فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل

(كِتَابُ الْوَصِيَّةِ) . الشَّامِلَةِ لِلْإِيصَاءِ هِيَ لُغَةً الْإِيصَالُ مِنْ وَصَى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ وَشَرْعًا لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ، تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٌ وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ
وَإِنْ الْتَحَقَا بِهَا حُكْمًا كَالتَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
[كِتَابُ الْوَصِيَّةِ]
ِ) . تُطْلَقُ الْوَصِيَّةُ عَلَى فِعْلِ الْمُوصِي فَتَكُونُ مَصْدَرًا كَالْإِيصَاءِ وَعَلَى مَا يُوصَى بِهِ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ فَتَكُونُ اسْمَ عَيْنٍ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ وَأَخَّرَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا وَرَدَّهَا وَمَعْرِفَةَ قَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ وَمَنْ يَكُونُ وَارِثًا مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمَوْتِ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَنْسَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي ثُمَّ تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ اهـ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ قَبُولَهَا وَرَدَّهَا إلَخْ هَذَا لَا يَسْتَدْعِي تَأْخِيرَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ وَقِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ أَخَّرَهَا عَنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ ثَابِتَةٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا تَصَرُّفَ لِلْمَيِّتِ فِيهَا وَهَذِهِ عَارِضَةٌ تُوجَدُ وَقَدْ لَا تُوجَدُ وَفِي حَجّ وَيُرَدُّ - أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ تَقْدِيمَهَا أَنْسَبُ - بِأَنَّ عِلْمَ قِسْمَةِ الْوَصَايَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ وَتَابِعٌ لَهُ فَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُ الْفَرَائِضِ كَمَا دَرَج عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ اهـ.
وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اكْتَفَى بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَافٍ فِي رَدِّ قَوْلِ الْمُعْتَرِضِ إنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي، ثُمَّ يَمُوتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فِي تَأْخِيرِهَا عَنْ الْفَرَائِضِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: الشَّامِلَةِ لِلْإِيصَاءِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّرْجَمَةَ قَاصِرَةٌ عَنْ الْإِيصَاءِ اهـ ز ي وَلْيُنْظَرْ مَا هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي يَشْمَلُ الْإِيصَاءَ وَلَا يُقَالُ هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ مَعْقُودٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ الشَّامِلَ لِلْإِيصَاءِ هُوَ إثْبَاتُ حَقٍّ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الْإِيصَالُ) هَذَا التَّعْرِيفُ اللُّغَوِيُّ لِلْوَصِيَّةِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْإِيصَاءِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَشَرْعًا لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ فَيُقَالُ فِي تَعْرِيفِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ وَصَى الشَّيْءَ بِكَذَا) فِي الْمِصْبَاحِ وَصَيْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ أَصِيهِ مِنْ بَابِ وَعَى وَصَلْته. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُوصِي وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ) أَيْ لِخَيْرِ الْوَاقِعِ مِنْهُ فِي دُنْيَاهُ وَهُوَ تَصَرُّفَاتُهُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى خَيْرٍ الْمُنَجَّزَةُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَقَوْلُهُ: بِخَيْرِ عُقْبَاهُ أَيْ بِالْخَيْرِ الْوَاقِعِ مِنْهُ فِي عُقْبَاهُ أَيْ فِي آخِرَتِهِ أَيْ وَصَلَ الْقُرُبَاتِ الْمُنَجَّزَةَ الْوَاقِعَةَ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ بِالْقُرُبَاتِ الْمُعَلَّقَةِ بِمَوْتِهِ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْإِيصَاءِ الشَّامِلِ لَهُ الْوَصِيَّةُ، وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ: وَصَلَ خَيْرَ عُقْبَاهُ بِخَيْرِ دُنْيَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَصِيَّةِ اتِّصَالُ مَا بِهَا إلَى مَا قَدَّمَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَالْأَصْلُ اتِّصَالُ الْمُتَأَخِّرِ بِالْمُتَقَدِّمِ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُضَافٌ) هُوَ بِالرَّفْعِ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ تَبَرُّعٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقْدِيرًا) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ " لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي كَذَا " اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ الْتَحَقَا بِهَا حُكْمًا) عِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ مَتْنًا وَشَرْحًا، وَالْمُدَبَّرُ يَعْتِقُ بِالْمَوْتِ مَحْسُوبًا مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَإِنْ وَقَعَ التَّدْبِيرُ فِي الصِّحَّةِ كَعِتْقٍ عُلِّقَ بِصِفَةٍ قُيِّدَتْ بِالْمَرَضِ - أَيْ مَرَضِ الْمَوْتِ - كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ، أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ بِهِ وَوُجِدَتْ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ وُجِدَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَالتَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ) أَيْ كَمَا الْتَحَقَ بِهَا التَّبَرُّعُ الْمُنَجَّزُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ) أَيْ بِمَرَضِ الْمَوْتِ كَالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ وَاضْطِرَابِ الرِّيحِ فِي حَقِّ رَاكِبِ السَّفِينَةِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) أَيْ مَا الْحَزْمُ، أَوْ الْمَعْرُوفُ إلَّا ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَتَى يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ فِي الصِّحَّةِ أَفْضَلَ مِنْهَا وَقَدْ تُبَاحُ كَمَا يَأْتِي وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ قُرْبَةٍ أَيْ دَائِمًا بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَقَدْ تَحْرُمُ كَالْوَصِيَّةِ لِمَنْ عُرِفَ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ لَهُ شَيْءٌ فِي تَرِكَتِهِ أَفْسَدَهَا وَتُكْرَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ كَمَا يَأْتِي اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَقَدْ تُبَاحُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي فَكِّ أَسْرَى الْكُفَّارِ وَلَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ إسْلَامِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَأَصْلُهَا النَّدْبُ مُؤَكَّدًا وَكَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ آيَةِ الْمَوَارِيثِ فَنُسِخَ الْوُجُوبُ بِهَا وَأَفْضَلُهَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ وَتَقْدِيمُ مَحْرَمِ نَسَبٍ فَرَضَاعٍ فَمُصَاهَرَةٍ فَوَلَاءٍ فَجِوَارٍ أَفْضَلُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِيهِ تَخْلِيطٌ.
وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبَةٌ مُطْلَقًا، وَتَعَدُّدَ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ مَا تُسْنَدُ إلَيْهِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَى النَّسْخِ فِيهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لِلْأَقَارِبِ مَثَلًا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إنَّهَا قَدْ تَجِبُ إذَا

(4/40)


يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» (أَرْكَانُهَا) لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ (مُوصًى لَهُ وَ) مُوصًى (بِهِ وَصِيغَةٌ وَمُوصٍ وَشُرِطَ فِيهِ تَكْلِيفٌ وَحُرِّيَّةٌ وَاخْتِيَارٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لَزِمَ مِنْ تَرْكِهَا ضَيَاعُ حَقٍّ وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ لَزِمَ عَلَيْهَا فَسَادٌ وَقَدْ تُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي وَقَدْ تُبَاحُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ قُرْبَةٍ أَيْ دَائِمًا كَذَا قَالُوا: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ مَا وَضَعَهُ عَلَى النَّدْبِ لَا يَكُونُ مُبَاحًا فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُبَاحًا كَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْآتِيَةِ؛ إذْ لَا مُلَازَمَةَ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا قَدْ تُكْرَهُ فِي الْقُرْبَةِ فَتَأَمَّلْ انْتَهَتْ وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَجُورُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِسُوءِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ» اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيَمْضِيَ عَلَيْهِ زَمَنٌ بِدُونِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ بِدُونِهَا لَا يَتَكَلَّمُ فِي الْبَرْزَخِ وَلَا يَتَزَاوَرُ مَعَ الْمَوْتَى اهـ شَيْخُنَا، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ.
(فَائِدَةٌ) : قَالَ الدَّمِيرِيُّ رَأَيْت بِخَطِّ ابْنِ الصَّلَاحِ أَبِي عُمَرَ أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ لَا يَتَكَلَّمُ فِي مُدَّةِ الْبَرْزَخِ وَأَنَّ الْأَمْوَاتَ يَتَزَاوَرُونَ سِوَاهُ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا بَالُ هَذَا فَيُقَالُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الشَّنَوَانِيِّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ خَرَجَ مَخْرَجِ الزَّجْرِ اهـ هَكَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ حَيْثُ قَامَ بِهِ مَا يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ وَعَلَيْهِ فَمَنْ مَاتَ فَجْأَةً، أَوْ بِمَرَضٍ خَفِيفٍ لَا يُخْشَى مِنْهُ هَلَاكٌ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَخْ) مَا بِمَعْنَى لَيْسَ وَقَوْلُهُ " يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ " صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِامْرِئٍ وَ " يُوصِي فِيهِ " صِفَةُ " شَيْءٌ "، وَالْمُسْتَثْنَى خَبَرُ مَا قَالَ الْمُظْهِرِيُّ قَيْدُ لَيْلَتَيْنِ تَأْكِيدٌ وَلَيْسَ بِتَحْدِيدٍ يَعْنِي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ زَمَانٌ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ أَقُولُ فِي تَخْصِيصِ اللَّيْلَتَيْنِ تَسَامُحٌ فِي إرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ وَقَدْ سَامَحْنَاهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْهُ شَرْحُ الْمَصَابِيحِ لِلطِّيبِيِّ اهـ ع ش، وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَيْلَةً، أَوْ لَيْلَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَكَأَنَّ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ ذُكِرَا لِرَفْعِ الْحَرَجِ لِتَزَاحُمِ أَشْغَالِ الْمَرْءِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَيُفْسَحُ لَهُ فِي هَذَا الْقَدْرِ وَاخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِيهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّقْرِيبِ لَا لِلتَّحْدِيدِ، وَالْمَعْنَى لَا يَمْضِي عَلَيْهِ زَمَانٌ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا مِنْ لَدُنْ وَجْدِ الشَّيْءِ الَّذِي يُوصِي فِيهِ، أَوْ مِنْ إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ احْتِمَالَانِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى اغْتِفَارِ هَذَا الزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَكَأَنَّ الثَّلَاثَةَ غَايَةٌ لِلتَّأْخِيرِ وَقَدْ سَامَحْنَاهُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ فَتْحِ الْبَارِي. (قَوْلُهُ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ، وَالْكَرْمَانِيُّ: " مَا " نَافِيَةٌ، وَ " حَقُّ " اسْمُهَا وَ " لَهُ شَيْءٌ " صِفَةُ " مُسْلِمٍ " وَيُوصِي فِيهِ صِفَةُ " شَيْءٌ " وَيَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ صِفَةٌ أَيْضًا لِمُسْلِمٍ، وَالْمُسْتَثْنَى خَبَرُهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَبِيتُ هُوَ الْخَبَرُ وَكَأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ " أَنْ " وَيَجُوزُ أَنْ لَا حَذْفَ وَيَكُونُ " يَبِيتُ " صِفَةً لِمُسْلِمٍ، وَمَفْعُولُ " يَبِيتُ " مَحْذُوفٌ أَيْ مَرِيضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
هَذَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ " يَبِيتُ " خَبَرًا، وَالْمُسْتَثْنَى حَالًا أَيْ مَا الْحَزْمُ وَالرَّأْيُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَبِيتَ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ شَيْخُنَا، وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَمَفْعُولُ " يَبِيتُ " مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ آمِنًا، أَوْ ذَاكِرًا وَقَالَ ابْنُ الْمَتِينِ مَوْعُوكًا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَ الْوَصِيَّةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ اهـ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي اهـ وَقَوْلُهُ: وَمَفْعُولُ " يَبِيتُ " لَعَلَّ حَقَّهُ أَنْ يُقَالَ: وَخَبَرُ " يَبِيتُ " مَحْذُوفٌ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ) أَيْ مِنْ بُلُوغِهِ، أَوْ إسْلَامِهِ إنْ كَانَ كَافِرًا فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ خَمْسَةٌ هَذَانِ وَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ مِنْ إرَادَتِهِ لِلْوَصِيَّةِ، أَوْ مِنْ وِجْدَانِهِ مَا يُوصِي، أَوْ مَوْعُوكًا وَمَرِيضًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَرْكَانُهَا لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ) لِأَنَّهَا بِمَعْنَاهُ يُبَدَّلُ الرُّكْنُ الَّذِي هُوَ مُوصًى بِهِ بِمُوصًى فِيهِ اهـ ح ل أَيْ وَالرُّكْنُ الَّذِي هُوَ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَصِيِّ كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: مُوصًى لَهُ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي صَحَّتْ وَتُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ اهـ سَبْط طب.
وَعِبَارَةُ م ر وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ جِهَةٍ وَلَا شَخْصٍ كَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ بِثُلُثِهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا أُولَئِكَ فَكَانَ إطْلَاقُهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَحُرِّيَّةٌ) أَيْ لِكُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ فَالْمُبَعَّضُ تَصِحُّ مِنْهُ بِمَا

(4/41)


وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ مَحْجُورَ سَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلثَّوَابِ (فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِدُونِهَا) أَيْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَرَقِيقٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُكْرَهٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلِعَدَمِ مِلْكِ الرَّقِيقِ، أَوْ ضَعْفِهِ، وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ وَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُوصَى لَهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً أَكَانَ جِهَةً أَمْ غَيْرَهَا (عَدَمُ مَعْصِيَةٍ) فِي الْوَصِيَّةِ (وَ) حَالَةَ كَوْنِهِ (غَيْرَ جِهَةٍ كَوْنُهُ مَعْلُومًا أَهْلًا لِمِلْكٍ) وَاشْتِرَاطُ الْأَوَّلَيْنِ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ مِنْ زِيَادَتِي (فَلَا تَصِحُّ) لِكَافِرٍ بِمُسْلِمٍ لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً وَلَا (لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ) لِعَدَمِ وُجُودِهِ (وَلَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ) الرَّجُلَيْنِ لِلْجَهْلِ بِهِ نَعَمْ إنْ قَالَ: أَعْطُوا هَذَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْهُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ (وَلَا لِمَيِّتٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ (وَلَا لِدَابَّةٍ) لِذَلِكَ (إلَّا إنْ فَسَّرَ) الْوَصِيَّةَ لَهَا (بِعَلَفِهَا) بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ بِالصَّرْفِ فِيهِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَلَفَهَا عَلَى مَالِكِهَا فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَيَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الدَّابَّةِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ وَلَوْ عِتْقًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِوُجُودِ أَهْلِيَّتِهِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهَا - لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ - مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ رِقُّهُ بِمَوْتِهِ وَسَيَأْتِي فِي نُفُوذِ إيلَادِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) وَفَارَقَ عَدَمَ انْعِقَادِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ فَإِنَّهَا عَقْدٌ مَالِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَرْبِيًّا وَغَيْرَهُ) شَمِلَ الْمُرْتَدَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ مَوْقُوفَةٌ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَاحْتِيَاجِهِمْ لِلثَّوَابِ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي حَقِّ الْكَافِرِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا نُظِرَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا زِيَادَةُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ لَا عَمَلَ لَهُ بَعْدَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِيهَا بِطَرِيقِ الذَّاتِ كَوْنُهَا عَقْدًا مَالِيًّا لَا خُصُوصَ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ صَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحَّتْ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ مَعَ اسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهَا، وَفِي صِحَّتِهَا مِنْهُ بِالْعِتْقِ تَرَدُّدٌ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهُ مِنْ الْمُبَعَّضِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: تَصِحُّ وَيَصِيرُ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُقُودِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِشَيْءٍ وَلَمْ يَفْعَلْ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ إلَخْ) أَيْ الْمُتَعَدِّي لِانْصِرَافِ الِاسْمِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ أَنَّ تَصْحِيحَ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ، وَتَصْحِيحَ الْوَصِيَّةِ رِفْقٌ بِهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَمْ غَيْرَهَا) بِأَنْ كَانَ شَخْصًا مُعَيَّنًا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُسْلِمٍ) أَيْ وَلَا بِمُصْحَفٍ اهـ شَرْحُ م ر وَمَحَلُّهُ إذَا اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ لِمَوْتِ الْمُوصِي اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَاسَ بِالْحَرْبِيِّ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَلَا نَظَرَ لِتَعْزِيرِ قَاتِلِ نَحْوِ الزَّانِي بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ قَاتِلِ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنًى خَارِجٍ وَهُوَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ لَوْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ حِرَابَةً، أَوْ رَجْمًا فَأَوْصَى لِمَنْ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ إنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَالْإِجَارَةِ، وَالْحَوَالَةِ إذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِفَقْدِ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته إنْ لَمْ يُحْمَلْ قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الِاشْتِرَاطِ اهـ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْصَى لِقَاتِلِ زَيْدٍ بَعْدَ أَنْ قَتَلَهُ صَحَّ وَكَانَ ذِكْرُ الْقَتْلِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ كَانَ قَتْلُهُ جَائِزًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ التَّرْشِيحِ بَحَثَ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ بِحَقٍّ فَتَظْهَرَ الصِّحَّةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لِحَمْلٍ إلَخْ) التَّفْرِيعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي الْمَتْنِ عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي وَاَللَّذَانِ بَعْدَهُمَا عَلَى الثَّالِثِ، وَالْخَامِسُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَةِ وَلَمْ يُفَرِّعْ شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْنَى فَأَتَى بِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ إلَخْ لَكِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ إلَى الْخَامِسِ؛ لِأَنَّهُمَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ) بِأَنْ قَالَ الْمُوصِي هَذِهِ الْعِبَارَةَ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ) نَعَمْ إنْ جَعَلَ الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ كَأَنْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ زَيْدٍ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ صَحَّتْ لَهُمْ تَبَعًا قِيَاسًا عَلَى الْوَقْفِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَالْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا مُعَيَّنٌ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لِلدَّوَامِ الْمُقْتَضِي لِشُمُولِهِ لِلْمَعْدُومِ ابْتِدَاءً مَرْجُوحٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا لِأَحَدِ هَذَيْنِ) لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْمُبْهَمِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ أُعْطُوا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ غَيْرِهِ لَا مِنْهُ فَلَا يَضُرُّ الْإِبْهَامُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَ أُعْطُوا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّمْلِيكِ وَهُوَ مِنْ الْمُوصَى إلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعَيَّنٍ مِنْهُمَا اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَلَا لِمَيِّتٍ) أَيْ إلَّا إنْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَهُنَاكَ مَيِّتٌ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ، وَالْمُحْدِثِ الْحَيِّ، وَالْمُرَادُ فِي مَحَلِّ الْمُوصِي، أَوْ مَحَلِّ الْمَاءِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَيْسَتْ هَذِهِ وَصِيَّتَهُ لِمَيِّتٍ بَلْ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ فَسَّرَ بِعَلَفِهَا) وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ بَيَانِ مُرَادِهِ رُجِعَ إلَى وَارِثِهِ فَإِنْ قَالَ: أَرَادَ الْعَلَفَ صَحَّتْ، وَإِلَّا حُلِّفَ وَبَطَلَتْ فَإِنْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بَطَلَتْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْعُدَّةِ، وَفِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ: أَرَادَ تَمْلِيكِي، وَقَالَ الْوَارِثُ: أَرَادَ تَمْلِيكَهَا صُدِّقَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَخْ) فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مَالِكَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا تَجَمُّلًا، أَوْ مُبَاسَطَةً مَلَكَهُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَ دِرْهَمًا

(4/42)


وَلَا يُسَلَّمُ عَلَفُهَا لِلْمَالِكِ بَلْ يَصْرِفُهُ الْوَصِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي وَلَوْ بِنَائِبِهِ.

(وَلَا) تَصِحُّ (لِعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) مِنْ كَافِرٍ، أَوْ غَيْرِهِ لِلتَّعَبُّدِ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَرْمِيمًا بِخِلَافِ كَنِيسَةٍ تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ، أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَى قَوْمٍ يَسْكُنُونَهَا وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا لِأَهْلِ الرِّدَّةِ.

(وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ وَمَصَالِحِهِ وَمُطْلَقًا وَتُحْمَلُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (عَلَيْهِمَا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت تَمْلِيكَهُ فَقِيلَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَفْقَهُ الْأَرْجَحُ.

(وَ) تَصِحُّ (لِكَافِرٍ) وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا (وَقَاتِلٍ) بِحَقٍّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِمَا وَالْهِبَةِ لَهُمَا، وَصُورَتُهَا فِي الْقَاتِلِ أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ فَيَقْتُلَهُ وَمِنْهُ قَتْلُ سَيِّدِ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِيَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِرَقِيقٍ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِمَنْ يَرْتَدُّ، أَوْ يُحَارِبُ، أَوْ يَقْتُلُهُ، أَوْ يَقْتُلُ غَيْرَهُ عُدْوَانًا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ.

(وَلِحَمْلٍ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهَا (أَوْ) لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَ (لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ) مِنْهَا (وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ أَمْكَنَ كَوْنُ الْحَمْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِهِ عِمَامَةً مَثَلًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ فَلَوْ بَاعَهَا مَالِكُهَا انْتَقَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْعَبْدِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ -: هِيَ لِلْبَائِعِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ إنْ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيَاسُ الْعَبْدِ فِي التَّقْدِيرَيْنِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ، ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُ عَلَفَهَا لِلْمَالِكِ إلَخْ) وَلَوْ أَوْصَى بِعَلَفٍ لِلدَّابَّةِ الَّتِي لَا تَأْكُلُهُ عَادَةً فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، أَوْ يُصْرَفُ لِمَالِكِهَا، أَوْ يُفَصِّلُ فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي جَاهِلًا بِحَالِهَا بَطَلَتْ، أَوْ عَالِمًا انْصَرَفَتْ لِمَالِكِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّالِثُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَوْ كَانَ الْعَلَفُ الْمُوصَى بِهِ مِمَّا تَأْكُلُهُ عَادَةً لَكِنْ عَرَضَ لَهَا امْتِنَاعُهَا مِنْ أَكْلِهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَيِسَ مِنْ أَكْلِهَا إيَّاهُ عَادَةً صَارَ الْمُوصَى بِهِ لِلْمَالِكِ كَمَا لَوْ مَاتَتْ وَلَا حِفْظَ إلَى أَنْ يَتَأَتَّى أَكْلُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَرْمِيمًا إلَخْ) هَذَا فِي الْكَنَائِسِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مَا وُجِدَ مِنْهَا قَبْلَهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ شَرِيعَتِنَا فِي مَسَاجِدِنَا وَلَا تُمَكَّنُ النَّصَارَى مِنْ دُخُولِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ كَمَسَاجِدِنَا كَذَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ السُّبْكِيّ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ يَتَعَبَّدُونَ بِهَا الْآنَ هُمْ الْمُسْلِمُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَإِنْ سُمِّيَتْ كَنِيسَةً اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا، وَإِنْ اتَّفَقَ تَعَبُّدُهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِلْوَاقِفِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ لِأَهْلِ الْحَرْبِ) بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ لِلْحَرْبِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ كَافِرٍ وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ - كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ وَكَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ يُشِيرُ إلَيْهِ - أَنَّهُ يُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ، وَالْقَنَاطِرُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمَشَاهِدِ إذَا كَانَ الدَّفْنُ فِي مَوَاضِعَ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ لِمَنْ دَفَنَهُمْ فِيهَا لَا بِنَاءُ الْقُبُورِ نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلَا فِعْلُهُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِمَا اسْتَوْجَهَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِعِمَارَتِهَا رَدَّ التُّرَابِ فِيهَا وَمُلَازَمَتَهَا - خَوْفًا مِنْ الْوَحْشِ -، وَالْقِرَاءَةَ عِنْدَهَا، وَإِعْلَامَ الزَّائِرِينَ بِهَا لِئَلَّا تَنْدَرِسَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا) أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ لِلْمَسْجِدِ أَيْ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُ وَأَنَّ عَلَيْهِ وَقْفًا أَيْ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَنَا جَمَادًا يَمْلِكُ وَهُوَ الْمَسْجِدُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيًّا) أَيْ فِي الْوَاقِعِ، أَوْ مَعَ ذِكْرِ اسْمٍ هـ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ، أَوْ لِهَذَا، وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ حَرْبِيٌّ، أَوْ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرْتَدِّ اهـ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وح ل وَخَالَفَ الْوَقْفَ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّوَامُ، وَالْحَرْبِيُّ، وَالْمُرْتَدُّ لَا دَوَامَ لَهُمَا اهـ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ خَالَفَهُ ع ش عَلَى م ر فَقَالَ أَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ الْحَرْبِيِّ، أَوْ الْمُرْتَدِّ أَوْ الْكَافِرِ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ لِحِرَابَتِهِ، أَوْ لِكُفْرِهِ أَوْ لِرِدَّتِهِ فَتَفْسُدُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ حَامِلًا عَلَى الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدًّا) أَيْ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ فَإِنْ قَالَ: لِمَنْ يَرْتَدُّ أَوْ لِلْمُرْتَدِّينَ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ.
(تَنْبِيهٌ) : مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الشَّخْصُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ فَلَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْوَصْفِ فِيهِ الَّذِي هُوَ الْمَعْصِيَةُ مَعَ أَنَّ وَصْفَ نَحْوِ الذِّمِّيَّةِ، وَالْحَرْبِيَّةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْكَافِرِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ فَتَأَمَّلْ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهَا فِي الْقَاتِلِ إلَخْ) أَيْ وَصُورَتُهَا فِي الْكَافِرِ أَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ كَافِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتُلُ غَيْرَهُ عُدْوَانًا) مَفْهُومُهُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَقْتُلُ خَطَأً.

(قَوْلُهُ: وَلِحَمْلٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلِحَمْلٍ) إنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَيَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِأَحَدٍ أَصْلًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ ع ش. (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهَا) لَا يُقَالُ الْعِلْمُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَصِلُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَمْكُثَ فِي الْبَطْنِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ فَلَا يَمْنَعُ غَلَبَةَ الظَّنِّ الْمُرَادَةَ هُنَا بِالْعِلْمِ تَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا) أَيْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَمْكَنَ كَوْنُ الْحَمْلِ

(4/43)


مِنْهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إسَاءَةُ ظَنٍّ نَعَمْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا قَطُّ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ، أَوْ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ مَعَهَا، أَوْ بَعْدَهَا فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ وُجُودِهِ عِنْدَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ ثَانِيَ التَّوْأَمَيْنِ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَأَنَّ مَا ذَكَرْته مِنْ إلْحَاقِ السِّتَّةِ بِمَا فَوْقَهَا هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلنَّصِّ لَكِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقَهَا بِمَا دُونَهَا مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَحَالَّ أُخَرَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ اللَّحْظَةَ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ فَالسِّتَّةُ مُلْحَقَةٌ عَلَى هَذَا بِمَا فَوْقَهَا كَمَا قَالُوهُ هُنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا دُونَهَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَحَالِّ الْأُخَرِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ وَأَنَّ التَّصْوِيبَ سَهْوٌ.

(وَوَارِثٍ) خَاصٍّ حَتَّى بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ (إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفَ وَسَوَاءٌ أَزَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ أَمْ لَا لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ أَمَّا إذَا لَمْ يُجِيزُوا فَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مِنْهُ) صِفَةٌ لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ خَرَجَ الصَّبِيُّ وَنَحْوُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فِرَاشًا يُحَالُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا قَبْلَهَا بِنَحْوِ خَمْسِ سِنِينَ أَيْ فُورِقَتْ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ قَبْلِ الْوَصِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ كَقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِيُفَارِقَ مَا تَقَدَّمَ فِي صُورَةِ الدُّونِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا فِي عُمْرِهَا فَحِينَئِذٍ يُقَدَّرُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ، أَوْ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا احْتِمَالَ غَيْرُهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا) أَيْ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ) أَيْ حَيْثُ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا صَحَّتْ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ وَقْتَهَا وَغَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَالْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ مِنْهُ صَحِيحَةٌ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْفِرَاشِ وُجُودُ وَطْءٍ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ بَلْ الْوَطْءُ لَيْسَ قَيْدًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يُحَالُ وُجُودُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ ثَانِيَ التَّوْأَمَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ انْفَصَلَ الْأَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ، أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَيْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اهـ ح ل وَضَابِطُهُمَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ إلْحَاقِ السِّتَّةِ بِمَا فَوْقَهَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالسِّتَّةِ وَيَنْبَنِي عَلَى إلْحَاقِهَا بِالْفَوْقِ اشْتِرَاطُ الشَّرْطِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ وَيَنْبَنِي عَلَى إلْحَاقِهَا بِالدُّونِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ لَحْظَةٍ لِلْوَطْءِ) أَيْ لَا بُدَّ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ تَقْدِيرِ إلَخْ أَيْ أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ سِتَّةٌ وَلَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ فَإِذَا وَلَدَتْهُ مُقَارِنًا لِلسِّتَّةِ كَانَتْ مُدَّتُهُ نَاقِصَةً لَحْظَةً فَعَلَى هَذَا تَكُونُ بَقِيَّةُ السِّتَّةِ مُلْحَقَةً بِالدُّونِ. (قَوْلُهُ: فِي مَحَالَّ أُخَرَ) كَالْعَدَدِ وَالطَّلَاقِ اهـ ح ل أَيْ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا حَامِلًا وَوَضَعَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ وَكَذَا إنْ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَوَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ إلَخْ) أَيْ فَمَنْ نَظَرَ لِلْغَالِبِ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ لَحْظَةٍ لِلْوَطْءِ زَائِدَةٍ عَلَى السِّتَّةِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ السِّتَّةُ مُلْحَقَةً بِمَا دُونَهَا وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ لِلْغَالِبِ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ لَحْظَةٍ وَحِينَئِذٍ فَتُلْحَقُ بِمَا فَوْقَهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ) أَيْ بَلْ يَتَأَخَّرُ بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الَّتِي هِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةٌ فَزَمَنُ الْوَطْءِ مِنْ الْمُدَّةِ فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ، وَإِنْ لَمْ نَجْرِ عَلَى الْغَالِبِ بَلْ جَرَيْنَا عَلَى خِلَافِهِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ يَعْنِي إذَا كَانَ بِغَيْرِ وَطْءٍ فَالْمُدَّةُ عَلَى هَذَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَقَطْ فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِلسِّتَّةِ تَحَقَّقَ تَمَامُ مُدَّتِهِ فَتَكُونُ مُلْحَقَةً بِالْفَوْقِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ غَالِبًا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعُلُوقِ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ وَطْءٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ) أَيْ بِإِمْكَانِ الْمُقَارَنَةِ أَيْ مُقَارَنَةِ الْعُلُوقِ لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ أَيْ مُدَّةِ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اعْتَبَرْنَا غَيْرَ الْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ: مُلْحَقَةٌ إلَخْ أَيْ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ لِاحْتِمَالِ وُجُودِهِ مَعَهَا كَمَا يَحْتَمِلُ وُجُودَهُ قَبْلَهَا وَلَا يَأْتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ احْتِمَالُ وُجُودِهِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ نَاقِصًا عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اهـ. (قَوْلُهُ: بِالْمُقَارَنَةِ) أَيْ مُقَارَنَةِ الْعُلُوقِ لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبِنَاءُ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا بَنَاهُ عَلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ هُنَا أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا.

(قَوْلُهُ: وَوَارِثٍ خَاصٍّ إلَخْ) مِثْلُ الْوَصِيَّةِ لَهُ فِي التَّوَقُّفِ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ التَّبَرُّعُ عَلَيْهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي فِي عِبَارَةِ ق ل. (قَوْلُهُ: حَتَّى بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثَةُ دُورٍ، قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ وَأَوْصَى لِكُلٍّ بِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِشَرْطِ الْإِجَازَةِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ وَمَنَافِعِهَا اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ بِحُرُوفِهِ أَيْ وَحَتَّى بِجُزْءٍ شَائِعٍ هُوَ قَدْرُ حِصَّةِ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْإِرْثِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَتَنْفُذُ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُجِيزُوا إلَخْ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِتَصِحُّ لِمَا لَا يَخْفَى، وَالْمُرَادُ بِالْوَرَثَةِ الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفَ فَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ مَحْجُورٍ وَلَا وَلِيِّهِ بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى تَأَهُّلِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : شَمِلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ مَا لَوْ كَانَتْ بِعَيْنٍ وَلَوْ مِثْلِيَّةً وَلَوْ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ مَعَ تَمْيِيزِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمْ وَكَالْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْإِجَازَةِ إبْرَاؤُهُ، وَالْهِبَةُ لَهُ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ

(4/44)


فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عَامٍّ كَأَنْ كَانَ وَارِثُهُ بَيْتَ الْمَالِ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ صَحِيحَةٌ دُونَ مَا زَادَ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ زِيَادَةٍ (وَالْعِبْرَةُ بِإِرْثِهِمْ وَقْتَ الْمَوْتِ) لِجَوَازِ مَوْتِهِمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا يَكُونُونَ وَرَثَةً (وَبِرَدِّهِمْ وَإِجَازَتِهِمْ بَعْدَهُ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ اسْتِحْقَاقِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِوَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا وَصِيَّةٍ وَإِنَّمَا صَحَّتْ بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ كَمَا مَرَّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ.

(وَالْوَصِيَّةُ لِرَقِيقٍ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ) أَيْ تُحْمَلُ عَلَيْهَا لِتَصِحَّ، وَيَقْبَلُهَا الرَّقِيقُ دُونَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ، تَعْبِيرِي بِالرَّقِيقِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فَلَهُ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ حُرٌّ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُوصَى بِهِ كَوْنُهُ مُبَاحًا يُنْقَلُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْإِرْثِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إجَازَةٍ وَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ فَوَقَفَ ثُلُثَيْهَا عَلَى ابْنِهِ وَثُلُثَهَا عَلَى ابْنَتِهِ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُمَا وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِظَنِّهِ كَثْرَةَ التَّرِكَةِ أَوْ عَدَمَ مُشَارِكٍ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ فِي عَيْنٍ، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَتْ إجَازَتُهُ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عَامٍّ كَأَنْ كَانَ وَارِثُهُ بَيْتَ الْمَالِ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ صَحِيحَةٌ دُونَ مَا زَادَ مُرَادُهُ بِالْوَارِثِ الْعَامِّ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُعَيَّنٌ وَهُوَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ بِجِهَةِ الْإِسْلَامِ لَا بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ، وَالْكَافُ بِمَعْنَى الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.
(فَرْعٌ) : لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِابْنِهِ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ مَثَلًا لَمْ يَحْتَجْ لِإِجَازَةٍ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَجَازِ، أَوْ عَيْنِهِ فَإِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ التَّرِكَةِ فَبَانَ قِلَّتُهَا فَسَيَأْتِي فَلَوْ أَجَازَ عَالِمًا بِمِقْدَارِ التَّرِكَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي الْإِرْثِ وَقَالَ إنَّمَا أَجَزْت ظَنًّا حِيَازَتِي لَهُ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَيُشْبِهُ بُطْلَانَهَا فِي نِصْفِ نَصِيبِ نَفْسِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِشَرِيكِهِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عَامٍّ) بِأَنْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُوصِي لِبَيْتِ الْمَالِ بِشَيْءٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ وَارِثُهُ بَيْتَ الْمَالِ، وَإِلَّا لَقَالَ كَأَنْ كَانَ وَارِثُهُ الْمُوصَى لَهُ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ شَرْحُ م ر: وَقَيَّدَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْوَارِثَ بِالْخَاصِّ احْتِرَازًا عَنْ الْعَامِّ كَوَصِيَّةِ مَنْ لَا يَرِثُهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ بِالثُّلُثِ فَتَصِحُّ قَطْعًا وَلَا يَحْتَاجُ لِإِجَازَةِ الْإِمَامِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ لَا خُصُوصُ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يُحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي فَصْلِ " يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثٍ " تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِإِرْثِهِمْ وَقْتَ الْمَوْتِ) فَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ فَحَدَثَ لَهُ ابْنٌ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَصِيَّتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ وَلَهُ ابْنٌ، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ فَوَصِيَّتُهُ لِوَارِثٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ) صُورَةُ هَذَا أَنْ يُوصِيَ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَصْلُهُ بِلَفْظِ كُلٍّ أَمَّا لَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ فَتَصِحُّ فَإِنْ أَجَازَهُ الْبَاقِي شَارَكَهُمْ فِيمَا بَقِيَ وَهَذَا فَائِدَةُ صِحَّتِهَا اهـ سَبْط طب أَيْ وَلَوْ اسْتَوْعَبَ وَكَانَتْ بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَيْضًا وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ مُشَاعًا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِثُلُثِ مَالِهِ اهـ شَرْحُ بَهْجَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَلَا تَصِحُّ لِكُلِّ وَارِثٍ إلَخْ اهـ، وَفِي ق ل عَلَيْهِ خَرَجَ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَلَوْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَأَنْ أَوْصَى لِأَحَدِ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، أَوْ بِمِثْلِهَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَسُقُوطُ لَفْظِ كُلٍّ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لَفْظِ " قَدْرَ "، أَوْ " مِثْلَ " فَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَالْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِهِ كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ فَرَاجِعْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ لِرَقِيقٍ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُهَا الرَّقِيقُ) أَيْ إنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْقَبُولِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْقَبُولِ لِنَحْوِ صِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ فَيَقْبَلُ هُوَ - أَيْ السَّيِّدُ - كَمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْضَ اكْتِسَابٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، أَوْ لَا، وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ مُخَاطَبًا لَا غَيْرُ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمِلْكِ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ إلَخْ أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَأَهِّلًا وَقَبِلَ السَّيِّدُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَوْلُهُ: مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، أَوْ لَا أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ خَيَّرَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْوَصِيَّةُ) لَوْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِمُبَعَّضٍ مَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ لِصَاحِبِ النَّوْبَةِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَوْ خَصَّ بِهَا نِصْفَهُ الْحُرَّ، أَوْ الرَّقِيقَ اُخْتُصَّ بِهِ اهـ سَبْط طب.

(قَوْلُهُ: يُنْقَلُ) يَشْمَلُ الْمَرْهُونَ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِبَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ تَسْلِيمُهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِتَبْقَى الْوَصِيَّةُ، نَعَمْ لَوْ تَبَرَّعَ الْمُوصَى لَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لِتُسَلَّمَ لَهُ الْعَيْنُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الدَّائِنِ قَبُولُهُ كَالْوَارِثِ؛ لِأَنَّ لَهُ عُلْقَةً بِهِ، أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَرِيمِ قَبُولُ قَضَاءِ دَيْنٍ مِنْ مُتَبَرِّعٍ غَيْرِ الْوَارِثِ؟

(4/45)


أَيْ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ (فَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَمْلٍ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا، أَوْ) مَيِّتًا (مَضْمُونًا) بِأَنْ كَانَ وَلَدُ أَمَةٍ وَجُنِيَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي، أَوْ مَضْمُونًا وَلَدُ الْبَهِيمَةِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ وَمَا يَغْرَمُهُ الْجَانِي لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي وَلَدِهَا بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا وَجَبَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ وَيَصِحُّ الْقَبُولُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْوَضْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ.

(وَبِثَمَرٍ وَحَمْلٍ وَلَوْ) كَانَ الْحَمْلُ وَالثَّمَرُ (مَعْدُومَيْنِ) كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ (وَبِمُبْهَمٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَبِأَحَدِ عَبْدَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ.

(وَبِنَجَسٍ يُقْتَنَى كَكَلْبٍ قَابِلٍ لِتَعْلِيمٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مُعَلَّمٍ أَوْصَى بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ بِأَنَّ الْوَارِثَ مَالِكٌ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ إلَى الْآنَ قَالَ حَجّ: وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ عَدَمُ الْقَبُولِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ الْمِنَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَدُلُّ لِلثَّانِي وَهُوَ أَنَّ بَائِعَ الْمُفْلِسِ لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي مَبِيعِهِ فَوَجَدَهُ مَرْهُونًا فَقَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: أَنَا أَدْفَعُ لَك الدَّيْنَ لِأَرْجِعَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْفَلَسِ، وَفِي تَجْرِيدِ صَاحِبِ الْعُبَابِ فِي بَابِ الرَّهْنِ: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَرْهُونِ إذَا انْفَكَّ الرَّهْنُ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ وَفِيهِ كَلَامٌ فِي الْإِيعَابِ فِي بَابِ الرَّهْنِ فَرَاجِعْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يَقْبَلُ النَّقْلَ إلَخْ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَنَجَسٍ يُقْتَنَى. (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ بِحَمْلٍ) أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا عَنْ أُمِّهِ وَصُورَةُ هَذَا أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِهَذَا الْحَمْلِ وَصُورَةُ مَا يَأْتِي أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِحَمْلِ دَابَّتِي مَثَلًا اهـ، وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ بِحَمْلٍ إلَخْ أَيْ إنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَصِيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَيُرْجَعُ فِي كَوْنِهَا حَامِلًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوصَى لَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ انْفَصَلَ حَيًّا) أَيْ لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ أَمَّا فِي الْآدَمِيِّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيُرْجَعُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْحَيِّ لِلْغَالِبِ؛ إذْ لَوْ ذُبِحَتْ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا فَوُجِدَ بِبَطْنِهَا جَنِينٌ أَحَلَّتْهُ ذَكَاتُهَا وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ مَلَكَهُ الْمُوصَى لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ انْفَصَلَ حَيًّا) أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَاكَ تَفْرِيقٌ مُحَرَّمٌ بِأَنْ عَاشَ الْمُوصِي إلَى تَمْيِيزِ الْمُوصَى بِهِ أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ طب لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ ز ي: وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا التَّفْرِيقَ هُنَا تَأَمَّلْ، وَالْقَلْبُ لِلْأَوَّلِ أَمْيَلُ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ.
وَعِبَارَةُ سم: مَالَ م ر إلَى تَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ كَانَ بِالْأُمِّ جُنُونٌ مُطْبِقٌ، وَأُيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَبِيعَ الْوَلَدُ ثُمَّ زَالَ الْجُنُونُ قَبْلَ سِنِّ التَّمْيِيزِ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ م ر اهـ بِحُرُوفِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتًا مَضْمُونًا) أَيْ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا ضَمِنَ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا) حَتَّى لَوْ لَمْ يَنْقُصْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ فَانْدَفَعَ مَا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا اهـ سم. (قَوْلُهُ: بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ: يُجَزُّ الصُّوفُ عَلَى الْعَادَةِ فَمَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَصِيَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا حَدَثَ لِلْوَارِثِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ اهـ خَطُّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَمَا وَجَبَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ) وَهُوَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتُهُ فِي بَيْعِ أُمِّهِ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: وَبِثَمَرٍ وَحَمْلٍ إلَخْ) ثُمَّ إنْ أَوْصَى بِحَمْلِهِ هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامَ فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ عَامٍ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ عَلَى الْمُتَّجَهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِدِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ فَإِنَّهَا تَصِحُّ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لَا فِيمَا بَعْدَهَا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ اهـ سَبْط طب وَلَوْ احْتَاجَتْ الثَّمَرَةُ، أَوْ أَصْلُهَا لِلسَّقْيِ لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعْدُومَيْنِ) وَتَصِحُّ أَيْضًا بِمَا لَا يَمْلِكُهُ وَقْتَهَا إذَا مَلَكَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَشَارَ لِمَمْلُوكِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: أَوْصَيْت بِهَذَا ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ قِيَاسَ الْبَابِ الصِّحَّةُ أَيْ يَصِيرُ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ) فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهِمَا الْمَنْفَعَةُ وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَيْضًا الْمُسَاقَاةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فِيهَا الثَّمَرُ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ) أَيْ فَالْإِبْهَامُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الْمُوصَى بِهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الْمُوصَى لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ بِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ لَا لِحَمْلٍ سَيَحْدُثُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْمُوصِي فِي ذَلِكَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْمَالِكُ فَلَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ مَعَ كَمَالِهِ فِيمَا قَدْ يَضُرُّهُ وَالظَّاهِرُ فِي النَّاقِصِ الْوَقْفُ لِكَمَالِهِ إلَخْ تُحْفَةٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ) وَلَوْ لِحِرَاسَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ خُصُوصَ الصَّيْدِ وَلَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْكَلْبِ الْأُنْثَى اهـ ح ل. (قَوْلُهُ:

(4/46)


لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ (وَزِبْلٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَالْخِنْزِيرِ، وَالْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ نَحْوُ مِزْمَارٍ وَصَنَمٍ وَبِزِيَادَتِي " يُنْقَلُ " مَا لَا يُنْقَلُ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، نَعَمْ إنْ أَوْصَى بِهِمَا لِمَنْ هُمَا عَلَيْهِ صَحَّتْ (وَلَوْ أَوْصَى مَنْ لَهُ كِلَابٌ) تُقْتَنَى (بِكَلْبٍ) مِنْهَا (أَوْ) أَوْصَى (بِهَا وَلَهُ مُتَمَوَّلٌ) لَمْ يُوصِ بِثُلُثِهِ (صَحَّتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ قَلَّ الْمُتَمَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهَا؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا أَمَّا إذَا أَوْصَى مَنْ لَا كَلْبَ لَهُ يُقْتَنَى بِكَلْبٍ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ يَتَعَذَّرُ شِرَاؤُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ اتِّهَابُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِكِلَابِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الْمُتَمَوَّلِ دَفَعَ ثُلُثَهَا عَدَدًا لَا قِيمَةً؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا وَتَعْبِيرِي بِمُتَمَوَّلٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَالٍ.

(أَوْ) أَوْصَى (مَنْ لَهُ طَبْلُ لَهْوٍ) وَهُوَ مَا يَضْرِبُ بِهِ الْمُخَنَّثُونَ وَسَطُهُ ضَيِّقٌ وَطَرَفَاهُ وَاسِعَانِ (وَطَبْلُ حِلٍّ) كَطَبْلِ حَرْبٍ يُضْرَبُ بِهِ لِلتَّهْوِيلِ وَطَبْلُ حَجِيجٍ يُضْرَبُ بِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالنُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ (بِطَبْلٍ حُمِلَ عَلَى الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ يَقْصِدُ الثَّوَابَ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْحَرَامِ (وَتَلْغُو) الْوَصِيَّةُ (بِالْأَوَّلِ) أَيْ بِطَبْلِ اللَّهْوِ (إلَّا إنْ صَلُحَ لِلثَّانِي) أَيْ لِطَبْلِ الْحِلِّ بِهَيْئَتِهِ، أَوْ مَعَ تَغْيِيرٍ يَبْقَى مَعَهُ اسْمُ الطَّبْلِ وَقَوْلِي " لِلثَّانِي " أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِحَرْبٍ، أَوْ حَجِيجٍ لِتَنَاوُلِهِ طَبْلَ الْبَازِ وَنَحْوِهِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهَا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (صَرِيحُهُ) إيجَابًا (كَ أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ) بِأَنْ كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ يُرِيدُ الِاصْطِيَادَ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل: قَوْلُهُ: لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ أَوْ لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ؛ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَنْقُلَ الِاخْتِصَاصَ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ، وَيُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ بِسِلَاحٍ مَعَ إمْكَانِ نَقْلِهِ لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَزِبْلٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَمَيْتَةٍ وَقَوْلُهُ: وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ أَيْ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ انْقِلَابِهَا خَلًّا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) أَيْ وَحَقِّ خِيَارٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا - وَإِنْ قَبِلَتْ الِانْتِقَالَ بِالْإِرْثِ - لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بِكَلْبٍ مِنْهَا) بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَلْبٍ مِنْهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بِكَلْبٍ مِنْهَا) أَيْ فَيُعْطَى أَحَدَهَا قَالَ الْمَحَلِّيِّ: بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ قَالَ شَيْخُنَا: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ يُعَانِي الزَّرْعَ مَثَلًا دُونَ الصَّيْدِ لَا يَتَعَيَّنُ كَلْبُ الزَّرْعِ لَكِنْ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ بِخِلَافِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْوَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُوصَى لَهُ أَيْ لِكَلْبِ الزِّرَاعَةِ وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى الْأَوَّلِ اهـ وَقَوْلُهُ: بِكَلْبٍ قَالَ عَمِيرَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْكَلْبِ، وَالْحِمَارِ الْأُنْثَى اهـ سم.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُوصِ بِثُلُثِهِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ مِنْهُ، أَوْ أَوْصَى بِمَا دُونَ الثُّلُثِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ الْمُتَمَوَّلُ فِي الثَّانِيَةِ) إذْ الشَّرْطُ بَقَاءُ ضَعْفِ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَرَثَةِ وَقَلِيلُ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْكِلَابِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ مَنْ لَا كِلَابَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي وُجُودِ الْمُوصَى بِهِ وَقْتُ الْمَوْتِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ هُوَ، وَالْمَتْنُ تَقْيِيدًا لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالزِّبْلِ، وَالْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَالْكَلْبِ النَّافِعِ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ حَاصِلَةً لَهُ أَيْ لِلْمُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ اهـ وَلَوْ كَانَ لَهُ كَلْبٌ فَقَطْ فَالْوَصِيَّةُ بِثُلُثِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلْبَ يَتَعَذَّرُ شِرَاؤُهُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ النُّزُولِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ فَهَلَّا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ إذَا قَالَ مِنْ مَالِي لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِهِ بِالْمَالِ بِهَذَا الطَّرِيقِ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ اتِّهَابُهُ) أَيْ قَبُولُهُ وَإِلَّا فَالْهِبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا يُمْلَكُ فَالْهِبَةُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَبُولِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: دَفَعَ ثُلُثَهَا عَدَدًا) هَذَا إذَا كَانَتْ مُفْرَدَةً عَنْ اخْتِصَاصٍ آخَرَ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ فَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِفَرْضِ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: دَفَعَ ثُلُثَهَا عَدَدًا) فَإِنْ انْكَسَرَتْ كَأَرْبَعَةٍ فَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَثُلُثُ الرَّابِعِ شَائِعًا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: الْمُخَنِّثُونَ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ الْمُتَشَبِّهُونَ بِالنِّسَاءِ وَبِفَتْحِهَا أَيْ الْمُشَبَّهُونَ بِهِنَّ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ خَنِثَ خَنَثًا فَهُوَ خَنِثٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَيُعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ خَنَّثَهُ غَيْرُهُ إذَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ مُخَنَّثٌ بِالْفَتْحِ وَفِيهِ الْخِنَاثُ، وَالْخُنَاثَةُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ خَنَّثَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا شَبَّهَهُ بِكَلَامِ النِّسَاءِ لِينًا وَرَخَاوَةً فَالرَّجُلُ مُخَنِّثٌ بِالْكَسْرِ، وَالْخُنْثَى الَّذِي خُلِقَ لَهُ فَرْجُ الرَّجُلِ وَفَرْجُ الْمَرْأَةِ، وَالْجَمْعُ خِنَاثٌ مِثْلَ كِتَابٍ وَخَنَاثَى مِثْلُ حُبْلَى وَحَبَالَى اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَطُهُ ضَيِّقٌ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا يُسَمَّى بِالدَّرَبُكَّةِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ الطُّبُولَ كُلَّهَا حَلَالٌ إلَّا الدَّرَبُكَّةَ وَأَنَّ الْمَزَامِيرَ كُلَّهَا حَرَامٌ إلَّا النَّفِيرَ. (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الثَّانِي) بِخِلَافِ مَنْ لَهُ عُودُ لَهْوٍ وَغَيْرُهُ وَأَوْصَى بِعُودٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُودِ اللَّهْوِ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْعُودَ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ بِخِلَافِ الطَّبْلِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُوصِيَ يَقْصِدُ الثَّوَابَ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَعْمِلُ طَبْلَ اللَّهْوِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَتَلْغُو بِالْأَوَّلِ) حَيْثُ كَانَ الْمُوصَى لَهُ آدَمِيًّا مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ كَالْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ رُضَاضُهُ مَالًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ - أَيْ الْآدَمِيَّ الْمُعَيَّنَ - هَذَا إشَارَةً إلَى طَبْلِ اللَّهْوِ صَحَّ وَأُعْطِيَهُ بَعْدَ تَغْيِيرِ هَيْئَتِهِ أَيْ خُرُوجِهِ عَنْ طَبْلِ اللَّهْوِ حَيْثُ كَانَ رُضَاضُهُ مَالًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهَا) .
(فَرْعٌ) : إذَا قِيلَ لَهُ أَوْصَيْتَ لِفُلَانٍ بِكَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ إنْ كَانَ نَاطِقًا فَلَيْسَ بِوَصِيَّةٍ، وَإِنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ فَوَصِيَّةٌ اهـ.
(فَائِدَةٌ) : كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ بِإِزَاءِ الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ مَا نَصُّهُ: (فَائِدَةٌ) : قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ بَعْدَ مَوْتِي فَأَعْطُوهُ مَا يَدَّعِيهِ وَلَا تَطْلُبُوا مِنْهُ حُجَّةً كَانَ كَالْوَصِيَّةِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُجَّةٍ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ

(4/47)


أَوْ أَعْطُوهُ لَهُ، أَوْ هُوَ لَهُ) ، أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ (بَعْدَ مَوْتِي) فِي الثَّلَاثَةِ وَقَوْلِي " كَ أَوْصَيْتُ " إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَكِنَايَتُهُ كَهُوَ لَهُ مِنْ مَالِي) وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكِنَايَةَ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ أَمَّا قَوْلُهُ هُوَ لَهُ فَقَطْ فَإِقْرَارٌ لَا وَصِيَّةٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِهِ.

(وَتَلْزَمُ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (بِمَوْتٍ) لَكِنْ (مَعَ قَبُولٍ بَعْدَهُ وَلَوْ بِتَرَاخٍ فِي) مُوصًى لَهُ (مُعَيَّنٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا ارْتِبَاطُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ إعْتَاقًا كَأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ لَهُ.

(وَالرَّدُّ) لِلْوَصِيَّةِ (بَعْدَ مَوْتٍ) لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ كَالْقَبُولِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُوصَى لَهُ (لَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ، أَوْ مَعَهُ (بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَلَا آيِلَةٍ إلَى اللُّزُومِ (أَوْ بَعْدَهُ) قَبْلَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ (خَلَفَهُ وَارِثُهُ) فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ فَالْقَابِلُ وَالرَّادُّ هُوَ الْإِمَامُ وَقَوْلِي " لَا بَعْدَهُ " وَ " خَلَفَهُ " أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَيُرْجَعُ فِيهِ لِتَفْسِيرِ الْوَارِثِ اهـ مَا كَتَبَهُ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ نُقِلَ الْأَوَّلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالثَّانِي عَنْ الْأَشْرَافِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَاعْتَمَدَ م ر الْأَوَّلَ اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطُوهُ) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَوَصْلُهَا غَلَطٌ اهـ ز ي اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَأَمَّا فِي الْأُولَى وَهِيَ أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا فَصَرِيحَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا لَفْظَ الْمَوْتِ اهـ حَلَبِيٌّ وَلَمْ يُبَالِ بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ نَظَرًا لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ " أَوْصَيْتُ " وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكِنَايَةَ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا نُطْقًا مِنْهُ، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ، وَإِنْ قَالَ هَذَا خَطِّي وَمَا فِيهِ وَصِيَّتِي وَلَا يَسُوغُ لِلشَّاهِدِ التَّحَمُّلُ حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، أَوْ يَقُولَ أَنَا: عَالِمٌ بِمَا فِيهِ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ، وَإِشَارَةُ مَنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْأَخْرَسِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ م ر وَهَلْ يُكْتَفَى فِي النِّيَّةِ بِاقْتِرَانِهَا بِجُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ اُحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ بِمَوْتٍ مَعَ قَبُولٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ اللَّفْظِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ اهـ شَرْحُ م ر وَزِيَادَةٌ لع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ قَبُولٍ بَعْدَهُ) نَعَمْ الْقَبُولُ بَعْدَ الرَّدِّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَالرَّدِّ بَعْدَ الْقَبُولِ سَوَاءٌ أَقَبَضَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْ صَرِيحِ الرَّدِّ " رَدَدْتُهَا "، أَوْ " لَا أَقْبَلُهَا "، أَوْ " أَبْطَلْتُهَا "، أَوْ " أَلْغَيْتُهَا " وَمِنْ كِنَايَاتِهِ نَحْوُ " لَا حَاجَةَ لِي بِهَا " وَ " أَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا " وَ " هَذِهِ لَا تَلِيقُ لِي " فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْبَعْضِ فِيهَا، وَفِي الْهِبَةِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْهِبَةُ لَيْسَتَا كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَرَاخٍ إلَخْ) .
كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ: (فَائِدَةٌ) : لَوْ كَانَ الْقَابِلُ وَلِيَّ الْقَاصِرِ وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ الْقَبُولَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ فَوْرًا اهـ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَلِلصَّبِيِّ الْقَبُولُ إذَا بَلَغَ اهـ م ر اهـ سم. (قَوْلُهُ: فِي مُوصًى لَهُ مُعَيَّنٍ) وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ فَيَقْبَلُ قِيمَتَهُ وَحَيْثُ كَانَ مَحْصُورًا كَبَنِي زَيْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ كُلٍّ وَيَجِبُ اسْتِيفَاؤُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْحِصَارِ هُنَا أَنْ يَتَأَتَّى قَبُولُهُ وَيَتَأَتَّى اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا جَعَلُوهُ مَحْصُورًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِهَؤُلَاءِ أَيْ لِأَهْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَكَانُوا أَلْفًا لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ كُلٍّ وَيَجِبُ اسْتِيفَاؤُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ إلَخْ) وَهَذَا كَمَا لَا يَخْفَى لَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: فِي مُوصًى لَهُ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ أَيْ لِلْقَبُولِ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالْوَصِيَّةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَالْفُقَرَاءِ لِتَعَذُّرِهِ مِنْهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ كَذَا وَانْحَصَرُوا بِأَنْ سَهُلَ عَدُّهُمْ عَادَةً تَعَيَّنَ قَبُولُهُمْ وَوَجَبَتْ السَّوِيَّةُ بَيْنَهُمْ وَلَوْ رَدَّ غَيْرُ الْمَحْصُورِينَ لَمْ يَرْتَدَّ بِرَدِّهِمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ وَدَعْوَى أَنَّ عَدَمَ حَصْرِهِمْ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَصَوُّرِ رَدِّهِمْ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْحَصْرِ كَثْرَتُهُمْ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ فَاسْتِيعَابُهُمْ مُمْكِنٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَصَوُّرُ رَدِّهِمْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِتَعَذُّرِ قَبُولِهِ تَعَذُّرُهُ غَالِبًا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ) وَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ شَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ وَرَثَةِ الْمُوصِي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ امْتَنَعَ عَلَى الْوَصِيِّ إعْطَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ فُقَرَاءَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ مِنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَيَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِانْحِصَارِهِمْ لِسُهُولَةِ عَدِّهِمْ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُمْ مَكْتُوبَةٌ مَضْبُوطَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي فُلَانًا) أَيْ فَيَلْزَمُهُمْ إعْتَاقُهُ، وَالْفَوَائِدُ الْحَاصِلَةُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ إلَى الْإِعْتَاقِ لِلرَّقِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ لِلْقَبُولِ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ لَهُ أَيْ لِلْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالْوَصِيَّةِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَالرَّدُّ لِلْوَصِيَّةِ) أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَلَا يُفِيدُ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبُولِ وَعَكْسُهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَالْقَابِلُ وَالرَّادُّ) هُوَ الْإِمَامُ فَإِنْ رَدَّ لَغَا، وَإِنْ قَبِلَ لَزِمَتْ الْوَصِيَّةُ، وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ تَتَعَذَّرُ إجَازَتُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ

(4/48)


(وَمِلْكُ الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنِ لِلْمُوصَى بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ (مَوْقُوفٌ: إنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْمَوْتِ) وَإِنْ رَدَّ بَانَ أَنَّهُ لِلْوَارِثِ (وَتَتْبَعُهُ) فِي الْوَقْفِ (الْفَوَائِدُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُوصَى بِهِ كَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ (وَالْمُؤْنَةُ) وَلَوْ فِطْرَةً (وَيُطَالَبُ مُوصًى لَهُ) أَيْ يُطَالِبُهُ الْوَارِثُ، أَوْ الرَّقِيقُ الْمُوصَى بِهِ أَوْ الْقَائِمُ مَقَامَهُمَا مِنْ وَلِيٍّ وَوَصِيٍّ (بِهَا) أَيْ بِالْمُؤْنَةِ (إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولٍ وَرَدٍّ) فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ إلَى إعْتَاقِهِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرِي بِالْفَوَائِدِ وَالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.

(فَصْلٌ) : فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ، وَفِي حُكْمِ اجْتِمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ.
(يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثٍ) وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ شَيْئًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ م ر عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَمِلْكُ الْمُوصَى لَهُ مَوْقُوفٌ) مَعْنَى الْوَقْفِ هُنَا عَدَمُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْمَوْتِ بِشَيْءٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ) لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَاءِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ وَمِلْكُ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مُوصًى لَهُ بَلْ فِيهَا وَصِيَّةٌ بِإِعْتَاقٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الرَّقِيقَ مُوصًى لَهُ ضِمْنًا فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ يُقَالَ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ. (قَوْلُهُ: الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ) دَخَلَ فِي ذَلِكَ رَقَبَتُهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْمُؤْنَةُ) فِي تَصْحِيحِ ابْنِ عَجْلُونٍ: وَالْمُتَّجَهُ مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمُؤْنَةِ الْمُوصَى بِهِ فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، ثُمَّ تَسْتَقِرُّ عَلَى مَنْ يَسْتَقِرُّ لَهُ وَأَشَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَرَّرَ م ر أَنَّهُمَا إنْ تَرَاضَيَا، وَإِلَّا اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ اسْتَقَرَّ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَيُطَالَبُ مُوصًى لَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلِلْوَارِثِ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُولِ، أَوْ الرَّدِّ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: إذَا لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَأَنَّى امْتَنَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَبُولِ لِمَحْجُورٍ وَكَانَ الْحَظُّ لَهُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبَلُ وَلَا يَحْكُمُ بِالرَّدِّ اهـ سم. (قَوْلُهُ: إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولٍ وَرَدٍّ) بِأَنْ امْتَنَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ قَبُولِ مَا فِيهِ حَظٌّ لِمُوَلِّيهِ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ وَلَا يُرَدُّ اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ) فَلَوْ قُتِلَ كَانَتْ قِيمَتُهُ لِلْوَارِثِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ) وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ كَسْبُهُ وَقِيلَ لِلْعَتِيقِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْعِتْقَ اسْتِحْقَاقًا مُسْتَقِرًّا لَا يَسْقُطُ بِوَجْهٍ اهـ ح ل.

[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ]
أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ وَقْتَ الْمَوْتِ إلَى قَوْلِهِ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ، وَقَوْلُهُ وَفِي حُكْمِ اجْتِمَاعِ إلَخْ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ، وَقَوْلُهُ " مَخْصُوصَةٍ " الْمُرَادُ بِخُصُوصِهَا كَوْنُهَا مُعَلَّقَةً بِالْمَوْتِ أَوْ مُنَجَّزَةً فِي مَرَضِهِ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثٍ) أَيْ يُطْلَبُ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ كَرَاهَةِ الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ وَعَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ عَلَى مُقَابِلِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْوَارِثِ أَمَّا الْوَارِثُ فَتُكْرَهُ لَهُ مُطْلَقًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ:، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ شَيْئًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَفِي الْأُمِّ إذَا تَرَكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ اخْتَرْت أَنْ يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ، وَإِذَا لَمْ يَدَعْهُمْ أَغْنِيَاءَ كَرِهْت لَهُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ اهـ ح ل.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: أَنَّ " نَقَصَ " يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ نَقَصْتُ زَيْدًا حَقَّهُ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4] وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ إنَّهُ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ شَيْئًا) أَيْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُصَ) فَالْمَعْنَى يُكْرَهُ، أَوْ يَحْرُمُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّ نَفْسَ الزِّيَادَةِ مَكْرُوهَةٌ، أَوْ مُحَرَّمَةٌ فَهُوَ كَصَلَاةِ الْحَاقِنِ مَثَلًا فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ فِي ذَلِكَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالْمُحَرَّمِ، أَوْ بِالْمَكْرُوهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّقْصُ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ قَدْ اسْتَكْثَرَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا حَجّ لِلْإِرْشَادِ وَيُسَنُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يَنْقُصَ فِي وَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ شَيْئًا وَقِيلَ إنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءَ اسْتَوْفَاهُ، وَالْأَحْسَنُ النَّقْصُ وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر الْأَوَّلَ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ: «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَعْدٍ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: قَالَ لِسَعْدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ عَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ وَسَأَلَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَلَمْ يَرْضَهُ فَقَالَ بِثُلُثَيْهِ فَلَمْ يَرْضَهُ فَقَالَ بِنِصْفِهِ فَلَمْ يَرْضَهُ فَقَالَ بِثُلُثِهِ «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» هَكَذَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ اهـ ق ل عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ نَصْبُ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَرَفْعُهُ فَأَمَّا نَصْبُهُ فَعَلَى الْإِغْرَاءِ، أَوْ تَقْدِيرِ فِعْلٍ أَيْ أَعْطِ الثُّلُثَ، وَأَمَّا رَفْعُهُ فَعَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ أَيْ يَكْفِيكَ الثُّلُثُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفُ الْمُبْتَدَأِ أَيْ الثُّلُثُ كَافِيك، أَوْ كَافِيك الثُّلُثُ وَتَمَامُهُ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ «إنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً

(4/49)


قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: مَكْرُوهَةٌ، وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُ: مُحَرَّمَةٌ (فَتَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ (فِيهِ إنْ رَدَّهُ وَارِثٌ) خَاصٌّ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا مُجِيزَ، أَوْ كَانَ - وَهُوَ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ - فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ تُوُقِّعَتْ أَهْلِيَّتُهُ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَيْهَا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْبُطْلَانِ (وَإِنْ أَجَازَ فَ) إجَازَتُهُ (تَنْفِيذٌ) لِلْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) الْمُوصَى بِثُلُثِهِ مَثَلًا (وَقْتَ الْمَوْتِ) لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَوْ أَوْصَى بِرَقِيقٍ وَلَا رَقِيقَ لَهُ، ثُمَّ مَلَكَ عِنْدَ الْمَوْتِ رَقِيقًا تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَوْ زَادَ مَالُهُ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْمَالِ الْفَاضِلِ عَنْ الدَّيْنِ.

(وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) الَّذِي يُوصِي بِهِ (عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ (وَتَبَرُّعٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَأَنْ تَذَرَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْعَالَةُ جَمْعُ عَائِلٍ وَهُوَ الْفَقِيرُ وَيَتَكَفَّفُونَ أَيْ يَمُدُّونَ إلَى النَّاسِ أَكُفَّهُمْ لِلسُّؤَالِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ تَذَرَ بِمَعْنَى لَأَنْ تَذَرَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: مَكْرُوهَةٌ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَرْحُ م ر عَلَى أَنَّهُ لَا حِرْمَانَ أَصْلًا أَمَّا الثُّلُثُ فَإِنَّ الشَّارِعَ وَسَّعَ لَهُ فِيهِ لِيَسْتَدْرِكَ بِهِ مَا فَرَطَ مِنْهُ فَلَمْ يُغَيِّرْ قَصْدَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَنْفُذُ إنْ أَجَازُوهُ وَمَعَ إجَازَتِهِمْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ حِرْمَانٌ فَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَصْدُهُ اهـ س ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ كَانَ الْمُعْتَبَرُ أَصْحَابَهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْآنَ لَهُمْ فَتُقَدَّمُ إجَازَتُهُمْ عَلَى رَدِّ الْوَارِثِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ) أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ رَدٍّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ تُوُقِّعَتْ أَهْلِيَّتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بَلْ تُوقَفُ إلَى تَأَهُّلِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ رَجَاءِ زَوَالِهِ، وَإِلَّا كَجُنُونٍ مُسْتَحْكِمٍ أَيِسَ مِنْ بُرْئِهِ فَتَبْطُلُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَ بِهِ خَبِيرَانِ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُوصِي وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا مَانِعٌ قَوِيٌّ وَعَلَى كُلٍّ فَمَتَى بَرِئَ وَأَجَازَ بَانَ نُفُوذُهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ) أَيْ لَفْظًا بِنَحْوِ أَجَزْت وَأَمْضَيْت، وَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ فَتَصِحَّ مِنْ الْمُفْلِسِ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ) أَيْ بِنَحْوِ أَجَزْت الْوَصِيَّةَ، أَوْ أَمْضَيْتهَا أَوْ رَضِيت بِمَا فَعَلَهُ الْمُوصِي اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَإِنْ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ، وَفِي قَوْلٍ: عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَالْوَصِيَّةُ عَلَى الثَّانِي بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَحْتَاجُ لِلَفْظِ هِبَةٍ وَتَجْدِيدِ قَبُولٍ وَقَبْضٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ قُبَيْلَ الْقَبْضِ وَتَنْفُذُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَعَلَيْهِمَا لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يُجِيزُهُ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ بِمُشَاعٍ لَا بِمُعَيَّنٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَجَازَ، ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت قِلَّةَ الْمَالِ أَوْ كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ كَمِّيَّتَهُ وَهِيَ بِمُشَاعٍ حُلِّفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَنَفَذَتْ فِيمَا ظَنَّهُ فَقَطْ أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَمْ يُقْبَلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ الِاعْتِبَارَ فِي قِيمَةِ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَمَا يَبْقَى لَهُمْ حَاصِلُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُنَجَّزِ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ، ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمِيعِهَا ثُلُثُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ وَفِي الْمُضَافِ لِلْمَوْتِ بِوَقْتِهِ وَفِيمَا بَقِيَ لَهُمْ بِأَقَلِّ قِيمَةٍ مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ فِي مِلْكِهِمْ، وَالنَّقْصَ عَنْ يَوْمِ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي أَيْدِيهِمْ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ اهـ ح ل اهـ سَبْط طب وَمِثْلُهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) أَيْ لِيُعْلَمَ قَدْرُ الثُّلُثِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ قُتِلَ الْمُوصِي فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ ضُمَّتْ لِمَالِهِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ أَخَذَ ثُلُثَهَا اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ أَيْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ بِأَنْ كَانَ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَمْدًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَعَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يُضَمَّ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) فَإِنْ خَرَجَ التَّبَرُّعُ الْمَذْكُورُ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا وُقِفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوا نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي شَرْحِ الْخَطِيبِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يُوصِي بِهِ) وَهُوَ الثُّلُثُ الْفَاضِلُ عَنْ الدَّيْنِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) فِي الْعُبَابِ، وَالْعِتْقُ إنْ عُلِّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ فِي الصِّحَّةِ بِصِفَةٍ وُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ بِاخْتِيَارِهِ كَالدُّخُولِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمُضْطَرِّ فَمِنْ الْأَصْلِ اهـ سم وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ الْمُخَيَّرَةِ اُعْتُبِرَ جَمِيعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِدُونِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِتَمَامِ قِيمَتِهِ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ، وَيَعْدِلُ إلَى الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ جَمِيعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ هَلَّا قِيلَ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ أَنَّ هَذَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ أَوَّلًا إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ الْمُخَيَّرَةِ اُعْتُبِرَتْ أَيْ الْقِيمَةُ عَلَى مَا قَالَا إنَّهُ الْأَقْيَسُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَمَا قَالَا عَنْ مُقَابِلِهِ الْأَصَحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ الطَّعَامِ، وَالْكِسْوَةِ مِنْ الثُّلُثِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ وَيَجُوزُ أَيْ التَّدْبِيرُ مُقَيَّدًا كَإِذَا مِتّ فِي هَذَا الشَّهْرِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا وَمُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي؛ لِأَنَّهُ إمَّا وَصِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ عَتَقَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فَلَا يَعْتِقُ وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الدُّخُولِ

(4/50)


نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ) وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثُ، وَالْمُتَّهِبُ هَلْ الْهِبَةُ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ الْمَرَضِ؟ صُدِّقَ الْمُتَّهِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ وَلَوْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَضِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا أَمَّا الْمُنَجَّزُ فِي صِحَّتِهِ فَيُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَكَذَا أُمُّ وَلَدٍ نَجَّزَ عِتْقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ.

(وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهَا (فَإِنْ تَمَحَّضَتْ عِتْقًا) كَأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ، أَوْ فَسَالِمٌ وَبَكْرٌ وَغَانِمٌ أَحْرَارٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا يَفِي بِالثُّلُثِ وَلَا يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ شِقْصٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَحَّضَتْ غَيْرَ عِتْقٍ كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسِينَ وَلِبَكْرٍ بِخَمْسِينَ وَلَمْ يُرَتِّبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَلَا تَدْبِيرَ وَيَلْغُو التَّعْلِيقُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنْ قَالَ: إنْ أَوْ إذَا مِتّ، ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ عَلَى صِفَةٍ وَيُشْتَرَطُ دُخُولُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى " ثُمَّ " وَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ كَإِنْ مِتُّ وَدَخَلْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَكَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ فَيُتَّبَعَ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا قُبَيْلَ الْخُلْعِ مَا يُوَافِقُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ فِي الطَّلَاقِ فَجَزَمَ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَكَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَتَأَخُّرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهٍ فِي اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا كَمَا هُنَاكَ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ مُخَيَّرٌ فِيهِمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَأَمَّا الصِّفَةُ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ وَإِنْ انْضَمَّ إلَى الْمَوْتِ فِي التَّعْلِيقِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَالَ إنْ مِتّ وَدَخَلْت الدَّارَ اهـ ح ل.
(فَرْعٌ) : فِي الْعُبَابِ: وَالْعِتْقُ إنْ عُلِّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ فِي الصِّحَّةِ بِصِفَةٍ وُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ بِاخْتِيَارِهِ كَالدُّخُولِ، أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمُضْطَرِّ فَمِنْ الْأَصْلِ اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ) أَيْ وَعَارِيَّةِ عَيْنٍ سَنَةً مَثَلًا وَتَأْجِيلِ ثَمَنِ مَبِيعٍ كَذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ مِنْهُ أُجْرَةُ الْأُولَى وَثَمَنُ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ بَاعَهَا بِأَضْعَافِ ثَمَنِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ يَدِهِمْ كَتَفْوِيتِ مِلْكِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْوَارِثِ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى مُوَرِّثِهِ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةً صُدِّقَ الْوَارِثُ أَوْ بِيَدِ الْمُتَّهِبِ وَقَالَ الْوَارِثُ: أَخَذْتَهَا غَصْبًا، أَوْ نَحْوَ وَدِيعَةٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَوْ قِيلَ بِمَجِيءِ مَا مَرَّ فِي تَنَازُعِ الرَّاهِنِ، وَالْوَاهِبِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُتَّهِبِ فِي الْقَبْضِ مِنْ التَّفْصِيلِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِ تَبَرُّعِهِ، وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ شِفَاءَهُ وَمَوْتَهُ مِنْ مَرَضٍ آخَرَ، أَوْ فَجْأَةً فَإِنْ كَانَ مَخُوفًا صُدِّقَ الْوَارِثُ، وَإِلَّا فَالْآخَرُ أَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَخُوفِ بِمَنْزِلَةِ الصِّحَّةِ وَهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صُدُورِ التَّصَرُّفِ فِيهَا، أَوْ فِي الْمَرَضِ صُدِّقَ الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الصِّحَّةِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمَرَضِ لِكَوْنِهَا نَاقِلَةً وَلَوْ مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَجَّانًا فَعِتْقُهُ مِنْ الْأَصْلِ أَيْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ صَحَّ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَدْيُونًا بِيعَ لِلدَّيْنِ، وَإِلَّا فَعِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ هِبَةٌ يَعْتِقُ مِنْ الْأَصْلِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّيْنُ، وَإِذَا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَرِثْ، أَوْ مِنْ الْأَصْلِ وَرِثَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِيلَادُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اهـ م ر أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْإِتْلَافِ لَا التَّبَرُّعَاتِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ) أَيْ وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ بِدَلِيلِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي وَإِلَّا اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَحَّضَتْ عِتْقًا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ إمَّا أَنْ تَتَمَحَّضَ عِتْقًا، أَوْ تَتَمَحَّضَ غَيْرَهُ، أَوْ يَكُونَ الْبَعْضُ عِتْقًا، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرَهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مُرَتَّبَةً أَوْ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ، أَوْ الْبَعْضُ مُرَتَّبًا، وَالْبَعْضُ غَيْرَ مُرَتَّبٍ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُعَلَّقَةً، أَوْ مُنَجَّزَةً، أَوْ الْبَعْضُ مُعَلَّقٌ، وَالْبَعْضُ مُنَجَّزٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَحُكْمُهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَعْضُ مُعَلَّقًا، وَالْبَعْضُ مُنَجَّزًا قُدِّمَ الْمُنَجَّزُ مُطْلَقًا أَيْ تَقَدَّمَ، أَوْ تَأَخَّرَ عِتْقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِإِفَادَتِهِ الْمِلْكَ حَالًا، وَإِنْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً قُدِّمَ أَوَّلٌ فَأَوَّلٌ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْمُعَلَّقَةُ، وَالْمُنَجَّزَةُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ عِتْقًا أُقْرِعَ، وَإِلَّا قُسِّطَ الثُّلُثُ عَلَى الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ) وَكَذَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ إذَا رَتَّبَ بِنَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ، ثُمَّ بَكْرٌ، ثُمَّ غَانِمٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ شَيْخِنَا كَحَجِّ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: أُقْرِعَ سَوَاءٌ أَوَقَعَ ذَلِكَ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا، ثُمَّ قَالَ أَمَّا لَوْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً كَ أَعْتِقُوا سَالِمًا، ثُمَّ غَانِمًا، أَوْ فَغَانِمًا وَكَ أَعْطُوا زَيْدًا مِائَةً ثُمَّ عَمْرًا مِائَةً وَكَأَعْتِقُوا سَالِمًا، ثُمَّ أَعْطُوا عَمْرًا مِائَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ اهـ.
فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ التَّعْمِيمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِعْتَاقُ مِنْ الْمُوصِي وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا عَلَى مَا إذَا اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَ الْعِتْقِ مِنْ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يُخَالِفُ صَنِيعُهُ صَنِيعَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ، وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ أَيْ غَيْرُ مُرَتَّبَةٍ، وَإِلَّا قَدَّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْهُ كَإِذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ، ثُمَّ غَانِمٌ وَهَكَذَا، أَوْ بِأَمْرِهِ كَ أَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي سَالِمًا، ثُمَّ غَانِمًا وَهَكَذَا أَوْ أَعْتِقُوا سَالِمًا

(4/51)


أَوْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ - وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ - وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلَمْ يُرَتِّبْ وَثُلُثُ مَالِهِ فِيهِمَا مِائَةٌ (قُسِّطَ الثُّلُثُ) عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ، أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ فِي الثَّانِيَةِ فَفِي مِثَالِ الْأُولَى يُعْطَى زَيْدٌ خَمْسِينَ وَكُلٌّ مِنْ بَكْرٍ وَعَمْرٍو خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَفِي مِثَالِ الثَّانِيَةِ يَعْتِقُ مِنْ سَالِمٍ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ نَعَمْ لَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ قُدِّمَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ (كَ) تَبَرُّعَاتٍ (مُنَجَّزَةٍ) فَإِنَّهُ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أُقْرِعَ حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ تَمَحَّضَ غَيْرُهُ كَإِبْرَاءٍ جُمِعَ، أَوْ اجْتَمَعَا كَأَنْ تَصَدَّقَ وَاحِدٌ مِنْ وُكَلَاءَ، وَوَقَفَ آخَرُ وَأَعْتَقَ آخَرُ قُسِّطَ الثُّلُثُ مِثْلَ مَا مَرَّ هَذَا إذَا لَمْ تَتَرَتَّبْ الْمُعَلَّقَةُ وَالْمُنَجَّزَةُ (فَإِنْ تَرَتَّبَتَا) كَأَنْ قَالَ: أَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي سَالِمًا، ثُمَّ غَانِمًا أَوْ أَعْطُوا زَيْدًا مِائَةً، ثُمَّ عَمْرًا مِائَةً، أَوْ أَعْتِقُوا سَالِمًا، ثُمَّ أَعْطُوا زَيْدًا مِائَةً، أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ تَصَدَّقَ، ثُمَّ وَقَفَ (قُدِّمَ أَوَّلٌ) مِنْهَا (فَأَوَّلٌ إلَى) تَمَامِ (الثُّلُثِ) وَيُوقَفُ مَا بَقِيَ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا مُنَجَّزًا وَبَعْضُهَا مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ قُدِّمَ الْمُنَجَّزُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ حَالًا، وَلَازِمٌ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ فِي الْمُعَلَّقَةِ بِالْمَوْتِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْتَقْتُ غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ فَأَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ تَعَيَّنَ) لِلْعِتْقِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ خَرَجَ وَحْدَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا إقْرَاعَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ فَيَلْزَمَ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتَ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ بِقِسْطِهِ، أَوْ خَرَجَ مَعَ سَالِمٍ، أَوْ بَعْضِهِ مِنْهُ عَتَقَا فِي الْأَوَّلِ، وَغَانِمٌ وَبَعْضُ سَالِمٍ فِي الثَّانِي.

(وَلَوْ أَوْصَى بِحَاضِرٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ) وَبَاقِيهِ غَائِبٌ (لَمْ يَتَسَلَّطْ مُوصًى لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ حَالًا) لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَارِثِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِ وَالْوَارِثُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى ثُلُثَيْ الْحَاضِرِ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ.
(فَرْعٌ) : لَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا نَضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
ثُمَّ أَعْطُوا زَيْدًا كَذَا، أَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الْعِتْقُ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا وَأَوْصَى بِعِتْقِ آخَرَ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنْ احْتَاجَ الثَّانِي إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْمُدَبَّرِ لِسَبْقِ عِتْقِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ وَلَوْ قَالَ سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَهُمَا سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ عِتْقُ سَالِمٍ مُنَجَّزًا فَهُوَ تَرْتِيبٌ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مُرَادُ الْأَصْلِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أُقْرِعَ، أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ اهـ فَقَوْلُهُ: أَوْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى تَمَحَّضَ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ تَمَحَّضَ فِيهِ لِمَا لَا يَخْفَى فَيُقَدَّرُ اجْتَمَعَ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ مِنْ بَابِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [الحشر: 9] لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَيْ كَمَا قَالَ فِي الْأَلْفِيَّةِ وَهِيَ انْفَرَدَتْ بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ مَعْمُولُهُ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ " أَوْ " مَجَازًا عَنْ الْوَاوِ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي هَذَا الْحُكْمِ، أَوْ يَخُصُّ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِحَيْثُ يَشْمَلُ مَا نَحْنُ فِيهِ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ بِعَيْنٍ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ بِثَوْبٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمِقْدَارِ أَيْ فِي التَّبَرُّعِ بِمِقْدَارٍ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ أَيْ إنْ كَانَ غَيْرُ الْعِتْقِ أَعْيَانًا فَقَطْ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ أَيْ إنْ كَانَ غَيْرُ الْعِتْقِ مِقْدَارًا، أَوْ فِيهِ مِقْدَارٌ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو بِثَوْبٍ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَلِبَكْرٍ بِثَوْبٍ كَذَلِكَ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي نِصْفِ كُلِّ الثِّيَابِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِثَوْبٍ يُسَاوِي مِائَةً وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ وَيُعْطَى زَيْدٌ نِصْفَ الثَّوْبِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) لَا يُقَالُ مِثَالُهُ فِي الْمُقَدَّرِ فَكَيْفَ قَالَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّارِحُ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ كَأَنْ أَوْصَى إلَخْ فَشَمِلَ مَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِعَيْنٍ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ الشَّارِحُ أَوَّلًا بِالْمُتَقَوَّمِ وَقَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ أَيْ إنْ كَانَ غَيْرُ الْعِتْقِ أَعْيَانًا فَقَطْ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ أَيْ إنْ كَانَ غَيْرُ الْعِتْقِ مِقْدَارًا، أَوْ فِيهِ مِقْدَارٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ قَسَّطَ الثُّلُثَ وَكَانَ مُقْتَضَى التَّقْسِيطِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا نِصْفُهُ وَيَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْمِائَةِ. (قَوْلُهُ: وَاحِدٌ مِنْ وُكَلَاءَ) أَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ تَصَوُّرِهِ مِنْهُ وَصَوَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَعْتَقْتَ فُلَانًا وَوَقَفْتَ كَذَا وَتَصَدَّقْتَ بِكَذَا وَأَبْرَأْتَ مِنْ كَذَا فَيَقُولَ: نَعَمْ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَيَتَوَقَّفُ مَا بَقِيَ إلَخْ) عَادَتُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِيُوقَفُ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْمُنَجَّزُ) هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُنَجَّزَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُعَلَّقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ أَعْتِقُوا غَانِمًا بَعْدَ مَوْتِي، ثُمَّ أَعْطَى مِائَةً قُدِّمَتْ الْمِائَةُ اهـ سَبْط طب.

(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِخَوْفٍ، أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِلْغَيْبَةِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ وَمَنْ تَصَرَّفَ فِيمَا مُنِعَ مِنْهُ وَبَانَ لَهُ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَرَثَةُ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الثُّلُثِ صَحَّ كَمَا فِي الِانْتِصَابِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُ مَنْعِ الْوَارِثِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثُلُثَيْ الْحَاضِرِ فِي التَّصَرُّفِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ كَالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ بِاسْتِخْدَامٍ وَإِيجَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ تَخْصِيصُ مَنْعِ الْوَارِثِ يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ احْتِمَالُ سَلَامَةِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَتَكُونُ الْعَيْنُ كُلُّهَا لَهُ وَبِفَرْضِ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِيمَا يُوجَدُ فَكَيْفَ سَاغَ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ، أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ مِنْهُ أَيْ وَيَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ إنْ تَبَيَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ لِمَا آجَرَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مَلَكَ الْعَيْنَ بِمَوْتِ الْمُوصِي اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(4/52)


(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، وَالْمُلْحَقِ بِهِ الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَجْرَ فِي التَّبَرُّعِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ. لَوْ (تَبَرَّعَ فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ) أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ (وَمَاتَ) فِيهِ وَلَوْ بِنَحْوِ غَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ (لَمْ يَنْفُذْ) مِنْهُ (مَا زَادَ عَلَى ثُلُثٍ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَرَأَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ (أَوْ) فِي مَرَضٍ (غَيْرِ مَخُوفٍ فَمَاتَ وَلَمْ يُحْمَلْ) مَوْتُهُ (عَلَى فَجْأَةٍ) كَإِسْهَالِ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ (فَكَذَا) أَيْ لَمْ يَنْفُذْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَخُوفٌ لِاتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهَا كَأَنْ مَاتَ وَبِهِ جَرَبٌ، أَوْ وَجَعُ ضِرْسٍ، أَوْ عَيْنٍ نَفَذَ (وَإِنْ شُكَّ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ مَخُوفٌ (لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَلَا يَثْبُتُ بِنِسْوَةٍ وَلَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ عِلَّةً بَاطِنَةً بِامْرَأَةٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ (وَمِنْ الْمَخُوفِ قُولَنْجُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا يَنْزِلَ، وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّيَ إلَى الْهَلَاكِ (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَسَمَّاهَا الشَّافِعِيُّ ذَاتَ الْخَاصِرَةِ وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ، ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا ضِيقُ النَّفَسِ وَالسُّعَالُ، وَالْحُمَّى اللَّازِمَةُ (وَرُعَافٌ دَائِمٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَإِسْهَالٌ مُتَتَابِعٌ) لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ (أَوْ) غَيْرُ مُتَتَابِعٍ كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَ) لَكِنْ (خَرَجَ الطَّعَامُ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ) بِأَنْ يَتَخَرَّقَ الْبَطْنُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِمْسَاكُ (أَوْ) خَرَجَ (بِوَجَعٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ.
(قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى مُنَاسَبَةِ التَّعَرُّضِ لِلْأَمْرَاضِ فِي هَذَا الْبَابِ. (قَوْلُهُ: لَوْ تَبَرَّعَ فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ) قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا يَسْتَعِدُّ بِسَبَبِهِ لِلْمَوْتِ بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقِيلَ: كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَاهُ كُلُّ مَا لَا يَتَطَاوَلُ بِصَاحِبِهِ مَعَهُ الْحَيَاةُ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَدَّهُ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا غَلَبَةُ حُصُولِ الْمَوْتِ بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ كَالْبِرْسَامِ الَّذِي هُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ، أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ عَاجِلًا، وَإِنْ خَالَفَ الْمَخُوفَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَحْوِ غَرَقٍ، أَوْ هَدْمٍ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْمَخُوفِ وَغَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ أَيْ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْمَخُوفِ مُطْلَقًا حُسِبَ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِهِ فَلِكَذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْمَوْتُ بِهِ فَهُوَ مَخُوفٌ مُطْلَقًا وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ بِهِ إذَا لَمْ يَمُتْ بِهِ وَمَاتَ بِغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا بَرَأَ مِنْهُ) فِي الْمُخْتَارِ بَرِئَ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْبِ مِنْ بَابِ سَلِمَ وَبَرِئَ مِنْ الْمَرَضِ بِالْكَسْرِ بَرُؤَ بِالضَّمِّ وَعِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ بَرَأَ مِنْ الْمَرَضِ مِنْ بَابِ قَطَعَ وَبَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنْ بَابِ قَطَعَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْمَلْ مَوْتُهُ عَلَى فَجْأَةٍ) أَيْ وَلَا عَلَى سَبَبٍ آخَرَ كَغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ وَلَوْ كَانَ مَا بِهِ غَيْرَ مَخُوفٍ فَتَبَرَّعَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَخُوفٌ فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ الثَّانِيَ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي الْمَخُوفِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى فُجَاءَةٍ) هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَالْمَدِّ، وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ» وَحُمِلَ الْخَبَرُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شُكَّ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَنُصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَخُوفٌ، أَوْ غَيْرُ مَخُوفٍ، وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ غَيْرِهِمْ فِيهِ بِمَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ) أَيْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَخُوفًا، أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ اهـ ح ل وَقَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ هُنَا عَلَى النَّفْيِ كَأَنْ يَقُولَ لَيْسَ بِمَخُوفٍ وَقَدْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.
(فَرْعٌ) : فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَالْقَوْلُ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مَخُوفٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا، وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ: كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ قَوْلُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَخُوفِ وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا طَبِيبَانِ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ الْمَرَضُ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ: كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ بِنِسْوَةٍ) أَيْ أَرْبَعَةٍ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ قُبِلَ قَوْلُ الْأَعْلَمِ فَالْأَكْثَرُ مَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ) أَيْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ اهـ حَلَبِيٌّ. (قَوْلُهُ: قُولَنْجُ) وَهُوَ أَقْسَامٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْتَادِهِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّهُ إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِ كَوْنِهِ مِنْ الْقُولَنْجِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ بِهِ وَبِتَقْدِيرِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قُولَنْجُ) وَيَنْفَعُهُ ابْتِلَاعُ الصَّابُونِ غَيْرِ الْمَبْلُولِ وَأَكْلُ التِّينِ وَالزَّبِيبِ وَيَضُرُّهُ حَبْسُ الرِّيحِ، وَالْمَاءُ الْبَارِدِ وَأَشَارَ بِمِنْ إلَى عَدَمِ حَصْرِ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ فِيمَا ذَكَرَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مِنْهَا مَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَجُمْلَةُ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مَرَضٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَذَاتُ جَنْبٍ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْقَصَبَةِ وَيَنْفَعُهَا شَرَابُ الْبَنَفْسَجِ وَدَهْنُهَا بِهِ وَاسْتِعْمَالُ الْقِرْفَةِ عَلَى الرِّيقِ وَهُوَ مِنْ الْمُجَرَّبَاتِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَرُعَافٌ دَائِمٌ) هُوَ، وَالْإِسْهَالُ مِنْ الْمَخُوفِ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يُفْضِي مِثْلُهُ فِيهِ عَادَةً كَثِيرًا إلَى الْمَوْتِ وَلَا يُضْبَطُ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِسْهَالِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ قِوَامُ الْبَدَنِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَرُعَافٌ) وَيَنْفَعُهُ أَنْ يُكْتَبَ بِدَمِهِ اسْمُ صَاحِبِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَدَهْنُ الْأَنْفِ بِالْعَفْصِ مَلْتُوتًا بِالزَّيْتِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَضَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ قِسْمٌ مَخُوفٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَالْقُولَنْجِ وَقِسْمٌ مَخُوفٌ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً كَالْإِسْهَالِ وَقِسْمٌ مَخُوفٌ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا كَالْفَالِجِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِسْهَالٌ مُتَتَابِعٌ) بِأَنْ زَادَ عَلَى يَوْمَيْنِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ

(4/53)


وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ (أَوْ) خَرَجَ بِدَمٍ مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَكَبِدٍ بِخِلَافِ دَمِ الْبَوَاسِيرِ وَاعْتِبَارُ الْإِسْهَالِ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَدِقٌّ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا (وَابْتِدَاءِ فَالِجٍ) وَهُوَ اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ، وَالْبَلْغَمِ فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ بِخِلَافِ دَوَامِهِ وَيُطْلَقُ الْفَالِجُ أَيْضًا عَلَى اسْتِرْخَاءِ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (وَحُمَّى مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ لَازِمَةٌ (أَوْ غَيْرُهَا) كَالْوِرْدِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبِّ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَالثِّلْثِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ (إلَّا الرِّبْعَ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوَّةً فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْيَسِيرَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرِّبْعُ، وَالْوِرْدُ، وَالْغِبُّ، وَالثِّلْثُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا (وَ) مِنْهُ (أَسْرُ مَنْ اعْتَادَ الْقَتْلَ) لِلْأَسْرَى مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَسْرِ كُفَّارٍ (وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ) ، أَوْ قَرِيبَيْ التَّكَافُؤِ سَوَاءٌ أَكَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمْ كَافِرَيْنِ أَمْ مُسْلِمًا وَكَافِرًا (وَتَقْدِيمٌ لِقَتْلٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ (وَاضْطِرَابُ رِيحٍ فِي) حَقِّ (رَاكِبِ سَفِينَةٍ) فِي بَحْرٍ، أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ (وَطَلْقٌ) بِسَبَبِ وِلَادَةٍ (وَبَقَاءُ مَشِيمَةٍ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا فَإِنْ انْفَصَلَتْ الْمَشِيمَةُ فَلَا خَوْفَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْوِلَادَةِ جِرَاحَةٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مَعَهُ عَلَى إتْيَانِ الْخَلَاءِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ:، وَإِسْهَالٌ مُتَتَابِعٌ) وَيَنْفَعُهُ أَكْلُ الْكُزْبَرَةِ الْمُحَمَّصَةِ عَلَى الرِّيقِ وَأَكْلُ السَّفَرْجَلِ، وَالْكَعْكِ الشَّامِيِّ وَقَوْلُهُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِمْسَاكُ وَيَنْفَعُهُ أَكْلُ قَرَامِيطِ السَّمَكِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَيَنْفَعُهُ أَكْلُ الرُّمَّانِ الْحَامِضِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْمُخْتَارِ الزَّحِيرُ اسْتِطْلَاقُ الْبَطْنِ وَكَذَا الزُّحَارُ بِالضَّمِّ وَالزَّحِيرُ أَيْضًا التَّنَفُّسُ بِشِدَّةٍ يُقَالُ: زَحَرَتْ الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَبَابُهُ قَطَعَ وَضَرَبَ. (قَوْلُهُ: وَدِقٌّ) خَرَجَ بِهِ السِّلُّ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَصَبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّقَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُمَّيَاتِ وَيَنْفَعُهُ حَلِيبُ اللَّبُونِ وَكُلُّ حُلْوٍ رَطْبٍ كَمَاءِ الْقَرْعِ وَالسُّكَّرِ مَعًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) ضَابِطُهُ أَنْ يَمْتَدَّ إلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَبَعْدَهَا يَكُونُ غَيْرَ مَخُوفٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الدَّوَامِ اهـ وَيَنْفَعُهُ أَكْلُ الثُّومِ وَعَسَلِ النَّحْلِ، وَالْفُلْفُلِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ وَلَا تَسْتَغْرِقُهُ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِقَدْرِ زَمَنٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا) أَيْ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْهُ، وَقَوْلُهُ: وَتَقْطَعُ يَوْمًا أَيْ فَلَا تَأْتِي فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الرِّبْعَ) وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ مَجِيئَهَا ثَانِيًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ فِي الرَّابِعِ أَوْ مِنْ رِبْعِ الْإِبِلِ وَهُوَ وُرُودُ الْمَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ بِالْمُثَلَّثَةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَوْتُ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعَرَقِ، أَوْ بَعْدَهُ اهـ م ر أَيْ فَإِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعَرَقِ فَلَا يَنْفُذُ مَا زَادَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَرَقِ نَفَذَ مَا زَادَ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَالْحُمَّى الْيَسِيرَةُ إلَخْ) كَحُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَوَامُّ بِالْهَوَاءِ اهـ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَخُوفِ حُكْمًا هَذَا هُوَ الْمُلْتَحَقُ بِالْمَخُوفِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَسْرُ مَنْ اعْتَادَ إلَخْ) فَصَّلَهُ بِمَنْ مَعَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قُولَنْجَ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْمَخُوفِ لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الْمَخُوفِ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ وَمِنْهُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمَخُوفِ.
وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَسْرُ مَنْ اعْتَادَ إلَخْ) وَيَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَشْيَاءُ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ أَيْ زَمَنَهُمَا فَتَصَرُّفُ النَّاسِ فِيهِ كُلِّهِمْ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْكَافِي بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَسْرُ مَنْ اعْتَادَ إلَخْ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَأَسْرُ الْأَسِيرِ مَنْ اعْتَادَ إلَخْ، وَالْمَعْنَى وَوُقُوعُ الْأَسِيرِ فِي يَدِ مَنْ يَعْتَادُ قَتْلَ الْأَسْرَى سَوَاءٌ كَانَ الْآسِرُ مُسْلِمًا، وَالْأَسِيرُ كَافِرًا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَقَوْلُهُ: مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا تَعْمِيمٌ فِي مَنْ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْأَسْرُ. (قَوْلُهُ: وَالْتِحَامُ قِتَالٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِخِلَافِ قِتَالٍ بِغَيْرِ الْتِحَامٍ، وَإِنْ تَرَامَيَا بِالنُّشَّابِ، أَوْ الْحِرَابِ أَوْ بِالْتِحَامٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ الْآخَرَ لَكِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ فِي حَقِّ الْغَالِبِ فَقَطْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمٌ لِقَتْلٍ) خَرَجَ بِهِ الْحَبْسُ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مِثْلَهُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا احْتِيَاطًا لِحِفْظِ مَالِ الْآدَمِيِّ عَنْ الضَّيَاعِ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَبْسِ إلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِبُعْدِ السَّبَبِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ لَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ مَثَلًا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ مَحْسُوبًا مِنْ الثُّلُثِ كَالْمَوْتِ أَيَّامَ الطَّعْنِ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَاضْطِرَابُ رِيحٍ) بِخِلَافِ هَيَجَانِ نَحْوِ الْبَحْرِ بِلَا رِيحٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ) وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ وَالنَّجَاةُ مِنْ ذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَطَلْقٌ بِسَبَبِ وِلَادَةٍ) بِخِلَافِ نَحْوِ الْوِلَادَةِ كَإِلْقَاءِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ وَخَصَّ مَسْأَلَةَ الطَّلْقِ الْمَاوَرْدِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِغَيْرِ كِبَارِ النِّسَاءِ أَيْ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهَا الْوِلَادَةُ أَمَّا كِبَارُهُنَّ فَلَا، وَالْحَمْلُ نَفْسُهُ زَمَنُهُ غَيْرُ مَخُوفٍ وَمَوْتُهُ فِي الْبَطْنِ مَخُوفٌ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَطَلْقٌ بِسَبَبِ وِلَادَةٍ أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وِلَادَتُهَا لِعِظَمِ خَطَرِهَا وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ شَهَادَةً وَخَرَجَ بِهِ نَفْسُ الْحَمْلِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ وَلَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ، وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُمْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ هَذَا الْمَرَضَ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَخُوفٌ كَانَ كَالْمَخُوفِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ) فِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمَشِيمَةُ

(4/54)


(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ (يَتَنَاوَلُ شَاةٌ وَبَعِيرٌ) مِنْ جِنْسِهِمَا (غَيْرَ سَخْلَةٍ) فِي الْأُولَى (وَ) غَيْرَ (فَصِيلٍ) فِي الثَّانِيَةِ فَيَتَنَاوَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَغِيرَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَهَا، وَالْمَعِيبَ وَالسَّلِيمَ وَالذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى ضَأْنًا وَمَعْزًا فِي الْأُولَى وَبَخَاتِيَّ وَعِرَابًا فِي الثَّانِيَةِ لِصِدْقِ اسْمِهِمَا بِذَلِكَ، وَالْهَاءُ فِي الشَّاةِ لِلْوَحْدَةِ أَمَّا السَّخْلَةُ وَهِيَ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزِ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً، وَالْفَصِيلُ وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا فَلَا يَتَنَاوَلُهُمَا الشَّاةُ، وَالْبَعِيرُ لِصِغَرِ سِنِّهِمَا فَلَوْ وَصَفَ الشَّاةَ، وَالْبَعِيرَ بِمَا يُعَيِّنُ الْكَبِيرَةَ، أَوْ الْأُنْثَى، أَوْ غَيْرَهَا اُعْتُبِرَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ فِي الْبَعِيرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَنَاوُلِهِ النَّاقَةَ.
(وَ) يَتَنَاوَلُ (جَمَلٌ وَنَاقَةٌ بَخَاتِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا (وَعِرَابًا) لِمَا مَرَّ (لَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) أَيْ لَا يَتَنَاوَلُ الْجَمَلُ النَّاقَةَ وَلَا الْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الْجَمَلَ لِلذَّكَرِ وَالنَّاقَةَ لِلْأُنْثَى (وَلَا) يَتَنَاوَلُ (بَقَرَةٌ ثَوْرًا وَعَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ لِلْأُنْثَى وَالثَّوْرَ لِلذَّكَرِ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ إنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا وَإِنْ أَوْقَعَهَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي الزَّكَاةِ (وَيَتَنَاوَلُ دَابَّةٌ) فِي الْعُرْفِ (فَرَسًا وَبَغْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وِزَانُ كَرِيمَةٍ وَأَصْلُهَا مِفْعَلَةٌ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ لَكِنْ نُقِلَتْ الْكَسْرَةُ عَلَى الْيَاءِ فَانْقَلَبَتْ إلَى الشِّينِ وَهِيَ غِشَاءُ وَلَدِ الْإِنْسَانِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ لِمَا يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ الْمَشِيمَةُ، وَالْكِيسُ، وَالْغِلَافُ وَالْجَمْعُ مَشِيمٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَمَشَايِمُ مِثْلُ مَعِيشَةٍ وَمَعَايِشَ اهـ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ]
(فَصْلٌ) : فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَذَكَرَ مِنْهَا سَبْعَةَ عَشَرَ حُكْمًا وَقَوْلُهُ: وَلِلْمُوصَى لَهُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ حُكْمًا وَأَوَّلُ الْقِسْمِ الثَّانِي قَوْلُهُ: أَوْ لَحْمِهَا فَلِمَنْ انْفَصَلَ حَيًّا. (قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ إلَخْ) وَمَدَارُهَا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، ثُمَّ الْعُرْفِيِّ الْعَامِّ، ثُمَّ الْخَاصِّ بِبَلَدِ الْمُوصِي، ثُمَّ بِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ، ثُمَّ الْحَاكِمِ فَلَوْ أَوْصَى بِطَعَامٍ حُمِلَ عَلَى عُرْفِ الْمُوصِي لَا عُرْفِ الشَّرْعِ الَّذِي فِي الرِّبَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: يَتَنَاوَلُ شَاةً إلَخْ) هِيَ اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ وَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ لَفْظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِهِمَا) إلَّا إنْ قَالَ: شَاةٌ مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْطِي ظَبْيَةً لِأَنَّ الظِّبَاءَ يُقَالُ لَهَا شِيَاهُ الْبَرِّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَالْمَعِيبَ وَالسَّلِيمَ) وَكَوْنُ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا أُنِيطَ بِمَحْضِ اللَّفْظِ كَالْبَيْعِ، وَالْكَفَّارَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا لَهُ شَاةً، أَوْ عَبْدًا تَعَيَّنَ السَّلِيمُ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِهِ وَقَوْلُهُ: ضَأْنًا وَمَعْزًا إلَخْ أَيْ وَإِنْ كَانَ عُرْفُ الْمُوصِي اخْتِصَاصَهَا بِالضَّأْنِ لِأَنَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ فَلَا يُعَارِضُ اللُّغَةَ وَلَا الْعُرْفَ الْعَامَّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبَخَاتِيَّ) وَاحِدُهَا بُخْتِيٌّ وَبُخْتِيَّةٌ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْهَاءُ فِي الشَّاةِ لِلْوَحْدَةِ) كَانَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْ صِدْقِ الشَّاةِ بِالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ سَنَةً وَإِلَّا سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ، أَوْ بِنْتَهَا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إذَا فُصِلَ عَنْهَا) .
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَفَصَلَتْ الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَصْلًا فَطَمَتْهُ وَهَذَا زَمَنُ فِصَالِهِ كَمَا يُقَالُ زَمَنُ فِطَامِهِ وَمِنْهُ الْفَصِيلُ لِوَلَدِ النَّاقَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفْصَلُ عَنْ أُمِّهِ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ اهـ، وَالْجَمْعُ فُصْلَانٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى فِصَالٍ بِالْكَسْرِ كَمَا تَوَهَّمُوا فِيهِ الصِّفَةَ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكِرَامٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَصَفَ الشَّاةَ، وَالْبَعِيرَ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ شَاةٌ يُنْزِيهَا، أَوْ بَعِيرٌ يُنْزِيهِ تَعَيَّنَ الذَّكَرُ الصَّالِحُ لِذَلِكَ، أَوْ لِدَرِّهَا تَعَيَّنَ الْأُنْثَى الصَّالِحَةُ لِذَلِكَ أَوْ لِصُوفِهَا تَعَيَّنَ الضَّأْنُ، أَوْ لِشَعْرِهَا تَعَيَّنَ الْمَعْزُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَنَاوُلِهِ النَّاقَةَ) إمَّا لِإِيهَامِ تَعْبِيرِهِ دُخُولَ الْفَصِيلِ، وَإِمَّا لِإِيهَامِ اخْتِصَاصِ الْبَعِيرِ بِالْكَبِيرِ.
وَعِبَارَةُ ع ش: قَوْلُهُ: بِتَنَاوُلِهِ النَّاقَةَ لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تُوهِمُ اخْتِصَاصَهُ بِالْكَبِيرِ فَلَا يَتَنَاوَلُ نَحْوَ الْحِقَّةِ وَبِنْتَ اللَّبُونِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الْجَمَلُ مِنْ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ قَالُوا: وَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا إذَا بَزَلَ وَجَمْعُهُ جِمَالٌ وَأَجْمَالٌ وَأَجْمُلٌ وَجِمَالَةٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُ الْجِمَالِ جِمَالَاتٌ وَالنَّاقَةُ الْأُنْثَى مِنْ الْإِبِلِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَلَا تُسَمَّى نَاقَةً حَتَّى تُجْذِعَ، وَالْجَمْعُ أَيْنُقُ وَنُوقٌ وَنِيَاقٌ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَجَمَلٌ وَنَاقَةٌ) وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا الْمَعْنَى الْمُتَعَارَفُ وَهُوَ لِمَا بَلَغَ مِنْهُمَا سَنَةً فَأَكْثَرَ وَمَا دُونَهَا يُسَمَّى فَصِيلًا وَهُوَ لَا يَدْخُلُ، وَأَمَّا مَعْنَاهُمَا لُغَةً فَهُوَ مَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَهُوَ مَا يُقَالُ لَهُ رَبَاعِيًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَعِرَابًا) صَغِيرًا وَكَبِيرًا سَلِيمًا وَمَعِيبًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَصِيلًا وَالرَّاحِلَةُ، وَالْمَطِيَّةُ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَنَاوَلُ بَقَرَةٌ ثَوْرًا) وَلَا عِجْلَةً وَهِيَ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً وَلَا بَقَرَةً وَحْشِيَّةً إلَّا إنْ قَالَ مِنْ بَقَرِي وَلَا بَقَرَ لَهُ إلَّا وَحْشِيٌّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ لَا يَتَنَاوَلُ ثَوْرٌ بَقَرَةً وَلَا عِجْلًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَقَرَ لِلْأُنْثَى) أَيْ إذَا بَلَغَتْ سَنَةً وَدُونَهَا الْعِجْلَةُ وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ أَيْ مِنْ الْعِرَابِ، وَالْجَوَامِيسِ إذَا بَلَغَ سَنَةً وَدُونَهُ عِجْلٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَيَتَنَاوَلُ الْبَقَرُ جَامُوسًا وَعَكْسُهُ كَمَا بَحَثَاهُ بِدَلِيلِ تَكْمِيلِ نِصَابِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَعَدِّهِمَا فِي الرِّبَا جِنْسًا وَاحِدًا بِخِلَافِ بَقَرِ الْوَحْشِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَقَرُ نَعَمْ إنْ قَالَ: مِنْ بَقَرِي وَلَا بَقَرَ لَهُ سِوَاهَا دَخَلَتْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنَّمَا حَنِثَ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِ لَحْمِ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَامٌّ يُخَالِفُهَا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْعُرْفَ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَةِ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُحَرَّرْ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْبَقَرُ جَامُوسًا وَعَكْسُهُ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَا مِنْ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَمِنْ ثَمَّ كَمُلَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إلَّا إنْ قَالَ: مِنْ بَقَرِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا جَوَامِيسُ أَوْ عَكْسُهُ هَذَا وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ شَيْخِنَا

(4/55)


وَحِمَارًا) لِاشْتِهَارِهَا فِيهَا عُرْفًا فَلَوْ قَالَ: دَابَّةٌ لِلْكَرِّ، وَالْفَرِّ، أَوْ لِلْقِتَالِ اخْتَصَّتْ بِالْفَرَسِ، أَوْ لِلْحَمْلِ فَبِالْبَغْلِ أَوْ الْحِمَارِ فَإِنْ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَى الْبَرَاذِينِ دَخَلَتْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَى الْجِمَالِ، أَوْ الْبَقَرِ أُعْطِيَ مِنْهَا وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ وَضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ، وَإِنْ اُعْتِيدَ الْقِتَالُ عَلَى الْفِيَلَةِ وَقَدْ قَالَ: دَابَّةٌ لِلْقِتَالِ دَخَلَتْ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) يَتَنَاوَلُ (رَقِيقٌ صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا) أَيْ كَبِيرًا وَذَكَرًا وَخُنْثَى وَسَلِيمًا وَمُسْلِمًا لِصِدْقِ اسْمِهِ بِذَلِكَ (وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَا غَنَمَ لَهُ) عِنْدَ مَوْتِهِ (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ إذْ لَا غَنَمَ لَهُ (أَوْ) بِشَاةٍ (مِنْ مَالِهِ) وَلَا غَنَمَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ (اُشْتُرِيَتْ لَهُ) شَاةٌ وَلَوْ مَعِيبَةً فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أُعْطِيَ شَاةً مِنْهَا، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ جَازَ أَنْ يُعْطَى شَاةً عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا لَهُ شَاةً مَثَلًا لَمْ يُشْتَرَ لَهُ مَعِيبَةٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي شَاةً (أَوْ) أَوْصَى (بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ فَتَلِفُوا) حِسًّا أَوْ شَرْعًا بِقَتْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ (قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ مُضَمَّنًا؛ إذْ لَا رَقِيقَ لَهُ (وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَدْفَعَ قِيمَةَ ثَالِثٍ وَإِنْ تَلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِ بِمُضَمِّنٍ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ صَرَفَ الْوَارِثُ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ.
وَصُورَتُهَا أَنْ يُوصِيَ بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ الْمَوْجُودِينَ فَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ فَتَلِفُوا إلَّا وَاحِدًا لَمْ يَتَعَيَّنْ حَتَّى لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الْحَادِثِ، وَقَوْلِي فَتَلِفُوا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَمَاتُوا، أَوْ قُتِلُوا (أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ) مِنْهَا يَعْتِقْنَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ (فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ لَمْ يُشْتَرَ شِقْصٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ بَلْ يُشْتَرَى نَفِيسَةٌ، أَوْ نَفِيسَتَانِ (فَإِنْ فَضَلَ عَنْ) شِرَاءِ (نَفِيسَةٍ، أَوْ نَفِيسَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِوَرَثَتِهِ) وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَا يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ وَقَوْلِي " نَفِيسَةٌ " مِنْ زِيَادَتِي.

(أَوْ) أَوْصَى (بِصَرْفِ ثُلُثِهِ لِلْعِتْقِ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ) أَيْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ أَقَدَرَ عَلَى التَّكْمِيلِ أَمْ لَا لَكِنَّ التَّكْمِيلَ أَوْلَى وِفَاقًا لِلسُّبْكِيِّ (أَوْ) أَوْصَى (لِحَمْلِهَا) بِكَذَا (فَ) هُوَ (لِمَنْ انْفَصَلَ) مِنْهَا (حَيًّا) فَلَوْ أَتَتْ بِحَيَّيْنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى لِإِطْلَاقِ حَمْلِهَا عَلَيْهِمَا، أَوْ أَتَتْ بِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَلِلْحَيِّ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْعَدَمِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُكِ ذَكَرًا، أَوْ قَالَ) إنْ كَانَ (أُنْثَى فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا جَمِيعَهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى فَإِنْ وَلَدَتْ فِي الْأُولَى ذَكَرَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ أُنْثَيَيْنِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا (أَوْ) قَالَ إنْ كَانَ (بِبَطْنِكِ ذَكَرٌ) فَلَهُ كَذَا (فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى (فَلِلذَّكَرِ) لِأَنَّهُ وُجِدَ بِبَطْنِهَا وَزِيَادَةُ الْأُنْثَى لَا تَضُرُّ (أَوْ) وَلَدَتْ (ذَكَرَيْنِ أَعْطَاهُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) كَمَا لَوْ أَبْهَمَ الْمُوصَى بِهِ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى بَيَانِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدْتِ ذَكَرًا فَلَهُ مِائَتَانِ، أَوْ أُنْثَى فَلَهَا مِائَةٌ فَوَلَدَتْ خُنْثَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
تَنَاوُلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِمَا عَلِمْت فَالْمُعْتَمَدُ التَّنَاوُلُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَحِمَارًا) أَيْ أَهْلِيًّا إلَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ إلَّا وَحْشِيٌّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَى الْبَرَاذِينِ) أَيْ فِي بَلَدِ الْمُوصِي اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُعْتِيدَ الْقِتَالُ إلَخْ) أَيْ فِي بَلَدِ الْمُوصِي اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَاشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ لَا يُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ: دَابَّةٌ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ فِي وَصِيَّتِهِ سَوَاءٌ قَالَ فِيهَا: أَعْطُوهُ دَابَّةً، أَوْ أَوْصَيْت لَهُ بِدَابَّةٍ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ نَصْبِهِ بِمُقَدَّرٍ نَحْوُ أَعْطُوهُ دَابَّةً لِإِيهَامِهِ التَّخْصِيصَ بِذَلِكَ الْعَامِلِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ اسْمِهِ بِذَلِكَ) فَإِنْ خَصَّصَ بِشَيْءٍ اُتُّبِعَ فَلَوْ قَالَ: لِتَخْدُمَهُ فِي السَّفَرِ تَعَيَّنَ الذَّكَرُ السَّلِيمُ مِمَّا يُنَافِي الْخِدْمَةَ كَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ أَوْ قَالَ: يَحْضُنُ وَلَدَهُ تَعَيَّنَ الْأُنْثَى السَّلِيمَةُ مِمَّا يُثْبِتُ خِيَارَ النِّكَاحِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لَغَتْ وَصِيَّتُهُ) وَإِنْ كَانَ لَهُ ظَبْيٌ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ لَا غَنَمَ الْبَرِّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أُعْطِيَ شَاةً مِنْهَا) وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ رَضِيَا لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى وَاحِدَةٍ تَعَيَّنَتْ أَيْ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ إلَخْ) لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ كَوْنِ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ صَرِيحًا وَكَوْنِهِ لَازِمًا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَ لَهُ مَعِيبَةٌ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً لَا يَتَعَيَّنُ شِرَاءُ سَلِيمَةٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) وَلَا تَدْخُلُ ثِيَابُهُ جَزْمًا وَبَعْضُهُمْ أَجْرَى فِيهِ خِلَافَ الْبَيْعِ أَيْ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ دُخُولِهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِ) مُحْتَرَزُ الْقَبْلِيَّةِ فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَصُورَتُهَا إلَخْ أَيْ صُورَةُ الْقَبْلِيَّةِ وَقَوْلُهُ: فَتَلِفُوا إلَخْ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: وَصُورَتُهَا أَنْ يُوصِيَ بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ الْمَوْجُودِينَ) بِأَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ) أَيْ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَوْجُودِينَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْقَصُ مِنْهَا هـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَثَلَاثٌ مِنْهَا يَعْتِقْنَ) وَلَا يَجُوزُ النَّقْصُ عَنْهَا وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بَلْ هِيَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى مِنْ الِاسْتِقْلَالِ مَعَ الِاسْتِغْلَاءِ عَكْسُ الْأُضْحِيَّةِ وَلَوْ صَرَفَهُ إلَى اثْنَيْنِ مَعَ إمْكَانِ الثَّالِثَةِ ضَمِنَهُمْ بِأَقَلِّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَ شِقْصٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بَلْ يُشْتَرَى نَفِيسَةٌ، أَوْ نَفِيسَتَانِ) ، وَالْعِبْرَةُ فِي النَّفَاسَةِ بِبَلَدِ الْمُوصِي عِنْدَ إرَادَةِ الشِّرَاءِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَا يُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشِّقْصُ بَاقِيهِ حُرٌّ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَقَدَرَ عَلَى التَّكْمِيلِ أَمْ لَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكْمِيلِ أَيْ وَعَمَّا بَاقِيهِ حُرٌّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ فِي الْأُولَى) وَهِيَ إنْ كَانَ حَمْلُكِ ذَكَرًا وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ إنْ كَانَ حَمْلُكِ أُنْثَى وَانْظُرْ لَوْ وَلَدَتْ فِي الْحَالَتَيْنِ خُنْثَيَيْنِ هَلْ يُوقَفُ الْحَالُ الظَّاهِرُ نَعَمْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: قَسَمَ بَيْنَهُمَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُكِ ابْنًا، أَوْ بِنْتًا فَأَتَتْ بِابْنَيْنِ، أَوْ بِنْتَيْنِ فَإِنَّهَا تَلْغُو؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى اسْمُ جِنْسٍ بِخِلَافِ الِابْنِ، وَالْبِنْتِ. (قَوْلُهُ:

(4/56)


دُفِعَ إلَيْهِ الْأَقَلُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.

(أَوْ) أَوْصَى بِشَيْءٍ (لِجِيرَانِهِ فَ) يُصْرَفُ ذَلِكَ الشَّيْءُ (لِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ لِخَبَرٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُقْسَمُ الْمُوصَى بِهِ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْسَمَ حِصَّةُ كُلِّ دَارٍ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا وَلَوْ كَانَ لِلْمُوصِي دَارَانِ صُرِفَ إلَى جِيرَانِ أَكْثَرِهِمَا سُكْنَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فَإِلَى جِيرَانِهِمَا.

(أَوْ) أَوْصَى (لِلْعُلَمَاءِ فَ) يَصْرِفُ (لِأَصْحَابِ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ) وَهُوَ مَعْرِفَةُ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
دُفِعَ إلَيْهِ الْأَقَلُّ) وَيُوقَفُ لَهُ مَا زَادَ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ) فِي الْمُحْكَمِ الْجَارُ الْمُجَاوِرُ وَعَيْنُهُ وَاوٌ وَجَمْعُهُ أَجْوَارٌ وَجِيرَةٌ وَجِيرَانٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِجِيرَانِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَفَتْحُهَا لَحْنٌ وَلَيْسَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَاكِنُهُمْ وَلَا مَنْ سَكَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا وَارِثُ الْمُوصِي وَيَأْتِي هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَأْتِي فَلَا يَدْخُلُ الْمُوصِي وَلَا وَارِثُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا الْوَصْفُ الْمُسْتَحَقُّ بِهِ الْوَصِيَّةُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا) مِنْهَا الْمَسْجِدُ فَيُصْرَفُ مَا يَخُصُّهُ لِمَصَالِحِهِ وَمِنْهَا الرَّبْعُ فَيُصْرَفُ مَا يَخُصُّهُ لِسُكَّانِهِ وَلَوْ لَمْ تُلَاصِقْ الدُّورُ إلَّا جَانِبًا مِنْ الدَّارِ فَهَلْ يُصْرَفُ لِأَرْبَعِينَ مِنْهَا فَقَطْ، أَوْ لِمِائَةٍ وَسِتِّينَ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ الثَّلَاثَةِ اسْتَقْرَبَ شَيْخُنَا الْأَوَّلَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ فَهِيَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دَارًا غَالِبًا وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ دَارُ الْمُوصِي كَبِيرَةً فِي التَّرْبِيعِ فَيُسَامِتُهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ أَكْثَرُ مِنْ دَارٍ لِصِغَرِ الْمُسَامِتِ لَهَا وَلَوْ رَدَّ بَعْضُ الْجِيرَانِ رُدَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر فَلَوْ نَقَصَ جَانِبٌ عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَزَادَ الْجَانِبُ الْآخَرُ فَلَا يُكَمَّلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الزِّيَادِيُّ اهـ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الرَّبْعَ يُعَدُّ دَارًا وَاحِدَةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَيُصْرَفُ لَهُ حِصَّةُ دَارٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ تُقْسَمُ عَلَى بُيُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ دُورًا مُتَعَدِّدَةً اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَمَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُوصِي سَاكِنًا خَارِجَهُ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ فَيُعَدُّ كُلُّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ دَارًا فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ مِنْ الْبُيُوتِ يُوفِي بِالْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا تَمَّمَ عَلَى عَدَدِ بُيُوتِهِ مِنْ خَارِجِهِ وَمِثْلُ الرَّبْعِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَكَالَةُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُرَبَّعَةً كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ كَانَتْ مُخَمَّسَةً، أَوْ مُسَدَّسَةً أَوْ مُثَمَّنَةً اُعْتُبِرَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعُونَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ جَانِبٍ دَارٌ وَيَتَّصِلَ بِهَا دُورٌ وَهَكَذَا فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الدُّورُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَاتَّصَلَتْ بِهَا الدُّورُ اُعْتُبِرَ، وَيَزِيدُ الْعَدَدُ حَتَّى يَبْلُغَ أُلُوفًا، وَالْمَسْجِدُ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَتَّى يُصْرَفَ لِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالرَّبْعُ كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ الْكَبِيرَةِ وَيُضَافُ إلَيْهِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ دَارًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرَّبْعَ يُعَدُّ دَارًا وَاحِدَةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَيُصْرَفُ لَهُ حِصَّةُ دَارٍ وَاحِدَةٍ وَتُقْسَمُ عَلَى بُيُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ دُورًا مُتَعَدِّدَةً انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ) ، أَوْ الْخَمْسَةِ، أَوْ السِّتَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَالْمَسْجِدُ كَغَيْرِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ إمَامِنَا جَارُ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ فِي ذَلِكَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِخَبَرِ «حَقُّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا أَشَارَ قُدَّامًا وَخَلْفًا وَيَمِينًا وَشِمَالًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مُرْسَلًا وَلَهُ طُرُقُ تَقْوِيَةٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَيُقْسَمُ الْمُوصَى بِهِ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ) فَلَوْ كَانَ بِأَحَدِ الدُّورِ مُسَافِرٌ هَلْ يُحْفَظُ لَهُ مَا يَخُصُّهُ إلَى عَوْدِهِ مِنْ السَّفَرِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قَلَّ الْمُوصَى بِهِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا تَتَأَتَّى قِسْمَتُهُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَوْجُودِ دُفِعَ إلَيْهِمْ شَرِكَةً كَمَا لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ تَرِكَةٍ قَلِيلَةٍ وَوَرَثَتُهُ كَثِيرَةٌ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ الْمِائَةِ وَالسِّتِّينَ إنْ وَفَّى بِهِمْ بِأَنْ يَحْصُلَ لِكُلٍّ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْرَبُ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش وَلَوْ كَانُوا فِي مُؤْنَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَيْ السَّاكِنِينَ بِحَقٍّ، وَأَمَّا السَّاكِنُ تَعَدِّيًا فَلَيْسَ بِجَارٍ، وَالْعِبْرَةُ بِالسَّاكِنِ حَالَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَوْ كَانَ كَافِرًا، أَوْ قِنًّا أَوْ صَبِيًّا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرِهِمَا سُكْنَى وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ وَلَا سَاكِنَ بِهَا) فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْجَارِ بِالْإِنْسَانِ دُونَ الْعَقَارِ إلَّا الْمَسْجِدَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ فَيُعْطَى حِصَّةَ دَارٍ تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فَإِلَى جِيرَانِهِمَا) وَلَا نَظَرَ لِمَوْتِهِ فِي إحْدَاهُمَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا أَيْ فَلَوْ جُهِلَ الِاسْتِوَاءُ وَعُلِمَ التَّفَاوُتُ وَشُكَّ، وَلَمْ يُرْجَ الْبَيَانُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا لَوْ عُلِمَ الِاسْتِوَاءُ، أَمَّا لَوْ عُلِمَ التَّفَاوُتُ وَرُجِيَ الْبَيَانُ فَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيمَا يُصْرَفُ إلَى ظُهُورِ الْحَالِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: فَيُصْرَفُ لِأَصْحَابِ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ) أَيْ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ غَالِبُ الْوَصَايَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْعَالِمُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَتَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ بَعْضِهَا وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ اُخْتُصَّ بِالْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) نَقْلًا فِي التَّوْقِيفِيِّ أَيْ فِيمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّوْقِيفِ وَاسْتِنْبَاطًا فِي غَيْرِهِ أَيْ مَا يُدْرَكُ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ بِوَاسِطَةِ

(4/57)


وَمَا أُرِيدَ بِهِ (وَحَدِيثٍ) وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ حَالُ الرَّاوِي، وَالْمَرْوِيِّ وَصَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ وَعَلِيلِهِ وَلَيْسَ مِنْ عُلَمَائِهِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ السَّمَاعِ (وَفِقْهٍ) وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْعَالِمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمُقْرِئٍ وَمُتَكَلِّمٍ وَمُعَبِّرٍ وَطَبِيبٍ وَأَدِيبٍ وَهُوَ الْمُشْتَغِلُ بِعِلْمِ الْأَدَبِ كَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ، وَالْعَرُوضِ.

(أَوْ) أَوْصَى (لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ الْمَسَاكِينُ وَعَكْسُهُ) لِوُقُوعِ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَمَا أَوْصَى بِهِ لِأَحَدِهِمَا يَجُوزُ دَفْعُهُ لِلْآخَرِ (أَوْ) أَوْصَى (لَهُمَا شُرِكَ) بَيْنَهُمَا (نِصْفَيْنِ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَنِي زَيْدٍ وَبَنِي عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُنَصَّفُ.

(أَوْ) أَوْصَى (لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
عُلُومٍ أُخَرَ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَا أُرِيدَ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ بِأَنْ صَرَفَ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ صَارِفٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَصَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ) لَعَلَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ إذْ مَعْرِفَةُ حَالِ الْمَرْوِيِّ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَرْوِيُّ مَعْطُوفًا عَلَى " حَالُ " وَيَكُونَ قَوْلُهُ: وَصَحِيحِهِ إلَخْ بَيَانًا لِحَالِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُجَرَّدِ السَّمَاعِ) أَيْ أَوْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِفْظِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَفِقْهٍ) وَهُوَ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إلَخْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ التَّهَيُّؤُ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَقِيهِ هُنَا مَنْ حَصَّلَ مِنْ كُلِّ بَابٍ طَرَفًا بِحَيْثُ يَتَأَهَّلُ بِهِ لِإِدْرَاكِ بَاقِيهِ وَلَوْ مُبْتَدِئًا فِيهِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: وَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْئًا لَهُ وَقْعٌ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ فَالْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ الْفِقْهَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُجْتَهِدَ، وَالْفَقِيهُ هُنَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ لَا الْمُجْتَهِدُ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ أَهْلِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَلَوْ أَوْصَى لِمُفَسِّرٍ وَلِمُحَدِّثٍ وَلِفَقِيهٍ فَوُجِدَتْ الثَّلَاثَةُ فِي وَاحِدٍ أَخَذَ بِأَحَدِهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَفِقْهٍ) بِأَنْ يَعْرِفَ مِنْ كُلِّ بَابٍ طَرَفًا صَالِحًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ مَدْرَكًا وَاسْتِنْبَاطًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَمُقْرِئٍ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمُتَكَلِّمٍ) وَاسْتَدْرَكَ السُّبْكِيُّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَلِيُمَيِّزَ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَذَاكَ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدْ جَعَلُوهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّوَغُّلُ فِي شُبَهِهِ، وَالْخَوْضُ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْفَلْسَفَةِ فَلَا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ وَلِذَلِكَ قَالَ: لَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَمُعَبِّرٍ) الْأَفْصَحُ عَابِرٌ؛ لِأَنَّ مَاضِيَهُ " عَبَرَ " بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ كَضَرَبَ قَالَ تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] وَفِي الْمُخْتَارِ وَعَبَرَ الرُّؤْيَا فَسَّرَهَا وَبَابُهُ كَتَبَ وَعَبَّرَهَا أَيْضًا تَعْبِيرًا اهـ وَمِنْ بَابِ قَعَدَ أَيْضًا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ إلَخْ) وَعَدَّ الزَّمَخْشَرِيُّ عُلُومَ الْأَدَبِ اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِلْفُقَرَاءِ) دَخَلَ الْمَسَاكِينُ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا مَا يَأْتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَيَجُوزُ النَّقْلُ هُنَا إلَى غَيْرِ فُقَرَاءِ بَلَدِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ إلَيْهَا لَا تَمْتَدُّ كَامْتِدَادِهَا إلَى الزَّكَاةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ الظَّرْفُ، وَالْمَجْرُورُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَمَا أَوْصَى بِهِ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ جَازَ حِرْمَانُهُمْ وَالصَّرْفُ لِلْمَسَاكِينِ وَعَكْسُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَقَامَ اسْمَ كُلٍّ مَقَامَ اسْمِ الْآخَرِ فَكَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ كَالتَّعْبِيرِ بِالْآخَرِ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْرَمَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ لَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ النَّصَّ عَلَيْهِ لَيْسَ مُعَيِّنًا لَهُ بِخِلَافِ زَيْدٍ، وَالْفُقَرَاءِ وَلَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ فَلَمْ يَجُزْ إلْغَاؤُهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُنَصَّفُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ حَيْثُ شَرِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَنَّ بَنِي زَيْدٍ وَبَنِي عَمْرٍو لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ فِيهِمَا إلَّا مُجَرَّدَ التَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ جِنْسِهِمَا بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُمَا لَمَّا اتَّصَفَا بِوَصْفَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ دَلَّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحُكْمٍ فَقُسِمَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) لَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ اُخْتُصَّ بِالْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَفَقِّهَةِ مِمَّنْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِ الْفِقْهِ وَحَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ لَهُ وَقْعٌ وَلَوْ أَوْصَى لِسَيِّدِ النَّاسِ صُرِفَ لِلْخَلِيفَةِ وَلَوْ قَالَ لِأَعْقَلِ النَّاسِ صُرِفَ لِأَزْهَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ قَالَ لِأَبْخَلِ النَّاسِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُعْطَى لِمَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَأَنْ يُعْطَى لِمَنْ لَا يَقْرِي الضَّيْفَ وَلَوْ أَوْصَى لِلْحُجَّاجِ صُرِفَ لِفُقَرَائِهِمْ أَوْ لِلْيَتَامَى، أَوْ لِلْعُمْيَانِ، أَوْ الزَّمْنَى فَأَشْبَهُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا تُصْرَفُ لِأَغْنِيَائِهِمْ أَوْ لِلْأَرَامِلِ دَخَلَ كُلُّ امْرَأَةٍ بَانَتْ عَنْ زَوْجِهَا بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا رَجْعِيَّةٌ، أَوْ أَوْصَى لِلْأَيَامَى دَخَلَ كُلُّ خَلِيَّةٍ عَنْ زَوْجِهَا وَكَذَا إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ لِلشُّيُوخِ صُرِفَ لِمَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ، أَوْ لِلصِّبْيَانِ، أَوْ لِلْغِلْمَانِ صُرِفَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَقْرُ فِي الشُّيُوخِ وَالصِّبْيَانِ اهـ ز ي وَهُوَ بِغَيْرِ خَطِّهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ.
(فُرُوعٌ) : الْقُرَّاءُ جَمْعُ قَارِئٍ وَهُوَ مَنْ يَحْفَظُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَأَعْلَمُ النَّاسِ الْفُقَهَاءُ وَأَكْيَسُ النَّاسِ وَأَعْقَلُهُمْ الزُّهَّادُ وَهُمْ مَنْ يَتْرُكُ مِنْ الْحَلَالِ مَا فَوْقَ

(4/58)


غَيْرِ مُنْحَصِرٍ كَالْعَلَوِيَّةِ) وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (صَحَّتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
حَاجَتِهِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَانِعُ الزَّكَاةِ أَوْ مَنْ لَا يَقْرِي الضَّيْفَ وَأَحْمَقُ النَّاسِ السُّفَهَاءُ أَوْ مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ، وَسَيِّدُ النَّاسِ الْخَلِيفَةُ، وَسَادَةُ النَّاسِ الْأَشْرَافُ، وَالسَّيِّدُ وَالشَّرِيفُ الْمَنْسُوبُونَ لِأَحَدِ السِّبْطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّرِيفُ أَصَالَةً لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ كَمَا يَأْتِي، وَالْوَرِعُ تَارِكُ الشُّبُهَاتِ، وَأَجْهَلُ النَّاسِ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ فَإِنْ قَيَّدَ بِالْمُسْلِمِينَ فَسَابُّ الصَّحَابَةِ وَبَعْضُهُمْ اسْتَشْكَلَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا جِهَةُ مَعْصِيَةٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَيَانُ حَقِيقَتِهِمْ، وَجَمِيعُ الْمَذْكُورِينَ يُعْطَوْنَ مَعَ الْفَقْرِ، وَالْغِنَى وَيُشْتَرَطُ الْفَقْرُ فِي الْيَتِيمِ وَهُوَ مَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَوْ أُنْثَى وَفِي الْأَيِّمِ، وَالْأَرْمَلَةِ وَهِيَ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ وَفِي الْأَعْزَبِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْحُجَّاجِ، وَالْغَارِمِينَ وَالزَّمْنَى وَالْمَسْجُونِينَ وَتَكْفِينِ الْمَوْتَى وَحَفْرِ قُبُورِهِمْ نَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ مُنْحَصِرٍ) أَيْ يَشُقُّ اسْتِيعَابُهُمْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً عُرْفًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ اهـ ح ل.
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَلِيٍّ رَابِعُ الْخُلَفَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ عَلِيٌّ الْقَرِيضِيُّ الَّذِي هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْحُسَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ كُتُبِ مَنَاقِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ قَالَ السُّيُوطِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: جُمْلَةُ أَوْلَادِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الذُّكُورِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَاَلَّذِي أَعْقَبَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ نِسْبَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ وَالْعَبَّاسُ ابْنُ الْكِلَابِيَّةِ وَعَمْرُو ابْنُ التَّغْلِبِيَّةِ نِسْبَةً لِقَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا تَغْلِبُ بِالْمُثَنَّاةِ، وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَمِنْ الْإِنَاثِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَاَلَّتِي أَعْقَبَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَهِيَ زَيْنَبُ أُخْتُ السِّبْطَيْنِ مِنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ فَإِنَّهُ تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا عَلِيٌّ وَعَوْنٌ الْأَكْبَرُ وَعَبَّاسٌ وَمُحَمَّدٌ وَأُمُّ كُلْثُومٍ، ثُمَّ قَالَ فَجَمِيعُ أَوْلَادِ عَلِيٍّ يُقَالُ لَهُمْ مِنْ آلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ وَيَسْتَحِقُّونَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَيُقَالُ لَهُمْ أَشْرَافٌ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ الشَّرَفَ بِأَوْلَادِ السِّبْطَيْنِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ وَقْفِ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةِ؛ لِأَنَّ وَقْفَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وُقِفَ نِصْفُهُ عَلَى ذُرِّيَّةِ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ وَنِصْفُهُ عَلَى ذُرِّيَّةِ بَقِيَّةِ أَوْلَادِ عَلِيٍّ، وَكُلُّ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ وَذُرِّيَّتِهَا يُقَالُ لَهُمْ أَوْلَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذُرِّيَّتُهُ لَكِنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْهُمْ إلَّا أَوْلَادُ السِّبْطَيْنِ خَاصَّةً لِنَصِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ، وَكُلُّ أَوْلَادِ عَلِيٍّ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ لُبْسِ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ بَلْ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إذْ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ.
وَإِنَّمَا حَدَثَتْ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِأَمْرِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ شَعْبَانَ بْنِ حُسَيْنٍ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: بَلْ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ هَذَا خِلَافُ مَا فِي فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ وَنَصُّهَا سُئِلَ هَلْ يُقَالُ لِمَنْ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهُ سَيِّدٌ شَرِيفٌ وَهَلْ لَهُ تَعْلِيقُ عَلَامَةِ الشَّرَفِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْعَبَّاسِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَوْلَادِ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا لِأَوْلَادِ سَيِّدَتِنَا فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَالشَّرَفُ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِهَا الذُّكُورِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمُحْسِنٌ فَأَمَّا مُحْسِنٌ فَمَاتَ صَغِيرًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْعَقِبُ لِلْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَإِنَّمَا اُخْتُصَّا بِالشَّرَفِ هُمَا وَذُرِّيَّتِهِمَا لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا انْتِسَابُهُمَا إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ أَوْلَادِ أَقَارِبِهِ وَكَوْنُ أُمِّهِمْ أَفْضَلَ بَنَاتِهِ وَكَوْنُهَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا يَرِيبُهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا وَكَوْنُهَا أَشْبَهَ بَنَاتِهِ بِهِ فِي الْخُلُقِ، وَالْخَلْقِ حَتَّى فِي الْخَشْيَةِ وَمِنْهَا إكْرَامُهُ لَهَا حَتَّى إنَّهَا كَانَتْ إذَا جَاءَتْ إلَيْهِ قَامَ لَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ لِمَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ فِيهَا مِنْ السِّرِّ وَرُوِيَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيٍّ أَبْشِرْ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ زَوَّجَك بِهَا فِي السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ أُزَوِّجَك بِهَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ هَبَطَ عَلَيَّ مَلَكٌ مِنْ السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي فَقَالَ لِي السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ بِاجْتِمَاعِ الشَّمْلِ وَطَهَارَةِ النَّسْلِ فَمَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى هَبَطَ جِبْرِيلُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ وَضَعَ فِي يَدَيَّ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ فِيهَا سَطْرَانِ مَكْتُوبَانِ بِالنُّورِ فَقُلْت: مَا هَذِهِ الْخُطُوطُ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اطَّلَعَ إلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَكَ مِنْ خَلْقِهِ وَبَعَثَكَ بِرِسَالَتِكَ، ثُمَّ اطَّلَعَ إلَيْهَا ثَانِيًا فَاخْتَارَ مِنْهَا لَكَ أَخًا وَوَزِيرًا وَحَبِيبًا وَصَاحِبًا

(4/59)


وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالْجَمْعِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ (وَلَهُ التَّفْضِيلُ) بَيْنَ آحَادِ الثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ عَيَّنَ فُقَرَاءَ بَلْدَةٍ وَلَا فَقِيرَ بِهَا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ وَذِكْرُ الِاكْتِفَاءِ بِثَلَاثَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلَمَاءِ مَعَ ذِكْرِ التَّفْضِيلِ فِيهَا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْجَمْعِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ، وَالْفُقَرَاءِ فَ) هُوَ (كَأَحَدِهِمْ) فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِمْ فِي الْإِضَافَةِ (لَكِنْ لَا يَحْرُمُ) كَمَا يَحْرُمُ أَحَدُهُمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (أَوْ) أَوْصَى بِشَيْءٍ (لِأَقَارِبِ زَيْدٍ فَ) هُوَ (لِكُلِّ قَرِيبٍ) مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا وَارِثًا، أَوْ غَيْرَهُ (مِنْ أَوْلَادِ أَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ زَيْدٌ، أَوْ أُمُّهُ لَهُ وَيُعَدُّ) أَيْ الْجَدُّ (قَبِيلَةً) فَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ جَدٍّ فَوْقَهُ وَلَا أَوْلَادُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ حَسَنِىٍّ لَمْ يَدْخُلْ أَوْلَادُ مَنْ فَوْقَهُ وَلَا أَوْلَادُ حُسَيْنِيٍّ بِالتَّصْغِيرِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْلَادَ عَلِيٍّ (إلَّا أَبَوَيْنِ وَوَلَدًا) فَلَا يَدْخُلُونَ فِي الْأَقَارِبِ لِأَنَّهُمْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ عُرْفًا وَيَدْخُلُ الْأَجْدَادُ، وَالْأَحْفَادُ كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَزَوِّجْهُ ابْنَتَكَ فَاطِمَةَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ: أَخُوكَ فِي الدِّينِ وَابْنُ عَمِّكَ فِي النَّسَبِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَمَرَكَ بِتَزْوِيجِهَا بِعَلِيٍّ فِي الْأَرْضِ وَأَنَا أُبَشِّرُهُمَا بِغُلَامَيْنِ زَكِيَّيْنِ مُحِبَّيْنِ فَاضِلَيْنِ طَاهِرَيْنِ خَيِّرَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي ثَلَاثَةٌ إلَخْ) فَإِنْ دَفَعَ لِاثْنَيْنِ غَرِمَ لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لِأَنَّهُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ لَا الثُّلُثُ وَلَا يَصْرِفُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لِلثَّالِثِ بَلْ يُسَلِّمُهُ لِلْقَاضِي لِيَصْرِفَ لَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَرُدَّهُ الْقَاضِي إلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ هُوَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إذَا دَفَعَ لِاثْنَيْنِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَى ثَلَاثَةٍ أَمَّا إذَا ظَنَّ جَوَازَهُ لِجَهْلٍ، أَوْ اعْتِقَادِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ.
فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالدَّفْعِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ، وَإِنْ أَخْطَأَهُ وَضَمِنَاهُ قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ وَالِاسْتِرْدَادُ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمَا إذَا أَمْكَنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَلَيْسَ كَالْمَالِكِ فِي دَفْعِ زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَبَرِّعٌ بِمَالِهِ، وَالْوَصِيُّ هُنَا مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ فُقَرَاءَ بَلْدَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ عَيَّنَ عُلَمَاءَ بَلْدَةٍ أَوْ فُقَرَاءَهَا مَثَلًا وَلَا عَالِمَ، أَوْ لَا فَقِيرَ فِيهَا وَقْتَ الْمَوْتِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ اُخْتُصَّ بِالْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ قَدْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ عُلَمَاءُ بِغَيْرِ الْعُلُومِ الثَّلَاثَةِ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَا شَاةَ لَهُ وَعِنْدَهُ ظِبَاءٌ حَيْثُ تُحْمَلُ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ لِلْوَصِيَّةِ أَهْلَ مَحَلٍّ صُرِفَ لَهُمْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ اتَّفَقَ وُجُودُهُمْ فِيهِ، وَإِنْ بَعُدَ.
(فَرْعٌ) : وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ أَوْصَى لِلْأَوْلِيَاءِ هَلْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَتُدْفَعُ لِلْأَصْلَحِ أَوْ تَلْغُو فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنَّهُ إنْ وُجِدَ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْوَلِيِّ بِأَنَّهُ الْمُلَازِمُ لِلطَّاعَةِ التَّارِكُ لِلْمَعْصِيَةِ الْغَيْرُ الْمُنْهَمِكِ عَلَى الشَّهَوَاتِ أُعْطِيَ الْمُوصَى بِهِ، وَإِلَّا لَغَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْوَلِيِّ فِي بَلَدِ الْمُوصِي بَلْ حَيْثُ وُجِدَ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْوَلِيِّ فِي أَيِّ مَحَلٍّ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ بَلَدِ الْمُوصِي أُعْطِيَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ هُنَا إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْمَالِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ لِجَوَازِ التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمْ وَلَوْ وَصَفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِمْ كَزَيْدٍ الْكَاتِبِ وَالْفُقَرَاءِ، أَوْ قَرَنَهُ بِمَحْصُورٍ كَأَوْلَادِ فُلَانٍ كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ، وَيَصْرَفُ النِّصْفُ الثَّانِي فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ وَلَوْ قَرَنَهُ بِمَا لَا يَمْلِكُ وَهُوَ مُفْرَدٌ كَزَيْدٍ وَالرِّيحِ، أَوْ زَيْدٍ وَجِبْرِيلَ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ الثَّانِي وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَلَوْ كَانَ جَمْعًا كَالرِّيَاحِ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالْبَهَائِمِ، وَالْجُدْرَانِ كَانَ كَمَا لَوْ قَالَ زَيْدٌ وَالْفُقَرَاءُ فَيُعْطَى أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عَدَاهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فِي الْإِضَافَةِ) أَيْ فِي ضَمِّهِ إلَيْهِمْ فَالْمُرَادُ الْإِضَافَةُ اللُّغَوِيَّةُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ) وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا دُونَ سَابِقِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فَلِكُلِّ قَرِيبٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِكُلِّ قَرِيبٍ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ عَبْدًا كَانَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهُ مِمَّا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ النَّاشِرِيِّ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ أَخَذَ الْكُلَّ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِكُلِّ قَرِيبٍ إلَخْ) وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَثُرُوا وَشَقَّ اسْتِيعَابُهُمْ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَنْحَصِرُوا فَكَالْعَلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَصْرِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذْكَرُ عُرْفًا شَائِعًا لِإِرَادَةِ جِهَةِ الْقُرْبَةِ فَعَمَّ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قَرِيبٌ صُرِفَ لَهُ الْكُلُّ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِكَوْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ جَمْعًا وَاسْتَوَى الْأَبْعَدُ مَعَ غَيْرِهِ مَعَ كَوْنِ الْأَقَارِبِ جَمْعَ أَقْرَبَ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُعَدُّ قَبِيلَةً) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ أَيْ ذَلِكَ الْجَدِّ قَبِيلَةً اهـ، وَأَمَّا الْجَدُّ فَأَبُو الْقَبِيلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وَيُعَدُّ الْجَدُّ أَبَا قَبِيلَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ مَنْ فَوْقَهُ) أَيْ مَنْ فَوْقَ الْحَسَنِيِّ كَأَوْلَادِ عَقِيلٍ وَأَوْلَادِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ عُرْفًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا يُنَافِي تَسْمِيَتَهُمْ أَقَارِبَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر.
(تَنْبِيهٌ) : آلُ الرَّجُلِ أَقَارِبُهُ؛ وَأَهْلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَأَهْلُ بَيْتِهِ أَقَارِبُهُ وَزَوْجَتُهُ، وَآبَاؤُهُ أُصُولُهُ الذُّكُورُ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ، وَأُمَّهَاتُهُ أُصُولُهُ الْإِنَاثُ كَذَلِكَ، وَالْأَحْمَاءُ أُمَّهَاتُ الزَّوْجِ، وَالْأَصْهَارُ وَالْأَحْمَاءُ، وَالْأُخْتَانِ، وَالْمَحْرَمُ مَنْ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ، وَالْمَوْلَى مَا فِي الْوَقْفِ.
(فَائِدَةٌ) : النَّاسُ غِلْمَانٌ وَصِبْيَانٌ وَأَطْفَالٌ وَذَرَارِيُّ إلَى الْبُلُوغِ، ثُمَّ شُبَّانٌ وَفِتْيَانٌ إلَى الثَّلَاثِينَ ثُمَّ كُهُولٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ شُيُوخٌ كَذَا

(4/60)


أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ وَيَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ قَرِيبُ الْأُمِّ كَمَا فِي وَصِيَّةِ الْعَجَمِ وَقَدْ شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا يَفْتَخِرُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ.

(أَوْ) أَوْصَى (لِأَقْرَبِ أَقَارِبِهِ فَ) هُوَ (لِذُرِّيَّتِهِ) وَإِنْ نَزَلَتْ وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ (قُرْبَى فَقُرْبَى) فَيُقَدَّمُ وَلَدُ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ (فَأُبُوَّةٍ فَأُخُوَّةٍ) وَلَوْ مِنْ أُمٍّ (فَبُنُوَّتِهَا) مِنْ زِيَادَتِي أَيْ بُنُوَّةِ الْأُخُوَّةِ (فَجُدُودَةٍ) مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى نَظَرًا فِي الذُّرِّيَّةِ إلَى قُوَّةِ إرْثِهَا وَعُصُوبَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي الْأُخُوَّةِ إلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ وَتُقَدَّمُ أُخُوَّةُ الْأَبَوَيْنِ عَلَى أُخُوَّةِ الْأَبِ، ثُمَّ بَعْدَ مَنْ ذُكِرَ الْعُمُومَةُ، وَالْخُؤُولَةُ، ثُمَّ بُنُوَّتُهُمَا لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ يُقَدَّمُ الْعَمُّ، وَالْعَمَّةُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ، وَالْخَالُ، وَالْخَالَةُ عَلَى جَدِّ الْأُمِّ وَجَدَّتِهَا انْتَهَى وَكَالْعَمِّ فِي ذَلِكَ ابْنُهُ كَمَا فِي الْوَلَاءِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَقْدِيمِ الْأُبُوَّةِ عَلَى الْأُخُوَّةِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِأُخُوَّةٍ وَجُدُودَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَخٍ وَجَدٍّ (وَلَا يُرَجَّحُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ) فَيَسْتَوِي أَبٌ وَأُمٌّ وَابْنٌ وَبِنْتٌ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْقُرْبِ وَيُقَدَّمُ وَلَدُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ ابْنِ ابْنٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ (أَوْ) أَوْصَى (لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ) أَوْ لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ نَفْسِهِ (لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ) إذْ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً فَيَخْتَصُّ بِالْوَصِيَّةِ الْبَاقُونَ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ مَعَ بَيَانِ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ.
(تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعَ) كَمَا تَصِحُّ بِالْأَعْيَانِ مُؤَبَّدَةً وَمُؤَقَّتَةً وَمُطْلَقَةً، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (فَيَدْخُلُ) فِيهَا (كَسْبٌ مُعْتَادٌ) كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَأُجْرَةِ حِرْفَةٍ بِخِلَافِ النَّادِرِ كَهِبَةٍ وَلُقَطَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَفِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ يَشْمَلُ الْأَبَ، وَالْجَدَّ، وَالْفَرْعَ يَشْمَلُ الْوَلَدَ وَوَلَدَهُ وَلَيْسَ هَذَا الشُّمُولُ مُرَادًا كَمَا عُرِفَ مِنْ كَلَامِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْأَصْلِ بِاعْتِبَارِ حِكَايَةِ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ أَيْ الْمُوصَى لَهُمْ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فِي الْمَتْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَوْصَى عَرَبِيٌّ لِأَقَارِبِ زَيْدٍ مَثَلًا اهـ ح ل فَقَوْلُهُ: فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَنَبَّهَ عَلَى هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلِكُلِّ قَرِيبٍ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَقْرَبِ أَقَارِبِهِ) وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ الْأَصْلُ، وَالْفَرْعُ رِعَايَةً لِوَصْفِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمُقْتَضِي لِزِيَادَةِ الْقُرْبِ، أَوْ قُوَّةِ الْجِهَةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِيهَا) اُنْظُرْ تِلْكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ عَصَبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا فِي آبَائِهِمْ فَلَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الْقُوَّةِ لِلْبُنُوَّةِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْجُدُودَةِ فَفِيهَا التَّعْصِيبُ فِي الْجُمْلَةِ فَلْيُحَرَّرْ الْمَقَامُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ أُخُوَّةُ الْأَبَوَيْنِ) عَلَى أُخُوَّةِ الْأَبِ، وَالْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الْأَخِ لِلْأُمِّ مُسْتَوِيَانِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ بَعْدَ مَنْ ذُكِرَ الْعُمُومَةُ، وَالْخُؤُولَةُ اهـ عَنَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً) وَقِيلَ يَدْخُلُونَ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ جَمِيعُ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ إجَازَةُ نَفْسِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَلَوْ قِيلَ يَدْخُلُ وَيُعْطَى نَصِيبَهُ كَانَ أَوْجَهَ وَأَنْسَبَ بِمَا لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تِلْكَ لَا يَدْخُلُ، أَوْ يَدْخُلُ وَيَبْطُلُ نَصِيبُهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ مَعَ بَيَانِ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ]
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ إلَخْ) (قَوْلُهُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَنَافِعَ إلَخْ) .
قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ مَا نَصُّهُ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِدَرَاهِمَ يَتَّجِرُ فِيهَا الْوَصِيُّ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحِهَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لَا يُسَمَّى غَلَّةً وَلَا مَنْفَعَةً لِلْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِزَوَالِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا وَأَعَادَهَا الْوَارِثُ بِآلَتِهَا عَادَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ وَأَعَادَهَا الْوَارِثُ بِآلَتِهَا أَيْ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فِي إعَادَتِهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بِغَيْرِ آلَتِهَا عَدَمُ عَوْدِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بِآلَتِهَا وَغَيْرِهَا لَا تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ تُقْسَمَ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَهُمَا بِالْمُحَاصَّةِ فِي هَذِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمُؤَقَّتَةً) أَيْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، أَوْ حَيَاةِ زَيْدٍ فَهُوَ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ وَمَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِهِ مُدَّةً فَيُرْجَعُ لِتَعْيِينِ الْوَارِثِ قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ) وَحَيْثُ أَبَّدَهَا وَلَوْ ضِمْنًا كَانَ تَمْلِيكًا فَتُورَثُ عَنْهُ وَكَذَا إنْ أَقَّتَهَا بِنَحْوِ سَنَةٍ، وَأَمَّا لَوْ أَقَّتَهَا بِنَحْوِ حَيَاتِهِ فَهِيَ إبَاحَةٌ لَا تُورَثُ عَنْهُ وَكَذَا تَكُونُ إبَاحَةً إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَنْ يَسْكُنَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَاهَا فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِوَطْئِهِ لِلْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا وَيُحَدُّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ لِلْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ اهـ ح ل وَلَوْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ الْوَارِثُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ رَقِيقًا وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَارِثِ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَرْهُونَةِ حَيْثُ حَرُمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا أَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ الْعُلْقَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا.
وَلَوْ أَحْبَلَهَا الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَثْبُتْ اسْتِيلَادُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا لِلشُّبْهَةِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ

(4/61)


لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَمَهْرٌ) بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَقِيلَ إنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا فَلَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهَا بِالْوَصِيَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَهُوَ الْأَشْبَهُ (وَالْوَلَدُ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا أَمَةً كَانَتْ، أَوْ غَيْرَهَا وَكَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (كَأُمِّهِ) فِي أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْبَدَنِ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لَهُمْ وَلَوْ عُيِّنَتْ الْمَنْفَعَةُ كَخِدْمَةِ قِنٍّ، أَوْ كَسْبِهِ، أَوْ غَلَّةِ دَارٍ، أَوْ سُكْنَاهَا لَمْ يُسْتَحَقَّ غَيْرُهَا كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ عَمَلُ الْحَدَّادِينَ، وَالْقَصَّارِينَ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُوصِيَ أَرَادَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، وَالْمُزَوِّجُ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْوَارِثُ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مَالِكَ الرَّقَبَةِ يَتَضَرَّرُ بِتَعَلُّقِ مُؤَنِ النِّكَاحِ بِأَكْسَابِ الزَّوْجِ النَّادِرَةِ وَهِيَ لِمَالِكِ رَقَبَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فَمَا فِي الْوَسِيطِ مِنْ اسْتِقْلَالِ الْمُوصَى لَهُ بِتَزْوِيجِ الْعَبْدِ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَكْسَابِهِ النَّادِرَةِ، أَوْ عَلَى رَأْيٍ مِنْ أَنَّ أَكْسَابَهُ الْمَذْكُورَةَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَمَّا كَانَتْ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَانَ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَهُ نُزِّلَ الْوَارِثُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ مِلْكُهُ لِلرَّقَبَةِ شُبْهَةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ اهـ وَقَوْلُهُ: كَخِدْمَةِ قِنٍّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْخِدْمَةِ الْمُعْتَادَةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ فِيهِ اهـ وَقَوْلُهُ: ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُنْثَى بِأَنْ يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ فَيَتَوَلَّى تَزْوِيجَهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَالْمُرَادُ بِتَزْوِيجِهِ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْوَارِثِ، وَالْمُوصَى لَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ، وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ وَأَذِنُوا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إنْ انْحَصَرُوا، وَإِلَّا فَبِإِذْنِ النَّاظِرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النِّكَاحِ مَعَ زِيَادَةٍ جَلِيلَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَوَجَبَ مَالٌ وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي فَإِنْ لَمْ يَفِ بِكَامِلٍ فَشِقْصٌ، وَالْمُشْتَرِي الْوَارِثُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ الْحَاكِمُ بِأَنَّ الْوَارِثَ هُنَا مَالِكٌ لِلْأَصْلِ فَكَذَا بَدَلُهُ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ فِي الْبَدَلِ فَتَعَيَّنَ الْحَاكِمُ وَيُبَاعُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي الْجِنَايَةِ إذَا جَنَى وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَدَى اهـ شَرْحُ م ر وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ مِنْ قَاتِلِهِ انْتَهَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ مَاتَ، أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَبَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا.
فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ بِعَفْوٍ، أَوْ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُهُ اشْتَرَى بِهِ مِثْلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْوَارِثِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَالْأَرْشُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ بَاقٍ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَمَقَادِيرُ الْمَنْفَعَةِ لَا تَنْضَبِطُ وَلِأَنَّ الْأَرْشَ بَدَلُ بَعْضِ الْعَيْنِ، وَإِنْ جَنَى عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إذَا لَمْ يَفْدِيَاهُ فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ اشْتَرَى بِالزَّائِدِ مِثْلَهُ فَإِنْ فَدَيَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ غَيْرُهُمَا عَادَ كَمَا كَانَ وَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَقَطْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ) مِنْ ذَلِكَ لَبَنُ الْأَمَةِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ فَلَهُ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْ سَقْيِ وَلَدِهَا الْمُوصَى بِهِ لِآخَرَ بِغَيْرِ اللِّبَأِ أَمَّا هُوَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ سَقْيِهِ لِلْوَلَدِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُدْرَكُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَيُجَابُ عَنْ تَوْجِيهِهِ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا أَيْ اسْتِقْلَالًا وَهِيَ هُنَا تَابِعَةٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ حَامِلًا بِهِ إلَخْ) فَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ، وَالْمَوْتِ سَوَاءٌ وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ لَا فَرَقَبَتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْوَارِثِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي سم: خَرَجَ مَا إذَا حَمَلَتْ بِهِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَمَوْتِ الْمُوصِي وَيَقْرُبُ أَنَّهُ لَيْسَ كَأُمِّهِ بَلْ هُوَ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِيَنْدَرِجَ فِيهَا وَلَا حَدَثَ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ) : لَوْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ الْأَمَةُ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ بِحُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ وَعَتَقَ كَانَ أَوْلَادُهَا أَرِقَّاءَ وَلَمْ يَجُزْ لِلْحُرِّ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِشَرْطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ.
(فَرْعٌ) : الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا هَلْ يَجُوزُ وَقْفُهُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر، وَالْفُضَلَاءُ اهـ وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ فَأَعْتَقَهَا مَالِكُهَا لَمْ يَعْتِقْ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ صَارَ كَالْمُسْتَقِلِّ، أَوْ بِمَا تَحْمِلُهُ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ وَلَوْ بِحُرٍّ فَأَوْلَادُهَا أَرِقَّاءُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ يَمْنَعُ سَرَيَانَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ ادَّعَى الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ انْعِقَادُهُمْ أَحْرَارًا وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَهُمْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ إذْ مُدَّعَاهُ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِمْ الْآتِي فِي الْعِتْقِ: إنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ بِوَصِيَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُعْتِقْ الْأُمَّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَأُمِّهِ) أَمَّا وَلَدُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ فَلَيْسَ

(4/62)


وَرَقَبَتَهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا (وَعَلَى مَالِكٍ) لِلرَّقَبَةِ (مُؤْنَةُ مُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ) وَلَوْ فِطْرَةً، أَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُؤَبَّدَةً؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِإِعْتَاقٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَالِكِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَارِثِ لِشُمُولِهِ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الْآخَرِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُؤْنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنَّفَقَةِ (وَلَهُ إعْتَاقُهُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهِ لَكِنْ لَا يُعْتِقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَا يُكَاتِبُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا (وَ) لَهُ (بَيْعُهُ لِمُوصًى لَهُ) مُطْلَقًا (وَكَذَا لِغَيْرِهِ إنْ أَقَّتَ) الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ (بِ) مُدَّةٍ (مَعْلُومَةٍ) كَمَا قَيَّدَ بِهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَّدَهَا صَرِيحًا، أَوْ ضِمْنًا، أَوْ قَيَّدَهَا بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ إنْ اجْتَمَعَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ ثَالِثٍ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ وَقَوْلِي بِمَعْلُومَةٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ كُلُّهَا) أَيْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَهَا فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشَرَةً، اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ مِائَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
كَهُوَ بَلْ هُوَ كَأُمِّهِ رِقًّا وَحُرِّيَّةً اهـ حَجّ اهـ سم وَمَنَافِعُهُ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَلَهُ نَفْسُهُ إنْ كَانَ حُرًّا.
(قَوْلُهُ: وَرَقَبَتُهُ لِلْمَالِكِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ زِنًا بِخِلَافِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، أَوْ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ حُرٌّ وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِأَمَتِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ يَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوْلَدَهَا الْوَارِثُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَالِكٍ لِلرَّقَبَةِ مُؤْنَةُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ) وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُعْتِقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَتَقَ مَجَّانًا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِنَفَقَةٍ، أَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِذَلِكَ صَحَّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا وَكِتَابَتُهُ لِعَدَمِ عَجْزِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَتَأَمَّلْهُ وَكَالْكَفَّارَةِ النَّذْرُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّهُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ اهـ تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْأَبَدِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ لِانْتِهَاءِ مِلْكِ مَنَافِعِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ وَخَالَفَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ وَالْبُسْتِيُّ فَقَالَا: لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ؛ إذْ لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ اسْتِغْرَاقَ الْمَنَافِعِ اهـ شَرْحُ م ر وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ رَقَبَتَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلَا تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ مَنَافِعَهُ لَهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا أَنَّ مَنَافِعَهُ تَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ فَلْيُحَرَّرْ وَكَتَبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ: تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا أَيْ فَتَبْقَى مَنَافِعُ الْأَمَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِهَا وَكَذَا مَنَافِعُ أَوْلَادِهَا الْحَادِثِينَ بَعْدَ عِتْقِهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) وَمُؤْنَتُهُ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَهُ بَيْعُهُ لِمُوصًى لَهُ إلَخْ) وَلِصَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ بَيْعُهَا لِوَارِثِ الْمُوصَى وَلِغَيْرِهِ مُطْلَقًا كَبَيْعِ حَقِّ الْمَمَرِّ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي شَرْحِ م ر وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِمُوصًى لَهُ مُطْلَقًا) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ مِنْ أَنَّهُمَا يَبِيعَانِهِ لِثَالِثٍ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ ضِمْنًا) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ فَهِيَ مُؤَبَّدَةٌ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَصَّصَ الْمَنْفَعَةَ الْمُوصَى بِهَا كَأَنْ أَوْصَى بِكَسْبِهِ دُونَ غَيْرِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ فَيَتَّبِعُ الرَّقَبَةَ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: ظَاهِرَةٌ أَيْ وَإِلَّا فَفِيهِ الْأَكْسَابُ النَّادِرَةُ وَهِيَ فَائِدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ) زَادَهَا عَلَى الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ فَائِدَةَ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ وَفَارَقَ مَا هُنَا صِحَّةَ بَيْعِ الزَّمِنِ لِغَرَضِ الْعِتْقِ بِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي الزَّمِنِ غَيْرُ الْعِتْقِ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَيْ الْقِيَاسُ عَلَى حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بِالنِّسْبَةِ عَلَى قِيمَتَيْ الرَّقَبَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عِشْرِينَ فَلِمَالِكِ الرَّقَبَةِ خُمُسُ الثَّمَنِ وَلِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ تَرَاضَيَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِنَّيْنِ مَثَلًا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ فَقَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّقْوِيمِ لَا إلَى غَايَةٍ بِخِلَافِ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ تَابِعٌ فَسُومِحَ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ أَبَّدَ) وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ مِائَةً) فَإِنْ وَفَّى بِهَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يُوَفِّ إلَّا بِنِصْفِهَا صَارَ نِصْفُ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ، وَالْأَوْجَهُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهَا أَنَّهُمَا يَتَهَايَآنِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَرَّرَ شَيْخُنَا فَقَالَ: قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ مِائَةً فَإِنْ خَرَجَتْ فَذَاكَ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فِي بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ فَتَقَعُ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ اهـ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ مِائَةً) لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَهُ

(4/63)


(وَإِلَّا) بِأَنْ أَقَّتَهَا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ (حُسِبَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ (مَا نَقَصَ) مِنْهَا فِي تَقْوِيمِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثَمَانِينَ فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجٍّ) وَلَوْ نَفْلًا بِنَاءً عَلَى دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ (وَيَحُجُّ) عَنْهُ (مِنْ مِيقَاتِهِ) عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِ إنْ قَيَّدَ وَحَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا إنْ أَطْلَقَ (إلَّا إنْ قَيَّدَ بِأَبْعَدَ) مِنْهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلَدِهِ (فَ) يَحُجُّ (مِنْهُ) عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَبَيْنَ الْعَشَرَةِ دَائِمًا وَأَبَدًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَقَّتَهَا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) وَتَتَقَيَّدُ بِمَا عَيَّنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَوْتِ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ سَنَةً مَثَلًا تَعَيَّنَ اتِّصَالُهَا بِالْمَوْتِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ فَلَوْ مَضَتْ، ثُمَّ قَبِلَ رَجَعَ بِمُقَابِلِهَا عَلَى مَنْ اسْتَوْفَاهَا وَرَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَارِثِ عَقِبَهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ) فَإِنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثُ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا كَأَنْ وَفَّى بِنِصْفِهَا فَكَمَا مَرَّ فِي الْمُؤَبَّدَةِ اهـ م ر وَكَيْفَ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ وَهِيَ تُسَاوِي ثَمَانِينَ بِدُونِ الْمَنْفَعَةِ فَالْعِشْرُونَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُصَوَّرُ كَلَامُ م ر بِمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَفْلًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ، أَوْ عُمْرَتِهِ، أَوْ هُمَا فِي الْأَظْهَرِ وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ إنَّمَا دَخَلَتْ فِي الْفَرْضِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّطَوُّعِ وَيَجُوزُ كَوْنُ أَجِيرِ التَّطَوُّعِ لَا الْفَرْضِ وَلَوْ نَذْرًا قِنًّا وَمُمَيِّزًا وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِتَطَوُّعٍ أَوْصَى بِهِ إلَّا كَامِلٌ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَيَحُجُّ عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِهِ) أَيْ إنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْ الْمِيقَاتِ بَطَلَتْ وَعَادَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي أَلْحَقَهَا بِالتَّطَوُّعِ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ وَبِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِئْجَارُ مَنْ هُوَ دُونَ الْمِيقَاتِ بِمَا يَفِي بِهِ وَبِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَا إسَاءَةَ لِلْمُجَاوَزَةِ فِي هَذِهِ لِلْعُذْرِ وَبِأَنَّ الْإِسَاءَةَ لَا تُبْطِلُ الْحَجَّ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ ذَكَرَ الْبُطْلَانَ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إلَّا إذَا كَانَ الْقَدْرُ لَا يَفِي بِأُجْرَةِ مَنْ يَحُجُّ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَحَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا إنْ أَطْلَقَ) هَذَا رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ الْغَالِبُ التَّجْهِيزُ لِلْحَجِّ مِنْهُ وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ الْإِحْرَامَ مِنْهُ اهـ مِنْ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ) بِبَلَدِهِ، وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ مَا هُوَ بَيْنَ بَلَدِهِ وَالْمِيقَاتِ لَغَا وَيُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَيَحُجُّ عَنْهُ عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِ) أَيْ فَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَلَا دَمَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ قَوْلِهِ إلَّا إنْ قَيَّدَ بِأَبْعَدَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ أَيْ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ مَحَلٍّ أَبْعَدَ مِنْهُ وَدُونَ الَّذِي عَيَّنَهُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ هَذَا إنْ وَفَى ثُلُثُهُ بِالْحَجِّ مِمَّا عَيَّنَهُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَفِي نَعَمْ لَوْ لَمْ يَفِ بِمَا يُمْكِنُ الْحَجُّ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ أَيْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْحَجِّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَادَتْ لِلْوَرَثَةِ قَطْعًا لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ انْتَهَتْ وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ق ل. وَمُحَصَّلُهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ الْمِيقَاتِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَفِي سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ لَوْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا الْحَجَّ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ هَلْ يَبْطُلُ الْإِيصَاءُ؟
فِي حَجّ النَّفَلُ فِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ الصِّحَّةُ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كحج بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ قَطْعًا وَيَعُودُ الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَبَعَّضُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ لَيْسَ بَعْضًا مِنْ الْحَجِّ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ وَاجِبٌ فِيهِ فَلَا يَأْتِي هَذَا التَّعْلِيلُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا رَجَعَ عَنْهُ وَمَشَى عَلَى الصِّحَّةِ خِلَافًا لحج اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ) مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا قَالَ: حُجُّوا عَنِّي مِنْ ثُلُثِي فَإِنْ قَالَ بِثُلُثِي فُعِلَ مَا يُمْكِنُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ فَضَلَ مَا لَا يُمْكِنُ الْحَجُّ بِهِ فَهُوَ لِلْوَارِثِ وَلَوْ عَيَّنَ شَيْئًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكْفِ إذْنُ الْوَرَثَةِ أَيْ وَلَا إذْنُ الْمُوصِي لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا مَحْضُ وَصِيَّةٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ كَالْإِجَارَةِ.
وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِكَذَا لَمْ يَجُزْ نَقْصُهُ عَنْهُ حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَصِيُّ بِدُونِهِ، أَوْ وُجِدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِظُهُورِ إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَالتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.
وَإِلَّا جَازَ نَقْصُهُ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ وَارِثًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِأَلْفٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ الْأَلْفُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ وَسِعَهَا الثُّلُثُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَإِلَّا يُوقَفُ الزَّائِدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْإِجَازَةِ وَلَوْ حَجَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، أَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ الْمُعَيَّنَ بِمَالِ نَفْسِهِ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ، أَوْ صِفَتِهِ رَجَعَ الْقَدْرُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي لِوَرَثَتِهِ وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهَا أُجْرَةُ الْأَجِيرِ مِنْ مَالِهِ.
وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ فَوُجِدَ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهِ جَازَ إحْجَاجُهُ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ الصَّحِيحُ

(4/64)


وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فِي حَجِّ الْفَرْضِ.
(وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ (إلَّا إنْ قَيَّدَ بِالثُّلُثِ فَمِنْهُ) عَمَلًا بِتَقْيِيدِهِ وَفَائِدَتُهُ مُزَاحَمَةُ الْوَصَايَا فَإِنْ لَمْ يَفِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ مَا يَخُصُّهُ كَمَّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَكَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ كُلُّ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَعُمْرَةٍ وَزَكَاةٍ فَإِنْ كَانَ نَذْرًا فَإِنْ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ فَكَذَلِكَ، أَوْ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ (وَلِغَيْرِهِ) مِنْ وَارِثٍ وَغَيْرِهِ (أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَرْضًا) مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ حَجِّ النَّفْلِ لَا يَفْعَلُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَقِيلَ لِلْوَارِثِ فِعْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلِغَيْرِهِ فِعْلُهُ بِإِذْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وُجُوبُ صَرْفِ الْجَمِيعِ لَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ سَابِقًا مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَادَةً، وَالثَّانِي عَلَى مَا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا وَلَوْ عَيَّنَ الْأَجِيرَ فَقَطْ أُحِجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ إنْ رَضِيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ شَخْصًا فِي سَنَةٍ فَأَرَادَ التَّأْخِيرَ إلَى قَابِلٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُوصِي عَاصِيًا لِتَأْخِيرِهِ مُتَهَاوِنًا حَتَّى مَاتَ أُنِيبَ غَيْرُهُ رَفْعًا لِعِصْيَانِ الْمَيِّتِ وَلِوُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْإِنَابَةِ عَنْهُ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ حَجِّهِ؛ لِأَنَّهَا كَالتَّطَوُّعِ وَلَوْ امْتَنَعَ أَصْلًا وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا أُحِجَّ غَيْرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ وَلَوْ فِي التَّطَوُّعِ وَفِيمَا إذَا عَيَّنَ قَدْرًا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَمِقْدَارُ أَقَلِّ مَا يُوجَدُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ حَجِّهِ مِنْ الْمِيقَاتِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالزَّائِدِ مِنْ الثُّلُثِ وَحَيْثُ اسْتَأْجَرَ وَصِيٌّ أَوْ وَارِثٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ امْتَنَعَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لِلْمَيِّتِ فَلَمْ يَمْلِكْ أَحَدٌ إبْطَالَهُ وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ عَلَى مَا إذَا انْتَفَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِقَالَةِ، وَإِلَّا كَأَنْ عَجَزَ الْأَجِيرُ، أَوْ خِيفَ حَبْسُهُ، أَوْ فَلَسُهُ، أَوْ قِلَّةُ دِيَانَتِهِ جَازَتْ قَالَ الزَّبِيلِيُّ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ إلَّا إنْ رُئِيَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْبَصْرَةِ مَثَلًا وَقَالَ: حَجَجْتُ، أَوْ اعْتَمَرْتُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فِي حَجِّ الْفَرْضِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ بِحَجٍّ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا ذَكَرَ حَجَّ التَّطَوُّعِ فَقَطْ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا، أَوْ لَا اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ لَمْ يَفِ الْمَالُ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَجَبَ مِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا هُنَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِلْحَاقِ السَّابِقِ عَنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ قَبْلَ مَوْتِهِ تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ وَسِعَهُ الْمَالُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِمَّا دُونَهُ، وَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ، وَإِذَا لَمْ يَفِ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ بِالْمِيقَاتِ كَمَّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا يَفِي بِهَا مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ مَعَ ذَلِكَ عَنْهُ فَمِنْ دُونِهِ كَمَا مَرَّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ) أَيْ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالثُّلُثِ مَعَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفِ كَمَّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُزَاحَمَةُ الْحَجِّ لِلْوَصَايَا وَقَوْلُهُ: مَا يَخُصُّهُ أَيْ مَا يَخُصُّ الْحَجَّ مِنْ الثُّلُثِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُزَاحَمَةُ الْوَصَايَا) أَيْ وَالرِّفْقُ بِالْوَرَثَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصَايَا أُخَرُ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَصِّهِ عَلَى الثُّلُثِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَمَّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَقَدْ يَلْزَمُ الدَّوْرُ وَهُوَ تَوَقُّفُ كُلٍّ مِنْ شَيْئَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهُنَا يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ مَا تَتِمُّ الْحَجَّةُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي لِتُعْرَفَ حِصَّةُ الْوَاجِبِ مِنْهُ، وَيَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ ثُلُثِ الْبَاقِي عَلَى مَعْرِفَةِ مَا تَتِمُّ بِهِ وَلِاسْتِخْرَاجِهِ طُرُقٌ مِنْهَا طَرِيقُ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ. مِثَالُهُ:
أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْأُجْرَةُ لَهَا مِائَةٌ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ فَافْرِضْ مَا تَتِمُّ بِهِ أُجْرَةُ الْحَجِّ شَيْئًا يَبْقَى ثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا أَخْرِجْ مِنْهَا ثُلُثَهَا وَهُوَ مِائَةٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ اقْسِمْهُ بَيْنَ الْحَجِّ وَزَيْدٍ مُنَاصَفَةً فَيَخُصَّ الْحَجَّ خَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ يُضَمُّ إلَيْهَا الشَّيْءُ الْمُخْرَجُ فَخَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ مِائَةَ الْأُجْرَةِ فَخُمُسَا الشَّيْءِ سِتُّونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَنِصْفُ ثُلُثِ الْبَاقِي أَرْبَعُونَ فَهِيَ مِائَةٌ قَدْرُ الْأُجْرَةِ كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَرَاجِعْهُ، وَالْوَجْهُ فِي كَيْفِيَّةِ الدَّوْرِ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْرِفَةَ الْقَدْرِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الْحَجَّةُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَخُصُّهَا مِنْ الثُّلُثِ وَمَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إخْرَاجِ الْقَدْرِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَخَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ إلَخْ صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ فَخَمْسُونَ وَشَيْءٌ وَسُدُسُ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِائَةً وَسُدُسَ شَيْءٍ، وَيُطْرَحُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ خَمْسُونَ وَسُدُسُ شَيْءٍ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَخُمُسَا الشَّيْءِ سِتُّونَ صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: فَالشَّيْءُ سِتُّونَ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ إذَا أُزِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا يَجْبُرُهَا بِسُدُسٍ مِنْ الشَّيْءِ الْمُنْضَمِّ لَهَا عَلَى كَلَامِهِ صَارَتْ خَمْسِينَ وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تُعَادِلُ الْمِائَةَ فَيُطْرَحُ مِنْ الْمِائَةِ خَمْسُونَ لِمُسَاوَاتِهَا الْخَمْسِينَ الْمَعْلُومَةَ فَيَبْقَى مِنْهَا خَمْسُونَ تُقَابِلُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الشَّيْءِ الْبَاقِيَةَ فَسُدُسُ الشَّيْءِ عَشَرَةٌ فَالشَّيْءُ الْكَامِلُ سِتُّونَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. .
(قَوْلُهُ: أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَرْضًا) أَيْ وَلَوْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْهَا الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْهُ إلَّا وَاجِبَةً فَأُلْحِقَتْ بِالْوَاجِبِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَرْضًا) وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ التَّطَوُّعَ الَّذِي أَفْسَدَهُ الْمَيِّتُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْفَرْضِ صِحَّةُ حَجِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَفْسَدَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى فِعْلِ الْوَارِثِ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْضَ وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ كَحَجَّةِ

(4/65)


الْوَارِثِ وَكَحَجِّ الْفَرْضِ فِيمَا ذُكِرَ عُمْرَةُ الْفَرْضِ وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ وَقَوْلِي وَلِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ وَقَوْلِي فَرْضًا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَيُؤَدِّي وَارِثٌ عَنْهُ) مِنْ التَّرِكَةِ وُجُوبًا وَمِنْ مَالِهِ جَوَازًا، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَرِكَةٌ (كَفَّارَةً مَالِيَّةً) مُرَتَّبَةً وَمُخَيَّرَةً بِإِعْتَاقٍ وَبِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَهُلَ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ فِي الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا (وَكَذَا) يُؤَدِّيهَا (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَارِثِ (مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ) مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِاجْتِمَاعِ بُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبُعْدِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْهُ فِي الْمُرَتَّبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي الْمُخَيَّرَةِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْإِسْلَامِ عَمَّنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِطَاعَةِ صَحِيحٌ مِنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ النَّفَلَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا عُلِمَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الْوَارِثِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ وَقِيَاسُ الصَّوْمِ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْقَرِيبِ بِالْأَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ وَلَوْ فَرْضًا، أَوْ أَوْصَى بِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِلْأَجْنَبِيِّ فَضْلًا عَنْ الْوَارِثِ الَّذِي بِأَصْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ الْخِلَافُ بِالْأَجْنَبِيِّ الشَّامِلِ هُنَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ الْحَجَّ الْوَاجِبَ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْهَا الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقَعُ عَنْهُ إلَّا وَاجِبَةً فَأُلْحِقَتْ بِالْوَاجِبِ بِغَيْرِ إذْنِهِ - يَعْنِي الْوَارِثَ - فِي الْأَصَحِّ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ بِخِلَافِ حَجِّ التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ عَنْهُ مِنْ وَارِثٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ إلَّا بِإِيصَائِهِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِلِافْتِقَارِ إلَى النِّيَّةِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّوْمِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِمْدَادُ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الضَّمِيرَ لِلْوَارِثِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ الْوَارِثُ، وَالْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ قَطْعًا، وَيَصِحُّ بَقَاءُ السِّيَاقِ بِحَالِهِ مِنْ عَوْدِهِ أَيْ الضَّمِيرِ لِلْمَيِّتِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ إذْنَ وَارِثِهِ أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْحَاكِمِ فِي نَحْوِ الْقَاصِرِ قَائِمٌ مَقَامَ إذْنِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَكَحَجِّ الْفَرْضِ فِيمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَصِحَّةِ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَكَحَجِّ الْفَرْضِ فِيمَا ذُكِرَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَكَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ كُلُّ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَعُمْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَاكَ فِي كَوْنِهِ مَحْسُوبًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا فِي كَوْنِ الْغَيْرِ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ) فَلِلْغَيْرِ أَنْ يَفْعَلَ الْعُمْرَةَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ وَالدَّيْنَ كَذَلِكَ اهـ ح ل وَقَوْلُ الشَّارِحِ " وَالدَّيْنِ " مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ اهـ ح ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ لَا يُقَالُ أَدَاءُ الدَّيْنِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا كَقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ بَلْ هُوَ مُكَرَّرٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا لِيُقَاسَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَثَانِيًا تَتْمِيمًا لِلْمُلْحَقِ بِالْحَجِّ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ فَاخْتَلَفَ الْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِ وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا اهـ. (قَوْلُهُ: كَفَّارَةً مَالِيَّةً) وَكَذَا بَدَنِيَّةً إذَا كَانَتْ صَوْمًا اهـ ح ل وَنَصُّ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي الصَّوْمِ مَتْنًا وَشَرْحًا " فَصْلٌ: مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ وَاجِبٍ فَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَائِهِ " إلَى أَنْ قَالَ: أَوْ مَاتَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَضَاءِ أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ جِنْسِ فِطْرِهِ، أَوْ صَامَ عَنْهُ قَرِيبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبًا وَلَا وَارِثًا مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِإِذْنٍ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنٍ مِنْهُ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ، أَوْ مِنْ قَرِيبِهِ بِأُجْرَةٍ، أَوْ دُونَهَا كَالْحَجِّ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا: صُومِي عَنْ أُمِّكِ» بِخِلَافِهِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِإِعْتَاقٍ وَغَيْرِهِ) وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ مِنْ مَالِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَبَعْدَ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ حَرِّرْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُؤَدِّيهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ الْمَالِيَّةَ مُرَتَّبَةً وَمُخَيَّرَةً اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ) افْهَمْ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَرِكَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى التَّرِكَةِ حَرِّرْهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ) أَيْ فَلَا يَفْعَلُهُ غَيْرُ الْوَارِثِ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَيْ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ وَقَوْلُهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْهُ أَيْ وُقُوعِ الْإِعْتَاقِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا فَعَلَهُ غَيْرُ الْوَارِثِ أَيْ قَالَا فِي الْأَيْمَانِ: يَصِحُّ أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ غَيْرُ الْوَارِثِ فِي الْمُرَتَّبَةِ دُونَ الْمُخَيَّرَةِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا هُنَا مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ لَا يُعْتِقُ عَنْهُ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ أَيْ مَنْعِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْمُخَيَّرَةِ أَيْ قَالُوا: لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ فِي الْمُخَيَّرَةِ لِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ فَأَفْهَمَ هَذَا التَّعْلِيلُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ فِي الْمُرَتَّبَةِ لِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوَّلًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبُعْدِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي إعْتَاقِ الْوَارِثِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ التَّرِكَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ نَائِبَهُ شَرْعًا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْهُ فِي الْمُرَتَّبَةِ) أَيْ وُقُوعِ إعْتَاقِ الْغَيْرِ عَنْهُ فِي الْمُرَتَّبَةِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ إلَخْ أَيْ وَهُوَ تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ لِوُجُودِ ذَلِكَ فِي إعْتَاقِ الْوَارِثِ فِي الْمُخَيَّرَةِ مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ) وَهُوَ تَعْلِيلٌ مَرْجُوحٌ

(4/66)


(وَيَنْفَعُهُ) أَيْ الْمَيِّتَ مِنْ وَارِثٍ وَغَيْرِهِ (صَدَقَةٌ وَدُعَاءٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] فَعَامٌّ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ وَقِيلَ مَنْسُوخٌ وَكَمَا يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِذَلِكَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُتَصَدِّقُ وَالدَّاعِي أَمَّا الْقِرَاءَةُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَصِلُ وَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فَالْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي الْمُخَيَّرَةِ) أَمَّا فِي الْمُرَتَّبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْهُلُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوَّلًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيَنْفَعُهُ صَدَقَةٌ) وَمِنْهَا وَقْفٌ لِمُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدُعَاءٌ لَهُ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ إجْمَاعًا وَقَدْ صَحَّ فِي خَبَرٍ «أَنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ دَرَجَةَ الْعَبْدِ فِي الْجَنَّةِ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِهِ لَهُ» وَهُوَ مُخَصِّصٌ وَقِيلَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] إنْ أُرِيدَ ظَاهِرُهُ، وَإِلَّا فَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ وَمِنْهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا فِيمَا سَعَى وَأَمَّا مَا فُعِلَ عَنْهُ فَهُوَ مَحْضُ فَضْلٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُنَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ وَنِسْبَةٍ؛ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالصَّدَقَةِ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ الْمُتَصَدِّقِ وَاسْتِبْعَادُ الْإِمَامِ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ.
ثُمَّ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْمُتَصَدِّقِ وَيَنَالُ الْمَيِّتُ بَرَكَتَهُ رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ وُقُوعِ الصَّدَقَةِ نَفْسِهَا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُكْتَبَ لَهُ ثَوَابُهَا هُوَ ظَاهِرُ السُّنَّةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَوَاسِعُ فَضْلِهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَصْحَابُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّدَقَةَ عَنْ أَبَوَيْهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ تَعَالَى يُثِيبُهُمَا وَلَا يَنْقُصُ أَجْرَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ يَلْزَمُهُ تَقْدِيرُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَتَمْلِيكِهِ الْغَيْرَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُ فِي الصَّدَقَةِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لَهُ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ كَالْمُتَصَدِّقِ مَحْضُ فَضْلٍ فَلَا يَضُرُّ خُرُوجُهُ عَنْ الْقَوَاعِدِ لَوْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ يَصِحُّ نَحْوُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَيِّتِ وَلِلْفَاعِلِ ثَوَابُ الْبِرِّ وَلِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ لَهُ إذَا اُسْتُجِيبَ وَاسْتِجَابَتُهُ مَحْضُ فَضْلٍ مِنْهُ تَعَالَى وَلَا تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ ثَوَابًا أَمَّا نَفْسُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُهُ فَلِلدَّاعِي لِأَنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ وَمَقْصُودُهَا لِلْمَشْفُوعِ لَهُ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الصَّدَقَةِ نَعَمْ دُعَاءُ الْوَلَدِ يَحْصُلُ ثَوَابُهُ نَفْسُهُ لِلْوَالِدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ وَلَدِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي وُجُودِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي خَبَرِ «يَنْقَطِعُ عَمَلُ ابْنِ آدَمَ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» ، ثُمَّ قَالَ: «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» جَعَلَ دُعَاءَهُ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِ الْوَالِدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ انْقِطَاعِ الْعَمَلِ إنْ أُرِيدَ نَفْسُ الدُّعَاءِ لَا الْمَدْعُوُّ بِهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِنَفْعِ " اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ أَيْ مِثْلَهُ " فَهُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ إذَا نَفَعَهُ الدُّعَاءُ بِمَا لَيْسَ لِلدَّاعِي فَبِمَا لَهُ أَوْلَى وَيَجْرِي هَذَا أَيْ الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَهُ إلَخْ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ اهـ شَرْحُ م ر. (فَائِدَةٌ) : قِيلَ يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّحْمَةِ وَفَارَقَتْ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَاهَا بِأَنَّ فِي لَفْظِ الصَّلَاةِ إشْعَارًا بِالتَّعْظِيمِ وَفِي لَفْظِ الرَّحْمَةِ إشْعَارًا بِالذَّنْبِ.
(فَرْعٌ) : ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ وَيَحْصُلُ مِثْلُهُ أَيْضًا لِلْمَيِّتِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ بِنِيَّتِهِ أَوْ يَجْعَلُ ثَوَابَهَا لَهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُ الدَّاعِي اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ لِفُلَانٍ عَلَى مَعْنَى الْمِثْلِيَّةِ وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَنْعِ إهْدَاءِ الْقُرَبِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَوْلَى مِنْ الدُّعَاءِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] فَمَنْسُوخٌ، أَوْ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: إنَّ ثَوَابَ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ يَحْصُلُ لَهُ حَتَّى الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَنَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: فَعَامٌّ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ أَيْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلْيُنْظَرْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِرَاءَةُ إلَخْ) قَالَ م ر: وَيَصِلُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ إذَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ؛ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ قَبْرِهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ عَقِبَهَا وَنِيَّتِهِ حُصُولَ الثَّوَابِ لَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا اسْتَنْبَطَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هُنَا خِلَافَهُ فِي الْأَخِيرِ أَيْ حَيْثُ قَالَ: أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ اهـ سم اهـ ع ش فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ، وَيَحْصُلُ لِلْقَارِئِ أَيْضًا فَلَوْ سَقَطَ ثَوَابُ الْقَارِئِ لِمُسْقِطٍ كَأَنْ غَلَبَ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ بِقِرَاءَتِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ مِثْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِهِ بِهَا وَلَا دَعَا لَهُ بَعْدَهَا وَلَا قَرَأَ لَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ وَاجِبِ الْإِجَارَةِ وَهَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ تَخَلَّلَ فِيهَا سُكُوتٌ يَنْبَغِي نَعَمْ إذَا عُدَّ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ تَوَابِعِهِ اهـ عَلَى حَجّ وَنَقَلَهُ الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر اهـ نَقَلَهُ الرَّشِيدِيُّ وَأَقَرَّهُ.
(قَوْلُهُ: ثَوَابُ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ) ضَعِيفٌ اهـ ع ش وق ل عَلَى الْجَلَالِ كَأَنْ صَلَّى إنْسَانٌ مَثَلًا، أَوْ صَامَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ

(4/67)


مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا قَالَهُ مِنْ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَرَأَ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ، أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ.
(لَهُ) أَيْ لِلْمُوصِي (رُجُوعٌ) عَنْ وَصِيَّتِهِ وَعَنْ بَعْضِهَا (بِنَحْوِ نَقَضْتُ) هَا كَأَبْطَلْتُهَا وَرَجَعْتُ فِيهَا وَرَفَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا (وَ) بِنَحْوِ قَوْلِهِ (هَذَا لِوَارِثِي) مُشِيرًا إلَى الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ (وَ) بِنَحْوِ (بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ) لِمَا وَصَّى بِهِ (وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) لِظُهُورِ صَرْفِهِ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ (وَتَوْكِيلٍ بِهِ وَعَرْضٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَوَسُّلٌ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ وَذِكْرُ التَّوْكِيلِ، وَالْعَرْضِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِي (وَخَلْطِهِ بُرًّا مُعَيَّنًا) وَصَّى بِهِ بِبُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ (وَ) خَلْطِهِ (صُبْرَةً وَصَّى بِصَاعٍ مِنْهَا بِأَجْوَدَ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ زِيَادَةً لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ، أَوْ بِأَرْدَأَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هَذَا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ الصَّوْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ صَلَاةٍ إلَخْ) بِأَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ لَا أَنَّهُ يُصَلِّي عَنْهُ مَثَلًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ كَافٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بَعْدَ حَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَارِئُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ بِغَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ؛ إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ الْمَلْدُوغَ نَفَعَتْهُ وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ وَإِذَا نَفَعَتْ الْحَيَّ بِالْقَصْدِ كَانَ نَفْعُ الْمَيِّتِ بِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْحَيِّ انْتَهَتْ.

[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ]
(فَصْلٌ: فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ أَيْ فِي بَيَانِ جَوَازِهِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ) (قَوْلُهُ: لَهُ رُجُوعٌ عَنْ وَصِيَّتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: يَصِحُّ فِي التَّبَرُّعِ الْمُعَلَّقِ وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ بِالْمَوْتِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا، أَوْ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي، لَا الْمُنَجَّزِ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ الرُّجُوعُ، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ فِي الْمُنَجَّزِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ جَرَى فِي الْمَرَضِ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ كَوْنُ التَّمْلِيكِ لَمْ يَتِمَّ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّبَرُّعُ الْمُنَجَّزُ عَقْدٌ تَامٌّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهٍ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَهُ رُجُوعٌ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَتْ، أَوْ فِي مُحَرَّمٍ حَرُمَتْ فَيُقَالُ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مَطْلُوبَةً حِينَ فِعْلِهَا إذَا عَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مُحَرَّمٍ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ نُدِبَ الرُّجُوعُ، أَوْ فِي طَاعَةٍ كُرِهَ الرُّجُوعُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نَقَضْتُهَا) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِالرُّجُوعِ وَلَا بَيِّنَتُهُ بِهِ إلَّا إذَا تَعَرَّضَتْ لِصُدُورِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا رَجَعَ عَنْ وَصَايَاهُ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ وَسَيَذْكُرُ الرُّجُوعَ بِالْفِعْلِ بِقَوْلِهِ: وَخَلْطُ حِنْطَةٍ إلَخْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ قَوْلِهِ هَذَا لِوَارِثِي) كَهَذَا مَوْرُوثٌ عَنِّي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِعَمْرٍو حَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى مَعَ إتْيَانِ ذَلِكَ هُنَا بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ الثَّانِيَ ثَمَّ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ فَلَمْ يَكُنْ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ وَشَرِكْنَا بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا مُرَجِّحَ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ أَصْلِيٌّ فَكَانَ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ لِقُوَّتِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَّى بِهِ فَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِهِ فَقَالَ شَيْخُنَا فَكَذَلِكَ فَيَكُونُ رُجُوعًا فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا رَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَكِتَابَةٍ) أَيْ وَلَوْ فَاسِدَةً، وَإِعْتَاقٍ وَلَوْ مُعَلَّقًا وَاسْتِيلَادٍ لَا وَطْءٍ وَنَظَرٍ وَاسْتِمْتَاعٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَنَحْوِهَا كَالْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ وَتَزْوِيجِ الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالرُّكُوبِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ، أَوْ إذْنِهِ، نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا، ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) كَبِعْتُ هَذَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا إذَا وُجِدَ الْقَبُولُ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْفَاسِدِ أَيْضًا وَهِيَ تُسَمَّى عُقُودًا فَاسِدَةً بِدُونِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ أَيْ بِالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ اهـ ح ل لَكِنَّ تَسْمِيَةَ تَوْصِيَتِهِ بِالْبَيْعِ وَصِيَّةً مُسَامَحَةٌ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ اهـ شَيْخُنَا فَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يُكَاتَبَ أَوْ يُرْهَنَ. (قَوْلُهُ: وَخَلْطِهِ بُرًّا مُعَيَّنًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ حَيْثُ لَمْ يُشْرَطْ فِيهَا كَوْنُ الْخَلْطِ بِأَجْوَدَ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ شُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ أَنَّ الْخَلْطَ فِي هَذِهِ أَخْرَجَهَا عَنْ التَّعْيِينِ بِمُجَرَّدِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الصَّاعَ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ خَلْطٌ فَاشْتُرِطَ خَلْطُهُ بِأَجْوَدَ لِيُشْعِرَ بِرُجُوعِ الْمُوصِي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَجْوَدَ مِنْهَا) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَامِلَ فِي الثَّانِيَةِ لِيُفِيدَ مَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْيِيبَ لَيْسَ رُجُوعًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا

(4/68)


(وَطَحْنِهِ بُرًّا) وَصَّى بِهِ (وَبَذْرِهِ) لَهُ (وَعَجْنِهِ دَقِيقًا) وَصَّى بِهِ (وَغَزْلِهِ قُطْنًا) وَصَّى بِهِ (وَنَسْجِهِ غَزْلًا) وَصَّى بِهِ (وَقَطْعِهِ ثَوْبًا) وَصَّى بِهِ (قَمِيصًا وَبِنَائِهِ وَغَرْسِهِ) بِأَرْضٍ وَصَّى بِهَا لِظُهُورِ كُلٍّ مِنْهَا فِي الصَّرْفِ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ زَرْعِهِ بِهَا وَخَرَجَ بِإِضَافَتِي مَا ذُكِرَ إلَى ضَمِيرِ الْمُوصِي مَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ رُجُوعًا.

(فَرْعٌ) : إنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ لَيْسَ رُجُوعًا إنْ كَانَ لِغَرَضٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ رُجُوعًا وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِمُعَيَّنٍ ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِعَمْرٍو فَلَيْسَ رُجُوعًا بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ وَصَّى بِهِ لِثَالِثٍ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَهَكَذَا.

(فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ) وَهُوَ إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُقَالُ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَأَوْصَيْت إلَيْهِ وَوَصَّيْته إذَا جَعَلْته وَصِيًّا وَقَدْ أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَتَبَ وَصِيَّتِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
(أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (مُوصٍ وَوَصِيٌّ وَمُوصًى فِيهِ وَصِيغَةٌ، وَشُرِطَ فِي الْمُوصِي بِقَضَاءِ حَقٍّ) كَدَيْنٍ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ وَرَدِّ وَدِيعَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَلَّ الْحِنْطَةِ مِنْ الرُّجُوعِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الصُّبْرَةِ إلَّا صَاعٌ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ كَالْبَيْعِ رَاجِعْهُ مِمَّا قَبْلَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَطَحْنِهِ بُرًّا) أَيْ وَبَلِّهِ بِالْمَاءِ وَقَصْرِ ثَوْبٍ وَصَبْغِهِ وَذَبْحِ شَاةٍ، وَإِحْصَانِ بَيْضٍ لِيَتَفَرَّخَ وَدَبْغِ جِلْدٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَطَحْنِهِ بُرًّا) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِجَرِيشِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا زَالَ بِهِ الْمِلْكُ، أَوْ زَالَ بِهِ الِاسْمُ، أَوْ كَانَ بِفِعْلِهِ، أَوْ أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا يَكُونُ رُجُوعًا، وَإِلَّا فَلَا اهـ ق ل عَلَى الْخَطِيبِ. (قَوْلُهُ: وَعَجْنِهِ دَقِيقًا) وَخَبْزِهِ أَيْ لِعَجِينٍ وَصَّى بِهِ لَا تَجْفِيفِ رُطَبٍ وَتَقْدِيدِ لَحْمٍ قَدْ يَفْسُدُ بِدُونِ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخَبْزِ مَعَ صَوْنِهِ عَنْ الْفَسَادِ تَهْيِئَةً لِلْأَكْلِ بِخِلَافِ الرُّطَبِ وَاللَّحْمِ فَإِنَّ تَقْدِيدَ اللَّحْمِ لَيْسَ فِيهِ تَهْيِئَةٌ لِلْأَكْلِ، وَالرُّطَبُ كَانَ مَأْكُولًا قَبْلَ التَّجْفِيفِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَطْعِهِ ثَوْبًا إلَخْ) بِخِلَافِ خِيَاطَتِهِ مُفَصَّلًا اهـ ق ل. (قَوْلُهُ: وَغَرْسِهِ بِأَرْضٍ وَصَّى بِهَا) فَلَوْ اخْتَصَّ نَحْوُ الْغِرَاسِ بِبَعْضِ الْعَرْصَةِ اخْتَصَّ الرُّجُوعُ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ كُلٍّ مِنْهَا فِي الصَّرْفِ إلَخْ) وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ تَزْوِيجُ الْقِنِّ وَخِتَانُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَاسْتِخْدَامُهُ وَخِيَاطَةُ الثَّوْبِ قَمِيصًا وَوَطْءُ الْأَمَةِ، وَإِنْ أَنْزَلَ فِيهَا وَقَصَدَ الِاسْتِيلَادَ فَإِنْ حَصَلَ الِاسْتِيلَادُ كَانَ رُجُوعًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَرْعِهِ بِهَا إلَخْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ وَطَحَنَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ مَا أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا يَكُونُ رُجُوعًا، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهِ الِاسْمُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْمُوصِي، أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ وَمَا يَزُولُ بِهِ الِاسْمُ يَحْصُلُ مَعَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بِحُرُوفِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْغَيْرَ هُنَا وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ فِي الْغَصْبِ لَوْ صَدَرَ خَلْطٌ وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ لِمَغْصُوبٍ مِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ، أَوْ مُمَاثِلًا كَانَ إهْلَاكًا فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِخِلَافِ خَلْطِهِ مُمَاثِلَيْنِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فَإِنَّهُ يُصَيِّرُهُمَا مُشْتَرَكَيْنِ اهـ.
وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خَلْطٍ لَا يَقْتَضِي مِلْكَ الْمَخْلُوطِ لِلْخَالِطِ، وَفَرَّعَ الشَّيْخُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالْجَوْدَةِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَتَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْخَلْطَ ثَمَّ حَيْثُ لَمْ يَمْلِكْ بِهِ الْخَالِطُ يُصَيِّرُ الْمَخْلُوطَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكًا لِمَالِكِ الْمُخَالَطِ بِالْأَجْزَاءِ سَوَاءٌ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ فَيَقْتَسِمَانِهِ سَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْجَوْدَةِ أَمْ لَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ رُجُوعًا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ زَالَ اسْمُهُ كَالطَّحْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رُجُوعٌ وَلَوْ بِفِعْلِ غَيْرِ مَأْذُونِهِ وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ فِي كَلَامِهِ إذَا لَمْ يَزُلْ الِاسْمُ فَمَتَى زَالَ الِاسْمُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِ مَأْذُونِهِ، أَوْ بِنَفْسِهِ اهـ ح ل.

[فَرْعٌ إنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ]
(قَوْلُهُ: إنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِنْكَارُ جَوَابَ سُؤَالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي إنْكَارِهَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ قَيَّدَهُ م ر وَحَجّ فِي شَرْحَيْهِمَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرَا مَفْهُومَهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ الْأُولَى، أَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِمَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِعَمْرٍو فَيَكُونُ رُجُوعًا اهـ عَنَانِي. (قَوْلُهُ: بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) فَلَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا كَانَ الْجَمِيعُ لِلْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لَهُمَا ابْتِدَاءً وَرَدَّ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ إلَّا النِّصْفُ فَقَطْ وَالنِّصْفُ الثَّانِي لِلْوَارِثِ اهـ ح ل.

[فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ]
(فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ) : أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَتَصْدِيقِ الْوَلِيِّ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهُوَ لُغَةً كَالْوَصِيَّةِ وَشَرْعًا إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَوَصَّيْته إذَا جَعَلْته إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يُقَالَ أَوْصَيْته أَيْضًا حَلَبِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَصِيَّتِي إلَى اللَّهِ) ذَكَرَهُ لِلتَّبَرُّكِ فَالْوَصِيُّ هُوَ الزُّبَيْرُ وَابْنُهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَرَدِّ وَدِيعَةٍ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا: وَقَوْلُ الْإِمَامِ كَجَمْعٍ إنَّ الْإِيصَاءَ لَا يَجْرِي فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَالْعَوَارِيِّ، وَالْوَدَائِعِ، وَالْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ بِأَعْيَانِهَا فَتَأْخُذُهَا أَرْبَابُهَا، وَإِنَّمَا يُوصِي فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ كَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ رَدَّهُ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا وَمَعْنًى أَمَّا النَّقْلُ فَلِتَصْرِيحِهِمْ بِالْوَصَايَا فِي رَدِّ الْوَدَائِعِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّهُ قَدْ يَخَافُ خِيَانَةَ وَارِثِهِ فَيَحْتَاجُ لِلِاسْتِعَانَةِ بِأَمِينٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُوصَى لَهُمْ وَفِي حَالِ تَعَذُّرِ الْقَبُولِ مِنْ

(4/69)


وَعَارِيَّةٍ وَمَظْلِمَةٍ (مَا مَرَّ) فِي الْمُوصِي بِمَالٍ أَوَّلَ الْبَابِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ (وَ) شُرِطَ فِي الْمُوصِي (بِأَمْرِ نَحْوِ طِفْلٍ) كَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ مَا مَرَّ (وِلَايَةٌ لَهُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً) مِنْ الشَّرْعِ لَا بِتَفْوِيضٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ مِمَّنْ فَقَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَصَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ، وَمُكْرَهٍ، وَمَنْ بِهِ رِقٌّ، وَأُمٍّ، وَعَمٍّ، وَوَصِيٍّ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ وَ " نَحْوِ " مَعَ " ابْتِدَاءً " مِنْ زِيَادَتِي (وَ) شُرِطَ (فِي الْوَصِيِّ عِنْدَ الْمَوْتِ عَدَالَةٌ) وَلَوْ ظَاهِرَةً (وَكِفَايَةٌ) فِي التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ (وَحُرِّيَّةٌ، وَإِسْلَامٌ فِي مُسْلِمٍ وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ) مِنْهُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ (وَ) عَدَمُ (جَهَالَةٍ) فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى مَنْ فَقَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَفَاسِقٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْمُوصَى لَهُمْ تَكُونُ الْأَعْيَانُ تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ وَلَوْلَا الْإِيصَاءُ لَكَانَتْ تَحْتَ يَدِ الْحَاكِمِ اهـ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا فِي الْخَادِمِ فِي مُطَالَبَةِ الْوَصِيِّ بِهَا لِتَصِلَ لِيَدِ أَرْبَابِهَا وَتَبْرَأَ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ عَنْهَا اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَمَظْلِمَةٍ) فِي الْمُخْتَارِ وَالظُّلَامَةُ وَالظَّلِيمَةُ، وَالْمَظْلَمَةُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تَطْلُبُهُ عِنْدَ الظَّالِمِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا أُخِذَ مِنْك اهـ،.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الظُّلْمُ اسْمٌ مِنْ ظَلَمْته ظَلْمًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَمَظْلِمَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَجْعَلُ الْمَظْلِمَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمًا لِمَا تَطْلُبُ عِنْدَ الظَّالِمِ كَالظُّلَامَةِ بِالضَّمِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِأَمْرِ نَحْوِ طِفْلٍ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: وَيَقَعُ الْإِيصَاءُ عَلَى الْحَمْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ حَالَةَ الْإِيصَاءِ اهـ. (أَقُولُ) وَكَذَا الْمَعْدُومُ حَالَةَ الْإِيصَاءِ تَبَعًا كَجَعَلْتُهُ وَصِيًّا فِي قَضَاءِ دُيُونِي وَعَلَى مَا يُوجَدُ لِي مِنْ الْحَمْلِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً مِنْ الشَّرْعِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا الْأَبُ، وَالْجَدُّ فِيمَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ الْحَاكِمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا الْأَبُ الْفَاسِقُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقِيمَ وَصِيًّا عَلَى طِفْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَذَكَرَ نَحْوَهُ م ر وسم.
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي بَابِ الْحَجَرِ: فَصْلٌ: وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ وَتَكْفِي عَدَالَتُهُمَا الظَّاهِرَةُ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا فَإِنْ فَسَقَا نَزَعَ الْحَاكِمُ الْمَالَ مِنْهُمَا كَمَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَيَنْعَزِلَانِ بِالْفِسْقِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيٍّ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ الْمُوصِي، أَوْ مُطْلَقًا صَحَّ لَكِنَّهُ فِي الثَّالِثَةِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا اهـ فَانْظُرْ الْوَصِيَّ إذَا أَوْصَى بِالْإِذْنِ هَلْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ الشَّرْطُ وَهُوَ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً مِنْ الشَّرْعِ؟ وَالظَّاهِرُ
عَدَمُ الصِّدْقِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَوَصِيٍّ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ) بِأَنْ أَوْصَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ وَبِهَذَا التَّصْوِيرِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ صِحَّتُهَا مَعَ الْإِذْنِ بِأَنْ يُوصِيَ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمَتْنِ ابْتِدَاءً اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَوْتِ) وَكَذَا عِنْدَ الْقَبُولِ عَلَى الْأَوْجَهِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي وَلِأَنَّ الْفِسْقَ، وَالْعَجْزَ وَاخْتِلَالَ النَّظَرِ يَنْعَزِلُ بِهِ دَوَامًا فَابْتِدَاءً أَوْلَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (أَقُولُ) : وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْفَاسِقِ إذَا تَابَ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ يَكْفِي كَوْنُهُ عَدْلًا عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي هُوَ الْأَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ بَعْدَ التَّوْبَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: عَدَالَةٌ) قَضِيَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَلَامَتُهُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ فِي عِبَارَتِهِمْ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ ظَاهِرَةً تَبِعَ فِيهِ الْهَرَوِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ اهـ ز ي وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ، أَوْ لَا، وَالْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ هِيَ الَّتِي تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَحُرِّيَّةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ وَلَوْ مَآلًا كَمُدَبَّرٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ) أَيْ دُنْيَوِيَّةٍ ظَاهِرَةٍ أَمَّا الدِّينِيَّةُ فَلَا تَضُرُّ كَالْيَهُودِيِّ لِلنَّصْرَانِيِّ وَعَكْسِهِ اهـ س ل قَالَ م ر فَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهُ عَدَمَ وِصَايَةِ نَصْرَانِيٍّ لِيَهُودِيٍّ، وَعَكْسُهُ مَرْدُودٌ وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ بِكَوْنِ الْمُوصِي عَدُوًّا لِلْوَصِيِّ، أَوْ لِلْعِلْمِ بِكَرَاهَتِهِ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى مَنْ فَقَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى الْأَخْرَسِ إذَا كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، وَإِلَى الْأَجِيرِ إجَارَةَ عَيْنٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةً لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٍ) قَالَ حَجّ وَهَلْ يَحْرُمُ الْإِيصَاءُ لِنَحْوِ فَاسِقٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فِسْقِهِ إلَى الْمَوْتِ فَيَكُونُ مُتَعَاطِيًا لِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ ظَاهِرًا، أَوْ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا إثْمَ مَعَ الشَّكِّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَمِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يُتَرَجَّى صَلَاحُهُ لِوُثُوقِهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلْتُهُ وَصِيًّا إنْ كَانَ عَدْلًا عِنْدَ الْمَوْتِ وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَادٌ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي نَصِيبِ غَيْرِ الْجَدِّ مَعَ وُجُودِهِ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْأَبُ لِوُثُوقِهِ بِهِ اهـ. (أَقُولُ) وَقَدْ يُقَالُ: فُرِّقَ

(4/70)


وَمَجْهُولٍ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ، أَوْ عَدَاوَةٌ وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَمَنْ لَا يَكْفِي فِي التَّصَرُّفِ لِسَفَهٍ، أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فِي بَعْضِهِمْ وَلِلتُّهْمَةِ فِي الْبَاقِي وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى كَافِرٍ مَعْصُومٍ عَدْلٍ فِي دِينِهِ عَلَى كَافِرٍ، وَقَوْلِي عِنْدَ الْمَوْتِ مَعَ ذِكْرِ عَدَمِ الْعَدَاوَةِ، وَالْجَهَالَةِ مِنْ زِيَادَتِي وَاعْتُبِرَتْ الشُّرُوطُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْإِيصَاءِ وَلَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى إلَى مَنْ خَلَا عَنْ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا كَصَبِيٍّ وَرَقِيقٍ، ثُمَّ اسْتَكْمَلَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّ.
(وَلَا يَضُرُّ عَمًى) لِأَنَّ الْأَعْمَى مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوْكِيلِ فِيمَا لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ (وَ) لَا (أُنُوثَةٌ) لِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إلَى حَفْصَةَ (وَالْأُمُّ أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهَا إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ فِيهَا عِنْدَ الْمَوْتِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِصْطَخْرِيِّ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّهَا تَلِي بَعْدَ الْأَبِ، وَالْجَدِّ (وَيَنْعَزِلُ وَلِيٌّ) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَوَصِيٍّ وَقَاضٍ وَقَيِّمِهِ (بِفِسْقٍ لَا إمَامٌ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْوَلِيِّ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَ) شُرِطَ (فِي الْمُوصَى فِيهِ كَوْنُهُ تَصَرُّفًا مَالِيًّا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مُبَاحًا فَلَا يَصِحُّ) الْإِيصَاءُ (فِي تَزْوِيجٍ) لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ، وَالْجَدِّ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ (وَ) لَا فِي (مَعْصِيَةٍ) كَبِنَاءِ كَنِيسَةٍ لِمُنَافَاتِهَا لَهُ لِكَوْنِهِ قُرْبَةً (وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ إيجَابٌ بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِهِ) أَيْ بِالْإِيصَاءِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (كَأَوْصَيْتُ) إلَيْك (أَوْ فَوَّضْتُ إلَيْك، أَوْ جَعَلْتُك وَصِيًّا وَلَوْ) كَانَ الْإِيجَابُ (مُؤَقَّتًا وَمُعَلَّقًا) كَأَوْصَيْتُ إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي، أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ، أَوْ قَدِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ إذَا صَارَ عَدْلًا وَبَيْنَ مَا إذَا أَسْقَطَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِتَرَدُّدِهِ فِي حَالِهِ فَيَحْمِلُ الْقَاضِيَ عَلَى الْبَحْثِ فِي حَالِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَ فَإِنَّهُ يُظَنُّ مِنْ إيصَائِهِ لَهُ حُسْنُ حَالِهِ وَرُبَّمَا خَفِيَتْ حَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْقَاضِي فَيَغْتَرُّ بِتَفْوِيضِ الْمُوصِي لَهُ فَيُسَلِّمُهُ الْمَالَ عَلَى أَنَّ فِي إثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى فَسَادِ التَّرِكَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَجْهُولٍ) مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ لَمْ تُعْرَفْ حُرِّيَّتُهُ وَلَا رِقُّهُ وَلَا عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ لَا أَنَّهُ يُوصِي لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى كَافِرٍ مَعْصُومٍ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ إيصَاءِ الْحَرْبِيِّ إلَى حَرْبِيٍّ اهـ س ل. (قَوْلُهُ: عَدْلٍ فِي دِينِهِ) وَتُعْرَفُ عَدَالَتُهُ بِتَوَاتُرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَارِفِينَ بِدِينِهِ، أَوْ بِإِسْلَامِ عَارِفَيْنِ وَشَهَادَتِهِمَا بِذَلِكَ اهـ م ر اهـ عَنَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى كَافِرٍ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا وَلَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ الذِّمِّيِّينَ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لَمْ يُوصِ إلَّا إلَى مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَكَتَبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ: عَلَى كَافِرٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى مُسْلِمٍ بِأَنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ بَلَغَ سَفِيهًا وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ وَصِيًّا كَافِرًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ مِنْ الْأَخْرَسِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبُولِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إلَى حَفْصَةَ) هِيَ بِنْتُهُ وَزَوْجَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ فِيهَا عِنْدَ الْمَوْتِ) هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى الصِّحَّةِ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْأَوْلَوِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ الشُّرُوطُ فِيهَا عِنْدَ الْإِيصَاءِ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَأُمُّ الْأَطْفَالِ الْمُسْتَجْمِعَةُ لِلشُّرُوطِ حَالَ الْوَصِيَّةِ لَا حَالَ الْمَوْتِ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهَا الْمُوصِي وَهُوَ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا يَكُونُ حَالَ الْمَوْتِ لِتَعَيُّنِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا إنْ جَمَعَتْ الشُّرُوطَ فِيهَا حَالَ الْوَصِيَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوصِيَ إلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَصْلُحُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لَا عِنْدَ الْمَوْتِ مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا هِيَ عَلَيْهِ أَوْلَى بِإِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ سَاوَتْ الرَّجُلَ فِي الِاسْتِرْبَاحِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلِلْحَاكِمِ تَفْوِيضُ أَمْرِ الْأَطْفَالِ إلَى امْرَأَةٍ حَيْثُ لَا وَصِيَّ فَتَكُونُ قَيِّمَةً وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ الْأَطْفَالِ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ خِلَافِ الْإِصْطَخْرِيِّ) رُبَّمَا تَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِمَذْهَبِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ) نَعَمْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ، وَالْجَدِّ بِعَوْدِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى التَّفْوِيضِ فَإِذَا زَالَتْ احْتَاجَتْ لِتَفْوِيضٍ جَدِيدٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِفِسْقٍ) وَمِنْهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ نَعَمْ إنْ فَسَقَ بِمَا لَوْ عُرِضَ عَلَى مُوَلِّيهِ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: بِفِسْقٍ) وَبِالتَّوْبَةِ مِنْهُ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَالْحَاضِنَةِ وَالنَّاظِرِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَوَلِيِّ النِّكَاحِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِسْقُ بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ، أَوْ غَيْرِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ، وَالْجَدِّ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ السَّفِيهُ فَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ الْبِنْتِ لَكِنْ اُنْظُرْ إذَا أَوْصَى إلَى قَرِيبٍ يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَبِنَاءِ كَنِيسَةٍ) أَيْ لِلتَّعَبُّدِ وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ. (قَوْلُهُ: كَأَوْصَيْتُ إلَيْك إلَخْ) وَيَظْهَرُ إنْ وَكَّلْتُك بَعْدَ مَوْتِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي كِنَايَةٌ اهـ س ل. (قَوْلُهُ: كَأَوْصَيْتُ إلَيْك إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ اشْتِرَاطُ بَعْدَ مَوْتِي فِيمَا عَدَا أَوْصَيْت اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَقَّتًا وَمُعَلَّقًا) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَك سَنَةً إلَى قُدُومِ ابْنِي، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ، أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً مَا لَمْ يَقْدَمْ ابْنِي قَبْلَهَا فَإِنْ قَدِمَ قَبْلَهَا فَهُوَ الْوَصِيُّ فَيَنْعَزِلُ بِحُضُورِ الِابْنِ وَيَصِيرُ الْحَقُّ لَهُ، فَإِنْ مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَحْضُرْ الِابْنُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ إلَى قُدُومِ الِابْنِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الَّتِي قَدَّرَهَا لِوَصِيَّتِهِ لَا تَشْمَلُ مَا زَادَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إلَى بُلُوغِ ابْنِي، أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ) هَذَا تَأْقِيتٌ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغَ هَذَا تَعْلِيقٌ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْمِثَالِ التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ لَكِنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ

(4/71)


فَهُوَ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ، وَالْأَخْطَارَ (وَقَبُولٌ كَوَكَالَةٍ) فَيُكْتَفَى بِالْعَمَلِ وَقَوْلِي كَوَكَالَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَيَكُونُ الْقَبُولُ (بَعْدَ الْمَوْتِ) مَتَى شَاءَ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِمَالٍ (مَعَ بَيَانِ مَا يُوصِي فِيهِ) فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك مَثَلًا لَغَا (وَسُنَّ إيصَاءٌ بِأَمْرِ نَحْوِ طِفْلٍ) كَمَجْنُونٍ (وَبِقَضَاءِ حَقٍّ) إنْ (لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ حَالًا، أَوْ) عَجَزَ وَ (بِهِ شُهُودٌ) اسْتِبَاقًا لِلْخَيْرَاتِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ حَالًا وَلَا شُهُودَ بِهِ وَجَبَ الْإِيصَاءُ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْلِ سَنُّ الْإِيصَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا نَصَبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا وَ " نَحْوِ " مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِحَقٍّ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَلَا يَصِحُّ) أَيْ الْإِيصَاءُ مِنْ أَبٍ (عَلَى نَحْوِ طِفْلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَمِثَالُ التَّوْقِيتِ الصَّرِيحِ أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً وَمِثَالُ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ إذَا مِتّ، أَوْ إذَا مَاتَ وَصِيِّي فَقَدْ أَوْصَيْت إلَيْك اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ كَأَوْصَيْتُ إلَيْك سَنَةً سَوَاءٌ قَالَ: وَبَعْدَهَا وَصِيِّي فُلَانٌ، أَوْ لَا، أَوْ إلَى بُلُوغِ ابْنِي، وَالتَّعْلِيقُ كَإِذَا مِتّ، أَوْ إذَا مَاتَ وَصِيِّي فَقَدْ أَوْصَيْت إلَيْك كَمَا مَرَّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الِابْنُ، أَوْ زَيْدٌ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَلَوْ بَلَغَ الِابْنُ، أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ غَيْرَ أَهْلٍ فَالْأَقْرَبُ انْتِقَالُ الْوِلَايَةِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مُغَيَّاةً بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْأَخْطَارَ) جَمْعُ خَطَرٍ وَهُوَ الْخَوْفُ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْخَطَرُ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَخَوْفُ التَّلَفِ، وَالْخَطَرُ السَّبْقُ الَّذِي يُتَرَاهَنُ عَلَيْهِ وَجَمْعُهُ أَخْطَارٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَأَخْطَرْتُ الْمَالَ إخْطَارًا جَعَلْتُهُ خَطَرًا بَيْنَ الْمُتَرَاهِنِينَ، وَبَادِيَةٌ مَخْطُورَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَخْطَرَتْ الْمُسَافِرَ أَيْ جَعَلَتْهُ خَطَرًا بَيْنَ السَّلَامَةِ وَالتَّلَفِ، وَخَاطَرْتُهُ عَلَى مَالٍ مِثْلُ رَاهَنْتُهُ عَلَيْهِ وَزْنًا وَمَعْنًى وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ فَعَلَ مَا يَكُونُ الْخَوْفُ عَلَيْهِ أَغْلَبَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَبُولٌ) وَيُنْدَبُ إنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَيَحْرُمُ إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَوْتِ مَتَى شَاءَ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ تَنْفِيذُ الْوَصَايَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ مَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ يَعْرِضُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ مَا يُوصِي فِيهِ) كَأَوْصَيْتُ إلَيْك فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَحِينَئِذٍ لَهُ حِفْظُ الْمَالِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ مَا يُوصِي فِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُشْعِرُ أَوْ بِأَوْصَيْتُ وَمَا بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ " وَقَبُولٌ "؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْإِيجَابِ. (قَوْلُهُ: لَغَا) أَيْ لِعَدَمِ عُرْفٍ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ فِيهِ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ مَرْدُودَةٌ؛ إذْ ذَاكَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَيَانِيِّينَ إنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ اهـ شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: وَبِقَضَاءِ حَقٍّ) ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ وَفِي دَفْعِهَا، وَالْوَصِيَّةِ بِهَا لِمُعَيَّنٍ، وَإِنْ كَانَ لِمُسْتَحِقِّهَا الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا مِنْ التَّرِكَةِ بَلْ لَوْ أَخَذَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ التَّرِكَةِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَدْ يُخْفِيهَا، أَوْ يُتْلِفُهَا وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَلِتَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ لَا الْحَاكِمِ لَوْ غَابَ مُسْتَحِقُّهَا وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ رَجَعَ إنْ كَانَ وَارِثًا، وَإِلَّا فَلَا أَيْ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ، أَوْ جَاءَ وَقْتُ الصَّرْفِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ وَفُقِدَ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُ التَّرِكَةِ فَأَشْهَدَ بَيِّنَةَ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ التَّرِكَةِ، وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا فِيهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ اضْطِرَارِهِ إلَى الصَّرْفِ مِنْ مَالِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا رَجَعَ إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ أَوْ فَقَدَهُ وَأَشْهَدَ بَيِّنَةَ الرُّجُوعِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ) إنَّمَا احْتَاجَ إلَى تَقْدِيرِ إنْ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَمْ يَعْجِزْ لَيْسَتْ صِفَةً لِحَقٍّ بِحَسَبِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِهِ صِفَةٌ لِلْمُوصِي، وَإِنْ كَانَتْ بِحَسَبِ اللَّفْظِ صِفَةً لِحَقٍّ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ عَجَزَ عَنْ الشَّيْءِ عَجْزًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ ضَعُفَ عَنْهُ، وَعَجِزَ عَجَزًا مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةً لِبَعْضِ قَيْسِ غَيْلَانَ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهَذِهِ اللُّغَةُ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَهُمْ اهـ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْعَجْزُ الضَّعْفُ وَبَابُهُ ضَرَبَ وَعَجَزَتْ الْمَرْأَةُ صَارَتْ عَجُوزًا وَبَابُهُ دَخَلَ وَعَجِزَتْ مِنْ بَابِ طَرِبَ عَظُمَتْ عَجِيزَتُهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَ وَبِهِ شُهُودٌ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدًا ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِخَطِّهِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُثْبِتُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَا اكْتَفَوْا بِالْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ يَمِينٌ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ نَظَرًا لِمَا يَرَاهُ حُجَّةً فَكَذَلِكَ الْخَطُّ نَظَرًا لِذَلِكَ نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ مَنْ يُثْبِتُ بِالْخَطِّ، أَوْ يَقْبَلُ الشَّاهِدَ، وَالْيَمِينَ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: اسْتِبَاقًا لِلْخَيْرَاتِ) أَيْ اسْتِعْجَالًا لَهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اسْتِبْقَاءً وَمَا هُنَا أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ) وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الْإِيصَاءِ بِأَمْرِ الْأَطْفَالِ لِثِقَةٍ وَجِيهٌ كَافٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَدٌّ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْإِيصَاءَ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ الطِّفْلِ ظَالِمٌ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِ طِفْلِهِ عَنْ الضَّيَاعِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: نَصَبَ الْقَاضِي) أَيْ نَدْبًا وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ اهـ

(4/72)


وَالْجَدُّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ شَرْعًا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي عَلَى نَحْوِ طِفْلٍ نَصْبُ وَصِيٍّ فِي قَضَاءِ الْحُقُوقِ فَصَحِيحٌ (وَلَوْ أَوْصَى اثْنَيْنِ) وَلَوْ مُرَتِّبًا وَقَبِلَا (لَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ (إلَّا بِإِذْنِهِ) لَهُ فِي الِانْفِرَادِ فَلَهُ الِانْفِرَادُ عَمَلًا بِالْإِذْنِ نَعَمْ لَهُ الِانْفِرَادُ بِرَدِّ الْحُقُوقِ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ، فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَكِنْ نَازَعَ الشَّيْخَانِ فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ.

(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُوصِي، وَالْوَصِيِّ (رُجُوعٌ) عَنْ الْإِيصَاءِ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ كَالْوَكَالَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ الْوَصِيُّ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ.
(وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَتِهَا عِنْدَ الْإِيصَاءِ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَنُوبُ عَنْهُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) أَيْ حَالَ الْمَوْتِ أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ إذَا وُجِدَتْ وِلَايَةُ الْجَدِّ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ حِينَئِذٍ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ حَالَ الْإِيصَاءِ، ثُمَّ زَالَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالشُّرُوطِ عِنْدَ الْمَوْتِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) لَوْ أَوْصَى الْأَبُ وَكَانَ الْجَدُّ فَاسِقًا، ثُمَّ صَارَ عَدْلًا وَقْتَ الْمَوْتِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى فِسْقِهِ مُدَّةً بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، وَالْوَصِيُّ يَتَصَرَّفُ ثُمَّ تَابَ وَصَارَ عَدْلًا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ فِيمَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ نُفُوذُ مَا سَلَفَ مِنْ التَّصَرُّفِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ، وَاعْتَمَدَ مَا بَحَثَهُ م ر.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَالْجَدُّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ كَانَ الْجَدُّ غَائِبًا وَأَرَادَ الْأَبُ الْإِيصَاءَ بِالتَّصَرُّفِ عَلَيْهِمْ إلَى حُضُورِهِ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي تَعْلِيقِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْبُلُوغِ الْجَوَازُ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَمْنَعُ حَقَّ الْوِلَايَةِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى اثْنَيْنِ إلَخْ) جَرَى فِيهِ عَلَى مَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّهُ الْقِيَاسُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ أَوَّلَ الْفَصْلِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى اثْنَيْنِ) كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْت إلَيْكُمَا، أَوْ فُلَانٌ وَصِيِّي وَفُلَانٌ وَصِيِّي وَقَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَخْ أَيْ فَإِنْ انْفَرَدَ ضَمِنَ وَلَوْ فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَطْفَالِ فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا بِمَوْتٍ، أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّةً، أَوْ عَدَمِ قَبُولٍ نَصَبَ الْحَاكِمُ بَدَلَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي سم قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى اثْنَيْنِ إلَخْ فَلَوْ حَصَلَ مَوْتٌ، أَوْ عَدَمُ أَهْلِيَّةٍ أَوْ لِأَحَدِهِمَا نَصَبَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ وَفِيهِ بَسْطٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ جَعَلَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا مُشْرِفًا لَمْ يَتَصَرَّفْ الْآخَرُ إلَّا بِإِذْنِهِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَتَّبًا) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ السَّابِقِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْكِنٌ مَقْصُودٌ لِلْمُوصِي لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَثَمَّ اجْتِمَاعُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ وَالتَّشْرِيكُ خِلَافُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ وُجُودُ عِلْمِهِ وَعَدَمُهُ اهـ شَيْخُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ إنْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ حَتَّى مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَوْلَادِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَاحْتِيَاطًا فِي الثَّانِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرَاهُ فَيُوَكِّلَانِ ثَالِثًا، أَوْ يَأْذَنُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِيهِ وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ أَنَّ مَعْنَى وُجُوبِ الِاجْتِمَاعِ صُدُورُهُ عَنْ رَأْيِهِمَا مَا أَفْتَى بِهِ فِي وَصِيَّيْنِ عَلَى يَتِيمَيْنِ شُرِطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي صِّحَةِ بَيْعِ عَقَارِ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ لِلطِّفْلِ الْآخَرِ بِشَرْطِ مُبَاشَرَةِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْإِيجَابَ، وَالْآخَرِ الْقَبُولَ فَإِنَّ ذَلِكَ صَادِرٌ عَنْ رَأْيِهِمَا اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا أَوْ يَأْذَنَا لِثَالِثٍ فِيهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطِّفْلِ وَمَالِهِ وَتَفْرِقَةِ وَصِيَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ بِخِلَافِ رَدِّ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِهِ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهِ وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ بَحَثَا خِلَافَهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ الِانْفِرَادُ إلَخْ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا أَذِنَ صَاحِبُ الْحَقِّ لَهُ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْمُوصِي بِنَحْوِ فَتْحِ بَابٍ وَحَلِّ وِكَاءٍ، وَالْإِحْرَامِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْحَقِّ الْعَيْنَ، وَإِلَّا فَالدَّيْنُ الَّذِي مِنْ جِنْسِ التَّرِكَةِ لَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ إذْنِهِ فِيهِ؛ إذْ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ تَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بِرَدِّ الْحُقُوقِ) أَيْ فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُمَا فِي رَدِّ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ: وَلَكِنْ نَازَعَ إلَخْ الرَّاجِحُ الْجَوَازُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ شَرْطِ الِاجْتِمَاعِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ) الْوَصِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ الْوَصِيَّةُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ كَانَ إلَى الْآنَ لَمْ يَقْبَلْ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُوصِي أَنَّ عَزْلَهُ لِوَصِيِّهِ مُضَيِّعٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ، أَوْ لِأَمْوَالِ أَوْلَادِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ عَزْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَنْعَزِلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ انْعِزَالِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا قَبْلَهُ اهـ وَقَرَّرَ م ر مِثْلَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ الْقَبُولُ فِي الْأُولَى وَيَمْتَنِعُ

(4/73)


وَلِيٌّ) وَصِيًّا كَانَ أَوْ قَيِّمًا، أَوْ غَيْرَهُ (فِي إنْفَاقٍ عَلَى مُوَلِّيهِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَائِقٍ) بِالْحَالِ (لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ) إلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ بَلْ الْمُصَدَّقُ مُوَلِّيهِ بِيَمِينِهِ إذْ لَا تَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ وَقَوْلِي بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْوَلِيِّ وَبِمُوَلِّيهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَصِيِّ وَالطِّفْلِ.

كِتَابُ الْوَدِيعَةِ
تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ مِنْ وَدَعَ الشَّيْءُ يَدَعُ إذَا سَكَنَ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْوَدِيعِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ فِي دَعَةٍ أَيْ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي رَاحَةِ الْوَدِيعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْعَزْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فِيهِمَا لَمْ يَنْعَزِلْ.
وَعِبَارَةُ التَّصْحِيحِ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ كَمَا فِي الزَّوَائِدِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ عَزْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمِنْهَاجِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَصِيًّا كَانَ، أَوْ قَيِّمًا، أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ أَبًا، أَوْ جَدًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَقَالَ الْقَمُولِيُّ: إنَّهُ كَالْوَصِيِّ وَتَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَى وِلَايَتِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ فِي ذَلِكَ أَمِينَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَعِنْدَهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِلَا يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يُقْبَلَ بِدُونِهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُ مَا قَالَهُ قَالَ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِحَاكِمٍ أَمِينٍ مَرْضِيِّ السِّيرَةِ أَمَّا غَيْرُهُ كَمَا هُوَ الْأَغْلَبُ فَيَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ إنَّهُ كَالْوَصِيِّ فِيمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ - أَعْنِي السُّبْكِيَّ - مِنْ تَصْدِيقِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ حَكَمْت بِذَلِكَ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر أَيْضًا قَوْلَ الْقَمُولِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ قَبْلَ الْعَزْلِ وَبَعْدَهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَائِقٍ بِالْحَالِ) أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ فَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ فِيهِ قَطْعًا بِيَمِينِهِ لِتَعَدِّي الْوَصِيِّ بِفَرْضِ صِدْقِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَا فِي بَيْعِهِ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ إلَّا الْأَبَ، وَالْجَدَّ، وَالْأُمَّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي آخِرِ الْحَجْرِ: وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ بَيْعًا بِلَا مَصْلَحَةٍ عَلَى وَصِيٍّ، أَوْ أَمِينٍ حُلِّفَ، أَوْ عَلَى أَبٍ أَوْ أَبِيهِ حُلِّفَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ، أَوْ فِي وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ، أَوْ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمَالِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّصَرُّفِ هَلْ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ صُدِّقَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ وَكَذَا الْأُمُّ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالْمُشْتَرَى مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُهُ وَمَا صَرَفَهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي الْأَبِ، وَالْجَدِّ وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْإِشْهَادِ؛ وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ شِرَاءُ مَالِ الْوَلَدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ لَهُ الْحَاكِمُ كَوَكِيلٍ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ تَوَلِّيهِ الطَّرَفَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْوَلِيُّ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ، وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِظَالِمٍ لِدَفْعِهِ عَنْ مَالِ الطِّفْلِ لَا فِي دَفْعِهِ لِحَاكِمٍ لِسُهُولَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ.
(فَرْعٌ) : لَا يُطَالَبُ أَمِينٌ مِنْ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ بِحِسَابٍ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرُّجُوعُ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُطَالَبُ أَمِينٌ كَوَصِيٍّ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ وَوَكِيلٍ بِحِسَابٍ بَلْ إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ حُلِّفَ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْوَصِيِّ وَالْهَرَوِيّ وَفِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَتْ.