فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين

باب النكاح
مدخل
...
باب النكاح
سن لتائق قادر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب النكاح
وهو لغة الضم والاجتماع ومنه قولهم تناكحت الأشجار: إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض.
وشرعا عقد يتضمن إباحة وطئ بلفظ إنكاح أو تزويج وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح سن أي النكاح.
لتائق أي محتاج للوطء وإن اشتغل بالعبادة.
قادر على مؤنة من مهر وكسوة فصل تمكين ونفقة يومه

(1/444)


ونظر كل الآخر غير عورة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للأخبار الثابتة في السنن وقد أوردت جملة منها في كتابي إحكام أحكام النكاح1 ولما فيه من حفظ الدين وبقاء النسل.
وأما التائق العاجز عن المؤن فالأولى له تركه وكسر حاجته بالصوم لا بالدواء.
وكره لعاجز عن المؤن غير تائق.
ويجب بالنذر حيث ندب.
وسن نظر كل من الزوجين بعد العزم على النكاح وقبل الخطبة الآخر غير عورة مقررة في شروط الصلاة.
فينظر من الحرة وجهها ليعرف جمالها وكفيها ظهرا وبطنا ليعرف خصوبة بدنها.
وممن بها رق ما عدا ما بين السرة والركبة وهما ينظران منه ذلك.
ولا بد في حل النظر من تيقنه خلوها من نكاح وعدة وأن لا يغلب على ظنه أنه لا يجاب.
وندب لمن لا يتيسر له النظر أن يرسل نحو امرأة لتتأملها وتصفها له.
وخرج بالنظر: المس فيحرم إذ لا حاجة إليه.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: في بعض نسخ الخط إسقاط الأولى. انتهى أي: كتابي أحكام الزواج.

(1/445)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مهمة [في بيان النظر المحرم والجائز وغير ذلك] يحرم على الرجل ولو شيخا هما تعمد نظر شيء من بدن أجنبية حرة أو أمة بلغت حدا تشتهى فيه ولو شوهاء أو عجوزا وعكسه خلافا للحاوي كالرافعي وإن نظر بغير شهوة أو مع أمن الفتنة على المعتمد لا في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد وقول الأسنوي تبعا للروضة الصواب حل النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة: ضعيف وكذا اختيار الأذرعي قول جمع يحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة.
ولا يحل النظر إلى عنق الحرة ورأسها قطعا وقيل يحل مع الكراهة النظر بلا شهوة وخوف فتنة إلى الأمة إلا ما بين السرة والركبة لأنه عورتها في الصلاة.
وليس من العورة الصوت فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة أو التذ به كما بحثه الزركشي.
وأفتى بعض المتأخرين بجواز نظر الصغير للنساء في الولائم والأفراح والمعتمد عند الشيخين عدم جواز نظر فرج صغيرة لا تشتهى وقيل يكره ذلك.
وصحح المتولي حل نظر فرج الصغير إلى التمييز وجزم به غيره وقيل يحرم.
ويجوز لنحو الأم نظر فرجيهما ومسه زمن الرضاع والتربية

(1/446)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للضرورة وللعبد العدل النظر إلى سيدته المتصفة بالعدالة ما عدا ما بين السرة والركبة كهي ولمحرم ولو فاسقا أو كافرا نظر ما وراء سرة وركبة منها كنظرها إليه ولمحرم ومماثل مس ما وراء السرة والركبة نعم: مس ظهر أو ساق محرمة كأمه وبنته وعكسه لا يحل إلا لحاجة أو شفقة وحيث حرم نظره حرم مسه بلا حائل لأنه أبلغ في اللذة.
نعم: يحرم مس وجه الأجنبية مطلقا وكل ما حرم نظره منه أو منها متصلا حرم نظره منفصلا: كقلامة يد أو رجل وشعر امرأة وعانة رجل فيجب مواراتهما.
وتحتجب وجوبا مسلمة عن كافرة وكذا عفيفة عن فاسقة أي بسحاق أو زنا أو قيادة.
ويحرم مضاجعة رجلين أو امرأتين عاريين في ثوب واحد وإن لم يتماسكا أو تباعدا مع اتحاد الفراش خلافا للسبكي وبحث استثناء الأب أو الأم لخبر فيه بعيد جدا.
ويجب التفريق بين ابن عشر سنين وأبويه وإخوته في المضجع وإن نظر فيه بعضهم بالنسبة للأب أو الأم.
ويستحب تصافح الرجلين أو المرأتين إذا تلاقيا.
ويحرم مصافحة الأمرد الجميل كنظره بشهوة.
ويكره مصافحة من به عاهة كالأبرص والأجذم.

(1/447)


وخطبة له,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويجوز نظر وجه المرأة عند المعاملة ببيع وغيره للحاجة إلى معرفتها وتعليم ما يجب تعلمه كالفاتحة دون ما يسن على الأوجه والشهادة تحملا وأداء لها أو عليها وتعمد النظر للشهادة لا يضر وإن تيسر وجود نساء أو محارم يشهدن على الأوجه.
ويسن خطبة بضم الخاء من الولي.
له أي للنكاح الذي هو العقد بأن تكون قبل إيجابه فلا تندب أخرى من المخاطب قبل قبوله كما صححه في المنهاج بل يستحب تركها خروجا من خلاف من أبطل بها كما صرح به شيخنا وشيخه زكريا رحمهما الله لكن الذي في الروضة وأصلها ندبها.
وتسن خطبة أيضا قبل الخطبة وكذا قبل الإجابة فيبدأ كل بالحمد والثناء على الله تعالى ثم بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوصي بالتقوى ثم يقول في خطبة الخطبة: جئتكم راغبا في كريمتكم أو فتاتكم وإن كان وكيلا: قال: جاءكم موكلي أو جئتكم عنه خاطبا كريمتكم فيخطب الولي أو نائبه كذلك ثم يقول لست بمرغوب عنك.
ويستحب أن يقول قبل العقد أزوجك على ما أمر الله به عز وجل من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

(1/448)


ودينة ونسيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فروع يحرم التصريح بخطبة المعتدة من غيره رجعية كانت أو بائنا بطلاق أو فسخ أو موت.
ويجوز التعريض بها في عدة غير رجعية وهو: كأنت جميلة ورب راغب فيك.
ولا يحل خطبة المطلقة منه ثلاثا حتى تتحلل وتنقضي عدة المحلل إن طلق رجعيا وإلا جاز التعريض في عدة المحلل.
ويحرم على عالم بخطبة الغير والإجابة له خطبة على خطبة من جازت خطبته وإن كرهت وقد صرح لفظا بإجابته إلا بإذنه له من غير خوف ولا حياء أو بإعراضه: كأن طال الزمن بعد إجابته ومنه سفره البعيد.
ومن استشير في خاطب أو نحو عالم يريد الاجتماع به ذكر وجوبا مساويه بصدق: بذلا للنصيحة الواجبة. ودينة أي نكاح المرأة الدينة التي وجدت فيها صفة العدالة أولى من نكاح الفاسقة ولو بغير نحو زنا للخبر المتفق عليه "فاظفر بذات الدين" [البخاري رقم: 5090, مسلم رقم: 1466] .
ونسيبة أي معروفة الأصل وطيبته لنسبتها إلى العلماء والصلحاء أولى من غيرها: لخبر: تخيروا لنطفكم
ولا تضعوها في غير الأكفاء [راجع ابن ماجه رقم: 1968] .

(1/449)


وجميلة وبعيدة وبكر وولود أولى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتكره بنت الزنا والفاسق.
وجميلة أولى: لخبر: "خير النساء من تسر إذا نظرت" [مستدرك الحاكم 2/161] .
وقرابة بعيدة عنه ممن في نسبه أولى من قرابة قريبة وأجنبية لضعف الشهوة في القريبة فيجئ الولد نحيفا.
والقريبة من هي في أول درجات العمومة والخؤولة.
والأجنبية أولى من القرابة القريبة ولا يشكل ما ذكر بتزوج النبي ص زينب مع أنها بنت عمته لأنه تزوجها بيانا للجواز ولا بتزوج علي فاطمة رضي الله عنهما لأنها بعيدة إذ هي بنت ابن عمه لا بنت عمه.
وبكر أولى من الثيب للأمر به في الأخبار الصحيحة إلا لعذر: كضعف آلته عن الاقتضاض.
وولود وودود أولى للأمر بهما.
ويعرف ذلك في البكر بأقاربها.
والأولى أيضا أن تكون وافرة العقل وحسنة الخلق وأن لا تكون ذات ولد من غيره إلا لمصلحة وأن لا تكون شقراء ولا طويلة مهزولة للنهي عن نكاحها.
ومحل رعاية جميع ما مر حيث لم تتوقف العفة على غير متصفة

(1/450)


أركانه: 1- زوجة 2- وزوج 3- وولي 4- وشاهدان 5- وصيغة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بها وإلا فهي أولى.
قال شيخنا في شرح المنهاج: ولو تعارضت تلك الصفات فالذي يظهر أنه يقدم الدين مطلقا ثم العقل وحسن الخلق ثم الولادة ثم النسب ثم البكارة ثم الجمال ثم ما المصلحة فيه أظهر بحسب اجتهاده.
انتهى.
وجزم في شرح الإرشاد بتقديم الولادة على العقل.
وندب للولي عرض موليته على ذوي الصلاح.
ويسن أن ينوي بالنكاح السنة وصون دينه وإنما يثاب عليه إن قصد به طاعة من نحو عفة أو ولد صالح.
وأن يكون العقد في المسجد ويوم الجمعة وأول النهار وفي شوال وأن يدخل فيه أيضا.
أركانه أي النكاح خمسة:
1- زوجة
2- وزوج
3- وولي
4- وشاهدان
5- وصيغة.

(1/451)


وشرط فيها إيجاب من الولي وهو كزوجتك أو أنكحتك وقبول متصل به كتزوجتها أو نكحتها أو قبلت أو رضيت نكاحها وصح بترجمة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وشرط فيها أي الصيغة.
إيجاب من الولي وهو كزوجتك أو أنكحتك موليتي فلانة فلا يصح الإيجاب إلا بأحد هذين اللفظين لخبر مسلم: [رقم: 1218] : "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله" وهي ما ورد في كتابه ولم يرد فيه غيرهما.
ولا يصح بأزوجك أو أنكحك على الأوجه ولا بكناية كأحللتك ابنتي أو عقدتها لك.
وقبول متصل به أي بالإيجاب من الزوج وهو كتزوجتها أو نكحتها فلا بد من دال عليها من نحو اسم أو ضمير أو إشارة.
أو قبلت أو رضيت على الأصح خلافا للسبكي.
لا فعلت نكاحها أو تزويجها أو قبلت النكاح أو التزويج على المعتمد لا قبلت ولا قبلتها مطلقا أي المنكوحة ولا قبلته أي النكاح.
والأولى في القبول: قبلت نكاحها لأنه القبول الحقيقي.
وصح النكاح بترجمة أي ترجمة أحد اللفظين بأي لغة ولو ممن يحسن العربية لكن يشترط أن يأتي بما يعده أهل تلك اللغة صريحا في لغتهم.

(1/452)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا إن فهم كل كلام نفسه وكلام الآخر والشاهدان.
وقال العلامة التقي السبكي في شرح المنهاج: ولو تواطأ أهل قطر على لفظ في إرادة النكاح من غير صريح ترجمته لم ينعقد النكاح به. انتهى.
والمراد بالترجمة ترجمة معناه اللغوي كالضم فلا ينعقد بألفاظ اشتهرت في بعض الأقطار للإنكاح كما أفتى به شيخنا المحقق الزمزمي.
ولو عقد القاضي النكاح بالصيغة العربية لعجمي لا يعرف معناها الأصلي بل يعرف أنها موضوعة لعقد النكاح صح كذا أفتى به شيخنا والشيخ عطية.
وقال في شرحي الإرشاد والمنهاج: أنه لا يضر لحن العامي كفتح تاء المتكلم وإبدال الجيم زايا أو عكسه.
وينعقد بإشارة أخرس مفهمة وقيل لا ينعقد النكاح إلا بالصيغة العربية فعليه يصبر عند العجز إلى أن يتعلم أو يوكل وحكي هذا عن أحمد.
وخرج بقولي متصل ما إذا تخلل لفظ أجنبي عن العقد وإن قل: كأنكحتك ابنتي فاستوص بها خيرا.
ولا يضر تخلل خطبة خفيفة من الزوج وإن قلنا بعدم استحبابها خلافا للسبكي وابن أبي الشريف ولا فقل قبلت نكاحها لأنه من مقتضى العقد.

(1/453)


لا مع تعليق وتأقيت,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلو أوجب ثم رجع عن إيجابه أو رجعت الآذنة في إذنها قبل القبول أو جنت أو ارتدت امتنع القبول.
فرع لو قال الولي زوجتكها بمهر كذا فقال الزوج قبلت نكاحها ولم يقل على هذا الصداق: صح النكاح بمهر المثل خلافا للبارزي.
لا يصح النكاح مع تعليق كالبيع بل أولى لاختصاصه بمزيد الاحتياط: كأن يقول الأب للآخر إن كانت بنتي طلقت أو اعتدت فقد زوجتكها فقبل ثم بان انقضاء عدتها وأنها أذنت له: فلا يصح لفساد الصيغة بالتعليق.
وبحث بعضهم الصحة في إن كانت فلانة موليتي فقد زوجتكها وفي زوجتك إن شئت كالبيع: إذ لا تعليق في الحقيقة.
ولا مع تأقيت للنكاح بمدة معلومة أو مجهولة فيفسد لصحة النهي عن نكاح المتعة وهو المؤقت ولو بألف سنة.
وليس منه ما لو قال زوجتكها مدة حياتك أو حياتها لأنه مقتضى العقد بل يبقى أثره بعد الموت.
ويلزمه في نكاح المتعة المهر والنسب والعدة ويسقط الحد إن عقد

(1/454)


وفي الزوجة خلو من نكاح وعدة وتعيين وعدم محرمية بنسب فيحرم نساء قرابة غير ولد عمومة وخؤولة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بولي وشاهدين فإن عقد بينه وبين المرأة وجب الحمد إن وطئ: وحيث وجب الحد لم يثبت المهر ولا ما بعده1.
وينعقد النكاح بلا ذكر مهر في العقد بل يسن ذكره فيه وكره إخلاؤه عنه نعم لو زوج أمته بعيده لم يستحب.
وشرط في الزوجة أي المنكوحة خلو من نكاح وعدة من غيره وتعيين لها فزوجتك إحدى بناتي باطل ولو مع الإشارة ويكفي التعيين بوصف أو إشارة كزوجتك بنتي وليس له غيرها أو التي في الدار وليس فيها غيرها أو هذه وإن سماها بغير اسمها في الكل بخلاف زوجتك فاطمة وإن كان اسم بنته إلا إن نوياها ولو قال زوجتك بنتي الكبرى وسماها باسم الصغرى صح في الكبرى لان الكبر صفة قائمة بذاتها بخلاف الاسم فقدم عليه: ولو قال: زوجتك بنتي خديجة فبانت بنت ابنه صح إن نوياها أو عينها بإشارة أو لم يعرف لصلبه غيرها وإلا فلا.
وشرط فيها أيضا عدم محرمية بينها وبين الخاطب بنسب فيحرم به آخر لآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [4 سورة النساء الآية: 23] نساء قرابة غير ما دخل في ولد عمومة وخؤولة فحينئذ يحرم نكاح أم وهي من
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: إن عقد بولي إلى قوله: وينعقد النكاح يوجد في نسخ الطبع ولم أره في شيء من نسخ الخط. انتهى.

(1/455)


أو رضاع فيحرم به من يحرم بنسب,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولدتك أو ولدت من ولدك ذكرا كان أو أنثى وهي الجدة من الجهتين وبنت وهي من ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرا كان أو أنثى لا مخلوقة من ماء زناه وأخت وبنت أخ وأخت وعمة وهي أخت ذكر ولدك وخالة وهي أخت أنثى ولدتك.
فرع لو تزوج مجهولة النسب فاستلحقها أبوه ثبت نسبها ولا ينفسخ النكاح إن كذبه الزوج ومثله عكسه
بأن تزوجت مجهولا فاستلحقه أبوها ولم تصدقه.
أو رضاع فيحرم به أي بالرضاع من يحرم بنسب للخبر المتفق عليه: "ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فمرضعتك ومرضعتها ومرضعة من ولدك من نسب أو رضاع وكل من ولدت مرضعتك أو ذا لبنها أمك من رضاع والمرتضعة بلبنك ولبن فرعك نسبا أو رضاعا وبنتها كذلك وإن سفلت بنتك والمرتضعة بلبن أحد أبويك نسبا أو رضاعا أختك وقس على هذا بقية الأصناف المتقدمة.
ولا يحرم عليك برضاع من أرضعت أخاك أو ولد ولدك ولا أم مرضعة ولدك وبنتها وكذا أخت أخيك لأبيك أو لامك من نسب أو رضاع.

(1/456)


00000000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه [في بيان شروط الرضاع] الرضاع المحرم وصول لبن آدمية بلغت سن حيض ولو قطرة أو مختلطا بغيره وإن قل جوف رضيع لم يبلغ حولين يقينا خمس مرات يقينا عرفا فإن قطع الرضيع إعراضا وإن لم يشتغل بشيء آخر أو قطعته المرضعة ثم عاد إليه فيهما فورا فرضعتان أو قطعه لنحو لهو كنوم خفيف وعاد حالا أو طال والثدي بفمه أو تحول ولو بتحويلها من ثدي لآخر أو قطعته لشغل خفيف ثم عادت إليه فلا تعدد في جميع ذلك وتصير المرضعة أمه وذو اللبن أباه وتسري الحرمة من الرضيع إلى أصولهما وفروعهما وحواشيهما نسبا ورضاعا وإلى فروع الرضيع لا إلى أصوله وحواشيه ولو أقر رجل وامرأة قبل العقد أن بينهما أخوة رضاع وأمكن حرم تناكحهما وإن رجعا عن الإقرار أو بعده فهو باطل فيفرق بينهما وإن أقر به فأنكرت صدق في حقه ويفرق بينهما أو أقرت به دونه فإن كان بعد أن عينته في الإذن للتزويج أو مكنته من وطئه إياها لم يقبل قولها وإلا صدقت بيمينها ولا تسمع دعوى نحو أب محرمية بالرضاع بين الزوجين.
ويثبت الرضاع برجل وامرأتين وبأربع نسوة ولو فيهن أم المرضعة إن شهدت حسبة بلا سبق دعوى كشهادة أب امرأة وابنها بطلاقها كذلك وتقبل شهادة مرضعة مع غيرها لم تطلب أجرة الرضاع وإن ذكرت فعلها كأشهد أني أرضعتها.

(1/457)


أو مصاهرة فتحرم زوجة أصل وفصل وأصل زوجة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وشرط شهادة الرضاع ذكر وقت الرضاع وعدده وتفرق المرات ووصول اللبن إلى جوفه في كل رضعة.
ويعرف بنظر حلب وإيجار وازدراد وبقرائن كامتصاص ثدي وحركة حلقة بعد علمه أنها ذات لبن وإلا لم يحل له أن يشهد لان الأصل عدم اللبن.
ولا يكفي في أداء الشهادة ذكره القرائن بل يعتمدها ويجزم بالشهادة ولو شهد به دون النصاب أو وقع شك في تمام الرضعات أو الحولين أو وصول اللبن إلى جوف الرضيع لم يحرم النكاح لكن الورع الاجتناب وإن لم تخبره إلا واحدة نعم إن صدقها يلزم الأخذ بقولها.
ولا يثبت الإقرار بالرضاع إلا برجلين عدلين.
أو مصاهرة محرم زوجة أصل من أب أو جد لأب أو أم وإن علا من نسب أو رضاع.
وفصل من ابن وابنه وإن سفل منهما.
وأصل زوجة أي أمهاتها بنسب أو رضاع وإن علت وإن لم يدخل بها للآية. [4 سورة النساء الآية: 23]
وحكمته ابتلاء الزوج بمكالمتها والخلوة لترتيب أمر الزوجة فحرمت كسابقتيها بنفس العقد ليتمكن من ذلك.
واعلم أنه يعتبر في زوجتي الأب والابن وفي أم الزوجة عند عدم

(1/458)


وكذا فصلها إن دخل بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدخول بهن أن يكون العقد صحيحا.
وكذا فصلها أي الزوجة بنسب أو رضاع ولو بواسطة سواء بنت ابنها وبنت ابنتها وإن سفلت.
إن دخل بها بأن وطئها ولو في الدبر وإن كان العقد فاسدا وإن لم يطأها لم تحرم بنتها بخلاف أمها.
ولا تحرم بنت زوج الأم ولا أم زوجة الأب والابن.
ومن وطئ امرأة بملك أو شبهة منه كأنه وطئ بفاسد نكاح أو شراء أو بظن زوجة حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت على آبائه وأبنائه لان الوطء بملك اليمين نازل بمنزلة عقد النكاح.
وبشبهة يثبت النسب والعدة لاحتمال حملها منه سواء أوجد منها شبهة أيضا أم لا لكن يحرم على الواطئ بشبهة نظر أم الموطوءة وبنتها ومسهما.
فرع لو اختطلت محرمة1 بنسوة غير محصورات بأن يعسر عدهن على الآحاد كألف امرأة نكح من شاء منهن إلى أن تبقى واحدة على الأرجح وإن قدر ولو بسهولة على متيقنة الحل أو بمحصورات كعشرين بل مائة لم ينكح منهن شيئا نعم إن قطع
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: يوجد في بعض النسخ محرمه بفتح الميم وإسكان الحاء مع الإضافة إلى الضمير والأول [أي المثبت في الشرح أعلاه] أولى منه انتهى.

(1/459)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بتميزها كسوداء اختلطت بمن لا سواد فيهن لم يحرم غيرها كما استظهره شيخنا.
تنبيه [في بيان نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات] اعلم أنه يشترط أيضا في المنكوحة كونها مسلمة أو كتابية خالصة ذمية كانت أو حربية فيحل مع الكراهة نكاح الإسرائيلية بشرط أن لا يعلم دخول أول آبائها في ذلك الدين بعد بعثة عيسى عليه السلام وإن علم دخوله فيه بعد التحري ونكاح غيرها بشرط أن يعلم دخول أول آبائها فيه قبلها ولو بعد التحريف إن تجنبوا المحرف ولو أسلم كتابي وتحته كتابية دام نكاحه وإن كان قبل الدخول أو وثني وتحته وثنية فتخلفت قبل الدخول تنجزت الفرقة أو بعده وأسلمت في العدة دام نكاحه وإلا فالفرقة من إسلامه ولو أسلمت وأصر على الكفر: فإن دخل بها وأسلم في العدة دام النكاح وإلا فالفرقة من إسلامها وحيث أدمنا لا يضر مقارنة مفسد هو زائل عند الإسلام فتقر على نكاح في عدة هي منقضية عند الإسلام وعلى غصب حربي لحربية إن اعتقدوه نكاحا وكالغصب المطاوعة.
قاله شيخنا ونكاح الكفار صحيح على الصحيح.
ولا يصح نكاح الجنية كعكسه على ما عليه أكثر المتأخرين.

(1/460)


وفي الزوج تعيين وعدم محرمة للمخطوبة تحته وفي الشاهدين أهلية شهادة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وشرط في الزوج تعيين فزوجت بنتي أحدكما باطل ولو مع الإشارة.
وعدم محرمة كأخت أو عمة أو خالة للمخطوبة بنسب أو رضاع تحته أي الزوج ولو في العدة الرجعية لان الرجعية كالزوجة بدليل التوارث فإن نكح محرمين في عقد بطل فيهما: إذ لا مرجح أو في عقدين بطل
الثاني وضابط من يحرم الجمع بينهما كل امرأتين بينهما نسب أو رضاع يحرم تناكحهما إن فرضت إحداهما ذكرا ويشترط أيضا أن لا تكون تحته أربع من الزوجات سوى المخطوبة ولو كان بعضهن في العدة الرجعية لان الرجعية في حكم الزوجة فلو نكح الحر خمسا مرتبا بطل في الخامسة أو في عقد بطل في الجميع أو زاد العبد على الثنتين بطل كذلك.
أما إذا كانت المحرمة للمخطوبة أو إحدى الزوجات الأربعة في العدة البائن فيصح نكاح محرمتها والخامسة لأن البائنة أجنبية.
وشرط في الشاهدين أهلية شهادة تأتي شروطها في باب الشهادة وهي حرية كاملة وذكورة محققة وعدالة ومن لازمها الإسلام والتكليف وسمع ونطق وبصر لما يأتي أن الأقوال لا تثبت إلا بالمعاينة والسماع.
وفي الأعمى وجه لأنه أهل للشهادة في الجملة الأصح لا وإن عرف الزوجين ومثله من بظلمة شديدة.

(1/461)


وعدم تعينهما للولاية وصح بمستوري عدالة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومعرفة لسان المتعاقدين.
وعدم تعينهما أو أحدهما للولاية فلا يصح النكاح بحضرة عبدين أو امرأتين أو فاسقين أو أصمين أو أخرسين أو أعميين أو من لم يفهم لسان المتعاقدين ولا بحضرة متعين للولاية فلو وكل الأب أو الأخ المنفرد في النكاح وحضر مع الآخر لم يصح لأنه ولي عاقد فلا يكون شاهدا ومن ثم لو شهد أخوان من ثلاثة وعقد الثالث بغير وكالة من أحدهما صح وإلا فلا.
تنبيه لا يشترط الإشهاد على إذن معتبرة الإذن لأنه ليس ركنا للعقد بل هو شرط فيه فلم يجب الإشهاد
عليه إن كان الولي غير حاكم وكذا إن كان حاكما على الأوجه ونقل في البحر عن الأصحاب أنه يجوز اعتماد صبي أرسله الولي إلى غيره ليزوج موليته: أي إن وقع في قلبه صدق الخبر.
فرع لو زوجها وليها قبل بلوغ إذنها إليه صح على الأوجه إن كان الإذن سابقا على حالة التزويج لان العبرة في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف.
وصح النكاح بمستوري عدالة وهما من لم يعرف لهما مفسق,

(1/462)


وبان بطلانه بحجة فيه أو بإقرار الزوجين في حقهما بما يمنع صحته,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما نص عليه واعتمده جمع وأطالوا فيه وبطل الستر بتجريح عدل وإذا تاب الفاسق لم يلتحق بالمستور.
ويسن استتابة المستور عند العقد ولو علم الحاكم فسق الشاهدين لزمه التفريق بين الزوجين ولو قبل الترافع إليه على الأوجه.
ويصح أيضا بابني الزوجين أو عدويهما وقد يصح كون الأب شاهدا أيضا: كأن تكون بنته قنة.
وظاهر كلام الحناطي بل صريحه أنه لا يلزم الزوج البحث عن حال الولي والشهود.
قال شيخنا: وهو كذلك إن لم يظن وجود مفسد للعقد.
وبان بطلانه أي النكاح بحجة فيه أي في النكاح من بينة أو علم حاكم أو بإقرار الزوجين في حقهما بما يمنع صحته كفسق الشاهد أو الولي عند العقد والرق والصبا لهما وكوقوعه في العدة.
وخرج بفي حقهما حق الله تعالى كأن طلقها ثلاثا ثم اتفقا على فساد النكاح بشيء مما ذكر وأراد نكاحا جديدا فلا يقيل إقرارهما بل لا بد من محلل للتهمة ولأنه حق الله.
ولو أقاما عليه بينة لم تسمع أما بينة الحسبة فتسمع نعم محل عدم قبول إقرارهما في الظاهر أما في الباطن فالنظر لما في نفس

(1/463)


وحلفت مدعية محرمية لم ترضه وحلف لراضية اعتذرت وفي الولي عدالة وحرية وتكليف,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأمر ولا يتبين البطلان بإقرار الشاهدين بما يمنع الصحة فلا يؤثر في الإبطال كما لا يؤثر فيه بعد الحكم بشهادتهما ولان الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما أما إذا أقر به الزوج دون الزوجة فيفرق بينهما مؤاخذة له بإقراره وعليه نصف المهر إن لم يدخل بها وإلا فكله: إذ لا يقبل قوله عليها في المهر بخلاف ما إذا أقرت به دونه فيصدق هو بيمينه لان العصمة بيده وهي تريد رفعها فلا تطالبه بمهر إن طلقت قبل وطئ وعليه إن وطئ الأقل من المسمى ومهر المثل ولو أقرت بالإذن ثم ادعت أنها إنما أذنت بشرط صفة في الزوج ولم توجد ونفى الزوج ذلك صدقت بيمينها فيما استظهره شيخنا.
وإذا اختلفا فادعت أنها محرمة بنحو رضاع وأنكر حلفت مدعية محرمية وصدقت وبان بطلان النكاح فيفرق بينهما إن لم ترضه أي الزوج حال العقد ولا عقبه لإجبارها أو أذنها في غير معين ولم ترض بعد العقد بنطق ولا تمكين لاحتمال ما تدعيه مع عدم سبق مناقضه فهو كقولها ابتداء فلان أخي من الرضاع فلا تزوج منه.
فإن رضيت ولم تعتذر بنحو نسيان أو غلط لم تسمع دعواها وإن اعتذرت سمعت دعواها للعذر ولكن حلف هو أي الزوج لراضية اعتذرت بنسيان أو غلط.
وشرط في الولي عدالة وحرية وتكليف فلا ولاية لفاسق غير الإمام الأعظم لان الفسق نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق.

(1/464)


وينقل ضد كل ولاية لأبعد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو المذهب للخبر الصحيح "لا نكاح إلا بولي مرشد" [راجع فتح الباري رقم الحديث 5135, حيث نسبه للطبراني في الأوسط ونسبه غيره كذلك إلى مسند الشافعي] أي عدل.
وقال بعضهم: إنه يلي والذي اختاره النووي كابن الصلاح والسبكي ما أفتى به الغزالي من بقاء الولاية للفاسق حيث تنتقل لحاكم فاسق.
ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا على ما اعتمده شيخنا كغيره.
لكن الذي قاله الشيخان إنه لا يزوج إلا بعد الاستبراء واعتمده السبكي.
ولا لرقيق كله أو بعضه لنقصه ولا لصبي ومجنون لنقصهما أيضا وإن تقطع الجنون تغليبا لزمنه المقتضي لسلب العبارة فيزوج الأبعد زمنه فقط ولا تنتظر إفاقته نعم: إن قصر زمن الجنون كيوم في سنة انتظرت إفاقته وكذي الجنون ذو ألم يشغله عن النظر بالمصلحة ومختل النظر بنحو هرم ومن به بعد الإفاقة آثار خبل توجب حدة في الخلق.
وينقل ضد كل من الفسق والرق والصبا والجنون ولاية لأبعد لا لحاكم ولو في باب الولاء حتى لو أعتق شخص أمة ومات عن ابن صغير وأخ كبير كانت الولاية للأخ لا للحاكم على المعتمد.

(1/465)


وهو أب فأبوه فيزوجان بكرا أو ثيبا بلا وطء بغير إذنها لكفء,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا ولاية أيضا لأنثى فلا تزوج امرأة نفسها ولو بإذن من وليها ولا بناتها خلافا لأبي حنيفة فيهما.
ويقبل إقرار مكلفة به لصدقها وإن كذبها وليها لان النكاح حق الزوجين فيثبت بتصادقهما.
وهو أي الولي أب ف عند عدمه حسا أو شرعا أبوه وإن علا.
فيزوجان أي الأب والجد حيث لا عداوة ظاهرة بكرا أو ثيبا بلا وطئ لمن زالت بكارتها بنحو إصبع بغير إذنها فلا يشترط الإذن منها بالغة كانت أو غير بالغة لكمال شفقته ولخبر الدارقطني [مسلم رقم: 1421, الترمذي رقم: 1108, النسائي رقم: 3260- 3264, أبو داود رقم: 2098, 2100, ابن ماجه رقم: 1870, موطأ مالك رقم: 1114, الدارمي رقم: 2188- 2190] : "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يزوجها أبوها" لكفء موسر بمهر المثل فإن زوجها المجبر أي الأب أو الجد لغير كفء لم يصح النكاح وكذا إن زوجها لغير موسر بالمهر على ما اعتمده الشيخان.
لكن الذي اختاره جمع محققون الصحة في الثانية واعتمده شيخنا ابن زياد.
ويشترط لجواز مباشرته لذلك لا لصحته كونه بمهر المثل الحال من نقد البلد فإن انتفيا صح بمهر المثل من نقد البلد.

(1/466)


لا ثيبا بوطء إلا بإذنها نطقا بالغة وتصدق في بكارة بلا يمين وفي ثيوبة قبل عقد بيمينها ثم عصبتها وهو: أخ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع لو أقر مجبر بالنكاح لكفء قبل إقراره وإن أنكرته لان من ملك الإنشاء ملك الإقرار بخلاف غيره.
لا يزوجان ثيبا بوطء ولو زنا وإن كانت ثيوبتها بقولها إن حلفت إلا بإذنها نطقا للخبر السابق بالغة فلا تزوج الثيب الصغيرة العاقلة الحرة حتى تبلغ لعدم اعتبار إذنها خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه.
وتصدق المرأة البالغة في دعوى بكارة بلا يمين وفي ثيوبة قبل عقد عليها بيمينها وإن لم تتزوج ولم تذكر سببا فلا تسأل عن السبب الذي صارت به ثيبا.
وخرج بقولي قبل عقد دعواها الثيوبة بعد أن يزوجها الأب بغير إذنها بظنه بكرا فلا تصدق هي لما في تصديقها من إبطال النكاح مع أن الأصل بقاء البكارة بل لو شهدت أربع نسوة بثيوبتها عند العقد لم يبطل لاحتمال إزالتها بنحو أصبع أو خلقت بدونها وفي فتاوى الكمال الرداد: يجوز للأب تزويج صغيرة أخبرته أن الزوج الذي طلقها لم يطأها: أي إذا غلب على ظنه صدق قولها وإن عاشرها الزوج أياما ولا ينتظر بلوغها للتزويج.
ثم بعد الأصل عصبتها وهو من على حاشية النسب فيقدم أخ

(1/467)


لأبوين فأخ لأب فبنوهما فعم ثم معتق فعصباته فيزوجون بالغة بإذن ثيب بوطء نطقا وصمت بكر استؤذنت,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأبوين فأخ لأب فبنوهما كذلك فيقدم بنو الإخوة لأبوين ثم بنو الإخوة لأب.
فـ بعد ابن الأخ عم لأبوين ثم لأب ثم بنوهما كذلك ثم عم الأب ثم بنوه كذلك وهكذا.
ثم بعد فقد عصبة النسب من كان عصبة بولاء كترتيب إرثهم فيقدم معتق فعصباته ثم معتق المعتق ثم عصباته وهكذا.
فيزوجون أي الأولياء المذكورين على ترتيب ولا يتهم.
بالغة لا صغيرة خلافا لأبي حنيفة.
بإذن ثيب بوطء نطقا لخبر الدارقطني السابق.
ويجوز الإذن منها بلفظ الوكالة كوكلتك في تزويجي ورضيت بمن يرضاه أبي أو أمي أو بما يفعله أبي لا بما تفعله أمي لأنها لا تعقد ولا إن رضي أبي أو أمي للتعليق وبرضيت فلانا زوجا أو رضيت أن أزوج.
وكذا بأذنت له أن يعقد لي وإن لم تذكر نكاحا على ما بحث ولو قيل لها أرضيت بالتزويج؟ فقالت رضيت كفى.
وصمت بكر ولو عتيقة استؤذنت في كفء وغيره وإن بكت لكن من غير صياح أو ضرب حد: لخبر: "والبكر تستأمر وإذنها سكوتها" [مسلم رقم: 1421, الترمذي رقم: 1108, النسائي رقم: 3260- 3264] .

(1/468)


ثم قاض فيزوج بكفء بالغة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج بثيب بوطء مزالة البكارة بنحو إصبع فحكمها حكم البكر في الاكتفاء بالسكوت بعد الاستئذان. ويندب للأب والجد استئذان البكر البالغة تطييبا لخاطرها أما الصغيرة فلا إذن لها وبحث ندبه في المميزة ولغيرهما الإشهاد على الإذن.
فرع لو أعتق جماعة أمة اشترط رضا كلهم فيوكلون واحدا منهم أو من غيرهم ولو أراد أحدهم أن يتزوجها زوجه الباقون مع القاضي: فإن مات جميعهم كفى رضا كل واحد من عصبة كل واحد ولو اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة جاز أن يزوجها أحدهم برضاها وإن لم يرض الباقون.
ثم بعد فقد عصبة النسب والولاء قاض أو نائبه لقوله صلى الله عليه وسلم: "السلطان ولي من لا ولي لها" [الترمذي رقم: 1102, أبو داود رقم: 2083, ابن ماجه رقم: 1869, 1880, الدارمي رقم: 2184] والمراد من له ولاية من الإمام والقضاة ونوابهم.
فيزوج أي القاضي بكفء لا بغيره.
بالغة كائنة في محل ولايته حالة العقد ولو مجتازة به وإن كان إذنها له وهي خارجة أما إذا كانت خارجة عن محل ولايته حالته فلا

(1/469)


عدم وليها أو غاب مرحلتين أو تعذر وصول إليه لخوف,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يزوجها وإن أذنت له قبل خروجها منه أو كان هو فيه لان الولاية عليها لا تتعلق بالخاطب.
وخرج بالبالغة اليتيمة فلا يزوجها القاضي ولو حنفيا لم يأذن له سلطان حنفي فيه.
وتصدق المرأة في دعوى البلوغ بحيض أو إمناء بلا يمين: إذ لا يعرف إلا منها في دعوى البلوغ بالسن إلا ببينة خبيرة تذكر عدد السنين.
وعدم وليها الخاص بنسب أو ولاء أو غاب أي أقرب أوليائها مرحلتين وليس له وكيل حاضر في التزويج. وتصدق المرأة في دعوى غيبة الولي وخلوها من النكاح والعدة وإن لم تقم بينة بذلك.
ويسن طلب بينة بذلك منها وإلا فتحليفها.
ولو زوجها لغيبة الولي فبان أنه قريب من بلد العقد وقت النكاح لم ينعقد إن ثبت قربه.
فلا يقدح في صحة النكاح مجر قوله كنت قريبا من البلد بل لا بد من بينة على الأوجه خلافا لما نقله الزركشي والشيخ زكريا عن فتاوى البغوي.
أو غاب إلى دونهما لكن تعذر وصول إليه أي إلى الولي لخوف في الطريق من القتل أو الضرب أو أخذ المال.

(1/470)


أو فقد أو عضل مكلفة دعت إلى كفء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو فقد أي الولي بأن لم يعرف مكانه ولا موته ولا حياته بعد غيبة أو حضور قتال أو انكسار سفينة أو أسر عدو هذا إن لم يحكم بموته وإلا زوجها الأبعد.
أو عضل الولي ولو مجبر أي منع مكلفة أي بالغة عاقلة دعت إلى تزويجها من كفء ولو بدون مهر المثل من تزويجها به.
فروع لا يزوج القاضي إن عضل مجبر من تزويجها بكفء عينته وقد عين هو كفؤ آخر غير معينها وإن كان معينة دون معينها كفاءة.
ولا يزوج غير المجبر ولو أبا أو جدا بأن كانت ثيبا إلا ممن عينته وإلا كان عاضلا.
ولو ثبت تواري الولي أو تعززه زوجها الحاكم.
وكذا يزوج القاضي إذا أحرم الولي أو أراد نكاحها كابن عم فقد من يساويه في الدرجة ومعتق فلا يزوج الأبعد في الصور المذكورة لبقاء الأقرب على ولايته.
وإنما يزوج للقاضي أو طفله إذا أراد نكاح من ليس لها ولي قاض آخر بمحل ولايته إذا كانت المرأة في عمله أو نائب القاضي الذي يتزوج هو أو طفله.

(1/471)


ثم محكم عدل ولقاض تزويج من قالت أنا خلية عن نكاح وعدة ما لم يعرف لها زوج وإلا شرط إثبات لفراقه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم إن لم يوجد ولي ممن مر فيزوجها محكم عدل حر ولته مع خاطبها أمرها ليزوجها منه وإن لم يكن مجتهدا إذا لم يكن ثم قاض ولو غير أهل وإلا فيشترط كون المحكم مجتهدا.
قال شيخنا: نعم إن كان الحاكم لا يزوج إلا بدراهم كما حدث الآن فيتجه أن لها أن تولي عدلا مع وجوده وإن سلمنا أنه لا ينعزل بذلك بأن علم موليه ذلك منه حال التولية انتهى.
ولو وطئ في نكاح بلا ولي كأن زوجت نفسها ولم يحكم حاكم بصحته ولا ببطلانه لزمه مهر المثل دون المسمى لفساد النكاح ويعزر به معتقد تحريمه ويسقط عند الحد.
ويجوز لقاض تزويج من قالت أنا خلية عن نكاح وعدة أو طلقني زوجي واعتددت ما لم يعرف لها زوجا معينا وإلا أي وإن عرف لها زوجا باسمه أو شخصه أو عينته شرط في صحة تزويج الحاكم لها دون الولي الخاص إثبات لفراقه بنحو طلاق أو موت سواء أغاب أم حضر وإنما فرقوا بين المعين وغيره مع أن المدار والعلم يسبق الزوجية أو بعدمه حتى يعمل بالأصل في كل منهما لان القاضي لما تعين الزوج عنده باسمه أو شخصه تأكد له الاحتياط والعمل بأصل بقاء الزوجية فاشترط الثبوت ولأنها لما ذكرت معينا باسم العلم كأنها ادعت عليه بل صرحوا بأنها دعوى عليه فلا بد من إثبات ذلك

(1/472)


ولمجبر توكيل في تزويج موليته بغير إذنها وعلى وكيل رعاية حظ ولغيره بعد إذن له فيه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف ما إذا عرف مطلق الزوجية من غير تعيين بما ذكر فاكتفي بإخبارها بالخلو عن الموانع لقول الأصحاب: إن العبرة في العقود بقول أربابها.
وأما الولي الخاص فيزوجها إن صدقها وإن عرف زوجها الأول من غير إثبات طلاق ولا يمين لكن يسن له كقاض لم يعرف زوجها طلبت إثبات ذلك ولا فرق بين القاضي والولي حيث فصل بين المعين وغيره في ذلك دون هذا لان القاضي يجب عليه الاحتياط أكثر من الولي.
ويجوز لمجبر وهو الأب والجد في البكر توكيل معين صح تزوجه في تزويج موليته بغير إذنها وإن لم يعين المجبر الزوج في توكيله وعلى وكيل إن لم يعين الولي الزوج رعاية حظ واحتياط في أمرها فإن زوجها بغير كفء أو بكفء وقد خطبها أكفأ منه لم يصح التزويج لمخالفته الاحتياط الواجب عليه.
ويجوز التوكيل لغيره أي غير المجبر بأن لم يكن أبا ولا جدا في البكر أن كانت موليته ثيبا فليوكل بعد إذن حصل منها له فيه أي التزويج إن لم تنهه عن التوكيل وإذا عينت للولي رجلا فليعينه للوكيل وإلا لم يصح تزويجه ولو لمن عينته لأن الإذن المطلق مع أن المطلوب معين فاسد.

(1/473)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج بقولي بعد إذنها للولي في التزويج ما لو وكله قبل إذنها له فيه فلا يصح التوكيل ولا النكاح.
نعم: لو وكل قبل أن يعلم إذنها له ظانا جواز التوكيل قبل الإذن فزوجها الوكيل صح إن تبين أنها كانت أذنت قبل التوكيل لان العبرة في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف وإلا فلا.
فروع لو زوج القاضي امرأة قبل ثبوت توكيله بل بخبر عدل نفذ وصح لكنه غير جائز لأنه تعاطى عقدا فاسدا في الظاهر كما قاله بعض أصحابنا.
ولو بلغت الولي امرأة إذن موليته فيه فصدقها ووكل القاضي فزوجها صح التوكيل والتزويج.
ولو قالت امرأة لوليها أذنت لك في تزويجي لمن أراد تزويجي الآن وبعد طلاقي وانقضاء عدتي صح تزويجه بهذا الإذن ثانيا فلو وكل الولي أجنبيا بهذه الصفة صح تزويجه ثانيا أيضا لأنه وإن لم يملكه حال الإذن لكنه تابع لما ملكه حال الإذن كما أفتى به الطيب الناشري وأقره بعض أصحابنا.
ولو أمر القاضي رجلا بتزويج من لا ولي لها قبل استئذانها فيه فزوجها بإذنها جاز بناء على الأصح إن استنابته في شغل معين استخلاف لا توكيل.

(1/474)


ولزوج توكيل في قبوله.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع لو استخلف القاضي فقيها في تزويج امرأة لم يكف استخلاف لا توكيل الكتاب فقط بل يشترط اللفظ عليه منه وليس للمكتوب إليه الاعتماد على الخط هذا ما في أصل الروضة وتضعيف البلقيني له مردود بتصريحهم بأن الكتابة وحدها لا تفيد في الاستخلاف بل لا بد من إشهاد شاهدين على ذلك: قاله شيخنا في شرحه الكبير.
ويجوز لزوج توكيل في قبوله أي النكاح فيقول وكيل الولي للزوج زوجتك فلانة بنت فلان ابن فلان ثم يقول موكلي أو وكالة عنه إن جهل الزوج أو الشاهدان وكالته وإلا لم يشترط ذلك وإن حصل العلم بأخبار الوكيل ويقول الولي لوكيل الزوج زوجت بنتي لفلان بن فلان فيقول وكيله كما يقول ولي الصبي حين يقبل النكاح له قبلت نكاحها له فإن ترك لفظة له فيهما لم يصح النكاح وإن نوى الموكل أو الطفل كما لو قال زوجتك بدل فلان لعدم التوافق فإن ترك لفظة له في هذه انعقد للوكيل وإن نوى موكله.
فروع من قال أنا وكيل في تزويج فلانة فلمن صدقه قبول النكاح منه.
ويجوز لمن أخبره عدل بطلاق فلان أو موته أو توكيله أن يعمل به بالنسبة لما يتعلق بنفسه وكذا خطه الموثوق به وأما بالنسبة لحق الغير

(1/475)


فرع: يزوج عتيقة امرأة حية وليها بإذن عتيقة وأمة بالغة وليها بإذنها وحدها وأمة صغيرة بكر أو صغير أب لغبطة لا يزوج عبدهما,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو لما يتعلق بالحاكم فلا يجوز اعتماد عدل ولا خط قاض من كل ما ليس بحجة شرعية.
فرع [في بيان تزويج العتيقة والأمة] : يزوج عتيقة امرأة حية عدم ولي عتيقتها نسبا وليها أي المعتقة تبعا لولايته عليها فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها بترتيب الأولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ما دامت حية بإذن عتيقة ولو لم ترض المعتقة: إذ لا ولاية لها فإذا ماتت المعتقة زوجها ابنها.
ويزوج أمة امرأة بالغة رشيدة وليها أي ولي السيدة بإذنها وحدها لأنها المالكة لها فلا يعتبر إذن الأمة لان لسيدتها إجبارها على النكاح.
ويشترط أن يكون إذن السيدة نطقا وإن كانت بكرا.
ويزوج أمة صغيرة بكر أو صغير أب فأبوه لغبطة وجدت كتحصيل مهر أو نفقة.
لا يزوج عبدهما لانقطاع كسبه عنهما خلافا لمالك إن ظهرت مصلحة ولا أمة ثيب صغيرة لأنه لا يلي نكاح مالكتها ولا يجوز للقاضي أن يزوج أمة الغائب وإن احتاجت إلى النكاح وتضررت بعدم

(1/476)


وسيد أمته ولو صغيرة ولا ينكح عبد إلا بإذن سيده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النفقة نعم: إن رأى القاضي بيعها لان الحظ فيه للغائب من الإنفاق عليها باعها.
ويزوج سيد بالملك ولو فاسقا أمته المملوكة كلها له لا المشتركة ولو باغتنام بينه وبين جماعة أخرى بغير رضا جميعهم ولو بكرا صغيرة أو ثيبا غير بالغة أو كبيرة بلا إذن منها لان النكاح يرد على منافع البضع وهي مملوكة له وله إجبارها عليه لكن لا يزوجها لغير كفء بعيب مثبت للخيار أو فسق أو حرفة دنيئة إلا برضاها وله تزويجها برقيق ودنيء نسب لعدم النسب لها.
وللمكاتب لا لسيده تزويج أمته إن أذن له سيده فيه ولو طلبت الأمة تزويجها لم يلزم السيد لأنه ينقص قيمتها.
قال شيخنا: يزوج الحاكم أمة كافر أسلمت بإذنه والموقوفة بإذن الموقوف عليهم أي إن انحصروا وإلا لم تزوج فيما يظهر.
ولا ينكح عبد ولو مكاتبا إلا بإذن سيده ولو كان السيد أنثى سواء أطلق الإذن أم قيد بامرأة معينة أو قبيلة فينكح بحسب إذنه ولا يعدل عما أذن له فيه مراعاة لحقه فإن عدل عنه لم يصح النكاح ولو نكح العبد بلا إذن سيده بطل النكاح ويفرق بينهما خلافا لمالك فإن وطئ فلا شيء عليه لرشيدة مختارة أما السفيهة والصغيرة فيلزم فيهما مهر المثل.
ولا يجوز للعبد ولو مأذونا في التجارة أو مكاتبا أن يتسرى وإن جاز له

(1/477)


000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النكاح بالإذن لان المأذون له لا يملك ولضعف الملك في المكاتب.
ولو طلب العبد النكاح لا يجب على السيد إجابته ولو مكاتبا.
ولا يصدق مدعي عتق من عبد أو أمة إلا بالبينة المعتبرة الآتي بيانها في باب الشهادة.
وصدق مدعي حرية أصالة بيمين ما لم يسبق إقرار برق أو لم يثبت لان الأصل الحرية.

(1/478)


فصل في الكفاءة
لا يكافئ حرة ولا عفيفة ونسيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الكفاءة
وهي معتبرة في النكاح لا لصحته بل لأنها حق للمرأة والولي فلهما إسقاطها.
لا يكافئ حرة أصلية أو عتيقة ولا من لم يمسها الرق أو آباءها أو الأقرب إليها منهم غيرها بأن لا يكون مثلها في ذلك ولا أثر لمس الرق في الأمهات.
ولا عفيفة وسنية وغيرهما من فاسق ومبتدع فالفاسق كفء للفاسقة: أي إن استوى فسقهما.
ولا نسيبة من عربية وقرشية وهاشمية أو مطلبية غيرها يعني لا يكافئ عربية أبا غيرها من العجم وإن كانت أمة عربية ولا قرشية

(1/478)


وسليمة من حرف دنيئة ومن عيب نكاح كجنون وجذام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غيرها من بقية العرب ولا هاشمية أو مطلبية غيرهما من بقية قريش.
وصح: نحن وبنو المطلب شيء واحد [البخاري رقم: 3140, أبو داود رقم: 2980, النسائي رقم: 4136, 4137, ابن ماجه رقم: 2881] فهما متكافئان.
ولا يكافئ من أسلم بنفسه من لها أب أو أكثر في الإسلام ومن له أبوان لمن لها ثلاثة آباء فيه على ما صرحوا به لكن حكى القاضي أبو الطيب وغيره فيه وجها أنهما كفأن واختاره الروياني وجزم به صاحب العباب.
ولا سليمة من حرف دنيئة وهي ما دلت ملابسته على انحطاط المروءة غيرها فلا يكافئ من هو أو أبوه حجام أو كناس أو راع بنت خياط ولا هو بنت تاجر وهو من يجلب البضائع من غير تقييد بجنس أو بزاز وهو بائع البز ولا هما بنت عالم أو قاض عادل.
قال الروياني: وصوبه الأذرعي ولا يكافئ عالمة جاهل خلافا للروضة.
والأصح أن اليسار لا يعتبر في الكفاءة لان المال ظل زائل ولا يفتخر أهل المروءات والبصائر.
ولا سليمة حال العقد من عيب مثبت لخيار نكاح لجاهل به حالته كجنون ولو متقطعا وإن قل وهو مرض يزول به الشعور من القلب وجذام مستحكم وهي علة يحمر منها العضو ثم يسود ثم

(1/479)


وبرص غير,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يتقطع وبرص مستحكم وهو بياض شديد يذهب دموية الجلد وإن قلا.
وعلامة الاستحكام في الأول اسوداد العضو وفي الثاني عدم احمراره عند عصره.
غير ممن به عيب لان النفس تعاف صحبة من به ذلك.
ولو كان بها عيب أيضا فلا كفاءة وإن اتفقا أو كان ما بها أقبح.
أما العيوب التي لا تثبت الخيار فلا تؤثر كالعمى وقطع الطرف وتشوه الصورة خلافا لجمع متقدمين.
تتمة [في بيان العيوب التي تثبت الخيار] ومن عيوب النكاح رتق وقرن فيها وجب وعنة فيه فلكل من الزوجين الخيار فورا في فسخ النكاح بما وجد من العيوب المذكورة في الآخر بشرط أن يكون بحضور الحاكم.
وليس منها استحاضة وبخر وصنان وقروح سيالة وضيق منفذ ويجوز لكل من الزوجين خيار بخلف شرط وقع في العقد لا قبله كأن شرط في أحد الزوجين حرية أو نسب أو جمال أو يسار أو بكارة أو شباب أو سلامة من عيوب كزوجتك بشرط أنها بكر أو حرة مثلا فإن بان أدنى مما شرط فله فسخ ولو بلا قاض ولو شرطت بكارة فوجدت

(1/480)


ولا يقابل بعضها ببعض ويزوجها بغير كفء ولي لا قاض برضا كل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثيبا وادعت ذهابها عنده فأنكر صدقت بيمينها لدفع الفسخ أو ادعت افتضاضه لها فأنكر فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ أيضا لكن يصدق هو بيمينه لتشطير المهر إن طلق قبل الدخول.
ولا يقابل بعضها أي بعض خصال الكفاءة ببعض من تلك الخصال فلا تزوج حرة عجمية برقيق عربي ولا حرة فاسقة بعبد عفيف.
قال المتولي: وليس من الحرف الدنيئة خبازة.
ولو اطرد عرف بلد بتفضيل بعض الحرف الدنيئة التي نصوا عليها لم يعتبر ويعتبر عرف بلدها فيما لم ينصوا عليه.
وليس للأب تزويج ابنه الصغير أمة لأنه مأمون العنت.
ويزوجها بغير كفء ولي بنسب وولاء لا قاض برضا كل منها ومن وليها أو أوليائها المستوين الكاملين لزوال المانع برضاهم أما القاضي فلا يصح له تزويجها لغير كفء وإن رضيت به على المعتمد إن كان لها ولي غائب أو مفقود لأنه كالنائب عنه فلا يترك الحظ له وبحث جمع متأخرون أنها لو لم تجد كفؤا وخافت الفتنة لزم القاضي إجابتها للضرورة.
قال شيخنا وهو متجه مدركا.

(1/481)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أما من ليس لها ولي أصلا فتزويجها القاضي لغير كفء بطلبها التزويج منه صحيح على المختار خلافا للشيخين.
فرع لو زوجت من غير كفء بالإجبار أو بالإذن المطلق عند التقييد بكفء أو بغيره لم يصح التزويج لعدم رضاها به.
فإن أذنت في تزويجها بمن ظنته كفؤا فبان خلافه صح النكاح ولا خيار لها لتقصيرها بترك البحث نعم لها خيار إن بان معيبا أو رقيقا وهي حرة.
تتمة [في بيان بعض آداب النكاح] يجوز للزوج كل تمتع منها بما سوى حلقة دبرها ولو بمص بظرها أو استمناء بيدها لا بيده وإن خاف الزنا خلافا لأحمد ولا افتضاض بأصبع ويسن ملاعبة الزوجة إيناسا وأن لا يخليها عن الجماع كل أربع ليال مرة بلا عذر وأن يتحرى بالجماع وقت السحر وأن يمهل لتنزل إذا تقدم إنزاله وأن يجامعها عند القدوم من سفره وأن يتطيبا للغشيان وأن يقول كل ولو مع اليأس من الولد بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا وأن يناما في فراش واحد والتقوي له بأدوية مباحة بقصد صالح: كعفة ونسل وسيلة لمحبوب فليكن محبوبا فيما يظهر قاله شيخنا.
ويحرم عليها منعه من استمتاع جائز.
ويكره لها أن تصف لزوجها أو غيره امرأة أخرى لغير حاجة.
وله الوطء في زمن يعلم دخول وقت المكتوبة فيه وخروجه قبل وجود الماء وأنها لا تغتسل عقبه وتفوت الصلاة.

(1/482)


فصل في نكاح الأمة
حرم لحر نكاح أمة إلا بعجز عمن تصلح لتمتع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في نكاح الأمة
حرم لحر ولو عقيما أو آيسا من الولد نكاح أمة لغيره ولو مبعضة إلا بثلاثة شروط: أحدها:
بعجز عمن تصلح لتمتع ولو أمة أو رجعية لأنها في حكم الزوجية ما لم تنقض عدتها بدليل التوارث بأن لا يكون تحته شيء من ذلك.
ولا قادرا على نكاح حرة لعدمها أو فقره.
أو التسري بعدم وجود أمة في ملكه أو ثمن لشرائها.
ولو وجد من يقرض أو يهب مالا أو جارية لم يلزمه القبول بل يحل مع ذلك نكاح الأمة لا لمن له ولد موسر أما إذا كان تحته صغيرة لا تحتمل الوطء أو هرمة أو مجنونة أو مجذومة أو برصاء أو رتقاء أو قرناء فتحل الأمة.

(1/483)


وبخوفه زنا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكذا إن كان تحته زانية على ما أفتى به غير واحدة.
ولو قدر على غائبة في مكان قريب لم يشق قصدها وأمكن انتقالها لبلده لم تحل الأمة أما لو كان تحته غائبة في مكان بعيد عن بلده ولحقه مشقة ظاهرة بأن ينسب متحملها في طلب الزوجة إلى مجاوزة الحد في قصدها أو يخاف الزنا مدة قصدها فهي كالعدم كالتي لا يمكن انتقالها إلى وطنه لمشقة الغربة له.
وثانيها بخوفه زنا بغلبة شهوة وضعف تقواه فتحل للآية [4 سورة النساء الآية: 25] فإن ضعفت شهوته وله تقوى أو مروءة أو حياء يستقبح معه الزنا أو قويت شهوته وتقواه لم تحل له الأمة لأنه لا يخاف الزنا.
ولو خاف الزنا من أمة بعينها لقوة ميله إليها لم تحل له كما صرحوا به.
والشرط الثالث: أن تكون الأمة مسلمة يمكن وطؤها فلا تحل له الأمة الكتابية وعند أبي حنيفة رضي الله عنه يجوز للحر نكاح أمة غيره إن لم يكن تحته حرة.
فروع لو نكح الحر الأمة بشروطه ثم أيسر أو نكح الحرة لم ينفسخ نكاح الأمة.
وولد الأمة من نكاح أو غيره كزنا أو شبهة بأن نكحها وهو

(1/484)


وحل لمسلم وطء الكتابية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موسر قن لمالكها.
ولو غر واحد بحرية أمة وتزوجها فأولادها الحاصلون منه أحرار ما لم يعلم برقها وإن كان عبدا ويلزمه قيمتهم يوم الولادة.
وحل لمسلم حر وطئ أمته الكتابية لا الوثنية والمجوسية.
تتمة [في بيان متعلقات نكاح الرقيق] لا يضمن سيد بإذنه في نكاح عبده مهرا ولا مؤنة وإن شرط في إذنه ضمان بل يكونان في كسبه وفي مال تجارة أذن له فيها ثم إن لم يكن مكتسبا ولا مأذونا فهما في ذمته فقط كزائد على مقدر له ومهر وجب بوطء في نكاح فاسد لم يأذن فيه سيده ولا يثبت مهر أصلا بتزويج أمته لعبده وإن سماه وقيل يجب ثم يسقط.

(1/485)


فصل في الصداق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الصداق
وهو ما وجب بنكاح أو وطء وسمي بذلك لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح الذي هو الأصل في
إيجابه ويقال له أيضا مهر وقيل الصداق ما وجب بتسميته في العقد والمهر ما وجب بغير ذلك.

(1/485)


سن ذكر صداق في عقد وما صح ثمنا صح صداقا ولها حبس نفسها لتقبض غير مؤجل,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سن ولو في تزويج أمته بعبده ذكر صداق في عقد وكونه من فضة للاتباع فيهما وعدم زيادة على خمسمائة درهم1 أصدقة بناته صلى الله عليه وسلم أو نقصان عن عشرة دراهم خالصة2: وكره إخلاؤه عن ذكره وقد يجب لعارض كأن كانت المرأة غير جائزة التصرف.
وما صح كونه ثمنا صح كونه صداقا وإن قل لصحة كونه عوضا فإن عقد بما لا يتمول كنواة وحصاة وقمع باذنجان وترك حد قذف فسدت التسمية لخروجه عن العوضية.
ولها كولي ناقصة بصغر أو جنون وسيد أمة حبس نفسها لتقبض غير مؤجل من المهر المعين أو الحال سواء كان بعضه أم كله أما لو كان مؤجلا فلا حبس لها وإن حل قبل تسليمها نفسها له ويسقط حق الحبس بوطئه إياها طائعة كاملة فلغيرها الحبس بعد الكمال إلا أن يسلمها الولي بمصلحة وتمهل وجوبا النحو تنظف بالطلب منها أو من وليها ما يراه قاض من ثلاثة أيام فأقل لا لانقطاع حيض ونفاس.
نعم لو خشيت أنه يطؤها سلمت نفسها وعليها الامتناع فإن علمت أن امتناعها لا يفيد واقتضت القرائن بالقطع بأنه يطوها لم يبعد
__________
1يعادل وزن الدرهم 8 ,2 غرامان وثمانية من العشرة من الغرام من الفضة وبالتالي يكون خمس مائة درهم ما يعادل 1400 ألف وأربع مائة غراما من الفضة.
2 أي ما يعادل 28 ثمانية وعشرين غراما من الفضة.

(1/486)


ولو أنكح صغيرة أو رشيدة بكرا بلا إذن بدون مهر مثل أو عينت له قدرا فنقص عنه صح بمهر مثل.
وفي وطء نكاح فاسد مهر مثل ويتقرر كله بموت أو وطء ويسقط بفراق قبله كفسخها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن لها بل عليها الامتناع حينئذ على ما قاله شيخنا.
ولو أنكح الولي صغيرة أو مجنونة أو رشيدة بكرا بلا إذن بدون مهر مثل أو عينت له قدرا فنقص عنه أو أطلقت الإذن ولم تتعرض لمهر فنقص عن مهر مثل صح النكاح على الأصح بمهر مثل لفساد المسمى كما إذا قبل النكاح لطفله بفوق مهر مثل من ماله ولو ذكروا مهرا سرا وأكثر منه جهرا لزمه ما عقد به اعتبارا بالعقد وإذا عقد سرا بألف ثم أعيد جهرا بألفين تجملا لزم ألف.
وفي وطئ نكاح أو شراء فاسد كما في وطء شبهة يجب مهر مثل لاستيفائه منفعة البضع.
ولا يتعدد بتعدد الوطء إن اتحدت الشبهة.
ويتقرر كله أي كل الصداق بموت لأحدهما ولو قبل الوطء لإجماع الصحابة على ذلك.
أو وطء أي بغيبة الحشفة وإن بقيت البكارة.
ويسقط أي كله بفراق وقع منها قبله أي قبل وطئ كفسخها بعيبه أو بإعساره وكردتها أو بسببها كفسخه بعيبها.

(1/487)


ويتشطر بطلاق قبله وصدق نافي وطء وإذا اختلفا في قدره أو صفته ولا بينة تحالفا ثم يفسخ المسمى ويجب مهر المثل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويتشطر المهر: أي يجب نصفه فقط بطلاق ولو باختيارها: كأن فوض الطلاق إليها فطلقت نفسها أو علقه بفعلها ففعلت أو فورقت بالخلع وبانفساخ نكاح بردته وحده قبله أي الوطء.
وصدق نافي وطئ من الزوجين بيمينه لان الأصل عدمه إلا إذا نكحها بشرط البكارة ثم قال وجدتها ثيبا ولم أطأها فقالت بل زالت بوطئك فتصدق بيمينها لدفع الفسخ ويصدق هو لتشطيره إن طلق قبل وطء.
وإذا اختلفا أي الزوجان في قدره أي المهر المسمى وكان ما يدعيه الزوج أقل.
أو في صفته من نحو جنس كدنانير وحلول وقدر أجل وصحة وضدها ولا بينة لأحدهما أو تعارضت بيناتهما تحالفا كما في البيع.
ثم بعد التحالف يفسخ المسمى ويجب مهر المثل وإن زاد على ما ادعته الزوجة.
وهو: ما يرغب به عادة في مثلها نسبا وصفة من نساء عصباتها فتقدم أخت لأبوين فلأب فبنت أخ فعمة كذلك فإن جهل مهرهن فيعتبر مهر رحم لها كجدة وخالة.

(1/488)


وليس لولي عفو عن مهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الماوردي والروياني: تقدم الأم فالأخت للام فالجدات فالخالة فبنت الأخت أي للام فبنت الخالة.
ولو اجتمع أم أب وأم أم فالذي يتجه استواؤهما فإن تعذرت اعتبر بمثلها في الشبه من الأجنبيات.
ويعتبر مع ذلك ما يختلف به غرض كسن ويسار وبكارة وجمال وفصاحة فإن اختصت عنهن بفضل أو نقص زيد عليه أو نقص منه لائق بالحال بحسب ما يراه قاض.
ولو سامحت واحدة لم يجب موافقتها.
وليس لولي عفو عن مهر لموليته كسائر ديونها وحقوقها.
ووجدت من خط العلامة الطنبداوي أن الحيلة في براءة الزوج عن المهر حيث كانت المرأة صغيرة أو مجنونة أو سفيهة أن يقول الولي مثلا طلق موليتي على خمسمائة درهم مثلا علي فيطلق ثم يقول الزوج أحلت عليك موليتك بالصداق الذي لها علي فيقول الولي قبلت فيبرأ الزوج حينئذ من الصداق انتهى.
ويصح التبرع بالمهر من مكلفة بلفظ الإبراء والعفو والإسقاط والإحلال والتحليل والإباحة والهبة وإن لم يحصل قبول.
مهمات لو خطب امرأة ثم أرسل أو دفع بلا لفظ إليها مالا قبل العقد: أي ولم يقصد التبرع ثم وقع الإعراض منها أو منه رجع

(1/489)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بما وصلها منه كما صرح به جمع محققون.
ولو أعطاها مالا فقالت هدية وقال صداقا صدق بيمينه وإن كان من غير جنسه ولو دفع لمخطوبته وقال جعلته من الصداق الذي سيجب بالعقد أو من الكسوة التي ستجب بالعقد والتمكين وقالت بل هي هدية فالذي يتجه تصديقها إذ لا قرينة هنا على صدقه في قصده.
ولو طلق في مسألتنا بعد العقد لم يرجع بشيء كما رجحه الأذرعي خلافا للبغوي لأنه إنما أعطى لأجل العقد وقد وجد.
تتمة [في بيان حكم المتعة] تجب عليه لزوجة موطوءة ولو أمة متعة بفراق بغير سببها وبغير موت أحدهما وهي ما يتراضى الزوجان عليه وقيل أقل مال يجوز جعله صداقا ويسن أن لا ينقص عن ثلاثين درهما1 فإن تنازعا قدرها القاضي بقدر حالهما من يساره وإعساره ونسبها وصفتها.
خاتمة [في بيان حكم الوليمة] الوليمة لعرس سنة مؤكدة للزوج الرشيد وولي غيره من مال نفسه ولا حد لأقلها لكن الأفضل للقادر شاة ووقتها الأفضل بعد الدخول للاتباع وقبله بعد العقد يحصل بها
__________
1 أي: ما يعادل 84 أربع وثمانين غراما من الفضة.

(1/490)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أصل السنة والمتجه استمرار طلبها بعد الدخول وإن طال الزمن كالعقيقة أو طلقها وهي ليلا أولى.
وتجب على غير معذور بأعذار الجمعة وقاض الإجابة إلى وليمة عرس عملت بعد عقد لا قبله إن دعاه مسلم إليها بنفسه أو نائبة الثقة وكذا مميز لم يعهد منه كذب وعم بالدعاء الموصوفين يوصف قصده كجيرانه وعشيرته أو أصدقائه أو أهل حرفته فلو كثر نحو عشيرته أو عجز عن الاستيعاب لفقره لم يشترط عموم الدعوة على الأوجه بل الشرط أن لا يظهر منه قصد تخصيص لغني أو غيره وأن يعين المدعو بعينه أو وصفه فلا يكفي من أراد فليحضر أو ادع من شئت أو لقيت بل لا تسن الإجابة حينئذ وأن لا يترتب على إجابته خلوة محرمة فالمرأة تجيبها المرأة إن أذن زوجها أو سيدها لا الرجل إلا إن كان هناك مانع خلوة محرمة كمحرم لها أو له أو امرأة أما مع الخلوة فلا يجيبها مطلقا وكذا مع عدمها إن كان الطعام خاصا به: كأن جلست ببيت وبعثت له الطعام إلى بيت آخر من دارها خوف الفتنة بخلاف إذا لم تخف فقد كان شعبان وأضرابه رابعة العدوية ويسمعون كلامها: فإن وجد رجل كسفيان وامرأة كرابعة لم تحرم الإجابة بل لا تكره وأن لا يدعي لنحو خوف منه أو طمع في جاهه أو لإعانته على باطل ولا إلى شبهة بأن لا يعلم حرام في ماله أما إذا كان فيه شبهة بأن علم اختلاطه أو طعام الوليمة بحرام وإن قل فلا تجب إجابة بل تكره إن كان أكثر ماله حراما فإن علم أن عين

(1/491)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الطعام حرام حرمت الإجابة وإن لم يرد الأكل منه كما استظهره شيخنا.
ولا إلى محل فيه منكر لا يزول بحضوره ومن المنكر ستر جدار بحرير وفرش مغصوبة أو مسروقة ووجود من يضحك الحاضرين بالفحش والكذب فإن كان حرمت الإجابة ومنه صورة حيوان مشتملة على ما لا يمكن بقاؤه بدونه وإن لم يكن لها نظير كفرس بأجنحة وطير بوجه إنسان على سقف أو جدار أو ستر علق لزينة أو ثياب ملبوسة أو وسادة منصوبة لأنها تشبه الأصنام فلا تجب الإجابة في شيء من الصور المذكورة بل تحرم.
ولا أثر بحمل النقد الذي عليه صورة كاملة لأنه للحاجة ولأنها ممتهنة بالمعاملة بها.
ويجوز حضور محل فيه صورة تمتهن كالصور ببساط يداس ومخدة ينام أو يتكأ عليها وطبق وخوان وقصعة وإبريق وكذا إن قطع رأسها لزوال ما به الحياة.
ويحرم ولو على نحو أرض تصوير حيوان وإن لم يكن له نظير نعم: يجوز تصوير لعب البنات لان عائشة رضي الله عنه كانت تلعب بها عنده صلى الله عليه وسلم كما في مسلم [رقم: 2440] وحكمته تدريبهن أمر التربية.
ولا يحرم أيضا تصوير حيوان بلا رأس خلافا للمتولي.
ويحل صوغ حلي ونسج حرير لأنه يحل للنساء نعم: صنعته لمن

(1/492)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يحل له استعماله حرام.
ولو دعاه اثنان أجاب أسبقهما دعوة فإن دعواه معا أجاب الأقرب رحما فدارا ثم بالقرعة.
وتسن إجابة سائر الولائم كما عمل للختان والولادة وسلامة المرأة الطلق وقدوم المسافر وختم القرآن وهي مستحبة في كلها.
فروع يندب الأكل في صوم نفل ولو مؤكدا لإرضاء ذي الطعام بأن شق عليه إمساكه ولو آخر النهار
للأمر بالفطر ويثاب على ما مضى وقضى ندبا يوما مكانه فإن لم يشق عليه إمساكه لم يندب الإفطار بل الإمساك أولى قال الغزالي: يندب أن ينوي بفطره إدخال السرور عليه.
ويجوز للضيف أن يأكل مما قدم له بلا لفظ من المضيف نعم إن انتظر غيره لم يجز قبل حضوره إلا بلفظ منه.
وصرح الشيخان بكراهة الأكل فوق الشبع وآخرون بحرمته.
وورد بسند ضعيف زجر النبي ص أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل قال مالك: هو نوع من الاتكاء فالسنة للأكل أن يجلس

(1/493)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب رجله اليمنى ويجلس على اليسرى ويكره الأكل متكئا وهو المعتمد على وطاء تحته ومضطجعا إلا فيما يتنقل به لا قائما والشرب قائما خلاف الأولى.
ويسن للآكل أن يغسل اليدين والفم قبل الأكل وبعده ويقرأ سورتي الإخلاص وقريش بعده ولا يبتلع ما يخرج من أسنانه بالخلال بل يرميه بخلاف ما يجمعه بلسانه من بينها فإنه يبتلعه.
ويحرم أن يكبر اللقم مسرعا حتى يستوفي أكثر الطعام ويحرم غيره.
ولو دخل على آكلين فأذنوا له لم يجز له الأكل معهم إلا إن ظن أنه عن طيب نفس لا لنحو حياء.
ولا يجوز للضيف أن يطعم سائلا أو هرة إلا إن علم رضا الداعي.
ويكره للداعي تخصيص بعض الضيفان بطعام نفيس.
ويحرم للأراذل أكل ما قدم للأماثل.
ولو تناول ضيف إناء طعام فانكسر منه ضمنه كما بحثه الزركشي لأنه في يده في حكم العارية.
ويجوز للإنسان أخذ من نحو طعام صديقه مع ظن رضا مالكه بذلك ويختلف بقدر المأخوذ وجنسه وبحال المضيف ومع ذلك ينبغي له مراعاة نصفة أصحابه فلا يأخذ إلا ما يخصه أو يرضون به عن طيب نفس لا عن حياء وكذا يقال في قران نحو تمرتين أما عند الشك في الرضا فيحرم الأخذ كالتطفل ما لم يعم: كأن فتح الباب

(1/494)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ليدخل من شاء.
ولزم مالك طعام إطعام مضطر قدر سد رمقه إن كان معصوما مسلما أو ذميا وإن احتاجه مالكه مآلا وكذا بهيمة الغير المحترمة بخلاف حربي ومرتد وزان محصن وتارك صلاة وكلب عقور فإن منع فله أخذه قهرا بعوض إن حضر وإلا فنسيئة ولو أطعمه ولم يذكر عوضا فلا عوض له لتقصيره ولو اختلفا في ذكر العوض صدق المالك بيمينه.
ويجوز نثر نحو سكر وتنبل وتركه أولى ويحل التقاطه للعلم برضا مالكه ويكره أخذه لأنه دناءة.
ويحرم أخذ فرخ طير عشش بملك الغير وسمك دخل مع الماء في حوضه.

(1/495)


فصل [في القسم والنشوز]
يجب قسم لزوجات
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في القسم والنشوز
يجب قسم لزوجات إن بات عند بعضهن بقرعة أو غيرها فيلزمه قسم لمن بقي منهن ولو قام بهن عذر كمرض وحيض.
وتسن التسوية بينهن في سائر أنواع الاستمتاع ولا يؤاخذ بميل القلب إلى بعضهن وأن لا يعطلهن بأن يبيت عندهن.
ولا قسم بين إماء ولا إماء وزوجة.

(1/495)


غير ناشزة وله دخول في ليل على أخرى لضرورة وفي نهار لحاجة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف بأن يمتنع كل عما يكره صاحبه ويؤدي إليه حقه مع الرضا وطلاقة الوجه من غير أن يحوجه إلى مؤنة وكلفة في ذلك.
غير معتدة عن وطئ شبهة لتحريم الخلوة بها وصغيرة لا تطيق الوطء وناشزة أي خارجة عن طاعته بأن تخرج
بغير إذنه من منزله أو تمنعه من التمتع بها أو تغلق الباب في وجهه ولو مجنونة وغير مسافرة وحدها لحاجتها ولو بإذنه فلا قسم لهن كما لا نفقة لهن.
فرع قال الأذرعي نقلا عن تجزئة الروياني: ولو ظهر زناها حل له منع قسمها وحقوقها لتفتدي منه.
نص عليه في الأم وهو أصح القولين انتهى.
قال شيخنا: وهو ظاهر إن أراد أنه يحل له ذلك باطنا معاقبة له لتلطيخ فراشه أما في الظاهر فدعواه عليها ذلك غير مقبولة بل ولو ثبت زناها لا يجوز للقاضي أن يمكنه من ذلك فيما يظهر.
وله أي للزوج دخول في ليل لواحدة على زوجة أخرى لضرورة لا لغيرها كمرضها المخوف ولو ظنا.
وله دخول في نهار لحاجة كوضع متاع أو أخذه وعيادة وتسليم

(1/496)


بلا إطالة وأكثره ثلاث ولجديدة بكر سبع وثيب ثلاث,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نفقة وتعرف خبر بلا إطالة في مكث عرفا على قدر الحاجة وإن أطال فوق الحاجة عصى لجوره وقضى وجوبا لذات النوبة بقدر ما مكث من نوبة المدخول عليها هذا ما في المهذب وغيره وقضية كلام المنهاج والروضة وأصليهما خلافه فيما إذا دخل في النهار لحاجة وإن طال فلا تجب تسوية في الإقامة في غير الأصل كأن كان نهارا أي في قدرها لأنه وقت التردد وهو يقل ويكثر عند حل الدخول يجوز له أن يتمتع.
ويحرم الجماع لا لذاته بل لأمر خارج ولا يلزمه قضاء الوطء لتعلقه بالنشاط بل يقضي زمنه إن طال عرفا.
واعلم أن أقل القسم ليلة لكل واحدة وهي من الغروب إلى الفجر وأكثره ثلاث فلا يجوز أكثر منها وإن تفرقن في البلاد إلا برضاهن وعليه يحمل قول الأم: يقسم مشاهرة ومسانهة والأصل فيه لمن عمله نهارا الليل والنهار قبله أو بعده وهو أولى.
تبع: ولحرة ليلتان ولأمة سلمت له ليلا ونهارا ليلة.
ويبدأ وجوبا في القسم بقرعة.
ولجديدة نكحها وفي عصمته زوجة فأكثر بكر سبع من الأيام يقيمها عندها متوالية وجوبا ولجديدة
ثيب ثلاث ولاء بلا قضاء ولو أمة

(1/497)


وهجر مضجعا وضربها بنشوز.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم: "سبع للبكر وثلاث للثيب" [البخاري رقم: 5213, مسلم رقم: 1461] .
ويسن تخيير الثيب بين ثلاث بلا قضاء وسبع بقضاء: للاتباع.
تنبيه يجب عند الشيخين وإن أطال الأذرعي: كالزركشي في رده أن يتخلف ليالي مدة الزفاف عن نحو الخروج للجماعة وتشييع الجنائز وأن يسوي ليالي القسم بينهن في الخروج لذلك أو عدمه فيأثم
بتخصيص ليلة واحدة بالخروج لذلك.
ووعظ زوجته ندبا لأجل خوف وقوع نشوز منها كالإعراض والعبوس بعد الإقبال وطلاقة الوجه والكلام الخشن بعد لينه.
وهجر إن شاء مضجعا مع وعظها لا في الكلام بل يكره فيه ويحرم الهجر به ولو لغير الزوجة فوق ثلاثة أيام: للخبر الصحيح [البخاري رقم: 6065, مسلم رقم: 2559] نعم إن قصد به ردها عن المعصية وإصلاح دينها جاز.
وضربها جوازا ضربا غير مبرح ولا مدم على غير وجه ومقتل إن أفاد الضرب في ظنه ولو بسوط وعصا.
لكن نقل الروياني تعيينه بيده أو بمنديل.
بنشوز أي بسببه وإن لم يتكرر خلافا للمحرر,

(1/498)


000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسقط بذلك القسم ومنه امتناعهن إذا دعاهن إلى بيته ولو لاشتغالها بحاجتها لمخالفتها نعم إن عذرت لنحو مرض أو كانت ذات قدر وخفر لم تعتد البروز لم تلزمها إجابته وعليه أن يقسم لها في بيتها ويجوز له أن يؤدبها على شتمها له.
تتمة يعصى بطلاق من لم تستوف حقها بعد حضور وقته وإن كان الطلاق رجعيا قال ابن الرفعة: ما لم يكن بسؤالها.

(1/499)


فصل في الخلع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الخلع
بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو النزع لان كلا من الزوجين لباس للآخر كما في الآية وأصله مكروه.
وقد يستحب كالطلاق ويزيد هذا بندبه لمن حلف بالطلاق الثلاث على شيء لا بد له من فعله.
قال شيخنا: وفيه نظر لكثرة القائلين بعود الصفة فالأوجه أنه مباح لذلك لا مندوب.
وفي شرحي المنهاج والإرشاد له: لو منعها نحو نفقة لتختلع منه بمال ففعلت بطل الخلع ووقع رجعيا كما نقله جمع

(1/499)


الخلع: فرقة بعوض لزوج بلفظ طلاق أو خلع فلو جرى بلا عوض بنية التماس قبول فمهر مثل وإذا بدأ بمعاوضة كطلقتك بألف فمعاوضة فله رجوع قبل قبولها وشرط قبولها فورا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
متقدمون عن الشيخ أبي حامد أولا بقصد ذلك وقع بائنا.
وعليه يحمل ما نقله الشيخان عنه أنه يصح ويأثم بفعله في الحالين وإن تحقق زناها لكن لا يكره الخلع حينئذ.
الخلع شرعا فرقة بعوض كميته مقصود من زوجة أو غيرها راجع لزوج أو سيدة بلفظ طلاق أو خلع أو مفاداة ولو كان الخلع في رجعية لأنها كالزوجة في كثير من الأحكام فلو جرى الخلع بلا ذكر عوض معها بنية التماس قبول منها: كأن قال خالعتك أو فاديتك ونوى التماس قبولها فقبلت فمهر مثل يجب عليها لاطراد العرف بجريان ذلك بعوض فإن جرى مع أجنبي طلقت مجانا كما لو كان معه والعوض فاسد.
ولو أطلق فقال خالعتك ولم ينو التماس قبولها وقع رجعيا وإن قبلت.
وإذا بدأ الزوج ب صيغة معاوضة: كطلقتك أو خالعتك بألف فمعاوضة لأخذه عوضا في مقابلة البضع المستحق له وبها شوب تعليق لتوقف وقوع الطلاق بها على القبول فله رجوع قبل قبولها لان هذا شأن المعاوضات.
وشرط قبولها فورا أي في مجلس التواجب بلفظ كقبلت أو

(1/500)


أو بدأ بتعليق كمتى أعطيتني كذا فأنت طالق فتعليق فلا رجوع له ولا يشترط قبول ولا إعطاء فورا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضمنت أو يفعل كإعطائها الألف على ما قاله جمع محققون فلو تحلل بين لفظه وقبولها زمن أو كلام طويل لم ينفذ ولو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بألف فتقع الثلاث وتجب الألف فإذا بدأت الزوجة بطلب طلاق كطلقني بألف أو إن طلقتني فلك علي كذا فأجابها الزوج فمعاوضة من جانبها فلها رجوع قبل جوابه لأن ذلك حكم المعاوضات.
ويشترط الطلاق بعد سؤالها فورا فإن لم يطلقها فورا كان تطليقه لها ابتداء للطلاق.
قال الشيخ زكريا: لو ادعى أنه جواب وكان جاهلا معذورا صدق بيمينه.
أو بدأ ب صيغة تعليق في إثبات كمتى أو أي حين أعطيتني كذا فأنت طالق فتعليق لاقتضاء الصيغة له فلا طلاق إلا بعد تحقق الصفة ولا رجوع له عنه قبل الصفة كسائر التعليقات.
ولا يشترط فيه قبول لفظا ولا إعطاء فورا بل يكفي الإعطاء ولو بعد أن تفرقا عن المجلس لدلالته على استغراق كل الأزمنة منه صريحا وإنما وجب الفور في قولها متى طلقتني فلك كذا لان الغالب على جانبها المعاوضة فإن لم يطلقها فورا حمل على الابتداء لقدرته عليه.
أما إذا كان التعليق في النفي كمتى لم تعطني ألفا فأنت طالق,

(1/501)


وشرط فور في إن أعطيتني.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فللفور فتطلق بمضي زمن يمكن فيه الإعطاء فلم تعطه.
وشرط فور أي الإعطاء في مجلس التواجب بأن لا يتخلل كلام أو سكوت طويل عرفا من حرة حاضرة أو غائبة علمته في إن أو إذا أعطيتني كذا فأنت طالق لأنه مقتضى اللفظ مع العوض.
وخولف في نحو متى لصراحتها في جواز التأخير لكن لا رجوع له عنه قبله ولا يشترط القبول لفظا.
تنبيه الإبراء فيما ذكر كالإعطاء ففي إن أبرأتني لا بد من إبرائها فورا براءة صحيحة عقب علمها وإلا لم يقع وإفتاء بعضهم بأنه يقع في الغائبة مطلقا لأنه لم يخاطبها بالعوض بعيد مخالف لكلامهم.
ولو قال إن أبرأتني فأنت وكيل في طلاقها فأبرأته برئ ثم الوكيل مخير فإن طلق وقع رجعيا لان الإبراء وقع في مقابلة التوكيل ومن علق طلاق زوجته بإبرائها إياه من صداقها لم يقع عليه إلا إن وجدت براءة صحيحة من جميعه فيقع بائنا بأن تكون رشيدة وكل منهما يعلم قدره ولم تتعلق به زكاة خلافا لما أطال به الريمي أنه لا فرق بين تعلقها به وعدمه وإن نقله عن المحققين وذلك لان الإبراء لا يصح من قدرها وقد علق بالإبراء من جميعه فلم توجد الصفة المعلق عليها وقيل يقع بائنا بمهر المثل ولو أبرأته ثم ادعت

(1/502)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجهل بقدره فإن زوجت صغيرة صدقت بيمينها أو بالغة ودل الحال على جهلها به لكونها مجبرة لم تستأذن فكذلك وإلا صدق بيمينه.
ولو قال إن أبرأتني من مهرك فأنت طالق بعد شهر فأبرأته برئ مطلقا ثم إن عاش إلى مضي الشهر طلقت وإلا فلا.
وفي الأنوار في أبرأتك من مهري بشرط أن تطلقني فطلق وقع ولا يبرأ لكن الذي في الكافي وأقره البلقيني وغيره في أبرأتك من صداقي بشرط الطلاق أو على أن تطلقني تبين ويبرأ بخلاف إن طلقت ضرتي فأنت برئ من صداقي فطلق الضرة وقع الطلاق ولا براءة.
قال شيخنا: والمتجه ما في الأنوار لأن الشرط المذكور متضمن للتعليق.
فروع لو قال إن أبرأتني من صداقك أطلقك فأبرأت فطلق برئ وطلقت ولم تكن مخالعة.
ولو قالت طلقني وأنت برئ من مهري فطلقها بانت به لأنها صيغة التزام.
أو قالت إن طلقتني فقد أبرأتك أو فأنت برئ من صداقي فطلقها بانت بمهر المثل على المعتمد لفساد العوض بتعليق الإبراء.

(1/503)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأفتى أبو زرعة فيمن سأل زوج بنته قبل الوطء أن يطلقها على جميع صداقها والتزم به والدها فطلقها واحتال من نفسه على نفسه لها وهي محجورته بأنه خلع على نظير صداقها في ذمة الأب نعم شرط صحة هذه الحوالة أن يحيله الزوج به لبنته إذ لا بد فيها من إيجاب وقبول ومع ذلك لا تصح إلا في نصف ذلك لسقوط نصف صداقها عليه ببينونتها منه فيبقى للزوج على الأب نصفه لأنه لما سأله بنظير الجميع فذمته فاستحقه والمستحق على الزوج النصف لا غير فطريقه أن يسأله الخلع بنظير النصف الباقي لمحجورته لبراءته حينئذ بالحوالة عن جميع دين الزوج انتهى.
قال شيخنا: وسيعلم مما يأتي أن الضمان يلزمه به مهر المثل فالالتزام المذكور مثله وإن لم توجد الحوالة.
ولو اختلع الأب أو غيره بصداقها أو قال طلقها وأنت برئ منه وقع رجعيا ولا يبرأ من شيء منه.
نعم إن ضمن له الأب أو الأجنبي الدرك أو قال علي ضمان ذلك وقع بائنا بمهر المثل على الأب أو الأجنبي.
ولو قال لأجنبي سل فلانا أن يطلق زوجته بألف اشترط في لزوم الألف أن يقول علي بخلاف سل زوجتي أن يطلقني على كذا فإنه توكيل وإن لم تقل علي.
ولو قال طلق زوجتك على أن أطلق زوجتي ففعلا بانتا لأنه خلع

(1/504)


00000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غير فاسد: لان العوض فيه مقصود خلافا لبعضهم فلكل على الآخر مهر مثل زوجته.
تنبيه [في بيان أن الفرقة بلفظ الخلع طلاق ينقص العدد] وفي قول نص عليه في القديم والجديد الفرقة بلفظ الخلع إذا لم يقصد به طلاقا فسخ لا ينقص عددا فيجوز تجديد النكاح بعد تكرره من غير حصر واختاره كثيرون من أصحابنا المتقدمين والمتأخرين بل تكرر من البلقيني الإفتاء به أما الفرقة بلفظ الطلاق بعوض فطلاق ينقص قطعا كما لو قصد بلفظ الخلع الطلاق لكن نقل الإمام عن المحققين القطع بأنه لا يصير طلاقا بالنية.

(1/505)


فصل في الطلاق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الطلاق
وهو لغة: حل القيد وشرعا حل عقد النكاح باللفظ الآتي وهو إما واجب: كطلاق مول لم يرد الوطء.
أو مندوب: كأن يعجز عن القيام بحقوقها ولو لعدم الميل إليها أو تكون غير عفيفة ما لم يخش الفجور بها أو سيئة الخلق: أي بحيث لا يصبر على عشرتها عادة فيما استظهره شيخنا وإلا فمتى توجد

(1/505)


يقع لغير بائن طلاق مكلف ومتعد بسكر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
امرأة غير سيئة الخلق1 وفي الحديث: "المرأة الصالحة في النساء كالغراب الأعصم" [مجمع الزوائد رقم: 7440] كناية عن ندرة وجودها: إذ الأعصم هو أبيض الجناحين أو يأمره به أحد والديه: أي من غير تعنت.
أو حرام كالبدعي وهو طلاق مدخول بها في نحو حيض بلا عوض منها أو في طهر جامعها فيه وكطلاق من لم يستوف دورها من القسم وكطلاق المريض بقصد الحرمان من الإرث ولا يحرم جمع ثلاث طلقات بل يسن الاقتصار على واحدة.
أو مكروه بأن سلم الحال من ذلك كله للخبر الصحيح [أبو داود رقم: 2178, ابن ماجه رقم: 2018] : أبغض الحلال إلى الله الطلاق وإثبات بغضه تعالى له المقصود منه زيادة التنفير عنه لا حقيقته لمنافاتها لحله.
إنما يقع لغير بائن ولو رجعية لم تنقض عدتها فلا يقع لمختلعة ورجعية انقضت عدتها.
طلاق مختار مكلف أي بالغ عاقل فلا يقع طلاق صبي ومجنون.
ومتعد بسكر أي بشرب خمر وأكل بنج أو حشيش لعصيانه بإزالة عقل.
__________
1 لله دره على هذا التساؤل ما أبدعه في هذا المكان.

(1/506)


لا مكره بمحذور,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف سكران لم يتعد بتناول مسكر كأن أكره عليه أو لم يعلم أنه مسكر فلا يقع طلاقه إذا صار بحيث لا يميز لعدم تعديه وصدق مدعي إكراه في تناوله بيمينه إن وجدت قرينة عليه كحبس وإلا فلا بد من البينة. ويقع طلاق الهازل به بأن قصد لفظه دون معناه أو لعب به بأن لم يقصد شيئا ولا أثر لحكاية طلاق الغير وتصوير الفقيه وللتلفظ به بحيث لا يسمع نفسه واتفقوا على وقوع طلاق الغضبان وإن ادعى زوال شعوره بالغضب.
لا طلاق مكره بغير حق بمحذور مناسب كحبس طويل وكذا قليل لذي مروءة وصفعة له في الملا وكإتلاف مال يضيق عليه بخلاف نحو خمسة دراهم في حق موسر.
وشرط الإكراه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به عاجلا بولاية أو تغلب وعجز المكره عن دفعه بفرار أو استغاثة وظنه أنه إن امتنع فعل ما خوفه به ناجزا.
فلا يتحقق العجز بدون اجتماع ذلك كله.
ولا يشترط التورية بأن ينوي غير زوجته أو يقول سرا عقبه إن شاء الله فإذا قصد المكره الإيقاع للطلاق وقع كما إذا أكره بحق: كأن قال مستحق القود طلق زوجتك وإلا قتلتك بقتلك أبي أو قال رجل لآخر طلقها أو لأقتلنك غدا فطلق فيقع فيهما.

(1/507)


بمشتق طلاق وفراق وسراح وترجمته وأعطيت طلاقك وأوقعت عليك الطلاق,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بصريح وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق ك مشتق طلاق ولو من عجمي عرف أنه موضوع لحل عصمة النكاح أو بعده عنها وإن لم يعرف معناه الأصلي كما أفتى به شيخنا.
وفراق وسراح لتكررها في القرآن كطلقتك وفارقتك وسرحتك أو زوجتي وكأنت طالق أو مطلقة بتشديد اللام المفتوحة ومفارقة ومسرحة أما مصادرها فكناية كأنت طلاق أو فراق أو سراح.
تنبيه: ويشترط ذكر مفعول مع نحو طلقت ومبتدأ مع نحو طالق فلو نوى أحدهما لم يؤثر كما لو قال: طالق ونوى أنت أو امرأتي ونوى لفظ طالق إلا إن سبق ذكرها في سؤال في نحو طلق امرأتك فقال: طلقت بلا مفعول أو فوض إليها بطلقي نفسك فقالت: طلقت ولم تقل: نفسي فيقع فيهما.
وترجمته أي مشتق ما ذكر بالعجمية فترجمة الطلاق صريح على المذهب وترجمة صاحبيه صريح أيضا على المعتمد.
ونقل الأذرعي عن جمع الجزم به.
ومنه أعطيت أو قلت طلاقك وأوقعت أو ألقيت أو وضعت عليك الطلاق أو طلاقي ويا طالق ويا مطلقة بتشديد اللام,

(1/508)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا أنت طلاق ولك الطلاق بل هما كنايتان: كإن فعلت كذا ففيه طلاقك أو فهو طلاقك فيما استظهر شيخنا لان المصدر لا يستعمل في العين إلا توسعا ولا يضر الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى كالخطأ في الإعراب.
فروع: لو قالت له طلقني فقال: هي مطلقة فلا يقبل إرادة غيرها لان تقدم سؤالها يصرف اللفظ إليها ومن
ثم لو لم يتقدم لها ذكر رجع لنيته في نحو أنت طالق وهي غائبة أو هي طالق وهي حاضرة.
قال البغوي: ولو قال ما كدت أن أطلقك كان إقرارا بالطلاق انتهى.
ولو قال لوليها زوجها فمقر بالطلاق.
قال المزجد: لو قال: هذه زوجة فلان حكم بارتفاع نكاحه.
وأفتى ابن الصلاح فيما لو قال رجل: إن غبت عنها سنة فما أنا لها بزوج بأنه إقرار في الظاهر بزوال الزوجية بعد غيبته السنة فلها بعدها ثم بعد انقضاء عدتها تزوج لغيره.
فوائد [تتعلق بالطلاق] : ولو قال لآخر: أطلقت زوجتك ملتمسا الإنشاء؟ فقال: نعم أو إي وقع وكان صريحا فإذا قال:

(1/509)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طلقت فقط كان كناية لان نعم متعينة للجواب وطلقت مستقلة فاحتملت الجواب والابتداء.
أما إذا قال له ذلك مستخبرا فأجاب بنعم فإقرار بالطلاق ويقع عليه ظاهرا إن كذب ويدين وكذا لو جهل حال السؤال فإن قال أردت طلاقا ماضيا وراجعت صدق بيمينه لاحتماله ولو قيل: لمطلق أطلقت زوجتك ثلاثا؟ فقال طلقت وأراد واحدة صدق بيمينه لان طلقت محتمل للجواب والابتداء ومن ثم لو قالت: طلقني ثلاثا فقال طلقتك ولم ينو عددا فواحدة.
ولو قال لام زوجته: ابنتك طالق وقال: أردت بنتها الأخرى صدق بيمنه كما لو قال لزوجته: وأجنبية إحداكما طالق وقال: قصدت الأجنبية لتردد اللفظ بينهما فصحت إرادتها بخلاف ما لو قال: زينب
طالق واسم زوجته زينب وقصد أجنبية اسمها زينب فلا يقبل قوله ظاهرا بل يدين.
مهمة: [في بيان ما لو أبدل حرفا من لفظ الطلاق بآخر] ولو قال عامي أعطيت تلاق فلانة بالتاء أو طلاقها بالكاف أو دلاقها بالدال وقع به الطلاق وكان صريحا في حقه إن لم يطاوعه لسانه إلا على هذا اللفظ المبدل أو كان ممن لغته كذلك كما صرح به الجلال البلقيني واعتمده جمع متأخرون وأفتى به جمع من مشايخنا وإلا فهو كناية لان ذلك الإبدال له أصل في اللغة.

(1/510)


وبكناية مع نية مقترنة بأولها كـ: أنت علي حرام وخلية وبائن وحرة وكأمي ويا بنتي وأعتقتك وتركتك وأزلتك وأحللتك وتزوجي,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويقع بكناية وهي ما يحتمل الطلاق وغيره.
إن كانت مع نية لإيقاع الطلاق مقترنة بأولها أي الكناية وتعبيري بمقترنة بأولها هو ما رجحه كثيرون واعتمده الأسنوي والشيخ زكريا تبعا لجمع محققين ورجح في أصل الروضة الاكتفاء بالمقارنة لبعض اللفظ ولو لآخره وهي كأنت علي حرام أو حرمتك أو حلال الله علي حرام ولو تعارفوه طلاقا خلافا للرافعي. ولو نوى تحريم عينها أو نحو فرجها أو وطئها لم تحرم وعليه مثل كفارة يمين وإن لم يطأ.
ولو قال: هذا الثوب أو الطعام حرام علي فلغو لا شيء فيه.
وأنت خلية أي من الزوج فعيلة بمعنى فاعلة أو بريئة منه وبائن أي مفارقة وكأنت حرة ومطلقة بتخفيف اللام أو أطلقتك وأنت كأمي أو بنتي أو أختي وك بنتي لممكنة كونها بنته باحتمال السن وإن كانت معلومة النسب وك أعتقتك وتركتك وقطعت نكاحك وأزلتك وأحللتك أي للأزواج وأشركتك مع فلانة وقد طلقت منه أو من غيره وك تزوجي أي لأني طلقتك وأنت حلال لغيري بخلاف قوله للولي: زوجها فإنه

(1/511)


واعتدي وخذي طلاقك ولا حاجة لي فيك وذهب طلاقك أو سقط طلاقك وطلاقك واحد لا كطلاقك عيب ولا قلت كلمتك أو حكمك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صريح واعتدي أي لأني طلقتك وودعيني من الوداع: أي لأني طلقتك وك خذي طلاقك ولا حاجة لي فيك أي لأني طلقتك ولست زوجتي إن لم يقع في جواب دعوى وإلا فإقرار وك ذهب طلاقك أو سقط طلاقك إن فعلت كذا وك طلاقك واحد وثنتان فإن قصد به الإيقاع وقع وإلا فلا وكلك الطلاق أو طلقة وكذا سلام عليك على ما قاله ابن صلاح ونقله شيخنا في شرح المنهاج.
لا منها كطلاقك عيب أو نقص ولا قلت أو أعطيت كلمتك أو حكمك فلا يقع به الطلاق وإن نوى بها المتلفظ الطلاق لأنها ليست من الكنايات التي تحتمل الطلاق بلا تعسف ولا أثر لاشتهارها في الطلاق في بعض القطر كما أفتى به جمع من محققي مشايخ عصرنا.
ولو نطق بلفظ من هذه الألفاظ الملغاة عند إرادة الفراق فقال له الآخر: مستخبرا أطلقت زوجتك؟ فقال: نعم ظانا وقوع الطلاق باللفظ الأول لم يقع كما أفتى به شيخنا.
وسئل البلقيني عما لو قال لها: أنت علي حرام وظن أنها طلقت به ثلاثا فقال لها: أنت طالق ثلاثا ظانا وقوع الثلاث بالعبارة

(1/512)


وصدق منكر نية بيمينه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأولى فأجاب بأنه لا يقع عليه طلاق بما أخبر به ثانيا على الظن المذكور انتهى.
ويجوز لمن ظن صدقه أن لا يشهد عليه.
فرع [في بيان أن الكتابة كناية فإن نوى بها الطلاق وقع] لو كتب صريح طلاق أو كنايته ولم ينو إيقاع الطلاق فلغو ما لم يتلفظ حال الكتابة أو بعدها بصريح ما كتبه نعم: يقبل قوله أردت قراءة المكتوب لا الطلاق لاحتماله ولا يلحق الكناية بالصريح طلب المرأة الطلاق ولا قرينة غضب ولا اشتهار بعض ألفاظ الكنايات فيه.
وصدق منكر نية في الكناية بيمينه في أنه ما نوى بها طلاقا فالقول في النية: إثباتا ونفيا قول: الناوي إذ لا تعرف إلا منه فإن لم تمكن مراجعة نيته بموت أو فقد لم يحكم بوقوع الطلاق لان الأصل بقاء العصمة.
فروع قال في العباب: من اسم زوجته فاطمة مثلا فقال: ابتداء أو جوابا لطلبها الطلاق فاطمة طالق وأراد غيرها لم يقبل ومن قال لامرأته: يا زينب أنت طالق واسمها عمرة طلقت للإشارة ولو أشار إلى أجنبية وقال: يا عمرة أنت طالق واسم

(1/513)


ولو قال طلقتك ونوى عددا وقع منوي,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زوجته عمرة لم تطلق ومن قال: امرأتي طالق مشيرا لإحدى امرأتيه وأراد الأخرى قبل بيمينه ومن له زوجتان اسم كل واحدة منهما فاطمة بنت محمد وعرف أحدهما بزيد فقال: فاطمة بنت محمد طالق ونوى بنت زيد قبل انتهى.
قال شيخنا: لم يقبل في المسألة الأولى أي ظاهرا بل يدين نعم: يتجه قبول إرادته لمطلقة له اسمها فاطمة انتهى.
ولو قال: زوجتي عائشة بنت محمد طالق وزوجته خديجة بنت محمد طلقت لأنه لا يضر الخطأ في الاسم. ولو قال لابنه المكلف قل لامك: أنت طالق ولم يرد التوكيل يحتمل التوكيل فإذا قاله لها: طلقت كما تطلق به لو أراد التوكيل ويحتمل أنها تطلق وكون الابن مخبرا لها بالحال.
قال الأسنوي: ومدرك التردد أن الأمر بالأمر بالشيء إن جعلناه كصدور الأمر من الأول كان الأمر بالإخبار بمنزلة الإخبار من الأب فيقع وإلا فلا انتهى.
قال الشيخ زكريا: وبالجملة فينبغي أن يستفسر فإن تعذر استفساره عمل بالاحتمال الأول حتى لا يقع الطلاق بقوله: بل بقول الابن لامه: لان الطلاق لا يقع بالشك.
ولو قال: طلقتك ونوى عددا اثنتين أو واحدة وقع منوي ولو في

(1/514)


ويقع طلاق الوكيل بـ: طلقت ولو قال لآخر أعطيت طلاق زوجتي فهو توكيل,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غير موطوءة فإن لم ينوه وقع طلقة واحدة ولو شك في العدد الملفوظ أو المنوي فيأخذ بالأقل ولا يخفى الورع.
فرع لو قال: طلقتك واحدة وثنتين فيقع به الثلاث كما هو ظاهر وبه أفتى بعض محققي علماء عصرنا.
ولو قال للمدخول بها: أنت طالق طلقة بل طلقتين فيقع ثلاث كما صرح به الشيخ زكريا في شرح الروض.
ويقع طلاق الوكيل في الطلاق بطلقت فلانة ونحوه وإن لم ينو عند الطلاق أنه مطلق لموكله.
ولو قال لآخر: أعطيت أو جعلت بيدك طلاق زوجتي أو قال له: رح بطلاقها وأعظها فهو توكيل يقع الطلاق بتطليق الوكيل لا بقول الزوج هذا اللفظ بل تحصل الفرقة من حين قول الوكيل: متى شاء طلقت فلانة لا بإعلامها الخبر بأن فلانا أرسل بيدي طلاقك ولا بإعلامها أن زوجك طلق.
وإذا قال له: لا تعطه إلا في يوم كذا فيطلق في اليوم الذي عينه أو بعده لا قبله.

(1/515)


ولو قال لها: طلقي نفسك إن شئت فهو تمليك فيشترط تطليقها فورا بطلقت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم إن قصد التقييد بيوم طلق فيه لا بعده.
ولو قال لها أي الزوجة المكلفة منجزا طلقي نفسك إن شئت فهو تمليك للطلاق لا توكيل بذلك وبحث أن منه قوله: طلقيني فقالت: أنت طالق ثلاثا لكنه كناية فإن نوى التفويض إليها طلقت وإلا فلا.
وخرج بتقييدي بالمكلفة غيرها لفساد عبارتها وبمنجز المعلق فلو قال: إذا جاء رمضان فطلقي نفسك لغا. وإذا قلنا أنه تمليك فيشترط لوقوع الطلاق المفوض إليها تطليقها ولو بكناية فورا بأن لا يتخلل فاصل بين تفويضه وإيقاعها نعم لو قال: طلقي نفسك فقالت: كيف يكون تطليق نفسي؟ ثم قالت: طلقت وقع لأنه فصل يسير.
بطلقت نفسي أو طلقت فقط لا بقبلت.
وقال بعضهم: كمختصري الروضة لا يشترط الفور في متى شئت فتطلق متى شاءت وجزم به
صاحبا التنبيه والكفاية لكن المعتمد كما قال شيخنا: أنه يشترط الفورية وإن أتى بنحو متى.
ويجوز له الرجوع قبل تطليقها كسائر العقود.

(1/516)


وصدق مدعي إكراه أو إغماء أو سبق لسان بيمينه إن كان ثم قرينه وإلا فلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة [في بيان جواز تعليق الطلاق] : يجوز تعليق الطلاق كالعتق بالشروط ولا يجوز الرجوع فيه قبل وجود الصفة ولا يقع قبل وجود الشرط ولو علقه بفعله شيئا ففعله ناسيا للتعلق أو جاهلا بأنه المعلق عليه لم تطلق.
ولو علق الطلاق على ضرب زوجته بغير ذنب فشتمته فضربها لم يحنث إن ثبت ذلك وإلا صدقت فتحلف.
مهمة [في بيان حكم الاستثناء] يجوز الاستثناء بنحو إلا بشرط أن يسمع نفسه وأن يتصل بالعدد الملفوظ: كطلقتك ثلاثا إلا اثنتين فيقع طلقه أو إلا واحدة فطلقتان.
ولو قال: أنت طالق إن شاء الله لم تطلق1.
وصدق مدعي إكراه على طلاق أو إغماء حالته أو سبق لسان إلى لفظ الطلاق بيمينه إن كان ثم قرينة كحبس وغيره في دعوى كونه مكرها وكمرض واعتياد صرع في دعوى كونه مغشيا عليه وككون اسمها طالعا أو طالبا في دعوى سبق اللسان وإلا تكن هناك قرينة فلا يصدق إلا بيمينه.
تتمة من قال لزوجته: يا كافرة مريدا حقيقة الكفر جرى فيها ما تقرر في الردة أو الشتم فلا طلاق وكذا إن لم يرد شيئا لأصل بقاء العصمة وجريان ذلك الشتم كثيرا مرادا به كفر النعمة
__________
1 إلا إن قصد التبرك بقوله إن شاء الله أي إنه عازم.

(1/517)


فرع [في حكم المطلقة بالثلاث]
حرم لحر من طلقها ثلاثا ولعبد من طلقها ثنتين حتى تنكح ويولج حشفة بانتشار ويقبل قولها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع في حكم المطلقة بالثلاث.
حرم لحر من طلقها ولو قبل الوطء ثلاثا ولعبد من طلقها ثنتين في نكاح أو أنكحة حتى تنكح زوج غيره بنكاح صحيح ثم يطلقها وتنقض عدتها منه كما هو معلوم ويولج بقبلها حشفة منه أو قدرها من فاقدها مع افتضاض لبكر وشرط كون الإيلاج بانتشار للذكر أي معه وإن قل أو أعين بنحو إصبع ولا يشترط إنزال وذلك للآية. [2 سورة البقرة الآية: 23] .
والحكمة في اشتراط التحليل التنفير من استيفاء ما يملكه من الطلاق.
ويقبل قولها أي المطلقة.

(1/518)


في تحليل وإن كذبها الثاني وللأول نكاحها ولو أخبرته أنها تحللت ثم رجعت قبلت قبل عقد لا بعده وإن صدقها الثاني.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في تحليل وانقضاء عدة عند إمكان.
وإن كذبها الثاني في وطئه لها لعسر إثباته.
وإذا ادعت نكاحا وانقضاء عدة وحلفت عليهما جاز للزوج الأول نكاحها وإن ظن كذبها لان العبرة في العقود بقول أربابها ولا عبرة بظن لا مستند له.
ولو ادعى الثاني الوطء وأنكرته لم تحل للأول ولو قالت: لم أنكح ثم كذبت نفسها وادعت نكاحا بشرطه جاز للأول نكاحها إن صدقها.
ولو أخبرته أي المطلقة زوجها الأول أنها تحللت ثم رجعت وكذبت نفسها قبلت دعواها قبل عقد عليها للأول فلا يجوز له نكاحها لا بعده: أي لا يقبل إنكارها التحليل بعد عقد الأول لان رضاها بنكاحه يتضمن الاعتراف بوجود التحليل فلا يقبل منها خلافه.
وإن صدقها الثاني في عدم الإصابة لان الحق تعلق بالأول فلم تقدر هي ولا مصدقها على رفعه كما أفتى به جمع من مشايخنا المحققين.
تتمة [في ما يثبت به الطلاق] إنما يثبت الطلاق كالإقرار به

(1/519)


00000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بشهادة رجلين حرين عدلين فلا يحكم بوقوعه بشهادة الإناث ولو مع رجل أو كن أربعا ولا بالعبيد ولو صلحاء ولا بالفساق ولو كان الفسق بإخراج مكتوبة عن وقتها بلا عذر.
ويشترط للأداء والقبول أن يسمعاه ويبصر المطلق حين النطق به فلا يصح تحملها الشهادة اعتمادا على الصوت من غير أن يريا المطلق لجواز اشتباه الأصوات.
وأن يبينا لفظ الزوج من صريح أو كناية.
ويقبل فيه شهادة أبي المطلقة وابنها إن شهدا حسبة.
ولو تعارضت بينتا تعليق وتنجيز قدمت الأولى لان معها زيادة علم بسماع التعليق.

(1/520)


فصل في الرجعة
صح رجوع مفارقة بطلاق دون أكثره مجانا بعد وطء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الرجعة.
هي لغة: المرة من الرجوع وشرعا رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة.
صح رجوع مفارقة بطلاق دون أكثره فهو ثلاث لحر وثنتان لعبد مجانا بلا عوض بعد وطئ أي في عدة وطء.

(1/520)


قبل انقضاء عدة بـ: راجعت زوجتي,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قبل انقضاء عدة فلا يصح رجوع مفارقة بغير طلاق كفسخ.
ولا مفارقة بدون ثلاث مع عوض كخلع لبينونتها.
ومفارقة قبل وطئ: إذ لا عدة عليها.
ولا من انقضت عدتها لأنها صارت أجنبية.
ويصح تجديد نكاحهن بإذن جديد وولي وشهود ومهر آخر.
ولا مفارقة بالطلاق الثلاث فلا يصح نكاحها إلا بعد التحليل.
وإنما يصح الرجوع براجعت أو رجعت زوجتي أو فلانة وإن لم يقل: إلي نكاحي أو إلي لكن يسن أن يزيد أحدهما مع الصيغة.
ويصح برددتها إلى نكاحي وبأمسكتها.
وأما عقد النكاح عليها بإيجاب وقبول فكناية تحتاج إلى نية.
ولا يصح تعليقها كراجعتك إن شئت.
ولا يشترط الإشهاد عليها بل يسن.
فروع يحرم التمتع برجعية ولو بمجرد نظر ولأحد إن وطئ بل يعزر.
وتصدق بيمينها في انقضاء العدة بغير الأشهر من أقراء أو وضع إذا أمكن وإذا أنكره الزوج أو خالفت عادتها لان النساء مؤتمنات على أرحامهن.

(1/521)


ولو تزوج مفارقته بدون ثلاث ولو بعد زوج آخر عادت ببقيته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو ادعى رجعة العدة وهي منقضية ولم تنكح فإن اتفقا على وقت الانقضاء كيوم الجمعة وقال: راجعت قبله فقالت بل بعده حلفت أنها لا تعلم أنه راجع فتصدق لان الأصل عدم الرجعة قبله فلو اتفقتا على وقت الرجعة كيوم الجمعة وقالت: انقضت يوم الخميس وقال: بل انقضت يوم السبت صدق بيمينه أنها ما انقضت يوم الخميس لاتفاقهما على وقت الرجعة والأصل عدم انقضاء العدة قبله.
ولو تزوج رجل مفارقته ولو بخلع بدون ثلاث ولو بعد أن نكحت ل زوج آخر ودخوله بها عادت إليه ببقيته: أي بقية الثلاث فقط من ثنتين أو واحدة.

(1/522)


فصل [في أحكام الإيلاء]
الإيلاء خلف زوج يتصور وطؤه على امتناعه من وطؤه زوجته مطلقا أو فوق أربعة أشهر كأن يقول: لا أطوك أو لا أطوك خمسة أشهر أو حتى يموت فلان فإذا مضت أربعة أشهر من الإيلاء بلا وطء فلها مطالبته بالفيئة وهي الوطء أو بالطلاق فإن أبى طلق عليه القاضي.
وينعقد الإيلاء بالحلف بالله تعالى وبتعليق طلاق أو عتق أو التزام قربة.
وإذا وطئ مختارا بمطالبة أو دونها لزمته كفارة يمين إن حلف بالله.

(1/522)


فصل [في بيان أحكام الظهار]
إنما يصح الظهار ممن يصح طلاقه وهو أن يقول لزوجته أنت كظهر أمي ولو بدون علي وقوله أنت كأمي كناية وكالأم محرم لم يطرأ تحريمها.
وتلزمه كفارة ظهار بالعود وهو أن يمسكها زمنا يمكن فراقها فيه.

(1/523)


وطئ وإن تيقن براءة رحم ولوطء شبهة بثلاثة قروء على حرة تحيض,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وطئ في قبل أو دبر بخلاف ما إذا لم يكن وطئ وإن وجدت خلوة.
وإن تيقن براءة رحم كما في صغيرة وصغير.
ولوطئ حصل مع شبهة في حله كما في نكاح فاسد وهو كل ما لم يوجب حدا على الواطئ.
فرع: لا يستمتع بموطوءة بشبهة مطلقا ما دامت في عدة شبهة حملا كانت أو غيره حتى تنقضي بوضع أو غيره لاختلال النكاح بتعلق حق الغير.
قال شيخنا: ومنه يؤخذ أنه يحرم عليه نظرها ولو بلا شهوة والخلوة بها.
وإنما يجب لما ذكر عدة بثلاثة قروء والقرء هنا طهريين دمي حيضتين أو حيض ونفاس فلو طلق من لم تحض
أولا ثم حاضت لم يحسب الزمن الذي طلق فيه قرءا: إذ لم يكن بين دمين بل لا بد من ثلاثة أطهار بعد الحيضة المتصلة بالطلاق ويحسب بقية الطهر طهرا في غيرها.
وتجب العدة بثلاثة أقراء على حرة تحيض لقوله تعالى:

(1/524)


وبثلاثة أشهر إن لم تحض أو يئست ومن انقطع حيضها بلا علة لم تتزوج حتى تحيض أو تيأس,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [2 سورة البقرة الآية: 228] .
فمن طلقت طاهرا وقد بقي من الطهر لحظة انقضت عدتها بالطعن في الحيضة الثالثة لإطلاق القرء على أقل لحظة من الطهر وإن وطئ فيه أو حائضا وإن لم يبق من زمن الحيض إلا لحظة فتنقضي عدتها بالطعن في الحيضة الرابعة.
وزمن الطعن في الحيضة ليس من العدة بل يتبين به انقضاؤها.
وتجب عدة بثلاثة أشهر هلالية ما لم تطلق أثناء شهر وإلا تمم المنكسر ثلاثين إن لم تحض أي الحرة أصلا أو حاضت أولا ثم انقطع ويئست من الحيض ببلوغها إلى سن تيأس فيه النساء من الحيض غالبا وهو اثنتان وستون سنة وقيل خمسون.
ولو حاضت من لم تحض قط في أثناء العدة بالأشهر اعتدت بالأطهار أو بعدها أو تستأنف العدة بالأطهار بخلاف الآيسة.
ومن انقطع حيضها بعد أن كانت تحيض بلا علة تعرف لم تتزوج حتى تحيض أو تيأس ثم تعتد بالأقراء أو الأشهر.
وفي القديم وهو مذهب مالك وأحمد أنها تتربص تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة أشهر ليعرف فراغ الدم: إذ هي غالب مدة الحمل.
وانتصر له الشافعي بأن عمر رضي الله عنه قضى به بين المهاجرين والأنصار ولم ينكر عليه ومن ثم أفتى به سلطان العلماء عز الدين ابن

(1/525)


ولوفاة على رجعية وغير موطوءة بأربعة أشهر وعشرة أيام مع إحداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عبد السلام والبارزي والريمي وإسماعيل الحضرمي واختاره البلقيني وشيخنا ابن زياد رحمهم الله تعالى.
أما من انقطع حيضها بعلة تعرف كرضاع ومرض فلا تتزوج اتفاقا حتى تحيض أو تيأس وإن طالت المدة.
وتجب العدة لوفاة زوج حتى على حرة رجعية وغير موطوءة لصغر أو غيره وإن كانت ذات أقراء بأربعة أشهر وعشرة أيام ولياليها للكتاب والسنة.
وتجب على المتوفى عنها زوجها العدة بما ذكر مع إحداد يعني يجب الإحداد عليها أيضا بأي صفة كانت للخبر المتفق عليه: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا أي فإنه يحل لها الإحداد عليه هذه المدة: أي يجب لان ما جاز بعد امتناعه واجب وللإجماع على إرادته إلا ما حكي عن الحسن البصري وذكر الإيمان للغالب أو لأنه أبعث على الامتثال وإلا فمن لها أمان يلزمها ذلك أيضا ويلزم الولي أمر موليته به.
تنبيه [في بيان معنى الإحداد اصطلاحا] الإحداد الواجب على المتوفى عنها زوجها ولو صغيرة ترك لبس مصبوع لزينة وإن خشن.

(1/526)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويباح إبريسم لم يصبغ وترك التطيب ولو ليلا والتحلي نهارا بحلي ذهب أو فضة.
ولو نحو خاتم أو قرط أو تحت الثياب للنهي عنه.
ومنه مموه بأحدهما ولؤلؤ ونحوه من الجواهر التي تتحلى بها.
ومنها العقيق وكذا نحو نحاس وعاج إن كانت من قوم يتحلون بهما.
وترك الاكتحال بإثمد إلا لحاجة وإن كانت سوداء ودهن شعر رأسها لا سائر البدن.
وحل تنظف بغسل وإزالة وسخ وأكل تنبل.
وندب إحداد البائن بخلع أو فسخ أو طلاق ثلاث لئلا يفضي تزيينها لفسادها وكذا الرجعية إن لم ترج عودة بالتزين فيندب.
وتجب على المعتدة بالوفاة وبطلاق بائن أو فسخ ملازمة مسكن كانت فيه عند الموت أو الفرقة إلى انقضاء عدة ولها الخروج نهارا لشراء نحو طعام وبيع غزل ولنحو احتطاب لا ليلا ولو أوله خلافا لبعضهم لكن لها خروج ليلا إلى دار جاره الملاصق لغزل وحديث ونحوهما لكن بشرط أن يكون ذلك بقدر العادة وأن لا يكون عندها من يحدثها ويؤنسها على الأوجه وأن ترجع وتبيت في بيتها.
أما الرجعية فلا تخرج إلا بإذنه أو لضرورة لان عليه القيام بجميع مؤنها كالزوجة ومثلها بائن حامل.
وتنتقل من المسكن لخوف على نفسها أو ولدها أو على المال ولو

(1/527)


وتعتد غيرها بنصف وكمل الطهر الثاني وتعتدان بوضع حمل وتصدق في انقضاء عدة أمكن,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لغيرها كوديعة وإن قل وخوف هدم أو حرق أو سارق أو تأذت بالجيران أذى شديدا.
وعلى الزوج سكنى المفارقة ولو بأجرة ما لم تكن ناشزة وليس له مساكنتها ولا دخول محل هي فيه مع انتفاء نحو المحرم فيحرم عليه ذلك ولو أعمى وإن كان الطلاق رجعيا لان ذلك يجر إلى الخلوة المحرمة بها ومن ثم لزمها منعه إن قدرت عليه.
وكما تعتد حرة بما ذكر تعتد غيرها أي غير الحرة بنصف من عدة الحرة لأنها على النصف في كثير من الأحكام وكمل الطهر الثاني إذ لا يظهر نصفه إلا بظهور كله فلا بد من الانتظار إلى أن يعود الدم.
وتعتدان أي الحرة والأمة لوفاة أو غيرها وإن كانتا تحيضان بوضع حمل حملتا لصاحب العدة ولو مضغة تتصور لو بقيت لا بوضع علقة.
فرع: يلحق ذا العدة الولد إلى أربع سنين موقت طلاقه لا إن أتت به بعد نكاح لغير ذي العدة وإمكان
لان يكون منه بأن أتت به لستة أشهر بعد نكاحه.
وتصدق المرأة في دعوى انقضاء عدة بغير أشهر إن أمكن

(1/528)


ولا يقبل دعواها عدم انقضائها بعد تزوج,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
انقضاؤها وإن خالفت عدتها أو كذبها الزوج إذ يعسر عليها إقامة البينة بذلك ولأنها مؤتمنة على ما في رحمها وإمكان الانقضاء بالولادة ستة أشهر ولحظتان وبالأقراء لحرة طلقت في طهر اثنان وثلاثون يوما ولحظتان وفي حيض سبعة وأربعون يوما ولحظة.
فائدة: ينبغي تحليف المرأة على انقضاء العدة.
ولا يقبل دعواها أي المرأة.
عدم انقضائها أي العدة.
بعد تزوج الآخر لان رضاها بالنكاح يتضمن الاعتراف بانقضاء العدة فلو ادعت بعد الطلاق الدخول فأنكر
صدق بيمينه لان الأصل عدمه وعليها العدة مؤاخذة لها بإقرارها وإن رجعت وكذبت نفسها في دعوى الدخول لان الإنكار بعد الإقرار غير مقبول.
فرع: لو انقضت عدة الرجعية ثم نكحت آخر فادعى مطلقها عليها أو على الزوج الثاني الرجعية قبل انقضاء العدة فأثبت ذلك ببينة أو لم يثبت لكن أقرا: أي الزوجة والثاني له به أخذها لأنه قد ثبت بالبينة أو الإقرار ما يستلزم فساد النكاح ولها عليه بالوطء مهر المثل.

(1/529)


وتنقطع عدة بمخالطة رجعية فيها,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلو أنكر الثاني الرجعة صدق بيمينه في إنكارها لان النكاح وقع صحيحا والأصل عدم الرجعة.
أو أقرت هي دون الثاني فلا يأخذها لتعلق حق الثاني حتى تبين من الثاني إذ لا يقبل إقرارها عليه بالرجعة ما دامت في عصمته لتعلق حقه بها.
أما إذا بانت منه فتسلم للأول بلا عقد وأعطت وجوبا الأول قبل بينونتها مهر المثل للحيلولة الصادرة منها بينه وبين حقه بالنكاح الثاني حتى لو زال أخذت المهر لارتفاع الحيلولة.
ولو تزوجت امرأة كانت في حيالة زوج بأن ثبت ذلك ولو بإقرارها به قبل نكاح الثاني فادعى عليها الأول بقاء نكاحه وأنه لم يطلقها وهي تدعي أنه طلقها وانقضت عدتها منه قبل أن تنكح الثاني ولا بينة بالطلاق فحلف أنه لم يطلقها أخذها من الثاني لأنها أقرت له بالزوجية وهو إقرار صحيح إذ لم يتفقا على الطلاق. وتنقطع عدة بغير حمل بمخالطة مفارق لمفارقة رجعية فيها لا بائن ولو بخلع كمخالطة الزوج زوجته بأن كان يختلي بها ويتمكن عليها ولو في الزمن اليسير سواء أحصل وطئ أم لا فلا تنقضي العدة.
لكن إذا زالت المعاشرة بأن نوى أنه لا يعود إليها كملت على ما مضى وذلك لشبهة الفراش كما لو نكحها حائلا في العدة فلا

(1/530)


ولا رجعة بعدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يحسب زمن استفراشه عنها بل تنقطع من حين الخلوة ولا يبطل بها ما مضى فتبني عليه إذا زالت ولا يحسب الأوقات المتخللة بين الخلوات.
ولكن لا رجعة له عليها بعدها أي بعد العدة بالأقراء أو الأشهر على المعتمد وإن لم تنقض عدتها لكن يلحقها الطلاق إلى انقضائها والذي رجحه البلقيني أنه لا مؤنة لها بعدها وجزم به غيره فقال: لا توارث بينهما ولا يحد بوطئها.
تتمة [في بيان تداخل العدتين] : لو اجتمع عدتا شخص على امرأة بأن وطئ مطلقته الرجعية مطلقا أو البائن بشبهة تكفي عدة أخيرة منهما فتعتد هي من فراغ الوطء وتندرج فيها بقية الأولى فإن كرر الوطء استأنفت أيضا لكن لا رجعة حيث لم يبق من الأولى بقية.
فرع: في حكم الاستبراء.
وهو شرعا تربص بمن فيها رق عند وجود سبب مما يأتي للعلم ببراءة رحمها أو للتعبد.

(1/531)


يجب استبراء لحل بملك أمة وإن تيقن براءة رحم وبزوال فراش عن أمة موطوءة أو مستولدة بعتقها ولا يصح تزويج موطوءته قبل استبراء,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجب استبراء لحل تمتع أو تزويج بملك أمة ولو معتدة بشراء أو إرث أو وصية أو هبة مع قبض أو
سبي بشرطه من القسمة أو اختيار تملك.
وإن تيقن براءة رحم كصغيرة وبكر وسواء أملكها من صبي أم امرأة أم من بائع استبرأها قبل البيع فيجب فيما ذكر بالنسبة لحل التمتع.
وبزوال فراش له عن أمة موطوءة غير مستولدة أو مستولدة بعتقها: أي بإعتاق السيد كل واحدة منهما أو موته لا إن استبرأ قبيل إعتاق غير مستولدة ممن زال عنها الفراش فلا يجب بل تتزوج حالا إذ لا تشبه هذه منكوحة بخلاف المستولدة.
ويحرم بل لا يصح تزويج موطوءته أي المالك قبل مضي إستبراء حذر من اختلاط الماءين أما غير موطوءته فإن كانت غير موطوءة لأحد فله تزويجها مطلقا أو موطوءة غيره فله تزويجها ممن الماء منه وكذا من غيره إن كان الماء غير محترم أو مضت مدة الاستبراء منه.
ولو أعتق موطوءته فله نكاحها بلا استبراء.

(1/532)


وهو لذات أقراء حيضة ولذات أشهر شهر ولحامل لا تعتد بالوضع وضعه.
وتصدق في قولها حضت,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو أي الاستبراء لذات أقراء حيضة كاملة فلا تكفي بقيتها الموجودة حالة وجوب الاستبراء ولو وطئها في الحيض فحبلت منه فإن كان قبل مضي أقل الحيض انقطع الاستبراء وبقي التحريم إلى الوضع كما حبلت من وطئه وهي طاهرة.
وإن حبلت بعد مضي أقله كفى في الاستبراء لمضي حيض كامل لها قبل الحمل.
ولذات أشهر من صغيرة أو آيسة شهر ولحامل لا تعتد بالوضع أي بوضع الحمل وهي التي حملها من الزنا أو المسبية الحامل أو التي هي حامل من السيد وزال عنها فراشه بعتق سواء الحامل المستولدة وغيرها وضعه أي الحمل.
فرع: لو اشترى نحو وثنية أو مرتدة فحاضت ثم بعد فراغ الحيض أو في أثنائه ومثله الشهر في ذات الأشهر أسلمت لم يكف حيضها أو نحوه في الاستبراء لأنه لا يستعقب حل التمتع الذي هو القصد في الاستبراء. وتصدق المملوكة بلا يمين في قولها حضت لأنه لا يعلم إلا

(1/533)


وحرم في غير مسبية تمتع قبل استبراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منها وحرم في غير مسبية تمتع ولو بنحو نظر بشهوة ومس قبل تمام استبراء لأدائه إلى الوطء المحرم ولاحتمال أنها حامل بحر فلا يصح نحو بيعها نعم تحل له الخلوة بها.
أما في المسبية فيحرم الوطء لا الاستمتاع بغيره من تقبيل ومس لأنه ص لم يحرم منها غيره مع غلبة امتداد الأعين والأيدي إلى مس الإماء سيما الحسان ولان ابن عمر رضي الله عنه قبل أمة وقعت في سهمه من سبايا أوطاس.
وألحق الماوردي وغيره بالمسبية في حل الاستمتاع بغير الوطء كل من لا يمكن حملها كصبية وآيسة وحامل من زنا.
فرع: لا تصير أمة فراشا لسيدها إلا بوطء منه في قبلها ويعلم ذلك بإقراره به أو ببينة فإذا ولدت للإمكان
من وطئه ولدا لحقه وإن لم يعترف به.

(1/534)


فصل في العدة
تجب عدة لفرقة زوج حي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في العدة
هي مأخوذة من العدد لاشتمالها على عدد أقراء وأشهر غالبا وهي شرعا مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها من الحمل أو للتعبد وهو اصطلاحا: ما لا يعقل معناه عبادة كان أو غيرها ولتفجعها على زوج مات.
وشرعت أصالة صونا للنسب عن الاختلاط.
تجب عدة لفرقة زوج حي بطلاق أو فسخ نكاح حاضر أو غائب مدة طويلة.

(1/523)


فصل في النفقة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في النفقة
من الإنفاق وهو الإخراج.

(1/534)


يجب لزوجة مكنت ولو رجعية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجب المد الآتي وما عطف عليه لزوجة أو أمة ومريضة مكنت من الاستمتاع بها ومن نقلها إلى حيث شاء عند أمن الطريق والمقصد ولو بركوب بحر غلبت فيه السلامة فلا تجب بالعقد خلافا للقديم وإنما تجب بالتمكين يوما فيوما ويصدق هو بيمينه في عدم التمكين وهي في عدم النشوز والإنفاق عليها.
وإذا مكنت من يمكن التمتع بها ولو من بعض الوجوه وجبت مؤنها1 ولو كان الزوج طفلا لا يمكن جماعه: إذ لا منع من جهتها وإن عجزت عن وطئ بسبب غير الصغر كرتق أو مرض أو جنون لا إن عجزت بالصغر بأن كانت طفلة لا تحتمل الوطء فلا نفقة لها وإن سلمها الولي إلى الزوج إذ لا يمكن التمتع بها كالناشزة بخلاف من تحتمله ويثبت ذلك بإقراره وبشهادة البينة به أو بأنها في غيبته باذلة للطاعة ملازمة للمسكن ونحو ذلك ولها مطالبته بها إن أراد سفرا طويلا.
ولو رجعية وإن كانت حائلا أي يجب لها ما ذكر ما عدا آلة التنظيف لبقاء حبسه لها وقدرته على التمتع بها بالرجعة ولامتناعه عنها لم يجب لها آلة التنظيف.
ويسقط مؤنتها ما يسقط مؤنة الزوجة كالنشوز.
__________
1 في نسخة مؤنتها.

(1/535)


مد طعام على معسر ولو مكتسبا ورقيق ومدان على موسر ومد ونصف على متوسط,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتصدق في قدر أقرائها بيمين إن كذبها وإلا فلا يمين.
وتجب النفقة أيضا لمطلقة حامل بائن بالطلاق الثلاث أو الخلع أو الفسخ بغير مقارن وإن مات الزوج قبل الوضع ما لم تنشز.
ولو أنفق بظنه فبان عدمه رجع عليها أما إذا بانت الحامل بموته فلا نفقة وكذا لا نفقة لزوجة تلبست بعدة شبهة بأن وطئت بشبهة وإن لم تحبل لانتفاء التمكين إذ يحال بينه وبينها إلى انقضاء العدة.
ثم الواجب لنحو زوجة ممن مر مد طعام1 من غالب قوت محل إقامتها لا إقامته ويكفي دفعه من غير إيجاب وقبول كالدين في الذمة.
قال شيخنا: ومنه يؤخذ أن الواجب هنا عدم الصارف لا قصد الأداء خلافا لابن المقري ومن تبعه.
على معسر ولو بقوله ما لم يتحقق له مال وهو من لا يملك ما يخرجه عن المسكنة ولو مكتسبا وإن قدر على كسب واسع.
وعلى رقيق ولو مكاتبا وإن كثر ماله.
ومدان على موسر وهو من لا يرجع بتكليفه مدين معسرا.
ومد ونصف على متوسط وهو من يرجع بذلك معسرا.
__________
1 المد: هو مكعب طول ضلعه 2 ,9 تسعة سانتي مترات واثنين بالعشرة.

(1/536)


إن لم تؤاكله بأدم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإنما تجب النفقة وقت طلوع فجر كل يوم فيوم إن لم تؤاكله على العادة برضاها وهي رشيدة فلو أكلت معه دون الكفاية وجب لها تمام الكفاية على الأوجه.
وتصدق هي في قدر ما أكلته.
ولو كلفها مؤاكلته من غير رضاها أو واكلته غير رشيدة بلا إذن ولي فلا تسقط نفقتها به وحينئذ هو متطوع فلا رجوع له بما أكلته خلافا للبلقيني ومن تبعه.
ولو زعمت أنه متطوع وزعم أنه مؤد عن النفقة صدق بيمينه على الأوجه.
وفي شرح المنهاج: لو أضافها رجل إكراما له سقطت نفقتها ويكلف من أراد سفرا طويلا طلاقها وتوكيل من ينفق عليها من مال حاضر.
ويجب ما ذكر بأدم أي مع أدم اعتيد وإن لم تأكله كسمن وزيت وتمر ولو تنازعا فيه أو في اللحم الآتي قدره قاض باجتهاده مفاوتا في قدر ذلك بين الموسر وغيره وتقدير الحاوي كالنص بأوقية1 زيت أو سمن تقريب. ويجب أيضا لحم اعتيد قدرا ووقتا بحسب يساره وإعساره وإن لم تأكله أيضا فإن اعتيد مر في الأسبوع فالأولى كونه يوم الجمعة أو
__________
1 الأوقية: أربعون درهما والدرهم يعادل 8 ,2 غراما فتكون الأوقية 112 غراما.

(1/537)


وملح وماء شرب ومؤنة وآلة وقميص وإزار وخمار ومكعب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مرتين فالجمعة والثلاثاء والنص أيضا رطل1 لحم في الأسبوع على المعسر ورطلان على الموسر محمول على قلة اللحم في أيامه بمصر فيزاد بقدر الحاجة بحسب عادة المحل.
والأوجه أنه لا أدم يوم اللحم إن كفاها غذاء وعشاء وإلا وجب ومع ملح وحطب وماء شرب لتوقف الحياة عليه.
ومع مؤنة كأجرة طحن وعجن وخبز وطبخ ما لم تكن من قوم اعتادوا ذلك بأنفسهم كما جزم به ابن الرفعة والأذرعي وجزم غيرهما بأنه لا فرق.
ومع آلة لطبخ وأكل وشرب كقصعة وكوز وجرة وقدر ومغرفة وإبريق من خشب أو خزف أو حجر.
ولا يجب من نحاس وصيني وإن كانت شريفة.
ويجب لها على الزوج ولو معسرا أول كل ستة أشهر كسوة تكفيها طولا وضخامة.
فالواجب قميص ما لم تكن ممن اعتدن الإزار والرداء فيجبان دونه على الأوجه.
وإزار وسراويل وخمار أي مقنعة ولو لأمة ومكعب أي:
__________
1 الرطل مائة وثمانية وعشرون درهما والدرهم يعادل 8 ,2 غراما فيكون الرطل 4 ,358 غراما وعند الرافعي أن الرطل البغدادي مئة وثلاثون درهما أي: 364 غراما أو أن الرطل يعادل ثلاثة أرباع المد كما ورد في الصفحة: 235.

(1/538)


مع لحاف لشتاء وعليه آلة تنظيف كمشط ودهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما يلبس في رجلها ويعتبر في نوعه عرف بلدها نعم قال الماوردي إن كانت ممن يعتدن أن لا يلبسن في أرجلهن شيئا في البيوت لا يجب لأرجلها شيء.
ويجب ذلك لها مع لحاف للشتاء يعني وقت البرد ولو في غير الشتاء ويزيد في الشتاء جبة محشوة.
أما في غير وقت البرد ولو في وقت الشتاء في البلاد الحارة فيجب لها رداء أو نحوه إن كانوا ممن يعتادون فيه غطاء غير لباسهم أو ينامون عرايا كما هو السنة.
فإن لم يعتادوا لنومهم غطاء لم يجب ذلك ولو اعتادوا ثوبا للنوم وجب كما جزم به بعضهم.
ويختلف جودة الكسوة وضدها بيساره وضده.
ويجب عليه توابع ذلك من نحو تكة سراويل وزر نحو قميص وخيط وأجرة خياط وعليه فراش لنومها ومخدة ولو اعتادوا على السرير وجب.
فرع: يجب تجديد الكسوة التي لا تدوم سنة بأن تعطاها كل ستة أشهر من كل سنة ولو تلفت أثناء الفصل ولو بلا تقصير لم يجب تجديدها ويجب كونها جديدة.
ولها عليه آلة تنظف لبدنها وثوبها وإن غاب عنها لاحتياجها إليه كالأدم فمنها سدر ونحوه كمشط وسواك وخلال وعليه دهن

(1/539)


لا طيب ودواء وعليه مسكن يليق بها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لرأسها وكذا لبدنها إن اعتيد من شيرج أو سمن فيجب الدهن كل أسبوع مرة فأكثر بحسب العادة وكذا دهن لسراجها وليس لحامل بائن ومن زوجها غائب إلا ما يزيل الشعث والوسخ على المذهب.
ويجب عليه الماء للغسل الواجب بسببه كغسل جماع ونفاس لا حيض واحتلام وغسل نجس ولا ماء وضوء إلا إذا نقضه بلمسه.
لا عليه طيب إلا لقطع ريح كريه ولا كحل ودواء لمرضها وأجرة طبيب ولها طعام أيام المرض وأدمها وكسوتها وآلة تنظفها وتصرفه للدواء وغيره.
تنبيه: يجب لها في جميع ما ذكر من الطعام والأدم وآلة ذلك والكسوة والفرش وآلة التنظيف أن يكون تمليكا بالدفع دون إيجاب وقبول وتملكه هي بالقبض فلا يجوز أخذه منها إلا برضاها.
أما المسكن فيكون إمتاعا حتى يسقط بمضي الزمان لأنه لمجرد الانتفاع كالخادم وما جعل تمليكا يصير دينا بمضي الزمان ويعتاض عنه ولا يسقط بموت أثناء الفصل.
ولها عليه مسكن تأمن فيه لو خرج عنها على نفسها ومالها وإن قل للحاجة بل للضرورة إليه.
يليق بها عادة وإن كانت ممن لا يعتادون السكنى.

(1/540)


ولو معارا وإخدام حرة تخدم,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو معارا ومكترى ولو سكن معها في منزلها بإذنها أو لامتناعها من النقلة معه أو في منزل منحو أبيها بإذنها لم يلزمه أجرة لان الإذن العرى عن ذكر العوض ينزل على الإعارة والإباحة.
وعليه ولو معسرا خلافا لجمع أو قنا إخدام حرة بواحدة لا أكثر لأنه من المعاشرة بالمعروف بخلاف الأمة وإن كان جميلة.
تخدم أي يخدم مثلها عادة عند أهلها فلا عبرة بترفهها في بيت زوجها وإنما يجب عليه الإخدام ولو بحرة صحبتها أو مستأجرة أو بمحرم أو مملوك لها ولو عبدا أو بصبي غير مراهق فالواجب للخادم الذي عينه الزوج مد وثلث على موسر ومد على معسر ومتوسط مع كسوة أمثال الخادم من قيمص وإزار ومقنعة ويراد للخادمة خف وملحفة إذا كانت تخرج وإن كانت قنة اعتادت كشف الرأس وإنما لم يجب الخف والملحفة للمخدومة على المعتمد لان له منعها من الخروج والاحتياج إليه لنحو الحمام نادر.
تنبيه: ليس على خادمها إلا ما يخصها وتحتاج إليه كحمل الماء للمستحم والشرب وصبه على بدنها
وغسل خرق الحيض والطبخ لأكلها أما ما لا يخصها كالطبخ لأكله وغسل ثيابه فلا يجب على واحد منهما بل هو على الزوج فيوفيه بنفسه أو بغيره.

(1/541)


وتسقط بنشوز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مهمات: من شرح المنهاج لشيخنا: لو اشترى حليا أو ديباجا لزوجته وزينها به لا يصير ملكا لها بذلك ولو اختلفت هي والزوج في الإهداء والعارية صدق ومثله وارثه.
ولو جهز بنته بجهاز لم تملكه إلا بإيجاب وقبول والقول قوله في أنه لم يملكها.
ويؤخذ مما تقرر أن ما يعطيه الزوج صلحة أو صباحية كما اعتيد ببعض البلاد لا تملكه إلا بلفظ أو قصد إهداء خلافا لما مر عن فتاوى الحناطي1 وإفتاء غير واحد بأنه لو أعطاها مصروفا للعرس ودفعا وصباحية فنشزت استرد الجميع غير صحيح إذ التقييد بالنشوز لا يتأتى في الصباحية لما قررته فيها [في الصفحة: 392] أنها كالصلحة لأنه إن تلفط بإهداء أو قصده ملكته من غير جهة الزوجية وإلا فهو ملكه وأما مصروف العرس فليس بواجب فإذا صرفته بإذنه ضاع عليه.
وأما الدفع أي المهر فإن كان قبل الدخول استرده وإلا فلا لتقرره به فلا يسترد بالنشوز.
وتسقط المؤن كلها بنشوز منها إجماعا: أي بخروج عن طاعة
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: أي: في باب الهبة أهـ والذي مر هناك نقل ابن زياد رحمه الله عن فتاوى ابن الخياط وهنا عن فتاوى الحناطي وقال السيد الشيخ البكري رحمه الله ثم إن قوله هنا الحناطي وهناك ابن الخياط يعلم أنه وقع تحريف في النسخ ولم يعلم الأصح منهما أهـ. راجع صفحة 392 وكذلك صفحة: 463.

(1/542)


ولو ساعة بمنع من تمتع لا لعذر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الزوج وإن لم تأثم كصغيرة ومجنونة ومكرهة ولو ساعة أو ولو لحظة فتسقط نفقة ذلك اليوم وكسوة ذلك الفصل ولا توزع على زماني الطاعة والنشوز.
ولو جهل سقوطها بالنشوز فأنفق رجع عليها إن كان ممن يخفى عليه ذلك وإنما لم يرجع من أنفق في نكاح أو شراء فاسد وإن جهل ذلك لأنه شرع في عقدهما على أن يضمن المؤن بوضع اليد ولا كذلك ههنا وكذا من وقع عليه طلاق باطنا ولم يعلم به فأنفق مدة ثم علم فلا يرجع بما أنفقه على الأوجه.
ويحصل النشوز بمنع الزوجة الزوج من تمتع ولو بنحو لمس أو بموضع عينه لا إن منعته عنه لعذر ككبر آلته بحيث لا تحتمله ومرض بها يضر معه الوطء وقرح في فرجها وكنحو حيض.
ويثبت كبر آلته بإقراره أو برجلين من رجال الختان ويحتالان لانتشار ذكره بأي حيلة غير إيلاج ذكره في فرج محرم أو دبر أو بأربع نسوة فإن لم يمكن معرفته إلا بنظرهن إليهما مكشوفي الفرجين حال انتشار عضوه جاز ليشهدن.
فرع: لها منع التمتع لقبض الصداق الحال أصالة قبل الوطء بالغة مختارة إذ لها الامتناع حينئذ فلا يحصل النشوز.
ولا تسقط النفقة بذلك فإن منعت لقبض الصداق المؤجل أو

(1/543)


وخروج من مسكن بلا إذن,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الوطء طائعة فتسقط.
فلو منعته لذلك بعد وطئها مكرهة أو صغيرة ولو بتسليم الولي فلا.
ولو ادعى وطأها بتمكينها وطلب تسليمها إليه فأنكرته وامتنعت من التسليم صدقت.
وخروج من مسكن أي المحل الذي رضي بإقامتها فيه ولو بيتها أو بيت أبيها ولو لعيادة وإن كان الزوج غائبا بتفصيله الآتي.
بلا إذن منه ولا ظن لرضاه فخروجها بغير رضاه ولو لزيارة صالح أو عيادة غير محرم أو إلى مجلس ذكر عصيان ونشوز.
وأخذ الأذرعي وغيره من كلام الإمام أن لها اعتماد العرف الدال على رضا أمثاله بمثل الخروج الذي تريده. قال شيخنا: وهو محتمل ما لم تعلم منه غيره تقطعه عن أمثاله في ذلك.
تنبيه: يجوز لها الخروج في مواضع منها إذا أشرف البيت على الانهدام وهل يكفي قولها خشيت انهدامه أو لا بد من قرينة تدل عليه عادة؟ قال شيخنا: كل محتمل والأقرب الثاني.

(1/544)


وبسفرها بلا إذن أو لغرضها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها إذا خافت على نفسها أو مالها من فاسق أو سارق.
ومنها إذا خرجت إلى القاضي لطلب حقها منه.
ومنها خروجها لتعلم العلوم العينية أو للاستفتاء حيث لم يغنها الزوج الثقة أو نحو محرمها فيما استظهره شيخنا.
ومنها إذا خرجت لاكتساب نفقة بتجارة أو سؤال أو كسب إذا أعسر الزوج.
ومنها إذا خرجت على غير وجه النشوز في غيبة الزوج عن البلد بلا إذنه لزيارة أو عيادة قريب لا أجنبي أو أجنبية على الأوجه لان الخروج لذلك لا يعد نشوزا عرفا.
قال شيخنا: وظاهر أن محل ذلك إن لم يمنعها من الخروج أو يرسل إليها بالمنع.
وبسفرها أي بخروجها وحدها إلى محل يجوز القصر منه للمسافر ولو لزيارة أبويها أو للحج.
بلا إذن منه ولو لغرضه ما لم تضطر كأن جلا جميع أهل البلد وبقي من لا تأمن معه.
أو بإذنه ولكن لغرضها أو لغرض أجنبي فتسقط المؤن على الأظهر لعدم التمكين.

(1/545)


لا معه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو سافرت بإذنه لغرضهما معا فمقتضى المرجح في الإيمان فيما إذا قال لزوجته إن خرجت لغير
الحمام فأنت طالق فخرجت لها ولغيرها أنها لا تطلق عدم السقوط هنا لكن نص الأم والمختصر يقتضي السقوط.
لا بسفرها معه أي الزوج بإذنه ولو في حاجتها ولا بسفرها بإذنه لحاجته ولو مع حاجة غيره فلا تسقط المؤن لأنها ممكنة وهو المفوت لحقه في الثانية.
وفي الجواهر وغيرها عن الماوردي وغيره لو امتنعت من النقلة معه لم تجب النفقة إلا إن كان يتمتع بها في زمن الامتناع فتجب ويصير تمتعه بها عفوا عن النقلة حينئذ انتهى.
قال شيخنا: وقضيته جريان ذلك في سائر صور النشوز وهو محتمل.
وتسقط المؤن أيضا بإغلاقها الباب في وجهه وبدعواها طلاقا بائنا كذبا.
وليس من النشوز شتمه وإيذاؤه باللسان وإن استحقت التأديب.
مهمة: لو تزوجت زوجة المفقود غيره قبل الحكم بموته سقطت نفقتها ولا تعود إلا بعلمه عودها إلى طاعته بعد التفريق بينهما.

(1/546)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة: يجوز للزوج منعها من الخروج من المنزل ولو لموت أحد أبويها أو شهود جنازته ومن أن تمكن من دخول غير خادمة واحدة لمنزله ولو أبويها أو ابنها من غيره لكن يكره منع أبويها حيث لا عذر فإن كان المسكن ملكها لم يمنع شيئا من ذلك إلا عند الريبة.
تتمة [في بيان بعض أحكام تتعلق بالنشوز الجلي والنشوز الخفي] لو نشزت بالخروج من المنزل فغاب وأطاعت في غيبته بنحو عودها للمنزل لم تجب مؤنها ما دام غائبا في الأصح لخروجها عن قبضته فلا بد من تجديد تسليم وتسلم ولا يحصلان مع الغيبة فالطريق في عود الاستحقاق أن يكتب الحاكم إلى قاضي بلده ليثبت عودها للطاعة عنده فإذا علم وعاد أو أرسل من يتسلمها له أو ترك ذلك لغير عذر عاد الاستحقاق. وقضية قول الشافعي في القديم أن النفقة تعود عند عودها للطاعة لان الموجب في القديم العقد لا التمكين.
وبه قال مالك.
وصرحوا أن نشوزها بالردة يزول بإسلامها مطلقا لزوال المسقط.
وأخذ منه الأذرعي أنها لو نشزت في المنزل ولم تخرج منه كأن منعته نفسها فغاب عنها ثم عادت للطاعة عادت نفقتها من غير قاض وهو كذلك على الأصح.
ولو التمست زوجة غائب من القاضي أن يفرض لها فرضا عليه
اشترط ثبوت النكاح وإقامتها في مسكنه وحلفها على استحقاق النفقة وأنها لم تقبض منه نفقة مدة مستقبلة فحينئذ يفرض لها عليه نفقة المعسر إلا إن ثبت يساره.

(1/547)


فرع في فسخ النكاح
لزوجة مكلفة فسخ نكاح من أعسر بأقل نفقة أو كسوة أو بمسكن أو بمهر قبل وطء,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع في فسخ النكاح:
وشرع دفعا لضرر المرأة.
يجوز لزوجة مكلفة أي بالغة عاقلة لا لولي غير المكلفة.
فسخ نكاح من أي زوج أعسر مالا وكسبا لائقا به حلالا بأقل نفقة تجب وهو مد أو أقل كسوة تجب كقميص وخمار وجبة شتاء بخلاف نحو سراويل ونعل وفرش ومخدة والأواني لعدم بقاء النفس بدونهما.
فلا فسخ بالإعسار بالأدم وإن لم يسغ القوت ولا بنفقة الخادم ولا بالعجز عن النفقة الماضية كنفقة الأمس وما قبله لتنزيلها منزلة دين آخر.
أو أعسر بمسكن وإن لم يعتادوه أو أعسر بمهر واجب حال لم تقبض منه شيئا حال كون الإعسار به قبل وطئ طائعة فلها الفسخ

(1/548)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للعجز عن تسليم العوض مع بقاء المعوض بحاله وخيارها حينئذ عقب الرفع إلى القاضي فوري فيسقط الفسخ بتأخيره بلا عذر كجهل ولا فسخ بعد الوطء لتلف المعوض به وصيرورة العوض دينا في الذمة فلو وطئها مكرهة فلها الفسخ بعده أيضا.
قال بعضهم: إلا إن سلمها الولي له وهي صغيرة بغير مصلحة فتحبس نفسها بمجرد بلوغها فلها الفسخ حينئذ إن عجز عنه ولو بعد الوطء لان وجوده هنا كعدمه.
أما إذا قبضت بعضه فلا فسخ لها على ما أفتى به ابن الصلاح واعتمده الأسنوي والزركشي وشيخنا وقال البارزي كالجوهري1 لها الفسخ أيضا واعتمده الأذرعي.
تنبيه: يتحقق العجز عما مر بغيبة ماله لمسافة القصر فلا يلزمها الصبر إلا إن قال أحضر مدة الإمهال أو
بتأجيل دينه بقدر مدة إحضار ماله الغائب بمسافة القصر أو بحلوله مع إعسار المدين ولو الزوجة لأنها في حالة الإعسار لا تصل لحقها والعسر منظر وبعدم وجدان المكتسب من يستعمله إن غلب ذلك أو بعروض ما يمنعه عن الكسب.
__________
1 في التحفة والنهاية: كالجوري.

(1/549)


فلا فسخ بامتناع غيره إن لم ينقطع خبره,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة [في بيان حكم ما إذا كان عند زوجة الغائب بعض ماله وكان معسرا بما مر] إذا كان للمرأة على زوجها الغائب دين حال من صداق أو غيره وكان عندها بعض ماله وديعة فهل لها أن تستقل بأخذه لدينها بلا رفع إلى القاضي ثم تفسخ به أو لا؟
فأجاب بعض أصحابنا ليس للمرأة المذكورة الاستقلال بأخذ حقها بل ترفع الأمر إلى القاضي لان النظر في مال الغائبين للقاضي نعم إن علمت أنه لا يأذن لها إلا بشيء يأخذه منها جاز لها الاستقلال بالأخذ وإذا فرغ المال وأرادت الفسخ بإعسار الغائب فإن لم يعلم المال أحد ادعت إعساره وأنه لا مال له حاضر ولا ترك نفقة وأثبتت الإعسار وحلفت على الأخيرين ناوية بعدم ترك النفقة عدم وجودها الآن وفسخت بشروطه وإن علم المال فلا بد من بينة بفراغه أيضا انتهى.
فلا فسخ على المعتمد بامتناع غيره موسرا أو متوسطا من الإنفاق حضر أو غاب إن لم ينقطع خبره فإن انقطع خبره ولا مال له حاضر جاز لها الفسخ لان تعذر واجبها بانقطاع خبره كتعذر بالإعسار كما جزم به الشيخ زكريا وخالفه تلميذه شيخنا.
واختار جمع كثيرون من محققي المتأخرين في غائب تعذر تحصيل النفقة منه الفسخ وقواه ابن الصلاح وقال في فتاويه: إذا تعذرت

(1/550)


لا قبل ثبوت إعساره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النفقة لعدم مال حاضر مع عدم إمكان أخذها منه حيث هو بكتاب حكمي وغيره لكونه لم يعرف موضعه أو عرف ولكن تعذرت مطالبته عرف حاله في اليسار والإعسار أو لم يعرف فلها الفسخ بالحاكم والإفتاء بالفسخ هو الصحيح انتهى.
ونقل شيخنا كلامه في الشرح الكبير وقال في آخره وأفتى بما قاله جمع من متأخري اليمن.
وقال العلامة المحقق الطنبداوي في فتاويه والذي نختاره تبعا للائمة المحققين أنه إذا لم يكن له مال كما سبق لها الفسخ وإن كان ظاهر المذهب خلافه لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [22 سورة الحج الآية: 78] ولقوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالحنيفية السمحة" [مسند أحمد رقم: 21788] ولان مدار الفسخ على الإضرار ولا شك أن الضرر موجود فيها إذا لم يمكن الوصول إلى النفقة منه وإن كان موسرا.
إذ سر الفسخ هو تضرر المرأة وهو موجود لاسيما مع إعسارها فيكون تعذر وصولها إلى النفقة حكمه حكم الإعسار انتهى.
وقال تلميذه شيخنا خاتمة المحققين ابن زياد في فتاويه: وبالجملة فالمذهب الذي جرى عليه الرافعي والنووي عدم جواز الفسخ كما سبق والمختار الجواز.
وجزم في فتيا له أخرى بالجواز.
ولا فسخ بإعسار بنفقة ونحوها أو بمهر قبل ثبوت إعساره

(1/551)


عند قاض,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي الزوج بإقراره أو بينة تذكر إعساره الآن.
ولا تكفي بينة ذكرت أنه غاب معسرا.
ويجوز للبينة اعتماد في الشهادة على استصحاب حالته التي غاب عليها من إعسار أو يسار ولا تسأل من أين لك أنه معسر الآن فلو صرح بمستنده بطلت الشهادة عند قاض أو محكم فلا بد من الرفع إليه فلا ينفذ ظاهرا ولا باطنا قبل ذلك ولا يحسب عدتها إلا من الفسخ.
قال شيخنا: فإن فقد قاض ومحكم بمحلها أو عجزت عن الرفع إلى القاضي كأن قال لا أفسخ حتى تعطيني مالا استقلت بالفسخ للضرورة وينفذ ظاهرا وكذا باطنا كما هو ظاهر خلافا لمن قيد بالأول لان الفسخ مبني على أصل صحيح وهو مستلزم للنفوذ باطنا ثم رأيت غير واحد جزموا بذلك انتهى.
وفي فتاوى شيخنا ابن زياد: لو عجزت المرأة عن بينة الإعسار جاز لها الاستقلال بالفسخ انتهى.
وقال الشيخ عطية المكي في فتاويه: إذا تعذر القاضي أو تعذر الإثبات عنده لفقد الشهود أو غيبتهم فلها أن تشهد بالفسخ وتفسخ بنفسها كما قالوا في المرتهن إذا غاب الراهن وتعذر إثبات الرهن عند القاضي أن له بيع الرهن دون مراجعة قاض بل هذا أهم وأهم وقوعا انتهى.

(1/552)


فيمهل ثلاثة ثم يفسخ هو أو هي بإذنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فـ: إذا توفرت شروط الفسخ من ملازمتها المسكن الذي غاب عنها وهي فيه وعدم صدور نشوز منها وحلفت عليهما وعلى أن لا مال له حاضر ولا ترك نفقة وأثبتت الإعسار بنحو النفقة على المعتمد أو تعذر تحصيلها على المختار يمهل القاضي أو المحكم وجوبا ثلاثة من الأيام وإن لم يستمهله الزوج ولم يرج حصول شيء في المستقبل ليتحقق إعساره في فسخ لغير إعساره بمهر فإنه على الفور.
وأفتى شيخنا أنه لا إمهال في فسخ نكاح الغائب.
ثم بعد إمهال الثلاث بلياليها يفسخ هو أي القاضي أو المحكم أثناء الرابع لخبر الدارقطني [السنن الكبرى 7/469, 470] والبيهقي [سنن الدارقطني رقم: 193, 3/297] في الرجل لا يجد شيئا ينفق على امرأته يفرق بينهما وقضى به عمر وعلي وأبو هريرة رضي الله عنهم قال الشافعي رضي الله عنه: ولا أعلم أحدا من الصحابة خالفهم.
ولو فسخت بالحاكم على غائب فعاد وادعى أن له مالا بالبلد لم يبطل كما أفتى به الغزالي إلا إن ثبت أنها تعلمه ويسهل عليها أخذ النفقة منه بخلاف نحو عقار وعرض لا يتيسر بيعه فإنه كالعدم.
أو تفسخ هي بإذنه أي القاضي بلفظ فسخت النكاح فلو سلم نفقة الرابع فلا تفسخ بما مضى لأنه صار دينا ولو أعسر بعد أن سلم نفقة الرابع بنفقة الخامس بنت على المدة ولم تستأنفها وظاهر قولهم أنهم لو أعسر بنفقة السادس استأنفتها وهو محتمل ويحتمل أنه

(1/553)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن تخللت ثلاثة وجب الاستئناف أو أقل فلا كما قاله شيخنا.
ولو تبرع رجل بنفقتها لم يلزمها القبول بل لها الفسخ.
فرع: لها في مدة الإمهال والرضا بإعساره الخروج نهارا قهرا عليه لسؤال نفقة أو اكتسابها وإن كان لها
مال وأمكن كسبها في بيتها وليس له منعها لان حبسه لها إنما هو في مقابلة إنفاقه عليها وعليها رجوع إلى مسكنها ليلا لأنه وقت الإيواء دون العمل ولها منعه من التمتع بها نهارا وكذلك ليلا لكن تسقط نفقتها عن ذمته مدة المنع في الليل.
قال شيخنا: وقياسه أنه لا نفقة لها زمن خروجها للكسب انتهى.
فرع: لا فسخ في غير مهر لسيد أمة وليس له منعها من الفسخ بغيره ولا الفسخ به عند رضاها بإعساره أو
عدم تكليفها لان النفقة في الأصل لها بل له إلجاؤها إليه بأن لا ينفق عليها ويقول لها إفسخي أو جوعي دفعا للضرر عنه.
ولو زوج أمته بعبده واستخدمه فلا فسخ لها ولا له إذ مؤنتها عليه.
ولو أعسر سيد المستولدة عن نفقتها قال أبو زيد: أجبر على عتقها أو تزويجها.

(1/554)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة: لو فقد الزوج قبل التمكين فظاهر كلامهم أنه لا فسخ ومذهب مالك رحمه الله تعالى لا فرق بين
الممكنة وغيرها إذا تعذرت النفقة وضربت المدة وهي عنده شهر للتفحص عنه ثم يجوز الفسخ.
تتمة [في بيان حكم مؤن الأقارب الأصول والفروع] يجب على موسر ذكر أو أنثى ولو بكسب يليق به بما فضل عن قوته وقوت ممونة يومه وليلته وإن لم يفضل عن دينه كفاية نفقة وكسوة مع أدم ودواء لأصل وإن علا ذكر أو أنثى وفرع وإن نزل كذلك إذا لم يملكاها وإن اختلفا دينا لا إن كان أحدهما حربيا أو مرتدا.
قال شيخنا في شرح الإرشاد: ولا إن كان زانيا محصنا أو تاركا للصلاة خلافا لما قاله في شرح المنهاج.
ولا إن بلغ فرع وترك كسبا لائقا.
ولا أثر لقدرة أم أو بنت على النكاح لكن تسقط نفقتها بالعقد وفيه نظر لان نفقتها على الزوج إنما تجب بالتمكين كما مر وإن كان الزوج معسرا ما لم تفسخ ولا تصير مؤن القريب بفوتها دينا عليه إلا باقتراض قاض لغيبة منفق أو منع صدر منه لا بإذن منه ولو منع الزوج أو القريب الإنفاق أخذها المستحق ولو بغير إذن قاض.

(1/555)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع: من له أب وأم فنفقته على أب وقيل هي عليهما لبالغ.
ومن له أصل وفرع فعلى الفرع وإن نزل أو له محتاجون من أصول وفروع ولم يقدر على كفايتهم قدم نفسه ثم زوجته وإن تعددت ثم الأقرب فالأقرب نعم لو كان له أب وأم وابن قدم الابن الصغير ثم الأم ثم الأب ثم الولد الكبير.
ويجب على أم إرضاع ولدها اللبأ وهو اللبن أول الولادة ومدته يسيرة وقيل يقدر بثلاثة أيام وقيل سبعة.
ثم بعده إن لم توجد إلا هي أو أجنبية وجب إرضاعه على من وجدت ولها طلب الأجرة ممن تلزمه مؤنته وإن وجدتا لم تجبر الأم خلية كانت أو في نكاح أبيه فإن رغبت في إرضاعه فليس لأبيه منعها إلا إن طلبت فوق أجرة المثل وعلى أب أجرة مثل لام لإرضاع ولدها حيث لا متبرع بالرضاع وكمتبرع راض بما رضيت1.
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله أن جملة: وكمتبرع راض بما رضيت من نسخ الطبع لا الخط وهي لا تستقيم إلا بزيادة دون قبل ما كما صرح في الفتح فتح الجواد وغيره.

(1/556)


فصل [في بيان أحكام الحضانة ونفقة المملوك]
والأولى بالحضانة وهي تربية من لا يستقل إلى التمييز أم لم تتزوج بآخر فأمهاتها وإن علت فأب فأمهاته فأخت فخالة فبنت أخت,

(1/556)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فبنت أخ فعمة.
والمميز إن افترق أبواه من النكاح كان عند من اختاره منهما ولأب اختير منع الأنثى لا الذكر زيارة الأم ولا تمنع الأم عن زيارتها على العادة والأم أولى بتمريضهما عند الأب إن رضي وإلا فعندها وإن اختارها ذكر فعندها ليلا وعنده نهارا أو اختارتها أنثى فعندها أبدا ويزورها الأب على العادة ولا يطلب إحضارها عنده ثم إن لم يختر واحدا منهما فالأم أولى وليس لأحدهما فطمه قبل حولين من غير رضا الآخر ولهما فطمه قبلهما إن لم يضره ولأحدهما بعد حولين ولهما الزيادة في الرضاع على الحولين حيث لا ضرر لكن أفتى الحناطي بأنه يسن عدمها إلا لحاجة.
[بيان نفقة المماليك من الأقارب] ويجب على مال كفاية رقيقة إلا مكاتبا ولو أعمى أو زمنا ولو غنيا أو أكولا نفقة وكسوة من جنس المعتاد لمثله من أرقاء البلد ولا يكفي ساتر العورة وإن لم يتأذ به نعم إن اعتيد ولو ببلاد العرب على الأوجه كفى: إذ لا تحقير حينئذ وعلى السيد ثمن دوائه وأجرة الطبيب عند الحاجة. وكسب الرقيق لسيده ينفقه منه إن شاء ويسقط ذلك بمضي الزمان كنفقة القريب.
ويسن أن يناوله مما يتنعم به من طعام وأدم وكسوة والأفضل

(1/557)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إجلاسه معه للأكل.
ولا يجوز أن يكلفه كالدواب على الدوام عملا لا يطيقه وإن رضي إذ يحرم عليه إضرار نفسه فإن أبى السيد إلا ذلك بيع عليه: أي إن تعين البيع طريقا وإلا أوجر عليه.
أما في بعض الأوقات فيجوز أن يكلفه عملا شاقا ويتبع العادة في إراحته وقت القيلولة والاستمتاع وله منعه من نفل صوم وصلاة.
وعلى مالك علف دابته المحترمة ولو كلبا محترما وسقيها إن لم تألف الرعي ويكفها وإلا كفى إرسالها للرعي والشرب حيث لا مانع فإن لم يكفها الرعي لزمه التكميل فإن امتنع من علفها أو إرسالها أجبر على إزالة ملكه أو ذبح المأكولة فإن أبى فعل الحاكم الأصلح من ذلك.
ورقيق كدابة في ذلك كله.
ولا يجب علف غير المحترمة وهي الفواسق الخمس.
ويحلب مالك الدواب ما لا يضر بها ولا بولدها وحرم ما ضر أحدهما ولو لقلة العلف والظاهر ضبط الضرر بما يمنع من نمو أمثالهما وضبطه فيه بما يحفظه عن الموت توقف فيه الرافعي فالواجب الترك له قدر ما يقيمه حتى لا يموت.
ويسن أن لا يبالغ الحالب في الحلب بل يبقى في الضرع شيئا وأن يقص أظفار يديه.

(1/558)


000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويجوز الحلب إن مات الولد بأي حيلة كانت.
ويحرم التهريش بين البهائم.
ولا يجب عمارة داره أو قناته بل يكره تركه إلى أن تخرب بغير عذر كترك سقي زرع وشجر دون ترك
زارعة الأرض وغرسها ولا يكره عمارة لحاجة وإن طالت والأخبار الدالة على منع ما زاد على سبعة أذرع محمولة على من فعل ذلك للخيلاء والتفاخر على الناس والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1/559)