فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل

 (كِتَابُ الْعِدَدِ) جَمْعُ عِدَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ الْآتِيَةُ وَشُرِعَتْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ (تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ.

[كِتَابُ الْعِدَدِ]
أُخِّرَتْ إلَى هُنَا لِتَرَتُّبِهَا غَالِبًا عَلَى الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَأُلْحِقَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا طَلَاقًا وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا وَهِيَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَكْفُرْ جَاحِدُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِ تَفَاصِيلِهَا، وَكُرِّرَتْ الْأَقْرَاءُ الْمُلْحَقُ بِهَا الْأَشْهُرُ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِوَاحِدٍ اسْتِظْهَارًا وَاكْتِفَاءً بِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ يَقِينَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ لِكَوْنِهِ نَادِرًا. اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ طُولِبَ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَلَى مَا مَرَّ، وَإِذَا ظَاهَرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَوْرًا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَلَا كَفَّارَةَ. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ وَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْعَدَدَ غَيْرُ مَلْحُوظٍ فِيهِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ إلَخْ) نُقِلَ عَنْ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَعْنَاهُ تَنْتَظِرُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ تَصْبِرُ وَتَتَمَهَّلُ. اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ تَرَبَّصْت الْأَمْرَ تَرَبُّصًا انْتَظَرْتُهُ وَالرُّبْصَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ اسْمٌ مِنْهُ وَتَرَبَّصْتُ الْأَمْرَ بِفُلَانٍ تَوَقَّعْتُ نُزُولَهُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا) الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ إذْ مَا عَدَا وَضْعِ الْحَمْلِ يَدُلُّ عَلَيْهَا ظَنًّا. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) أَوْ هَذِهِ حَقِيقَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا وَمَانِعَةُ خُلُوٍّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ لِتَفَجُّعِهَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهَا فَالتَّفَجُّعُ يُجَامِعُ التَّعَبُّدَ وَمَعْرِفَةَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إمَّا لِمَعْرِفَةِ الْبَرَاءَةِ فِيمَنْ تَحْبَلُ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ فِي غَيْرِهَا وَالتَّفَجُّعُ مُصَاحِبٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهَا. اهـ.
وَفِي الْمُخْتَارِ الْفَجِيعَةُ: الرَّزِيَّةُ وَقَدْ فَجَعَتْهُ الْمُصِيبَةُ أَيْ أَوْجَعَتْهُ وَبَابُهُ قَطَعَ وَفَجَّعَتْهُ أَيْضًا تَفْجِيعًا وَتَفَجَّعَ لَهُ أَيْ تَوَجَّعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) وَهُوَ اصْطِلَاحًا مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ عِبَادَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَا يُقَالُ فِيهَا تَعَبُّدٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَتَحْصِينًا لَهَا إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ حِفْظًا وَهَذَا بَيَانٌ لِحِكْمَتِهَا فِي الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ لِلتَّعَبُّدِ كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ لَا تُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُرَاهِقُ بِبَالِغَةٍ أَوْ الْمَجْنُونُ بِعَاقِلَةٍ إلَّا الْمُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ هُوَ زِنًا فَلَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَلَا يُثْبِتُ النَّسَبَ. اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ، وَالشَّرْعُ مَنَعَ نَسَبَهُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ وَلَا ظَنَّ هَاهُنَا وَوَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيهَا قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ لُحُوقِهِ بِهِ ضَعِيفٌ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِوَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ زَانِيَةً وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَاسْتِدْخَالُ مَنِيِّهِ أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مِنْ مَجْبُوبٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ غَيْرِ مُسْتَحْكِمٍ لَا مِنْ مَمْسُوحٍ وَالْمُرَادُ الْمَنِيُّ الْمُحْتَرَمُ بِأَنْ لَا يَكُونَ حَالَ خُرُوجِهِ مُحَرَّمًا لِذَاتِهِ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَشَمِلَ الْخَارِجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ مَثَلًا أَوْ بِاسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهَا أَوْ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ بِوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا فَإِذَا اسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً عَالِمَةً بِحَالِهِ وَجَبَ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَالْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْحَرَامُ فِي ظَنِّهِ، وَالْوَاقِعُ مَعًا كَالزِّنَا وَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ، وَأَلْحَقَ شَيْخُنَا الْخَارِجَ بِالنَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ الْمُحَرَّمِ فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ لَاحِقٌ بِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْفِرَاشُ وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطَ الضَّمِيرِ فِي مَنِيِّهِ فَتَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ) أَيْ يُنْسَبُ لَهُ الْوَلَدُ بِأَنْ كَانَ فَحْلًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا لَا مَمْسُوحًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ لَهُ الْوَلَدُ. اهـ مِنْ الْحَلَبِيِّ وَقَوْلُهُ: لَا مَمْسُوحًا أَيْ وَلَوْ سَاحَقَهَا حَتَّى نَزَلَ مَاؤُهُ فِي فَرْجِهَا. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ كَالرِّدَّةِ وَالْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: دَخَلَ مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَنِيَّ الْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ إيلَاجٍ قُطِعَ

(4/441)


أَوْ وَطِئَ) فِي فَرْجٍ (وَلَوْ فِي دُبُرٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولُ مَنِيٍّ وَلَا وَطْءٌ وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: 49] ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِدُخُولِ مَنِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الْمُحْتَرَمَ غَيْرُهُ بِأَنْ يُنْزِلَ الزَّوْجُ مَنِيَّهُ بِزِنًا فَتُدْخِلَهُ الزَّوْجَةُ فَرْجَهَا (أَوْ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمٍ) كَمَا فِي صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ الَّذِي بِهِ الْعُلُوقُ خَفِيٌّ يَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ إدْخَالُ الْمَنِيِّ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ، وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ (فَعِدَّةُ حُرَّةٍ تَحِيضُ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) وَلَوْ جَلَبَتْ الْحَيْضَ فِيهَا بِدَوَاءٍ قَالَ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وَلَوْ مُسْتَحَاضَةً) غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ هِيَ إلَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِيهِ بِعَدَمِ الْإِنْزَالِ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ الْهَوَاءُ يُفْسِدُهُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَلَدٌ ظَنٌّ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ مَتَى حَمَلَتْ مِنْهُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ تَأْثِيرِ الْهَوَاءِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ أَيْضًا. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَنِيُّهُ الْمُحْتَرَمُ) الْعِبْرَةُ فِي الِاحْتِرَامِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ حَتَّى إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ بِوَجْهٍ مُحْتَرَمٍ كَمَا إذَا عَلَا عَلَى زَوْجَتِهِ فَأَخَذَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ عَالِمَةٌ بِأَنَّهُ مَنِيُّ أَجْنَبِيٍّ وَاسْتَدْخَلَتْهُ فَهُوَ مَنِيٌّ مُحْتَرَمٌ تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالْوَلَدُ مِنْهُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَلَوْ سَاحَقَتْ امْرَأَتُهُ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا مَاؤُهُ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَخَرَجَ مَاؤُهُ مِنْهَا وَنَزَلَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ فَهُوَ مُحْتَرَمٌ، وَالْوَلَدُ لْمُنْعَقِدُ مِنْهُ وَلَدُهُ، وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ فَخَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ عَلَى الْحَجَرِ فَأَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ عَمْدًا وَاسْتَنْجَتْ بِهِ فَدَخَلَ مَا عَلَيْهِ فَرْجَهَا فَهُوَ مُحْتَرَمٌ. اهـ م ر.
(فَرْعٌ) مُجَرَّدُ إمْكَانِ دُخُولِ الْمَاءِ لَا عِبْرَةَ بِهِ فَلَا تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ إنْ كَانَ كَمَا لَوْ مَضَى مِنْ الْعَقْدِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا إرْسَالُ الْمَاءِ إلَى الزَّوْجَةِ وَاسْتِدْخَالُهَا لَهُ لَكِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا لِكَوْنِهِ عِنْدَنَا جَمِيعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ. اهـ م ر. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ وَلَوْ فِي دُبُرٍ) وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِلَا إشْكَالٍ بَلْ لَوْ اسْتَدْخَلَتْ هَذَا الْمَاءَ زَوْجَةٌ أُخْرَى وَجَبَتْ الْعِدَّةُ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ سم وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ يَطَأَهَا يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، وَأَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا زِنًا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ وَطْؤُهَا سِوَى ذَلِكَ فَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِطَلَاقِهِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْوَطْءِ بِقَصْدِ الزِّنَا حَتَّى يُقَالَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً قَبْلَ الدُّخُولِ وَوَطْءُ الزِّنَا لَا يُوجِبُ عِدَّةً اعْتِبَارًا بِكَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ زَوْجَةً، وَمَا تَخَيَّلَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ بِذَلِكَ الظَّنِّ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ نُظِرَ إلَى كَوْنِ الْوَطْءِ بِاسْمِ الزِّنَا فَالزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ نُظِرَ إلَى كَوْنِهَا زَوْجَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ مُوجِبًا لِلْعِدَّةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي دُبُرٍ) غَايَةٌ فِي الْوَطْءِ، وَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ، الْمُرَادُ بِالْمُحْتَرَمِ مَا خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الْحِلِّ، وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْهُ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ) وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَبَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَطْءِ وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْإِيلَاءِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ، وَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ فَلِي الرَّجْعَةُ، وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ إلَخْ) اسْتَدَلَّ بِمَنْطُوقِ الْآيَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ وَبِمَفْهُومِهَا عَلَى الْمَنْطُوقِ مَعَ قِيَاسِ الِاسْتِدْخَالِ عَلَى الْوَطْءِ فِيهِمَا وَلَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بِدُخُولِ مَنِيِّهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْوَطْءِ، وَإِنْ وُجِدَ الِاسْتِدْخَالُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الْمُحْتَرَمَ غَيْرُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا عِدَّةَ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ رَحِمٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَايَةِ فَهُوَ غَايَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا. اهـ شَيْخُنَا وَانْظُرْ هَلْ يَصْلُحُ رُجُوعُهُ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَيْهِ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي صَغِيرٍ) أَيْ وَطِئَ أَوْ صَغِيرَةٍ أَيْ وُطِئَتْ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَاءَ أَيْ وَقَدْ تَهَيَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْوَطْءِ فَابْنُ سَنَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِوَطْئِهِ، وَكَذَا صَغِيرَةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ) أَيْ الْإِنْزَالِ، وَكَوْنُ الْوَطْءِ سَبَبًا لِلْإِنْزَالِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ، وَأَمَّا كَوْنُ إدْخَالِ الْمَنِيِّ سَبَبًا لِلْإِنْزَالِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ سَبَبٌ لِلْعُلُوقِ لَا لِلْإِنْزَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ إدْخَالِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بِسَبَبِهِ. اهـ شَيْخُنَا. وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَنْهُ رَاجِعٌ لِلْإِنْزَالِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعُلُوقِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي سَبَبِهِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَطْءِ، وَإِدْخَالِ الْمَنِيِّ سَبَبٌ لِلْعُلُوقِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ رَفْعُ الْمَعْطُوفِ بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْعِبَارَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا اكْتَفَى إلَخْ) كَانَ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ السَّفَرُ. اهـ ح ل تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ. (قَوْلُهُ: فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّ ظَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ بَلْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ وَوَطِئَهَا شَخْصٌ بِشُبْهَةٍ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ تَبَعًا لِظَنِّهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَنَّهُ الْحُرِّيَّةَ يُؤَثِّرُ وَظَنَّهُ الرِّقَّ لَا يُؤَثِّرُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ م ر.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ

(4/442)


مِنْ عَادَةٍ وَتَمْيِيزٍ، وَأَقَلِّ حَيْضٍ كَمَا مَرَّتْ فِي بَابِهِ (وَالْقَرْءُ) الْمُرَادُ هُنَا (طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ) أَيْ دَمُ حَيْضَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ نِفَاسَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي زَمَنِهَا وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ وَزَمَنُ الْعِدَّةِ يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْحَيْضِ مَا فِي خَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» ، وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الطُّهْرِ مَجَازٌ فِي الْحَيْضِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ، وَأَقْرُؤٍ.
(فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ (انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِطَعْنٍ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِذَلِكَ بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ قَرْءٌ وَطِئَ فِيهِ أَمْ لَا وَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] بِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ (أَوْ) طَلُقَتْ (حَائِضًا) ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ شَيْءٌ (فَفِي رَابِعَةٍ) أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَزَمَنُ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِ انْقِضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِالطُّهْرِ بَيْنَ دَمَيْنِ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ تَنْفَسْ فَلَا يُحْسَبُ قَرْءًا (وَ) عِدَّةُ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ) وَلَوْ مُتَقَطِّعَةَ الدَّمِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (طَلُقَتْ أَوَّلَ شَهْرٍ) كَأَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هَذَا قَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ، وَإِنْ جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا اعْتَدَّتْ بِقَرْءٍ لِحَقِّهِ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ هُنَا لِفَسَادِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَفْسَدَةِ بَلْ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الزَّانِي بَلْ دُونَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ نَعَمْ يُفَسَّقُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ أَقَدَمَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا أَيْ وَهُوَ مِمَّا يَفْسُقُ بِهِ لَوْ ارْتَكَبَهُ حَقِيقَةً. اهـ وَقَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَبِيرَةٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا إنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِيَّتَهُ بَعْدَ إذْنِهَا ظَانًّا أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَأَنْ زَوَّجَ أُخْتَهُ ظَانًّا حَيَاةَ وَالِدِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ تَعَاطِيَهُ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً خِلَافًا لحج لَكِنَّ هَذَا لَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِفِسْقِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِقْدَامِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا يَعْتَقِدُهُ لِغَيْرِهِ. اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ أَيْ لَمْ يَظُنَّهَا الْوَاطِئُ حُرَّةً؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ ظَنُّهُ إلَّا إنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ فَإِذَا ظَنَّ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ لَمْ يُعْتَبَرْ ظَنُّهُ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ حَجّ الْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ أَوْ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ اعْتَدَّتْ بِقُرْأَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّهُ فَنِيطَتْ بِظَنِّهِ هَذَا مَا قَالَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ. اهـ وَلَوْ تَزَوَّجَ لَقِيطَةً ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَإِنْ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِحَقِّهِ، وَإِنْ مَاتَ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَادَةٍ إلَخْ) مِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَرْدُودَةٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَيَانِيَّةً لِلْأَقْرَاءِ إذْ الْمُرَادُ بِهَا الْأَطْهَارُ وَالْمَذْكُورَاتُ لَيْسَتْ أَطْهَارًا. اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ هِيَ إلَيْهَا حَيْضًا وَطُهْرًا فَتُرَدُّ مُعْتَادَةٌ لِعَادَتِهَا فِيهِمَا وَمُمَيِّزَةٌ لِتَمْيِيزِهَا كَذَلِكَ وَمُبْتَدَأٌ لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْحَيْضِ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فِي الطُّهْرِ فَعِدَّتُهَا تِسْعُونَ يَوْمًا مِنْ ابْتِدَائِهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيْضُ وَبِخِلَافِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى) دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْأَقْرَاءِ الْأَطْهَارَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ عَيْنُ الدَّعْوَى فَلِذَلِكَ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إلَخْ وَهُنَاكَ مُقَدِّمَةٌ مَحْذُوفَةٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَمَامُ الدَّلِيلِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَرْءُ هُوَ الْحَيْضُ لَكِنَّا مَأْمُورِينَ بِالْحَرَامِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَزَمَنُ الْعِدَّةِ إلَخْ فَلَمْ يُعْرَفْ مَوْقِعُهُ مِنْ الدَّلِيلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ أَيْ فِي زَمَنِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نِفَاسَيْنِ) بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ الزِّنَا أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ وَضَعَتْ ثُمَّ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا أَيْضًا ثُمَّ وَضَعَتْ فَإِنَّ الطُّهْرَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ قَرْءٍ فَتَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِقُرْأَيْنِ فَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الثَّانِي مِنْ زِنًا فَقَطْ، وَكَتَبَ أَيْضًا بِأَنْ كَانَ الْحَمْلُ الثَّانِي مِنْ زِنًا وَالْأَوَّلُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَقَدْ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ. اهـ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ (قَوْلُهُ: مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَرْءَ مِنْ الْقَرْءِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْجَمْعُ، وَالدَّمُ زَمَنَ الطُّهْرِ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ وَفِي الْحَيْضِ يَتَجَمَّعُ بَعْضُهُ وَيَسْتَرْسِلُ بَعْضُهُ إلَى أَنْ يَنْدَفِعَ الْكُلُّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بِأَنْ طَلَّقَهَا مَعَ آخِرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَامِلَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ تَكُونُ ثَلَاثَةً كَامِلَةً فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ أَوْ آخِرِ الْحَيْضِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضِ وَتَكُونُ اثْنَيْنِ وَبَعْضِ ثَالِثٍ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ شَيْءٌ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ حَسَبْتُ الْمَالَ حَسْبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ أَحْصَيْتُهُ عَدَدًا وَحِسْبَةً بِالْكَسْرِ وَحُسْبَانًا بِالضَّمِّ. اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا ثُمَّ قَالَ وَحَسِبْت زَيْدًا قَائِمًا أَحْسِبُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ إلَّا بَنَى كِنَانَةَ فَإِنَّهُمْ يَكْسِرُونَ الْمُضَارِعَ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ حِسْبَانًا بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى ظَنَنْت وَاحْتَسَبَ فُلَانٌ ابْنَهُ إذَا مَاتَ كَبِيرًا فَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا قِيلَ افْتَرَطَهُ وَاحْتَسَبَ الْأَجْرَ عَلَى اللَّهِ ادَّخَرَهُ عِنْدَهُ لَا يَرْجُو ثَوَابَ الدُّنْيَا.
اهـ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَيَصِحُّ فِيهِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَنْفَسُ)

(4/443)


(ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ (حَالًا) لَا بَعْدَ الْيَأْسِ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ غَالِبًا مَعَ عِظَمِ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ أَمَّا لَوْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حُسِبَ قَرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ فَتَكْمُلُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلُّ لَمْ يُحْسَبُ قَرْءًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا حَيْضَ فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ (وَ) عِدَّةُ (غَيْرِ حُرَّةٍ) تَحِيضُ وَلَوْ مُبَعَّضَةً أَوْ مُسْتَحَاضَةً غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ (قُرْآنِ) .
لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقَرْءَ الثَّانِي لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَعُودَ الدَّمُ (فَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ فَكَحُرَّةٍ) فَتُكَمِّلُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ بَيْنُونَةٍ؛ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَ) عِدَّةُ غَيْرِ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ بِشَرْطِهَا) السَّابِقِ وَهُوَ أَنْ تَطْلُقَ أَوَّلَ شَهْرٍ (شَهْرَانِ) فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَالْبَاقِي أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ حُسِبَ قَرْءًا فَتُكَمِّلُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ هِلَالِيٍّ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ قَرْءًا فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبَارِزِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) عِدَّةُ (حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ) مِنْ الْحَيْضِ (ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ بِأَنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ قَالَ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ (فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَمَّلَتْهُ مِنْ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا (وَ) عِدَّةُ (غَيْرِ حُرَّةٍ) لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ (شَهْرٌ وَنِصْفٌ) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ حُرَّةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَمَةٍ (وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا) مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يُقَالُ فِي فِعْلِهِ نُفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا فِي الْمَاضِي، وَأَمَّا الْمُضَارِعُ فَهُوَ عَلَى زِنَةِ مُضَارِعِ عَلِمَ لَا غَيْرُ مِنْ بَابِ تَعِبَ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَالًا) مَحَلُّ هَذَا إنْ لَمْ تَحْفَظْ قَدْرَ أَدْوَارِهَا، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِ أَدْوَارِهَا وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سَنَةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السَّنَةَ دَوْرَهَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْيَأْسِ) أَيْ خِلَافًا لِلضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ عِدَّتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ لَا لِلرَّجْعَةِ وَالسُّكْنَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْيَأْسِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ مُتَوَقِّعَةٌ لِلْحَيْضِ الْمُتَيَقَّنِ. اهـ مِنْ أَصْلِهِ وَشَرْحُ م ر، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجْعَةِ وَالنَّفَقَةِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْفِرَاقِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ طَلُقَتْ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ إلَخْ) كَذَا فِي الرَّوْضِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ م ر بِخَطِّهِ مُرَادُهُ بِالْأَكْثَرِ يَوْمًا فَأَكْثَرَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ.
وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ فَإِنَّهُ لَوْ اكْتَفَى بِمَا دُونَ السِّتَّةَ عَشَرَ لَجَازَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ مُطَابِقًا لِأَوَّلِ الْحَيْضِ، وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالْبَاقِي بَعْدَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَسَعُ الطُّهْرَ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا كَذَلِكَ السِّتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ مِنْهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً حَيْضًا وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا. اهـ س ل. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ) أَيْ وَحَيْضٍ. (قَوْلُهُ: فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ تُكْمِلْ عَلَى هَذَا وَتَكُونُ أَشْهُرُهَا عَدَدِيَّةٌ أَوْ هِلَالِيَّةٌ فِي غَيْرِ الْمُكَمَّلِ وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَيْ مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ حَيْضٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ إلَخْ) وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي يَتَسَاوَيَانِ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقَرْءِ هُنَا لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِظْهَارِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْحُرِّ أَكْثَرَ فَخُصَّتْ بِثَلَاثَةٍ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ إلَخْ) ، وَأَمَّا الْعَكْسُ بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَتُكَمِّلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: شَهْرَانِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ تَكُنْ شَهْرًا وَنِصْفًا عَلَى الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ مُمْكِنٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْبَارِزِيُّ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَوُجُوبُ الشَّهْرَيْنِ لَا لِذَاتِهِمَا بَلْ لِيُتَوَصَّلَ بِهِمَا إلَى قُرْأَيْنِ وَلَا يَحْصُلُ الْقُرْآنِ غَالِبًا إلَّا مِنْ شَهْرَيْنِ لَا مِنْ شَهْرٍ وَنِصْفٍ.

(قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ) أَيْ لِصِغَرِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ أَوْ جِبِلَّةٍ مَنَعَتْهَا رُؤْيَةَ الدَّمِ أَصْلًا أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا. اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ.
(فَرْعٌ) . لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ حَيْضًا قَطُّ وَلَا نِفَاسًا فَفِي عِدَّتِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا بِالْأَشْهُرِ وَهِيَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْكِتَابِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ إلَى أَنْ قَالَ وَالثَّانِي أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ فَعَلَى هَذَا هِيَ كَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا بِلَا سَبَبٍ ظَاهِرٍ فَالشَّارِحُ مِمَّنْ يَخْتَارُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ. اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَحُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ إلَخْ أَيْ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَرَأَتْ نِفَاسًا. اهـ وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَا أَحِيضُ زَمَنَ الرَّضَاعِ ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ أَحِيضُ زَمَنَهُ فَيُقْبَلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ الثَّانِي مُتَضَمِّنٌ لِدَعْوَاهَا الْحَيْضَ فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ) وَمَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ كَصَفَرٍ، وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى أَوْ جُمَادَى فَقَطْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمُضِيِّهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى تَكْمِيلِ الْعَدَدِ بِشَيْءٍ مِنْ جُمَادَى الْأَخِيرَةِ وَمِثْلُهُ يَجِيءُ هُنَا. اهـ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ ارْتَبْتُمْ) أَيْ إنْ لَمْ تَعْرِفُوا مَا تَعْتَدُّ بِهِ الَّتِي يَئِسَتْ. اهـ خَطِيبٌ وَخَاطَبَ الْأَزْوَاجَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّهُمْ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِصِيَانَةِ مَائِهِمْ. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ) فَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَّلَتْهُ مِنْ الرَّابِعِ ثَلَاثِينَ) وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ التَّكْمِيلَ ثَمَّ لَا يُحَصِّلُ

(4/444)


(وَلَوْ بِلَا عِلَّةٍ) تُعْرَفُ (تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) فَتَعْتَدَّ بِأَقْرَاءٍ (أَوْ تَيْأَسُ) فَبِأَشْهُرٍ، وَإِنْ طَالَ صَبْرُهَا؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَلِلْآيِسَةِ وَهَذِهِ غَيْرُهُمَا (فَلَوْ حَاضَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ) مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ) حَاضَتْ (آيِسَةٌ) كَذَلِكَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْهُرِ (فَبِأَقْرَاءٍ) تَعْتَدُّ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ قَدِرَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بَدَلِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَهَا الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أَوْ الثَّانِيَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِي (كَآيِسَةٍ حَاضَتْ بَعْدَهَا وَلَمْ تَنْكِحْ) زَوْجًا آخَرَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيِسَةً فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ظَاهِرًا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الْحُرَّةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ مِنْ زِيَادَتِي (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْيَأْسِ (يَأْسُ كُلِّ النِّسَاءِ) بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ لَا طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ، وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ خَمْسُونَ.

(وَ) عِدَّةُ (حَامِلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْغَرَضَ، وَهُوَ تَيَقُّنُ الطُّهْرِ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ مُتَأَصِّلَةٌ فِي حَقِّ هَذِهِ. اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا عِلَّةٍ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ الْقَائِلِ بِأَنَّ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ أَيْضًا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ. اهـ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا عِلَّةٍ تُعْرَفُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ فِي الْوَاقِعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ فَمَصَبُّ النَّفْيِ قَوْلُهُ تُعْرَفُ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا الصَّبْرَ فَذَاكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى امْتِدَادِ الرَّجْعَةِ وَدَوَامِ النَّفَقَةِ فَلَا لِمَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ بَلْ تَمْتَدُّ الرَّجْعَةُ وَالنَّفَقَةُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِدَّةِ الْمُتَحَيِّرَةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ لَكِنْ اسْتَظْهَرَ ع ش عَلَى م ر أَنَّ الرَّجْعَةَ وَالنَّفَقَةَ يَمْتَدَّانِ إلَى الْحَيْضِ أَوْ الْيَأْسِ اهـ وَعِبَارَتُهُ وَهَلْ يَمْتَدُّ زَمَنُ الرَّجْعَةِ إلَى الْيَأْسِ أَمْ تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. اهـ عَمِيرَةُ.
وَهَلْ مِثْلُ الرَّجْعَةِ النَّفَقَةُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَابِعَةٌ لِلْعِدَّةِ وَقُلْنَا بِبَقَائِهَا وَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَقِيَّةَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَبِأَقْرَاءٍ تَعْتَدُّ) وَلَوْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ قَرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا. اهـ شَرْحُ م ر وَالْأَقْرَاءُ أَيْ فِي مَنْ لَمْ تَحِضْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهَا لَا يُحْسَبُ قَرْءًا لِعَدَمِ كَوْنِهِ بَيْنَ دَمَيْنِ، وَأَمَّا أَقْرَاءُ الْآيِسَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا اثْنَانِ وَالثَّالِثُ هُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ فَتُحْسَبُ مُدَّةُ الْخُلُوِّ طُهْرًا لِكَوْنِهَا بَيْنَ دَمَيْنِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيِسَةً إلَخْ) أَيْ وَحَيْضُهَا حِينَئِذٍ يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَمِنْ اللَّائِي يَئِسْنَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ) أَيْ نِكَاحًا صَحِيحًا فَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَوْرًا هَلْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِزَوَالِ تَعَلُّقِ الزَّوْجِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا شَرَعَتْ فِي الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْيَأْسِ) أَيْ فِي تَقْدِيرِ زَمَنِهِ فَحِينَئِذٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ. (قَوْلُهُ: لَا طَوْفُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى يَأْسٍ أَيْ الْمُعْتَبَرُ يَأْسُ كُلِّ نِسَاءِ عَصْرِهَا لَا طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ بِأَسْرِهِ وَقِيلَ إنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ بِحَسَبِ مَا بَلَغَنَا خَبَرُهُ أَيْ لَا بِحَسَبِ طَوْفٍ إلَخْ وَالْمَعْنَى ظَاهِرٌ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى يَأْسٍ. اهـ شَيْخُنَا.
وَقَوْلُهُ: لَكِنْ يُنَافِيهِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَلْ جَرُّهُ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ فَالتَّقْدِيرُ لَا بِحَسَبِ طَوْفِ أَيْ جُمْلَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِ وَلَا بِحَسَبِ يَأْسِ عَشِيرَتِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا تَأَمَّلْ، وَالْمُرَادُ بِالطَّوْفِ الْجَمِيعُ وَهَذَا لَيْسَ قَوْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرُوحِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا) أَيْ أَقَارِبِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ الْأَقْرَبُ إلَيْهَا فَالْأَقْرَبُ لِتَقَرُّبِهِنَّ طَبْعًا وَخُلُقًا، وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارُ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لِشَرَفِ النَّسَبِ وَخِسَّتِهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يُعْتَبَرُ أَقَلُّهُنَّ عَادَةً وَقِيلَ أَكْثَرُهُنَّ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً) أَيْ فِي الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَأْسُ كُلِّ النِّسَاءِ.
وَعِبَارَةُ م ر. وَحَدَّدُوهُ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُمْ بِاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ إلَخْ وَلَوْ رَأَتْ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا صَارَ سِنُّ الْيَأْسِ زَمَنَ انْقِطَاعِهِ الَّذِي لَا عَوْدَ بَعْدَهُ وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا كَمَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ هُنَا غَيْرُ تَامٍّ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ فِي أَقَلِّهِ وَفِي أَكْثَرِهِ فَإِنَّهُ تَامٌّ وَلَوْ ادَّعَتْ بُلُوغَهَا سِنَّ الْيَأْسِ لِتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ وَلَا تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِي بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِتَيَسُّرِهَا أَيْ غَالِبًا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مُرَتَّبٌ عَلَى سَبْقِ حَيْضٍ وَانْقِطَاعِهِ وَدَعْوَى السِّنِّ وَقَعَ تَبَعًا، وَكَلَامُهُمْ فِي دَعْوَاهُ اسْتِقْلَالًا. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ حَامِلٍ) أَيْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِفِرَاقِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَقَوْلُهُ: وَضْعُهُ أَيْ، وَإِنْ مَاتَ وَمَكَثَ فِي الرَّحِمِ سِنِينَ، وَأَيِسَ مِنْ خُرُوجِهِ وَقَالَ شَيْخُ وَالِدُ النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ إذَا أَيِسَ مِنْ خُرُوجِهِ لِلضَّرُورَةِ لِتَضَرُّرِهَا بِمَنْعِهَا مِنْ الزَّوْجِ. اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلَا مُبَالَاةَ بِتَضَرُّرِهَا بِذَلِكَ. انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ أَيْ وَلَوْ خَافَتْ الزِّنَا قَالَ سم وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا. اهـ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي بَطْنِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً وَتَضَرَّرَتْ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ حَيًّا فِي بَطْنِهَا وَزَادَ عَلَى

(4/445)


وَضْعُهُ) أَيْ الْحَمْلِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْبَرَاءَةِ ظَنًّا وَالْحَمْلُ يَدُلُّ عَلَيْهَا قَطْعًا (حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي الْبَابِ قَالَ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُخَصِّصُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا أَوْ مُضْغَةً تُتَصَوَّرُ) لَوْ بَقِيَتْ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا قَوَابِلُ لِظُهُورِهَا عِنْدَهُنَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدَ غَيْرِهِنَّ أَيْضًا لِظُهُورِ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفُرٍ أَوْ غَيْرِهَا وَذَلِكَ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَكْنَ فِي أَنَّهَا لَحْمُ آدَمِيٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَرْبَعِ سِنِينَ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ وَلَمْ يُحْتَمَلْ وَضْعٌ وَلَا وَطْءٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَجْهُولِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى لَا يَلْحَقُ نَحْوَ الْمُطَلِّقِ إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَكَلَامُنَا فِي مَعْلُومِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ سِنِينَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ، وَهُوَ حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ كَمَا فَرَضَهُ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثُّبُوتِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا كَأَنَّ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْحَمْلِ، وَأَنَّ مَا تَجِدُهُ فِي بَطْنِهَا مِنْ الْحَرَكَةِ مَثَلًا لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِهِ حَمْلًا نَعَمْ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِ مَعْصُومٍ كَعِيسَى وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ. اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) . قَالَ سم عَلَى حَجّ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي وَضْعِ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ كِبَرِ بَطْنِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رِيحٌ وَلَوْ مَاتَ الْحَمْلُ فِي بَطْنِهَا وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا. اهـ وَكَالنَّفَقَةِ السُّكْنَى بِالْأَوْلَى. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَضْعُهُ) أَيْ انْفِصَالُ كُلِّهِ فَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ. اهـ شَرْحُ م ر وَلَوْ انْفَصَلَ كُلُّهُ إلَّا شَعْرًا انْفَصَلَ عَنْهُ وَبَقِيَ فِي الْجَوْفِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الشَّعْرُ مُتَّصِلًا وَقَدْ انْفَصَلَ كُلُّهُ مَا عَدَا ذَلِكَ الشَّعْرَ، وَكَالشَّعْرِ فِيمَا ذُكِرَ الظُّفُرُ كَذَا أَفْتَى بِذَلِكَ م ر وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ فَالظَّاهِرُ انْقِضَاؤُهَا بِوَضْعِهِ. اهـ م ر سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجِهَا وَخُلِقَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ وَطِئَهَا غَيْرُ آدَمِيٍّ وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ نِسْبَتُهُ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّوْمَ بِلَا هَمْزٍ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْوَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ وَبِهَمْزٍ كَرَجُلٍ تَوْأَمٍ وَامْرَأَةٍ تَوْأَمَةٍ مُفْرَدٌ وَتَثْنِيَتُهُ تَوْأَمَانِ كَمَا فِي الْمَتْنِ فَاعْتِرَاضُهُ بِأَنَّهُ لَا تَثْنِيَةَ لَهُ وَهْمٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّوْمِ بِلَا هَمْزٍ وَالتَّوْأَمِ بِالْهَمْزِ، وَأَنَّ تَثْنِيَةَ الْمَتْنِ إنَّمَا هِيَ لِلْمَهْمُوزِ لَا غَيْرُ. اهـ حَجّ. اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ التَّوْأَمُ اسْمٌ لِوَلَدٍ يَكُونُ مَعَهُ آخَرُ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ لَا يُقَالُ تَوْأَمٌ إلَّا لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ فَوْعَلٌ وَالْأُنْثَى تَوْأَمَةٌ وِزَانُ جَوْهَرٍ وَجَوْهَرَةٍ وَالْوَلَدَانِ تَوْأَمَانِ وَالْجَمْعُ تَوَائِمُ وَتُؤَّامٌ وِزَانُ غُرَابٍ. (قَوْلُهُ: حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي وَضْعِهِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ وَالنَّصْبُ. اهـ شَيْخُنَا.
وَكَذَا ثَالِثٌ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا فَلَا تَتَوَقَّفُ الْعِدَّةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَبِعَ التَّوْأَمَ الثَّانِي. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ أَيْ مَا وَلَدَتْهُ ثَلَاثَةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحِقُوهُ أَيْ الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ دُونَهَا لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ دُونَهَا لَمْ يَلْحَقَاهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمْ وَتَالِيهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ م ر لَا يُشْتَرَطُ فِي لُحُوقِ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَأَقَلُّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ إذَا نَزَلَ أَجْزَاءً مُتَفَاصِلَةً، وَكَانَ بَيْنَ آخِرِ أَجْزَائِهِ، وَأَوَّلِ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ تَنْتَهِي أَوَّلَ الْأَجْزَاءِ. اهـ م ر اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مُضْغَةً تُتَصَوَّرُ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا فِي الْغُرَّةِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ مَدَارَهُمَا عَلَى مَا يُسَمَّى وَلَدًا وَتُسَمَّى هَذِهِ مَسْأَلَةُ النُّصُوصِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ هُنَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَعَدَمِ الِاسْتِيلَادِ وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَخْبَرَ بِهَا قَوَابِلُ) عَبَّرُوا بِأَخْبَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ شَهَادَةٍ إلَّا إذَا وُجِدَتْ دَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ، وَإِذَا اكْتَفَى بِالْإِخْبَارِ لِلْبَاطِنِ فَيُكْتَفَى بِقَابِلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا اهـ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ: أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْقَابِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِظَاهِرِ الْحَالِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعٍ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ وَفِي حَجّ. (فَرْعٌ) . اخْتَلَفُوا فِي التَّسَبُّبِ لِإِسْقَاطِ مَا لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ وِفَاقًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِ الْحُرْمَةُ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ الْعَزْلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا

(4/446)


وَبِخِلَافِ الْعَلَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا وَلَا عُلِمَ كَوْنُهَا أَصْلَ آدَمِيٍّ هَذَا (إنْ نُسِبَ) الْحَمْلُ (إلَى ذِي عِدَّةٍ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) فَلَوْ لَاعَنَ حَامِلًا وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ ظَاهِرًا لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهِ كَأَنْ مَاتَ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَمْسُوحٌ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَلَوْ ارْتَابَتْ) أَيْ شَكَّتْ وَهِيَ (فِي عِدَّةٍ) فِي وُجُودِ (حَمْلٍ) لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا (لَمْ تَنْكِحْ) آخَرَ (حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (أَوْ) ارْتَابَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (سُنَّ صَبْرٌ) عَنْ النِّكَاحِ (لِتَزُولَ) الرِّيبَةُ، وَالتَّصْرِيحُ بِالسَّنِّ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ نَكَحَتْ) قَبْلَ زَوَالِهَا (أَوْ ارْتَابَتْ بَعْدَ نِكَاحِ) لَا آخَرَ (لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ النِّكَاحُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إمْكَانِ عُلُوقٍ) بَعْدَ عَقْدِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مِنْ عَقْدِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِي تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِي قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ مَا صَحَّ بِالِاحْتِمَالِ، وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ لَحِقَ بِالْوَاطِئِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا إذْ كُرِهَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا.
(وَلَوْ فَارَقَهَا) فِرَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَأَقَلَّ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَلَمْ تَنْكِحْ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
بِأَنَّ الْمَنِيَّ حَالَ نُزُولِهِ مَحْضُ جَمَادٍ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلْحَيَاةِ بِوَجْهٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الرَّحِمِ، وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئِ التَّخَلُّقِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْأَمَارَاتِ وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ اثْنَيْنِ، وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَيْ ابْتِدَاؤُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا يَقْطَعُ الْحَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَقَوْلُ حَجّ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إلَخْ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ: وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئِ التَّخَلُّقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعُمُومُ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ يُخَالِفُهُ وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ مَا يَقْطَعُ الْحَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ أَمَّا مَا يُبْطِئُ الْحَبَلَ مُدَّةً وَلَا يَقْطَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَتَرْبِيَةِ وَلَدٍ لَمْ يُكْرَهْ أَيْضًا، وَإِلَّا كُرِهَ. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْعَلَقَةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَلَقَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُعْلَمَ لِلْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِ الْعَلَقَةِ لِلْغُسْلِ أَنْ تُخْبِرَ الْقَوَابِلُ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ حَرِّرْ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: إلَى ذِي عِدَّةٍ) أَيْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ دَخِيلٌ هُنَا إذْ الْكَلَامُ فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ، وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَسَتَأْتِي. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَبِيٌّ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ، وَإِلَّا فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَمْسُوحٌ أَيْ بِخِلَافِ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ وَيُنْسَبُ لَهُمَا الْوَلَدُ. اهـ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَمْسُوحِ فِي الشَّارِحِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ) وَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ وَتَتَزَوَّجُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَاحِقٍ بِأَحَدٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ إنَّ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ كَحَمْلِ الزِّنَا فِي الْعِدَّةِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) بِأَنْ تَقُولَ الْقَوَابِلُ لَا حَمْلَ بِأَمَارَةٍ تَقُومُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَهُنَّ. اهـ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ أَمَارَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ وَيُرْجَعُ فِيهَا لِلْقَوَابِلِ إذْ الْعِدَّةُ لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَقَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ أَيْ، وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ وَقَاعِدَةُ الْعِبْرَةِ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَخْصُوصَةٌ بِغَيْرِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعِبَادَاتِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ. اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ نَكَحَتْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا. اهـ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاعِدَةَ لَمْ تَخُصَّ فَانْظُرْ مَا الْمُخَلِّصُ مِمَّا هُنَا وَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ هُنَاكَ عَنْ حَجّ مِنْ أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ هُنَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ فَكَانَ قَوِيًّا فِي اقْتِضَاءِ الْفَسَادِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لَيْسَ فِيهَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ أَيْ، وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ خِلَافًا لحج، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ، وَأَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إمْكَانِ عُلُوقٍ) أَيْ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ فِي الْحَاضِرِ بِالْعَقْدِ وَفِي الْغَائِبِ بِالْحُضُورِ وَهَذَا تَقْرِيبٌ. (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ نَظَرًا إلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ زِنًا فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ الْمَتْنُ إلَى قَيْدٍ آخَرَ أَيْ، وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ جُهِلَ حَالُ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا كَمَا نَقَلَاهُ، وَأَقَرَّاهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا مَعَهُ وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا أَمَّا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ عُقُوبَتِهَا بِسَبَبِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ. (قَوْلُهُ: وَكَالثَّانِي) أَيْ، وَكَوَطْءِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ أَيْ مِنْ جِهَةِ اللُّحُوقِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا نِكَاحَ هُنَا وَقَوْلُهُ: لَحِقَ بِالْوَاطِئِ أَيْ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ أَيْ الْأَوَّلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَارَقَهَا) أَيْ وَلَوْ بِالْمَوْتِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا لَا يَتَقَيَّدَانِ بِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَ هَذَا مِنْ الْمَتْنِ فَيَكُونُ الْمَتْنُ حُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) وَهُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ عِدَّتِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ الْوَلَدُ) أَيْ وَبَانَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ:

(4/447)


بِخِلَافِ مَا لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَبْلُغُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهُوَ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ كَمَا اُسْتُقْرِئَ وَاعْتِبَارِي لِلْمُدَّةِ فِي هَذِهِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ لَا مِنْ الْفِرَاقِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ حَيْثُ قَالَا فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ، وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ، وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُرَادُهُمَا بِأَنَّهُ قَوِيمٌ أَنَّهُ أَوْضَحُ مِمَّا قَالُوهُ وَإِلَّا فَمَا قَالُوهُ صَحِيحٌ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِالْأَرْبَعِ فِيهَا الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ الَّتِي هِيَ مُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ فَلَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يُورَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ.
(فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْعَقْدِ (لَحِقَ الثَّانِيَ) ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا ارْتَابَتْ (وَلَوْ نَكَحَتْ) آخَرَ (فِيهَا) أَيْ فِي عِدَّتِهَا (فَاسِدًا وَجَهِلَهَا الثَّانِي فَوَلَدَتْ لِإِمْكَانٍ مِنْهُ) دُونَ الْأَوَّلِ (لَحِقَهُ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ، وَالثَّانِي يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ (أَوْ) لِإِمْكَانٍ (مِنْ الْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي (لَحِقَهُ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ ثَانِيًا لِلثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْفَصْلِ الْآتِي (أَوْ) لِإِمْكَانٍ مِنْهُمَا (عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِيمَا أَطْلَقُوهُ تَسَاهُلٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدُوا الْأَرْبَعَ سِنِينَ بِكَوْنِهَا دُونَ لَحْظَةٍ فَلَمَّا حَسَبُوا الْأَرْبَعَةَ مِنْ الْفِرَاقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَيِّدُوا وَيَقُولُوا أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ الْفِرَاقِ إلَّا لَحْظَةً وَهِيَ لَحْظَةُ الْوَطْءِ فَتَكْمُلُ بِهَا الْأَرْبَعَةُ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوِيمُ) أَيْ السَّدِيدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزَادَتْ إلَخْ) أَيْ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْحَمْلِ لَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَاءً بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ: وَمُرَادُهُمَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَصَدَ بِهِ الْجَوَابَ عَلَى الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ إلَخْ) ، وَأَقَلُّ صُوَرِ الزِّيَادَةِ اللَّازِمَةِ لَا مَحَالَةَ لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَتُتَصَوَّرُ الزِّيَادَةُ أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ غَابَ عَنْهَا سَنَةً قَبْلَ الْفِرَاقِ فَالزِّيَادَةُ هُنَا سَنَةٌ وَلَحْظَةٌ، وَجَوَابُ الشَّارِحِ إنَّمَا يُفِيدُ التَّخَلُّصَ مِنْ لُزُومِ زِيَادَةِ اللَّحْظَةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ وَجْهُ اقْتِصَارِهِ فِي الْجَوَابِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ زِيَادَةَ اللَّحْظَةِ لَازِمَةٌ كَمَا عَلِمْت بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَاقْتَصَرَ عَلَى اللَّازِمِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فِيهِ تَسَاهُلٌ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّسَاهُلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ الْقَوِيمُ وَالْفَهْمُ الْمُسْتَقِيمُ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ قَبْلَ وَقْتِ الْإِبَانَةِ زَمَنٌ كَأَيَّامٍ أَوْ شُهُورٍ مَثَلًا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ، وَإِذَا انْضَمَّ ذَلِكَ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْإِبَانَةِ لَزِمَ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَيْهَا ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نَقَلَ هَذَا عَنْ التَّدْرِيبِ وَمَا سَلَكَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ فِي مَعْنَى التَّسَاهُلِ غَيْرُ مُوَفٍّ بِالْمُرَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُنَاسِبٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ الْفِرَاقِ لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ أَيْ بِلَحْظَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْعُلُوقُ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُمْ حَصَرُوا أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ فَقَطْ بِدُونِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ أَقَلِّ الْحَمْلِ فَإِنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِيهِ هَذِهِ اللَّحْظَةَ. (قَوْلُهُ: صَحِيحٌ أَيْضًا) أَيْ كَصِحَّةِ قَوْلِ أَبِي مَنْصُورٍ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِالْأَرْبَعِ فِيهَا أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ مُرَادُهُمْ) صِفَةٌ لِلْأَرْبَعِ مِنْ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا فِي حَيِّزِ النَّفْيِ لَيْسَ بَيَانًا لِمُرَادِهِمْ فِي الْوَاقِعِ وَقَوْلُهُ: بَلْ مُرَادُهُمْ إلَخْ مُحَصِّلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْأَرْبَعَةِ مَحْسُوبًا مِنْهَا زَمَنُ الْوَطْءِ لَا زَائِدًا عَلَيْهَا فَلَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ، لَكِنَّ ذِكْرَ الْوَضْعِ فِي الْإِيرَادِ وَالْجَوَابِ لَا يَحْسُنُ إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي زَمَنِ الْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ مُرَادُهُمْ الْأَرْبَعُ إلَخْ) أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُرَادٌ لَهُمْ، وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا أَرْبَعَ سِنِينَ إلَّا لَحْظَةً فَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ زِيَادَةُ لَحْظَةٍ عَلَى الْأَرْبَعَةِ النَّاقِصَةِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ الْمُكَمِّلَةُ لِلْأَرْبَعَةِ لَا زَائِدَةٌ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ بَلْ إنَّمَا لَزِمَ كَوْنُهُ أَرْبَعَةً وَهُوَ الْمُرَادُ قَالَ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْبَعَ مَتَى حُسِبَ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَضْعِ أَوْ لَحْظَةُ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا دُونَهَا وَمَتَى زَادَ عَلَيْهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ عَلَى النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ انْقِطَاعُهُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْأَنْسَابِ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالْإِمْكَانِ فَقَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ أَيْ زِيَادَةُ الْمُدَّةِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ) أَيْ وَدُونَ زَمَنِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْوَطْءِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْفِرَاقِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْبَعِ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ الْفِرَاقِ أَيْ مِنْهَا زَمَنُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْهَا دُونَ زَمَنِ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَهَا. اهـ ح ل فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ بِدُونِ زَمَنِ الْوَطْءِ بَدَلَ الْوَضْعِ لَكَانَ أَوْلَى. اهـ.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: بِدُونِ زَمَنِ الْوَضْعِ أَيْ، وَأَمَّا زَمَنُ الْوَطْءِ فَمُعْتَبَرٌ مِنْ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَصِيَّةِ) كَأَنْ أَوْصَى لِحَمْلِ هِنْدٍ وَانْفَصَلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا فَإِنْ حُسِبَتْ الْأَرْبَعُ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ أَرْبَعَةً كَوَامِلَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ تَمَامِ صِيغَةِ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ فَالصِّيغَةُ فِي الْوَصِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْفِرَاقِ وَقَوْلُهُ: وَالطَّلَاقِ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَانَتْ أَرْبَعَةً كَوَامِلَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ كَانَتْ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ عِدَّتِهَا إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ فَارَقَهَا إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا ارْتَابَتْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِي تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَحَدَهُمَا كَذَلِكَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ) عِبَارَتُهُ

(4/448)


وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِيهِ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَائِفٌ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ فِيهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِمَّا مَرَّ لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الصَّحِيحُ وَذَلِكَ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَإِذَا أَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لَحِقَ الثَّانِي وَلَمْ يُعْرَضْ عَلَى قَائِفٍ وَبِزِيَادَتِي وَجَهِلَهَا الثَّانِي مَا لَوْ عَلِمَهَا فَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ.

(فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ
لَوْ (لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ (كَأَنْ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (طَلَّقَ ثُمَّ وَطِئَ فِي عِدَّةٍ غَيْرِ حَمْلٍ) مِنْ إقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ مَتْنًا وَشَرْحًا وَلَوْ اسْتَلْحَقَ نَحْوَ صَغِيرٍ اثْنَانِ قُدِّمَ بِبَيِّنَةٍ إلَى أَنْ قَالَ فَبِقَائِفٍ وُجِدَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَإِنْ عُدِمَ أَيْ الْقَائِفُ أَيْ لَمْ يُوجَدْ بِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ وُجِدَ لَكِنْ تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا انْتَسَبَ بَعْدَ كَمَالِهِ لِمَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ ثَالِثٍ بِحُكْمِ الْجِبِلَّةِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِانْتِسَابِ عِنَادًا حُبِسَ وَعَلَيْهِمَا الْمُؤْنَةُ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ فَإِذَا انْتَسَبَ لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا مَانَ إنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ انْتَسَبَ إلَى ثَالِثٍ وَصَدَّقَهُ لَحِقَهُ، وَلَوْ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ إلَى أَحَدٍ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى انْتِسَابِهِ ثَمَّ بَعْدَ انْتِسَابِهِ مَتَى أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِغَيْرِهِ بَطَلَ الِانْتِسَابُ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَهُ حُجَّةٌ أَوْ حُكْمٌ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ) قَدْ فَصَّلَ هَذَا الْحُكْمَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِيهِ وَمِنْهُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِهِ أَفَادَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَائِفٌ) أَيْ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ) وَلَا تَتَوَقَّفُ الْعِدَّةُ إلَى ذَلِكَ بَلْ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ وَضْعِهِ وَلَمْ يَنْتَفِ عَنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِلَّا فَإِنْ انْتَفَى عَنْهُمَا اعْتَدَّتْ لِكُلٍّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ الْأَوَّلِ. (فَرْعٌ) الْحَمْلُ الْمَجْهُولُ لَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ الْوَطْءِ مَعَهُ كَمَا مَرَّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَيَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّتْ هَلْ الْوَاطِئُ زَوْجٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ أَوْ زَانٍ، أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءً وَشَكَّتْ هَلْ هُوَ مُحْتَرَمٌ أَوْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ) فَلَوْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بَعْدَ انْتِسَابِهِ بِغَيْرِ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلْحَاقَ الْقَائِفِ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَهُ كَالْحُكْمِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْتَسِبْ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهَا. اهـ ع ش عَلَى الرَّمْلِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ فِيهِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ تَكْمِيلُ الصُّوَرِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يَحْتَمِلُهَا الْمَقَامُ فَفِي الْمَتْنِ ثَلَاثَةٌ وَهَذِهِ رَابِعَتُهَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا) أَيْ وَقَدْ بَانَ أَنَّ الثَّانِي نَكَحَهَا حَامِلًا وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَقَدْ جَرَى النِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الصِّحَّةِ، الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ. اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ أَنَّ الثَّانِي نَكَحَهَا حَامِلًا إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ بِكْرٌ وُجِدَتْ حَامِلًا، وَكَشَفَ عَنْهَا الْقَوَابِلُ فَرَأَيْنَهَا بِكْرًا هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا أَوْ لَا؟ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا بِالْإِجْبَارِ وَهِيَ حَامِلٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ شَخْصًا حَكَّ ذَكَرَهُ عَلَى فَرْجِهَا فَأَمْنَى وَدَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ حِينَئِذٍ فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا زَنَتْ، وَأَنَّ الْبَكَارَةَ عَادَتْ وَالْتَحَمَتْ فِيهِ إسَاءَةُ ظَنٍّ بِهَا فَعَمِلْنَا بِالظَّاهِرِ مِنْ أَنَّهَا بِكْرٌ مُجْبَرَةٌ، وَأَنَّ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ إذَا وَلَدَتْهُ لِإِمْكَانٍ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لَحِقَهُ أَوْ لِإِمْكَانٍ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لَحِقَهُ أَوْ لِإِمْكَانٍ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ) وَمِنْهُ عَامَّةُ أَهْلِ مِصْرَ الَّذِينَ هُمْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَلَا يُعْذَرُونَ فِي دَعْوَاهُمْ الْجَهْلَ بِالْمُفْسِدِ، وَمِنْهُ اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْعِدَّةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُطْلَقًا. اهـ ع ش عَلَى م ر انْتَهَى.

[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ]
(فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ) أَيْ إثْبَاتًا إنْ كَانَا لِاثْنَيْنِ، وَالتَّفَاعُلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ إنَّمَا هُوَ بَقِيَّةُ الْأُولَى فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَمِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ فِي الْحَمْلِ هُوَ الْأَقْرَاءُ، وَهَذَا فِي الشِّقِّ الثَّانِي اهـ شَيْخُنَا كَمَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ
وَحَاصِلُ الصُّوَرِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّتَيْنِ إمَّا لِشَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مِنْ جِنْسٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ فَذَكَرَ وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ إلَخْ، وَأُخْرَى بِقَوْلِهِ أَوْ جِنْسَيْنِ إلَخْ وَثِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَوْ شَخْصَيْنِ إلَخْ؛ إذْ هَذَا شَامِلٌ لِلْجِنْسِ وَالْجِنْسَيْنِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ) كَأَنَّهَا أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ فَيَدْخُلُ فِي عِبَارَتِهِ مَا لَوْ فَسَخَ أَوْ فُسِخَتْ أَوْ انْفَسَخَ ثُمَّ وَطِئَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) الْجِنْسُ هُنَا قِسْمَانِ حَمْلٌ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْغَيْرِ فَرْدَانِ فَغَرَضُهُ الِاحْتِرَازُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْحَمْلِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ فَلَا وُجُودَ لَهُ حَتَّى

(4/449)


وَلَمْ تَحْبَلْ مِنْ وَطْئِهِ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ أَوْ بِالتَّحْرِيمِ، وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (لَا عَالِمًا) بِذَلِكَ (فِي بَائِنٍ) ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (تَدَاخَلَتَا) أَيْ عِدَّتَا الطَّلَاقِ وَالْوَطْءِ (فَتَبْتَدِئُ عِدَّةً) بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ (مِنْ) فَرَاغِ (وَطْءٍ) وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَالْبَقِيَّةُ وَاقِعَةٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ (وَلَهُ رَجْعَةٌ فِي الْبَقِيَّةِ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ دُونَ مَا بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) مِنْ (جِنْسَيْنِ كَحَمْلٍ وَأَقْرَاءٍ) كَأَنْ طَلَّقَهَا حَائِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي أَقْرَاءٍ وَأَحْبَلَهَا أَوْ طَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَتَدَاخَلَانِ بِأَنْ تَدْخُلَ الْأَقْرَاءُ فِي الْحَمْلِ فِي الْمِثَالِ لِاتِّحَادِ صَاحِبِهِمَا، وَالْأَقْرَاءُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (فَتَنْقَضِيَانِ بِوَضْعِهِ) وَهُوَ وَاقِعٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ (وَيُرَاجِعُ قَبْلَهُ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يَحْتَرِزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحْبَلْ مِنْ وَطْئِهِ) قَيَّدَ بِهِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِلْجِنْسِ فَلَوْ حَبِلَتْ كَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ وَسَيَأْتِي اهـ شَيْخُنَا وَالْجِنْسُ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَقْرَاءُ أَوْ الْأَشْهُرُ، وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَلْزَمَهَا عِدَّتَانِ مِنْ جِنْسٍ هُوَ الْحَمْلُ؛ إذْ لَا يَدْخُلُ الْحَبَلُ عَلَى حَبَلٍ آخَرَ كَمَا عَرَفْت مِمَّا سَبَقَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ أَوْ بِالتَّحْرِيمِ) يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ، وَقَوْلُهُ: وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ إلَخْ قَيَّدَ فِي جَهْلِ التَّحْرِيمِ، وَلَا يُحْتَاجُ لَهُ إلَّا فِي صُورَةِ الْبَائِنِ أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَوَطْؤُهَا شُبْهَةٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَا عَالِمًا بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّحْرِيمِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ اهـ شَيْخُنَا
وَفِي دَعْوَى اللُّزُومِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ يَعْلَمُ أَنَّ وَطْءَ الْمُطَلَّقَةِ حَرَامٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بِالْمَذْكُورِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ لَا عَالِمًا بِذَلِكَ) أَيْ أَوْ جَاهِلًا بِهِ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَقَوْلُهُ فِي بَائِنٍ بِخِلَافِهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ وَطْأَهُ لَهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ اهـ ح ل أَيْ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لِشُبْهَةِ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْوَطْءَ يُحْصِلُ الرَّجْعَةَ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْبَقِيَّةُ وَاقِعَةٌ إلَخْ) كَانَ الْمَقَامُ لِلْفَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ) فَلَوْ رَاجَعَ فِي الْبَقِيَّةِ فَالظَّاهِرُ انْقِطَاعُ الْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا عِدَّةُ هَذَا الطَّلَاقِ الثَّانِي لِرُجُوعِهَا لِلزَّوْجِيَّةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي الرَّجْعَةِ مَتْنًا وَشَرْحًا وَلَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ رَجْعِيَّةً وَاسْتَأْنَفَتْ عِدَّةً مِنْ الْفَرَاغِ مِنْ وَطْءٍ بِلَا حَمْلٍ رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا لِلْوَطْءِ فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ اسْتَأْنَفَتْ لِلْوَطْءِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، وَدَخَلَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَالْقُرْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَاقِعٌ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ فَيُرَاجَعُ فِيهِ، وَالْآخَرَانِ مُتَمَحِّضَانِ لِعِدَّةِ الْوَطْءِ فَلَا رَجْعَةَ فِيهِمَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَحَمْلٍ وَأَقْرَاءٍ) أَيْ وَكَحَمْلٍ وَأَشْهُرٍ فَهَذِهِ هِيَ الْبَاقِيَةُ لِلْكَافِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ) أَيْ زَمَنَ الْحَمْلِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَصِحَّ كَوْنُهُ مِثَالًا لِقَوْلِ الْمَتْنِ كَحَمْلٍ وَإِقْرَاءٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ بِكَوْنِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ سَوَاءٌ حَاضَتْ فِي زَمَنِ الْحَمْلِ أَوْ لَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ حَامِلًا اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ، قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ حَامِلًا، عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَهِيَ تَرَى الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ، وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ أَنَّهُ حَيْضٌ انْتَهَتْ وَكَأَنَّهُ قَيَّدَ بِهِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ سَوَاءٌ رَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا.
وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ لَا يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ مَنْ لَا يُرَاعِي الْخِلَافَ كَشَرْحِ الرَّوْضِ اهـ وَكَتَبَ ع ش عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ قَضِيَّتُهُ الِاعْتِدَادُ بِالْحَيْضِ مَعَ الْحَمْلِ لَكِنَّهُ حَكَمَ بِدُخُولِهِ فِي الْحَمْلِ اسْتِغْنَاءً بِهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْحَيْضَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ مَعَ الْحَمْلِ إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ عَدَمُ النَّظَرِ لِلْأَقْرَاءِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ الْحَمْلِ لَا أَنَّ وُجُوبَهَا مُسْتَمِرٌّ، وَقَدْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِالْحَمْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بِالْأَقْرَاءِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) فَحِينَئِذٍ هَذِهِ الصُّورَةُ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِعِبَارَةٍ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ فَتَقْضِيَانِ إلَخْ اهـ وَلِأَنَّ التَّدَاخُلَ فِيهَا عَلَى بَابِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ تَدْخُلَ الثَّانِيَةُ فِي الْأُولَى، وَبَقِيَّةُ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ الدَّاخِلَتَيْنِ إنَّمَا تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِكُلِّ صُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَالتَّفَاعُلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ فِي الْحَمْلِ إنَّمَا هُوَ الْأَقْرَاءُ أَوْ بَقِيَّتُهَا، وَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِيهَا، وَلَا فِي بَقِيَّتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَدْخُلَ الْأَقْرَاءُ فِي الْحَمْلِ) أَيْ فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَلَا تَنْقَضِي بِالْأَقْرَاءِ إذَا تَمَّتْ قَبْلَ الْوَضْعِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَدْخُلَ الْأَقْرَاءُ فِي الْحَمْلِ) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الْأَقْرَاءُ عَلَى الْحَمْلِ أَمْ تَأَخَّرَتْ فَقَوْلُهُ فِي الْمِثَالِ أَيْ مِثَالُ الْمَتْنِ الصَّادِقِ بِالصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ اهـ ل.
وَفِي سم قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِبَارَتُهُ: وَقَيَّدَهُ أَيْ التَّدَاخُلَ فِي الْعِدَّتَيْنِ الْمُجْتَمَعَتَيْنِ لِوَاحِدٍ إذَا لَمْ يَتَّفِقَا وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا يَحْمِلُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: حَيْثُ دَمٌ مَعَ حَمْلِهَا لَمْ يُوجَدْ بِأَنْ لَمْ تَرَهُ أَوْ قَدْ رَأَتْ، وَتَمَّتْ الْأَقْرَاءُ، وَلَمْ تَضَعْ حَمْلَهَا وَإِلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا تَتِمُّ أَيْ: وَإِنْ رَأَتْهُ وَلَمْ تَتِمَّ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ وَضْعِهَا فَبَعْدَهُ تُتِمُّهَا وَتَبِعَ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ صَاحِبَ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيَّ وَغَيْرَهُمَا وَكَأَنَّهُمْ اغْتَرُّوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلَيْ التَّدَاخُلِ

(4/450)


سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ أَمْ لَا.

(أَوْ) لَزِمَهَا عِدَّتَا (شَخْصَيْنِ كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ) مِنْ آخَرَ (بِشُبْهَةٍ) كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ (فَلَا تَدَاخُلَ) لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ بَلْ تَعْتَدُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِدَّةً كَامِلَةً (وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ حَمْلٍ) تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُطَلِّقِ ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْحَمْلِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلشُّبْهَةِ بِالْأَقْرَاءِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ فَتُقَدَّمُ عِدَّةُ (طَلَاقٍ) عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ سَبَقَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ الطَّلَاقَ لِقُوَّتِهَا بِاسْتِنَادِهَا إلَى عَقْدٍ جَائِزٍ (وَلَهُ رَجْعَةٌ فِيهَا) سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَّ حَمْلٌ أَمْ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَعَدَمِهِ لَا مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَغَيْرِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّشَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مَعَ الْحَمْلِ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ التَّدَاخُلِ لَيْسَ إلَّا لِرِعَايَةِ صُورَةِ الْعِدَّتَيْنِ تَعَبُّدًا، وَقَدْ حَصَلَتْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ النَّشَائِيُّ قَالَ: وَمَا فِي التَّعْلِيقَةِ فَاسِدٌ فَكَلَامُ الْحَاوِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ الْحُكْمُ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ وَعَلَيْهِ سَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ انْتَهَتْ.
قَالَ م ر: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ الْمَذْكُورِ فَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ مَمْنُوعٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ) بِأَنْ طَلُقَتْ حَائِلًا ثُمَّ وُطِئَتْ فَحَمَلَتْ، وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ الزَّوْجِ فَطَلُقَتْ فَوُطِئَتْ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عِدَّتَا شَخْصَيْنِ) أَيْ مُحْتَرَمَيْنِ كَمُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ وَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ وَتَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي الْعِدَّةِ وَوَطِئَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي أَوْ أُمَّنَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا مَعَ بَقَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ تَلْغُو وَتُسْتَأْنَفُ عِدَّةٌ بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ) رَاجِعٌ لِلثِّنْتَيْنِ قَبْلَهُ وَبَقِيَ لِلْكَافِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةَ إلَخْ فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْأُولَى إمَّا حَمْلٌ وَالثَّانِيَةُ غَيْرُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كِلَاهُمَا غَيْرُ حَمْلٍ وَثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ حَمْلٍ فِي هَذِهِ سِتَّةٌ مِنْ التِّسْعَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى إمَّا حَمْلٌ، وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ حَمْلٍ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهَذَانِ فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ وَقَوْلُهُ فَطَلَاقٌ فِيهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَ اسْتِخْرَاجِ الْكُلِّ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُطْلَقِ إلَخْ) وَأَمَّا عَكْسُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ الشُّبْهَةِ وَهِيَ طَارِئَةٌ عَلَى الطَّلَاقِ فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ وَتُكْمَلُ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ سَابِقَةً عَلَى الطَّلَاقِ لَكِنْ فِي هَذِهِ تُسْتَأْنَفُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ عِدَّةً كَامِلَةً لِلطَّلَاقِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلشُّبْهَةِ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ النِّفَاسِ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ فَتُقَدَّمُ عِدَّةُ طَلَاقٍ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَلَا طَلَاقٌ قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ إلَّا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ نِكَاحًا فَاسِدًا، وَوُطِئَتْ فِيهِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ عِدَّةَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا اهـ ح ل.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ وَإِنْ كَانَتَا أَيْ الْعِدَّتَانِ مِنْ شُبْهَةٍ قُدِّمَتْ الْأُولَى لِتَقَدُّمِهَا فَإِنْ نَكَحَ شَخْصٌ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ قَبْلَ وَطْئِهِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ لِتَوَقُّفِهَا أَيْ عِدَّةِ النِّكَاحِ عَلَى التَّفْرِيقِ بِخِلَافِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ وَلَيْسَ لِلْفَاسِدِ قُوَّةُ الصَّحِيحِ حَتَّى يُرَجَّحَ بِهَا فَهُمَا كَوَاطِئَيْنِ وَطَآهَا بِشُبْهَةٍ اهـ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ
وَقَوْلُهُ لِتَوَقُّفِهَا إلَخْ يُخْرِجُ مَا لَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَطْءِ الْغَيْرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ الطَّلَاقَ إلَخْ) فَإِذَا مَضَى قُرْءَانِ مَثَلًا مِنْ عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ طَلُقَتْ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا تَبْنِي عَلَى الْقُرْأَيْنِ السَّابِقَيْنِ اللَّذَيْنِ لِعِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اهـ شَيْخُنَا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُمَا شَيْءٌ فَتَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ وَلَهُ رَجْعَةٌ فِيهَا) وَكَذَا لَهُ التَّحْدِيدُ إلَّا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ قَالَ فِي الرَّوْضِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ إنَّهُ أَيْ الشَّأْنَ يُقَدَّمُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَالَ: وَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهِ، وَكَذَا لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْبَائِنِ فِيهَا، وَلَكِنْ يَحْرُمُ اسْتِمْتَاعُ الزَّوْجِ بِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي شُرِعَتْ فِيهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ ثُمَّ قَالَ فِيمَا إذَا كَانَ حَمْلٌ وَكَانَ الْحَمْلُ لِلْمُطَلِّقِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَكَذَا لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا قَبْلَهُ لَكِنْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُدَّةِ اجْتِمَاعِ الْوَاطِئِ بِهَا خَارِجَةٌ عَنْ عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ فِي الْأُولَى وَأَقَرَّهُ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ عَنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ، وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ لَمْ يَرِدْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَهُ رَجْعَةٌ فِيهَا) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَكَانَتْ حَمْلًا أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَلَا تَكُونُ إلَّا غَيْرَ حَمْلٍ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَقَدَّمَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا حَمْلًا سَوَاءٌ كَانَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ سَابِقًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَهَا أَيْ قَبْلَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَالْقَبْلُ هُوَ مُدَّةُ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا حَمْلًا سَوَاءٌ

(4/451)


لَكِنَّهُ لَا يُرَاجِعُ وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِخُرُوجِهَا حِينَئِذٍ عَنْ عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ (وَ) لَهُ رَجْعَةٌ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِأَنْ يَكُونَ ثَمَّ حَمْلٌ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ رَاجَعَ فِي النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَمْ تَنْقَضِ وَخَرَجَ بِالرَّجْعَةِ التَّجْدِيدُ فَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ، وَالرَّجْعَةُ شُبْهَةٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَهَذِهِ وَكَذَا الَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ أَوْ سَبَقَ الشُّبْهَةَ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ رَاجَعَ) فِيهَا (وَلَا حَمْلَ انْقَطَعَتْ وَشُرِعَتْ فِي الْأُخْرَى) أَيْ فِي عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا إنْ سَبَقَ الطَّلَاقَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَتُتِمَّهَا إنْ انْعَكَسَ ذَلِكَ (وَلَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَقْضِيَهَا) رِعَايَةً لِلْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ مِنْهُ انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ أَيْضًا، وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
تَقَدَّمَتْ عَلَى الطَّلَاقِ أَمْ تَأَخَّرَتْ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَهُ رَجْعَةٌ فِيهِ صُورَتَانِ، وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَهَا فِيهِ صُورَتَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يُرَاجِعُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ لَا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَيْ لَا فِي حَالِ بَقَاءِ فِرَاشِ وَاطِئِهَا بِأَنْ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ نِيَّتَهُ عَدَمَ الْعَوْدِ إلَيْهَا كَالتَّفْرِيقِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بِهِ صَارَتْ فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ فَخَرَجَتْ عَنْ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ، وَاسْتِشْكَالُ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ حَمْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ مَمْنُوعٌ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهِ؛ إذْ مُجَرَّدُ وُجُودِ الْحَمْلِ أَثَرٌ عَنْ وُجُودِ الِاسْتِفْرَاشِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ أَقْوَى فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ مَنْعِهِ لِلرَّجْعَةِ مَنْعُ أَثَرِهِ لَهَا لِضَعْفِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلَوْ اشْتَبَهَ الْحَمْلُ فَلَمْ يَدْرِ أَمِنْ الزَّوْجِ أَمْ مِنْ الشُّبْهَةِ جُدِّدَ النِّكَاحُ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الْوَضْعِ مَرَّةً وَبَعْدَهُ أُخْرَى لِيُصَادِفَ التَّجْدِيدُ عِدَّتَهُ يَقِينًا فَلَا يَكْفِي تَجْدِيدُهُ مَرَّةً لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَإِنْ بَانَ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ وُقُوعُهُ فِي عِدَّتِهِ كَفَى وَلِلْحَامِلِ الْمُشْتَبَهِ حَمْلُهَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَلْحَقَ الْقَائِفُ الْوَلَدَ بِهِ مَا لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لِنُشُوزِهَا وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا قَبْلَ اللُّحُوقِ؛ إذْ لَا وُجُوبَ بِالشَّكِّ، فَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَلَا لِلرَّجْعِيَّةِ مُدَّةَ كَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ انْتَهَتْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي أَنَّ الرَّجْعَةَ قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ وَقْتَهُ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْأَوَّلَ لِتَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَالزَّوْجَةُ الثَّانِيَ لِتَبْطُلَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا دَامَتْ الشُّبْهَةُ قَائِمَةً، وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْوَطْءِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهَا حِينَئِذٍ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِدْرَاكُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَالتَّعْلِيلُ يُنَافِي هَذَا الْمُقْتَضَى اهـ شَيْخُنَا وَلْيُنْظَرْ مَا مَعْنَى الْخُرُوجِ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مُدَّةَ اسْتِفْرَاشِ الْغَيْرِ لَا تُحْسَبُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَتُكْمَلُ عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا بَعْدَ زَوَالِ الِاسْتِفْرَاشِ أَوْ مَعْنَاهُ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ هَذَا وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَهُ رَجْعَةٌ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ أَنْ تَشْرَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا إنْ كَانَ سَبَقَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَقَبْلَ أَنْ تَشْرَعَ فِيهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِدَّتَهُ) أَيْ الْمُطَلِّقِ لَمْ تَنْقَضِ أَيْ لِعَدَمِ الشَّرْعِ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَدَارُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ عَلَى وُقُوعِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ فِي أَثْنَائِهَا أَمْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَاجَعَ فِيهَا وَلَا حَمْلَ إلَخْ) فِي هَذَا صُورَتَانِ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا إلَخْ وَأَشَارَ إلَى مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ وَلَا حَمْلَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ مِنْهُ إلَخْ وَبِقَوْلِهِ وَلَوْ رَاجَعَ حَامِلًا إلَخْ وَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ صُورَتَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ مَعْنَاهُ بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا إنْ سَبَقَ الطَّلَاقَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَتُتِمَّهَا إنْ انْعَكَسَ ذَلِكَ، وَكَذَا فِي الثَّانِي صُورَتَانِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ رَاجَعَ حَامِلًا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ سَابِقًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ لَاحِقًا لَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ قَوْلَ الْمَتْنِ فَإِنْ رَاجَعَ وَلَا حَمْلَ بِقَوْلِهِ فِيهَا أَمَّا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ رَاجَعَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ إلَخْ مُحْتَرَزَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا سَيَأْتِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالرَّجْعَةِ التَّجْدِيدُ فَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَرَعَتْ فِيهَا اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: انْقَطَعَتْ) أَيْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَمَتَّعُ بِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ رَاجَعَ وَلَا حَمْلَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِلْعِدَّةِ) قَالَ حَجّ: وَمِنْهُ أَيْ مِنْ رِعَايَةِ حَقِّ الْغَيْرِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهَا، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَالْخَلْوَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَظَرِهِ إلَيْهَا وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَالْخَلْوَةُ بِهَا انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ، وَقَوْلُهُ: حُرْمَةُ نَظَرِهِ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ قُبَيْلَ الْخِطْبَةِ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَخَرَجَ بِاَلَّتِي تَحِلُّ زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ نَحْوُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا اهـ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا مُجَرَّدُ بَيَانِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ بِلَا شَهْوَةٍ لَا يُعَدُّ تَمَتُّعًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ أَمَّا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ إلَخْ لَمْ يَبْعُدْ الْأَخْذُ اهـ

(4/452)


إلَى مُضِيِّهِمَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لَيْسَتْ فِي عِدَّةٍ، وَلَوْ رَاجَعَ حَامِلًا مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا حَتَّى تَضَعَ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ الْمُعْتَدَّةَ لَوْ (عَاشَرَ مُفَارِقٌ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَجْعِيَّةً فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ لَمْ تَنْقَضِ) عِدَّتُهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِقِيَامِ شُبْهَةِ الْفِرَاشِ فِي الرَّجْعِيَّةِ دُونَ الْبَائِنِ نَعَمْ إنْ عَاشَرَهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَكَالرَّجْعِيَّةِ أَمَّا غَيْرُ الْمُفَارِقِ فَإِنْ كَانَ سَيِّدًا فَهُوَ فِي أَمَتِهِ كَالْمُفَارِقِ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ غَيْرِهِ فَكَالْمُفَارِقِ فِي الْبَائِنِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ عِدَّةُ الْحَمْلِ فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ مُطْلَقًا (وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهِمَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَى مُضِيِّهِمَا) أَيْ الْحَمْلِ وَالنِّفَاسِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ رَاجَعَ حَامِلًا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ مُحْتَرَزُ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ فِيهَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ رَاجَعَ وَلَا حَمْلَ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمَّا لَوْ رَاجَعَ قَبْلَهَا، وَصُورَتُهُ مَا لَوْ طَلَّقَهَا حَامِلًا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا حَتَّى تَضَعَ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَسْقَطَتْهَا.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ الْمُعْتَدَّةَ]
(فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ)
أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ صِحَّةٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: لَوْ عَاشَرَ مُفَارِقٌ) أَيْ الْمُعَاشَرَةَ الْمُعْتَادَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ بِالْخَلْوَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ كَالْخَلْوَةِ لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ اهـ زي وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَاشَرَةِ أَنْ يَدُومَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ النَّوْمِ مَعَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِيهَا أَنَّ مُعَاشَرَتَهُ لَهَا تَمْنَعُ مِنْ حُسْبَانِ عِدَّتِهَا عَنْ الطَّلَاقِ مُدَّتَهَا؛ لِأَنَّهَا فِي فِرَاشِ أَجْنَبِيٍّ بِوُجُودِ طَلَاقِهَا لَكِنَّهَا كَالْمُعْتَدَّةِ لِتَأَخُّرِ عِدَّتِهَا إلَى فَرَاغِ الْمُعَاشَرَةِ بِالتَّفَرُّقِ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا فِي مُدَّةِ مِقْدَارِ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَائِنِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْمُعَاشَرَةُ تَشْرَعُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ كُلِّهَا إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمُعَاشَرَةِ، وَإِلَّا فَتُكْمِلُهَا وَلَهَا فِيهَا حُكْمُ الْبَائِنِ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا فِيهَا، وَتَنْقَضِي بِهَا عِدَّةُ وَطْءٍ قَبْلَهَا، وَإِنْ تَكَرَّرَ لِدُخُولِهَا فِيهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُعَاشَرَةِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا فَإِذَا زَالَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ كَمَّلَتْ عَلَى مَا مَضَى قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ.
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَاشَرَةَ تَنْقَطِعُ بِالنِّيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمُعَاشَرَةِ كَانَتْ مُعَاشَرَةً جَدِيدَةً اهـ ح ل وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ لَكِنْ إذَا زَالَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهَا فَمَا دَامَ نَاوِيَهَا فَهِيَ بَاقِيَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَّلَتْ عَلَى مَا مَضَى فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ بِلَا مُعَاشَرَةٍ بِأَنْ اسْتَمَرَّتْ الْمُعَاشَرَةُ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ حِينِ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ ح ل فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ فَلَا مُنَافَاةَ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَاشَرَهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَكَالرَّجْعِيَّةِ) أَيْ فِي عَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَتَزَوَّجُ مَا دَامَ مُعَاشِرًا لَهَا بَعْدَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَلَيْسَتْ كَالرَّجْعِيَّةِ مُطْلَقًا فَلَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ نَحْوَ أُخْتِهَا أَيْ وَاسْتَمَرَّتْ الشُّبْهَةُ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ فَلَا تَكُونُ كَالرَّجْعِيَّةِ، وَإِنْ عَاشَرَ بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ شُبْهَةٍ.
وَعِبَارَةُ حَجّ.
وَلَوْ وُجِدَتْ أَيْ الشُّبْهَةُ بِأَنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَعُذِرَ لَمْ تَنْقَضِ كَالرَّجْعِيَّةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي أَمَتِهِ كَالْمُفَارِقِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُعَاشَرَتِهِ بِالْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ الْحَاصِلَةِ مُدَّةَ الْمُعَاشَرَةِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الَّتِي تَشْرَعُ فِيهَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ السَّيِّدِ لَهَا وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْحَلَبِيُّ وَالتَّوَقُّفُ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ مِنْ الزَّوْجِ حَرِّرْ اهـ بِخَطِّ شَيْخِنَا ف (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي أَمَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَارِقَةً بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَكَالْمُفَارِقِ أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَاشِرَهَا السَّيِّدُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُفَارَقَةِ الَّتِي عَاشَرَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُفَارِقَةً بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَكَالْمُفَارِقِ أَيْ فَإِنْ عَاشَرَ بِوَطْءِ زِنًا لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ بِشُبْهَةٍ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعَاشَرَةَ مِنْ السَّيِّدِ لَا تَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ ح ل، وَإِنْ اقْتَضَى ظَاهِرُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ وَكَذَا الْمُعَاشَرَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ السَّيِّدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ م ر وَأَمَّا مُعَاشَرَتُهَا يَعْنِي مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ زِنًا لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ بِشُبْهَةٍ فَهُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً إلَخْ اهـ وَكَتَبَ عَلَى الْآتِي ع ش مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً أَيْ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ اهـ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْحِفْنِيِّ، وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت (قَوْلُهُ: وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَهُمَا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَنْقَضِ أَيْ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجْعَةِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا) وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ لِذَلِكَ أَيْ لِلِاحْتِيَاطِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر احْتِيَاطًا فِيهِمَا، وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ كَالرَّجْعِيَّةِ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ وَفِي وُجُوبِ سُكْنَاهَا، وَفِي أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا وَكَالْبَائِنِ فِي أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، وَفِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ، وَلَا ظِهَارٌ وَلَا لِعَانٌ، وَفِي أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ سَنَدُهُ مَا كَتَبَهُ ع ش وَالرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ: وَأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَيْ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ رَجْعَتُهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ

(4/453)


وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ (وَيَلْحَقُهَا طَلَاقٌ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّةٍ) لِذَلِكَ (وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ صِحَّةِ وَطْءٍ انْقَطَعَتْ) عِدَّتُهَا (بِوَطْئِهِ) لِحُصُولِ الْفِرَاشِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ، وَإِنْ عَاشَرَهَا لِانْتِفَاءِ الْفِرَاشِ (وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا أَوْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً (وَإِنْ لَمْ يَطَأْ) لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ، وَإِنْ وَطِئَ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ قَالَ: وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لَا هَذِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَلْزَمُ الْعِوَضُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ وَفَاةٍ لَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ نَحْوِ أُخْتِهَا، وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ عَلَيْهَا اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا فِي مِقْدَارِ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَهَا حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَفِيمَا زَادَ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ فِي دَوَامِ الْمُعَاشَرَةِ لَهَا حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ فِي سِتَّةِ أَحْكَامٍ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ، وَفِي وُجُوبِ سُكْنَاهَا، وَفِي أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا، وَلَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ نَحْوِ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا، وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا وَلَهَا حُكْمُ الْبَائِنِ فِي تِسْعَةِ أَحْكَامٍ فِي أَنَّهُ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا لِعَانٌ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُ الْعِوَضُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ، وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ.
وَإِذَا مَاتَ عَنْهَا لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ) أَيْ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَهُمَا، وَقَوْلُهُ: ذَكَرْتُهُ مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي، وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ اخْتِيَارَ الْبَغَوِيّ دُونَ مَنْقُولِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ نَقْلُ الرَّافِعِيُّ مُقَابِلَهُ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَمَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهَا طَلَاقٌ) أَيْ بِلَا عِوَضٍ كَمَا مَرَّ وَلَا عِبْرَةَ بِذِكْرِهِ فِيهِ وَلَا رَجْعَةَ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَغْلِيظٌ، وَيَلْزَمُهَا عِدَّةٌ لِهَذَا الطَّلَاقِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَيْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَيَلْزَمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّفْرِيقِ عِدَّةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِالْفُرْقَةِ الْأُولَى أَوْ لَمْ تَتَّصِلْ كَمَا مَرَّ وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ طَلَاقٍ قَبْلَهُ مِنْ الْفُرْقَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَهَا إنْ وُجِدَ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِيهَا كَمَا قَبْلَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا فِيهَا وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ أُخْتِهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ رَاجَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا عِبَارَاتِهِمْ مُصَرِّحَةً بِأَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي تَثْبُتُ لَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي تَعْقُبُ الْفِرَاقَ تَسْتَمِرُّ وَتَنْسَحِبُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الَّتِي تَشْرَعُ فِيهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ، وَمِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ السُّكْنَى بَلْ وَالنَّفَقَةُ عَلَى قَوْلٍ فَيَجِبَانِ لَهَا حَتَّى فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ الَّتِي بَعْدَ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ عِدَّةٍ) أَيْ الْعِدَّةِ الَّتِي تَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ لُحُوقَ الطَّلَاقِ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ اهـ ح ل وَصُورَةُ مَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا أَنْ يَتْرُكَ مُعَاشَرَتَهَا وَيَمْضِيَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ عِدَّتِهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ وَإِلَّا بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً) أَيْ مِنْ غَيْرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ يَظُنُّ صِحَّةً وَأَمَّا لَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ فَسَيَأْتِي اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ انْقَطَعَتْ بِوَطْئِهِ) وَحِينَئِذٍ يُقَالُ إنْ كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا وَحَمَلَتْ مِنْ الْوَطْءِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْحَمْلِ بِوَضْعِهِ سَوَاءٌ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا أَمْ لَا وَيَحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَى عِدَّةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ مِنْ شَخْصَيْنِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ فَلَا تَعْتَدُّ بِغَيْرِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَمَّلَتْ الْعِدَّةَ الَّتِي نُكِحَتْ فِيهَا أَيْ بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ النِّكَاحِ ثُمَّ بَعْدَ تَمَامِهَا تَسْتَأْنِفُ أُخْرَى لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَزَمَنُ الْفِرَاشِ أَيْ زَمَنُ عَدَمِ التَّفْرِيقِ لَا يُحْسَبُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِدَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَنْقَطِعُ بَلْ تُكْمِلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا) خَرَجَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا بِلَا رَجْعَةٍ فَيَكْفِيهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ عَنْهُمَا وَكَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِعِوَضٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ الطَّلَاقُ مِنْهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَأْ طَلَاقًا بَعْدَ وَطْئِهَا، وَالْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْوَطْءِ تَعْتَدُّ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي تَجْدِيدِ الْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنْشَاءُ نِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَقَدْ طَلُقَتْ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ) أَيْ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْوَطْءُ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ وَكَوْنُهَا وُطِئَتْ فِيهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ رَاجَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاجِعُ إلَّا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَإِذَا

(4/454)


(وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ ثُمَّ وَطِئَ ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً لِأَجْلِ الْوَطْءِ (وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لِوَاحِدٍ وَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْعِدَّةِ وَأَكْمَلَتْهَا وَلَا عِدَّةَ لِهَذَا الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ فِي نِكَاحٍ جَدِيدٍ طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عِدَّةٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ.

(فَصْلٌ) فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَفِي الْمَفْقُودِ، وَفِي الْإِحْدَادِ (تَجِبُ بِوَفَاةِ زَوْجٍ عِدَّةٌ وَهِيَ) أَيْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ (لِحُرَّةٍ حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ مِنْ غَيْرِهِ كَزَوْجَةِ صَبِيٍّ) أَوْ مَمْسُوحٍ (وَلَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ لَمْ تُوطَأْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةً) مِنْ الْأَيَّامِ (بِلَيَالِيِهَا) قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا، وَسَوَاءٌ الصَّغِيرَةُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرُهُمَا، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ وَأُلْحِقَ بِهِنَّ الْحَامِلَاتُ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ وَيُكْمَلُ الْمُنْكَسِرُ بِالْعَدَدِ كَنَظَائِرِهِ (وَلِغَيْرِهَا) وَلَوْ مُبَعَّضَةً (كَذَلِكَ) أَيْ حَائِلٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
كَانَ الْفَرْضُ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِي النِّكَاحِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ، وَالرَّجْعَةُ تُعِيدُهَا لِهَذَا النِّكَاحِ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَهَا مُقْتَضِيًا لِاسْتِئْنَافِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَعْدَ وَطْءٍ سَوَاءٌ وَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي تَجْدِيدِ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يَطَأْ بَعْدَ التَّجْدِيدِ ثُمَّ طَلَّقَ حَيْثُ لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى قَبْلَ التَّجْدِيدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَلَا عِدَّةَ لِهَذَا الطَّلَاقِ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ) بِأَنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ بَقَائِهَا، وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ وَطْئِهِ لَهَا انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا بَقِيَّةٌ أَصْلًا اهـ شَرْحُ م ر بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) أَيْ عَلَى فَرْضِ أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ بَقِيَّةٌ مِنْ قَبِيلِ فَرْضِ الْمُحَالِ؛ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ الْمَقْرُونَ بِالْوَطْءِ يَقْطَعُ الْعِدَّةَ وَأَثَرَهَا فَلَا يَبْقَى لَهَا حُكْمٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَطْءِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ قَطَعَ اسْتِمْرَارَهَا لَكِنْ مَا مَضَى مِنْهَا لَمْ يَضْمَحِلَّ فَتُكْمِلُ عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَهَا حِينَئِذٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ) وَلَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً جَدِيدَةً؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ وَيُبْطِلُهَا إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْوَطْءُ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا تَقْطَعُ الْعِدَّةَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نِكَاحًا مُبْتَدَأً وَإِنَّمَا هِيَ اسْتِدَامَةُ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَإِذَا رَاجَعَ وَلَمْ يَطَأْ ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ، وَإِذَا نَكَحَهَا، وَلَمْ يَطَأْ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى قَبْلَ النِّكَاحِ، وَالْفَرْقُ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ اهـ.

[فَصْلٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَفِي الْمَفْقُودِ وَفِي الْإِحْدَادِ]
(فَصْلٌ) فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَجِبُ بِوَفَاةِ زَوْجٍ إلَخْ)
(فَرْعٌ) مُسِخَ الزَّوْجُ حَجَرًا اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَوْ حَيَوَانًا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ اهـ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: كَزَوْجَةِ صَبِيٍّ) أَيْ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجْعِيَّةً) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَ طَلَاقِهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَتَسْقُطُ عَنْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةٌ) وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ بِهَا يَتَحَرَّكُ الْحَمْلُ وَتُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي ظُهُورَ حَمْلٍ إنْ كَانَ وَزِيدَتْ الْعَشَرَةُ اسْتِظْهَارًا وَلِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَصْبِرْنَ عَنْ الزَّوْجِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَجُعِلَتْ مُدَّةَ تَفَجُّعِهِنَّ وَتُعْتَبَرُ الْأَرْبَعَةُ بِالْأَهِلَّةِ مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَتَحْسِبُ ثَلَاثَةً بِالْأَهِلَّةِ وَتُكْمِلُ مِنْ الرَّابِعِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ جَهِلَتْ الْأَهِلَّةَ حَسِبَتْهَا كَامِلَةً اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَيْ.
وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةٍ هِلَالِيَّةٍ بَعْدَهَا وَلَوْ نَوَاقِصَ اهـ ع ش عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ دُونَ الْعَشَرَةِ فَتَعْتَدُّ بَعْدَ الْبَاقِي بِأَرْبَعَةٍ هِلَالِيَّةٍ، وَتُكْمِلُ عَلَى مَا دُونَ الْعَشَرَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ (قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: 234] إلَخْ) قَدْ يُقَالُ تُوُفِّيَ فُلَانٌ وَتَوَفَّى فُلَانٌ إذَا مَاتَ فَمَنْ قَالَ تُوُفِّيَ مَعْنَاهُ قُبِضَ وَأُخِذَ، وَمَنْ قَالَ: تَوَفَّى مَعْنَاهُ اسْتَوْفَى أَجَلَهُ وَعُمُرَهُ، وَعَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَتَوَفَّوْنَ بِفَتْحِ الْيَاءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْإِخْبَارُ فِي الْآيَةِ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ هُوَ الْمُبْتَدَأُ تَقْدِيرُهُ وَزَوْجَاتُ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعَشْرًا) أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ فَسَّرَهَا بِاللَّيَالِيِ وَفِي الْمَتْنِ بِالْأَيَّامِ لِوُجُودِ التَّاءِ فِي الْمَتْنِ دُونَ الْآيَةِ وَالْعَشَرَةُ تَكُونُ بِالضِّدِّ عِنْدَ أَفْرَادِهَا، وَلَا يُقَالُ الْمَعْدُودُ مَحْذُوفٌ فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: نَعَمْ وَلَكِنَّ التَّعَاكُسَ أَفْصَحُ مَعَ حَذْفِهِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ فَسَّرَ الْعَشْرَ بِذَلِكَ لِتَأْنِيثِهَا وَالْمُرَادُ أَيَّامُهَا وَإِنَّمَا اُخْتِيرَ اللَّيَالِي؛ لِأَنَّهَا غُرَرُ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَى دَفْعِ إيهَامِ إخْرَاجِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ الْمُدَّةِ فَتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا إرْثَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُعَاشَرَتِهَا وَلَا مِنْ وَطْئِهَا حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْحَرَائِرِ وَغَيْرِهِنَّ وَالْحَامِلَاتِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَالْحَائِلَاتِ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعَى لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَالَ: هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ.
وَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ قُصُورُهَا حِينَئِذٍ عَنْ الْحَامِلَاتِ مِنْ غَيْرِهِ أَشَارَ إلَى قِيَاسِهِنَّ عَلَى مَا فِيهَا بِقَوْلِهِ وَأُلْحِقَ بِهِنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهَا كَذَلِكَ نِصْفُهَا) وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ صَحِيحٌ؛ إذْ صُورَتُهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ، وَيَسْتَمِرَّ ظَنُّهُ إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ عِدَّةَ حُرَّةٍ؛ إذْ

(4/455)


أَوْ حَامِلٌ مِمَّنْ ذُكِرَ (نِصْفُهَا) ، وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَيَأْتِي فِي الِانْكِسَارِ مَا مَرَّ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ وَبِغَيْرِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.

(وَلِحَامِلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَلَوْ مَجْبُوبًا) بَقِيَ أُنْثَيَاهُ (أَوْ مَسْلُولًا) بَقِيَ ذَكَرُهُ (وَضَعَهُ) أَيْ الْحَمْلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَفَارَقَ الْمَجْبُوبُ وَالْمَسْلُولُ الْمَمْسُوحَ فَإِنَّ الْمَجْبُوبَ بَقِيَ فِيهِ أَوْعِيَةُ الْمَنِيِّ، وَقَدْ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ وَالْمَسْلُولُ بَقِيَ ذَكَرُهُ، وَقَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ.

(وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) مُعَيَّنَةً عِنْدَهُ أَوْ مُبْهَمَةً (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً، وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا، أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ وَطِئَهُمَا، وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَوْ ذَوَاتَا أَقْرَاءٍ فِي رَجْعِيٍّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهَا عِدَّةٌ فِي الْأُولَى، وَأَنْ يَلْزَمَهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي ذَاتِ الْأَشْهُرِ وَفِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ لَا يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْجَمِيعِ (لَا فِي) طَلَاقٍ (بَائِنٍ) وَوَطِئَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (فَتَعْتَدُّ مَنْ وُطِئَتْ، وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ وَفَاةٍ (وَ) عِدَّةِ (أَقْرَاءٍ مِنْ طَلَاقٍ) لِذَلِكَ وَتَعْتَدُّ غَيْرُهَا لِوَفَاةٍ لِمَا تَقَرَّرَ، وَذِكْرُ حُكْمِ وَطْءِ إحْدَاهُمَا فِي الْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِي، وَوَجْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا مِنْ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا فِي الْمَوْتِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ حَامِلٌ مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَمْسُوحِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلِحَامِلٍ مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَعِدَّةُ حَامِلٍ لِوَفَاةٍ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ، وَهُوَ انْفِصَالُ كُلِّهِ، وَنِسْبَتُهُ إلَى صَاحِبِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَصُورَتُهُ أَنَّهُ لَاعَنَهَا لِنَفْيِ حَمْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَ زَوْجَةً لَهُ أُخْرَى ثُمَّ اشْتَبَهَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْحَامِلُ بِالْمُلَاعَنَةِ الْحَامِلِ أَيْضًا أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا انْتَهَتْ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَوْ احْتِمَالًا نَظِيرُ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إلَى النَّافِي احْتِمَالًا لَكِنْ يُنْظَرُ مَا صُورَةُ الْمَنْسُوبِ لِلْمَيِّتِ فِي مَسْأَلَتِنَا احْتِمَالًا اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَسْلُولًا) أَيْ خُصْيَتَاهُ، وَقَوْلُهُمْ: الْخُصْيَةُ الْيُمْنَى لِلْمَاءِ وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ وُجِدَ مَنْ لَهُ الْيُسْرَى فَقَطْ، وَلَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ وَشَعْرٌ كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَضَعَهُ) أَيْ وَلَوْ ثَانِيَ تَوْأَمَيْنِ انْفَصَلَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَدَخَلَ فِي وَضْعِهِ مَا لَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِهِ، وَإِنْ مَكَثَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ) وَعَلَى هَذَا لَا يُنَاسِبُ حَمْلَهَا عَلَى الْغَالِبِ الَّذِي ادَّعَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ مُخَصِّصٌ فَتَأَمَّلْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ تِسْعُ صُوَرٍ سَبْعَةٌ فِي قَوْلِهِ اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ، وَثِنْتَانِ فِي قَوْلِهِ: لَا فِي بَائِنٍ إلَخْ اهـ شَيْخُنَا، وَبَيَانُ التِّسْعِ أَنَّ مَنْ لَمْ تُوطَأْ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا لَا يُقَالُ فِيهَا: ذَاتُ أَشْهُرٍ وَلَا ذَاتُ أَقْرَاءٍ، وَلَا يُقَالُ فِي طَلَاقِهَا: إنَّهُ تَارَةً بَائِنٌ وَتَارَةً رَجْعِيٌّ فَحِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ وَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ يَتَأَتَّى فِي الْمَوْطُوءَةِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا ذَاتُ أَشْهُرٍ أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ، وَعَلَى كُلٍّ فَطَلَاقُهَا إمَّا بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَإِذَا وَطِئَهُمَا مَعًا تَتَأَتَّى فِيهِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ أَيْضًا، وَإِذَا ضَمَمْت وَاحِدَةً إلَى أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعَةٍ كَانَتْ الْجُمْلَةُ تِسْعَةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ فَتَعْتَدُّ مَنْ وُطِئَتْ، وَفِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ، وَقَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَيْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ فَفِي هَذَا صُورَتَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا فِي بَائِنٍ وَفِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَطِئَهُمَا إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مُحْتَرَزِ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَفِي هَذَا صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَوَاتَا أَقْرَاءٍ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ لَا فِي بَائِنٍ، وَفِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ تُضَمُّ لِلْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَجُمْلَةُ الْمَفَاهِيمِ سَبْعُ صُوَرٍ وَبَقِيَ لِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ لَا فِي بَائِنٍ إلَخْ صُورَتَانِ تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَيْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ دُونَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ قَطْعًا فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ أَحْوَطُ سَوَاءٌ انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَائِنِ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْغَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهَا إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَتْ رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا أَيْ فِي مَجْمُوعٍ غَيْرِهَا لِتَخْرُجَ صُوَرُ الرَّجْعِيِّ اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ إلَى قَوْلِهِ وَفِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا فِي الرَّجْعِيِّ فَالْحَقُّ بَقَاءُ الْإِيرَادِ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَلْزَمَهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا) هَذَا مُشْكِلٌ فِي الرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا مَاتَ زَوْجُهَا فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ فِي حَقِّهَا هَذَا الِاحْتِمَالُ أَعْنِي أَنْ يَلْزَمَهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ اخْتِصَاصَ هَذَا الِاحْتِمَالِ بِغَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ اهـ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا فِي بَائِنٍ) تَقَدَّمَ مُحْتَرَزُهُ، وَقَوْلُهُ: مَنْ وُطِئَتْ تَقَدَّمَ مُحْتَرَزُهُ أَيْضًا، وَكَذَا مُحْتَرَزُ: وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فَالصُّوَرُ السَّبْعُ الْمُتَقَدِّمَةُ مَفَاهِيمُ هَذِهِ الْقُيُودِ (قَوْلُهُ: بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ إلَخْ) وَلَوْ مَضَتْ جَمِيعُ الْأَقْرَاءِ قَبْلَ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَحْتَمِلُ أَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا وَأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ أَقْرَاءٍ) أَيْ بِتَمَامِهَا إنْ لَمْ يَمْضِ مِنْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ شَيْءٌ أَوْ بَعْضُهَا الْبَاقِي إنْ مَضَى مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْوَفَاةِ فَفِي هَذِهِ يُقَابَلُ بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ

(4/456)


اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ أَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ التَّعْيِينِ اعْتَبَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(وَالْمَفْقُودُ) بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ بِمَا مَرَّ) فِي الْفَرَائِضِ (أَوْ طَلَاقُهُ) بِحُجَّةٍ فِيهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ) كَمَا لَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ حَتَّى يَثْبُتَ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ (فَلَوْ حُكِمَ بِنِكَاحِهَا قَبْلَ ثُبُوتِهِ نُقِضَ) الْحُكْمُ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي مَالِهِ وَمَيِّتًا فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ (وَلَوْ نُكِحَتْ) قَبْلَ ثُبُوتِهِ (وَبَانَ مَيِّتًا) قَبْلَ نِكَاحِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ) النِّكَاحُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.

(وَيَجِبُ إحْدَادٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
اعْتِبَارِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ حُسْبَانَهَا مِنْ الطَّلَاقِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ التَّعْيِينِ.
فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مَحَلَّ حُسْبَانِهَا مِنْ التَّعْيِينِ إنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَتُحْسَبُ مِنْ الطَّلَاقِ بِاتِّفَاقٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ اعْتِبَارُ عِدَّةِ الْمُبْهَمَةِ مِنْ الطَّلَاقِ لَا مِنْ التَّعْيِينِ كَمَا زَعَمَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ مَضَى قَبْلَ الْمَوْتِ فِرَاقٌ مَثَلًا اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْبَاقِي، وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ لَا مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ تَأْتِي بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسَ اهـ (قَوْلُهُ: ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ: وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ لَا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ التَّعْيِينِ اعْتَبَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَا: إنْ قُلْنَا: الْعِدَّةُ ثَمَّ مِنْ اللَّفْظِ فَهُنَا كَذَلِكَ أَوْ مِنْ التَّعْيِينِ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ فَتَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْتِ انْتَهَتْ.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَمَّا إذَا جَعَلْنَا الْعِدَّةَ مِنْ التَّعْيِينِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْقِيَاسُ حُسْبَانُ الْأَقْرَاءِ هُنَا مِنْ الْمَوْتِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي حَالَةِ الْإِبْهَامِ: إنْ قُلْنَا: إنَّ الطَّلَاقَ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا لَوْ أَرَادَ مُعَيَّنَةً، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ فَوَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا الِاعْتِدَادُ بِالْأَقْصَى لَكِنَّ الْأَقْرَبَ تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي أَنَّ كُلًّا تَعْتَدُّ عَنْ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالتَّعْيِينِ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ كَأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ اهـ.
وَالْأَصَحُّ أَنَّ الطَّلَاقَ وَلَوْ فِي حَالَةِ الْإِبْهَامِ يَكُونُ مِنْ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ التَّعْيِينِ الْوَاقِعِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ (فَرْعٌ)
لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ اعْتَدَّ كُلٌّ مِنْ زَوْجَاتِهِ بِالْأَكْثَرِ كَمَا هُنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ) أَيْ وَلَا مُسْتَوْلَدَتُهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ حَتَّى يَثْبُتَ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ بِأَحَدِهِمَا حَلَّ لَهَا بَاطِنًا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَيُقَاسُ بِذَلِكَ فَقْدُ الزَّوْجَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ سِوَاهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَمَنْ فُقِدَ وُقِفَ مَالُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ أَوْ يَحْكُمَ قَاضٍ بِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا ظَنًّا انْتَهَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ قِسْمَةِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ دُونَ النِّكَاحِ فِي طَلَبِ الِاحْتِيَاطِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَوْلَى مِنْ الْمَالِ فِي الْمُرَاعَاةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَبَانَ مَيِّتًا) أَمَّا إذَا بَانَ حَيًّا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَكِنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ بِشُبْهَةٍ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا عَلَيْهَا كَمَا يَأْتِي، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَاطِنًا فِي الثَّانِي وَلِنُشُوزِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِنِكَاحِ الثَّانِي نَعَمْ إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَادَتْ لِمَنْزِلِ الْمَفْقُودِ وَعَلِمَ بِهَا وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُرْتَابَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا مَعَ أَنَّ الْحَاصِلَ فِي كُلِّ شَكٍّ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ لِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فَأُبْطِلَ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى اهـ ح ل وَفِي سم قَوْلُهُ: وَلَوْ نُكِحَتْ وَبَانَ مَيِّتًا إلَخْ (أَقُولُ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِيمَا لَوْ ارْتَابَتْ فِي الْعِدَّةِ فِي وُجُودِ الْحَمْلِ وَنُكِحَتْ قَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَيْهِ فَفَرَّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ هُنَا وَقَعَ بَعْدَ تَرَبُّصِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمِقْدَارِ الْعِدَّةِ وَالْقَدِيمُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ فَرَاعَيْنَاهُ فَأَوْرَدْت عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا نُكِحَتْ بَعْدَ تَرَبُّصِ الْمَرْأَةِ الْمُدَّةَ بَلْ لَوْ لَمْ تَتَرَبَّصْ وَنُكِحَتْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الْعِدَّةِ فَقَطْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ النِّكَاحُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ لَا سِيَّمَا كَلَامُ الرَّوْضِ فَفُرِّقَ بِمَا لَمْ يَظْهَرْ، وَلَا يُفِيدُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إحْدَادٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) أَيْ وَإِنْ شَارَكَهَا غَيْرُهَا كَأَنْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لِوَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً لِلشُّبْهَةِ فَقَطْ كَأَنْ أَحْبَلَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَاتَ هُوَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَالْحَمْلُ عَنْ الشُّبْهَةِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْإِحْدَادُ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْوَضْعِ فَيَجِبُ فِيهَا الْإِحْدَادُ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ

(4/457)


أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ، وَعَلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَنَعَهُمَا مِمَّا يَمْنَعُ غَيْرَهُمَا (وَسُنَّ لِمُفَارَقَةٍ) وَلَوْ رَجْعِيَّةً وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِفَسْخٍ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَذِكْرُ سَنِّهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا.

(، وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ) بِمَا يُقْصَدُ (لِزِينَةٍ وَلَوْ) صُبِغَ (قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خَشِنَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ، وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ كَكَتَّانٍ وَإِبْرَيْسَمٍ لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ زِينَةً كَنَقْشٍ، وَبِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ لَا لِزِينَةٍ بَلْ لِمُصِيبَةٍ أَوْ احْتِمَالِ وَسَخٍ كَالْأَسْوَدِ وَالْكُحْلِيِّ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ فِيهِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ الْمَصْبُوغُ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ فَإِنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْإِحْدَادُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي لُزُومَهُ لَهَا فِي زَمَنِ الْحَمْلِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِيَشْمَلَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ حَالَةَ الْحَمْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَلَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا بَقِيَ أَنَّهُ عِدَّةُ وَفَاةٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيهَا، وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) وَهُوَ مِمَّا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، وَمَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ وَجَبَ قَالَ شَيْخُنَا غَالِبًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ) بِمَعْنَى أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ يَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنَّ لُزُومَ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا اهـ م ر اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ إلَخْ) صَرَّحَ بِهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ السَّنِّ لِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَالَ م ر وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالْفِرَاقِ إلَخْ فَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ إلَخْ إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي اسْتَنَدَ لَهُ الضَّعِيفُ (قَوْلُهُ: مَجْفُوَّةٌ) أَيْ مُبْتَذَلَةٌ وَنَفْسُهَا قَائِمَةٌ مِنْهُ فَلَا تَحْزَنُ عَلَيْهِ بَلْ تَتَمَنَّى هَلَاكَهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ الْجَفَاءُ مَمْدُودٌ ضِدُّ الْبِرِّ، وَقَدْ جَفَوْته أَجْفُوهُ جَفَاءً مَجْفُوٌّ، وَلَا تَقُلْ: جَفَيْته وَتَجَافَى جَنْبُهُ عَنْ الْفِرَاشِ تَبَاعَدَ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: جَفَا السَّرْجُ عَنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ يَجْفُو جَفَاءً ارْتَفَعَ، وَمِنْهُ جَافَيْته فَتَجَافَى إذَا بَعُدْت عَنْ مَوَدَّتِهِ، وَجَفَوْت الرَّجُلَ أَجْفُوهُ أَعْرَضْت عَنْهُ أَوْ طَرَدْته، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ جَفَاءِ السَّيْلِ، وَهُوَ مَا نَفَاهُ السَّيْلُ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ بُغْضٍ وَجَفَا الثَّوْبُ يَجْفُو إذَا غَلُظَ فَهُوَ جَافٍ، وَمِنْهُ جَفَاءُ الْبَدْوِ، وَهُوَ غِلْظَتُهُمْ وَفَظَاظَتُهُمْ اهـ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ سَنَةٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِحْدَادُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا لَمْ تَرْجُ رَجْعَةً كَالْبَائِنِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ إلَخْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تَرْجُو رَجْعَتَهُ وَلَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ فِي فَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لُغَةً الْمَنْعُ) لِأَنَّ الْمُحِدَّةُ تَمْنَعُ نَفْسَهَا الطِّيبَ وَالزِّينَةَ اهـ ح ل وَفِي الْمِصْبَاحِ حَدَّتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحُدُّ وَتَحِدُّ حِدَادًا بِالْكَسْرِ فَهِيَ حَادٌّ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَأَحَدَّتْ إحْدَادًا فَهِيَ مُحِدٌّ وَمُحِدَّةٌ إذَا تَرَكَتْ الزِّينَةَ لِمَوْتِهِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْحَاءِ اهـ وَقَوْلُهُ تَحُدُّ وَتَحِدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَبَيَّنَ الْمَضْمُومَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ رَدَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ بَابَ الْمَكْسُورِ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا تَرْكُ لُبْسٍ إلَخْ) فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تُرُوكٍ ثَمَانِيَةٍ تَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَيْ الْإِحْدَادُ الْوَاجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ هَذِهِ الْأُمُورِ مَا دَامَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ أَشْهُرٍ أَوْ حَمْلٍ فَفِي الْأَشْهُرِ ظَاهِرٌ، وَفِي الْحَمْلِ يَسْقُطُ عَنْهَا الْوُجُوبُ بِوَضْعِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِلَحْظَةٍ (قَوْلُهُ: بِمَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ) إنَّمَا قَدَّرَ هَذَا فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِقَصْدِ الزِّينَةِ لَا مَا صُبِغَ لَا بِقَصْدِ الزِّينَةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ فِي نَفْسِهِ زِينَةً فَأَشَارَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إلَى امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِصَبْغِهِ خُصُوصُ زِينَةٍ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خَشِنِ الْغَايَةُ الْأُولَى لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَحِلُّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْمِيمِ هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَنِيعِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَشِنَ) أَيْ وَلَوْ خَشِنَ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى صُبِغَ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجٍ) أَيْ فَلَا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَلْ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَأَرْبَعَةٌ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ نَكْتَحِلَ أَيْ وَنُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى فِعْلٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَنْ نُحِدَّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَكُنَّا نُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ أَيْ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَرْكِ الِاكْتِحَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْإِحْدَادَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ كَانَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ نَعَمْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ إذَا قُدِّرَ مُضَافٌ أَيْ وَعَنْ تَرْكِ الِاكْتِحَالِ إلَخْ، وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى أَنْ نُحِدَّ أَنَّهُ يَصِيرُ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ إلَّا عَلَى زَوْجٍ فَلَا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ بَلْ نُؤْمَرُ بِأَنْ نُحِدَّ وَأَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ مَعَ أَنَّ الِاكْتِحَالَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ وَتَرْكُ الِاكْتِحَالِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَكَتَّانٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِبْرَيْسَمٍ) ، وَهُوَ الْحَرِيرُ الْأَبْيَضُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ فِيهِ) هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ قَوْمٍ

(4/458)


حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا (وَ) تَرْكُ (تَحَلٍّ بِحَبٍّ) يُتَحَلَّى بِهِ كَلُؤْلُؤٍ (وَمَصْبُوغٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَنُحَاسٍ إنْ مُوِّهَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ تَتَحَلَّى بِهِ (نَهَارًا) كَخَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَخَاتَمٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ» وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا وَخَرَجَ بِالتَّحَلِّي بِمَا ذُكِرَ التَّحَلِّي بِغَيْرِهِ كَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ عَارٍ بَيِّنٍ عَمَّا مَرَّ، وَبِالنَّهَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي التَّحَلِّي بِمَا ذُكِرَ لَيْلًا فَجَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَاجَةٍ وَمَعَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَ) تَرْكُ (تَطَيُّبٍ) فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَكُحْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ.
وَاسْتَثْنَى اسْتِعْمَالَهَا عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ قَلِيلًا مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْبَخُورِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَى تَطَيُّبٍ جَازَ كَالِاكْتِحَالِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ (وَ) تَرْكُ (دُهْنِ شَعْرٍ) لِرَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ بِخِلَافِ دَهْنِ سَائِرِ الْبَدَنِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) تَرْكُ (اكْتِحَالٍ بِكُحْلِ زِينَةٍ) كَإِثْمِدٍ وَلَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ وَكَكُحْلٍ أَصْفَرَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْضَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا طِيبٌ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَرَمَدٍ (فَ) تَكْتَحِلُ بِهِ (لَيْلًا) وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا وَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ نَهَارًا، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ فِي عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ: اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» وَالصَّبْرُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَخَرَجَ بِكُحْلِ الزِّينَةِ غَيْرُهُ كَالتُّوتِيَاءِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا؛ إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِثْمِدٍ وَقَوْلِي قَلِيلًا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) تَرْكُ (اسْفِيذَاجٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ رَصَاصٍ يُلَطُّ بِهِ الْوَجْهُ (وَدِمَامٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ حُمْرَةٌ يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ (وَخِضَابُ مَا ظَهَرَ) مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا مَا تَحْتَ الثِّيَابِ (بِنَحْوِ حِنَّاءٍ) كَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ، وَقَوْلِي: مَا ظَهَرَ مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الرُّويَانِيِّ لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَفِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لَا يَتَزَيَّنُونَ بِذَلِكَ، وَهَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ حَجّ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا نَصَّ لَهُمْ فِيهِ أَنَّهُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ فَيُرَاعَى، وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ حَجّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: نَهَارًا) رَاجِعٌ لِلتَّحَلِّي كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ فِي الْمَفْهُومِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَ الْمَصْبُوغِ يَمْتَنِعُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَانْظُرْ مَا الْفَارِقُ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَفَارَقَ حُرْمَةُ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَلُبْسُ مَصْبُوغٍ أَيْ وَلَوْ لَيْلًا وَمَسْتُورًا نَعَمْ يَكْفِي سَتْرُهُ إذَا لَبِسَتْهُ لِحَاجَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ وَالْمُحَرَّمُ بِأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فَهَذَا التَّعْمِيمُ رَاجِعٌ لِلتَّطَيُّبِ اهـ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَأَنْ يُقَالَ لِتَطَيُّبِ غَيْرِ الْمُحَرَّمَةِ: إنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَالْحَالَةُ أَنَّهَا مُحِدَّةٌ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْكُحْلِ، وَالْمُحَرَّمُ مِنْهُ مَا فِيهِ زِينَةٌ، وَغَيْرُ الْمُحَرَّمِ مَا لَا زِينَةَ فِيهِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: مَتَى كَانَ الْكُحْلُ مُطَيَّبًا حَرُمَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ زِينَةٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ قُسْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش عَلَى م ر وَالْقُسْطُ طِيبُ الْأَعْرَابِ، وَالْأَظْفَارُ ضَرْبٌ مِنْ الْعِطْرِ عَلَى شَكْلِ أَظْفَارِ الْأَنِسَانِ يُوضَعُ فِي النُّحُورِ اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ اكْتِحَالٍ) هَلْ يَشْمَلُ الْعَمْيَاءَ الْبَاقِيَةَ الْحَدَقَةِ، وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ؛ لِأَنَّهُ مُزَيِّنٌ فِي الْعَيْنِ الْمَفْتُوحَةِ، وَإِنْ فُقِدَ بَصَرُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَكَكُحْلٍ أَصْفَرَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَحْرُمُ اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ، وَإِنْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ الْأَصْفَرُ، وَهُوَ الصَّبْرُ انْتَهَى، وَفِي الْمُخْتَارِ الصَّبْرُ الدَّوَاءُ الْمُرُّ (قَوْلُهُ: عَلَى «أُمِّ سَلَمَةَ) زَوْجَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا» وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ حَقِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ نَظَرُهُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ، وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا، أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَاسُ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا طِيبٌ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ طِيبٌ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَطَيُّبٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكُحْلَ الَّذِي لِلزِّينَةِ حَرَامٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ طِيبٌ أَوْ لَا، وَحُرْمَةُ الْأَوَّلِ لِلطِّيبِ وَالثَّانِي لِوُجُودِ الزِّينَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ) أَيْ إنْ كُنْت مُحْتَاجَةً إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ حُمْرَةٌ يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِحُسْنِ يُوسُفَ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا جَلَسَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ وَاغْتَابُوا شَخْصًا طَرَدَهُمْ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَالَ
حَسَدُوا الْفَتَى أَنْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ ... فَالْكُلُّ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ
كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا ... حَسَدًا وَبُغْضًا إنَّهُ لَدَمِيمُ
وَالْحَسَدُ جَمْعُ حَاسِدٍ كَرَكْبٍ جَمْعِ رَاكِبٍ اهـ شَيْخُنَا مَدَابِغِيٌّ فِي قِرَاءَةِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: وَخِضَابُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْبَدَنِ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمَهْنَةِ، وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ فَانْدَفَعَ بِهِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا أَمَّا مَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَلَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ حِنَّاءٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مُذَكَّرٌ يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ وَبِالْجَمْعِ وَاحِدُهُ حِنَّاءَةٌ بِالْمَدِّ أَيْضًا اهـ ق ل عَلَى الْخَطِيبِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَاحِدُهُ حَنَأَةٌ بِوَزْنِ عَتَبَةٍ اهـ سُمِّيَتْ حِنَّاءً؛ لِأَنَّهَا حَنَّتْ لِآدَمَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ فَكَانَ كُلَّمَا أَخَذَ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَرَقًا يَسْتَتِرُ بِهِ طَارَ عَنْهُ إلَّا وَرَقَ الْحِنَّاءِ (قَوْلُهُ: كَوَرْسٍ)

(4/459)


تَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا، وَتَصْفِيفُ طُرَّتِهَا، وَتَجْعِيدُ شَعْرِ صُدْغَيْهَا، وَتَسْوِيدُ الْحَاجِبِ وَتَصْغِيرُهُ.

(وَحَلَّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ) مِمَّا تَرْقُدُ وَتَقْعُدُ عَلَيْهِ مِنْ مَرْتَبَةٍ وَنِطَعٍ وَوِسَادَةٍ وَنَحْوهَا (وَ) تَجْمِيلُ (أَثَاثٍ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ، وَهُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُزَيِّنَ بَيْتَهَا بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفِرَاشِ وَالْمَكَانِ (وَ) حَلَّ (تَنْظِيفٌ بِ) غَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمِ ظُفُرٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَامْتِشَاطٍ وَحَمَّامٍ وَاسْتِحْدَادٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْوَطْءِ فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (وَلَوْ تَرَكَتْ إحْدَادًا أَوْ سُكْنَى) فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ (انْقَضَتْ) بِمُضِيِّهَا (عِدَّتُهَا) وَإِنْ عَصَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحُرْمَتِهِ؛ إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.

(وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ (إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ) لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ الْمَبْحَثِ.

(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
هُوَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ بِالْيَمَنِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَتَصْفِيفُ طُرَّتِهَا) يُؤْخَذُ مِنْ الْمُخْتَارِ أَنَّ التَّصْفِيفَ مَعْنَاهُ التَّسْوِيَةُ، وَفِيهِ وَالطُّرَّةُ النَّاصِيَةُ اهـ (قَوْلُهُ: وَتَصْغِيرُهُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالْفَاءِ، وَهُوَ التَّزْجِيجُ وَقِيلَ بِالْفَاءِ بِأَنْ تَجْعَلَ عَلَيْهِ شَيْئًا أَصْفَرَ مِنْ الزِّينَةِ، وَأَمَّا التَّزْجِيجُ فَقَدْ نُهِيَتْ عَنْهُ الْمُحِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ التَّنْمِيصُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَحَلَّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ إلَخْ) أَيْ تَجْمِيلُ الْبَيْتِ بِالْفِرَاشِ وَالْأَثَاثِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَعَطْفُ الْأَثَاثِ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ اهـ شَيْخُنَا وَأَمَّا الْعَطَاءُ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ أَيْ وَلَوْ لَيْلًا كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَحَمَّامٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ، وَإِلَّا حَرُمَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ جَازَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْدَادٌ) أَيْ إزَالَةُ شَعْرِ الْعَانَةِ وَمِثْلُهُ إزَالَةُ كُلِّ شَعْرٍ لَا يَتَضَمَّنُ زِينَةً كَأَخْذِ مَا حَوْلَ الْحَاجِبِينَ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحِدَّةِ وَمَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ سَنُّ إزَالَةِ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: وَسُنَّ تَزَيُّنٌ إلَى أَنْ قَالَ: وَبِإِزَالَةِ نَحْوِ ظُفْرٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) أَيْ تَحْزَنُ بِغَيْرِ تَغْيِيرِ مَلْبُوسٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بَلْ يَحْرُمُ اهـ ق ل وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: بِغَيْرِ تَغْيِيرِ مَلْبُوسٍ تَغْيِيرُهُ بِوَجْهٍ خَاصٍّ كَصَبْغِهِ عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْحُزْنِ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْإِحْدَادِ شَرْعًا حَيْثُ أُطْلِقَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَجْمُوعُ التُّرُوكِ الثَّمَانِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ أَيْ مُزَوَّجَةً كَانَتْ أَوْ خَلِيَّةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا لِلرَّجُلِ) أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ كُلِّ مَا يُشْعِرُ بِالتَّبَرُّمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا صَبْرَ لَهَا عَلَى الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ اهـ ح ل وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لَا لِلرَّجُلِ اعْتَمَدَهُ م ر وَفِي الْعُبَابِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: وَالرَّجُلُ كَالْمَرْأَةِ فِي التَّحَزُّنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ وَفِي النَّاشِرِيِّ: وَهَلْ لِلرَّجُلِ التَّحَزُّنُ عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمْ لَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعُجَالَةِ: وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ الْمَصَائِبِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) وَالْأَشْبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ عِبَارَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا، وَلَوْ سَاعَةً وَأَلْحَقَ الْغَزِّيِّ بَحْثًا بِالْقَرِيبِ الصَّدِيقَ وَالْعَالِمَ وَالصَّالِحَ وَالسَّيِّدَ وَالْمَمْلُوكَ وَالصِّهْرَ كَمَا أَلْحَقُوا مَنْ ذُكِرَ بِهِ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ لَا فَلَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى فِعْلِهِ، وَمُجَرَّدُ النَّهْيِ إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ، وَفِي الزَّوَاجِرِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَحْرُمُ بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ]
أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا تَخْرُجُ إلَّا لِعُذْرٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ فُرْقَةٍ) وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَلَوْ أُسْقِطَتْ مُؤْنَةُ الْمَسْكَنِ عَنْ الزَّوْجِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ اهـ شَرْحُ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ، أَوْ بَعْضُهَا، وَلَمْ تُطَالِبْهُ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ اهـ أَيْ وَمِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ لِوَفَاةٍ إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا، وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى فِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا لِلْمَنْكُوحَةِ إذَا فَاتَتْ السُّكْنَى فِي حَالَةِ النِّكَاحِ، وَلَمْ تُطَالِبْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ فَسْخٌ) أَرَادَ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ، وَمِنْهُ فُرْقَةُ اللِّعَانِ فَتَجِبُ السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَفَاةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْعِدَّةُ عَنْهَا، وَلَمْ

(4/460)


{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وَقِيسَ بِهِ الْفَسْخُ بِأَنْوَاعِهِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ فِي الْحَيَاةِ وَلِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ فِي الْوَفَاةِ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ: إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا حَيْثُ (تَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَى الزَّوْجِ (لَوْ لَمْ تُفَارِقْ) فَلَا تَجِبُ سُكْنَى لِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَاشِزَةٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَمَةٍ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَا تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا نَاشِزَةً، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي مُعْتَدَّةِ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ وَحَيْثُ لَا تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ فَلِلزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ إسْكَانُهَا حِفْظًا لِمَائِهِ، وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَحَيْثُ لَا تَرِكَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
تَرِثْ أَيْ لِإِقْرَارِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا وَأَنَّهَا تَرِثُ فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ الْإِبَانَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَفَاةٍ) أَيْ حَيْثُ وُجِدَتْ تَرِكَةٌ وَتُقَدَّمُ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ع ش عَلَيْهِ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا خَلَّفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَلَمْ تُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَسْكِنُوهُنَّ مَكَانًا هُوَ بَعْضُ مَسْكَنِكُمْ اهـ شَيْخُنَا وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِهَا ظَرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: فُرَيْعَةَ) هِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (قَوْلُهُ: فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ) أَيْ إلَى أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ أَمَرَهَا بِالْمُكْثِ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فِي الْحُجْرَةِ) أَيْ حُجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: «اُمْكُثِي فِي بَيْتِك» ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي كُنْت فِيهِ، وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَتُهَا) أَيْ بِقَيْدِ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاشِزٍ، وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) .
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طَلَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَ حَقُّ الْمَسْكَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَفِي مُدَّةِ النُّشُوزِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا مُسْتَحِقُّ الْمَسْكَنِ بِأُجْرَتِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ اهـ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَصُورَةُ، ذَلِكَ أَنْ تُعَدَّ بِسُكْنَاهَا غَاصِبَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا الزَّوْجُ سَاكِنَةً وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِخُرُوجٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ اخْتِيَارًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلسُّكْنَى بِرِضَا الزَّوْجِ اُسْتُصْحِبَ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَزْوَاجِ أَنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْبَيْتِ بِسَبَبِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاشِزٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) كَأَنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِذَا عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ رَجَعَتْ السُّكْنَى، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ السُّكْنَى لَيْسَتْ خُصْلَةً وَاحِدَةً بَلْ أَجْزَاؤُهَا مُعْتَبَرَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُفَارِقِ بِإِطَاعَتِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا نَشَزَتْ ثُمَّ عَادَتْ لَا بُدَّ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ أَنْ يَعْلَمَ الزَّوْجُ بِإِطَاعَتِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) فَإِنْ رَجَعَتْ لِلطَّاعَةِ رَجَعَ حَقُّهَا فِي السُّكْنَى اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ) وَيُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ وَكَذَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ اهـ زي، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّبِيَّةِ إذَا وُطِئَتْ تَهَيُّؤُهَا لِلْوَطْءِ فَإِنْ لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُ فَلَا عِدَّةَ لَهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ لَا يُوجِبُهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّهَيُّؤِ هُنَا التَّهَيُّؤُ بِالْفِعْلِ وَهُنَاكَ بِاعْتِبَارِ السِّنِّ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ تَهَيُّئِهِمَا لِلْوَطْءِ لِكَوْنِهِمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ فَالظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُحَشِّي مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَهَيُّؤِ الصَّغِيرَةِ لِلْوَطْءِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْتَبِرْ م ر كحج هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي الصَّبِيِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَمَةٌ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسَلَّمَةً لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَوْ تَرَكَتْ خِدْمَةَ سَيِّدِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَمَكَثَتْ فِي مَحَلِّ عِدَّتِهَا وَجَبَ إسْكَانُهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِمَائِهِ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الصَّغِيرَةِ.
(فَرْعٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ إسْكَانُهَا، وَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ كَمَا قَدَّمْته اهـ وَقَوْلُهُ كَمَا قَدَّمْته أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَعَلَيْهَا أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مُلَازَمَتُهُ أَيْ الْمَسْكَنِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْهُ ذُو الْعِدَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ وَلِلْوَاطِئِ إلْزَامُهَا السُّكْنَى وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً، وَانْظُرْ هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الزَّوْجِ إسْكَانُهَا وَلَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ

(4/461)


وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ بِالسُّكْنَى سُنَّ لِلسُّلْطَانِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَمُعْتَدَّةِ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَهِيَ حَائِلٌ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ كَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهَا قَبْلَهَا، وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْقَطَعَتْ، وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى فَإِنَّمَا تَجِبُ (فِي مَسْكَنٍ) لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ) كَانَ (مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ) كَصُوفٍ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا، وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ تَخَيَّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مَسْكَنِهَا، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَجَرَى السُّبْكِيُّ عَلَيْهِ وُجُوبُهَا عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ اللَّائِقِ بِهَا الَّذِي كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مُوَافَقَتُهَا بِالْأُجْرَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ وَكَذَا عَلَى مَالِكِهِ، وَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ مَنْ يُوجِبُ إسْكَانَهَا لَا يُوجِبُ عَلَى مَالِكِ الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَتْ بِهِ إسْكَانَهَا أَيْ لَا يُجْبَرُ مَالِكُهُ عَلَى ذَلِكَ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِذَلِكَ لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ، وَقَوْلُهُ: سُنَّ لِلسُّلْطَانِ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا حَيْثُ شَاءَتْ اهـ شَرْحُ م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مُلَازَمَةُ مَا سَكَنَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَتَحَرَّى الْأَقْرَبَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ مَا أَمْكَنَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمُعْتَدَّةُ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ) بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَلَوْ حَامِلًا فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ اهـ سم (قَوْلُهُ: دُونَ النَّفَقَةِ) أَيْ فَلَا تَجِبُ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا، وَلَوْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا قَبْلَ الْوَفَاةِ، وَمَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ) هَذَا بَيَانٌ لِحِكْمَتِهَا فِي الْأَصْلِ وَإِلَّا فَهِيَ تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاءٌ يُصَانُ كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَزَوْجَةِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَلَا يُنْتَقَضُ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ صَغِيرَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى كَمَا لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَتَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ السُّكْنَى لِصِيَانَةِ مَائِهِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ وَالنَّفَقَةِ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَبِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَسَقَطَتْ إلَى الْمِيرَاثِ، وَالسُّكْنَى حَقٌّ لَهُ - تَعَالَى -، فَلَمْ تَسْقُطْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيُّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا، وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ هُنَا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لَهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَسْكَنٍ إلَخْ أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ إلَخْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فِي مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا) أَيْ وَكَانَ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةُ بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِقَامَةُ، وَإِنْ لَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِلَّةُ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِينَ أَيْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَوْ عَادَ وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعَوْدَ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَنْزِلُ بَدْوِيَّةٍ، وَبَيْتُهَا مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ كَصَرْفِ مَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ فِي لُزُومِ مُلَازَمَتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كُلُّ الْحَيِّ ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ ارْتَحَلَ بَعْضُهُمْ، وَكَانَ غَيْرَ أَهْلِهَا، وَفِي الْمُقِيمِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ امْتَنَعَ ارْتِحَالٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَحِلُ أَهْلَهَا وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ خُيِّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْبَدْوِيَّةُ الْحَضَرِيَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا لَوْ ارْتَحَلُوا لَمْ تَرْتَحِلْ مَعَهُمْ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْبَائِنِ بِالطَّلَاقِ أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِمُطَلِّقِهَا طَلَبُ إقَامَتِهَا إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ الرَّجْعِيَّةَ حَيْثُ شَاءَ.
وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِ هَا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَهَا فِي حَالَةِ ارْتِحَالِهَا مَعَهُمْ الْإِقَامَةُ مُتَخَلِّفَةً دُونَهُمْ فِي نَحْوِ قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ سَيْرِهَا وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْهَرَبُ لِعَوْدِهِمْ بَعْدَ أَمْنِهِمْ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ، وَكَانَ مَسْكَنُهَا السَّفِينَةَ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ مُطَلِّقِهَا بِمَسْكَنٍ بِمَرَافِقِهِ فِيهَا لِاتِّسَاعِهَا مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَبَيْتٍ مِنْ خَانٍ، وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنْ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أُخْرِجَ الزَّوْجُ مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا وَاسْتَحَقَّ الْمَحْرَمُ أُجْرَةَ تَسْيِيرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مُتَّصِفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهَا تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَعَدَدٌ) أَيْ كَثْرَةٌ فَهُوَ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ:

(4/462)


كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ وَنَحْوِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَا تَخْرُجُ) مِنْهُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً (وَلَا تَخْرُجُ) هِيَ مِنْهُ، وَلَوْ وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ قَالَ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وَمَا ذَكَرْته فِي الرَّجْعِيَّةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ، وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ (إلَّا لِعُذْرٍ كَشِرَاءِ غَيْرِ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ) عَلَى الْمُفَارِقِ (نَحْوُ طَعَامٍ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ (نَهَارًا وَغَزْلُهَا وَنَحْوُهُ) كَحَدِيثِهَا وَتَأَنُّسِهَا (عِنْدَ جَارَتِهَا لَيْلًا إنْ) رَجَعَتْ وَ (بَاتَتْ بِبَيْتِهَا) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ كَرَجْعِيَّةٍ وَحَامِلٍ بَائِنٍ فَلَا يَخْرُجَانِ لِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ كَالزَّوْجَةِ؛ إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَخَوْفٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ نَحْوِ هَدْمٍ وَغَرَقٍ وَفَسَقَةٍ مُجَاوِرِينَ لَهَا، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قِيلِهِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا (وَشِدَّةِ تَأَذِّيهَا بِجِيرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهِمْ بِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَذَى الْيَسِيرِ؛ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ، وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا لَهُمْ أَوْ عَكْسُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَهُوَ الْحَاجَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَخْرُجُ إلَّا لِعُذْرٍ) وَحَيْثُ نُقِلَتْ سَكَنَتْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الزَّوْجَ يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ لَا حَيْثُ شَاءَتْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالْخُرُوجِ اللَّذَيْنِ فِي الْمَتْنِ، وَالْخُرُوجُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ وَافَقَهَا إلَخْ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَعَلَى الْحَاكِمِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ السُّكْنَى أَوْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَسْقُطُ وَهَلْ تُقَدِّمُ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -، فِيمَا لَوْ أَخْبَرَهَا الْأَطِبَّاءُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَإِلَّا عُضِبَتْ، وَفِيمَا لَوْ نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا فَحَصَلَ الْفِرَاقُ فِيهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) وَلَا تُعْذَرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ إسْلَامٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ الْمُعَدَّةِ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ الْمُهِمَّاتِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَهَارًا) أَمَّا اللَّيْلُ وَلَوْ أَوَّلَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَلَا تَخْرُجُ فِيهِ مُطْلَقًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا ذَلِكَ نَهَارًا أَيْ وَأَمِنَتْ كَمَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَغَزْلِهَا وَنَحْوِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا، وَتَأْنَسُ بِهِ لَكِنْ قَالَ حَجّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَيُؤْنِسُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَغَزْلِهَا) سِيَاقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ لَهَا النَّفَقَةُ لَا تَخْرُجُ لِجَارَتِهَا لِلْغَزْلِ وَنَحْوِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا صَنِيعُهُ فِي الْمَفْهُومِ حَيْثُ أَخَّرَهُ عَنْ هَذَا أَيْضًا لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ الْآتِيَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمَا يُبْعِدُ تَقْيِيدَ الْخُرُوجِ لِلتِّجَارَةِ بِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ إذْ لَا عَلَاقَةَ لِلْخُرُوجِ لِلْغَزْلِ وَالتَّأَنُّسِ وَنَحْوِهِمَا بِالنَّفَقَةِ وَعَدَمِهَا وَذَكَرَ حَجّ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ غَيْرَ مَنْ لَهَا نَفَقَةٌ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ لِلْغَزْلِ عِنْدَ الْجَارَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا لَكِنَّ صَنِيعَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَصَنِيعِهِ هُنَا، وَمِثْلُهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَيْلًا) أَيْ حِصَّةً مِنْهُ لَمْ تَكُنْ مُعْظَمَهُ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَدَّثَ عِنْدَ جَارَتِهَا مُعْظَمَ اللَّيْلِ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِلْعَادَةِ.
وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ وَشَيْخُنَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَبَاتَتْ بِبَيْتِهَا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَهَا صِنَاعَةٌ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا بِاللَّيْلِ كَالْمُسَمَّاةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْعَالِمَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَى الْخُرُوجِ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا، وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجَانِ لِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ) هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً فِي الرَّجْعِيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ يُسْكِنُهَا حَيْثُ شَاءَ أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِنُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ؛ لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَسَامَحُوا فِيهِ لِعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ لِلْمَسْكَنِ بِالْمَرَّةِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ عُرْفًا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لِلثَّانِيَةِ الْخُرُوجُ) وَكَذَا لِلْأُولَى كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا لِضَعْفِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهَا، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ اهـ ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةَ مُكْفِيَةٌ، قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةَ لَوْ احْتَاجَتْ إلَى الْخُرُوجِ لِغَيْرِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعٍ وَغَزْلٍ وَتَأَنُّسِهَا بِجَارَتِهَا لَيْلًا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ) أَيْ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا كَوَدِيعَةٍ، وَإِنْ قَلَّ قَالَ حَجّ أَوْ اخْتِصَاصٌ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِانْتِقَالُ حَيْثُ ظَنَّتْ فِتْنَةً كَخَوْفٍ عَلَى نَحْوِ بِضْعٍ، وَتَغَرُّبٍ إذَا زَنَتْ وَتَخْرُجُ لِاسْتِيفَاءِ حَدٍّ وَجَبَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ بَرْزَةً اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ تَأَذِّيهَا بِجِيرَانٍ إلَخْ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ هُنَا الْمُلَاصِقُ أَوْ مُلَاصِقُهُ، وَنَحْوُهُ لَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ اهـ شَرْحُ م ر أَقُولُ: لَوْ اُعْتُبِرَ بِالْعُرْفِ كَمَا يَأْتِي فِي رَفْعِ الذِّمِّيِّ بِنَاءً عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ لَكَانَ قَرِيبًا اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ شِدَّةِ تَأَذِّيهمْ بِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ السُّكْنَى، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ بِخِلَافِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءِ) قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْيَسِيرِ، فَالْأَحْمَاءُ مَجْرُورٌ صِفَةً لِلْجِيرَانِ، وَالتَّقْدِيرُ وَبِخِلَافِ الْأَذَى مِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءِ أَيْ فَلَا تُعْتَبَرُ عُذْرًا تَأَمَّلْ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُخَالِفُ الْمَعْنَى عَلَى كَوْنِهِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا فَلْيُحَرَّزْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ)

(4/463)


وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ؛ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمَا.

(وَلَوْ انْتَقَلَتْ لِبَلَدٍ أَوْ مَسْكَنٍ بِإِذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ (فَوَجَبَتْ عِدَّةٌ، وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا) إلَيْهِ (اعْتَدَّتْ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمَقَامِ فِيهِ سَوَاءٌ أَحَوَّلَتْ الْأَمْتِعَةَ الْأُوَلَ أَمْ لَا (أَوْ) انْتَقَلَتْ لِذَلِكَ (بِلَا إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ) تَعْتَدُّ، وَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ انْتِقَالِهَا أَنْ تُقِيمَ فِي الثَّانِي فَكَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ بِالْإِذْنِ (كَمَا لَوْ أَذِنَ) فِي الِانْتِقَالِ (فَوَجَبَتْ) أَيْ الْعِدَّةُ (قَبْلَ خُرُوجِهَا) فَتَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ (أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ) لِحَاجَتِهَا أَوْ لِحَاجَتِهِ كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ وَاسْتِحْلَالٍ مِنْ مَظْلِمَةٍ، وَرَدِّ آبِقٍ أَوْ لَا لِحَاجَتِهِمَا كَنُزْهَةٍ وَزِيَارَةٍ (فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ قَصَدَ بِهِ التَّوْطِئَةَ لِلِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي بَعْدَهُ وَالِاسْتِدْرَاكُ عَلَى الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ وَشِدَّةِ تَأَذِّيهَا بِجِيرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تَخْرُجُ هِيَ، وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْأَحْمَاءَ مِنْ جُمْلَةِ الْجِيرَانِ فَمُقْتَضَى الْمَتْنِ أَنَّهَا إنْ تَأَذَّتْ بِهِمْ، أَوْ تَأَذَّوْا بِهَا تَخْرُجُ هِيَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهُمْ إلَخْ، وَفِي الْمَقَامِ تَفْصِيلٌ لَا تُؤَدِّيهِ عِبَارَةُ الشَّارِحِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ فَعُلِمَ أَنَّ مِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءَ، وَهُوَ أَقَارِبُ الزَّوْجِ نَعَمْ إنْ كَانُوا فِي دَارِهَا، وَإِنْ اتَّسَعَتْ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِضَيِّقِهَا نُقِلُوا هُمْ لَا هِيَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لَا الْأَبَوَانِ، وَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطُولُ غَالِبًا انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِبَذَاءَةِ الْأَحْمَاءِ عَلَيْهَا أُخْرِجُوا عَنْهَا مِنْ الْمَسْكَنِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ أَضَاقَ أَمْ اتَّسَعَ، وَالْأَحْمَاءُ أَقَارِبُ الزَّوْجِ كَأَخِيهِ، وَإِنْ بَذَّتْ هِيَ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَحْمَائِهَا فَلَهُ أَيْ الزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ نَقْلُهَا مِنْ الْمَسْكَنِ هَذَا إنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ، وَاتَّسَعَتْ لَهَا وَلِلْأَحْمَاءِ، وَلَمْ تَكُنْ مِلْكَهَا، وَلَا مِلْكَ أَبَوَيْهَا فَإِنْ ضَاقَتْ عَنْهُمْ أَوْ كَانَتْ مِلْكَهَا أَوْ مِلْكَ أَبَوَيْهَا فَهِيَ أَوْلَى بِهَا فَتُخْرِجُ الْأَحْمَاءَ مِنْهَا انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ هِيَ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ هِيَ، وَلَا هُمْ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ تَأَذِّيهِمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ تَتَعَدَّ هِيَ بِهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَتَأَذَّتْ بِهِمْ) أَيْ بِأَهْلِهَا، وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ بِهِمَا لَكِنْ مُرَادُهُ التَّعْمِيمُ فِي أَهْلِهَا اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا نَقْلَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَا إنْ بَذَّتْ عَلَى أَبَوَيْهَا إنْ سَاكَنَتْهُمَا فِي دَارِهِمَا فَلَا تُنْقَلُ وَلَا يُنْقَلَانِ، وَإِنْ تَأَذَّتْ بِهِمَا أَوْ هُمَا بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرَّ وَالْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ طُولَهَا مَعَ الْأَحْمَاءِ وَالْجِيرَانِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ) أَيْ وَبَعْدَ مُجَاوَزَةِ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِي التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ مِنْ الْبَلَدِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا الْعَوْدُ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ فِيهِ) أَيْ لَا فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحَوَّلَتْ الْأَمْتِعَةَ مِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَالْعِبْرَةُ فِي النَّقْلَةِ بِبَدَنِهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ وَالْخَدَمَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ عَادَتْ لِتَنْقُلَ مَتَاعَهَا أَوْ خَدَمَهَا فَطَلَّقَهَا فِيهِ اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي
(قَوْلُهُ: فَفِي الْأَوَّلِ تَعْتَدُّ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إسْكَانُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ نَاشِزَةٌ اهـ ح ل وَفِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ النَّاشِزَةَ إذَا عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ عَادَ لَهَا وُجُوبُ الْإِسْكَانِ مِنْ حِينِ عَوْدِهَا وَجَلَّ مَنْ لَا يَسْهُو (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ بَعْدَ الْفِرَاقِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعْبِيرُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: لَا إنْ أَذِنَ لَهَا هُوَ أَوْ وَارِثُهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَتْ قَبْلَ خُرُوجِهَا) أَيْ وَإِنْ بَعَثَتْ أَمْتِعَتَهَا وَخَدَمَهَا إلَى الثَّانِي اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ إلَخْ) لَا تَلْتَبِسُ هَذِهِ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ سَافَرَتْ وَتَعُودُ بِخِلَافِ تِلْكَ انْتَقَلَتْ لِتَسْكُنَ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ هَذَا الْقَيْدِ، وَهُوَ مَا إذَا سَافَرَتْ بِلَا إذْنٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ وُجُوبُ الرُّجُوعِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ بَلَغَهَا فِيهِ خَبَرُ الْفُرْقَةِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَيَجِبُ رُجُوعُهَا فِي الْحَالِ إلَى مَسْكَنِهَا، وَهَذَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ خَرَجَتْ فَطَلَّقَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَاجَتِهَا) أَوْ هُنَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ بِخِلَافِ الَّتِي بَعْدَهَا فَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ وَخَافَتْ فَوْتَهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ خَرَجَتْ وُجُوبًا، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَمِنَتْ الْفَوَاتَ لِسَعَةِ الْوَقْتِ جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ لِمَا فِي تَعْيِينِ التَّأْخِيرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَهُ وَقَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَلَدِ بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَا تُسَافِرُ، فَإِنْ أَحْرَمَتْ لَمْ تَخْرُجْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَتَمَّتْ نُسُكَهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ بِأَعْمَالِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ مَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِلظُّلْمِ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا ظُلِمَ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ لَا لِحَاجَتِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ لِحَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ، وَقَوْلُهُ: وَزِيَارَةٌ أَيْ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ أَمَّا زِيَارَةُ أَقَارِبِهَا فَهِيَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ فَهِيَ مِنْ حَاجَتِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقِ

(4/464)


فَعَوْدُهَا أَوْلَى) مِنْ مُضِيِّهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ الْمَسِيرِ مَشَقَّةً ظَاهِرَةً، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا مَضَتْ أَوْ عَادَتْ (وَيَجِبُ) أَيْ عَوْدُهَا (بَعْدَ انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا) إنْ سَافَرَتْ لَهَا (أَوْ) بَعْدَ انْقِضَاءِ (مُدَّةِ الْإِذْنِ) إنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً (أَوْ) مُدَّةِ (إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) إنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهَا مُدَّةً فِي سَفَرِ غَيْرِ حَاجَتِهَا لِتَعْتَدَّ لِلْبَقِيَّةِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ بَعْضَهَا فِيهِ وَبَعْضَهَا فِي الْأَوَّلِ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (كَوُجُوبِهَا بَعْدَ وُصُولِهَا) الْمَقْصِدَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَوْدُهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ وَإِطْلَاقِي لِلسَّفَرِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ لَكِنْ إنْ سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ، وَلَا تُقِيمُ بِمَحَلِّ الْفُرْقَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ إنْ أَمِنْت الطَّرِيقَ وَوَجَدَتْ الرُّفْقَةَ؛ لِأَنَّ سَفَرَهَا كَانَ بِسَفَرِهِ فَيَنْقَطِعُ بِزَوَالِ سُلْطَانِهِ وَاغْتُفِرَ لَهَا مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأُهْبَةِ الزَّوْجِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهَا أُهْبَةُ السَّفَرِ، وَذِكْرُ أَوْلَوِيَّةِ الْعَوْدِ مَعَ قَوْلِي أَوْ مُدَّةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَوْ خَرَجَتْ) مِنْهُ (فَطَلَّقَهَا، وَقَالَ: مَا أَذِنْت فِي خُرُوجٍ أَوْ) قَالَ: وَقَدْ قَالَتْ أَذِنْت لِي فِي نَقْلَتِي (أَذِنْت لَا لِنَقْلَةٍ حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الْأُولَى، وَعَدَمُ الْإِذْنِ فِي النَّقْلَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ رُجُوعُهَا فِي الْحَالِ إلَى مَسْكَنِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَائِلُ فِي الثَّانِيَةِ وَارِثَ الزَّوْجِ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّحْلِيفِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ) لَأَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ لِمَا مَرَّ (وَصَحَّ بَيْعُهُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ) كَالْمُكْتَرَى لَا فِي عِدَّةِ حَمْلٍ أَوْ أَقْرَاءٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَفِي الرَّوْضِ لَمْ تُسَافِرْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إبْطَالِ سَفَرِهَا بِخِلَافِ سَفَرِ النَّقْلَةِ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَلْ صَرِيحُهُ اهـ
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً وَلَا أَقِيمِي وَلَا ارْجِعِي حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النَّقْلَةِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ) أَيْ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ مَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ فِي التَّرَخُّصِ لِلْمُسَافِرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ اهـ ح ل
وَخَرَجَ بِالطَّرِيقِ مَا لَوْ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ فَلَا تَخْرُجُ قَطْعًا، وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ، وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ فَيَجِبُ الْعَوْدُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَعَوْدُهَا أَوْلَى) هَذَا شَامِلٌ كَمَا تَرَى لِمَا إذَا كَانَ لِسَفَرٍ لِاسْتِحْلَالٍ أَوْ حَجٍّ، وَلَوْ مُضَيَّقًا، وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ - حِينَئِذٍ فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُضِيِّ - نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا إلَخْ) وَتَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ وَعَدَمِ رُفْقَةٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِي سَفَرِ غَيْرِ حَاجَتِهَا) شَامِلٌ لِسَفَرِ النُّزْهَةِ وَالزِّيَارَةِ فَلَا تَزِيدُ فِيهِ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَيَجِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَاجَتِهَا فَلَوْ ذَكَرَهُ بِجَنْبِهِ كَمَا صَنَعَ م ر لَكَانَ أَوْضَحَ.
وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ مَضَتْ لِمَقْصِدِهَا وَبَلَغَتْهُ أَقَامَتْ فِيهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ، وَأَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ امْتَنَعَ عَلَيْهَا اسْتِكْمَالُهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ سَافَرَتْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ أَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ فَوَجَبَتْ فِي طَرِيقٍ فَعَوْدُهَا أَوْلَى اهـ عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأُهْبَةِ الزَّوْجِ) فِي الْمُخْتَارِ تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ، وَأُهْبَةُ الْحَرْبِ عُدَّتُهَا، وَجَمْعُهَا أُهَبٌ اهـ فَالْمَعْنَى هُنَا؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مُلْتَبِسَةً بِاسْتِعْدَادِ الزَّوْجِ لِلسَّفَرِ بِالزَّادِ وَنَحْوِهِ لَا مُسْتَعِدَّةً بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَبْطُلُ عَلَيْهَا أُهْبَةُ السَّفَرِ أَيْ لَا تَبْطُلُ عَلَيْهَا الْمُدَّةُ الَّتِي تَسْتَعِدُّ فِيهَا لِلسَّفَرِ بِتَحْصِيلِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهَا بِالسَّفَرِ فِي الْحَالِ لَكَانَ فِيهِ إضْرَارٌ بِهَا لِعَدَمِ تَأَهُّلِهَا لَهُ فَأَمْهَلْنَاهَا مُدَّةً تَتَأَهَّلُ فِيهَا لَهُ وَهِيَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ مَا أَذِنْت فِي خُرُوجٍ) أَيْ وَادَّعَتْ هِيَ إذْنَهُ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَفْهَمَ أَنَّ الْمُصَدَّقَ فِي الْأُولَى هُوَ الْوَارِثُ كَالزَّوْجِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَقَالَ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ اهـ لَكِنْ فِي الْعُبَابِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي رَأَيْتهَا خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ.
(فَرْعٌ) لَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ إلَى دَارٍ أَوْ بَلَدٍ غَيْرِ الْأُولَى ثُمَّ فُورِقَتْ فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ: خَرَجْت بِإِذْنِك فَأَنْكَرَ الْإِذْنَ حَلَفَ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ وَارِثُهُ حَلَفَتْ هِيَ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضِ اهـ م ر
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الزَّوْجَ مُصَدَّقٌ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِذْنِ أَوْ صِفَتَهُ، وَالْوَارِثُ مُصَدَّقٌ إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلَ دُونَ مَا إذَا أَنْكَرَ الصِّفَةَ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا) وَرُجِّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ دُونَ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا، وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا صَدَرَ) أَيْ جَرَى مِنْ الْمُورَثِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ الْوَارِثِ مُتَعَلِّقٌ بِأَعْرَفَ أَيْ هِيَ أَكْثَرُ مَعْرِفَةً مِنْ الْوَارِثِ بِمَا صَدَرَ مِنْ الْمُورَثِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْصِيلِ قَوْلِهِ فِي مَسْكَنٍ كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مِلْكًا لَهُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَتْنَ؛ لِأَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ كَوْنُهُ مُسْتَحَقًّا لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْ الْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بَيْعُهُ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَلَوْ حَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، وَانْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ لَمْ يَنْفَسِخْ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَاءٍ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الصِّحَّةَ فِي أَقْرَاءِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَدُومُ، وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافٌ فَنَادِرٌ، وَالِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ عَلَى نُدُورٍ لَا يَضُرُّ

(4/465)


لِأَنَّ آخِرَ الْمُدَّةِ مَجْهُولٌ (أَوْ كَانَ مُسْتَعَارًا أَوْ مُكْتَرًى وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي (انْتَقَلَتْ) مِنْهُ (إنْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ) مِنْ بَقَائِهِمَا بِيَدِ الزَّوْجِ بِأَنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِإِجَارَتِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَامْتَنَعَ الْمُكْتَرِي مِنْ تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ وَكَامْتِنَاعِهِ خُرُوجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَسْكَنِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (أَوْ) كَانَ مِلْكًا (لَهَا تَخَيَّرَتْ) بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَالِانْتِقَالِ مِنْهُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا؛ إذْ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُهُ بِإِعَارَةٍ وَلَا بِإِجَارَةٍ فَقَوْلُ الْأَصْلِ اسْتَمَرَّتْ أَيْ جَوَازًا لِئَلَّا يُخَالِفَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِالْوُجُوبِ (كَمَا لَوْ كَانَ) الْمَسْكَنُ (خَسِيسًا) فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ وَطَلَبِ النَّقْلِ إلَى لَائِقٍ بِهَا (وَيُخَيَّرُ) هُوَ (إنْ كَانَ نَفِيسًا) بَيْنَ إبْقَائِهَا فِيهِ وَنَقْلِهَا إلَى مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا وَيَتَحَرَّى الْمَسْكَنَ الْأَقْرَبَ إلَى الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهُ وَاسْتَبْعَدَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَرَدَّدَ فِي الِاسْتِحْبَابِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) وَلَوْ أَعْمَى (مُسَاكَنَتُهَا وَلَا مُدَاخَلَتُهَا) فِي مَسْكَنٍ لِمَا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا وَهِيَ حَرَامٌ كَالْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ (إلَّا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ مَعَ مُمَيِّزٍ بَصِيرٍ مَحْرَمٍ لَهَا مُطْلَقًا) أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا فِي الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا قَالَ: وَهَذَا الْبَحْثُ صَحِيحٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِهِ اهـ أَقُولُ: جَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِخِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: سَوَاءٌ كَانَ لَهَا عَادَةٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْتَلِفُ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّ آخِرَ الْمُدَّةِ مَجْهُولٌ) جَهْلُهُ فِي الْأَقْرَاءِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي وَضْعِ الْحَمْلِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ آخِرَهُ بُلُوغُ أَرْبَعِ سِنِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ، وَلَا يَنْزِلُ مِنْ بَطْنِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا أَصْلًا مَا دَامَ لَمْ يَنْزِلْ فَظَهَرَ أَنَّ الْآخِرَ مَجْهُولٌ حَتَّى فِي وَضْعِ الْحَمْلِ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا، وَعَلِمَتْ بِالْحَالِ لَزِمَتْ لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -، كَمَا تَلْزَمُ فِي نَحْوِ دَفْنِ مَيِّتٍ، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ لُزُومِهَا فِي نَحْوِ الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَعَدَمِهَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي انْتِقَالِهَا هُنَا لَوْ رَجَعَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْهَدْمِ ثَمَّ فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا، وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ لِلْمُعْتَدَّةِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا تَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ فَدَعْوَى تَصْرِيحِهِمْ بِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ غَلَطٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعِيرَ الرَّاجِعَ لَوْ رَضِيَ بِسُكْنَاهَا إعَارَةً بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمُعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ آمِنَةٍ مِنْ رُجُوعِهِ بَعْدُ اهـ شَرْحُ م ر.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: بِأَنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ إلَخْ لَوْ أَعَارَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَعِلْمِ الْحَالِ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لُزُومَ الْإِعَارَةِ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْإِعَارَةِ لِلدَّفْنِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: إنَّ الْإِعَارَةَ تَلْزَمُهُ كَالْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَوَضْعِ الْجُذُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَ بِإِجَارَتِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ) عَدَلَ فِي الْمَحَلَّيْنِ عَنْ ذِكْرِ الْإِعَارَةِ فَانْظُرْ هَلْ كَلَامُهُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ أَوْ قَيْدٌ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْعَارِيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمِنَّةِ حَرِّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٍ) فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ قَبْلَ طَلَبِهَا سَقَطَتْ كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى النَّصِّ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَنْزِلُ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَهَا فِي السُّكْنَى وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَمْتِعَتُهُ بِمَحَلٍّ مِنْهَا، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ مَا لَمْ تُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِبَاحَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَمَيَّزَ أَمْتِعَتُهُ بِمَحَلٍّ أَوْ لَا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا أَيْ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ مَنْزِلِهَا مَنْزِلُ أَهْلِهَا بِإِذْنِهِمْ وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهَا وَلَا مِنْهُمْ فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ سَفِينَةً وَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا، وَهُوَ سَاكِتٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمَرْكَبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّمِيرِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خَسِيسًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا أَوْ لَهُ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ نَفِيسًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا أَوْ لَهُ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَيَلِيقُ بِهَا اهـ (قَوْلُهُ: فَتَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ إلَخْ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رِضَاهَا بِهِ قَبْلَ الْفِرَاقِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَفْعَلُ ذَلِكَ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ انْقَطَعَتَا هـ سم.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) وُجُوبُهُ مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مُدَاخَلَتُهَا) أَيْ دُخُولُ مَحَلٍّ هِيَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْمُسَاكَنَةِ مَعَ انْتِفَاءِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَعْمَى وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَرَضِيَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ لِلْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَالْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً (قَوْلُهُ: إلَّا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ جَوَازُ الْمُسَاكَنَةِ فِي الدَّارِ الْوَاسِعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ كُلٌّ بِحُجْرَةٍ فِيهَا لَكِنَّ مُحَصَّلَ كَلَامِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي جَوَازِهَا مِنْ انْفِرَادِ كُلٍّ بِحُجْرَةٍ ثُمَّ إنْ انْفَرَدَتْ الْمَرَافِقُ لَمْ يُشْتَرَطْ مَحْرَمٌ وَلَا نَحْوُهُ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ اُشْتُرِطَ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ فِي الدَّارِ إلَّا بَيْتٌ وَصُفِّفَ لَمْ يُسَاكِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَحْرَمٌ اهـ أَقُولُ كَلَامُ الرَّوْضِ فِي غَيْرِ الْوَاسِعَةِ بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِجَوَازِ الْمُسَاكَنَةِ فِي الْوَاسِعَةِ مَعَ الْمَحْرَمِ حَيْثُ قَالَ: فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ مُسَاكَنَةُ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ مَعَ مَحْرَمٍ لَهَا إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ: بَصِيرٍ مَحْرَمٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ مُلْحَقٌ بِالْبَصِيرِ حَيْثُ أَدَّتْ فِطْنَتُهُ لِمَنْعِ وُقُوعِ رِيبَةٍ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُمَيِّزِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) وَلَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ شَيْخِنَا خِلَافًا لِلشَّيْخِ الْخَطِيبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ أَيْ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَحِلُّ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِمُرْدٍ يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانُوا ثِقَاتٍ، وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ثِقَتَيْنِ وَلَا خَلْوَةُ رَجُلٍ بِغَيْرِ ثِقَاتٍ، وَإِنْ

(4/466)


(أَوْ) مَعَ مُمَيِّزٍ بَصِيرٍ مَحْرَمٍ لَهُ (أُنْثَى أَوْ حَلِيلَةٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (أَوْ) فِي (دَارٍ بِهَا نَحْوُ حُجْرَةٍ) كَطَبَقَةٍ (وَانْفَرَدَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِوَاحِدَةٍ بِمَرَافِقِهَا كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ وَمَمَرٍّ وَمَرْقًى وَأُغْلِقَ بَابٌ بَيْنَهُمَا) أَوْ سُدَّ، وَهُوَ أَوْلَى فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِيهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ، وَلَا عِبْرَةَ فِي الْأُولَى بِمَجْنُونٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ، وَتَعْبِيرِي فِيهِمَا مَا ذُكِرَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَاتٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْحَلِيلَةِ كَوْنُهَا ثِقَةً وَأَنَّ غَيْرَ الْمَحْرَمِ مِمَّنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ كَامْرَأَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ ثِقَتَيْنِ كَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذُكِرَ.