فتوحات
الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل (بَابُ الْحَجْرِ) هُوَ لُغَةً: الْمَنْعُ
وَشَرْعًا: الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَصْلُ
فِيهِ آيَةُ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَآيَةُ {فَإِنْ كَانَ
الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} [البقرة: 282] وَفَسَّرَ
الشَّافِعِيُّ السَّفِيهَ بِالْمُبَذِّرِ وَالضَّعِيفَ بِالصَّبِيِّ
وَبِالْكَبِيرِ الْمُخْتَلِّ وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ
بِالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ وَالْحَجْرُ نَوْعَانِ نَوْعٌ شُرِعَ
لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ لِلْغُرَمَاءِ
وَالرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يَضْمَنُهَا الْأَجْنَبِيُّ إنْ زَادَتْ بِسَبَبِ فِعْلِ الْأَجِيرِ لَمْ
تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ، وَإِلَّا سَقَطَتْ اهـ. شَرْحُ م ر
[بَابُ الْحَجْرِ]
(بَابُ الْحَجْرِ) بِالتَّنْوِينِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ صَنِيعِهِ
خِلَافَهُ (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ) أَيْ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ
الْمَالِيَّةُ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ
عَدَمُ صِحَّةِ أَقْوَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ
ذَلِكَ لِسَلْبِ عِبَارَتِهِمَا، وَهُوَ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى الْحَجْرِ
اهـ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَشَرْعًا مَنْعٌ مِنْ تَصَرُّفٍ خَاصٍّ بِسَبَبٍ خَاصٍّ.
اهـ. ع ش عَلَى م ر وَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ سم سَقْطًا وَحَقُّهَا هَكَذَا
لَا يُمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ عَدَمُ صِحَّةِ أَقْوَالِ الصَّبِيِّ
فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَالْمَجْنُونِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً
الْمَنْعُ) فِي الْمِصْبَاحِ حَجَرَ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ
مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْفُقَهَاءُ
يَحْذِفُونَ الصِّلَةَ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَيَقُولُونَ
مَحْجُورٌ، وَهُوَ شَائِعٌ وَحَجْرُ الْإِنْسَانِ بِالْفَتْحِ وَقَدْ
يُكْسَرُ حِضْنُهُ، وَهُوَ مَا دُونَ إبْطِهِ إلَى الْكَشْحِ، وَهُوَ فِي
حَجْرِهِ أَيْ فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ، وَالْجَمْعُ حُجُورٌ
وَالْحِجْرُ بِالْكَسْرِ الْعَقْلُ وَالْحِجْرُ حَطِيمُ مَكَّةَ، وَهُوَ
الْمَدَارُ بِالْبَيْتِ مِنْ جِهَةِ الْمِيزَابِ وَالْحُجْرَةُ
الْقَرَابَةُ وَالْحِجْرُ الْحَرَامُ وَتَثْلِيثُ الْحَرَامِ لُغَةً
وَبِالْمَضْمُومِ سُمِّيَ الرَّجُلُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا الْفَرَسُ
الْأُنْثَى، وَجَمْعُهَا حُجُورٌ وَأَحْجَارٌ وَقِيلَ الْأَحْجَارُ جَمْعُ
الْإِنَاثِ مِنْ الْخَيْلِ، وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَهَذَا
ضَعِيفٌ لِثُبُوتِ الْمُفْرَدِ وَالْحُجْرَةُ الْبَيْتُ وَالْجَمْعُ حُجَرٌ
وَحُجُرَاتٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ فِي وُجُوهِهَا وَالْحَجَرُ
مَعْرُوفٌ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ اهـ. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ
الْحَجْرُ مُثَلَّثًا الْمَنْعُ ثُمَّ قَالَ وَبِالْكَسْرِ الْعَقْلُ،
وَمَا حَوَاهُ الْحَطِيمُ الْمُحِيطُ بِالْكَعْبَةِ وَالْأُنْثَى مِنْ
الْخَيْلِ وَبِالْهَاءِ لَحْنٌ، وَمَا بَيْنَ يَدَيْك مِنْ ثَوْبِك وَمِنْ
الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَرْجُهُمَا اهـ. قَالَ ع ش عَلَى الْمَوَاهِبِ
بَعْدَ نَقْلِهِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ
مِنْ الثَّوْبِ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ اهـ. بِحُرُوفِهِ
(قَوْلُهُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ)
مِثْلُهُ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ مَنْعٌ مِنْ تَصَرُّفٍ خَاصٍّ بِسَبَبٍ خَاصٍّ اهـ.
وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي
تَعْرِيفِ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ، وَهُوَ لَا
يَتَحَقَّقُ فِي أَحَدٍ إذْ الصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ يَصِحُّ مِنْهُمَا
بَعْضُ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ كَالتَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ مِنْ
الثَّانِي وَكَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْأَوَّلِ فَيَحْتَاجُ
لِاسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ مِنْ التَّعْرِيفِ، وَلَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ اهـ.
ع ش عَلَى م ر وَيُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ أَلْ فِي التَّصَرُّفَاتِ
لِلْجِنْسِ اهـ.
(قَوْلُهُ آيَةُ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] نَبَّهَ عَلَى
الْحَجْرِ بِالِابْتِلَاءِ وَكَنَّى عَنْ الْبُلُوغِ بِبُلُوغِ النِّكَاحِ
اهـ. شَرْحُ م ر وَوَجْهُ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ
بِاخْتِبَارِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ الْحَجْرُ اهـ. ع
ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَآيَةُ {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282]
فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي إمْلَاءِ الْحَقِّ لِلْكَاتِبِ كَمَا
قَالَ {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] ثُمَّ قَالَ {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي
عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] أَيْ يُمْلِلْ الْكَاتِبَ أَيْ عَلَيْهِ
مَا يَكْتُبُ إلَّا أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ التَّصَرُّفَاتِ اهـ.
شَيْخُنَا وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْأُولَى
أَنَّهَا أَفَادَتْ مَا لَمْ تُفِدْهُ الْأُولَى، وَإِنَّمَا يُقْتَصَرُ
عَلَى الثَّانِيَةِ مَعَ شُمُولِهَا لِمَا فِي الْأُولَى بِنَاءً عَلَى مَا
فَسَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْأُولَى التَّصْرِيحَ بِالْيَتِيمِ، وَبِأَنَّ
مَالَهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بَعْدَ رُشْدِهِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ وَبِالْكَبِيرِ الْمُخْتَلِّ) أَيْ مُخْتَلِّ النَّظَرِ بِسَبَبِ
الْكِبَرِ فَيُغَايِرُ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلٌّ بِالْجُنُونِ
اهـ. شَيْخُنَا ح ف
(قَوْلُهُ أَنْ يُمِلَّ) أَيْ يُمْلِيَ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى
{فَلْيُمْلِلْ} [البقرة: 282] فَإِنَّهُ أَبْدَلَ اللَّامَ مِنْ الْيَاءِ
اهـ. سم.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَأَمْلَلْت الْكِتَابَ عَلَى الْكَاتِبِ إمْلَالًا
أَلْقَيْتُهُ عَلَيْهِ وَأَمْلَيْتُهُ عَلَيْهِ إمْلَاءً وَالْأُولَى
لُغَةُ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ وَالثَّانِيَةُ لُغَةُ تَمِيمٍ وَقَيْسٍ
وَجَاءَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِهِمَا {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ
الْحَقُّ} [البقرة: 282] {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا}
[الفرقان: 5] اهـ. (قَوْلُهُ بِالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ) أَيْ بِأَنْ
زَالَ شُعُورُهُ بِالْمَرَّةِ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا
وَبِهَذَا يُغَايِرُ تَفْسِيرَ الضَّعِيفِ بِالصَّبِيِّ وَبِالْكَبِيرِ
الْمُخْتَلِّ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالِاخْتِلَالِ فِيهِ نُقْصَانُ عَقْلِهِ
لَا زَوَالُهُ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَيْ
قَصْدًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً
لِلْمَحْجُورِ أَيْضًا كَسَلَامَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ حُقُوقِ الْغَيْرِ إذْ
لَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَضَيَّعَهُ فِي غَيْرِ
بَرَاءَتِهَا فَتَبْقَى مُرْتَهِنَةً بِدَيْنِهَا فِي الْآخِرَةِ
وَالثَّالِثُ يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْضُ خَبَرٍ فَإِنَّهُ لِوَرَثَتِهِ وَفِي
الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ يَبْقَى عَلَيْهِ حَقُّ سَيِّدِهِ. اهـ. إيعَابٌ
اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى عَدَمِ
انْحِصَارِ هَذَا النَّوْعِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَقَدْ أَنْهَاهُ بَعْضُهُمْ
إلَى نَحْو سَبْعِينَ صُورَةً بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا بَابٌ
وَاسِعٌ جِدًّا لَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُ مَسَائِلِهِ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ سم وَمِنْهُ أَيْضًا الْحَجْرُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ
الَّذِي كَاتَبَهُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي
(3/334)
وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْ
مَالِهِ وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَالْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ
تَعَالَى وَالْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَهَا أَبْوَابٌ تَقَدَّمَ
بَعْضُهَا وَبَعْضُهَا يَأْتِي
وَنَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْحَجْرُ
(بِجُنُونٍ وَصِبَا وَسَفَهٍ فَالْجُنُونُ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ)
كَعِبَارَةِ الْمُعَامَلَةِ وَالدَّيْنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِسْلَامِ
(وَالْوِلَايَةَ) كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ
بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ فَيُعْتَبَرُ مِنْهَا التَّمَلُّكُ بِاحْتِطَابٍ
وَنَحْوِهِ وَالْإِتْلَافُ فَيَنْفُذُ مِنْهُ الِاسْتِيلَادُ وَيَثْبُتُ
النَّسَبُ بِزِنَاهُ وَيَغْرَمُ مَا أَتْلَفَهُ وَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ
ذَلِكَ (إلَى إفَاقَةٍ) مِنْهُ فَيَنْفَكُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَالْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ رُبَّمَا
تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ وَأَصْلِهِ، وَالْحَجْرُ الْغَرِيبُ
وَالْحَجْرُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ
حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ وَعَلَى السَّابِي لِلْحَرْبِيِّ فِي مَالِهِ
إذَا كَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ دَيْنٌ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي
الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ لِحَقِّ
الْغُرَمَاءِ وَعَلَى السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ
لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا بَدَلَهَا وَدَارَ
الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ وَالْحَمْلِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي
الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَعَلَى السَّيِّدِ فِي
أُمِّ الْوَلَدِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي
اسْتَأْجَرَ شَخْصًا عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا كَصَبْغٍ أَوْ قِصَارَةٍ اهـ.
عِ، وَقَوْلُهُ وَالْحَجْرُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي
إلَخْ عِبَارَةُ الإسنوي إذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ كَانَ لَهُ
حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ وَيُحْجَرُ عَلَى الْبَائِعِ فِي
بَيْعِهِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى
الْبَائِعِ إلَّا إنْ حُبِسَ الْمُشْتَرِي اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ) أَيْ وَنَحْوُهُ مَنْ كُلُّ مَنْ
وَصَلَ إلَى حَالَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثِ
كَالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ اهـ. حَلَبِيٌّ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا
أَنَّهُ لَوْ وَفَّى بَعْضُ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ،
وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالَهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَقَوْلُ
جَمْعٍ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي
جَمِيعِ تَرِكَتِهِ مُرَادُهُمْ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعَاتِ اهـ.
حَجّ أَيْ بِخِلَافِ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ اهـ. م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ)
أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ
دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ اهـ. شَرْحُ
م ر
(قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ إذَا
تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا فِيهِ خَطَرٌ كَالْقَرْضِ أَوْ تَبَرَّعَ وَفِيهِ
أَنَّهُ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيمَا
ذُكِرَ لَا يَصِحُّ لِبَقَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ
اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِحَقِّ سَيِّدِهِ،
وَهُوَ أَدَاءُ النُّجُومِ وَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ فَكُّ
الرَّقَبَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا) ، وَهُوَ الْفَلَسُ وَالرَّهْنُ
وَمُعَامَلَةُ الْعَبِيدِ وَيَأْتِي بَعْضُهَا، وَهُوَ حَجْرُ الْمَرَضِ
يَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ وَحَجْرُ الْمُكَاتَبِ يَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ
وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ وَمُرَادُهُ بِهَذِهِ
الْعِبَارَةِ الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي
الْمَتْنِ هُنَا مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ ذَكَرَهَا هُنَا
(قَوْلُهُ بِجُنُونٍ وَصِبًا وَسَفَهٍ) وَحَجْرُ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ
الثَّلَاثَةِ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ. اهـ شَرْحُ م ر أَيْ؛ لِأَنَّ
الْمَجْنُونَ لَا يَعْتُدُ بِشَيْءٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ أَصْلًا
وَالصَّبِيُّ يَعْتَدُّ بِبَعَضِ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ
الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ وَالْمُبَذِّرُ يَعْتَدُّ بِقَبُولِهِ
النِّكَاحَ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ، وَلَا يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ إلَّا
بِإِذْنِهِ وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ لِإِرْقَائِهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ سَفِهَ سَفَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَسَفُهَ بِالضَّمِّ
سَفَاهَةً فَهُوَ سَفِيهٌ وَالْأُنْثَى سَفِيهَةٌ وَجَمْعُهُمَا سُفَهَاءُ
وَالسَّفَهُ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَأَصْلُهُ الْخِفَّةُ
(قَوْلُهُ فَالْجُنُونُ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ) وَالْمَجْنُونُ إذَا كَانَ
لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٌ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِيمَا يَأْتِي نَقَلَهُ
الشَّيْخَانِ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ
وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ فَمَجْنُونٌ، وَإِلَّا
فَهُوَ مُكَلَّفٌ وَتَصَرُّفُهُ صَحِيحٌ فَإِنْ بَذَّرَ فَكَسَفِيهٍ اهـ.
شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي مِنْهُ صِحَّةُ
الصَّلَاةِ وَعَدَمُ مُعَاقَبَتِهِ عَلَى تَرْكِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا
يُفْهَمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالصَّبِيِّ لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ شَرْحِ
الرَّوْضِ أَيْ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ
فِيمَا عَدَا الْمَالِ كَالْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ
الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعِقَابَهُ عَلَى تَرْكِهَا، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا
قُتِلَ بِشَرْطِهِ وَيُحَدُّ إذَا زَنَى أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ إلَى غَيْرِ
ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ بِسَلْبِ الْعِبَارَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ
كَالْإِسْلَامِ أَوْ عَلَيْهِ كَالرِّدَّةِ فَقَوْلُهُ وَالْإِسْلَامِ أَيْ
فِعْلًا وَتَرْكًا، وَقَوْلُهُ وَالْوِلَايَةَ أَيْ الثَّابِتَةَ
بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ كَالْإِيصَاءِ
وَالْقَضَاءِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ) عَبَّرَ
بِهِ دُونَ بِمَنْعٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُفِيدُ السَّلْبَ بِدَلِيلِ
أَنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ، وَلَا
يَسْلُبُهَا وَلِهَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبْعَدِ اهـ.
شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَالْإِيصَاءَ) أَيْ بِأَنْ يُوَصِّي الْغَيْرَ فِي أُمُورِهِ،
وَقَوْلُهُ وَالْأَيْتَامِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ وَصِيًّا لِلْغَيْرِ عَلَى
أَوْلَادِهِ أَوْ قَيِّمًا عَلَيْهِمْ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ اهـ.
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مِنْهَا التَّمَلُّكُ) أَيْ حُصُولُ
الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِزِنَاهُ) أَيْ كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً
فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ
وَلَدُ الزِّنَا لَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إطْلَاقُ
الزِّنَا عَلَى فِعْلِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ لَا
الْحَقِيقَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَيَسْتَمِرُّ سَلْبُهُ ذَلِكَ) لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ إشَارَةً
إلَى أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَعَدَاهُ فِي لَاحِقِهِ بِاللَّامِ
إشَارَةٌ إلَى جَوَازِهِ أَيْضًا وَغَايَرَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ
بِقَوْلِهِ لَمَّا ذَكَرَ لَعَلَّهُ لِلتَّفَنُّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى إفَاقَةٍ)
(3/335)
بِلَا فَكِّ قَاضٍ بِلَا خِلَافٍ
(وَالصِّبَا) الْقَائِمُ بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَلَوْ مُمَيِّزًا
(كَذَلِكَ) أَيْ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ وَالْوِلَايَةَ (إلَّا مَا
اُسْتُثْنِيَ) مِنْ عِبَادَةٍ مِنْ مُمَيِّزٍ وَإِذْنٍ فِي دُخُولٍ
وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ مِنْ مُمَيِّزٍ مَأْمُونٍ وَقَوْلِي كَذَلِكَ إلَى
آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَيَسْتَمِرُّ سَلَبُهُ لِمَا ذُكِرَ (إلَى
بُلُوغٍ) فَيَنْفَكُّ بِلَا قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِلَا قَاضٍ
فَلَا يَتَوَقَّفُ زَوَالُهُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ كَحَجْرِ الْجُنُونِ
وَعَبَّرَ الْأَصْلُ كَكَثِيرٍ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا قَالَ الشَّيْخَانِ:
وَلَيْسَ اخْتِلَافًا مُحَقَّقًا بَلْ مَنْ عَبَّرَ بِالثَّانِي أَرَادَ
الْإِطْلَاقَ الْكُلِّيَّ، وَمَنْ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ أَرَادَ حَجْرَ
الصِّبَا، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ
بِالْحَجْرِ، وَكَذَا التَّبْذِيرُ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ وَمَنْ
بَلَغَ مُبَذِّرًا فَحُكْمُ تَصَرُّفِهِ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ لَا
حُكْمُ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ. انْتَهَى، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرْت
بِالْأَوَّلِ وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ إمَّا (بِكَمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ
سَنَةً) قَمَرِيَّةً تَحْدِيدِيَّةً لِخَبَرِ «ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا - عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ
يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْت وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ
وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت»
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَابْتِدَاؤُهَا
مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْوَلَدِ (أَوْ إمْنَاءٌ) لِآيَةِ {وَإِذَا
بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59] وَالْحُلُمُ
الِاحْتِلَامُ، وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَالْمُرَادُ بِهِ
هُنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَيْ صَافِيَةٍ عَنْ خَبَلٍ يُؤَدِّي لِحِدَّةٍ فِي الْخُلُقِ كَمَا
صَرَّحَ بِهِ م ر فِي النِّكَاحِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ بِلَا فَكِّ قَاضٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِلَا حَجْرِ
قَاضٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ نَعَمْ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ
لَا تَعُودُ إلَّا بِوِلَايَةٍ جَدِيدَةٍ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ أَيْ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ) أَيْ فِي الْمُعَامَلَةِ
كَالْبَيْعِ، وَفِي الدِّينِ كَالْإِسْلَامِ وَصِحَّةِ إسْلَامِ سَيِّدِنَا
عَلِيٍّ، وَهُوَ صَبِيٌّ لِكَوْنِ الْأَحْكَامِ كَانَتْ مَنُوطَةً
بِالتَّمْيِيزِ ثُمَّ أُنِيطَتْ بِالتَّكْلِيفِ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا قَبْلَ
الْإِسْلَامِ (فَائِدَةٌ)
قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ: الْعَبْدُ الْمُكَلَّفُ عَلَى ثَلَاثَةِ
أَقْسَامٍ قِسْمٌ كُلِّفَ مِنْ أَوَّلِ الْفِطْرَةِ قَطْعًا، وَهُمْ
الْمَلَائِكَةُ وَآدَمُ وَحَوَّاءُ وَقِسْمٌ لَمْ يُكَلِّفْ مِنْ أَوَّلِ
الْفِطْرَةِ قَطْعًا، وَهُمْ أَوْلَادُ آدَمَ وَقِسْمٌ فِيهِ نِزَاعٌ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ مِنْ أَوَّلِ الْفِطْرَةِ، وَهُمْ
الْجَانُّ. اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ مِنْ عِبَادَةِ مِنْ مُمَيِّزٍ) لَكِنَّهُ يُثَابُ عَلَى
الْفَرِيضَةِ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْبَالِغِ عَلَى النَّافِلَةِ
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ خِطَابِهِ بِهَا وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا
ثَوَابَ أَصْلًا لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِالْعِبَادَةِ لَكِنَّهُ أُثِيبَ
تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْعِبَادَةِ فَلَا يَتْرُكُهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ إنْ
شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ) هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْوِلَايَةِ
وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْعِبَارَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْوِلَايَةِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ مَأْمُونٍ) أَيْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ. اهـ. ز ي
وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ أَيْضًا اهـ. سم اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَقَوْلِي كَذَلِكَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَخْ لَفْظَةُ
إلَّا مَا اسْتَثْنَى فَقَطْ كَمَا يُعْلَمْ بِمُرَاجَعَةِ الْأَصْلِ
(قَوْلُهُ فَيَنْفَكُّ بِلَا فَكِّ قَاضٍ) لَمْ يَقُلْ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ
كَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا مَا
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ح ل لَمْ يَقُلْ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ
يُقَالُ عَوْدُ الْوِلَايَةِ وَالْعِبَارَةِ بِالْإِفَاقَةِ قَدْ
يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ بِخِلَافِ زَوَالِ حَجْرِ الصَّبِيِّ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ كَحَجْرِ الْجُنُونِ) لَمْ يَقُلْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي
الْمَجْنُونِ حَتَّى يَنْظُرَ بِهِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ كَحَجْرِ الْجُنُونِ) لَوْ جُنَّ، وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ بَلَغَ
سَفِيهًا ثُمَّ جُنَّ فَفِي التَّنْبِيهِ لَا يَحْصُلُ الْفَكُّ
بِالْإِفَاقَةِ بِمَعْنَى أَنَّ حَجَرَ السَّفِيهِ يَعُودُ فِي الثَّانِي
وَحَجْرَ الصَّبِيِّ يَعُودُ فِي الْأَوَّلِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ
أَرَادَ الْإِطْلَاقَ الْكُلِّيَّ) أَيْ الِانْفِكَاكَ الْكُلِّيَّ أَيْ
زَوَالَ الْحَجْرِ، زَوَالًا كُلِّيًّا، وَقَوْلُهُ مَنْ عَبَّرَ
بِالْأَوَّلِ أَيْ بِالْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِهِ بِالرُّشْدِ
أَرَادَ حَجْرَ الصَّبِيِّ أَيْ أَرَادَ زَوَالَ حَجْرِ الصَّبِيِّ وَلَوْ
خَلَفَهُ حَجْرٌ آخَرُ بِسَبَبِ السَّفَهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ
وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ مِنْهُ
التَّدْبِيرُ وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصُّلْحِ فِي
الْقِصَاصِ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِزَائِدٍ عَلَى الدِّيَةِ وَالْعَفْوِ عَنْ
قِصَاصٍ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ بِخِلَافِ
الصَّبِيِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ وَمَنْ بَلَغَ مُبَذِّرٌ إلَخْ) كَانَ الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ؛
لِأَنَّ هَذَا تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ) أَيْ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ
بِالسَّفَهِ وَمِنْهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَعَدَمِ
صِحَّةِ تَزْوِيجِ وَلِيِّهِ إيَّاهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ بِخِلَافِ
الصَّبِيِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَفِي ح ل قَدْ يُقَالُ هُوَ سَفِيهٌ
وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَتَصَرُّفُهُ تَصَرُّفُ السَّفِيهِ
إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالسَّفِيهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ
الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ) أَيْ فَيَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِذْنِ
فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَالنِّكَاحِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لَا حُكْمُ
تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ، وَهَذَا أَوْلَى
إلَخْ (قَوْلُهُ بِكَمَالِ خَمْسِ عَشَرَةَ سَنَةً) وَقِيلَ بِأَوَّلِهَا
وَقِيلَ بِنِصْفِهَا. اهـ سم (قَوْلُهُ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
سَنَةً) مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ
طَعَنْت فِيهَا وَبِقَوْلِهِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ
اسْتَكْمَلْتهَا؛ لِأَنَّ غَزْوَةَ أُحُدٍ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ
ثَلَاثٍ وَالْخَنْدَقُ فِي جُمَادَى سَنَةَ خَمْسٍ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فَلَمْ يُجِزْنِي) أَيْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْخُرُوجِ
لِلْقِتَالِ، وَقَوْلُهُ فَأَجَازَنِي أَيْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ
لِلْقِتَالِ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ
الْمُسَمَّى بِالْإِعْلَامِ وَقِيلَ مَعْنَى لَمْ يُجِزْنِي أَيْ لَمْ
يَعُدَّنِي فِي الْبَالِغِينَ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ،
وَقَوْلُهُ، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ،
وَكَذَا قَوْلُهُ وَرَآنِي بَلَغْتُ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ إمْنَاءٍ)
ضَابِطُهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَلَوْ أَحَسَّ بِالْمَنِيِّ فِي
قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَقَبَضَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ
لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِاخْتِلَافِ مُدْرَكِ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّ
الْمَدَارَ فِي الْغُسْلِ عَلَى الْخُرُوجِ فِي الظَّاهِرِ وَفِي
الْبُلُوغِ عَلَى الْإِنْزَالِ قَالَهُ م ر، وَلَا يَرُدُّ هَذَا عَلَى
قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنَّ ضَابِطَهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ
الْمُرَادَ مَا يَكُونُ شَأْنُهُ إيجَابَ الْغُسْلِ لَوْ خَرَجَ
فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ) أَيْ مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ اهـ.
شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ حَلَمَ يَحْلُمُ مِنْ بَابِ قَتَلَ حُلْمًا
بِضَمَّتَيْنِ وَإِسْكَانٍ
(3/336)
خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ
يَقَظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِمْكَانُهُ) أَيْ وَقْتَ إمْكَانِ
الْإِمْنَاءِ (كَمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ بِالِاسْتِقْرَاءِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ كَمَا فِي الْحَيْضِ (أَوْ حَيْضٍ)
فِي حَقِّ أُنْثَى بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلِ أُنْثَى أَمَارَةٌ) أَيْ
عَلَامَةٌ عَلَى بُلُوغِهَا بِالْإِمْنَاءِ فَلَيْسَ بُلُوغًا؛ لِأَنَّهُ
مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ فَيُحْكَمُ بَعْدَ الْوَضْعِ بِالْبُلُوغِ
قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ، وَذِكْرُ كَوْنِهِ أَمَارَةً مِنْ
زِيَادَتِي، وَلَوْ أَمْنَى الْخُنْثَى مِنْ ذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ
فَرْجِهِ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ، وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا عِنْدَ
الْجُمْهُورِ وَجَعَلَهُ الْإِمَامُ بُلُوغًا فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ
غُيِّرَ قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ
تَكَرَّرَ فَنَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّوَوِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الثَّانِي تَخْفِيفٌ وَاحْتَلَمَ م ر رَأَى فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا
وَأَنْزَلَ وَحَلَمَ الصَّبِيُّ وَاحْتَلَمَ أَدْرَكَ وَبَلَغَ مَبَالِغَ
الرِّجَالِ فَهُوَ حَالِمٌ وَمُحْتَلِمٌ اهـ. وَمُقْتَضَاهُ كَعِبَارَةِ
الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْحُلْمَ لَا يُطْلَقُ لُغَةً إلَّا عَلَى
الرُّؤْيَةِ الْمَصْحُوبَةِ بِإِنْزَالٍ، وَلَمْ يُقَيَّدْ فِي
الْمُخْتَارِ بِهَذَا الْقَيْدِ، وَكَذَا سِيَاقُ تَفْسِيرِ قَوْله
تَعَالَى {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44] يَقْتَضِي عَدَمَ
التَّقْيِيدِ، وَأَنَّ الْحُلْمَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّائِمُ
مُطْلَقًا (قَوْلُهُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ
أَوْ غَيْرِهِ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ عَلَى مَا بَيْنَ الْغُسْلِ
اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي
تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ
يَلْحَقُهُ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِهِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَنَقَلَهُ
الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ
يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ
وَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ
بِوَلَدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي ثُبُوتِ
إيلَادِهِ وَالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَالِ
تِسْعِ سِنِينَ) وَقِيلَ فِي الصَّبِيِّ نِصْفُ الْعَاشِرَةِ وَقِيلَ
تَمَامُهَا وَقِيلَ فِي الصَّبِيَّةِ نِصْفُ التَّاسِعَةِ وَقِيلَ
أَوَّلُهَا اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ لَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ
لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ إنْزَالُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ لَا
الْبُلُوغُ اهـ. وَاعْتَمَدَهُ م ر (فَرْعٌ)
قَالُوا لَوْ أَتَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الْمُطَلِّقُ
حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَوْ أَتَتْ مَنْ طَلُقَتْ
عَلَى تَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِوَلَدٍ بَعْدَ مُضِيِّ
التَّاسِعَةِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ
يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ لِئَلَّا يَحْكُمَ بِالْبُلُوغِ
قَبْلَ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ فَهَلْ نَقُولُ هُنَا
لَا يَلْحَقُهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَظَهَرَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ؛ لِأَنَّ
النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ وَلِهَذَا لَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ بِوَلَدٍ
حُكِمَ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِبُلُوغِهِ وَلَكِنْ لَا
يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا إلَّا بَعْدَ التَّاسِعَةِ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر
ثُمَّ ظَهَرَ لِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَيَّدُوا مَسْأَلَةَ الصَّبِيِّ
بِمَا إذَا أَمْكَنَ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ، وَهُنَا لَا يُمْكِنُ
الْبُلُوغُ بِالِاحْتِلَامِ قَبْلَ تَمَامِ التَّاسِعَةِ وَالْوَجْهُ
عَدَمُ اللُّحُوقُ اهـ. سم قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ
إلَخْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْحَيْضِ بِأَنَّ الْحَيْضَ ضَبْطٌ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ
فَالزَّمَنُ الَّذِي لَا يَسَعُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وُجُودُهُ
كَالْعَدَمِ قَالَهُ شَيْخُنَا
وَاعْتَمَدَ طب وحج مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ
وَبَحَثَهُ أَيْضًا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ نَقْصَهَا هَلْ
بِمِقْدَارِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَانْقِطَاعِهِ أَوْ يَوْمٍ أَوْ
يَوْمَيْنِ أَوْ الزَّمَنِ الَّذِي لَا يَسَعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ
وَالطُّهْرِ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا هَذَا الْأَخِيرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا
تَقْرِيبِيَّةٌ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ ذِكْرُ
الشَّيْءِ فِي بَابِهِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا أَنَّهَا
تَحْدِيدِيَّةٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي
الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ فِي
خُصُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ إلَّا إنْ طَلَبَ سَهْمَ
الْمُقَاتَلَةِ كَأَنْ كَانَ مِنْ الْغُزَاةِ أَوْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ
فِي الدِّيوَانِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِلتُّهْمَةِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّ
الْحَبَلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُرُوجِ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ إلَى خَارِجِ
الْفَرْجِ بَلْ اللَّازِمُ حُصُولُ الْمَنِيِّ دَاخِلَ الْفَرْجِ
لِيَنْعَقِدَ مِنْهُ الْوَلَدُ فَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَنَا بِالْبُلُوغِ
فِيمَا لَوْ أَحَسَّ الرَّجُلُ بِالْمَنِيِّ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ
فَأَمْسَكَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ فَيُحْكَمُ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَخْ) ، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُفَّاخًا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً،
وَإِلَّا حُكِمَ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ، وَذَلِكَ إذَا
أَقَامَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِسِتَّةِ
أَشْهُرٍ وَلَحْظَةٍ انْتَهَتْ وَفَائِدَةُ هَذَا الْأَمْرِ بِقَضَاءِ
الْعِبَادَاتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ
بِسِتِّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَنِيِّ وَحْدَهُ إمَّا مِنْ الذَّكَرِ
أَوْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ مِنْهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي وُجُودِ
الْحَيْضِ فَقَطْ وَيُزَادُ عَلَى هَذِهِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ أُخْرَى،
وَهِيَ مَا إذَا وُجِدَا مَعًا مِنْ الذَّكَرِ أَوْ الْفَرْجِ أَوْ
الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ وَالْحَيْضِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْحُكْمُ فِي
الْجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَخْ
(قَوْلُهُ فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ
أَمْنَى بِذَكَرِهِ مَثَلًا حُكِمَ بِبُلُوغِهِ فَلَوْ حَاضَ بَعْدَ ذَلِكَ
بِفَرْجِهِ غُيِّرَ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمُ وَجُعِلَ
الْبُلُوغُ مِنْ الْآنَ لِمُعَارَضَةِ الْحَيْضِ لِلْمَنِيِّ
فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ قُلْت لَا مُنَافَاةَ
بَيْنَ الْحَيْضِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ
يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ
قُلْتُ ذَلِكَ مَحَلُّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ مُنْتَفٍ
هُنَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ
طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ انْفِتَاحِ الْمُعْتَادِ لَا يَكُونُ بُلُوغًا
تَأَمَّلْ.
(فَائِدَةٌ)
قَوْلُهُمْ إذَا أَمْنَى الْخُنْثَى بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ لَا يُحْكَمُ
بِبُلُوغِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْآخَرِ مَا يُخَالِفُهُ
مَعْنَاهُ
(3/337)
وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ (كَنَبْتِ عَانَةِ
كَافِرٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (خَشِنَةٍ) فَإِنَّهُ أَمَارَةٌ
عَلَى بُلُوغِهِ لِخَبَرِ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ كُنْت مِنْ سَبْيِ
بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ
وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ
تَنْبُتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَفَادَ كَوْنُهُ أَمَارَةً
أَنَّهُ لَيْسَ بُلُوغًا حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَلِمْ
وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ
يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَحَكَى ابْنُ
الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ
أَمَارَةُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ
أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ
أَمَارَةً فِي حَقِّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ عَلَى فَرْجَيْهِ قَالَهُ
الْمَاوَرْدِيُّ وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُسْلِمُ لِسُهُولَةِ
مُرَاجَعَةِ آبَائِهِ وَأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ
بِالْإِنْبَاتِ فَرُبَّمَا تَعَجَّلَهُ دَوَاءً دَفْعًا لِلْحَجْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَائِدًا وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ
مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ لَا
أَثَرَ لَهُ وَقَدْ يَرُدُّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ
أَنَّ إمْدَادَ الْبُلُوغِ عَلَى الْإِنْزَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى
الْإِنْزَالِ وَالْوُصُولِ إلَى مَحَلِّ بَحْثٍ لَوْ خَرَجَ لَخَرَجَ مِنْ
الْأَصْلِيِّ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ فِيهِ
نَظَرًا وَقِيَاسُ الْحُكْمِ بِالْبُلُوغِ ثُمَّ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ
هُنَا. اهـ سم
(قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى غَرِيبٌ مِنْ
حَيْثُ النَّقْلِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ كَنَبْتِ عَانَةِ كَافِرٍ خَشِنَةٍ) شَمِلَ كَلَامُهُ الذَّكَرَ
وَالْأُنْثَى، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ وَيُصَدَّقُ وَلَدٌ
كَافِرٌ سُبِيَ فَادَّعَى الِاسْتِعْجَالَ بِدَوَاءٍ بِيَمِينِهِ لِدَفْعِ
الْقَتْلِ لَا لِإِسْقَاطِ جِزْيَةٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ
الذِّمَّةِ، وَطُولِبَ بِهَا، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ
الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَالَيْنِ وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى إذَا
رَآهُ، وَلَا يَشْكُلُ تَحْلِيفُهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ صِبَاهُ
وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ لِمَنْعِ كَوْنِهِ يُثْبِتُهُ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ
بِالْأَصْلِ، وَإِنَّمَا الْعَلَامَةُ، وَهِيَ الْإِنْبَاتُ عَارَضَهَا
دَعْوَاهُ الِاسْتِعْجَالَ فَضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا عَلَى الْبُلُوغِ
فَاحْتِيجَ لِمُعَيِّنٍ لَمَّا عَارَضَهَا، وَهُوَ الْيَمِينُ، وَأَيْضًا
فَالِاحْتِيَاطُ لِحَقْنِ الدَّمِ قَدْ يُوجِبُ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ
وَلِذَا قُبِلَتْ جِزْيَةُ الْمَجُوسِ مَعَ حُرْمَةِ مُنَاكَحَتِهِمْ
عَلَيْنَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ عَانَةِ كَافِرٍ) ، وَهِيَ الشَّعْرُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ
الْأَشْهَرُ أَنَّ النَّابِتَ عَانَةٌ وَالْمَنْبَتُ شِعْرَةٌ بِكَسْرِ
أَوَّلِهِ اهـ. ح ل.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْعَانَةُ فِي تَقْدِيرِ فَعَلَةٍ بِفَتْحِ
الْعَيْنِ وَفِيهَا اخْتِلَافٌ فَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ
مَنْبَتُ الشَّعْرِ فَوْقَ قُبُلِ الرَّجُلِ وَالشَّعْرُ النَّابِتُ
عَلَيْهَا يُقَالُ لَهُ الْإِسْبُ وَالشِّعْرَةُ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي
مَوْضِعٍ الْعَانَةُ: الْإِسْبُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هِيَ شَعْرُ
الرَّكَبِ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَابْنُ السِّكِّيتِ اسْتَعَانَ
وَاسْتَمَدَّ حَلَقَ عَانَتَهُ، وَعَلَى هَذَا فَالْعَانَةُ: الشَّعْرُ
النَّابِتُ. اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا الْإِسْبُ وِزَانُ حِمْلٍ شَعْرُ الِاسْت. اهـ. وَفِيهِ
أَيْضًا وَالشِّعْرَةُ وِزَانُ سِدْرَةٌ الرَّكَبُ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً
قَالَ فِي الْعُبَابِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الشِّعْرَةُ وِزَانُ ثِمْرَةٍ
الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى عَانَةِ الرَّجُلِ وَرَكَبِ الْمَرْأَةِ
وَعَلَى مَا وَرَاءَهُمَا اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالرَّكَبُ بِفَتْحَتَيْنِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ الْعَانَةُ، وَعَنْ الْخَلِيل هُوَ لِلرَّجُلِ
خَاصَّةً وَقَالَ الْفَرَّاءُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنْشَدَ
لَا يُقْنِعُ الْجَارِيَةَ الْخِضَابُ ... وَلَا الْوِشَاحَانِ وَلَا
الْجِلْبَابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الْأَرْكَابُ ... وَيَقْعُدَ الْأَيْرُ لَهُ
لُعَابُ
(قَوْلُهُ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ) أَيْ مَعَ السَّبْيِ أَيْ
النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ (قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَوْنُهُ عَلَامَةً) أَيْ
لَيْسَ بُلُوغًا حَقِيقَةً لِجَوَازِ تَخَلُّفِهِ عَنْهَا، وَفِيهِ أَنَّهُ
حَيْثُ وُجِدَتْ الْعَلَامَةُ وُجِدَ الْعَلَمُ اهـ. ح ل إلَّا أَنَّ
الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَمَارَةٌ لَا عَلَامَةٌ (قَوْلُهُ
وَلِهَذَا) أَيْ كَوْنُ نَبَاتِهَا لَيْسَ بُلُوغًا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ
عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً أَيْ وَفَوْقَ تِسْعِ سِنِينَ،
وَقَوْلُهُ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ إذْ لَوْ كَانَ
بُلُوغًا حَقِيقِيًّا لَمْ تُسْمَعْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ، وَحِينَئِذٍ
فَقَدْ تَخَلَّفَ الشَّيْءُ عَنْ عَلَامَتِهِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ:
الْعَلَامَةُ تَطَّرِدُ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ بِالْإِنْبَاتِ) مِنْ أَنْبَتَ اللَّازِمِ كَنَبَتَ يُقَالُ:
أَنْبَتَ الْأَرْضَ وَنَبَتَ وَأَنْبَتَ الْبَقْلُ وَنَبَتَ وَيَصِحُّ مِنْ
الْمُتَعَدِّي وَيَشْهَدُ لَهُ: مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فِي الْحَدِيثِ
اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ
وَلِهَذَا إلَخْ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ:
عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ بِخُصُوصِهِ وَقِيلَ عَلَامَةٌ
عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ بِخُصُوصِهِ وَقِيلَ عَلَامَةٌ عَلَى
الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ،
وَفِي ح ل قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ قَوْلُهُمْ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ
يَحْتَلِمْ إلَخْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذْ لَوْ كَانَ
أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ لَحُكِمَ بِبُلُوغِهِ
لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ
أَنَّهُ احْتَلَمَ فَلَا يُقَالُ: الْفَرْضُ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ
أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَلِمَ،
وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ
إلَخْ) فِي دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ نَظَرٌ دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ
اهـ. سم، وَقَوْلُهُ نَظَرٌ دَقِيقٌ أَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ
لَوْ كَانَ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ لَكَانَ وُجُودُهُ
جَارِحًا فِي شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ
الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذْ قَضِيَّةُ قَبُولِهَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً
عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ
الْعَلَامَةَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا لِجَوَازِ سَبْقِهَا عَلَى سَنَةٍ
فِيمَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ لِزِيَادَةِ
حَرَارَةٍ وَنَحْوِهَا فِيهِ لِوُجُودِ الْمُعَارَضَةِ، وَهُوَ قِيَامُ
الْبَيِّنَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِسَابِقِ
الْكَلَامِ وَلَاحِقِهِ أَنْ يُقَالَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً
عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ كَلَامِ
الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا)
مُعْتَمَدٌ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ
(3/338)
وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ
الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ
الْجِزْيَةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَإِلَّا
فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالطِّفْلُ الَّذِي تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ
أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ
وَأُلْحِقَ بِالْكَافِرِ مَنْ جُهِلَ إسْلَامِهِ وَوَقْتُ إمْكَانِ نَبَاتِ
الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ.
وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةٍ إنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ
بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ
وَخَرَجَ بِالْعَانَةِ غَيْرُهَا كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ
وَثِقَلِ الصَّوْتِ وَنُهُودِ الثَّدْيِ.
(فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا أُعْطِيَ مَالَهُ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ
(وَالرُّشْدُ) ابْتِدَاءً (صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ) حَتَّى مِنْ كَافِرٍ
كَمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ) أَيْ لِجَمِيعِهَا شَرْعِيَّةً أَوْ
جَعْلِيَّةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَرَى عَلَى الْأَصْلِ
وَالْغَالِبِ) أَيْ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ
لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةٍ إلَخْ وَفِي الْكَافِرِ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ
يُفْضِي بِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا الْخُنْثَى وَالْأُنْثَى أَيْ
الْكَافِرَانِ مُحْتَرَزُ الْغَالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي، وَقَوْلُهُ
وَالطِّفْلُ أَيْ الْمُسْلِمُ مُحْتَرَزُ الْغَالِبِ بِالنِّسْبَةِ
لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ أَيْ يَكُونُ أَمَارَةً عَلَى
الْبُلُوغِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الْكَافِرَيْنِ، وَلَا يَكُونُ
عَلَامَةً فِي الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ فَكَذَلِكَ تَحْتَهَا أَمْرَانِ
كَوْنُهُ أَمَارَةً بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الطِّفْلِ وَغَيْرَ أَمَارَةٍ
بِالنِّسْبَةِ لَهُ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى
لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الْكُفَّارِ أَيْ فَإِنَّهُمَا لَا يُقْتَلَانِ
وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا فَالتَّعْلِيلُ بِالْإِفْضَاءِ إلَى الْقَتْلِ
أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ
يُرَادَ بِالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِمُشَارَكَتِهِمَا
الذَّكَرَ فِي دَفْعِ الْحَجْرِ وَتَشَوُّفِ الْوِلَايَاتِ أَمَّا
الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُمَا
الْوِلَايَةَ بِنَحْوِ وِصَايَةٍ وَشَرْطِ نَظَرِ وَقْفٍ فَلَيْسَ
التَّعْلِيلُ بِدَفْعِ الْحَجْرِ وَتَشَوُّفِ الْوِلَايَاتِ جَرْيًا عَلَى
الْغَالِبِ كَتَبَهُ بِهَامِشِ الْإِمْدَادِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَوَقْتَ
إمْكَانِ نَبَاتِ الْعَانَةِ إلَخْ) هَذَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ
دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ أَوْ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا
فَالْجَزْمُ بِهَذَا مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ نَظَرٌ؛
لِأَنَّ هَذَا كَمَا عَلِمْت لَا يَأْتِي عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ
الثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ
أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ
نَبَاتِهَا قَبْلَ إكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اهـ. ح ل (قَوْلُهُ
وَقْتَ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ) أَيْ فَلَوْ نَبَتَ قَبْلَ إمْكَانِ
خُرُوجِ الْمَنِيِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَخْ) ، وَكَذَا اللَّمْسُ لِيُعْلَمَ
كَوْنُهُ خَشِنًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى حَالَةٍ
لَمْ يُكْتَفَ فِيهَا بِالنَّظَرِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَإِلَّا
فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ
إذَا اُكْتُفِيَ بِاللَّمْسِ يَحْرُمُ النَّظَرُ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ كَشَعْرِ الْإِبْطِ) فِي الْمِصْبَاحِ الْإِبْطُ مَا تَحْتَ
الْجَنَاحِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ: هُوَ الْإِبْطُ، وَهِيَ
الْإِبْطُ وَمِنْ كَلَامِهِمْ وَرَفَعَ السَّوْطَ حَتَّى بَرَقَتْ إبْطُهُ
وَالْجَمْعُ آبَاطٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ وَيَزْعُمُ بَعْضُ
الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كَسْرَ الْبَاءِ لُغَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ ثَبْتٍ
لِمَا يَأْتِي فِي إبْطٍ، وَتَأَبَّطَ الشَّيْءُ جَعَلَهُ تَحْتَ إبْطِهِ
اهـ. (قَوْلُهُ كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ) وَكَالشَّارِبِ
وَنُتُوِّ الْحُلْقُومِ وَانْفِرَاقِ الْأَرْنَبَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ
تَدُلَّ اللِّحْيَةُ وَشَعْرُ الْإِبْطِ عَلَى الْبُلُوغِ لِنُدُورِهِمَا
دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ وَلِأَنَّ إنْبَاتَهُمَا لَوْ دَلَّ عَلَى
الْبُلُوغِ لَمَا كَشَفُوا الْعَانَةَ فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمَا
فِيهِ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ اهـ. شَرْحُ م
ر (قَوْلُهُ وَاللِّحْيَةِ) أَيْ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَلِيلًا لِنُدْرَتِهَا
دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَوْ جُعِلَتْ أَمَارَةً أَدَّى إلَى
تَفْوِيتِ الْمَالِ بِخِلَافِ نَبَاتِ الْعَانَةِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ
قَبْلَ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً. اهـ. ز ي ع ش (قَوْلُهُ وَنُهُودِ
الثَّدْيِ) فِي الْمِصْبَاحِ نَهَدَ الثَّدْيُ نُهُودًا مِنْ بَابِ قَعَدَ
وَمِنْ بَابِ نَفَعَ لُغَةً: كَعَبَ وَأَشْرَفَ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا
وَكَعَبَتْ الْمَرْأَةُ كُعُوبًا مِنْ بَابِ قَعَدَ نَتَأَ ثَدْيُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا) .
(فَائِدَةٌ)
الرُّشْدُ لُغَةً نَقِيضُ الضَّلَالِ وَالسَّفَهِ وَالْخِفَّةِ
وَالْحَرَكَةِ اهـ. سم.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الرُّشْدُ الصَّلَاحُ، وَهُوَ خِلَافُ الْغَيِّ
وَالضَّلَالِ، وَهُوَ إصَابَةُ الصَّوَابِ وَرَشِدَ رَشَدًا مِنْ بَابِ
تَعِبَ وَرَشَدَ يَرْشُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ رَاشِدٌ وَرَشِيدٌ
وَالِاسْمُ الرَّشَادُ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَرَشَّدَهُ الْقَاضِي
تَرْشِيدًا جَعَلَهُ رَشِيدًا أَوْ اسْتَرْشَدْتُهُ إلَى الشَّيْءِ
فَأَرْشَدَنِي إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ وَلَهُ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَهُوَ
ذُو رِشْدَةٍ أَيْ صَحِيحُ النَّسَبِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ
اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا سَفِهَ سَفَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَسَفُهَ
بِالضَّمِّ سَفَاهَةً فَهُوَ سَفِيهٌ وَالْأُنْثَى سَفِيهَةٌ وَجَمْعُهَا
سُفَهَاءُ وَالسَّفَهُ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ، وَأَصْلُهُ الْخِفَّةُ
وَسَفِهَ الْحَقَّ جَهِلَهُ وَسَفَّهْتُهُ تَسْفِيهًا نَسَبْته إلَى
السَّفَهِ أَوْ قُلْت لَهُ إنَّهُ سَفِيهٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالرَّشِيدُ
ابْتِدَاءً) أَيْ وَأَمَّا دَوَامًا فَهُوَ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ حَتَّى
لَوْ فَسَقَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الرُّشْدِ اهـ. شَيْخُنَا
وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ فَسَقَ بَعْدُ فَلَا حَجْرَ وَلَعَلَّ
الْمُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ وَقْتَ الْبُلُوغِ اهـ.
(قَوْلُهُ صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ
حَيْثُ اعْتَبَرَا إصْلَاحَ الْمَالِ فَقَطْ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ وَاعْتَرَضَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرُّشْدَ فِي الْآيَةِ
نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تَعُمَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا فِي
سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ وَأَيْضًا الرُّشْدُ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ لَا
كُلُّ وَاحِدٍ اهـ. سم، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَبَرَ
الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ صَلَاحَ الْمَالِ وَحْدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ
حَتَّى مِنْ كَافِرٍ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ مَا هُوَ صَلَاحٌ عِنْدَهُمْ فِي
الدِّينِ وَالْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي
الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ، وَأَقَرَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ إلْحَاقِ
الِاخْتِصَاصِ هُنَا
(3/339)
(بِأَنْ لَا يَفْعَلَ) فِي الْأَوَّلِ
(مُحَرَّمًا يُبْطِلُ عَدَالَةً) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى
صَغِيرَةٍ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتَهُ (وَلَا يُبَذِّرُ) فِي الثَّانِي
(بِأَنْ يُضَيِّعَ مَالًا بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي مُعَامَلَةٍ) ،
وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ
بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ
رَمْيِهِ) ، وَإِنْ قَلَّ (فِي بَحْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ صَرْفِهِ) ،
وَإِنْ قَلَّ (فِي مُحَرَّمٍ لَا) صَرْفِهِ فِي (خَيْرٍ) كَصَدَقَةٍ (وَ)
لَا فِي (نَحْوِ مَلَابِس وَمَطَاعِم) كَهَدَايَا وَشِرَاءِ إمَاءٍ
كَثِيرَةٍ لِلتَّمَتُّعِ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ
يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ
بِحَرَامٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ
الِاقْتِرَاضِ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَفِي بِهِ فَحَرَامٌ وَنَحْوٌ
مِنْ زِيَادَتِي.
(وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ
لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ (قَبْلَ بُلُوغِهِ) لِآيَةِ
{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيَتِيمُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى
غَيْرِ الْبَالِغِ (فَوْقَ مَرَّةٍ) بِحَيْثُ يُظَنُّ رُشْدُهُ لَا
مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا أَمَّا فِي الدِّينِ
فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ
وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ
فَيَخْتَلِفُ بِمَرَاتِبِ النَّاسِ.
(فَ) يُخْتَبَرُ (وَلَدُ تَاجِرٍ بِمُمَاكَسَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بِالْمَالِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ. م ر اهـ. ع ش،
وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر الْمُعْتَمَدُ إلْحَاقُهُ بِالْمَالِ
فَيَحْرُمُ إضَاعَةُ مَا يُعَدُّ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْهُ عُرْفًا
وَيُحْجَرُ بِسَبَبِهِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا) أَيْ عِنْدَ الْبُلُوغِ
بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ أَيْ بِفِعْلِ
الْكَبِيرَةِ أَوْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ
يُحْجَرْ عَلَيْهِ. الصَّادِقُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ الزَّمَنِ بَيْنَ
الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الْفِسْقِ وَبِكَثْرَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا
يَتَحَقَّقُ السَّفَهُ إلَّا مِمَّنْ أَتَى بِالْفِسْقِ مُقَارِنًا
لِلْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَالْبُلُوغُ فِي حَالَةِ السَّفَهِ فِي غَايَةِ
النُّدُورِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُنْظَرْ هَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ
مُرَادٌ أَمْ لَا اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر، وَفِي ع ش عَلَيْهِ
وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالرُّشْدِ
بِاعْتِبَارِ مَا يُرَى مِنْ أَحْوَالِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا
بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِيهَا ذَلِكَ عُرْفًا يَتَقَيَّدُ
بِخُصُوصِ الْوَقْتِ الَّذِي بَلَغَ فِيهِ كَوَقْتِ الزَّوَالِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ فِي الْأَوَّلِ مُحَرَّمًا) خَرَجَ
بِالْمُحَرَّمِ غَيْرُهُ مِمَّا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ
لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ فَلَا يَمْنَعُ
الرُّشْدَ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَى
الْمَشْهُورِ، وَلَوْ ادَّعَى بُلُوغَهُ سَفِيهًا قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا
يَمِينٍ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِسَفَهِهِ مِنْ حَيْثُ تَرْكُ الصَّلَاةِ؛
لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى صَلَاتِهِ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ) إنْ قِيلَ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ
مَا تَقَدَّمَ «عَنْ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ أَنَّهُ كَانَ يُخْدَعُ فِي
الْبُيُوعِ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ:
مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ
كَانَ يُغْبَنُ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ أَقَرَّهُ وَأَرْشَدَهُ
إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، أُجِيبُ بِأَنَّهُ مِنْ أَيْنَ أَنَّهُ كَانَ
يُغْبَنُ غَبْنًا فَاحِشًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَبْنُهُ كَانَ
يَسِيرًا، وَعَلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ مِنْ أَيْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ
بُلُوغِهِ رَشِيدًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهِ
رَشِيدًا، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ سَفِيهًا مُهْمِلًا
فَتَصَرُّفُهُ صَحِيحٌ وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي
وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ
وَقَدْ أَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
الْمُبَايَعَةِ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ، وَلَمْ
يَسْتَفْصِلْ عَنْ حَالِهِ هَلْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا
أَوْ لَا وَهَلْ كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ إقْحَامِ
لَفْظَةِ الِاحْتِمَالِ فَلَعَلَّهَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا لَا
يُحْتَمَلُ غَالِبًا) أَيْ وَقَدْ جَهِلَ حَالَ الْمُعَامَلَةِ، وَإِلَّا
بِأَنْ كَانَ عَالِمًا وَأَعْطَى أَكْثَرَ مِنْهَا ثَمَنًا كَانَ
الزَّائِدُ صَدَقَةً خَفِيَّةً مَحْمُودَةً فَلَا يَكُونُ تَبْذِيرًا بَلْ
هُوَ بَيْعُ مُحَابَاةٍ اهـ. ح ل، وَلَوْ غُبِنَ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ آخَرَ
لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي
شَخْصٍ وَاحِدٍ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَشَرَةٌ بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ
الدَّرَاهِمِ وَخَرَجَ بِهَا الْقُرُوشُ وَالدَّنَانِيرُ فَلَا يُحْتَمَلُ
مَا ذُكِرَ فِيهَا اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي مُحَرَّمٍ) أَيْ، وَلَوْ صَغِيرَةً
كَإِعْطَائِهِ أُجْرَةً لِصَوْغِ إنَاءٍ نَقْدًا أَوْ لِمُنَجِّمٍ أَوْ
لِرِشْوَةٍ عَلَى بَاطِلٍ أَوْ لِمُحَذِّرٍ إيعَابٍ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ فَحَرَامٌ) أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ اهـ. ع
ش
(قَوْلُهُ وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ وُجُوبًا وَالْمُخْتَبِرُ لَهُ
الْوَلِيُّ اهـ. ع ش وح ل (قَوْلُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ) الْمُرَادُ
بِالْقَبْلِيَّةِ الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ
رُشْدُهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ
عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالشُّبُهَاتِ) هَذَا
يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الشُّبُهَاتِ لَا يَكُونُ رَشِيدًا،
وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ أَنْ لَا
يَفْعَلَ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ
الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ بِمُمَاكَسَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هِيَ النُّقْصَانُ عَنْ
الَّذِي طَلَبَهُ الْبَائِعُ يُقَالُ مَكَسَ يَمْكِسُ بِالْكَسْرِ مَكْسًا
أَوْ مَاكَسَ مُمَاكَسَةً اهـ. سم.
وَفِي الْمِصْبَاحِ مَكَسَ فِي الْبَيْعِ مَكْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ نَقَصَ
الثَّمَنُ وَمَاكَسَ مُمَاكَسَةً وَمِكَاسًا مِثْلُهُ وَالْمَكْسُ
الْجِبَايَةُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْضًا وَفَاعِلُهُ
مَكَّاسٌ ثُمَّ سُمِّيَ الْمَأْخُوذُ مَكْسًا تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ،
وَجُمِعَ عَلَى مُكُوسٍ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَقَدْ غَلَبَ
اسْتِعْمَالُ الْمَكْسِ فِيمَا يَأْخُذُهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ ظُلْمًا
عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ا. هـ
(تَنْبِيهٌ) اخْتِبَارُ وَلَدِ الْأَمِيرِ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَبْلَغًا
يُنْفِقُهُ فِي أُسْبُوعٍ مَثَلًا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي
الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.
وَفِي الْعُبَابِ وَلَدُ الْأَمِيرِ مَثَلًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى
الْجُنْدِ وَالْعِيَالِ فَيُعْطِي نَفَقَةَ يَوْمٍ ثُمَّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ
شَهْرٍ اهـ. فَهَلْ الْمُرَادُ بِإِعْطَاءِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ يُعْطَاهَا
لِيَدْفَعَهَا لِلْجُنْدِ وَالْعِيَالِ وَصَحَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ دَفْعُ
مُعَيَّنٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ اُحْتِيجَ لِنَحْوِ شِرَاءِ شَيْءٍ
لِلْعِيَالِ لَمْ يَصِحَّ تَعَاطِيهِ لِيَعْقِدَ بِنَفْسِهِ كَمَا
تَقَدَّمَ فِي وَلَدِ التَّاجِرِ، أَوْ الْمُرَادُ أَعَمُّ فَيَجُوزُ لَهُ
شِرَاءُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي نَفَقَةِ الْعِيَالِ وَيَغْتَفِرُ هَذَا
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي وَلَدِ التَّاجِرِ
فَلْيُحَرَّرْ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ
يَعْقِدَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا فِي وَلَدِ الزُّرَّاعِ، وَانْظُرْ هَلْ
يَجُوزُ لِوَلَدِ الزُّرَّاعِ أَنْ
(3/340)
أَيْ مُشَاحَّةٍ (فِي مُعَامَلَةٍ)
وَيُسَلَّمُ لَهُ الْمَالُ لِيُمَاكِسَ لَا لِيَعْقِدَ (ثُمَّ) إنْ أُرِيدَ
الْعَقْدُ (يَعْقِدُ وَلِيُّهُ وَ) يُخْتَبَرُ وَلَدُ (زَرَّاعٍ
بِزِرَاعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ الزِّرَاعَةِ بِأَنْ يُنْفِقَ
عَلَى الْقَوَّامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ كَالْحَرْثِ وَالْحَصْدِ
وَالْحِفْظِ (وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ وَصَوْنِ نَحْوِ أَطْعِمَةٍ)
كَقُمَاشٍ (عَنْ نَحْوِ هِرَّةٍ) كَفَأْرَةٍ، كُلُّ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ
عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ وَنَحْوِ الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِي.
وَيُخْتَبَرُ الْخُنْثَى بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى
(فَلَوْ فَسَقَ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (فَلَا حَجْرَ)
عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ (أَوْ
بَذَّرَ) بَعْدَ ذَلِكَ (حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) لَا غَيْرُهُ
وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ تَضْيِيعُ
الْمَالِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يُسَلِّمَ نَفَقَةَ الْقَوَّامِ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا، بَلْ يُمَاكِسُهُمْ
فِي نَحْوِ الْأُجْرَةِ فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ فَالْوَلِيُّ هُوَ
الَّذِي يَعْقِدُ الْإِجَارَةَ، وَهُوَ الَّذِي يُسَلِّمُ النَّفَقَةَ
حَرَّرَهُ وَمَالَ م ر لِلثَّانِي. اهـ سم
(قَوْلُهُ أَيْ مُشَاحَّةً) أَيْ بِالنُّقْصَانِ عَمَّا طَلَبَ الْبَائِعُ
وَالزِّيَادَةِ عَمَّا طَلَبَ الْمُشْتَرِي، وَيُخْتَبَرُ وَلَدُ
الْفَقِيهِ بِالْمُمَاكَسَةِ فِي شِرَاءِ نَحْوِ الْكُتُبِ وَالنَّفَقَةِ
عَلَى الْعِيَالِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَالَ
لِيُمَاكِسَ) أَيْ بِأَنْ يَنْقُصَ عَمَّا طَلَبَهُ الْبَائِعُ، وَإِذَا
اُخْتُبِرَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ كَفَى وَلَا يُحْتَاجُ إلَى
اخْتِبَارِهِ فِي بَاقِيهَا فَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَمْ
يَضْمَنْهُ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِ اهـ. ح
ل (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَالَ) قَالَ سم أَيْ حَاجَةً لِتَسْلِيمِ
الْمَالِ مَعَ أَنَّ الْمُمَاكَسَةَ بِدُونِهِ مُمْكِنَةٌ اهـ. وَقَدْ
يُقَالُ فِي تَسْلِيمِهِ قُوَّةٌ دَاعِيَةٌ لَهُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ
وَتَنْشِيطٌ لَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ وَزِيَادَةُ رَغْبَةٍ وَإِقْدَامٍ
عَلَى إجَابَتِهِ مِمَّنْ يُمَاكِسُهُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لَا
لِيَعْقِدَ) أَيْ وَلَا يَقْبِضُهُ لِلْمُعَامِلِ بَلْ الْمُقْبِضُ هُوَ
الْوَلِيُّ وَفَائِدَةُ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ لِيُمَاكِسَ فَقَطْ
تَطْمِينُ قَلْبِ الْمُعَامِلِ لَهُ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقَوَّامِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ
النَّفَقَةَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّ
الْوَلَدَ يُمَاكِسُ فَقَطْ وَالْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُ
وَيُسَلِّمُ الْأُجْرَةَ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ
قَضِيَّةُ كَلَامِ حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ
الْأُجْرَةُ وَمَنْ لَهُ اتِّبَاعٌ يُخْتَبَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ
مُدَّةً حَتَّى يُعْلَمَ اقْتِصَادُهُ أَوْ إسْرَافُهُ فَيَدْفَعُ لَهُ
نَفَقَةَ يَوْمٍ ثُمَّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ شَهْرٍ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ
م ر وَتُخْتَبَرُ الْمَرْأَةُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ
مِنْ حِفْظٍ وَغَيْرِهِ، وَالْغَزْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَعَلَى
الْمَغْزُولِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ
الْمَصْدَرَ يَعْنِي أَنَّهَا هَلْ تَجْتَهِدُ فِيهِ أَوْ لَا اهـ. شَرْحُ
م ر (قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى
الْمَصْدَرِيِّ أَوْ بِمَعْنَى الْمَغْزُولِ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ
بِخِلَافِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ وَالْمُخْتَبِرُ لَهَا الْوَلِيُّ
وَالْمَحَارِمُ أَوْ غَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ
الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ
وَصَوْنِ نَحْوِ أَطْعِمَةٍ إلَخْ) صَوْنُ مَا ذُكِرَ يُشَارِكُهَا فِيهِ
الذَّكَرُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ عَنْ نَحْوِ هِرَّةٍ) اسْمٌ لِلْأُنْثَى وَجَمْعُهَا هِرَرٌ
وَاسْمُ الذَّكَرِ هِرٌّ كَقِرْدٍ وَجَمْعُهُ هِرَرَةٌ كَقِرَدَةٍ. اهـ
شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ
أَنَّ الْبَرْزَةَ غَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ تُخْتَبَرُ بِبَيْعِ الْغَزْلِ
وَشِرَاءِ الْكَتَّانِ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ فَلَوْ فَسَقَ بَعْدَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ عِنْدَ
الْبُلُوغِ لَهُ خَمْسُ حَالَاتٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا
فَقَطْ أَوْ مُبَذِّرًا فَقَطْ أَوْ فَاسِقًا فَقَطْ أَوْ يَجْمَعُهُمَا
أَوْ مَجْنُونًا، فَهُوَ فِي الْأُولَى وَلِيُّ نَفْسِهِ، وَفِي
الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ وَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ، وَفِيمَا
إذَا بَلَغَ رَشِيدًا قَدْ يَعْرِضُ لَهُ حَالَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ
الْفِسْقِ فَقَطْ أَوْ التَّبْذِيرِ فَقَطْ أَوْ هُمَا أَوْ الْجُنُونِ
فَفِي الْجُنُونِ يَكُونُ كَمَا مَرَّ فِي الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ،
وَفِي الْفِسْقِ فَقَطْ يَكُونُ رَشِيدًا، وَفِي الصُّورَتَيْنِ
الْبَاقِيَتَيْنِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَهُوَ وَلِيُّهُ وَقَبْلَ
الْحَجْرِ يُسَمَّى سَفِيهًا مُهْمَلًا وَتَصَرُّفَاتُهُ صَحِيحَةٌ اهـ.
وَفِي سم وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ عَلَى مَا قَالَ
السُّبْكِيُّ هُوَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَلَمْ يَحْجُرْ
عَلَيْهِ أَبٌ، وَلَا وَصِيٌّ، وَلَا حَاكِمٌ وَالصَّحِيحُ فِي أَمْرِهِ
ثُبُوتُ حَجْرِ السَّفَهِ فِي حَقِّهِ فَلَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ،
وَأَمَّا مَنْ مَاتَ أَبُوهُ، وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ ثُمَّ
بَلَغَ سَفِيهًا فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُهْمَلًا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ
بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ الْبُوَيْطِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ
وَالْمَاوَرْدِيُّ هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَكَذَا قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُهْمَلُ هُوَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ
رَشِيدٍ، وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ حَجْرٌ مِنْ وَلِيٍّ وَقِيلَ: الْمُهْمَلُ
مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ. اهـ
فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي السَّفَهِ. اهـ (قَوْلُهُ
حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا بِأَنْ لَمْ يَحْجُرْ أَثِمَ
وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ وَيُقَالُ لَهُ
السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ، وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ شَرْعًا
وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ بَعْدُ وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى حَجْرِ
السَّفِيهِ، وَلَوْ رَأَى النِّدَاءَ عَلَيْهِ لِيَجْتَنِبَ فِي
الْمُعَامَلَةِ فَعَلَ فَلَوْ عَادَ رَشِيدًا لَمْ يَنْفَكَّ إلَّا بِفَكِّ
الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ أَيْ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ لِزَوَالِ
وِلَايَتِهِمَا عَلَيْهِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ
أَنَّ هَذَا مَا دَامَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَهُوَ
كَذَلِكَ، وَهَذَا مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ
مُلْحَقٌ بِالرَّشِيدِ فَمَتَى أَطْلَقُوا السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ اخْتَصَّ
بِهَذَا وَمَرَّ أَنَّ لَهُمْ سَفِيهًا آخَرَ يُسَمَّى الْمُهْمَلَ،
وَأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ
السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ حَيْثُ أُطْلِقَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْأَوَّلُ
لَا غَيْرُ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّ
لَهُمْ سَفِيهًا إلَخْ لَعَلَّهُ مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِيعَابِ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ اهـ.
وَإِلَّا فَهُوَ سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَيُسَمَّى مَنْ
بَلَغَ سَفِيهًا
(3/341)
(وَهُوَ وَلِيُّهُ) وَتَقْيِيدُ الْحَجْرِ
بِالْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ جُنَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (فَوَلِيُّهُ
وَلِيُّهُ فِي صِغَرٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ
التَّبْذِيرَ لِكَوْنِهِ سَفَهًا مَحَلُّ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا
يَعُودُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَاضٍ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (كَمَنْ
بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) لِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ بِاخْتِلَالِ صَلَاحِ
الدَّيْنِ أَوْ الْمَالِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ
فَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ
لِمَفْهُومِ آيَةِ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6]
وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ وَيُسَمَّى مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَلَمْ
يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ
عَلَيْهِ شَرْعًا لَا حِسًّا وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ
فِي الصِّغَرِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورِ سَفَهٍ) شَرْعًا أَوْ حِسًّا (إقْرَارٌ
بِنِكَاحٍ) كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي
(أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ
نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
إلَخْ اهـ. وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى حَجْرِ السَّفِيهِ، وَلَوْ
رَأَى الْقَاضِي النِّدَاءَ عَلَيْهِ لِيَجْتَنِبَ فِي الْمُعَامَلَةِ
فَعَلَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ عَادَ رَشِيدًا لَمْ يَنْفَكَّ إلَّا بِرَفْعِ
الْحَاكِمِ كَمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ:
وَهُوَ وَلِيُّهُ) فَإِذَا جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ
مِنْ الْقَاضِي لِلْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ
وَيُقَالُ ارْتَفَعَ حَجْرُ السَّفَهِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ الْجُنُونِ كَمَا
فِي خَطِّ شَيْخِنَا م ر. اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَلَوْ أَفَاقَ هَذَا
الْمَجْنُونُ مُبَذِّرًا فَهَلْ الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ
لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ اسْتِصْحَابًا لَهَا كَمَا لَوْ كَانَ مُبَذِّرًا
أَوْ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيَّهُ قَبْلَ الْجُنُونِ فِيهِ
نَظَرٌ اهـ. سم
(قَوْلُهُ وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ) فِي الْمِصْبَاحِ آنَسْت
الشَّيْءَ بِالْمَدِّ عَلِمْتُهُ وَأَنَسْتُهُ أَبْصَرْتُهُ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ إسْقَاطَ
هَذَا الْقَيْدِ أَوْلَى فَإِنَّ حَجْرَ الصِّبَا دَائِمٌ عَلَيْهِ قَطْعًا
وَأَيْضًا فَالْوَلِيُّ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ
وَظَائِفِ الْحَاكِمِ، وَقَوْلُهُ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ الْمَشْهُورُ
إطْلَاقُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ
يُحْجَرْ عَلَيْهِ اهـ. م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيُسْتَفَادُ مِنْ
هَذَا مَعَ الْمَشْهُورِ أَنَّ لَهُ إطْلَاقَيْنِ أَيْ فَتَارَةً يَصِحُّ
تَصَرُّفُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا الْمَشْهُورِ وَتَارَةً لَا يَصِحُّ عَلَى
هَذَا اهـ. (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ إلَخْ) أَيْ
التَّصْرِيحُ الَّذِي أَفَادَهُ التَّشْبِيهَ اهـ.
(قَوْلُهُ شَرْعًا) أَيْ بِأَنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَقَوْلُهُ أَوْ حِسًّا
أَيْ بِأَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِتَبْذِيرِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ
رَشِيدًا اهـ. سم اهـ. ع ش (قَوْلُهُ إقْرَارٌ بِنِكَاحٍ) أَيْ بِغَيْرِ
إذْنِ وَلِيِّهِ إيجَابًا مُطْلَقًا أَوْ قَبُولًا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ
قَبُولِهِ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا الْمَحْجُورُ
عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ اهـ. ح ل،
وَقَوْلُهُ إيجَابًا مُطْلَقًا إلَخْ هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ،
وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَكِنَّ كِتَابَتَهُ عَلَى هَذَا
الْوَجْهِ اشْتِبَاهٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَسُوقٌ فِي
الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ، وَمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي فِي نَفْسِ
مُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ.
وَعِبَارَةِ شَرْحِ م ر مَعَ الْأَصْلِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ
عَلَيْهِ بِسَفَهٍ بَيْعٌ، وَلَا شِرَاءٌ، وَلَا إعْتَاقٌ وَلَا هِبَةٌ،
وَلَا نِكَاحٌ يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ
إتْلَافٌ لِلْمَالِ أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ
لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي
الْوَكَالَةِ، وَأَمَّا الْإِيجَابُ فَلَا مُطْلَقًا لَا أَصَالَةً، وَلَا
وَكَالَةً وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ. انْتَهَتْ، ثُمَّ قَالَ فِي
مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِنِكَاحٍ كَمَا لَا يَمْلِكُ
إنْشَاءَهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ حَجّ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ الْمَالَ
كَنِكَاحٍ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ)
أَيْ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ حَيْثُ يُزَوِّجُ بِلَا مَصْلَحَةٍ
أَوْ مَظِنَّةِ إتْلَافٍ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ
الْمَصْلَحَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وع ش وع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ
بِدَيْنٍ أَيْ أَوْ بِعَيْنٍ هِيَ فِي يَدِهِ حَالَ الْحَجْرِ، وَقَوْلُهُ
أَوْ إتْلَافِ مَالٍ أَيْ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ
الثَّلَاثَةِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ
أَسْنَدَ الدَّيْنَ وَالْإِتْلَافَ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ، وَهُوَ
يَشْكُلُ بِمَا فِي الإسنوي نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ:
أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ شَيْءٌ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَانَ ذَلِكَ
بِمُعَامَلَةٍ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَهِلَ
الْمُعَامِلُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا اهـ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا
أَسْنَدَ ذَلِكَ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَانَ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ وَقَعَ
ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ فَمَنْ قَالَ هُنَاكَ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا
يَقُولُ هُنَا كَذَلِكَ بِلَا فَرْقٍ تَأَمَّلْ. وَقَدْ قَالَ م ر
الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِحَيْثُ لَوْ صَدَرَ
مِنْهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهُ
كَالْبَيْعِ فَلَا ضَمَانَ بِالْإِقْرَارِ بِهِ مُطْلَقًا حَتَّى بَعْدَ
زَوَالِ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُعَامَلَةِ فَمُعَامَلَةُ مُقَصِّرٍ، وَإِنْ جَهِلَ
سَفَهَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْضًا سَفِيهًا فَيَلْزَمُهُ مُطْلَقًا أَوْ
بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ حَالَ الْحَجْرِ كَإِتْلَافٍ
لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
اللَّهِ تَعَالَى، أَقُولُ فَإِنْ أَسْنَدَ فِي إقْرَارِهِ لِمَا بَعْدَ
الْحَجْرِ فَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَوْ لِمَا قَبْلَهُ لَزِمَهُ فِيمَا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُعَامَلَةً
أَوْ إتْلَافًا، وَإِنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ
أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ فَعَلَى التَّفْصِيلِ أَوْ قَبْلَهُ
لَزِمَهُ بَاطِنًا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ
وَالْوَجْهُ فِي إقْرَارِ السَّفِيهِ بِالْمَالِ أَوْ بِمَا يُوجِبُهُ
أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَاطِنًا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إنْ لَمْ يَجِبْ
فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَالَ الْحَجْرِ بِأَنْ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ،
وَكَذَا إنْ وَجَبَ حَالَ الْحَجْرِ بِنَحْوِ إتْلَافٍ لَا مُعَامَلَةٍ
بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْغُرْمِ بِالْإِتْلَافِ بَاطِنًا عَلَى مَا نُقِلَ
عَنْ النَّصِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ إلَخْ) عِبَارَةُ
شَرْحِ م ر وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِنَفْيِ الصِّحَّةِ عَدَمَ
الْمُطَالَبَةِ بِهِ حَالَ الْحَجْرِ وَبَعْدَ فَكِّهِ ظَاهِرًا
وَبَاطِنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِلُزُومِ ذَلِكَ لَهُ
بَاطِنًا إذَا كَانَ صَادِقًا عَلَى مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ أَيْ الْمَالُ
مُتَقَدِّمًا عَلَى الْحَجْرِ أَوْ مُضَمَّنًا لَهُ فِيهِ. انْتَهَتْ،
وَقَوْلُهُ أَوْ مُضَمَّنًا لَهُ فِيهِ كَإِتْلَافِهِ فِيهِ أَيْ الْحَجْرِ
اهـ. ع ش عَلَيْهِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ لَا يُقْبَلُ
الْإِقْرَارُ بِهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، وَأَنَّ دَيْنَ
(3/342)
فَيَغْرَمُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إنْ
كَانَ صَادِقًا فِيهِ (وَلَا) يَصِحُّ مِنْهُ (تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ) غَيْرَ
مَا يُذْكَرُ فِي أَبْوَابِهِ كَبَيْعٍ، وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ بِإِذْنِ
الْوَلِيِّ
(، وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ بِإِذْنِهِ) أَوْ
بِإِقْبَاضِهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى (وَتَلَفٍ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ
لَهُ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ (قَبْلَ طَلَبِ) ، وَإِنْ جَهِلَ مِنْ عَامِلِهِ
لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ
مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِقْبَاضِهِ
أَوْ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ رَدِّهِ، أَوْ
أَتْلَفَهُ فِي أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ نَعَمْ كَالرَّشِيدِ مِنْ سَفَهٍ
بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَسَفِيهٌ أَذِنَ
لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَالتَّقْيِيدُ
بِالرُّشْدِ وَبِالْإِذْنِ وَيُقْبَلُ الطَّلَبُ مِنْ زِيَادَتِي
وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الشِّرَاءِ
وَالِاقْتِرَاضِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْإِتْلَافِ يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ بِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا كَمَا
يُؤْخَذُ مِنْ سم اهـ. (قَوْلُهُ فَيَغْرَمُ إلَخْ) تَفْرِيعُ هَذَا عَلَى
مَا قَبْلَهُ فِيهِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى صِدْقِهِ لَا
عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِهَا لَا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ) هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ
أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا اهـ. م ر اهـ. حَاشِيَةُ ز ي
أَيْ حَيْثُ كَانَ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَمَّا إنْ كَانَ بِإِتْلَافٍ
فَيَلْزَمُهُ بَاطِنًا أَوْ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ عَلَى الْحَجْرِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ) أَيْ؛ لِأَنَّ
تَصْحِيحَهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ؛ وَلِأَنَّهُ
إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَهُ
إيجَارُ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ
لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ التَّطَوُّعَ بِمَنْفَعَتِهِ
حِينَئِذٍ فَالْإِجَارَةُ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ عَمَلَهُ إذْ
لِوَلِيِّهِ إجْبَارُهُ عَلَى الْكَسْبِ حِينَئِذٍ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي
النَّفَقَةِ فَلَا يَتَعَاطَى إيجَارَهُ غَيْرُهُ اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ غَيْرُ مَا يُذْكَرُ فِي أَبْوَابِهِ) مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ
وَالتَّدْبِيرُ وَالصُّلْحُ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ، وَلَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ
الدِّيَةِ أَوْ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ
وَتَوَكُّلُهُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ وَعَقْدِ الْجِزْيَةِ بِدِينَارٍ
وَقَبْضِهِ دَيْنًا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ اهـ. ز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ دُونَ الْوَصِيَّةِ؛
لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ كَذَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ
وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ
غَيْرُ أَهْلٍ لِتَمَلُّكٍ بِعَقْدٍ وَقَبُولُهُ الْوَصِيَّةَ تَمَلُّكٌ،
وَلَيْسَ فَوْرِيًّا فَأُنِيطَ بِالْوَلِيِّ وَصَحَّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ
لِمُرَاعَاةِ مَصْلَحَتِهِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ قَبُولِهَا
بِإِيجَابِهَا مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ بِتَمَلُّكٍ وَقَدْ يُوجَدُ إيجَابُهَا
مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ
ذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ وَالْمُوصَى بِهِ إلَيْهِ
فَإِنْ سَلَّمَهُمَا إلَيْهِ ضَمِنَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْمَوْهُوبِ؛
لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُوصَى بِهِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَبَيْعٍ) أَيْ، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ وَكَشِرَاءٍ، وَإِنْ
أَذِنَ الْوَلِيُّ وَقَدَّرَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ يُؤَدِّي
إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ. اهـ ح ل
(قَوْلُهُ كَبَيْعٍ) وَمِثْلُهُ النِّكَاحُ فَلَوْ نَكَحَ رَشِيدَةً
مُخْتَارَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ وَالْمُكْرَهَةِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجِبُ لَهُنَّ
مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ إلَخْ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ
بِقَوْلِهِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ أَيْ فَإِنْ وَقَعَ
قَبَضَ فَلَا يَضْمَنُ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ)
أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فِي كُلٍّ مِنْ التَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ
فَلَا يُطَالَبْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ بِشَيْءٍ أَصْلًا لَا فِي
التَّلَفِ، وَلَا فِي الْإِتْلَافِ. اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ
وَتَلِفَ، وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَهُ) لَكِنَّهُ يَأْثَمُ حِينَئِذٍ؛
لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ، مِنْ ذَلِكَ
الْغَيْرِ الْعَارِيَّةُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهَا لَا
يَكُونُ ضَامِنًا، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى
الْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةُ لَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ
الْمَأْذُونِ فِيهِ اهـ. ح ل، وَفِي ع ش قَوْلُهُ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ
دَخَلَ فِيهِ الْعَارِيَّةُ فَإِذَا أَتْلَفَهَا لَا يَضْمَنُهَا، وَهُوَ
ظَاهِرٌ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعِيرَ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي
الِانْتِفَاعِ لَا فِي الْإِتْلَافِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ إذْنَهُ لَهُ
فِي الِانْتِفَاعِ الَّذِي قَدْ يَجُرُّ إلَى الْإِتْلَافِ نَزَلَ
مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ
بِإِتْلَافِهِ) أَيْ قَبْلَ رُشْدِهِ أَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ
ثُمَّ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ اهـ.
وَكَذَا لَوْ تَلِفَ وَقَدْ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ. اهـ. ز ي
فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ
حَالَ سَفَهِهِ أَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ أَوْ
الْآخِذُ الْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْآخِذِ اهـ. م ر اهـ. سم
(قَوْلُهُ أَوْ أَتْلَفَهُ فِي أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ) فَإِنَّهُ
يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ اهـ.
ح ل (قَوْلُهُ كَوَدِيعَةٍ) وَكَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ شَيْئًا إلَى
مَحَلِّهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ مَنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدِهِ) يُقَالُ سَفُهَ
بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ صَارَ سَفِيهًا وَيَجُوزُ كَسْرُهَا؛ لِأَنَّهُ
ضِدَّ حَلُمَ قَالَهُ ابْنُ طَرِيفٍ فِي الْأَفْعَالِ اهـ. م ر. اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ سَفُهَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ صَارَ سَفِيهًا
اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ وَسَفِيهٌ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ إلَخْ)
شَمِلَ مَا لَوْ قَبَضَهُ فِي غَيْبَةِ وَلِيِّهِ بِإِذْنٍ مِنْهُ
فَتَبْرَأُ مِنْهُ ذِمَّةُ الْمَدِينِ ثُمَّ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بَعْدَ
قَبْضِهِ هَلْ يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ لِتَقْصِيرِهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي
الْقَبْضِ وَعَدَمِ مُرَاقَبَتِهِ لَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ لَا فِيهِ
نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِمَا تَقَدَّمَ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت
فِي سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَاصِلَ إنْ
قَبَضَ دُيُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا
يَبْرَأُ الدَّافِعُ وَلَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ مُطْلَقًا إمَّا بِإِذْنِهِ
فَيَعْتَدُّ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَرَ بِأَنْ تَلِفَتْ فِي
يَدِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ نَزْعِهَا، وَإِنْ قَبَضَ
أَعْيَانَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مُعْتَدٍّ بِهِ فَيَبْرَأُ الدَّافِعُ
مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ قَصَرَ الْوَلِيُّ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ
قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَصَرَ الْوَلِيُّ فِي نَزْعِهَا
ضَمِنَ، وَإِلَّا ضَمِنَ الدَّافِعُ اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ قَبَضَ
دُيُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ
عَلَى وَلِيِّهِ أَخْذُهُ مِنْهُ وَرَدُّهُ لِلْمَدْيُونِ ثُمَّ
يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِي دَفْعِهِ
(3/343)
(وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِ) مُوجِبِ
(عُقُوبَةٍ) كَحَدٍّ وَقَوَدٍ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ لِعَدَمِ
تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ وَلِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَلُزُومُ الْمَالِ
فِي الْعَفْوِ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِ لَا بِإِقْرَارِهِ
فَيَقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ كَالْعَبْدِ
وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ
وَالْقِصَاصِ
(وَ) يَصِحُّ (نَفْيُهُ نَسَبًا) لِمَا وَلَدَتْهُ حَلِيلَتُهُ بِلِعَانٍ
فِي الزَّوْجَةِ وَبِحَلِفِهِ فِي الْأَمَةِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ
مِنْ تَقْيِيدِهِ بِاللِّعَانِ وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ
وَيُنْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
وَسَتَعْلَمُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَطَلَاقِهِ وَخُلْعِهِ
وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ مِنْ أَبْوَابِهَا.
(وَ) تَصِحُّ (عِبَادَتُهُ بَدَنِيَّةً) كَانَتْ (أَوْ مَالِيَّةً
وَاجِبَةٌ لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ) مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا (بِلَا
إذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهِ (وَلَا تَعْيِينٍ) مِنْهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثَانِيًا لِيَعْتَدَّ بِقَبْضِهِ فَلَوْ أَرَادَ
التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ رَدِّهِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَمْ يَصِحَّ
وَكَإِذْنِهِ فِي رَدِّهِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ إذْنُهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ
الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ اهـ. ع ش
عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَسَفِيهٍ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ) أَيْ
لِلسَّفِيهِ وَمِثْلُهُ دَيْنُ الْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْخُلْعِ
أَنَّ الْمَدِينَ يَبْرَأُ بِدَفْعِ ذَلِكَ، وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى
قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ، وَمَا قَبْلَهُ عَلَى
قَوْلِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ أَيْ عَلَى
مَفْهُومِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ ذَلِكَ لِيَحْصُلَ
التَّرْتِيبُ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِعُقُوبَةٍ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ
بِنِكَاحٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ، وَقَوْلُهُ وَنَفْيُهُ
نَسَبًا مَعَ مَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَالِيٌّ وَأَخَّرَ
مَفْهُومَ الْأَوَّلِ إلَى هُنَا لِتَكُونَ مَسَائِلُ الصِّحَّةِ مَعَ
بَعْضِهَا وَمَسَائِلُ الْبُطْلَانِ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ فَيُقْطَعُ
فِي السَّرِقَةِ) فِيهِ إشْكَالٌ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي
السَّرِقَةِ بِأَنَّهُ لَا قَطْعَ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِ وَحَيْثُ
لَمْ يُطْلَبْ لَا قَطْعَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ أَقَرَّ
بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَإِنْ قِيلَ شَرْطُ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ
مُلْزِمَةً قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ تُقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ
فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ كَمَا قَالُوا فِي بَابِ الدَّعْوَى فِيمَنْ لَا
تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ
أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ فَيَقْطَعُ إلَخْ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ
يَقْطَعُ مَعَ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمَالِكِ؟ ،
وَهُنَا لَا طَلَبَ وَأَيْضًا إقْرَارُهُ بِالْمَالِ مُلْغَى؟ قُلْت: هُنَا
طَلَبٌ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمُقِرِّ مَا
أَقَرَّ بِهِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ الَّذِي قُطِعَ بِسَبَبِهِ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ) أَيْ ذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ لَمْ يُصَدِّقْهُ
سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ حَالًا، وَلَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ
عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ اهـ. شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَيُنْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ إلَخْ) اُنْظُرْ
هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَجَّانًا أَوْ قَرْضًا كَمَا فِي اللَّقِيطِ
الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ تَبَيَّنَ لِلْمَجْهُولِ الْمُسْتَلْحَقِ مَالٌ
قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ
بَيْتِ الْمَالِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ
لِعَدَمِ مَالٍ لَهُ أَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ أَوْ صَارَ
الْمُسْتَلْحَقُ لَهُ رَشِيدًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَالِهِ بِمَا
أَنْفَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ ثَمَّ مُتَعَلِّقَةٌ
بِمَالِهِ الْحَاصِلِ، وَهَذَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ
بَيْتِ الْمَالِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ
مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَيْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ
الْمَالِ عَلَيْهِ لَغْوٌ فَقُبِلَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ
بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ مَالٌ وَأُلْغِيَ
فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ حَذَرًا مِنْ التَّفْوِيتِ لِلْمَالِ
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا رَشَدَ يُطَالِبُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَلَا
يَحْتَاجُ إلَى إقْرَارٍ جَدِيدٍ لِثُبُوتِ النَّسَبِ بِإِقْرَارِهِ
الثَّابِتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَرَشِدَ رُشْدًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَرَشَدَ يَرْشُدُ
مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ رَاشِدٌ وَرَشِيدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَتُعْلَمُ صِحَّةُ نِكَاحِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ لِلِاعْتِذَارِ
عَنْ حَذْفِهِ لَهُمَا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ
وَمُرَادُهُ أَنَّ الشَّارِحَ يُرِيدُ الِاعْتِذَارَ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ
هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْمَتْنِ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهَا
هُنَا تَأَمَّلْ، وَفِي الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ وَسَتُعْلَمُ صِحَّةُ
نِكَاحِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا عَدَا الْخُلْعَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ
بِالْمَالِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَكَالطَّلَاقِ
بَلْ أَوْلَى اهـ. (قَوْلُهُ وَخُلْعُهُ) أَيْ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ
مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُسَلِّمُ الْمَالَ لِوَلِيِّهِ اهـ. ح ل، وَقَوْلُهُ
وَيُسَلِّمُ الْمَالَ لِوَلِيِّهِ أَوْ لَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ لِمَا
مَرَّ مِنْ صِحَّةِ قَبْضِ دَيْنِهِ بِالْإِذْنِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ
يُعَلِّقْ بِإِعْطَائِهَا لَهُ كَمَا فِي حَجّ، وَعِبَارَتُهُ وَمَا
طَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ كَأَنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا
بُدَّ فِي الْوُقُوعِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ
وَلَا تَضْمَنُ الزَّوْجَةُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ لِاضْطِرَارِهَا إلَيْهِ،
وَلَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ أَوْ مَالِيَّةً وَاجِبَةً) الْمُرَادُ بِالْمَالِيَّةِ
الْوَاجِبَةِ الْوَاجِبَةُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِيَخْرُجَ الْمَنْذُورُ
فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ حَالَ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي
ذِمَّتِهِ لِمَا بَعْدَ الْحَجْرِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ زَكَاةٍ
وَغَيْرِهَا) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَالزَّكَاةِ
الْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا. اهـ. كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ إنْ
قُلْنَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ أَمَّا إذَا قُلْنَا: يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ
فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ فَلَا إلْحَاقَ نَعَمْ يُحْمَلُ عَلَى كَفَّارَةٍ
لَزِمَتْهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَكَانَتْ
مُرَتَّبَةً اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكَفِّرُ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَالْيَمِينِ
بِالصَّوْمِ كَالْمُعْسِرِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَهُ بِخِلَافِ الْقَتْلِ
فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُعْتِقُ عَنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ حَصَلَ بِهِ
قَتْلُ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ
فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْجُورِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ
يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَظَهَرَ أَنَّ
الْمُعْتَمَدَ مَا قَرَّرْنَاهُ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي
رَوْضِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ
الْجِمَاعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى تَكْفِيرِهِ
بِالْمَالِ فِيهَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ فِيمَا
ذُكِرَ زَجْرًا لَهُ عَنْ الْقَتْلِ لِتَضَرُّرِهِ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ فِي
كَفَّارَتِهِ مَعَ
(3/344)
؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ أَمَّا
الْمَالِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَلَا تَصِحُّ
مِنْهُ وَتَقْيِيدُ الْمَالِيَّةِ بِالْوَاجِبَةِ مَعَ قَوْلِي بِلَا
إذْنٍ، وَلَا تَعْيِينٍ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِدَفْعِ الْمَالِ
أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ
(وَإِذَا سَافَرَ لِنُسُكٍ وَاجِبٍ) ، وَلَوْ بِنَذْرٍ أَحْرَمَ بِهِ، أَوْ
لِيُحْرِمَ بِهِ (فَقَدْ مَرَّ) حُكْمُهُ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ أَنْ
يَصْحَبَ وَلِيَّهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبَهُ مَا يَكْفِيهِ فِي
طَرِيقِهِ وَتَعْبِيرِي بِنُسُكٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحَجٍّ (أَوْ)
سَافَرَ لِنُسُكِ (تَطَوُّعٍ وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ
نُسُكِهِ، أَوْ إتْيَانِهِ بِهِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) حَضَرًا
(فَلِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ أَوْ الْإِتْيَانِ (إنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبٌ قَدْرُ الزِّيَادَةِ) لِلْمُؤْنَةِ،
وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهُ، (وَهُوَ) فِيمَا إذَا مَنَعَهُ وَقَدْ أَحْرَمَ
(كَمُحْصَرٍ) فَيَتَحَلَّلُ بِصَوْمٍ وَحَلْقٍ لَا بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ
مَمْنُوعٌ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ، وَلَوْ أَحْرَمَ
بِتَطَوُّعٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ فَهُوَ كَالْوَاجِبِ
ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْحَجِّ
(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ
فِي مَالِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
عِظَمِ الْقَتْلِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِحِ لِحِفْظِ النُّفُوسِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ حَجّ قَالَ جَمْعٌ: وَيَصُومُ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ
ظِهَارٍ لَا قَتْلٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا فِعْلٌ، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ
الرَّفْعُ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ
كَالْقَتْلِ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَلْحَقَهَا بِكَفَّارَةِ
الْيَمِينِ وَكَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَفَّارَةُ الْجِمَاعِ، وَقَضِيَّةُ
قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بَلْ صَرِيحُهُ وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ
وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ مَعَ أَنَّ دَمَهُ دَمُ
تَرْتِيبٍ وَسَبَبُهُ فِعْلٌ، وَهُوَ إحْرَامُهُ إذْ الْقَصْدُ فِعْلُ
الْقَلْبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ حَتَّى فِي
الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ الَّتِي سَبَبُهَا فِعْلٌ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ
فِي كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ لَا إثْمَ فِيهَا أَمَّا كَفَّارَةٌ
مُرَتَّبَةٌ فِيهَا إثْمٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فِيهَا بِالْمَالِ
وَبِهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَ تَنَاقُضٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ،
وَكَذَا بَيْنَ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ، وَيَصُومُ فِي
كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْمُخَيَّرَةِ، وَمَا
يُصَرِّحُ بِهِ الْمَتْنُ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُرَتَّبَةِ، وَأَمَّا النَّظَرُ لِكَوْنِ السَّبَبِ
فِعْلًا، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ فَغَيْرُ مُتَّضِحِ الْمَعْنَى إذْ
لَا فَرْقَ بَيْنَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْجِمَاعِ وَالْقَتْلِ، وَلَا
بَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَحْوِ الْحَلْقِ فِي النُّسُكِ
وَسَيَأْتِي أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ مُلْحَقٌ بِغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ
الْكَفَّارَةِ فِيهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَكَذَا يَلْحَقُ بِهِ فِي
وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ فِيهَا هُنَا أَيْضًا. اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ؛
لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ أَيْ دَفْعُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ أَوْ
نَائِبِهِ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْمَالِ أَوْ دَعْوَاهُ صَرْفُهُ كَاذِبًا
اهـ. شَرْحُ م ر فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْوَلِيُّ وَلَا نَائِبُهُ فَإِنْ
عَلِمَ أَنَّهُ صَرَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ، وَإِنْ أَثِمَ بِعَدَمِ
الْحُضُورِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِلْمَصْلَحَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) أَيْ وَكَنَذْرِهِ الْمَالِيِّ فَلَا
يَصِحُّ صَرْفُهُ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ
إخْرَاجُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، وَنَذْرُهُ صَحِيحٌ إنْ كَانَ فِي
الذِّمَّةِ وَغَيْرُ صَحِيحٍ إنْ كَانَ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ. اهـ. شَرْحُ
م ر وَلْيُنْظَرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ الْحَجِّ بَعْدَ
الْحَجْرِ حَيْثُ يَصِحُّ مِنْهُ وَيَخْرُجُ مَعَهُ مَنْ يُرَاقِبُهُ
وَيَصْرِفُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إلَى رُجُوعِهِ، وَلَا يُؤَخِّرُ إلَى
فِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْحَجُّ
الْمُغَلَّبُ فِيهِ الْأَعْمَالُ الْبَدَنِيَّةُ فَلَمْ يَنْظُرُ إلَى
الِاحْتِيَاجِ إلَى مَا يَصْرِفُهُ مِنْ الْمَالِ بِخِلَافِ النَّذْرِ
فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ لَا غَيْرُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ حَجًّا، وَلَمْ
تَزِدْ مُؤْنَةُ السَّفَرِ عَلَى الْحَضَرِ أَوْ زَادَتْ وَكَانَ لَهُ
كَسْبٌ فِي طَرِيقِهِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا
التَّقْيِيدِ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ تَطَوَّعَ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ لِنُسُكٍ وَاجِبٍ) أَيْ أَصْلِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ مَنْذُورٍ
قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا سَلَكْنَا بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ
الشَّرْعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ
يَصْحَبَ وَلِيَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ
يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً مِثْلَ خُرُوجِهِ مَعَهُ وَصَرْفِهِ عَلَيْهِ إنْ
فَوَّتَ خُرُوجُهُ كَسْبَهُ وَكَانَ فَقِيرًا أَوْ احْتَاجَ بِسَبَبِ
الْخُرُوجِ إلَى زِيَادَةٍ يَصْرِفُهَا عَلَى مُؤْنَتِهِ حَضَرًا
كَأُجْرَةِ الْمَرْكَبِ وَنَحْوِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ
أَنْ يَصْحَبَ وَلِيُّهُ إلَخْ) ، وَلَا يَدْفَعُهُ وَلِيُّهُ لَهُ خَوْفًا
مِنْ تَفْرِيطِهِ فِيهِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ السَّفَرَ إذَا قُصِرَ
وَرَأَى الْوَلِيُّ دَفْعَ ذَلِكَ لَهُ جَازَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ مَا
يَكْفِيهِ فِي طَرِيقِهِ) مَفْعُولُ يَصْحَبُ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ
مُصَاحِبًا لِمَا يَكْفِيهِ أَيْ وَإِذَا كَانَ مُصَاحِبًا لِمَا يَكْفِيهِ
فَيَكُونُ مُصَاحِبًا لَهُ (قَوْلُهُ فَلِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ) ظَاهِرُهُ
أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَنْعِ وَعَدَمِهِ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ
عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فَلِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِتْمَامِ أَيْ
يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِدُونِ
إذْنِ وَلِيِّهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِخِلَافِ
الصَّبِيِّ. انْتَهَتْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي طَرِيقِهِ
كَسْبُ قَدْرِ الزِّيَادَةِ) أَيْ، وَلَمْ يُمْكِنْ هَذَا الْكَسْبُ فِي
الْحَضَرِ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ أَيْضًا اهـ. م ر وَالْحَاصِلُ
أَنَّهُ إذَا كَانَ كَسْبُ السَّفَرِ يَفِي بِزِيَادَةِ مُؤْنَةِ السَّفَرِ
لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَأَتَّى تِلْكَ
الزِّيَادَةُ فِي الْحَضَرِ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ لِلُزُومِ
التَّفْوِيتِ حِينَئِذٍ اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهُ)
فَإِنْ قُلْت إذَا قُلْنَا لَا يَمْنَعُهُ فَسَافَرَ وَلَهُ كَسْبٌ يَفِي
كَيْفَ يَحْصُلُهُ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَتُهُ
لِنَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ قُلْتُ إذَا لَمْ يَجُزْ
لِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ يُسَافِرُ مَعَهُ لِيُؤَجِّرَهُ
لِذَلِكَ الْكَسْبِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُؤَجِّرُهُ لَهُ ثُمَّ يُنْفِقُ
عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَوْ عَجَزَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ
نَفَقَتُهُ حِينَئِذٍ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى الْوَلِيِّ لِإِذْنِهِ
وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ حَيْثُ حَرُمَ
عَلَيْهِ الْمَنْعُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا اهـ. حَجّ اهـ. ع ش عَلَى م ر
[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ
فِي مَالِهِ]
(فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ إلَخْ)
أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ
إلَخْ وَحُكْمُ الْمَجْنُونِ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا كَالصَّبِيِّ فِي
تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ، وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي حَتَّى فِي قَوْلِهِ
فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ إلَخْ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر، وَإِنَّمَا
قُيِّدَ
(3/345)
(وَلِيُّ صَبِيِّ أَبٌ فَأَبُوهُ) ، وَإِنْ
عَلَا كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَيُكْتَفَى بِعَدَالَتِهِمَا الظَّاهِرَةِ
لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمَا إلَّا أَنْ
يَكُونَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا إذْ الْكَافِرُ يَلِي وَلَدَهُ الْكَافِرَ
لَكِنْ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُقِرَّهُمْ وَنَلِي نَحْنُ
أَمْرَهُمْ بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ
بِوِلَايَةِ الْمَالِ الْأَمَانَةُ، وَهِيَ فِي الْمُسْلِمِينَ أَقْوَى
وَالْمَقْصُودُ بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ فِي
الْكَافِرِ أَقْوَى (فَوَصَّى) عَمَّنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا
وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ شَرْطَ الْوَصِيِّ الْعَدَالَةُ
الْبَاطِنَةُ (فَقَاضٍ) بِنَفْسِهِ، أَوْ أَمِينِهِ لِخَبَرِ «السُّلْطَانُ
وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْمُرَادُ قَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ فَإِنْ
كَانَ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِآخَرَ فَوَلِيُّ مَالِهِ قَاضِي بَلَدِ
الْمَالِ بِالنَّظَرِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ
وَفِعْلِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ
كَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِاسْتِنْمَائِهِ
فَالْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِقَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ كَمَا أَوْضَحْتُهُ
قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَقَعَ للإسنوي
عَزْوُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ إلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَاحْذَرْهُ
وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ غَيْرُهُمْ كَالْأُمِّ وَالْأَقَارِبِ بِلَا
وِصَايَةٍ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْمَتْنُ بِالصَّبِيِّ لِإِحَالَتِهِ فِيمَا وَلِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِ
حَيْثُ قَالَ: أَوْ جُنَّ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرٍ كَمَنْ بَلَغَ
غَيْرَ رَشِيدٍ فَلَمْ يَحْتَجْ هُنَا إلَّا لِبَيَانِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ
وَيَعْلَمُ مِنْهُ وَلِيُّ ذَيْنِكَ بِضَمِيمَةِ الْحَوَالَةِ إذْ لَوْ
ذَكَرَهُمَا هُنَا لَكَانَ تَكْرَارًا، وَالصَّبِيُّ يَشْمَلُ الذَّكَرَ
وَالْأُنْثَى كَمَا مَرَّ اهـ. رَشِيدِيٌّ، وَفِي الْمُخْتَارِ يُقَالُ
وَلِيَهُ يَلِيهِ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، وَهُوَ شَاذٌّ وَكُلٌّ مِنْ وَلِيَ
أَمْرَ أَحَدٍ فَهُوَ وَلِيُّهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِيُّ صَبِيٍّ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ
أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْمَذْكُورِينَ عَلَى الْأَجِنَّةِ بِالتَّصَرُّفِ
وَصَرَّحَا بِهِ فِي الْفَرَائِضِ لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاكِمِ
فَقَطْ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَيَكْتَفِي بِعَدَالَتِهِمَا
الظَّاهِرَةِ) فَإِنْ فَسَقَا نَزَعَ الْحَاكِمُ الْمَالَ مِنْهُمَا كَمَا
ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَيَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ فِي أَحَدِ
الْوَجْهَيْنِ وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ فِي
النِّكَاحِ أَنَّ شَرْطَهُمَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ أَنْ يَطَّرِدَ ذَلِكَ
فِي وِلَايَةِ الْمَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. شَرْحُ
م ر (قَوْلُهُ إذْ الْكَافِرُ يَلِي وَلَدَهُ الْكَافِرَ) أَيْ حَيْثُ
كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ نُقِرَّهُمْ الْمُعْتَمَدُ
أَنَّا نُقِرُّهُمْ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ بَقَاءُ
الْوِلَايَةِ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ وَهِيَ فِي الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَلَوْ أَجَانِبَ مِنْ
الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَقْوَى أَيْ مِنْهَا فِي الْكُفَّارِ، وَلَوْ
أَقَارِبَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ، وَهِيَ فِي الْكَافِرِ أَيْ
الْقَرِيبِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الْمُسْلِمِ
الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. وَالْمُعْتَمَدُ
أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ عَمَّنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا) أَيْ إنْ كَانَ الْجَدُّ
بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ، وَإِلَّا فَوَصِيُّ الْأَبِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ
مَوْتًا، وَلَوْ أَوْصَى الْأَبُ فِي حَيَاةِ الْجَدِّ ثُمَّ مَاتَ
الْجَدُّ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ اهـ.
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي غَيْرِ
هَذَا الْكِتَابِ فَلَا إشْكَالَ وَفِيهِ شَيْءٌ وَالْأَوْلَى فِي
الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: ذَكَرَ هَذَا عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَذْكُرَ
الْعَدَالَةَ الْبَاطِنَةَ ثَمَّ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْمَشْيُ عَلَى
خِلَافِهِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَقَوْلُهُ
الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي
كِتَابِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَعَدَالَةٌ، وَلَوْ ظَاهِرَةً
فَإِحَالَتُهُ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا
بِالْهَامِشِ قَبْلُ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ فَقَاضٍ) أَيْ عَدْلٌ أَمِينٌ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ
كَذَلِكَ فَالْوِلَايَةُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ لِصُلَحَائِهِمْ وَيَكُونُ
الْفَاسِقُ كَالْعَدَمِ عَلَى الْمُتَّجَهِ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ لَهُ مَالٌ، وَلَوْ
سَلَّمَهُ لِحَاكِمٍ خَانَ فِيهِ بَابُهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي
مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ أَيْ إنْ كَانَ عَدْلًا أَمِينًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ وُلِّيَ عَدْلٌ أَمِينٌ وَجَبَ
رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْقُضْ تَصَرُّفُهُ فِي زَمَنِ
الْخَائِنِ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ. حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيُصَدَّقُ فِي
تَصَرُّفِهِ زَمَنَ الْجَائِرِ حَيْثُ يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ وَالْقَيِّمُ
بِأَنْ ادَّعَى قَدْرًا لَائِقًا فِي الْإِنْفَاقِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ قَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَوَطَّنَهُ أَمْ
لَا لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ وَالْعِبْرَةُ بِقَاضِي بَلَدِ الْمَوْلَى أَيْ
وَطَنِهِ، وَإِنْ سَافَرَ عَنْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ فِي التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِعْمَالِ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ
قَبْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ مَالٌ غَائِبٌ عَنْ
مَحَلِّ وِلَايَةِ قَاضِي بَلَدِهِ تَوَلَّى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ
حِفْظَهُ وَتَعَهُّدَهُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ
بِمَالِهِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِلتِّجَارَةِ وَالِاسْتِنْمَاءِ،
وَلَا يُنَصِّبُ قَيِّمًا لَهُمَا بَلْ ذَلِكَ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ؛
لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فِي النِّكَاحِ فَكَذَا فِي الْمَالِ، وَهَذَا
نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ
الْخُوَارِزْمِيَّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَرَجَّحَهُ ابْنُ
الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي
بَلَدِهِ الْعَدْلِ الْأَمِينِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ
إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ
فِيهِ وَلْيَتَّجِرْ لَهُ فِيهِ ثَمَّ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ عَقَارًا
وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافُهُ بِذَلِكَ وَكَالْيَتِيمِ
الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ اهـ. بِحُرُوفِهِ
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يُنَصِّبُ قَيِّمًا لَهُمَا إلَخْ أَنَّهُ
لَوْ كَانَ مَوْقُوفٌ بِوِلَايَةٍ قَاضٍ وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِأُخْرَى
أَنَّ وِلَايَةَ النِّظَارَةِ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا
الْمَوْقُوفِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ
فَلْيُحَرَّرْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَاحْذَرْهُ) قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ
الْأَمِينِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ
عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ لِيَتَّجِرَ
لَهُ فِيهِ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَقَارًا وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ
الْمَالِ إسْعَافُهُ بِذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا
وِلَايَةَ لِلْمَذْكُورِينَ عَلَى مَالِ الْأَجِنَّةِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ
بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْقَاضِي وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ
مِمَّنْ ذَكَرَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ
الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي
مَالِ مَحْجُورِهِمْ وَتَوَلِّي حِفْظِهِ لَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حِينَئِذٍ
مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا قَاضٍ فَاسِقٌ تَكُونُ
الْوِلَايَةُ
(3/346)
لَكِنْ لِلْعَصَبَةِ الْإِنْفَاقُ مِنْ
مَالِ الصَّبِيِّ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُمْ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ قَالَهُ فِي
الْمَجْمُوعِ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ وَمِثْلُهُ
الْمَجْنُونُ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا (وَيَتَصَرَّفُ) لَهُ الْوَلِيُّ
(بِمَصْلَحَةٍ) حَتْمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ
الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] فَيَشْتَرِي لَهُ
الْعَقَارَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ
الْكِفَايَةُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ صَاحِبُ
التَّعْجِيزِ: يَجِبُ عَلَيْهِمْ النَّظَرُ فِي مَالِهِ وَأَفْتَى ابْنُ
الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ أَجْنَبِيٌّ لَهُ مَالٌ، وَلَوْ
سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ خَانَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي
مَالِهِ لِلضَّرُورَةِ أَيْ إنْ كَانَ عَدْلًا أَمِينًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ وَلِيَ عَدْلٌ أَمِينٌ وَجَبَ
عَلَيْهِ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَا يُنْقَضُ تَصَرُّفُهُ
فِي زَمَنِ الْخَائِنِ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ. حَجّ اهـ. سم
(قَوْلُهُ لَكِنَّ لِلْعَصَبَةِ الْإِنْفَاقَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ
الْوَلِيِّ الْخَاصِّ أَوْ غَيْبَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِالتَّقْيِيدِ
بِفَقْدِ الْخَاصِّ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ أَنَّ
الْوِلَايَةَ عِنْدَ فَقْدِ الْوَلِيِّ لِصُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛
لِأَنَّ ذَاكَ فِي فَقْدِهِ مُطْلَقًا اهـ. زي فَلَوْ حَضَرَ الْوَلِيُّ
وَأَنْكَرَ أَنَّهُمْ أَنْفَقُوا عَلَيْهِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ
أَنْكَرَ أَنَّ فِعْلَهُمْ كَانَ بِالْمَصْلَحَةِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ
الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فِيمَا ادَّعُوهُ اهـ. ع ش عَلَى م
ر.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا) أَيْ فِي أَنَّ
لِلْعَصَبَةِ الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَأْدِيبِهِ
وَتَعْلِيمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وِلَايَةٌ لِلْعِلَّةِ
الْمَذْكُورَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ بِمَصْلَحَةٍ
إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ حِفْظُ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ
أَسْبَابِ التَّلَفِ وَاسْتِنْمَاؤُهُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي
مُؤْنَةٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ وَلَا تَلْزَمُهُ
الْمُبَالَغَةُ وَلِلْوَلِيِّ بَذْلُ بَعْضِ مَالِ الْيَتِيمِ وُجُوبًا
بِالتَّخْلِيصِ الْبَاقِي عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ
ظَالِمٍ كَمَا يَسْتَأْنِسُ لِذَلِكَ بِخِرَقِ الْخَضِرِ السَّفِينَةَ،
وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ لَائِقٌ أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ عَلَى
الِاكْتِسَابِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَيُنْدَبُ شِرَاءُ الْعَقَارِ
لَهُ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَيْهِ مَنْ جَوْرِ سُلْطَانٍ أَوْ
غَيْرِهِ أَوْ خَرَابٍ لِلْعَقَارِ، وَلَمْ يَجِدْ بِهِ ثِقَلَ خَرَاجٍ
وَلَهُ السَّفَرُ بِمَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِنَحْوِ صِبًا أَوْ
جُنُونٍ فِي زَمَنِ أَمْنِ صُحْبَةٍ ثِقَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَدْعُ لَهُ
ضَرُورَةٌ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ إذْ الْمَصْلَحَةُ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ لَا
فِي نَحْوِ بَحْرٍ، وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ
عَدَمِهَا أَمَّا الصَّبِيُّ فَيَجُوزُ إرْكَابُهُ الْبَحْرَ عِنْدَ
غَلَبَتِهَا خِلَافًا للإسنوي وَيُفَارِقُ مَالَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا
حَرُمَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ
وَحِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِ هُوَ كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ
وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ
الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْحَامِلِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ
اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ كَسْبٌ إلَخْ
وَمَحَلُّ الْإِجْبَارِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ كَمَا
يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِيَرْتَفِقَ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ
أَنَّ وَلِيَّ السَّفِيهِ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ حَيْثُ احْتَاجَ
إلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَلَا
عَلَى مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ، وَفِي حَجّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا
بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ يُجْبِرُهُ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَوْ كَانَ
غَنِيًّا. اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ بِمَصْلَحَةٍ إلَخْ) ، وَلَا يَسْتَحِقُّ
الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ نَفَقَةً، وَلَا أُجْرَةً فَإِنْ كَانَ
فَقِيرًا وَاشْتَغَلَ بِسَبَبِهِ عَنْ الِاكْتِسَابِ أَخَذَ أَقَلَّ
الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا
فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ
مَنْ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ
كَعَامِلِ الصَّدَقَاتِ وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُؤَنِ،
وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ
وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ
لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ وِلَايَتِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ
غَيْرِهِ حَتَّى أَمِينُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَلَهُ
الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ أُجْرَةَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ
الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكَانُوا فُقَرَاءَ
يُتِمُّونَهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِمْ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِلَا
عَمَلٍ فَمَعَهُ أَوْلَى، وَلَا يُضْمَنُ الْمَأْخُوذُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ
عَمَلِهِ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَخَذَ أَقَلَّ
الْأَمْرَيْنِ الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ
كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُوَكِّلُهُ شَيْئًا عَلَى
عَمَلِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا
جَازَ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ أَخْذَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ مَنْ
لَا تُمْكِنُ مُعَاقَدَتُهُ، وَهُوَ يَفْهَمُ عَدَمَ جَوَازِ أَخْذِ
الْوَكِيلِ لِإِمْكَانِ مُرَاجَعَةِ مُوَكِّلِهِ فِي تَقْدِيرِ شَيْءٍ لَهُ
أَوْ عَزْلِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ مَا يَقَعُ
كَثِيرًا مِنْ اخْتِيَارِ شَخْصٍ حَاذِقٍ لِشِرَاءِ مَتَاعٍ فَيَشْتَرِيهِ
بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِحِذْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَيَأْخُذُ لِنَفْسِهِ
تَمَامَ الْقِيمَةِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَّرَهُ
لِحِذْقِهِ، وَأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا زَمَنًا يُمْكِنُهُ
فِيهِ الِاكْتِسَابُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا بَقِيَ لِمَالِكِهِ لِمَا
ذُكِرَ مِنْ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ إلَخْ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ
كَثِيرًا (فَائِدَةٌ)
لِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَالَهُ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَمُؤَاكَلَتُهُ
لِلْإِرْفَاقِ حَيْثُ كَانَ لِلصَّبِيِّ فِيهِ حَظٌّ وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ
بِأَنْ تَكُونَ كُلْفَتُهُ مَعَ الِاجْتِمَاعِ أَقَلَّ مِنْهَا مَعَ
الِانْفِرَادِ وَلَهُ الضِّيَافَةُ وَالْإِطْعَامُ مِنْهُ حَيْثُ فَضَلَ
لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَكَذَا خَلْطُ أَطْعِمَةِ
أَيْتَامٍ إنْ كَانَتْ مَصْلَحَةً لِكُلٍّ مِنْهُمْ
(3/347)
(وَلَوْ) كَانَ تَصَرُّفُهُ (نَسِيئَةً)
أَيْ بِأَجَلٍ بِحَسَبِ الْعُرْفِ (وَبِعَرَضٍ) فَمِنْ مَصَالِحِهِ أَنْ
يَكُونَ فِيهِ رِبْحٌ وَأَنْ يَكُونَ مُعَامِلُ الْوَلِيِّ ثِقَةً وَمِنْ
مَصَالِحِ النَّسِيئَةِ أَنْ يَكُونَ بِزِيَادَةٍ، أَوْ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ
مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَامِلُ مَلِيئًا ثِقَةً (وَأَخْذُ
شُفْعَةٍ) فَيُتْرَكُ الْأَخْذُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَإِنْ
عُدِمَتْ فِي التَّرْكِ أَيْضًا، وَهَذِهِ لَا يُفِيدُهَا كَلَامُ
الْأَصْلِ وَيَشْهَدُ حَتْمًا (فِي بَيْعِهِ نَسِيئَةً وَيَرْتَهِنُ)
كَذَلِكَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ
يَرْتَهِنُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً كَمَا فِي إقْرَاضِ مَالِهِ وَفَرَّقَ
غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الِارْتِهَانِ مَا لَوْ بَاعَ مَالِ وَلَدِهِ
مِنْ نَفْسِهِ نَسِيئَةً (وَيَبْنِي عَقَارَهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِيهِ، وَيُسَنُّ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ، وَإِنْ تَفَاوَتَ
أَكْلُهُمْ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ اهـ. شَرْحُ م
ر، وَإِنَّمَا سُنَّ ذَلِكَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ
الِاسْتِئْنَاسِ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْأَكْلِ وَالْوَحْشَةِ
بِانْفِرَادِهِمْ وَلِلْبَرَكَةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ اهـ.
وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِسَنِّ الْخَلْطِ عِنْدَ الْأَكْلِ مَثَلًا بِأَنْ
يَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ زَادِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ كَمَا هُوَ
الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْخَلْطِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ فِي
الْحَجِّ مِنْ طَلَبِ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَصَرُّفُهُ نَسِيئَةً) (فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ
يَدْفَعَهُ قِرَاضًا، وَلَا يَأْذَنَ فِي النَّسِيئَةِ وَحُكْمُ مَالِ
الْوَقْفِ حُكْمُ مَالِ الطِّفْلِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (فَرْعٌ) يَمْتَنِعُ
عِتْقُ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَلَوْ بِعِوَضٍ وَالْمُرَادُ بِامْتِنَاعِ
عِتْقِ عَبْدِهِ بِعِوَضٍ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِنْ الْعَبْدِ أَمَّا
إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ حَيْثُ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ
بَيْعٌ اهـ. م ر.
(فَرْعٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ تَكْفِيرَ الْوَلِيِّ بِالْعِتْقِ جَائِزٌ
فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَفَّارَةً مُرَتَّبَةً
لِغِلَظِ جِنَايَةِ الْقَتْلِ، وَالتَّكْفِيرُ بِالْعِتْقِ قَدْ يَكُونُ
رَادِعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ رَقِيقَهُ يَعْتِقُ عَنْ
كَفَّارَتِهِ ارْتَدَعَ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِهِ فَفِيهِ مَصْلَحَةٌ
فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمَجْنُونَ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ
نَوْعُ تَمْيِيزٍ يَرْدَعُهُ، وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ غَيْرِ
الْعِتْقِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ مُمْتَنِعٌ فِي
الْمُخَيِّرَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. م ر اهـ. سم
(قَوْلُهُ وَأَخْذِ شُفْعَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَرَضٍ أَيْ وَلَوْ بِأَخْذِ
شُفْعَةٍ فَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ بِمَصْلَحَةٍ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ
الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ أَيْ: النَّسِيئَةِ، وَالْعَرَضِ، وَالْأَخْذِ
بِالشُّفْعَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيُتْرَكُ الْأَخْذُ إلَخْ تَفْرِيعٌ
عَلَى مَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ أَيْ
الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ
مَصْلَحَةٌ تَرَكَهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي التَّرْكِ مَصْلَحَةٌ، أَوْ لَا،
وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى خُصُوصِ الثَّالِثَةِ لِغَرَضِ مُنَاقَشَةِ
الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ، وَهَذِهِ لَا يُفِيدُهَا كَلَامُ الْأَصْلِ أَيْ؛
لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ
بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ اهـ. فَقَيَّدَ كُلًّا مِنْ التَّرْكِ وَالْأَخْذِ
بِالْمَصْلَحَةِ فَلَا تُفِيدُ حُكْمَ مَا لَوْ انْتَفَتْ عَنْهُمَا،
وَأَمَّا كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فَيُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ
الْأَخْذَ بِالْمَصْلَحَةِ وَسَكَتَ عَنْ التَّرْكِ فَيُفِيدُ أَنَّهَا
مَتَى انْتَفَتْ فِي الْأَخْذِ تَرَكَهُ سَوَاءٌ انْتَفَتْ فِي التَّرْكِ
أَوْ لَا، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَخْذِ شُفْعَةٍ) ، وَلَوْ كَانَتْ
الشُّفْعَةُ لِلْوَلِيِّ بِأَنْ بَاعَ شِقْصًا لِلْمَحْجُورِ، وَهُوَ
شَرِيكٌ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا إذْ لَا تُؤْمَنُ
مُسَامَحَتُهُ فِي الْبَيْعِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ
الَّذِي بَاعَ بِهِ أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ شِقْصًا هُوَ شَرِيكُهُ
فِيهِ فَلَهُ الْأَخْذُ إذْ لَا تُهْمَةَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي
غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَمَّا هُمَا فَلَهُمَا الْأَخْذُ مُطْلَقًا
اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ لَا يُفِيدُهَا كَلَامُ الْأَصْلِ) فِي شَرْحِ
شَيْخِنَا أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يَقْتَضِيهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ
وَالْوَجْهُ مَا هُنَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ حَتْمًا
إلَخْ) لَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
قَالَ فِي التَّصْحِيحِ وَيُشْتَرَطُ لِبَيْعِ مَالِهِ نَسِيئَةً كَوْنُهُ
مِنْ مُوسِرٍ ثِقَةٍ، وَقَصُرَ الْأَجَلُ عُرْفًا وَزِيَادَةً لَا ثِقَةَ
بِهِ وَكَوْنُ الرَّهْنِ وَافِيًا بِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ
الشُّرُوطِ بَطَلَ الْبَيْعُ اهـ. أَيْ إلَّا إذَا تَرَكَ الِارْتِهَانَ
خَوْفًا عَلَى الرَّهْنِ مِنْ الضَّيَاعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِلْعُذْرِ إذْ
بَعْضُ الْحُكَّامِ يَرَى سُقُوطَ قَدْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا تَلِفَ
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الرَّوْضُ فِي الرَّهْنِ وَبَيَّنَهُ فِي الْحَاشِيَةِ
اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ
يَرْتَهِنُ مُطْلَقًا لِمَخَافَةِ ضَيَاعِ الْمَالِ. اهـ. م ر فِي أَوَّلِ
بَابِ الرَّهْنِ. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ بِمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) ، وَهُوَ أَنَّ
الْمُطَالَبَةَ مُمْكِنَةٌ فِي الْقَرْضِ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ
النَّسِيئَةِ، وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ. اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُفَرَّقُ
بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ ثَمَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ مَتَى شَاءَ
بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَدْ يُسْرِعُ مَنْ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي ضَيَاعِ
مَالِهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فَاحْتِيجَ إلَى
التَّوَثُّقِ بِالرَّهْنِ أَيْ مُطْلَقًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مَا لَوْ
بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ نَسِيئَةً) ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ
مَلِيئًا، وَأَمَّا الْإِشْهَادُ فَوَاجِبٌ خَوْفَ مَوْتِهِ فَجْأَةً اهـ.
ح ل
(قَوْلُهُ وَيَبْنِي عَقَارَهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ
الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ تَرَكَ عَقَارَهُ بِلَا عِمَارَةٍ حَتَّى خَرِبَ
أَثِمَ وَهَلْ يَضْمَنُ كَمَا فِي تَرْكِ عَلَفِ الدَّابَّةِ أَمْ لَا
كَمَا فِي تَرْكِ التَّلْقِيحِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ تَرَكَ
سَقْيَ الشَّجَرِ حَتَّى هَلَكَ قَالَ وَأَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الضَّمَانِ
بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ، نَظَرًا إلَى الرُّوحِ اهـ. وَنَازَعَهُ م ر
وَقَالَ بَلْ الْأَوْجَهُ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَدِيعُ سَقْيَ
الشَّجَرِ الْمُودَعِ حَتَّى تَلِفَ خِلَافًا لِلشَّارِحِ هُنَاكَ
بِجَامِعِ أَنَّ الْوَلِيَّ يَلْزَمُهُ الْحِفْظُ وَدَفْعُ الْمُتْلَفَاتِ
كَالْوَدِيعِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِ التَّأْبِيرِ بِأَنَّهُ
إنَّمَا يَفُوتُ بِهِ صِفَةٌ بِخِلَافِ تَرْكِ الْعِمَارَةِ وَوَعَدَ
بِمُرَاجَعَةِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ الْمُعْتَمَدُ
الضَّمَانُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَرْعٌ) لَوْ تَرَكَ
الْوَلِيُّ اسْتِيفَاءَ دَيْنِ الْمَحْجُورِ حَتَّى أَدَّى إلَى ضَيَاعِهِ
بِإِعْسَارِ
(3/348)
هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِدُورِهِ
(بِطِينٍ وَآجُرٍّ) أَيْ طُوبٍ مُحْرَقٍ لَا بِجِبْسٍ بَدَلَ الطِّينِ
لِكَثْرَةِ مُؤْنَتِهِ وَلَا بِلَبِنٍ بَدَلَ الْآجُرِّ لِقِلَّةِ
بَقَائِهِ وَشَرَطَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي بِنَائِهِ الْعَقَارَ أَنْ
يُسَاوِيَ مَا صَرَفَ عَلَيْهِ (وَلَا يَبِيعُهُ) أَيْ عَقَارَهُ إذْ لَا
حَظَّ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ آنِيَةُ الْقُنْيَةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ
عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ بِأَنْ
لَمْ تَفِ غَلَّتُهُ بِهِمَا (أَوْ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ) بِأَنْ يَرْغَبَ
فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِ
ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ،
وَمَا عَدَا الْعَقَارَ وَآنِيَةَ الْقُنْيَةِ أَيْ مَا عَدَا مَالَ
التِّجَارَةِ لَا يُبَاعُ أَيْضًا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ لَكِنْ
يَجُوزُ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ وَرِبْحٍ قَلِيلٍ لَائِقٍ بِخِلَافِهِمَا.
(وَيُزَكِّي مَالَهُ وَيُمَوِّنُهُ بِمَعْرُوفٍ) حَتْمًا فِيهِمَا
وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْإِنْفَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْمَدِينِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَثِمَ، وَكَذَا لَوْ
تَرَكَ التَّنْمِيَةَ لِمَالِهِ حَتَّى فَاتَ أَرْبَاحٌ تَحْصُلُ لَوْ
نَمَّاهُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ أَثِمَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم
(قَوْلُهُ وَيَبْنِي عَقَارَهُ إلَخْ) وَلَوْ تَرَكَ عِمَارَةَ عَقَارِهِ
أَوْ إيجَارَهُ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ وَضَمِنَ فِي
أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ التَّلْقِيحِ بِأَنَّ
التَّرْكَ فِيهِمَا يُفَوِّتُ الْمَنْفَعَةَ وَالتَّرْكَ فِيهَا يُفَوِّتُ
الْأَجْوَدِيَّةَ اهـ. شَرْحُ م ر وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ حَتَّى
خَرِبَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرَبْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ
الَّتِي فَوَّتَهَا بِعَدَمِ الْإِيجَارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ
بِقَيْدٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم فَيَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرَبْ
وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ (قَوْلُهُ هُوَ أَعَمُّ)
لِشُمُولِهِ الْبَسَاتِينَ وَالطَّوَاحِينَ اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ بِطِينٍ وَآجُرٍّ) الْوَجْهُ جَوَازُ اتِّبَاعِ عَادَةِ
الْبَلَدِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ اهـ. م ر اهـ. سم، وَفِي حَجّ أَنَّهُ
الْأَوْجَهُ مُدْرَكًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى مَا
إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَصْلَحَةُ الْجَرْيُ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ فَلَا
يُنَافِي مَا قَالَهُ سم عَنْهُ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ بِطِينٍ وَآجُرٍّ)
أَيْ؛ لِأَنَّ الطِّينَ قَلِيلُ الْمُؤْنَةِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ
النَّقْضِ وَالْآجُرَّ يَبْقَى اهـ. شَرْحُ م ر وَأَوَّلُ مَنْ صَنَعَ
الْآجُرَّ هَامَانُ عِنْدَ بِنَاءِ الصَّرْحِ لِفِرْعَوْنَ اهـ. ق ل عَلَى
الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) اعْتَرَضَ
بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَنْعُ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ جِدًّا
فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ أَنْ يُسَاوِيَ مَا صُرِفَ عَلَيْهِ) قَالَ م ر وَالْمُعْتَمَدُ
أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ وَكَانَتْ
الْمَصْلَحَةُ فِي الْبِنَاءِ وَأَيَّدَهُ بِمَا ذُكِرَ فِي الْعُبَابِ فِي
قَوْلِهِ (فَرْعٌ)
لِلْأَبِ وَالْجَدِّ صَوْغُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمُولِيَتِهِ، وَإِنْ
نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أَوْ تَلِفَ جُزْءٌ مِنْهُ وَأَنْ يَصْبُغَا لَهَا
الثِّيَابَ وَيَقْطَعَاهَا تَرْغِيبًا فِي نِكَاحِهَا وَيُتَّجَهُ أَنَّ
كُلَّ وَلِيٍّ كَذَلِكَ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُهُ) أَيْ عَقَارَهُ أَيْ الَّذِي لِلْقُنْيَةِ لَا
غَيْرَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ صَنِيعِهِ اهـ. وَأَفْتَى الْقَفَّالُ
بِجَوَازِ بَيْعِ ضَيْعَةِ يَتِيمٍ خَرِبَتْ وَخَرَاجُهَا يُسْتَأْصَلُ
مَالُهُ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ اهـ. شَرْحُ م ر
وَمِثْلُهُ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ مَا
خَرِبَ مِنْ الْأَوْقَافِ لَا يُعَمَّرُ فَيَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضِهِ
لِمَنْ يُعَمِّرُهَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي
يَأْخُذُهَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ
يَسْتَأْجِرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ
صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) (تَنْبِيهٌ)
الْمَصْلَحَةُ أَعَمُّ مِنْ الْغِبْطَةِ إذْ الْغِبْطَةُ بَيْعٌ
بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ لَهَا وَقْعٌ وَالْمَصْلَحَةُ لَا
تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِنَحْوِ شِرَاءِ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ
الرِّبْحُ وَبَيْعُ مَا يَتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ
فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ:
وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ) يَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ
الْمُرَادُ إمْكَانَ الْوُجُودِ عَادَةً مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْوُجُودِ
اهـ. سم (قَوْلُهُ مَا عَدَا مَالَ التِّجَارَةِ) كَعَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ
وَعَقَارِهِ، وَأَمَّا مَالُ التِّجَارَةِ فَيُبَاعُ لَلْمَصْلَحَةِ اهـ. ح
ل
(قَوْلُهُ وَيُزَكِّي مَالَهُ) ، وَكَذَا بَدَنَهُ قَالَ شَيْخُنَا م ر
وُجُوبًا فَوْرًا فِيهِمَا وَقَالَ شَيْخُنَا جَوَازًا إذَا لَمْ
يَعْتَقِدَا وُجُوبَهَا بِأَنْ كَانَا حَنَفِيَّيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ
لَا زَكَاةَ عِنْدَهُمَا فَهِيَ عِنْدَهُمَا حَرَامٌ فَيُحْمَلُ كَلَامُ
شَيْخِنَا م ر الْمَذْكُورُ عَلَى مَا إذَا كَانَا شَافِعِيَّيْنِ فَإِنْ
كَانَ أَحَدُهُمَا شَافِعِيًّا جَازَ لِلْوَلِيِّ الْإِخْرَاجُ، وَعَلَيْهِ
يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِمَا
قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوْلَى لِلْوَلِيِّ مُطْلَقًا رَفْعُ الْأَمْرِ
لِحَاكِمٍ يَلْزَمُهُ بِالْإِخْرَاجِ أَوْ عَدَمِهِ حَتَّى لَا يُطَالِبَهُ
الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ وَإِذَا لَمْ يُخْرِجْهَا
أَخْبَرَهُ بِهَا بَعْدَ كَمَالِهِ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ
وَيُمَوِّنُهُ بِمَعْرُوفٍ) أَيْ مِمَّا يَلِيقُ بِهِ فِي يَسَارِهِ
وَإِعْسَارِهِ فَإِنْ قَصَّرَ أَثِمَ أَوْ أَسْرَفَ ضَمِنَ وَأَثِمَ
وَيُخْرِجُ عَنْهُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ
ذَلِكَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ مَنْ
عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْحَالُّ لَا يَجِبُ وَفَاؤُهُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ
مَعَ أَنَّ الْأَرْشَ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ
فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ أَدَائِهِ عَلَى طَلَبِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا
وَيُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ
لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ
مَجْنُونًا أَوْ طِفْلًا أَوْ زَمِنًا يَعْجِزُ عَنْ الْإِرْسَالِ، وَلَا
وَلِيَّ لَهُ خَاصٌّ لَمْ يَحْتَجْ إلَى طَلَبٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِمَعْرُوفٍ) أَيْ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِ
الْوَلَدِ أَيْ، وَإِنْ خَالَفَ حَالَةَ أَبِيهِ حِرْفَةً وَمَلْبَسًا اهـ.
شَوْبَرِيٌّ (فَرْعٌ)
قَالَ حَجّ وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ اسْتِخْدَامُ مَحْجُورِهِ فِيمَا لَا
يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَلَا يَضْرِبُهُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ
خِلَافًا لِمَنْ جَزَمَ بِأَنَّ لَهُ ضَرْبَهُ عَلَيْهِ وَإِعَارَتَهُ
لِذَلِكَ وَلِخِدْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ مَا يَنْفَعُهُ دُنْيَا
أَوْ دِينًا، وَإِنْ قُوبِلَ بِأُجْرَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
أَوَّلَ الْعَارِيَّةُ وَبَحَثَ إنْ عَلِمَ رِضَا الْوَلِيِّ كَإِذْنِهِ،
وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إيجَارَهُ بِنَفَقَتِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ عَلِمَ
أَنَّ لَهُ فِيهَا مَصْلَحَةً لِكَوْنِ نَفَقَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ
أُجْرَتِهِ عَادَةً وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ
ابْنَ بِنْتِهِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ إلَى بُلُوغِهِ رَشِيدًا؛ لِأَنَّهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَنَافِعِهِ الْمُقَابَلَةِ
(3/349)
(فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ) بِبُلُوغٍ وَرُشْدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ
قَوْلِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (بَيْعًا) ، أَوْ أَخْذًا بِشُفْعَةٍ (بِلَا
مَصْلَحَةٍ عَلَى وَصِيٍّ أَوْ أَمِينٍ) لِلْقَاضِي (حَلَفَ) أَيْ
الْمُدَّعِي (أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى أَبٍ، أَوْ أَبِيهِ حَلِفًا)
فَالْمُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمِينَ بِخِلَافِ
الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيِّ
كَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ أَمَّا الْقَاضِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا
تَحْلِيفٍ، وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ آخِرًا؛
لِأَنَّهُ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ نَائِبُ الشَّرْعِ. |