فِي صُبْحِ إلَخْ) هَذَا تَفْصِيلٌ لِلسُّورَةِ
الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا تَكْرَارَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ هَذَا فِي
الْحَاضِرِ أَمَّا الْمُسَافِرُ فَيَأْتِي فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
وَغَيْرِهَا بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ أَوْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ
صَرَّحَ بِهِ حَجّ وَاسْتَوْجَهَ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَفْضَلُ لَهُ
مِمَّا قَبْلَهُمَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ "
فَيَأْتِي فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إلَخْ " يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ
لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ السَّفَرِ طُلِبَ مِنْهُ التَّخْفِيفُ ثُمَّ مَا
ذَكَرَهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ سَائِرًا أَوْ نَازِلًا لَيْسَ
مُتَهَيِّئًا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ لِلسَّيْرِ وَلَا مُتَيَقِّظًا لَهُ
وَهُوَ كَذَلِكَ لِإِيثَارِهِمْ التَّخْفِيفَ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي
سَائِرِ أَحْوَالِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ فِي صُبْحٍ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ إلَخْ)
الْحِكْمَةُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ طَوِيلٌ وَصَلَاتُهُ
رَكْعَتَانِ فَنَاسَبَ تَطْوِيلَهُمَا وَوَقْتَ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ
فَنَاسَبَ فِيهِ الْقِصَارُ، وَأَوْقَاتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ
وَالْعِشَاءُ طَوِيلَةٌ وَلَكِنَّ الصَّلَوَاتِ طَوِيلَةٌ أَيْضًا فَلَمَّا
تَعَارَضَ ذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهِ التَّوَسُّطَ فِي غَيْرِ الظُّهْرِ
وَفِيهَا قَرِيبٌ مِنْ الطِّوَالِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ
فِيهِ بَيْنَ السُّوَرِ وَمَعْنَاهُ الْمُبِينِ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ
فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: 3] أَيْ: جُعِلَتْ تَفَاصِيلَ فِي مَعَانٍ
مُخْتَلِفَةٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا) أَيْ: مَعَ تَخْفِيفِ الْوَاوِ
فِيهِمَا فَإِنْ أَفْرَطَ فِي الطُّولِ قِيلَ طِوَّالٌ بِتَشْدِيدِ
الْوَاوِ وَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ: إنَّ طِوَالَ بِكَسْرِ الطَّاءِ لَا
غَيْرُ جَمْعُ طَوِيلٍ وَبِضَمِّهَا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ وَبِفَتْحِهَا
الْمُدَّةُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فِي بَعْضِ
أَحْوَالِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ
طُوَالَاتُ الْمُفَصَّلِ جَمْعُ طَوِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّوَرِ
فَهُوَ مَرْدُودٌ لِعَدَمِ التَّأْنِيثِ الْحَقِيقِيِّ مَعَ أَنَّ نَقْلَ
الثِّقَاتِ لَا مَطْعَنَ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَدْخَلَهُ) أَيْ: الْقَرِيبُ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْ
الطِّوَالِ وَعِبَارَتُهُ وَيُسَنُّ لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ طِوَالُ
الْمُفَصَّلِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِرِضَا مَحْصُورِينَ) أَيْ مِمَّنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ وَلَمْ
يَكُنْ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ
بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا مَمْلُوكِينَ وَلَا نِسَاءَ مُزَوَّجَاتٍ وَلَا
مُسْتَأْجَرِينَ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ وَغَيْرِهَا)
وَوَرَاءَ هَذَا الْمُصَحَّحِ أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي
أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ قَوْلًا قِيلَ قَافٌ وَقِيلَ
الْحُجُرَاتُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ الْقِتَالُ وَعَزَّاهُ
الْمَاوَرْدِيُّ لِلْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ الْجَاثِيَةُ وَقِيلَ
الصَّافَّاتُ وَقِيلَ الصَّفُّ وَقِيلَ تَبَارَكَ وَقِيلَ الْفَتْحُ
وَقِيلَ الرَّحْمَنُ وَقِيلَ الْإِنْسَانُ وَقِيلَ سَبِّحْ وَقِيلَ
الضُّحَى؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ يَفْصِلُ بَيْنَ السُّوَرِ بِالتَّكْبِيرِ،
وَلِلْمُفَصَّلِ طِوَالٌ وَأَوْسَاطٌ وَقِصَارٌ فَطِوَالُهُ إلَى عَمَّ
وَأَوْسَاطُهُ مِنْهَا إلَى الضُّحَى وَقِصَارُهُ مِنْهَا إلَى آخِرِهِ اهـ
ح ل.
(قَوْلُهُ وَفِي صُبْحِ جُمُعَةٍ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
الْمَأْمُومُونَ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ قَالَ فِي
الْأَذْكَارِ وَلْيَحْذَرْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْبَعْضِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَفِي صُبْحِ جُمُعَةٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ وَلَوْ قَضَاءً
فَلْيُحَرَّرْ، وَلَوْ قَرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ " {الم -
تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] " بِقَصْدِ السُّجُودِ فَهَلْ تَبْطُلُ
صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ وَخَالَفَهُ حَجّ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ
اهـ ز ي اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَلَوْ قَرَأَ فِي
الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ أَوْ سُورَتَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ
" {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] " فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ
انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ خَرَجَ مَا لَوْ قَرَأَ
بِقَصْدِ أَدَاءِ سُنَّةِ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فَيَسْجُدُ
وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَنَّ فِيمَا يَقْرَؤُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ
وَأَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّجُودُ إذَا قَرَأَهَا، وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ أَيْ: بِالسُّجُودِ لَا بِمُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ
الشُّرُوعَ فِيهَا لَيْسَ شُرُوعًا فِي الْمُبْطِلِ كَمَا لَوْ عَزَمَ أَنْ
يَأْتِيَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ
إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ
أَمَّا الْجَاهِلُ
(1/358)
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ
تَرَكَ أَلَم فِي الْأُولَى سُنَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي الثَّانِيَةِ
وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَتَأَدَّى
بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَكِنْ السُّورَةُ أَوْلَى حَتَّى إنَّ
السُّورَةَ الْقَصِيرَةَ أَوْلَى مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ وَإِنْ
كَانَ أَطْوَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ
وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَدْرِهَا مِنْ
طَوِيلَةٍ غَيْرُ وَافٍ بِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ
فِي الْمُهِّمَّاتِ.
(تَنْبِيهٌ) يُسَنُّ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ
فِي الصُّبْحِ وَأُولَتَيْ الْعِشَاءَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَالنَّاسِي فَلَا وَمِنْهُ مَا لَوْ أَخْطَأَ فَظَنَّ غَيْرَ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ يَوْمَهَا فَقَرَأَ فِيهِ " الم " بِقَصْدِ السُّجُودِ اهـ ع ش
عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ أَلَم) أَيْ وَلَوْ عَمْدًا وَقَوْلُهُ سُنَّ لَهُ
أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: وَيَسْجُدَ فِيهَا
وَيُقَدِّمُ " {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] " عَلَى " {هَلْ أَتَى}
[الإنسان: 1] " وَلَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى " هَلْ أَتَى "
قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ " الم تَنْزِيلُ " وَيَسْجُدُ فِيهَا؛ لِأَنَّ
صُبْحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَحَلٌّ لِلسُّجُودِ فِي الْجُمْلَةِ وَتُسَنُّ
الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْعَامَّةِ قَدْ
تَعْتَقِدُ وُجُوبَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ إلَيْهِ وَلَوْ ضَاقَ
الْوَقْتُ عَنْ قِرَاءَةِ " الم تَنْزِيلُ " قَرَأَ مَا أَمْكَنَ
قِرَاءَتَهُ مِنْهَا وَلَوْ آيَةَ السَّجْدَةِ وَكَذَا يَقْرَأُ فِي
الْأُخْرَى مَا أَمْكَنَ قِرَاءَتُهُ مِنْ هَلْ أَتَى فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَ
ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ
نُوزِعَ فِيهِ، وَيُسَنُّ قِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْجُمُعَةِ
وَالْمُنَافِقِينَ فِي عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَبَدًا وَسُورَتَيْ
الْإِخْلَاصِ فِي مَغْرِبِهَا كَذَلِكَ لِوُرُودِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَالْأَوْجَهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِمَا دُونَ آيَةٍ إنْ أَفَادَ
وَإِنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ لَا بِقَصْدِ أَنَّهَا الَّتِي
أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ
كُلِّ سُورَةٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ السُّورَةَ أَوْلَى إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَسُورَةٌ كَامِلَةٌ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ لَا أَطْوَلَ
مِنْهَا؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهَا وَالْوَقْفَ عَلَى آخِرِهَا
صَحِيحَانِ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِهِمَا فِي بَعْضِ السُّورَةِ فَإِنَّهُمَا
قَدْ يَخْفَيَانِ ثُمَّ مَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهَا فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ
أَمَّا فِيهَا فَقِرَاءَةُ بَعْضِ الطَّوِيلَةِ أَفْضَلُ كَمَا أَفْتَى
بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ
فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ
بِالتَّرَاوِيحِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ وَرَدَ فِيهَا الْأَمْرُ بِالْبَعْضِ
فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ كَقِرَاءَةِ آيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ
عِمْرَانَ فِي الْفَجْرِ وَلَوْ كَرَّرَ سُورَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ
حَصَّلَ أَصْلَ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ وَعَلَّلُوهُ
بِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا إلَى آخِرِهِ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ
مَحَلَّ كَوْنِ الْبَعْضِ أَفْضَلُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِجَمِيعِ
الْقُرْآنِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَالسُّورَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ
رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ
وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ مَحَلَّ تَفْضِيلِ قِرَاءَةِ بَعْضِ
الطَّوِيلَةِ فِي التَّرَاوِيحِ إذَا قَصَدَ الْقِيَامَ بِجَمِيعِ
الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ
كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ السُّورَةَ أَفْضَلُ) وَمَعَ كَوْنِ السُّورَةِ
الْكَامِلَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْبَعْضِ لَوْ نَذَرَ بَعْضًا مُعَيَّنًا مِنْ
سُورَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ وَلَا تَقُومُ السُّورَةُ مَقَامَهُ
وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ وَأَفْضَلَ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ
بِقَدْرٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَتَصَدَّقَ بَدَلَهُ بِذَهَبٍ فَإِنَّهُ لَا
يُجْزِئُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مُعَيَّنًا مَا لَوْ نَذَرَ بَعْضًا
مُبْهَمًا مِنْ سُورَةٍ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ بَعْضَ
سُورَةٍ فَيَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِقِرَاءَةِ بَعْضٍ مِنْ أَيِّ
سُورَةٍ وَبِقِرَاءَةِ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى
مَنْ قَرَأَ سُورَةً كَامِلَةً أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَهَا لِدُخُولِ
الْجُزْءِ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ) مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْبَعْضَ
إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ السُّورَةِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مِنْهُ أَفْضَلُ
كَمَا أَنَّ الِانْفِرَادَ بِالدَّمِ فِي الْأُضْحِيَّةَ أَفْضَلُ مِنْ
الْمُشَارَكَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَا يُشَارِكُ فِيهِ أَكْثَرَ مِمَّا
يَنْفَرِدُ بِهِ فَإِنَّ الْمُشَارَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ
أَصْلَهَا وَهُوَ الْوَجِيزُ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِلرَّافِعِيِّ اهـ
شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْمُرَادُ
بِهِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي اخْتَصَرَهَا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ؛
لِأَنَّ لَهُ إطْلَاقَيْنِ يُطْلَقُ عَلَى الشَّارِحِ وَعَلَى مَا
اخْتَصَرَهُ النَّوَوِيُّ فَلَا إيهَامَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ) هُوَ لُغَةً: الْإِيقَاظُ مِنْ النُّبْهِ بِضَمٍّ
فَسُكُونٍ وَهُوَ الْيَقَظَةُ، وَشَرْعًا: عُنْوَانُ بَحْثٍ تَدُلُّ
عَلَيْهِ الْأَبْحَاثُ السَّابِقَةُ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ بِحَيْثُ لَوْ
لَمْ تُذْكَرْ لَعُلِمَ مِنْهَا بِالْأَوْلَى وَاخْتُلِفَ فِي إعْرَابِهِ
فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ وَقِيلَ: إنَّهُ خَبَرُ
مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا تَنْبِيهٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ
ذِكْرُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ سُنَّ لِغَيْرِ الْمَأْمُومِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ)
حِكْمَةُ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِهِ وَالْإِسْرَارُ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّهُ
لَمَّا كَانَ اللَّيْلُ مَحَلَّ الْخَلْوَةِ وَيَطِيبُ فِيهِ السَّمَرُ
شُرِعَ الْجَهْرُ فِيهِ إظْهَارًا لِلَّذَّةِ مُنَاجَاةِ الْعَبْدِ
لِرَبِّهِ وَخُصَّ بِالْأُولَيَيْنِ لِنَشَاطِ الْمُصَلِّي فِيهِمَا
وَالنَّهَارُ لَمَّا كَانَ مَحَلَّ الشَّوَاغِلِ وَالِاخْتِلَاطِ
بِالنَّاسِ طُلِبَ الْإِسْرَارُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَتِهِ لِلتَّفَرُّغِ
لِلْمُنَاجَاةِ وَأَلْحَقَ الصُّبْحَ بِالصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ
وَقْتَهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّوَاغِلِ عَادَةً اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ) أَيْ: وَإِنْ خَافَ الرِّيَاءَ
بِخِلَافِ الْجَهْرِ خَارِجَ الصَّلَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأُولَتَيْ الْعِشَاءَيْنِ) فِيهِ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ
عِشَاءً وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُ وَلَوْ مَعَ التَّغْلِيبِ كَمَا صَرَّحَ
بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ لَكِنْ فِي الْأَنْوَارِ
التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ
(1/359)
وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ
الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ وَوِتْرِ رَمَضَانَ
وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَيْلًا أَوْ وَقْتِ صُبْحٍ كَمَا يَأْتِي بَعْضُ
ذَلِكَ وَأَنْ يُسِرَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي نَافِلَةِ اللَّيْلِ
الْمُطْلَقَةِ فَيَتَوَسَّطُ فِيهَا بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ
لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِ، وَمَحَلُّ
الْجَهْرِ وَالتَّوَسُّطِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى حَيْثُ لَا
يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُخَالِفُهُ فِي
الْخُنْثَى وَالْعِبْرَةُ فِي الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ فِي الْفَرِيضَةِ
الْمَقْضِيَّةِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا الْعِيدُ وَالْأَشْبَهُ
خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ
الْعِيدَيْنِ قُبَيْلَ بَابِ التَّكْبِيرِ عَمَلًا بِأَصْلِ أَنَّ
الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْجَهْرِ
بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلِّ الْإِسْرَارِ فَيُسْتَصْحَبُ.
(وَ) خَامِسُهَا (رُكُوعٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مَعَ التَّغْلِيبِ فَلَعَلَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى مَقَالَةِ الْأَنْوَارِ
وَإِنْ خَالَفَهُ ثَمَّ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْعِيدَيْنِ) أَيْ: وَلَوْ قَضَاءً كَمَا سَيَأْتِي فِي
كَلَامِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا
بِدَلِيلِ الْإِطْلَاقِ فِيهَا وَالتَّقْيِيدِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ
اِ هـ ابْنُ شَرَفٍ.
(قَوْلُهُ وَوِتْرِ رَمَضَانَ) أَيْ: جَمِيعِهِ سَوَاءٌ فَصَلَهُ أَوْ
وَصَلَهُ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَشَهُّدَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُسِرَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) شَامِلٌ لِلرَّوَاتِبِ
فَيُسِرَّ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ
حَيْثُ طُلِبَ فِيهِ التَّوَسُّطُ أَنَّ النَّفَلَ لَمَّا كَانَ قِسْمًا
مُسْتَقِلًّا وَلَيْسَ مِنْ الْفَرَائِضِ وَلَا تَابِعًا لَهَا طُلِبَ لَهُ
حَالَةُ التَّوَسُّطِ حَتَّى لَا يُشْتَبَهَ بِالْفَرْضِ لَوْ جَهَرَ وَلَا
بِالرَّوَاتِبِ لَوْ أَسَرَّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا
نَصُّهُ وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ رَوَاتِبُ الْفَرَائِضِ
فَيُسِرُّ فِيهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفْلِ
الْمُطْلَقِ أَنَّهَا لَمَّا شُرِعَتْ مَحْصُورَةً فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ
أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ فَلَا تَغَيُّرَ عَمَّا وَرَدَ فِيهَا عَنْ
الشَّارِعِ، وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ لَا حَصْرَ لَهَا فَهِيَ مِنْ
حَيْثُ عَدَمُ الْعِقَابِ عَلَيْهَا أَشْبَهَتْ الرَّوَاتِبَ وَمِنْ حَيْثُ
إنَّ الْمُكَلَّفَ يُنْشِئُهَا بِاخْتِيَارِهِ وَإِنَّهَا لَا حَصْرَ لَهَا
كَانَتْ وَاسِطَةً بَيْنَ الرَّوَاتِبِ وَالْفَرَائِضِ وَلَمْ يَرِدْ
فِيهَا شَيْءٌ بِخُصُوصِهَا فَطُلِبَ فِيهَا التَّوَسُّطُ لِتَكُونَ
آخِذَةً طَرَفًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَخَصَّ التَّوَسُّطَ فِيهَا
بِنَفْلِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ الْجَهْرِ وَالتَّوَسُّطُ
قَرِيبٌ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَتَوَسَّطُ فِيهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ
يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ
الزِّيَادَةُ إلَى سَمَاعِ مَنْ يَلِيهِ وَفِيهِ عُسْرٌ وَلَعَلَّهُ
مَلْحَظُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَكَادُ يَتَحَرَّرُ وَفَسَّرَهُ
بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَجْهَرَ تَارَةً وَيُسِرَّ أُخْرَى كَمَا وَرَدَ فِي
فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاسْتَحْسَنَهُ
الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَا يَسْتَقِيمُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ
بِنَاءً عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ تَعَقُّلِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا،
وَقَدْ عُلِمَ تَعَقُّلُهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ) أَيْ: وَإِلَّا كُرِهَ
وَقِيلَ يَحْرُمُ وَمِنْهُ مَنْ يَجْهَرُ بِذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ
بِحَضْرَةِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِمُطَالَعَةِ عِلْمٍ أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ
تَصْنِيفٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ
تَخْصِيصُ هَذَا التَّقْيِيدِ بِالتَّوَسُّطِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ
أَنَّ مَا طُلِبَ فِيهِ الْجَهْرُ كَالْعِشَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ لَا
يُتْرَكُ فِيهِ الْجَهْرُ لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ
مَطْلُوبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يُتْرَكُ لِهَذَا الْعَارِضِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ) كَمُشْتَغِلٍ بِمُطَالَعَةِ عِلْمٍ أَوْ
تَدْرِيسِهِ أَوْ تَصْنِيفِهِ وَإِلَّا أَسَرَّ وَمِثْلُ الْمُصَلِّي فِي
ذَلِكَ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ يَشْتَغِلُ
بِالذِّكْرِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ: وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ
لَهُمَا عَدَمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا
يُخَالِفُهُ فِي الْخُنْثَى حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ الْخُنْثَى يُسِرُّ
بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ النِّسَاءِ إمَّا
رَجُلٌ وَإِمَّا امْرَأَةٌ فَلَا وَجْهَ لِإِسْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ
وَيُشْبِهُ أَنْ يُلْحَقَ بِهَا الْعَبْدُ أَيْ: فَيَجْهَرُ بِهِ فِي
وَقْتِ الْجَهْرِ وَيُسِرُّ بِهِ فِي وَقْتِ الْإِسْرَارِ وَقَوْلُهُ
وَالْأَشْبَهُ خِلَافُهُ أَيْ: فَيَجْهَرُ فِيهِ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ
عَمَلًا بِأَصْلِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلَمْ يَعْمَلْ
بِذَلِكَ فِي غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الدَّلِيلِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَخَامِسُهَا رُكُوعٌ) هُوَ لُغَةً مُطْلَقُ الِانْحِنَاءِ مَعَ
الطُّمَأْنِينَةِ وَقِيلَ الْخُضُوعُ وَشَرْعًا انْحِنَاءٌ مَخْصُوصٌ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَوَّلُ صَلَاةٍ
رَكَعَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةُ
الْعَصْرِ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ اهـ مَوَاهِبُ بِالْمَعْنَى وَاسْتَدَلَّ
السُّيُوطِيّ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ صَبِيحَتَهَا بِلَا رُكُوعٍ
وَأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ كَذَلِكَ»
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الرُّكُوعُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
لَفَعَلَهُ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ وَفِي ظُهْرِ
صَبِيحَتِهَا وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي دَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى كَوْنِهِ
مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَقُولُ
وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ الرُّكُوعَ
أَنْ لَا يَكُونَ مَشْرُوعًا لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ مَشْرُوعًا لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ لَكِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ
أُمِرَ بِهِ بَعْدَ هَذَا، وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله
تَعَالَى {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] مَا نَصُّهُ
وَقَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ إمَّا لِكَوْنِهِ كَانَ كَذَلِكَ
فِي شَرِيعَتِهِمْ أَوْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ
التَّرْتِيبَ أَوْ لِيَقْتَرِنَ ارْكَعِي بِالرَّاكِعِينَ لِلْإِيذَانِ
بِأَنَّ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِمْ رُكُوعٌ لَيْسُوا مُصَلِّينَ اهـ
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرُّكُوعَ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا اهـ ع ش
عَلَى م ر وَنَصُّ عِبَارَتِهِ عَلَى الْمَوَاهِبِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا حِ ل وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ: الْآذَانِ
وَالْإِقَامَةِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَنَّ مِنْ
خَصَائِصِهَا الرُّكُوعَ وَالْجَمَاعَةَ وَافْتِتَاحَ الصَّلَاةِ
بِالتَّكْبِيرِ فَإِنَّ
(1/360)
تَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ
(وَأَقَلُّهُ) لِلْقَائِمِ (انْحِنَاءٌ) خَالِصٌ (بِحَيْثُ تَنَالُ
رَاحَتَا مُعْتَدِلِ خِلْقَةٍ رُكْبَتَيْهِ) إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا
عَلَيْهِمَا فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِانْخِنَاسٍ أَوْ بِهِ مَعَ انْحِنَاءٍ
لَمْ يَكْفِ، وَالرَّاحَتَانِ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْكَفَّيْنِ
وَقَوْلِي انْحِنَاءٌ مَعَ مُعْتَدِلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
صَلَاةَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ كَانَتْ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا
جَمَاعَةَ وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ كَأُمَمِهِمْ يَسْتَفْتِحُونَ
الصَّلَاةَ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ أَيْ وَكَانَ
دَأْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إحْرَامِهِ اللَّهُ
أَكْبَرُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ سِوَاهَا كَالنِّيَّةِ وَلَا يَشْكُلُ
عَلَى الرُّكُوعِ قَوْله تَعَالَى لِمَرْيَمَ {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ
الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي ذَلِكَ
الْخُضُوعُ أَوْ الصَّلَاةُ لَا الرُّكُوعُ الْمَعْهُودُ كَمَا قِيلَ
لَكِنْ فِي الْبَغَوِيّ قِيلَ إنَّمَا قُدِّمَ السُّجُودُ عَلَى
الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ وَقِيلَ: بَلْ
كَانَ الرُّكُوعُ قَبْلَ السُّجُودِ فِي الشَّرَائِعِ كُلِّهَا وَلَيْسَتْ
الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ بَلْ لِلْجَمْعِ هَذَا كَلَامُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
اهـ بِحُرُوفِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ تَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ) أَيْ الْقَادِرِ وَهُوَ أَنَّ
أَقَلَّهُ أَنْ يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ مَا أَمَامَ
رُكْبَتَيْهِ وَأَكْمَلُهُ أَنْ يَنْحَنِيَ إلَى أَنْ تُحَاذِيَ جَبْهَتُهُ
مَحَلَّ سُجُودِهِ اهـ ح ل فَهَذَا اعْتِذَارٌ عَنْ تَرْكِ الْمَتْنِ لَهُ
هُنَا كَمَا تَرَكَهُ الْأَصْلُ وَاعْتَذَرَ م ر فِي شَرْحِهِ عَنْهُ
بِمِثْلِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ الشَّارِحُ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ انْحِنَاءٌ إلَخْ) وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا
بِمُعِينٍ أَوْ اعْتِمَادِهِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ انْحَنَى عَلَى شِقِّهِ
لَزِمَهُ وَالْعَاجِزُ يَنْحَنِي قَدْرَ إمْكَانِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ
الِانْحِنَاءِ أَصْلًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِطَرَفِهِ وَلَوْ شَكَّ
هَلْ انْحَنَى قَدْرًا تَصِلُ بِهِ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ لَزِمَهُ
إعَادَةُ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَالرَّاحَةُ بَطْنُ
الْكَفِّ وَتَعْبِيرُهُ بِهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ
بِالْأَصَابِعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَقَالَ
ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ التَّنْبِيهِ
الِاكْتِفَاءَ بِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا
بِمُعِينٍ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَهُ
فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ
فِي الْقِيَامِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِمُعِينٍ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ
لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقِيَامِ إلَّا مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ
إلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ إلَّا
بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ
فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَزِمَهُ
ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورُهُ اهـ وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ
ثُمَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ
فَيَلْزَمُهُ أَوْ فِي الدَّوَامِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ
الْفَرْقَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ زَمَنُ الرُّكُوعِ أَقْصَرَ مِنْ زَمَنِ
الْقِيَامِ لَزِمَهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ بِالْمُعِينِ مُطْلَقًا
بِخِلَافِ الْقِيَامِ فَإِنَّ زَمَنَهُ أَطْوَلُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ حَيْثُ
لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَوَامِهِ إلَّا بِمُعِينٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ فَقَوْلُ
الْمَتْنِ بِحَيْثُ تَنَالُ إلَخْ أَيْ: يَقِينًا لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ
لَوْ شَكَّ فِي النَّيْلِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَصِحَّ رُكُوعُهُ.
(قَوْلُهُ رَاحَتَا مُعْتَدِلٍ إلَخْ) مُفْرَدُهُ رَاحَةٌ وَالْجَمْعُ
رَاحٌ بِغَيْرِ تَاءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مُعْتَدِلٌ خِلْقَةً) فَلَوْ طَالَتْ يَدَاهُ أَوْ قَصُرَتَا
أَوْ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُمَا لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ اهـ ح ل بَلْ
يَقْدِرُ مُعْتَدِلًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ) أَيْ النَّيْلُ الْمَفْهُومُ مِنْ تَنَالُ
وَقَوْلُهُ بِانْخِنَاسٍ مَفْهُومُ الِانْحِنَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِهِ
إلَخْ مَفْهُومٌ خَالِصٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَوْ حَصَّلَ
ذَلِكَ بِانْخِنَاسٍ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش
مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهُ عَلَى
الصَّوَابِ بِأَنْ اسْتَوَى وَرَكَعَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ أَخَلَّ
بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ وَقَضِيَّةُ
صَنِيعِ حَجّ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ قَالَ:
انْحِنَاءً خَالِصًا لَا مَشُوبًا بِانْخِنَاسٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ
وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بَعْدَ فَرْضِهِ فِي الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِأَنَّ
مَا فَعَلَهُ بِالِانْخِنَاسِ زِيَادَةُ فِعْلٍ غَيْرِ مَطْلُوبٍ فَهِيَ
تَلَاعُبٌ أَوْ شِبْهِهِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ لِإِطْلَاقِهِمْ مَا
اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَالشَّيْخِ وَحُمِلَ كَلَامُ حَجّ عَلَى
مَا إذَا لَمْ يَعُدَّهُ عَلَى الصَّوَابِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِانْخِنَاسٍ) الِانْخِنَاسُ أَنْ يَخْفِضَ عَجِيزَتَهُ
وَيَرْفَعَ أَعْلَاهُ وَيُقَدِّمَ صُدُورَهُ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ خَنِسَ الْأَنْفُ خَنَسًا مِنْ بَابِ تَعِبَ
انْخَفَضَتْ قَصَبَتُهُ فَالرَّجُلُ أَخْنَسُ وَالْمَرْأَةُ خَنْسَاءُ
وَخَنَسْت الرَّجُلَ خَنْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَخَّرْته أَوْ قَبَضْته
فَانْخَنَسَ مِثْلَ كَسَرْته فَانْكَسَرَ وَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا أَيْضًا
فَيُقَالُ خَنِسَ هُوَ وَمِنْ الْمُتَعَدِّي فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ
وَخَنَّسَ إبْهَامَهُ أَيْ قَبَضَهَا وَمِنْ الثَّانِي الْخَنَّاسُ فِي
صِفَةِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ
يَخْنِسُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ أَيْ يَنْقَبِضُ وَيُعَدَّى
بِالْأَلِفِ اهـ.
(قَوْلُهُ مَا عَدَا الْأَصَابِعِ مِنْ الْكَفَّيْنِ) فَلَوْ انْحَنَى
بِحَيْثُ تَصِلُ أَصَابِعُهُ دُونَ كَفَّيْهِ لَمْ يَكْفِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ انْحِنَاءٍ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ
أَنْ يَنْحَنِيَ وَغَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَصْدَرٌ مُؤَوَّلٌ وَهَذَا
مَصْدَرٌ صَرِيحٌ وَأَجَابَ الطَّنْدَتَائِيُّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ
حَيْثُ كَوْنُهُ مَصْدَرًا صَرِيحًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ
مُرَادَهُ أَنَّ مَجْمُوعَ الِانْحِنَاءِ مَعَ مُعْتَدِلِ خِلْقَةٍ مِنْ
زِيَادَتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الِانْحِنَاءَ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ
وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ الشَّيْخِ الَّتِي اخْتَصَرَهَا هِيَ
الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْجَلَالُ وَهِيَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ
الْكَلِمَةِ
(1/361)
خِلْقَةٍ مِنْ زِيَادَتِي (بِطُمَأْنِينَةٍ
تَفْصِلُ رَفْعَهُ عَنْ هَوِيِّهِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَشْهَرُ مِنْ
ضَمِّهَا بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ قَبْلَ رَفْعِهِ لِخَبَرِ
الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ) أَيْ: بِهَوِيِّهِ
غَيْرَ الرُّكُوعِ (كَنَظِيرِهِ) مِنْ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ
وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِلتَّشَهُّدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مُطْلَقًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ
وَلَفْظُ النُّسْخَةِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْجَلَالُ وَأَقَلُّهُ
قَدْرُ بُلُوغِ رَاحَتَيْهِ إلَخْ اهـ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ " أَنْ يَنْحَنِيَ " هَذِهِ
الْعِبَارَةُ لَمْ تُوجَدْ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا هِيَ
مُلْحَقَةٌ لِبَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ تَصْحِيحًا لِلَفْظِ
الْمُصَنِّف انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا م ر وَأَقَلُّهُ أَنْ
يَنْحَنِيَ قَدْرَ بُلُوغِ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ
تَتَعَلَّقُ بِانْحِنَاءٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا) هَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَقِيلَ:
إنَّهُ بِالْفَتْحِ السُّقُوطُ مِنْ هَوَى يَهْوِي كَرَمَى يَرْمِي
وَبِالضَّمِّ الصُّعُودُ وَأَمَّا هَوِيَ يَهْوَى كَعَلِمَ يَعْلَمُ
وَبَقِيَ يَبْقَى فَإِنَّهُ بِمَعْنَى أَحَبَّ وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ
هَوَى يَهْوِي مِنْ بَابِ ضَرَبَ هُوِيًّا بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا
سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ وَهَوَى يَهْوِي هُوِيًّا بِالضَّمِّ
لَا غَيْرُ إذَا ارْتَفَعَ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: وَهَذَا يُفِيدُ
أَنَّ الْهُوِيَّ بِالضَّمِّ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى السُّقُوطِ
وَالرَّفْعِ وَبِالْفَتْحِ بِمَعْنَى السُّقُوطِ لَا غَيْرُ، وَفِي
الْقَامُوسِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ ثَمَّ لُغَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ
الْهَوِيَّ بِالْفَتْحِ السُّقُوطُ وَبِالضَّمِّ الِارْتِفَاعُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ إلَخْ) بَيَانٌ
لِلطُّمَأْنِينَةِ؛ لِأَنَّهَا سُكُونٌ بَعْدَ حَرَكَةٍ أَوْ سُكُونٌ
بَيْنَ حَرَكَتَيْنِ وَلَا يَكْفِي فِيهَا زِيَادَةُ خَفْضِ الرَّأْسِ أَوْ
غَيْرِهِ فَلَوْ شَكَّ وَهُوَ سَاجِدٌ هَلْ رَكَعَ أَوْ لَا؟ لَزِمَهُ
الِانْتِصَابُ فَوْرًا ثُمَّ يَرْكَعُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ
رَاكِعًا وَإِنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ هَوِيُّهُ عَنْ الرُّكُوعِ فِيمَا
لَوْ تَذَكَّرَ فِي السُّجُودِ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ
هَوِيَّهُ الْمُسْتَحِقَّ لِلرُّكُوعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فِي
الْجُمْلَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ السُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ وُجُودُ
هَوِيِّ الرُّكُوعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ،
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ شَكَّ غَيْرُ مَأْمُومٍ بَعْدَ
تَمَامِ رُكُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ فَعَادَ لِلْقِيَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَ
أَنَّهُ قَرَأَ فَيُحْسَبُ لَهُ انْتِصَابُهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَمَا
لَوْ قَامَ مِنْ السُّجُودِ يَظُنُّ أَنَّ جُلُوسَهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ
لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَبَانَ أَنَّهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ
لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْكُلِّ لَمْ يَصْرِفْ
الرُّكْنَ لِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فَإِنَّ الْقِيَامَ فِي الْأَوَّلِ
وَالْجُلُوسَ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَاحِدٌ وَإِنْ ظَنَّ صِفَةً أُخْرَى لَمْ
تُوجَدْ فَلَمْ يُنْظَرْ لِظَنِّهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الرُّكُوعِ
فَإِنَّهُ بِقَصْدِهِ الِانْتِقَالَ لِلسُّجُودِ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ
قَصْدَ الرُّكُوعِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى السُّجُودِ
لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ قَائِمًا فِي
رُكُوعِهِ فَرَكَعَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ هَوَى مِنْ اعْتِدَالِهِ لَمْ
يَلْزَمْهُ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ بَدَلَ الْهَوِيِّ عَنْ رُكُوعِهِ إلَخْ؛
لِأَنَّ هَوِيَّ الرُّكُوعِ بَعْضُ هَوِيِّ السُّجُودِ فَلَمْ يَقْصِدْ
أَجْنَبِيًّا فَافْهَمْ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ) تَفْسِيرٌ
لِلطُّمَأْنِينَةِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرُّكُوعِ
كَوْنُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ وَأَقَلُّهَا أَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ
رَاكِعًا بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ هَوِيِّهِ فَزِيَادَةُ
الْهَوِيِّ لَا تَقُومُ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ) حَيْثُ قَالَ فِيهِ ثُمَّ
ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا فَالْغَايَةُ دَاخِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا
بِحَتَّى فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ:
وَفِي دُخُولِ الْغَايَةِ الْأَصَحُّ لَا ... تَدْخُلُ مَعَ إلَى وَحَتَّى
دَخَلَا
فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الرُّكُوعِ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ خِلَافًا لِمَا
يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْأَقَلِّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ) أَيْ: يَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ
بِالْهَوِيِّ غَيْرَ الرُّكُوعِ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَهُ وَغَيْرَهُ أَوْ
أَطْلَقَ لَا يَضُرُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَقَدْ صَرَّحَ م ر فِيمَا
تَقَدَّمَ فِي رُكْنِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ
الْبَدَلِيَّةَ وَغَيْرَهَا ضَرَّ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ نَحْوِ الرُّكُوعِ بِأَنَّ نَحْوَ الرُّكُوعِ مِنْ الِاعْتِدَالِ
مَثَلًا أَصْلٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ بِشَرِيكِ غَيْرِهِ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا
تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا ح ف فَلَوْ هَوَى بِقَصْدِ الرُّكُوعِ
وَقَتْلِ الْعَقْرَبِ مَثَلًا لَمْ يَضُرَّ وَهَلْ تُغْتَفَرُ لَهُ
الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ
الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ
فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا لَوْ تَكَرَّرَ
دَفْعُ الْمَارِّ بِأَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ
وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الدَّفْعِ مَطْلُوبًا اهـ أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ بِأَنَّ الدَّفْعَ شُرِعَ لِدَفْعِ
النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي
وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ فَرُبَّمَا فَاتَ بِهِ مَا
شُرِعَ لِأَجْلِهِ مِنْ كَمَالِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ
قَتْلَ الْحَيَّةِ مَطْلُوبٌ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا فَأَشْبَهَ دَفْعَ
الْعَدُوِّ وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ فِي دَفْعِهِ لَا تَضُرُّ اهـ ع ش
عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِدَالِ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّ الشَّرْطَ
لَا يَقْصِدُ بِهَا غَيْرَهَا فَقَطْ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ
عَلَى ذَلِكَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَنَظِيرِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِهَوِيِّهِ
لِلرُّكُوعِ فَحِينَئِذٍ يُقَدِّرُ فِي قَوْلِهِ مِنْ الِاعْتِدَالِ أَيْ:
مِنْ رَفْعِ الِاعْتِدَالِ وَهَكَذَا يُقَدِّرُ فِيمَا بَعْدَهُ مَا
يُنَاسِبُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالتَّفْرِيعِ حَيْثُ قَالَ فَلَوْ هَوَى
إلَخْ اهـ شَيْخُنَا
(1/362)
فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ
اعْتِدَالٍ أَوْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ
لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ عَنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَجُلُوسِهِ
لِوُجُودِ الصَّارِفِ فَيَجِبُ الْعَوْدُ إلَى الْقِيَامِ لِيَهْوِيَ
مِنْهُ وَإِلَى الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لِيَرْتَفِعَ مِنْهُ
(وَأَكْمَلُهُ) مَعَ مَا مَرَّ (تَسْوِيَةُ ظَهْرٍ وَعُنُقٍ)
كَالصَّفِيحَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَأَنْ يَنْصِبَ
رُكْبَتَيْهِ) الْمُسْتَلْزِمُ لِنَصْبِ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ؛ لِأَنَّهُ
أَعْوَنُ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ) بِأَنْ قَرَأَ هُوَ آيَةَ سَجْدَةٍ
وَإِلَّا بِأَنْ قَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ هَوَى عَقِبَهَا
لِلرُّكُوعِ فَظَنَّ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ هَوَى لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ
فَهَوَى مَعَهُ فَرَآهُ لَمْ يَسْجُدْ فَوَقَفَ عِنْدَ حَدِّ الرُّكُوعِ
فَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ الْهَوِيُّ عَنْ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ
الْهَوِيَّ لِلْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ وَقَوْلُ بَعْضِ
الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَعُودُ لِلْقِيَامِ ثُمَّ
يَرْكَعُ لَا وَجْهَ لَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ فِي
الرُّكُوعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِلسُّجُودِ قَامَ مُنْحَنِيًا فَلَوْ
انْتَصَبَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ قِيَامًا
وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ
وَهَوَى لِلرُّكُوعِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ
قَدْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرَّاكِعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ
اهـ ح ل وَأَصْلُهُ فِي شَرْحِ م ر بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ اعْتِدَالٍ) أَيْ: قَبْلَ قَصْدِ الْهَوِيِّ
فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَخْرُجُ هَذَا بِقَصْدِ الْغَيْرِ وَالْحَالُ أَنَّ
السَّاقِطَ لَا قَصْدَ لَهُ فِي سُقُوطِهِ قُلْت قَالَ الشَّيْخُ حَجّ
يُوَجَّهُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْهَوِيِّ لِلْغَيْرِ الْمَفْهُومُ مِنْ
الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهِ صَادِقٌ بِمَسْأَلَةِ السُّقُوطِ؛
لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ وَهَوِيُّهُ لِلْغَيْرِ وَهُوَ
الْإِلْجَاءُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فِي السُّجُودِ فَلَوْ سَقَطَ مِنْ
اعْتِدَالِهِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى الِاعْتِدَالِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ
لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش هُنَاكَ
قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ
مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إذَا سَقَطَ مِنْ الِاعْتِدَالِ صَدَقَ عَلَيْهِ
أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِفِعْلِهِ غَيْرَ السُّجُودِ وَعَلَيْهِ
فَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ فِي الرُّكُوعِ الصِّحَّةُ لَا عَدَمُهَا
وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ انْتِفَاءُ الْفِعْلِ
مِنْهُ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْغَيْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ سَقَطَ مِنْ اعْتِدَالٍ) أَيْ: عَلَى جَبْهَتِهِ
فَإِنْ كَانَ سُقُوطُهُ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى مَا
سَقَطَ مِنْهُ وَاطْمَأَنَّ ثُمَّ اعْتَدَلَ أَوْ بَعْدَهَا نَهَضَ
مُعْتَدِلًا ثُمَّ سَجَدَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ) اُنْظُرْ وَجْهَ
إضَافَتِهِ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ دُونَ التِّلَاوَةِ وَالِاعْتِدَالِ
مَعَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتِّلَاوَةِ أَوْلَى اهـ شَوْبَرِيٌّ وَلَعَلَّ
وَجْهَهُ لِيَرْجِعَ الْحَالُ إلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ) يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الزَّايِ عَلَى
كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا عَلَى كَوْنِهِ حَالًا
أَيْ فَازِعًا اهـ ز ي وَالْفَتْحُ أَوْلَى بَلْ جَعَلَهُ حَجّ
مُتَعَيِّنًا؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ يُفِيدُ أَنَّ
الْبَاعِثَ عَلَى الْهَوِيِّ أَوْ الرَّفْعِ إنَّمَا هُوَ الْفَزَعُ
بِخِلَافِ جَعْلِهِ حَالًا اهـ عَشْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ فَزَعًا بِفَتْحِ الزَّايِ
وَكَسْرِهَا فَالْفَتْحُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَنْصُوبِ مَفْعُولًا لَهُ
وَالْكَسْرُ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ الْمَنْصُوبِ حَالًا، وَقَالَ
الْعَلَّامَةُ نَاصِرُ الدِّينِ الْبَابِلِيُّ: يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ
مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ حَالًا لَكَانَ الْمَعْنَى
رَفَعَ فِي حَالَةِ الْفَزَعِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى
الْفَزَعِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ مَفْعُولًا لَهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ
أَنَّ الرَّفْعَ لِأَجْلِ الْفَزَعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ عَنْ رُكُوعِهِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْجَمِيعِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم وَهُوَ
مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّقُوطِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ
إلَيْهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ لَا
يَسْجُدُ فِي الْجَمِيعِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ اهـ ع
ش.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ عَنْ رُكُوعِهِ إلَخْ) عَلَى
اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَوْلُهُ عَنْ رُكُوعِهِ رَاجِعٌ
لِقَوْلِهِ فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ وَقَوْلُهُ وَسُجُودُهُ رَاجِعٌ
لِقَوْلِهِ أَوْ سَقَطَ وَقَوْلُهُ وَاعْتِدَالُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ
رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ وَقَوْلُهُ وَجُلُوسُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ
سُجُودِهِ وَقَوْلُهُ لِيَهْوِيَ مِنْهُ أَيْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
وَقَوْلُهُ لِيَرْفَعَ مِنْهُ أَيْ: لِيَرْتَفِعَ مِنْ الرُّكُوعِ
لِلِاعْتِدَالِ وَمِنْ السُّجُودِ لِلْجُلُوسِ اهـ عَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهُ تَسْوِيَةُ ظَهْرٍ إلَخْ) وَيُكْرَهُ تَرْكُ ذَلِكَ
الْأَكْمَلِ وَيُسَنُّ أَنْ يَفْتَحَ بَصَرَهُ لِيَرْكَعَ مَعَهُ الْبَصَرُ
عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي السُّجُودِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ إلَخْ) هَذَا الْفِعْلُ مُؤَوَّلٌ
مَعَ أَنْ بِمَصْدَرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى قَوْلِهِ تَسْوِيَةُ أَيْ: وَنَصْبُ
وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَصْدَرِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ
مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ
فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَتَسْوِيَةُ نَصْبٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ
وَقَوْلُهُ الْمُسْتَلْزِمُ بِالرَّفْعِ نَعْتٌ لِلْمَصْدَرِ الْمُؤَوَّلِ
اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ رُكْبَتَيْهِ) مُثَنَّى رُكْبَةً وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ
عَلَيْهَا فِي بَابِ الْحَيْضِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ
الرُّكْبَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ مُوَصِّلُ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْفَخِذِ
وَأَعْلَى السَّاقِ وَالْجَمْعُ رُكَبٌ وَكُلُّ حَيَوَانٍ ذُو أَرْبَعٍ
رُكْبَتَاهُ فِي يَدَيْهِ وَعُرْقُوبَاهُ فِي رِجْلَيْهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ الْمُسْتَلْزِمُ لِنَصْبِ سَاقَيْهِ) أَيْ: فَلَا حَلَّ هَذَا
كَانَ تَعْبِيرُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَنَصْبُ سَاقَيْهِ؛
لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَصْبَ الْفَخِذَيْنِ وَلَمْ يُنَبِّهْ
الشَّارِحُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي
تَعْبِيرِهِ بِنَصْبِ الرُّكْبَتَيْنِ تَسَمُّحًا؛ لِأَنَّ
(1/363)
(مُفْتَرِقَتَيْنِ) كَمَا فِي السُّجُودِ
(وَ) أَنْ (يَأْخُذَهُمَا) أَيْ: رُكْبَتَيْهِ (بِكَفَّيْهِ وَ) أَنْ
(يُفَرِّقَ أَصَابِعَهُ) كَمَا فِي التَّحَرُّم لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي
الْأَوَّلِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الثَّانِي ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ
(لِلْقِبْلَةِ) أَيْ لِجِهَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَ)
أَنْ (يُكَبِّرَ وَيَرْفَعَ كَفَّيْهِ كَتَحَرُّمِهِ) بِأَنْ يَرْفَعَهُمَا
مَكْشُوفَتَيْنِ مَنْشُورَتَيْ الْأَصَابِعِ مُفَرَّقَةً وَسَطًا حَذْوَ
مَنْكِبَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ قَائِمًا كَمَا مَرَّ فِي
تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ)
أَنْ (يَقُولَ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ وَأَضَافَ إلَى ذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَبِحَمْدِهِ
(ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى
مَرَّةٍ أَدَّى أَصْلَ السُّنَّةَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ
أَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ ذِكْرُ الرُّكُوعِ تَسْبِيحَةٌ وَاحِدَةٌ (وَ)
أَنْ (يَزِيدَ مُنْفَرِدٌ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ)
بِالتَّطْوِيلِ وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الرُّكْبَةَ لَا تَتَّصِفُ بِالِانْتِصَابِ وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِهِ
الْفَخِذُ وَالسَّاقُ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَةَ مُوَصِّلٌ طَرَفَيْ الْفَخِذِ
وَالسَّاقِ اهـ لِكَاتِبِهِ وَالسَّاقُ مُؤَنَّثَةٌ اهـ شَرْحُ م ر
وَالسَّاقُ مَا بَيْنَ الْقَدَمِ وَالرُّكْبَةِ وَجَمْعُهَا أَسْوُقٌ
وَسِيقَانٌ وَسُوقٌ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُهُ فِي
الْقَامُوسِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي السُّجُودِ) أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ بِقَدْرِ شِبْرٍ
وَمِنْ دَلِيلِهِ الْآتِي فَلَا يَظْهَرُ مَا قِيلَ هُنَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّحَرُّمِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ مِنْ حَيْثُ
تَفْرِيقُهَا تَفْرِيقًا وَسَطًا هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي فَهْمِ
وَجْهِ الشَّبَهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الِاسْتِدْلَالَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ
بَعْدَ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ اهـ
لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ لِلْقِبْلَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: مُوَجِّهًا لَهَا
لِلْقِبْلَةِ اهـ شَيْخُنَا وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يُوَجِّهَ
أَصَابِعَهُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا مِنْ يَمْنَةٍ أَوْ يَسْرَةٍ قَالَهُ
الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ
ابْنِ النَّقِيبِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ: مَعْنَى
قَوْلِهِ وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ لِلْقِبْلَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ أَيْ لِجِهَتِهَا دَخَلَ يَمِينُ
الْعَيْنِ وَيَسَارُهَا وَخَرَجَ يَمِينُ الْجِهَةِ وَيَسَارُهَا
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ كَفَّيْهِ كَتَحَرُّمِهِ) قَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ
فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا رَدَّ فِيهِ عَلَى مُنْكِرِ الرَّفْعِ وَقَالَ:
إنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
وَأَنَّ عَدَمَ الرَّفْعِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم
عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ حَجّ: وَنَقَلَهُ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ
أَضْعَافِ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مُفَرَّقَةً وَسَطًا) اُعْتُبِرَ فِي التَّفْرِيقِ كَوْنُهُ
وَسَطًا لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْضُ الْأَصَابِعِ عَنْ الْقِبْلَةِ اهـ ع ش
عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُفَادُ
التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِهِ، وَأَمَّا مَا
قَبْلَهُ فَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى مَضْمُونِ التَّشْبِيهِ وَقَوْلُهُ كَمَا
فِي تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ مُكَرَّرٌ مَعَ التَّشْبِيهِ فِي الْمَتْنِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ) أَيْ: ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ مَعَ
ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ فَهَذَانِ الِابْتِدَاءَانِ مُتَقَارِنَانِ
بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ فَيَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ تَصِلَ كَفَّاهُ
حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَسْتَمِرُّ التَّكْبِيرُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى
حَدِّ الرَّاكِعِينَ فَغَايَتُهُ مُقَارِنَةٌ لِغَايَةِ الْهَوِيِّ،
وَأَمَّا غَايَةُ الرَّفْعِ فَقَدْ انْقَضَتْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْهَوِيِّ
فَالْغَايَةُ هُنَا لَيْسَتْ كَهِيَ فِي التَّحَرُّمِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَإِحْرَامِهِ لَكِنْ يُسَنُّ
أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الرَّفْعِ وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ
تَكْبِيرِهِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى قَالَهُ فِي
الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ
نَحْوُهُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ: لِأَنَّ
الرَّفْعَ فِي حَالِ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ اهـ.
وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلرَّفْعِ؛
إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشَبَّهَ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ
مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ) وَيَمُدُّهُ إلَى أَنْ
يَصِلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ وَكَذَا فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى
فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَيَمُدُّهُ عَلَى الْأَلِفِ الَّتِي بَيْنَ
الْهَاءِ وَاللَّامِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يُجَاوِزُ سَبْعَ أَلِفَاتٍ
لِانْتِهَاءِ غَايَةِ هَذَا الْمَدِّ مِنْ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَى
تَمَامِ قِيَامِهِ اهـ حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) ثَلَاثًا هَذَا أَقَلُّ
كَمَالُ سُنَّةِ التَّسْبِيحِ وَأَقَلُّ التَّسْبِيحِ نَفْسِهِ أَيْ
أَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ سُنَّتُهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مَرَّةً
وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ أَيْضًا بِمُجَرَّدِ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ
سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ إيعَابٌ
وَالتَّسْبِيحُ مَصْدَرٌ وَسُبْحَانَ وَاقِعٌ مَوْقِعَهُ وَلَا
يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا إلَّا مُضَافًا كَقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَهُوَ
مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ: سَبَّحْت اللَّهَ قَالَ أَبُو
الْبَقَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ
الْمَعْنَى تَنَزُّهُ اللَّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ
أَوْجَهَ فَالْمَشْهُورُ هُوَ الْأَوَّلُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ رَبِّي الْعَظِيمِ) قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ الْعَظِيمُ هُوَ
الْكَامِلُ ذَاتًا وَصِفَةً وَالْجَلِيلُ الْكَامِلُ صِفَةً وَالْكَبِيرُ
الْكَامِلُ ذَاتًا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِحَمْدِهِ) الْوَاوُ فِي وَبِحَمْدِهِ وَاوُ الْعَطْفِ
وَالتَّقْدِيرُ وَبِحَمْدِهِ سَبَّحْته اهـ شَوْبَرِيٌّ وَتَقَدَّمَ
لِلشَّارِحِ فِي تَشَهُّدِ الْوُضُوءِ أَنَّ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ
الْعَطْفَ وَالزِّيَادَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ ثَلَاثًا) أَيْ: لِكُلِّ مُصَلٍّ وَأَكْمَلُ مِنْهُ
لِلْمُنْفَرِدِ وَنَحْوِهِ خَمْسٌ فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ فَإِحْدَى عَشْرَةَ
وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَلَوْ بِغَيْرِ هَذِهِ
الصِّيغَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ مُنْفَرِدٌ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَيُسَنُّ فِيهِ
كَالسُّجُودِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّعَاءِ؛
لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّسْبِيحِ وَأَنْ يَقُولَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَزِيدُ مُنْفَرِدٌ إلَخْ) وَالذِّكْرُ الْمَذْكُورُ
مَعَ التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثِ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ أَكْمَلِ
التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ الْإِحْدَى عَشْرَةَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ رَاضِيَيْنِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِيَاءَيْنِ وَفِي
بَعْضِهَا بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ
(1/364)
زِيَادَتِي (اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَبِك
آمَنْت إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَلَك أَسْلَمْت
خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَمَا
اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَى عَصَبِي
وَابْنُ حِبَّانَ إلَى آخِرِهِ وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
وَشَعْرِي وَبَشَرِي، وَأَمَّا إمَامُ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ فَلَا يَزِيدُ
عَلَى التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثِ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَأْمُومِينَ
وَالْأَصْلُ أَطْلَقَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ
وَمُرَادُهُ مَا فَصَّلْته كَمَا فَصَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا،
وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ
الْأَرْكَانِ غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَ) سَادِسُهَا (اعْتِدَالٌ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ وَيَحْصُلُ (بِعَوْدٍ
لِبَدْءٍ) بِأَنْ يَعُودَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ قَائِمًا
كَانَ أَوْ قَاعِدًا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ
الِاعْتِدَالُ قَائِمًا (بِطُمَأْنِينَةٍ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ
صَلَاتَهُ (وَسُنَّ رَفْعُ كَفَّيْهِ) حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ كَمَا فِي
التَّحَرُّمِ (مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ
لِمَنْ حَمِدَهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ أَوْلَى؛
لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ فَتُحْذَفُ مِنْهُ الْيَاءُ فِي الْجَمْعِ اهـ
شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ رَاضُونَ صَرِيحًا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت إلَخْ) إنَّمَا قَدَّمَ الظَّرْفَ فِي
الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
كَانُوا يَعْبُدُونَ مَعَهُ تَعَالَى غَيْرَهُ فَقَصَدَ الرَّدَّ
عَلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ
لِلرَّدِّ عَلَى مُعْتَقِدِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَكْسِ وَأَخَّرَهُ عَنْ
قَوْلِهِ خَشَعَ؛ لِأَنَّ الْخُشُوعَ لَيْسَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي
يَنْسُبُونَهَا إلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِمْ فِيهَا اهـ ع ش
عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ خَشَعَ لَك سَمْعِي إلَخْ) يَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مُتَّصِفًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِهِ وِفَاقًا لِمَا مَرَّ
خِلَافًا لِبَعْضِ النَّاسِ وَقَالَ حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى
الْخُشُوعَ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا مَا لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ
بِصُورَةِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمُخِّي) لَفْظُ مُخِّي مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَهِيَ
فِي الشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ وَفِيهِمَا وَفِي الْمُحَرَّرِ وَشَعْرِي
وَبَشَرِي بَعْدَ عَصَبِي وَفِي آخِرِهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اهـ
شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمُخُّ الْوَدَكُ الَّذِي فِي الْعَظْمِ وَخَالِصُ
كُلِّ شَيْءٍ مُخُّهُ وَقَدْ يُسَمَّى الدِّمَاغُ مُخًّا اهـ.
(قَوْلُهُ قَدَمِي) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ
وَلَيْسَ مُثَنَّى لِفَقْدِ أَلِفِ الرَّفْعِ فَلَا يُقَالُ: قَدَمَايَ
وَلَا قَدَمَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَزِيدُ عَلَى التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثِ) أَيْ: لَا
ذِكْرًا وَلَا تَسْبِيحًا وَقَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ التَّسْبِيحَاتِ
الثَّلَاثَةِ أَيْ: لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ التَّسْبِيحِ أَوْ
الذِّكْرِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ) أَيْ: مَا لَمْ
يَقْصِدْ الذِّكْرَ وَإِلَّا لَمْ تُكْرَهْ اهـ ح ل وَيَنْبَغِي
الْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِهِمَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي
الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ كَرَاهَتِهَا إذَا
قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الدُّعَاءَ وَالثَّنَاءَ
فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَنَتَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَيْ
فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا
يَظْهَرُ وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي الْقُنُوتِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَاعْتِدَالٌ) هُوَ لُغَةً الِاسْتِقَامَةُ وَالْمُسَاوَاةُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَفْلٍ) أَيْ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا
فِي الْأَنْوَارِ وَفِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ مَا مَرَّ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ فِي نَفْلٍ) وَكَالِاعْتِدَالِ فِيمَا ذُكِرَ
فِيهِ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي أَنَّهُ رُكْنٌ وَلَوْ فِي
نَفْلٍ وَآخِذُ النَّفْلِ غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ
مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ
عَدَمِ وُجُوبِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي
النَّفْلِ وَعَلَى مَا قَالَهُ فَهَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا مِنْ رُكُوعِهِ
بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَلِيلًا أَمْ كَيْفَ
الْحَالُ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَهُ الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِعَوْدٍ لِبَدْءٍ) وَلَوْ شَكَّ فِي إتْمَامِهِ عَادَ إلَيْهِ
غَيْرُ الْمَأْمُومِ فَوْرًا وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
وَالْمَأْمُومُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ
يُصَلِّي مِنْ اضْطِجَاعٍ لَا يَعُودُ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْفَرْضِ؛
لِأَنَّهُ مَتَى قَدَرَ فِيهِ عَلَى حَالَةٍ لَا يُجْزِئُ مَا دُونُهَا
فَمَتَى قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ لَا يَجُوزُ مَا دُونَهُ، وَأَمَّا فِي
النَّفْلِ فَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ لِلِاضْطِجَاعِ لِجَوَازِ
التَّنَفُّلِ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ ثُمَّ
الْمُرَادُ مِنْ عَوْدِهِ إلَى الْقُعُودِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ مَا
فَوْقَهُ فِي النَّافِلَةِ وَلَا يَمْتَنِعُ قِيَامُهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ
مِنْ الْقُعُودِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ بِعَوْدٍ لِبَدْءٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ
لَوْ صَلَّى نَفْلًا مِنْ قِيَامٍ وَرَكَعَ مِنْهُ تَعَيَّنَ اعْتِدَالُهُ
مِنْ قِيَامٍ وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ جُلُوسٍ وَهُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ
وَأَنَّهُ لَوْ رَكَعَ مِنْ جُلُوسٍ بَعْدَ اضْطِجَاعٍ بِأَنْ قَرَأَ فِيهِ
ثُمَّ جَلَسَ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الِاضْطِجَاعِ وَالْمُتَّجَهُ تَعَيُّنُ
الِاعْتِدَالِ مِنْ الْجُلُوسِ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ رُكُوعَهُ مِنْهُ
انْتَهَتْ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ
يَجُوزُ مِنْ الِاضْطِجَاعِ وَذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ
آخَرَ قَبْلَ هَذَا فَرَاجِعْهُ أَمَّا إذَا صَلَّى فَرْضًا مِنْ
اضْطِجَاعٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ
لِلرُّكُوعِ فَلَا يَعُودُ لِلِاضْطِجَاعِ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ أَكْمَلُ
انْتَهَى عَشْمَاوِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ
وَالِاعْتِدَالُ عَوْدُ الْمُصَلِّي إلَى مَا رَكَعَ مِنْهُ مِنْ قِيَامٍ
أَوْ قُعُودٍ فَدَخَلَ مُصَلِّي النَّفْلِ مِنْ اضْطِجَاعٍ مَعَ
الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْعُدُ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ
الْعَوْدُ إلَى الِاضْطِجَاعِ قَبْلَ قُعُودِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ رَفْعُ كَفَّيْهِ إلَخْ) أَيْ: لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ
مَأْمُومًا أَوْ امْرَأَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أَيْ: مُبْتَدِئًا
قَوْلَهُ إلَخْ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ كَفَّيْهِ وَمَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ
رَأْسِهِ فَالثَّلَاثَةُ أَيْ: الْقَوْلُ وَالرَّفْعَانِ مُتَقَارِنَةٌ فِي
الْمَبْدَأِ وَفِي الِانْتِهَاءِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) هَذَا ذِكْرُ الِانْتِقَالِ
لِلِاعْتِدَالِ لَا ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ فَلَا يُقَالُ أَنَّهُ
مُتَقَدِّمٌ عَلَى الِاعْتِدَالِ وَكَذَا
(1/365)
أَيْ تَقَبَّلَ اللَّهُ حَمْدَهُ مِنْهُ
وَلَوْ قَالَ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَ لَهُ كَفَى (وَ) قَائِلًا (بَعْدَ
عَوْدِهِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) أَوْ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ
وَبِوَاوٍ فِيهِمَا قَبْلَ لَك (مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ
وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَهُمَا كَالْكُرْسِيِّ
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ (وَ) أَنْ (يَزِيدَ مَنْ
مَرَّ) أَيْ الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ
بِالتَّطْوِيلِ وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي (أَهْلَ) أَيْ: يَا
أَهْلَ (الثَّنَاءِ) أَيْ: الْمَدْحِ (وَالْمَجْدِ) أَيْ: الْعَظَمَةِ
(إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ أَحَقُّ مَا قَالَ
الْعَبْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
جَمِيعُ التَّكْبِيرَاتِ غَيْرِ التَّحَرُّمِ لِلِانْتِقَالِ مِنْ بَعْضِ
الْأَرْكَانِ إلَى بَعْضٍ لَا لَهَا اهـ شَيْخُنَا وَحِكْمَةُ هَذَا «أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَا تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ
مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَأَخَّرَ
يَوْمًا فَجَاءَ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: سَمِعَ
اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اجْعَلُوهَا فِي صَلَاتِكُمْ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ تَقَبَّلَ مِنْهُ حَمْدَهُ) أَيْ فَالْمُرَادُ سَمِعَهُ
سَمَاعَ قَبُولٍ لَا سَمَاعَ رَدٍّ فَهُوَ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ كَأَنَّهُ
قِيلَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَمْدَنَا فَانْدَفَعَ مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّ
سَمَاعَ اللَّهِ مَقْطُوعٌ بِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ اهـ
شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ وَبَعْدَ عَوْدِهِ إلَخْ) أَيْ: وَبَعْدَ انْتِصَابِهِ
وَإِرْسَالِهِ يَدَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِوَاوٍ فِيهِمَا قَبْلَ لَك) وَهِيَ حِينَئِذٍ عَاطِفَةٌ
عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَطَعْنَاك وَلَك الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ اهـ ح ل
أَوْ رَبَّنَا اسْتَجِبْ لَنَا وَلَك الْحَمْدُ عَلَى هِدَايَتِك إيَّانَا
زَادَ فِي تَحْقِيقِهِ بَعْدَهُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا
فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَيَجُوزُ لَك الْحَمْدُ رَبَّنَا وَالْحَمْدُ
لِرَبِّنَا أَوْ لِرَبِّنَا الْحَمْدُ وَالْأُولَى أَيْ: رَبَّنَا وَلَك
الْحَمْدُ أَوْلَى لِوُرُودِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ رَبَّنَا وَلَك
الْحَمْدُ أَوْلَى وَوَجَّهَهُ بِتَضَمُّنِهِ جُمْلَتَيْنِ أَيْ: فَإِنَّ
لَك الْحَمْدُ مِنْ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ
وَلَك الْحَمْدُ فَإِنَّ الْوَاوَ تَدُلُّ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالْمُقَدَّرُ
كَالْمَلْفُوظِ فَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ جُمْلَتَانِ وَرَبَّنَا وَلَك
الْحَمْدُ ثَلَاثُ جُمَلٍ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَاطِفُ وَبِهَذَا
يُجَابُ عَنْ تَنْظِيرِ سم وَيُنْدَبُ أَنْ يَزِيدَ حَمْدًا كَثِيرًا
طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ عَقِبَ ذَلِكَ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ يَتَسَابَقُ
إلَيْهَا ثَلَاثُونَ مَلَكًا يَكْتُبُونَ ثَوَابَهَا لِقَائِلِهَا إلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَوْنُ عَدَدِ حُرُوفِهَا
ثَلَاثِينَ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
رَأَى بِضْعًا وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَسْتَبِقُونَ إلَى هَذِهِ أَيُّهُمْ
يَكْتُبُهَا أَوَّلًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ لع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ إلَخْ) مَعْنَاهُ نُثْنِي عَلَيْك ثَنَاءً
لَوْ كَانَ مُجَسَّمًا لَمَلَأَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا
بَعْدَهُمَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) مِنْ شَيْءٍ بَيَانٌ
لِمَا أَيْ: وَمِلْءُ شَيْءٍ شِئْته أَيْ: شِئْت مِلْأَهُ بَعْدَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ غَيْرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ اهـ ح ل
وَبَعْدُ صِفَةٌ لِشَيْءٍ أَيْ شَيْءٌ كَائِنٌ بَعْدُ أَوْ حَالٌ مِنْهُ
أَيْ: مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِمِلْءِ أَوْ
بِشِئْتَ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ مَا شِئْت مِلْأَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَنْ
قَالَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِشِئْتَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي
تَأَخُّرَ خَلْقِ الْكُرْسِيِّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَقَوْلُ الْعَلَّامَةِ
سم اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمِلْءِ أَوْ
بِشِئْتَ مَعَ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا تَرَتُّبَ
فِيهِ مَمْنُوعٌ بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ لَا بِاعْتِبَارِ التَّعَقُّلِ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَالْكُرْسِيِّ) أَيْ: وَغَيْرُهُ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا
اللَّهُ تَعَالَى وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ ذِكْرِهِ عَدَمُ مُشَاهَدَتِهِ
بِخِلَافِهِمَا وَلِأَنَّ عَادَةَ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَالْمُبَالَغَاتِ
أَنْ تَكُونَ بِالْمَأْلُوفَاتِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) فِيهِ إشَارَةٌ
إلَى أَنَّ الْكُرْسِيَّ أَعْظَمُ مِنْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
الْمَذْكُورَيْنِ فَهُمَا فِي جَانِبِهِ كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضٍ
فَلَاةٍ وَكَذَا كُلُّ سَمَاءٍ مَعَ مَا فِي جَوْفِهَا وَكَذَا
الْعَنَاصِرُ وَالْكُرْسِيُّ وَمَا حَوَى بِالنِّسْبَةِ لِلْفَلَكِ
الْأَعْظَمِ الْمُسَمَّى بِالْعَرَضِ وَبِالْفَلَكِ الْأَطْلَسِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَزِيدَ مَنْ مَرَّ إلَخْ) فُهِمَ مِنْ صَنِيعِهِ أَنَّ
مَا تَقَدَّمَ يُطْلَبُ مِنْ كُلِّ مُصَلٍّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ
الْمَأْمُونُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْ: الْمُنْفَرِدُ وَأَمَّا مَحْصُورِينَ إلَخْ) وَأَمَّا
الْمَأْمُومُ فَتَابِعٌ لِإِمَامِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي سم قَوْلُهُ
وَأَنْ يَزِيدَ مَنْ مَرَّ خَرَجَ الْمَأْمُومُ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَغَيْرُ الْإِمَامِ يَزِيدُ وَكَذَا الْإِمَامُ إنْ
رَضَوْا انْتَهَتْ. فَقَوْلُهُ وَغَيْرُ الْإِمَامِ يَزِيدُ شَامِلٌ
لِلْمَأْمُومِ اهـ وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْ: أَنَّ
الْمَأْمُومَ يَأْتِي بِمَا يَأْتِي بِهِ الْمُنْفَرِدُ فِيمَا تَقَدَّمَ
فِي الرُّكُوعِ وَمَا سَيَأْتِي فِي الِاعْتِدَالِ مِنْ قَوْلِهِ
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ وَمَا سَيَأْتِي فِي السُّجُودِ
حَرِّرْ.
(قَوْلُهُ أَيْ: يَا أَهْلَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ بِالنَّصْبِ
مُنَادًى؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ وَأَدَاةُ النِّدَاءِ مَحْذُوفَةٌ وَلَا
يَجُوزُ رَفْعُهُ صِفَةً لِلْحَمْدِ لِعَدَمِ مُلَاءَمَتِهِ وَجَعْلُهُ
خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ سَائِغٌ لَكِنَّ اللَّائِقَ بِمَقَامِ
الْعُبُودِيَّةِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مُنَادَى فَتَعَيَّنَ نَصْبُهُ
لِلْمَقَامِ خُصُوصًا وَهُوَ الْوَارِدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ: الْعَظَمَةِ) وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مَعْنَاهُ الْكَرَمُ
اهـ؛ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ ع ش عَلَيْهِ
فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ وَفِي
الْمِصْبَاحِ الْمَجْدُ الْعِزُّ وَالشَّرَفُ وَرَجُلٌ مَاجِدٌ كَرِيمٌ
شَرِيفٌ.
(قَوْلُهُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ) أَيْ: أَحَقُّ قَوْلٍ قَالَهُ
الْعَبْدُ فَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَإِثْبَاتُ أَلِفِ
أَحَقُّ وَوَاوِ وَكُلُّنَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ
الْفُقَهَاءِ حَذْفُهُمَا فَالصَّوَابُ إثْبَاتُهُمَا
(1/366)
وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ لَا مَانِعَ لِمَا
أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ أَيْ:
الْغِنَى مِنْك أَيْ: عِنْدَك الْجَدُّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ إلَى لَك الْحَمْدُ وَمُسْلِمٌ إلَى آخِرِهِ، وَمِلْءُ
بِالرَّفْعِ صِفَةٌ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ أَيْ: مَالِئًا بِتَقْدِيرِ
كَوْنِهِ جِسْمًا وَأَحَقُّ مُبْتَدَأٌ وَلَا مَانِعَ إلَى آخِرِهِ
خَبَرُهُ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ وَيَسْتَوِي فِي سَنِّ التَّسْمِيعِ
الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ
اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ» فَمَعْنَاهُ
فَقُولُوا ذَلِكَ مَعَ مَا عَلِمْتُمُوهُ مِنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ
حَمِدَهُ لِعِلْمِهِمْ بِقَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»
وَإِنَّمَا خَصَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا
لَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا وَيَسْمَعُونَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ
وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيعِ لِلْإِمَامِ وَالْمُبَلِّغِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَسَائِرُ الْمُحَدِّثِينَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ النَّسَائِيّ رَوَى حَذْفَهُمَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ
رُوِيَ عَنْهُ إثْبَاتُهُمَا أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَمْ يَقُلْ
عَبِيدٌ مَعَ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى جَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ
يَكُونَ الْخَلْقُ أَجْمَعُونَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَقَلْبٍ
وَاحِدٍ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَرْكِ
تَنْوِينِ اسْمِ لَا أَعْنِي مَانِعَ وَمُعْطِيَ مَعَ أَنَّهُ مُطَوَّلٌ
أَيْ: عَامِلٌ فِيمَا بَعْدَهُ مُوَافِقٌ لِلرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ
لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ الْمُوجِبِينَ
تَنْوِينَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ عَمَلِهِ هُنَا فِيمَا بَعْدَهُ
بِأَنْ يُقَدَّرَ هُنَا عَامِلٌ أَيْ: لَا مَانِعَ يَمْنَعُ لِمَا
أَعْطَيْت وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ أَوْ يَخْرُجُ عَلَى لُغَةِ
الْبَغْدَادِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يَتْرُكُونَ تَنْوِينَ الْمُطَوَّلِ
وَيُجْرُونَهُ مَجْرَى الْمُفْرَدِ فِي بِنَائِهِ عَلَى الْفَتْحِ وَمَشَى
عَلَى ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {لا
تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] وَقَوْلُهُ {لا عَاصِمَ
الْيَوْمَ} [هود: 43] حَيْثُ قَالَ إنَّ عَلَيْكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِلَا
تَثْرِيبَ وَمِنْ أَمْرِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِلَا عَاصِمَ، وَجَوَّزَ
ابْنُ كَيْسَانَ فِيهِ التَّنْوِينَ وَتَرْكَهُ لَكِنَّ التَّرْكَ أَوْلَى
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت زَادَ بَعْضُهُمْ) وَلَا رَادَّ
لِمَا قَضَيْت اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ
الِاجْتِهَادُ وَالْهَرَبُ وَيُطْلَقُ عَلَى أَبِي الْأَبِ وَعَلَى
الْقَطْعِ وَالْحَظِّ وَالْعَظَمَةِ وَبِكَسْرِهَا نَقِيضُ الْهَزْلِ
وَبِمَعْنَى الْحَقِّ أَيْضًا وَيَجُوزُ إرَادَتُهُ فِي الْحَدِيثِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ جَدَّ الشَّيْءُ يَجِدُّ بِالْكَسْرِ جِدَّةً فَهُوَ
جَدِيدٌ وَهُوَ خِلَافُ الْقَدِيمِ وَجَدَّهُ جَدًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ
قَطَعَهُ فَهُوَ جَدِيدٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَالْجَدُّ أَبُو
الْأَبِ وَأَبُو الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا وَالْجَدُّ الْعَظَمَةُ وَهُوَ
مَصْدَرٌ يُقَالُ مِنْهُ جَدَّ فِي عُيُونِ النَّاسِ جَدًّا مِنْ بَابِ
ضَرَبَ إذَا عَظُمَ وَالْجَدُّ الْحَظُّ يُقَالُ: جَدَدْت بِالشَّيْءِ مِنْ
بَابِ تَعِبَ إذَا حَظِيت بِهِ، وَالْجَدُّ الْغِنَى وَفِي الدُّعَاءِ
وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا
الْغِنَى عِنْدَك غِنَاهُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ بِطَاعَتِك
وَالْجَدُّ فِي الْأَمْرِ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ ضَرَبَ
وَقَتَلَ وَالِاسْمُ الْجِدُّ بِالْكَسْرِ وَمِنْهُ يُقَالُ: فُلَانٌ
مُحْسِنٌ جِدًّا أَيْ: نِهَايَةً وَمُبَالَغَةً وَجَدَّ فِي كَلَامِهِ
جَدًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ خِلَافُ هَزَلَ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْجِدُّ
بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
- «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ» اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ: الْغِنَى) بِالْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ الْفَقْرِ،
وَأَمَّا بِالْمَدِّ فَهُوَ مَدُّ الصَّوْتِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا
وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ
فَهُوَ النَّفْعُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْ: عِنْدَك) أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا
حَظُّهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ طَاعَتُك وَرَحْمَتُك
وَرِضَاك عَنْهُ وَتَفْسِيرُ مِنْ بِمَعْنَى عِنْدَ ذَكَرَهُ
الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ فِي الْفَائِقِ هِيَ لِلْبَدَلِ بَعْدَ أَنْ
جَوَّزَ كَوْنَهَا لِلِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى لَا يَنْفَعُ صَاحِبَ
الْحَظِّ وَالْمَالِ وَالِاجْتِهَادِ حَظُّهُ وَمَالُهُ وَاجْتِهَادُهُ فِي
الْهَرَبِ مِنْ عِقَابِك بِذَلِكَ أَيْ بَدَلَ طَاعَتِك أَوْ بَدَلَ
حَظِّهِ مِنْك وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ عَمَلُهُ بِطَاعَتِك وَدُخُولُهُ
الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِك اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) أَيْ: رَوَى جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
قَوْلِهِ وَسُنَّ رَفْعُ كَفَّيْهِ إلَى لَك الْحَمْدُ فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ
عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ قَوْلًا وَفِعْلًا اهـ ع ش بِالْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ) أَيْ مِنْ الْحَمْدِ الَّذِي هُوَ
مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَخَبَرُهُ لَك الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ الْمُتَقَدِّمُ
لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ: لَك الْحَمْدُ لَا لِغَيْرِك اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ جِسْمًا) أَيْ مِنْ نُورٍ أَيْ: كَمَا
أَنَّ السَّيِّئَاتِ تُقَدَّرُ جِسْمًا مِنْ ظُلْمَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ
ذَلِكَ التَّقْدِيرِ عَلَى كَوْنِهِ صِفَةً أَيْضًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَحَقُّ مُبْتَدَأٌ) وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ فِيهِ ذَلِكَ؛
لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى جَعَلَهُ مُنَادَى خَبَرُهُ
لَا مَانِعَ فَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ رَبَّنَا لَك
الْحَمْدُ أَيْ هَذَا الْقَوْلُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ فَمَا
نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ نَحْوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَنْزٌ إلَخْ أَوْ
خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ الْحَمْدِ وَلَك خَبَرٌ أَوَّلٌ أَوْ مُتَعَلِّقٌ
بِالْحَمْدِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ إلَخْ خَبَرُهُ) أَيْ: لَفْظًا وَهُوَ مَقُولُ
الْقَوْلِ مَعْنًى وَعَدَمُ نَصْبِ مَانِعٍ بِلَا إمَّا لِأَنَّهُ لُغَةٌ
أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ وَصْفِ الْمُنَادَى لَا نِدَاءً لِمَوْصُوفٍ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَسْتَوِي فِي سَنِّ التَّسْمِيعِ إلَخْ) ، وَأَمَّا قَوْلُ
ابْنِ الْمُنْذِرِ خَرَقَ الشَّافِعِيُّ الْإِجْمَاعَ فِي جَمْعِ
الْمَأْمُومِينَ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَك
الْحَمْدُ فَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبَقَهُ لِذَلِكَ عَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ
وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد وَأَبُو بُرْدَةَ وَغَيْرُهُمْ وَقَوْلُهُ
فَمَعْنَاهُ قُولُوا ذَلِكَ إلَخْ أَيْ: زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ
وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهُ غَالِبًا أَيْ
لِإِسْرَارِهِ بِالْأَوَّلِ وَجَهْرِهِ بِالثَّانِي اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيعِ إلَخْ) أَيْ: إنْ اُحْتِيجَ
إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر؛ لِأَنَّهُ ذِكْرُ انْتِقَالٍ
وَإِطْبَاقُ أَكْثَرِ عَوَامِّ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْإِسْرَارِ بِهِ
وَالْجَهْرِ بِرَبِّنَا لَك الْحَمْدُ جَهْلٌ
(1/367)
(ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ سُنَّ (قُنُوتٌ فِي
اعْتِدَالِ آخِرَةِ صُبْحٍ مُطْلَقًا وَ) آخِرُهُ (سَائِرُ الْمَكْتُوبَاتِ
لِنَازِلَةٍ) كَوَبَاءٍ وَقَحْطٍ وَعَدُوٍّ (وَ) آخِرُهُ (وِتْرُ نِصْفِ
ثَانٍ مِنْ رَمَضَانَ كَاللَّهُمَّ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
اهـ ز ي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) ظَاهِرُ سِيَاقِهِ رُجُوعُ
الْإِشَارَةِ إلَى مَا قَبْلَهَا قَرِيبًا وَهُوَ قَوْلُهُ أَهْلُ
الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ إلَخْ فَيُوهِمُ تَخْصِيصَ طَلَبِ الْقُنُوتِ
بِالْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ الْمَحْصُورِينَ كَمَا خُصَّ بِهِمَا الْمُشَارُ
إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْقُنُوتَ يُطْلَبُ لِكُلِّ مُصَلٍّ فَالْأَوْلَى
رُجُوعُ الْإِشَارَةِ إلَى الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ الْمَطْلُوبِ مِنْ كُلٍّ
أَحَدٍ وَهُوَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَى وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ
بَعْدُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ " وَيُسَنُّ بَعْدَ ذِكْرِ
الِاعْتِدَالِ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ الْقُنُوتُ إلَخْ ".
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ: الذِّكْرِ
لِمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا وَمِنْ الْمُنْفَرِدِ
وَإِمَامِ الْمَحْصُورِينَ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ: الذِّكْرِ
الْمَذْكُورِ وَأَشَارَ بِهِ لِرَدِّ مَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يَأْتِي
بِالذِّكْرِ مَعَ الْقُنُوتِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْقُنُوتِ لِئَلَّا
يَطُولَ الِاعْتِدَالُ لَكِنْ قَدْ تُوهِمُ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْقُنُوتَ
لَا يُسَنُّ إلَّا بَعْدَ الذِّكْرِ وَمَعَ عَدَمِهِ لَا يُسَنُّ وَلَيْسَ
مُرَادًا فَتَأَمَّلْ كَاتِبَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ قُنُوتٌ) هُوَ لُغَةً: الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَهُوَ
يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ ذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْقُنُوتَ وَرَدَ
بِعَشَرَةِ مَعَانٍ وَنَظَمَهَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ
الْعِرَاقِيُّ فَقَالَ
وَلَفْظُ الْقُنُوتِ اُعْدُدْ مَعَانِيهِ تَجِدْ ... مَزِيدًا عَلَى عَشْرِ
مَعَانٍ مَرْضِيَّهْ
دُعَاءُ خُشُوعٍ وَالْعِبَادَةُ طَاعَةٌ ... إقَامَتُهَا إقْرَارُهُ
بِالْعُبُودِيَّهْ
سُكُوتُ صَلَاةٍ وَالْقِيَامُ وَطُولُهُ ... كَذَاك دَوَامُ الطَّاعَةِ
الرَّابِحُ الْغَنِيَّة
اهـ فَتْحُ الْبَارِي.
وَالْمُرَادُ هُنَا الدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ مِنْ
الْقِيَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ هُوَ لُغَةً: الْعِبَادَةُ أَوْ الدُّعَاءُ
مُطْلَقًا بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ يُقَالُ: قَنَتَ لَهُ وَقَنَتَ عَلَيْهِ
وَشَرْعًا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى دُعَاءٍ وَثَنَاءٍ وَلَوْ
آيَةً قَصَدَهُ بِهَا وَتَضَمَّنَتْ دُعَاءً أَوْ نَحْوَهُ كَآخِرِ
الْبَقَرَةِ فَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ ذَلِكَ كُتِبَتْ يَدًا أَوْ لَمْ
يَقْصِدْهُ بِهَا لَمْ يُجْزِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ الْقُرْآنِ فِي
الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَيُشْتَرَطُ فِي بَدَلِهِ أَنْ يَكُونَ
دُعَاءً وَثَنَاءً وَتُكْرَهُ إطَالَتُهُ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلَا
تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ انْتَهَتْ. وَلَا يُقَالُ: قِيَاسُ امْتِنَاعِ
تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ عَمْدًا بُطْلَانُهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ
عَلَى غَيْرِ الْقُنُوتِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَطْوِيلِهِ؛ إذْ
الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ الْإِطَالَةِ قَائِلٌ بِأَنَّ
تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فِي اعْتِدَالِ آخِرِهِ صُبْحٌ إلَخْ) فَلَا يُجْزِئُ الْقُنُوتُ
قَبْلَ الرُّكُوعِ وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قَنَتَ قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ رُوَاةَ الْقُنُوتِ بَعْدَهُ
أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ فَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْخُلَفَاءُ
الرَّاشِدُونَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ وَأَكْثَرِهَا وَشَمِلَ
كَلَامُهُ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَخَالَفَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا مِنْ
حَيْثُ الْمَعْنَى لِشَرَفِهَا وَلِأَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ
وَقْتِهَا بِالتَّثْوِيبِ وَهِيَ أَقْصَرُ الْفَرَائِضِ فَكَانَتْ
بِالزِّيَادَةِ أَلْيَقَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ
الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ إلَخْ أَيْ: فَيَقْنُتُ بَعْدَهُ وَيَسْجُدُ
لِلسَّهْوِ إنْ نَوَى بِالْأَوَّلِ الْقُنُوتَ وَكَذَا لَوْ قَنَتَ فِي
الْأَوَّلِ بِنِيَّتِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ فِيهَا فَقَالَ اهْدِنِي ثُمَّ
تَذَكَّرَ اهـ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ
عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا
قَوْلِيًّا إلَخْ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَسَائِرُ الْمَكْتُوبَاتِ لِنَازِلَةٍ) وَتُسْتَحَبُّ
مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ بِالنِّسْبَةِ
لِلْجَوَامِعِ فَإِنْ أَمَرَ بِهِ وَجَبَ اهـ شَرْحُ م ر وَاَلَّذِي
يُرَاجِعُهُ هُوَ إمَامُ الْمَسْجِدِ الرَّاتِبِ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ
بَعْدَ صَلَاةِ الرَّاتِبِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ فَلَا يُسْتَحَبُّ
لِأَئِمَّتِهَا مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ الْمَكْتُوبَاتُ) خَرَجَ الْمَنْذُورَةُ وَالْجِنَازَةُ
وَالنَّافِلَةُ وَلَوْ عِيدًا أَوْ اسْتِسْقَاءً مِمَّا تُسَنُّ فِيهِ
الْجَمَاعَةُ فَيُكْرَهُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَيَكُونُ خِلَافَ
الْأَوْلَى فِي غَيْرِهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِنَازِلَةٍ) أَيْ: لِرَفْعِ نَازِلَةٍ فَيَدْعُو بِمَا يَلِيقُ
بِالْحَالِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ
عَنْهُ الدُّعَاءُ عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ
أَلْفَاظِ الْقُنُوتِ الْوَارِدَةِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قُنُوتِ
الصُّبْحِ فِي النَّازِلَةِ اكْتَفَى بِهِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ
عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِنَازِلَةٍ) أَيْ: وَلَوْ بِغَيْرِ مَنْ نَزَلَتْ بِهِ
فَيُسَنُّ لِأَهْلِ نَاحِيَةٍ لَمْ تَنْزِلْ بِهِمْ فِعْلُ ذَلِكَ لِمَنْ
نَزَلَتْ بِهِ مِنْ أَهْلِ نَاحِيَةٍ أُخْرَى اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِأَنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ وَلَوْ وَاحِدًا
عَلَى مَا بَحَثَهُ جَمْعٌ لَكِنْ اشْتَرَطَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ تَعَدِّي
نَفْعَهُ كَأَسْرِ الْعَالِمِ أَوْ الشُّجَاعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَتْ،
وَخَرَجَ بِالْوَاحِدِ الِاثْنَانِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَقْنُتُ لَهُمَا
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَفْعٌ مُتَعَدٍّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَوَبَاءٍ) وَهُوَ كَثْرَةُ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ طَاعُونٍ
وَمِثْلُهُ الْمَوْتُ بِالطَّاعُونِ وَبَعْضُهُمْ
(1/368)
هَذَا الرِّفْعَةَ إيهَامُ تَعَيُّنِ
الْقُنُوتِ إلَّا آتِي أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ اللَّهُمَّ (اهْدِنِي
فِيمَنْ هَدَيْت إلَخْ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْعَزِيزِ وَعَافِنِي
فِيمَنْ عَافَيْت وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت وَبَارِكْ لِي فِيمَا
أَعْطَيْت وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك
إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ إلَّا رَبَّنَا فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ
وَصَحَّحَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ وَرَوَى
الشَّيْخَانِ فِي الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ
الْقُرَّاءِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ» وَيُقَاسُ بِالْعَدُوِّ غَيْرُهُ قَالَ
الرَّافِعِيُّ: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَسَّرَ الْوَبَاءَ بِالطَّاعُونِ لَكِنْ يُنَافِيهِ عِبَارَةُ م ر؛
لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ قَالَ كَوَبَاءٍ وَطَاعُونٍ اهـ
فَهَذَا يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَقَوْلُهُ وَقَحْطٍ هُوَ احْتِبَاسُ
الْمَطَرِ وَمِثْلُهُ عَدَمُ النِّيلِ وَيُشْرَعُ الْقُنُوتُ لِلْغَلَاءِ
الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّوَازِلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ مَعَ
بَعْضِ تَغْيِيرٍ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ
بِالْقُنُوتِ لِلطَّاعُونِ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ مَنْ أَجَابَ
بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَلَمْ
يَقْنُتُوا لَهُ وَالْوَجْهُ اسْتِحْبَابُ الْقُنُوتِ لَهُ وَبِهِ أَفْتَى
جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ شَهَادَةٌ كَمَا
أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا شَهَادَةٌ وَالْمَطْلُوبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ
اهـ. ح ل.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْوَبَاءُ بِالْهَمْزِ مَرَضٌ عَامٌّ يُمَدُّ
وَيُقْصَرُ وَيُجْمَعُ الْمَمْدُودُ عَلَى أَوْبِئَةٍ مِثْلَ مَتَاعٍ
وَأَمْتِعَةٍ وَالْمَقْصُودُ عَلَى أَوْبَاءٍ مِثْلَ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ،
وَقَدْ وَبِئَتْ الْأَرْضُ تَوْبَأُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَبِأَمْثَلَ فَلِسَ
كَثُرَ مَرَضُهَا فَهِيَ وَبِئَةٌ وَوَبِيئَةٌ عَلَى فَعِلَةٍ وَفَعِيلَةٍ
اهـ.
(قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ الْإِتْيَانُ بِالْكَافِ لِرَفْعِهِ إيهَامَ إلَخْ
اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فِيمَنْ هَدَيْت) أَيْ مَعَهُمْ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ أَيْ: لَا
نُدْرَجُ فِي سِلْكِهِمْ أَوْ التَّقْدِيرُ وَاجْعَلْنِي مُنْدَرِجًا
فِيمَنْ هَدَيْت نَحْوُ {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] وَكَذَا
الِاثْنَانُ بَعْدَهُ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ
وَلَوْ أَبْدَلَ فِي بِمَعَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَكَذَا بَقِيَّةُ
أَلْفَاظِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ قُنُوتِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا - وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ
مُطْلَقًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت) أَيْ: مَعَ مَنْ عَافَيْته مِنْ
بَلَاءِ الدُّنْيَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت) أَيْ كُنْ نَاصِرًا لِي
وَحَافِظًا لِي مِنْ الذُّنُوبِ مَعَ مَنْ نَصَرْته وَحَفِظْته اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت) أَيْ: شَرَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى
الْقَضَاءِ مِنْ السَّخَطِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يَذِلُّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ: لَا يَحْصُلُ لَهُ
ذِلَّةٌ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ: لَا يُذِلُّهُ أَحَدٌ
وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحٍ ثُمَّ ضَمٍّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ فِي
الْوَجْهِ الثَّانِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَازِمٌ فَلَا يُبْنَى
لِلْمَجْهُولِ وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا
لِاقْتِصَارِ كُلٍّ مِنْ الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ عَلَى أَنَّ ذَلَّ
مِنْ بَابِ ضَرَبَ.
(قَوْلُهُ تَبَارَكْت) أَيْ: تَزَايَدَ بِرُّك وَخَيْرُك وَهِيَ كَلِمَةُ
تَعْظِيمٍ وَلَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إلَّا الْمَاضِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ قَنَتَ شَهْرًا) أَيْ مُتَتَابِعًا فِي الْخَمْسِ فِي اعْتِدَالِ
الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ عَلَى دُعَائِهِ
وَدُعَاؤُهُ عَلَيْهِمْ قِيلَ: كَانَ لِكَفِّ أَذَاهُمْ عَنْ
الْمُسْلِمِينَ وَتَمَرُّدِهِمْ عَلَيْهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ
تَعَرُّضِهِ فِي هَذَا الْقُنُوتِ لِلدُّعَاءِ بِرَفْعِ تِلْكَ
النَّازِلَةِ وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ
سِرِّيَّةً كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ
الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ اهـ ح ل أَيْ: حَيْثُ قَالَ وَالْمُنْفَرِدُ
يُسِرُّ بِهِ اهـ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وَلَوْ فِي قُنُوتِ النَّازِلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ إلَخْ) وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ
عَلَى الْقُنُوتِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ دَفْعَ تَمَرُّدِ الْقَائِلِينَ
لَا النَّظَرَ إلَى الْمَقْتُولِينَ لِانْقِضَاءِ أَمْرِهِمْ وَعَدَمِ
تَدَارُكِهِمْ وَإِلَّا فَقَدْ وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَدْعُ وَمِنْ دُعَائِهِ
فِيهِ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَثَ
قَدْرَ هَذِهِ الْمُدَّةِ يَدْعُو عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ
الْعَامِرِيِّ وَمَاتَ كَافِرًا فَيَقُولُ اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ
بْنَ الطُّفَيْلِ بِمَا شِئْت وَكَيْفَ شِئْت وَابْعَثْ عَلَيْهِ دَاءً
يَقْتُلُهُ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ طَاعُونًا فَمَاتَ بِهِ» وَمِنْهُ
يُؤْخَذُ اسْتِحْبَابُ تَعَرُّضِهِ فِي هَذَا الْقُنُوتِ بِالدُّعَاءِ
لِرَفْعِ تِلْكَ النَّازِلَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي الْمَوَاهِبِ مَا نَصُّهُ " سَرِيَّةُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو إلَى
بِئْرِ مَعُونَةَ مَوْضِعٍ بِبِلَادِ هُذَيْلٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ
عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ عَلَى رَأْسِ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ أُحُدٍ وَكَانَتْ مَعَ رَعْلٍ وَذَكْوَانَ
فَنُسِبَتْ الْغَزْوَةُ إلَى بِئْرِ مَعُونَةَ لِنُزُولِهِمْ بِهَا
وَتُعْرَفُ هَذِهِ الْوَقْعَةُ بِسَرِيَّةِ الْقُرَّاءِ وَكَانَ مِنْ
أَمْرِهَا أَنَّهُ «قَدِمَ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَضَ عَلَيْهِ
الْإِسْلَامَ فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْ الْإِسْلَامِ بَلْ
قَالَ يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْت رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِك إلَى أَهْلِ
نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ إلَى أَمْرِك رَجَوْت أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَك فَقَالَ
- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنِّي أَخْشَى أَهْلَ نَجْدٍ
عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو بَرَاءٍ أَنَا لَهُمْ جَارٌ أَيْ: هُمْ فِي عَهْدِي
وَجِوَارِي فَبَعَثَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُنْذِرَ
بْنَ عَمْرٍو وَمَعَهُ سَبْعُونَ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَقِيلَ ثَلَاثُونَ
وَكَانَ شَأْنُهُمْ أَنَّهُمْ يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيَشْتَرُونَ
بِثَمَنِ الْحَطَبِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ وَيَتَدَارَسُونَ
الْقُرْآنَ بِاللَّيْلِ فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ
فَجَاءَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ
سُلَيْمٍ وَعُصَيَّةَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ فَأَحَاطُوا بِالْقُرَّاءِ
فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قُتِلُوا جَمِيعًا فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ
خَبَرُهُمْ لَيْلَةَ قَتْلِهِمْ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ فَحَزِنَ
عَلَيْهِمْ حُزْنًا شَدِيدًا وَدَعَا عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ
ثَلَاثِينَ صَبَاحًا» اهـ بِاخْتِصَارٍ وَذَكَرَ صَاحِبُ
(1/369)
فِيهِ قَبْلَ تَبَارَكْت وَلَا يَعِزُّ
مَنْ عَادَيْت قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ
لِلْبَيْهَقِيِّ وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي
اعْتِدَالِ آخِرَةٍ صَلَاتُهَا مِنْ زِيَادَتِي وَفِي قَوْلِي آخِرَةٌ
تَغْلِيبٌ بِالنِّسْبَةِ لِآخِرَةِ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوتِرُ
بِوَاحِدَةٍ فَلَا تَكُونُ آخِرَتَهُ (وَ) أَنْ يَأْتِيَ بِهِ (إمَامٌ
بِلَفْظِ جَمْعٍ) فَيَقُولُ اهْدِنَا وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ
رَوَاهُ كَذَلِكَ فَحَمَلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي
أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ
بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ
بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ
النَّصُّ كَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ
اغْسِلْنِي» الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ (وَ) أَنْ (يَزِيدَ) فِيهِ (مَنْ
مَرَّ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا
بِالتَّطْوِيلِ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي وَتَرْكِي
لِلتَّقْيِيدِ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ أَوْلَى مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
شَرَفِ الْمُصْطَفَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمَّا أُصِيبَ أَهْلُ بِئْرِ مَعُونَةَ جَاءَتْ الْحُمَّى إلَيْهِ فَقَالَ
لَهَا: اذْهَبِي إلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ» فَأَتَتْهُمْ
فَقَتَلَتْ مِنْهُمْ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ بِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ عَشَرَةٌ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنَّمَا لَمْ يُخْبِرْهُ
اللَّهُ تَعَالَى بِمَا وَقَعَ لَهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ كَمَا أَخْبَرَهُ
بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ
تَعَالَى إكْرَامُهُمْ بِالشَّهَادَةِ اهـ شَارِحُهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت) أَيْ: لَا تَقُومُ عِزَّةٌ بِمَنْ
عَادَيْته وَأَبْعَدْته عَنْ رَحْمَتِك وَغَضِبْت عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا
وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يَسْتَحْسِنْهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ؛
لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُضَافَ إلَيْهِ تَعَالَى وَرُدَّ
ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ، وَقَدْ يُجَابُ
بِالْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ وَغَيْرِهِ، أَلَا تَرَى
أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ تَعَالَى مَعَ كَثْرَتِهِ فِي
الْقُرْآنِ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُجْدِي
نَفْعًا وَهُوَ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَوْ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَقَالَ
الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ: إنَّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ
بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ
وَالتَّصْرِيفِ قَالَ: وَأَلَّفْت فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفًا وَقُلْت فِي
آخِرِهِ نَظْمًا
عَزَّ الْمُضَاعَفُ يَأْتِي فِي مُضَارِعِهِ ... تَثْلِيثُ عَيْنٍ بِفَرْقٍ
جَاءَ مَشْهُورَا
فَمَا كَقَلَّ وَضِدِّ الذُّلِّ مَعَ عِظَمٍ ... كَذَا كَرَّمْت عَلَيْنَا
جَاءَ مَكْسُورَا
وَمَا كَعَزَّ عَلَيْنَا الْحَالُ أَيْ صَعَّبْت ... فَافْتَحْ مُضَارِعَهُ
إنْ كُنْت نِحْرِيرَا
وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَفْعَالُ لَازِمَةٌ ... وَاضْمُمْ مُضَارِعَ
فِعْلٍ لَيْسَ مَقْصُورَا
عَزَزْت زَيْدًا بِمَعْنَى قَدْ غَلَبْت كَذَا ... أَعَنْته فَكُلًّا ذَا
جَاءَ مَأْثُورَا
وَقُلْ إذَا كُنْت فِي ذِكْرِ الْقُنُوتِ لَا ... يَعِزُّ يَا رَبُّ مَنْ
عَادَيْت مَكْسُورَا
وَاعْتَرَضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ حَيْثُ نَسَبَ الزِّيَادَةَ لِلْعُلَمَاءِ
مَعَ أَنَّهَا وَرَدَتْ كَذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ) وَجَاءَ أَيْضًا
بَعْدَ وَتَعَالَيْت فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُكَ
وَأَتُوبُ إلَيْك زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا
بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ
وَآخَرُونَ مُسْتَحَبَّةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي تَحْقِيقِهِ بِقَوْلِهِ
وَقِيلَ اهـ شَرْحُ م ر وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَقُولُ فِي
قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ لَا تَعُقْنَا عَنْ الْعِلْمِ بِعَائِقٍ وَلَا
تَمْنَعْنَا عَنْهُ بِمَانِعٍ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ قُنُوتِ النَّازِلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ
أَصْلِهِ وَشُرِعَ الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ لِلنَّازِلَةِ
عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَتْ قَالَ م ر وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَ
الْقُنُوتِ وَتَرْكِهِ اهـ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَصْلَ
ذَكَرَ قُنُوتَ الْوِتْرِ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَهُ فِي بَابِ
صَلَاةِ النَّفْلِ فَكَانَ عَلَيْهِ كَعَادَتِهِ أَنَّهُ يُنَبِّهُ عَلَى
ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ: وَالْأَصْلُ ذَكَرَ قُنُوتَ الْوِتْرِ فِي بَابِ
النَّفْلِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ الْوِتْرِ
فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ كُلِّ السَّنَةِ وَهُوَ
كَقُنُوتِ الصُّبْحِ وَيَقُولُ قَبْلَهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك
وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ) أَيْ: عَلَّلَ كَوْنَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا
وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ يُتْبَعُ وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ يَأْتِي بِهِ
الْإِمَامُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِ " نَقِّنِي
وَاغْسِلْنِي " بَلْ كُلُّ شَيْءٍ وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ) أَيْ بِتَفْوِيتِهِ مَا طُلِبَ
لَهُمْ فَكُرِهَ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ
فَهَلْ يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ التَّأْمِينَ حِينَئِذٍ أَوْ
الْقُنُوتَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ وَارِدٌ
قَصْرَ الْإِمَامِ بِتَخْصِيصِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ
يُثَبِّتُ الْمُؤْمِنَ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ إلَيْهِ مِنْ
دُعَاءِ الْإِمَامِ لَهُمْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ كَرَاهَةِ التَّخْصِيصِ
اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا حُكْمٌ مِنْ
الْأَحْكَامِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ الدُّعَاءُ الْمَعْرُوفُ) أَيْ: فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ
وَهُوَ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ
الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ
وَالْبَرَدِ وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا
بَاعَدْت بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَفِي رِوَايَةٍ بَيْنَ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ مَنْ مَرَّ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ)
وَيُؤَخِّرُ هَذَا الْمَزِيدَ عَنْ الْقُنُوتِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي
شَرْحِ م ر، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَمَّا كَانَ قُنُوتُ
الصُّبْحِ إلَخْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ) أَيْ: تَقْيِيدُ اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُك إلَخْ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ أَيْ: فَتَرْكُ التَّقْيِيدِ
يُفِيدُ طَلَبَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُنُوتِ
(1/370)
تَقْيِيدِهِ لَهُ بِهِ (اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ
«وَنَسْتَهْدِيكَ وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك
الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ
يَفْجُرُك اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ
وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى
عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجَدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ» وَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ عَنْ فِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَلَمَّا كَانَ قُنُوتُ الصُّبْحِ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُدِّمَ عَلَى هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ
(ثُمَّ) بَعْدَ الْقُنُوتِ سُنَّ (صَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ فِي قُنُوتِ
الْوِتْرِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ
فِي إنَّكَ وَوَاوٍ فِي إنَّهُ بِلَفْظِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَأُلْحِقَ بِهَا الصَّلَاةُ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ
تَقْيِيدِهِ أَيْ: الْأَصْلِ لَهُ أَيْ: لِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُك إلَخْ بِهِ أَيْ: بِقُنُوتِ الْوِتْرِ وَالتَّقْيِيدُ
الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ النَّفْلِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ
وَيَقُولُ قَبْلَهُ أَيْ: قَبْلَ قُنُوتِ الْوِتْرِ اللَّهُمَّ إنَّا
نَسْتَعِينُك إلَخْ ثُمَّ قَالَ قُلْت: الْأَصَحُّ بَعْدَهُ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ انْتَهَتْ أَيْ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْ:
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ الْقُنُوتِ
الْمَشْهُورِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ) أَيْ: نَطْلُبُ الْعَوْنَ
وَالْهِدَايَةَ وَالْمَغْفِرَةَ؛ لِأَنَّ السِّينَ لِلطَّلَبِ وَقَوْلُهُ
وَنُؤْمِنُ أَيْ: نُصَدِّقُ وَقَوْلُهُ وَنَتَوَكَّلُ أَيْ: نَعْتَمِدُ
وَنُظْهِرُ الْعَجْزَ وَقَوْلُهُ وَنُثْنِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ نَمْدَحُ
وَقَوْلُهُ نَشْكُرُك الْمُرَادُ بِالشُّكْرِ هُنَا نَقِيضُ الْكُفْرِ
وَهُوَ سَتْرُ النِّعْمَةِ وَقَوْلُهُ وَنَخْلَعُ بِاللَّامِ وَفِي
رِوَايَةٍ وَنَخْنَعُ بِالنُّونِ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَنَحْفِدُ بِنُونٍ
مَفْتُوحَةٍ وَفَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَقَوْلُهُ الْجِدُّ
بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ نَقِيضُ الْهَزْلِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَقُّ،
وَقَوْلُهُ مُلْحِقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الْأَشْهَرِ وَيَجُوزُ
فَتْحُهَا فَالْفَتْحُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْحَقَهُ بِهِمْ فَهُوَ
لَاحِقٌ وَالْكَسْرُ عَلَى مَعْنَى لَحِقَ فَهُوَ لَاحِقٌ كَمَا يُقَالُ:
أَنْبَتَ الزَّرْعُ بِمَعْنَى نَبَتَ.
وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا آخِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ
تَتِمَّتُهُ اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ وَالْمُشْرِكِينَ أَعْدَاءَ
الدِّينِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِك وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَك
وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ
وَالْأَمْوَاتِ إنَّك قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ
ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ
الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ نَبِيِّك
وَرَسُولِك وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدْتهمْ
عَلَيْهِ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَعَدُوِّك إلَهَ الْحَقِّ
وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ، وَسُئِلَ الشَّارِحُ هَلْ هُوَ ثَنَاءٌ فَيُوَافِقُ
إمَامَهُ فِيهِ أَوْ دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ
ثَنَاءٌ فَيُوَافِقُ إمَامَهُ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ اللَّهُمَّ عَذِّبْ
الْكَفَرَةَ إلَخْ فَإِنَّهُ دُعَاءٌ فَيُؤَمِّنُ عَلَى إمَامِهِ فِيهِ.
(تَنْبِيهٌ) الصَّدُّ الْمَنْعُ وَالْأَوْلِيَاءُ الْأَنْصَارُ وَذَاتُ
بَيْنِهِمْ أَيْ: أُمُورِهِمْ وَمُوَاصَلَاتِهِمْ وَأَلِّفْ أَيْ اجْمَعْ
وَالْحِكْمَةُ كُلُّ مَا مَنَعَ الْقَبِيحَ وَأَصْلُهُ وَضْعُ الشَّيْءِ
فِي مَحَلِّهِ، وَأَوْزِعْهُمْ أَيْ أَلْهِمْهُمْ، وَالْعَهْدُ كُلُّ مَا
أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ خَلْقَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِأَوَامِرِهِ
وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَنُثْنِي عَلَيْك إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ نُثْنِي عَلَيْك
بِكُلِّ مَا يَلِيقُ بِك أَيْ: نَذْكُرُك بِالْخَيْرِ بِقَدْرِ
الِاسْتِطَاعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ
بِكُلِّ خَيْرٍ اهـ عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ الْخَيْرَ) إمَّا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ
أَيْ: الثَّنَاءَ الْخَيْرَ أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ:
بِالْخَيْرِ اهـ عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا نَكْفُرُك) أَيْ: لَا نَجْحَدُ نِعَمَك بِعَدَمِ الشُّكْرِ
عَلَيْهَا بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ وَقَوْلُهُ وَنَتْرُكُ عَطْفُ
تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ وَلَك نُصَلِّي عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَنَصَّ
عَلَيْهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا، وَقَوْلُهُ: " وَنَسْجُدُ " عَطْفُ
جُزْءٍ عَلَى كُلٍّ إنْ أُرِيدَ سُجُودُ الصَّلَاةِ وَعَامٌّ عَلَى خَاصٍّ
إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ سُجُودَ الشُّكْرِ اهـ شَيْخُنَا
وَقَوْلُهُ: وَنَخْلَعُ أَيْ: نَتْرُكُ فَقَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ عَطْفُ
تَفْسِيرٍ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ خَلَعْت النَّعْلَ وَغَيْرَهُ
خَلْعًا مِنْ بَابِ قَطَعَ نَزَعْته وَفِي الدُّعَاءِ وَنَخْلَعُ
وَنَهْجُرُ مَنْ يَكْفُرُك أَيْ نُبْغِضُهُ وَنَتَبَرَّأُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَنَحْفِدُ) بِالْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَكَسْرِ
الْفَاءِ وَلِلسُّيُوطِيِّ مُؤَلَّفٌ فِي ذَلِكَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ
هَلْ هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ
بِالْمُهْمَلَةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: " وَنَحْفِدُ " يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ
النُّونِ وَضَمُّهَا اهـ إيعَابٌ وَهُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ حَفَدَ حَفْدًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَسْرَعَ وَفِي
الدُّعَاءِ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: نُسْرِعُ فِي الطَّاعَةِ
وَأَحْفَدَ إحْفَادًا مِثْلُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ إنَّ عَذَابَك الْجَدُّ) أَيْ: الْحَقُّ اهـ ح ل قَالَ ابْنُ
مَالِكٍ فِي مُثَلَّثَتِهِ: الْجِدُّ بِالْفَتْحِ مِنْ النَّسَبِ مَعْرُوفٌ
وَهُوَ أَيْضًا الْعَظَمَةُ وَالْحَظُّ وَبِالْكَسْرِ نَقِيضُ الْهَزْلِ
وَبِالضَّمِّ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ قَدَّمَ عَلَى هَذَا) أَيْ قَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ
وَالْإِتْيَانِ بِهِ أَيْ: أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ
بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الثَّابِتِ عَنْ النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ اللَّهُمَّ اهْدِنَا إلَخْ
هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: عَلَى
الْأَصَحِّ؛ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّقْدِيمِ
وَالتَّأْخِيرِ وَقَدْ عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ الْمَنْقُولَةِ
مِنْ بَابِ النَّفْلِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الْقُنُوتِ سُنَّ صَلَاةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى
الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تُسَنُّ بَلْ لَا تَجُوزُ حَتَّى
تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهَا عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ رُكْنًا
قَوْلِيًّا إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَمَا وَرَدَ مِنْ
قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْعَلُونِي
كَقَدَحِ الرَّاكِبِ اجْعَلُونِي أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ» إلَخْ مَحْمُولٌ
عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ فِيهِ كَمَا
هُنَا الْمَعْنَى لَا تَجْعَلُونِي خَلْفَ ظُهُورِكُمْ لَا تَذْكُرُونِي
إلَّا عِنْدَ حَاجَتِكُمْ كَمَا
(1/371)
وَالنَّازِلَةِ وَقَوْلِي وَسَلَامٌ مِنْ
زِيَادَتِي وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِسَنِّ الصَّلَاةِ
وَالسَّلَامِ عَلَى الْآلِ (وَ) سُنَّ (رَفْعُ يَدَيْهِ فِيهِ) أَيْ:
فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْقُنُوتِ وَمَا بَعْدَهُ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ
وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَسُنَّ لِكُلِّ دَاعٍ رَفْعُ بَطْنِ
يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ وَظَهْرِهِمَا
إلَيْهَا إنْ دَعَا بِرَفْعِهِ (لَا مَسْحَ) لِوَجْهِهِ وَغَيْرِهِ
لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي الْوَجْهِ وَعَدَمِ وُرُودِهِ فِي غَيْرِهِ (وَ)
أَنْ (يَجْهَرَ) بِهِ (إمَامٌ) فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ
لِلِاتِّبَاعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَتَذَكَّرُ قَدَحَهُ الَّذِي خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا
عِنْدَ عَطَشِهِ اهـ عَزِيزِيٌّ.
1 -
(قَوْلُهُ أَيْضًا ثُمَّ صَلَاةٌ إلَخْ) الَّذِي فِي الْأَذْكَارِ سُنَّ
السَّلَامُ وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ أَيْضًا وَخَالَفَ صَاحِبُ
الْإِقْلِيدِ فَقَالَ: إنَّ ذِكْرَ السَّلَامِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ
وَالْأَصْحَابِ فِي الْقُنُوتِ لَا أَصْلَ لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ:
وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا
عَدَمُ سَنِّ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ هُنَا، وَأَمَّا السَّلَامُ
فَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ عَنْهُ اهـ
عَمِيرَةُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَقَوْلِي وَسَلَامٌ مِنْ زِيَادَتِي) هُوَ مَا فِي الْأَذْكَارِ
أَيْضًا وَإِنْ أَنْكَرَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ فَقَالَ وَلَا أَصْلَ
لِزِيَادَةِ وَسَلَّمَ وَلَا مَا اُعْتِيدَ مِنْ ذِكْرِ الْآلِ
وَالْأَصْحَابِ وَالْأَزْوَاجِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ
وَاسْتَشْهَدَ الْإِسْنَوِيُّ لِذِكْرِ السَّلَامِ بِالْآيَةِ، يُفَرَّقُ
بَيْنَ مَا هُنَا وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا دُعَاءَ
فِيهِ مَعَ طَلَبِ الْمُبَالَغَةِ فِي تَخْفِيفِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا
فَنَاسَبَهُ ذِكْرُ الْآلِ بَلْ وَالْأَصْحَابِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ
نَدْبِهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ
فِيهِ وَقَعَتْ جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟
فَاقْتَصَرُوا ثَمَّ عَلَى لَفْظِ الْوَارِدِ وَهُنَا لَمْ يَقْتَصِرُوا
عَلَيْهِ وَزَادُوا ذِكْرَ الْآلِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ
لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَجَالًا فَلَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُقَاسَ ذِكْرُ الْآلِ
بِذِكْرِ الصَّحْبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر " وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ
وَالْأَصْحَابِ أَيْضًا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَنْ
نَفَى سُنِّيَّةَ ذَلِكَ " وَقَدْ اسْتَشْهَدَ الْإِسْنَوِيُّ لِسَنِّ
السَّلَامِ بِالْآيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ لِسَنِّ الْآلِ بِخَبَرِ " كَيْفَ
نُصَلِّي عَلَيْك؟ " وَلَا يُنَافِي ذِكْرُ الصَّحْبِ هُنَا إطْبَاقَهُمْ
عَلَى عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ
الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمْ ثَمَّ اقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ
وَهُنَا لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ بَلْ زَادُوا ذِكْرَ الْآلِ بَحْثًا
فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لِمَا عَلِمْت، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ
مُقَابَلَةَ الْآلِ بِآلِ إبْرَاهِيمَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ ثَمَّ
تَقْتَضِي عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِغَيْرِهِمْ وَهُنَا لَا مُقْتَضَى
لِذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ) أَيْ: مَكْشُوفَتَيْنِ كَسَائِرِ
الْأَدْعِيَةِ كَدُعَاءِ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ رَفْعُ يَدَيْهِ حَالَةَ الْخُطْبَةِ لِحَدِيثٍ فِي
مُسْلِمٍ اهـ ح ل وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِرَفْعِهِمَا مُتَفَرِّقَتَيْنِ
أَوْ مُلْتَصِقَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَصَابِعُ وَالرَّاحَةُ
مُسْتَوِيَتَيْنِ أَمْ الْأَصَابِعُ أَعْلَى مِنْهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ) أَيْ: الَّتِي خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي
يُخَالِفُ مَا يُفِيدُهُ قَوْلَ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ وَالصَّحِيحُ
سَنُّ رَفْعِ يَدَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْحَاكِمِ
وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنْ دَعَا بِرَفْعِهِ) أَيْ: أَوْ عَدَمِ حُصُولِهِ كَمَا
أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَعَلَيْهِ فَيَرْفَعُ ظُهُورَهُمَا عِنْدَ
قَوْلِهِ وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج
يَجْعَلُ ظَهْرَهُمَا إلَى السَّمَاءِ إنْ دَعَا بِرَفْعِ مَا وَقَعَ
وَبَطْنَهُمَا لَهَا إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْءٍ كَدَفْعِ الْبَلَاءِ
عَنْهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ وَغَايَةُ رَفْعِهِمَا إلَى
الْمَنْكِبِ إلَّا إنْ اشْتَدَّ الْأَمْرُ اهـ ح ل وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ
إلَى السَّمَاءِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ الْأَوْلَى
رَفْعُهُ إلَيْهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لَا مَسْحَ لِوَجْهِهِ وَغَيْرِهِ كَالصَّدْرِ) أَيْ: لَا
يُسَنُّ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى عَدَمُ فِعْلِهِ وَبِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ
خَارِجَ الصَّلَاةِ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ وَنَصَّ جَمَاعَةٌ عَلَى
كَرَاهَةِ مَسْحِ الصَّدْرِ اهـ ح ل، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ
مِنْ تَقْبِيلِ الْيَدِ بَعْدَ الدُّعَاءِ فَلَا أَصْلَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ إلَخْ) عَبَّرَ هُنَا بِعَدَمِ الثُّبُوتِ
وَفِيمَا بَعْدَهُ بِعَدَمِ الْوُرُودِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ فِي الْأَوَّلِ
بِوُرُودِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَجْهَرَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقُنُوتِ
وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ سَوَاءٌ كَانَ لِلصُّبْحِ أَوْ لِلْوِتْرِ أَوْ
لِلنَّازِلَةِ فِي السِّرِّيَّةِ كَالصُّبْحِ إذَا فُعِلَتْ بَعْدَ
الشَّمْسِ وَالْوِتْرُ كَذَلِكَ وَيُسَنُّ أَنْ يَجْهَرَ الْإِمَامُ
أَيْضًا إذَا سَأَلَ اللَّهَ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ
النَّارِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ يَغْفُلُ عَنْهَا أَئِمَّةُ
الزَّمَنِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ وَأَنْ
يَجْهَرَ بِهِ إمَامٌ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُونَ لَا يَسْمَعُونَ
لِصَمَمٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِذَا سَأَلَ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ
النَّارِ وَنَحْوهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ
الْمَأْمُومُ وَلَا يُؤَمِّنُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي
الْإِحْيَاءِ: وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يَجْهَرَ بِهِ إمَامٌ) أَيْ: حَتَّى فِي
الثَّنَاءِ وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْمَأْمُومَ يُوَافِقُهُ فِيهِ هَذَا
قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُسِرَّ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْهَرَ كَمَا لَوْ سَأَلَ الْإِمَامُ الرَّحْمَةَ أَوْ
اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ
الْمَأْمُومُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ وَهَذَا الَّذِي
ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِالدُّعَاءِ مَسْأَلَةٌ
مُهِمَّةٌ لَا يَفْعَلُهَا أَئِمَّةُ هَذَا الزَّمَانِ كَذَا بِخَطِّ
شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ اهـ سم فَإِنْ أَسَرَّ الْإِمَامُ
بِالدُّعَاءِ حَصَّلَ سُنَّةَ
(1/372)
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ: وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ دُونَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ
وَالْمُنْفَرِدُ يُسِرُّ بِهِ (وَ) أَنْ (يُؤَمِّنَ مَأْمُومٌ) جَهْرًا
(لِلدُّعَاءِ وَيَقُولَ الثَّنَاءَ) سِرًّا أَوْ يَسْتَمِعَ لِإِمَامِهِ
كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ يَقُولَ أَشْهَدُ كَمَا قَالَهُ
الْمُتَوَلِّي وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَدَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ رَوَاهُ
الْحَاكِمُ وَأَوَّلُ الثَّنَاءِ إنَّك تَقْضِي هَذَا إنْ سَمِعَ
الْإِمَامَ (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ قَنَتَ) سِرًّا كَبَقِيَّةِ
الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَسْمَعُهَا.
(وَ) سَابِعُهَا (سُجُودٌ مَرَّتَيْنِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْقُنُوتِ وَفَاته سُنَّةُ الْجَهْرِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ
الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ فَوَاتِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلْيَكُنْ جَهْرُهُ بِهِ إلَخْ) نَعَمْ
لَوْ خَفَّفَ جَهْرَهُ بِالْقِرَاءَةِ لِقِلَّةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَهَا
ثُمَّ كَثُرُوا عِنْدَ الْقُنُوتِ وَلَمْ يُسْمِعْهُمْ إلَّا الزِّيَادَةَ
عَلَى الْجَهْرِ بِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ نَدْبُ الزِّيَادَةِ حِينَئِذٍ
لِوُجُودِ مُقْتَضَاهَا كَذَا فِي الْإِيعَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمُنْفَرِدُ يُسِرُّ بِهِ) هَذَا وَاضِحٌ فِي غَيْرِ
النَّازِلَةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ
شَيْخِنَا أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ أَيْضًا الْمُنْفَرِدُ اهـ ح ل وَفِي ق ل
عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ وَفِي
شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ أَنَّهُ
يَجْهَرُ فِي النَّازِلَةِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا ز ي اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ لِلدُّعَاءِ) وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُؤَمِّنُ
عِنْدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَأَفْتَى بِهِ
الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْغَزِّيِّ
وَالْجَوْجَرِيِّ وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت
عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» ؛ لِأَنَّ طَلَبَ اسْتِجَابَةِ
الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِآمِينَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ
م ر أَيْ وَلِأَنَّهُ الْأَلْيَقُ بِالْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ
لِلدَّاعِي فَنَاسَبَهُ التَّأْمِينُ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الْقُنُوتِ
وَلَا شَاهِدَ فِي الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُصَلِّي اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ الثَّنَاءَ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يُؤَمِّنُ
فِيهِ أَيْضًا اهـ مَحَلِّيٌّ وَانْظُرْ مَا أَوَّلَ الثَّنَاءِ فِي
قُنُوتِ عُمَرَ اهـ شَيْخُنَا وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّ
الثَّنَاءَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى قَوْلِهِ " اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ
إلَخْ " وَمِنْهُ إلَى آخِرِهِ دُعَاءٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ أَشْهَدُ) أَيْ أَوْ صَدَقْت وَبَرَرْت أَوْ بَلَى
وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اهـ
مِنْ الْإِحْيَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بُطْلَانِهَا بِ صَدَقْت وَبَرَرْت
فِي إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَعَدَمِهِ هُنَا أَنَّ هَذَا مُتَضَمِّنٌ
لِلثَّنَاءِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الذَّاتِ بِخِلَافِهِ
ثَمَّ فَلَيْسَ مُتَضَمِّنًا لَهُ؛ إذْ هُوَ بِمَعْنَى الصَّلَاةُ خَيْرٌ
مِنْ النَّوْمِ وَهَذَا مُبْطِلٌ وَمَا هُنَا بِمَعْنَى فَإِنَّك تَقْضِي
وَلَا يُقْضَى عَلَيْك مَثَلًا وَهُوَ لَيْسَ بِمُبْطِلٍ وَلَا أَثَرَ
لِلْخِطَابِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الثَّنَاءِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ
فَيُفَارِقُ نَحْوَ الْفَتْحِ بِقَصْدِهِ حَيْثُ أُثِرَ بِأَنَّ إعَادَتَهُ
بِلَفْظِهِ صَيَّرْته كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَصْلُ فِي
مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ تَكْرِيرِهَا وَلَا كَذَلِكَ الثَّنَاءُ
وَنَحْوُهُ وَفَرَّقَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ مَا
هُنَا وَالْآذَانِ أَيْضًا بِأَنَّ إجَابَةَ الْمُصَلِّي لِلْمُؤَذِّنِ
مَكْرُوهَةٌ بِخِلَافِ مُشَارَكَةِ الْمَأْمُومِ فِي الْقُنُوتِ
بِإِتْيَانِهِ بِالثَّنَاءِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ
فَحَسُنَ الْبُطْلَانُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَدَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ
لِقَوْلِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَصَنِيعُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ لِلدُّعَاءِ
وَعِبَارَتُهُ «وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ لِلدُّعَاءِ كَمَا كَانَتْ
الصَّحَابَةُ يُؤَمِّنُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ
صَحِيحٍ وَيَجْهَرُ بِهِ كَمَا فِي تَأْمِينِ الْقِرَاءَةِ وَفِي
الثَّنَاءِ يُشَارِكُ الْإِمَامَ سِرًّا أَوْ يَسْتَمِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ
ثَنَاءٌ وَذِكْرٌ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّأْمِينُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ
وَغَيْرِهِ وَالْمُشَارَكَةُ أَوْلَى انْتَهَتْ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ
أَنَّ قَوْلَهُ وَدَلِيلَهُ الِاتِّبَاعُ فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا
تَقَرَّرَ أَنَّ الِاتِّبَاعَ إنَّمَا يُقَالُ فِيمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ عَدَمِ
جَهْرٍ بِهِ أَوْ سَمِعَ صَوْتًا وَلَمْ يَفْهَمْهُ وَقَوْلُهُ كَبَقِيَّةِ
الْأَذْكَارِ إلَخْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْأَذْكَارِ
وَالدَّعَوَاتِ إذَا سَمِعَهَا مِنْ الْإِمَامِ اهـ ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّ
هَذَا الْمُقْتَضِي غَيْرُ مُسَلَّمٍ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قَنَتَ سِرًّا مُوَافِقَةٌ
لَهُ كَمَا يُوَافِقُهُ فِي الدَّعَوَاتِ وَالْأَذْكَارِ السِّرِّيَّةِ
انْتَهَتْ. وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَمُصَرِّحَةٌ
بِأَنَّ الْمَأْمُومَ يُطْلَبُ مِنْهُ أَذْكَارُ الرُّكُوعِ
وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ الْمَطْلُوبَةِ لِلْإِمَامِ فَالتَّقْيِيدُ
فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَيَزِيدُ مُنْفَرِدٌ وَإِمَامٌ مَحْصُورِينَ
الْغَرَضُ مِنْهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ إمَامِ غَيْرِهِمْ لَا عَنْ
الْمَأْمُومِينَ وَيُشِيرُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ
عَنْ الشَّوْبَرِيِّ وسم.
(قَوْلُهُ وَسُجُودٌ) وَهُوَ لُغَةً: الِانْخِفَاضُ وَالتَّوَاضُعُ،
وَقِيلَ: التَّطَامُنُ وَالْمَيْلُ، وَقِيلَ: الْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ
وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الرُّكُوعِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَخَرُّوا
لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] وَقَوْلُهُ {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ
اسْجُدُوا لآدَمَ} [الإسراء: 61] وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَهُوَ أَفْضَلُ
مِنْ الرُّكُوعِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) وَإِنَّمَا عُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِمَا
مُتَّحِدَيْنِ كَمَا عَدَّ بَعْضُهُمْ الطُّمَأْنِينَةَ فِي مَحَالِّهَا
الْأَرْبَعِ رُكْنًا وَاحِدًا اهـ شَرْحُ م ر وَعَدُّوهُمَا فِي
التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ رُكْنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى
فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف وَالْحِكْمَةُ فِي تَعَدُّدِهِ
دُونَ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ وَلِأَنَّ
الشَّارِعَ أَخْبَرَ بِأَنَّ السُّجُودَ يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ
بِقَوْلِهِ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ» إلَخْ فَشُرِعَ الثَّانِي
شُكْرًا عَلَى
(1/373)
كُلَّ رَكْعَةٍ (بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ
الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ (وَلَوْ عَلَى مَحْمُولٍ لَهُ) كَطَرَفٍ مِنْ
عِمَامَتِهِ (لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ؛
لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يَتَحَرَّكُ
بِحَرَكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَإِنْ سَجَدَ عَلَيْهِ
عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ
تَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ وَخَرَجَ بِمَحْمُولٍ لَهُ مَا لَوْ سَجَدَ
عَلَى سَرِيرٍ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ فَلَا يَضُرُّ وَلَهُ أَنْ
يَسْجُدَ عَلَى عُودٍ بِيَدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هَذِهِ النِّعْمَةِ اهـ ز ي أَوْ؛ لِأَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ - سَجَدَ لَمَّا أُخْبِرَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَ
عَلَيْهِ فَحِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ رَأَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ مَكْتُوبًا
عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَسَجَدَ ثَانِيًا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى
الْإِجَابَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ عَاتَبَتْ صَاحِبَهَا بِوَضْعِ
أَشْرَفِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ الْجَبْهَةُ عَلَى مَحَلِّ مَوَاطِئِ
الْأَقْدَامِ وَقَرْعِ النِّعَالِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ فَأَعَادَهُ
إرْغَامًا لَهَا أَوْ؛ لِأَنَّ إبْلِيسَ لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ السُّجُودِ
حِينَ أُمِرَ بِهِ لِآدَمَ كَرَّرَ رَغْمًا عَلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ) إنَّمَا قَدَّمَهَا عَلَى أَقَلِّ السُّجُودِ
وَأَكْمَلِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي الْأَقَلِّ
وَالْأَكْمَلِ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا فَعَلَهُ فِي الرُّكُوعِ أَنْ
يَذْكُرَهَا فِي الْأَقَلِّ ثُمَّ يَذْكُرَ الْأَكْمَلَ وَيَعْتَبِرَ فِيهِ
مَا اعْتَبَرَهُ فِي الْأَقَلِّ، وَمِنْهُ الطُّمَأْنِينَةُ كَمَا فَعَلَ
فِي الرُّكُوعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تَفَنَّنَ فِي الْعِبَارَةِ
وَغَيَّرَ الْأُسْلُوبَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ، وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ
مَجْمُوعِ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا سَبَقَ أَنَّ لِلسُّجُودِ شُرُوطًا
سَبْعَةً: الطُّمَأْنِينَةُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَحْمُولٍ
يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، وَكَشْفُ الْجَبْهَةِ وَالتَّحَامُلُ عَلَيْهَا،
وَأَنْ تَسْتَقِرَّ الْأَعْضَاءُ كُلُّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً،
وَالتَّنْكِيسُ وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْأَسَافِلِ عَلَى الْأَعَالِي، وَأَنْ
لَا يَقْصِدَ بِهِ غَيْرَهُ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَطَرَفٍ مِنْ عِمَامَتِهِ) لَمْ يُضِفْهُ كَالْمَحَلِّيِّ
لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اعْتِبَارُ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ وَأَنَّ الْحُكْمَ
عَلَى الْجُمْلَةِ.
(فَائِدَةٌ) كَوْرُ الْعِمَامَةِ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ: دَوْرُهَا اهـ
شَوْبَرِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ كَارَ الرَّجُلُ الْعِمَامَةَ كَوْرًا مِنْ
بَابِ قَالَ أَدَارَهَا عَلَى رَأْسِهِ وَكُلُّ دَوْرٍ كَوْرٌ تَسْمِيَةً
بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ أَكْوَارٌ مِثْلَ ثَوْبٍ وَأَثْوَابٍ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ عِمَامَتِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَحْمُولَ لَا
بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَلْبُوسِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ عُودٍ بِيَدِهِ
وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ فَأَشَارَ بِالْمِثَالِ إلَى
تَقْيِيدِ الْمَحْمُولِ بِالْمَلْبُوسِ بِقَوْلِهِ كَطَرَفٍ مِنْ
عِمَامَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى
عُودٍ بِيَدِهِ وَمِثْلُ الْعِمَامَةِ كُمُّهُ الطَّوِيلُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ كَطَرَفٍ مِنْ عِمَامَتِهِ أَيْ:
وَهِيَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفِهِ مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ
لَمْ يَضُرَّ كَمِنْدِيلٍ وَعُودٍ فِيهَا اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَتَحَرَّكْ) أَيْ بِالْفِعْلِ عِنْدَ حَجّ أَوْ وَلَوْ
بِالْقُوَّةِ عِنْدَ م ر اهـ ح ل فَعَلَى كَلَامِ م ر لَوْ كَانَ يُصَلِّي
مِنْ قُعُودٍ وَسَجَدَ عَلَى مَحْمُولٍ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ فِي
هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ قِيَامِ التَّحَرُّكِ
بِحَرَكَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ أَيْ: إنْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا
عَالِمًا وَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَالشَّارِحِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛
لِأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ التَّحَرُّكَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ
شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ
بِهِ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا لَمْ
يُجْزِهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى
بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ) وَإِنَّمَا ضَرَّ
مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ أَنْ لَا يَكُونَ
شَيْءٌ مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ مُلَاقِيًا لَهَا وَهَذَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ
مُلَاقٍ لَهَا وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى قَرَارٍ
لِلْأَمْرِ بِتَمْكِينِهَا وَبِالْحَرَكَةِ يَخْرُجُ عَنْ الْقَرَارِ اهـ
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَإِنْ سَجَدَ عَلَيْهِ) أَيْ شَرَعَ فِي ذَلِكَ عَالِمًا
مُتَعَمِّدًا لِلسُّجُودِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْ: بِمُجَرَّدِ
هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ عَلَيْهِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّهِ
إلَخْ سَيَأْتِي تَقْيِيدُهُ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ
ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ
بِمَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إزَالَةِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ
مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ حَتَّى لَوْ أَزَالَهُ ثُمَّ رَفَعَ بَعْدَ
الطُّمَأْنِينَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَحَصَلَ السُّجُودُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم
وَقَوْلُهُ لَا يَبْعُدُ إلَخْ هُوَ كَمَا قَالَ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ
حَيْثُ صَارَ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ قَبْلَ رَفْعِ رَأْسِهِ بَعْدَ
الطُّمَأْنِينَةِ كَفَى وَإِنْ لَمْ يُزِلْهُ مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ اهـ ع
ش.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: وَمَحَلُّ ذَلِكَ
مَا لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُ
فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّهِ
لِلسُّجُودِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ
خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ
بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ مَا يُوَافِقُهُ عَنْ الشَّيْخِ
حَمْدَانَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا
لِلتَّحْرِيمِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ جَهِلَ
الْبُطْلَانَ فِيهِمَا وَإِلَّا لَوْ عَلِمَهُ حِينَئِذٍ ضَرَّ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمَحْمُولٍ لَهُ إلَخْ) أَيْ خَرَجَ مِنْ التَّفْصِيلِ
السَّابِقِ بَيْنَ تَحَرُّكِهِ بِحَرَكَتِهِ وَعَدَمِهِ لَا مِنْ
الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ فِيهِمَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى عُودٍ بِيَدِهِ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ
الْمَحْمُولَ يَشْمَلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ هَذَا
مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَدْ أَلْغَزَ بِهِ فَقِيلَ شَخْصٌ سَجَدَ
عَلَى مُتَحَرِّكٍ بِحَرَكَتِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَوَّرَ بِمَا إذَا
سَجَدَ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ نَحْوِ مِنْدِيلٍ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا
يَتِمُّ اللُّغْزُ إلَّا إنْ قِيلَ عَلَى مَحْمُولٍ يَتَحَرَّكُ
بِحَرَكَتِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى
(1/374)
(وَأَقَلُّهُ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ
جَبْهَتِهِ) وَلَوْ شَعْرًا نَابِتًا بِهَا (مُصَلَّاهُ) أَيْ: مَا
يُصَلِّي عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا حَائِلٌ كَعِصَابَةٍ
فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِجِرَاحَةٍ وَشَقَّ
عَلَيْهِ إزَالَتُهُ مَشَقَّةً شَدِيدَةً فَيَصِحُّ (وَيَجِبُ وَضْعُ
جُزْءٍ مِنْ رُكْبَتَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مُتَحَرِّكٍ مِنْ مَلْبُوسِهِ بِحَرَكَتِهِ لِقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ؛
لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَمِنْ هُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ
عَلَى مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وَكَانَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ
كَعُودٍ بِيَدِهِ كَفَى كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ
بِمَلْبُوسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى نَحْوِ عُودٍ أَوْ
مِنْدِيلٍ بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّ
اتِّصَالَ الثِّيَابِ بِهِ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ أَكْثَرُ لِاسْتِقْرَارِهَا
وَطُولِ مُدَّتِهَا بِخِلَافِ هَذَا وَلَيْسَ مِثْلُهُ الْمِنْدِيلَ
الَّذِي عَلَى عِمَامَتِهِ وَالْمُلْقَى عَلَى عَاتِقِهِ؛ لِأَنَّهُ
مَلْبُوسٌ لَهُ بِخِلَافِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَلَوْ
سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ وَارْتَفَعَ مَعَهُ وَسَجَدَ
عَلَيْهِ ثَانِيًا ضَرَّ وَإِنْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ
انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْدِيلٍ بِيَدِهِ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ
مَاسِكٌ لَهُ بِيَدِهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ رَبَطَهُ بِهَا فَيَضُرُّ
لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بِأَنَّ اتِّصَالَ الثِّيَابِ إلَخْ خِلَافُهُ
وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَضُرُّ سُجُودُهُ عَلَيْهِ رَبَطَهُ بِيَدِهِ أَوْ
لَا.
وَقَوْلُهُ: فَالْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ وَمِنْهُ التُّرَابُ حَيْثُ مَنَعَ
مُبَاشَرَةَ جَمِيعِ الْجَبْهَةِ عَنْ مَحَلِّ السُّجُودِ وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ نَحَّاهُ ثُمَّ سَجَدَ لَمْ يَضُرَّ فَلَوْ رَآهُ مُلْتَصِقًا
بِجَبْهَتِهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ السَّجَدَاتِ الْتَصَقَ فَعَنْ
الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ رَآهُ بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ
الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَوَّزَ أَنَّ الْتِصَاقَهُ فِيمَا قَبْلَهَا
أَخَذَ بِالْأَسْوَأِ فَإِنْ جَوَّزَ أَنَّهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى
مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيُقَدِّرُ أَنَّهُ فِيهَا لِيَكُونَ
الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً إلَّا سَجْدَةً أَوْ فِيمَا قَبْلَهَا قَدَّرَهُ
فِيهِ لِيَكُونَ الْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَةً بِغَيْرِ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ
فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَإِنْ اُحْتُمِلَ طُرُّوهُ بَعْدَهُ فَالْأَصْلُ
مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ بَنَى
وَأَخَذَ بِالْأَسْوَأِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ اهـ سم عَلَى
حَجّ أَيْ: وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ الْتَصَقَ فِي السَّجْدَةِ
الْأَخِيرَةِ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ مُصَلَّاهُ) وَيُتَصَوَّرُ
السُّجُودُ عَلَى الْبَعْضِ بِأَنْ يَكُونَ السُّجُودُ عَلَى عُودٍ مَثَلًا
أَوْ يَكُونَ بَعْضُهَا مَسْتُورًا فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ مَعَ الْمَكْشُوفِ
مِنْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر وَالْجَبْهَةُ طُولًا مَا بَيْنَ صُدْغَيْهِ
وَعَرْضًا مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ اهـ ق ل
عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَعْرًا نَابِتًا بِهَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُمَّهَا
وَإِنْ أَمْكَنَ السُّجُودَ عَلَى مَا خَلَا عَنْهُ مِنْهَا اهـ شَرْحُ م ر
وَكَذَا لَوْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ اهـ شَيْخُنَا ح ف
وَخَرَجَ بِهِ الشَّعْرُ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي
السُّجُودُ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا حَائِلٌ) وَاعْتُبِرَ كَشْفُهَا
دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ فِيهَا وَلِحُصُولِ مَقْصُودِ
السُّجُودِ وَهُوَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ لِمُبَاشَرَةِ
أَشْرَفِ مَا فِي الْإِنْسَانِ لِمَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَالنِّعَالِ مِنْ
غَيْرِ حَائِلٍ وَاكْتَفَى بِبَعْضِهَا وَإِنْ كُرِهَ لِصِدْقِ اسْمِ
السُّجُودِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِهَا نَحْوُ الْجَبِينِ وَهُوَ جَانِبُهَا
وَالْخَدُّ وَالْأَنْفُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا اهـ شَرْحُ
م ر.
(قَوْلُهُ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا بِمَا يُبِيحُ تَرْكَ
الْقِيَامِ وَإِنْ لَمْ يُبِحْ التَّيَمُّمَ قَالَهُ فِي الْأَمْدَادِ
وَفِي التُّحْفَةِ تَقْيِيدُهُ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ فَيَصِحُّ أَيْ: وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ
تَحْتَهُ نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى
الْجَلَالِ قَوْلُهُ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ أَيْ: لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً
وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ اهـ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ أَمَّا
إذَا اُضْطُرَّ لِسَتْرِهَا بِأَنْ يَكُونَ بِهَا نَحْوُ جُرْحٍ بِهِ
عِصَابَةٌ تَشُقُّ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَإِنْ لَمْ
تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِي الْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّ فِي الْعَجْزِ عَنْ
الْقِيَامِ فَيَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهَا اهـ. وَقَوْلُهُ: نَحْوُ جُرْحٍ
مِنْ كُلِّ مَا يَشُقُّ مَعَهُ النَّزْعُ كَصُدَاعٍ شَدِيدٍ فَقَوْلُ
الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِجِرَاحَةٍ أَيْ: مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ إلَخْ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ
وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ
كَمَا حَكَاهُ فِي الْأَصْلِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَجِبُ
وَضْعُ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ
الْمَقْصُودَ مِنْ السُّجُودِ وَضْعُ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ عَلَى
مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْجَبْهَةِ قُلْت: الْأَظْهَرُ
وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُتَصَوَّرُ رَفْعُ جَمِيعِهَا كَأَنْ
يُصَلِّيَ عَلَى حَجَرَيْنِ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَنْبَطِحُ
عَلَيْهِ عِنْدَ سُجُودِهِ وَيَرْفَعُهَا انْتَهَتْ. وَلَمْ يَقُلْ
وَوَضْعَ إلَخْ لِيَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ
مِنْ جُمْلَةِ الْأَقَلِّ لِتَحَقُّقِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْجَبْهَةِ
بِدَلِيلِ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَكْفِي بَلْ هَذِهِ
شُرُوطٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَيْخُنَا
وَلَا بُدَّ أَنْ يَضَعَهَا حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ حَتَّى لَوْ
وَضَعَهَا ثُمَّ رَفَعَهَا ثُمَّ وَضَعَ الْجَبْهَةَ أَوْ عَكَسَ لَمْ
يَكْفِ؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ تَابِعَةٌ لِلْجَبْهَةِ اهـ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ: حَالَةَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ أَيْ: بِأَنْ تَصِيرَ السَّبْعَةُ
مُجْتَمِعَةً فِي الْوَضْعِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
ثُمَّ لَوْ رَفَعَ بَعْضَهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا كَذَلِكَ قَبْلَ رَفْعِ
الْبَعْضِ الْآخَرِ لَا يَضُرُّ وَفِي فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ
مَا نَصُّهُ سُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ
(1/375)
وَ) مِنْ (بَاطِنِ كَفَّيْهِ وَ) بَاطِنِ
(أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ) فِي السُّجُودِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت
أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ
وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَلَا يَجِبُ كَشْفُهَا بَلْ
يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ
وَالِاكْتِفَاءُ بِالْجُزْءِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْبَاطِنِ مِنْ
زِيَادَتِي.
(وَ) يَجِبُ (أَنْ يَنَالَ) أَيْ: يُصِيبَ (مَسْجَدَهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ
وَكَسْرِهَا مَحَلُّ سُجُودِهِ (ثِقَلُ رَأْسِهِ) فَإِنْ سَجَدَ عَلَى
قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْكَبِسَ
وَيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي يَدٍ لَوْ فُرِضَتْ تَحْتَ ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ
التَّحَامُلُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَتَخْصِيصُهُمْ لَهُ
بِالْجَبْهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْغَالِبِ مِنْ
تَمَكُّنِ وَضْعِهَا بِلَا تَحَامُلٍ لَا لِإِخْرَاجِ بَقِيَّةِ
الْأَعْضَاءِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ لَا يَجِبُ فِيهَا
التَّحَامُلُ (وَ) أَنْ (يَرْفَعَ أَسَافِلَهُ) أَيْ عَجِيزَتَهُ وَمَا
حَوْلَهَا (عَلَى أَعَالِيهِ) فَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ تَسَاوَيَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مُصَلٍّ حَصَّلَ أَصْلِ السُّجُودِ ثُمَّ طَوَّلَهُ تَطْوِيلًا كَثِيرًا
مَعَ رَفْعِ بَعْضِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ مُعْتَمِدًا
عَلَيْهَا هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ فِعْلَ
شَيْءٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ غَيْرَ مَحْسُوبٍ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ
طَوَّلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا
فَلَا تَبْطُلُ اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛
لِأَنَّ هَذَا اسْتِصْحَابٌ لِمَا طُلِبَ فِعْلُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَالْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةُ هَيْئَةٍ فِي
الصَّلَاةِ غَيْرِ مَعْهُودَةٍ فِيهَا اهـ شَيْخُنَا ح ف وَيَجِبُ أَنْ لَا
يَهْوِيَ لِغَيْرِهِ أَيْ: السُّجُودِ بِأَنْ يَهْوِيَ بِقَصْدِهِ وَلَوْ
مَعَ غَيْرِهِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ فَلَوْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ
اعْتِدَالِهِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى الِاعْتِدَالِ لِيَهْوِيَ مِنْهُ
لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ فَإِنْ سَقَطَ مِنْ هَوِيِّهِ لَمْ
يُكَلَّفْ الْعَوْدُ بَلْ يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ سُجُودًا نَعَمْ إنْ سَقَطَ
عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَصَدَ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا أَوْ لِجَنْبِهِ
فَانْقَلَبَ بِنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَطْ لَمْ يُجْزِهِ السُّجُودُ
فِيهِمَا فَيُعِيدُهُ بَعْدَ الْجُلُوسِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقُومُ
فَإِنْ قَامَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ انْقَلَبَ
بِنِيَّةِ السُّجُودِ أَوْ لَا؟ بِنِيَّةِ شَيْءٍ أَوْ بِنِيَّتِهِ
وَنِيَّةِ الِاسْتِقَامَةِ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى فِي
الْأَخِيرَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَإِنْ نَوَى صَرْفَهُ عَنْ
السُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا لِزِيَادَتِهِ فِعْلًا فِيهَا
عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ مَنْ
قَصَدَ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الِافْتِتَاحَ وَالْهَوِيَّ؛ لِأَنَّهُ
يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ
وَلِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ دُخُولِهِ فِيهَا ثَمَّ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ
فِيهَا هُنَا فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا عَدَمُ قَصْدِهِ رُكْنَهَا وَلَا
تَشْرِيكُهُ مَعَ غَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا تَحْدِيدَ الرُّكْبَةِ
وَعَرَّفَهَا فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ مُوَصِّلٌ مَا بَيْنَ أَسَافِلِ
أَطْرَافِ الْفَخِذِ وَأَعَالِي السَّاقِ انْتَهَى. وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي
فِي الثَّامِنِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الْمُنْحَدَرِ عَنْ
آخِرِ الْفَخِذِ إلَى أَوَّلِ أَعْلَى السَّاقِ وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُمْ
اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ الْعُرْفَ لِبُعْدِ تَقْيِيدِ الْأَحْكَامِ
بِحَدِّهَا اللُّغَوِيِّ لِقِلَّتِهِ جِدًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادُوا
بِالْمُوَصِّلِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَهُوَ قَرِيبٌ ثُمَّ رَأَيْت الصِّحَاحَ
قَالَ وَالرُّكْبَةُ مَعْرُوفَةٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى
الْعُرْفِ وَالْكَلَامَ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْقَامُوسَ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ
اعْتَمَدَ فِي حَدِّهِ لَهَا بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَهُ
الْخُرُوجُ عَنْ اللُّغَةِ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ
التَّقْرِيرِ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَبَاطِنِ كَفَّيْهِ) وَهُوَ كُلُّ مَا نَقَضَ الْوُضُوءَ حَتَّى
بَطْنِ الْإِبْهَامِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ) سَمَّى كُلَّ وَاحِدٍ عَظْمًا
بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى عِظَامٍ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْجُمْلَةِ بِاسْمِ
بَعْضِهَا اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَطْرَافُ الْقَدَمَيْنِ) أَيْ: وَمِنْ لَازِمِهِ
الِاعْتِمَادُ عَلَى بُطُونِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ
هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ: غَيْرِ الْجُزْءِ
الَّذِي لَا يَتِمُّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ إلَّا بِهِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ
كَشْفُهُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ اهـ ح ل وَأَمَّا الْكَفَّانِ
وَالْقَدَمَانِ فَيُسَنُّ كَشْفُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَكْمَلِ
وَلَا يُكْرَهُ سَتْرُهُمَا كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَنْكَبِسَ) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ
يَنْدَكَّ مِنْ الْقُطْنِ مَا يَلِي جَبْهَتَهُ عُرْفًا وَإِلَّا
فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا عَدْلٌ مِنْ
الْقُطْنِ لَا يُمْكِنُ انْكِبَاسُ جَمِيعِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الرَّأْسِ
وَإِنْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ
وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ أَيْ: أَثَرُ الِانْكِبَاسِ وَهُوَ الْإِحْسَاسُ بِهِ
وَإِدْرَاكُهُ وَقَوْلُهُ فِي يَدٍ أَيْ بِيَدٍ وَالْمَعْنَى بِحَيْثُ
تُحِسُّ الْيَدُ بِالِانْكِبَاسِ وَتُدْرِكُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا
كَانَتْ تَحْتَ الْقُطْنِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ
أَثَرُهُ أَيْ: يُحِسُّ بِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ عُرْفًا لَا نَحْوَ قِنْطَارٍ
مَثَلًا وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى التِّبْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا تَوَهَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَمَحَلُّ وُجُوبِ التَّحَامُلِ فِي الْجَبْهَةِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ
بِغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ
الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا
لِلشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَرْفَعَ أَسَافِلَهُ) أَيْ: يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي
ارْتِفَاعِهَا وَعَدَمِهِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّفْعِ
مِنْ السُّجُودِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّ
الشَّكَّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُؤَثِّرٌ إلَّا بَعْضَ حُرُوفِ
الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا اهـ ع ش عَلَى م
ر.
(قَوْلُهُ أَيْ عَجِيزَتِهِ) فِي التَّعْبِيرِ بِهَا تَغْلِيبٌ فَالْعَجُزُ
لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً وَفِي
الْمُخْتَارِ الْعَجُزُ بِضَمِّ الْجِيمِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ أَيْ
بِاعْتِبَارِ عَوْدِ الضَّمِيرِ فَيُقَالُ عَجُزُهُ كَبِيرٌ أَوْ كَبِيرَةٌ
وَلَا يُقَالُ عَجِيزَتُهُ وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا
وَجَمْعُهُ أَعْجَازٌ وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً اهـ ع ش عَلَى
م ر.
(قَوْلُهُ عَلَى أَعَالِيهِ)
(1/376)
لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ
كَمَا لَوْ أَكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَ
بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا السُّجُودُ إلَّا كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ
(وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُكَبِّرَ لِهَوِيِّهِ بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ
(وَيَضَعَ رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّقَتَيْنِ) قَدْرَ شِبْرٍ (ثُمَّ كَفَّيْهِ)
مَكْشُوفَتَيْنِ (حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي
التَّكْبِيرِ الشَّيْخَانِ وَفِي عَدَمِ الرَّفْعِ الْبُخَارِيُّ وَفِي
الْبَقِيَّةِ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (نَاشِرًا أَصَابِعَهُ) مَكْشُوفَةً
(مَضْمُومَةً) لَا مُفَرَّجَةً (لِلْقِبْلَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي
النَّشْرِ وَالضَّمِّ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْأَخِيرِ الْبَيْهَقِيُّ
(ثُمَّ) يَضَعُ (جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) مَكْشُوفًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَيَضَعُهُمَا مَعًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي
الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُمَا كَعُضْوٍ
وَاحِدٍ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ (وَ) أَنْ (يُفَرَّقَ قَدَمَيْهِ)
بِقَدْرِ شِبْرٍ مُوَجِّهًا أَصَابِعَهُمَا لِلْقِبْلَةِ (وَيُبْرِزَهُمَا
مِنْ ذَيْلِهِ) مَكْشُوفَتَيْنِ حَيْثُ لَا خُفَّ وَقَوْلِي وَيُفَرَّقَ
إلَخْ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) أَنْ (يُجَافِيَ الرَّجُلُ فِيهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَهِيَ الرَّأْسُ وَالْمَنْكِبَانِ وَالْكَفَّانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
فَلَوْ نَكَّسَ رَأْسَهُ وَمَنْكِبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى عَالٍ
بِحَيْثُ تُسَاوِي الْأَسَافِلَ ضَرَّ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.
(تَنْبِيهٌ) الْيَدَانِ مِنْ الْأَعَالِي كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّ
الْأَسَافِلِ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ رَفْعُهَا عَلَى الْيَدَيْنِ أَيْضًا
اهـ حَجّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ فِي صُورَةِ التَّسَاوِي
وَقِيلَ يَكْفِي كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ اهـ شَيْخُنَا وَعِبَارَتُهُ
وَأَنْ يَرْفَعَ أَسَافِلَهُ عَلَى أَعَالِيهِ فِي الْأَصَحِّ انْتَهَتْ
قَالَ م ر وَالثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ تَجُوزُ
مُسَاوَاتُهُمَا لِحُصُولِ اسْمِ السُّجُودِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَمْ يُجْزِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَلَمْ
يَتَمَكَّنْ مِنْ ارْتِفَاعِ ذَلِكَ لِمَيْلِهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ
حَالِهِ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِنُدْرَتِهِ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ
عَلَيْهِ بَعْضُ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ إتْمَامُ بَعْضِ الْأَرْكَانِ
وَلَيْسَ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ) أَيْ الْمُسْتَكْمِلِ لِلشُّرُوطِ
فَلَا يُنَافِي مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ مُسَمَّى
السُّجُودِ وَضْعُ الْجَبْهَةِ فَقَطْ وَالْبَقِيَّةُ شُرُوطٌ اهـ
شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ إلَّا كَذَلِكَ) أَيْ: لَا مُنْعَكِسًا أَوْ مُتَسَاوِيًا أَوْ
مُنْكَبًّا وَقَوْلُهُ أَجْزَأَهُ أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ
شَفَى بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا
يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ
التَّيَمُّمَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْعِصَابَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر
وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ إلَّا بِوَضْعِ وِسَادَةٍ مَثَلًا وَجَبَ
وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا إنْ حَصَّلَ مِنْهُ التَّنْكِيسَ
وَإِلَّا سُنَّ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ
وَمِثْلُهُ الْحُبْلَى وَمَنْ بَطْنُهُ كَبِيرٌ أَوْ ظَهْرُهُ كَذَلِكَ
وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاعْتِمَادُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ؛
لِأَنَّهُ يَأْتِي مَعَهُ بِهَيْئَةِ الْقِيَامِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَا
يَأْتِي بِهَيْئَةِ السُّجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَنْ يُكَبِّرَ لِهَوِيِّهِ) أَيْ: أَنْ يَبْتَدِئَ التَّكْبِيرَ
مَعَ ابْتِدَاءِ الْهَوِيِّ وَكَذَا سَائِرُ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى
جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَيَمُدَّهُ إلَى سُجُودِهِ بِحَيْثُ لَا
يَتَجَاوَزُ سَبْعَ أَلِفَاتٍ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْهَوِيِّ أَوْ
كَبَّرَ مُعْتَدِلًا أَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُرِهَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ
السُّنَّةِ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّقَتَيْنِ) أَيْ: سَوَاءٌ صَلَّى
قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ كَفَّيْهِ إلَخْ) وَتَرْكُهُ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ
مَكْرُوهٌ وَكَذَا عَدَمُ وَضْعِ الْأَنْفِ وَيُسَنُّ رَفْعُ ذِرَاعَيْهِ
عَنْ الْأَرْضِ مُعْتَمِدًا عَلَى رَاحَتَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ
مُسْلِمٍ وَيُكْرَهُ بَسْطُهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ نَعَمْ لَوْ طَالَ
سُجُودُهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى كَفَّيْهِ وَضَعَ
سَاعِدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِحَدِيثٍ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
اهـ شَرْح م ر.
(قَوْلُهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُقَابِلَهُمَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِلْقِبْلَةِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَأَنْ يَنْشُرَ أَصَابِعَ
يَدَيْهِ لِلْقِبْلَةِ مَضْمُومَةً مَكْشُوفَةً مُعْتَمِدَةً وَكَذَا فِي
الْجِلْسَاتِ زَادَ فِي الرَّوْضِ وَيَفْرُقَهَا قَصْدًا أَيْ: وَسَطًا فِي
بَاقِي الصَّلَاةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ أَمْكَنَ فِيهِ كَذَا فِي
الْأَصْلِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُفَرِّجُهَا حَالَةَ
الْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ فَيُسْتَثْنَيَانِ مِنْ ذَلِكَ
اهـ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَأَنْفُهُ) مُفْرَدٌ يُجْمَعُ عَلَى آنُفٍ وَآنَافٍ وَأُنُوفٍ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَفْرُقَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ
وَسُكُونِ الْفَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ
هَذَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ بَلْ يَصِحُّ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الْفَاءِ
وَكَسْرُ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً وَفِي الْمِصْبَاحِ فَرَّقْت بَيْنَ
الشَّيْئَيْنِ فَرْقًا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَصَلْتهمَا وَفَرَّقْت بَيْنَ
الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَصَلْت أَيْضًا هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ
وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَبِهَا قَرَأَ بَعْضُ التَّابِعِينَ،
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فَرَقْت بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُخَفَّفًا
فَافْتَرَقَا وَفَرَّقْت بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ مُثْقَلًا فَتَفَرَّقَا
فَجَعَلَ الْمُخَفَّفَ فِي الْمَعَانِي وَالْمُثْقَلَ فِي الْأَعْيَانِ
وَاَلَّذِي حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَالتَّثْقِيلُ
مُبَالَغَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ قَدَمَيْهِ) أَيْ: فِي الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ وَيُسَنُّ
تَفْرِيقُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ إنْ أَمْكَنَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ حَيْثُ لَا خُفَّ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ مَكْشُوفَتَيْنِ،
وَأَمَّا إبْرَازُهُمَا مِنْ ذَيْلِهِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ وُجُودِ
الْخُفِّ وَعَدَمِهِ فَيُسَنُّ إبْرَازُهُمَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ
هُنَاكَ خُفٌّ أَوْ لَا؟ وَالْمُرَادُ الْخُفُّ الشَّرْعِيُّ، وَأَمَّا
الَّذِي لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَكَذَا لَا
يَكْشِفُهُمَا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ كَبَرْدٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ
الْعَلَّامَةِ الْحَلَبِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ
الْبَابِلِيُّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الشبراملسي وَلَا يُكْرَهُ
سَتْرُهُمَا كَالْكَفَّيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُجَافِيَ الرَّجُلُ) أَيْ: غَيْرَ الْعَارِي أَمَّا
الْعَارِي فَالْأَفْضَلُ لَهُ الضَّمُّ وَعَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ
الْقَدَمَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ كَانَ خَالِيًا اهـ ح ل
وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ عَامٌّ فِي الرَّجُلِ
وَغَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي تَفْرِيقِ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ
أَنَّهُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالرَّجُلِ هُنَا وَإِسْقَاطُهُ
فِيمَا قَبْلَهُ
(1/377)
أَيْ: فِي سُجُودِهِ (وَفِي رُكُوعِهِ)
بِأَنْ يَرْفَعَ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ
لِلِاتِّبَاعِ فِي رَفْعِ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ فِي السُّجُودِ
وَالْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ فِيهِ وَفِي الرُّكُوعِ رَوَاهُ فِي
الْأَوَّلِ أَبُو دَاوُد وَفِي الثَّانِي الشَّيْخَانِ وَفِي الثَّالِثِ
التِّرْمِذِيُّ وَقِيسَ بِالْأَوَّلِ رَفْعُ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ
فِي الرُّكُوعِ.
(وَيَضُمُّ غَيْرُهُ) مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ
فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَأَحْوَطُ لَهُ
وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي
جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ (وَ) أَنْ
(يَقُولَ) الْمُصَلِّي فِي سُجُودِهِ (سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى
ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ بِغَيْرِ تَثْلِيثٍ مُسْلِمٌ وَبِهِ أَبُو
دَاوُد (وَ) أَنْ (يَزِيدَ مَنْ مَرَّ) وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ
مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ وَذِكْرُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي
(اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت إلَخْ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَبِك
آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ
وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ أَيْ: مُنْفِذَهُمَا تَبَارَكَ اللَّهُ
أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ فِي
الرَّوْضَةِ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ قَبْلَ تَبَارَكَ اللَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى يَفْرُقَانِ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ
وَالرُّكْبَتَيْنِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ فِي بَيَانِ قَوْلِ
الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ:
الْمِرْفَقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ لَكِنْ قَيَّدَ الرَّمْلِيُّ تَفْرِيقَ
الرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ بِالذِّكْرِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْ فِي سُجُودِهِ) الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ يَخِفُّ بِهِ
اعْتِمَادُهُ عَنْ وَجْهِهِ وَلَا يَتَأَثَّرُ أَنْفُهُ وَلَا جَبْهَتُهُ
وَلَا يَتَأَذَّى بِمُلَاقَاةِ الْأَرْضِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ
غَيْرُهُ: هُوَ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي تَمْكِينِ
الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنْ الْأَرْضِ مَعَ مُغَايَرَتِهِ لِهَيْئَةِ
الْكَسْلَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يَظْهَرَ كُلُّ
عُضْوٍ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ الْإِنْسَانُ الْوَاحِدُ كَأَنَّهُ
عَدَدٌ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلُّ عُضْوٍ بِنَفْسِهِ وَلَا
يَعْتَمِدَ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ عَلَى بَعْضٍ فِي سُجُودِهِ وَهَذَا ضِدُّ
مَا وَرَدَ فِي الصُّفُوفِ مِنْ الْتِصَاقِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ
الْمَقْصُودَ هُنَاكَ إظْهَارُ الِاتِّحَادِ بَيْنَ الْمُصَلِّينَ حَتَّى
كَأَنَّهُمْ وَاحِدٌ اهـ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَضُمُّ غَيْرَهُ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُمَا يَضَعَانِ
بَطْنَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِمَا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فِي
تَفْسِيرِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَيْ: الْمِرْفَقَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ
بِالْمِرْفَقَيْنِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ؛
إذْ لَا يَتَأَتَّى الضَّمُّ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي الْمِرْفَقَيْنِ
فَتَدَبَّرْ اهـ سم اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا، وَأَمَّا
قَوْلُهُمْ: إنَّهَا تُفْتَحُ لِئَلَّا يَتَوَالَى كَسْرَتَانِ فَمَحْمُولٌ
عَلَى مَا إذَا وَلِيَهَا أَلْ نَحْوُ مِنْ الرَّسُولِ وَأَمَّا إذَا لَمْ
يَلِهَا أَلْ فَيَجُوزُ الْوَجْهَانِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ الْمُصَلِّي إلَخْ) ذَكَرَ لَفْظَ الْمُصَلِّي
لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الرَّجُلِ لِتَقَدُّمِهِ فِي
الْمَتْنِ قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ بَيَانِ الْفَاعِلِ
فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَفْعَالِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) وَالْأَوْلَى زِيَادَةُ
وَبِحَمْدِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَعْلَى
بِالسُّجُودِ وَالْعَظِيمَ بِالرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى أَفْعَلُ
تَفْضِيلٍ وَالسُّجُودُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ فَجَعَلَ الْأَبْلَغَ
مَعَ الْأَبْلَغِ أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْبُعْدِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى
بِانْخِفَاضِهِ.
(فَائِدَةٌ) مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ ثَلَاثًا
هَذَا أَدْنَى الْكَمَالِ وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ وَأَقَلُّهُ
مَرَّةٌ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ وَيَزِيدُ مَنْ مَرَّ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت إلَخْ) وَيُسَنُّ
أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي اهـ مِنْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ إلَخْ) أَمَّا إمَامُ غَيْرِ
الْمَحْصُورِينَ فَلَا يَزِيدُ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَأْتِي
بِمَا يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر وَفِي ق ل
عَلَى الْجَلَالِ وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ
تَخَلُّفٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِك آمَنْت) فَإِنْ قِيلَ يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ الْإِيمَانُ
بِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِمْ كَالْأَنْبِيَاءِ
وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْإِيمَانَ بِمَا
أَوْجَبَهُ إيمَانٌ بِهِ أَوْ الْمُرَادُ الْحَصْرُ الْإِضَافِيُّ
بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ سَجَدَ
الْفَانِي لِلْبَاقِي لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ
الْمَقْصُودَ بِهِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى خِلَافًا لِمَنْ
قَالَ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ سَجَدَ وَجْهِي) أَيْ: وَكُلُّ بَدَنِي وَخَصَّ الْوَجْهَ
بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ أَعْضَاءِ السَّاجِدِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ
وَتَعْظِيمُهُ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ خَضَعَ بَاقِي جَوَارِحُهُ وَلَوْ
قَالَ: سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَوْ تُبْت إلَى اللَّهِ لَمْ
يَضُرَّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ بَعْدَ قَوْلِ
الْإِمَامِ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الدُّعَاءِ
وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ فِي بَابِ
شُرُوطِ الصَّلَاةِ " إنَّ التَّشْرِيكَ يَضُرُّ " وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَصَوَّرَهُ) أَيْ: عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ
الْبَدِيعَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَهُّمُ أَنَّهُ خَلَقَ مَادَّةَ
الْوَجْهِ دُونَ صُورَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَصَوَّرَهُ) أَيْ: جَعَلَهُ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ
الْعَجِيبِ فَهُوَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ الْإِخْرَاجُ مِنْ
الْعَدَمِ وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ أَيْ تَنَزَّهَ عَنْ النَّقَائِصِ
وَقَوْلُهُ الْخَالِقِينَ أَيْ: الْمُصَوِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ
الْحَقِيقِيَّ لَيْسَ إلَّا لَهُ تَعَالَى أَوْ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ
لَيْسَ عَلَى بَابِهِ لِاقْتِضَائِهِ الْمُشَارَكَةَ فِي الْخَلْقِ وَهِيَ
مُنْتَفِيَةٌ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْ مُنَفِّذُهُمَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ السَّمْعَ
وَالْبَصَرَ مَعْنَيَانِ مِنْ الْمَعَانِي لَا يَتَأَتَّى شَقُّهُمَا اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ تَبَارَكَ اللَّهُ إلَخْ) تَبَارَكَ فِعْلٌ لَا يُسْتَعْمَلُ
إلَّا مَعَ الرِّضَا وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ
تَفَاعُلٌ مِنْ الْبَرَكَةِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَيْ: بَارَكَ مِثْلَ قَاتَلَ
وَتَقَاتَلَ إلَّا أَنَّ فَاعَلَ يَتَعَدَّى وَتَفَاعَلَ لَا يَتَعَدَّى،
وَيُقَالُ: بَارَكَ اللَّهُ فِيك وَعَلَيْك وَبَارَكَك وَمِنْهُ {أَنْ
بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} [النمل: 8] اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيُسْتَحَبُّ فِي
السُّجُودِ أَيْضًا سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ،
وَكَذَا " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ
أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ
بِرِضَاك
(1/378)
(وَ) أَنْ يَزِيدَ مَنْ مَرَّ (الدُّعَاءَ
فِيهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ
وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» أَيْ فِي سُجُودِكُمْ
وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي فِي هَذَا.
(وَ) ثَامِنُهَا (جُلُوسٌ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ
(بِطُمَأْنِينَةٍ) لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ (وَلَا يُطَوِّلُهُ وَلَا
الِاعْتِدَالُ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا بَلْ
لِلْفَصْلِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ
(وَسُنَّ) لَهُ (أَنْ يُكَبِّرَ) مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ سُجُودِهِ
بِلَا رَفْعٍ لِيَدَيْهِ (وَ) أَنْ (يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا) كَمَا سَيَأْتِي
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك عَنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي
ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك " وَمِنْهُ " سَجَدَ
لَك سَوَادِي وَخَيَالِي وَآمَنَ بِك فُؤَادِي أَبُوءُ بِنِعْمَتِك عَلَيَّ
هَذِهِ يَدِي وَمَا جَنَيْت بِهَا عَلَى نَفْسِي يَا عَظِيمُ يُرْجَى
لِكُلِّ عَظِيمٍ " وَمِنْهُ " أَعْطِ رَبِّ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا
أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا " وَيَأْتِي
الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ بِقَدْرِ رُكْنٍ
فِيمَا يَظْهَرُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَكَتَبَ
عَلَيْهِ ع ش.
قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ أَيْ أَنْتَ مُنَزَّهٌ عَنْ
سَائِرِ النَّقَائِصِ أَبْلَغَ تَنْزِيهٍ وَمُتَطَهِّرٌ عَنْهَا أَبْلَغَ
تَطْهِيرٍ وَلَعَلَّهُ يَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ
بِالتَّسْبِيحِ بَلْ هُوَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ
وَالرُّوحِ الْمُرَادُ بِالرُّوحِ جِبْرِيلُ وَقِيلَ مَلَكٌ لَهُ أَلْفُ
رَأْسٍ لِكُلِّ رَأْسٍ مِائَةُ أَلْفِ وَجْهٍ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِائَةُ
أَلْفِ فَمٍ فِي كُلِّ فَمٍ مِائَةُ أَلْفِ لِسَانٍ كُلُّ لِسَانٍ
يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَقِيلَ خَلْقٌ مِنْ
الْمَلَائِكَةِ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ وَلَا تَرَاهُمْ فَهُمْ
لِلْمَلَائِكَةِ كَالْمَلَائِكَةِ لِبَنِي آدَمَ اهـ دَمِيرِيٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ فِيهِ) أَيْ: السُّجُودِ وَتَخْصِيصُ الرَّافِعِيِّ
وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ بِالسُّجُودِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي
الرُّكُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي السُّجُودِ آكَدُ اهـ شَرْحُ م
ر.
(قَوْلُهُ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَخْ) أَقْرَبُ مَا يَكُونُ
مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ لِسَدِّ الْحَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ
سَاجِدٌ مَسَدَّهُ أَيْ: أَقْرَبُ أَكْوَانِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ
حَاصِلٌ إذَا كَانَ إلَخْ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ أَخْطَبُ مَا يَكُونُ
الْأَمِيرُ قَائِمًا إلَّا أَنَّ الْحَالَ ثَمَّةَ مُفْرَدَةٌ وَهُنَا
جُمْلَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالْوَاوِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ خَطَأُ مَنْ زَعَمَ
أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ
قَوْلِهِ أَقْرَبُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ: فِي سُجُودِكُمْ) تَتِمَّتُهُ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ
لَكُمْ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ فَتْحِهَا
بِمَعْنَى حَقِيقٌ وَفِي النِّهَايَةِ مَنْ فَتَحَ فَهُوَ مَصْدَرٌ وَمَنْ
كَسَرَ فَهُوَ وَصْفٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الدُّعَاءُ
سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَعِمَادُ الدِّينِ وَنُورُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ» وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْبَلَاءَ
لَيَنْزِلُ فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ» وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
«مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبُ عَلَيْهِ» وَأَنْشَدُوا
اللَّهُ يَغْضَبُ إنْ تَرَكْت سُؤَالَهُ ... وَبَنِي آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ
يَغْضَبُ
وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى
بِعَظِيمٍ مِنْ خَلْقِهِ كَالنَّبِيِّ وَالْمَلِكِ وَالْوَلِيِّ فَأَجَابَ
بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ ذَلِكَ لِلْمَأْمُومِ
إذَا أَطَالَ إمَامُهُ السُّجُودَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَفْلٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا
هُوَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي النَّفْلِ وَأَنَّ
الطُّمَأْنِينَةَ فِيهِ لَا خِلَافَ فِيهَا وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْعُبَابِ
عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فِيهَا خِلَافٌ فِي
النَّافِلَةِ وَأَنَّ الْجُلُوسَ فِي النَّافِلَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي
الِاعْتِدَالِ عَنْ ع ش عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّ كُلًّا مِنْ
الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَيْسَ رُكْنًا فِي
النَّفْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُطَوِّلُهُ وَلَا الِاعْتِدَالُ) الْمُرَادُ بِالطُّولِ
الْمُبْطِلِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الِاعْتِدَالِ
بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَأَنْ يَزِيدَ عَلَى الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي
الْجُلُوسِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ أَيْ بِقَدْرِ أَلْفَاظِهِ الْوَاجِبَةِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ فَإِنْ طَوَّلَ أَحَدُهُمَا فَوْقَ ذِكْرِهِ الْمَشْرُوعِ
فِيهِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ فِي الِاعْتِدَالِ وَأَقَلِّ التَّشَهُّدِ فِي
الْجُلُوسِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَتْ. وَقَرَّرَهُ
شَيْخُنَا ح ف وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ
السَّهْوِ أَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ الْمُبْطِلَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ
الْفَاتِحَةَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ فَأَكْثَرُ زِيَادَةً عَلَى مَا
يُطْلَبُ لِذَلِكَ الْمُصَلِّي عِنْدَ حَجّ وَشَيْخِنَا م ر وَعَلَى مَا
يُطْلَبُ لِلْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَتَطْوِيلُ
الْجُلُوسِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ التَّشَهُّدَ الْوَاجِبَ زِيَادَةٌ عَلَى
مَا ذُكِرَ اهـ وَسَيَأْتِي إيضَاحُ هَذَا الْمَحَلِّ فِيمَا كَتَبْنَاهُ
فِي سُجُودِ السَّهْوِ.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ
كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ
وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الِاعْتِدَالِ فِي غَيْرِ الِاعْتِدَالِ
الْأَخِيرِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لِوُرُودِ تَطْوِيلِهِ فِي
الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ النَّازِلَةُ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يُكَبِّرَ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَأَكْمَلَهُ كَمَا
قَالَ فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَمْ
يَخْتَلِفْ بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ وَهَذِهِ سُنَنٌ فِيهِ بِخِلَافِ
مَا قَبْلَهُ فَإِنْ وَضَعَ الْأَعْضَاءَ مِنْ مُسَمَّى السُّجُودِ فَهُوَ
يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ تَقَدُّمِ وَضْعِهَا وَتَأَخُّرِهِ فَنَاسَبَ أَنْ
يُجْعَلَ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْمَلُ وَمِثْلُهُ الرُّكُوعُ فَلْيُتَأَمَّلْ
لِكَاتِبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ
(1/379)
الْأَوَّلِ الشَّيْخَانِ وَفِي الثَّانِي
التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَاضِعًا كَفَّيْهِ) عَلَى
فَخِذَيْهِ (قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ) بِحَيْثُ تَسَامَتْهُمَا رُءُوسُ
الْأَصَابِعِ (نَاشِرًا أَصَابِعَهُ) مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ كَمَا فِي
السُّجُودِ (قَائِلًا رَبِّ اغْفِرْ لِي إلَخْ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي
الْأَصْلِ وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي
وَعَافِنِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِيَهُ ابْنُ
مَاجَهْ.
(وَ) سُنَّ (بَعْدَ) سَجْدَةٍ (ثَانِيَةٍ) لَا بَعْدَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ
(يَقُومُ عَنْهَا) بِأَنْ لَا يَعْقُبَهَا تَشَهُّدٌ (جِلْسَةٌ خَفِيفَةٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَتَكُونُ بُطُونُ أَطْرَافِ أَصَابِعِ
قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْعَاءِ
الْمُسْتَحَبِّ هُنَا فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ الْمَفْضُولُ وَهُوَ
هَذَا الْإِقْعَاءُ مُسْتَحَبًّا وَمَطْلُوبًا؟ قُلْنَا: لَا مَانِعَ مِنْ
ذَلِكَ وَسَيَأْتِي لَهُ نَظِيرٌ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ حُضُورِ مَنْ لَا
يُشْتَهَى مِنْ النِّسَاءِ الْمَسْجِدَ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهَا بَيْتُهَا
اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي التِّرْمِذِيُّ) الثَّانِي هُوَ قَوْلُ
الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَجْلِسَ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُكَبِّرَ بِلَا رَفْعِ يَدَيْهِ
مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ سُجُودِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَيَجْلِسَ مُفْتَرِشًا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ اهـ بِحُرُوفِهِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ
الْأَوَّلَ هُوَ التَّكْبِيرُ وَالثَّانِيَ الْجُلُوسُ مُفْتَرِشًا اهـ ع
ش.
(قَوْلُهُ وَاضِعًا كَفَّيْهِ) أَيْ: نَدْبًا فَلَا يَضُرُّ إدَامَةُ
وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ إلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا
خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ اهـ حَجّ أَيْ فَقَالَ: إنَّ إدَامَتَهُمَا
عَلَى الْأَرْضِ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ تَسَلَّمَتْهَا رُءُوسُ الْأَصَابِعِ) وَلَا يَضُرُّ
أَيْ: فِي أَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ انْعِطَافُ رُءُوسِ
الْأَصَابِعِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَاجْبُرْنِي) أَيْ: فِي كُلِّ أَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ اغْنَنِي وَسُدَّ وُجُوهَ فَقْرِي مِنْ جَبَرَ اللَّهُ
مُصِيبَتَهُ أَيْ: رَدَّ عَلَيْهِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ
أَحْسَنَ مِنْهُ وَأَصْلُهُ مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ وَفِي الصِّحَاحِ
الْجُبْرَانُ يُغْنِي الرَّجُلَ مِنْ فَقْرٍ أَوْ يُصْلِحُ عَظْمَهُ مِنْ
كَسْرٍ فَيَكُونُ عَطْفُ اُرْزُقْنِي عَلَى اُجْبُرْنِي مِنْ عَطْفِ
الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِكَوْنِ الرِّزْقِ أَعَمَّ وَالْغِنَى أَخَصَّ
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اُرْزُقْنِي فَعَطْفُهُ مُرَادِفٌ تَأْكِيدٌ لَهُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَارْفَعْنِي) الْمُرَادُ رَفْعُ الْمَكَانَةِ أَيْ: اجْعَلْهَا
لَدَيْك رَفِيعَةً اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَارْزُقْنِي) أَيْ: أَعْطِنِي مِنْ خَزَائِنِ فَضْلِك مَا
قَسَمْته لِي فِي الْأَزَلِ حَلَالًا بِحَيْثُ لَا تُعَذِّبْنِي عَلَيْهِ
خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ أَنَّ الرِّزْقَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ شَامِلٌ
لِلْحَرَامِ وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ طَلَبَ الْحَرَامِ مِنْ اللَّهِ
تَعَالَى وَهَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ قَاتَلَ اللَّهُ مَنْ تَوَهَّمَهُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَاهْدِنِي) أَيْ أَدِمْنِي عَلَى هِدَايَتِك إلَى الْإِسْلَامِ
الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ النِّعَمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَعَافِنِي) أَيْ: ادْفَعْ عَنِّي كُلَّ مَا أَكْرَهُ مِنْ
بَلَايَا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ زَادَ فِي الْإِحْيَاءِ وَاعْفُ عَنِّي،
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ أَنْ يَزِيدَ رَبِّ
هَبْ لِي قَلْبًا تَقِيًّا نَقِيًّا مِنْ الشِّرْكِ بَرِيًّا لَا كَافِرًا
وَلَا شَقِيًّا وَفِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ
وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ رَبَّنَا
آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ يَقُومُ عَنْهَا) أَيْ: فَلَا تُسَنُّ لِلْقَاعِدِ وَيَظْهَرُ
سَنُّهَا فِي مَحَلِّ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَرْكِهِ اهـ شَرْحُ
م ر فَقَوْلُ الشَّارِحِ يَقُومُ عَنْهَا أَيْ فِي قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ
وَإِنْ خَالَفَ الْمَشْرُوعَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ جِلْسَةً خَفِيفَةً) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَقَدْرُهَا
كَالْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا
مَا لَمْ يُطِلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
ضَابِطُ الطُّولِ هُوَ الْمُبْطِلُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
هَذَا وَقَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْوَالِدُ: إنَّهَا لَا
يَبْطُلُ تَطْوِيلُهَا مُطْلَقًا اهـ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا
الطَّبَلَاوِيُّ وحج الْبُطْلَانَ اهـ سم بِاخْتِصَارٍ.
وَعِبَارَةُ ز ي وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا فَلَوْ طَوَّلَهَا لَمْ تَبْطُلْ
عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالسِّرَاجِ
الْبُلْقِينِيِّ اهـ م ر انْتَهَتْ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ الْمَأْمُومِ
لِأَجْلِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ بَلْ إتْيَانُهُ بِهَا حِينَئِذٍ سُنَّةٌ
كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ
وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ تَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ نَعَمْ لَوْ
كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا وَسَرِيعَ الْقِرَاءَةِ
بِحَيْثُ يَفُوتُهُ بَعْضُ الْفَاتِحَةِ لَوْ تَأَخَّرَ لَهَا حُرِّمَ
كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ اهـ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ إذَا قَامَ لَا
يَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ وَقِيلَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيَأْتِي
فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْمَسْبُوقِ إذَا اشْتَغَلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ
اهـ ع ش عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ كحج مَاذَا
يَفْعَلُهُ فِي يَدَيْهِ حَالَةَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ
يَضَعَهُمَا قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَيَنْشُرَ أَصَابِعَهُمَا
مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا جِلْسَةً خَفِيفَةً) وَضَابِطُهَا أَنْ لَا تَزِيدَ
عَلَى قَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِقَدْرِهِ
قَدْرُ الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِيهِ فَلَوْ طَوَّلَهَا عَنْ هَذَا الْقَدْرِ
بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ حَجّ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالرُّكْنِ
الْقَصِيرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ م ر لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ
بِالطَّوِيلِ عِنْدَهُ فَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهَا عِنْدَهُ وَلَوْ إلَى
غَيْرِ نِهَايَةٍ، ثُمَّ إنَّهُ يُسَنُّ لَهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ
يَمُدُّهَا مِنْ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ إلَى الْقِيَامِ وَمَحَلُّ
ذَلِكَ مَا لَمْ يَلْزَمْ تَطْوِيلُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ أَلِفَاتٍ
فَإِنْ لَزِمَ تَطْوِيلُهَا عَنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ
(1/380)
تُسَمَّى جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ
غَرِيبٌ وَلَوْ صَحَّ حَمْلٌ لِيُوَافِقَ غَيْرَهُ عَلَى بَيَانِ
الْجَوَازِ (وَ) مَنْ لَهُ (أَنْ يَعْتَمِدَ فِي قِيَامِهِ مِنْ سُجُودٍ
وَقُعُودٍ عَلَى كَفَّيْهِ) أَيْ بَطْنِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ
أَعْوَنُ لَهُ وَلِلِاتِّبَاعِ فِي الثَّانِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَ) تَاسِعُهَا وَعَاشِرُهَا وَحَادِي عَشْرِهَا (تَشَهُّدٌ وَصَلَاةٌ
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ
وَقُعُودٌ لَهُمَا وَلِلسَّلَامِ إنْ عَقِبَهَا سَلَامٌ) لِمَا رَوَى
الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَحِينَئِذٍ إذَا أَرَادَ تَطْوِيلَ الْجِلْسَةِ إلَى أَطْوَلَ مِنْ هَذَا
الْقَدْرِ كَبَّرَ وَاحِدَةً لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا وَاشْتَغَلَ بِذِكْرٍ
وَدُعَاءٍ إلَى أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ
لَا يُسَنُّ تَكْبِيرَتَانِ وَاحِدَةٌ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا مِنْ
السُّجُودِ وَوَاحِدَةٌ لِلِانْتِقَالِ عَنْهَا إلَى الْقِيَامِ اهـ
شَيْخُنَا ح ف وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِجِلْسَةِ
الِاسْتِرَاحَةِ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ
بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ
الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمُدَّ
التَّكْبِيرَ مِنْ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ إلَى قِيَامِهِ لَا أَنَّهُ
يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ
يَمُدَّ التَّكْبِيرَ إلَخْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَمُدَّهُ فَوْقَ سَبْعِ
أَلِفَاتٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ
لَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ
الْمَدَّ وَيُكَرِّرُ التَّكْبِيرَ بَلْ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَهُ
الْمَدُّ أَتَى بِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ
بَطِيءَ النَّهْضَةِ أَوْ أَطَالَ الْجُلُوسَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ
اشْتَغَلَ بِالْمَدِّ إلَى الِانْتِصَابِ زَادَ فِيهِ عَلَى سَبْعِ
أَلِفَاتٍ امْتَنَعَ الْمَدُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بَعْدَ فَرَاغِ
التَّكْبِيرِ الْمَشْرُوعِ بِذِكْرٍ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْقِيَامِ
وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ لَا يَشْتَغِلَ فِيهِ بِتَكْرِيرِ التَّكْبِيرِ؛
لِأَنَّهُ رُكْنٌ قَوْلِيٌّ وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى قَوْلِ اهـ ع ش
عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ تُسَمَّى جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ) وَهِيَ فَاصِلَةٌ وَقِيلَ
مِنْ الْأُولَى وَقِيلَ مِنْ الثَّانِيَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَتَظْهَرُ
فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ وَالتَّعَالِيقِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ) أَيْ: مَنْ تَرَكَ جُلُوسَ الِاسْتِرَاحَةِ
اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي قِيَامِهِ) أَيْ: وَلَوْ قَوِيًّا
وَامْرَأَةً عَلَى كَفَّيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ كَمَا
قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ يَقُومُ كَالْعَاجِنِ؛ لِأَنَّ
الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ بِهِ فِي شِدَّةِ الِاعْتِمَادِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ عَلَى كَفَّيْهِ أَيْ كَالْعَاجِزِ
بِالزَّايِ لَا كَالْعَاجِنِ بِالنُّونِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ عَلَى كَفَّيْهِ) فَإِذَا لَمْ يَأْتِ الْمُصَلِّي بِسُنَّةِ
الِاعْتِمَادِ الْمَذْكُورِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ رَفْعَ
يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ وَيَعْتَمِدَ بِهِمَا عَلَى فَخِذَيْهِ
لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى النُّهُوضِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر قُبَيْلَ بَابِ
الشُّرُوطِ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ أَوْ وَرَقَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْضِ) بَيَانٌ لِإِبْهَامِ الِاعْتِمَادِ فِي
الْمَتْنِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِالْمُرَادِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ) وَلَا يُقَدِّمُ إحْدَى رِجْلَيْهِ
إذَا نَهَضَ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَشَهُّدٌ) هُوَ تَفَعُّلٌ مِنْ الشَّهَادَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ
لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ
بِاسْمِ جُزْئِهِ وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ
وَقِيلَ قَبْلَهَا وَقِيلَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنْ عَقِبَهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا
الْقُعُودُ الْمَذْكُورُ وَفِي الْقَيْدِ تَسَمُّحٌ مِنْ حَيْثُ رُجُوعُهُ
لِقُعُودِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْقُبُهُ إلَّا السَّلَامُ
فَالْقَيْدُ فِيهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ أَوْ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ لَا
مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْقُعُودِ بِالسَّلَامِ وَفِي نُسْخَةٍ إنْ
عَقَبَهُمَا أَيْ: التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا إنْ عَقِبَهُمَا) بَابُهُ نَصَرَ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ كُنَّا) أَيْ: مَعَاشِرُ الصَّحَابَةِ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا
تَابِعِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِجِبْرِيلَ
فِيهِ فَكَانَا يَقُولَانِهِ؛ إذْ يَبْعُدُ اخْتِرَاعُ الصَّحَابَةِ
وَقَوْلُهُ نَقُولُ أَيْ: قَبْلَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ
فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ
وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ
إلَخْ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَهُوَ مَحَلُّهُ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ وَانْظُرْ هَلْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ
النَّدْبِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ؟ وَهَلْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ
التَّبَرُّعِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بِأَمْرٍ مِنْهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَهَلْ الْجُلُوسُ الَّذِي كَانُوا
يَفْعَلُونَهُ فِي الْآخَرِ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ؟ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ إلَخْ) وَقَوْلُهُ وَلَكِنْ قُولُوا
التَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ إنْ فِي الْوُجُوبِ اهـ
شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ
الْقَوْلَ السَّابِقَ لَمْ يَكُنْ مَفْرُوضًا أَصْلًا أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا
فَرْضِيَّتَهُ وَيُحْتَمَلُ تَوَجُّهُ الْفَرْضِيَّةِ إلَى أَلْفَاظِهِ
الْمَخْصُوصَةِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْأَوَّلِ كَانَ مَفْرُوضًا مَعَ
فَرْضِ الصَّلَاةِ ثُمَّ بُدِّلَتْ أَلْفَاظُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ
مُلَازَمَتِهِمْ عَلَيْهِ؛ إذْ لَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ فَرْضَ التَّشَهُّدِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ
فَرْضِ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَصَلَاةُ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ الْجُلُوسُ فِيهَا مُسْتَحَبًّا
أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ ذِكْرٍ اهـ م ر اهـ ز ي وَانْظُرْ فِي أَيِّ سَنَةٍ
فُرِضَ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ
مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ إلَخْ أَيْ: فِي السَّنَةِ
الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ
الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيِّنُ اهـ أَقُولُ وَهَذَا
(1/381)
التَّشَهُّدُ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ
قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ
السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّه هُوَ
السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» إلَخْ وَالْمُرَادُ
فَرْضُهُ فِي الْجُلُوسِ آخِرَ الصَّلَاةِ لِمَا يَأْتِي وَهُوَ مَحَلُّهُ
فَيَتْبَعُهُ فِي الْوُجُوبِ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ لِلصَّلَاةِ عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلسَّلَامِ وَوُجُوبُ
الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ
التَّشَهُّدِ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب:
56] وَبِالْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَأُولَى أَحْوَالِ
وُجُوبِهَا الصَّلَاةُ قَالُوا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا
تَجِبُ خَارِجَهَا وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْهَا التَّشَهُّدُ آخِرَهَا
فَتَجِبُ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ
الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي التَّرْتِيبِ، وَأَمَّا عَدَمُ ذِكْرِ
الثَّلَاثَةِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا
كَانَتْ مَعْلُومَةً وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ النِّيَّةَ وَالسَّلَامَ
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْقُبْهَا سَلَامٌ (فَسُنَّةٌ) فَلَا
تَجِبُ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ
رَكْعَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بَحْثٌ مِنْهُ وَلَا دَخْلَ لِلْبَحْثِ فِي مِثْلِهِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا ز
ي أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِ ذِكْرٍ قَدْ يُقَالُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا
يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذِكْرٍ أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى
عَدَمِ وُجُوبِ خُصُوصِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ ثَمَّ
ذِكْرًا غَيْرَهُ وَاجِبًا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ عَلَى عِبَادِهِ) لَيْسَ الْغَرَضُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ هَذَا
الْعِنْوَانُ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِرُتْبَةِ التَّسْلِيمِ عَلَى اللَّهِ
أَيْ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى
عِبَادِهِ أَيْ: كُنَّا نَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ
نَقُولَ: السَّلَامُ عَلَى عِبَادِهِ أَيْ قَبْلَ أَنْ نَقُولَ: السَّلَامُ
عَلَى جِبْرِيلَ إلَخْ فَقَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ
عَلَى مِيكَائِيلَ بَيَانٌ لِعِبَادِهِ وَمَعْنَى السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ
طَلَبُ سَلَامَتِهِ مِنْ النَّقَائِصِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ
السَّلَامُ أَيْ: لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ
مَعْنَى السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ السَّلَامُ الَّذِي هُوَ مِنْ
أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَالْمَعْنَى اسْمُ السَّلَامِ عَلَى فُلَانٍ
بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ السَّلَامُ عَلَى فُلَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ
الْمَلَائِكَةِ كَإِسْرَافِيلَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَا فِي
الْأَوَّلِ لِمَا يَأْتِي وَمَا يَأْتِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنْ لَمْ يَعْقُبْهُمَا سَلَامٌ فَسُنَّتَانِ
لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَالصَّارِفُ عَنْ وُجُوبِهِمَا
خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَلَمَّا قَضَى
صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ
ثُمَّ سَلَّمَ» فَدَلَّ عَدَمُ تَدَارُكِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَحَلُّهُ) أَيْ: الْجُلُوسُ الْأَخِيرُ مَحَلُّهُ أَيْ:
التَّشَهُّدُ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي قَوْلِهِ فَيَتْبَعُهُ
لِلْجُلُوسِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَيَتْبَعُهُ فِي الْوُجُوبِ) لَا يَلْزَمُ مِنْ تَبَعِيَّتِهِ
لَهُ فِي الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا مُسْتَقِلًّا بَلْ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ شُرِعَ لِلِاعْتِدَادِ بِالتَّشَهُّدِ فَمُجَرَّدُ مَا ذُكِرَ لَا
يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ مِنْ كَوْنِهِ رُكْنًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْمُرَادَ وُجُوبُهُ اسْتِقْلَالًا أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ
وَجَبَ الْجُلُوسُ بِقَدْرِهِ؛ إذْ لَوْ كَانَ وُجُوبُهُ لِلتَّشَهُّدِ
لَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) لَفْظُهُ «أَمَرَنَا اللَّهُ
تَعَالَى أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّيَ عَلَيْك إذَا نَحْنُ
صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ
عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ»
إلَخْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأُولَى أَحْوَالِ وُجُوبِهَا الصَّلَاةُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا
أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ قَالُوا: وَقَدْ أَجْمَعُوا إلَخْ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّهُ
قِيلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ فَلَا تَصِحُّ
دَعْوَى الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ
أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهَا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ
ذَلِكَ إلَّا فِي الصَّلَاةِ اهـ ع ش وَقَالَ الْعَلَّامَةُ
الْبُرُلُّسِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا فِي كُلِّ
صَلَاةٍ وَقِيلَ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَقِيلَ كُلَّمَا ذُكِرَ
وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ
الْمَالِكِيَّةِ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ بَطَّةَ مِنْ
الْحَنَابِلَةِ وَقِيلَ: فِي كُلِّ مَجْلِسٍ وَقِيلَ: فِي كُلِّ دُعَاءٍ
وَآخِرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْهَا التَّشَهُّدُ آخِرُهَا) وَجْهُ
الْمُنَاسَبَةِ اشْتِمَالُ التَّشَهُّدِ عَلَى السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ
وَالْغَالِبُ اتِّحَادُ مَحَلِّهِمَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ كَانَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ لِلتَّشَهُّدِ
اشْتِمَالَ التَّشَهُّدِ عَلَى السَّلَامِ، وَأَمَّا الِاخْتِصَاصُ
بِالتَّشَهُّدِ الْآخَرِ فَلِأَنَّهُ خَاتِمَةُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ
دُعَاءٌ وَالدُّعَاءُ إنَّمَا يَلِيقُ بِالْخَوَاتِيمِ اهـ عَمِيرَةُ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي فِي التَّرْتِيبِ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ
التَّشَهُّدِ أَعَادَهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَدَمُ ذِكْرِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: الَّتِي هِيَ
التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَالْقُعُودُ لَهُمَا وَلِلسَّلَامِ وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا أَيْ
لِكَوْنِهِمَا مَعْلُومَيْنِ لَهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ) صَرِيحٌ بِهِ وَإِنْ أَفَادَهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا
فَسُنَّةُ تَوْطِئَةٍ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إلَخْ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لَا
السُّنِّيَّةُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَ
السُّنِّيَّةِ فَلِذَلِكَ اسْتَنْتَجَهُ مِنْ الدَّلِيلِ بِقَوْلِهِ دَلَّ
عَدَمُ تَدَارُكِهِ إلَخْ وَلَعَلَّهُ تَرَكَهُ لِمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ
قَوْلِهِ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ
أَحْوَالِهِ فِعْلَهُ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى السُّنِّيَّةِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَسُنَّتَانِ
لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ انْتَهَتْ. وَقَدْ يَدُلُّ
لِلسُّنِّيَّةِ سُجُودُهُ آخِرَ الصَّلَاةِ؛ إذْ لَا مُقْتَضَى لَهُ هُنَا
إلَّا تَرْكُ التَّشَهُّدِ وَقَدْ يُقَالُ: تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِدَلِيلِ
السُّنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ نَفْيِ الْوُجُوبِ الَّذِي
أَفَادَهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ عَقِبَهَا سَلَامٌ وَمَحَلُّ الْكَلَامِ
عَلَى السُّنِّيَّةِ بِخُصُوصِهَا مَا يَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ
عِنْدَ عَدِّ الْأَبْعَاضِ اهـ ع ش وَيَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَدْ
يُقَالُ تَرَكَ إلَخْ قَوْلُهُ كَصَلَاةٍ عَلَى الْآلِ إلَخْ فَإِنَّ
غَرَضَهُ نَفْيُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ لِلْأَمْرِ
بِهِ
(1/382)
مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَلَمَّا
قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ
السَّلَامِ ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ دَلَّ عَدَمُ تَدَارُكِهِ
عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَقَوْلِي بَعْدَهُ أَوْلَى مِمَّا
ذَكَرَهُ، وَذِكْرُ الْقُعُودِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلسَّلَامِ مِنْ زِيَادَتِي (كَصَلَاةٍ
عَلَى الْآلِ) فَإِنَّهَا سُنَّةٌ (فِي) تَشَهُّدٍ (آخَرَ) لِلْأَمْرِ بِهِ
فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ دُونَ أَوَّلِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ
(وَكَيْفَ قَعَدَ) فِي قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ (جَازَ و) لَكِنْ (سُنَّ فِي)
قُعُودِ (غَيْرِ) تَشَهُّدٍ (آخَرَ لَا يَعْقُبُهُ سُجُودٌ) كَقُعُودٍ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لِلتَّشَهُّدِ
الْأَوَّلِ أَوْ لِلْآخَرِ لَكِنْ يَعْقُبُهُ سُجُودُ سَهْوٍ (افْتِرَاشٍ
بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى كَعْبِ يُسْرَاهُ) بِحَيْثُ يَلِي ظَهْرَهَا
الْأَرْضَ (وَيَنْصِبَ يُمْنَاهُ وَيَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) مِنْهَا
(لِلْقِبْلَةِ وَفِي الْآخِرَةِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْقُبُهُ سُجُودُ
(تَوَرُّكٍ وَهُوَ كَالِافْتِرَاشِ لَكِنْ يُخْرِجُ يُسْرَاهُ مِنْ جِهَةِ
يُمْنَاهُ وَيُلْصِقُ وِرْكَهُ بِالْأَرْضِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِ
ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسًا فِي الْبَقِيَّةِ،
وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِي الْأَوَّلِ
لِلْحَرَكَةِ بِبَدَنِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي وَالْحَرَكَةُ عَنْ
الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ وَتَعْبِيرِي بِ سُنَّ إلَخْ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ
وَيُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ.
(وَ) سُنَّ (أَنْ يَضَعَ فِي قُعُودِ تَشَهُّدَيْهِ يَدَيْهِ عَلَى طَرَفِ
رُكْبَتَيْهِ) بِأَنْ يَضَعَ يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ الْيُسْرَى بِحَيْثُ
تُسَامِتُهُ رُءُوسُهَا وَيَضَعَ يُمْنَاهُ عَلَى طَرَفِ الْيُمْنَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ لَا يُفِيدُ نَفْيَ الْوُجُوبِ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا الِاحْتِمَالُ
فَيَتَعَيَّنُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ) أَيْ: فَرَغَ مِمَّا يُطْلَبُ قَبْلَ
السَّلَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ
اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ فِي تَشَهُّدٍ آخَرَ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ
وَقِيلَ تَجِبُ فِيهِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ
فِي الصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ
صَاحِبِ الْفُرُوعِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فِي آخِرِ) أَيْ بَعْدَ آخِرِ فَفِي بِمَعْنَى بَعْدَ اهـ
شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ لِلْأَمْرِ بِهِ أَيْ: بِالْمَذْكُورِ مِنْ
الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ أَوْ التَّذْكِيرِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا دُعَاءً
(قَوْلُهُ دُونَ أَوَّلِ) .
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يُكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّشَهُّدِ
الْأَوَّلِ عَلَى لَفْظَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ اهـ شَرْحُ
الْبَهْجَةِ أَيْ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي
الْجُمْلَةِ اهـ ع ش وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ فِي
الْأَوَّلِ مَكْرُوهَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مُرَاعَاةً
لِلْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا فِيهِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى
الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ
عَلَى التَّخْفِيفِ وَالثَّانِي تُسَنُّ فِيهِ كَالصَّلَاةِ عَلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ؛ إذْ لَا
تَطْوِيلَ فِي ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَكَيْفَ قَعَدَ) جَازَ إنْ أَرَادَ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ
الِامْتِنَاعَ صَدَقَ بِالْوُجُوبِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ
مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ لَمْ يُصَدَّقْ بِالْمَنْدُوبِ الَّذِي أَشَارَ
إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَسُنَّ إلَخْ فَتَأَمَّلْ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ
بِالْجَوَازِ الْإِجْزَاءُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَيْفَ قَعَدَ جَازَ) أَيْ إجْمَاعًا بِمَعْنَى لَمْ
يُحَرَّمْ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الْإِقْعَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ
الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ هُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ فِي غَيْرِ آخَرَ إلَخْ) أَيْ سُنَّ لِكُلِّ مُصَلٍّ
سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَمَا سَيَأْتِي مِنْ الِافْتِرَاشِ
وَالتَّوَرُّكِ وَغَيْرِهِمَا يَجْرِي فِي الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ اهـ مِنْ ع
ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ افْتِرَاشٌ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ رِجْلَهُ تَصِيرُ
كَالْفِرَاشِ كَمَا سُمِّيَ التَّوَرُّكُ تَوَرُّكًا لِجُلُوسِهِ عَلَى
الْوَرِكِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسَنُّ
التَّوَرُّكُ مُطْلَقًا وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - يُسَنُّ الِافْتِرَاشُ مُطْلَقًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ: وَلَوْ فِي
الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي) لَا يَعْقُبُهُ سُجُودٌ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ
أَلْ لِلْعَهْدِ وَلِذَا عَرَّفَهُ وَنَكَّرَ مَا قَبْلَهُ اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيُلْصِقُ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ) أَيْ: وَرِكَهُ الْأَيْسَرَ
وَلَوْ عَجَزَ عَنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا
بِإِخْرَاجِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى مِنْ جِهَةِ الْيُسْرَى وَيُلْصِقُ
بِالْأَرْضِ وَرِكَهُ الْأَيْمَنَ هَلْ تُطْلَبُ مِنْهُ هَذِهِ
الْكَيْفِيَّةُ وَيَكُونُ هَذَا تَوَرُّكًا (قُلْت) قِيَاسُ مَا يَأْتِي
قَرِيبًا فِي قَطْعِ الْيُمْنَى أَوْ قَطْعِ مُسَبِّحَتِهَا عَدَمُ طَلَبِ
هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ
بِالْبَعْضِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر أَنَّ الِاتِّبَاعَ
إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ التَّوَرُّكِ وَفِي صُورَةِ الِافْتِرَاشِ فِي
جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَقِيَاسًا فِي الْبَاقِي
الْبَاقِي هُوَ بَقِيَّةُ الِافْتِرَاشِ لَكِنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ فِي
الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ الِافْتِرَاشُ فِي الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ
الْأَوَّلِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - تَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إلَخْ) عِبَارَةُ
شَرْحِ م ر وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْأَوَّلِ
وَالْأَخِيرِ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ
وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا رَآهُ عَلِمَ أَنَّهُ فِي أَيِّ
التَّشَهُّدَيْنِ هُوَ وَفِي التَّخْصِيصِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ
فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ وَالْحَرَكَةُ عَنْ الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ
انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: وَفِي التَّخْصِيصِ أَيْ: تَخْصِيصِ الْأَوَّلِ
بِالِافْتِرَاشِ وَالْأَخِيرِ بِالتَّوَرُّكِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إلَخْ)
قِيلَ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ فَإِنَّهُ
يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا مُحَاكَاةً لِفِعْلِ أَصْلِهِ اهـ عَمِيرَةُ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَالسُّنَّةُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ
التَّوَرُّكُ إلَّا لِمَسْبُوقٍ تَابَعَ إمَامَهُ أَوْ اسْتَخْلَفَهُ
انْتَهَتْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ
وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ لَا تَشْمَلُ تَشَهُّدَ
الْجُمُعَةِ وَالصُّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ آخِرٌ؛ لِأَنَّ الْآخِرَ
فِي كَلَامِهِ مَا قَابَلَ الْأَوَّلَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَضَعَ فِي تَشَهُّدَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ
افْتِرَاشٌ عَطْفَ مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فِي تَشَهُّدَيْهِ) التَّشَهُّدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ
عَجَزَ عَنْهُ كَانَ كَذَلِكَ وَالتَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ أَيْضًا
بَلْ تَشَهُّدَاتُهُ كَذَلِكَ وَالْقُعُودُ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا بَلْ
لَوْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا سُنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ
أَمْكَنَهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ تَسَامَتْهُ رُءُوسُهَا) وَلَا يَضُرُّ فِي أَصْلِ
السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ انْعِطَافُ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ عَلَى
الرُّكْبَتَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر
(1/383)
وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (نَاشِرًا
أَصَابِعَ يُسْرَاهُ بِضَمٍّ) بِأَنْ لَا يُفَرِّجَ بَيْنَهَا
لِتَتَوَجَّهَ كُلُّهَا إلَى الْقِبْلَةِ (قَابِضُهَا مِنْ يُمْنَاهُ إلَّا
الْمُسَبِّحَةِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ
فَيُرْسِلَهَا (وَيَرْفَعَهَا) مَعَ إمَالَتِهَا قَلِيلًا (عِنْدَ قَوْلِهِ
إلَّا اللَّهُ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ الضَّمِّ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَيُدِيمُ رَفْعَهَا وَيَقْصِدُ مِنْ ابْتِدَائِهِ
بِهَمْزَةِ إلَّا اللَّهُ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ فَيَجْمَعُ فِي
تَوْحِيدِهِ بَيْنَ اعْتِقَادِهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ (وَلَا
يُحَرِّكَهَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَوْ حَرَّكَهَا
كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ (وَالْأَفْضَلُ قَبْضُ الْإِبْهَامِ
بِجَنْبِهَا) بِأَنْ يَضَعَهَا تَحْتَهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلَوْ أَرْسَلَهَا مَعَهَا أَوْ قَبَضَهَا
فَوْقَ الْوُسْطَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ نَاشِرًا أَصَابِعَ يُسْرَاهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هَذِهِ
الْمَسْنُونَاتُ تُسَنُّ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ أَيْضًا أَوْ
لَا الْوَجْهُ نَعَمْ وَهَلْ تُسَنُّ لِلْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا إنْ
أَمْكَنَ الْوَجْهُ نَعَمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ
بِالْمَعْسُورِ وَلِلتَّشَبُّهِ بِالْقَادِرِينَ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
وَفِيهِ عَلَى حَجّ هَلْ يُطْلَبُ مَا يُمْكِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي
حَقِّ مَنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا أَوْ أَجْرَى
الْأَرْكَانَ عَلَى قَلْبِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ طَلَبُ ذَلِكَ
وَالْمُتَّجَهُ أَيْضًا وَضْعُ يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ تَحْتَ صَدْرِهِ
حَالَ قِرَاءَتِهِ فِي حَالَةِ الِاضْطِجَاعِ أَيْضًا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ بِضَمٍّ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يُفَرِّجُهَا
تَفْرِيجًا وَسَطًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لِتَتَوَجَّهَ كُلُّهَا إلَى الْقِبْلَةِ) الْمُرَادُ عَيْنُهَا
غَالِبًا فَلَا يَرِدُ ضَمُّ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَوْ مُضْطَجِعًا
أَوْ مُسْتَلْقِيًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ قَابِضُهَا مِنْ يُمْنَاهُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ م ر
وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ بَعْدَ وَضْعِهَا عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى
الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا وَكَذَا
الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ لِلِاتِّبَاعِ، وَالثَّانِي يُحَلِّقُ بَيْنَ
الْوُسْطَى وَالْإِبْهَامِ انْتَهَتْ، وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: الْفَصِيحُ
فَتْحُ صَادِ الْخِنْصَرِ اهـ عَمِيرَةُ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ
عَلَى مَا ذُكِرَ إشَارَةٌ إلَى ضَعْفِ مَا قَالَهُ الْفَارِسِيُّ وَفِي
الْقَامُوسِ الْخِنْصَرُ بِفَتْحِ الصَّادِ الْأُصْبُعُ الصُّغْرَى أَوْ
الْوُسْطَى مُؤَنَّثٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا قَابِضُهَا) أَيْ: الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ تَفْرِيجَهَا
يُخْرِجُ الْإِبْهَامَ أَيْ وَالْخِنْصَرَ عَنْ الْقِبْلَةِ أَيْ عَنْ
عَيْنِهَا وَعَنْ جِهَةِ يَمِينِ عَيْنِهَا وَيَسَارِهِ لَا يَمِينِ
الْجِهَةِ أَوْ يَسَارِهَا وَفِيمَا سَبَقَ قَالُوا: يُفَرِّجُهَا
وَالْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ جِهَتُهَا وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ
وَإِلَّا فَلَوْ صَلَّى دَاخِلَ الْبَيْتِ ضَمَّ جَمِيعَهَا مَعَ تَوَجُّهِ
الْكُلِّ لِلْقِبْلَةِ لَوْ فَرَّجَهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ إلَّا الْمُسَبِّحَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشَارُ
بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةُ
لِكَوْنِهِ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ وَخُصَّتْ
الْمُسَبِّحَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ
فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِنِيَاطِ
الْقَلْبِ أَيْ: عُرُوقِهِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالنِّيَاطُ بِالْكَسْرِ عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ
اهـ ع ش عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوُسْطَى فَإِنَّ لَهَا عِرْقًا مُتَّصِلًا
بِالذَّكَرِ وَلِذَلِكَ تُسْتَقْبَحُ الْإِشَارَةُ بِهَا وَاَلَّتِي
بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ مِنْ الْيَسَارِ لَا تُسَمَّى مُسَبِّحَةً
وَلِذَلِكَ لَا يَرْفَعُهَا إذَا عَجَزَ عَنْ رَفْعِ مُسَبِّحَةِ
الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّنْزِيهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ أَوْ سَبَّابَتُهَا
كُرِهَتْ إشَارَتُهُ بِيُسْرَاهُ لِفَوَاتِ سُنَّةِ بَسْطِهَا؛ لِأَنَّ
فِيهِ تَرْكَ سُنَّةٍ فِي مَحَلِّهَا لِأَجْلِ سُنَّةٍ فِي غَيْرِ
مَحَلِّهَا كَمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ لَا
يَأْتِي بِهِ فِي الْأَخِيرِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) هَلْ رَفْعُ
الْمُسَبِّحَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهَ خَاصٌّ بِتَشَهُّدِ
الصَّلَاةِ أَوْ يُسَنُّ رَفْعُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ
مُطْلَقًا؟ الْجَوَابُ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَفْعَالِ
الصَّلَاةِ تَعَبُّدِيَّةٌ فَلَا يُقَاسُ بِهِ خَارِجَهَا قَالَهُ حَجّ اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِالرَّفْعِ
عِنْدَ الْهَمْزَةِ مِنْ إلَّا اللَّهُ اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ عَجَزَ عَنْ
التَّشَهُّدِ وَقَعَدَ بِقَدْرِهِ سُنَّ فِي حَقِّهِ أَنْ يَرْفَعَ
مُسَبِّحَتَهُ كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُنُوتِ يُسَنُّ فِي
حَقِّهِ أَنْ يَقِفَ بِقَدْرِهِ وَأَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ وَيُدِيمُ رَفْعَهَا) أَيْ: إلَى الْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ
أَوْ إلَى السَّلَامِ أَوْ الْمُرَادُ إلَى تَمَامِ التَّسْلِيمَتَيْنِ
كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُحَرِّكُهَا لِلِاتِّبَاعِ) فَإِنْ قُلْت: قَدْ وَرَدَ
بِتَحْرِيكِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ أَخَذَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ
كَمَا وَرَدَ بِعَدَمِ تَحْرِيكِهَا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فَمَا
الْمُرَجَّحُ؟ قُلْت: مِمَّا يُرَجِّحُ الشَّافِعِيُّ فِي أَخْذِهِ
بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ التَّحْرِيكِ أَنَّهَا دَالَّةٌ
عَلَى السُّكُونِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَلَا يُحَرِّكُهَا
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقِيلَ يُحَرِّكُهَا لِلِاتِّبَاعِ
أَيْضًا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ الْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ اهـ.
وَتَقْدِيمُ الْأَوَّلِ النَّافِي عَلَى الثَّانِي الْمُثْبِتِ لِمَا قَامَ
عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) أَيْ: وَإِنْ حَرَّكَهَا ثَلَاثًا؛
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُضْوًا مُسْتَقِلًّا وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ بَلْ
قِيلَ: إنَّ تَحْرِيكَهَا مَنْدُوبٌ عِنْدَنَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) صَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ
عَلَى مَنْ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ
تَتَحَرَّكْ كَفُّهُ فَإِنْ تَحَرَّكَتْ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ
اهـ سم اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَضَعَهَا تَحْتَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ
الْإِرْشَادِ بِأَنْ يَضَعَ رَأْسَ الْإِبْهَامِ عِنْدَ أَسْفَلِهَا عَلَى
طَرَفِ الرَّاحَةِ اهـ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ
مُضَافٌ أَيْ: بِأَنْ يَضَعَ رَأْسَهَا اهـ اط ف وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ
يُسَمِّيهَا بَعْضُ الْحُسَّابِ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ وَأَكْثَرُ
الْحُسَّابِ يُسَمِّيهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ اهـ ح ل أَيْ؛ لِأَنَّ
الْإِبْهَامَ وَالْمُسَبِّحَةَ فِيهِمَا خَمْسُ عُقَدٍ وَكُلُّ عُقْدَةٍ
بِعَشَرَةٍ فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَالْأَصَابِعُ الْمَقْبُوضَةُ ثَلَاثَةٌ
فَذَلِكَ
(1/384)
أَوْ حَلَّقَ بَيْنَهُمَا بِرَأْسَيْهِمَا
أَوْ بِوَضْعِ أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ أَتَى
بِالسُّنَّةِ لَكِنْ مَا ذُكِرَ أَفْضَلُ.
(وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَرَدَ فِيهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ
اخْتَارَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا
خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ فَكَانَ يَقُولُ:
التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ
السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ وَاَلَّذِي يُسَمِّيهَا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ
يَجْعَلُ الْأَصَابِعَ الْمَقْبُوضَةَ تِسْعَةً بِالنَّظَرِ لِعُقَدِهَا؛
لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ
فِي الْمَقْبُوضَةِ هَلْ هِيَ ثَلَاثَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ أَوْ حَلَّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْإِبْهَامِ
وَالْوُسْطَى أَيْ: أَوْقَع التَّحْلِيقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَسْقَطَ
لَفْظَةَ بَيْنَ وَقَالَ أَوْ حَلَّقَهُمَا أَيْ: جَعَلَهُمَا
كَالْحَلَقَةِ كَانَ أَظْهَرَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَتَى بِالسُّنَّةِ) اُنْظُرْ أَيُّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ
أَفْضَلُ بَعْدَ الْأُولَى وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّحْلِيقَ هُوَ
الْأَفْضَلُ لِاقْتِصَارِ الرَّمْلِيِّ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ
الْأَظْهَرِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَلَا تُسْتَحَبُّ
التَّسْمِيَةُ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ فِي الْأَصَحِّ وَالْحَدِيثُ فِيهِ
ضَعِيفٌ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ إلَخْ) وَرَدَ
«أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ
الْإِسْرَاءِ لَمَّا جَاوَزَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى غَشِيَتْهُ سَحَابَةٌ
مِنْ نُورٍ فِيهَا مِنْ الْأَنْوَارِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَوَقَفَ جِبْرِيلُ
وَلَمْ يَسِرْ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: أَتَتْرُكُنِي أَسِيرُ
مُنْفَرِدًا؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ: وَمَا مِنَّا إلَّا لَهُ مَقَامٌ
مَعْلُومٌ، فَقَالَ: سِرْ مَعِي وَلَوْ خُطْوَةً فَسَارَ مَعَهُ خُطْوَةً
فَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ النُّورِ وَالْجَلَالِ وَالْهَيْبَةِ
وَصَغُرَ وَذَابَ حَتَّى صَارَ قَدْرَ الْعُصْفُورِ فَأَشَارَ عَلَى
النَّبِيِّ بِالسَّلَامِ أَيْ: بِأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى رَبِّهِ إذَا وَصَلَ
مَكَانَ الْخِطَابِ فَلَمَّا وَصَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إلَيْهِ قَالَ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ
الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى السَّلَامُ عَلَيْك
أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَأَحَبَّ
النَّبِيُّ أَنْ يَكُونَ لِعِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ نَصِيبٌ مِنْ
هَذَا الْمَقَامِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ
الصَّالِحِينَ فَقَالَ: جَمِيعُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ أَشْهَدُ أَنْ لَا
إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» هَذَا
وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ لِلنَّبِيِّ مِثْلُ مَا حَصَلَ لِجِبْرِيلَ مِنْ
الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ الطَّاقَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ مُرَادٌ وَمَطْلُوبٌ
فَأَعْطَاهُ اللَّهُ قُوَّةً وَاسْتِعْدَادًا لِتَحَمُّلِ هَذَا الْمَقَامِ
بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ لَمْ يُطِقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا
الْمَقَامَ وَلِذَلِكَ لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ عَلَى الْجَبَلِ انْدَكَّ
وَغَارَ فِي الْأَرْضِ وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا مِنْ الْجَلَالِ؛ لِأَنَّ
مُوسَى مُرِيدٌ وَطَالِبٌ وَمُحَمَّدًا مُرَادٌ وَمَطْلُوبٌ وَفَرْقٌ
كَبِيرٌ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف عِنْدَ قِرَاءَتِهِ
لِلْمِعْرَاجِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ: إذَا قُلْت السَّلَامُ عَلَيْنَا
وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَوْ سَلَّمْت عَلَى أَحَدٍ فِي
الطَّرِيقِ فَقُلْت السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَأَحْضِرْ فِي قَلْبِك كُلَّ
عَبْدٍ صَالِحٍ لِلَّهِ مِنْ عِبَادِهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
وَمَيِّتٍ وَحَيٍّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَقَامِ يَرُدُّ عَلَيْك فَلَا
يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا رُوحٌ مُطَهَّرٌ يَبْلُغُهُ سَلَامُك إلَّا
وَيَرُدُّ عَلَيْك وَهُوَ دُعَاءٌ فَيُسْتَجَابُ لَك فَتَفْلَحَ وَمَنْ
لَمْ يَبْلُغْهُ سَلَامُك مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُهَيْمِنِ فِي
جَلَالِهِ الْمُشْتَغِلِ بِهِ فَأَنْتَ قَدْ سَلَّمْت عَلَيْهِ بِهَذَا
الشُّمُولِ فَاَللَّهُ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْك وَكَفَى
بِهَذَا شَرَفًا لَك حَيْثُ سَلَّمَ عَلَيْك الْحَقُّ فَلَيْتَهُ لَمْ
يَسْمَعْ أَحَدٌ مِمَّنْ سَلَّمْت عَلَيْهِ حَتَّى يَنُوبَ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ الْكُلِّ فِي الرَّدِّ عَلَيْك اهـ مِنْ
شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اهـ ع ش
عَلَى م ر فِي الْجِهَادِ وَعِبَارَتُهُ هُنَا فَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً
وَاحِدَةً فَقَدْ ظَلَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَجَمِيعَ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ بِمَنْعِ مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنْ
السَّلَامِ عَلَيْهِمْ انْتَهَتْ.
وَذَكَرَ الْفَشْنِيُّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ وَرَدَ «أَنَّ
فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً اسْمُهَا التَّحِيَّاتُ وَعَلَيْهَا طَائِرٌ
اسْمُهُ الْمُبَارَكَاتُ وَتَحْتَهَا عَيْنٌ اسْمُهَا الطَّيِّبَاتُ
فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ نَزَلَ ذَلِكَ
الطَّائِرُ مِنْ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَانْغَمَسَ فِي تِلْكَ
الْعَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ يَنْفُضُ أَجْنِحَتَهُ
فَيَتَقَطَّرُ مِنْ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ
كُلِّ قَطْرَةٍ قَطَرَتْ مِنْهُ مَلَكًا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى
لِذَلِكَ الْعَبْدِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيُّهَا النَّبِيُّ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ مَعَ التَّشْدِيدِ
فَإِنْ تَرَكَهُمَا مَعًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا أَيُّهَا النَّبِيُّ) لَوْ صَرَّحَ بِحَرْفِ النِّدَاءِ
فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ أَفْتَى حَجّ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ
مِنْ الْعَامِدِ الْعَالِمِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ
حَرْفَيْنِ وَعُورِضَ بِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى بَلْ
هِيَ تَصْرِيحٌ بِالْمَعْنَى وَقَدْ قَالُوا: إنَّ زِيَادَةَ الْحَرْفِ لَا
تُبْطِلُ إلَّا إنْ غَيَّرَتْ الْمَعْنَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ
بَيْنَ الْحَرْفِ وَالْحَرْفَيْنِ قُلْت الَّذِي ذَكَرَهُ حَجّ فِي
التُّحْفَةِ فِي الْمُبْطِلَاتِ وَاعْتَمَدَهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ
بِذَلِكَ وَنَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى - وَرَدَّ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ الْبُطْلَانِ اهـ ح
ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ " يَا " قَبْلَ
أَيُّهَا كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي فَصْلٍ تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ
بِحَرْفَيْنِ وَعِبَارَتُهُ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ
يَا قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ
كَلَامِهِمْ هُنَا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ
الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ
لَا بُطْلَانَ بِهِ انْتَهَتْ وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا
بُطْلَانَ بِهِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا انْتَهَتْ
(1/385)
وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا
وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(وَأَقَلُّهُ) مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك
أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ: عَلَيْك
(سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) وَهُمْ
الْقَائِمُونَ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ
الْعِبَادِ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللَّهِ أَوْ) أَنَّ مُحَمَّدًا (عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) وَهُوَ
مِنْ زِيَادَتِي؛ إذْ مَا بَعْدَ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْكَلِمَاتِ
الثَّلَاثِ تَوَابِعُ لَهَا وَقَدْ سَقَطَ أُولَاهَا فِي خَبَرِ غَيْرِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي خَبَرِهِ سَلَامٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ
بِالتَّنْوِينِ وَتَعْرِيفُهُ أَوْلَى مِنْ تَنْكِيرِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي
الْأَخْبَارِ وَكَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَلِزِيَادَتِهِ
وَمُوَافَقَتِهِ سَلَامَ التَّحَلُّلِ وَالتَّحِيَّةِ مَا يُحَيَّا بِهِ
مِنْ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ وَالْقَصْدُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْخَلْقِ
وَالْمُبَارَكَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا) أَيْ الْحَاضِرِينَ مِنْ إمَامٍ
وَمَأْمُومٍ وَمَلَائِكَةٍ وَإِنْسٍ وَجِنٍّ وَقِيلَ: كُلُّ مُسْلِمٍ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ
بَيَانِ الْأَقَلِّ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مُتَعَيَّنَةٌ
فَلَا يَجُوزُ نَقْصُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا إبْدَالُ لَفْظٍ مِنْهَا
بِمُرَادِفِهِ كَأَشْهَدُ بِأَعْلَمُ وَالنَّبِيِّ بِالرَّسُولِ وَعَكْسُهُ
وَمُحَمَّدُ بِأَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ كَلِمَةٍ مِنْهُ
كَالنَّبِيِّ وَاَللَّهِ وَمُحَمَّدٍ وَالرَّسُولِ وَالرَّحْمَةِ
وَالْبَرَكَةِ بِغَيْرِهَا وَلَا أَشْهَدُ بِأَعْلَمُ وَلَا ضَمِيرَ
عَلَيْنَا بِظَاهِرٍ وَلَا إبْدَالُ حَرْفٍ مِنْهُ كَكَافِ عَلَيْك بِاسْمٍ
ظَاهِرٍ وَلَا أَلِفِ أَشْهَدُ بِنُونٍ وَلَا هَاءِ بَرَكَاتِهِ بِظَاهِرٍ
وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِي وَيَجُوزُ إبْدَالُ يَاءِ النَّبِيِّ
بِالْهَمْزِ وَيَضُرُّ إسْقَاطُهُمَا مَعًا إلَّا فِي الْوَقْفِ كَمَا
قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ، وَيَضُرُّ إسْقَاطُ تَنْوِينِ
سَلَامٍ الْمُنَكَّرِ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَا يَضُرُّ
تَنْوِينُ الْمُعَرَّفِ وَلَا زِيَادَةُ بِسْمِ اللَّهِ قَبْلَ
التَّشَهُّدِ بَلْ تُكْرَهُ فَقَطْ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ مِيمٍ فِي
عَلَيْك وَلَا يَا النِّدَاءِ قَبْلَ أَيُّهَا وَلَا وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ بَعْدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي
خَبَرٍ وَلَا زِيَادَةِ سَيِّدِنَا قَبْلَ مُحَمَّدٍ هُنَا وَفِي
الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْآتِيَةِ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعَ
سُلُوكِ الْأَدَبِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ وَزِيَادَةً، وَأَمَّا حَدِيثُ
«لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» فَبَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ،
وَاللَّحْنُ فِي إعْرَابِ التَّشَهُّدِ كَالتَّرْتِيبِ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ
التَّشَهُّدِ جَالِسًا لِكَوْنِهِ مَكْتُوبًا عَلَى رَأْسِ جِدَارٍ مَثَلًا
قَامَ لَهُ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ فِي عَكْسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ
لِلسَّلَامِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ أَيْ: فَلَا يَضُرُّ
وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّ تَرْكَ الْهَمْزِ وَالتَّشْدِيدِ مَعًا يَضُرُّ
فِي كُلٍّ مِنْ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ مِنْ الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ
وَأَنَّهُ إنْ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ اكْتَفَى بِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ بِالسَّلَامِ إنْ تَعَمَّدَهُ أَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا وَطَالَ
الْفَصْلُ اهـ.
(قَوْلُهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ) جَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ الْبَقَاءُ
الدَّائِمُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ
وَقِيلَ الْمُلْكُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَقَالَ زُهَيْرٌ
وَكُلَّمَا نَالَ الْفَتَى قَدْ نِلْته
إلَّا التَّحِيَّةَ يَعْنِي الْمُلْكَ وَهِيَ مُبْتَدَأٌ وَلِلَّهِ خَبَرٌ
عَنْهَا وَمَا بَعْدَهَا نَعْتٌ إنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ الْخَبَرَ
وَإِلَّا فَهِيَ جُمَلٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا الْعَطْفُ أَيْضًا قَالَ
شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ أَتَى بِوَاوِ الْعَطْفِ فَقَالَ
وَالتَّحِيَّاتُ هَلْ يَضُرُّ كَالتَّكْبِيرِ أَوْ لَا يَضُرُّ
كَالسَّلَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا تَضُرُّ الْوَاوُ فِي
السَّلَامِ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ مَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ
التَّكْبِيرِ حَرِّرْهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى
الْمُبَارَكَاتِ الصَّلَوَاتِ الطَّيِّبَاتِ فِي كَلَامِهِ وَفِي رِوَايَةٍ
الزَّاكِيَاتِ أَيْضًا فَإِذَا زَادَهَا لَا يَضُرُّ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ عَلَيْك) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ حَذْفِ
الْخَبَرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا) مُبْتَدَأٌ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ
كَوْنُهُ دُعَاءً أَوْ أَنَّ التَّنْوِينَ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ: سَلَامٌ
عَظِيمٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ
لَا تَجِبُ إعَادَةُ أَشْهَدُ ثَانِيًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا
جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا
لَمْ يَجِبْ فِي الْأَذَان؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ فِيهِ إفْرَادَ كُلِّ
كَلِمَةٍ بِنَفَسٍ وَذَلِكَ يُنَافِي فِي الْعَطْفِ وَأُلْحِقَتْ
الْإِقَامَةُ بِالْأَذَانِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) اعْلَمْ أَنَّ الصِّيَغَ
الْمُجْزِئَةَ بِدُونِ أَشْهَدُ ثَلَاثٌ وَيُسْتَفَادُ إجْزَاؤُهَا مَعَ
أَشْهَدُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى فَتَصِيرُ الصُّوَرُ الْمُجْزِئَةُ
سِتًّا.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَذِكْرُ
الْوَاوِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي) أَيْ: قَوْلُهُ أَوْ عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ؛ إذْ مَا بَعْدَ التَّحِيَّاتِ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ
هَذِهِ الْكَلِمَاتِ هِيَ الْأَقَلُّ وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا لَيْسَ
بِوَاجِبٍ وَقَوْلُهُ تَوَابِعُ أَيْ: بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُقَدَّرَةِ
بِدَلِيلِ التَّصْرِيحِ بِهَا فِي رِوَايَةٍ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ،
وَقَدْ سَقَطَ أُولَاهَا أَيْ: الْمُبَارَكَاتُ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ
مَا بَعْدَ الْمُبَارَكَاتِ لَمْ يَسْقُطْ فِي رِوَايَةٍ لَكِنَّ عِبَارَةَ
شَرْحِ م ر لِوُرُودِ إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ وَمَا يَلِيهَا فِي بَعْضِ
الرِّوَايَاتِ اهـ فَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ
لِكَثْرَةِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي سَقَطَتْ فِيهَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ الْجَمِيعُ التَّحِيَّاتُ مِنْ الْخَلْقِ) أَيْ مِمَّا فِيهِ
تَعْظِيمٌ شَرْعًا لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادُوا نَوْعًا
مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي الشَّرْعِ كَكَشْفِ الْعَوْرَةِ وَالطَّوَافِ
بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِنْ الْخَلْقِ) أَيْ: لِأَنَّ كُلَّ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ
الْأَرْضِ كَانَ يُحَيَّا بِتَحِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَانَتْ تَحِيَّةُ
مَلِكِ الْعَرَبِ بِالسَّلَامِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْأَكَاسِرَةِ
بِالسُّجُودِ وَتَقْبِيلِ الْأَرْضِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْفُرْسِ بِوَضْعِ
الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْحَبَشَةِ بِوَضْعِ
الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ مَعَ
(1/386)
النَّامِيَاتِ وَالصَّلَوَاتِ
الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ وَقِيلَ: الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ وَالطَّيِّبَاتُ
الصَّالِحَاتُ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِي بَابِ الْآذَانِ
مِنْ الرَّافِعِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
يَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ: وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» وَلَوْ
أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
نُظِرَ إنْ غَيَّرَ تَغْيِيرًا مُبْطِلًا لِلْمَعْنَى لَمْ يُحْسَبْ مَا
جَاءَ بِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ
الْمَعْنَى أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
(وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَآلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ) وَنَحْوِهِ
كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ دُونَ أَحْمَدَ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
السَّكِينَةِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الرُّومِ بِكَشْفِ الرَّأْسِ
وَتَنْكِيسِهَا وَتَحِيَّةُ مَلِكِ النُّوبَةِ بِجَعْلِ الْيَدَيْنِ عَلَى
الْوَجْهِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ حِمْيَرَ بِالْإِيمَاءِ بِالْأَصَابِعِ مَعَ
الدُّعَاءِ وَتَحِيَّةُ مَلِكِ الْيَمَامَةِ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى كَتِفِ
الْمُحَيَّا فَإِنْ بَالَغَ رَفَعَهَا وَوَضَعَهَا مِرَارًا فَجُمِعَتْ
إشَارَةً إلَى اخْتِصَاصِهِ تَعَالَى بِجَمِيعِهَا دُونَ غَيْرِهِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ الْمَكْتُوبَاتُ الْخَمْسُ) هَذَا التَّفْسِيرُ ظَاهِرٌ عَلَى
رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّتِي فِيهَا الْعَطْفُ أَمَّا عَلَى
رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ
الْعَاطِفِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلتَّحِيَّاتِ
لِكَوْنِهِ أَخَصَّ وَلَا بَدَلَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى نِيَّةِ طَرْحِ
الْمُبْدَلِ مِنْهُ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ
الْأَصَحَّ خِلَافُهُ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ تَشَهُّدَهُ كَتَشَهُّدِنَا
نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِهِ تَشَهُّدَ الْآذَانِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ
أَنَّهُ أَذَّنَ مَرَّةً فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَقَالَ ذَلِكَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ لَكِنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْمَوَاهِبِ وَشُرُوحِهَا أَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْأَنْوَارِ وَشَرْطُ التَّشَهُّدِ رِعَايَةُ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ
وَالتَّشْدِيدَاتِ وَالْإِعْرَابِ الْمُخِلِّ وَالْمُوَالَاةِ
وَالْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ وَإِسْمَاعُ النَّفْسِ كَالْفَاتِحَةِ اهـ
رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْأَنْوَارِ وُجُوبُ
مُرَاعَاةِ التَّشْدِيدِ هُنَا وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ وَغَيْرِهِمَا
نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ
لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ الْمُدْغَمَةَ فِي اللَّامِ فِي أَنْ لَا إلَهَ
أَبْطَلَ لِتَرْكِهِ شَدَّةً مِنْهُ نَظِيرُ مَا يُقَالُ فِي أَلْ رَحْمَنِ
بِإِظْهَارِ أَلْ فَزَعْمُ عَدَمِ إبْطَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَحْنٌ غَيْرُ
مُغَيِّرٍ لِلْمَعْنَى لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ إذْ مَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ
يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ حَرْفٍ وَالشَّدَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْحَرْفِ كَمَا
صَرَّحُوا بِهِ نَعَمْ لَا يَبْعُدُ عُذْرُ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ
لِخَفَائِهِ كَثِيرًا انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا
تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ أَظْهَرَ النُّونَ إلَخْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ
أَظْهَرَ التَّنْوِينَ الْمُدْغَمَ فِي الرَّاءِ فِي وَأَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللَّهِ أَبْطَلَ فَإِنَّ الْإِدْغَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِي
كَلِمَتَيْنِ هَذَا وَفِي كُلِّ ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِظْهَارَ فِي
مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ
الْمَعْنَى خُصُوصًا وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ الْإِظْهَارَ فِي
مِثْلِ ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ؛ إذْ مَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ فَجَوَابُهُ
أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ هُنَا حَرْفًا؛ لِأَنَّ النُّونَ الْمُظْهَرَةَ
قَامَتْ مَقَامَ الْحَرْفِ الْمُدْغَمِ فِي صُورَةِ التَّشْدِيدِ فَإِنْ
قُلْت: فَاتَتْ صِفَتُهُ، قُلْنَا: وَفَاتَتْ فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا
يُغَيِّرُ مَعَ أَنَّ مَا هُنَا رُجُوعًا لِلْأَصْلِ وَفِيهِ اسْتِقْلَالُ
الْحَرْفَيْنِ فَهُوَ يُقَابِلُ فَوَاتَ تِلْكَ الصِّفَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ إلَخْ)
وَصَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ وَسَكَتُوا عَلَيْهِ
وَفِيهِ مَا فِيهِ اهـ ز ي وَفِي الْخَطِيبِ أَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُهَا
اهـ سُلْطَانٌ.
(قَوْلُهُ مُبْطِلًا لِلْمَعْنَى) بِأَنْ قَالَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ بَلْ يَكْفُرُ
إنْ قَصَدَ الْمَعْنَى اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ: وَإِنْ أَعَادَهُ
عَلَى الصَّوَابِ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) أَيْ: فِي
الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا وَيُجْزِئُ فِيهَا مَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ
مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَاللَّحْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَانْظُرْ
لِمَ قَدَّمَ هُنَا الْأَقَلَّ وَفِي التَّشَهُّدِ قَدَّمَ الْأَكْمَلَ،
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ رَاعَى مَا قَلَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي
الْمَوْضِعَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ) لَا يُقَالُ لَمْ
يَأْتِ بِمَا فِي آيَةٍ {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
[الأحزاب: 56] إذْ فِيهَا السَّلَامُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّا
نَقُولُ: قَدْ حَصَلَ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك اهـ بِرْمَاوِيٌّ
وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش مَا نَصُّهُ وَفِي
الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ مَا نَصُّهُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى
الصَّلَاةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا السَّلَامَ
فَيُعَكِّرُ عَلَى مَنْ كَرِهَ الْإِفْرَادَ، وَنِعْمَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ
الْبَعْضُ مِنْ تَخْصِيصِ الْكَرَاهَةِ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ
الْإِفْرَادُ بِخُصُوصِهِ كَمَا هُنَا فَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ بَلْ
يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَارِدِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ سَنِّ
السَّلَامِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ
بِذَلِكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- لَكِنْ فِي حَجّ عَلَى الْإِرْشَادِ لَوْ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى
مُحَمَّدٍ أَجْزَأَ إنْ نَوَى بِهِ الدُّعَاءَ اهـ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ
الْفَرْقَ أَنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَرَدَتْ لِلْإِنْشَاءِ
فِي كَلَامِ الشَّارِعِ فِي الْقُنُوتِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي
الْإِنْشَاءِ فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَهِيَ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا وَلَمْ
يَكْثُرْ اسْتِعْمَالُهَا فِي الشَّرْعِ فِي غَيْرِهِ فَاحْتِيجَ فِي
الِاكْتِفَاءِ بِهَا إلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ وَقِيَاسُهُ إجْزَاءُ
الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى رَسُولِهِ حَيْثُ قَصَدَ بِهَا
الدُّعَاءَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أُصَلِّي
عَلَى مُحَمَّدٍ وَلَوْ قِيلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا
فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا كَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ
شَرْحِ م ر وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا تَقَرَّرَ فَيَكْفِي صَلَّى اللَّهُ
عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ عَلَى
(1/387)
عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَأَكْمَلُهَا
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» إلَخْ) أَيْ
«كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ
عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ
وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» وَفِي بَعْضِ طُرُقِ
الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَنَقَصَ عَنْهُ وَآلُ إبْرَاهِيمَ
إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا وَخَصَّ إبْرَاهِيمَ
بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
رَسُولِهِ أَوْ عَلَى النَّبِيِّ دُونَ وَعَلَيْهِ، أَمَّا الْخُطْبَةُ
فَيَكْفِي فِيهَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى الرَّسُولِ أَوْ الْمَاحِي أَوْ
الْحَاشِرِ أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ وَلَا
يُجْزِئُ ذَلِكَ هُنَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَا
يَكْفِي أَحْمَدُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْخُطْبَةِ بِأَنَّهُ
يُطْلَبُ هُنَا مَزِيدُ الِاحْتِيَاطِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ هُنَا مَا فِيهِ
نَوْعُ إيهَامٍ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهَا أَوْسَعُ مِنْ الصَّلَاةِ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالْآلِ
وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ لَمْ تَزِدْ فِي الْأَكْمَلِ
وَاَلَّذِي زَادَ إنَّمَا هُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فَلَمْ يَظْهَرْ
أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَهَا أَقَلُّ وَلَهَا أَكْمَلُ اهـ لِكَاتِبِهِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقَلَّ كَمَا هُنَا
وَالزِّيَادَةُ إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ سُنَّةٌ فِي الْآخَرِ انْتَهَتْ،
وَهِيَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ هُنَا وَأَكْمَلُهَا إلَخْ اهـ
لَكِنْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا
نَصُّهُ وَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ
الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا
صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى
مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ
وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ
فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ ع ش م ر وَالْأَفْضَلُ
الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ السِّيَادَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ ظَهِيرَةَ
وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ
الْإِتْيَانَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ وَزِيَادَةُ الْأَخْبَارِ بِالْوَاقِعِ
الَّذِي هُوَ أَدَبٌ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي
أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي
الصَّلَاةِ» فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ
فِيهِ الْإِتْيَانَ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا سَنُّ الْإِتْيَانِ
بِالسِّيَادَةِ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ
تَعْظِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَصْفِ السِّيَادَةِ
حَيْثُ ذُكِرَ لَا يُقَالُ لَمْ يُرِدْ وَصْفَهُ بِالسِّيَادَةِ فِي
الْآذَانِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَذَلِكَ هُنَا وَإِنَّمَا طَلَبَ وَصْفَهُ
بِهَا لِلتَّشْرِيفِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ
الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ
ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ) التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ
لِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ لَا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ
أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ فَكَيْفَ تُشْبِهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ
بِالصَّلَاةِ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ التَّشْبِيهُ عَائِدٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ لَا
لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ:
إنَّهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ الدُّعَاءِ أَوْ الْكَيْفِيَّةُ وَلِذَلِكَ
قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ
التَّشْبِيهَ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِأَصْلِ الصَّلَاةِ أَوْ الْمَجْمُوعِ
بِالْمَجْمُوعِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ وَقِيلَ
لِإِفَادَةِ الْمُضَاعَفَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
دُونَ إبْرَاهِيمَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ قَبْلَهُ فِي
الْعَالَمِينَ وَلَا بَأْسَ بِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَأَوْلَادَهُمَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ
أَوْلَادُهُمَا بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ ذُرِّيَّتَهُمَا مُطْلَقًا لَكِنْ
بِالْحَمْلِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ
أَنَّهُ لَيْسَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ الْأَوْلَادِ إلَّا إسْمَاعِيلُ
وَإِسْحَاقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ أَوْلَادٌ عِدَّةٌ فَفِي شَرْحِ
الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَفِي
الرَّوْضِ الْأَنِيقِ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ سِتَّةُ أَوْلَادٍ سِوَى
إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ثُمَّ قَالَ: وَكَانُوا أَيْ: أَوْلَادُ
إبْرَاهِيمَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةُ ذُكُورٍ السِّتَّةُ
الْمَذْكُورُونَ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَخَمْسُ إنَاثٍ لَكِنَّ
عِبَارَةَ تَارِيخِ ابْنِ كَثِيرٍ ذَكَرَ أَوْلَادَ الْخَلِيلِ أَوَّلَ
مَنْ وُلِدَ لَهُ إسْمَاعِيلَ مِنْ هَاجَرَ الْقِبْطِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ
ثُمَّ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ مِنْ سَارَةَ بِنْتِ عَمِّهِ ثُمَّ تَزَوَّجَ
بَعْدَهَا قنطور ابنت يقطن الْكَنْعَانِيَّةَ فَوَلَدَتْ لَهُ سِتَّةَ
أَوْلَادٍ وَهُمْ مَدْيَانُ وَزَمْرَانُ وَسَرْجٌ بِالْجِيمِ وتغشان ونسق
وَلَمْ يُسَمِّ السَّادِسَ ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا حَجُونَ بِنْتَ
أَهْيَنَ فَوَلَدَتْ لَهُ خَمْسَةً كَيْسَانَ وَسُرُوجَ وَأُمَيْمَ
وَلُوطَانَ وَيَافِثَ هَكَذَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي التَّعْرِيفِ
وَالْإِعْلَامِ اهـ وَفِي الْقَامُوسِ وَسُرُوجٌ كَتَنُّورٍ أَخُو
إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَبُو الْعَجَمِ الَّذِينَ فِي وَسَطِ الْبِلَادِ
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ نَحْوُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ
أَوْلَادَهُ كُلَّهُمْ ذُكُورٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَخَصَّ إبْرَاهِيمَ بِالذِّكْرِ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَصُّهَا
وَإِنَّمَا خَصَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
بِذِكْرِهِ وَآلِهِ فِي الصَّلَاةِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ
نَبِيَّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَأَى لَيْلَةَ
الْمِعْرَاجِ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ وَلَمْ
يُسَلِّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أُمَّتِهِ غَيْرَ إبْرَاهِيمَ فَأَمَرَنَا
نَبِيُّنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ آخِرَ كُلِّ صَلَاةٍ
إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مُجَازَاةً لَهُ عَلَى إحْسَانِهِ الثَّانِي:
أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ جَلَسَ مَعَ
أَهْلِهِ فَبَكَى وَدَعَا فَقَالَ
(1/388)
وَالْبَرَكَةَ لَمْ تَجْتَمِعَا لِنَبِيٍّ
غَيْرِهِ قَالَ تَعَالَى {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] وَحَمِيدٌ بِمَعْنَى مَحْمُودٌ وَمَجِيدٌ
بِمَعْنَى مَاجِدٌ وَهُوَ مَنْ كَمُلَ شَرَفًا وَكَرَمًا (وَهُوَ) أَيْ:
الْأَكْمَلُ (سُنَّةٌ فِي) تَشَهُّدٍ (آخَرَ) لَا فِي أَوَّلٍ لِبِنَائِهِ
عَلَى التَّخْفِيفِ كَمَا مَرَّ (كَدُعَاءٍ) مِنْ الْمُصَلِّي بِدِينِيٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
اللَّهُمَّ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ شُيُوخِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ
فَهَبْهُ مِنِّي السَّلَامَ فَقَالَ أَهْلُ بَيْتِهِ: آمِينَ، قَالَ
إِسْحَاقُ: اللَّهُمَّ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ كُهُولِ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ فَهَبْهُ مِنِّي السَّلَامَ فَقَالُوا: آمِينَ ثُمَّ قَالَ
إسْمَاعِيلُ: اللَّهُمَّ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ شَبَابِ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ فَهَبْهُ مِنِّي السَّلَامَ فَقَالُوا: آمِينَ فَقَالَتْ
سَارَةُ: اللَّهُمَّ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ نِسَاءِ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ فَهَبْهُ مِنِّي السَّلَامَ فَقَالُوا: آمِينَ فَقَالَتْ هَاجَرُ
اللَّهُمَّ مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ: مِنْ الْمَوَالِي مِنْ النِّسَاءِ
وَالرِّجَالِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَهَبْهُ مِنِّي السَّلَامَ
فَقَالُوا: آمِينَ، فَلَمَّا سَبَقَ مِنْهُمْ ذَلِكَ أُمِرْنَا
بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مُجَازَاةً لَهُمْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَجْتَمِعَا لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ) أَيْ: فِي الْقُرْآنِ
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إلَخْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ: الْأَكْمَلُ أَيْ: مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَمَا قَالَهُ ح ل لَا مِنْ التَّشَهُّدِ؛ إذْ
أَكْمَلُهُ مَسْنُونٌ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا كَمَا نُقِلَ عَنْ
الزِّيَادِيِّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ
الْمُبَارَكَاتِ الصَّلَوَاتِ الطَّيِّبَاتِ سُنَّةٌ فِي التَّشَهُّدِ
الْأَوَّلِ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ سُنَّةٌ فِي آخِرِ) أَيْ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ
وَالْمَأْمُومُ وَالْإِمَامُ وَلَوْ لِمَحْصُورِينَ لَمْ يَرْضَوْا
بِالتَّطْوِيلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَدُعَاءٍ بَعْدَهُ) أَيْ: بِغَيْرِ مَحْظُورٍ وَلَا مُعَلَّقٍ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَلَوْ دَعَا بِدُعَاءٍ مَحْظُورٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
كَمَا فِي الشَّامِلِ اهـ شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِالْمَحْظُورِ الْمَكْرُوهُ
فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَلَيْسَ مِنْ
الدُّعَاءِ الْمَحْظُورِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي الْقُنُوتِ مِنْ
قَوْلِهِمْ: أَهْلِكْ اللَّهُمَّ مَنْ بَغَى عَلَيْنَا وَاعْتَدَى وَنَحْوِ
ذَلِكَ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ
فَأَشْبَهَ لَعْنَ الْفَاسِقِينَ وَالظَّالِمِينَ، وَقَدْ صَرَّحُوا
بِجَوَازِهِ فَهَذَا أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِهِ دُونَ
اللَّعْنَةِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الظَّالِمَ الْمُعْتَدِيَ
يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ خَيَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ
الْقَاصِرَةُ انْعِكَاسَ الزَّمَنِ وَأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ
عَلَى شَخْصٍ يَدْعُو لَهُ لِيَنْعَكِسَ الْحَالُ وَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُ
مِنْ إيصَالِ الضَّرَرِ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ
مُعْتَقِدًا لَهُ وَقَاصِدًا لَهُ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ أَمْ
لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْبُطْلَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ
حِينَئِذٍ دُعَاءٌ بِمُحَرَّمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ
عَلَى طَلَبِ شَيْءٍ فِي طَلَبِ ضِدِّهِ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ
كَإِطْلَاقِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا قَالَ: هُنَا اللَّهُمَّ
ارْحَمْ فُلَانًا قَاصِدًا مَا تَقَدَّمَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اللَّهُمَّ
لَا تَرْحَمُهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ،
وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ.
(فَائِدَةٌ) قَدْ يَكُونُ الدُّعَاءُ حَرَامًا وَمِنْهُ طَلَبُ مُسْتَحِيلٍ
عَقْلًا أَوْ عَادَةً إلَّا لِنَحْوِ وَلِيٍّ وَطَلَبُ نَفْيِ مَا دَلَّ
الشَّرْعُ عَلَى ثُبُوتِهِ أَوْ ثُبُوتِ مَا دَلَّ عَلَى نَفْيِهِ وَمِنْ
ذَلِكَ " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعَ ذُنُوبِهِمْ
" لِدَلَالَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ
تَعْذِيبِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِ نَحْوِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ذُنُوبَهُمْ عَلَى
الْأَوْجَهِ لِصِدْقِهِ بِغُفْرَانِ بَعْضِ الذُّنُوبِ لِلْكُلِّ أَوْ
لِلْبَعْضِ فَلَا مُنَافَاةَ فِيهِ لِلنُّصُوصِ، وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ
فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِ
وَسُوءِ الْخَاتِمَةِ وَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ
مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الظَّالِمِ الْمُتَمَرِّدِ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ،
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ سُؤَالِ الْعِصْمَةِ وَالْوَجْهِ كَمَا قَالَ
بَعْضُهُمْ: إنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّوَقِّيَ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي
وَالرَّذَائِلِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ سُؤَالُ
مَقَامِ النُّبُوَّةِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالتَّخَلُّصِ
مِنْ أَفْعَالِ السُّوءِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَيَنْبَغِي الْكَلَامُ
فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْجَوَازُ لِعَدَمِ
تَعَيُّنِهِ لِلْمَحْذُورِ وَاحْتِمَالِهِ الْوَجْهَ الْجَائِزَ، وَقَدْ
يَكُونُ كُفْرًا كَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا،
وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَمِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:
الدُّعَاءُ فِي كَنِيسَةٍ وَحَمَّامٍ وَمَحَلِّ نَجَاسَةٍ وَقَذَرٍ
وَلَعِبٍ وَمَعْصِيَةٍ كَالْأَسْوَاقِ الَّتِي يَغْلِبُ وُقُوعُ الْعُقُودِ
وَالْأَيْمَانِ الْفَاسِدَةِ فِيهَا وَالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ
مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ خَادِمِهِ وَفِي إطْلَاقِ عَدَمِ جَوَازِ
الدُّعَاءِ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَادِمِ نَظَرٌ وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ
لِلْكَافِرِ بِنَحْوِ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَالْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي
جَوَازِ التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ.
وَيَحْرُمُ لَعْنُ الْمُسْلِمِ الْمَسْتُورِ وَيَجُوزُ لَعْنُ أَصْحَابِ
الْأَوْصَافِ الْمَذْمُومَةِ كَالْفَاسِقِينَ وَالْمُصَوِّرِينَ، وَأَمَّا
لَعْنُ الْمُعَيَّنِ مِنْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ فَقَضِيَّةُ ظَوَاهِرِ
الْأَحَادِيثِ الْجَوَازُ وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إلَى تَحْرِيمِهِ إلَّا
مَنْ عُلِمَ مَوْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ وَكَالْإِنْسَانِ فِي تَحْرِيمِ
لَعْنِهِ بَقِيَّةُ الْحَيَوَانَاتِ اهـ حَجّ.
وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ كُفْرًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَمَّلَ كَوْنَهُ
كُفْرًا بَلْ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ حَرَامًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ
الْكَبِيرِ عَلَى الْوَرَقَاتِ: تَجُوزُ مَغْفِرَةُ مَا عَدَا الشِّرْكِ
لِلْكَافِرِ نَعَمْ، قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي الْجَنَائِزِ حُرْمَةُ
الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ وَقَوْلُهُ وَحَمَّامٍ قَضِيَّتُهُ
أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ فِي الْحَمَّامِ كُرِهَ لَهُ
أَدْعِيَةُ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ وَمَحَلِّ قَذَرٍ يَشْكُلُ عَلَيْهِ
طَلَبُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ
(1/389)
أَوْ دُنْيَوِيٍّ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ
(بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْآخَرِ بِمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ
الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ لِخَبَرِ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي
الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ
لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّهُ» رَوَاهُ
مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ
أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ» أَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَلَا
يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ لِمَا مَرَّ (وَمَأْثُورُهُ) أَيْ مَنْقُولُهُ
عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَفْضَلُ) مِنْ
غَيْرِهِ (وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت إلَخْ) أَيْ وَمَا
أَخَّرْت وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ
أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ
إلَّا أَنْتَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى أَيْضًا
كَالْبُخَارِيِّ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ
فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «اللَّهُمَّ إنِّي
ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ
فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بِك مِنْ الْخُبْثِ إلَخْ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ
يُقَالَ هَذَا وَنَحْوُهُ مُسْتَثْنًى فَلْيُرَاجَعْ وَأَنَّ قَوْلَهُ،
وَقَدْ يَكُونُ كُفْرًا مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِ مَغْفِرَةِ الشِّرْكِ
الْمَمْنُوعَةِ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ
يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] وَمَعَ ذَلِكَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ
بِمُجَرَّدِهِ كُفْرًا شَيْءٌ وَقَوْلُهُ وَفِي إطْلَاقِ عَدَمِ جَوَازِ
الدُّعَاءِ عَلَى الْوَلَدِ إلَخْ الْمُرَادُ جَوَازًا مُسْتَوَى
الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ
أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ وَيَنْبَغِي إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ
تَأْدِيبَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إفَادَتُهُ جَازَ كَضَرْبِهِ بَلْ
أَوْلَى وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ
التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ
تَعْظِيمِهِ وَتَخْيِيلِ أَنَّ دُعَاءَهُ مُسْتَجَابٌ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ دُنْيَوِيٌّ) أَيْ: وَلَوْ بِنَحْوِ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي
جَارِيَةً حَسْنَاءَ صِفَتُهَا كَذَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ اهـ شَرْحُ م ر
وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ
بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَرِهْته أَيْ: عَلَى
التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ بِأَنْ تَرَكَ الدُّعَاءَ
رَأْسًا اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ بِمَا اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ: مَعَ مَا اتَّصَلَ بِهِ فَالْبَاءُ
بِمَعْنَى مَعَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِنْ دِينِيٍّ
أَوْ دُنْيَوِيٍّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمُسْتَحِيلٍ عَادَةً فَإِنْ دَعَا
بِمَحْظُورٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الشَّامِلِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ فَيَدْعُوَ بِهِ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ
اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَلَا يُسَنُّ فِيهِ الدُّعَاءُ)
أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي
الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ
رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ
تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلٌ لِلْمَأْمُومِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ
الدُّعَاءُ فِيهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُوَافِقِ أَنَّهُ
لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ
لِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا أَنَّهُ لَا
يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ أَيْضًا بَلْ يُسْتَحَبُّ إلَى أَنْ يَقُومَ
إمَامُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَمَأْثُورُهُ أَفْضَلُ) أَيْ لِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ
اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ أَيْ: وَمَا أَخَّرْت) أَيْ: وَمَا وَقَعَ مِنِّي آخِرًا مِنْ
ذُنُوبِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ قَالَ
الزِّيَادِيُّ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ قَبْلَ
الْوُقُوعِ أَنْ يَغْفِرَ إذَا وَقَعَ وَإِنَّمَا الْمُسْتَحِيلُ طَلَبُ
الْمَغْفِرَةِ الْآنَ اهـ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ
الْمُرَادُ بِالتَّأَخُّرِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَقَعَ
أَيْ الْمُتَأَخِّرِ مِمَّا وَقَعَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ
الذَّنْبِ مُحَالٌ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَمَا أَسْرَفْت) أَيْ جَاوَزْت فِيهِ الْحَدَّ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ وَمِنْ عَذَابِ
الْفَقْرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ) أَيْ: نَارِ جَهَنَّمَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا) أَيْ الْحَيَاةِ بِالدُّنْيَا
وَالشَّهَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا كَتَرْكِ الْعِبَادَاتِ وَقَوْلُهُ
وَالْمَمَاتِ أَيْ: الْمَوْتِ بِنَحْوِ مَا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ أَوْ
فِتْنَةِ الْقَبْرِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) أَيْ الْكَذَّابِ
وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ
الْأَرْضَ كُلَّهَا إلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ أَوْ بِالْخَاءِ
الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَمْسُوخُ الْعَيْنِ وَاسْمُهُ صَافٍ بْنُ
صَيَّادٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ يَهُودِيٌّ يَأْتِي بَعْدَ
الْجَدْبِ الشَّدِيدِ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَمَعَهُ جَبَلَانِ
وَاحِدٌ مِنْ لَحْمٍ وَآخَرُ مِنْ خُبْزٍ وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ
وَحِمَارُهُ مَمْسُوخُ الْعَيْنِ يَضَعُ حَافِرَهُ حَيْثُ أَدْرَكَ
طَرَفَهُ وَمَعَهُ مَلَكَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرُ عَنْ
شِمَالِهِ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُ الْمَلَكُ الَّذِي عَنْ
يَمِينِهِ كَذَبْت فَيُجِيبُهُ الْمَلَكُ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ فَيَقُولُ
صَدَقْت وَلَمْ يَسْمَعْ أَحَدٌ إلَّا قَوْلَ الْمَلَكِ الَّذِي عَنْ
شِمَالِهِ صَدَقْت وَهَذِهِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَعَاذَنَا اللَّهُ
وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهَا فَمَنْ أَطَاعَهُ أَطْعَمَهُ وَأَدْخَلَهُ
جَنَّتَهُ وَمَنْ عَصَاهُ أَحْرَمَهُ وَأَدْخَلَهُ نَارَهُ فَمَنْ دَخَلَ
جَنَّتَهُ صَارَ إلَى النَّارِ لِكُفْرِهِ وَمَنْ دَخَلَ نَارَهُ صَارَ
إلَى الْجَنَّةِ لِبَقَائِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ قِيلَ وَأَوَّلُ مَنْ
يَتْبَعُهُ أَهْلُ مِصْرَ وَيَقْدُمُهُ سَبْعُونَ دَجَّالًا وَقِيلَ
سَبْعُونَ أَلْفَ دَجَّالٍ، وَجَمَعَ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ بَيْنَهُمَا
بِأَنَّ مَنْ قَالَ سَبْعِينَ يَعْنِي مِنْ الْكِبَارِ وَمَنْ قَالَ
سَبْعِينَ أَلْفًا يَعْنِي مِنْ الصِّغَارِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ ظُلْمًا كَثِيرًا) بِالْمُثَلَّثَةِ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ
وَفِي بَعْضِهَا بِالْمُوَحَّدَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا
اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ عِنْدِك) أَيْ: لَا يَقْتَضِيهَا سَبَبٌ مِنْ الْعَبْدِ
مِنْ الْعَمَلِ وَنَحْوِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ
وَالْخَتْمِ لِلْكَلَامِ فَالْغَفُورُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ اغْفِرْ لِي
وَالرَّحِيمُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ ارْحَمْنِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ
بَابِ التَّعْمِيمِ وَالتَّكْمِيلِ وَانْظُرْ إلَى هَذِهِ التَّأْكِيدَاتِ
هُنَا مِنْ كَلِمَةِ أَنْ وَضَمِيرِ الْفَصْلِ وَتَعْرِيفِ الْخَبَرِ
بِاللَّامِ وَصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فَاسْتَخْرِجْ فَوَائِدَهَا إنْ كُنْت
عَلَى ذِكْرٍ مِنْ عِلْمِ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ اهـ شَوْبَرِيٌّ
وَيُنْدَبُ التَّعْمِيمُ فِي الدُّعَاءِ لِخَبَرِ «مَا مِنْ دُعَاءٍ
أَحَبَّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ
(1/390)
(وَ) سُنَّ (أَنْ لَا يَزِيدَ إمَامٌ عَلَى
قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لَكِنَّ الْأَفْضَلَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ
كَأَصْلِهَا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا
فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ التَّطْوِيلُ
بِغَيْرِ رِضَا الْمَأْمُومِينَ وَخَرَجَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْإِمَامِ
غَيْرُهُ فَيُطِيلُ مَا أَرَادَ مَا لَمْ يَخَفْ وُقُوعَهُ بِهِ فِي سَهْوٍ
كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ فَإِنْ
لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَرِهْته وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي
مَجْمُوعِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ النَّصَّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ (وَمَنْ عَجَزَ
عَنْهُمَا أَوْ عَنْ دُعَاءٍ وَذِكْرٍ مَأْثُورَيْنِ) كَالتَّشَهُّدِ
الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ وَالْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ
وَالتَّسْبِيحَاتِ (تَرْجَمَ) عَنْهَا وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا
فِي الْمَأْثُورِ بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ الْقَادِرِ
وَيَجِبُ فِي الْوَاجِبِ التَّعَلُّمُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ
بِالسَّفَرِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ فَلَوْ
تَرْجَمَ الْقَادِرُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِينَ
بِأَنْ اخْتَرَعَ دُعَاءً أَوْ ذِكْرًا بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ
فَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ تَصْرِيحًا
فِي الْأُولَى وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِشْعَارًا فِي
الثَّانِيَةِ بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ فَتَعْبِيرِي بِالْمَأْثُورِ
أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَنْدُوبِ.
(وَ) ثَانِي عَشْرِهَا (سَلَامٌ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «تَحْرِيمُهَا
التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلِ الْعَبْدِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَغْفِرَةً
عَامَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَقَالَ وَيْحَك لَوْ
عَمَّمْت لَاسْتُجِيبَ لَك» وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ذِي الْخُوَيْصِرَةِ
التَّمِيمِيِّ فَسَمِعَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْحَمْ
مُحَمَّدًا وَلَا تُشْرِكْ مَعَنَا أَحَدًا فَضَرَبَ مَنْكِبَهُ وَقَالَ:
لَقَدْ ضَيَّقْت وَاسِعًا يَا أَخَا الْعَرَبِ عَمِّمْ عَمِّمْ فَإِنَّ
بَيْنَ الدُّعَاءِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ» وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّ «مَنْ قَالَ إذَا أَصْبَحَ اللَّهُمَّ
أَصْلِحْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ
اللَّهُمَّ ارْحَمْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَارَ مِنْ الْأَبْدَالِ» اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَزِيدَ إمَامٌ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ
وَأَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: عَلَى قَدْرِ مَا يَأْتِي بِهِ
مِنْهُمَا فَإِنْ أَطَالَهُمَا أَطَالَهُ وَإِنْ خَفَّفَهُمَا خَفَّفَهُ؛
لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا اهـ شَرْحُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ إلَخْ) اسْتِشْهَادٌ عَلَى مَحْذُوفٍ
تَقْدِيرُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ كُرِهَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ فَقَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: التَّشَهُّدِ
وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِأَنْ تَرَكَ الدُّعَاءَ رَأْسًا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَقَالَ أَيْ: فِي الْأَمْرِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ
إلَخْ هَذَا اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ آخَرَ يُفِيدُ بِهِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ
عَلَى التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكِ الدُّعَاءِ رَأْسًا مَكْرُوهٌ فَقَوْلُهُ
فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَيْ: الْمُصَلِّي عَلَى ذَلِكَ أَيْ: التَّشَهُّدِ
وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَنُقِلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ هَذِهِ عِبَارَةُ الْأُمِّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا
وَلَمْ يَأْتِ بَعْدَهُمَا بِشَيْءٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا) أَيْ: عَنْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ
عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: عَنْ
النُّطْقِ بِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا يَقْتَضِي
أَنَّ التَّشَهُّدَ لَا يَجِبُ فِيهِ بَدَلٌ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ
وَتَوَقَّفَ الشَّوْبَرِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ قَوْلَهُ
لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ إلَخْ اُنْظُرْ التَّشَهُّدَ لِمَ لَمْ يَجِبْ
بَدَلُهُ ذَكَرَ عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ اهـ وَالْجَوَابُ
أَنَّهُ وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى
رَجُلًا قَدْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ فَأَمَرَهُ بِالْبَدَلِ»
الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ «فَإِنَّهُ رَأَى رَجُلًا كَذَلِكَ
أَيْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ فَلَمْ يَأْمُرْهُ» اهـ.
وَالْجَوَابُ لِشَيْخِنَا الْجَوْهَرِيِّ.
وَعِبَارَةِ شَرْحِ م ر لَكِنْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ
التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ
انْتَهَتْ. فَأَنْتَ تَرَاهُ قَدْ أَثْبَتَ وُجُوبَ الْبَدَلِ وَفِي
الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِ
التَّشَهُّدِ وَأَحْسَنَ ذِكْرًا آخَرَ أَتَى بِهِ وَإِلَّا تَرْجَمَهُ
اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِالسَّفَرِ) أَيْ وَإِنْ طَالَ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ بِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ: غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ رَاجِعٌ
لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: الِاخْتِرَاعُ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَسَلَامٌ) قَالَ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ فِيهِ مَعْنًى
لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ ثُمَّ
أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ كَغَائِبٍ حَضَرَ وَهَلْ مَعْنَى السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ اللَّهُ الْمُتَبَادَرُ أَوْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ
سَلِمْتُمْ مِنَّا وَسَلِمْنَا مِنْكُمْ أَوْ أَنْتُمْ مِنَّا فِي سَلَامٍ
وَنَحْنُ مِنْكُمْ فِي سَلَامٍ أَوْ سَلَّمَكُمْ اللَّهُ أَوْ سَلِمْتُمْ
مِنْ الْآفَاتِ أَوْ أَنْتُمْ فِي أَمَانِ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
أَقْوَالٌ ثَمَانِيَةٌ أَصَحُّهَا الْأَوَّلُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ إسْمَاعُ
نَفْسِهِ وَمُوَالَاتُهُ وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَتَعْرِيفُهُ
وَالْخِطَابُ فِيهِ وَمِيمُ الْجَمْعِ وَيَجِبُ إيقَاعُهُ إلَى انْتِهَاءِ
مِيمِ عَلَيْكُمْ حَالَ الْقُعُودِ أَوْ بَدَلُهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ السَّلَامِ وَعَلَيْكُمْ
شَرْطٌ كَالِاحْتِرَازِ عَنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ انْتَهَتْ فَلَوْ هَمَسَ بِهِ
بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ فَتَجِبُ إعَادَتُهُ وَإِنْ
نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِمَا فَعَلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛
لِأَنَّهُ نَوَى الْخُرُوجَ قَبْلَ السَّلَامِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ
يُغَيِّرُ الْمَعْنَى قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ أَلْ
وَالتَّنْوِينِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ قَالَ وَالسَّلَامُ
عَلَيْكُمْ بِزِيَادَةِ وَاوٍ فِي أَوَّلِهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ
الزِّيَادَةَ لَمْ تُغَيِّرْ الْمَعْنَى وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وِفَاقًا
ل م ر.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ عَدَمِ كِفَايَةِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ
فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ بِأَنَّ السَّلَامَ
أَوْسَعُ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ وَلِأَنَّ التَّحَرُّمَ لَمْ
يَتَقَدَّمْهُ مَا يَصْلُحُ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّلَامِ اهـ
ع ش عَلَيْهِ أَيْضًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ
الْإِعْلَامَ وَحْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ
وَالتَّحَلُّلَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ
يَكُونَ مِنْ قُعُودٍ وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَنْ
يَأْتِيَ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا كَانَ قَادِرًا وَلَوْ قَالَ
السَّلَامُ التَّامُّ عَلَيْكُمْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ
الزِّيَادَةَ لَمْ تُغَيِّرْ الْمَعْنَى أَمَّا لَوْ قَالَ: السَّامُّ
عَلَيْكُمْ أَوْ السِّلْمُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ يَضُرُّ؛ لِأَنَّ هَذَا
نَقْصٌ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ) أَيْ: تَحْرِيمُ مَا كَانَ
(1/391)
التَّسْلِيمُ» (وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ أَوْ عَكْسُهُ) وَهُوَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ لِتَأْدِيَتِهِ
مَعْنَى مَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا
يُجْزِئُ نَحْوُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لِعَدَمِ وُرُودِهِ بَلْ هُوَ مُبْطِلٌ
إنْ تُعُمِّدَ (وَأَكْمَلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ
مَرَّتَيْنِ) مَرَّةً (يُمْنًا وَ) مَرَّةً (شِمَالًا مُلْتَفِتًا فِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
حَلَالًا قَبْلَهَا وَنَهَى عَنْهُ فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ أَيْ: حَاصِلٌ
بِسَبَبِ التَّكْبِيرِ وَتَحْلِيلُ مَا حَرَّمَ بِهَا وَيُبَاحُ خَارِجَهَا
بِالتَّسْلِيمِ أَيْ: حَاصِلٌ بِسَبَبِ التَّسْلِيمِ اهـ ع ش مَعَ
زِيَادَةٍ وَانْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ
السَّلَامَ رُكْنٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ تَسْكِينِ
الْمِيمِ مِنْ السَّلَامِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ: وَلِوُجُودِ
الصِّيغَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مَقْلُوبَةٌ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ نَحْوُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) أَيْ: عَلَى
الْأَصَحِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ جَوَازُ سَلَامٌ
عَلَيْكُمْ بِالتَّنْوِينِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ إقَامَةً لِلتَّنْوِينِ
مَقَامَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا
يُجْزِئُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ هُنَا مَعَ صِحَّةِ
الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ
يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي التَّشَهُّدِ
لِوُرُودِهِ فِيهِ وَالتَّنْوِينُ لَا يَقُومُ مَقَامَ أَلْ فِي الْعُمُومِ
وَالتَّعْرِيفِ وَغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ نَحْوَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) كَسَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامُ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْك أَوْ عَلَيْكُمَا فَإِنَّ تَعَمُّدَ
ذَلِكَ كُلِّهِ مُبْطِلٌ إلَّا مَعَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فَلَا تَبْطُلُ
بِهِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا خِطَابَ فِيهِ وَلَا يُجْزِئُهُ اهـ شَرْحُ م
ر مَعَ زِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ إلَّا مَعَ ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ أَيْ:
كَالسَّلَامِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِمْ اهـ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ أَيْ: أَوْ عَلَيْهِنَّ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ لَا يُؤَدِّي مَعْنَى
مَا وَرَدَ بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ
لَكِنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَى مَا وَرَدَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ مُبْطِلٌ إنْ تُعُمِّدَ) يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ
بِغَيْرِ الْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ اهـ شَرْحُ م ر وَالْمُرَادُ
بِالْمَعْذُورِ هُنَا مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ
بَعِيدَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ إنْ تَعَمَّدَ) أَيْ: وَخَاطَبَ أَوْ قَصَدَ الْخُرُوجَ وَلَا
يَضُرُّ تَنْوِينُهُ مَعَ التَّعْرِيفِ وَلَا زِيَادَةٌ وَلَوْ قَبْلَهُ؛
لِأَنَّهُ سَبَقَهُ شَيْءٌ يُعْطَفُ عَلَيْهِ وَفَارَقَ التَّكْبِيرَ
بِالِاحْتِيَاطِ لِلِانْعِقَادِ وَلَا زِيَادَةُ التَّامِّ أَوْ
الْأَحْسَنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَا سُكُوتٌ لَا يَقْطَعُ الْفَاتِحَةَ،
وَلَوْ قَالَ السِّلْمُ عَلَيْكُمْ بِكَسْرِ السِّينِ أَوْ فَتْحِهَا مَعَ
سُكُونِ اللَّامِ فِيهِمَا أَوْ بِفَتْحِ السِّينِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ
فَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّلَامَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ
بِمَعْنَى الصُّلْحِ وَالِانْقِيَادِ أَصَالَةً وَلَا يَكْفِي السَّامُّ
عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَوْتِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَكْمَلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) وَلَا
تُسَنُّ زِيَادَةُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمَنْصُوصِ وَهُوَ
الْمُعْتَدُّ وَإِنْ وَرَدَتْ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ
كَثِيرٌ نَدْبَهَا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) أَيْ: يَقُولُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا،
وَقَدْ تَحْرُمُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ عُرُوضِ مُنَافٍ
عَقِبَ الْأُولَى كَحَدَثٍ وَخُرُوجِ وَقْتِ جُمُعَةٍ وَتَخَرُّقِ خُفٍّ
وَنِيَّةِ إقَامَةٍ وَانْكِشَافِ عَوْرَةٍ وَسُقُوطِ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ
غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ
الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا وَمُكَمِّلَاتِهَا اهـ شَرْحُ
م ر وَقَوْلُهُ كَحَدَثِ إلَخْ أَقُولُ وَجْهُ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ
الْمَسَائِلِ أَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الصَّلَاةُ
الْمَخْصُوصَةُ فَلَا تُقْبَلُ تَوَابِعُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش
عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مُلْتَفِتًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي
يَقُولُ الْمُقَدَّرُ اهـ شَيْخُنَا وَلَوْ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ عَلَى
اعْتِقَادِ أَنَّهُ أَتَى بِالْأُولَى وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَمْ تُحْسَبْ
وَيُسَلِّمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَيُفَارِقُ
ذَلِكَ حُسْبَانَ جُلُوسِهِ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَنْ الْجُلُوسِ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْ
التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا لَا مِنْ
نَفْسِهَا وَلِهَذَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ فَصَارَ
كَمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ أَوْ
سَهْوٍ فَإِنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ السَّجْدَةِ بِخِلَافِ
جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ شَامِلَةٌ لَهَا اهـ
شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ التَّسْلِيمَتَيْنِ إلَخْ وَيَنْبَغِي
أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فَإِنْ
قَصَدَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ الْأُولَى يُعَدُّ أَجْنَبِيًّا.
وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ لَمْ يُحْسَبْ سَلَامُهُ عَنْ
فَرْضِهِ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ عَلَى اعْتِقَادِ النَّفْلِ
فَلْيَسْجُدْ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يُسَلِّمْ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مَرَّةً يَمِينًا) أَيْ: وَهِيَ الْأُولَى وَلَوْ فِي صَلَاةِ
جِنَازَةٍ فَإِنْ سَلَّمَهَا عَنْ يَسَارِهِ مُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ
كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا الْأَصْلِيُّ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ
قُطِعَتْ سَبَّابَتُهُ الْيُمْنَى لَا يُشِيرُ بِالْيُسْرَى وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا فِي
قِرَاءَةِ سُورَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْجُمُعَةِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ يَمِينًا فَشِمَالًا) فَلَوْ عَكَسَ كُرِهَ وَإِنْ أَتَى بِهِمَا
عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ كَانَ خِلَافَ
الْأَوْلَى اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ مُلْتَفِتًا فِيهِمَا) أَوْ بِوَجْهِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صَدْرُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إلَى
الْإِتْيَانِ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ اهـ شَيْخُنَا ح ف فَلَوْ
انْحَرَفَ بِهِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ
جَاهِلًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَهَلْ يُعْتَدُّ بِسَلَامِهِ حِينَئِذٍ
لِعُذْرِهِ أَوْ لَا وَتَجِبُ إعَادَتُهُ
(1/392)
حَتَّى يَرَى خَدَّهُ) الْأَيْمَنَ فِي
الْأُولَى وَالْأَيْسَرَ فِي الثَّانِيَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَيَبْتَدِئُ السَّلَامَ فِيهِمَا
مُتَوَجِّهَ الْقِبْلَةِ وَيُنْهِيهِ مَعَ تَمَامِ الِالْتِفَاتِ (نَاوِيًا
السَّلَامَ عَلَى مَنْ الْتَفَتَ) هُوَ (إلَيْهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ
وَمُؤْمِنِي إنْسٍ وَجِنٍّ) أَيْ: يَنْوِيهِ بِمَرَّةِ الْيَمِينِ عَلَى
مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَبِمَرَّةِ الْيَسَارِ عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ
(وَيَنْوِيهِ عَلَى مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِإِتْيَانِهِ بِهِ بَعْدَ الِانْحِرَافِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ
الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّا حَيْثُ اغْتَفَرْنَاهُ وَعُذِرَ فِيهِ اعْتَدَّ بِهِ
فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ
وَلِانْتِهَاءِ صَلَاتِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَسْجُدُ ثُمَّ يُعِيدُ
سَلَامَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مُلْتَفِتًا فِيهِمَا) أَيْ: بِوَجْهِهِ وَهَذَا فِي
غَيْرِ الْمُسْتَلْقِي أَمَّا هُوَ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِالْتِفَاتُ؛
لِأَنَّهُ مَتَى الْتَفَتَ لِلْإِتْيَانِ بِسُنَّةِ الِالْتِفَاتِ خَرَجَ
عَنْ الِاسْتِقْبَالِ الْمُشْتَرَطِ حِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ
الِالْتِفَاتُ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى هَكَذَا ظَهَرَ وَبِهِ يُلْغَزُ
فَيُقَالُ لَنَا مُصَلٍّ مَتَى الْتَفَتَ لِلسَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَرَى خَدَّهُ) أَيْ يَرَاهُ مَنْ خَلْفَهُ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مَعَ تَمَامِ الِالْتِفَاتِ) وَيُسَنُّ أَنْ يَفْصِلَ
بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ
فَتَمَامُهَا إلَى الْقِبْلَةِ أَوْلَى وَقِيلَ: يَبْدَأُ بِهَا يَمِينًا
وَيُكْمِلُهَا شِمَالًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ نَاوِيًا) أَيْ: الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ
مُنْفَرِدًا السَّلَامَ أَيْ: مَعَ التَّحَلُّلِ فَلَوْ نَوَى بِهِ
مُجَرَّدَ السَّلَامِ أَوْ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ التَّحَلُّلِ
لَمْ يَكْتَفِ بِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا
مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ أَيْ: فَمَحَلُّ
إجْزَاءِ السَّلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ: غَافِلًا عَنْ التَّحَلُّلِ
وَعَدَمِهِ مَا لَمْ يَكُنْ صَارِفٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ نَاوِيًا السَّلَامَ إلَخْ اُنْظُرْ
هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ نِيَّةِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَوْ الرَّدِّ
نِيَّةُ سَلَامِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ نَوَى مُجَرَّدَ السَّلَامِ عَلَى
مَنْ ذُكِرَ أَوْ الرَّدِّ ضَرَّ، وَقَدْ قَالُوا: يُشْتَرَطُ فَقْدُ
الصَّارِفِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ فَقْدِ
الصَّارِفِ لِوُرُودِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقَلْبُ إلَى الِاشْتِرَاطِ
أَمْيَلُ وَهُوَ الْوَجْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ
قَوْلِنَا: إنَّهُ يَنْبَغِي إذَا قَصَدَ بِالسَّلَامِ السَّلَامَ عَلَى
مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ أَنْ
يَقْصِدَ مَعَ ذَلِكَ سَلَامَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا كَانَ مَصْرُوفًا
وَالصَّرْفُ ضَارٌّ فِي الْأَرْكَانِ ذَكَرْته لِلرَّمْلِيِّ فَمَالَ إلَى
أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ هَذَا
مَأْمُورٌ بِهِ، وَأَقُولُ: يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ التَّسْبِيحَ لِمَنْ
نَابَهُ شَيْءٌ مَأْمُورٌ بِهِ مَعَ أَنَّ مُعْتَمَدَهُ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ
قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّفْهِيمِ ضَرَّ وَكَذَا الْفَتْحُ عَلَى الْإِمَامِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ مَأْمُورًا بِهِ لَا
يُسَوِّغُ مِثْلَ هَذَا الْقَصْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ نَقَلَ مِثْلَهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ
حَجَرٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَالْأَقْرَبُ مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّمْلِيُّ
مِنْ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَيُوَجَّهُ بِمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ
أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ لَمْ
يَجِبْ عَلَيْهِ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَشْرُوعًا لِلتَّحَلُّلِ
لَمْ يَصْلُحْ لِلْأَمَانِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَلَامٌ مِنْهُ عَلَى
غَيْرِهِ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصْلُحْ صَارِفًا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ نَاوِيًا السَّلَامَ ظَاهِرُ
كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ السَّلَامِ الَّذِي هُوَ
الرُّكْنُ مَعَ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ مِمَّا
اُعْتُبِرَ فِيهِ فَقْدُ الصَّارِفِ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ
مَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ التَّحِيَّةُ وَلَوْ مَعَ النِّيَّةِ
الْمَذْكُورَةِ وَفِي غَيْرِهِ إخْرَاجٌ لَهُ عَنْ الْمَدْلُولِ فَاحْتَاجَ
إلَى فَقْدِ الصَّارِفِ ثُمَّ لَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا نَاوِيًا السَّلَامَ) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ
وَالْمُنْفَرِدُ فَالِابْتِدَاءُ عَامٌّ فِي الثَّلَاثَةِ بِخِلَافِ
الرَّدِّ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَأْمُومِ اهـ شَيْخُنَا وَاسْتَشْكَلَ
احْتِيَاجَ السَّلَامِ لِلنِّيَّةِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا فَإِنَّ
الْخِطَابَ كَافٍ فِي الصَّرْفِ إلَيْهِمْ فَأَيُّ مَعْنًى لَهَا
وَالصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا
الْمُسْلِمُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ
الْمُسْلِمَ خَارِجَهَا لَمْ يُوجَدْ لِسَلَامِهِ صَارِفٌ عَنْ مَوْضُوعِهِ
فَلَمْ يَحْتَجْ لَهَا، وَأَمَّا فِيهَا فَكَوْنُهُ وَاجِبًا لِلْخُرُوجِ
مِنْهَا صَارِفٌ عَنْ انْصِرَافِهِ لِلْمُقْتَدِينَ بِالنِّسْبَةِ
لِلسُّنَّةِ فَاحْتِيجَ لَهَا لِهَذَا الصَّارِفِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا
إذْ هُوَ عِنْدَ الصَّارِفِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ وَأُلْحِقَتْ
الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّتَهَا لَهَا
صَارِفٌ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا اهـ ابْنُ حَجَرٍ اهـ زِيَادِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَنْ الْتَفَتَ هُوَ إلَيْهِ) أَبْرَزَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ
الصِّلَةَ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ لَكِنْ
فِيهِ أَنَّ الْإِبْرَازَ مِنْ الشَّارِحِ لَا مِنْ الْمَتْنِ
فَالْمُؤَاخَذَةُ عَلَى الْمَتْنِ بَاقِيَةٌ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ الْتَفَتَ هُوَ إلَيْهِ) أَيْ: وَلَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ
وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي الرَّدُّ عَلَيْهِ
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَصَدَهُ بِالسَّلَامِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ
قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ غَيْرُ
مُصَلٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ لِانْصِرَافِهِ لِلتَّحَلُّلِ دُونَ
التَّأْمِينِ الْمَقْصُودِ مِنْ السَّلَامِ الْوَاجِبِ رَدُّهُ وَلِأَنَّ
الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُتَأَهِّلٍ لِلْخِطَابِ وَلَا يَخْتَصُّ السَّلَامُ
بِالْحَاضِرِينَ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَإِنْ
بَعُدُوا إلَى آخِرِ الدُّنْيَا وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْبَهْجَةِ
وَنِيَّةُ الْحُضَّارِ بِالتَّسْلِيمِ تَخْصِيصَهُ بِهِمْ اهـ ع ش عَلَى م
ر.
(قَوْلُهُ مِنْ مَلَائِكَةٍ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ الْأَحْيَاءُ
وَالْأَمْوَاتُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَيَنْوِيهِ عَلَى مَنْ
خَلْفَهُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَيَنْوِيهِ عَلَى مَنْ
(1/393)
خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ)
وَالْأُولَى أَوْلَى (وَ) يَنْوِي (مَأْمُومٌ الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ
عَلَيْهِ) مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ فَيَنْوِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِ
الْمُسَلِّمِ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ
بِالْأُولَى وَمَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأَصْلُ
فِي ذَلِكَ خَبَرُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «كَانَ النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا
وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ
بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ
وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
خَلْفَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ
وَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَالْأُولَى أَوْلَى) أَيْ: لِأَنَّهَا رُكْنٌ بِخِلَافِ
الثَّانِيَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمَأْمُومٌ الرَّدَّ إلَخْ) وَكَذَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ
يَنْوِيَ الرَّدَّ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْأُولَى ثُمَّ سَلَّمَ
الْمَأْمُومُ تَسْلِيمَتَيْهِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ
فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْمَأْمُومِ وَلَا
يُسَنُّ رَدُّ مُنْفَرِدٍ عَلَى مُنْفَرِدٍ أَوْ إمَامٍ وَلَا رَدُّ إمَامٍ
عَلَى إمَامٍ أَوْ مُنْفَرِدٍ أَوْ مُقْتَدِينَ بِغَيْرِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ
مِمَّا يُتَصَوَّرُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ) الصِّلَةُ هُنَا جَرَتْ عَلَى مَنْ
هِيَ إلَيْهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِبْرَازِ الضَّمِيرِ كَالسَّابِقَةِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَيَنْوِيهِ) أَيْ: الرَّدَّ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْمُسَلِّمِ
مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ تَأَخَّرَ
تَسْلِيمُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ
سَلَامِ الْمُسَلِّمِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى؛ إذْ لَوْ تَقَدَّمَ
عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَنْ هُوَ عَلَى يَمِينِهِ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ
فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الرَّدُّ أَيْ: وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ فَقَدْ
تَقَدَّمَ حُكْمُهُ فَالتَّسْلِيمَةُ تَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ
اهـ ح ل كَمَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ فِي
سَلَامِ التَّحِيَّةِ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصَيْنِ تَلَاقَيَا مَعَ
شَخْصٍ وَاحِدٍ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ نَاوِيًا
بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ وَالِابْتِدَاءُ عَلَى مَنْ لَمْ
يُسَلِّمْ فَهَلْ تَكْفِي هَذِهِ الصِّيغَةُ عَنْهُمَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ
فِيهَا تَشْرِيكًا بَيْنَ فَرْضٍ وَهُوَ الرَّدُّ وَسُنَّةٍ وَهُوَ
الِابْتِدَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الِاكْتِفَاءُ
بِذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ الْمَذْكُورُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ
فِي الْمَأْمُومِينَ إذَا تَأَخَّرَ سَلَامُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ
فَكُلٌّ يَنْوِي بِكُلٍّ تَسْلِيمَةَ السَّلَامِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ
عَلَيْهِ وَالرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَنْوِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْمُسَلِّمِ
بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ) مِنْ الْوَاضِحِ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا
إذَا تَأَخَّرَ تَسْلِيمُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ الثَّانِيَةَ عَنْ سَلَامِ
الْمُسَلِّمِ الْأُولَى؛ إذْ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَنْ
هُوَ عَلَى يَمِينِهِ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ
الرَّدُّ فَتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأُولَى
مِنْ الْوَاضِحِ أَيْضًا تَصْوِيرُ هَذِهِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَ تَسْلِيمُ
مَنْ عَلَى يَسَارِهِ الْأُولَى عَنْ تَسْلِيمِهِ الثَّانِيَةَ؛ إذْ لَوْ
تَقَدَّمَ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَا رَدَّ تَأَمَّلْ.
فَلَوْ وَقَعَ سَلَامُ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مَثَلًا الْأُولَى وَسَلَامُهُ
هُوَ الثَّانِيَةَ مُتَقَارِنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ
هُنَا قَصْدَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ
سَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْأُولَى لَا الِابْتِدَاءُ عَلَيْهِمْ وَيُحْمَلُ
قَوْلُهُمْ أَنَّهُ يَنْوِي بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ السَّلَامَ
عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنْ
تَأَخَّرَ سَلَامُ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ عَلَى تَسْلِيمَتَيْهِ جَمِيعًا
كَمَا هُوَ السُّنَّةُ وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ السَّلَامِ خَارِجَ الصَّلَاةِ
فَإِنَّهُ إذَا تَلَاقَى اثْنَانِ وَبَدَأَ أَحَدُهُمَا بِالسَّلَامِ لَمْ
يُطْلَبْ مِنْ الْآخَرِ إلَّا الرَّدُّ، نَعَمْ الْمُصَلِّي يُطْلَبُ
مِنْهُ السَّلَامُ عَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّينَ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ
كَلَامُ الشَّارِحِ فَلَوْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ فِي الصُّورَةِ
الْمَذْكُورَةِ الْمَفْرُوضَةِ أَحَدٌ لَمْ يُصَلِّ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ
يُطْلَبَ مِنْ الْإِمَامِ أَنْ يَقْصِدَ بِالثَّانِيَةِ فِي الصُّورَةِ
الْمَفْرُوضَةِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مِنْ الْمُقْتَدِينَ
وَالِابْتِدَاءَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ) أَيْ: مَأْمُومٍ عَلَى يَسَارِهِ أَيْ:
الْمُسَلِّمِ وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الْمُسَلِّمَ بِالْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ
هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ سَلَامُهُ عَلَى الْمَأْمُومِ الَّذِي عَلَى
يَسَارِهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لِلْمَأْمُومِ كَمَا سَيَأْتِي تَأْخِيرُ
سَلَامِهِ عَنْ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَيْسَ
بِلَازِمٍ بَلْ يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِمَأْمُومٍ تَقَدَّمَ سَلَامُهُ
الثَّانِي عَلَى سَلَامِ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ
قَالَ: وَمَأْمُومُ، الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَيْ: إنْ
وُجِدَ سَلَامٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ أَوْ جِهَاتٍ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ
فَلَا يَنْوِي الرَّدَّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَمَنْ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ) مَنْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَنْ عَلَى
يَمِينِ الْمُسَلِّمِ وَمَنْ الْمَعْطُوفَةُ مُفَسَّرَةٌ بِمَأْمُومٍ
أَيْضًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُسَلِّمٌ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) هَذَا التَّخْيِيرُ وَاضِحٌ إذَا تَأَخَّرَ
سَلَامُ مَنْ خَلْفَ الْمُسَلِّمِ عَنْ تَسْلِيمَتَيْهِ جَمِيعًا أَمَّا
إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ فَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ مَنْ
خَلْفَ الْمُسَلِّمِ بَيْنَ تَسْلِيمَتَيْهِ فَكَيْفَ يَرُدُّ بِالْأُولَى
مَعَ أَنَّ الْمُسَلِّمَ قَدْ لَا يَكُونُ قَصَدَ السَّلَامَ عَلَيْهِ
إلَّا بِالثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) إنَّمَا ذَكَرَ الْمَعْدُودَ فِي هَذَا
دُونَ سَابِقِيهِ لِاشْتِرَاكِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي عَدَمِ
التَّأَكُّدِ دُونَ تِلْكَ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ) أَيْ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ مِنْ كُلِّ
أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إلَخْ وَلَعَلَّ سَيِّدَنَا عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بِأَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ: أَنَا أُسَلِّمُ عَلَى مَنْ
ذَكَرَ أَوْ صَرَّحَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- فِي سَلَامِهِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ أَيْ:
فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ وَمَنْ
مَعَهُمْ الْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ أَنَّهُمْ فِي جِهَتِهِمْ اهـ
شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ
(1/394)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
وَخَبَرُ سَمُرَةَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَأَنْ نَتَحَابَّ وَأَنْ
يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ
وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا
بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ تَسْلِيمَتَيْهِ وَالتَّقْيِيدُ
بِالْمُؤْمِنِينَ مَعَ ذِكْرِ سَلَامِ الْإِمَام عَلَى غَيْرِ
الْمُقْتَدِينَ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ وَسَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى مَنْ
أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَمَعَ ذِكْرِ رَدِّ الْمَأْمُومِ عَلَى غَيْرِ
الْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِي (وَسُنَّ نِيَّةُ خُرُوجٍ) مِنْ الصَّلَاةِ
بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا
وَالتَّصْرِيحُ بِالسُّنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) ثَالِثَ عَشْرِهَا (تَرْتِيبٌ) بَيْنَ الْأَرْكَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ
(كَمَا ذُكِرَ) فِي عَدِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ
بِالتَّكْبِيرِ وَجَعْلِهِمَا مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْحَفَظَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ
بِالْمُقَرَّبِينَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ مُقَرَّبُونَ بِالنِّسْبَةِ
لِنَوْعِ الْبَشَرِ لِعِصْمَةِ جَمِيعِهِمْ مِنْ الْمَعَاصِي فَهِيَ صِفَةٌ
لَازِمَةٌ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَخَبَرُ سَمُرَةَ) أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لِلْفَرْضِ
وَالنَّفَلِ وَالْأَوَّلُ خَاصٌّ بِالنَّفْلِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ
السَّبَبِ أَوْ الْمُرَادِفِ أَوْ الْمُغَايِرِ بِحَمْلِ الْمَحَبَّةِ
عَلَى نَحْوِ عَدَمِ الْمُشَاحَنَةِ وَمُصَافَحَةِ الْمُصَلِّينَ خَلْفَ
الصَّلَاةِ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا خَلْفَ الصَّلَوَاتِ
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ كَمَا
فِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا م ر فِي شَرْحِهِ وَعِبَارَتُهُ وَالْأَصْلُ فِي
ذَلِكَ خَبَرُ «الْبَرَاءِ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَأَنْ يُسَلِّمَ
بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الصَّلَاةِ» انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا إلَخْ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ
بِالْمُصَلِّينَ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْإِمَامِ وَقَدْ يُقَالُ: لَا
حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَسْلِيمِ بَعْضِ
الْمُصَلِّينَ عَلَى بَعْضٍ حَاصِلٌ مَعَ التَّعْمِيمِ وَلَا يَضُرُّ
شُمُولُهُ لِلْمُصَلِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ نَتَحَابَّ
أَيْ: أَنْ نَفْعَلَ مَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ الْمَحَبَّةُ
أَمْرٌ قَلْبِيٌّ وَلَا اخْتِيَارَ فِيهَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ إلَخْ)
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ يَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ
بِالْأُولَى وَيَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَنْوِي الرَّدَّ
عَلَيْهِ بِالْأُولَى وَالْمَأْمُومُ إنَّمَا يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى
مَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ؟ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَأْمُومُ
الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ السُّنَّةَ بَلْ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ
الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ نَوَى بِالْأُولَى السَّلَامَ عَلَى الْإِمَامِ
وَيَنْوِي الرَّدَّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ نِيَّةُ خُرُوجٍ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ
نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ
بَلْ تُسْتَحَبُّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى رِعَايَةً
لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فَإِنْ نَوَى قَبْلَ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
أَوْ مَعَ الثَّانِيَةِ أَوْ أَثْنَاءِ الْأُولَى فَاتَتْهُ السُّنَّةُ
وَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُ غَيْرِ صَلَاتِهِ خَطَأً بِخِلَافِهِ عَمْدًا
خِلَافًا لِمَا فِي الْمُهِّمَّاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَا هُوَ
فِيهِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ عَنْ غَيْرِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ
مَعَ السَّلَامِ لِيَكُونَ الْخُرُوجُ كَالدُّخُولِ انْتَهَتْ، وَلَوْ
نَوَى قَبْلَ السَّلَامِ الْخُرُوجَ عِنْدَهُ أَيْ السَّلَامِ لَمْ
تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنْ لَا تَكْفِيهِ بَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ مَعَ
السَّلَامِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهَا وَلَا تَكْفِيهِ عَنْ السُّنَّةِ؛
إذْ قُلْنَا بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(فَرْعٌ) ظَنَّ مُصَلٍّ فَرْضًا أَنَّهُ فِي نَفْلٍ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ
لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْ: لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ عَلَى
الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ بِأَنَّ
النِّيَّةَ هُنَا بُنِيَتْ ابْتِدَاءً عَلَى يَقِينٍ بِخِلَافِهَا ثَمَّ
وَلَيْسَ قِيَامُ النَّفْلِ مَقَامَ الْفَرْضِ مُنْحَصِرًا فِي
التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ
قَوْلَ التَّنْقِيحِ ضَابِطُ مَا يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ بِنِيَّةِ
النَّفْلِ أَنْ تَسْبِقَ نِيَّةٌ تَشْمَلُهُمَا ثُمَّ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ
مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ يَنْوِي بِهِ النَّفَلَ وَيُصَادِفَ بَقَاءَ
الْفَرْضِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ الشُّمُولِ أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ النَّفَلُ دَاخِلًا كَالْفَرْضِ فِي مُسَمَّى مُطْلَقِ الصَّلَاةِ
بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ كَمَا يَأْتِي اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَثَالِثَ عَشْرِهَا إلَخْ) قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي مِثْلِهِ
فِي عِبَارَةِ الْمُغْنِي هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مُرَكَّبٌ
مَعَ عَشْرٍ وَكَذَا الرَّابِعَ عَشْرَ وَنَحْوَهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ
الضَّمُّ عَلَى الْإِعْرَابِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
اهـ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ
وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَثَالِثِهِ وَسَابِعِ عَشْرِهِ
أَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّرْكِيبِ يَجُوزُ فِيهِ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ
فَارْجِعْ إلَيْهِ إنْ شِئْت.
(قَوْلُهُ مِنْ الْأَرْكَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ) خَرَجَ السُّنَنُ
كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ فَالتَّرْتِيبُ
بَيْنَهَا لَيْسَ بِرُكْنٍ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ
لِلِاعْتِدَادِ بِسُنِّيَّتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْوَلَاءُ
رُكْنًا وَإِنْ حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ
أَنَّهُ شَرْطٌ؛ إذْ هُوَ بِالتَّرْكِ أَشْبَهُ وَصَوَّرَهُ الرَّافِعِيُّ
تَبَعًا لِلْإِمَامِ بِعَدَمِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَابْنُ
الصَّلَاحِ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ سَلَامِهِ نَاسِيًا
وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ
صَلَاتِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ فِي عَدِّهَا) أَيْ: فِي عَدِّ الْمَتْنِ لَهَا الْمُشْتَمِلِ
أَيْ: الْعَدُّ الْمَذْكُورُ عَلَى قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ
الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَقْرُونًا بِهِ
النِّيَّةُ وَجَعَلَهُمَا أَيْ النِّيَّةَ وَالتَّكْبِيرَ مَعَ
الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ وَجَعَلَ التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ إلَخْ
الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ وَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ وَقُعُودٌ لَهُمَا
وَلِلسَّلَامِ وَقَوْلُهُ فَالتَّرْتِيبُ مُرَادٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ
أَيْ: فِيمَا عَدَا النِّيَّةَ مَعَ التَّكْبِيرِ وَفِيمَا عَدَا
التَّكْبِيرَ مَعَ الْقِيَامِ وَفِيمَا عَدَا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ مَعَ
الْقِيَامِ وَفِيمَا عَدَا التَّشَهُّدَ مَعَ الْقُعُودِ وَفِيمَا عَدَا
الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ
الْقُعُودِ وَفِيهِ أَنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ
(1/395)
الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ وَجَعَلَ
التَّشَهُّدَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَالسَّلَامَ فِي الْقُعُودِ فَالتَّرْتِيبُ مُرَادٌ فِيمَا
عَدَا ذَلِكَ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ كَمَا مَرَّ
وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ صَحِيحٌ وَبِمَعْنَى
الْأَجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ الِاتِّبَاعُ مَعَ
خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (فَإِنْ تَعَمَّدَ
تَرْكَهُ بِ) تَقْدِيمِ رُكْنٍ (فِعْلِيٍّ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ
بِأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ (أَوْ سَلَامٍ) مِنْ زِيَادَتِي كَأَنْ
رَكَعَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ أَوْ سَجَدَ أَوْ سَلَّمَ قَبْلَ رُكُوعِهِ
(بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ بِخِلَافِ تَقْدِيمٍ قَوْلِيٍّ غَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
سَابِقٌ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالْقِيَامُ مَوْجُودٌ قَبْلَ التَّكْبِيرِ
وَقَبْلَ الْفَاتِحَةِ وَالْجُلُوسُ سَابِقٌ عَلَى التَّشَهُّدِ وَعَلَى
الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأُجِيبُ بِأَنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ
وَتَقْدِيمَ الْقِيَامِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالْجُلُوسَ عَلَى
التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ
الْمَاهِيَّةِ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَلَك أَنْ تَمْنَعَ وُجُوبَ
تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَكَذَا الْجُلُوسُ بَلْ يَكْفِي
مُقَارَنَةُ التَّكْبِيرِ لِلنِّيَّةِ وَالتَّشَهُّدِ لِلْجُلُوسِ وَكَذَا
اسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ؛ إذْ يَكْفِي مُقَارَنَتُهَا حَرِّرْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ النِّيَّةِ
وَالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ
تَرْتِيبٌ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ
الِانْتِهَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْقِيَامِ عَلَى
الْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ
مَعَ التَّكْبِيرِ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الِانْتِصَابِ عَلَى ابْتِدَاءِ
تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ
شَرْطٌ لَهَا لَا رُكْنٌ لَهَا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ اهـ شَرْحُ
م ر.
(قَوْلُهُ وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ) أَيْ:
الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي حُصُولِ الشَّيْءِ صَحِيحٌ عَلَى وَجْهِ
الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَبِمَعْنَى
الْأَجْزَاءِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ بَلْ فِيهِ
تَغْلِيبٌ أَيْ: تَسْمِيَتُهُ رُكْنًا مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ؛ لِأَنَّ
الرُّكْنَ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ أَوْ الْفِعْلُ الظَّاهِرُ
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِعْلًا أَيْ: جَعَلَ هَذَا بَعْدَ هَذَا لَكِنَّهُ
غَيْرُ ظَاهِرٍ وَفِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا
نُسَلِّمُ أَنَّ الْجُزْءَ الْحَقِيقِيَّ الْفِعْلُ الظَّاهِرُ بَلْ
الْأَعَمُّ أَوْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّرْتِيبِ الْفِعْلَ بَلْ هُوَ
الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ كَوْنُ هَذَا بَعْدَ هَذَا وَهَذَا
إنَّمَا هُوَ هَيْئَةٌ لَا جُزْءٌ وَالْجُزْءُ الْحَقِيقِيُّ مَا كَانَ
مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَلَيْسَ
هَذَا مِنْهَا عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ
قَالَ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ شَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ
مَجْمُوعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَهَيْئَتِهَا الْوَاقِعَةِ هِيَ
عَلَيْهَا وَهُوَ التَّرْتِيبُ وَهُوَ جُزْءٌ حَقِيقِيٌّ فَلَا تَغْلِيبَ؛
لِأَنَّ صُورَةَ الْمُرَكَّبِ جُزْءٌ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ
كَلَامِ الْأَئِمَّةِ اهـ ح ل، وَقَدْ يُقَالُ الْمَانِعُ إطْبَاقُهُمْ فِي
تَعْرِيفِ الصَّلَاةِ عَلَى اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْأَقْوَالِ
وَالْأَفْعَالِ وَلَمْ يَزِدْ أَحَدٌ الْهَيْئَةَ وَيُجَابُ بِأَنَّ
الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ فِي التَّعْرِيفِ الْأَعَمُّ
مِنْ الْمَادِّيَّةِ وَالصُّورِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ) حَالٌ مِنْ الْأَرْكَانِ وَكَذَا قَوْلُهُ
وَبِمَعْنَى الْأَجْزَاءِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ أَيْ؛ لِأَنَّ
الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَالتَّرْتِيبُ لَا بُدَّ
مِنْهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ: غَلَبَ مَا هُوَ جُزْءٌ عَلَى مَا
لَيْسَ بِجُزْءٍ وَأَطْلَقَ عَلَى الْكُلِّ أَجْزَاءً تَغْلِيبًا اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ صَحِيحٌ) أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ
الصِّحَّةِ ثَابِتٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا بِمَعْنَى الْأَجْزَاءِ
تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيُصَرِّحُ بِالصِّحَّةِ الَّتِي
ذَكَرَهَا قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَبِمَعْنَى الْأَجْزَاءِ فِيهِ
تَغْلِيبٌ فَإِنَّ التَّغْلِيبَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ اهـ ع ش عَلَى م
ر.
(قَوْلُهُ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ الِاتِّبَاعُ) أَيْ: وَالْإِجْمَاعُ فَقَدْ
«قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْأَعْرَابِيِّ إذَا قُمْت
إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ» ثُمَّ كَذَا فَذَكَرَهَا
بِالْفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ بِثُمَّ وَهُمَا لِلتَّرْتِيبِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ: عَلَى فِعْلِيٍّ أَوْ
قَوْلِيٍّ فَحَذَفَ الْمُتَعَلِّقَ إيذَانًا بِالْعُمُومِ وَقَوْلُهُ أَوْ
سَلَامٌ أَيْ: فَكَذَلِكَ فَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَمَثَّلَ لِثَلَاثٍ
مِنْهَا وَالْخَطْبُ سَهْلٌ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ أَيْ: عَلَى فِعْلِيٍّ آخَرَ وَلَا
حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ أَوْ عَلَى قَوْلِيٍّ لِيَدْخُلَ تَقْدِيمُ
الرُّكُوعِ عَلَى الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ
فِيهِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْقِيَامِ الَّذِي هُوَ فِعْلِيٌّ
وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ فِعْلِيٍّ عَلَى
قَوْلِيٍّ مَحْضٍ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا فِعْلِيٍّ عَلَى مِثْلِهِ كَذَلِكَ
وَلَا قَوْلِيٍّ عَلَى قَوْلِيٍّ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ بِمَا قِيلَ: إنَّ
الرُّكْنَ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ هُوَ مَا سَبَقَ عَلَى الْقَوْلِيِّ
مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِيِّ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَلِذَلِكَ
عَدُّوهُ رُكْنًا طَوِيلًا؛ إذْ يَلْزَمُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَيْسَتْ فِي
الْقِيَامِ أَوْ أَنَّهَا فِي قِيَامٍ آخَرَ وَكُلٌّ بَاطِلٌ أَوْ بِمَا
قِيلَ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي مَحَلِّ الْقَوْلِيَّةِ هُوَ
الْأَقْوَالُ وَالْفِعْلُ تَابِعٌ لَهَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِ وُجُودِهَا
بِدُونِهِ مَرْدُودٌ أَيْضًا بِعَدَمِ سُقُوطِ الْفِعْلِ بِسُقُوطِ
الْأَقْوَالِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ
الْفِعْلَ الْمُقَدَّمَ عَلَى مَحَلِّهِ يَخْرُجُ عَنْ الرُّكْنِيَّةِ
لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِمْ فَمَا بَعْدَ
الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى
قَصْدِهِ وَلَا إلَى صُورَتِهِ الَّتِي سَمَّوْهُ رُكْنًا لِأَجْلِهَا
وَلَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ رُكْنٍ عَلَى مَحَلِّهِ مَعَ بَقَاءِ
رُكْنِيَّتِهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا جَاءَ الْبُطْلَانُ مِنْ جِهَةِ
الْخَلَلِ بِتَرْكِ الرُّكْنِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَانَ حَقُّهُ الْبُطْلَانَ
مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِالْفِعْلَيْنِ
الْمُخْتَلِفَيْنِ لِوُجُودِ انْخِرَامِ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ فِيهَا
(1/396)
سَلَامٍ كَأَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّشَهُّدِ أَوْ تَشَهَّدَ
قَبْلَ السُّجُودِ فَيُعِيدُ مَا قَدَّمَهُ (أَوْ سَهَا فَمَا) فَعَلَهُ
(بَعْدَ مَتْرُوكِهِ لَغْوٌ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (فَإِنْ
تَذَكَّرَ) مَتْرُوكَهُ (قَبْلَ فِعْلِ مِثْلِهِ فَعَلَهُ وَإِلَّا) أَيْ:
وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ حَتَّى فَعَلَ مِثْلَهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى
(أَجْزَأَهُ) عَنْ مَتْرُوكِهِ (وَتَدَارَكَ الْبَاقِيَ) مِنْ صَلَاتِهِ
نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمِثْلُ مِنْ الصَّلَاةِ كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ
لَمْ يُجْزِهِ (فَلَوْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) أَوْ بَعْدَ سَلَامِهِ
وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْ) رَكْعَةٍ (آخِرَةٍ سَجَدَ
ثُمَّ تَشَهَّدَ) لِوُقُوعِ تَشَهُّدِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ (أَوْ مِنْ
غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ) فِي أَنَّهَا مِنْ آخِرَةٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا
(لَزِمَهُ رَكْعَةٌ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النَّاقِصَةَ كَمُلَتْ بِسَجْدَةٍ
مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا وَلَغَا بَاقِيهَا فِي الْأُولَى وَأَخَذَ
بِالْأَحْوَطِ فِي الثَّانِيَةِ.
(أَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِ ثَانِيَةٍ) مَثَلًا (تَرْكَ سَجْدَةٍ) مِنْ
الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
دُونَ غَيْرِهَا فَتَأَمَّلْ هَذَا وَارْجِعْ إلَيْهِ وَعَضَّ عَلَيْهِ
بِالنَّوَاجِذِ فَإِنَّك لَا تَعْثُرُ عَلَى مِثْلِهِ فِي مُؤَلَّفٍ
وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُلْهِمُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) الْكَافُ
اسْتِقْصَائِيَّةٌ؛ إذْ لَيْسَ لِتَقْدِيمِ الْقَوْلِيُّ غَيْرِ السَّلَام
عَلَى قَوْلِيٍّ آخَرَ صُورَةٌ غَيْرُ هَذِهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ فِعْلِ مِثْلِهِ فَعَلَهُ) هَذَا أَصْلٌ
أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ إلَخْ أَصْلٌ ثَانٍ، وَقَدْ
فَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ تَفْرِيعَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ
فِي آخِرِ صَلَاتِهِ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ
فِي قِيَامِ ثَانِيَةٍ تَرْكَ سَجْدَةٍ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ
وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا تَفْرِيعَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ أَوْ مِنْ
غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ لَزِمَهُ رَكْعَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي آخِرِ
رُبَاعِيَّةٍ إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَعَلَهُ) أَيْ: فَوْرًا وُجُوبًا فَإِنْ تَأَخَّرَ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ فَلَوْ تَذَكَّرَ فِي سُجُودِهِ تَرْكَ الرُّكُوعِ فَعَلَهُ
بِأَنْ يَعُودَ إلَى الْقِيَامِ وَيَرْكَعَ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُومَ
رَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ الْهَوِيَّ لِلسُّجُودِ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ
لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ
وَالْجُلُوسِ لِلْقِيَامِ فِيمَا لَوْ صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ وَفَرَّقَ حَجّ
بِمَا قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ فَلَوْ تَذَكَّرَ فِي السُّجُودِ تَرْكَ
الرُّكُوعِ قَامَ ثُمَّ رَكَعَ مِنْ قِيَامِهِ وَلَا يَكْفِيهِ الْقِيَامُ
بِصُورَةِ الرَّاكِعِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ هَوِيِّ السُّجُودِ غَيْرُ صُورَةِ
هَوِيِّ الرُّكُوعِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ
وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ عَلَى ظَنِّ
الْأَوَّلِ أَوْ جَلَسَ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ
الِاسْتِرَاحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ. وَلَوْ شَكَّ الْإِمَامُ أَوْ
الْمُنْفَرِدُ فِي رُكُوعِهِ هَلْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا أَوْ فِي
سُجُودِهِ هَلْ رَكَعَ لَزِمَهُ الْقِيَامُ حَالًا فَإِنْ مَكَثَ قَلِيلًا
لِيَتَذَكَّرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ ح ل أَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ
يَجْرِي عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ السَّلَامِ
اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ حَتَّى فَعَلَ مِثْلَهُ) أَيْ: وَإِنْ أَتَى بِالْمِثْلِ
لِقَصْدِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَصَلَّى
رَكْعَةً وَنَسِيَ مِنْهَا سَجْدَةً ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ مُصَلِّيًا فِي
السُّجُودِ أَوْ فِي الِاعْتِدَالِ فَاقْتَدَى بِهِ وَسَجَدَ مَعَهُ
لِلْمُتَابَعَةِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَتَكْمُلُ بِهِ رَكْعَتُهُ اهـ
شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى فِيهِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مَا
لَوْ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى بِأَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ ثُمَّ
تَذَكَّرَ ذَلِكَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ
الْأُولَى، وَقَدْ فَعَلَ مِثْلَ الْمَتْرُوكِ فِي رَكْعَتِهِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ أَيْضًا.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى أَقُولُ كَأَنَّهُ احْتَرَزَ
بِهِ عَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ فِعْلِهِ لَا فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى
كَمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فَلَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى قَرَأَ
فِي السُّجُودِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ فَتَأَمَّلْ
انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ أَجْزَأَهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَاحَظَ كَوْنَهُ مِنْ
الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ وَتَدَارَكَ الْبَاقِيَ) هَذَا كُلُّهُ إذَا عَرَفَ
الْمَتْرُوكَ وَمَوْضِعَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَخَذَ بِالْيَقِينِ
وَأَتَى بِالْبَاقِي وَفِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ
إلَّا إذَا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ بِأَنْ تَرَكَ رُكْنًا وَجَوَّزَ أَنْ
يَكُونَ الْمَتْرُوكُ النِّيَّةَ أَوْ التَّكْبِيرَ وَإِلَّا إذَا كَانَ
الْمَتْرُوكُ هُوَ السَّلَامُ فَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَهُ وَلَمْ يَطُلْ
الْفَصْلُ سَلَّمَ وَلَا حَاجَةَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ اهـ إسْنَوِيٌّ،
وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَكَذَا إنْ طَالَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ
شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ) أَيْ: وَلَوْ لِقِرَاءَةِ آيَةٍ بَدَلًا
عَنْ الْفَاتِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ حَجّ اهـ
سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ
سُجُودُ السَّهْوِ بِأَنْ اسْتَمَرَّتْ غَفْلَتُهُ حَتَّى سَجَدَ لِسَهْوٍ
صَدَرَ مِنْهُ يَقْتَضِي السُّجُودَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ شَيْئًا مِنْ
السَّجَدَاتِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّ
ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ حَالَ سُجُودِهِ لِلتِّلَاوَةِ تَرْكَ
سَجْدَةٍ وَقَصَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي تَرَكَهَا وَإِلَّا فَيَكْفِي
سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا أَوْ مَأْمُومًا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَهَا عَمَّا
عَلَيْهِ حَالَ سُجُودِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي يَكْفِي إنْ
تَذَكَّرَ حَالَ هَوِيِّهِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَأَمَّا إذَا
تَذَكَّرَ حَالَ سُجُودِهِ فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ الْهَوِيَّ
لِلتِّلَاوَةِ فَلَا يَكْفِي عَنْ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ
الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ: وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا
وَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَطَأْ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ
عَنْهَا اهـ ز ي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ سَجَدَ ثُمَّ تَشَهَّدَ) وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ حَيْثُ لَمْ
يَكُنْ مَأْمُومًا أَمَّا هُوَ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سَهْوَهُ
مَحْمُولٌ عَلَى إمَامِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ: وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ ذَلِكَ
الْغَيْرِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهَا مِنْ آخِرَةٍ) أَيْ فَالشَّكُّ هُنَا
فِي مَحَلِّهِ الْمَتْرُوكِ مَعَ الْعِلْمِ بِنَفْسِ التَّرْكِ فَلَا
يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَكَالْعِلْمِ بِتَرْكِ مَا
ذَكَرَ الشَّكَّ فِيهِ أَيْ: فِي أَصْلِ التَّرْكِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مَثَلًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قِيَامٍ وَثَانِيَةٍ فَيَشْمَلُ
الْجُلُوسَ الْقَائِمَ مَقَامَ الْقِيَامِ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي مِنْ
جُلُوسٍ وَيَشْمَلُ الثَّالِثَةَ
(1/397)
(فَإِنْ كَانَ جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ)
الَّتِي فَعَلَهَا وَلَوْ بِنِيَّةِ جُلُوسِ اسْتِرَاحَةٍ (سَجَدَ) مِنْ
قِيَامِهِ اكْتِفَاءً بِجُلُوسِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ جَلَسَ
بَعْدَ سَجْدَتِهِ (فَلْيَجْلِسْ مُطْمَئِنًّا) لِيَأْتِيَ بِالرُّكْنِ
بِهَيْئَتِهِ (ثُمَّ يَسْجُدْ أَوْ) عَلِمَ (فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ تَرْكَ
سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ جَهِلَ مَحَلَّهَا) أَيْ: الْخَمْسَ فِيهِمَا
(وَجَبَ رَكْعَتَانِ) أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ وَهُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ
الْأُولَى تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ
الثَّانِيَةِ فَتَنْجَبِرَانِ بِالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَيَلْغُو
بَاقِيهِمَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَرَكَ ذَلِكَ وَسَجْدَةً
مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى (أَوْ أَرْبَعٍ) جَهِلَ مَحَلَّهَا (فَسَجْدَةٌ)
تَجِبُ (ثُمَّ رَكْعَتَانِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ
الْأُولَى وَسَجْدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَالرَّابِعَةُ اهـ شَيْخُنَا ح ف وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَجَلَّ
مَنْ لَا يَسْهُو بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مَثَلًا رَاجِعًا
لِلْقِيَامِ فَقَطْ أَيْ: وَمِثْلُ قِيَامِ الثَّانِيَةِ رُكُوعُهَا
وَاعْتِدَالُهَا وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي مِنْ
جُلُوسٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ ثَانِيَةً؛
لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ تَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْ
الْأُولَى اسْتَمَرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ رَكْعَةٌ
تَأَمَّلْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ
وَأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ مِنْ الْأُولَى يَقْدِرُ فِيهِ مَثَلًا أَيْضًا
فَيَدْخُلُ فِي الْعِبَارَةِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ فِي
تَرْكِ سَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ تَرْكَ
سَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ جَلَسَ إلَخْ) أَيْ: جُلُوسًا مُعْتَدًّا بِهِ
بِأَنْ اطْمَأَنَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِنِيَّةِ جُلُوسِ اسْتِرَاحَةٍ) فِيهِ أَنَّ الْجُلُوسَ
إذَا كَانَ بِنِيَّةِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ كَيْفَ يَقُومُ مَقَامَ
الْجُلُوسِ الْوَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا
يَقْصِدَ بِالرُّكْنِ غَيْرَهُ فَقَطْ وَهُنَا قَدْ قَصَدَ الْغَيْرَ
فَقَطْ وَهُوَ جُلُوسُ الِاسْتِرَاحَةِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الشَّرْطَ
الْمَذْكُورَ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ
تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ الْأَوَّلُ
فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي قَصْدِهِ، وَقَدْ شَمِلَتْ
مَا فَعَلَهُ نِيَّةَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَنْ رَكَعَ أَوْ رَفَعَ
فَزَعًا مِنْ شَيْءٍ أَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فَلَمْ تَشْمَلْهُ
النِّيَّةُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ سَجَدَ مِنْ قِيَامِهِ) وَلَا يَضُرُّ جُلُوسُهُ حِينَئِذٍ كَمَا
لَوْ قَعَدَ مِنْ اعْتِدَالِهِ قَدْرَ قَعْدَةِ الِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ
سَجَدَ أَوْ قَعَدَ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ قَبْلَ
قِيَامِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهَا مَعْهُودَةٌ فِيهَا
غَيْرُ رُكْنٍ بِخِلَافِ زِيَادَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ لَمْ
يَعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي تَغْيِيرِ
نَظْمِهَا أَشَدَّ وَقَدْ قَالَ فِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ
أَوْ زَادَ عَمْدًا رُكْنَهَا الْفِعْلِيَّا ... لَا إنْ زَادَ قَعْدَةً
وَلَمْ تَطُولَا
قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَهُ بِأَنْ قَعَدَ مِنْ اعْتِدَالِهِ إلَى آخِرِ مَا
سَبَقَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ:
نِسْبَةً إلَى رُبَاعَ الْمَعْدُولِ عَنْ أَرْبَعٍ اهـ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الرُّبَاعِيَّةَ لِيَتَأَتَّى جَمِيعُ
مَا ذَكَرَهُ أَمَّا غَيْرُ الرُّبَاعِيَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى جَمِيعُ
ذَلِكَ فِيهِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي كُلِّ مَتْرُوكٍ تَحَقَّقَهُ
أَوْ شَكَّ فِيهِ مَا هُوَ الْأَسْوَأُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ جَهِلَ مَحَلَّهَا إلَخْ) خَرَجَ بِقَيْدِ الْجَهْلِ فِي هَذِهِ
الْمَسَائِلِ مَا إذَا عَلِمَ مَحَلَّهَا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ
الْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْجَهْلِ بَلْ قَدْ، وَقَدْ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ
عِنْدَ تَأَمُّلِهِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا بَيَّنُوهُ بِقَوْلِهِمْ
وَالْعِبَارَةُ لِلْعُبَابِ أَوْ أَنَّهُ أَيْ أَوْ تَذَكَّرَ فِي
التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ وَعَرَفَهُمَا مِنْ
الْأَخِيرَةِ سَجَدَهُمَا أَوْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ غَيْرِهَا أَوْ مِنْ
رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ فَوَاجِبُهُ رَكْعَةٌ وَإِلَّا
فَرَكْعَتَانِ أَوْ أَنَّهُ تَرَكَ ثَلَاثًا وَعَرَفَ وَاحِدَةً مِنْ
الرَّابِعَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا فَوَاجِبُهُ
سَجْدَةٌ ثُمَّ رَكْعَةٌ أَوْ أَنَّهُ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْ الْأُولَى
وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ فَسَجْدَتَانِ ثُمَّ رَكْعَةٌ أَوْ أَنَّ
الثَّلَاثَ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَلَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّكْعَةِ
الْأُولَى لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ أَشْكَلَ فَرَكْعَتَانِ أَوْ أَنَّهُ
تَرَكَ أَرْبَعًا وَعَرَفَهَا مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ أَنَّ وَاحِدَةً
مِنْ الْأُولَى وَوَاحِدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ
الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ أَنَّ ثِنْتَيْنِ مِنْ
الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ فِي الْكُلِّ فَسَجْدَتَانِ
ثُمَّ رَكْعَةٌ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بَيَانَهُ اهـ. فَرَاجِعْهُ
وَتَأَمَّلْ فَائِدَةَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يَجْلِسْ
فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلِاسْتِرَاحَةِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَتَنْجَبِرُ إنْ بِالثَّانِيَةِ) أَيْ: فَتَنْجَبِرُ الْأُوَلُ
بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَالرَّابِعَةُ أَيْ فَتَنْجَبِرُ
الثَّالِثَةُ بِسَجْدَةٍ مِنْ سَجْدَتَيْ الرَّابِعَةِ وَقَوْلُهُ تَرَكَ
ذَلِكَ أَيْ: سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ
وَقَوْلُهُ وَسَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى أَيْ: مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ
الرَّابِعَةِ وَذَهَبَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ
الْوَاجِبَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ تَرْكُ ثَلَاثٍ:
سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ لَا رَكْعَتَانِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ
الْمَتْرُوكُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى
وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةَ مِنْ الرَّابِعَةِ
فَالْحَاصِلُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً؛
لِأَنَّ تَرْكَ أُولَى الْأُولَى يُلْغِي جُلُوسَهَا؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ
لَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا إنْ سَبَقَهُ سُجُودٌ وَحِينَئِذٍ يَلْغُو
السُّجُودُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا جُلُوسَ قَبْلَهُ
فَالثَّانِيَةُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إلَّا الْجُلُوسُ بَيْنَ
السَّجْدَتَيْنِ فَتَتِمُّ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ
الثَّانِيَةِ وَبَلَغُوا بَاقِيهَا، وَالْحَاصِلُ مِنْ الرَّابِعَةِ
سَجْدَةٌ فَيَسْجُدُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ اهـ ح ل
وَسَيَأْتِي لَهُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا
نَصُّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ
أَيْ: مَسْأَلَةِ الثَّلَاثِ لُزُومُ سَجْدَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ.
لِأَنَّ الْأَسْوَأَ فِيهَا تَرْكُ أُولَى الْأُولَى وَثَانِيَةِ
الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ وَفِي الْأَرْبَعِ لُزُومُ
ثَلَاثِ
(1/398)
مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ
الرَّابِعَةِ فَالْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً إذْ الْأُولَى
تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ
نَاقِصَةٌ سَجْدَةً فَيُتِمُّهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ (أَوْ خَمْسٍ
أَوْ سِتٍّ) جَهِلَ مَحَلَّهَا (فَثَلَاثٌ) أَيْ: ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ
لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي الْخَمْسِ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى
وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ فَتَتِمُّ
الْأُولَى بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَأَنَّهُ فِي
السِّتِّ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ (أَوْ
سَبْعٍ) جَهِلَ مَحَلَّهَا (فَسَجْدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ) أَيْ ثَلَاثُ
رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
رَكَعَاتٍ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ مَثَلًا مِثْلَ مَا ذُكِرَ فِي أُولَى
الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مَعَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَفِي
السِّتِّ لُزُومُ سَجْدَتَيْنِ وَثَلَاثِ رَكَعَاتٍ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ
مَا ذُكِرَ مَعَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا
مَحِيصَ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ هَذَا فِيهِ تَرْكُ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ
الْجُلُوسُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي تَرْكِ السَّجَدَاتِ فَقَطْ
قُلْنَا: هَذَا خَيَالٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ
شَرْعًا كَالْمَتْرُوكِ حِسًّا لِسُلُوكِ أَسْوَأِ التَّقَادِيرِ اهـ.
كَلَامُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْسِبَ
الْجُلُوسَ مَعَ عَدَمِ سُجُودٍ قَبْلَهُ وَقَدْ عَلِمْت بِهَذَا رَدَّ مَا
قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ تَبِعَهُ م ر فِي
شَرْحِهِ وَمَا قِيلَ فِي رَدِّ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ بِتَصْوِيرِ
الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ
لَا يُجْدِي نَفْعًا وَمَا قِيلَ: إنَّ الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ
الِاعْتِرَاضَ وَرَدَّهُ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَعَلَّهُ مَنْقُودٌ
عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ التَّاجِ السُّبْكِيُّ فِي التَّوْشِيحِ مَا
يُوَافِقُ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ
بِقَوْلِهِ نَظْمًا
وَتَارِكُ ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ ذَكَرَ ... وَسَطَ الصَّلَاةِ تَرْكَهَا
فَقَدْ أُمِرَ
بِحَمْلِهَا عَلَى خِلَافِ الثَّانِي ... عَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ
وَأَهْمَلَ الْأَصْحَابُ ذِكْرَ السَّجْدَة ... وَأَنْتَ فَانْظُرْ تَلَفَ
ذَاكَ عَدَّهْ
وَلَمَّا رَآهُ وَالِدُهُ السُّبْكِيُّ كَتَبَ عَلَيْهِ جَوَابًا مِنْ
رَأْسِ الْقَلَمِ بِقَوْلِهِ
لَكِنَّهُ مَعَ حُسْنِهِ لَا يُرَدُّ ... إذْ الْكَلَامُ فِي الَّذِي لَا
يُفْقَدُ
إلَّا السُّجُودَ فَإِذَا مَا انْضَمَّ لَهُ ... تَرْكُ الْجُلُوسِ
فَلْيُعَامَلْ عَمَلَهُ
وَإِنَّمَا السَّجْدَةُ لِلْجُلُوسِ ... وَذَاكَ مِثْلُ الْوَاضِحِ
الْمَحْسُوسِ
فَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا مَرَّ
وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأُولَى تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ
وَالثَّالِثَةِ) أَيْ بِالسَّجْدَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ
وَوَاحِدَةٍ مِنْ سَجْدَتَيْ الثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهَا، وَأَمَّا
لَوْ جَعَلَ الْمَتْرُوكَ وَاحِدَةً مِنْ الْأُولَى وَثِنْتَيْنِ مِنْ
الثَّانِيَةِ وَوَاحِدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ لَزِمَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ
وَذَهَبَ جَمْعٌ فِي هَذِهِ إلَى وُجُوبِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ
أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى
وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالسَّجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ؛
إذْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ إلَّا
سَجْدَةً كَمَا عَلِمْت فَتَتِمُّ بِسَجْدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ وَيَلْغُو
بَاقِيهَا اهـ ح ل وَسَيَأْتِي لَهُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا إذْ الْأُولَى تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ إلَخْ) هَذَا هُوَ
الْحَقُّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ فَتَلْغُو الْأُولَى وَتَكْمُلُ
الثَّانِيَةُ بِالثَّالِثَةِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَا وَجْهَ لِإِلْغَاءِ
الْأُولَى وَقَدْ قَالُوا مَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ وَقَضِيَّتُهُ
أَنَّ مَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ لَغْوًا لَا مَا يَكْمُلُ بِهِ وَكَذَا
قَوْلُهُ الْآتِي فِي تَرْكِ الْخَمْسِ فَتَتِمُّ الْأُولَى إلَخْ هُوَ
الْحَقُّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَحَلِّيِّ فَتَكْمُلُ أَيْ الثَّالِثَةُ
بِالرَّابِعَةِ فَمَمْنُوعٌ أَيْضًا تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ:
إنَّهُ تَسَمُّحٌ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ إلَخْ) أَيْ: وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي
السِّتِّ إلَخْ فَإِنْ قُلْت هَلْ وَرَاءَ هَذَا الِاحْتِمَالِ احْتِمَالٌ
آخَرُ يُخَالِفُهُ فِي الْحُكْمِ قُلْت نَعَمْ وَهُوَ احْتِمَالُ تَرْكِ
سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَسَجْدَتَيْنِ
مِنْ الرَّابِعَةِ؛ إذْ قَضِيَّةُ هَذَا الِاحْتِمَالِ وُجُوبُ
سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ فَالْأَحْوَطُ الِاحْتِمَالُ الَّذِي
ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) أَيْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ
أَيْ: الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَتَتِمُّ الْأُولَى
بِسَجْدَتَيْ الرَّابِعَةِ وَذَهَبَ أُولَئِكَ الْجَمْعُ فِي هَذِهِ
الثَّانِيَةِ وَهِيَ تَرْكُ السِّتِّ إلَى وُجُوبِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ
وَسَجْدَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ
الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ
الثَّالِثَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ
مِنْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً، وَرُدَّ عَلَى
أُولَئِكَ الْجَمْعِ بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ خِلَافَ فَرْضِ كَلَامِ
الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَفْرُوضٌ فِيمَا عُلِمَ إتْيَانُهُ
بِالْجِلْسَاتِ الْمَحْسُوبَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا وَإِنَّمَا تَرَكَ
السُّجُودَ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ أَسْوَأُ التَّقَادِيرِ مَا ذَكَرَهُ
الْأَصْحَابُ فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّا لَا نَجْعَلُ الْمَتْرُوكَ
أُولَى الْأُولَى وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ قَالَ: تَرَكْت
السُّجُودَ دُونَ الْجُلُوسِ الْمُعْتَدِّ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ أُولَئِكَ
فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَتَى بِالْجِلْسَاتِ الْمُعْتَدِّ بِهَا أَوْ
لَا؟ مَعَ عِلْمِهِ بِتَرْكِ السُّجُودِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ
الْأَحْوَطُ فِي حَقِّهِ جَعْلُ مَتْرُوكِهِ أُولَى الْأُولَى وَحُمِلَ
عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ فَيَكُونُ قَائِمًا مَقَامَ
الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَا يُنَاسِبُ الِاحْتِيَاطَ بَلْ
الْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يُفْرَضَ ذَلِكَ وَإِنْ اعْتَادَ فِعْلَ ذَلِكَ
فَتَرَكَ أُولَى الْأُولَى
(1/399)
رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً وَفِي ثَمَانِ
سَجَدَاتٍ تَجِبُ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَيُتَصَوَّرُ بِتَرْكِ
طُمَأْنِينَةٍ أَوْ بِسُجُودٍ عَلَى عِمَامَةٍ وَكَالْعِلْمِ بِتَرْكِ مَا
ذُكِرَ الشَّكُّ فِيهِ.
(وَلَا يُكْرَهُ) عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ (تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ إنْ
لَمْ يَخَفْ) مِنْهُ (ضَرَرًا) إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ فَإِنْ
خَافَهُ كُرِهَ (وَسُنَّ إدَامَةُ نَظَرِ مَحَلِّ سُجُودِهِ) ؛ لِأَنَّهَا
أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ نَعَمْ يُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي
التَّشَهُّدِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ
(وَخُشُوعٌ) وَهُوَ حُضُورُ الْقَلْبِ وَسُكُونُ الْجَوَارِحِ لِآيَةِ
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] وَتَدَبُّرُ قِرَاءَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هُوَ الْأَحْوَطُ؛ لِأَنَّ مَنْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِالْجِلْسَاتِ
بَيْنَ السَّجَدَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ هُنَا جَهِلَ
مَحَلَّهَا؛ لِأَنَّ الثَّمَانَ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ مَحَلُّهَا مَعْلُومٌ
وَالْمُرَادُ غَالِبًا وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَعْلَمُ كَأَنْ اقْتَدَى
مَسْبُوقٌ فِي الِاعْتِدَالِ فَأَتَى مَعَ الْإِمَامِ بِسَجْدَتَيْنِ
وَسَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ سَجْدَتَيْنِ وَقَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ
سَجْدَةٍ فِي ثَانِيَتِهِ مَثَلًا وَسَجَدَ هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ
لِسَهْوِ إمَامِهِ وَقَرَأَ فِي رَكْعَتِهِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا آيَةَ
سَجْدَةٍ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ تَرَكَ ثَمَانَ سَجَدَاتٍ
لِكَوْنِهَا عَلَى عِمَامَتِهِ فِي أَنَّهَا سَجَدَاتُ صَلَاتِهِ أَوْ مَا
أَتَى بِهِ لِلسَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَالْمُتَابَعَةِ أَوْ أَنَّ
بَعْضَهَا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَبَعْضَهَا مِنْ غَيْرِهَا
فَتُحْمَلُ الْمَتْرُوكَةُ عَلَى أَنَّهَا سَجَدَاتُ صَلَاتِهِ وَغَيْرِهَا
بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَ سُجُودِ الصَّلَاةِ
لِعَدَمِ شُمُولِ النِّيَّةِ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ) نَبَّهَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ خَفِيًّا
وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ: نَبَّهَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ
مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يُتَصَوَّرْ الشَّكُّ أَوْ الْجَهْلُ
فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ سُجُودٍ عَلَى عِمَامَتِهِ) أَيْ: أَوْ بِشَيْءٍ الْتَصَقَ
بِجَبْهَتِهِ فِي السُّجُودِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَكَالْعِلْمِ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ
لِأَوَّلِ التَّفَارِيعِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ فِي آخِرِ
صَلَاتِهِ إلَى آخِرِهَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ) أَيْ: النَّوَوِيُّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ يُكْرَهُ تَغْمِيضُ
عَيْنَيْهِ قَالَهُ الْعَبْدَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا تَبَعًا لِبَعْضِ
التَّابِعِينَ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ وَلَمْ يُنْقَل فِعْلُهُ
عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ
الصَّحَابَةِ وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ
بِالْمُخْتَارِ إنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا وَالنَّهْيُ عَنْهُ إنْ
صَحَّ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ خَافَهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَعِنْدِي لَا
يُكْرَهُ إلَخْ أَيْ: وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش عَلَى م ر
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ أَيْ:
فَيُبَاحُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ خَافَهُ كُرِهَ) وَقَدْ يَجِبُ إذَا كَانَ الْعَرَايَا
صُفُوفًا، وَقَدْ يُسَنُّ كَأَنْ صَلَّى لِحَائِطٍ مُزَوَّقٍ وَنَحْوِهِ
مِمَّا يُشَوِّشُ فَكُرِهَ قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ،
وَيُسَنُّ فَتْحُ عَيْنَيْهِ فِي السُّجُودِ لِيَسْجُدَ الْبَصَرُ قَالَهُ
صَاحِبُ الْعَوَارِفِ وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م
ر وَقَوْلُهُ لِيَسْجُدَ بَصَرُهُ قِيَاسُهُ فَتْحُهُمَا فِي الرُّكُوعِ
لِيَرْكَعَ الْبَصَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمَا
ذُكِرَ ظَاهِرٌ فِي الْبَصِيرِ، وَأَمَّا الْأَعْمَى فَيَنْبَغِي عَدَمُ
سَنِّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَيُمْكِنُ
الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَصْوِيرِهِ بِصُورَةِ الْبَصِيرِ فِي
النَّظَرِ لِمَوْضِعِ السُّجُودِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ؛
لِأَنَّهُ إذَا صَوَّرَ نَفْسَهُ بِصُورَةِ مَنْ يَنْظُرُ لِمَوْضِعِ
سُجُودِهِ كَأَنْ ادَّعَى لِقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِهِ
هُنَا فَإِنَّ تَصْوِيرَهُ بِصُورَةِ الْبَصِيرِ يَسْتَدْعِي تَحْرِيكَ
الْأَجْفَانِ لِيَحْصُلَ فَتْحُ عَيْنَيْهِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ مُنَافٍ
لِلْخُشُوعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ إدَامَةُ نَظَرِ مَحَلِّ سُجُودِهِ) أَيْ: بِأَنْ
يَبْتَدِئَ النَّظَرَ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ
التَّحَرُّمِ وَيُدِيمَهُ إلَى آخِرِ صَلَاتِهِ إلَّا فِيمَا يُسْتَثْنَى
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ النَّظَرَ عَلَى ابْتِدَاءِ التَّحَرُّمِ
لِيَتَأَتَّى لَهُ تَحَقُّقُ النَّظَرِ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّحَرُّمِ اهـ ع
ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ إدَامَةُ نَظَرِ مَحَلِّ سُجُودِهِ) أَيْ: فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ
وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْكَعْبَةِ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ
بِأَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ حَالَةَ النَّاظِرِ لِمَحَلِّ سُجُودِهِ؛
لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ مَحَلُّ سُجُودِهِ أَيْ الْمُصَلِّي
وَلَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ عَاجِزًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ صَلَّى عَلَى
جِنَازَةٍ أَوْ صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ أَوْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ أَوْ فِيهَا
لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «عَجَبًا
لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ كَيْفَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ
قِبَلَ السَّقْفِ يَدَعُ ذَلِكَ إجْلَالًا لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمًا
مَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْكَعْبَةَ فَأَخْلَفَ بَصَرَهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ حَتَّى خَرَجَ
مِنْهَا» انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ نَظَرٌ) بِالتَّنْوِينِ وَنَصْبُ مَا بَعْدَهُ بِإِضَافَتِهِ
إلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ جَمَعَ
النَّظَرَ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ أَشْرَفُ وَأَسْهَلُ
وَيُسَنُّ النَّظَرُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَإِزَالَةِ مَا فِيهِ
وَكَنْسِهِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَرُبَّمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ
بِالْإِدَامَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَيْضًا
لِمَنْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْعَدُوُّ أَمَامَهُ نَظَرُهُ إلَى
جِهَتِهِمْ لِئَلَّا يَبْغَتَهُمْ وَلِمَنْ صَلَّى عَلَى نَحْوِ بِسَاطٍ
مُصَوَّرٍ عَمَّ التَّصْوِيرُ مَكَانَ سُجُودِهِ أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِ
اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ إشَارَتُهُ) أَيْ: وَلَوْ مَسْتُورَةً مَا دَامَتْ مُرْتَفِعَةً
وَإِلَّا نُدِبَ نَظَرُ مَحَلِّ السُّجُودِ قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي:
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ قُطِعَتْ سَبَّابَتُهُ لَا يَنْظُرُ إلَى
مَوْضِعِهَا بَلْ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ
الْهَوَامِشِ أَنَّ الْعَلَّامَةَ الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِذَلِكَ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ حُضُورُ الْقَلْبِ) بِأَنْ لَا يُحْضِرَ فِيهِ غَيْرُ مَا
هُوَ فِيهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَإِنْ تَعَلَّقَ ذَلِكَ الْغَيْرُ
بِالْآخِرَةِ
(1/400)
أَيْ: تَأَمُّلُهَا قَالَ تَعَالَى
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:
29] (وَ) تَدَبُّرُ (ذِكْرٍ) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ (وَدُخُولُ
صَلَاتِهِ بِنَشَاطٍ) لِلذَّمِّ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى
{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142]
(وَفَرَاغُ قَلْبٍ) مِنْ الشَّوَاغِلِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ
(وَقَبْضٌ) فِي قِيَامٍ أَوْ بَدَلِهِ (بِيَمِينٍ كُوعَ يَسَارٍ) وَبَعْضَ
سَاعِدِهَا وَرُسْغِهَا (تَحْتَ صَدْرِهِ) فَوْقَ سُرَّتِهِ لِلِاتِّبَاعِ
رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ وَبَعْضَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَاقِيَ أَبُو
دَاوُد وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَلَوْ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ
الْأَحْوَالِ السُّنِّيَّةِ أَيْ الشَّرِيفَةِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا
بِذَلِكَ الْمَقَامِ كَانَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ
وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ
فِي مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَقَوْلُهُ
" وَسُكُونُ الْجَوَارِحِ " بِأَنْ لَا يَعْبَثَ بِأَحَدِهَا فَلَوْ سَقَطَ
نَحْوُ رِدَائِهِ أَوْ طَرَفُ عِمَامَتِهِ كُرِهَ لَهُ تَسْوِيَتُهُ إلَّا
لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَدْ وَرَدَ
أَنَّ «مَنْ خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَخَرَجَ مِنْ
ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ أَيْ: تَأَمَّلَهَا) عِبَارَةُ حَجّ أَيْ: تَأَمَّلَ
مَعَانِيَهَا أَيْ إجْمَالًا لَا تَفْصِيلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ
يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَيُسَنُّ أَيْضًا
تَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ أَيْ: التَّأَنِّي فِيهَا فَإِفْرَاطُ الْإِسْرَاعِ
مَكْرُوهٌ وَحَرْفُ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ اهـ
شَرْحُ م ر رَأَى فَنِصْفُ السُّورَةِ مَثَلًا مَعَ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ
مِنْ تَمَامِهَا بِدُونِهِ وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَا طُلِبَ
بِخُصُوصِهِ كَقِرَاءَةِ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ إتْمَامَهَا
مَعَ الْإِسْرَاعِ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ قِرَاءَتِهَا أَفْضَلُ مِنْ
بَعْضِهَا مَعَ التَّأَنِّي اهـ ع ش عَلَيْهِ وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ
مُصَلِّيًا أَوْ غَيْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الرَّحْمَةَ إذَا مَرَّ
بِآيَةِ رَحْمَةٍ وَيَسْتَعِيذَ مِنْ النَّارِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ
فَإِنْ مَرَّ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ سَبَّحَ أَوْ بِآيَةِ مَثَلٍ تَفَكَّرَ
وَإِذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8]
سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ
وَإِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 185]
يَقُولُ آمَنْت بِاَللَّهِ وَإِذَا قَرَأَ {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ
مَعِينٍ} [الملك: 30] يَقُولُ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ اهـ شَرْحُ م ر
وَإِذَا قَرَأَ {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13]
يَقُولُ وَلَا نُكَذِّبُ بِآلَائِك يَا رَبِّ وَلَا يَقْصِدُ فِي شَيْءٍ
مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ الْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ وَحْدَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ) قَالَ حَجّ قَضِيَّتُهُ حُصُولُ
ثَوَابِهِ وَإِنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا
يَأْتِي هَذَا فِي الْقُرْآنِ الْمُتَعَبَّدِ بِلَفْظِهِ فَيُثَابُ
قَارِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الذِّكْرِ لَا بُدَّ
أَنْ يَعْرِفَهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ وَمِنْ الْوَجْهِ الْكَافِي أَنْ
يَتَصَوَّرَ أَنَّ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِمَا
تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ ثَنَاءً عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ قَامُوا كُسَالَى) الْكَسَلُ الْفُتُورُ عَنْ الشَّيْءِ
وَالْتَوَانِي فِيهِ وَهُوَ ضِدُّ النَّشَاطِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَفَرَاغُ قَلْبٍ) بِالرَّفْعِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ فِي دَوَامِ
صَلَاتِهِ وَيُفَسَّرُ الْخُشُوعُ بِسُكُونِ الْجَوَارِحِ فَقَطْ أَوْ
بِالْجَرِّ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْفَرَاغَ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَقَبْضٌ بِيَمِينٍ كُوعَ يَسَارٍ) فَلَوْ قُطِعَ كَفُّ
الْيُمْنَى وَضَعَ طَرَفَ زَنْدِهَا عَلَى الْيُسْرَى وَلَوْ قُطِعَ
كَفَّاهُ وَضَعَ طَرَفَ زَنْدِ الْيُمْنَى عَلَى زَنْدِ الْيُسْرَى كَمَا
هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ح ل وَأَمَّا الْيُسْرَى فَيُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا
تَفْرِيجًا وَسَطًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَرُسْغَهَا) بِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ اهـ مَحَلِّيٌّ
اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ تَحْتَ صَدْرِهِ) حَالٌ مِنْ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَيَحُطُّ
يَدَيْهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ تَحْتَ صَدْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ
وَيَحُطُّ يَدَيْهِ أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الرَّفْعِ الْمُتَقَدِّمِ
كَيْفِيَّتُهُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ
التَّكْبِيرِ أَيْ: فِي جَمِيعِ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ أَمَّا زَمَنُ
الِاعْتِدَالِ فَلَا يَجْمَعُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ بَلْ يُرْسِلُهُمَا
سَوَاءٌ كَانَ فِي ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ
الْقُنُوتِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِمَا تَحْتَ
صَدْرِهِ أَنْ يَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ
فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ مِمَّا يَلِي الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ
وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ
اهـ شَرْحُ م ر.
(فَائِدَةٌ) النَّفْسُ وَالرُّوحُ وَالسِّرُّ وَالْقَلْبُ وَالْعَقْلُ
عِنْدَ مُحَقِّقِي الصُّوفِيَّةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مَا يُفَارِقُ
الْإِنْسَانَ بِمَوْتِهِ مِنْ اللَّطِيفَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ
وَالْحَقِيقَةِ الرَّبَّانِيَّةِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْغَزَالِيُّ حَيْثُ
قَالَ: النَّفْسُ تُقَالُ لِلرُّوحِ وَالْحَقِيقَةِ الرَّبَّانِيَّةِ،
وَالْعَقْلُ لِلْعِلْمِ وَلِلْحَقِيقَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَالْقَلْبُ
لِلَّحْمِ الصَّنَوْبَرِيِّ الشَّكْلِ وَلِلْحَقِيقَةِ الرَّبَّانِيَّةِ،
وَالرُّوحُ لِلْبُخَارِ الَّذِي فِي جَوْفِ هَذَا الشَّكْلِ
وَلِلْحَقِيقَةِ الرَّبَّانِيَّة، وَالسِّرُّ لِمَا يُكْتَمُ
وَلِلْحَقِيقَةِ الرَّبَّانِيَّةِ. وَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ بَيْنَهُمَا
مِنْهُمْ الْقُشَيْرِيُّ فِي الرِّسَالَةِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ
السُّبْكِيُّ: اخْتِلَافُ النَّاسِ فِي النَّفْسِ وَالرُّوحِ مِمَّا لَا
يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَغَلَ بِهِ فَلَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى
اهـ مِنْ خَطِّ أَبِي الْعِزِّ الْعَجَمِيِّ.
(قَوْلُهُ رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ
وَاحِدٍ انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ خَبَرٍ فَفِي شَرْحِ الْمُحَلَّى وَرَوَى
مُسْلِمٌ عَنْ وَائِلَةَ بْنِ حَجَرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ وَضَعَ
يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى» زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ «عَلَى
صَدْرِهِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد «عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى
وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ» . وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ لِلِاتِّبَاعِ
الثَّابِتِ مِنْ مَجْمُوعِ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
انْتَهَتْ
اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ
(1/401)
الْيَمِينِ فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ
وَبَيْنَ نَشْرِهَا صَوْبَ السَّاعِدِ وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ
الْمَذْكُورِ تَسْكِينُ الْيَدَيْنِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا وَلَمْ يَعْبَثْ
فَلَا بَأْسَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْكُوعُ وَهُوَ مِنْ
زِيَادَتِي الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ وَالرُّسْغُ
الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ (وَذِكْرٌ وَدُعَاءٌ) وَهُوَ
مِنْ زِيَادَتِي (بَعْدَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْهَا قَالَ لَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا
مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا
الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْقَفَّالِ وَتَبِعَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ
قَالَ الْعَلَّامَةُ الطَّبَلَاوِيُّ: وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمَا
قَالَهُ الْقَفَّالُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ،
وَأَمَّا بِالْعَكْسِ فَهُوَ اللِّسَانُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ) أَيْ: لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَإِلَّا
فَالسُّنَّةُ مَا تَقَدَّمَ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَذِكْرٌ وَدُعَاءٌ بَعْدَهَا) هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ
مُغَايَرَةَ الدُّعَاءِ لِلذِّكْرِ وَفِي حَجّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ
بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا وَجَدْته مِنْ الْأَذْكَارِ مَا نَصُّهُ
وَهُوَ أَيْ: الذِّكْرُ لُغَةً كُلُّ مَذْكُورٍ وَشَرْعًا قَوْلٌ سَبَقَ
بِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ شَرْعًا أَيْضًا لِكُلِّ
قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ وَعَلَيْهِ فَالذِّكْرُ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ
فَقَوْلُهُ وَدُعَاءٌ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ إيضَاحًا اهـ
ع ش عَلَى م ر وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ مَنْ جَلَسَ
بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ كَانَ كَحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ» اهـ شَرْحُ م ر وَافْهَمْ
قَوْلَهُ بَعْدَهَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِالرَّاتِبَةِ وَهُوَ
كَذَلِكَ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَإِذَا كَانَ يُصَلِّي
صَلَاةَ الْجَمْعِ فَيُؤَخِّرُ ذِكْرَ الْأُولَى إلَى الْفَرَاغِ مِنْ
الثَّانِيَةِ وَإِلَّا كَمَّلَ أَنْ يَأْتِيَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِذِكْرٍ
وَدُعَاءٍ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَالَ الْبَكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ وَيَنْدُبُ
عَقِبَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالِاسْتِغْفَارِ
ثَلَاثًا ثُمَّ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَخْ ثُمَّ يَقُولُ
اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت
وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ وَيَخْتِمُ بَعْدَ ذَلِكَ
بِمَا وَرَدَ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ الْمُشَارِ
إلَيْهِ ثُمَّ يَدْعُو فَهْمَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ
الْوَارِدَةِ ذَلِكَ وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ
بِهِ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ التَّسْبِيحُ وَصَلَاةُ الظُّهْرِ
بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ وَإِنْ فَاتَهُ
التَّسْبِيحُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ عَلَى
التَّسْبِيحِ فَيَقْرَؤُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ
مِنْك الْجَدُّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ السَّبْعِيَّاتِ فِي
يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى ذَلِكَ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَى طَلَبِ
الْفَوْرِ فِيهَا وَلَكِنْ فِي ظَنِّي أَنَّ فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ
عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّسْبِيحَ وَمَا مَعَهُ
عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ السَّبْعِيَّاتِ عَلَى
تَكْبِيرِ الْعِيدِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى
فَوْرِيَّتِهَا وَالتَّكْبِيرُ لَا يَفُوتُ بِطُولِ الزَّمَنِ انْتَهَتْ
وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بَعْدَهَا أَيْ: عَقِبَهَا فَيَفُوتُ
بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَبِالرَّاتِبَةِ إلَّا الْمَغْرِبَ لِرَفْعِهَا
مَعَ عَمَلِ النَّهَارِ وَلَا يَفُوتُ ذِكْرٌ بِذِكْرٍ آخَرَ وَقَالَ
شَيْخُنَا أَنَّ مَا وَرَدَ فِيهِ خَبَرٌ مَخْصُوصٌ يَفُوتُ
بِمُخَالَفَتِهِ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ
وَالْإِخْلَاصِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يُثْنِيَ رِجْلَهُ
فَيَفُوتُ بِانْثِنَاءِ رِجْلِهِ وَلَوْ بِجَعْلِ يَمِينِهِ لِلْقَوْمِ
وَقَالَ حَجّ لَا يَفُوتُ الذِّكْرُ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَا
بِالرَّاتِبَةِ وَإِنَّمَا الْفَائِتَةُ كَمَا لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ
لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ
أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُ مَرَّةً
وَاحِدَةً وَأَنَّهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا
صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَاسْتَدَلَّ فِي
الْخَادِمِ بِخَبَرِ «مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ
ثَانٍ رِجْلَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ»
الْحَدِيثَ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَيَأْتِي مِثْلَهُ فِي الْمَغْرِبِ
وَالْعَصْرِ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِيهِمَا وَفِي مَتْنِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
مَا نَصُّهُ «إذَا صَلَّيْتُمْ صَلَاةَ الْفَرْضِ فَقُولُوا عَقِبَ كُلِّ
صَلَاةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَأَقَرَّهُ الْمُنَاوِيُّ وَعَلَيْهِ
فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّسْبِيحَاتِ لِحَثِّ الشَّارِعِ
عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّ مَنْ
قَرَأَ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " مِائَةَ مَرَّةٍ عَقِبَ صَلَاةِ
الصُّبْحِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ غُفِرَ لَهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ سم فِي
بَابِ الْجِهَادِ سُؤَالًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ شَخْصٌ
وَهُوَ مَشْغُولٌ بِقِرَاءَتِهَا هَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَلَا
يَكُونُ مُفَوِّتًا لِلثَّوَابِ الْمَوْعُودِ بِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِأَمْرٍ
وَاجِبٍ أَوْ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْفَرَاغِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي
التَّأْخِيرِ ثُمَّ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا أَقُولُ
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ
الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ وَعَلَى مَا ذُكِرَ إذَا
سَلَّمَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَرَادَ الْإِتْيَانَ بِالذِّكْرِ
الَّذِي هُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى آخِرِهِ وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ
هَلْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الذِّكْرِ أَوْ السُّورَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا
يَبْعُدُ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ
إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ
الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَمَّا يُطْلَبُ بَعْدَ
الصَّلَاةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدُّ مِنْك الْجَدُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ
فِيهِمَا أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي
شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ مِنْك مُتَعَلِّقٌ بِالْجَدِّ وَأَنَّ الْمُرَادَ
بِالْجَدِّ الْجَدُّ الدُّنْيَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْأُخْرَوِيَّ نَافِعٌ
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْك مُتَعَلِّقٌ
بِيَنْفَعُ لَا حَالٌ مِنْ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ نَافِعٌ
وَضَمَّنَ يَنْفَعُ مَعْنَى يَمْنَعُ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ
(1/402)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
«مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ
وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا
وَثَلَاثِينَ ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ
وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ
ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ
تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ
«وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ
الدُّعَاءِ أَسْمَعُ أَيْ: أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ قَالَ: جَوْفَ
اللَّيْلِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَيَكُونُ كُلٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى لَا يَمْنَعُهُ مِنْك حَظٌّ دُنْيَوِيًّا كَانَ
أَوْ أُخْرَوِيًّا وَهُوَ حَسَنٌ دَقِيقٌ اهـ شَرْحُ الْإِعْلَامِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ: بَعْدَ كُلِّ
صَلَاةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ شَامِلٌ لِلنَّافِلَةِ
أَيْضًا ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِهَا
عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي لَكِنْ قَالَ حَجّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ
الْفَصْلُ الْيَسِيرُ كَالِاشْتِغَالِ بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ
الصَّلَاةِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالرَّاتِبَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ
أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ سم عَلَيْهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ
يَنْبَغِي فِي اغْتِفَارِ الرَّاتِبَةِ أَنَّهُ لَا يَفْحُشُ الطُّولُ
بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ التَّسْبِيحُ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ عُرْفًا اهـ
ثُمَّ عَلَى هَذَا لَوْ وَالَى بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ أَخَّرَ
التَّسْبِيحَ عَنْ الثَّانِيَةِ وَهَلْ يَسْقُطُ تَسْبِيحُ الْأُولَى
حِينَئِذٍ أَوْ يَكْفِي لَهُمَا ذِكْرٌ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ
لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَوْلَى
إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ لَهَا فَلَوْ اقْتَصَرَ
عَلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ كَفَى فِي أَصْلِ السُّنَّةِ كَمَا لَوْ قَرَأَ
آيَاتِ سَجَدَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ حَيْثُ قَالُوا يَكْفِي لَهَا سَجْدَةٌ
وَاحِدَةٌ وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلِّ آيَةٍ بِسَجْدَةٍ اهـ ع ش عَلَى م
ر.
(قَوْلُهُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ: مَكْتُوبَةٍ مِنْ الْخَمْسِ قَالَ
الْعَلَّامَةُ ز ي وَلَوْ أَصَالَةً فَتَدْخُلُ الْمُعَادَةُ وَفِيهِ
نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُعَادَةِ وُجُوبًا وَظَاهِرُ
التَّعْبِيرِ بِكُلٍّ فَوَاتُ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ بِتَرْكِ ذَلِكَ
الذِّكْرِ أَوْ بَعْضَهُ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ سَهْوًا
وَتَوَقُّفُهُ عَلَى مُدَاوَمَةِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ عُمُرِهِ وَفِيهِ
نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا ع ش يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ عَلَى
الْغَالِبِ فَإِذَا فَاتَ لِعُذْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ
مِثْلَ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ الْأَغْلَبِيَّةِ اهـ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) وَفِي رِوَايَةٍ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرَتِّبَهَا كَمَا ذُكِرَ أَوَّلًا وَلَا بَيْنَ
أَنْ يَأْتِيَ بِعَدَدِ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ أَوَّلًا وَالزِّيَادَةُ
عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَا تَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا
لِلصُّوفِيَّةِ بَلْ بَالَغَ ابْنُ الْعِمَادِ فَقَالَ لَا يَحِلُّ
اعْتِقَادُ عَدَمِ حُصُولِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ
بَلْ الدَّلِيلُ يَرُدُّهُ وَهُوَ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {مَنْ جَاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وَلَمْ يَعْثُرْ
الْقَرَافِيُّ عَلَى سِرِّ هَذَا الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ وَهُوَ
التَّسْبِيحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَالْحَمْدُ كَذَلِكَ وَالتَّكْبِيرُ
كَذَلِكَ بِزِيَادَةِ وَاحِدَةٍ تَكْمِلَةَ الْمِائَةِ وَهُوَ أَنَّ
أَسْمَاءَهُ تَعَالَى تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَهِيَ إمَّا ذَاتِيَّةٌ
كَاَللَّهِ أَوْ جَلَالِيَّةٌ كَالتَّكْبِيرِ أَوْ جَمَالِيَّةٌ
كَالْمُحْسِنِ فَجَعَلَ لِلْأَوَّلِ التَّسْبِيحَ؛ لِأَنَّهُ تَنْزِيهُ
الذَّاتِ وَجَعَلَ لِلثَّانِي التَّكْبِيرَ وَلِلثَّالِثِ التَّحْمِيدَ؛
لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي النِّعَمَ وَزِيدَ فِي الثَّانِيَةِ التَّكْبِيرُ
وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ:
إنَّ تَمَامَ الْمِائَةِ فِي الْأَسْمَاءِ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ
دَاخِلٌ فِي أَسْمَاءِ الْجَلَالِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا الثَّانِي
أَوْجَهُ نَقْلًا وَنَظَرًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ
مَشَايِخِنَا حُصُولُ هَذَا الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ إذَا زَادَ عَلَى
الثَّلَاثِ وَالثَّلَاثِينَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ فَيَكُونُ
الشَّرْطُ فِي حُصُولِهِ عَدَمَ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِثْلُ زَبَدِ الْبَحْرِ) الزَّبَدُ مَا يُرَى عَلَى وَجْهِهِ
عِنْدَ ضَرْبِ الْأَمْوَاجِ اهـ. اج عَلَى التَّحْرِيرِ وَفِي الْمِصْبَاحِ
الزَّبَدُ بِفَتْحَتَيْنِ مِنْ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ كَالرَّغْوَةِ
وَأَزْبَدَ إزْبَادًا قَذَفَ بِزَبَدِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ جَوْفَ اللَّيْلِ) يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ
أَيْ: فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ
لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ وَعَلَيْهِ
فَيُقَدَّرُ فِي السُّؤَالِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ: أَيُّ وَقْتِ
الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ أَيْ هُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ
أَيْ: الْوَقْتُ هُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ اهـ ع ش بِإِيضَاحٍ.
(قَوْلُهُ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ) وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ
«مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ
يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ» وَفِي رِوَايَةٍ
«مَنْ قَالَ دُبُرَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ قَبْلَ أَنْ
يَتَكَلَّمَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ
مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ
وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ وَكَانَ فِي يَوْمِهِ هَذَا فِي حِرْزٍ
مِنْ الشَّيْطَانِ» ، وَمِنْ الْوَارِدِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ اللَّهُمَّ
أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك وَمِنْهُ مَا سَلَفَ
اسْتِحْبَابُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمِنْهُ أَيْضًا «اللَّهُمَّ إنِّي
أَعُوذُ بِك مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ
الْقَبْرِ» وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
(تَنْبِيهٌ) خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ بِقَوْلِهِ
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَذْكُرُوهُ
بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَخَاطَبَ بَنِي إسْرَائِيلَ بِقَوْلِهِ {اذْكُرُوا
نِعْمَتِيَ} [البقرة: 40] لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا اللَّهَ تَعَالَى
إلَّا بِهَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَصَوَّرُوا النِّعَمَ لِيَصِلُوا بِهَا
إلَى ذِكْرِ الْمُنْعِمِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا
فِي الدُّعَاءِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّهُمَّ
اجْعَلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ
الْعَلَمُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ كَالشَّارِحِ
تَبَعًا لِلْقَايَاتِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
(1/403)
مِنْهُمَا سِرًّا لَكِنْ يَجْهَرُ بِهِمَا
إمَامٌ يُرِيدُ تَعْلِيمَ مَأْمُومِينَ فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرَّ.
(وَانْتِقَالٌ لِصَلَاةٍ مِنْ مَحَلٍّ أُخْرَى) تَكْثِيرًا لِمَوَاضِعِ
السُّجُودِ فَإِنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ
قَوْلِهِ وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ قَالَ فِي
الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ فَلْيَفْصِلْ بِكَلَامِ
إنْسَانٍ (وَ) انْتِقَالُهُ (لِنَفْلٍ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ) لِخَبَرِ
الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ
أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ»
وَيُسْتَثْنَى نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ
وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ وَزِيدَ
عَلَيْهَا صُوَرٌ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (وَمُكْثُ رِجَالٍ
لِيَنْصَرِفَ غَيْرُهُمْ) مِنْ نِسَاءٍ وَخَنَاثَى لِلِاتِّبَاعِ فِي
النِّسَاءِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيسَ بِهِنَّ الْخَنَاثَى
وَذِكْرُهُمْ مِنْ زِيَادَتِي وَالْقِيَاسُ مُكْثُهُمْ لِيَنْصَرِفْنَ
وَانْصِرَافُهُمْ بَعْدَهُنَّ فُرَادَى وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ
الْمُهِّمَّاتِ وَالْقِيَاسُ اسْتِحْبَابُ انْصِرَافِهِمْ فُرَادَى إمَّا
قَبْلَ النِّسَاءِ أَوْ بَعْدَهُنَّ (وَانْصِرَافٌ لِجِهَةِ حَاجَةٍ) لَهُ
أَيَّ جِهَةٍ كَانَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ يَجْهَرُ بِهِ إمَامٌ إلَخْ) الْإِمَامُ لَيْسَ بِقَيْدٍ
اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَانْتِقَالٌ لِصَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ
وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ فَأَحْرَمَ بِالثَّانِيَةِ فِي مَحَلِّ الْأُولَى
فَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الِانْتِقَالُ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ فِي
أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يُتَّجَهُ أَنْ يُطْلَبَ سَوَاءٌ خَالَفَ عَمْدًا
أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَا يُقَالُ الْفِعْلُ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ
بَلْ يُطْلَبُ تَرْكُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا عَلَى
الْإِطْلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ دَفْعُ الْمَارِّ
وَقَتْلُ نَحْوِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ أَدَّى
إلَى فِعْلٍ خَفِيفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي
مَحَلِّهِ وَكَذَا السِّوَاكُ بِفِعْلٍ خَفِيفٍ إذَا أَهْمَلَهُ عِنْدَ
الْإِحْرَامِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا اهـ م ر اهـ سم عَلَى
الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِصَلَاةٍ مِنْ مَحَلٍّ أُخْرَى) اقْتَضَى إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ
عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ
لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا فِي الْمُهِّمَّاتِ فِي النَّافِلَةِ مَا
أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ
الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي
الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا مَعَ
كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَالْجُمُعَةِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ
اسْتِحْبَابِ الِانْتِقَالِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ آخَرُ اهـ شَرْحُ
م ر.
(قَوْلُهُ يَفْصِلُ بِكَلَامِ إنْسَانٍ) أَيْ: لِلنَّهْيِ عَنْ وَصْلِ
صَلَاةٍ بِصَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بَعْدَ كَلَامٍ أَوْ خُرُوجٍ وَلَا
يُسَنُّ لِكُلِّ رَكْعَةٍ بِغَيْرِ إحْرَامٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلِنَفْلٍ فِي بَيْتِهِ) أَيْ لِيَفْعَلَهُ فِي بَيْتِهِ
فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيَفْعَلَ النَّفَلَ
فِي بَيْتِهِ اهـ شَيْخُنَا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَالْمَهْجُورِ
وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلِعُمُومِ الْحَدِيثِ
وَلِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنْ الرِّيَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ
الثَّوَابِ التَّفْضِيلُ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَلِنَفْلٍ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ
أَيْ وَلَوْ لِمَنْ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ
الْمَسْجِدُ خَالِيًا وَأَمِنَ الرِّيَاءَ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ
لَيْسَ خَوْفَ الرِّيَاءِ فَقَطْ بَلْ مَعَ النَّظَرِ إلَى عَوْدِ بَرَكَةِ
الصَّلَاةِ فِي مَنْزِلِهِ انْتَهَتْ. وَمَحَلُّ كَوْنِ النَّفْلِ فِي
الْبَيْتِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ فِي قِبْلَتِهِ وَإِلَّا
فَيَكُونُ الْمَسْجِدُ أَفْضَلَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) أَيْ: سُنَّتُهَا
الْقَبْلِيَّةُ، وَأَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَفِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ
أَفْضَلُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ مِثْلَ
قَبْلِيَّةِ الْجُمُعَةِ كُلُّ رَاتِبَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا
وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ
التَّطَوُّعِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا نَصُّهَا قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ: وَصَلَاةُ الضُّحَى لِخَبَرٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةُ مُنْشِئِ السَّفَرِ وَالْقَادِمِ
مِنْهُ وَالْمَاكِثِ بِالْمَسْجِدِ لِاعْتِكَافٍ أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ
تَعْلِيمٍ وَالْخَائِفِ فَوْتَ الرَّاتِبَةِ وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو
الطَّيِّبِ السَّاكِنَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْ يُخْفِي صَلَاتَهُ فِيهِ
وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا يُفْهِمُهُ قَوْلُ الْمُهَذَّبِ وَأَفْضَلُ
التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ مَا كَانَ بِالْبَيْتِ انْتَهَتْ، وَقَدْ نَظَمَ
ذَلِكَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ
صَلَاةُ نَفْلٍ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ ... إلَّا الَّذِي جَمَاعَةً
يُحَصِّلُ
وَسُنَّةُ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ ... وَفِعْلُ جَالِسٍ لِلِاعْتِكَافِ
وَنَحْوُ عِلْمِهِ لِأَحْيَاءِ الْبُقْعَةِ ... كَذَا الضُّحَى وَنَفْلُ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ
وَخَائِفُ الْفَوَاتِ بِالتَّأَخُّرِ ... وَقَادِمٌ وَمُنْشِئٌ لِلسَّفَرِ
وَلِاسْتِخَارَةٍ وَلِلْقَبْلِيَّة ... لِمَغْرِبٍ وَلَا كَذَا
الْبَعْدِيَّةْ
اهـ سم.
(قَوْلُهُ لِيَنْصَرِفَ غَيْرُهُمْ) وَيُسَنُّ لِلْغَيْرِ الِانْصِرَافُ
عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي النِّسَاءِ) أَيْ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ
بِهِنَّ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ مُكْثُهُمْ) أَيْ: الْقِيَاسُ عَلَى مَا يَأْتِي
فِي النِّكَاحِ فِي نَظَرِ الْخُنْثَى وَالنَّظَرِ إلَيْهِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
(فَرْعٌ) الْمُشْكِلُ يُحْتَاطُ فِي نَظَرِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ
فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً كَمَا
صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَانْصِرَافٌ لِجِهَةِ حَاجَةٍ) وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ:
انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ شَرْحُ م
ر وَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ: أَصَلَّيْت؟
صَلَّيْتُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَانْصِرَافٌ لِجِهَةِ حَاجَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ
الِانْصِرَافُ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ لَا الِانْصِرَافُ مِنْ الْمَسْجِدِ
بِأَنْ خَرَجَ وَأَرَادَ التَّوَجُّهَ حِينَئِذٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل
عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ الِانْصِرَافُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ
مَحَلِّ الصَّلَاةِ كَبَابِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَقِيلَ عِنْدَ
(1/404)
(وَإِلَّا فَيَمِينٍ) بِالْجَرِّ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي
حَاجَةٌ فَيَنْصَرِفُ لِجِهَةِ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ
(وَتَنْقَضِي قُدْوَةٌ بِسَلَامِ إمَامٍ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى
لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا
عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ
(فَلِمَأْمُومٍ) مُوَافِقٍ (أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ)
كَسُجُودِ سَهْوٍ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ (ثُمَّ يُسَلِّمَ) وَلَهُ أَنْ
يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ
الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ مَعَ كَرَاهَةِ
تَطْوِيلِهِ وَإِلَّا فَيَقُومُ فَوْرًا بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ
الثَّانِيَةِ فَإِنْ قَعَدَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ
صَلَاتُهُ (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) هُوَ
(ثِنْتَيْنِ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِخُرُوجِهِ عَنْ
مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ
تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ
السَّلَامِ (وَلَوْ مَكَثَ) بَعْدَهَا لِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ (فَالْأَفْضَلُ
جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ) وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي
الْمَجْمُوعِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
انْصِرَافِهِ مِنْ مَكَانِ مُصَلَّاهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَمِينٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُنَافِيهِ أَنَّهُ
يُسَنُّ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ الذَّهَابُ فِي طَرِيقٍ وَالرُّجُوعُ فِي
أُخْرَى اهـ وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ مَعَ
التَّيَامُنِ أَنْ يَرْجِعَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ الْأُولَى وَإِلَّا رَاعَى
مَصْلَحَةَ الْعَوْدِ فِي أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ شَهَادَةُ
الطَّرِيقَيْنِ لَهُ أَكْثَرُ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا يَقْتَضِي
أَنَّ الْمُرَادَ الِانْصِرَافُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيُنَافِي مَا قَرَّرَهُ
أَوَّلًا لَكِنْ مَا قَرَّرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ
الِانْصِرَافُ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ
الْمَسْجِدِ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْأُجْهُورِيُّ اهـ
لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَنْقَضِي قُدْوَةً إلَخْ) أَتَى بِهَذَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ
قَوْلَهُ فَلِمَأْمُومٍ إلَخْ اهـ ح ل أَيْ وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ فِي بَابِ
الْقُدْوَةِ وَالْقُدْوَةُ بِتَثْلِيثِ الْقَافِ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْقُدْوَةُ اسْمُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ إذَا فَعَلَ
مِثْلَ فِعْلِهِ تَأَسِّيًا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ مِنْ الْكَسْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا إلَخْ) أَفْهَمُ مِنْهُ
لَوْ سَلَّمَ مَعَهُ لَمْ يَضُرَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي م ر فِي شَرْحِهِ اهـ
ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْمَأْمُومِ
لَهُ فِيهَا وَلِذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ خَلْفَ الْإِمَامِ حِينَئِذٍ
لَمْ تَنْعَقِدَ صَلَاتُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ
خِلَافًا لحج وَالْخَطِيبِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ فَلِمَأْمُومٍ أَنْ يَشْتَغِلَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ
الْأَفْضَلَ لَهُ الْمُوَافَقَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر يَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَهُ عَقِبَهُ أَوْلَى
حَيْثُ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا بِأَنْ أَسْرَعَ
الْإِمَامُ فَلِلْمَأْمُومِ الْإِتْيَانُ بِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَقُومُ فَوْرًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَزِيدَ فِي
قُعُودِهِ عَلَى قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فَإِنْ زَادَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر
وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُ
قُعُودِهِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ ضَابِطَهَا قَدْرُ الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الْجُلُوسِ
بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ ضَعِيفَةٌ وَإِنْ اعْتَمَدَ
عَلَيْهَا بَعْضُ الْحَوَاشِي اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَعَدَ) أَيْ: قَدْرًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ
الطُّمَأْنِينَةِ اهـ شَرْحُ م ر اهـ ع ش وَفِيهِ أَنَّ قُعُودَهُ
حِينَئِذٍ فِي مَحَلِّ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ
تَطْوِيلَهَا عِنْدَ م ر لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ حَجّ يَضُرُّ إنْ
زَادَتْ عَلَى قَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ
ضَابِطُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبِرْمَاوِيِّ قُبَيْلَ صَلَاةِ
الْمُسَافِرِ مَا نَصُّهُ، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى م ر
قَالَهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ جِلْسَةِ
الِاسْتِرَاحَةِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ طَالَتْ فَمَا الْفَرْقُ، وَقَدْ
يُقَالُ الْفَرْقُ أَنَّ مَا قَالَهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ
مَطْلُوبٌ مِنْهُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ بِعَيْنِهَا فَلَا يَضُرُّ
التَّطْوِيلُ فِيهَا وَهُنَا لَا تُطْلَبُ مِنْهُ فَافْتَرَقَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَكَثَ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَأَمَّا
غَيْرُهُ فَيَسْتَقْبِلُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى
الْأَصَحِّ وَقِيلَ الْأَفْضَلُ عَكْسُهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ بَعْضُ
الْمُتَأَخِّرِينَ تَرْجِيحُهُ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ الصِّفَةَ الْأُولَى يَصِيرُ
مُسْتَدْبِرًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ
قِبْلَةُ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ:
كُلٌّ مِنْهُمْ يَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اهـ
رَشِيدِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُنْدَبُ جَعْلُ يَمِينِهِ
لِلْقَوْمِ وَلَوْ حَالَ دُعَائِهِ إلَّا فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ فِي مُقَابَلَةِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ
فَيَجْعَلُ يَسَارَهُ إلَيْهِمْ لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ الْقَبْرَ
الشَّرِيفَ وَيُنْدَبُ لِمَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي ذَلِكَ أَنْ
يَجْعَلَ رَأْسَهُ لِجِهَةِ الْقَبْرِ أَيْضًا وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا
زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَمَامِ الْحُجْرَةِ وَخَلْفَهَا فَهُوَ
كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِيهِ
مُخَالَفَةً لِلْأَدَبِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَيَسَارَهُ إلَى الْمِحْرَابِ)
أَيْ: حَتَّى عِنْدَ الدُّعَاءِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر. |