مختصر المزني في فروع الشافعية ط المعرفة

 [كِتَابُ الشَّرْطِ فِي الرَّقِيقِ يَشْتَرِطُهُمْ الْمُسَاقِي]
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُسَاقِي عَلَى رَبِّ النَّخْلِ غِلْمَانًا يَعْمَلُونَ مَعَهُ، وَلَا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي غَيْرِهِ.
(قَالَ) : وَنَفَقَةُ الرَّقِيقِ عَلَى مَا يَتَشَارَطَانِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِمْ فَإِذَا جَازَ أَنْ يَعْمَلُوا لِلْمُسَاقِي بِغَيْرِ أُجْرَةٍ جَازَ أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذِهِ مَسَائِلُ أَجَبْت فِيهَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَقِيَاسِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. فَمِنْ ذَلِكَ لَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَخْلٍ سِنِينَ مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَا فِيهَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ قِيَاسًا عَلَى شَرْطِ الْمُضَارَبَةِ يَعْمَلَانِ فِي الْمَالِ جَمِيعًا فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَعَانَهُ مَعُونَةً مَجْهُولَةَ الْغَايَةِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ. وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ فِي حَائِطٍ آخَرَ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ كَالْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَلَهُ فِي الْفَاسِدِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ فَإِنْ سَاقَاهُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى النِّصْفِ وَالْآخَرُ نَصِيبَهُ عَلَى الثُّلُثِ جَازَ وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى حَائِطٍ فِيهِ أَصْنَافٌ مِنْ دَقَلٍ وَعَجْوَةٍ وَصَيْحَانِيٍّ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الدَّقَلِ النِّصْفَ، وَمِنْ الْعَجْوَةِ الثُّلُثَ، وَمِنْ الصَّيْحَانِيِّ الرُّبُعَ وَهُمَا يَعْرِفَانِ كُلَّ صِنْفٍ كَانَ كَثَلَاثَةِ حَوَائِطَ مَعْرُوفَةٍ، وَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا كُلَّ صِنْفٍ لَمْ يَجُزْ.

وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَخْلٍ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ، وَلَمْ يَقُولَا غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا، وَمَا بَعْدَ الثُّلُثِ فَهُوَ لِرَبِّ النَّخْلِ، وَإِنْ اشْتَرَطَا أَنَّ لِلرَّبِّ النَّخْلِ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ، وَلَمْ يَقُولَا غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَعْلَمْ نَصِيبَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ لِرَبِّهَا إلَّا مَا شَرَطَ مِنْهَا لِلْعَامِلِ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ لِمَنْ الْبَاقِي. وَإِذَا اشْتَرَطَ رَبُّ النَّخْلِ لِنَفْسِهِ الثُّلُثَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ الْعَامِلِ مِنْ الْبَاقِي فَنَصِيبُ الْعَامِلِ مَجْهُولٌ، وَإِذَا جُهِلَ النَّصِيبُ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ كَانَتْ النَّخْلُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَسَاقَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ ثُلُثَيْ الثَّمَرَةِ مِنْ جَمِيعِ النَّخْلِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَاقَى شَرِيكَهُ فِي نِصْفِهِ عَلَى ثُلُثِ ثَمَرَتِهِ وَلَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ الثُّلُثَ وَلِصَاحِبِهِ الثُّلُثَيْنِ لَمْ يَجُزْ كَرَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ قَارَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي نِصْفِهِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ فِي الْأَلْفِ مِنْ رِبْحٍ فَالثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ وَلِصَاحِبِهِ الثُّلُثُ فَإِنَّمَا قَارَضَهُ فِي نِصْفِهِ عَلَى ثُلُثِ رِبْحِهِ فِي نِصْفِهِ.

وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ ثُلُثَ الرِّبْحِ وَالثُّلُثَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ عَقَدَ لَهُ الْعَامِلُ أَنْ يَخْدُمَهُ فِي نِصْفِهِ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَسَلَّمَ لَهُ مَعَ خِدْمَتِهِ مِنْ رِبْحٍ نِصْفُهُ تَمَامُ ثُلُثَيْ الْجَمِيعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ عَمِلَ الْمُسَاقِي فِي هَذَا أَوْ الْمُقَارِضُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ عَلَى غَيْرِ بَدَلٍ وَلَوْ سَاقَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى نَخْلٍ بَيْنَهُمَا سَنَةً مَعْرُوفَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَا فِيهَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِمُسَاقَاتِهِمَا مَعْنًى فَإِنْ عَمِلَا فَلِأَنْفُسِهِمَا عَمِلَا وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَلَوْ سَاقَى رَجُلٌ رَجُلًا نَخْلًا مُسَاقَاةً صَحِيحَةً فَأَثْمَرَتْ ثُمَّ هَرَبَ الْعَامِلُ اكْتَرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فِي مَالِهِ مَنْ يَقُومُ فِي النَّخْلِ مَقَامَهُ، وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ سَرِقَةً فِي النَّخْلِ وَفَسَادًا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَتُكُورِيَ عَلَيْهِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ مَاتَ قَامَتْ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ أَنْفَقَ رَبُّ النَّخْلِ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهِ، وَيَسْتَوْفِي الْعَامِلُ شَرْطَهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ وَلَوْ عَمِلَ فِيهَا الْعَامِلُ فَأَثْمَرَتْ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا أَخَذَهَا وَثَمَرَهَا، وَلَا حَقَّ عَلَيْهِ فِيمَا عَمِلَ فِيهَا الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهَا آثَارٌ لَا عَيْنٌ وَرَجَعَ الْعَامِلُ عَلَى الدَّافِعِ بِقِيمَةِ مَا عَمِلَ فَإِنْ اقْتَسَمَا

(8/224)


الثَّمَرَةَ فَأَكَلَاهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَكِيلَةِ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مِنْ الدَّافِعِ لَهَا وَرَجَعَ الدَّافِعُ عَلَى الْعَامِلِ بِالْمَكِيلَةِ الَّتِي غَرِمَهَا وَرَجَعَ الْعَامِلُ عَلَى الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ.

وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ سَقَاهَا بِمَاءِ سَمَاءٍ أَوْ نَهْرٍ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ سَقَاهَا بِالنَّضْحِ فَلَهُ النِّصْفُ كَانَ هَذَا فَاسِدًا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ كَانَ وَالنَّصِيبُ مَجْهُولٌ وَالْعَمَلُ غَيْرُ مَعْلُومٍ كَمَا لَوْ قَارَضَهُ بِمَالٍ عَلَى أَنَّ مَا رَبِحَ فِي الْبَرِّ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَمَا رَبِحَ فِي الْبَحْرِ فَلَهُ النِّصْفُ فَإِنْ عَمِلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الدَّاخِلُ أَنَّ أُجْرَةَ الْأُجَرَاءِ مِنْ الثَّمَرَةِ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ.

وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى وَدْيٍ لِوَقْتٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُثْمِرُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ أَنْ أَثْمَرَتْ النَّخْلُ عَلَى مُسَاقَاةٍ صَحِيحَةٍ فَقَالَ رَبُّ النَّخْلِ عَلَى الثُّلُثِ وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى النِّصْفِ تَحَالَفَا وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ لَهُ بِهِ رَبُّ النَّخْلِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى سَقَطَتَا وَتَحَالَفَا كَذَلِكَ أَيْضًا.

وَلَوْ دَفَعَا نَخْلًا إلَى رَجُلٍ مُسَاقَاةً فَلَمَّا أَثْمَرَتْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْعَامِلُ: شَرَطْتُمَا لِي النِّصْفَ وَلَكُمَا النِّصْفُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ كَانَ لَهُ مُقَاسَمَةُ الْمُقِرِّ فِي نِصْفِهِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَتَحَالَفَ هُوَ وَالْمُنْكِرُ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي نِصْفِهِ وَلَوْ شَرَطَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ النِّصْفَ، وَمِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَ جَازَ، وَإِنْ جَهِلَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَفُسِخَ فَإِنْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَالثَّمَرُ لِرَبِّهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[مُخْتَصَرٌ مِنْ الْجَامِعِ فِي الْإِجَارَةِ]
ِ مِنْ ثَلَاثِ كُتُبٍ فِي الْإِجَارَةِ، وَمَا دَخَلَ فِيهِ سِوَى ذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ الرَّضَاعُ فَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ إلَّا هَذَا جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَذَكَرَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ وَعَمِلَ بِهَا بَعْضُ أَنْبِيَائِهِ فَذَكَرَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِجَارَتَهُ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ حِجَجٍ مَلَكَ بِهَا بُضْعَ امْرَأَتِهِ وَقِيلَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى تَجْوِيزِ الْإِجَارَةِ، وَمَضَتْ بِهَا السُّنَّةُ وَعَمِلَ بِهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَعَوَامِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَالْإِجَارَاتُ صِنْفٌ مِنْ الْبُيُوعِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي فِي الْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ مَالِكِهَا، وَيَمْلِكُ بِهَا صَاحِبُهَا الْعِوَضَ فَهِيَ مَنْفَعَةٌ مَعْقُولَةٌ مِنْ عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ فَهِيَ كَالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهَا بِخِلَافِ الْعَيْنِ كَانَتْ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْتَرِيَ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. (قَالَ) : وَإِذَا دَفَعَ مَا أَكْرَى وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ كَمَا إذَا دَفَعَ جَمِيعَ مَا بَاعَ وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا فَإِذَا قَبَضَ الْعَبْدَ فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ الْمَسْكَنَ فَسَكَنَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ أَوْ انْهَدَمَ الْمَسْكَنُ حَسَبَ قَدْرَ مَا اسْتَخْدَمَ وَسَكَنَ فَكَانَ لَهُ وَرَدَّ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا لَوْ اشْتَرَى سَفِينَةَ طَعَامٍ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا فَاسْتَوْفَى بَعْضًا فَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْبَاقِي كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا قَبَضَ وَرَدَّ قَدْرَ مَا بَقِيَ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا مَا كَانَتْ الدَّارُ قَائِمَةً، وَلَيْسَ الْوَارِثُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَوْرُوثِ الَّذِي عَنْهُ وَرِثُوا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ انْتَفَعَ الْمُكْرِي بِالثَّمَنِ قِيلَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي رُطَبٍ لِوَقْتٍ فَانْقَطَعَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ انْتَفَعَ بِهِ الْبَائِعُ وَلَوْ بَاعَ مَتَاعًا غَائِبًا بِبَلَدٍ وَدَفَعَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ الْمُبْتَاعُ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ انْتَفَعَ بِهِ الْبَائِعُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا تَجْوِيزُ بَيْعِ الْغَائِبِ وَنَفَاهُ فِي مَكَان آخَرَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً مِنْ مَكَّةَ إلَى بَطْنِ مَرٍّ فَتَعَدَّى بِهَا

(8/225)


إلَى عُسْفَانَ فَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا إلَى مَرٍّ وَكِرَاءُ مِثْلِهَا إلَى عُسْفَانَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ وَعَبْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَيُّ الْمُتَكَارِيَيْنِ هَلَكَ فَوَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ.

[بَابُ كِرَاءِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا]
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكِرَاءُ الْإِبِلِ جَائِزٌ لِلْمَحَامِلِ وَالزَّوَامِلِ وَالرِّجَالِ وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ لِلسُّرُوجِ وَالْأَكُفِّ وَالْحَمُولَةِ، وَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَغِيبٌ حَتَّى يَرَى الرَّاكِبِينَ وَظَرْفَ الْمَحْمِلِ وَالْوِطَاءِ وَالظِّلِّ إنْ شَرَطَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَيَتَبَايَنُ وَالْحَمُولَةُ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ أَوْ كَيْلٍ مَعْلُومٍ فِي ظُرُوفٍ تُرَى أَوْ تَكُونُ إذَا شُرِطَتْ عُرِفَتْ مِثْلَ غَرَائِرَ جَبَلِيَّةٍ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَإِنْ ذَكَرَ مَحْمِلًا أَوْ مَرْكَبًا أَوْ زَامِلَةً بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَلَا صِفَةٍ فَهُوَ مَفْسُوخٌ لِلْجَهْلِ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَكْرَاهُ مَحْمِلًا وَأَرَاهُ إيَّاهُ وَقَالَ مَعَهُ مَعَالِيقُ أَوْ قَالَ مَا يُصْلِحُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ فَاسِدٌ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ النَّاسُ وَسَطًا، وَإِنْ أَكْرَاهُ إلَى مَكَّةَ فَشَرَطَ سَيْرًا مَعْلُومًا فَهُوَ أَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَاَلَّذِي أَحْفَظُهُ أَنَّ السَّيْرَ مَعْلُومٌ عَلَى الْمَرَاحِلِ؛ لِأَنَّهَا الْأَغْلَبُ مِنْ سَيْرِ النَّاسِ كَمَا أَنَّ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَغْلَبَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَأَيُّهُمَا أَرَادَ الْمُجَاوَزَةَ أَوْ التَّقْصِيرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَإِنْ تَكَارَى إبِلًا بِأَعْيَانِهَا رَكِبَهَا، وَإِنْ ذَكَرَ حَمُولَةً مَضْمُونَةً، وَلَمْ تَكُنْ بِأَعْيَانِهَا رَكِبَ مَا يَحْمِلُهُ غَيْرَ مَضْرِبِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُرْكِبَ الْمَرْأَةَ، وَيُنْزِلَهَا عَنْ الْبَعِيرِ بَارِكًا؛ لِأَنَّهُ رُكُوبُ النِّسَاءِ، وَيُنْزِلَ الرَّجُلَ لِلصَّلَاةِ، وَيَنْتَظِرَهُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا غَيْرَ مُعَجِّلٍ لَهُ وَلِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَارَى بَعِيرًا بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ إلَّا عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْبَعِيرُ رَدَّ الْجَمَّالُ مِنْ الْكِرَاءِ مِمَّا أَخَذَ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَمُولَةُ مَضْمُونَةً كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِإِبِلٍ غَيْرِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرِّحْلَةِ رَحَلَ لَا مَكْبُوبًا، وَلَا مُسْتَلْقِيًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَدِّلَ مَا يَبْقَى مِنْ الزَّادِ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الزَّادِ يَنْقُصُ فَلَا يُبَدَّلُ كَانَ مَذْهَبًا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : الْأَوَّلُ أَقْيَسُهُمَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَكْتَرِيَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ.

[تَضْمِينُ الْأُجَرَاءِ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى]
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأُجَرَاءُ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ، وَمَا تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِمْ فَفِيهِ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْأَجْرَ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا ضَمَانَ إلَّا بِالْعُدْوَانِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : هَذَا أَوْلَاهُمَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ بِأَنْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَجَّامِ يَأْمُرُهُ الرَّجُلُ أَنْ يَحْجُمَهُ أَوْ يَخْتِنَ غُلَامَهُ أَوْ يُبَيْطِرَ دَابَّتَهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا أَلْقَوْا عَنْ هَؤُلَاءِ الضَّمَانَ لَزِمَهُمْ إلْقَاؤُهُ عَنْ الصُّنَّاعِ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّى سَأَلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَرَوَى عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَى صَانِعٍ، وَلَا أَجِيرٍ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ ضَمَّنَ الرَّاعِيَ الْمُنْفَرِدَ بِالْأُجْرَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرَكِ، وَلَا أُضَمِّنُ الْأَجِيرَ فِي الْحَانُوتِ يَحْفَظُ مَا فِيهِ مِنْ الْبَزِّ، وَيَبِيعُهُ وَالصَّانِعُ بِالْأُجْرَةِ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَخْبِزُ لَهُ خُبْزًا مَعْلُومًا فِي تَنُّورٍ أَوْ فُرْنٍ فَاحْتَرَقَ فَإِنْ كَانَ خَبَزَهُ فِي حَالٍ لَا يُخْبَزُ فِي مِثْلِهَا؛ لِاسْتِعَارِ التَّنُّورِ؛ أَوْ شِدَّةِ حَمْوِهِ أَوْ تَرَكَهُ تَرْكًا لَا يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ مَا

(8/226)


فَعَلَ صَلَاحًا لِمِثْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ مَنْ لَا يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ، وَإِنْ اكْتَرَى دَابَّةً فَضَرَبَهَا أَوْ كَبَحَهَا بِاللِّجَامِ فَمَاتَتْ فَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُ الْعَامَّةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ مَا لَا يَفْعَلُ الْعَامَّةُ ضَمِنَ فَأَمَّا الرُّوَّاضُ فَإِنَّ شَأْنَهُمْ اسْتِصْلَاحُ الدَّوَابِّ وَحَمْلُهَا عَلَى السَّيْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهَا بِالضَّرْبِ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُ الرَّاكِبُ غَيْرُهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَرَاهُ الرُّوَّاضُ صَلَاحًا بِلَا إعْنَاتٍ بَيِّنٍ لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ فَعَلَ خِلَافَ ذَلِكَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَضَمِنَ.
(قَالَ) : وَالرَّاعِي إذَا فَعَلَ مَا لِلرُّعَاةِ فِعْلُهُ مِمَّا فِيهِ صَلَاحٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ ضَمِنَ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا يَقْضِي لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ بِطَرْحِ الضَّمَانِ كَمَا وَصَفْت وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ أَكْرَى حَمْلَ مَكِيلَةٍ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ فَهُوَ فِي الْمَكِيلَةِ جَائِزٌ وَفِي الزَّائِدِ فَاسِدٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ حَمَلَ لَهُ مَكِيلَةً فَوُجِدَتْ زَائِدَةً فَلَهُ أَجْرُ مَا حَمَلَ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمَّالُ هُوَ الْكَيَّالُ فَلَا كِرَاءَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ وَلِصَاحِبِهِ الْخِيَارُ فِي أَخْذِ الزِّيَادَةِ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ يَضْمَنُ قَمْحَهُ بِبَلَدِهِ.

وَمُعَلِّمُ الْكُتَّابِ وَالْآدَمِيِّينَ مُخَالِفٌ لِرَاعِي الْبَهَائِمِ وَصُنَّاعِ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيِّينَ يُؤَدَّبُونَ بِالْكَلَامِ فَيَتَعَلَّمُونَ وَلَيْسَ هَكَذَا مُؤَدِّبُ الْبَهَائِمِ فَإِذَا ضَرَبَ أَحَدًا مِنْ الْآدَمِيِّينَ لِاسْتِصْلَاحِ الْمَضْرُوبِ أَوْ غَيْرِ اسْتِصْلَاحِهِ فَتَلِفَ كَانَتْ فِيهِ دِيَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ وَالتَّعْزِيرُ لَيْسَ بِحَدٍّ يَجِبُ بِكُلِّ حَالٍ، وَقَدْ يَجُوزُ تَرْكُهُ، وَلَا يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ قَدْ فُعِلَ غَيْرُ شَيْءٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ حَدٍّ فَلَمْ يَضْرِبْ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْغُلُولُ وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُؤْتَ بِحَدٍّ قَطُّ فَعَفَاهُ وَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى امْرَأَةٍ فِي شَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهَا فَأَسْقَطَتْ فَقِيلَ لَهُ إنَّك مُؤَدِّبٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ كَانَ اجْتَهَدَ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ غَشَّ، عَلَيْك الدِّيَةُ فَقَالَ عُمَرُ عَزَمْت عَلَيْك أَنْ لَا تَجْلِسَ حَتَّى تَضْرِبَهَا عَلَى قَوْمِك فَبِهَذَا قُلْنَا خَطَأُ الْإِمَامِ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ بَيْتِ الْمَالِ.

(قَالَ) : وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ فَقَالَ رَبُّهُ أَمَرْتُك أَنْ تَقْطَعَهُ قَمِيصًا وَقَالَ الْخَيَّاطُ بَلْ قَبَاءً.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ وَصَفَ قَوْلَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْخَيَّاطِ؛ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْقَطْعِ. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَقَالَ رَهْنٌ وَقَالَ رَبُّهُ وَدِيعَةٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ عَمَلَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلٍ بِإِجَارَةٍ فَقَالَ قَدْ حَمَلْته لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارِ صَاحِبِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ وَكِلَاهُمَا مَدْخُولٌ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلُ مَا شَبَّهَ الشَّافِعِيُّ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَهُمْ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِحَدَثِهِ وَأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَنْفَعُهُ فَالْخَيَّاطُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الثَّوْبَ لِرَبِّهِ وَأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ حَدَثًا وَادَّعَى إذْنَهُ، وَإِجَارَةً عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِلَّا حَلَفَ صَاحِبُهُ وَضَمَّنَهُ مَا أَحْدَثَ فِي ثَوْبِهِ.