فتوحات
الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل [فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ
الطَّلَاقِ]
(فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ أَيْ أَنْوَاعٍ أُخْرَى
غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِأَكْلِ
رُمَّانَةٍ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ بَعْدَ سِتِّ
مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ لَهُ يَقَعُ وَلَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عَقْلًا
كَأَنْ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ أَوْ شَرْعًا كَأَنْ نُسِخَ
صَوْمُ رَمَضَانَ أَوْ عَادَةً كَأَنْ صَعِدْت السَّمَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي
الْحَالِ شَيْءٌ بَلْ حَتَّى تُوجَدَ الصِّفَةُ إنْ وُجِدَتْ، وَلَكِنَّ
الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ فَيَحْنَثُ بِهَا إذَا كَانَ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ
تَعْلِيقٌ عَلَى الْحَلِفِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ قَاصِدًا
مَنْعَهَا مِنْهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ صَعِدْت السَّمَاءَ فَأَنْت
طَالِقٌ قَاصِدًا مَنْعَهَا مِنْ الصُّعُودِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ
الْحَلِفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ،
أَمَّا إذَا قَالَ مَا ذَكَرَ وَلَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهَا مِنْ الصُّعُودِ
فَلَا يَكُونُ حَلِفًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ عَلَّقَ عَلَى الْحَلِفِ،
وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالَةِ الْإِثْبَاتِ كَمَا عَلِمْت مِنْ
الْأَمْثِلَةِ أَمَّا إذَا عَلَّقَ بِالْمُسْتَحِيلِ فِي النَّفْيِ
كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ
يَقَعُ فِي الْحَالِ
(4/381)
أَوْ رَغِيفٍ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْت
هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا
فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَقِيَ) مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَكْلِهَا لَهُ (حَبَّةٌ
أَوْ لُبَابَةٌ) لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ
يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ أَوْ الرَّغِيفَ نَعَمْ
قَالَ الْإِمَامُ إنْ بَقِيَ فُتَاتٌ يَدِقُّ مُدْرَكَهُ بِأَنْ لَا
يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا
لِلْعُرْفِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِبَلْعِهَا ثَمَرَةً بِفِيهَا وَبِرَمْيِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ حِينَئِذٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَوْتِ
وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ إنْ وَغَيْرِهَا فَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ فِيمَا
سَبَقَ التَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي النَّفْيِ لِلتَّرَاخِي إذَا كَانَ
التَّعْلِيقُ بِمُمْكِنٍ، وَالْمُمْكِنُ لَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْ
وُقُوعِهِ إلَّا بِالْمَوْتِ أَمَّا الْمُسْتَحِيلُ فَالْعِلْمُ بِعَدَمِ
وُقُوعِهِ حَاصِلٌ فِي الْحَالِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ ثُمَّ
قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا تَقَدَّمَ، وَيَأْتِي فِي وَاَللَّهِ لَا
أَصْعَدُ السَّمَاءَ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ لَكِنْ لَا لِمَا هُنَا بَلْ؛
لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ،
وَمِنْ ثَمَّ انْعَقَدَتْ فِي لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ
تَعَلُّقِهَا بِمُسْتَحِيلٍ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ
حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى تَكْفِيرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ إلَخْ) وَهَلْ تَتَنَاوَلُ
الرُّمَّانَةُ الْمُعَلَّقَ بِأَكْلِهَا جِلْدَهَا كَمَا لَوْ عَلَّقَ
بِأَكْلِ الْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ قِشْرَهُ الَّذِي يُمَصُّ مَعَهُ
حَتَّى لَوْ مَصَّهُ وَلَمْ يَبْلَعْهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ يُفَرَّقُ؟
فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر إلَى الْفَرْقِ، وَقَالَ لَا يَتَنَاوَلُ
التَّمْرَ الْمُعَلَّقَ بِأَكْلِهِ نَوَاهُ أَوْ أَقْمَاعَهُ اهـ سم عَلَى
حَجّ أَيْ فَلَا تَتَنَاوَلُ الرُّمَّانَةَ جِلْدَهَا، وَقِيَاسُ مَا
ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا الرَّغِيفَ فَتَرَكَتْ
بَعْضَهُ لِكَوْنِهِ مَحْرُوقًا لَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ الْحِنْثُ
لِإِطْلَاقِ الرَّغِيفِ عَلَى الْجَمِيعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يُقَالُ
بِعَدَمِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ مَا حُرِقَ لَا يُقْصَدُ بِالْحَلِفِ عَلَى
أَكْلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ أَقْمَاعِ التَّمْرِ،
وَقَوْلُ سم حَتَّى لَوْ مَصَّهُ إلَخْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ
لَا يَمُصُّ الْقَصَبَ فَشَرِبَ مَاءَهُ الْخَامَ عَدَمُ الْحِنْثِ؛
لِأَنَّهُ لَمْ يَمُصَّهُ عُرْفًا وَإِنَّمَا شَرِبَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر
وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ
فَأَذِنَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ
مَجْنُونَةً فَخَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ
فَلَوْ أَخْرَجَهَا هُوَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ
الْمُقْرِي، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ
وَانْحَلَّتْ؛ لِأَنَّ إنْ لَا تَكْرَارَ فِيهَا فَأَشْبَهَ إنْ خَرَجَتْ
مَرَّةً بِدُونِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ.
وَيُفَارِقُ إنْ خَرَجَتْ لَابِسَةً ثَوْبَ حَرِيرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ
فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ ثُمَّ خَرَجْتِ لَابِسَةً حَيْثُ
طَلُقَتْ بِعَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ لِانْتِفَاءِ الصِّفَةِ فَحَنِثَ
فِي الثَّانِي بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ
زَيْدٍ وَقَدَّمَ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضِيَافَةً أَوْ غَيْرَهَا لَمْ
يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَ
زَيْدٍ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ إلَيْهَا ثُمَّ
دَخَلَهَا الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْقِطَاعِ
الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ
فِيهَا اُتُّجِهَ الْحِنْثُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ حَلَفَ
لَا يَصُومُ زَمَنًا حَنِثَ بِشُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ كَمَا لَوْ حَلَفَ
لَا يَصُومُ أَوْ لَيَصُومَنَّ أَزْمِنَةً كَفَاهُ صَوْمُ يَوْمٍ
لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ
ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ لَيَصُومَنَّ مِنْ
الْأَيَّامِ كَفَاهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ
الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ
كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَلَوْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ
بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ،
وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي مَكَّةَ أَوْ الظِّلِّ أَوْ الْبَحْرِ أَوْ
نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ طَلُقَتْ حَالًا مَا لَمْ يَقْصِدْ
تَعْلِيقًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ) أَخَذَ
بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ لَا
يَحْصُلُ الْبِرُّ فِيهَا إلَّا بِغَسْلِهَا وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهَا
الْغَسْلَ مِنْ الْوَسَخِ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ وَكَالْوَسَخِ
النَّجَاسَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ رَغِيفٍ)
هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ لَا مَا يُجْعَلُ صَغِيرًا
لِلْأَوْلِيَاءِ تَبَرُّكًا بِهِمْ وَنَحْوَ خُبْزِ سَيِّدِي أَحْمَدَ
الْبَدْوِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ بَقِيَ
فُتَاتٌ إلَخْ) يَجْرِي تَفْصِيلُ اللُّبَابَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ
حَبَّةٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ يَدِقُّ مُدْرَكُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ
أَيْ إدْرَاكُهُ اهـ ع ش أَيْ يَخْفَى مُدْرَكُهُ أَيْ إدْرَاكُهُ أَيْ
الْإِحْسَاسُ بِهِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر فِي الْأَيْمَانِ
بِحَيْثُ لَا يَسْهُلُ الْتِقَاطُهُ بِالْيَدِ عَادَةً، وَإِنْ أَدْرَكَهُ
الْبَصَرُ انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُدْرَكُ بِضَمِّ الْمِيمِ يَكُونُ مَصْدَرًا أَوْ
اسْمَ زَمَانٍ وَمَكَانٍ تَقُولُ أَدْرَكْته مُدْرَكًا أَيْ إدْرَاكًا
وَهَذَا مُدْرَكُهُ أَيْ مَوْضِعُ إدْرَاكِهِ وَزَمَنِ إدْرَاكِهِ
وَمَدَارِكُ الشَّرْعِ مَوَاضِعُ طَلَبِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ حَيْثُ
يُسْتَدَلُّ بِالنُّصُوصِ وَالِاجْتِهَادِ مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ
وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ فِي الْوَاحِدِ مَدْرَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ
وَلَيْسَ لِتَخْرِيجِهِ وَجْهٌ وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى طَرْدِ
الْبَابِ فَيُقَالُ مُفْعَلٌ بِالضَّمِّ مِنْ أَفْعَلَ وَاسْتُثْنِيَتْ
كَلِمَاتٌ مَسْمُوعَةٌ خَرَجَتْ عَنْ الْقِيَاسِ قَالُوا الْمَأْوَى مِنْ
آوَيْت وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهِ الضَّمُّ وَقَالُوا الْمَصْبَحُ وَالْمَمْسَى
لِمَوْضِعِ الْإِصْبَاحِ وَلِوَقْتِهِ وَالْمَخْدَعُ مِنْ أَخْدَعْت
الشَّيْءَ وَأَجْزَأَتْ عَنْك مُجْزًى فُلَانٍ بِالضَّمِّ فِي هَذِهِ عَلَى
الْقِيَاسِ وَبِالْفَتْحِ شُذُوذًا وَلَمْ يَذْكُرُوا الْمَدْرَكَ مِمَّا
خَرَجَ عَنْ الْقِيَاسِ فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِالْأُصُولِ
الْقِيَاسِيَّةِ حَتَّى يَصِحَّ سَمَاعٌ وَقَدْ قَالُوا الْخَارِجُ عَنْ
الْقِيَاسِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَصَّلٍ فِي بَابِهِ
اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ) أَيْ بِأَنْ لَا يُسَمَّى
قَطْعَ خُبْزٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ
(4/382)
ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) كَأَنْ قَالَ إنْ
بَلَعْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ رَمَيْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ
أَمْسَكْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَادَرَتْ) مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ
التَّعَالِيقِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) مِنْهَا (أَوْ رَمْيِهِ) لَمْ يَقَعْ
اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ
أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ أَوْ
رَمْيَهُ فَلَا تَخْلُصُ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ وَقَوْلِي
وَبِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِي أَوْ رَمْيِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ
بِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِهِ وَرَمْيِ بَعْضٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ
التَّعْلِيقِ بِرَمْيِهَا عَنْ التَّعْلِيقِ بِابْتِلَاعِهَا وَلَا
الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْلِ بَعْضِهَا وَرَمْيِ بَعْضِهَا.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَوَاهُ عَنْ نَوَاهَا)
الْمُخْتَلِطَيْنِ كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ عَنْ نَوَاك
فَأَنْت طَالِقٌ (فَفَرَّقَتْهُ) بِأَنْ جَعَلْت كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا
(أَوْ) بِعَدَمِ (صِدْقِهَا فِي تُهْمَةِ سَرِقَةٍ) كَأَنْ قَالَ وَقَدْ
اتَّهَمَهَا بِهَا إنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَالَتْ
سَرَقْت مَا سَرَقْت أَوْ) بِعَدَمِ (إخْبَارِهَا بِعَدَدِ حَبٍّ) كَأَنْ
قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ فَأَنْت
طَالِقٌ (فَذَكَرْت مَا) أَيْ عَدَدًا (لَا تَنْقُصُ عَنْهُ ثُمَّ وَاحِدًا
وَاحِدًا إلَى مَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ) كَأَنْ تَذْكُرَ مِائَةً ثُمَّ
تَزِيدُ وَاحِدًا وَاحِدًا فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ مِائَةٌ وَاثْنَانِ
وَهَكَذَا حَتَّى تَبْلُغَ مَا يَعْلَمْ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ.
(أَوْ) بِعَدَمِ (إخْبَارِ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثٍ) مِنْ زَوْجَاتِهِ (بِعَدَدِ
رَكَعَاتِ الْفَرَائِضِ) كَأَنْ قَالَ لَهُنَّ: مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي
مِنْكُنَّ بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ
طَالِقٌ (فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ) أَيْ فِي الْغَالِبِ
(وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَثَالِثَةٌ
إحْدَى عَشْرَةَ) أَيْ لِمُسَافِرٍ (وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْيِينًا فِي)
هَذِهِ الْمَسَائِلِ (الْأَرْبَعِ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ اتِّبَاعًا
لِلَّفْظِ فِي الْأُولَى وَلِصِدْقِ الْمُخَاطَبَةِ فِي أَحَدِ
الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِإِخْبَارِهَا بِعَدَدِ الْحَبِّ فِي
الثَّالِثَةِ وَلِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَ مِنْ الْعَدَدِ فِي
الرَّابِعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ تَعْيِينًا فَلَا يَخْلُصُ
بِذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ قَصْدِ التَّعْيِينِ فِي الرَّابِعَةِ
مِنْ زِيَادَتِي.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِنَحْوِ حِينٍ) كَزَمَانٍ كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ
إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ بَعْدَ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ (وَقَعَ بِمُضِيِّ
لَحْظَةٍ) لِصِدْقِ الْحِينِ وَالزَّمَانِ بِهَا وَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) .
أَتَى بِثُمَّ لِيُفِيدَ تَأْخِيرَ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ عَنْ مَجْمُوعِ
اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا، وَأَمَّا هُمَا فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا اهـ
شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَبَادَرَتْ بِأَكْلِ بَعْضٍ مِنْهَا) أَيْ
بِبَلْعِهِ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ أَوْ بَعْدَ مَضْغِهِ وَلَا تَكُونُ
بِالْمَضْغِ مُمْسِكَةً، وَالْأَكْلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِهِ
يَتَوَقَّفُ عَلَى بَلْعِهِ بَعْدَ الْمَضْغِ، وَالْبَلْعُ فِي ذَلِكَ
يَشْمَلُ الْمَسْبُوقَ بِالْمَضْغِ وَبِغَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ
بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَأْكُلُ كَذَا وَابْتَلَعَتْهُ لَمْ يَحْنَثْ
وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي تَنَاوُلِهِ الْبَلْعَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ
مَضْغٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ،
وَالْبَلْعَ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ لَا يُسَمَّى أَكْلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ
حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَأْكُلُ كَذَا فَابْتَلَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ
فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي تَنَاوُلِهِ الْبَلْعَ
بَعْدَ الْمَضْغِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ
يُسَمَّى فِيهِ أَكْلًا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ
كَلَامَ الْأَصْحَابِ إلَّا الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلُونَ فِي
التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ عَلَى الْعُرْفِ
الْغَالِبِ إذْ الْعُرْفُ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ
وَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ وَعَلَى النَّاظِرِ
التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ اهـ حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَفَرَّقَتْهُ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ لِأَنَّ
الْفَوْرِيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَهُ فَقَالَتْ
سَرَقْت إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَاءِ فِيهِمَا لِمُنَاسَبَةِ
مَا قَبْلَهُمَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ
وَضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ إنْ لَمْ
تُخْبِرِينِي بِالصِّدْقِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مَا سَرَقْت) مَا
نَافِيَةٌ فَهُوَ خَبَرٌ ثَانٍ. (قَوْلُهُ فَذَكَرَتْ مَا لَا يَنْقُصُ
عَنْهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فَوْرًا، وَبِهِ صَرَّحَ
الرَّافِعِيُّ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ
ذَلِكَ أَيْ فِيمَا لَا يَقْتَضِي فَوْرًا كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ
بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا إذَا لَمْ تُخْبِرِينِي اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا) أَيْ وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ تَذْكُرَ
عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ ثُمَّ تُنْقِصُ وَاحِدًا
فَوَاحِدًا وَهَكَذَا، وَكَذَا لَوْ جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَذْكُرَ
عَدَدًا مُتَوَسِّطًا ثُمَّ تَزِيدُ وَتُنْقِصَ وَهَكَذَا وَنُقِلَ عَنْ
الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوَالِي الْأَعْدَادِ، وَلَمْ
يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعَدَدَ
الَّذِي تُسْقِطُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِعَدَدِ حَبِّ الرُّمَّانَةِ
الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَفَارَقَ
مَا هُنَا مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَتْنِي وَبِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ
طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ فَتَطْلُقُ وَلَوْ كَاذِبَةً فِيهِ؛ بِأَنَّهُ
فِي الرُّمَّانَةِ إخْبَارٌ عَمَّا وَقَعَ بِخِلَافِ هَذَا قَالَهُ
شَيْخُنَا وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ لِلرُّمَّانَةِ عَدَدًا خَاصًّا مِنْ
أَعْدَادٍ كَثِيرَةٍ فَهُوَ الْمُرَادُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ،
وَلَوْ وَقَعَ حَجَرٌ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِمَنْ رَمَاهُ
فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ رَمَاهُ مَخْلُوقٌ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ
يُرِدْ تَعْيِينًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ حَتَّى تَبْلُغَ
مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) وَفِيهِ أَنَّ الْخَبَرَ
يَصْدُقُ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَحِينَئِذٍ كَانَ
يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَيِّ عَدَدٍ تَأْتِي بِهِ كَمَا اكْتَفَى
بِإِخْبَارِهَا كَاذِبَةً بِقُدُومِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَالَ لَهَا إنْ
أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ
الْإِخْبَارَ إذَا كَانَ عَمَّا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْوَاقِعِ لَا بُدَّ
فِيهِ مِنْ الصِّدْقِ، وَإِذَا كَانَ عَمَّا يَحْتَمِلُ الْوُقُوعَ
وَعَدَمَهُ فَيَكْتَفِي فِيهِ بِالْإِخْبَارِ وَلَوْ كَذِبًا اهـ ح ل
وَمِثْلُهُ م ر.
. (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْغَالِبِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَمْ
تَعْرِفْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا
قَصَدَ تَعْيِينًا فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّفْرِيقِ
الْمَذْكُورِ فِي صُورَةِ النَّوَى وَلَا بِالْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ فِي
صُورَةِ السَّرِقَةِ وَالْحَبِّ وَالرَّكَعَاتِ بَلْ يُقَالُ فِي صُورَةِ
النَّوَى إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ عَادَةً فَمَيَّزَتْ لَمْ يَقَعْ بَلْ
بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ وَقَعَ بِالْيَأْسِ مِنْ
التَّمْيِيزِ، وَذَلِكَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ
التَّمْيِيزُ عَادَةً فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فِي النَّفْيِ
فَيَقَعُ حَالًا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيِّ وع ش عَلَيْهِ،
وَأَمَّا الصُّوَرُ الثَّلَاثُ الْبَاقِيَةُ فَالْمُعَلَّقُ بِهِ فِيهَا
لَا يَكُونُ مُسْتَحِيلًا أَصْلًا فَحِينَئِذٍ إنْ أَخْبَرَتْهُ مِمَّا
عَيَّنَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ لَمْ تُخْبِرْهُ
وَقَعَ الطَّلَاقُ لَكِنْ بِالْيَأْسِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا
عَلِمْت؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُمْكِنٍ فِي النَّفْيِ هَكَذَا
يُسْتَفَادُ مِنْ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ بِنَحْوِ حِينٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي
الْأَيْمَانِ أَيْ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ أَوْ حِقْبٍ أَوْ
(4/383)
وَفَارَقَ ذَلِكَ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ
حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ بِأَنَّ
الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ أَوْ قَذْفِهِ
تَنَاوَلَهُ) التَّعْلِيقُ (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ
وَاللَّمْسِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ
الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ وَيَكْفِي
رُؤْيَةُ بَعْضِ الْبَدَنِ وَلَمْسِهِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ الشَّعْرِ
وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَلَا لَمْسُهَا (لَا بِضَرْبِهِ) الْمُعَلَّقِ
بِهِ الطَّلَاقُ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ التَّعْلِيقُ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَحْقَابٍ حَنِثَ بِالْمَوْتِ أَيْ قُبَيْلَهُ مُتَمَكِّنًا مِنْ
الْقَضَاءِ لَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ
مُقَدَّرٍ بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ
لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ
كَقَوْلِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّك فَمَتَى قَضَاهُ بَرَّ، وَسَوَاءٌ
أَوَصَفَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ فَجَمِيعُ الْعُمْرِ
مُهْلَةٌ لَهُ وَيُخَالِفُ الطَّلَاقُ حَيْثُ يَقَعُ بِهِ بِمُضِيِّ
لَحْظَةٍ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ أَوْ نَحْوِهِ،
وَفَرَّقَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ
حِينِ تَعْلِيقٍ فَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا،
وَقَوْلُهُ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينِ وَعْدٍ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ
بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ
بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّ فُلَانٍ إلَى حِينٍ لَمْ يَحْنَثْ بَعْدَ
لَحْظَةٍ اهـ، وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر انْتَهَى
شَوْبَرِيٌّ.
1 -
(فَرْعٌ)
وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَحَلَفَ
بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِيَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ مِنْهُ كَذَا فَفَوَّتَ
جُمُعَةً مِنْ غَيْرِ إعْطَاءٍ، ثُمَّ دَفَعَ مَا يَخُصُّهَا فِي
الْجُمُعَةِ التَّالِيَةِ لَهَا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا، وَالْجَوَابُ
أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالْحِنْثِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ
ظَرْفٌ وَبِفَرَاغِهَا يَتَحَقَّقُ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ فِيهَا، وَهَذَا
كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ
لَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً بَلْ أَرَادَ الْأَعَمَّ مِنْ
الْإِعْطَاءِ فِيهَا أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا
يُعَدُّ مُؤَخَّرًا لَمْ يَحْنَثْ، وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا اهـ
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَفَارَقَ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَفَارَقَ قَوْلُهُمْ فِي الْأَيْمَانِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ
لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْظَةٍ فَأَكْثَرَ بَلْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ بِأَنَّ
الطَّلَاقَ تَعْلِيقٌ فَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا إذْ
الْمَدَارُ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى وُجُودِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ
لَفْظُهَا وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ فَنُظِرَ
فِيهِ إلَى الْيَأْسِ. (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ
الطَّلَاقِ وَالْقَضَاءِ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْإِنْشَاءِ وَالْوَعْدِ
لَكِنْ عَلَى التَّوْزِيعِ فَفِي مَسْأَلَةِ الْوَعْدِ يَحْنَثُ
بِالْيَأْسِ وَفِي الْإِنْشَاءِ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ) وَالرُّؤْيَةُ لِنَحْوِ زَيْدٍ
مَحْمُولَةٌ عَلَى الْبَصَرِيَّةِ لَا الْعِلْمِيَّةِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ
الْهِلَالِ فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِيَّةِ لَا عَلَى
الْبَصَرِيَّةِ فَتَطْلُقُ بِتَمَامِ الْعَدَدِ كَمَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ
غَيْرِهَا لَهُ فَلَوْ قَالَ لِلْعَمْيَاءِ إنْ لَمْ تَرَيْ زَيْدًا
فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ حَيْثُ أَيِسَ مِنْ عَوْدِ
بَصَرِهَا بِأَنْ غَارَتْ عَيْنَاهَا أَوْ وَلَدَتْ كَمْهَاءَ؛ لِأَنَّهُ
تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ مَعَ النَّفْيِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ لَمَسَهُ)
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَسَّهُ هُنَا كَلَمْسِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي
نَقْضِ الْوُضُوءِ لِإِطْرَادِ الْعُرْفِ هُنَا بِاتِّحَادِهِمَا اهـ
شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ تَنَاوَلَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا) أَيْ فَيَحْنَثُ
بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مُتَّصِلٌ بِهِ غَيْرِ نَحْوِ شَعْرِهِ
نَظِيرِ مَا يَأْتِي لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ
أَوْ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ دُونَ خَيَالِهِ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ
نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ
حَنِثَ إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا.
كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ
بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ وَبِمَسِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ
رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ صِدْقُ رُؤْيَةِ كُلِّهِ عُرْفًا بِخِلَافِ
مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كُوَّةٍ مَثَلًا فَرَأَتْهَا فَلَا حِنْثَ
وَلَوْ قَالَ لِعَمْيَاءَ إنْ رَأَيْت فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ
حَمْلًا لِرَأْيٍ عَلَى الْمُتَبَادَرِ مِنْهَا أَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ
الْهِلَالِ أَوْ الْقَمَرِ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ
غَيْرِهَا لَهُ أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ
الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ
مَثَلًا، فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى
اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ
تَصْدِيقُ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ
أَخْبَرَ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ
فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُؤَاخَذَتُهُ
وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالرُّؤْيَةِ الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ
نَعَمْ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ عَمْيَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ؛
لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ يُدَيَّنُ وَإِذَا قَبِلْنَا
التَّفْسِيرَ فِي الْهِلَالِ بِالْمُعَايَنَةِ وَمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ
وَلَمْ تَرَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ يَسْتَقْبِلُهُ انْحَلَّتْ
يَمِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعْدَهَا هِلَالًا أَمَّا التَّعْلِيقُ
بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِمُعَايَنَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ
مُشَاهَدَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُسَمَّى قَمَرًا
كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ شَرْحُ م
ر. (قَوْلُهُ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ) أَمَّا
الْإِثْمُ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ أَشَدُّ مِنْ قَذْفِ الْحَيِّ
لِأَنَّ الْحَيَّ يُمْكِنُ الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ
اهـ ع ش عَلَى م ر، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَهُوَ وُجُوبُ الْحَدِّ أَوْ
التَّعْزِيرِ بِقَذْفِهِ كَقَذْفِ الْحَيِّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ؛
لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ الْإِيلَامُ) لَكِنْ
خَالَفَاهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى
الْإِيلَامِ بِالْقُوَّةِ وَالْمَنْفِيِّ ثُمَّ عَلَى مَا بِالْفِعْلِ
شَيْخُنَا.
(فَرْعٌ) فِيمَنْ حَلَفَ لَا تَذْهَبُ زَوْجَتُهُ مَعَ أُمِّهِ إلَى
الْحَمَّامِ فَذَهَبَتْ أَوْ لَا وَاجْتَمَعَا فِيهِ فَإِنْ قَصَدَ
مَنْعَهُمَا مِنْ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ حَنِثَ وَإِنْ قَصَدَ مَنْعَ
اجْتِمَاعِهِمَا ذَهَابًا أَوْ أَطْلَقَ فَلَا كَذَا فِي الْإِمْدَادِ
آخِرِ مَسْأَلَةٍ فِي الْبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ
(4/384)
الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ الْإِيلَامُ وَالْمَيِّتُ لَا
يُحِسُّ بِالضَّرْبِ حَتَّى يَتَأَلَّمَ بِهِ.
(وَلَوْ خَاطَبَتْهُ بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ يَا خَسِيسُ فَقَالَ) لَهَا
(إنْ كُنْت كَذَا) أَيْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا (فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ
قَصَدَ) بِذَلِكَ (مُكَافَأَتَهَا) بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ أَيْ
إغَاظَتَهَا بِالطَّلَاقِ كَمَا أَغَاظَتْهُ بِمَا يَكْرَهُهُ (وَقَعَ)
حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا (وَإِلَّا) بِأَنْ
قَصَدَ تَعْلِيقًا أَوْ أَطْلَقَ (فَتَعْلِيقٌ) فَلَا يَقَعُ إلَّا
بِوُجُودِ الصِّفَةِ نَظَرًا لِوَضْعِ اللَّفْظِ (وَالسَّفِيهُ مِنْ بِهِ
مُنَافٍ لِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ) كَأَنْ يُبَلِّغَ مُبَذِّرًا يَضَعُ
الْمَالَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْجَائِزِ (وَالْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ
بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ يَتْرُكَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِهَا قَالَ الشَّيْخَانِ
(وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلًا) بِمَا
يَلِيقُ بِهِ لَا زُهْدًا وَلَا تَوَاضُعًا وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ
بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ (وَالْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي زَكَاةً
أَوْ لَا يَقْرِي ضَيْفًا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِي. |