فتوحات
الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل (كِتَابُ الْجِزْيَةِ) تُطْلَقُ عَلَى
الْعَقْدِ وَعَلَى الْمَالِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ
الْمُجَازَاةِ لِكَفِّنَا عَنْهُمْ وَقِيلَ مِنْ الْجَزَاءِ بِمَعْنَى
الْقَضَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ
نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أَيْ لَا تَقْضِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ
الْإِجْمَاعِ آيَةُ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}
[التوبة: 29] وَقَدْ «أَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَقَالَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ
الْكِتَابِ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ كَمَا
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي أَخْذِهَا
مَعُونَةً لَنَا وَإِهَانَةً لَهُمْ وَرُبَّمَا يَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى
الْإِسْلَامِ وَفُسِّرَ إعْطَاءُ الْجِزْيَةِ فِي الْآيَةِ بِالْتِزَامِهَا
وَالصَّغَارُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا (أَرْكَانُهَا) خَمْسَةٌ (عَاقِدٌ
وَمَعْقُودٌ لَهُ وَمَكَانٌ وَمَالٌ وَصِيغَةٌ وَشَرْطٌ فِيهَا) أَيْ فِي
الصِّيغَةِ (مَا) مَرَّ فِي شَرْطِهَا (فِي الْبَيْعِ) مِنْ نَحْوِ
اتِّصَالِ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا مُؤَقَّتَةٌ أَوْ
مُعَلَّقَةٌ وَذِكْرُ الْجِزْيَةِ وَقَدْرِهَا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ
فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَفْيَدُ مِمَّا عُبِّرَ بِهِ (وَهِيَ) أَيْ
الصِّيغَةُ إيجَابًا (كَأَقْرَرْتُكُمْ أَوْ أَذِنْت فِي إقَامَتِكُمْ
بِدَارِنَا) مَثَلًا (عَلَى أَنْ تَلْتَزِمُوا كَذَا) جِزْيَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ نُبِذَ الصُّلْحُ وَبَلَغُوا الْمَأْمَنَ) بِأَنْ يُرَدُّوا إلَى
الْقَلْعَةِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُوا الْقِتَالَ لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَنَعَ
الْوَفَاءَ بِمَا شَرَطْنَاهُ قَبْلَهُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ
وَإِنْ رَضَوْا بِتَسْلِيمِهَا إلَخْ) قَالَ سم لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا
كَانَتْ رَقِيقَةً وَإِلَّا فَدُخُولُهَا فِي الْأَمَانِ يَمْنَعُ
اسْتِرْقَاقَهَا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ)
وَهُوَ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّتْ مُعَاقَدَتُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ
الْمُعْتَمَدُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا الْمُسْلِمُ فَلَا تَجُوزُ مَعَهُ هَذِهِ
الْمُعَاقَدَةُ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ لِأَنَّ فِيهَا أَنْوَاعًا مِنْ
الْغَرَرِ وَاحْتُمِلَتْ مَعَ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقِلَاعِهِمْ
وَطُرُقِهِمْ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا أَيْضًا مَعَهُ كَمَا رَجَّحَهُ
الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَضَى كَلَامُ
الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الْغَنِيمَةِ اعْتِمَادَهُ فَيُعْطَاهَا
إنْ وَجَدْنَاهَا حَيَّةً وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ
الظَّفَرِ فَلَهُ قِيمَتُهَا انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَتَعْيِينُ الْقَلْعَةِ إلَخْ) التَّعْيِينُ ضَعِيفٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْقَلْعَةُ مُعَيَّنَةً أَمْ
مُبْهَمَةً مِنْ قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ
الْمَذْكُورَتَيْنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ
بَعْدَ الْعَقْدِ.
[كِتَابُ الْجِزْيَةِ]
(كِتَابُ الْجِزْيَةِ) وَجْهُ تَعْقِيبِ الْجِهَادِ بِهَا أَنَّ اللَّهَ
تَعَالَى غَيَّا الْقِتَالَ بِإِعْطَائِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى
يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] وَجَمْعُهَا جِزًى كَفِدْيَةٍ وَفِدًى
بِالْفَاءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِخَرَاجٍ مَجْعُولٍ عَلَى
أَهْلِ الذِّمَّةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا جَزَتْ أَيْ كَفَتْ عَنْ
الْقَتْلِ وَشَرْعًا مَالٌ يَلْتَزِمُهُ الْكَافِرُ بِعَقْدٍ مَخْصُوصٍ اهـ
ز ي (قَوْلُهُ أَيْ لَا تَقْضِي) أَيْ لَا تُغْنِي اهـ سم قَالَ ع ش
وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْجِزْيَةَ أَغْنَتْهُمْ عَنْ
مُحَارَبَتِنَا لَهُمْ لَكِنَّ هَذَا فِي الْمَعْنَى قَرِيبٌ مِمَّا
قَبْلَهُ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ) وَمَشْرُوعِيَّتُهَا
مُغْيَاةٌ بِنُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ
ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ شُبْهَةٌ بِحَالٍ فَلَمْ
يُقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ وَهَذَا مِنْ شَرْعِنَا لِأَنَّهُ
يَنْزِلُ حَاكِمًا بِهِ مُتَلَقِّيًا لَهُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَوْ
عَنْ اجْتِهَادٍ مُسْتَمَدًّا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ
الْمَذَاهِبَ فِي زَمَنِهِ لَا يُعْمَلُ مِنْهَا إلَّا بِمَا يُوَافِقُ مَا
يَرَاهُ إذْ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ
وَاجْتِهَادُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا
يُخْطِئُ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَهُوَ كَالنَّصِّ وَلَا يَجُوزُ
الِاجْتِهَادُ مَعَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَخَذَهَا
النَّبِيُّ إلَخْ) (قَاعِدَةٌ) مَا حَرُمَ فِعْلُهُ حَرُمَ طَلَبُهُ إلَّا
فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا ادَّعَى دَعْوَى صَادِقَةً فَأَنْكَرَ
الْغَرِيمُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ الثَّانِيَةُ الْجِزْيَةُ يَجُوزُ طَلَبُهَا
مِنْ الذِّمِّيِّ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إعْطَاؤُهَا لِأَنَّهُ
مُتَمَكِّنٌ مِنْ إزَالَةِ الْكُفْرِ بِالْإِسْلَامِ فَإِعْطَاؤُهُ
إيَّاهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى اسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَهُوَ
حَرَامٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ لِلسُّيُوطِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ سُنُّوا بِهِمْ) أَيْ اُسْلُكُوا بِهِمْ سُنَّةً أَيْ طَرِيقَةً
اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ) هُمْ نَصَارَى وَهُمْ أَوَّلُ
مَنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ
اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْإِسْلَامِ)
عَلَّلَ بَعْضُهُمْ حَمْلَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَا فِيهَا مِنْ
مُخَالَطَةِ الْمُسْلِمِينَ وَرُؤْيَةِ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالصَّغَارُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا) وَذَلِكَ
لِأَنَّ الشَّخْصَ إذَا كُلِّفَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ سُمِّيَ ذَلِكَ
صَغَارًا عُرْفًا وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي التَّوَقُّفَ عَلَى اشْتِرَاطِ
الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ قَالَ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ وَإِنْ
لَمْ يُذْكَرْ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالُوا وَأَشَدُّ الصَّغَارِ عَلَى
الْمَرْءِ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ وَيُضْطَرُّ إلَى
احْتِمَالِهِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تِلْكَ
الْأَحْكَامَ الَّتِي يَلْتَزِمُونَهَا فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ
الْآتِي لِحُكْمِنَا الَّذِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ اهـ وَلَعَلَّ
هَذَا وَجْهُ تَعْبِيرِهِ بِقَالُوا اهـ سم (قَوْلُهُ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا
مُؤَقَّتَةٌ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلشَّرْطِ بِلَازِمِهِ إذْ الشَّرْطُ عَدَمُ
التَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ وَفِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَازِمٌ
لِنَقِيضِ الشَّرْطِ لَا لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ
كَأَقْرَرْتُكُمْ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةُ هَذِهِ
الْأَشْيَاءِ وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ هُنَا لَفْظًا وَلَوْ قِيلَ إنَّ
كِنَايَاتِ الْأَمَانِ لَوْ ذُكِرَ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا إلَخْ
تَكُونُ كِنَايَةً هُنَا لَمْ يَبْعُدْ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ بِدَارِنَا مَثَلًا) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ
الْإِقَامَةُ بِدَارِنَا بَلْ لَوْ رَضَوْا بِالْجِزْيَةِ وَهُمْ
مُقِيمُونَ بِدَارٍ الْحَرْبِ صَحَّتْ ثُمَّ الْمُرَادُ بِدَارِنَا غَيْرُ
الْحِجَازِ لِمَا يَأْتِي اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِدَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرُ الْحِجَازِ لَكِنْ لَا
يُشْتَرَطُ
(5/211)
(وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِنَا) الَّذِي
يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَزِنًا وَسَرِقَةٍ دُونَ غَيْرِهِ كَشُرْبِ
مُسْكِرٍ وَنِكَاحِ مَجُوسٍ مَحَارِمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ
وَالِانْقِيَادَ كَالْعِوَضِ عَنْ التَّقْرِيرِ فَيَجِبُ ذِكْرُهُمَا
كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَقَبُولًا نَحْوَ (قَبِلْنَا وَرَضِينَا)
وَعُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الِانْقِيَادِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ
ذِكْرُ كَفِّ لِسَانِهِمْ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينِهِ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الِانْقِيَادِ
غَنِيَّةً عَنْهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ صِحَّةِ التَّأْقِيتِ
السَّابِقِ مَا لَوْ قَالَ أَقْرَرْتُكُمْ مَا شِئْتُمْ لِأَنَّ لَهُمْ
نَبْذَ الْعَقْدِ مَتَى شَاءُوا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّصْرِيحُ
بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ لَا تَصِحُّ بِهَذَا
اللَّفْظِ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ عَقْدَهَا عَنْ مَوْضُوعِهِ مِنْ كَوْنِهِ
مُؤَقَّتًا إلَى مَا يَحْتَمِلُ تَأْبِيدَهُ الْمُنَافِيَ لِمُقْتَضَاهُ.
(وَصُدِّقَ كَافِرٌ) وُجِدَ فِي دَارِنَا (فِي) قَوْلِهِ (دَخَلْت
لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ رَسُولًا أَوْ بِأَمَانِ
مُسْلِمٍ) فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ لِأَنَّ قَصْدَ ذَلِكَ يُؤَمِّنُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
التَّنْصِيصُ عَلَى إخْرَاجِهِ حَالَ الْعَقْدِ اكْتِفَاءً
بِاسْتِثْنَائِهِ شَرْعًا وَإِنْ جَهِلَهُ الْعَاقِدَانِ فِيمَا يَظْهَرُ
انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِنَا) أَيْ لِكُلِّ حُكْمٍ مِنْ
أَحْكَامِنَا غَيْرَ نَحْوِ الْعِبَادَاتِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ
الَّذِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ) ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ
هَذِهِ الْهَاءَ عَائِدَةٌ عَلَى الْحُكْمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُؤَوَّلْ
الْحُكْمُ بِالْمَحْكُومِ بِهِ.
وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ
الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا مَا
يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِ وَلَا
يُعْتَبَرُ فِيهِ رِضَاهُمْ وَذَلِكَ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَأَمَّا
مَا يَسْتَحِلُّونَهُ كَحَدِّ الشُّرْبِ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ فِي
الْأَصَحِّ وَإِنْ رَضَوْا بِحُكْمِنَا اهـ سم (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ
الْجِزْيَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ
لِهَذَا أَيْ قَوْلِهِ وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِنَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ
مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِهَا لِأَنَّهُ مَعَ الْجِزْيَةِ عِوَضٌ عَنْ
تَقْرِيرِهِمْ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةَ فِي
الْإِجَارَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَقَبُولًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ
وَشَرْحِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ دَالٍّ عَلَى الْقَبُولِ وَيُكْتَفَى
بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ
اهـ سم وَأَفْهَمَ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ
دَارَنَا ثُمَّ عَلِمْنَاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ سَكَنَ
دَارًا مُدَّةً غَصْبًا لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ اهـ شَرْحُ
م ر.
(فَرْعٌ) إذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْإِمَامِ
أَوْ نَائِبِهِ لَمْ يَجُزْ اغْتِيَالُهُ بَلْ يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ فَإِنْ
لَبِثَ فِيهَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ لَزِمَهُ دِينَارٌ كُلَّ سَنَةٍ أَوْ
بِعَقْدِ الْآحَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَفِي الْفَرْقِ نَظَرٌ اهـ عب
اهـ سم وَفِي شَرْحِ م ر وَلَوْ فَسَدَ عَقْدُهَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ
نَائِبِهِ لَزِمَ لِكُلِّ سَنَةٍ دِينَارٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّهَا بِخِلَافِ
مَا لَوْ بَطَلَ كَأَنْ صَدَرَ مِنْ الْآحَادِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ
شَيْءٌ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ لَنَا مَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ
الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ سِوَى الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ اهـ وَهِيَ
الْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَيَضُمُّ إلَيْهَا
هَذَا تَصِيرُ خَمْسَةً اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْ
اشْتِرَاطِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْجَوَابُ عَمَّا
يُقَالُ إنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ كَفِّ لِسَانِهِمْ
عَنْ السَّبِّ وَأَنْتَ لَمْ تَذْكُرْهُ فَلَمْ تُوفِ بِمَا فِي الْأَصْلِ
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ كَفِّ لِسَانِهِمْ إلَخْ) أَقُولُ
وَلَا يُنَافِي فِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ سَبُّوا اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَإِنَّ شَرْطَ انْتِقَاضِ الْعَهْدِ بِذَلِكَ انْتَقَضَ
وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ كَفَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ
يَلْزَمُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِاشْتِرَاطِهِ وَأَمَّا انْتِقَاضُ
عَهْدِهِمْ بِذَلِكَ فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِلُزُومِ ذَلِكَ لَهُمْ بَلْ
وَلَا بِالتَّصْرِيحِ فِي الْعَقْدِ بِاشْتِرَاطِ كَفِّهِمْ بَلْ لَا بُدَّ
مِنْ التَّصْرِيحِ فِي الْعَقْدِ بِاشْتِرَاطِ الِانْتِقَاضِ بِهِ اهـ سم
(قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الِانْقِيَادِ غَنِيَّةً عَنْهُ) فِيهِ
أَنَّهُمْ إنَّمَا يَنْقَادُونَ لِحُكْمِنَا فِيمَا يَعْتَقِدُونَ
تَحْرِيمَهُ فَإِنْ كَانُوا يَرَوْنَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا
فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّصْرِيحُ
بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) بِخِلَافِ مَا شِئْت أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ اهـ ح
ل أَوْ مَا شِئْنَا أَوْ مَا شَاءَ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ
فِي ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ كَافِرٌ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَعَلُّقَ
لَهَا بِالْجِزْيَةِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهَا فِي مَتْنِ الرَّوْضِ فَرْعًا
مُسْتَقِلًّا.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَصُدِّقَ كَافِرٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ
كِتَابٌ أَوْ لَا سَوَاءٌ جَاءَ فِي مَصْلَحَةٍ أَوْ لَا بِدَلِيلِ قِصَّةِ
رُسُلِ مُسَيْلِمَةَ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي
نُسِبَ إلَيْهِ التَّأْمِينُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا مُصَدِّقًا أَوْ
مُكَذِّبًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي
حَالَةِ التَّكْذِيبِ ثُمَّ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ
تَعْلَمُ أَنَّ قَصْدَ الدُّخُولِ لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مُؤَمَّنٌ
وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ لَهُ إذْنٌ فِي الدُّخُولِ نَبَّهَ عَلَيْهِ
الْمَاوَرْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ (قَوْلُهُ فِي قَوْلِهِ دَخَلْت
لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ) وَيُمَكَّنُ فِي هَذِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ
وَحُضُورِ مَجَالِسِ الْعِلْمِ قَدْرًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِإِزَالَةِ
الشُّبْهَةِ فِيهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ شَرْحُ م
ر.
وَفِي سم مَا نَصُّهُ لَكِنَّ مَنْ زَعَمَ الدُّخُولَ لِسَمَاعِ كَلَامِ
اللَّهِ نُمْهِلُهُ مَجَالِسَ يَقَعُ الِاهْتِدَاءُ فِيهَا عَادَةً فَإِنْ
أَرَادَ زِيَادَةً قُلْنَا لَهُ لَا خَيْرَ فِيك وَنُخْرِجُهُ وَلَوْ كَانَ
ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ
اهـ عَمِيرَةُ اهـ خَرَجَ بِقَوْلِهِ دَخَلْت لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ
مَا لَوْ قَالَ دَخَلْت لِلتِّجَارَةِ وَظَنَنْت أَنَّ قَصْدَهَا أَمَانٌ
فَإِنَّا نُقَاتِلُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ رَسُولًا) أَيْ أَوْ
دَخَلْت رَسُولًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَوْ لَا اهـ س ل (قَوْلُهُ
أَوْ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ) أَيْ وَإِنْ عَيَّنَ الْمُسْلِمَ وَكَذَّبَهُ اهـ
سم أَيْ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ اهـ ع ش وَالْمُرَادُ مُسْلِمٌ يَصِحُّ
تَأْمِينُهُ اهـ شَرْحُ م ر قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا عِبْرَةَ بِأَمَانِ
الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ اهـ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا
يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُبَلَّغُ
الْمَأْمَنَ فِي الْجُمْلَةِ فَفِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْأَمَانِ إنْ
أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ فَظَنَّ صِحَّتَهُ بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ
اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ
(5/212)
وَالْغَالِبُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا
يَدْخُلُ بِلَادَنَا إلَّا بِأَمَانٍ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ نَدْبًا
نَعَمْ إنْ اُدُّعِيَ ذَلِكَ بَعْدَ أَسْرِهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا
بِبَيِّنَةٍ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْعَاقِدِ كَوْنُهُ إمَامًا) يَعْقِدُ بِنَفْسِهِ أَوْ
نَائِبِهِ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ
الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ فَتَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ لَكِنْ لَا
يُغْتَالُ الْمَعْقُودُ لَهُ بَلْ يُبَلَّغُ مَأْمَنَهُ (وَعَلَيْهِ
إجَابَةٌ إذَا طَلَبُوا وَأَمِنَ) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ غَائِلَتَهُمْ
وَمَكِيدَتَهُمْ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ جَاسُوسًا
يَخَافُ شَرَّهُ لَمْ يُجِبْهُمْ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ
عَنْ بُرَيْدَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ
إلَى أَنْ قَالَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ
أَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ» وَيُسْتَثْنَى الْأَسِيرُ
إذَا طُلِبَ عَقْدُهَا فَلَا يَجِبُ تَقْرِيرُهُ بِهَا وَقَوْلِي وَأَمِنَ
أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا جَاسُوسًا يَخَافُهُ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَعْقُودِ لَهُ كَوْنُهُ مُتَمَسِّكًا بِكِتَابٍ)
كَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد
سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُتَمَسِّكُ كِتَابِيًّا وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ
بِأَنْ اخْتَارَهُ أَمْ مَجُوسِيًّا (لِجَدٍّ) لَهُ (أَعْلَى لَمْ
نَعْلَمْ) نَحْنُ (تَمَسُّكَهُ بِهِ بَعْدَ نَسْخِهِ) بِأَنْ عَلِمْنَا
تَمَسُّكَهُ بِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَكْنَا فِي وَقْتِهِ
وَلَوْ كَانَ تَمَسُّكُهُ بِهِ بَعْدَ التَّبْدِيلِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ
يَجْتَنِبْ الْمُبْدَلَ مِنْهُ وَذَلِكَ لِلْآيَةِ وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ
السَّابِقَيْنِ وَتَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا
تَمَسُّكَ الْجَدِّ بِهِ بَعْدَ نَسْخِهِ كَمَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ
عِيسَى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَا تُعْقَدُ
الْجِزْيَةُ لِفَرْعِهِ لِتَمَسُّكِهِ بِدَيْنٍ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ وَلَا
لِمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ
وَالشَّمْسِ وَالْمَلَائِكَةِ وَحُكْمُ السَّامِرَةِ وَالصَّابِئَةِ هُنَا
كَهُوَ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنْ يُشْكِلَ أَمْرُهُمْ فَيُقِرُّونَ
بِالْجِزْيَةِ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ
تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ (حُرًّا ذَكَرًا غَيْرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ)
وَلَوْ سَكْرَانًا وَزَمِنًا وَهَرِمًا وَأَعْمَى وَرَاهِبًا وَأَجِيرًا
وَفَقِيرًا لِأَنَّ الْجِزْيَةَ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَلِأَنَّهَا تُؤْخَذُ
لِحَقْنِ الدَّمِ فَلَا جِزْيَةَ عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى
وَخُنْثَى وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَحْقُونُ
الدَّمِ وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ فِي الذُّكُورِ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَأْخُذُوا
الْجِزْيَةَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَوْ طَلَبَ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةُ عَقْدَ
الذِّمَّةِ بِالْجِزْيَةِ أَعْلَمَهُمَا الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَا جِزْيَةَ
عَلَيْهِمَا فَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ
بِأَمَانِ مُسْلِمٍ وَمَا قَبْلَهُ عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ
هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّ مُسْلِمًا
أَمَّنَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَاجَعْت الطَّبَلَاوِيَّ
فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ وَيُحْمَلُ التَّعْلِيلُ عَلَى
الْغَالِبِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ
أَسْرِهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَسَرْنَاهُ وَدَخَلَ تَحْتَ قَهْرِنَا
قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَيْ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ
مِنْ الْأَسْرِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مِنْ غَيْرِهِ) لَكِنْ لَا شَيْءَ عَلَى
الْمَعْقُودِ لَهُ وَإِنْ أَقَامَ سَنَةً فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْعَقْدَ
لَغْوٌ اهـ رَوْضٌ اهـ سم أَيْ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ
وَمَكِيدَتَهُمْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوْ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ لِأَنَّ
الْمَكِيدَةَ الْأَمْرُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ
اهـ عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ جَاسُوسًا) وَهُوَ
صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ بِخِلَافِ النَّامُوسِ فَهُوَ صَاحِبُ سِرِّ
الْخَيْرِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَمْ يُجِبْهُمْ) هَلْ الْمُرَادُ لَمْ
تَجِبْ إجَابَتُهُمْ أَوْ لَمْ تَجُزْ يَنْبَغِي الثَّانِي عِنْدَ ظَنِّ
الضَّرَرِ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ طب اهـ سم (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ
تَقْرِيرُهُ) لَكِنْ يَجُوزُ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ لِأَنَّ بَذْلَهَا
يَقْتَضِي حَقْنَ الدَّمِ كَمَا لَوْ بَذَلَهَا قَبْلَ الْأَسْرِ وَجَازَ
اسْتِرْقَاقُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ تَقْرِيرُهُ أَيْ بَلْ
تَحْرُمُ الْإِجَابَةُ حَيْثُ لَمْ يَأْمَنْ غَائِلَتَهُ وَيَحْرُمُ
قَتْلُهُ إذَا طَلَبَ الْجِزْيَةَ وَيَجُوزُ إرْقَاقُهُ وَغُنْمُ مَالِهِ
اهـ سم عَلَى حَجّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ كَوْنُهُ مُتَمَسِّكًا إلَخْ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ الْكِتَابِيِّ
لِأَنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِكِتَابٍ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَالْمُرَادُ
الْعُمُومُ (قَوْلُهُ وَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ) أَيْ لِأَنَّهَا كُلَّهَا
تُسَمَّى كُتُبًا فَانْدَرَجَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ} [البقرة: 101] وَشِيثِ بْنِ آدَمَ لِصُلْبِهِ اهـ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَمَسِّكُ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ
هَذِهِ الْكُتُبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَيَشْمَلُ كِتَابَ الْمَجُوسِ
الَّذِي رُفِعَ فَهُمْ وَإِنْ تَمَسَّكُوا بِكِتَابٍ لَكِنَّهُ لَا
يُسَمَّى كِتَابِيًّا إلَّا مَنْ تَمَسَّكَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
خَاصَّةً اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) وَلَوْ
الْأُمَّ اخْتَارَ الْكِتَابِيُّ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا وَفَارَقَ
كَوْنُ شَرْطِ حِلِّ نِكَاحِهَا اخْتِيَارَهَا الْكِتَابِيُّ بِأَنَّ مَا
هُنَا أَوْسَعُ وَمَا أَوْهَمَهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ اخْتِيَارَ
ذَلِكَ قَيْدٌ هُنَا أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ
قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ كِتَابِيًّا لَا لِتَقْرِيرِهِ اهـ شَرْحُ م ر
وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ ثَلَاثَ حَالَاتٍ إمَّا أَنْ يَخْتَارَ دَيْنَ
الْكِتَابِيِّ أَوْ الْوَثَنِيِّ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا فَيُقَرَّرُ
فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ هَذَا
مُحَصِّلُ مَا اعْتَمَدَهُ حَجّ م ر عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ لِجَدٍّ لَهُ أَعْلَى) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَ
يُنْسَبُ لِلنَّبِيِّ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّ وَجْهَ
نِسْبَتِهِ لِلْجَدِّ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ اُشْتُهِرَ تَمَسُّكُهُ بِهِ
مِنْ أَجْدَادِ ذَلِكَ الْكَافِرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْلَى هُنَا
مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي يَشْتَهِرُ انْتِسَابُ
الرَّجُلِ إلَيْهِ وَيُعَدُّ قُبَيْلَهُ اهـ (قَوْلُهُ لَمْ نَعْلَمْ
تَمَسُّكَهُ بِهِ بَعْدَ نَسْخِهِ) قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ يُرَدُّ
عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي إذَا تَهَوَّدَ الْأَصْلُ
أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ لَكِنْ انْتَقَلَتْ ذُرِّيَّتُهُ عَنْ
دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا
تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ
أَنَّهُمْ مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ
غَالِبًا إلَّا مِنْهُمْ اهـ ز ي
(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا تَمَسُّكَ الْجَدِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ
كَلَامِهِ أَنَّ الْمُضِرَّ دُخُولُ كُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ بَعْدَ
النَّسْخِ لَا أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ
بِدَلِيلِ عَقْدِهَا لِمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَثَنِيٌّ كَمَا يَأْتِي اهـ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى) أَيْ أَوْ
تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَهُوَ فِي النِّكَاحِ) أَيْ فَتُعْقَدُ لَهُمْ إنْ
لَمْ تُكَفِّرْهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَلَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي
أَصْلِ دِينِهِمْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش أَيْ فَحَيْثُ وَافَقُوهُمْ فِي الْأُصُولِ أُقِرُّوا
وَإِنْ خَالَفُوا فِي الْفُرُوعِ لَكِنْ قِيلَ إنَّهُمْ لَوْ كَفَّرَتْهُمْ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِالْفُرُوعِ الَّتِي خَالَفُوا فِيهَا لَا
تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ إلَّا
أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَبْنَى النِّكَاحِ الِاحْتِيَاطُ وَلَا كَذَلِكَ
هُنَا تَأَمَّلْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْكِلَ أَمْرُهُمْ)
لَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ فِيمَا مَرَّ أَيْ فَهُنَاكَ
يَضُرُّ الشِّرْكُ فِي الْمُخَالَفَةِ فِي
(5/213)
رَغِبَا فِي بَذْلِهَا فَهِيَ هِبَةٌ
وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَعْقُودُ لَهُ ذَكَرًا طَالَبْنَاهُ
بِجِزْيَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ
(وَتُلَفَّقُ إفَاقَةُ جُنُونٍ) أَيْ أَزْمِنَتُهَا إنْ (كَثُرَ)
الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ تَلْفِيقُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ
الْجِزْيَةُ اعْتِبَارًا لِلْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ
بِالْمُجْتَمِعَةِ وَخَرَجَ بِكَثُرَ مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ
كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ (وَلَوْ كَمَلَ) بِبُلُوغٍ أَوْ
إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ (عُقِدَ لَهُ إنْ الْتَزَمَ جِزْيَةً) فَلَا
يُكْتَفَى بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا
(بَلَغَ الْمَأْمَنَ) لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ مَتْبُوعِهِ
وَتَعْبِيرِي بِكَمَلَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلَغَ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَكَانِ قَبُولُهُ) لِلتَّقْرِيرِ (فَيُمْنَعُ
كَافِرٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (إقَامَةً بِالْحِجَازِ وَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْأُصُولِ وَهُنَا لَا يَضُرُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهِيَ هِبَةٌ) أَيْ
لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ
وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَعْقُودُ لَهُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا
بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا لَهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْقُودًا لَهُ
فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَرْبِيٍّ لَمْ نَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ
مُدَّةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ الْمَعْقُودُ لَهُ) بِأَنْ عُقِدَ عَلَى الْأَوْصَافِ
فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ تَنْعَقِدُ لَهُ الْجِزْيَةُ مَعَ أَنَّهَا
لَا تَجِبُ عَلَيْهِ حَالَ خُنُوثَتِهِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ
طَالَبْنَاهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ دِينَارٌ لِكُلِّ
سَنَةٍ اهـ س ل وَهَلْ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ فِي كُلِّ
سَنَةٍ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ مَحَلُّ ذَلِكَ
إذَا لَمْ يَدْفَعْ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي
الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ
أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ يَقَعُ جِزْيَةً هَكَذَا قَالَهُ
بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي الْأَوَّلُ وَالْأَقْرَبُ
مَا قَالَهُ شَيْخُنَا ز ي قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُعْطِي هِبَةً
لَا عَنْ الدَّيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ طَالَبْنَاهُ بِجِزْيَةٍ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ
أَنَّهُ عُقِدَ لَهُ بِمَالٍ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ
فَإِنْ لَمْ يُعْقَدْ فَلَا شَيْءَ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ فَكَمَا لَوْ
عُقِدَ لِلذَّكَرِ الصَّرِيحِ بِلَا مَالٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْ مَا
الْمَانِعُ مِنْ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى بِأَنْ يَعْقِدَ وَاحِدٌ
لِلْجَمِيعِ بِإِذْنِهِمْ وَمِنْهُمْ الْخُنْثَى عَلَى أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ
كَذَا ثُمَّ تَبَيَّنَتْ ذُكُورَتُهُ انْتَهَتْ وَيُصَوَّرُ الْعَقْدُ لَهُ
أَيْضًا بِمَا لَوْ طَلَبَ عَقْدَهَا فَعَقَدَهَا لَهُ الْإِمَامُ كَمَا
أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ رَغِبَا فِي بَذْلِهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ
الْقَلِيلِ هُنَا بِأَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُ الْجُنُونِ لَوْ لُفِّقَتْ لَمْ
تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ غَالِبًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَمْ تُقَابَلْ
بِأُجْرَةٍ لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ لَوْ
اُسْتُؤْجِرَ لَهَا إذْ يُتَسَامَحُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِالنَّظَرِ
لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْيَوْمُ وَنَحْوُهُ يُقَابَلُ
بِأُجْرَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَمَلَ عُقِدَ لَهُ إلَخْ) لَوْ كَمَلَ الْخُنْثَى
بِاتِّضَاحِ ذُكُورَتِهِ بَعْدَ أَنْ عُقِدَ لَهُ اسْتِقْلَالًا
فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ
وَيَتَبَيَّنُ اسْتِقْلَالُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَلَغَ
الْمَأْمَنَ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ
أَقْرَبُ بِلَادِ الْحَرْبِ مِنْ دَارِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا
فِي النَّصْرَانِيِّ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْيَهُودِيِّ فَلَا مَأْمَنَ
لَهُ نَعْلَمُهُ بِالْقُرْبِ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ بَلْ دِيَارُ
الْحَرْبِ كُلُّهُمْ نَصَارَى فِيمَا أَحْسَبُ وَهُمْ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ
مِنَّا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْيَهُودِيِّ اخْتَرْ لِنَفْسِك مَأْمَنًا
وَاللُّحُوقَ بِأَيِّ دِيَارِ الْحَرْبِ شِئْت اهـ رَشِيدِيٌّ وَإِذَا
مَضَتْ مُدَّةٌ عَلَى شَخْصٍ فِي دِيَارِنَا بِلَا عَقْدٍ فَالْمُتَّجَهُ
أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ سُكْنَاهُ بِدَارِنَا إذْ الْمُغَلَّبُ
فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا هُنَا أَقَلُّ الْجِزْيَةِ
اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ
هَذَا بِمَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ
إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ
لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الْقَبُولُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا
لَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ تَابِعًا لِأَمَانِ أَبِيهِ نَزَلَ بَعْدَ
بُلُوغِهِ مَنْزِلَةَ مَنْ مَكَثَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْإِمَامِ اهـ ع
ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ مَتْبُوعِهِ) شَامِلٌ
لِمَا إذَا كَانَ الْمَتْبُوعُ جَدًّا بَعِيدًا بِأَنْ مَاتَ الذِّمِّيُّ
وَخَلَفَ وَلَدًا فَبَلَغَ وَلَمْ يَبْذُلْ الْجِزْيَةَ ثُمَّ مَاتَ
وَخَلَفَ وَلَدًا بَلَغَ وَلَمْ يَبْذُلْ الْجِزْيَةَ بَعْدَ بُلُوغِهِ
ثُمَّ مَاتَ وَخَلَفَ وَلَدًا فَبَلَغَ وَلَمْ يَبْذُلْ الْجِزْيَةَ
فَيُبَلَّغْ الْمَأْمَنَ كَمَا ارْتَضَاهُ الطَّبَلَاوِيُّ فَعَلَى هَذَا
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِالْقَاهِرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَقَدَ لَهُمْ
الْإِمَامُ يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ لِأَنَّ أُصُولَهُمْ وَإِنْ بَعُدُوا
كَانَ لَهُمْ عَقْدٌ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ
ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ كَافِرٌ إقَامَةً إلَخْ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ
شِرَاءِ أَرْضٍ فِيهِ لَمْ يَقُمْ بِهَا قِيلَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَكِنَّ
الصَّوَابَ مَنْعُهُ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ
كَالْأَوَانِي وَآلَاتِ اللَّهْوِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَلَا يَتَّخِذُ الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الْحِجَازِ دَارًا وَإِنْ رُدَّ
بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمْنَعُونَ رُكُوبَ بَحْرِهِ
قَالَ الْقَاضِي وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمُقَامِ فِي الْمَرْكَبِ
أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالْبَرِّ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كَمَا
قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ وَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ
وَاحِدٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ أَمَّا إذَا
لَمْ يَأْذَنْ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَضْلًا عَنْ
الْإِقَامَةِ فِيهِ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْمَفْهُومِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ
اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْحِجَازِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَجْزِهِ
بِالْجِبَالِ وَالْحِجَارَةِ أَوْ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ نَجْدٍ
وَتِهَامَةَ أَوْ بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا
فِيهِ الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِنْ الْيَمَنِ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى
مُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ
مَشْرِقِهَا وَقَدْرُهُ مَسِيرَةُ نَحْوِ شَهْرٍ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ
وَسَدُومٍ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا مِنْ
أَقْصَى عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ طُولًا وَمِنْ جُدَّةَ وَمَا
وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى الشَّامِ عَرْضًا وَسُمِّيَتْ
جَزِيرَةً لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهَا أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةَ
وَالْفُرَاتِ وَبَحْرِ فَارِسَ وَبَحْرِ الْحَبَشَةِ
(5/214)
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ
وَطُرُقُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ (وَقُرَاهَا) كَالطَّائِفِ لِمَكَّةَ
وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ
الْجَرَّاحِ «آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» وَرَوَى
الشَّيْخَانِ خَبَرَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ»
وَمُسْلِمٌ خَبَرَ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ
الْعَرَبِ» وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ
وَتَعْبِيرِي بِالْإِقَامَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْتِيطَانِ
(فَلَوْ دَخَلَهُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ أَخْرَجَهُ) مِنْهُ لِعَدَمِ إذْنِهِ
لَهُ (وَعُزِّرَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) بِدُخُولِهِ لِجَرَاءَتِهِ
بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَهُ (وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ) فِي دُخُولِهِ
الْحِجَازَ غَيْرَ حَرَمِ مَكَّةَ (إلَّا
لِمَصْلَحَةٍ
لَنَا كَرِسَالَةٍ وَتِجَارَةٍ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ وَإِلَّا) بِأَنْ
لَمْ يَكُنْ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ (فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ إلَّا بِشَرْطِ
أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا كَالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ
بِحَسْبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا
مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقِيمُ) فِيهِ بَعْدَ الْإِذْنِ
لَهُ فِي دُخُولِهِ (إلَّا ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ غَيْرَ يَوْمَيْ
الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ
وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا ثُمَّ وَالْمُرَادُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَوْ
أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ أَيْ
وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَكَذَا فَلَا مَنْعَ
(فَإِنْ مَرِضَ فِيهِ وَشَقَّ نَقْلِهِ) مِنْهُ (أَوْ خِيفَ مِنْهُ)
مَوْتُهُ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضِهِ وَذِكْرُ الْخَوْفِ مِنْ زِيَادَتِي
(تُرِكَ) مُرَاعَاةً لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ وَإِلَّا نُقِلَ رِعَايَةً
لِحُرْمَةِ الدَّارِ وَتَقْيِيدِي التَّرْكَ فِي الْمَرِيضِ بِمَشَقَّةِ
نَقْلِهِ تَبِعْتُ فِيهِ الْأَصْلَ وَالْحَاوِي وَغَيْرَهُمَا وَهُوَ
فِقْهٌ حَسَنٌ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَاَلَّذِي
فِيهِمَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُنْقَلُ عَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ أَوْ لَا
وَعَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ
مُخْتَصَرُ وَالرَّوْضَةِ (فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ (وَشَقَّ نَقْلُهُ) مِنْهُ
لِتَقَطُّعِهِ أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ الْحِجَازِ أَوْ
نَحْوِ ذَلِكَ (دُفِنَ ثَمَّ) لِلضَّرُورَةِ نَعَمْ الْحَرْبِيُّ لَا
يَجِبُ دَفْنُهُ وَتُغْرَى الْكِلَابُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ
بِرَائِحَتِهِ وُورِيَ أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ نَقْلُهُ بِأَنْ سَهُلَ
قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فَيُنْقَلَ فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ (وَلَا يَدْخُلُ
حَرَمَ مَكَّةَ) وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْحَرَمِ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: 28] أَيْ فَقْرًا
بِمَنْعِهِمْ مِنْ الْحَرَمِ وَانْقِطَاعِ مَا كَانَ لَكُمْ بِقُدُومِهِمْ
مِنْ الْمَكَاسِبِ {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة:
28] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَلْبَ إنَّمَا يُجْلَبُ إلَى الْبَلَدِ لَا إلَى
الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ فَعُوقِبُوا
بِالْمَنْعِ مِنْ دُخُولِهِ بِكُلِّ حَالٍ (فَإِنْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
كَمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَالْيَمَامَةُ) وَهِيَ
مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْيَمَنِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ
وَمَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الطَّائِفِ اهـ ز ي سُمِّيَتْ بِاسْمِ الزَّرْقَاءِ
الَّتِي كَانَتْ تَنْظُرُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ شَرْحُ م
ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْيَمَامَةُ اسْمٌ لِأَرْضٍ وَاسِعَةٍ
يُنْسَبُ إلَيْهَا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ وَأَصْلُهَا اسْمٌ لِجَارِيَةٍ
زَرْقَاءَ كَانَتْ تَرَى مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
وَلِإِقَامَتِهَا بِتِلْكَ الْأَرْضِ سُمِّيَتْ بِهَا وَهِيَ حِجَازٌ كَمَا
ذُكِرَ وَقِيلَ يَمَنٌ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا اهـ
(قَوْلُهُ وَقُرَاهَا) أَيْ وَقُرَى الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَالْيَمَامَةُ
لَا قُرَى لَهَا اهـ ع ش قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
وَجَزَائِرُهَا وَسَوَاحِلُهَا وَلَوْ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ وَإِنْ أَوْهَمَ
خِلَافَهُ قَوْلُهُ وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ
آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ) أَيْ فِي شَأْنِ الْيَهُودِ وَإِلَّا فَقَدْ
صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ
الْأَعْلَى أَيْ أُرِيدُ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى قَالَ حَجّ قِيلَ هُوَ
أَعْلَى الْمَنَازِلِ كَالْوَسِيلَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجَنَّةِ
فَمَعْنَاهُ أَسْأَلُك يَا اللَّهُ أَنْ تُسْكِنَنِي أَعْلَى مَرَاتِبِ
الْجَنَّةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أُرِيدُ لِقَاءَك يَا اللَّهُ وَالرَّفِيقُ
مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِجَرَاءَتِهِ)
بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ وَالْمَدِّ وَبِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ
الرَّاءِ وَالْقَصْرِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ
شَيْءٍ مِنْهَا) لَوْ أَرْسَلَ الذِّمِّيُّ وَهُوَ بِدَارِنَا مَثَلًا
تِجَارَتَهُ إلَى الْحِجَازِ مَعَ مُسْلِمٍ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ دَخَلَ
هُوَ بِنَفْسِهِ فَيَشْتَرِطُ الْإِمَامُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهَا مَالَ
الطَّبَلَاوِيُّ إلَى أَنَّ ذَلِكَ كَدُخُولِهِ بِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ
فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا) أَيْ أَوْ مِنْ
ثَمَنِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) أَيْ مِنْ
كُلِّ نَوْعٍ دَخَلَ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِنَوْعٍ
أَوْ أَنْوَاعٍ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ الْأَنْوَاعِ مَرَّةً
وَاحِدَةً فَلَوْ بَاعَ مَا دَخَلَ بِهِ وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ فَاشْتَرَى
بِهِ شَيْئًا آخَرَ وَلَوْ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بِذَلِكَ
مَرَّةً أُخْرَى أُخِذَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبِعْ مَا دَخَلَ
بِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ بِهِ ثُمَّ عَادَ بِهِ وَدَخَلَ مَرَّةً
أُخْرَى بِعَيْنِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ اهـ سم وَفِي ع ش عَلَى م ر
قَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ كُلَّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ظَاهِرُهُ
وَإِنْ تَكَرَّرَ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَصْنَافُ
الَّتِي يَدْخُلُونَ بِهَا وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً بِاخْتِلَافِ عَدَدِ
مَرَّاتِ الدُّخُولِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى
دُونَ مَا عَدَاهَا أَوْ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الْإِمَامُ
أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فَلْيُرَاجَعْ وَلَوْ قِيلَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ
صِنْفٍ جَاءُوا بِهِ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُمْ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ
لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ بَيْعِهِمْ عَلَيْنَا
وَدُخُولِهِمْ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ
فِقْهٌ حَسَنٌ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ حَرَمَ
مَكَّةَ) وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ
وَمِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ وَالطَّائِفِ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْ
طَرِيقِ الْجِعْرَانَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ عَلَى
عَشَرَةٍ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ بَذَلَ مَالًا
لِيَدْخُلَ الْحَرَمَ حَرُمَتْ إجَابَتُهُ فَإِنْ أُجِيبَ وَوَصَلَ
الْمَوْضِعَ الَّذِي عَيَّنَهُ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى لَا أُجْرَةُ
الْمِثْلِ إلَّا إنْ زَادَتْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ وَصَلَ دُونَهُ
فَقِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى اهـ سم (قَوْلُهُ {فَلا يَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ
مَوْضِعٍ أُطْلِقَ فِيهِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامَ فَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ
الْحَرَمِ إلَّا فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ} [البقرة: 144] اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ)
عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَخْرَجُوا
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُفْرِهِمْ عُوقِبَ
جَمِيعُ الْكُفَّارِ بِمَنْعِهِمْ مِنْهُ مُطْلَقًا وَإِنْ دَعَتْ لِذَلِكَ
ضَرُورَةٌ كَمَا فِي الْأُمِّ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ يَجُوزُ
لِلضَّرُورَةِ كَطَبِيبٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَحَمْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ عَلَى
مَا إذَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ
لَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ
(5/215)
رَسُولًا خَرَجَ لَهُ إمَامٌ) بِنَفْسِهِ
أَوْ نَائِبُهُ (يَسْمَعُهُ فَإِنْ مَرِضَ أَوْ مَاتَ فِيهِ نُقِلَ) مِنْهُ
وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ أَوْ دُفِنَ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ
لِتَعَدِّيهِ وَلِأَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ قَابِلٍ لِذَلِكَ بِالْإِذْنِ
فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ نَعَمْ إنْ تَهَرَّى بَعْدَ دَفْنِهِ
تُرِكَ وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ
لِاخْتِصَاصِهِ بِالنُّسُكِ وَفِيهِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «لَا يَحُجُّ
بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ» وَأَمَّا غَيْرُ الْحِجَازِ فَلِكُلِّ كَافِرٍ
دُخُولُهُ بِأَمَانٍ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَال عِنْدَ قُوتِنَا كَوْنُهُ دِينَارًا فَأَكْثَرَ
كُلَّ سَنَةٍ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ خُذْ مِنْ كُلِّ
حَالِمٍ أَيْ مُحْتَلِمٍ دِينَارًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ
وَصَحَّحَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
رَسُولًا) أَيْ لِمَنْ بِالْحَرَمِ مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ اهـ شَرْحُ
م ر (قَوْلُهُ خَرَجَ لَهُ إمَامٌ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ قَالَ لَا
أُؤَدِّيهَا إلَّا مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ لَهُ لِذَلِكَ
أَوْ كَانَ مُنَاظِرًا أَخْرَجَ لَهُ مَنْ يُنَاظِرُهُ اهـ شَرْحُ م ر
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَإِنْ امْتَنَعَ إلَّا مِنْ أَدَائِهَا
مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ لَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ
بِهَا أَوْ أَسْمَعَهَا مَنْ يُخْبِرُ الْإِمَامَ بِهَا وَلَوْ كَانَ
طَبِيبًا وَجَبَ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ إلَيْهِ مَحْمُولًا فَإِنْ تَعَذَّرَ
رُدَّ أَوْ وُصِفَ لَهُ مَرَضُهُ وَهُوَ خَارِجٌ وَلَا تَجُوزُ إجَابَتُهُ
وَإِنْ بَذَلَ مَالًا كَمَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَرِضَ) أَيْ
بِأَنْ دَخَلَ تَعَدِّيًا وَمَرِضَ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ
حَرَمُ الْمَدِينَةِ إلَخْ) لَكِنْ يُنْدَبُ إلْحَاقُهُ بِهِ
لِأَفْضَلِيَّتِهِ وَتَمَيُّزِهِ بِمَا لَمْ يُشَارِكْ فِيهِ كَمَا فِي م ر
(قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِهِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ انْتَهَى شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَوْنُهُ دِينَارًا فَأَكْثَرَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ
م ر أَقَلُّ الْجِزْيَةِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا
دِينَارٌ خَالِصٌ مَضْرُوبٌ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ وَإِنْ
أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْأَخْذِ لِكُلِّ سَنَةٍ لِخَبَرِ «خُذْ مِنْ
كُلِّ حَالِمٍ أَيْ مُحْتَلِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ أَوْ بَدَلَهُ»
أَيْ مُسَاوِيَ قِيمَتِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا
وَتَقْوِيمُ عُمَرَ لِلدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا لِأَنَّهَا
كَانَتْ قِيمَتَهُ إذْ ذَاكَ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا أَمَّا عِنْدَ
ضَعْفِنَا فَتَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةٌ
ظَاهِرَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَيَجِبُ بِالْعَقْدِ وَيَسْتَقِرُّ بِانْقِضَاءِ
الزَّمَنِ بِشَرْطِ ذَبِّنَا عَنْهُمْ فِي جَمِيعِهِ حَيْثُ وَجَبَ فَلَوْ
مَاتَ أَوْ لَمْ نَذُبَّ عَنْهُمْ إلَّا فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ وَجَبَ
بِالْقِسْطِ كَمَا يَأْتِي أَمَّا الْحَيُّ فَلَا نُطَالِبُهُ بِالْقِسْطِ
أَثْنَاءَ السَّنَةِ وَكَانَ قِيَاسُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أُجْرَةٌ
مُطَالَبَتَهُ بِهِ لَوْلَا مَا طُلِبَ مِنَّا مِنْ مَزِيدِ الرِّفْقِ
بِهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ وَإِنَّمَا
امْتَنَعَ عَقْدُهَا بِمَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ لِأَنَّ قِيمَتَهُ قَدْ
تَنْقُصُ عَنْهُ آخِرَ الْمُدَّةِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَنَقَلَ الشَّيْخُ
أَبُو حَامِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّقْصِ عَنْ
الدِّينَارِ اهـ عَمِيرَةُ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ
فِضَّةً تَعْدِلُهُ وَإِنْ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ
بِفِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا اهـ بُرُلُّسِيٌّ وَشَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ
الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا عُقِدَ بِدِينَارٍ
أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا عُقِدَ بِهِ قَهْرًا
وَكَذَا بِرِضَاهُ إلَّا بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ كَطَرِيقِ الْهِبَةِ بِإِيجَابٍ
وَقَبُولٍ مَعَ الْقَبْضِ أَوْ طَرِيقِ الْهَدِيَّةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ
نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَمْوَالَهُ مَعْصُومَةٌ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ اهـ سم
(قَوْلُهُ كُلَّ سَنَةٍ) أَيْ هِلَالِيَّةٍ كَمَا هِيَ الْمُرَادَةُ حَيْثُ
أُطْلِقَتْ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَقَدْ رُفِعَ لِشَيْخِنَا فَرِيدِ
عَصْرِهِ الشَّمْسِ الْحَفْنَاوِيِّ وَقَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ
ضَرِيحَهُ سُؤَالٌ ظَرِيفٌ مِنْ طُرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فَأَجَابَ
عَنْهُ بِجَوَابٍ مُسْتَحْسَنٍ جِدًّا وَأَلَّفَ فِي شَأْنِ ذَلِكَ
رِسَالَةً لَطِيفَةً وَقَدْ أَحْبَبْت أَنْ أَنْقُلَهَا بِالْحَرْفِ لِمَا
فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ الْكَثِيرَةِ فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ
الْمُسْتَعَانُ: قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نَصُّهُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ مُفْهِمِ الصَّوَابِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى
النَّبِيِّ وَآلِهِ وَالْأَصْحَابِ (أَمَّا بَعْدُ) فَيَقُولُ الْمُرْتَجِي
غَفْرَ الْمَسَاوِئِ عَبْدُ مَوْلَاهُ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ قَدْ
رُفِعَ إلَيْنَا سُؤَالٌ مِنْ طَرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ أَدَامَهَا
اللَّهُ بِصَوَارِمِ الْعَدْلِ مَنْصُورَةً مَحْمِيَّةً مُحَصِّلُهُ أَنَّ
الْجِزْيَةَ الْمَضْرُوبَةَ عَلَى الذِّمِّيِّينَ مُصَرَّحٌ فِي عَقْدِهَا
عَلَيْهِمْ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ فَاسْتَمَرَّ الذِّمِّيُّونَ عَلَى
تَأْخِيرِ دَفْعِهَا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا
اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِ سَنَةِ عَقْدِهَا فَتَفَطَّنَ
مَوْلَانَا السُّلْطَانُ وَعُلَمَاءُ قُطْرِهِ فِي سَابِقِ الزَّمَانِ
أَنَّ ذَلِكَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمْ قَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَيْفٌ عَلَى
مَالِ بَيْتِ الْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ أَنَّ الْقَمَرِيَّةَ تَنْقُصُ عَنْ
الشَّمْسِيَّةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ يَوْمٍ
وَخُمُسَيْ خُمُسِ يَوْمٍ فَإِذَا مَضَى ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً
اجْتَمَعَ سَنَةٌ قَمَرِيَّةٌ وَأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَكَسْرٌ فَطَلَبَ
مَوْلَانَا السُّلْطَانُ فِي سَابِقِ الزَّمَانِ جِزْيَةَ تِلْكَ السَّنَةِ
الْمُجْتَمِعَةِ فَدَفَعُوهَا وَضُمَّتْ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ
فَإِذَا طَلَبَ مَلِكُنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ جِزْيَةَ سَنَةٍ
قَمَرِيَّةٍ تَحَصَّلَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا
سَلَفَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّينَ دَفْعُهَا وَلَا يَجُوزُ
لِأَهْلِ بَلَدِهِمْ مِنْ رَعَايَا السُّلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ
الْمُعَارَضَةُ فِي ذَلِكَ؟ فَكَتَبْنَا فِي جَوَابِهِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ
بِقَدْرِ الطَّاقَةِ مَعَ تَقْدِيمِ تَمْهِيدٍ لِبَيَانِ الْحُكْمِ مَا
نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ
مَوْلَانَا السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ لَا مِنْ آحَادِ النَّاسِ
وَمِثَالُ عَقْدِهَا أَنْ يَقُولَ أَقْرَرْتُكُمْ بِدَارِنَا عَلَى أَنْ
تَبْذُلُوا كَذَا جِزْيَةً كُلَّ سَنَةٍ فَيَقْبَلُوا فَإِنْ لَمْ
يُعَيِّنْ سَنَةً حُمِلَتْ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَوَّلُهَا
الْمُحَرَّمُ فَإِذَا مَضَتْ بِآخِرِ الْحَجَّةِ تَقَرَّرَتْ عَلَيْهِمْ
وَإِنْ عَيَّنَ كَوْنَهَا شَمْسِيَّةً أَوْ قَمَرِيَّةً وَجَبَ اتِّبَاعُ
مَا عَيَّنَهُ فَتَقَرَّرَ عَلَيْهِمْ آخِرَ الْحَوْلِ الَّذِي عَيَّنَهُ
فِي عَقْدِهَا فَإِذَا مَضَى بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُطَالَبْ الْحَيُّ
مِنْهُمْ بِالْقِسْطِ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ طُلِبَ
مِنَّا الرِّفْقُ بِهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا
صَرَّحَ بِهِ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ
وَأَمَّا
(5/216)
(لَكِنْ لَا يُعْقَدُ لِسَفِيهٍ
بِأَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ احْتِيَاطًا لَهُ سَوَاءٌ أَعَقَدَ هُوَ أَوْ
وَلِيُّهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَسُنَّ) لِلْإِمَامِ (مُمَاكَسَةُ
غَيْرِ فَقِيرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
الْمَيِّتُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مُخَلَّفِهِ قِسْطُ
مَا مَضَى كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْفُرُوعِ لِانْتِفَاءِ
الْعِلَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّنَةَ إمَّا عَدَدِيَّةٌ أَوْ شَمْسِيَّةٌ
أَوْ قَمَرِيَّةٌ فَالْعَدَدِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا لَا
تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُهُ وَأَمَّا الْقَمَرِيَّةُ وَيُقَالُ لَهَا
الْهِلَالِيَّةُ فَثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا
وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ نُسِبَتْ إلَى الْقَمَرِ لِاعْتِبَارِهَا بِهِ
مِنْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الشَّمْسِ لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَةُ
الْهِلَالِ كَمَا سَيَأْتِي
وَأَمَّا الشَّمْسِيَّةُ فَثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا
وَرُبْعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمٍ
وَنُسِبَتْ إلَى الشَّمْسِ لِاعْتِبَارِهَا بِهَا مِنْ حِينِ حُلُولِهَا
فِي بُرْجِ الْحَمَلِ إلَى عَوْدِهَا إلَيْهَا كَمَا سَتَعْلَمُ فَيَكُونُ
التَّفَاوُتُ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ كَوَامِلَ
وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ يَوْمٍ وَخُمُسَيْ خُمُسِ يَوْمٍ وَوَجْهُهُ أَنَّا
إذَا طَرَحْنَا الْأَقَلَّ وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ
وَخُمُسٌ وَسُدُسٌ مِنْ الْأَكْثَرِ وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ
وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعٌ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ
مِنْ يَوْمٍ بَقِيَ مَا ذُكِرَ بِأَنْ تَطْرَحَ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ
وَثَلَاثَمِائَةٍ يَبْقَى مِنْ الْأَكْثَرِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَرُبْعُ
يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا تَبْقَى الْعَشَرَةُ بِحَالِهَا وَتَبْسُطُ
الْوَاحِدَ بِثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ بَسْطَ رُبْعِ
الْيَوْمِ تَكُنْ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ
جُزْءًا تَطْرَحُ مِنْهَا الْجُزْءَ الْمُسْتَثْنَى يَكُونُ الْبَاقِي
ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةً وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ
فَتَطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ خُمُسَ الْيَوْمِ سِتِّينَ جُزْءًا وَسُدُسَهُ
خَمْسِينَ جُزْءًا يَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ طَرْحِ الْمِائَةِ
وَالْعَشَرَةِ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةً وَسِتِّينَ جُزْءًا وَنِسْبَتُهَا
إلَى كَامِلِ الْيَوْمِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ يَوْمٍ وَخُمُسَا خُمُسِ
يَوْمٍ لِأَنَّ الْخُمُسَ سِتُّونَ جُزْءًا وَأَرْبَعَةٌ فِي سِتِّينَ
بِمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ الْبَاقِي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ
نِسْبَتُهَا لِلْخُمُسِ الَّذِي هُوَ سِتُّونَ خُمُسَانِ لِأَنَّ خُمُسَ
الْخُمُسِ اثْنَا عَشَرَ جُزْءًا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا
فَالتَّفَاوُتُ بِعَشَرَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ وَخُمُسَيْ خُمُسٍ
وَهِيَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا تَقْرِيبًا لِأَنَّ هَذِهِ الْكُسُورَ
وَاحِدٌ كَامِلٌ إلَّا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ خُمُسٍ وَذَلِكَ قَدْرُ
التَّقْرِيبِ وَالشَّمْسِيَّةُ أَوَّلُهَا الْحَمَلُ كَمَا قَالَ ابْنُ
عَبْدِ الْحَقِّ السَّنْبَاطِيُّ فِي بَعْضِ حَوَاشِيهِ ثُمَّ قَالَ
وَكَوْنُ الْقَمَرِيَّةِ عَدَدُهَا مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ
اجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَا
تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي مَحَلِّيٍّ
إذَا عَرَفْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ مَوْلَانَا السُّلْطَانَ نَصَرَهُ
اللَّهُ أَوْ نَائِبَهُ إذَا عَقَدَ الْجِزْيَةَ وَعَيَّنَ الْهِلَالِيَّةَ
فِي عَقْدِهِ فَكَأَنَّهُ
قَالَ إذْ مَضَى ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ
يَوْمٍ وَسُدُسُهُ تَقَرَّرَ عَلَيْكُمْ كَذَا تَقَبَّلُوا فَيَجِبُ
عَلَيْهِمْ دَفْعُهُ إذَا تَمَّ ذَلِكَ الْعَدَدُ فَإِذَا لَمْ يَدْفَعُوا
عِنْدَ ذَلِكَ وَأَخَّرُوا أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا تَقْرِيبًا الَّتِي هِيَ
تَمَامُ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ كَانَ مَا يَخُصُّ الْأَحَدَ عَشَرَ
عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُطَالَبُوا بِمَا يُقَابِلُهَا رِفْقًا بِهِمْ
لِأَجْلِ التَّأْلِيفِ فَلَمْ يُضَيَّقْ عَلَيْهِمْ بِأَخْذِ مَا يُقَابِلُ
كُلَّ جُزْءٍ مَضَى مِنْ السَّنَةِ بَلْ بِالْكُلِّ عِنْدَ تَمَامِهَا
وَلِذَلِكَ لَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا
يُقَابِلُ الْجُزْءَ الَّذِي مَضَى مِنْ السَّنَةِ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا
مَضَى ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً اجْتَمَعَ سَنَةٌ هِلَالِيَّةٌ
وَأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثَا يَوْمٍ وَعُشْرُ خُمُسِ ثُلُثِ يَوْمٍ
لِأَنَّهُ يَتَحَصَّلُ مِنْ مَضْرُوبِ التَّفَاوُتِ وَهُوَ عَشَرَةٌ
وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَخُمُسَا خُمُسِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ
وَخَمْسُونَ وَخُمُسُ خُمُسٍ فَإِذَا طَرَحْت مِنْهُ سِتَّةً بَقِيَ
أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثَانِ وَعُشْرُ خُمُسِ ثُلُثٍ كَمَا ذَكَرْنَا
وَلَمْ يَدْفَعْ الذِّمِّيُّونَ جِزْيَةَ هَذِهِ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ
الَّتِي اجْتَمَعَتْ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ مَعَهُمْ عَلَى أَنَّهُ
مَتَى مَضَى ذَلِكَ الْعَدَدُ تَقَرَّرَ عَلَيْهِمْ مَا عُيِّنَ مِنْ
الْمَالِ لِأَنَّهُ السَّنَةُ الْهِلَالِيَّةُ الَّتِي صُرِّحَ بِهَا فِي
الْعَقْدِ وَسَبَبُ ذَلِكَ التَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْهُمْ تَعَدِّيًا
حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا عَقْدُ
الْجِزْيَةِ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ كَانَ
الْمُمْتَنِعُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ فَلَا يَجِبُ تَبْلِيغُهُ الْمَأْمَنَ
أَيْ الْمَحَلَّ الَّذِي يَأْمَنُ فِيهِ مِنَّا بَلْ يُخَيِّرُ الْإِمَامُ
أَوْ نَائِبُهُ فِيهِ بَيْنَ ضَرْبِ الرِّقِّ عَلَيْهِ وَالْمَنِّ
وَالْفِدَاءِ وَالْقَتْلِ إلَّا إذَا طَلَبَ النَّاقِضُ تَجْدِيدَ عَقْدِ
الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ تَجِبُ إجَابَتُهُ وَالْكَفُّ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ
بِهِ أَئِمَّتُنَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ تَمَّتْ بِالْحَرْفِ
(قَوْلُهُ لَكِنْ لَا تُعْقَدُ لِسَفِيهٍ بِأَكْثَرَ) وَهَلْ يَحْصُلُ
تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ أَوْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ سَوَاءٌ
أَعَقَدَ هُوَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ
تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ اهـ عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ
وَسُنَّ مُمَاكَسَةُ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ قُوَّتِنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ
اهـ شَرْحُ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُمَاكِسُ عِنْدَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا
أَيْ سَوَاءٌ أَعَقَدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ أَوْ الْأَوْصَافِ وَعِنْدَ
الْأَخْذِ أَيْضًا إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ
الْمُمَاكَسَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعْنَاهَا الْمُشَاحَّةُ فِي قَدْرِ
الْجِزْيَةِ وَعِنْدَ الْأَخْذِ مَعْنَاهَا الْمُنَازَعَةُ فِي
الِاتِّصَافِ بِالصِّفَاتِ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ
الشَّارِحِ أَيْ مُشَاحَّتَهُ فِي قَدْرِ الْجِزْيَةِ قَاصِرٌ فَلَعَلَّ
فِيهِ اكْتِفَاءً
(5/217)
أَيْ مُشَاحَّتُهُ فِي قَدْرِ الْجِزْيَةِ
سَوَاءٌ أَعَقَدَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى
دِينَارٍ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْقِدَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ
يَجُزْ أَنْ يَعْقِدَ بِدُونِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَسُنَّ أَنْ يُفَاوَتَ
بَيْنَهُمْ (فَيُعْقَدَ لِمُتَوَسِّطٍ بِدِينَارَيْنِ وَلِغَنِيٍّ
بِأَرْبَعَةٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا
يُجِيزُهَا إلَّا كَذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا آخِرَ
السَّنَةِ مَا عُقِدَ بِهِ إنْ وُجِدَ بِصِفَتِهِ آخِرَهَا لِأَنَّ
الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْأَخْذِ لَا بِوَقْتِ الْعَقْدِ نَقَلَهُ فِي
أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ فَلَوْ عَقَدَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ
وَامْتَنَعَ الْكَافِرُ مِنْ بَذْلِ الزَّائِدِ فَنَاقِضٌ لِلْعَهْدِ كَمَا
سَيَأْتِي فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ كَمَنْ
اشْتَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ.
(وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ) بِفَلَسٍ
أَوْ سَفَهٍ (بَعْدَ سَنَةٍ فَجِزْيَتُهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ) فَتُقَدَّمُ
عَلَى الْوَصَايَا وَالْإِرْثِ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ
الْآدَمِيِّ لِأَنَّهَا مَالُ مُعَاوَضَةٍ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الزَّكَاةَ
حَيْثُ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا (أَوْ) أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ
حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ السَّنَةِ
(فَقُسِّطَ) مِنْ الْجِزْيَةِ لِمَا مَضَى كَالْأُجْرَةِ وَصُورَةُ ذَلِكَ
فِي الْمَيِّتِ أَنْ يَخْلُفَ وَارِثًا خَاصًّا مُسْتَغْرِقًا وَإِلَّا
فَمَالُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ الْآتِي اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ اُنْظُرْ
التَّوْفِيقَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَسُنَّ مُمَاكَسَةُ غَيْرِ فَقِيرٍ
وَقَوْلُهُ بَلْ أَمْكَنَهَا أَنْ يَعْقِدَ بِأَكْثَرَ إلَخْ اهـ ثُمَّ
رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ بَلْ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْقِدَ
إلَخْ هَذَا لَا يُنَافِي الْحُكْمَ بِالسُّنِّيَّةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ
ذَلِكَ عِنْدَ الْجَهْلِ بِحَالِهِمْ فِي الْإِجَابَةِ مَثَلًا فَإِذَا
أَجَابُوا حَرُمَ عَلَيْهِمْ الْعَقْدُ بِدُونِهِ وَإِذَا غَلَبَ عَلَى
ظَنِّهِ الْإِجَابَةُ وَجَبَ طَلَبُ ذَلِكَ ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي
الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا بَعْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ فَلَا مُمَاكَسَةَ نُصَّ
عَلَيْهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ الزِّيَادَةُ بِأَنْ
عَلِمَ أَوْ ظَنَّ إجَابَتَهُمْ إلَيْهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ إلَّا
لِمَصْلَحَةٍ وَحَيْثُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَا يُجِيبُونَهُ
بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ فَلَا مَعْنَى لِلْمُمَاكَسَةِ لِوُجُوبِ قَبُولِ
الدِّينَارِ وَعَدَمِ جَوَازِ إجْبَارِهِمْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ
حِينَئِذٍ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ أَيْ مُشَاحَّتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَيْ طَلَبُ
زِيَادَةٍ عَلَى دِينَارٍ مِنْ رَشِيدٍ وَلَوْ وَكِيلًا حِينَ الْعَقْدِ
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ أَقَلَّهَا دِينَارٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ
أَنْ يَعْقِدَ بِدُونِهِ) أَيْ يَحْرُمُ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْعَقْدِ
بِمَا عُقِدَ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّفْقُ
بِهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَمُحَافَظَةً عَلَى حَقْنِ
الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَيَعْقِدَ
لِمُتَوَسِّطٍ بِدِينَارَيْنِ) أَيْ وُجُوبًا فَلَا يَنْقُصُ عَنْ
الدِّينَارَيْنِ وَلَا عَنْ أَرْبَعَةٍ فِي الْغَنِيِّ عِنْدَ الْإِمْكَانِ
وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَسُنَّ أَنْ يُفَاوِتَ لِأَنَّ
الْمُفَاوَتَةَ تَصْدُقُ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثَلَاثًا
وَالْغَنِيِّ خَمْسَةً وَأَمَّا كَوْنُ الْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ أَوْ
الْغَنِيِّ أَرْبَعَةً فَوَاجِبٌ وَالْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ هُنَا غَنِيُّ
الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر فِي غَيْرِ شَرْحِهِ هُوَ
أَنْ يَفْضُلَ عِنْدَهُ آخِرَ السَّنَةِ بَعْدَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ
الْغَالِبِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَكَذَا الْمُتَوَسِّطُ وَهُوَ أَنْ
يَفْضُلَ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ دُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا
وَفَوْقَ دِينَارَيْنِ فِي شَرْحِ م ر وحج أَنَّهُ غَنِيُّ النَّفَقَةِ اهـ
شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ
بِأَنَّهُ هُنَا وَفِي الضِّيَافَةِ كَالنَّفَقَةِ بِأَنْ يَزِيدَ دَخْلُهُ
عَلَى خَرْجِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ
إلَيْهِ لَا بِالْعَاقِلَةِ إذْ لَا مُوَاسَاةَ هُنَا وَلَا بِالْعُرْفِ
لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ انْتَهَتْ وَالْقَوْلُ قَوْلُ
مُدَّعِي التَّوَسُّطِ وَالْفَقْرِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ
بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ أَوْ عُهِدَ لَهُ مَالٌ وَكَذَا مَنْ غَابَ
وَأَسْلَمَ ثُمَّ حَضَرَ وَقَالَ أَسْلَمْت مِنْ وَقْتِ كَذَا نَصَّ
عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ اهـ س ل
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُهَا إلَّا كَذَلِكَ) أَيْ بِالْأَرْبَعَةِ
فِي الْغَنِيِّ وَبِدِينَارَيْنِ فِي الْمُتَوَسِّطِ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ بِصِفَتِهِ آخِرَهَا) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا
مَحَلُّهُ إذَا عُقِدَ عَلَى الْأَوْصَافِ فَإِنْ عُقِدَ عَلَى
الْأَعْيَانِ وَجَبَ مَا عُقِدَ بِهِ مُطْلَقًا اهـ شَوْبَرِيٌّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عُقِدَ عَلَى الذَّوَاتِ فَالْمُمَاكَسَةُ
لَيْسَتْ إلَّا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَوْصَافِ
فَالْمُمَاكَسَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَعِنْدَ الْأَخْذِ اهـ حَلَبِيٌّ
بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْأَخْذِ) عِبَارَةُ
شَرْحِ م ر وَالْمُمَاكَسَةُ تَكُونُ عِنْدَ الْعَقْدِ إنْ عُقِدَ عَلَى
الْأَشْخَاصِ فَحَيْثُ عُقِدَ عَلَى شَيْءٍ امْتَنَعَ أَخْذُ زَائِدٍ
عَلَيْهِ وَتَجُوزُ عِنْدَ الْأَخْذِ إنْ عُقِدَ عَلَى الْأَوْصَافِ
كَصِفَةِ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ اهـ أَيْ كَعَقَدْتَ لَكُمْ عَلَى
أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةً وَالْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ
وَالْفَقِيرِ دِينَارًا مَثَلًا ثُمَّ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ إذَا ادَّعَى
أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ يَقُولُ لَهُ أَنْتَ غَنِيٌّ مَثَلًا
فَعَلَيْك أَرْبَعَةٌ هَكَذَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ وَحَاصِلُهُ
أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ هُنَا مُنَازَعَتُهُ فِي الْغَنِيِّ
وَضِدِّهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُمَاكَسَةِ الْمَارَّةَ ثُمَّ
إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ مُنَازَعَتِهِ فِي نَحْوِ الْغَنِيِّ
وَإِنْ عُلِمَ فَقْرُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ
فَنَاقِضٌ لِلْعَهْدِ) أَيْ فَيُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ فَإِنْ عَادَ لِصُلْبِ
الْعَقْدِ بِدِينَارٍ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ اهـ عب اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَجِزْيَتُهُ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي سَائِرِ الْحَرْبِيِّ اهـ
عَمِيرَةُ
(فَرْعٌ) أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَجِزْيَةٌ قُدِّمَتْ
الزَّكَاةُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ
إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ لَيْسَ لِلْإِمَامِ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ
طَلَبُ قِسْطِ مَاضِيهَا إلَّا مِمَّنْ مَاتَ إلَخْ وَجَزَمَ بِذَلِكَ
الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَقُولُ كَانَ قِيَاسُ كَوْنِ
الْجِزْيَةِ كَالْأُجْرَةِ أَنَّ لِلْإِمَامِ مَا ذُكِرَ بَلْ لَهُ
الْأَخْذُ بِالْعَقْدِ فَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ التَّخْفِيفُ
وَالتَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ اهـ سم (قَوْلُهُ فَقِسْطٌ مِنْ
الْجِزْيَةِ) هَذَا مَحَلُّهُ فِي الْمُفْلِسِ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ
لِأَمْوَالِهِ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ لَمْ تُقْسَمْ إلَى آخِرِهَا لَمْ
تُقْسَطْ بَلْ تُؤْخَذْ الْجِزْيَةُ بِتَمَامِهَا وَيُضَارِبْ الْإِمَامُ
بِالْوَاجِبِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَفِي السَّفِيهِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ
أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ بِتَمَامِهَا عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ اهـ
شَيْخُنَا وَفِي ح ل وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ
السَّفِيهِ جَمِيعُ الْمُسَمَّى لَا قِسْطُهُ اهـ فَالصَّوَابُ حَذْفُ
قَوْلِهِ أَوْ سَفَهٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَصِحُّ عَقْدُهَا لِلسَّفِيهِ
ابْتِدَاءً فَإِذَا طَرَأَ السَّفَهُ فِي الْأَثْنَاءِ لَا يُبْطِلُهَا
بَلْ يَسْتَمِرُّ عَقْدُهَا وَيَجِبُ الْمُسَمَّى
(5/218)
أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ
فَيْءٌ فَتَسْقُطُ الْجِزْيَةُ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَاقِي بَعْدَ
الْقِسْطِ فِي الثَّانِي وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ مِنْ
زِيَادَتِي.
(وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ) مِنْهُ (بِرِفْقٍ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ
وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْمَذْكُورِ فِي آيَتِهَا أَنْ يَجْرِيَ
عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِمَا لَا يُعْتَقَدُ حِلُّهُ كَمَا فَسَّرَهُ
الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَتَفْسِيرُهُ
بِأَنْ يَجْلِسَ الْآخِذُ وَيَقُومَ الْكَافِرُ وَيُطَأْطِئَ رَأْسَهُ
وَيَحْنِيَ ظَهْرَهُ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضَ
الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبَ لِهْزِمَتَيْهِ وَهُمَا مُجْتَمَعُ
اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَرْدُودٌ
بِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى سَنِّهَا أَوْ وُجُوبِهَا
أَشَدُّ بُطْلَانًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا.
(وَسُنَّ لِإِمَامٍ أَنْ يَشْرِطَ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (عَلَى
غَيْرِ فَقِيرٍ) مِنْ غَنِيٍّ وَمُتَوَسِّطٍ (ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِ
مِنَّا) بِخِلَافِ الْفَقِيرِ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَلَا تَتَيَسَّرُ
لَهُ (زَائِدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
فِي الْعَقْدِ آخِرَ الْحَوْلِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ
سَفَهٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ
وَأَخْذُ الْقِسْطِ فِي الْمَيِّتِ ظَاهِرٌ وَكَذَا الْمَجْنُونُ إنْ
أَطْبَقَ جُنُونُهُ وَأَمَّا مَحْجُورُ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ فَفِيهِمَا
نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ سُقُوطَ مَا يَفِي مِنْ السَّنَةِ
عَنْهُمَا فَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا
فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ قِسْطُ السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ فَهُوَ مَرْدُودٌ
لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ
بِهِ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ
وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ عُقِدَ عَلَى
الْأَوْصَافِ وَكَانَ الْمَحْجُورُ قَبْلَ حَجْرِهِ غَنِيًّا أَوْ
مُتَوَسِّطًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ قَبْلَ
الْحَجْرِ وَقِسْطُ الْفَقِيرِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْ اهـ
(قَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ
قِسْطَ الْجِزْيَةِ يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ
كَذَلِكَ فَلَوْ خَلَفَ بِنْتًا وَسِتِّينَ دِينَارًا وَكَانَ الْوَاجِبُ
فِي السَّنَةِ دِينَارًا وَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا فَالْحُكْمُ أَنَّ
الْوَاجِبَ هُوَ نِصْفُ الدِّينَارِ يُؤْخَذُ نِصْفُهُ أَيْ رُبْعُ
دِينَارٍ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ فَيَخُصُّهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ
وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثُونَ وَرُبْعٌ فَيْءٌ
فَحِينَئِذٍ يُؤَوَّلُ كَلَامُهُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بِأَنْ يُقَالَ
بَعْدَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ أَيْ يُعَدُّ مُتَعَلِّقَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ
وَهُوَ أَيْ الْمُتَعَلِّقُ نَصِيبُ الْوَارِثِ وَالْمُرَادُ بِقِسْطِ
الْجِزْيَةِ قِسْطُ الْقِسْطِ الَّذِي يَخُصُّ الْوَارِثَ وَالْبَاقِي
بَعْدَهُ فِي الْمِثَالِ ثَلَاثُونَ وَرُبْعٌ وَقَوْلُهُ وَالْبَاقِي أَيْ
وَقِسْطُ قِسْطِ الْبَاقِي مِنْ الْجِزْيَةِ فَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ
وَقَوْلُهُ بَعْدَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْوَارِثِ
وَهُوَ قِسْطُ الْقِسْطِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ
الْوَاجِبِ لَا كُلُّهُ وَالْبَاقِي الَّذِي سَقَطَ هُوَ الَّذِي يَخُصُّ
نَصِيبَ الْمُسْلِمِينَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ تَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ
اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ بَعْدَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ أَيْ مِنْ حِصَّةِ
الْوَارِثِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ
لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ
الْجِزْيَةِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ
مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْهَا وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ
الْمَالِ اهـ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بَعْدَ فِي الْقِسْطِ الثَّانِي)
عِبَارَةُ حَجّ فَإِنْ كَانَ أَيْ الْوَارِثُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَخَذَ
الْإِمَامُ مِنْ نَصِيبِهِ بِقِسْطِهِ وَسَقَطَ الْبَاقِي انْتَهَتْ
وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ
وَالْبَاقِي أَيْ وَيُقْسَطُ الْبَاقِي مِنْ الْجِزْيَةِ بَعْدَ الْقِسْطِ
الْمَأْخُوذِ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ اهـ س ل كَأَنْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ
وَخَلَفَ سِتِّينَ دِينَارًا مَثَلًا فَالْبِنْتُ لَهَا ثَلَاثُونَ
فَيُوَزَّعُ نِصْفُ الدِّينَارِ عَلَى نَصِيبِهَا وَعَلَى الْبَاقِي
فَيَخُصُّهَا رُبْعُ دِينَارٍ يُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِهَا وَيَسْقُطُ
الرُّبْعُ الَّذِي يَخُصُّ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ كُلَّهُ فَيْءٌ فَلَا
مَعْنَى لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) هَذَا لَا
يُلَائِمُ قَوْلَهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِنَا الَّذِي
تَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَزِنًا وَسَرِقَةٍ دُونَ غَيْرِهِ كَشُرْبِ
مُسْكِرٍ وَنِكَاحِ مَجُوسِيٍّ مَحَارِمَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ
الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ لَا يَعْتَقِدُ حِلَّهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ
مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُسْتَنَدًا لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَلِمُحَمَّدٍ -
عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ إجْرَاءَ الْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ
اسْتِنَادُهُ لِدِينِنَا ذُلٌّ عَلَيْهِ وَصَغَارٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا
يَعْتَقِدُ دِينَنَا فَإِلْزَامُهُ بِاعْتِبَارِهِ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِنْ
وَافَقَ اعْتِقَادَهُ لِأَنَّ إلْزَامَهُ لَيْسَ بِاعْتِبَارٍ اهـ سم
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ الْآخِذُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا
وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ جِبَايَةَ الْجِزْيَةِ وَعُشْرِ
التِّجَارَةِ يَجُوزُ أَنْ تُفَوَّضَ إلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ مَحَلُّ هَذِهِ
الْهَيْئَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا إذَا لَمْ يَدْفَعُوهَا بِاسْمِ
الصَّدَقَةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ)
أَيْ بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً ضَرْبَتَيْنِ وَقِيلَ وَاحِدَةً وَيَقُولُ يَا
عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَاللِّهْزِمَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّايِ عَظْمٌ
نَاتِئٌ فِي اللُّحِيِّ تَحْتَ الْأُذُنِ وَهُمَا لِهْزِمَتَانِ
وَالْجَمْعُ لَهَازِمُ اهـ (قَوْلُهُ وَدَعْوَى سَنِّهَا إلَخْ) قَالَ
ابْنُ النَّقِيبِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا هَلْ هِيَ حَرَامٌ أَوْ
مَكْرُوهَةٌ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ التَّحْرِيمُ اهـ
س ل وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ لِلْإِيذَاءِ وَنَقَلَ
الشَّوْبَرِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّهَا حَرَامٌ إنْ تَأَذَّى بِهَا
وَإِلَّا فَمَكْرُوهَةٌ اهـ (قَوْلُهُ أَشَدُّ بُطْلَانًا) أَيْ مِنْ
دَعْوَى أَصْلِ جَوَازِهَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِإِمَامٍ أَنْ يَشْرِطَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ
الْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ كَالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ مَتَى
أَمْكَنَهُ وَجَبَ اهـ وَاخْتَارَهُ طب حَيْثُ كَانَتْ
الْمَصْلَحَةُ
فِيهِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ إنْ شُرِطَ عَلَى غَيْرِ فَقِيرٍ
إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَنْ يُشْرَطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا
فِي بَلَدِهِمْ قَالَ شَيْخُنَا خَرَجَ بَلَدُنَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ إذَا انْفَرَدَ الذِّمِّيُّونَ بِبَلَدٍ بِدَارِنَا
إلَخْ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا
بِبِلَادِهِمْ أَوْ بِلَادِنَا اهـ سم فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ
وَإِطْلَاقِي مَا ذُكِرَ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ مِنَّا)
(5/219)
عَلَى جِزْيَةٍ) لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ
عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى التَّمْلِيكِ (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ
فَأَقَلَّ) وَإِطْلَاقِي مَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِبَلَدِهِمْ
(وَيَذْكُرَ عَدَدَ ضِيفَانٍ رَجْلًا وَخَيْلًا) لِأَنَّهُ أَنْفَى
لِلْغَرَرِ وَأَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ بِأَنْ يَشْرِطَ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ
مِنْهُمْ أَوْ عَلَى الْمَجْمُوعِ كَأَنْ يَقُولَ وَتُضَيِّفُوا فِي كُلِّ
سَنَةٍ أَلْفَ مُسْلِمٍ وَهُوَ يَتَوَزَّعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ
يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ (وَ) يَذْكُرَ (مَنْزِلَهُمْ
كَكَنِيسَةٍ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ وَجِنْسِ طَعَامٍ وَأَدَمٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَارُّ غَنِيًّا غَيْرَ مُجَاهِدٍ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ
دُخُولِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ
بَلْ وَلَا مَنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مِيلٍ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهِ
ضَيْفًا وَيُتَّجَهُ أَيْضًا أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْلِمِينَ قَيْدٌ فِي
النَّدْبِ لَا الْجَوَازِ وَلَوْ صُولِحُوا عَنْ الضِّيَافَةِ بِمَالٍ
فَهُوَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ لَا لِلطَّارِقِينَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ
لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ وَعَلَيْهِ فَمَا أَخَذَهُ
الْمُسَافِرُ الْمَذْكُورُ لَا يُحْسَبُ مِمَّا شُرِطَ عَلَيْهِمْ بَلْ
الْحَقُّ بَاقٍ فِي جِهَتِهِمْ يُطَالَبُونَ بِهِ وَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِ
بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ضِيَافَةَ مَنْ
يَمُرُّ بِهِ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ دُخُولُ الْفَاكِهَةِ وَالْحَلْوَى عِنْدَ
غَلَبَتِهِمَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالْخَادِمِ
كَذَلِكَ وَمَنْ نَفَى لُزُومَهَا لَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى السُّكُوتِ
عَنْهُ أَوْ لَمْ يُعْتَدْ فِي مَحَلِّهِمْ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الضَّيْفِ
أَنْ يُكَلِّفَهُمْ نَحْوَ ذَبْحِ دَجَاجِهِمْ أَوْ مَا لَا يَغْلِبُ اهـ
شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْتَدْ فِي مَحَلِّهِمْ الْمُرَادُ
بِمَحَلِّهِمْ قَرْيَتُهُمْ الَّتِي هُمْ بِهَا وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ
اعْتِيَادِهِ فِي مَحَلِّهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ
بِإِحْضَارِهِ لِلْمَرِيضِ مِنْهُمْ فَإِنْ جَرَتْ بِإِحْضَارِهِ
عَادَتُهُمْ لِكَوْنِهِ فِي الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا عُرْفًا
وَجَبَ إحْضَارُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
وَهِيَ أَيْ الضِّيَافَةُ زِيَادَةٌ عَلَى الْجِزْيَةِ تَلْزَمُ
بِالْقَبُولِ وَإِنْ اعْتَاضَ الْإِمَامُ عَنْهَا أَيْ الضِّيَافَةِ
دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِرِضَاهُمْ جَازَ وَاخْتَصَّتْ بِأَهْلِ
الْفَيْءِ كَالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الدِّينَارُ وَتُفَارِقُ الضِّيَافَةَ
بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا
وَنُقِلَ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ
عَلَيْهِمْ تَزْوِيدُ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اهـ
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَاعْتَمَدَهُ م ر حَيْثُ
أَمْكَنَ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَقُولُ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ
حِينَئِذٍ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلِلضَّيْفِ حَمْلُ طَعَامِهِ لَا طَلَبُ
عِوَضِهِ وَلَا طَلَبُ طَعَامِ أَمْسِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ وَلَا طَعَامِ
الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَمُرَّ
بِهِمْ أَحَدٌ سَنَةً لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ اهـ انْتَهَى سم وَفِي
شَرْحِ م ر وَلَوْ لَمْ يَأْتُوا بِطَعَامِ الْيَوْمِ لَمْ يُطَالِبْهُمْ
بِهِ فِي الْغَدِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ سُقُوطُهُ مُطْلَقًا وَالْأَوْجَهُ
أَنَّهُ مَتَى شُرِطَ عَلَيْهِمْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً لَمْ يُحْسَبْ
هَذَا مِنْهَا مَا لَوْ شُرِطَ عَلَى كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ ضِيَافَةُ
عَشَرَةٍ مَثَلًا كُلَّ يَوْمٍ فَفُوِّتَتْ ضِيَافَةُ الْقَادِمِينَ فِي
بَعْضِ الْأَيَّامِ اُتُّجِهَ أَخْذُ بَدَلِهَا لِأَهْلِ الْفَيْءِ لَا
سُقُوطُهَا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ الضِّيَافَةِ فِي هَذِهِ
الصُّورَةِ كَبِيرُ أَمْرٍ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ إلَخْ)
لَا مَعْنَى لِزِيَادَةِ قَوْلِهِ أَقَلِّ إذْ الضِّيَافَةُ زَائِدَةٌ
عَلَى الْجِزْيَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَيُقَالُ إنَّ الشَّارِحَ ضَرَبَ
عَلَى قَوْلِهِ أَقَلِّ اهـ س ل وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ م ر وحج
أَنَّ ذِكْرَ الْأَقَلِّ مُتَعَيِّنٌ وَعِبَارَتُهُمَا مَعَ الْمَتْنِ:
زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ الْجِزْيَةِ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ مِنْ
الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجِزْيَةِ التَّمْلِيكُ وَمِنْ
الضِّيَافَةِ الْإِبَاحَةُ وَقِيلَ يَجُوزُ مِنْهَا أَيْ الْجِزْيَةِ
الَّتِي هِيَ أَقَلُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِوَاهَا وَرُدَّ
بِأَنَّ هَذَا كَالْمُمَاكَسَةِ انْتَهَتْ.
وَفِي سم قَوْلُهُ زَائِدٌ عَلَى جِزْيَةٍ عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَلَى
أَقَلِّ جِزْيَةٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهَا مِنْ
الْأَقَلِّ كَمَا قَالَهُ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ
يَعْقِدَ بِهِ الْجِزْيَةَ مِمَّا زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ وَأَمْكَنَهُ
زِيَادَةُ الضِّيَافَةِ عَلَيْهِ امْتَنَعَ النَّقْصُ لِأَنَّهُ مَهْمَا
كَانَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ فِعْلُهُ اهـ
(قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا خِلَافُ
الْأَوْلَى اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ شُرِطَ فَوْقَهَا مَعَ رِضَاهُمْ جَازَ
وَيُشْتَرَطُ تَزْوِيدُ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَوْ
امْتَنَعَ قَلِيلٌ مِنْهُمْ مِنْ الضِّيَافَةِ أُجْبِرُوا أَوْ كُلُّهُمْ
أَوْ أَكْثَرُهُمْ فَنَاقِضُونَ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ فَنَاقِضُونَ أَيْ
فَلَا يَجِبُ تَبْلِيغُهُمْ الْمَأْمَنَ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ
فِيهِمْ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ عَلَى مَا
يَرَاهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ
بِرِضَاهُمْ اهـ عَمِيرَةُ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا تَزِيدُ مُدَّتُهَا أَيْ لَا
تُنْدَبُ زِيَادَتُهَا عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ وَقَعَ تَوَافُقٌ عَلَى
زِيَادَةٍ جَازَ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا يُنْدَبُ اللُّبْثُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ
أَيَّامٍ إلَّا بِرِضَاهُمْ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا
يُنْدَبُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِمْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ
الْإِرْشَادِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَيَذْكُرَ عَدَدَ ضِيفَانٍ) أَيْ
وُجُوبًا اهـ ح ل وع ش وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَتْنَ يُقْرَأُ
بِالرَّفْعِ لَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ رَجْلًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ اهـ شَرْحُ
الرَّوْضِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَيُطْلَقُ الرَّجْلُ عَلَى الرَّاجِلِ وَهُوَ خِلَافُ
الْفَارِسِ وَجَمْعُ الرَّاجِلِ رَجْلٌ مِثْلَ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ
وَرَجَّالَةٌ وَرِجَالٌ أَيْضًا وَرَجِلَ رَجَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ قَوِيَ
عَلَى الْمَشْيِ وَالرُّجْلَةُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْهُ وَهُوَ ذُو
رُجْلَةٍ أَيْ قُوَّةٍ عَلَى الْمَشْيِ اهـ (قَوْلُهُ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ)
أَيْ وَبُيُوتِ فُقَرَاءَ لَا ضِيَافَةَ عَلَيْهِمْ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ
وَلَا
(5/220)
مِنْ خُبْزٍ وَسَمْنٍ وَزَيْتٍ وَنَحْوِهَا
(وَقَدْرِهِمَا لِكُلٍّ مِنَّا) وَيُفَاوِتَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَدْرِ
وَلَا فِي الصِّفَةِ بِحَسْبِ تَفَاوُتِ الْجِزْيَةِ وَيَذْكُرَ قَدْرَ
أَيَّامِ الضِّيَافَةِ فِي الْحَوْلِ كَمِائَةِ يَوْمٍ فِيهِ (وَيَذْكُرَ
الْعَلَفَ) لِلدَّوَابِّ (لَا جِنْسَهُ وَ) لَا (قَدْرَهُ) أَيْ لَا
يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُمَا فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيُحْمَلُ عَلَى تِبْنٍ
وَحَشِيشٍ وُقِّتَ بِحَسْبِ الْعَادَةِ (إلَّا الشَّعِيرَ) إنْ ذَكَرَهُ
(فَيُقَدِّرُهُ) وَلَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ دَوَابُّ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا
مِنْهَا لَمْ يَعْلِفْ لَهُ إلَّا وَاحِدَةً عَلَى النَّصِّ وَقَوْلِي لَا
جِنْسَهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى
الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ
أَهْلَ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ
رَجُلٍ وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ»
وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» وَلْيَكُنْ
الْمَنْزِلُ بِحَيْثُ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ.
(وَلَهُ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ) مِنْهُ وَلَوْ أَعْجَمِيًّا (أَدَاءُ
جِزْيَةٍ) لَا بِاسْمِهَا بَلْ (بِاسْمِ زَكَاةٍ إنْ رَآهُ) مَصْلَحَةً
وَيَسْقُطُ عَنْهُ اسْمُ الْجِزْيَةِ (وَ) لَهُ (تَضْعِيفُهَا) أَيْ
الزَّكَاةِ (عَلَيْهِ) كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَهُ أَيْضًا تَرْبِيعُهَا
وَتَخْمِيسُهَا وَنَحْوُهُمَا بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ (لَا الْجُبْرَانُ)
لِئَلَّا يَكْثُرَ التَّضْعِيفُ وَلِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ
فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فَفِي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ
شَاتَانِ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِنْتَا مَخَاضٍ وَفِي الْمُعَشِّرَاتِ
خُمُسُهَا أَوْ عُشْرُهَا وَفِي الرِّكَازِ خُمُسَانِ وَلَوْ مَلَكَ سِتًّا
وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ أَخْرَجَ بِنْتَيْ
مَخَاضٍ مَعَ إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ أَوْ حِقَّتَيْنِ مَعَ أَخْذِهِ
فَيُعْطِي فِي النُّزُولِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ
دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ فِي الصُّعُودِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلَ ذَلِكَ
لَكِنَّ الْخِيرَةَ فِي ذَلِكَ هُنَا لِلْإِمَامِ لَا لِلْمَالِكِ كَمَا
نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
يُخْرِجُ الضِّيفَانُ أَهْلَ مَنْزِلٍ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ
إعْلَاءُ أَبْوَابِهِمْ لِيَدْخُلَهَا الْمُسْلِمُونَ رُكْبَانًا اهـ
شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ مِنْ خُبْزٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر مِنْ بُرٍّ اهـ وَهِيَ
أَوْضَحُ لِأَنَّ الْخُبْزَ لَيْسَ جِنْسًا مَخْصُوصًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ
كَمِائَةِ يَوْمٍ فِيهِ) لَا يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ فَأَقَلَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ مِائَةُ يَوْمٍ
مَثَلًا وَيُشْرَطُ أَيْضًا أَنَّهُمْ إذَا وَقَعَتْ الضِّيَافَةُ يَمْكُثُ
عِنْدَهُمْ الضَّيْفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَتَكُونُ
الثَّلَاثَةُ مَثَلًا مَحْسُوبَةً مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي شَرَطَهَا
تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا الشَّعِيرَ) أَيْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْحُبُوبِ
الْمَكِيلَةِ وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْفُولَ
وَنَحْوَهُ كَذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَمْ
يُعَيِّنْ عَدَدًا) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا يُعْلَفُ لِلْوَاحِدِ
أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَّا بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ صَالَحَ أَهْلَ
أَيْلَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ
سَاكِنَةٌ وَآخِرَهُ هَاءٌ هُوَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ
بِالْعَقَبَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْحَجِّ الْمِصْرِيِّ وَهِيَ الْمُرَادُ
مِنْ الْقَرْيَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ
الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] الْآيَةَ
وَأَمَّا إيلْيَاءُ بِالْكَسْرِ لِلْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا
تَحْتِيَّةٌ وَآخِرَهُ يَاءٌ مَفْتُوحَةٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ
فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ
وَلْيَكُنْ الْمَنْزِلُ إلَخْ) سِيَاقُ م ر يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ
الْجُمْلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْحَدِيثِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْأَصْلِ
وَيُذْكَرُ مَنْزِلُ الضِّيفَانِ وَكَوْنُهُ لَائِقًا بِالْحَرِّ
وَالْبَرْدِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ إلَخْ) أَيْ لِتَكَبُّرِهِمْ عَنْ
الْجِزْيَةِ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ إنَّمَا هُوَ لِلصَّاغِرِينَ
الْمُحْتَقَرِينَ وَنَحْنُ عَرَبٌ شُجْعَانٌ فَمُرَادُهُمْ التَّشَبُّهُ
بِالْمُسْلِمِينَ فِي عَدَمِ الْحَقَارَةِ اهـ عَزِيزِيٌّ وَقَدْ يَجِبُ
عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا امْتَنَعُوا إلَّا بِهِ وَرَأَى
الْمَصْلَحَةَ
فِيهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ
وَلَوْ أَعْجَمِيًّا) إنَّمَا أَخَذَهُ غَايَةً لِأَنَّهُ رُبَّمَا
يُتَوَهَّمُ أَنَّ جَوَازَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرَبِ فَقَطْ
لِأَنَّ أَصْلَ الطَّلَبِ مِنْهُمْ أَيْ أَصْلَ طَلَبِ دَفْعِ الْجِزْيَةِ
بِاسْمِ الزَّكَاةِ الَّذِي وَقَعَ لَهُمْ مَعَ عُمَرَ كَانَ مِنْهُمْ أَيْ
مِنْ كُفَّارِ الْعَرَبِ اهـ (قَوْلُهُ بَلْ بِاسْمِ زَكَاةٍ) قَالَ فِي
شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَقَدْ عَرَّفَهَا حُكْمًا وَشَرْطًا اهـ سم
(قَوْلُهُ وَلَهُ تَضْعِيفُهَا إلَخْ) شَمِلَ ذَلِكَ أَمْوَالَ
التِّجَارَةِ فَيُضِيفُ زَكَاتَهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَخْذُ
عُشْرِ تِجَارَتِهِمْ لَوْ دَخَلُوا الْحِجَازَ اهـ عَمِيرَةُ قَالَ فِي
شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَهُ تَنْصِيفُهَا إنْ وَفَّى نِصْفَهَا بِدِينَارٍ
لِكُلِّ رَأْسٍ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ الزَّكَاةِ) أَيْ غَيْرِ زَكَاةِ
الْفِطْرِ فَإِنَّهَا لَا تُضَعَّفُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَ
عُمَرُ) أَيْ بِنَصَارَى الْعَرَبِ قَالُوا لِعُمَرَ نَحْنُ عَرَبٌ لَا
نُؤَدِّي مَا تُؤَدِّيهِ الْعَجَمُ فَخُذْ مِنَّا مَا يَأْخُذُهُ
بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يَعْنُونَ الزَّكَاةَ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا فَرْضُ
اللَّهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالُوا فَخُذْ مِنَّا مَا شِئْت بِهَذَا
الِاسْمِ فَتَرَاضَوْا أَنْ تُضَعَّفَ الزَّكَاةُ عَلَيْهِمْ اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر اقْتِدَاءً بِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - مَعَ مَنْ تَنَصَّرَ مِنْ الْعَرَبِ قَبْلَ بَعْثَةِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ بَنُو تَغْلِبَ وَتَنُوخُ
وَبَهْرَاءُ وَقَالُوا لَا نُؤَدِّي إلَّا كَالْمُسْلِمِينَ فَأَبَى
فَأَرَادُوا اللُّحُوقَ بِالرُّومِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى تَضْعِيفِ
الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَقَالَ هَؤُلَاءِ حَمْقَى أَبَوْا الِاسْمَ
وَرَضُوا بِالْمَعْنَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لَا الْجُبْرَانُ) قَالَ فِي
أَصْلِهِ فِي الْأَصَحِّ قَالَ م ر وَالثَّانِي يُضَعَّفُ فَيُؤْخَذُ مَعَ
كُلِّ بِنْتِ مَخَاضٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا اهـ
فَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ: فَيُعْطِي فِي
النُّزُولِ إلَخْ لَيْسَ فِيهِ تَضْعِيفٌ لِلْجُبْرَانِ لِمَا عَلِمْت مِنْ
أَنَّ مَعْنَى تَضْعِيفِهِ أَنْ يُضَعِّفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ
لِئَلَّا يَكْثُرَ التَّضْعِيفُ) أَيْ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يُقَالَ
بِهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ ارْتَقَى وَأَخَذَ مِنَّا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ) أَيْ لِأَنَّ الزَّكَاةَ
لَا تُؤْخَذُ فِيهَا الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ فَفِي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ
إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ أَرَادَ تَضْعِيفَ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا
وَرُدَّتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا أَوْ مُطْلَقُ
الْمَالِ الزَّكَوِيِّ اقْتَضَى عَدَمَ الْأَخْذِ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ
وَهُوَ بَعِيدٌ وَلَمْ أَرَهُ اهـ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَضْعِيفُهَا إلَّا
فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إذْ لَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ ابْتِدَاءً وَإِلَّا
فِي الْمَعْلُوفَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَكَوِيَّةً الْآنَ وَلَا عِبْرَةَ
بِالْجِنْسِ وَإِلَّا وَجَبَتْ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ الْآتِي اهـ حَجّ
وَمِثْلُهُ شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ خُمُسُهَا) أَيْ إنْ سُقِيَتْ بِلَا مُؤْنَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ
عُشْرُهَا أَيْ إنْ سُقِيَتْ بِمُؤْنَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَيُعْطِي فِي
النُّزُولِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ) أَيْ فَإِذَا أَخَذَ الْإِمَامُ بِنْتَيْ
مَخَاضٍ أَخَذَ جُبْرَانَيْنِ وَهَكَذَا وَلَا يُقَالُ هَذَا تَضْعِيفٌ
لِأَنَّا نَقُولُ التَّضْعِيفُ أَنْ يَأْخُذَ لِلْوَاحِدَةِ جُبْرَانَيْنِ
فَأَكْثَرَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْخِيرَةَ هُنَا فِي ذَلِكَ
لِلْإِمَامِ) إنَّمَا كَانَتْ الْخِيرَةُ لِلْإِمَامِ لِاتِّهَامِ
الْكَافِرِ فَلَمْ يُفَوَّضْ الْأَمْرُ إلَى خِيرَتِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْله فِي ذَلِكَ) أَيْ الْجُبْرَانِ فِي أَخْذِهِ أَوْ دَفْعِهِ اهـ
رَشِيدِيٌّ
(5/221)
(وَلَا يَأْخُذُ قِسْطَ بَعْضِ نِصَابٍ)
كَشَاةٍ مِنْ عِشْرِينَ شَاةً وَنِصْفِ شَاةٍ مِنْ عَشْرَةٍ لِأَنَّ
الْأَثَرَ إنَّمَا وَرَدَ فِي تَضْعِيفِ مَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ (ثُمَّ
الْمَأْخُوذُ) مِنْهُ مُضَعَّفًا أَوْ غَيْرَ مُضَعَّفٍ (جِزْيَة)
فَيُصْرَفُ مَصْرِفَهَا وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ هَؤُلَاءِ حَمْقَى أَبَوْا
الِاسْمَ وَرَضَوْا بِالْمَعْنَى وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا
تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَيُزَادُ عَلَى
الضَّعْفِ إنْ لَمْ يَفِ بِدِينَارٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى أَنْ يَفِيَ.
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ غَيْرِ مَا مَرَّ (لَزِمَنَا)
بِعَقْدِهَا لِلْكُفَّارِ (الْكَفُّ) عَنْهُمْ (مُطْلَقًا) عَنْ
التَّقْيِيدِ بِمَا يَأْتِي بِأَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ نَفْسًا
وَمَالًا وَسَائِرَ مَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ لَمْ
يُظْهِرُوهُمَا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِعِصْمَتِهَا
وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ
انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا
بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(وَالدَّفْعُ) أَيْ دَفْعُ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ
قَوْلِهِ وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ (عَنْهُمْ) إنْ كَانُوا بِدَارِنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ قِسْطَ بَعْضِ نِصَابٍ) وَلَا يَلْزَمُ عَلَى
ذَلِكَ الْقَوْلُ بِبَقَاءِ مُوسِرٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ جِزْيَةٍ
لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِلْأَشْخَاصِ هُنَا بَلْ لِمَجْمُوعِ الْحَاصِلِ
هَلْ يَفِي بِرُءُوسِهِمْ أَوْ لَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
الشَّارِحِ بَعْدُ وَيُزَادُ عَلَى الضِّعْفِ إنْ لَمْ يَفِ بِدِينَارٍ
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إلَى أَنْ يَفِيَ بِرُؤْسِهِمْ وَهَلْ يُعْتَبَرُ
النِّصَابُ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ آخِرَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا
أَوَّلُهُمَا إلَّا فِي مَالِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهِ اهـ شَرْحُ م ر
بِزِيَادَةٍ.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ قِسْطَ بَعْضِ نِصَابٍ فَإِنْ
قِيلَ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ يُقَرُّ بِلَا
جِزْيَةٍ فَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ أَهْلِ
الْأَمْوَالِ يُؤْخَذُ عَنْهُمْ وَعَنْ غَيْرِهِمْ وَلِبَعْضِهِمْ أَنْ
يَلْتَزِمَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ انْتَهَتْ وَلِأَنَّ دَفْعَ
الْجِزْيَةِ كَدَفْعِ الدَّيْنِ وَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ دَفْعُ دَيْنِ
غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَشَاةٍ مِنْ عِشْرِينَ
شَاةً) هَذَا إنْ لَمْ يُخَالِطْ غَيْرَهُ فَإِنْ خَلَطَ عِشْرِينَ
بِعِشْرِينَ لِغَيْرِهِ أُخِذَ مِنْهَا شَاةٌ إنْ ضَعَّفْنَا اهـ سُلْطَانٌ
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
قَالَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ
بِهَا} [التوبة: 103] وَالْكَافِرُ لَا يُطَهَّرُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ لَمْ نَجِدْ لَهُمْ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ مَالًا
زَكَوِيًّا لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيُتَّجَهُ الْأَخْذُ مِنْ بَاقِي
أَمْوَالِهِمْ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَيُزَادُ عَلَى الضِّعْفِ
إنْ لَمْ يَفِ بِدِينَارٍ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ مِقْدَارُ الزَّكَاةِ يَفِي
بِأَقَلِّ الْجِزْيَةِ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَقِيلَ تَجِبُ
لِئَلَّا يَسْتَوُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي وَاجِبِ الزَّكَاةِ اهـ
عَمِيرَةُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ شُرِطَ الضِّعْفُ
لِلزَّكَاةِ وَكَثُرَ أَيْ زَادَ عَلَى دِينَارٍ وَبَذَلُوا الدِّينَارَ
وَحْدَهُ بِأَنْ سَأَلُوا إسْقَاطَ الزَّائِدِ وَإِعَادَةَ اسْمِ
الْجِزْيَةِ أُجِيبُوا إلَيْهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ أَجَابَهُمْ حَتْمًا انْتَهَتْ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ
وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ غَيْرِ مَا مَرَّ]
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ)
أَيْ فِي بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ مِمَّا يُطْلَبُ مِنَّا لَهُمْ
أَوْ عَكْسُهُ أَوْ يَمْتَنِعُ كَذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ غَيْرُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الضِّيَافَةِ وَالْمُعَاوَنَةِ
فِيهَا وَعَدَمِ إقْرَارِهِمْ بِبِلَادِ الْحِجَازِ وَجُمْلَةُ
الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ نَحْوُ الثَّلَاثِينَ
وَانْظُرْ هَلْ هِيَ مُخْتَصَّةٌ بِعَقْدِ الْجِزْيَةِ كَمَا هُوَ
الْمُتَبَادَرُ مِنْ السِّيَاقِ أَوْ تَتَرَتَّبُ عَلَى عَقْدِ الْأَمَانِ
وَالْهُدْنَةِ أَيْضًا وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ إلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ
بَعْضِهَا بِالْجِزْيَةِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ اُنْتُقِضَ أَمَانُهُ إلَخْ
تَعَرَّضَ الشَّوْبَرِيُّ إلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ بَعْضٍ مِنَّا وَهُوَ
قَوْلُ الْمَتْنِ وَأَمَرَهُمْ بِغِيَارٍ إلَخْ فَلْيُنْظَرْ حُكْمُ
الْبَاقِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَزِمَنَا بِعَقْدِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ
الشَّيْخِ ابْنِ قَاسِمٍ نَصُّهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ يَلْزَمُنَا
بِعَقْدِ الذِّمَّةِ الصَّحِيحِ لِلْكُفَّارِ الْكَفُّ عَنْهُمْ إلَخْ
وَلَمْ يُبَيِّنْ مَفْهُومَ قَيْدِ الصَّحِيحِ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ إذَا صَحَّ عَقْدُ الذِّمَّةِ لَزِمَنَا كَذَا
وَلَزِمَهُمْ كَذَا وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ إنَّمَا
تَلْزَمُ إذَا صَحَّ عَقْدُهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا عَنْ
التَّقْيِيدِ بِمَا يَأْتِي) الَّذِي يَأْتِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانُوا
بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِ حَرْبٍ بِهَا مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ نَفْسًا وَمَالًا
إلَخْ) لَوْ غَصَبَ مُسْلِمٌ خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ وَجَبَ رَدُّهَا عَلَى
الصَّحِيحِ وَلَوْ أُسِرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَوْ غُصِبَ لَهُ مَالٌ وَجَبَ
تَخْلِيصُهُ عَلَيْنَا وَمِنْ ثَمَّ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ
غَيْبَتُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ
كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) أَيْ وَكَعَدِمِ مُطَالَبَتِهِمْ بِالصَّلَوَاتِ
الْخَمْسِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ أَلَا مَنْ ظَلَمٍ إلَخْ) الْأَدَاةُ تَنْبِيهٌ وَاسْتِفْتَاحٌ
وَمَنْ اسْمٌ مَوْصُولٌ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فَأَنَا حَجِيجُهُ خَبَرُهُ
أَوْ اسْمُ شَرْطٍ جَازِمٍ خَبَرُهُ إمَّا فِعْلُ الشَّرْطِ أَوْ
الْجَزَاءِ أَوْ هُمَا عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ
وَلْيُحَرَّرْ مَعَانِي أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَجْهُ تَغَايُرِهَا
اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ
انْتَقَصَهُ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لِبَعْضِ الظُّلْمِ فَهُوَ مِنْ
عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَيْ احْتَقَرَهُ لَا مِنْ حَيْثُ
كُفْرُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ صِفَاتٌ اقْتَضَتْهُ بِنِسْبَتِهِ لَهَا وَإِنْ
كَانَتْ فِيهِ كَمَا يَحْرُمُ انْتِقَاصُ الْمُسْلِمِ بِغَيْبَتِهِ وَإِنْ
كَانَ بِصِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ «فَأَنَا حَجِيجُهُ» ) أَيْ
خَصْمُهُ لِمُخَالَفَتِهِ شَرِيعَتِي بِعَدَمِ عَمَلِهِ بِالْحُكْمِ
الَّذِي أَلْزَمْته بِهِ مِنْ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ وَهَذَا خَرَجَ
مَخْرَجَ الزَّجْرِ وَالتَّخْوِيفِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى تَشْرِيفِ
الذِّمِّيِّ أَوْ يُقَالُ إنَّمَا كَانَ حَجِيجًا تَشَرُّفًا لِلْمُسْلِمِ
صَوْنًا لَهُ عَنْ مُخَاصَمَةِ الْكَافِرِ إيَّاهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ع ش
عَلَى م ر قَوْلُهُ فَأَنَا حَجِيجُهُ أَيْ خَصْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
سَبَبُ ذَلِكَ التَّشْدِيدُ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى لَا يَكُونَ
مُخَالِفًا لِشَرِيعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا
فَعَلَ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ مِنْ حَسَنَاتِ الْمُسْلِمِ أَخَذَ
مِنْهَا مَا يُكَافِئُ جِنَايَتَهُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ
تَعْظِيمًا لِلذِّمِّيِّ وَلَا عَفْوًا عَنْ ذُنُوبِهِ بَلْ هُوَ
بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ أُخِذَ مِنْهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِذَلِكَ عَذَابُ غَيْرِ الْكُفْرِ
(5/222)
أَوْ بِدَارِ حَرْبٍ فِيهَا مُسْلِمٌ (لَا)
إنْ كَانُوا (بِدَارِ حَرْبٍ خَلَتْ عَنْ مُسْلِمٍ) فَلَا يَلْزَمُنَا
الدَّفْعُ عَنْهُمْ إذْ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهَا بِخِلَافِ
دَارِنَا (إلَّا إنْ شُرِطَ) الدَّفْعُ عَنْهُمْ (أَوْ انْفَرَدُوا
بِجِوَارِنَا) فَيَلْزَمُنَا ذَلِكَ لِالْتِزَامِنَا إيَّاهُ فِي الْأُولَى
وَإِلْحَاقًا لَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ بِنَا فِي الْعِصْمَةِ وَقَوْلِي لَا
بِدَارِ إلَّا إنْ شُرِطَ مَعَ تَقْيِيدِ مَا بَعْدَهُ بِقَوْلِي
بِجِوَارِنَا مِنْ زِيَادَتِي.
(و) لَزِمَنَا (ضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا مَالًا) أَيْ
يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ لِعِصْمَتِهِمْ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا.
(و) لَزِمَنَا (مَنْعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ وَنَحْوهَا) كَبِيعَةٍ
وَصَوْمَعَةٍ لِلتَّعَبُّدِ فِيهِمَا (و) لَزِمَنَا (هَدْمُهُمَا) بِبَلَدٍ
أَحْدَثْنَاهُ كَبَغْدَادَ وَالْقَاهِرَةِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ
كَالْيَمَنِ وَالْمَدِينَةِ أَوْ فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً كَمِصْرِ
وَأَصْبَهَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
وَكَذَا لَوْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُسْلِمِ حَسَنَاتٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ
سَيِّئَاتِ الْكَافِرِ مَا يُخَفَّفُ بِهِ عَذَابُهُ وَيَسْتَحِقُّ
الْمُسْلِمُ الْعِقَابَ عَلَى جِنَايَتِهِ عَلَى الْكَافِرِ بِمَا
يُقَابِلُهَا فِي الْعُقُوبَةِ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِهِ لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلذِّمِّيِّ لَا
لِتَعْظِيمِهِ اهـ
وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالُوا وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ
لِلزَّجْرِ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى
حَقِيقَتِهِ وَيَكُونُ حِكْمَتُهُ صَوْنَ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَوَهُّمِ نَقْصِ مَقَامِهِمْ النَّاشِئِ عَنْ
مُسَاوَاتِهِمْ لِلْكُفَّارِ فِي قِيَامِهِمْ مَعَهُمْ فِي مَوْقِفِ
الْمُخَاصَمَةِ وَهَذَا مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَالُ مُخَاصَمَتُهُ عَنْ الْكَافِرِ إنْ لَمْ
تَكُنْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ فُضُولِيٌّ أَوْ كَانَتْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ
وَكِيلٌ عَنْهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُنَاسِبُ مَقَامَهُ الشَّرِيفَ
لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَيَالِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ
الْحَاكِمَ نَائِبُ الْغَائِبِينَ فِي حُقُوقِهِمْ وَلَا يُقَالُ فِيهِ
إنَّهُ فُضُولِيٌّ وَلِأَنَّ فِي مُخَاصَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْضَحَ
دَلِيلٍ وَأَقْوَى شَاهِدٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعِي أُمَّتَهُ فِي
أَخْذِ حَقِّ عَدُوِّهِمْ مِنْهُمْ وَلَوْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ وَلِأَنَّ
فِيهِ تَنْبِيهًا لِلْكَافِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ
يَتَحَاشَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِ خَشْيَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَاعِي أُمَّتَهُ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مِنْهُمْ
وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي وَكَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَافِرِ تَوَهُّمُ نَقْصٍ فِي مَقَامِهِ كَمَا عُلِمَ
مِمَّا مَرَّ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ بِدَارِ حَرْبٍ
فِيهَا مُسْلِمٌ) إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا دَفْعُ الْمُسْلِمِ
عَنْهُمْ أَوْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ عَنْ الْمُسْلِمِ إلَّا
بِالدَّفْعِ عَنْهُمْ فَقَرِيبٌ أَوْ دَفْعُ الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ
بِخُصُوصِهِمْ فَبَعِيدٌ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ ع
ش وَسُلْطَانٌ وَمِثْلُهُمَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِجِوَارِنَا) بِكَسْرِ
الْجِيمِ وَضَمِّهَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ اهـ مُخْتَارٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ
إلَّا إنْ شُرِطَ إلَخْ) الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ فَهِيَ أَيْضًا مِنْ
زِيَادَتِهِ فَاَلَّذِي لِلْأَصْلِ هُنَا هُوَ قَوْلُهُ أَوْ انْفَرَدُوا
فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ وَلَزِمَنَا دَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ
وَقِيلَ إنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ
انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَلَزِمَنَا ضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ) فِي الْعُبَابِ
وَمَنْ أَتْلَفَ لَهُمْ نَفْسًا أَوْ مَالًا قَبْلَ نَقْضِهِمْ لَا
بَعْدَهُ ضَمِنَهُ انْتَهَى وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي
الْإِتْلَافِ بَعْدَ نَقْضِهِمْ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ
الْمَأْمَنَ فِيمَا إذَا اخْتَارُوا الْعَوْدَ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ
الْحَرْبِ مَثَلًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم (قَوْلُهُ
بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا) لَكِنْ مَنْ غَصَبَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ
رَدُّهَا عَلَيْهِمْ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَعْصِي
بِإِتْلَافِهَا إلَّا إنْ أَظْهَرُوهَا اهـ س ل.
(قَوْلُهُ وَمَنْعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ اهـ
بُرُلُّسِيٌّ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ شُرِطَ إحْدَاثُهَا فِي
بِلَادِنَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ
يُرَادَ بِبِلَادِنَا مَا يَشْمَلُ مَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ وَمَا
أَحْدَثْنَاهُ وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا مُطْلَقًا
فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم وَالْكَنِيسَةُ مُتَعَبَّدُ النَّصَارَى
وَالْبِيعَةُ مُتَعَبَّدُ الْيَهُودِ وَالصَّوْمَعَةُ مُتَعَبَّدُ
النَّصَارَى أَيْضًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ لَنَا
دُخُولُهَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُقَرَّءُونَ
عَلَيْهَا جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ لِأَنَّهَا وَاجِبَةُ الْإِزَالَةِ
وَإِنْ كَانَ فِيهَا صُوَرٌ حَرُمَ قَطْعًا وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ وَكَذَا
كُلُّ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِلتَّعَبُّدِ
فِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمَّا الَّتِي
لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَجُوزُ إنْ كَانَتْ
لِعُمُومِ النَّاسِ فَإِنْ قَصَرُوهَا عَلَى أَهْلِ دِينِهِمْ فَوَجْهَانِ
وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ اهـ ز ي (قَوْلُهُ وَلَزِمَنَا هَدْمُهُمَا)
أَيْ إنْ خَالَفُونَا وَأَحْدَثُوا أَوْ وَجَدْنَاهُمَا فِيمَا ذُكِرَ
وَلَمْ يَحْتَمِلْ أَنَّهُ كَانَ بِبَرِّيَّةٍ ثُمَّ اتَّصَلَ اهـ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِبَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ
الْمَنْعِ وَالْهَدْمِ فَصُوَرُ التَّعْمِيمِ الْمَذْكُورَةُ خَمْسَةٌ
وَقَوْلُهُ لَا بِبَلَدٍ إلَخْ هُمَا صُورَتَانِ يَجُوزُ فِيهِمَا
الْإِحْدَاثُ وَالْإِبْقَاءُ فَالصُّوَرُ سَبْعٌ تَجْرِي فِي
الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ
أَيْضًا بِبَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُفِيدِ الْعُمُومِ
وَالْإِطْلَاقِ الَّذِي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَفِيهِ أَيْضًا بَيَانُ
مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا
الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ لَا بِبَلَدٍ إلَخْ فَقَوْلُهُ أَحْدَثْنَاهُ
أَيْ أَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ
وَقَوْلُهُ أَوْ فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً مُحْتَرَزُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ
أَوْ صُلْحًا مُطْلَقًا مُحْتَرَزُ الثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَشُرِطَ
لَنَا أَوْ لَهُمْ وَقَوْلُهُ أَوْ شُرِطَ إلَخْ مُحْتَرَزُ الرَّابِعِ
وَهُوَ قَوْلُهُ مَعَ إحْدَاثِهِمَا أَوْ إبْقَائِهِمَا تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ كَبَغْدَادَ وَالْقَاهِرَةِ) أَيْ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ
اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْمَدِينَةِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِجَازِ
وَهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ سُكْنَاهُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ اهـ س ل
وزي وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ وَالْمَدِينَةِ مِثَالٌ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ
عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَدِينَةَ مِنْ الْحِجَازِ وَهُمْ لَا
يُمَكَّنُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ كَمِصْرِ) أَيْ عَلَى
الصَّحِيحِ وَكَذَا
(5/223)
أَوْ صُلْحًا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ
كَوْنِهِ لَنَا وَلَمْ نَشْرِطْ إحْدَاثَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَنْعِ
وَلَا إبْقَاءَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهَدْمِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَنَا (لَا
بِبَلَدٍ فَتَحْنَاهُ صُلْحًا وَشُرِطَ) كَوْنُهُ (لَنَا مَعَ
إحْدَاثِهِمَا) فِي الْأُولَى (أَوْ إبْقَائِهِمَا) فِي الثَّانِيَةِ
(أَوْ) شُرِطَ كَوْنُهُ (لَهُمْ) وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهُ فَلَا
نَمْنَعُهُمْ إحْدَاثهمَا وَلَا نَهْدِمُهُمَا لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ فِيمَا
إذَا شُرِطَ لَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا إحْدَاثَهُمَا أَوْ
إبْقَاءَهُمَا فِيمَا إذَا شُرِطَ لَنَا نَعَمْ لَوْ وَجَدْنَا بِبَلَدٍ
لَمْ نَعْلَمْ إحْدَاثَهُمَا بِهِ بَعْدَ إحْدَاثِهِ أَوْ الْإِسْلَامِ
عَلَيْهِ أَوْ فَتْحِهِ وَلَا وَجُودَهُمَا عِنْدَهَا لَمْ نَهْدِمْهُمَا
لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا كَانَتَا فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ
فَاتَّصَلَتْ بِهِمَا عِمَارَتُنَا وَقَوْلِي وَنَحْوُهَا مِنْ زِيَادَتِي
وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْفَتْحِ صُلْحًا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِ
الْبَلَدِ لَنَا مَعَ شَرْطِ إحْدَاثِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ
الشَّيْخَانِ فِي الْأَخِيرَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ
وَأَقَرَّاهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ صَرَّحَ
الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَنْعِ وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَهُ عَلَى مَا
إذَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ وَمَسْأَلَةُ الْهَدْمِ بِبَلَدِ
أَحْدَثْنَاهُ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(و) لَزِمَنَا (مَنْعُهُمْ مُسَاوَاةَ بِنَاءٍ لِبِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ)
وَرَفْعِهِ عَلَيْهِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى وَإِنْ رَضِيَ لِحَقِّ
الْإِسْلَامِ وَلِخَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ»
وَلِئَلَّا يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِنَا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ
الْبِنَاءَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَارٌ مُسْلِمٌ
كَأَنْ انْفَرَدُوا بَقَرِيَّةٍ أَوْ بَعُدُوا عَنْ بِنَاءِ الْمُسْلِمِ
عُرْفًا إذَا الْمُرَادُ بِالْجَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
قُرَاهَا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ صُلْحًا مُطْلَقًا) أَيْ
لَا بِشَرْطٍ لَنَا وَلَا لَهُمْ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي مِلْكَ
الْأَرْضِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَنَا) تَعْلِيلٌ لِلصُّوَرِ
الْخَمْسِ (قَوْلُهُ لَا بِبَلَدٍ فَتَحْنَاهُ صُلْحًا إلَخْ) هَلْ
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ مَعَ شَرْطِ الْإِحْدَاثِ تَبْيِينُ مَا
يُحْدِثُونَهُ مِنْ كَنِيسَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَمِقْدَارُ الْكَنِيسَةِ أَوْ
يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّةُ مَعَ
الْإِطْلَاقِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مِثْلِهِمْ فِي
مِثْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَخْتَلِفُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ اهـ ع ش
عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَشُرِطَ كَوْنُهُ لَنَا مَعَ إحْدَاثِهِمَا) وَمَا
فُتِحَ مِنْ دِيَارِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِشَرْطِ مَا ذُكِرَ لَوْ
اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ بَعْدُ كَبَيْتِ الْقُدْسِ ثُمَّ فُتِحَ بِشَرْطٍ
يُخَالِفُ ذَلِكَ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ
بِالْفَتْحِ صَارَ دَارَ إسْلَامٍ فَلَا يَعُودُ دَارَ كُفْرٍ أَوْ
بِالشَّرْطِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ انْفَسَخَ بِهِ وَإِنْ لَمْ
تَصِرْ دَارَ كُفْرٍ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ اهـ شَرَحَ م ر
(قَوْلُهُ أَوْ إبْقَاؤُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ) وَإِذَا شُرِطَ
الْإِبْقَاءُ فَلَهُمْ التَّرْمِيمُ وَلَوْ بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ وَلَهُمْ
تَطْيِينُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ
كَانَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ
مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً حَتَّى فِي
حَقِّهِمْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ الْإِذْنُ
لَهُمْ فِيهِ وَلَا لِمُسْلِمٍ إعَانَتُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا إيجَارُ
نَفْسِهِ لِلْعَمَلِ فِيهِ اهـ س ل (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وُجِدْنَا
بِبَلَدٍ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَنَا هَدْمُهُمَا
إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَهَا) أَيْ عِنْدَ الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ
الْإِحْدَاثُ وَالْإِسْلَامُ عَلَيْهِ وَفَتْحُهُ أَيْ عِنْدَ أَحَدِهَا
(قَوْلُهُ لَمْ نَهْدِمْهُمَا) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ خَصَّهُ الْجَلَالُ
الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْبَلَدِ الَّذِي أَحْدَثْنَاهُ
وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَأَتِّيهِ فِي الْآخَرَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُصُوصًا
فِي الْأَخِيرَةِ فَإِنَّا إذَا فَتَحْنَا بَلَدًا عَنْوَةً صَارَ
عَامِرُهَا وَمَوَاتُهَا أَرْضَ إسْلَامٍ وَإِنْ كَانَ الْمَوَاتُ لَا
يُمْلَكُ إلَّا بِالْإِحْيَاءِ فَكَيْفَ يَفِرُّونَ عَلَى شَيْءٍ فِي
أَرْضٍ جَرَى عَلَيْهَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَهَبْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي
بَرِّيَّةٍ وَاتَّصَلَ أَلَيْسَ لِتِلْكَ الْبَرِّيَّةِ حُكْمُ بِلَادِ
الْإِسْلَامِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْفَتْحِ وَالِاسْتِيلَاءِ لِذَلِكَ
نَعَمْ إنْ شَكَكْنَا فِي عُمُومِ الْفَتْحِ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ اتَّجَهَ
ذَلِكَ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْفَتْحِ
مُطْلَقًا) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ
الرَّابِعَةُ فِي كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِ الْبَلَدِ
لَنَا إلَخْ هَذِهِ مِمَّا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ الْأَوْلَى
مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ مَنْعِ
إحْدَاثِهِمَا الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ وَلَزِمَنَا مَنْعُهُمْ مُسَاوَاةَ) أَيْ إحْدَاثَ الْمُسَاوَاةِ
فَخَرَجَ مَا لَوْ مَلَكَ ذِمِّيٌّ دَارًا عَالِيَةً فَلَا يُكَلَّفُ
هَدْمَهَا بَلْ يُمْنَعُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى
الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ صُعُودِ سَطْحِهَا بِلَا تَحْجِيزٍ أَيْ بِنَاءِ مَا
يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ زِيَادَةً
فِعْلِيَّةً إنْ كَانَ بِنَحْوِ بِنَاءٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ
لِمَصْلَحَتِنَا لَمْ نَنْظُرْ فِيهِ لِذَلِكَ وَيَبْقَى رَوْشَنُهَا كَمَا
اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْإِسْلَامِ قَدْ زَالَ
لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ
وَلَهُ اسْتِئْجَارُهَا أَيْضًا وَسُكْنَاهَا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ
قَبْلَهُ مِنْ مَنْعِهِ الْإِشْرَافَ مِنْهَا وَمَنْعِ صِبْيَانِهِ مِنْ
صُعُودِ سَطْحِهَا إلَّا بَعْدَ تَحْجِيزِهِ وَلَوْ انْهَدَمَتْ هَذِهِ
الدَّارُ فَلَهُمْ إعَادَتُهَا وَلَكِنْ يُمْنَعُونَ مِنْ الرَّفْعِ
وَالْمُسَاوَاةِ وَلَوْ بَنَى دَارًا عَالِيَةً أَوْ مُسَاوِيَةً ثُمَّ
بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ لَمْ يَسْقُطْ الْهَدْمُ إنْ كَانَ بَعْدَ حُكْمِ
الْحَاكِمِ وَإِلَّا سَقَطَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ
فَإِنَّهُ يَبْقَى تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَوْ رَفَعَ
بِنَاءَهُ عَلَى بِنَاءِ مُسْلِمٍ اتَّجَهَ عَدَمُ سُقُوطِ هَدْمِهِ
بِتَعْلِيَةِ الْمُسْلِمِ بِنَاءَهُ أَوْ شِرَائِهِ لَهُ أَخْذًا مِنْ
قَوْلِهِمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الصُّلْحِ وَالْعَارِيَّةِ يَثْبُتُ
لِلْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِبَائِعِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر مَعَ زِيَادَةٍ
مِنْ الزِّيَادِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) أَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ بِمَنْعِ بُرُوزِهِمْ فِي نَحْوِ
النِّيلِ عَلَى جَارٍ مُسْلِمٍ لِإِضْرَارِهِمْ لَهُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى
عَوْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالْإِعْلَاءِ قَالَ بَلْ قِيَاسُ مَنْعِ
الْمُسَاوَاةِ ثَمَّ مَنْعُهَا هُنَا اهـ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ جَازَ
ذَلِكَ فِي أَصْلِهِ أَمَّا إذَا مُنِعَ مِنْ هَذَا حَتَّى الْمُسْلِمُ
كَمَا مَرَّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا نَعَمْ
يَتَّجِهُ فِي نَهْرٍ حَادِثٍ مَمْلُوكَةٍ حَافَّتَاهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ
لِبِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا وَقَدَرَ عَلَى
رَفْعِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ نَعَمْ يَتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ
تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اُعْتِيدَ مِثْلُهُ لِلسُّكْنَى وَإِلَّا لَمْ
يُكَلَّفْ الذِّمِّيُّ النَّقْصَ عَنْ أَقَلِّ الْمُعْتَادِ وَإِنْ عَجَزَ
الْمُسْلِمُ عَنْ تَتْمِيمِ بِنَائِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَرَفْعِهِ
عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ خَافُوا نَحْوَ سُرَّاقٍ يَقْصِدُونَهُمْ
كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَأَنْ انْفَرَدُوا
بِقَرْيَةٍ) أَيْ وَكَأَنْ كَانَتْ دَارُ الذِّمِّيِّ مُلَاصِقَةً لِدَارِ
مُسْلِمٍ مِنْ أَحَدِ جَوَانِبِهَا فَقَطْ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ
الْجَانِبِ عَدَمُ الِارْتِفَاعِ وَالْمُسَاوَاةِ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ
فِي بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ لِأَنَّهُ لَا جَارَ فِيهِ اهـ س ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ لَاصَقَتْ أَبْنِيَتُهُمْ دُورَ الْبَلَدِ
مِنْ جَانِبٍ جَازَ الرَّفْعُ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ أَيْ حَيْثُ
(5/224)
أَهْلُ مَحَلَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ
الْبَلَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(و) مَنْعُهُمْ (رُكُوبًا لِخَيْلٍ) لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا وَاسْتَثْنَى
الْجُوَيْنِيُّ الْبَرَاذِينَ الْخَسِيسَةَ وَخَرَجَ بِالْخَيْلِ غَيْرُهَا
كَالْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ وَلَوْ نَفِيسَةً (و) رُكُوبًا (بِسَرْجٍ أَوْ
رَكْبِ نَحْوِ حَدِيدٍ) كَرَصَاصٍ تَمْيِيزًا لَهُمْ عَنَّا بِخِلَافِ
بَرْذعَةٍ وَرَكْبِ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُؤَمَّرُونَ بِالرُّكُوبِ
عَرْضًا وَقِيلَ لَهُمْ الِاسْتِوَاءُ وَاسْتَحْسَنَ الشَّيْخَانِ
الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ قَالَ ابْنُ
كَجٍّ وَهَذَا فِي الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ أَيْ الْعُقَلَاءِ وَنَحْوُ
مِنْ زِيَادَتِي.
(و) لَزِمَنَا (إلْجَاؤُهُمْ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لِزَحْمَتِنَا
إلَى أَضْيَقِ طُرُقٍ) بِحَيْثُ لَا يَقَعُونَ فِي وَهْدَةٍ وَلَا
يَصْدِمُهُمْ جِدَارٌ رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «لَا تَبْدَءُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي
طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ فَإِنْ خَلَتْ الطُّرُقُ عَنْ
الزَّحْمَةِ فَلَا حَرَجَ» .
(و) لَزِمَنَا (عَدَمُ تَوْقِيرِهِمْ و) عَدَمُ (تَصْدِيرِهِمْ بِمَجْلِسٍ)
بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِهِ مُسْلِمٌ) إهَانَةً لَهُمْ.
(و) لَزِمَنَا (أَمْرُهُمْ) أَعْنِي الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءَ مِنْهُمْ
(بِغِيَارٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
لَا إشْرَافَ مِنْهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ
لَمْ يُلَاصِقُوهُ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَعْلُو عَلَى أَهْلِ
مَحَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُلَاصِقُوهُ وَلَا يَعْلُو عَلَى مُلَاصِقِيهِ
وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَهْلِ
مَحَلَّتِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَحَلُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ
وَالْكَسْرُ لُغَةٌ حَكَاهَا ابْنُ الْقَطَّاعِ مَوْضِعُ الْحُلُولِ
وَالْمَحِلُّ بِالْكَسْرِ الْأَجَلُ وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ
يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ
الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَاسْتَوْجَهَهُ شَيْخُنَا وَضَعَّفَهُ حَجّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَرُكُوبًا لِخَيْلٍ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ
الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُهُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا فِي مَوَاطِنِ
زَحْمَتِنَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ حَمْلِ
السِّلَاحِ وَمِنْ التَّخَتُّمِ وَلَوْ بِفِضَّةٍ وَاسْتِخْدَامِ مَمْلُوكٍ
فَارِهٍ أَيْ مَلِيحٍ حَسَنٍ كَتُرْكِيٍّ وَمِنْ خِدْمَةِ الْأُمَرَاءِ
كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْأُولَى
الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ بَلْ أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ وَمِنْ خِدْمَةِ الْأُمَرَاءِ أَيْ خِدْمَةٍ تُؤَدِّي إلَى
تَعْظِيمِهِمْ كَاسْتِخْدَامِهِمْ فِي الْمَنَاصِبِ الْمُحْوِجَةِ إلَى
تَرَدُّدِ النَّاسِ عَلَيْهِمْ كَنُظَّارِ الْأَوْقَافِ الْكَبِيرَةِ
وَكَمَشَايِخِ الْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ
مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى اسْتِخْدَامِهِ بِأَنْ لَا يَقُومَ
غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَقَامَهُ فِي حِفْظِ الْمَالِ اهـ ع ش
عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي
شَرْحِ م ر وَقَالَ ع ش عَلَيْهِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ ضَعِيفٌ اهـ
(قَوْلُهُ وَالْبِغَالِ) أَيْ وَلَوْ نَفِيسَةً وَلَا اعْتِبَارَ بِطُرُوِّ
عِزَّةِ الْبِغَالِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ عَلَى أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَ
رُكُوبَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ بِهَيْئَةِ رُكُوبِهِمْ الَّتِي فِيهَا
غَايَةُ تَحْقِيرِهِمْ وَإِذْلَالِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ
وَبِسَرْجٍ أَوْ رَكْبِ نَحْوِ حَدِيدٍ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ
أَنَّ كُلًّا مِنْ السَّرْجِ وَالرَّكْبِ يَكُونُ لِلْخَيْلِ وَقَدْ
عَلِمْت أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِهَا فَلَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ
وَبِسَرْجٍ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُهُمْ مِنْ السَّرْجِ
وَالرَّكْبِ فِيمَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رُكُوبِهِ مِنْ الْخَيْلِ وَهُوَ
الْبَرَاذِينُ فَإِنَّهَا نَوْعٌ مِنْهَا اهـ (قَوْلُهُ وَيُؤْمَرُونَ
بِالرُّكُوبِ عَرْضًا) أَيْ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُرَادُ
بِالْعَرْضِ أَنْ يَجْعَلَ رِجْلَيْهِ فِي جَانِبٍ وَظَهْرَهُ فِي جَانِبٍ
آخَرَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَ الشَّيْخَانِ
إلَخْ ضَعِيفٌ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ زي وع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بَيْنَ
الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ) أَيْ فَيَرْكَبُ عَلَى الِاسْتِوَاءِ
وَقَوْلُهُ وَالْقَرِيبَةُ أَيْ فَيَرْكَبُ عَرْضًا اهـ س ل (قَوْلُهُ
وَهَذَا) أَيْ مَنْعُ رُكُوبِهِمْ الْخَيْلَ وَبِسَرْجٍ وَرُكَبِ نَحْوِ
حَدِيدٍ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ فِي الذُّكُورِ أَيْ إذَا كَانُوا فِي
دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانُوا فِي دَارِهِمْ أَوْ انْفَرَدُوا
بِقَرْيَةٍ فِي غَيْرِ دَارِنَا فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْبِهُ تَرْجِيحَ
الْجَوَازِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبِنَاءِ اهـ زي وَخَرَجَ
النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ إذْ لَا صَغَارَ عَلَيْهِمْ
وَفَارَقَ أَمْرُهُمْ بِنَحْوِ الْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ بِأَنَّهُ
لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِهِ بِخِلَافِ هَذَا فَانْدَفَعَ تَضْعِيفُ
الزَّرْكَشِيّ لِكَلَامِ ابْنِ كَجٍّ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ وَبَحَثَ ابْنُ
الصَّلَاحِ مَنْعَهُمْ مِنْ خِدْمَةِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ كَرُكُوبِ
الْخَيْلِ اهـ حَجّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَلَزِمَنَا إلْجَاؤُهُمْ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا
يَمْشُونَ إلَّا فُرَادَى مُتَفَرِّقِينَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا
يَصْدِمُهُمْ جِدَارٌ) فِي الْمُخْتَارِ صَدَمَهُ ضَرَبَهُ بِجَسَدِهِ
وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَوْقِيرِهِمْ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْنَا ذَلِكَ إهَانَةً
لَهُمْ وَتَحْرُمُ مُوَادَّتُهُمْ وَهِيَ الْمَيْلُ إلَيْهِمْ بِالْقَلْبِ
لَا مِنْ حَيْثُ وَصْفُ الْكُفْرِ وَإِلَّا لَكَانَتْ كُفْرًا وَسَوَاءٌ
فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ لِأَصْلٍ أَمْ فَرْعٍ أَمْ غَيْرِهِمَا وَتُكْرَهُ
مُخَالَطَتُهُمْ ظَاهِرًا وَلَوْ بِمُهَادَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ
يُرْجَ إسْلَامُهُ وَيُلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ
رَحِمٍ أَوْ جِوَارٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي أَمَاكِنَ
كَعِيَادَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ وَأُلْحِقَ بِالْكَافِرِ فِي
ذَلِكَ فَاسِقٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِينَاسِ لَهُ اهـ
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَصْدِيرِهِمْ) أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا
فَلَوْ كَانَ بِصَدْرِ مَكَان ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُ مُسْلِمُونَ بِحَيْثُ
صَارَ هُوَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ اُسْتُفْتِيتُ فِي جَوَازِ سُكْنَى نَصْرَانِيٍّ فِي
رَبْعٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ فَوْقَ الْمُسْلِمِينَ فَأَفْتَيْت بِالْمَنْعِ
وَأَلْحَقْتُهُ بِالتَّصْدِيرِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَدْ جَرَى عَلَى مَا
أَفْتَى بِهِ مِنْ الْمَنْعِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَأَمْرُهُمْ بِغِيَارٍ) أَيْ عِنْدَ اخْتِلَاطِهِمْ بِنَا
وَإِنْ دَخَلُوا دَارَنَا لِتِجَارَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ وَإِنْ قَصُرَتْ
مُدَّةُ اخْتِلَاطِهِمْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَلَزِمَنَا أَمْرُهُمْ بِغِيَارٍ أَيْ حَيْثُ
كَانُوا بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ اهـ
(قَوْلُهُ أَعْنِي الْبَالِغِينَ) دَخَلَ النِّسَاءُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي
الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ ثُمَّ هَذَا
التَّقْيِيدُ يُخَالِفُ مَا فَرَّقَ بِهِ شَيْخُنَا حَجّ - رَحِمَهُ
اللَّهُ - فِيمَا مَرَّ اهـ سم (قَوْلُهُ الْعُقَلَاءَ مِنْهُمْ) أَيْ
(5/225)
بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَغْيِيرُ
اللِّبَاسِ بِأَنْ يَخِيطَ فَوْقَ الثِّيَابِ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْتَادُ
الْخِيَاطَةَ عَلَيْهِ كَالْكَتِفِ مَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهُ
وَيُلْبَسُ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِيِّ الْأَصْفَرُ وَالنَّصْرَانِيِّ
الْأَزْرَقُ أَوْ الْأَكْهَبُ وَيُقَالُ لَهُ الرَّمَادِيُّ
وَبِالْمَجُوسِيِّ الْأَحْمَرُ أَوْ الْأَسْوَدُ وَيَكْتَفِي عَنْ
الْخِيَاطَةِ بِالْعِمَامَةِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْآنَ قَالَ فِي
الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَبِإِلْقَاءِ مِنْدِيلِ وَنَحْوِهِ
وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (أَوْ زُنَّارٍ) بِضَمِّ الزَّايِ
وَهُوَ خَيْطٌ غَلِيظٌ فِيهِ أَلْوَانٌ يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ (فَوْقَ
الثِّيَابِ) فَجَمْعُ الْغِيَارِ مَعَ الزُّنَّارِ تَأْكِيدٌ وَمُبَالَغَةٌ
فِي الشُّهْرَةِ وَالتَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - فَتَعْبِيرِي بِأَوْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ
وَالْمَرْأَةُ تَجْعَلُ زُنَّارَهَا تَحْتَ الْإِزَارِ مَعَ ظُهُورِ شَيْءٍ
مِنْهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (و) لَزِمَنَا أَمْرُهُمْ ب
(تَمْيِيزِهِمْ بِنَحْوِ خَاتَمٍ حَدِيدٍ) كَخَاتَمِ رَصَاصٍ وَجُلْجُلٍ
حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي أَعْنَاقِهِمْ أَوْ غَيْرِهَا (إنْ تَجَرَّدُوا)
عَنْ ثِيَابِهِمْ (بِمَكَانٍ) كَحَمَّامٍ (بِهِ مُسْلِمٌ) وَتَقْيِيدِي
بِالْمُسْلِمِ فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ مِنْ زِيَادَتِي.
(و) لَزِمَنَا (مَنْعُهُمْ إظْهَارَ مُنْكِرٍ بَيْنَنَا) كَإِسْمَاعِهِمْ
إيَّانَا قَوْلَهُمْ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَاعْتِقَادَهُمْ فِي
عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
وَإِظْهَارُ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ
إظْهَارِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَظْهَرُوهَا فِيمَا
بَيْنَهُمْ كَأَنْ انْفَرَدُوا فِي قَرْيَةٍ وَالنَّاقُوسُ مَا يَضْرِبُ
بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ (فَإِنْ خَالَفُوا) بِأَنْ
أَظْهَرُوا شَيْئًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذِّمِّيَّ الْوَاقِعَ فِي
كَلَامِهِمْ مِثَالٌ وَأَنَّ مِثْلَهُ الْمُؤَمَّنُ وَالْمُعَاهَدُ اهـ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ) كَذَا ضَبَطَ بِهِ
النَّوَوِيُّ الْأَصْلَ بِخَطِّهِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ بِالْفَتْحِ
لِأَنَّهُ اسْمٌ أَمَّا بِالْكَسْرِ فَمَصْدَرٌ كَالْقِمَارِ اهـ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِيِّ إلَخْ) هَذَا هُوَ
الْمُعْتَادُ فِي كُلٍّ بَعْدَ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا
يَرِدُ كَوْنُ الْأَصْفَرِ كَانَ زِيَّ الْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ - كَمَا حُكِيَ وَالْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَأَنَّهُمْ
إنَّمَا آثَرُوهُمْ بِهِ لِغَلَبَةِ الصُّفْرَةِ فِي أَلْوَانِهِمْ
النَّاشِئَةِ عَنْ زِيَادَةِ فَسَادِ قُلُوبِهِمْ وَلَوْ أَرَادُوا
التَّمْيِيزَ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُنِعُوا خَشْيَةَ الِالْتِبَاسِ
وَتُؤْمَرُ ذِمِّيَّةٌ خَرَجَتْ بِتَخَالُفِ لَوْنِ خُفَّيْهَا وَمِثْلُهَا
الْخُنْثَى اهـ شَرْحُ م ر أَيْ بِأَنْ يَكُونَا بِلَوْنَيْنِ كُلٌّ
مِنْهُمَا بِلَوْنٍ اهـ رَشِيدِيٌّ وَانْظُرْ وَجْهَ أَوْلَوِيَّةِ مَا
ذُكِرَ بِكُلٍّ اهـ شَوْبَرِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَوْلَوِيَّةِ مَا ذُكِرَ لَا دَلِيلَ
عَلَيْهِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ
بِذَلِكَ فِي زَمَنِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِاَللَّهِ بْنِ
الْمُكْتَفِي بِاَللَّهِ سَنَةَ سَبْعِمِائَةٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْآنَ
اهـ
(قَوْلُهُ وَيَكْتَفِي عَنْ الْخِيَاطَةِ بِالْعِمَامَةِ إلَخْ) هَلْ
يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لُبْسُ الْعِمَامَةِ
الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهَا عَلَامَةً تُمَيِّزُ بَيْنَ
الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ كَوَرَقَةٍ بَيْضَاءَ مَثَلًا أَمْ لَا لِأَنَّ
فِعْلَ مَا ذُكِرَ يَخْرُجُ بِهِ الْفَاعِلُ عَنْ زِيِّ الْكَافِرِ فِيهِ
نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ لَا
يُهْتَدَى بِهَا لِتَمْيِيزِ الْمُسْلِمِ عَنْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَتْ
الْعِمَامَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ زِيِّ الْكُفَّارِ خَاصَّةً وَيَنْبَغِي
أَنَّ مِثْلَ مَا ذُكِرَ فِي الْحُرْمَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ
لُبْسِ طُرْطُورِ الْيَهُودِيِّ مَثَلًا عَلَى سَبِيلِ السُّخْرِيَةِ
فَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَمَا عَلَيْهِ
الْعَمَلُ الْآنَ) فَقَدْ كَانَ فِي عَصْرِ الشَّارِحِ النَّصَارَى لَهُمْ
الْعَمَائِمُ الزُّرْقُ وَالْيَهُودُ لَهُمْ الْعَمَائِمُ الصُّفْرُ وَقَدْ
أَدْرَكْنَا ذَلِكَ وَالْآنَ الْيَهُودِيُّ لَهُ الطُّرْطُورُ التَّمْرُ
هِنْدِيٍّ وَالْأَحْمَرُ وَالنَّصْرَانِيُّ لَهُ الْبُرْنِيطَةُ
السَّوْدَاءُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَجَمْعُ الْغِيَارِ) أَيْ فِي عِبَارَةِ
الْأَصْلِ أَوْ فِي فِعْلِ الْكَافِرِ اهـ ع ش وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى
التَّعْبِيرِ بِأَوْ أَيْ فَإِذَا عَلِمْت مِنْهَا أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ
فَجَمْعُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الشُّهْرَةِ وَالتَّمْيِيزِ) أَيْ إذَا
كَانُوا بِدَارِنَا وَإِلَّا فَلَهُمْ تَرْكُ ذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ
كَخَاتَمِ رَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرُهَا مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ
اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَاعْتِقَادَهُمْ) بِالنَّصْبِ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ أَيْ
أَنَّهُمَا ابْنَانِ لِلَّهِ {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ
وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] اهـ ق ل
عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ {وَقَالَتِ
الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ
اللَّهِ} [التوبة: 30] .
(فَرْعٌ) صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ
ابْتِذَالِهِمْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِهْنَةِ أَيْ الْخِدْمَةِ
بِأُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ لُبْسَ حَرِيرٍ
وَتَعَمُّمًا وَتَطَيْلُسًا وَتَطَيُّبًا كَثِيرًا وَإِفْطَارًا فِي
رَمَضَانَ اهـ وَعَدَمُ مَنْعِهِ مِنْ الْإِفْطَارِ لَا يُنَافِي
حُرْمَتَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمِنْ
ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ
يَسْقِيَ الذِّمِّيَّ فِي رَمَضَانَ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ فِي
ذَلِكَ إعَانَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ
يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِي دُخُولِ مَسْجِدٍ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا إلَّا
أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْفِطْرِ أَشَدُّ وبِأَنَّهُ أَدَلُّ
عَلَى التَّهَاوُنِ بِالدِّينِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ
وَإِظْهَارُ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) أَيْ شُرْبُ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانُوا لَا
يُحَدُّونَ بِهَا وَأَكْلُ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ اهـ ح ل فَلَوْ انْتَفَى
الْإِظْهَارُ فَلَا مَنْعَ وَمَتَى أَظْهَرُوا خَمْرًا أُرِيقَتْ
وَيُتْلَفُ نَاقُوسٌ أَظْهَرُوهُ وَمَرَّ ضَابِطُ الْإِظْهَارِ فِي
الْغَصْبِ شَرْحُ م ر وَعِبَارَتُهُ فِي الْغَصْبِ وَلَا تُرَاقُ عَلَى
ذِمِّيٍّ إلَّا أَنْ يَظْهَر شُرْبَهَا أَوْ بَيْعَهَا أَوْ هِبَتَهَا أَوْ
نَحْوَ ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ مِثْلِهِ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ
تَجَسُّسٍ فَتُرَاقُ عَلَيْهِ وَآلَةُ اللَّهْوِ وَالْخِنْزِيرُ مِثْلُهَا
فِي ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ وَبِأَنْ يَسْمَعَ الْآلَةَ مَنْ لَيْسَ فِي
دَارِهِمْ أَيْ مَحَلَّتِهِمْ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانُوا بَيْنَ
أَظْهُرِنَا وَإِنْ انْفَرَدُوا بِمَحَلَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ فَإِنْ
انْفَرَدَ بِبَلَدٍ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخَالِطْهُمْ مُسْلِمٌ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَعِيدٍ) مَجْرُورٌ
عَطْفًا عَلَى خَمْرٍ أَيْ مِنْ إظْهَارِهِ وَكَذَا نَحْوُ لَطْمٍ وَنَوْحٍ
وَقِرَاءَةِ نَحْوِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَلَوْ بِكَنَائِسِهِمْ وَلَا
يُمْنَعُونَ مِمَّا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَفِطْرِ
رَمَضَانَ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ تَكْلِيفُهُمْ بِالشَّرْعِ
وَلِذَلِكَ حَرُمَ بَيْعُ الْمُفْطِرَاتِ لَهُمْ فِي رَمَضَانَ لِمَنْ
عَلِمَ وَلَوْ بِالظَّنِّ أَنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَهَا نَهَارًا لِأَنَّهُ
إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى الدَّلَالَةِ بِالتَّهَاوُنِ
بِالدِّينِ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ دُخُولَهُمْ الْمَسَاجِدَ اهـ
(5/226)
مِمَّا ذُكِرَ (عُزِّرُوا) وَإِنْ لَمْ
يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلَمْ يُنْتَقَضْ
عَهْدُهُمْ) وَإِنْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ بِهِ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ
بِهِ.
(وَلَوْ قَاتَلُونَا وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ) كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ
(أَوْ أَبَوْا جِزْيَةً) بِأَنْ امْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِ مَا عُقِدَ بِهِ
أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى دِينَارٍ (أَوْ إجْرَاءِ حُكْمِنَا
عَلَيْهِمْ انْتَقَضَ) عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ مَوْضُوعَ
الْعَقْدِ.
(وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ وَلَوْ بِنِكَاحٍ) أَيْ بِاسْمِهِ
(أَوْ دَلَّ أَهْلَ حَرْبٍ عَلَى عَوْرَةٍ) أَيْ خَلَلٍ (لَنَا) كَضَعْفٍ
(أَوْ دَعَا مُسْلِمًا لِلْكُفْرِ أَوْ سَبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (أَوْ
نَبِيًّا لَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَعَمُّ مِنْ
قَوْلِهِ رَسُولُ اللَّهِ (أَوْ الْإِسْلَامَ أَوْ الْقُرْآنَ بِمَا لَا
يَدِينُونَ بِهِ أَوْ) فَعَلَ (نَحْوَهَا) كَقَتْلِ مُسْلِمٍ عَمْدًا أَوْ
قَذْفِهِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُ) بِهِ (إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ بِهِ)
وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ
عَنْ النَّصِّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ
بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ
انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَمْ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ مُوجَبُ مَا فَعَلَهُ مِنْ
حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ أَمَّا مَا يَدِينُونَ بِهِ كَقَوْلِهِمْ الْقُرْآنُ
لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقَوْلِهِمْ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا
انْتِقَاضَ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَقَوْلِي
بِمَا لَا يَدِينُونَ بِهِ مَعَ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا
التَّصْرِيحُ بِسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدَهُ بِقِتَالٍ قُتِلَ) وَلَا يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191]
وَلِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِبْلَاغِهِ مَأْمَنَهُ مَعَ نَصْبِهِ الْقِتَالَ
(أَوْ بِغَيْرِهِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَمْ يَسْأَلْ تَجْدِيدَ
عَهْدٍ فَلِلْإِمَامِ الْخِيرَةُ فِيهِ) مِنْ قَتْلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الجمل]
ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِمَّا مُنِعُوا
مِنْهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ عَلَى إظْهَارِهَا قَبْلَ
الْمَنْعِ وَلَوْ مِمَّنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْهُ شَرْعًا
اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ) فِي
كَوْنِهِمْ يَتَدَيَّنُونَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ لَحْمِ
الْخِنْزِيرِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّدَيُّنِ
اعْتِقَادَ الْحِلِّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَاتَلُونَا إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ انْتِقَاضَ
الْعَهْدِ بِالْقِتَالِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِعْلٌ فَكَيْفَ يَرْفَعُ
الْعَقْدَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْخِيَانَةِ فِي
الْوَدِيعَةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ)
أَمَّا إذَا كَانَ لَهُمْ شُبْهَةٌ كَأَنْ أَعَانُوا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ
الْبَغْيِ وَادَّعُوا الْجَهْلَ أَوْ صَالَ عَلَيْهِمْ طَائِفَةٌ مِنْ
مُتَلَصِّصِي الْمُسْلِمِينَ وَقُطَّاعِهِمْ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ
بِذَلِكَ اهـ س ل (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ) مُتَعَلِّقٌ
بِمَحْذُوفٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُوَ مَفْهُومُ
قَوْلِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ فَإِنْ
قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ وَإِنْ
لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضُ بِذَلِكَ وَلَا الِامْتِنَاعُ
مِنْهُ لِمُخَالَفَتِهِمْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا
قَاتَلُونَا بِشُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَوْ قَاتَلُوا بِشُبْهَةٍ مِمَّا مَرَّ فِي
الْبُغَاةِ أَوْ دَفْعًا لِلصَّائِلِينَ أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَمْ
يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ أَبَوْا جِزْيَةً) أَيْ
كُلُّهُمْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عِنَادًا بِخِلَافِ مَا إذَا
اُسْتُمْهِلُوا أَوْ أَحَدُهُمْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ أَوْ أَبَوْا جِزْيَةً هَذَا بِالنِّسْبَةِ
لِلْقَادِرِ أَمَّا الْعَاجِزُ إذَا اُسْتُمْهِلَ فَلَا يُنْتَقَضُ
عَهْدُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَبْعُدُ أَخْذُهَا مِنْ الْمُوسِرِ
قَهْرًا وَلَا يُنْتَقَضُ وَيُخَصُّ الِانْتِقَاضُ بِالْمُتَغَلِّبِ
الْمُقَاتِلِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ إجْرَاءَ حُكْمِنَا إلَخْ) قَالَ
الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ الِانْقِيَادِ لِأَحْكَامِنَا إذَا
كَانَ يَتَعَلَّقُ بِقُوَّةٍ وَعُدَّةٍ وَنَصْبٍ لِلْقِتَالِ وَأَمَّا
الْمُمْتَنِعُ هَارِبًا فَلَا يُنْتَقَضُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي اهـ
خَطِيبٌ اهـ س ل.
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ) أَيْ أَوْ لَاطَ بِمُسْلِمٍ
اهـ ح ل أَيْ أَوْ ضَرَبَ مُسْلِمًا اهـ ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُ الزِّنَا
مُقَدِّمَاتُهُ اهـ ع ش وَصَحَّحَهُ م ر وَاعْتَمَدَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ أَيْ بِاسْمِهِ) أَيْ النِّكَاحِ أَيْ بِلَفْظِهِ مِنْ إنْكَاحٍ
أَوْ تَزْوِيجٍ وَالتَّأْوِيلُ بِاسْمِهِ لِدَفْعِ إيهَامِ صِحَّتِهِ
وَمَحِلُّ النَّقْضِ فِيهِ لِمَنْ كَانَ عَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ اهـ ق ل
عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ أَوْ سَبَّ اللَّهَ) أَيْ جَهْرًا كَمَا
قَيَّدَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ نَبِيًّا
لَهُ) اُنْظُرْ سَبَّ الْمَلِكِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) جُمْلَةٌ دِعَائِيَّةٌ لِلنَّبِيِّ مِنْ
حَيْثُ هُوَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِمَا لَا يَدِينُونَ بِهِ) لَعَلَّ مِنْ
أَمْثِلَتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ مُتَنَاقِضُ الْمَعَانِي فَاسِدُ
الْوَضْعِ وَنَحْوُ ذَلِكَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ إلَخْ) مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ
بِالْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ ذِمِّيًّا أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ
الطَّرِيقَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ بِهِ إلَخْ) وَلَوْ شَرَطَ انْتِقَاضَهُ
بِذَلِكَ ثُمَّ قُتِلَ بِمُسْلِمٍ أَوْ بِزِنَاهُ حَالَةَ كَوْنِهِ
مُحْصَنًا بِمُسْلِمَةٍ صَارَ مَالُهُ فَيْئًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ
الْمُقْرِي لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ مَقْتُولٌ تَحْتَ أَيْدِينَا لَا يُمْكِنُ
صَرْفُهُ لِأَقَارِبِهِ الذِّمِّيِّينَ لِعَدَمِ التَّوَارُثِ وَلَا
لِلْحَرْبِيِّينَ لِأَنَّا إذَا قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِمْ أَخَذْنَاهُ
فَيْئًا أَوْ غَنِيمَةً وَشَرْطُ الْغَنِيمَةِ هُنَا لَيْسَ مَوْجُودًا اهـ
خَطِيبٌ اهـ س ل
(قَوْلُهُ إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ بِهِ) لَا يُقَالُ هَذَا مُنَافٍ لِمَا
تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ أَسْمَعُوا الْمُسْلِمِينَ شِرْكًا أَوْ
أَظْهَرُوا الْخَمْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ لَمْ يُنْتَقَضْ
عَهْدُهُمْ وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضُ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ
فِيمَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ أَوْ يُقَرُّونَ عَلَى أَصْلِهِ كَشُرْبِ
الْخَمْرِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَا يَدِينُونَ بِهِ وَيَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى
لَنَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي أَمَّا مَا يَتَدَيَّنُونَ
بِهِ إلَخْ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا فِي الشَّرْحِ
الصَّغِيرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ بِهِ
مُطْلَقًا ضَعِيفٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ يُقَامُ عَلَيْهِ مُوجَبُ مَا
فَعَلَهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ مُطْلَقًا فِي
سَرِقَةٍ أَوْ زِنًا بِخِلَافِ شُرْبِ الْخَمْرِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ
كَقَوْلِهِمْ الْقُرْآنُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ
لَوْ قَالُوا الْقُرْآنُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ صَارُوا لَا دِينَ
لَهُمْ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَا هُمْ مُتَدَيِّنُونَ بِهِ مِنْ
التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ
وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) أَيْ وَكَنَفْيِ نُبُوَّةِ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ ظُلْمِهِ بِقَتْلِ
الْيَهُودِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ فَلَا انْتِقَاضَ
بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ النَّقْضَ أَمْ لَا وَفَائِدَةُ
الشَّرْطِ مُجَرَّدُ التَّخْوِيفِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ قُتِلَ) أَيْ جَازَ قَتْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ
بِغَيْرِهِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحِلَّهُ
فِي كَامِلٍ فَفِي غَيْرِهِ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ لِأَنَّهُ إنْ انْدَفَعَ
بِهِ كَانَ نَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ فَفِي عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى
قَتْلِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِمْ اهـ
(5/227)
وَإِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُلْحِقَهُ
بِمَأْمَنِهِ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ كَالْحَرْبِيِّ
وَيُفَارِقُ مَنْ أَمِنَهُ صَبِيٌّ حَيْثُ تُلْحِقُهُ بِمَأْمَنِهِ إنْ
ظَنَّ صِحَّةَ أَمَانِهِ بِأَنَّ ذَاكَ يَعْتَقِدُ لِنَفْسِهِ أَمَانًا
وَهَذَا فَعَلَ بِاخْتِيَارِهِ مَا أَوْجَبَ الِانْتِقَاضَ أَمَّا لَوْ
سَأَلَ تَجْدِيدَ عَهْدٍ فَتَجِبُ إجَابَتُهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا)
أَيْ الْخِيَرَةِ (تَعَيَّنَ مَنٌّ) فَيَمْتَنِعُ الْقَتْلُ وَالْإِرْقَاقُ
وَالْفِدَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ
وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ امْتَنَعَ الرِّقُّ.
(وَمَنْ اُنْتُقِضَ أَمَانُهُ) الْحَاصِلُ بِجِزْيَةٍ وَغَيْرَهَا (لَمْ
يُنْتَقَضْ أَمَانُ ذَرَارِيِّهِ) إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ نَاقِضٌ
وَتَعْبِيرِي بِذَرَارِيِّهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنِّسَاءِ أَوْ
الصِّبْيَانِ.
(وَمَنْ نَبَذَهُ) أَيْ الْأَمَانَ (وَاخْتَارَ دَارَ الْحَرْبِ
بُلِّغَهَا) وَهِيَ مَأْمَنُهُ لِيَكُونَ مَعَ نَبْذِهِ الْجَائِزِ لَهُ
خُرُوجُهُ بِأَمَانٍ كَدُخُولِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ
خِيَانَةٌ وَلَا مَا يُوجِبُ نَقْضَ عَهْدِهِ. |