فتوحات
الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل (كِتَابُ الرَّضَاعِ) هُوَ بِفَتْحِ
الرَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَةً اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ،
وَشَرْعًا اسْمُ حُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي
مَعِدَةِ طِفْلٍ أَوْ دِمَاغِهِ
وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى
{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ
الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ
الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَتَقَدَّمَتْ الْحُرْمَةُ بِهِ
فِي بَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
عَلَى يَمِينهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَيَمِينُ الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ
وَثَانِيهِمَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِنُكُولِهِ،
وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهَا أَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى دَعْوَى
الِاسْتِبْرَاءِ كَافٍ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ اهـ
شَرْحُ م ر وحج (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ)
عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي قَوْلِهِ: يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا مِنْ نَصِّهِ
فِيمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ثُمَّ
أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ،
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ
التَّسَرِّي؛ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ أَوْ
بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءُ هُنَا الِاسْتِبْرَاءَ كَمَا
تَقَرَّرَ فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ لُحُوقٌ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَلْحَقُهُ) وَلَا يَجُوزُ نَفْيُهُ حَيْثُ لَمْ
يُعْلَمْ زِنَاهَا بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ س ل (قَوْلُهُ: كَمَا فِي وَلَدِ
الْحُرَّةِ) أَيْ إذَا أَنْكَرَهُ لَا يَجِبُ فِي نَفْيِهِ التَّعَرُّضُ
لِلِاسْتِبْرَاءِ كَمَا قَالَهُ ح ل وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: كَمَا فِي
الْحُرَّةِ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ فِي نَفْيِ
الْوَلَدِ مِنْ الْحُرَّةِ لَيْسَ مِنِّي، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا
يَكْفِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَهُ ذِكْرُ
التَّعَرُّضِ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَتْهُ
إلَخْ) هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِيمَا مَرَّ وَأَعَادَهَا تَوْطِئَةً لِمَا
بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ يُشْكِلُ
بِمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: لَيْسَ مِنِّي لَا
يَكْفِي فَكَيْفَ يَقِيسُهُ عَلَى الْحُرِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ:
التَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِيهِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ
التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِبْرَاءِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ
التَّعَرُّضُ) لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ
فَهَلْ يَقُولُ: اسْتَبْرَأْتُهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ
وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ، أَوْ يَقُولُ: وَلَدْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا
مِنْهُمَا كَافٍ فِي حَلِفِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) أَيْ مَعَ كَوْنِ
النَّسَبِ لَيْسَ حَقًّا لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ
إنْ ادَّعَتْ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ
لَهَا فِيهِ حَقًّا، وَإِنَّمَا حَلَفَ فِي الْأُولَى أَيْ قَوْلُهُ:
فَإِنْ أَنْكَرَتْهُ حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِمَا
يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، وَهُوَ الْوَطْءُ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
[كِتَابُ الرَّضَاعِ]
(قَوْلُهُ: هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا) ، وَقَدْ تُبَدَّلُ
الضَّادُ فِيهِمَا تَاءً اهـ شَرْحُ م ر وَع ش عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ
فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَالرَّضَاعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا،
وَقَدْ رَضِعَ الصَّبِيُّ أُمَّهُ بِكَسْرِ الضَّادِ يَرْضَعُهَا
بِفَتْحِهَا رَضَاعًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَتَقُولُ أَهْلُ نَجْدٍ:
رَضَعَ يَرْضِعُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي
الْمُضَارِعِ رَضْعًا كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا وَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ
وَامْرَأَةٌ مُرْضِعٌ أَيْ لَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَإِنْ وَصَفْتَهَا
بِإِرْضَاعِهِ قُلْت مُرْضِعَةٌ اهـ وَفِي الْمُخْتَارِ بَعْدَ مِثْلِ مَا
ذُكِرَ وَارْتَضَعَتْ الْعَنْزُ أَيْ شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِهَا اهـ
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ ارْتَضَعَ الصَّبِيُّ إذَا شَرِبَ
لَبَنَ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا يُقَالُ رَضِعَ بِكَسْرِ
الضَّادِ أَوْ فَتْحِهَا عَلَى مَا مَرَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ رَضِعَ الصَّبِيُّ رَضَعًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي
لُغَةِ نَجْدٍ وَرَضَعَ رَضْعًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ لُغَةٌ لِأَهْلِ
تِهَامَةَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَتَكَلَّمُونَ بِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ
أَصْلُ الْمَصْدَرِ مِنْ هَذِهِ اللُّغَةِ كَسْرُ الضَّادِ، وَإِنَّمَا
السُّكُونُ تَخْفِيفٌ مِثْلُ الْحَلِفِ وَالْحِلْفِ وَرَضَعَ يَرْضَعُ
بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ رَضَاعًا وَرَضَاعَةً بِفَتْحِ الرَّاءِ
وَأَرْضَعَتْهُ أُمُّهُ اللَّبَنَ فَارْتَضَعَ فَهِيَ مُرْضِعٌ
وَمُرْضِعَةٌ أَيْضًا وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَجَمَاعَةٌ إنْ قَصَدَ
حَقِيقَةَ الْوَصْفِ بِالْإِرْضَاعِ فَمُرْضِعٌ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَإِنْ
قَصَدَ مَجَازَ الْوَصْفِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْإِرْضَاعِ فِيمَا
كَانَ أَوْ سَيَكُونُ فَبِالْهَاءِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ
تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2]
وَنِسَاءُ مَرَاضِعُ وَمَرَاضِيعُ (قَوْلُهُ: وَشَرِبَ لَبَنَهُ) بَيْنَهُ
وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَكَذَا بَيْنَ
اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَهَذِهِ النِّسَبُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ
قَوْلَهُ وَشَرِبَ لَبَنَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَأَنَّ
الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ يَتَحَقَّقُ فِي شُرْبِ اللَّبَنِ مِنْ غَيْرِ
مَصٍّ كَشُرْبٍ مِنْ إنَاءٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ،
وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ شُرْبُ اللَّبَنِ
الْمُتَسَبِّبِ أَوْ اللَّازِمِ لِمَصِّ الثَّدْيِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَبَنَ امْرَأَةٍ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ الْآتِي أَنْ
يَقُولَ: لَبَنَ آدَمِيَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَلِكَ شَرْطٌ فِي
الْمُرْضِعَةِ، وَالشُّرُوطُ لَا تُذْكَرُ فِي التَّعَارِيفِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُحَرَّمًا
فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ
«يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ» إلَخْ) أَتَى بِالْخَبَرِ لِقُصُورِ الْآيَةِ
عَلَى بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ الْأُمَّهَاتُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ
الرَّضَاعَةِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَخْ) قَالَهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا طُلِبَ مِنْهُ تَزَوُّجُ ابْنَةِ
عَمِّهِ حَمْزَةَ وَهِيَ أُمَامَةُ فَقَالَ: لَا تَحِلُّ لِي إنَّهَا
ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَيْ حَرُمَتْ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ
أَبُوهَا عَمِّي مِنْ النَّسَبِ فَقَدْ ارْتَضَعْتُ مَعَهُ مِنْ ثَدْيٍ
وَكَتَبَ أَيْضًا، وَمِنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَعْلِيلِيَّةٌ
(4/474)
مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ
هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ.
(أَرْكَانُهُ) ثَلَاثَةٌ (رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ وَشُرِطَ فِيهِ
كَوْنُهُ آدَمِيَّةً حَيَّةً) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (بَلَغَتْ) وَلَوْ
بِكْرًا (سِنَّ حَيْضٍ) أَيْ تِسْعَ سِنِينَ قَمَرِيَّةً تَقْرِيبِيَّةً
فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ بِلَبَنِ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى مَا لَمْ تَتَّضِحْ
أُنُوثَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ
سَائِرَ الْمَائِعَاتِ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ
لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا
نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ
كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ فِي لَبَنِ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ لَبَنُ
الْخُنْثَى بِأَنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ حَتَّى
لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ؛
لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةُ لَبَنِ
الْآدَمِيَّاتِ، وَلَا بِلَبَنِ جِنِّيَّةٍ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُثْبِتُ
النَّسَبَ، وَاَللَّهُ قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ،
وَهَذَا لَا يَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِامْرَأَةٍ وَلَا بِلَبَنِ
مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَيْتَةِ وَلَا
بِلَبَنِ مَيْتَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهَا ابْتِدَائِيَّةً اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ) أَيْ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ
التَّحْرِيمُ بِهِ، وَهُوَ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ وَقَوْلُهُ مَعَ مَا
يُذْكَرُ مَعَهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَذُو
اللَّبَنِ أَبَاهُ إلَى آخِرِ الْكِتَابِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ أَيْ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ مَعَ مَا
يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْبَابِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ
التَّحْرِيمِ بِهِ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ،
وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ جُزْءَ الْمُرْضِعَةِ وَقَدْ صَارَ جُزْءًا
مِنْ أَجْزَاءِ الرَّضِيعِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا فِي النَّسَبِ
وَلِقُصُورِ اللَّبَنِ عَنْ الْمَنِيِّ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِنْ
أَحْكَامِهِ سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ نَحْوِ إرْثٍ وَعِتْقٍ وَسُقُوطِ
قَوَدٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ، وَفِي وَجْهِ ذِكْرِهَا هُنَا أَنَّهُ قَدْ
يُقَالُ: الْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ عَقِبَ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ
غُمُوضٌ، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ: إنَّ الرَّضَاعَ وَالْعِدَّةَ بَيْنَهُمَا
تَشَابُهٌ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ فَجُعِلَ عَقِبَهَا لَا عَقِيبَ
تِلْكَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إلَّا الذَّوَاتُ
الْمُحَرَّمَةُ الْأَنْسَبُ بِمَحَلِّهِ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ التَّحْرِيمِ
اهـ وَقَوْلُهُ: وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ اللَّبَنَ جُزْءُ
الْمُرْضِعَةِ إلَخْ أَيْ: وَلَمَّا كَانَ حُصُولُهُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ
الْمُنْعَقِدِ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّ الْفَحْلِ سَرَى إلَى الْفَحْلِ
وَأُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ كَمَا سَيَأْتِي وَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَنِيِّهِ
فِي النَّسَبِ أَيْضًا اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكْرًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْبِكْرُ خَلِيَّةً اهـ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَقْرِيبِيَّةٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ،
وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُهَا بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا
اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَثَرُ الْوِلَادَةِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ:
نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُمَا فِي
ذَلِكَ أُصُولُهُمَا وَفُرُوعُهُمَا وَحَوَاشِيهِمَا.
وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ نِكَاحُ مَنْ
ارْتَضَعَتْ مِنْهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ)
أَشَارَ بِهِ إلَى تَصْوِيرِ صِحَّةِ كَوْنِ الْخُنْثَى زَوْجًا اهـ
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ
يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا
يَنْبَنِي عَلَيْهِ إلَّا هِيَ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَ
مِنْهَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ
صَلَاحِيَةُ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا تَثْبُتُ
بِدُونِ الْأُمُومَةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ ثُبُوتُ
الْأُمُومَةِ دُونَ الْأُبُوَّةِ وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّضَاعَ تِلْوُ النَّسَبِ) أَيْ تَابِعٌ لَهُ،
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالْمُعْتَمَدُ
الْحِلُّ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِلَبَنِ الْجِنِّيَّةِ اهـ ح ل وَفِي ق
ل عَلَى الْجَلَالِ وَحُكْمُ الْجِنِّيَّةِ هُنَا كَالْآدَمِيَّةِ بِنَاءً
عَلَى جَوَازِ نِكَاحِهِمْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م
ر وَاتِّبَاعُهُ حَيْثُ عُلِمَتْ أُنُوثَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي مَحَلِّهِ الْمَعْهُودِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ
هِيَ عَلَى الصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ لِلْآدَمِيِّ، وَخَالَفَ
الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ فِي الْجِنِّ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: تِلْوُ
النَّسَبِ) فِي الْمِصْبَاحِ تَلَوْت الرَّجُلَ أَتْلُوهُ تِلْوًا تَبِعْته
فَأَنَا لَهُ تَالٍ وَتِلْوٌ أَيْضًا وِزَانُ حِمْلٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ:، وَهَذَا لَا يَخْرُجُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ
الْمَرْأَةَ تُقَالُ لِلْجِنِّيَّةِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يُقَالُ
لَهَا امْرَأَةٌ بَلْ يُقَالُ أُنْثَى فَقَطْ وَكَذَا لَا يُقَالُ فِيهِمْ
نِسَاءٌ وَلَا رِجَالٌ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يَخْرُجُ أَيْ بِنَاءً عَلَى
أَنَّهُ يُقَالُ لِلْجِنِّيَّةِ امْرَأَةٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ
مَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ حَيْثُ قَالَ عَدَلَ
الْمِنْهَاجُ لَا يُخَرَّجُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ
لِلْجِنِّيَّةِ امْرَأَةٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ مَا يُفِيدُ
أَنَّهَا لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ حَيْثُ قَالَ عَدَلَ الْمِنْهَاجُ
عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ أُنْثَى إلَى امْرَأَةٍ لِيُخْرِجَ
الْجِنِّيَّةَ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَاسْمٌ لِلْإِنَاثِ مِنْ بَنَاتِ
آدَمَ وَكَذَا الرِّجَالُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ.
وَإِنَّمَا أُطْلِقَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ
الإِنْسِ} [الجن: 6] إلَخْ لِلْمُقَابَلَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا
بِلَبَنِ مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ
كحج أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُصُولِهَا إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ بَيْنَ
كَوْنِهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ بِدُونِهَا، وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي
الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِلَا
جِنَايَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَوَّلِ
فَلْيُرَاجَعْ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ
الْمُصَنِّفِ رَضِيعٌ حَيٌّ مِنْ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي أَنَّ
الْمُدْرَكَ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ
الْحَالَيْنِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّضَاعِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَ
شَيْخُنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ هُنَا التَّفْصِيلُ كَمَا فِي
الْجِنَايَاتِ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَا بِلَبَنِ مَنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ
مَذْبُوحٍ أَيْ بِجِنَايَةٍ لَا بِمَرَضٍ وَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ نِكَاحُهَا
قِيَاسًا عَلَى الْمَيْتَةِ بَلْ أَوْلَى انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى
الْجَلَالِ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ
عَنْ مَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ عَنْ جِنَايَةٍ لَمْ يَحْرُمْ كَالْمَيْتَةِ
فَإِنْ شُفِيَتْ حَرُمَ (قَوْلُهُ: وَلَا بِلَبَنِ مَيْتَةٍ) أَيْ خِلَافًا
لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ إلَخْ
وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُهُمْ: إنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ فَلَا عِبْرَةَ
بِظَرْفِهِ كَلَبَنِ حَيَّةٍ فِي سِقَاءٍ نَجِسٍ نَعَمْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً
شَدِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر
وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُقْصَدُ بِهِ
الْغِذَاءُ، أَوْ لَا يَصْلُحُ صَلَاحِيَةَ لَبَنِ الْحَيَّةِ لَكَانَ
مُوَافِقًا لِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ بِأَنَّ لَبَنَ غَيْرِ
الْآدَمِيَّةِ مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ
(4/475)
مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ
كَالْبَهِيمَةِ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ حَيْضٍ؛
لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ، وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ
فَرْعُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَتْهُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ
بِبُلُوغِهَا فَاحْتِمَالُ الْبُلُوغِ قَائِمٌ، وَالرَّضَاعُ تِلْوُ
النَّسَبِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ (وَ) شُرِطَ (فِي الرَّضِيعِ
كَوْنُهُ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِ اللَّبَنِ
إلَى جَوْفِ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي (وَ) كَوْنُهُ (لَمْ
يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ) فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ، وَإِنْ بَلَغَهُمَا فِي
أَثْنَائِهَا (يَقِينًا) فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ بَعْدَهُمَا وَلَا مَعَ
الشَّكِّ فِي ذَلِكَ لِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ،
وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
وَلِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلِآيَةِ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ
أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] وَلِلشَّكِّ فِي سَبَبِ التَّحْرِيمِ فِي
صُورَةِ الشَّكِّ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ
فَمَخْصُوصٌ بِهِ وَيُقَالُ مَنْسُوخٌ، وَيُعْتَبَرَانِ بِالْأَهِلَّةِ
فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كُمِّلَ بِالْعَدَدِ مِنْ
الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ
الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
صَلَاحِيَةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَلَا بِلَبَنِ مَيْتَةٍ خَالَفَ فِي ذَلِكَ
الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ؛
لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ التَّحْرِيمُ اللَّبَنُ، وَاللَّبَنُ
قَائِمٌ فِي ظَرْفٍ فِي حَيَّاتِهَا وَمَوْتِهَا، وَإِنَّمَا يَقَعُ
التَّحْرِيمُ بِهِ، وَهُوَ لَا يَمُوتُ، وَإِنْ مَاتَ الظَّرْفُ اهـ
وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَبِأَنَّ اللَّبَنَ
ضَعُفَتْ حُرْمَتُهُ بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُسْقِطُ
حُرْمَةَ الْأَعْضَاءِ فَلَا غُرْمَ فِي قَطْعِهَا وَبِأَنَّ أَحْكَامَ
فِعْلِهِ سَقَطَتْ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الضَّمَانِ لَوْ سَقَطَ
عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِ النَّائِمِ وَبِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ
تَخْتَصُّ بِبَدَنِ الْحَيِّ؛ وَلِذَا لَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ
بِوَطْءِ الْمَيْتَةِ، وَبِأَنَّ وُصُولَهُ إلَى الْمَيِّتِ لَا يُؤَثِّرُ
فَكَذَا انْفِصَالُهُ قِيَاسًا لِإِحْدَى الطَّرِيقَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى
اهـ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَبَنَ الْحَيَّةِ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ،
وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِإِرْضَاعِهِ، وَلَا
كَذَلِكَ الْمَيْتَةُ اهـ م ر انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مُنْفَكَّةٍ عَنْ
الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ) أَيْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ عَوْدُ
التَّكْلِيفِ لَهَا عَادَةً فَلَا تَرِدُ الْمَجْنُونَةُ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ
وَالْحُرْمَةِ أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إبَاحَةُ شَيْءٍ لَهَا، وَلَا
تَحْرِيمُ شَيْءٍ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مُحْتَرَمَةً فِي
نَفْسِهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِمَا يَحْرُمُ
التَّعَرُّضُ بِهِ لِلْحَيَّةِ وَلَا تَرِدُ الصَّغِيرَةُ؛ لِأَنَّهَا
تُمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ كَمَا تُمْنَعُ الْبَالِغَةُ،
وَيُؤْذَنُ لَهَا فِي فِعْلِ غَيْرِهِ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمُكَلَّفِ
بَلْ تُؤْمَرُ وُجُوبًا بِالْعِبَادَاتِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهِ
انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَرْعُهَا) أَيْ أَثَرُهَا، وَالْمُرَادُ أَثَرُ
إمْكَانِهَا وَاحْتِمَالِهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ بِالْفِعْلِ يَدُلُّ
لِهَذَا مَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ) أَيْ كَمَا أَنَّ وَلَدَ
النَّسَبِ يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ فَكَذَا التَّابِعُ لَهُ (قَوْلُهُ:
كَوْنُهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي
الْمُرْضِعَةِ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الْحَيَاةِ
الْمُسْتَقِرَّةِ (قَوْلُهُ: إلَى جَوْفِ غَيْرِهِ) ، وَهُوَ الْمَيِّتُ
وَالْوَاصِلُ إلَى الْحَرَكَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ
يُؤَثِّرُ كَأَنْ يَنْبَنِيَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى مَا لَوْ
زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ ثُمَّ أَوْ جَرَّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي هَذِهِ
الْحَالَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ لَهُ أَثَرًا حَرُمَتْ زَوْجَتُهُ عَلَى
الْفَحْلِ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ،
وَالثَّانِيَةُ مَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ هِيَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ
لَبَنَهَا فَلَوْ قِيلَ بِتَأْثِيرِهِ لَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا
بِصَيْرُورَتِهَا أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَلَا إرْثَ لَهُ
لِانْفِسَاخِهِ (قَوْلُهُ: فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ) يَجُوزُ
تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ النَّفْيِ وَالْمَنْفِيِّ، وَقَوْلُهُ: يَقِينًا
يَتَعَيَّنُ تَعَلُّقُهُ بِالنَّفْيِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ أَيْ الشَّرْطُ
فِي التَّحْرِيمِ تَيَقُّنُ نَفْيِ الْبُلُوغِ، فَإِنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ
النَّفْيُ بِأَنْ عَلِمْنَا الْبُلُوغَ أَوْ شَكَكْنَا فِيهِ فَلَا
تَحْرِيمَ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ: يَقِينًا مُتَعَلِّقٌ
بِالنَّفْيِ لَا بِالْمَنْفِيِّ أَيْ يُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ الْبُلُوغِ
تَيَقُّنُهُ فَيَخْرُجُ صُورَتَانِ مَا إذَا تَيَقَّنَ الْبُلُوغَ، وَمَا
إذَا شَكَّ فِيهِ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ
بَعْدَهُمَا إلَخْ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ حَكَمَ قَاضٍ بِثُبُوتِ الرَّضَاعِ
بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ نُقِضَ حُكْمُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حُكِمَ
بِتَحْرِيمِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الْخَمْسِ فَلَا نَقْضَ اهـ وَلَعَلَّ
الْفَرْقَ أَنَّ عَدَمَ التَّحْرِيمِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ ثَبَتَ
بِالنَّصِّ بِخِلَافِ مَا دُونَ الْخَمْسِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ:
إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ) أَيْ دَخَلَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ
تَقَايَأَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ أَيْ الْمَعِدَةَ فَالْمُرَادُ بِفَتْقِ
الْأَمْعَاءِ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمُخْتَارِ
فَتْقُ الشَّيْءِ شَقُّهُ وَبَابُهُ نَصَرَ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ فَتَقْت الشَّيْءَ فَتْقًا مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ
وَقَتَلَ نَقَضْته فَانْفَتَقَ وَفَتَقْته بِالتَّشْدِيدِ مُبَالَغَةٌ اهـ
(قَوْلُهُ: وَلِآيَةِ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: 233] إلَخْ)
أَيْ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - مُدَّةَ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ لِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ
اللَّبَنَ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا كَانَ الرَّضِيعُ دُونَ الْحَوْلَيْنِ
مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ لَا رَضَاعَ إلَخْ)
يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِكَثْرَةِ
مُخَرِّجِيهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَغَيْرُهُ وَأَيْضًا
فَالْأَوَّلُ لَا يَشْمَلُ مَا وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ لِلتَّقْيِيدِ فِيهِ
بِكَوْنِهِ فَتَقَ الْأَمْعَاءَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَا وَرَدَ مِمَّا
يُخَالِفُهُ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ
الْمَفْهُومِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ بَعْدَهُمَا،
وَحَاصِلُ «قِصَّةِ سَالِمٍ أَنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِأَبِي حُذَيْفَةَ
وَكَانَ يُكْثِرُ الدُّخُولَ عَلَى زَوْجَةِ سَيِّدِهِ أَبِي حُذَيْفَةَ
فَيَقَعُ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا، وَهُوَ رَجُلٌ فَشَكَتْ ذَلِكَ
لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهَا أَنْ
تُرْضِعَهُ لِيَصِيرَ ابْنَهَا فَيَحِلَّ لَهُ نَظَرُهَا وَالدُّخُولُ
عَلَيْهَا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ» فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ
يَثْبُتُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ
مِنْ ثَدْيِهَا فَيَكُونُ قَدْ رَخَّصَ لَهُ فِي مَسِّهِ وَالنَّظَرِ
إلَيْهَا كَمَا رَخَّصَ إلَيْهِ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ بِارْتِضَاعِهِ
مِنْهَا، وَهُوَ رَجُلٌ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَبَرُ مُسْلِمٍ فِي «سَالِمٍ الَّذِي
أَرْضَعَتْهُ زَوْجَةُ مَوْلَاهُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ
لِيَحِلَّ لَهُ نَظَرُهَا بِإِذْنِهِ
(4/476)
(وَ) شُرِطَ (فِي اللَّبَنِ وُصُولُهُ
أَوْ) وُصُولُ (مَا حَصَلَ مِنْهُ) مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (جَوْفًا)
مِنْ مَعِدَةٍ أَوْ دِمَاغٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَوْ
اخْتَلَطَ) بِغَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» خَاصٌّ بِهِ أَوْ مَنْسُوخٌ كَمَا
مَالَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَقَدْ تُشْكِلُ قِصَّةُ سَالِمٍ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ الْمُجَوِّزَةَ
لِلنَّظَرِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِتَمَامِ الْخَامِسَةِ فَهِيَ قَبْلَهَا
أَجْنَبِيَّةٌ يَحْرُمُ نَظَرُهَا وَمَسُّهَا فَكَيْفَ جَازَ لِسَالِمٍ
الِارْتِضَاعُ مِنْهَا الْمُسْتَلْزِمُ عَادَةً لِلْمَسِّ وَالنَّظَرِ
قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ارْتَضَعَ مِنْهَا مَعَ
الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ
الْخَلْوَةُ بِحُضُورِهِ، أَوْ تَكُونُ قَدْ حَلَبَتْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي
إنَاءٍ وَشَرِبَ مِنْهُ أَوْ جُوِّزَ لَهُ وَلَهَا النَّظَرُ وَالْمَسُّ
إلَى تَمَامِ الرَّضَاعِ خُصُوصِيَّةً لَهُمَا كَمَا خُصَّا بِتَأْثِيرِ
هَذَا الرَّضَاعِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي الْبُخَارِيِّ
مَعَ شَرْحِ الْقَسْطَلَّانِيِّ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ
وَاسْمُهُ مُهَشِّمٌ أَوْ هُشَيْمٌ أَوْ هَاشِمٌ تَبَنَّى سَالِمًا أَيْ
ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ قَبْلَ نُزُولِ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ}
[الأحزاب: 5] وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ، وَكَانَ سَالِمٌ هَذَا مَوْلًى
لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى
رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ
مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]
فَجَاءَتْ سَهْلَةُ امْرَأَةُ حُذَيْفَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا نَرَى
سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا عَلِمْت فَكَيْفَ
تَرَى فِيهِ فَقَالَ أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ» فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ
وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بَنَاتِ
أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إخْوَتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ
عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا
ثُمَّ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَأَبَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ
أَزْوَاجِ النَّبِيِّ وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ مَا نَرَى إلَّا أَنَّ هَذِهِ
رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِسَالِمٍ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، وَزَوْجَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ هَذِهِ
غَيْرُ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ مَوْلَاةُ سَالِمٍ الْمَذْكُورِ
فَسَالِمٌ كَانَ مَوْلًى لِإِحْدَى زَوْجَتَيْ أَبِي حُذَيْفَةَ وَاسْمُهَا
ثُبَيْتَةُ وَهِيَ أَنْصَارِيَّةٌ، وَأَمَّا الْأُخْرَى، وَهِيَ سَهْلَةُ
الَّتِي أَرْضَعَتْ سَالِمًا فَهِيَ قُرَيْشِيَّةٌ اهـ مَعَ بَعْضِ
تَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِي اللَّبَنِ وُصُولُهُ) أَيْ وَلَوْ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ،
وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ مَا قَامَ
مَقَامَ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثَّدْيِ بَعْدَ
قَطْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ جُثَّةٍ، وَلَا يُدَّعَى أَنَّ
اللَّبَنَ فِيهِ كَالْمُنْفَصِلِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وُصُولُهُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ
وَانْظُرْ انْفِصَالَهُ مِنْ الْمُرْضِعَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ
يَكُونَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ لَا رَاجِعْ حَاشِيَةَ
التُّحْفَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى التُّحْفَةِ
(فَرْعٌ) لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَهَلْ
يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ
الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْقِيَاسَ الثَّانِي،
وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ
يُفَصَّلُ فِيهِ انْتَهَتْ قَالَ ع ش عَلَى م ر بَعْدَمَا ذَكَرَهَا:
أَقُولُ الْقِيَاسُ الثَّانِي أَيْضًا إنْ قُلْنَا: الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ
طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَا يَحْرُمُ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا
بِالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ حَيْثُ خَرَجَ مُسْتَحْكِمًا عَلَى مَا
ذَكَرَهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ هُنَا؛ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ
مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَقَوْلُ سم: أَوْ فِيهِ نَحْوُ
تَفْصِيلِ الْغُسْلِ أَيْ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مُسْتَحْكِمًا بِأَنْ
لَمْ يَحُلْ خُرُوجُهُ عَلَى مَرَضٍ حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ مِنْ
ذَلِكَ مَا لَوْ انْخَرَقَ ثَدْيُهَا، وَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَلَا
يُقَالُ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ بَلْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ التَّحْرِيمُ
قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ حَيْثُ
قَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّحْرِيمِ مَا لَوْ
اُسْتُؤْصِلَ قَطْعُ ثَدْيِهَا، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَخَرَجَ
اللَّبَنُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وُصُولُهُ جَوْفًا) أَيْ وَلَوْ مِنْ
جَائِفَةٍ لَا مِنْ مُسْلِمٍ فَلَوْ تَقَايَأَهُ قَبْلَ وُصُولِ الْجَوْفِ
يَقِينًا لَمْ يَحْرُمْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ جُبْنٍ أَوْ
غَيْرِهِ) شَامِلٌ لِلزُّبْدِ وَكَذَا لِلسَّمْنِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ
لِعَدَمِ تَحْرِيمِ الْمَصْلِ بِعَدَمِ بَقَاءِ أَثَرِ اللَّبَنِ فِيهِ
يَقْتَضِي عَدَمَ التَّحْرِيمِ اهـ ح ل وَقَالَ سم: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ
شَامِلٌ لِلسَّمْنِ اهـ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَصْلِ بِأَنَّ
السَّمْنَ فِيهِ دُسُومَةُ اللَّبَنِ بِخِلَافِ الْمَصْلِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَهُوَ الزُّبْدُ لِبَقَاءِ
اللَّبَنِ فِيهِ وَالْقِشْطَةِ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ الْمَصْلِ
وَالسَّمْنِ الْخَالِصِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ إلَخْ) قَدْ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ
الْغَايَةُ عَلَى تَعْمِيمَاتٍ أَرْبَعَةٍ لَكِنَّ الْأَوَّلَ مِنْهَا
تَعْمِيمٌ فِي اللَّبَنِ، وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ تَعْمِيمَاتٌ فِي
الْوُصُولِ، وَالتَّعْمِيمُ الْأَوَّلُ لِلرَّدِّ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِمَا
إذَا كَانَ اللَّبَنُ مَغْلُوبًا فَقَطْ؛ إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي فِيهِ
الْخِلَافُ، وَالتَّعْمِيمُ الثَّانِي لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا
الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا لِلرَّدِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ
عِبَارَةِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ
كَانَ الْغَيْرُ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ
اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ) أَيْ، وَقَدْ تَنَاوَلَ الْمَخْلُوطَ أَوْ بَعْضَهُ
فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ، وَلَوْ
حَلَبَ اللَّبَنَ الْمَخْلُوطَ فِي مَرَّةٍ
(4/477)
غَالِبًا كَانَ أَوْ مَغْلُوبًا، وَإِنْ
تَنَاوَلَ بَعْضَ الْمَخْلُوطِ (أَوْ) كَانَ (بِإِيجَارٍ) بِأَنْ يُصَبَّ
اللَّبَنُ فِي الْحَلْقِ فَيَصِلَ إلَى مَعِدَتِهِ (أَوْ سُعَاطٍ) بِأَنْ
يُصَبَّ اللَّبَنُ فِي الْأَنْفِ فَيَصِلَ إلَى الدِّمَاغِ فَإِنَّهُ
يُحَرِّمُ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ (أَوْ بَعْدَ مَوْتِ
الْمَرْأَةِ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا، وَهُوَ مُحْتَرَمٌ (لَا) وُصُولِهِ
(بِحَقْنٍ أَوْ تَقْطِيرٍ فِي نَحْوِ أُذُنٍ) كَقُبُلٍ لِانْتِفَاءِ
التَّغَذِّي بِذَلِكَ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَشَرْطُهُ) أَيْ الرَّضَاعِ لِيُحَرِّمَ (كَوْنُهُ خَمْسًا) مِنْ
الْمَرَّاتِ انْفِصَالًا وَوُصُولًا لِلَّبَنِ (يَقِينًا) فَلَا أَثَرَ
لِدُونِهَا وَلَا مَعَ الشَّكِّ فِيهَا كَأَنْ تَنَاوَلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ
مَا لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ خَالِصِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِلشَّكِّ فِي
سَبَبِ التَّحْرِيمِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ
رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ
فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَوْ
يَقْرَأُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ فِي
مَرَّةٍ وَشَرِبَهُ فِي خَمْسِ رَضَعَاتٍ يُعَدُّ رَضْعَةً أَنَّهُ
يُعْتَبَرُ لِتَعَدُّدِهِ هُنَا انْفِصَالُهُ فِي خَمْسٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي
حَجّ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ
فِي الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ التَّعَدُّدُ فِي الِانْفِصَالِ
فَلْيُرَاجَعْ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم هُوَ فِي غَايَةِ التَّعَسُّفِ
وَالصَّوَابُ خِلَافُ ذَلِكَ وَاسْتِوَاءُ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ:
وَلَوْ اخْتَلَطَ) أَيْ وَأَرْضَعَتْهُ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهُ مَعَ
تَحَقُّقِ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ اللَّبَنِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الْخَمْسِ
إلَى الْجَوْفِ بِأَنْ تَحَقَّقَ انْتِشَارُهُ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ
الْخَلِيطِ اهـ سم (قَوْلُهُ: غَالِبًا كَانَ) بِأَنْ ظَهَرَ طَعْمُهُ أَوْ
لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ حِسًّا أَوْ تَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَقَوْلُهُ
أَوْ مَغْلُوبًا بِأَنْ لَا يَظْهَرَ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِ حِسًّا،
وَلَا تَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَفَارَقَ عَدَمُ تَأْثِيرِ النَّجَاسَةِ
الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لِانْتِفَاءِ اسْتِقْذَارِهَا
وَعَدَمِ الْحَدِّ بِخَمْرٍ اُسْتُهْلِكَ فِي غَيْرِهِ لِفَوَاتِ
الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَعَدَمِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِأَكْلِ
مَا اُسْتُهْلِكَ فِيهِ الطِّيبُ لِزَوَالِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا، وَهُوَ مُحْتَرَمٌ) أَيْ لِأَنَّهُ
يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ
تَابِعًا لِفِعْلِهَا بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَلَبَنُ
الْمَيْتَةِ طَاهِرٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: لَا بِحُقْنَةٍ أَوْ تَقْطِيرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ
شَرْحِ م ر لَا يَحِقُّ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا
انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَذٍّ وَمِثْلُهَا
صَبِيَّةٌ فِي نَحْوِ أُذُنٍ أَوْ قُبُلٍ، وَالثَّانِي تَحْرُمُ كَمَا
يَحْصُلُ بِهَا الْفِطْرُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِمَا يَصِلُ إلَى
الْجَوْفِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةً، وَلَا دِمَاغًا بِخِلَافِهِ
هُنَا؛ وَلِهَذَا لَمْ يَحْرُمْ تَقْطِيرٌ فِي أُذُنٍ أَوْ جِرَاحَةٍ إذَا
لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ انْتَهَتْ أَيْ أَوْ دِمَاغٍ قِيَاسًا عَلَى
الْمَعِدَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي
بِذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْمَعِدَةِ، وَلَا الدِّمَاغِ،
وَذَلِكَ فِي الْأُذُنِ وَالْإِحْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَذَ لَهُمَا
إلَى الدِّمَاغِ وَالْمَعِدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ وَكَذَلِكَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ
وَأَمَّا فِي الدُّبُرِ فَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّغَذِّي
بِالتَّقْطِيرِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِيمَا ذُكِرَ فَعُلِمَ
بِذَلِكَ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّغَذِّي لَا
عَلَى مَا بِهِ الْفِطْرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَيْضًا اهـ وَنَقَلَ
الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْحَلَبِيُّ أَنَّ التَّقْطِيرَ فِي الْأُذُنِ
وَالْإِحْلِيلِ لَا يَحْرُمُ، وَإِنْ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ وَالْمَعِدَةِ
وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاصِلِ بِوُصُولِ جِرَاحَةٍ
نَافِذَةٍ إلَى الدِّمَاغِ وَالْمَعِدَةِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ عِبَارَةَ
شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَقَرَّهَا اهـ شَيْخُنَا وَفِي ع ش
عَلَى م ر وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْجِرَاحَةِ فِي
التَّحْرِيمِ بِالْوَاصِلِ مِنْهُمَا، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ
إنْ وَصَلَ مِنْ الْأُذُنِ إلَى مَحَلٍّ يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ حَرَّمَ
اهـ.
(قَوْلُهُ: كَوْنُهُ خَمْسًا مِنْ الْمَرَّاتِ) أَيْ الرَّضَعَاتِ أَوْ
الْأَكَلَاتِ مِنْ نَحْوِ خُبْزٍ عُجِنَ بِهِ، أَوْ الْبَعْضِ مِنْ هَذَا
وَالْبَعْضِ مِنْ هَذَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: خَمْسًا مِنْ
الْمَرَّاتِ إلَخْ) وَيَكْفِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ قَدْرُ مَا يُدْرِكُهُ
الطَّرَفُ انْفِصَالًا وَوُصُولًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ:
وَلَا مَعَ الشَّكِّ فِيهَا) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ
فَيَشْمَلُ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ ذَلِكَ لِشِدَّةِ
الِاخْتِلَاطِ كَالنِّسَاءِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ
جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْضَاعِ كُلٍّ مِنْهُنَّ أَوْلَادَ غَيْرِهَا
وَعَلِمَتْ الْإِرْضَاعَ لَكِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ كَوْنَهُ خَمْسًا
فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا اهـ ع ش
عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ) أَيْ فِي
سُورَةِ الْأَحْزَابِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ
مَعْلُومَاتٍ) أَيْ تِلَاوَةً وَحُكْمًا ثُمَّ نُسِخَتْ الْخَمْسُ أَيْضًا
لَكِنْ تِلَاوَةً لَا حُكْمًا عِنْدَنَا، وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي
حَنِيفَةَ فَنُسِخَتْ تِلَاوَةً وَحُكْمًا أَيْضًا فَالتَّحْرِيمُ
عِنْدَهُمَا بِوَاحِدَةٍ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَالنُّسَخُ ثَلَاثَةُ
أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَتِلَاوَتِهِ كَعَشْرِ
رَضَعَاتٍ، وَالثَّانِي مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ دُونَ حُكْمِهِ كَخَمْسِ
رَضَعَاتٍ، وَالثَّالِثُ: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَتْ تِلَاوَتُهُ،
وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي
يَقْرَؤُهُنَّ لِلْخَمْسِ، وَأَنَّ النَّاسِخَ الَّذِي هُوَ الْخَمْسُ
الْمَعْلُومَاتُ نُسِخَ أَيْضًا رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ إلَخْ كَذَا
فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ لِلشَّيْخِ مَعَ بَسْطٍ يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ
وَكَتَبَ أَيْضًا وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ قَرَأَ
أَيْ يَقْرَؤُهَا بَعْضُ النَّاسِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ النَّسْخُ
الْوَاقِعُ فِي آخِرِ عَصْرِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ أَيْ النَّسْخِ فَلَمَّا
بَلَغَهُمْ رَجَعُوا وَاجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُتْلَى اهـ
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ) أَيْ الْعَشْرُ اهـ سم وَيَجُوزُ
رُجُوعُهُ لِلْخَمْسِ بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يُتْلَى
حُكْمُهُنَّ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ الْمُضَافُ لِلْخَمْسِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ
لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لَا يُنَافِي كَوْنَ الضَّمِيرِ لِلْخَمْسِ بَلْ
هُوَ الظَّاهِرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَسْخَهُنَّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ نَسْخِ
الْعَشْرِ فَهُوَ أَقْرَبُ لَوْ فَاتَهُ مِنْ نَسْخِ الْعَشْرِ فَلَمْ
يُشْتَهَرْ حُكْمُهُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثُمَّ رَأَيْت زي قَالَ قَوْلُهُ:
وَهُنَّ أَيْ الْخَمْسُ اهـ ع ش.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ أَيْ تَأَخَّرَ إنْزَالُ
ذَلِكَ جِدًّا حَتَّى إنَّ رَسُولَ اللَّهِ
(4/478)
لِقُرْبِهِ وَقُدِّمَ مَفْهُومُ هَذَا
الْخَبَرِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «لَا تُحَرِّمُ
الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ
عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسٍ أَنَّ
الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِدْرَاكِ خَمْسٌ (عُرْفًا) أَيْ
ضُبِطَ الْخَمْسُ بِالْعُرْفِ (فَلَوْ قَطَعَ) الرَّضِيعُ الرَّضَاعَ
(إعْرَاضًا) عَنْ الثَّدْيِ (أَوْ قَطَعَتْهُ) عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ
ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فِيهِمَا (تَعَدَّدَ) الرَّضَاعُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ
إلَى الْجَوْفِ مِنْهُ إلَّا قَطْرَةٌ وَالثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِي
(أَوْ) قَطَعَهُ (لِنَحْوِ لَهْوٍ) كَتَنَفُّسٍ وَنَوْمٍ خَفِيفٍ
وَازْدِرَادِ مَا اجْتَمَعَ فِي فَمِهِ (وَعَادَ حَالًا أَوْ تَحَوَّلَ)
وَلَوْ بِتَحْوِيلِهَا مِنْ ثَدْيٍ (إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ) هُوَ أَوْلَى
مِنْ قَوْلِهِ إلَى ثَدْيٍ (أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ فَعَادَتْ
فَلَا) تَعَدُّدَ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ مَعَ نَحْوِ مِنْ
زِيَادَتِي (وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا) لَبَنٌ (دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ
خَمْسًا) أَيْ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ حُلِبَ مِنْهَا
فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَأَوْجَرَهُ دَفْعَةً (فَرَضْعَةٌ) نَظَرًا إلَى
انْفِصَالِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ
بِخِلَافِ مَا لَوْ حُلِبَ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي ظَرْفٍ وَأَوْجَرَهُ
وَلَوْ دَفْعَةً فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةٌ.
(وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَذُو اللَّبَنِ أَبَاهُ وَتَسْرِي
الْحُرْمَةُ) مِنْ الرَّضِيعِ (إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا
وَحَوَاشِيهِمَا) نَسَبًا وَرَضَاعًا (وَإِلَى فُرُوعِ الرَّضِيعِ)
كَذَلِكَ فَتَصِيرُ أَوْلَادُهُ أَحْفَادَهُمَا، وَآبَاؤُهُمَا
أَجْدَادَهُ، وَأُمَّهَاتُهُمَا جَدَّاتِهِ، وَأَوْلَادُهُمَا إخْوَتَهُ
وَأَخَوَاتِهِ، وَإِخْوَةُ الْمُرْضِعَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالَهُ
وَخَالَاتِهِ، وَأُخُوَّةُ ذِي اللَّبَنِ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامَهُ
وَعَمَّاتِهِ وَخَرَجَ بِفُرُوعِ الرَّضِيعِ أُصُولُهُ وَحَوَاشِيهِ فَلَا
تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُ إلَيْهِمَا، وَيُفَارِقَانِ أُصُولَ
الْمُرْضِعَةِ وَحَوَاشِيهَا بِأَنَّ لَبَنَ الْمُرْضِعَةِ كَالْجُزْءِ
مِنْ أُصُولِهَا فَسَرَى التَّحْرِيمُ بِهِ إلَيْهِمْ وَإِلَى الْحَوَاشِي
بِخِلَافِهِ فِي أُصُولِ الرَّضِيعِ (وَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسٍ -
لَبَنُهُنَّ لِرَجُلٍ مِنْ كُلٍّ - رَضْعَةً) كَخَمْسٍ مُسْتَوْلَدَاتٍ
لَهُ (صَارَ ابْنَهُ) ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ (فَيَحْرُمْنَ
عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآتُ أَبِيهِ، وَلَا أُمُومَةَ لَهُنَّ
مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ (لَا) إنْ ارْتَضَعَ مِنْ (خَمْسِ بَنَاتٍ أَوْ
أَخَوَاتٍ لَهُ) أَيْ لِرَجُلٍ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الرَّضِيعِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ ثَبَتَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَبَعْضُ النَّاسِ
يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ
لِتِلَاوَتِهَا فَلَمَّا بَلَغَهُ النَّسْخُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُتْلَى فَقَوْلُهُ: وَهُنَّ أَيْ
الْخَمْسُ، وَقَوْلُهُ: أَيْ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَيْ يُعْتَقَدُ
حُكْمُهُنَّ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ، وَقَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ
النَّسْخُ أَيْ لِتِلَاوَتِهَا اهـ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِهِ) أَيْ النَّسْخِ
أَيْ لِقُرْبِ عَمْدِهِ أَيْ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاةِ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا
بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومُ هَذَا الْخَبَرِ) أَيْ قَوْلُهُ:
فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْخَمْسِ
الشَّامِلَ لِلْأَرْبَعَةِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يُحَرِّمُ مَعَ أَنَّ
مَفْهُومَ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ
وَلَا الرَّضْعَتَانِ» أَنَّ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ تُحَرِّمُ
فَتَعَارَضَ الْمَفْهُومُ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ فَعَلِمْنَا
بِالْمَفْهُومِ الْأَوَّلِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ التَّحْرِيمِ
لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ اهـ شَيْخُنَا.
بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ أَشَارَ لَهُ م ر بِقَوْلِهِ: لَا يُقَالُ هَذَا
احْتِجَاجٌ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ، وَهُوَ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَ
الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيهِ حَيْثُ لَا
قَرِينَةَ عَلَى اعْتِبَارِهِ، وَهُنَا قَرِينَةٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ ذِكْرُ
نَسْخِ الْعَشْرِ بِالْخَمْسِ، وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِذِكْرِهَا فَائِدَةٌ
(قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ التَّحْرِيمِ إلَخْ) فِي هَذِهِ
الْحِكْمَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ خَمْسَةً لَا
يَصْلُحُ لِكَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسٍ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنَّ
كُلَّ رَضْعَةٍ مُحَرِّمَةٌ لِحَاسَّةٍ مِنْ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ
(قَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ) أَيْ لَا لِشُغْلٍ
بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ قَامَتْ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ
الْمُرْضِعَةُ أَيْ إعْرَاضًا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَعَادَ حَالًا) أَمَّا إذَا كَانَ النَّهْيُ طَوِيلًا أَوْ
نَامَ كَذَلِكَ فَإِنْ بَقِيَ الثَّدْيُ بِفَمِهِ لَمْ يَتَعَدَّدْ
وَإِلَّا تَعَدَّدَ وَقَوْلُهُ أَوْ تَحَوَّلَ إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ
أَمَّا إذَا تَحَوَّلَ أَوْ حُوِّلَ إلَى ثَدْيِ غَيْرِهَا فَيَتَعَدَّدُ
اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَيُعْتَبَرُ التَّعَدُّدُ فِي أَكْلِ نَحْوِ
الْجُبْنِ بِنَظِيرِ مَا تَقَرَّرَ فِي اللَّبَنِ اهـ مِنْ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فَرَضْعَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ
الرَّضَعَاتُ خَمْسًا انْفِصَالًا وَوُصُولًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الرَّضِيعِ) كَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ: مِنْ
الْمُرْضِعَةِ وَذِي اللَّبَنِ كَمَا فَعَلَ م ر؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ
التَّحْرِيمِ إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا مِنْهُمَا
لَا مِنْ الرَّضِيعِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَى فُرُوعِ
الرَّضِيعِ، وَمِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مِنْ
فِي كَلَامِهِ تَعْلِيلِيَّةٌ، وَهُنَاكَ مِنْ أُخْرَى مُقَدَّرَةٌ صِلَةُ
يَسْرِي وَالتَّقْدِيرُ: وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُمَا بِسَبَبِ
الرَّضِيعِ، وَمِنْ أَجْلِهِ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَعْمَلَ مِنْ فِي
السَّبَبِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا، وَفِي
التَّعْدِيَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ: وَمِنْ فُرُوعِ الرَّضِيعِ اهـ
شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ أَصْلِ الْإِيرَادِ بِأَنَّ
الشَّارِحَ نَظَرَ إلَى الْحَقِيقَةِ وَابْتِدَاءِ الْأَمْرِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْرِي مِنْ
الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا
وَحَوَاشِيهِمَا، وَمِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ دُونَ أُصُولِهِ
وَحَوَاشِيهِ انْتَهَتْ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّمَا كَانَتْ
الْحُرْمَةُ الْمُنْتَشِرَةُ مِنْهَا إلَيْهِ أَعَمَّ مِنْ الْمُنْتَشِرَةِ
مِنْهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ بِفِعْلِهَا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ
أَكْثَرَ اهـ وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ التَّحْرِيمَ بِلَبَنِهَا لَكَانَ
أَوْلَى اهـ سم (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقَانِ أُصُولَ الرَّضِيعِ إلَخْ)
عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفَارَقَ أُصُولَهُمَا وَحَوَاشِيَهُمَا
بِأَنَّ اللَّبَنَ جُزْءٌ مِنْهُمَا، وَهُمَا وَحَوَاشِيهِمَا جُزْءٌ مِنْ
أُصُولِهِمَا فَسَرَتْ الْحُرْمَةُ لِلْجَمِيعِ، وَلَيْسَ لِلرَّضِيعِ
جُزْءٌ إلَّا فُرُوعَهُ فَسَرَتْ الْحُرْمَةُ إلَيْهِمْ فَقَطْ، وَقَدْ
نَظَمَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ الْقُونَوِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
وَيَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ مِنْ مُرْضِعٍ إلَى ... أُصُولٍ فُصُولٍ
وَالْحَوَاشِي مِنْ الْوَسَطْ
وَمِمَّنْ لَهُ دَرٌّ إلَى هَذِهِ وَمِنْ ... رَضِيعٍ إلَى مَا كَانَ مِنْ
فَرْعِهِ لَهُ فَقَطْ
(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ
بَدَلٌ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهُ أَوْ حَالٌ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: كَخَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتٍ) أَيْ وَكَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ
وَمُسْتَوْلَدَةٍ وَكَخَمْسِ زَوْجَاتٍ طَلُقَ بَعْضُهُنَّ وَلَمْ
تَنْقَطِعْ نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآتُ
أَبِيهِ إلَخْ) فَقَدْ ثَبَتَتْ الْأُبُوَّةُ فَقَطْ أَيْ دُونَ
الْأُمُومَةِ، وَقَدْ تَثْبُتُ الْأُمُومَةُ فَقَطْ أَيْ دُونَ
(4/479)
لَكَانَ الرَّجُلُ جَدًّا لِأُمٍّ أَوْ
خَالًا، وَالْجُدُودَةُ لِأُمٍّ وَالْخُؤُولَةُ إنَّمَا ثَبَتَتْ
بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ، وَلَا أُمُومَةَ.
(وَاللَّبَنُ لِمَنْ لَحِقَهُ وَلَدٌ نَزَلَ) اللَّبَنُ (بِهِ) سَوَاءٌ
أَكَانَ بِنِكَاحٍ أَمْ مِلْكٍ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي أَمْ وَطْءِ
شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِوَطْءِ زِنًا؛ إذْ لَا حُرْمَةَ
لِلَبَنِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أَنْ يَنْكِحَ الْمُرْتَضِعَةَ
مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَكِنْ تُكْرَهُ (وَلَوْ نَفَاهُ) أَيْ نَفَى مَنْ
لَحِقَهُ الْوَلَدُ الْوَلَدَ (انْتَفَى اللَّبَنُ) النَّازِلُ بِهِ حَتَّى
لَوْ ارْتَضَعَتْ بِهِ صَغِيرَةٌ حَلَّتْ لِلنَّافِي فَلَوْ اسْتَلْحَقَ
الْوَلَدَ لَحِقَهُ الرَّضِيعُ أَيْضًا (وَلَوْ وَطِئَ وَاحِدٌ مَنْكُوحَةً
أَوْ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ) فِيهَا (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا
(فَاللَّبَنُ) النَّازِلُ بِهِ (لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ) إمَّا
بِقَائِفٍ بِأَنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ
انْحَصَرَ الْإِمْكَانُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ
أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا لَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ
الْأَمْرُ وَانْتَسَبَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَ
إفَاقَتِهِ مِنْ نَحْوِ جُنُونٍ فَالرَّضِيعُ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ وَلَدُ
رَضَاعٍ لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ تَابِعٌ لِلْوَلَدِ
فَإِنْ مَاتَ الِانْتِسَابُ وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ مَقَامَهُ، أَوْ أَوْلَادٌ
وَانْتَسَبَ بَعْضُهُمْ لِهَذَا وَبَعْضُهُمْ لِذَاكَ دَامَ الْإِشْكَالُ
فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ الِانْتِسَابِ أَوْ بَعْدَهُ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ انْتَسَبَ الرَّضِيعُ وَحَيْثُ أُمِرَ
بِالِانْتِسَابِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ
بِنْتِ أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَمَنْ يَقُومُ
مَقَامَهُ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الِانْتِسَابِ (وَلَا تَنْقَطِعُ
نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْ صَاحِبِهِ) ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ
انْقَطَعَ اللَّبَنُ وَعَادَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ
يَحْدُثُ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْأُبُوَّةِ كَأَنْ أَرْضَعَتْهُ، وَلَبَنُهَا مِنْ زِنًا، وَأَمَّا
الْأُخُوَّةُ فَتَابِعَةٌ لِأَحَدِهِمَا أَيْ لِلْأُبُوَّةِ أَوْ
الْأُمُومَةِ فَلَوْ كَانَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ رَضِيعَانِ ذَكَرٌ
وَأُنْثَى كَانَا أَخَوَيْنِ لِوُجُودِ الْأُبُوَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا
سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ فَأَرْضَعَتْ
إحْدَاهُمَا غُلَامًا، وَالْأُخْرَى جَارِيَةً هَلْ يَنْكِحُ الْغُلَامُ
الْجَارِيَةَ أَجَابَ بِقَوْلِهِ: اللِّقَاحُ وَاحِدٌ يَعْنِي أَنَّهُمَا
أَخَوَانِ لِأَبٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ لَحِقَهُ وَلَدٌ نَزَلَ بِهِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ نَزَلَ
بِهِ مَا نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا مِنْهُ
فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ أُبُوَّتُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ
مُتَقَدِّمُونَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: مَا نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا
مِنْهُ اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ، وَفِي الرَّوْضِ: وَإِنْ نَزَلَ لِبِكْرٍ
لَبَنٌ وَتَزَوَّجَتْ وَحَبِلَتْ فَاللَّبَنُ لَهَا إلَّا لِلزَّوْجِ مَا
لَمْ تَلِدْ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مَا نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا
مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْحَمْلِ يُنْسَبُ لَهُ وَلَوْ لَمْ تَلِدْ،
وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا
لَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ زَوْجٍ وَبَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْهُ لَا يُنْسَبُ
الِابْنُ لِلثَّانِي إلَّا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ، وَأَنَّهُ قَبْلَ
الْوِلَادَةِ لِلْأَوَّلِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ فِيمَا يَأْتِي لَمَّا
نُسِبَ اللَّبَنُ لِلْأَوَّلِ قَوِيَ جَانِبُهُ فَنُسِبَ إلَيْهِ حَتَّى
يُوجَدَ قَاطِعٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ الْوِلَادَةُ، وَهُنَا لَمَّا لَمْ
يَتَقَدَّمْ نِسْبَةُ اللَّبَنِ إلَى أَحَدٍ اُكْتُفِيَ بِمُجَرَّدِ
الْإِمْكَانِ فَنُسِبَ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى
حَجّ التَّصْرِيحَ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ،
وَلَمْ يُجِبْ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ أَيْضًا مَا
نَصُّهُ
(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ ثَارَ
لِلْمَرْأَةِ لَبَنٌ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الزَّوْجُ أَوْ بَعْدَ
الْإِصَابَةِ وَلَمْ تَحْبَلْ ثُبُوتُ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهَا
دُونَ الزَّوْجِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَا قَبْلَ
الْإِصَابَةِ، وَقَالَ فِيمَا بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ
الْمَذْهَبُ ثُبُوتُهَا فِي حَقِّهَا دُونَهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ ارْتَضَعَتْ بِهِ صَغِيرَةٌ إلَخْ) لَا
يُقَالُ: كَيْفَ تَحِلُّ لِلثَّانِي مَعَ إنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ؛
لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا
بِأَنْ لَحِقَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ ثُمَّ نَفَاهُ بِلِعَانٍ اهـ زي
وَلْيُنْظَرْ عَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ
هَلْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَوْ لَا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لَمْ
يَذْكُرْهَا هُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا ذَكَرَهَا م ر، وَلَا ابْنُ
حَجَرٍ لَكِنْ ذَكَرَهَا الْمَحَلِّيُّ فِي الشَّرْحِ وَكَتَبَ عَلَيْهَا ق
ل قَوْلُهُ: حَلَّتْ لِلثَّانِي أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ وَقَعَ مِنْهُ
وَطْءٌ لِلْمُرْضِعَةِ بِأَنْ لَحِقَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ اهـ وَفِي
ح ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: حَلَّتْ لِلثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا
وَبَيْنَ الْمَنْفِيَّةِ حَيْثُ لَا تَحِلُّ بِقُوَّةِ النَّسَبِ اهـ
وَكَتَبَ شَيْخُنَا ح ف - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهَامِشِ الْحَلَبِيِّ مَا
نَصُّهُ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا كَالشَّمْسِ الشرنبلالي
وَالْبِشْبِيشِيِّ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلثَّانِي كَالْمَنْفِيَّةِ
فَحَرِّرْ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا) أَيْ وَقَدْ
أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِ الْغَيْرُ
شَيْئَانِ انْحِصَارُ الْإِمْكَانِ فِي أَحَدِهِمَا، أَوْ انْتِسَابُهُ
بِنَفْسِهِ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ انْحَصَرَ
الْإِمْكَانُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ أَوْ
لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَيْ أَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْإِمْكَانُ فِي وَاحِدٍ
مِنْهُمَا بَلْ كَانَ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَقَوْلُهُ وَانْتُسِبَ
لِأَحَدِهِمَا رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا
قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ (قَوْلُهُ: فَالرَّضِيعُ مِنْ ذَلِكَ
اللَّبَنِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: دَامَ الْإِشْكَالُ) أَيْ فِي الْأَوْلَادِ الْمُخْتَلِفِينَ
فِي الِانْتِسَابِ، وَفِي الرَّضِيعِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: وَحَيْثُ أُمِرَ
أَيْ الرَّضِيعُ بِالِانْتِسَابِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَلَدِ
أَيْ الْوَلَدِ الْمُشْتَبَهِ بَيْنَ الْوَاطِئِينَ وَقَوْلُهُ مَنْ
يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهُوَ وَلَدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ فِيمَا
ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا لَوْ انْتَسَبَ بَعْضُهُمْ لِهَذَا وَبَعْضُهُمْ
لِذَاكَ اهـ (قَوْلُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا إذَا عَانَدَ
وَإِلَّا حُبِسَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ
يَنْتَسِبْ فَإِنْ انْتَسَبَ لِأَحَدِهِمَا كَأَنْ قَالَ هَذَا أَبِي مِنْ
الرَّضَاعِ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ بِنْتِهِ فَقَطْ وَحَلَّتْ لَهُ بِنْتُ
الْأُخْرَى اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَلَدِ) أَيْ الَّذِي
نَزَلَ اللَّبَنُ بِسَبَبِهِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهُوَ
وَلَدُهُ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الِانْتِسَابِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ
النَّسَبَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقٌ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْمِيرَاثِ
وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ
الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِ الْإِشْكَالِ، وَالْمُتَعَلِّقُ
بِالرَّضَاعِ حُرْمَةُ النِّكَاحِ، وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ
وَعَدَمِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ، وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ سَهْلٌ فَلَمْ
يُجْبَرْ عَلَيْهِ الرَّضِيعُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ
عَلَى الِانْتِسَابِ) أَيْ حَيْثُ مَالَ طَبْعُهُمْ لِأَحَدِهِمَا
بِالْجِبِلَّةِ، وَكَانُوا قَدْ عَرَفُوهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَعِنْدَ
اسْتِقَامَةِ طَبْعِهِمْ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ، وَإِلَّا
فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الِانْتِسَابِ، وَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ
بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ انْقَطَعَ
اللَّبَنُ وَعَادَ) أَيْ
(4/480)
(إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ فَاللَّبَنُ
بَعْدَهَا لَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَبِلَهَا لِلْأَوَّلِ،
وَإِنْ دَخَلَ وَقْتَ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ
غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ فَيَتْبَعُ الْمُنْفَصِلَ سَوَاءٌ
أَزَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ أَمْ لَا، وَيُقَالُ: إنَّ أَقَلَّ
مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا،
وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.
(فَصْلٌ) فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ الْغُرْمِ بِسَبَبِ
قَطْعِهِ النِّكَاحَ لَوْ كَانَ (تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ، فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ
تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا) كَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ
بِلَبَنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَزَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ
أَوْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ لَهُ وَلَوْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ (انْفَسَخَ
نِكَاحُهُ) مِنْهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَحْرَمًا لَهُ كَمَا صَارَتْ فِي
هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ
مَوْطُوءَتِهِ، وَمِنْ زَوْجَتِهِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ
زَوْجَتِهِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ:
فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى (وَلَهَا)
أَيْ لِلصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ (نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ
صَحِيحًا، وَإِلَّا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ قَبْلَ
الْوَطْءِ (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ
لَمْ يَأْذَنْ) فِي إرْضَاعِهَا (نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَلَوْ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَكُلُّ مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهَا
قَبْلَ وِلَادَتِهَا صَارَ ابْنًا لَهُ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ زِنًا فَقَدْ
قَالَ الزِّيَادِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ نَقَلَهُ عَنْ حَجّ
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَمْلِ الزِّنَا وَغَيْرِهِ
فَإِذَا وَضَعَتْ مِنْ الزِّنَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ لِلْأَوَّلِ،
وَصَارَ لِلزِّنَا اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِوَلَدِ الزِّنَا
فَالْأَوْجَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا انْقِطَاعُ نِسْبَةِ
اللَّبَنِ لِلْأَوَّلِ بِهِ وَإِحَالَتُهُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا
انْتَهَتْ، وَتَسْتَمِرُّ الْإِحَالَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى حُدُوثِ وَلَدٍ
مِنْ غَيْرِ زِنًا كَمَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْأَوَّلِ لَا
تَثْبُتُ لِلزَّانِي لِعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِ فَلَوْ رَضَعَ مِنْهُ
طِفْلٌ ثَبَتَتْ لَهُ الْأُمُومَةُ دُونَ الْأُبُوَّةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: إلَّا بِوِلَادَةٍ مِنْ آخَرَ) هَلْ تَشْمَلُ الْوِلَادَةُ
الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي،
وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَعْنِي م ر بِأَنْ تَمَّ
انْفِصَالُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ لَا
يُسَمَّى وَلَدًا فَلْيُرَاجَعْ وَيُفَرَّقُ مَا هُنَا وَمَا فِي الْعَدَدِ
مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِ الْمُضْغَةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى
بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِوَضْعِهَا فَاكْتُفِيَ بِهِ
بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ
ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الْآخَرِ) رَدٌّ عَلَى قَوْلَيْنِ ضَعِيفَيْنِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَفِي قَوْلٍ هُوَ فِيمَا بَعْدَ
دُخُولِ وَقْتِ ذَلِكَ لِلثَّانِي إنْ انْقَطَعَ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ
عَادَ إلْحَاقًا لِلْحَمْلِ بِالْوِلَادَةِ وَفِي قَوْلِهِ هُوَ لَهُمَا
لِتَعَارُضِ تَرْجِيحِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ
لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) أَيْ مِنْ الْعُلُوقِ اهـ ع ش
وَالْمُشَاهَدُ أَنَّ اللَّبَنَ إنَّمَا يَحْدُثُ فِي الْحَامِلِ قُبَيْلَ
الْوَضْعِ وَدَعَاهُ لِذِكْرِ هَذِهِ قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَزَادَ اللَّبَنُ
أَمْ لَا الْمُقْتَضِي أَنَّ اللَّبَنَ يَتَجَدَّدُ بِسَبَبِ الْحَمْلِ
وَإِلَّا فَالْحُكْمُ أَنَّ اللَّبَنَ وَلَوْ حَدَثَ وَتَجَدَّدَ قَبْلَ
الْوَضْعِ مَنْسُوبٌ لِلْأَوَّلِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَوَّلُ حُدُوثِهِ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ خَلْقِ
الْحَمْلِ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ
الْقَوَابِلِ وَانْظُرْ هَلْ الْأَرْبَعُونَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ
الْحَمْلِ أَوْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ رَاجِعْهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ
الْمُتَقَدِّمُ يُعَضِّدُ الثَّانِيَ اهـ.
[فَصْلٌ فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ الْغُرْمِ بِسَبَبِ
قَطْعِهِ النِّكَاحَ]
(فَصْلٌ فِي طُرُوُّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ)
أَيْ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طُرُوِّهِ عَلَيْهِ مِنْ انْفِسَاخِ
النِّكَاحِ وَالتَّحْرِيمِ تَارَةً وَعَدَمِهِ أُخْرَى (قَوْلُهُ: تَحْتَهُ
صَغِيرَةٌ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَزَوْجَةُ أَبِيهِ بِلَبَنِهِ) أَيْ أَوْ زَوْجَةُ ابْنِهِ
أَوْ أَخِيهِ بِلَبَنِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر، وَهَذَا هُوَ الَّذِي بَقِيَ
لِلْكَافِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ) فِي
التَّقْيِيدِ بِلَبَنِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ لَبَنَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ
بِالنِّسْبَةِ لِلِانْفِسَاخِ وَكَذَا لِحُرْمَةِ الصَّغِيرَةِ إنْ دَخَلَ
بِالْكَبِيرَةِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ
انْفَسَخَ لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ
الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ
عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ
أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِهِ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ، وَإِلَّا
بِأَنْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ فَهِيَ رَبِيبَةٌ
لَهُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ، وَإِلَّا
حَرُمَتْ عَلَيْهِ اهـ وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ
أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ إلَخْ تَأَمَّلْ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِلَبَنِهِ أَيْ الزَّوْجِ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ
هَذَا التَّقْيِيدِ فَإِنَّ كَلَامَهُ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ، وَهُوَ
يَنْفَسِخُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ فَسَيَأْتِي، وَقَدْ يُقَالُ
قَيَّدَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا؛ لِأَنَّ
بِنْتَهَا لَا تَحْرُمُ إلَّا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ
الْمُسْتَلْزِمِ وَطْأَهُ لَهَا، وَلَوْ بِالْإِمْكَانِ وَإِلَّا بِأَنْ
أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ كَانَتْ رَبِيبَةً، وَلَا تَحْرُمُ إلَّا
إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَوْطُوءَةً انْتَهَتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي
مَفْهُومِ هَذَا الْقَيْدِ تَفْصِيلًا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا
يَأْتِي وَأَلَّا فَرَبِيبَةٌ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ يَنْفَسِخُ
مُطْلَقًا كَمَا قَالَ هُنَاكَ وَتَنْفَسِخُ، وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ فَلَا
اعْتِرَاضَ عَلَى التَّقْيِيدِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَمَا صَارَتْ) الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ بِنْتَ أُخْتِهِ أَيْ
فِي الْأُولَى أَوْ أُخْتَهُ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ
بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ أَيْ فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ (قَوْلُهُ:
وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا
فَلِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الزَّوْجِ
وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ أَيْ، وَإِنْ
لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ لِتَعَيُّنِهَا عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِ الصَّغِيرَةِ
اهـ ز ي وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ
نِصْفُ مَهْرٍ أَيْ وَلَوْ مُكْرَهَةً أَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ أَوْ
مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَالْغُرْمُ
عَلَى الْمَمْلُوكَةِ فِي رَقَبَتِهَا وَفِي الْمُبَعَّضَةِ بِالْقِسْطِ،
وَقَرَارُ الضَّمَانِ فِي الْمُكْرَهَةِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهَا وَلَوْ
حَلَبَتْ لَبَنَهَا وَأَمَرَتْ غَيْرَهَا بِإِيجَارِهِ فَإِنْ اعْتَقَدَ
وُجُوبَ الطَّاعَةِ فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَهُ
عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ)
الْمُرْضِعَةُ هُنَا شَامِلَةٌ لِزَوْجَتِهِ
(4/481)
وَإِنْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ كُلَّ
الْبُضْعِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (فَإِنْ
ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ) مُسْتَيْقِظَةٍ (سَاكِتَةٍ فَلَا غُرْمَ)
لَهَا؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِسَبَبِهَا وَذَلِكَ يُسْقِطُ
الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا لَهُ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ هِيَ
مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَضَعْ شَيْئًا وَتَغْرَمُ لَهُ الْمُرْتَضِعَةُ
مَهْرَ مِثْلٍ لِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى أَوْ نِصْفَهُ وَقَوْلِي أَوْ
سَاكِتَةٍ مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ
قَوْلُهُمْ: إنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الرَّضَاعِ كَالْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّ
الْمُرَادَ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ (أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (أُمُّ
كَبِيرَةٍ تَحْتَهُ) أَيْضًا (انْفَسَخَتَا) أَيْ نِكَاحُهُمَا؛
لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ
بَيْنَهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (وَلَهُ
نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا) شَاءَ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا
(أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (بِنْتُهَا) أَيْ الْكَبِيرَةُ.
(حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) ؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْكَبِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ التَّمْثِيلُ بِهَا فَيَلْزَمُهَا
نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِ الصَّغِيرَةِ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُهَا لِلزَّوْجِ
أَيْضًا مَهْرُ مِثْلِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ بُضْعَهَا عَلَى
الزَّوْجِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ الْمَوْطُوءَةُ
هِيَ الْمُفْسِدَةَ لِنِكَاحِهَا بِإِرْضَاعِهَا الصَّغِيرَةَ لَمْ
يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ نِكَاحُهَا مَعَ
الْوَطْءِ عَنْ مَهْرٍ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَتْ لَكِنْ يُخَصُّ قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَهُ
عَلَى الْمُرْضِعَةِ إلَخْ بِغَيْرِ الْمِثَالِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ
السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى أَمَتِهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ
يَأْذَنْ فِي إرْضَاعِهَا) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ
الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ كُلَّ الْبُضْعِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ
فِي الشَّهَادَاتِ، وَلَوْ شَهِدُوا بِبَيْنُونَةٍ وَفَرَّقَ الْقَاضِي
فَرَجَعُوا أَلْزَمَهُمْ مَهْرَ مِثْلٍ وَلَوْ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ
الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنْ الْمَهْرِ نَظَرًا إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ
الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ؛ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى
الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ انْتَهَتْ
فَكَانَ قِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَجِبَ لَهُ الْمَهْرُ بِكَمَالِهِ فَانْظُرْ
مَا الْفَارِقُ، وَفَرَّقَ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِ
الشُّهُودِ، وَقَدْ أَحَالُوا بَيْنَهُمَا فَكَانُوا كَالْعَاصِبِينَ
وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ بِالْكُلِّيَّةِ قَبْلَ
الْوَطْءِ، وَالْفُرْقَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ تُوجِبُ النِّصْفَ، وَفِيهِ مَا
فِيهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفَارَقَتْ شُهُودَ طَلَاقٍ رَجَعُوا، فَإِنَّهُمْ
يَغْرَمُونَ الْكُلَّ بِأَنَّهُمْ أَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ
الْبَاقِي بِزَعْمِهِمْ فَكَانُوا كَغَاصِبٍ حَالَ بَيْنَ الْمَالِكِ
وَحَقِّهِ، وَأَمَّا الْفُرْقَةُ هُنَا فَحَقِيقِيَّةٌ بِمَنْزِلَةِ
التَّلَفِ فَلَمْ تَغْرَمْ الْمُرْضِعَةُ سِوَى مَا أَتْلَفَتْهُ، وَهُوَ
مَا غَرِمَهُ فَقَطْ، وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً
بِتَفْوِيضِ سَيِّدِهَا فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ مَثَلًا فَلَهَا
الْمُتْعَةُ فِي كَسْبِهِ وَلَا يُطَالِبُ سَيِّدُهُ الْمُرْضِعَةَ إلَّا
بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا صَوَّرُوا ذَلِكَ بِالْأَمَةِ؛
لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْحُرَّةِ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ
انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ)
أَيْ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى
فَلَا يَرُدَّانِ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ
الْمُسَمَّى، وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ
شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إذَا رَجَعُوا غَرِمُوا كُلَّ
الْمَهْرِ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِهِمْ، وَقَدْ أَحَالُوا بَيْنَ
الزَّوْجِ وَالْبُضْعِ فَكَانَ عَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ كَالْغَاصِبِ وَأَمَّا
الرَّضَاعُ فَمُوجِبٌ لِلْفُرْقَةِ وَلَا بُدَّ وَهِيَ قَبْلَ الْوَطْءِ
لَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالطَّلَاقِ اهـ ح ل وَزي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ سَاكِتَةٍ فَلَا
غُرْمَ) وَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فَارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ
أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا أُمُّ الزَّوْجِ الْخَامِسَةَ أَوْ عَكْسُهُ
اُخْتُصَّ التَّغْرِيمُ بِالْخَامِسَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ
اُخْتُصَّ التَّغْرِيمُ بِالْخَامِسَةِ أَيْ فَالْغُرْمُ عَلَى
الْكَبِيرَةِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الصَّغِيرَةِ فِي الثَّانِيَةِ اهـ ع ش
عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(تَنْبِيهٌ) الْعِبْرَةُ فِي الْغُرْمِ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَلَوْ
دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فِي غَيْرِ الْخَامِسَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا أَوْ
تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَاتُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إذَا
حَصَلَتْ الْحُرْمَةُ بِمَجْمُوعِهِنَّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا نُقِلَ
عَنْ شَيْخِنَا م ر فِيمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَتَانِ
فَأَرْضَعَتْهَا إحْدَاهُمَا رَضْعَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَنَّ
الْغُرْمَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً كَإِتْلَافِ الْعِتْقِ وَقِيلَ بِعَدَدِ
الرَّضَعَاتِ فَرَاجِعْهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ
إلَخْ) أَيْ لَا يُنَافِي عَدَمَ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَنْ ارْتَضَعَتْ
هِيَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَهُوَ فِي
التَّحْرِيمِ) أَيْ لَا الْغُرْمُ، وَإِنَّمَا عُدَّ سُكُوتُ الْمُحْرِمِ
عَلَى الْحَالِقِ كَفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ
يَلْزَمُهُ دَفْعُ مُتْلَفَاتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ زي (قَوْلُهُ:
لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَهُوَ فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ لَا الْغُرْمِ،
وَهَذَا الْحَمْلُ لَيْسَ بِذَاكَ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَوَقَّفُ
عَلَى إرْضَاعٍ، وَلَا تَمْكِينٍ كَمَا فِي النَّائِمَةِ اهـ سم وَقَوْلُهُ
لَيْسَ بِذَاكَ أَيْ لَيْسَ بِقَوِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْضَعَتْهَا أُمٌّ
كَبِيرَةٌ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: أَوْ بِنْتُهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ
الْكَبِيرَةُ إلَخْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ
مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا، وَخُصُوصًا فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ
الشَّارِحَ قَدْ مَثَّلَ بِهَا سَابِقًا بِقَوْلِهِ: وَزَوْجَةٌ أُخْرَى
لَهُ بِلَبَنِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأُولَى بِأَنَّهَا
ذُكِرَتْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَلَهُ نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا وَعَنْ
الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ
التَّحْرِيمُ، وَأَمَّا فِيمَا سَبَقَ فَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا مِنْ
حَيْثُ الِانْفِسَاخُ وَبِأَنَّهَا ذُكِرْت تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ لَا إنْ
وَطِئَ الْكَبِيرَةَ إلَخْ.
وَعَنْ الثَّالِثَةِ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ
التَّحْرِيمُ وَثَمَّ مِنْ حَيْثُ الِانْفِسَاخُ وَبِأَنَّهُ ذَكَرَهَا
تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ إلَخْ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ
بِالنِّسْبَةِ لِإِيرَادِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَأَمَّا
بِالنِّسْبَةِ لِإِيرَادِ الْأُولَى فَلَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّهَا
تَدْخُلُ فِيمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ
لَحَرُمَتْ بِنْتُهَا الَّتِي هِيَ زَوْجَتُهُ، وَهَذَا لَا يُعْقَلُ؛
وَلِذَلِكَ عَلَّلَ الشَّارِحُ الِانْفِسَاخَ فِيهَا بِقَوْلِهِ:
(4/482)
لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ
(وَالصَّغِيرَةُ رَبِيبَتَهُ) فَتَحْرُمُ أَبَدًا إنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ؛
لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ، وَإِلَّا فَلَا
تَحْرُمُ (وَالْغُرْمُ) لِلصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فِي
الْمَسْأَلَتَيْنِ (مَا مَرَّ) فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ
الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إنْ
لَمْ يَأْذَنْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهِمَا (لَا إنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ
فَلَهُ لِأَجْلِهَا) عَلَى الْمُرْضِعَةِ (مَهْرُ مِثْلٍ) كَمَا وَجَبَ
عَلَيْهِ لِبِنْتِهَا أَوْ أُمِّهَا الْمَهْرُ بِكَمَالِهِ وَقَوْلِي
وَالْغُرْمُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ
(أَوْ) أَرْضَعَتْهَا (الْكَبِيرَةُ حَرُمَتْ أَبَدًا) لِمَا مَرَّ
(وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ أَرْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ
بِنْتَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ
(فَرَبِيبَةٌ) لَهُ فَإِنْ وَطِئَ الْكَبِيرَةَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ
أَبَدًا، وَإِلَّا فَلَا (وَيَنْفَسِخُ) وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ
لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ (كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ) أَيْ الْكَبِيرَةُ
(ثَلَاثَ صَغَائِرَ تَحْتَهُ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَتَحْرُمُ
الْكَبِيرَةُ أَبَدًا وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ ارْتَضَعْنَ بِلَبَنِهِ
وَإِلَّا فَرَبِيبَاتٌ وَيَنْفَسِخْنَ، وَإِنْ لَمْ يُحَرِّمْنَ سَوَاءٌ
أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا بِإِيجَارِهِنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ
وَبِإِلْقَامِ ثَدْيَيْهَا ثِنْتَيْنِ وَإِيجَارِ الثَّالِثَةِ مِنْ
لَبَنِهَا لِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ وَلِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ
أَمْ مُرَتَّبًا فَتَنْفَسِخُ الْأُولَى بِرَضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ
الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ بِرَضَاعِ
الثَّالِثَةِ لِاجْتِمَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أُخْتِهَا فِي النِّكَاحِ
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ ارْتَضَعَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ
الثَّالِثَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ إنْ لَمْ تَحْرُمْ
وَحَيْثُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ فَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ مَنْ شَاءَ
مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ.
(وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا
وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ (انْفَسَخَتَا) وَعُلِمَ مِمَّا
مَرَّ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا دُونَهُمَا (وَلَوْ نَكَحَتْ
مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَيُصَرِّحُ بِرَدِّ هَذَا الْإِيرَادِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَهُ نِكَاحُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ فَلَوْ كَانَتْ
الْمُرْضِعَةُ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ
أَيَّتِهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مُؤَبَّدٌ اهـ (قَوْلُهُ:
لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةُ زَوْجَتِهِ اهـ سم
(قَوْلُهُ: وَالْغُرْمُ لِلصَّغِيرَةِ) اللَّامُ لِلتَّعَدِّيَةِ
بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ هُوَ الزَّوْجَ، وَالتَّعْلِيلُ
إنْ كَانَ فَاعِلُهُ الْمُرْضِعَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِيُنَاسِبَ
تَفْرِيعَهُ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ وَلَهُ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي
الْمَعْنَيَيْنِ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهُ يَغْرَمُ لِلْكَبِيرَةِ وَتَغْرَمُ
الْمُرْضِعَةُ لَهُ مِنْ أَجْلِهَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فَكَيْفَ يُفَرِّعُ
هَذَا عَلَى قَوْلِهِ مَا مَرَّ؛ إذْ الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ غُرْمُهُ
لِلصَّغِيرَةِ، وَالْغُرْمُ لِأَجْلِهَا، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ وَطِئَ إلَخْ
اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ وُجُوبُ الْمَهْرِ
بِكَمَالِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا وَجَبَ إلَخْ كَمُلَ بِهِ
الْمَتْنُ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا
عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَدْخُولَ
بِهَا يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ بِتَمَامِهِ وَلَا يَسْقُطُ بِسَبَبٍ مِنْ
الْأَسْبَابِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ لِأَجْلِهَا إلَخْ) أَيْ فَتَغْرَمُ الْمُرْضِعَةُ
مَهْرَ مِثْلٍ لِأَجْلِ الْكَبِيرَةِ وَنِصْفَ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفَ
مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ الصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ
لِبِنْتِهَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ
أَرْضَعَتْهَا أُمُّ كَبِيرَةٍ تَحْتَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ أُمُّهَا أَيْ فِي
الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُهَا
اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ إلَخْ) إنْ قُلْت
هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ
بِنْتُهَا وَزَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ، وَقَدْ يُقَالُ ذَاكَ
بِاعْتِبَارِ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْحُرْمَةِ
الْمُؤَبَّدَةِ فِي الْكَبِيرَةِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ ارْتَضَعَتْ
بِلَبَنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِانْفِسَاخِ الْحُرْمَةُ
الْمُؤَبَّدَةُ فَفِي هَذَا فَائِدَةٌ جَدِيدَةٌ فَانْدَفَعَ التَّكْرَارُ
اهـ شَيْخُنَا، وَأَيْضًا هَذَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ اللَّبَنِ لَهُ أَمْ
لَا بِخِلَافِ السَّابِقِ فَقَدْ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِ لَهُ كَمَا
تَقَدَّمَ اهـ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا
صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ إلَخْ)
تَنْظِيرٌ فِي الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ
الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: بِإِيجَارِهِنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ إلَخْ)
هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَصْوِيرٌ لِلْمَعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ:
لِصَيْرُورَتِهِنَّ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَنْفَسِخْنَ، وَإِنْ لَمْ
يُحَرِّمْنَ (قَوْلُهُ: بِرَضَاعِ الثَّالِثَةِ) وَقَبْلَهُ لَا تَحْرُمُ
الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرْضِعَةَ قَدْ بَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ
يَلْزَمْ عَلَيْهِ الِاجْتِمَاعُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ
بِالتَّعْلِيلِ السَّابِقِ مِنْ كَوْنِهِنَّ أَخَوَاتٍ وَاجْتِمَاعِهِنَّ
مَعَ الْأُمِّ وَاجْتِمَاعِ بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: لَمْ
يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
لِانْفِرَادِهَا وَوُقُوعِ إرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا
وَأُخْتَيْهَا اهـ سم.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَحْرُمْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ غَيْرَ
مَوْطُوءَةٍ، وَاللَّبَنُ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً أَوْ
كَانَ اللَّبَنُ لَهُ فَقَدْ حَرُمَتْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ
تَجْدِيدُ نِكَاحِ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْرُمْنَ
لِعَدَمِ الدُّخُولِ بِالْكَبِيرَةِ، وَعَدَمِ كَوْنِ اللَّبَنِ لَهُ فَلَا
بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ أَمَّا إذَا حَرُمْنَ لِأَحَدِ
الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا نِكَاحَ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَحَيْثُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ فَلَهُ
تَجْدِيدُ نِكَاحِ مَنْ شَاءَ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا
التَّعْمِيمِ فَإِنَّهُ إذَا أَرْضَعَتْهُنَّ الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِهِ أَوْ
كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَانَ تَحْرِيمُهُنَّ مُؤَبَّدًا كَمَا أَفَادَهُ
قَوْلُهُ: السَّابِقُ وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ
بِلَبَنِهِ، وَإِلَّا فَرَبِيبَاتٌ فَلَا يَتَأَتَّى جَوَازُ التَّجْدِيدِ
حِينَئِذٍ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَتَأَمَّلْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ) قَيَّدَ بِكَوْنِهِ
رَجْعِيًّا لِأَجْلِ قَوْلِهِ انْفَسَخَتَا أَمَّا بِالنَّظَرِ لِحُرْمَةِ
الْمُرْضِعَةِ عَلَيْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَلَا يَتَقَيَّدُ الطَّلَاقُ
بِكَوْنِهِ رَجْعِيًّا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ
فَطَلَّقَهَا، فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ
فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا إلْحَاقًا لِلطَّارِئِ بِالْمُقَارِنِ كَمَا
هُوَ شَأْنُ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ إلْحَاقًا
لِلطَّارِئِ إلَخْ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْإِرْضَاعِ فِي حَالِ
الزَّوْجِيَّةِ بَلْ يَكْفِي لِوُجُودِهِ كَوْنُهُ يَصْدُقُ عَلَى
الْمُرْتَضِعَةِ اسْمُ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ فِيمَا مَضَى اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ) فِيهِ تَصْرِيحٌ
بِأَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ لَا يَجِبُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ
مُتَهَيَّأَةً لِلْوَطْءِ وَشَيْخُنَا ذَكَرَ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ
مَعَ اشْتِرَاطِهِ أَنْ تَكُونَ الصَّغِيرَةُ الْمَوْطُوءَةُ وَمِثْلُهَا
الْمُسْتَدْخِلَةُ لِلْمَنِيِّ مُتَهَيَّأَةً لِلْوَطْءِ اهـ ح ل وَفِي ع ش
عَلَى م ر قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ
وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ دَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجَيْهِمَا، وَهَذَا
يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى
الصَّغِيرَةِ أَنْ تَكُونَ مُتَهَيَّأَةً لِلْوَطْءِ حَالَ الطَّلَاقِ،
وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْعَدَدِ كَمَا
مَرَّ بَيَانُهُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَا
بُدَّ أَنْ تَكُونَ الصَّغِيرَةُ مُتَهَيَّأَةً لِلْوَطْءِ قَابِلَةً لَهُ
اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نُكِحَتْ مُطَلَّقَتُهُ) أَيْ وَلَوْ
(4/483)
وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ حَرُمَتْ
عَلَيْهِمَا أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةَ ابْنِ الْمُطَلِّقِ
وَأُمَّ الصَّغِيرِ وَزَوْجَةَ أَبِيهِ.
(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمَا
يُذْكَرُ مَعَهُمَا
لَوْ (أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا
مُحَرِّمًا) كَقَوْلِهِ: هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ أَوْ
عَكْسِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ
يُكَذِّبْهُ حِسٌّ (حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا) مُؤَاخَذَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا
بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كَأَنْ قَالَ:
فُلَانَةُ بِنْتِي وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
طَلَاقًا بَائِنًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَأَرْضَعَتْهُ
بِلَبَنِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ فَلَا
تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ أَبًا
لِلصَّغِيرِ، وَلَكِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الصَّغِيرِ لِكَوْنِهَا صَارَتْ
أُمَّهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةَ ابْنِ
الْمُطَلِّقِ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْكَبِيرِ مِنْ جِهَةٍ،
وَعَلَى الصَّغِيرِ مِنْ جِهَتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمَا
يُذْكَرُ مَعَهُمَا]
(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ قَدْ ذَكَرَ لَهُ صُورَتَيْنِ
الْأُولَى قَوْلُهُ: أَقَرَّ رَجُلٌ إلَخْ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: أَوْ
زَوْجَانِ فَرَّقَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ وَذَكَرَ لَهُ
أَيْضًا صُورَتَيْنِ الْأُولَى قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ
إلَخْ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ، وَمَا
يُذْكَرُ مَعَهُمَا أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيَثْبُتُ هُوَ وَالْإِقْرَارُ
بِهِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ) أَيْ
أَوْ هُمَا فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ أَيْ فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ فِي
الْإِقْرَارِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ اهـ (قَوْلُهُ:
أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ قَضَتْ الْعَادَةُ
بِأَنَّ الْمُقِرَّ بِذَلِكَ يَجْهَلُ شُرُوطَ الرَّضَاعِ الْمُحَرَّمِ؛
لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِشُرُوطِ
الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَإِنْ كَانَ
عِلْمِيًّا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ
يَسْتَنِدُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ إلَى عَارِفٍ أَخْبَرَهُ بِهِ وَلَوْ
بَيَّنَ ذَلِكَ الرَّضَاعَ الْمُحَرَّمَ بِقَوْلِهِ ارْتَضَعَ مِنْهَا
وَهِيَ مَيْتَةٌ أَوْ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ مَثَلًا هَلْ يَعْمَلُ
بِبَيَانِهِ وَيُلْغَى وَصْفُهُ بِالْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِيهِ
حَرِّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ
هُوَ أَخِي أَوْ ابْنِي مِنْ رَضَاعٍ اهـ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ
لَمْ يُكَذِّبْهُ حُسْنٌ) أَيْ وَلَا شَرْعٌ اهـ شَرْحُ م ر وحج وَقَوْلُهُ
حِسٌّ أَيْ بِأَنْ مَنَعَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ بِهَا أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ
عَلَيْهِ بِسَبَبِ إرْضَاعِهَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ، وَقَوْلُهُ: وَلَا شَرْعٌ
أَيْ بِأَنْ أَمْكَنَ الِاجْتِمَاعُ لَكِنْ كَانَ الْمُقِرُّ فِي سِنٍّ لَا
يُمْكِنُ فِيهِ الِارْتِضَاعُ الْمُحَرَّمُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي
تَصْوِيرِ الشَّرْعِيِّ بِمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ
مِنْ الْحِسِّيِّ أَيْضًا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ح ل: وَلْيُنْظَرْ مَا صُورَةُ
الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا) أَيْ أَبَدًا ظَاهِرًا
وَبَاطِنًا إنْ صُدِّقَ الْمُقِرُّ، وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ وَلَوْ
رَجَعَ الْمُقِرُّ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ
لَمْ يَذْكُرْ الشُّرُوطَ كَالشَّاهِدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ.
لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ
تَحْقِيقٍ سَوَاءٌ الْفَقِيهُ وَغَيْرُهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ
وَيُتَّجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ مِنْ
نَحْوِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ
أَوَّلَ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ فِيمَنْ اسْتَلْحَقَ زَوْجَةَ ابْنِهِ
بَلْ أَوْلَى وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّهُ إنْ
طَلَّقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أُوخِذَ بِهِ مُطْلَقًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ
بَعْدُ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ
م ر وَقَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ
لِرُجُوعِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ فِي
ظَاهِرِ الْحَالِ أَمَّا بَاطِنًا فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهِ وَقَوْلِهِ
وَيُتَّجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ أَيْ
حَيْثُ كَانَتْ الْمُقَرُّ بِرَضَاعِهَا فِي نِكَاحِ الْأَصْلِ أَوْ
الْفَرْعِ كَأَنْ أَقَرَّ بِبِنْتِيَّةِ زَوْجَةِ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ: فُلَانَةُ بِنْتِي مِنْ
الرَّضَاعِ، وَلَيْسَتْ زَوْجَةَ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ فَلَيْسَ
لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نِكَاحُهَا بَعْدَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ
وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى
لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ إلَخْ أَنَّهُ
لَا فَرْقَ، وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ لَا
يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَغَايَةُ قَوْلِهِ هِنْدٌ بِنْتِي
أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِثُبُوتِ
الْمَحْرَمِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِوَاحِدٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا
وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَ أَبُوهُ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ وَلَمْ
يُصَدِّقْهُ حَيْثُ قُلْنَا ثَمَّ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَأَنَّهُ لَوْ
طَلَّقَهَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بِأَنْ نَسَبَهَا لِاسْتِلْحَاقِ
أَبِيهِ لَهَا قَدْ ثَبَتَ، وَكَانَ قِيَاسُهُ وُجُوبَ الْفُرْقَةِ
بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لَكِنَّا مَنَعْنَاهُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ
قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ ظَاهِرًا وَالشَّكِّ فِي مُسْقِطِهِ بَعْدُ فَإِذَا
طَلَّقَهَا امْتَنَعَ نِكَاحُهَا لِلشَّكِّ فِي حَبَلِهَا حِينَئِذٍ بَلْ
لِلْحُكْمِ بِعَدَمِ الْحِلِّ حَيْثُ قُلْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ
وَبِأَنَّ الرَّضَاعَ هُنَا لَمْ يَثْبُتْ فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ حَالِ
الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ، وَقَدْ
يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ زَوْجَةَ ابْنِهِ ثَبَتَ نَسَبُهَا
مِنْهُ حَقِيقَةً حَتَّى إنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَلَا
يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِهَا ثَمَّ مِثْلُهُ هُنَا.
وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ بِذَلِكَ أَيْ
بِالْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَقْضَ لِلشَّكِّ اهـ ع ش
عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا وَلَا يُفِيدُ
رُجُوعُهُمَا وَلَا رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْإِقْرَارِ، وَلَا تَثْبُتُ
الْحُرْمَةُ لِغَيْرِ الْمُقِرِّ مِنْ فُرُوعِهِ كَأُصُولِهِ إلَّا مِنْ
صُدِّقَ مِنْهُمْ، وَلَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ
الْمُقِرِّ.
وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ اسْتَفَدْنَا مِنْ قَوْلِهِ: حَرُمَ
تَنَاكُحُهُمَا تَأْثِيرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْرِيمِ خَاصَّةً؛
لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ أَمَّا الْمَحْرَمِيَّةُ فَلَا
تَثْبُتُ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي كِلَيْهِمَا وَلَمْ أَرَهُ
مَنْقُولًا إلَيْهِمَا اهـ فَلَا
(4/484)
(أَوْ) أَقَرَّ بِذَلِكَ (زَوْجَانِ
فُرِّقَا) أَيْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا (وَلَهَا
الْمَهْرُ) مِنْ مُسَمًّى، أَوْ مَهْرُ مِثْلٍ (إنْ وَطِئَهَا مَعْذُورَةً)
كَأَنْ كَانَتْ جَاهِلَةً بِالْحَالِ أَوْ مُكْرَهَةً وَإِلَّا فَلَا
يَجِبُ شَيْءٌ وَتَعْبِيرِي بِالْمَهْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَهْرِ
مِثْلٍ وَقَوْلِي مَعْذُورَةً مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ
الرَّضَاعَ الْمُحَرِّمَ (فَأَنْكَرَتْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً
لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَهَا) عَلَيْهِ (الْمَهْرُ) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ
صَحِيحًا وَإِلَّا فَمَهْرُ مِثْلٍ (إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) وَلَا
يُقْبَلُ قَوْلُهُ: عَلَيْهَا وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الْوَطْءِ
وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ
فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْوَطْءِ
وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَتَعْبِيرِي بِالْمَهْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ
بِالْمُسَمَّى (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَهُ
(حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ (إنْ زُوِّجَتْ) مِنْهُ (بِرِضَاهَا بِهِ) بِأَنْ
عَيَّنَتْهُ فِي إذْنِهَا (أَوْ مَكَّنَتْهُ) مِنْ نَفْسِهَا لِتَضَمُّنِ
ذَلِكَ الْإِقْرَارِ بِحِلِّهِ لَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زَوَّجَهَا
مُجْبَرًا وَأَذِنَتْ وَلَمْ تُعَيِّنْ أَحَدًا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ
نَفْسِهَا فِيهِمَا (حَلَفَتْ) فَتُصَدَّقُ لِاحْتِمَالِ مَا تَدَّعِيهِ
وَلَمْ يَسْبِقْ مَا يُنَافِيهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرْته قَبْلَ
النِّكَاحِ، وَقَوْلِي بِهِ أَوْ مَكَّنَتْهُ مَعَ تَحْلِيفِهَا مِنْ
زِيَادَتِي (وَلَهَا) فِي الصُّوَرِ (مَهْرُ مِثْلٍ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ)
مِنْ أَنَّهُ يَطَؤُهَا مَعْذُورَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا عَمَلًا
بِقَوْلِهَا فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ الْمُسَمَّى
فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ رَدِّهِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا وَالْوَرَعُ لَهُ
فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الرَّضَاعَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً لِتَحِلَّ
لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَقَوْلِي بِشَرْطِهِ السَّابِقِ أَوْلَى
مِنْ قَوْلِهِ إنْ وَطِئَ.
(وَحَلَفَ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي
فِعْلَ غَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهِ فِي الِارْتِضَاعِ؛ لِأَنَّهُ
كَانَ صَغِيرًا (وَ) حَلَفَ (مُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ) ؛ لِأَنَّهُ
يُثْبِتُهُ، سَوَاءٌ فِيهِمَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يُنْتَقَضُ وُضُوءٌ بِلَمْسِهَا، وَهَذَا يَرُدُّ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ
مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ مَنْ أَقَرَّ
أَبُوهُ بِأَنَّهَا بِنْتُهُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ
يَعْقِدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَقَدْ
يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْإِذْنُ
لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ أَقَرَّتْ أَمَةٌ بِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ
فُلَانٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَإِنْ
أَقَرَّتْ بِذَلِكَ بَعْدَ شِرَائِهَا وَقَبْلَ الْوَطْءِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَانِ فُرِّقَا إلَخْ) خَرَجَ بِهِ إقْرَارُ أَبِي
الزَّوْجِ أَوْ أُمِّ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ اهـ ع ش
عَلَى م ر وَتَسْمِيَتُهُمَا زَوْجَيْنِ بِحَسَبِ الصُّورَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ تَحْلِيفُهَا) أَيْ رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ أَوْ تَنْكُلَ
فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ أَيْ
رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ أَوْ تَنْكُلَ فَيَرْجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ
الْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ إلَخْ قِيَاسُ مَا
مَرَّ أَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِهَا مَعْذُورَةً فِي الْوَطْءِ حَرِّرْ اهـ
أَيْ؛ لِأَنَّ نُكُولَهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ، وَقَدْ
تَقَدَّمَ أَنَّهَا إذَا أَقَرَّتْ بِهِ لَا يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ إلَّا
إنْ وَطِئَهَا مَعْذُورَةً (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ حَلَفَ) وَتَسْتَمِرُّ
الزَّوْجِيَّةُ ظَاهِرًا بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ عَلَى نَفْيِ الرَّضَاعِ،
وَعَلَيْهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ مَا أَمْكَنَ إنْ كَانَتْ صَادِقَةً،
وَتَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ مَعَ إقْرَارِهَا بِفَسَادِ النِّكَاحِ
كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عِنْدَهُ،
وَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِهَا، وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ،
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ فِيمَنْ طَلَبَ
زَوْجَتَهُ لِمَحَلِّ طَاعَتِهِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ النَّقْلَةِ مَعَهُ
ثُمَّ إنَّهُ اسْتَمَرَّ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي
امْتَنَعَتْ فِيهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي اهـ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَأَنْكَرَهُ)
وَدَعْوَاهَا الْمُصَاهَرَةَ كَكُنْتُ زَوْجَةَ أَبِيك مَثَلًا كَدَعْوَى
الرَّضَاعِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ أَمَةٌ بِأُخُوَّةِ رَضَاعٍ بَيْنَهَا
وَبَيْنَ سَيِّدِهَا لَمْ يُقْبَلْ عَلَى سَيِّدِهَا فِي أَوْجَهِ
الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي وَصَاحِبِ
الْأَنْوَارِ، وَلَوْ ادَّعَتْ الرَّضَاعَ فَشَكَّ الزَّوْجُ فَلَمْ يَقَعْ
فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا، وَلَا كَذِبُهَا حَلَفَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي
الْأَنْوَارِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِنَاءً
عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَجْهٌ ضَعِيفٌ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: إنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا بِهِ أَوْ مَكَّنَتْهُ) مِنْ
الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقَيْدَ إذَا كَانَ مُرَدَّدًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ
أَوْ أَشْيَاءَ يَكُونُ مَفْهُومُهُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الشَّيْئَيْنِ أَوْ
الْأَشْيَاءِ فَمَفْهُومُ مَا هُنَا أَنْ تُزَوَّجَ بِغَيْرِ الرِّضَا،
وَلَا تُمَكِّنُهُ مِنْ الْوَطْءِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّرْحُ
بِقَوْلِهِ بِأَنَّ زَوْجَهَا مُجْبِرٌ إلَخْ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ
صُورَتَيْنِ بِالنَّظَرِ لِتَفْسِيرِهِ الرِّضَا فِي الْمَنْطُوقِ
بِقَوْلِهِ بِأَنْ عَيَّنَتْهُ فِي إذْنِهَا، وَمَفْهُومُ هَذَا صَادِقٌ
بِمَا إذَا لَمْ تَأْذَنْ أَصْلًا أَوْ أَذِنَتْ، وَلَمْ تُعَيِّنْهُ
بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكَّنَتْهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهَا، وَلَوْ
سَفِيهَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش عَلَى م ر وَالْأَقْرَبُ أَنَّ
تَمْكِينَهَا فِي نَحْوِ ظُلْمَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ كَلَا
تَمْكِينٍ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَهَا فِي الصُّوَرِ) أَيْ صُوَرِ حَلِفِهَا وَحَلِفِهِ اهـ ح
ل وَفِيهِ أَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ فِي صُورَتَيْ حَلِفِهِ فَكَيْفَ
يَغْرَمُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُصَوَّرُ بِمَا
إذَا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهَا فَحَلَفَتْ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ
النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ
أَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ إلَخْ هَذَا مِنْهُ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ
أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ الْبَاقِيَةِ عَلَى
الزَّوْجِيَّةِ الْمَهْرُ فِي مُقَابَلَةِ وَطْئِهِ لَهَا (قَوْلُهُ:
وَلَهَا فِي الصُّوَرِ مَهْرُ مِثْلٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَجِبُ
تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ
دُونَهُ فَإِنْ زَادَ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ الزِّيَادَةِ ظَاهِرًا إذَا
صَدَّقَهَا الزَّوْجُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَهَا فِي الصُّوَرِ مَهْرُ
مِثْلٍ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصُّوَرَ
أَرْبَعَةٌ ثِنْتَانِ قَبْلَ إلَّا وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا لَكِنَّ
الْمُرَادَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَقَطْ؛ إذْ الثَّانِيَةُ مِمَّا قَبْلَ
إلَّا لَا يَتَأَتَّى رُجُوعُ هَذَا الْكَلَامِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا
فِيهَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي
الشَّرْطِ حِينَئِذٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ
الْمُسَمَّى إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَهَا مَهْرُ مِثْلٍ
وَعَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا.
وَقَوْلُهُ: وَالْوَرَعُ إلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ فَلَيْسَ مَعْطُوفًا
عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ إلَّا، وَمَا
بَعْدَهَا لَكِنَّ تَعْلِيلَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ
لَا يَظْهَرُ إلَّا فِيمَا بَعْدَ إلَّا لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فِيهِ
بِمُقْتَضَى دَعْوَاهَا فَقَدْ حَلَّتْ لِغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يَقِينًا
لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ فَحِينَئِذٍ الِاحْتِيَاطُ أَنْ
يُطَلِّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِيمَا قَبْلَ إلَّا
فَيَحْتَاجُ لِتَعْلِيلٍ آخَرَ بِأَنْ يُقَالَ: الْوَرَعُ أَنْ
يُطَلِّقَهَا لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَدْ حَكَمَ
بِبَقَاءِ النِّكَاحِ فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ إمْسَاكُ
الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ فَالِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهِمَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ) أَيْ فِي النَّفْيِ
وَالْإِثْبَاتِ
(4/485)
وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ
وَرُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ.
(وَيَثْبُتُ هُوَ) أَيْ الرَّضَاعُ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ بِمَا يَأْتِي فِي
الشَّهَادَاتِ) مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَبِرَجُلٍ
وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ
بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَأَنَّ الْإِقْرَارِ
بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ
عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْضِعَةٍ لَمْ
تَطْلُبْ أُجْرَةً) لِلرَّضَاعِ (، وَإِنْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) كَأَنْ
قَالَتْ أَرْضَعْتهمَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فِي ذَلِكَ
بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ؛ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ
وَالْمِيرَاثُ وَسُقُوطُ الْقَوَدِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا فِي
الْحَقِيقَةِ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الرَّضِيعُ أَمَّا
إذَا طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهِ
بِذَلِكَ وَلَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ
مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ كَمَا
عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي (وَشَرْطُ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ وَقْتٍ)
لِلرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِي الرَّضِيعِ
وَعَمَّا قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ فِي الْمُرْضِعَةِ وَعَمَّا بَعْدَ
الْمَوْتِ فِيهِمَا (وَعَدَدٌ) لِلرَّضَعَاتِ احْتِرَازًا عَمَّا دُونَ
خَمْسٍ (وَتَفْرِقَةٌ) لَهَا احْتِرَازًا عَنْ إطْلَاقِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَيْ فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ تَارَةً عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَأُخْرَى
عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ،
وَصُورَةُ حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ:
فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ، وَصُورَةُ حَلِفِهِ عَلَى النَّفْيِ
ذَكَرَهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَكْسُهُ حَلَفَ إلَخْ وَصُورَةُ
حَلِفِهَا عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا
حَلَفَتْ، وَعَلَى النَّفْيِ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ
تَحْلِيفُهَا قَبْلَ وَطْءٍ، وَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ
الصُّوَرَ الْأَرْبَعَةَ فِي الشَّارِحِ وَالْمَتْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا
وَجْهَ لِاسْتِشْكَالِ الْحَلَبِيِّ تَصْوِيرَ حَلِفِ الزَّوْجِ عَلَى
الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ
لَيْسَتْ فِي الْمَتْنِ، وَكَلَامُهُ مَعَ الْمَتْنِ فَقَطْ، وَرَدَ
عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَشْكِلَ أَيْضًا
تَصْوِيرَ حَلِفِهَا عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ
فِي الْمَتْنِ بَلْ فِي الشَّرْحِ كَمَا عَلِمْت.
وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهِمَا الرَّجُلُ إلَخْ اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ
فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى الرَّضَاعَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً لَهُ
بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَحْلِفُ فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي حِسْبَةً عَلَى
غَائِبٍ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ رَضَاعًا مُحَرِّمًا
فَالشَّاهِدُ حِسْبَةً لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا يُصَوَّرُ ذَلِكَ
بِمَا إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالرَّضَاعِ وَأَنْكَرَتْ، وَكَانَ قَدْ
دَخَلَ فَيَخْتَلِفَانِ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَحْلِفُ عَلَى
الْبَتِّ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ م ر وَحَلَفَ مُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ، وَقَوْلُهُ الشَّارِحُ
رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً مُصَوَّرٌ فِي الرَّجُلِ بِمَا لَوْ ادَّعَى
عَلَى غَائِبٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ
فُلَانَةَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَحَلَفَ مَعَهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ
فَتَكُونُ عَلَى الْبَتِّ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ أَوْ
الْمُدَّعِي إلَخْ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا ادَّعَتْ مُزَوَّجَةٌ
بِالْإِجْبَارِ ثُمَّ سَبَقَ مِنْهَا مُنَافٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا مَا
فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فَلَوْ نَكَلَتْ وَرُدَّتْ
الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ وَلَا يُعَارِضُهُ
قَوْلُهُمْ يَحْلِفُ مُنْكِرُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ إذْ مَحَلُّهُ فِي
الْيَمِينِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ
الْيَمِينِ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَحَلَفَ مُنْكِرُ
رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمٍ أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الْمُنْكِرِ يَحْلِفُ
عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ أَصْلِيَّةً أَمَّا إذَا
كَانَتْ مَرْدُودَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُهَا عَلَى الْبَتِّ كَمَا صَرَّحَ
بِهَذَا التَّقْيِيدِ م ر لَكِنَّ صُورَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ الْيَمِينَ
الْمَرْدُودَةَ عَلَى الْبَتِّ فِيمَا إذَا كَانَ مُنْكِرًا لِلرَّضَاعِ
تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا حَلَفَتْ أَيْ فَلَوْ رُدَّتْ
الْيَمِينُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُهَا عَلَى
الْبَتِّ مَعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلرَّضَاعِ، وَأَمَّا صُورَةُ حَلِفِهَا
لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ عَلَى الْبَتِّ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ لِلرَّضَاعِ
فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ، وَلَا مِنْ الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ
حَلِفِهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ مُنْكِرَةً لِلرَّضَاعِ ذَكَرَهَا
الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الْوَطْءِ إلَخْ
وَذَكَرَ رَدَّهَا لِهَذِهِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَيْ الزَّوْجِ
بِقَوْلِهِ: فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مُدَّعٍ
لِلرَّضَاعِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْحَلِفِ
عَلَى الْإِثْبَاتِ؛ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ م ر فِي تَصْوِيرِ حَلِفِ
الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ فِي النَّفْيِ عَلَى الْبَتِّ عَلَى حَلِفِ
الزَّوْجِ الْيَمِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا هِيَ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا
كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلرَّضَاعِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ) أَيْ، وَإِنْ
تَعَمَّدَا النَّظَرَ لِثَدْيِهَا لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ
مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ لَا يَضُرُّ إدْمَانُهَا حَيْثُ غَلَبَتْ
طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ
شَهَادَتِهِمَا فَقْدُ النِّسَاءِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ
الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِيمَا يُقْبَلُونَ فِيهِ فَقْدُ الثَّانِي
مِنْ الرَّجُلَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ
بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي
الشُّرْبِ مِنْ ظَرْفٍ لَمْ يُقْبَلْنَ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ يَطَّلِعُونَ
عَلَيْهِ غَالِبًا نَعَمْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ مَا فِي الظَّرْفِ لَبَنُ
فُلَانَةَ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْحَلْبِ غَالِبًا
اهـ شَرْحُ م ر.
وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي الشَّهَادَاتِ (قَوْلُهُ:
لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَفْصِيلُ
الْمُقِرِّ، وَلَوْ عَامِّيًّا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ
فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي
الشَّاهِدِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَتْمِيمًا لِمَا
يَثْبُتُ بِهِ الرَّضَاعُ فَلَا يُنَافِي ذِكْرَهَا فِي الشَّهَادَةِ مَعَ
أَنَّهُ مَحَلُّهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ
مُرْضِعَةٍ) أَيْ مَعَ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ أُخْرَى
وَرَجُلٍ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا اهـ زي
(قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا طَلَبٌ
أَصْلًا أَوْ سَبَقَ طَلَبُهَا وَأَخَذَتْهَا، وَلَوْ تَبَرُّعًا مِنْ
الْمُعْطِي اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: إنْ
لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً أَيْ لَمْ تَذْكُرْ حَالَ شَهَادَتِهَا
اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ لَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةً بِأَنْ سَكَتَتْ
عَنْهَا وَلَا يَضُرُّ طَلَبُهَا لَهَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَلَا
قَبْلَهَا اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ) أَيْ
فِيمَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ مَعَ
ثَلَاثَةٍ غَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ
(4/486)
بِاعْتِبَارِ مَصَّاتِهِ أَوْ تَحَوُّلِهِ مِنْ أَحَدِ ثَدْيَيْهَا إلَى
الْآخَرِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ
تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ، وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ (وَوُصُولُ
لَبَنٍ جَوْفَهُ) احْتِرَازًا عَمَّا لَمْ يَصِلْهُ (وَيُعْرَفُ) وُصُولُهُ
(بِنَظَرِ حَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَإِيجَارٍ وَازْدِرَادٍ) أَوْ
قَرَائِنَ كَامْتِصَاصٍ مِنْ ثَدْيٍ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ
أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ أَمَّا قَبْلَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ
أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي
أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ
بِالشَّهَادَةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ
الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ فَلَا يُقِرُّ
إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ. |