نهاية
المحتاج إلى شرح المنهاج (بَابٌ) فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ
عَنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) مِنْهُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَالنَّجْشُ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ النَّهْيُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ
فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَعَاطِيَ الْعَقْدِ) عِلَّةٌ
لِلْحُرْمَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ
فَسَادِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ هُوَ مُقْتَضَى النَّهْيِ، وَالْأَوْلَى أَنْ
يُقَالَ: النَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَجَعَ
لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ أَوْ مَعْنًى خَارِجٍ أَوْ كَانَ
الْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرَ عَقْدٍ وَيَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ رَجَعَ
لِذَاتِ الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ، وَيَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ تَعَاطِي
الْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ التَّقْصِيرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ التَّقْصِيرِ
يَأْثَمُ بِتَعَاطِي الْعَقْدِ كَمَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ،
فَلَيْسَ الْإِثْمُ بِالتَّقْصِيرِ دُونَ تَعَاطِي الْعَقْدِ وَلَعَلَّ
هَذَا هُوَ مُرَادُ حَجّ بِقَوْلِهِ حَرَامٌ عَلَى الْمَنْقُولِ
الْمُعْتَمَدِ: يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعَقْدِ
الْفَاسِدِ مَعَ الْجَهْلِ بِفَسَادِهِ حَرَامٌ حَيْثُ قَصَّرَ فِي
التَّعَلُّمِ فَلَيْسَتْ الْحُرْمَةُ مَخْصُوصَةً بِالتَّقْصِيرِ
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَبْعُدُ جَهْلُهُ بِذَلِكَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[بَاب الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]
(بَابٌ) فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
(3/445)
حَرَامٌ أَيْضًا سَوَاءٌ مَا فَسَادُهُ
بِالنَّصِّ أَوْ الِاجْتِهَادِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ
مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ اخْتِلَالِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ
كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَيْعِ
الْخَمْرِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
فَإِنَّ مَنْشَأَ الْمَفْسَدَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى النَّهْيِ عَنْهُ فِي
الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ وَفِي
الثَّانِي إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّالِثِ إلَى الصِّيغَةِ
وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا
قُصِدَ بِهِ تَحْقِيقُ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ دُونَ إجْرَاءِ اللَّفْظِ
مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ
مَحْمَلٌ كَمُلَاعَبَةِ الزَّوْجَةِ بِنَحْوِ بِعْتُك نَفْسَك لَمْ
يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ إذْ لَا مَحْمَلَ لَهُ غَيْرَ الْمَعْنَى
الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ يَجُوزُ لِاضْطِرَارِ تَعَاطِيهِ كَأَنْ امْتَنَعَ
ذُو طَعَامٍ مِنْ بَيْعِهِ مِنْهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَهُ
الِاحْتِيَالُ بِأَخْذِهِ مِنْهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ
إلَّا الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ
بِسَبَبٍ عَارِضٍ لِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ خَارِجٍ عَنْهُ فَلَا يُوجِبُ
الْفَسَادَ كَالْبَيْعِ وَقْتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرِنَا مِنْ
بَيْعِ الدَّوَابِّ وَيُؤَجَّلُ الثَّمَنُ إلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ
أَوْلَادِ الدَّابَّةِ الْمُسَمَّى بِبَيْعِ الْمُقَاوَمَةِ لَا إثْمَ
عَلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَخْفَى فَيُعْذَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ:
حَرَامٌ أَيْضًا) أَيْ كَاَلَّذِي عَلِمَ بِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ:
وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَالْحُرْمَةَ
(قَوْلُهُ: نَشَأَتْ مِنْ اخْتِلَالِ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ) أَيْ
أَوْ شُرُوطِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ كَالْجَهْلِ بِمُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ
الْأَجَلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَفْسَدَةُ سَبَبُهَا فَقْدُ الرُّكْنِ
مِنْ أَصْلِهِ كَالصِّيغَةِ أَوْ فَقْدُهُ أَوْ فَقْدُ مَا يُعْتَبَرُ فِي
الرُّكْنِ كَالْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَالِ
الْغَيْرِ وَالثَّانِي بَيْعُ الْخَمْرِ وَالثَّالِثُ الْمُلَامَسَةُ
(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ) لَعَلَّهُ أَرَادَ الْأُمُورَ مَا فَوْقَ
الْوَاحِدِ إذْ سَبَبُ الْمَفْسَدَةِ عَدَمُ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى
التَّسْلِيمِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَمْرَانِ (قَوْلُهُ:
وَقَيَّدَ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ حَرَامًا (قَوْلُهُ:
مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ غَيْرَ
الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: مَحْمَلَ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: إذْ
لَا مَحْمَلَ لَهُ) هُوَ وَاضِحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ،
أَمَّا لَوْ قَصَدَ غَيْرَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ،
وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجُوزُ) أَيْ الْعَقْدُ
الْفَاسِدُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ امْتَنَعَ ذُو طَعَامٍ) أَيْ أَوْ ذُو
دَابَّةٍ مِنْ إيجَارِهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاحْتِيَالُ) أَيْ فَلَوْ
لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ اشْتَرَاهُ بِمَا سَمَّاهُ الْبَائِعُ لَزِمَهُ
الْمُسَمَّى وَاضْطِرَارُهُ لَا يَجْعَلُهُ مُكْرَهًا عَلَى الْعَقْدِ
بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ الْقِيمَةُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ
بِالْقِيمَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ
بِأَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ لَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ نَظَائِرِهِ مِنْ الْعُقُودِ
الْفَاسِدَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيمَةِ أَقْصَى
الْقِيَمِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ
بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ حَالًا أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ لِإِذْنِ الشَّارِعِ لَهُ
فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خَارِجٍ عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِفَقْدِ
رُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ بِأَنْ لَا يَكُونَ
لِذَاتِهِ وَلَا اللَّازِمَةِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَا
يُوجِبُ الْفَسَادَ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ نَشَأَتْ مِنْ
أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ) صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ الْمَفْسَدَةُ
بِسَبَبِ انْتِفَاءِ ذَاتِ الرُّكْنِ أَوْ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْ
شُرُوطِهِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِدَلِيلِ أَمْثِلَتِهِ الْآتِيَةِ، فَهُوَ
مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشِّهَابِ حَجّ ثُمَّ النَّهْيُ إنْ كَانَ لِذَاتِ
الْعَقْدِ أَوْ لَازِمِهِ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَ أَرْكَانِهِ أَوْ شُرُوطِهِ
اقْتَضَى بُطْلَانَهُ وَحُرْمَتَهُ إلَخْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ
إلَى زِيَادَةٍ أَوْ شُرُوطِهِ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ أَحَدِ
أَرْكَانِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ:
إنَّمَا هُوَ أُمُورٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ) أَيْ كَعَدَمِ الْمِلْكِ
وَعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا،
فَالْجَمْعِيَّةُ عَلَى بَابِهَا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ) يَعْنِي الْحُرْمَةَ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْقِيمَةُ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ
الْمُرَادَ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ لَا أَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِنْ كَانَ
الْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ كَالْمَغْصُوبِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ
وَجِيهٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا يَأْتِي فِي تَعْلِيلِ ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ
بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ مِنْ أَنَّهُ مُطَالَبٌ
بِرَدِّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إذْ هَذَا مَنْفِيٌّ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا مَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ)
هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ
وَالْحُرْمَةَ الَّذِي الْمُرَادُ بِهِ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ مَفْسَدَةٍ
نَشَأَتْ مِنْ أَحَدِ أَرْكَانِ الْعَقْدِ الْمُسَاوِي لِقَوْلِ غَيْرِهِ
إنْ كَانَ لِذَاتٍ أَوْ لَازِمِهِ فَالْمُقَابَلَةُ مَعْنَوِيَّةٌ لَا
لَفْظِيَّةٌ
(3/446)
النِّدَاءِ.
وَقَدْ أَشَارَ إلَى أَشْيَاءَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَالَ (نَهَى رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ) بِفَتْحٍ
فَسُكُونٍ لِلْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (الْفَحْلِ)
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) بِكَسْرِ الضَّادِ: أَيْ
طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى
مُقَابِلِيهِ بِيُقَالُ (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ لَا
يَتَعَلَّقُ بِهِ نَهْيٌ، فَالتَّقْدِيرُ عَنْ بَدَلِ عَسْبٍ مِنْ أُجْرَةِ
ضِرَابِهِ وَثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ إعْطَاءُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ وَإِلَّا
فَالْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ
أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَالْفَرْقُ
بَيْنَ هَذَا وَالْأَوَّلِ أَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَّ مُقَدَّرَةٌ مَعَ
عُمُومِهِ وَهُنَا ظَاهِرَةٌ وَهَذِهِ حِكْمَةُ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ
عَلَى ذِكْرِ التَّقْدِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي
الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تَقْدِيرَانِ وَفِي
الثَّالِثِ وَاحِدٌ (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ) وَيَبْطُلُ بَيْعُهُ؛
لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا
مَعْلُومٍ (وَكَذَا) تَحْرُمُ (أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛
لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَكِنَّهُ حَرَامٌ.
(قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَدْ وَرَدَ
التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهِ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ فِي
الْمُخْتَصَرِ كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ لِشَيْخِنَا اهـ أَيْ
فَيَكُونُ الْحَمْلُ أَوْلَى: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ
مُضَافٍ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ اخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ
لِشُمُولِهِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْنَى
الْعَسْبِ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ:
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطِيبِ، وَعِبَارَةُ حَجّ
كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ
الْبُخَارِيِّ أَنَّ رِوَايَتَهُ هَكَذَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ
عَسْبِ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ مَنْ رَوَى عَنْهُمَا فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَى
أَنَّهُ وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ نَهَى عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ فَكَانَ
مُسَاوِيًا لِلنَّهْيِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، أَوْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ
رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمًا عَنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ رَوَاهُ
عَنْهُمَا نُظِرَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى رِوَايَتِهِ وَمَنْ خَصَّهُ
بِالْبُخَارِيِّ نَظَرَ إلَى رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ
بِكَسْرِ الضَّادِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ضَرَبَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ
ضِرَابًا بِالْكَسْرِ نَزَا عَلَيْهَا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ
الضِّرَابَ مَصْدَرُ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ،
وَإِلَّا فَالضِّرَابُ وِزَانُ فِعَالٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَصْدَرٌ
لِفَاعِلٍ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِضَارِبٍ لَا لِضَرَبَ
(قَوْلُهُ: إعْطَاءُ ذَلِكَ) أَيْ وَالْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ
أَيْضًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ)
أَسْقَطَهُ الشَّيْخُ مِنْ شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ
رُجُوعُهُ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أُجْرَةُ
ضِرَابِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَهُوَ ضِرَابُهُ
(قَوْلُهُ: مَعَ عُمُومِهِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ بِمَعْنَى احْتِمَالِهِ
لِغَيْرِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ الْحِكْمَةُ الْمُشَارُ
إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ إلَخْ حِكْمَةٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ) أَيْ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا
تَحْرُمُ أُجْرَتُهُ) أَيْ إيجَارُهُ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ
الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ
أَوَّلًا؛ لِأَنَّ طُرُوقَهُ لِلْأُنْثَى لَا مِثْلَ لَهُ يُقَابَلُ
بِأُجْرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ
فَالْمُرَادُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يُقَابَلُ
بِأُجْرَةٍ كَالْحَرْثِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ
الْمَذْكُورِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ نَفْسَهُ
مِمَّا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَمَحَلُّ
حُرْمَةِ الِاسْتِئْجَارِ حَيْثُ اسْتَأْجَرَهُ لِلضِّرَابِ قَصْدًا فَلَوْ
اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَا شَاءَ جَازَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي
الْإِنْزَاءِ تَبَعًا لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ
اسْتَأْجَرَهُ لِلْحَرْثِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي
الْإِنْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ جَارٍ فِي الثَّلَاثَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي
قَدَّرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِي الْأَوَّلَيْنِ هُوَ لَفْظُ بَدَلٌ
مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ ثَمَنٍ وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الثَّالِثِ إذْ
الْبَدَلُ فِيهِ مَذْكُورٌ، وَالْجَارِي فِي الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ
الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَخْذُ أَوْ الْعَطَاءُ، وَقَدْ قَدَّرَهُ
الشَّارِحُ الْجَلَالُ بَعْدُ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى
الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ:
أَيْ نَهْيٌ عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ
ثَمَنِ مَائِهِ: أَيْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ أَيْ
بَدَلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ هُوَ الْمُضَافُ الثَّانِي وَهُوَ رَاجِعٌ
لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا
تَقْدِيرَانِ) لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا
(3/447)
فِعْلَ الضِّرَابِ غَيْرُ مَقْدُورٍ
عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ.
وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَفَرَّقَ
الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِيجَارَ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ
عَلَيْهِ هُوَ فِعْلُ الْأَجِيرِ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ
الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ.
(وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (هُوَ) بِفَتْحِ
الْمُوَحَّدَةِ فِيهَا وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهُمَا جَمْعُ حَابِلٍ وَقِيلَ
مُفْرَدٌ، وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ (نِتَاجُ النِّتَاجِ) بِفَتْحِ
أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ،
وَعَلَيْهِ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ، وَفِي هَذَا تَجُوزُ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقِ
الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ
وَمِنْ حَيْثُ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ: أَيْ
الْمَحْبُولِ (بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ) كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ
اللُّغَةِ (أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) كَمَا فَسَّرَهُ
رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَيْ إلَى أَنْ
تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ
بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا غَيْرَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لَهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ حَرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ) وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ
الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلضِّرَابِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ
عَلَى أَنْ يُنْزِي فَحْلَهُ عَلَى أُنْثَى أَوْ إنَاثٍ صَحَّ، قَالَهُ
الْقَاضِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُبَاحٌ وَعَمَلَهُ مَضْبُوطٌ عَادَةً،
وَيَتَعَيَّنُ الْفَحْلُ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ
الْغَرَضِ بِهِ، فَإِنْ تَلِفَ: أَيْ أَوْ تَعَذَّرَ إنْزَاؤُهُ بَطَلَتْ
الْإِجَارَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لحج، وَقَالَ
سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَر وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا مَعَ
تَفْسِيرِهِ الضِّرَابَ بِالطُّرُوقِ، وَيُقَالُ لَمْ تَظْهَرْ
مُغَايَرَتُهُ لِلْإِنْزَاءِ الْمَذْكُورِ، وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ
الطُّرُوقَ فِعْلُ الْفَحْلِ، بِخِلَافِ الْإِنْزَاءِ فَإِنَّهُ فِعْلُ
صَاحِبِ الْفَحْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنْزَاءَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ
صَاحِبِ الْفَحْلِ إلَّا أَنَّ نَزَوَانَ الْفَحْلِ بِاخْتِيَارِهِ
وَصَاحِبُهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ
الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي هُوَ
الْإِنْزَاءُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ مُحَاوَلَةُ صُعُودِ الْفَحْلِ عَلَى
الْأُنْثَى عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَفِعْلُ الْفَحْلِ وَإِنْ
كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ
فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا حَصَلَ الطُّرُوقُ بِالْفِعْلِ، فَلَوْ
لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ
الْإِهْدَاءُ لِصَاحِبِ الْفَحْلِ) بَلْ لَوْ قِيلَ يُنْدَبُ لَمْ يَبْعُدْ
اهـ حَجّ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَالَ مَرَّ: وَيُسْتَحَبُّ هَذَا
الْإِعْطَاءُ اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إعْطَاءِ
الْفَحْلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ إعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ)
وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا وَجَبَ، وَكَانَ
الِامْتِنَاعُ مِنْهَا كَبِيرَةً حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي
ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الِامْتِنَاعِ حَيْثُ تَعَيَّنَ
الْفَحْلُ بَيْنَ امْتِنَاعِهِ مِنْ إعَارَتِهِ لِعَامَّةِ النَّاسِ أَوْ
بَعْضِهِمْ، وَتَجِبُ الْإِعَارَةُ مَجَّانًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ حَيْثُ لَا تَجِبُ إعَارَتُهُ مَجَّانًا وَإِنْ
تَعَيَّنَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ
غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَهُ بَدَلٌ بِأَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْبًا
بِخِلَافِ هَذَا وَبِأَنَّ الْمُصْحَفَ تُمْكِنُ إجَارَتُهُ بِخِلَافِ
الْفَحْلِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ اتِّخَاذِ الْفَحْلِ عَلَى أَهْلِ
الْبَلَدِ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِبَقَاءِ نَسْلِ دَوَابِّهِمْ عَلَى
الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ اسْتِعَارَتُهُ مِمَّا
يَقْرُبُ مِنْ بَلْدَتِهِمْ عُرْفًا.
(قَوْلُهُ: وَغَلِطَ مَنْ سَكَنَهَا) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ
وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُفْرَدِ
وَجَمْعِهِ بِالْهَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ نُتِجَتْ النَّاقَةُ إلَخْ) قَالَ
بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ نُتِجَ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ
الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَبْنِيٌّ
لِلْفَاعِلِ فَنُتِجَتْ النَّاقَةُ كَقَوْلِك: وَلَدَتْ النَّاقَةُ،
فَالنَّاقَةُ فَاعِلٌ وَنُتِجَتْ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ لَكِنَّهُ غُيِّرَ
إلَى صُورَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ اهـ. وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي
بَابِ النَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ: إنَّ لِلْعَرَبِ أَفْعَالًا الْتَزَمُوا
مَجِيئَهَا مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهَا فَاعِلًا،
وَعِبَارَةُ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّنَوَانِيِّ فِي حَوَاشِي
الْأَزْهَرِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا فَسَّرَهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ:
كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ ابْنُ عُمَرَ بِهَاءِ الضَّمِيرِ وَبِتَقْدِيمِ
الْأَلْفِ عَلَى الْوَاوِ وَهِيَ أَصْوَبُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ:
وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ، فَالْأَوَّلُ تَفْسِيرُ
أَهْلِ اللُّغَةِ، وَالثَّانِي تَفْسِيرُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ
الصَّحِيحُ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَاوِيَ النَّهْيِ قَالَ: وَكَانَ بَيْعًا
يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ
الْجُذُورَ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتِجَ الَّتِي فِي
بَطْنِهَا.
(3/448)
وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ثَمَّ انْعِدَامُ
شُرُوطِ الْبَيْعِ وَهُنَا جَهَالَةُ الْأَجَلِ.
(وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ (وَهِيَ) (مَا فِي الْبُطُونِ)
مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَ) عَنْ (الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ (وَهِيَ مَا
فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ، رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا
وَالْبَزَّارُ مُسْنَدًا وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ لِفَقْدِ
شُرُوطِ الْبَيْعِ وَإِطْلَاقُ الْمَلَاقِيحِ عَلَى مَا فِي بُطُونِ
الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ سَائِغٌ لُغَةً
أَيْضًا خِلَافًا لِلْجَوْهَرِيِّ.
(وَ) عَنْ (الْمُلَامَسَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَلْمُسَ)
بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، وَمَا اشْتَهَرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ
الْفَتْحِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ
وَلَيْسَتْ حَرْفَ حَلْقٍ (ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ
يَشْتَرِيه عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ
يَكْتَفِي بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولُ إذَا لَمَسْته فَقَدْ
بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ
مَتَى لَمَسَهُ انْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ.
(وَ) عَنْ (الْمُنَابَذَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ
يَجْعَلَا النَّبْذَ) أَيْ الطَّرْحَ (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ
الصِّيغَةِ أَوْ يَقُولَ: إذَا نَبَذْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ، أَوْ مَتَى
نَبَذْته انْقَطَعَ الْخِيَارُ، أَوْ عَلَى أَنَّك تَكْتَفِي بِنَبْذِهِ
عَنْ رُؤْيَتِهِ وَبُطْلَانُهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّيغَةِ أَوْ
الشَّرْطِ الْفَاسِدِ.
(وَ) عَنْ (بَيْعِ الْحَصَاةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك
مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ، أَوْ
يَجْعَلَا الرَّمْيَ لَهَا بَيْعًا، أَوْ بِعْتُك) عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك
فَقَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
نَصُّهَا: وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْمَبْنِيَّ لِلْمَفْعُولِ أَصْلٌ
بِرَأْسِهِ، إذْ لَنَا أَفْعَالٌ لَمْ تُبْنَ قَطُّ لِفَاعِلٍ نَحْوُ جُنَّ
وَحُمَّ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمُرَادِيِّ أَيْضًا: وَهَذَا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي
الْتَزَمَ فِيهَا حَذْفُ الْفَاعِلِ وَجَاءَتْ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ
نَحْوِ سُرَّ وَجُنَّ وَزُكِمَ، وَفِي الْمُخْتَارِ: نُتِجَتْ النَّاقَةُ
عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ تَنْتِجُ نِتَاجًا وَنَتَجَهَا أَهْلُهَا
مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ. هَذَا وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْقَامُوسِ مَا قَدْ
يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ ثَمَّ) أَيْ
فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا جَهَالَةٌ)
أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ) أَيْ مَلْقُوحٍ بِهَا فَفِيهِ حَذْفٌ
وَإِيصَالٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لَهُ
شَرْعًا، أَمَّا لُغَةً فَهُوَ جَنِينُ النَّاقَةِ خَاصَّةً كَمَا فِي
الْمَنْهَجِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. ثُمَّ تَفْسِيرُ الْمَلَاقِيحِ إنْ
شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى اُحْتِيجَ إلَى الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ
جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَنْ
الْمَضَامِينِ) قَالَ عَمِيرَةُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتْ
بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهَا ظُهُورَهَا فَكَأَنَّهَا
ضَمِنَتْهَا اهـ. وَفَسَّرَهَا الْإِسْنَوِيُّ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ
ضِرَابِ الْفَحْلِ فِي عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ مَثَلًا وَنَحْوُهُ فِي
الْقُوتِ، كَذَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى
مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَاءِ) إنْ قُلْت: حِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنْ
هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِّ فَمَا وَجْهُ ذِكْرِهِ، قُلْت:
وَجْهُهُ وُرُودُ النَّهْيِ عَلَى خُصُوصِ الصِّيغَتَيْنِ، فَلَوْ
اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مُخَالَفَةُ
الْمَتْرُوكَةِ لِلْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنًى
آخَرَ بِهِ تُفَارِقُ الْأُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَحِينَئِذٍ فَمَا
سَبَقَ لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يُفَسَّرَ بِغَيْرِهِ:
أَيْ كَضِرَابِهِ أَوْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ، وَهَذَا لَا يُغْنِي عَمَّا
سَبَقَ؛ لِأَنَّ لَهُ مَعْنًى آخَرَ يُصَاحِبُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا
فَتَأَمَّلْ اهـ. وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ الْمَعْنَى الثَّانِي
لِلْمَضَامِينِ الْمُغَايِرِ لِمَعَانِي عَسْبِ الْفَحْلِ هَذَا، وَقَالَ
الْإِسْنَوِيُّ: الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَاءَهُ مُطْلَقًا.
وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تَحْمِلُهُ الْأُنْثَى مِنْ ضِرَابِهِ فِي
عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ
فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ الْكَسْرَ فِي الْمَاضِي وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ
الْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ عَلَى
الْأَشْهَرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ إذَا نَبَذْته) قَالَ عَمِيرَةُ: تَصِحُّ
قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَبِفَتْحِهَا وَكَذَا كُلُّ صُوَرِهَا أَيْ
التَّاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَمْيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ
أَوْ الصِّيغَةِ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ بِعْتُكَهُ
صِيغَةٌ فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبُطْلَانَ فِي هَذِهِ
لِلتَّعْلِيقِ لَا لِعَدَمِ الصِّيغَةِ. وَأَجَابَ عَمِيرَةُ بِأَنَّهُ
يُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ فَلَا وَجْهَ لَهُ) هَذَا بَنَاهُ كَمَا تَرَى عَلَى أَنَّ
الْمَاضِيَ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، لَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي
نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ سَمِعَ لَمِسَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَاتَّضَحَ
وَجْهُ الْفَتْحِ فِي الْمُضَارِعِ
(3/449)
أَوْ يَجْعَلَا شِبْهُ اعْتِرَاضٍ
وَمِثْلُهُ شَائِعٌ لَا يَخْفَى (وَلَك) أَوْ لِي أَوْ لَنَا (الْخِيَارُ
إلَى رَمْيِهَا) لِنَحْوِ مَا مَرَّ فِيمَا قَبْلَهَا.
(وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
(بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ)
فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ شَاءَ فُلَانٌ
لِلْجَهَالَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِأَلْفٍ نَقْدًا وَأَلْفَيْنِ
إلَى سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ
حَالَّةً وَأَلْفَانِ مُؤَجَّلَةً لِسَنَةٍ (أَوْ بِعْتُك ذَا الْعَبْدَ)
مَثَلًا (بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي) أَوْ فُلَانَ (دَارَك بِكَذَا)
أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ كَذَا بِكَذَا لِلشَّرْطِ
الْفَاسِدِ.
(وَعَنْ بَيْعٍ كَشَرْطٍ كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَمَا مَرَّ (أَوْ)
بَيْعِ دَارٍ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ (قَرْضِ) مِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ
الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا وَاشْتِرَاطُهُ فَاسِدٌ
فَبَطَلَ مُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ فَصَارَ الْكُلُّ
مَجْهُولًا، ثُمَّ إذَا عُقِدَ الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ
الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ
اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا
(الْبَائِعُ أَوْ ثَوْبًا يَخِيطُهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ
يَخِيطَهُ كَمَا بِأَصْلِهِ وَعَدَلَ عَنْهُ لَيُبَيِّنَ عَدَمَ الْفَرْقِ
بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى صُورَةِ
الْإِخْبَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا
يَقْتَضِي أَنَّ خَلْطَهُ بِالْأَمْرِ لَا يَكُونُ شَرْطًا، وَيَظْهَرُ
حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ لَا الشَّرْطَ،
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ خِطْهُ وَتَخِيطُهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
بِعْتُكَهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ اهـ: أَيْ أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ
الصِّيغَةَ مَفْقُودَةً لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ عَدَمُ
التَّعْلِيقِ.
(قَوْلُهُ: شِبْهَ اعْتِرَاضٍ) إنَّمَا جَعَلَهُ شِبْهَ اعْتِرَاضٍ وَلَمْ
يَجْعَلْهُ اعْتِرَاضًا؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَقُولُ وَالْعَامِلُ
فِيهِ أَنَّ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدِ فِي الْحَقِيقَةِ
وَالِاعْتِرَاضُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِجُمْلَةٍ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ
الْإِعْرَابِ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا
لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَقُولُ: أَيْ أَوْ يَقُولُ بِعْتُك، وَقَدْ
يَنْظُرُ فِيهِ بِأَنَّ عَطْفَ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ،
وَقَدْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ أَوْ يَجْعَلُ إلَخْ الْمَعْطُوفُ عَلَى يَقُولُ
مُقَدَّمًا عَلَى مَا بَعْدَهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى بِعْتُك مِنْ تَأْخِيرٍ.
(قَوْلُهُ: وَعَنْ بِيعَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى
الْهَيْئَةِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَقَوْلُهُ
فِي بَيْعِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ (قَوْلُهُ: وَأَلْفَيْنِ
سَنَةً) لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت إلَخْ، فَفِي
شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ تَرَدَّدَ
فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَخُذْ إلَخْ مُبْطِلٌ
لِإِيجَابِهِ فَبَطَلَ الْقَبُولُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ اهـ
فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَلْفٍ حَالَةً)
التَّأْنِيثُ لِتَأْوِيلِ الْأَلْفِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ نَحْوِهَا
وَإِلَّا فَالْأَلْفُ مُذَكَّرٌ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ
فُلَانٌ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ فُلَانًا اهـ. وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ
إلَى أَنَّ مِثْلَ شَرْطِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي شَرْطُ بَيْعِ غَيْرِهِ
كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَنِي زَيْدٌ عَبْدَهُ
أَوْ دَارِهِ.
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ قَرْضِ) أَيْ مِثْلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا
صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) عِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ
نَصُّهَا: وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ صِحَّةِ
الرَّهْنِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ مَعَ ظَنِّ صِحَّةِ
شَرْطِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِأَنَّ فَسَادَهُ ضَعِيفٌ أَوْ أَنَّ
الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ
فِيهِ ظَنُّ الصِّحَّةِ إذْ لَا جَهَالَةَ تَمْنَعُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا
اهـ. أَقُولُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ اعْتِمَادُ أَنَّ
الرَّهْنَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
فِي الرَّهْنِ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدُ بِلَا شَرْطٍ مُفْسِدٍ صَحَّ اهـ.
وَوَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ فَشَمَلَ مَا
لَوْ عَلِمَا فَسَادَ الْأَوَّلِ وَمَا لَوْ ظَنَّا صِحَّتَهُ،
وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ
أَنَّهُ لَمْ يُضَعِّفْهُ بَلْ فَرَّقَ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبًا
وَيَخِيطُهُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْبَائِعُ يَخِيطُهُ، ثُمَّ قَالَ:
تَنْبِيهٌ: قَدَّرْت مَا مَرَّ قَبْلَ يَخِيطُهُ رَدًّا لِمَا يُقَالُ
ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ؛
لِأَنَّ الْمُضَارِعِيَّةَ الْمُثْبَتَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا وَاوُ
الْحَالِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم أَنَّ الْوَاوَ مِنْ الْمُصَنِّفِ
فَيُصَدَّقُ بِوُجُودِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَا
الشَّرْطُ) وَمِثْلُهُ الْإِطْلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ:
وَيُفَرَّقُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ
الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ، وَيَشْكُلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ
أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَتَخِيطُهُ الِاسْتِئْنَافَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ،
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الِاسْتِئْنَافِ مُنَافٍ لِلْحَالِيَّةِ
الْمُقْتَضِيَةِ لِلْبُطْلَانِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ خَطَّهُ وَتَخَيَّطَهُ) أَيْ حَيْثُ
انْصَرَفَ الثَّانِي إلَى الشَّرْطِيَّةِ وَإِنْ صُرِفَ عَنْهَا، بِخِلَافِ
الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ
(3/450)
بِشَيْءٍ مُبْتَدَأٍ غَيْرُ مُقَيِّدٍ
لِمَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَالٌ وَهِيَ مُقَيِّدَةٌ
لِمَا قَبْلَهَا فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ (فَالْأَصَحُّ
بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ عَمَلٍ فِيمَا
لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْآنَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ
تَضَمَّنَ إلْزَامَهُ بِالْعَمَلِ فِيمَا يَمْلِكُهُ كَأَنْ اشْتَرَى
ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطَهُ صَحَّ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ،
بَلْ الْأَوْجَهُ الْبُطْلَانُ هُنَا قَطْعًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
بِشَرْطِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ إذْ هُمَا مِثَالَانِ، فَبَيْعٌ بِشَرْطِ
إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ بَاطِلٌ لِذَلِكَ، سَوَاءٌ أَقَدَّمَ ذِكْرَ
الثَّمَنِ عَلَى الشَّرْطِ أَمْ أَخَّرَهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا جَرَى
الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْمَبِيعِ
وَقَعَ تَابِعًا لِمَبِيعِهِ فَاغْتُفِرَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ
الْقَائِلِ إنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ
يَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ،
وَلَوْ اشْتَرَى حَطَبًا مَثَلًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ إيصَالِهِ
مَنْزِلَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ عَرَفَ الْمَنْزِلَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ
بِشَرْطٍ، وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَمْ يُكَلَّفْ إيصَالَهُ
مَنْزِلَهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ بَلْ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى
الْعَقْدِ إنَّمَا يُبْطِلُهُ إذَا وَقَعَ فِي صُلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ
وَقَبْلَ لُزُومِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي
مَجْلِسِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَحَيْثُ صَحَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فَسْخِهِ
بِوَجْهٍ، وَمَا قُبِضَ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ بَدَلًا وَمَهْرًا
وَقِيمَةُ وَلَدٍ وَأُجْرَةُ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ إذْ هُوَ مُخَاطَبٌ
بِرَدِّهِ كُلَّ لَحْظَةٍ وَمَتَى وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يُحَدَّ
وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ وَالثَّمَنُ
مَيْتَةٌ أَوْ دَمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَمْلِكُ بِهِ أَصْلًا،
بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ نَحْوَ خَمْرٍ كَخِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّ
الشِّرَاءَ بِهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ كَانَتْ
بِكْرًا فَهُوَ مَهْرُ بِكْرٍ كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ
لِإِتْلَافِهَا، بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذْ فَاسِدُ كُلِّ
عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بِمَا ذُكِرَ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ
بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ
بُطْلَانُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: إنْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ
ثَوْبًا مَثَلًا بِعَشَرَةٍ بِشَرْطِ حَصْدِهِ وَخِيَاطَتِهِ لَهُ
بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ
لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ سَوَاءٌ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى
الْبَائِعِ أَمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ
أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ الْأَصْلَ بِالْبَائِعِ.
وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُك لِحَصْدِهِ أَوْ
لِخِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ بِأَنْ قَالَ بِعْت وَأَجَّرْت صَحَّ
الْبَيْعُ وَحْدَهُ: أَيْ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ
قَبْلَ الْمِلْكِ لِمَحَلِّ الْعَمَلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ
بِالْعَشَرَةِ فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ
الْإِجَارَةُ وَلَا تَصِحُّ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَطَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ
الْحُكْمِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا
تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ
صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنْ
قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَبِلَ أَوْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ
بِالْعَشَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ
يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْآنَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ
بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ
صَحَّ) أَيْ الْعَقْدُ وَهُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا
بِشَرْحِ الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ: أَيْ الْعَاقِدُ (قَوْلُهُ:
وَأُجْرَةُ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ) وَيَقْلَعُ غَرْسَ وَبِنَاءَ
الْمُشْتَرِي هُنَا مَجَّانًا عَلَى مَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ فَتَاوَى
الْبَغَوِيّ مُعْتَمَدٌ وَرَجَّحَهُ جَامِعُهَا، لَكِنَّ صَرِيحَ مَا
رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رُجُوعِ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِالْأَرْشِ
عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهِ هُنَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَوْلَى لِعُذْرِهِ
مَعَ شُبْهَةِ إذْنِ الْمَالِكِ ظَاهِرًا فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ اهـ
شَرْحُ حَجّ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ مَجَّانًا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ
جَاهِلًا، وَقَوْلُهُ الْآتِي بِعُذْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْجَاهِلِ
اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ
التَّغْرِيرَ مُحَقَّقٌ مِنْ الْغَاصِبِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِجَوَازِ
أَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى
وَجْهٍ يَقُولُ بِالْمِلْكِ مَعَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَا
يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ وَالثَّمَنُ إلَخْ (قَوْلُهُ:
مِمَّا لَا يُمْلَكُ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
(قَوْلُهُ: فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) أَيْ فَإِنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
حَاصِلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: حَطَبًا عَلَى دَابَّةٍ) أَيْ مَثَلًا
(3/451)
وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي
صَحِيحِ الْبَيْعِ دُونَ صَحِيحِ النِّكَاحِ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ
الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ.
وَالْأَصَحُّ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ
وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي
الْغَصْبِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مَغْصُوبَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا
أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَهْرُ ثَيِّبٍ لِوُجُودِ
الْعَقْدِ الْمُخْتَلِفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ هُنَا كَمَا فِي
النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَوْ حَذَفَ الْعَاقِدَانِ
الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ لَمْ يَنْقَلِبْ
صَحِيحًا، إذْ لَا عِبْرَةَ لِفَاسِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْحَقَا
شَرْطًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ
يَلْحَقُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ كَالْعَقْدِ.
(وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ
(كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ
بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي
مَحَالِّهَا (وَ) بِشَرْطِ (الْأَجَلِ) فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِأَوَّلِ
آيَةِ الدَّيْنِ.
وَشَرْطُ الصِّحَّةِ أَنْ يُحَدِّدَهُ بِمَعْلُومٍ لَهُمَا كَإِلَى صَفَرٍ
أَوْ رَجَبٍ لَا إلَى الْحَصَادِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ
بِتَفْضِيلِهِ الْمُطَّرِدِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ
بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ
لِلْعِلْمِ حَالَ الْعَقْدِ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى
الْجَهْلِ بِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ
يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْهُ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَجُوزُ إيجَارُ
الْأَرْضِ أَلْفَ سَنَةٍ شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، وَإِذَا صَحَّ
كَأَنْ أَجَّلَ بِمَا لَا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ وَإِنْ
بَعُدَ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَيْهِ كَمِائَتَيْ سَنَةٍ انْتَقَلَ
بِمَوْتِ الْبَائِعِ لِوَارِثِهِ وَحَلَّ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي، وَلَا
يَقْدَحُ السُّقُوطُ بِمَوْتِهِ إذْ هُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ حَالَ
الْعَقْدِ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِأَجَلٍ طَوِيلٍ
لِمَنْ يُعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا أَرْشَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ) يَقْتَضِي أَنَّ
الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْمَغْصُوبَةِ،
وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ
الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا
الْمُخْتَلَفُ فِي وَاجِبِهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ
كَالْعَقْدِ) أَيْ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْبُطْلَانِ
اللَّازِمِ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ قَالَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ
الْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ صُوَرٌ إلَخْ لَكَانَ
أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ) أَفَادَ تَقْيِيدَهُ
بِذَلِكَ فِي الْأَجَلِ دُونَ الرَّهْنِ، وَالْكَفِيلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ
فِي الْعِوَضِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الرَّهْنُ، أَوْ الْكَفِيلُ بَيْنَ
كَوْنِهِ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ
الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ بِمَعْلُومٍ
لَهُمَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ أَحَدِهِمَا وَلَا عِلْمُ غَيْرِهِمَا
كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ أَنَّهُ
يَكْفِي عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ عِلْمُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِمَا،
وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَضْيَقُ مِنْ
الْبَيْعِ فَيَكْفِي عِلْمُ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: كَإِلَى صَفَرٍ إلَخْ)
زَادَ حَجّ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى الْحَصَادِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ
التَّأْجِيلُ بِنُزُولِ سَيِّدِنَا عِيسَى؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ
وَنَحْوُهُ) أَيْ مَا لَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُ الْمُعْتَادَ وَيَعْلَمَانِهِ
(قَوْلُهُ: بِسُقُوطِ بَعْضِهِ) أَيْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: شَاذٌّ) أَيْ
لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَنْ لَا يُبْعِدَ
بَقَاءَ الدُّنْيَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ السُّقُوطُ) أَيْ
لِلْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ أَمْرٌ
غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ إلَخْ) هَذَا مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةٌ إذْ لَا شُبْهَةَ
إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ بِمِائَتَيْ سَنَةٍ مَثَلًا فِي تَيَقُّنِ
الْعَاقِدَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ السُّقُوطُ إذَا كَانَ كُلٌّ قَدْ بَلَغَ
مِائَةَ سَنَةٍ مَثَلًا لِتَيَقُّنِهِمَا أَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ
الْمِائَتَيْنِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَقَدْ
يُجَابُ بِأَنَّ ظَنَّ عَدَمِ الْحَيَاةِ هُنَا نَاشِئٌ مِنْ الْعَادَةِ
وَهِيَ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ، بِخِلَافِ عَدَمِ بَقَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ
مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ، فَالظَّنُّ فِيهَا أَقْوَى فَنَزَلَ
مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ نَظَرَ إلَيْهِ
وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ
بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْمُلَازَمَةُ فِي
قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَخْ: أَيْ وَلَوْ نَظَرَ إلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ
إنَّمَا هُمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. أَمَّا الشِّرَاءُ الْفَاسِدُ
فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَالْكَلَامُ فِيهِ فَالصَّوَابُ
إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهَذَا الْفَرْقُ لِشَرْحِ
الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا
يَخْفَى، وَيَقْتَضِي أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى
فَسَادِهِ يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ فَتَأَمَّلْ
[الصُّوَر المستثناة مِنْ النَّهْي عَنْ بَيْع وَشَرْط]
(قَوْلُهُ: انْتَقَلَ بِمَوْتِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ الْمُشْتَرِي فِيمَا
إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِمَوْتِ
الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ الْبَائِعِ
(3/452)
عَادَةً أَنَّهُ لَا يَعِيشُ بَقِيَّةَ
يَوْمِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ (وَالرَّهْنُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ
لَا سِيَّمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَشَرْطُهُ
الْعِلْمَ بِهِ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ
السَّلَمِ، ثُمَّ الْكَلَامُ هُنَا فِي وَصْفٍ لَمْ يَرِدْ عَلَى عَيْنٍ
مُعَيَّنَةٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَصْفَ لَا يَجْزِي
عَنْ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُعَيَّنٍ لَا مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ
خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَبِيعِ، فَلَوْ
شَرَطَ رَهْنَهُ إيَّاهُ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ لَا
يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ
مَنْفَعَةٍ فِي الْمَبِيعِ، فَلَوْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ
مُفْسِدٍ صَحَّ.
(وَالْكَفِيلُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ أَيْضًا، وَشَرْطُهُ الْعِلْمُ بِهِ
بِالْمُشَاهَدَةِ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهَا لَا تُعْلَمُ بِحَالِهِ؛
لِأَنَّ تَرْكَ الْبَحْثِ مَعَهَا تَقْصِيرٌ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ
عِنْوَانُ الْبَاطِنِ أَوْ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ
بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ إذْ الْأَحْرَارُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي
الذِّمَّةِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ
فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ،
وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ
فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةُ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَيْضًا فَكَمْ
مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا، فَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي
الْإِيفَاءِ وَإِنْ اتَّفَقُوا يَسَارًا وَعَدَالَةً، فَانْدَفَعَ بَحْثُ
الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَصْفَ بِهَذَيْنِ أَوْلَى مِنْ مُشَاهَدَةِ مَنْ
لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي
الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ (الْمُعَيَّنَاتُ) بِمَا ذَكَرْنَاهُ
وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَغَلَبَ غَيْرُ الْعَاقِدِ الْمَذْكُورِ؛
لِأَنَّهُ أَكْثَرُ، إذْ الْأَكْثَرُ فِي الرَّهْنِ كَوْنُهُ غَيْرَ
عَاقِلٍ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ صَوَابُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إلَخْ. وَلَنَا فِي ذَلِكَ
مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ مِنْ
الضَّرَرِ فِي الْمُتَيَقَّنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَادَةً)
قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مَوْتُهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ مَثَلًا
بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ
اعْتِبَارًا بِمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَحْوَالِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ وَهُوَ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: إمَّا
بِالْمُشَاهَدَةِ) أَيْ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ) سَيَأْتِي فِيهِ أَنَّهُ
لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ
بِالْوَصْفِ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ هُنَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ
عَلَى بَعْدُ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَضُويِقَ فِيهِ
مَا لَمْ يُضَايَقْ فِي الرَّهْنِ وَبِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ
الصِّفَاتِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُنَا لَمْ يَفُتْ إلَّا مُجَرَّدُ
التَّوَثُّقِ مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ) بَيَانٌ لِمَا
مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَرْهُونُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَهَنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ، ظَاهِرُهُ
وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ
الْعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ إجَازَةٌ (قَوْلُهُ:
بِلَا شَرْطٍ) أَيْ فِي الرَّهْنِ الْمَأْتِيِّ بِهِ كَأَنْ يَرْهَنَهُ
بِشَرْطِ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ عِنْوَانُ
الْبَاطِنِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِاسْمِهِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ
أَنَّهُمَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ الْمُسَمَّى الْمَنْسُوبَ وَإِلَّا كَانَ
مِنْ قَبِيلِ الْغَائِبِ الْمَجْهُولِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:
وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الضَّامِنِ بَيْنَ
كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا بِإِذْنِهِ وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى
قَوْلِهِ إذْ الْأَحْرَارُ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ (قَوْلُهُ:
وَعَدَالَةً) فَإِنْ قُلْت: إذَا اتَّفَقُوا فِي الْعَدَالَةِ
وَالْيَسَارِ، فَمَا مَعْنَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَفَاءِ مَعَ وُجُوبِهِ
عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ؟ قُلْت: إنَّ اخْتِلَافَهُمْ
لَيْسَ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْمَدِينِينَ
قَدْ يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْآخَرُ
لَا يُوَفِّي إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَالَتَهُ
لِعَدَمِ وُجُوبِ الْوَفَاءِ عَلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ، وَمِنْهُ أَيْضًا
أَنَّ بَعْضَ الْمَدِينِينَ إذَا طُولِبَ بِسَعْيٍ فِي الْوَفَاءِ وَلَوْ
بِبَيْعِ بَعْضِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ جِنْسُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ
وَتَحْصِيلُ جِنْسِ الدَّيْنِ مَعَ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْبَيْعِ
وَالشِّرَاءِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَلَوْ
بِمَشَقَّةٍ وَبَعْضُهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِهَذَيْنِ) أَيْ
بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ غَيْرَ عَاقِلٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا شَرْطِهِ فِي عَقْدِ
الْبَيْعِ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ إيَّاهُ
خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ
التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ
فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَصِحَّةُ ضَمَانِهِ
بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
وَأَجَابَ الشِّهَابُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِأَنَّ صِحَّةَ الْتِزَامِ
الرَّقِيقِ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رَقِيقًا لَا مِنْ حَيْثُ
كَوْنُهُ كَفِيلًا وَهُوَ بِمَعْنَى مَا أَشَرْت إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَمْ
مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا) قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ إذَا
(3/453)
الْمُعَيَّنِينَ "، وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْهَا
أَنْ يَكُونَ (لِثَمَنٍ) أَيْ عِوَضٍ (فِي الذِّمَّةِ) إذْ الْأَعْيَانُ
لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا وَلَا يَرْتَهِنُ
بِهَا وَلَا تُضْمَنُ أَصَالَةً كَمَا يَأْتِي، فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت
بِهَذَا عَلَى أَنْ أُسَلِّمَهُ وَقْتَ كَذَا، أَوْ أَرْهَنُ بِهِ كَذَا،
أَوْ يَكْفُلُنِي بِهِ زَيْدٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا
شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ، وَلَا
يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَالثَّمَنِ
الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا.
وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ
كَلَامِهِ الْآتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ سِلْعَةٍ
مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَتَضَامَنَا كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي
الْحُسَيْنِ وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى كُلِّ
ضَمَانٍ غَيْرَهُ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ، وَلَوْ قَالَ
اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ زَيْدٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ،
وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ مُؤَجَّلًا تَأَجَّلَ فِي حَقِّهِ وَكَذَا فِي
حَقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ.
نَعَمْ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ رُجُوعُ الْقَيْدِ وَهُوَ هُنَا
إلَى شَهْرٍ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ اشْتَرَيْت يُرَجِّحُهُ،
وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا فِي مَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا
يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ مِثَالٌ بَلْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى
مَا يَشْمَلُ الْمَبِيعَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
(وَالْإِشْهَادُ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا
تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ
تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثُبُوتُ
الْحَقِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَيِّ عُدُولٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَبْدًا وَهُوَ عَاقِلٌ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ
لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى
بِضَمَانِ الدَّرَكِ الْآتِي (قَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِهِ) قَدْ يُقَالُ:
لَا يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَرَضَ
الْمُعْتَرِضِ الْمُنَازَعَةُ فِي التَّعْلِيلِ بِصِحَّةِ ضَمَانِ
الْأَعْيَانِ وَإِنْ كَانَتْ آتِيَةً فِي كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ
لَوْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي عَدَمَ
صِحَّةِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ
يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ضَمَانِهَا كَوْنُهَا
بَعْدَ الْقَرْضِ أَشْبَهَتْ مَا فِي الذِّمَّةِ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ
تَجْعَلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ رَاجِعَةً إلَى قَوْلِ
الْمُصَنِّفِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَتَضَامَنَا)
زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ
وَالِدُ الشَّارِحِ وَقَالَ: اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ
خِلَافًا فِي تَصْوِيرِهِ وَاسْتَقْرَبَ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ
وَاحِدًا شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَشْرِطُ كُلٌّ مِنْ
الْبَائِعَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ
بِكَسْرِ الرَّاءِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ وَإِنْ
كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْبَائِعِ
وَالْمُشْتَرِي بَلْ بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ، وَهُمَا بِالنَّظَرِ
لِلضَّمَانِ أَجْنَبِيَّانِ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا يَصْلُحُ حَمْلُ
الْعَكْسِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ
الْعَاقِدَيْنِ لِكَوْنِهِ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ
كَوْنِهِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ فَيُحْمَلُ الْعَكْسُ عَلَى مُجَرَّدِ
التَّخَالُفِ فَقَطْ. وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي
صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ لُزُومِهِ. أَمَّا إذَا تَضَامَنَا بَعْدَ
لُزُومِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ (قَوْلُهُ: تَأَجَّلَ فِي حَقِّهِ) أَيْ
الضَّامِنِ.
(قَوْلُهُ: مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ
الْقَاعِدَةِ أَنْ يَتَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ
يَضْمَنْهُ زَيْدٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا
ضَمِنَهُ زَيْدٌ إلَخْ اهـ سم أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ قَضِيَّةُ هَذِهِ
الْقَاعِدَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَجِّحُهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: خَالَفَ
فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَجَّلُ؛
لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ فِي الْحُلُولِ
وَالتَّأْجِيلِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي حَقِّ
الضَّامِنِ اشْتِرَاطُهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ
أَنَّ زَيْدًا أَنْشَأَ بَعْدَ الْبَيْعِ ضَمَانًا مُسْتَقِلًّا إلَى
شَهْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْأَجَلِ
وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا
قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ عِوَضٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ) أَيْ وَلَا كَوْنُ
الْعِوَضِ فِي الذِّمَّةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْتَزَمَ كَوْنَهُ حَسَنَ الْإِيفَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ) أَيْ الْأَلْفَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ
اشْتَرَيْت) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ بِأَلْفٍ وَيَضْمَنُ انْتَهَتْ،
وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا فِي
مَبِيعٍ فِي الذِّمَّةِ) لَا حَاجَةَ
(3/454)
كَانُوا، وَلِهَذَا لَوْ عَيَّنَهُمْ لَمْ
يَتَعَيَّنُوا وَلَوْ امْتَنَعُوا لَمْ يَتَخَيَّرْ، وَلَا أَثَرَ
لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِتَفَاوُتِهِمْ وَجَاهَةً وَنَحْوَهَا؛
لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ قَصْدٌ وَلَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْمَالِيَّةُ
اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ،
وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ.
(فَإِنْ) (لَمْ يَرْهَنْ) الْمُشْتَرِي مَا شُرِطَ عَلَيْهِ رَهْنُهُ
وَإِنْ أَتَى بِرَهْنٍ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةً مِنْهُ
كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْأَبْدَالَ
لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَوَاتِهَا، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ مَنْ شُرِطَ
عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ
الْعَيْنَ) بِأَنْ امْتَنَعَ أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ وَإِنْ أَقَامَ لَهُ
الْمُشْتَرِي ضَامِنًا غَيْرَهُ ثِقَةً (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) إنْ
شَرَطَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ عِنْدَ فَوَاتِ
الْمَشْرُوطِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ
خِيَارُ نَقْصٍ، وَلَا يُجْبَرُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى
الْقِيَامِ بِالْمَشْرُوطِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ، وَيَتَخَيَّرُ
أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يُقْبِضْهُ الرَّهْنَ لِهَلَاكِهِ أَوْ غَيْرِهِ
كَتَخَمُّرِهِ أَوْ تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَةٍ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ظَهَرَ
عَيْبٌ قَدِيمٌ بِهِ كَوَلَدٍ لِلدَّابَّةِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهَا
وَكَظُهُورِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهُ جَانِيًا وَإِنْ عَفَا عَنْهُ مَجَّانًا
أَوْ تَابَ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ
إذْ نَقْصُ قِيمَتِهِ غَيْرُ مُنْجَبِرٍ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ
مِنْ نَحْوِ تَوْبَةٍ وَعَفْوٍ كَمَا يَأْتِي، لَا إنْ مَاتَ بِمَرَضٍ
سَابِقٍ أَوْ كَانَ عَيْنَيْنِ وَتَسَلَّمَ إحْدَاهُمَا فَمَاتَ أَوْ
تَعَيَّبَ وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْأُخْرَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُفِيدُهُ عَدَمُ تَقْيِيدِهِ فِي الْمَعْطُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ
وَالْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنُوا) قَالَ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ: فَيَجُوزُ إبْدَالُهُمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقَهُمْ فِي
الصِّفَاتِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ
إلَخْ جَوَازُ إبْدَالِهِمْ بِدُونِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:
وَنَحْوِهَا) كَاشْتِهَارِهِ بِالصَّلَاحِ (قَوْلُهُ قَصَدَهُ) أَيْ
التَّفَاوُتَ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْأَبْدَالَ) أَيْ فَلَا
يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ بَدَلِ مَا شُرِطَ رَهْنُهُ، وَلَوْ أَعْلَى
قِيمَةً، أَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْإِبْدَالِ وَأَسْقَطَ الْبَائِعُ
الْخِيَارَ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ رَهْنَ تَبَرُّعٍ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ
أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إقْبَاضِهِ أَوْ بَانَ مَعِيبًا لَمْ يَثْبُتْ
الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ) وَكَذَا لَوْ
امْتَنَعَ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ عِنْدَ الشُّهُودِ فَمَا ذَكَرَهُ
مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْكَافِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ
لَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَوَجْهُ النَّظَرِ
أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشُّهُودِ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَإِقْرَارُ
الْوَارِثِ بِشِرَاءِ مُوَرِّثِهِ وَإِشْهَادُهُ عَلَيْهِ كَإِشْهَادِ
الْمُوَرِّثِ فِي إثْبَاتِ الْحَقِّ، فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ، وَوَقَعَ
السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً بِشَرْطِ
عَدَمِ الْوَطْءِ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ
بِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ مَا
دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهَا صَحَّ أَخْذًا مِمَّا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبَ
حَرِيرٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:
أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ أَعْسَرَ عَلَى مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ
إنَّهُ الْقِيَاسُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ
الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: كَتَخَمُّرِهِ)
أَيْ فَلَوْ تَخَلَّلَ قَبْلَ فَسْخِ الْبَائِعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ:
إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ خَلَا مِنْ قِيمَتِهِ عَصِيرًا لَمْ
يَتَخَيَّرْ وَإِلَّا تَخَيَّرَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلَّقَ) أَيْ قَبْلَ
الْقَبْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ
كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ غَيْرِهِ عَطْفٌ عَلَى
هَلَاكِهِ، وَقَوْلُهُ كَتَخَمُّرٍ أَوْ تَعَلُّقٍ أَمْثِلَةٌ لَهُ،
وَقَوْلُهُ لِهَلَاكِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَقْبِضُهُ (قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ)
ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ
الْجِنَايَةِ بِهِ قَدْ يُوَرِّثُ نَقْصًا فِي قِيمَتِهِ مِنْ حَيْثُ
الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَقْبِضْهُ
(قَوْلُهُ كَوَلَدٍ لِلدَّابَّةِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ
رُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ، وَيَتَعَذَّرُ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ
بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ: لَا إنْ مَاتَ) أَيْ بَعْدَ
الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ الَّذِي تَسَلَّمَهُ
(قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَسْلِيمِ الْآخَرِ) أَيْ فَلَا
خِيَارَ؛ لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَقُلْنَا لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ
وَرَدُّ الْمَرْهُونِ وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى رَدِّهِ بِمَوْتِهِ،
وَهَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْأُخْرَى أَمْ
لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ الْإِجْبَارِ بِأَنَّ
لِلْبَائِعِ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِالْفَسْخِ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ
الْفَسْخِ عَلَيْهِ بِسُقُوطِ الْخِيَارِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ: أَيْ عِوَضٌ،
فَكَانَ الْأَوْلَى غَيْرَ هَذَا التَّعْبِيرِ
. (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَ لَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ
(3/455)
وَتَغَيَّرَ حَالُ الْكَفِيلِ بِإِعْسَارٍ
أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ تَكَفُّلِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ
تَغَيَّرَ قَبْلَهُ مُلْحَقٌ بِالرَّهْنِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ
أَنَّهُ الْقِيَاسُ.
(وَلَوْ) (بَاعَ عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا (بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) عَنْ
الْمُشْتَرِي أَوْ أَطْلَقَ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ
وَالشَّرْطِ) لِخَبَرِ بَرِيرَةَ الْمَشْهُورِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ
لِلْعِتْقِ، عَلَى أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْمُشْتَرِي فِي الدُّنْيَا
بِالْوَلَاءِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ وَلِلْبَائِعِ بِالتَّسَبُّبِ
فِيهِ وَالثَّانِي لَا يَصِحَّانِ كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ
هِبَتَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ دُونَ الشَّرْطِ كَمَا فِي
النِّكَاحِ، أَمَّا لَوْ شَرَطَ إعْتَاقَهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ
أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ
الْخَبَرُ وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا
يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشَرْطِ
إعْتَاقِ بَعْضِهِ.
نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ فَالْأَوْجَهُ كَمَا
قَالَهُ الشَّيْخُ الصِّحَّةُ، وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ
صَحَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ وَأَصْلُهَا،
وَمَحَلُّ صِحَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ
يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوَفَاءِ، فَلَوْ شَرَطَ إعْتَاقَ قَرِيبِهِ مِنْ
أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بِالرَّهْنِ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ.
(قَوْله وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا) هَلْ مِثْلُ الْبَيْعِ السَّلَمُ؟ فِيهِ
نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ
بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ وَتَأَخُّرِ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ مُنَزَّلٌ
مَنْزِلَةَ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَقِيقًا) إنَّمَا فَسَّرَ
بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَيْ قِنًّا. وَفَسَّرَ
بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ، وَعِبَارَةُ
الْمِصْبَاحِ: الْقِنُّ الرَّقِيقُ يُطْلَقُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى
الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى أَقْنَانٍ وَأَقِنَّةٍ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْقِنُّ مَنْ يُمْلَكُ هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَمَّا
مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ وَيُسْتَعْبَدُ فَهُوَ عَبْدُ مُمَلِّكِهِ. وَمَنْ
كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً وَأَبُوهُ عَرَبِيًّا فَهُوَ هَجِينٌ (قَوْلُهُ:
بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) وَمِثْلُهُ الْقَرْضُ وَالْهِبَةُ فَيَصِحُّ كُلٌّ
مِنْهُمَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ كَذَا
قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ فِيهِمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ
الْعِتْقَ هُنَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمُقْرَضِ
وَالْمَوْهُوبِ. لَا يُقَالُ: قَدْ يَكُونُ الْمُقْرَضُ وَالْمَوْهُوبُ فِي
يَدِ الْمُقْتَرِضِ وَالْمُتَّهِبِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ
فِيهِمَا عَقِبَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَبْضُ فِيهِمَا يَتَوَقَّفُ
عَلَى إذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ،
وَعَلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا
يَتِمُّ الْقَبْضُ فِيهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَصْلًا، وَقَدْ يُؤَيِّدُ
هَذَا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ إعْتَاقُ الْبَعْضِ لَمْ يَضُرَّ مَعَ أَنَّ
اعْتَاقَ غَيْرِ الْمَبِيعِ إنَّمَا حَصَلَ بِالسِّرَايَةِ مِنْ إعْتَاقِ
الْجُزْءِ الْمَبِيعِ، وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ
أَنَّهُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُسَمَّى عِتْقًا لِلْكُلِّ حَالًّا
مُنَجَّزًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْمُشْتَرِي) لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ مَا
ذُكِرَ وَلُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ كَوْنِ الْمُبْتَدِي
بِالشَّرْطِ هُوَ الْبَائِعُ وَوَافَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ عَكْسُهُ عَلَى
الْمُعْتَمَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ
فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ)
وَمِنْهُ مَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ
بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَ الشَّرِيكُ الْكُلَّ فَلَا يَصِحُّ لِاشْتِمَالِهِ
عَلَى شَرْطِ عِتْقِ غَيْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطِ إعْتَاقِ
بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ
الْمِقْدَارَ إلَخْ) فَإِنْ أَبْهَمَهُ فَلَهُ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ:
لَا فَرْقَ فِي الْبَعْضِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ
بَاعَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقٍ جَزْمًا صَحَّ الْبَيْعُ وَحَصَلَ بِهِ
الْمَقْصُودُ مِنْ عِتْقِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا
وَإِنْ قَلَّ سَرَى إلَى بَاقِيه لِكَوْنِ الْجَمِيعِ فِي مِلْكِهِ اهـ.
وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا قَالَهُ بِأَنَّ الْمُبْهَمَ لَا تَتَأَتَّى
الْمُطَابَقَةُ وَالدَّعْوَى بِهِ مِنْ الْبَائِعِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ
الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا فَامْتَنَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ
لِلْإِبْهَامِ، قِيلَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا تَتَأَتَّى السِّرَايَةُ
عِنْدَ الْإِعْتَاقِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبِيعَ أَكْثَرَهُ وَهُوَ
مُعْسِرٌ، فَإِذَا أَعْتَقَ الْبَاقِي لَا يَسْرِي، لَكِنَّ هَذَا جَارٍ
فِي الْبَعْضِ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ
صِحَّةِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهُ فِيمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ إعْتَاقَ شَيْءٍ
مِنْهُ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ بِصِحَّةِ
الشَّرْطِ نَزَلَ شَرْطُ إعْتَاقِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ شَرْطِ إعْتَاقِ
الْكُلِّ، وَهُوَ إذَا شَرَطَ إعْتَاقَ الْكُلِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ
مِنْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بَاقِيه حُرًّا أَوْ
كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ يَمْنَعُ صِحَّةَ
الْعِتْقِ كَرَهْنٍ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِلَّا فَلَا
لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِتْقِ لِكُلِّهِ حَالًّا اهـ حَجّ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ سم
عَلَى حَجّ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّارِحَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ
فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْرُوطِ عِتْقَهُ يُؤَدِّي إلَى تَخْلِيصِ
الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ وَبَيْنَ كَوْنِهِ قَاصِرًا عَلَى مَا
اشْتَرَاهُ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى
كُلَّهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/456)
لِتَعَذُّرِ وَفَائِهِ بِالشَّرْطِ
لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهَذَا هُوَ
الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَبْدَى لِلصِّحَّةِ
احْتِمَالًا وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ
بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا أَوْ بَيْعَهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ
كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْجَهُ
الْأَوَّلُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ) وَيُظْهِرُ إلْحَاقَ
وَارِثِهِ بِهِ (مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ
وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ
لِإِثَابَتِهِ عَلَى شَرْطِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْآحَادَ، وَأَمَّا قَوْلُ
الْأَذْرَعِيِّ: لِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً
لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ، يَرُدُّهُ مَا
سَيَأْتِي فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا
اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ، وَأَنَّ النَّظَرَ
فِي مِثْلِهِ لِلْحَاكِمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَوْرًا إلَّا عِنْدَ
الطَّلَبِ (أَوْ ظَنِّ فَوَاتِهِ) فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ
عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ بَلْ وَإِنْ أَسْقَطَ
هُوَ أَوْ الْقِنُّ حَقَّهُ، فَإِنْ أَصَرَّ أَعْتَقَهُ عَلَيْهِ كَمَا
يُطْلَقُ عَنْ الْمَوْلَى وَالْوَلَاءُ مَعَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَهُ
قَبْلَ عِتْقِهِ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهُ وَكَسْبُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ
قُتِلَ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا لِشِرَاءِ مِثْلِهِ كَمَا لَا
يَلْزَمُهُ عِتْقُ وَلَدِ الْحَامِلِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ لَا
نَحْوُ بَيْعٍ وَوَقْفٍ وَإِجَارَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ الصِّحَّةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ
رُبْعِهِ صَحَّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ أَوْ بَيْعِهِ) أَيْ أَوْ شَهِدَ بِبَيْعِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ:
بِشَرْطِ الْعِتْقِ) أَيْ إذَا شَهِدَ بِشِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ
فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُؤَلِّفٌ
(قَوْلُهُ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِي الثَّلَاثِ
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) قَالَ حَجّ: وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ
فِي الْكُلِّ حَيْثُ قَصَدَ شَرْطَ إنْشَاءِ الْعِتْقِ وَإِلَّا صَحَّ،
وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ
وَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ اهـ بِالْمَعْنَى. قَالَ سم عَلَيْهِ:
وَالْمَنْقُولُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا اهـ. وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ
كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ) أَيْ بَعْدَ
لُزُومِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ
الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فِي تَحْصِيلِهِ لِإِثَابَتِهِ) قَدْ يُخْرِجُ
مَسْأَلَةَ ابْتِدَاءِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُوَافَقَةُ
الْبَائِعِ كَشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ) مَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ:
وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَوْرًا) وَالْقِيَاسُ اللُّزُومُ فِيمَا لَوْ
شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي إعْتَاقَهُ فَوْرًا عَمَلًا
بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَطْؤُهَا) أَيْ وَإِنْ
حَبِلَتْ وَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:
وَكَسْبُهُ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ
فَتَأَخَّرَ عِتْقُهُ عَنْ الْمَوْتِ حَتَّى حَصَلَ مِنْهُ إكْسَابٌ
فَإِنَّهَا لَهُ لَا لِلْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُفَرَّقُ
بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَلْزَمُ مِنْ
الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، إذْ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ
رَفْعُهَا بِالِاخْتِيَارِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ يُمْكِنُ
رَفْعُهُ بِالِاخْتِيَارِ بِالتَّقَايُلِ وَفَسْخُهُ بِالْخِيَارِ
وَالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ
صَرْفُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْحُرِّيَّةِ لَهُ وَقَدْ فَاتَتْ،
بِخِلَافِ مَصْلَحَةِ الْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَةِ فَإِنَّهَا
لِلْفُقَرَاءِ فَلِذَا وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهَا بِقِيمَتِهَا إذَا
تَلِفَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَدِ الْحَامِلِ) قَالَ سم عَلَى
حَجّ: عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ شَرَطَ عِتْقَ حَامِلٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ
أَعْتَقَهَا فَفِي عِتْقِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ:
وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ
التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا
يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي الْعِتْقِ إنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ
التَّعْلِيقِ أَوْ الصِّفَةِ، وَأَنَّ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الرَّهْنِ
مَا نَصُّهُ: وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ لَا لِلْقَبْضِ
مَرْهُونٌ فَتُبَاعُ بِحَمْلِهَا وَكَذَا إنْ انْفَصَلَ اهـ. وَهَذَا
يُشْكِلُ عَلَى مَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ
نَظِيرَ دُخُولِهِ فِي الرَّهْنِ وَبَيْعِهِ مَعَهَا مُطْلَقًا دُخُولُهُ
هُنَا فِي الْمَبِيعِ وَثُبُوتُ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ لَهُ، وَأَمَّا
الْعِتْقُ فَخَارِجٌ عَنْ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ فَلَا حَاجَةَ لِفَرْقٍ
وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ بَيْعٍ) أَيْ وَلَوْ بِشَرْطِ
الْعِتْقِ أَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ]
قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِهِ) هُوَ بِالْجَرِّ وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ
الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: أَيْ شَهِدَ بِشِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا
يَصِحُّ بَعْدَ ذَلِكَ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ اهـ
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ فِي
مَسْأَلَةٍ مَا لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ شَهِدَ
بِذَلِكَ بِدُونِ شَرْطِ الْعِتْقِ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ
غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِهِ،
ثُمَّ إنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ
أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ افْتِدَاءً وَلَيْسَ بَيْعًا
حَقِيقِيًّا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِافْتِدَاءَ لَيْسَ مِنْ الْعُقُودِ
الَّتِي تَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَلْيُنْظَرْ مَعَهُ.
(3/457)
وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ
فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ
يَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ
الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا
يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي
قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ
ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا.
أَمَّا هِيَ فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ
قَوْلُهُمْ إنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجْزِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ
بِإِعْتَاقٍ، إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ طَلَبَ الْعِتْقِ
لَا أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ
إلَى الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا
لِلْبَائِعِ، فَعِتْقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَأْمُرَ
الْوَارِثَ بِإِعْتَاقِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لَهُ
مُطَالَبَتُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الْبَائِعَ (لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ
الْوَلَاءَ لَهُ أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ) أَوْ تَعْلِيقَ
عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ لَحْظَةٍ أَوْ
وَقَفَهُ وَلَوْ حَالًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ)
لِمُخَالَفَةِ الْأَوَّلِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ مِنْ أَنَّ
الْوَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَالْبَقِيَّةُ لِغَرَضِ الشَّارِعِ مِنْ
تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
عَنْ خَبَرِ «وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى
عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}
[الإسراء: 7] وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَلَوْ
بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ
الْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ
وَإِنْ كَانَ عَبْدَ عَتَاقَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ
خِلَافُ قَضِيَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَذَكَرَ أَيْضًا
أَنَّ مِثْلَ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لِمَنْ يَعْتِقُ
عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجْزِهِ) وَهَلْ
يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ شَرْطٍ أَوْ يَلْغُو مَا أَتَى بِهِ فَيَسْتَمِرُّ
عَلَى الرِّقِّ وَيُطَالِبُ بِعِتْقِهِ ثَانِيًا؟ فِيهِ نَظَرٌ،
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُ كَوْنِهِ عَنْ
الْكَفَّارَةِ بَقِيَ مُطْلَقُ الْعِتْقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ
عَنْهَا.
وَبَقِيَ مَا لَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ عَنْ
كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ،
وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِي
الْخَبَرِ [فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِشَرْطِ إعْتَاقِ يَدِهِ
مَثَلًا فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ
الْأَوَّلُ، وَنَقَلَ سم عَنْ مَرَّ عَلَى حَجّ عَدَمَ الصِّحَّةِ،
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ قَبْلَ
إعْتَاقِهِ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَمَعَ هَذَا
فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ، وَيَكُونُ شَرْطُ ذَلِكَ شَرْطًا لِإِعْتَاقِ
الْجُمْلَةِ إمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ
وَإِمَّا مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِ الْعُضْوِ
وَبِتَقْدِيرِ سُقُوطِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إعْتَاقُ
الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْتِزَامِ إعْتَاقِ الْيَدِ
(قَوْلُهُ: يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهِ إنْ
امْتَنَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عِتْقُهَا) أَيْ عَنْ الشَّرْطِ
وَمِثْلُهَا أَوْلَادُهَا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَيُعْتَقُونَ
بِمَوْتِهِ.
(قَوْلُهُ: الْوَلَاءَ لَهُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ الْوَلَاءُ
إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ
الضِّمْنِيِّ، أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي
عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَك فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو
الشَّرْطُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَتَلْزَمُهُ
الْقِيمَةُ. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ نَقْلًا عَنْ
التَّتِمَّةِ اهـ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إلَخْ أَنَّهُ
يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ مَعَ فَسَادِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ
الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ فَفِي قَوْلِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مُسَامَحَةً،
وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَغَيْرِهِ فِي الْفَسَادِ حَيْثُ
شَرْطُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، لَكِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي
أَنَّ غَيْرَ الضِّمْنِيِّ لَا يُعْتَقُ فِيهِ الْمَبِيعُ، بِخِلَافِ
الضِّمْنِيِّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ فِيهِ لِإِتْيَانِهِ فِيهِ بِصِيغَةِ
الْعِتْقِ، وَكَثِيرًا مَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى
الْعِتْقِ بِدُونِ الْبَيْعِ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ
فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ أَنَّهُ قَالَ: لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ
لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ كَانَ لُزُومُهَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ
اهـ. وَهُوَ غَيْرُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}
[الإسراء: 7] وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّرْطَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/458)
أَنْ يَقِفَهَا أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ
يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ
الشَّرْعُ.
(وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ
صَحَّ) يَعْنِي لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا أَوْجَبَهُ
الشَّارِعُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ صَحَّ عَائِدًا
عَلَى الْعَقْدِ الْمَقْرُونِ بِهَذَا الشَّرْطِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ؛
لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ
فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ
فِي الرَّوْضَةِ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ هُنَا
وَثَمَّ وَبَنَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ
الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ مَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِمَنْعِ
الْبَائِعِ مِنْهُ فَيَتَخَيَّرُ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا فَسَادِهِ،
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ فَلَا خِيَارَ بِفَقْدِهِ
خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا
وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي، إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ
الثَّانِيَ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا أَصْلًا وَالْأَوَّلُ أَفَادَ
التَّأْكِيدَ.
(أَوْ) شَرَطَ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ
بِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَسَيَأْتِي مَا
يُصَرِّحُ بِهِ (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ) أَوْ لَا يَلْبَسَ (إلَّا
كَذَا) وَلَوْ حَرِيرًا (صَحَّ) الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ، وَمَا ذَهَبَ
إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا
بِالْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ
أَلْبَتَّةَ، بِخِلَافِهِ بِالتَّحْتِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ
حِينَئِذٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مَرْدُودٌ، إذْ الصَّحِيحُ عَدَمُ
الْفَرْقِ لِانْتِفَاءِ غَرَضِ الْبَائِعِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ
فِي تَعْيِينِ غِذَاءٍ مَعَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْ
إطْعَامِهِ، وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا
كَجَمْعِهِ بَيْنَ أُدْمَيْنِ أَوْ صَلَاتِهِ لِلنَّوَافِلِ وَكَذَا
لِلْفَرْضِ أَوَّلَ وَقْتِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَبَيْعِ سَيْفٍ بِشَرْطِ
أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ، بِخِلَافِ بَيْعِ ثَوْبٍ حَرِيرٍ بِشَرْطِ
لُبْسِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ
الْمَعْصِيَةُ فِيهِ لِجَوَازِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَعْذَارٍ فَانْدَفَعَ
مَا لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ
وَكَانَ بَالِغًا، وَلَوْ بَاعَهُ إنَاءً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِيهِ
مُحَرَّمًا أَوْ سَيْفًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ أَوْ
عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ صَحَّ الْبَيْعُ
وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ.
(وَلَوْ) (شَرَطَ) الْبَائِعُ مَعَ مُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي حَبْسَ
الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَالُّ لَا
الْمُؤَجَّلُ، وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ صَحَّ؛
لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا
لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ
التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ فِي التَّسْلِيمِ
بِالْبَائِعِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ خَارِجَ الْعَقْدِ وَهَذَا أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى
صَحَّ عَائِدًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ
(قَوْلُهُ: فَلَا خِيَارَ) وَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ
لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ أَنَّ الثَّانِيَ) أَيْ
شَرْطُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ شَرْطُ
مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَرِيرًا) أَيْ حَيْثُ أَطُلِقَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي
عَنْ سم مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ
الصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ) غَرَضُهُ مِنْهُ رَدُّ مَا اعْتَرَضَ
بِهِ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ
عَلَى الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا
وَكَذَا، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ أُدْمَيْنِ لَا
يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِحَالٍ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا
كَذَا فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي
الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ زَادَ مِنْ
غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا حَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ
إدْخَالَهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ
إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَخْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِمَعْنَى لَمْ يَضُرَّ) تَوَقَّفَ فِيهِ
الشِّهَابُ سم مَعَ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا إلَى الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ)
مَبْنِيٌّ عَلَى أَخْذِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ
لِلشَّارِحِ تَخْصِيصُهُ بِالْعُرْفِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِغَرَضِ
الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ غَرَضِ
الْبَائِعِ) فِي هَذَا الْجَوَابِ تَسْلِيمُ أَنَّ غَرَضَ الْبَائِعِ
مُعْتَبَرٌ فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ، فَكَانَ حَقُّ الرَّدِّ الْمُوَافِقِ
لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ إلَّا
أَنَّهُ لِخُصُوصِ الْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
(قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ فِي خُصُوصِ هَذِهِ
الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ
وَالْفَسَادِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ)
أَيْ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الْمَأْكُولِ
(3/459)
وَإِنْ شَرَطَ (وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ
الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ) أَوْ الْأَمَةِ بَلْ يُمْكِنُ
شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا حَمْلًا لِلدَّابَّةِ عَلَى مَعْنَاهَا لُغَةً
(حَامِلًا أَوْ لَبُونًا) أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ مَعَ
الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَهُوَ
الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ؛
وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ
الْتِزَامُهُ عَلَى إنْشَاءِ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي
النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَإِنْ سُمِّيَ شَرْطًا تَجَوُّزًا فَإِنَّ
الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا، وَيَكْفِي أَنْ يُوجَدَ مِنْ
الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إلَّا إنْ شَرَطَ
الْحُسْنَ فِي شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا عُرْفًا
وَإِلَّا تَخَيَّرَ، وَلَوْ قُيِّدَ بِحَلْبِ أَوْ كِتَابَةِ شَيْءٍ
مُعَيَّنٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِنْ عَلِمَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ كَمَا
اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا يَأْتِي هُنَا بَحْثُ السُّبْكِيّ الْآتِي
فِي الْجَمْعِ فِي الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ، وَلَوْ
تَعَذَّرَ الْفَسْخُ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِهِ لِنَحْوِ حُدُوثِ عَيْبٍ
عِنْدَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي، وَلَوْ مَاتَ الْمَبِيعُ
قَبْلَ اخْتِيَارِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي فَقْدِ
الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ،
بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَيْبًا قَدِيمًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ
السَّلَامَةُ، وَلَا يُنَافِي مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ
الْحَيَوَانِ حَامِلًا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ
عَدَمُ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالرَّدِّ بِدَلِيلِ مَا
سَيَأْتِي فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ الْعَيْبِ مَعَ احْتِمَالِ
ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي مَوْتِ الرَّقِيقِ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ
وَمَا هُنَا فِي شَيْءٍ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ
الْخِبْرَةِ وَدَعْوَى أَنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ تَصْوِيرٌ مَمْنُوعَةٌ عَلَى
أَنَّ الْكِتَابَةَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ لَا يَخْفَى وَلَا كَذَلِكَ الْحَمْلُ
فَلَا قِيَاسَ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ يَتَيَقَّنُ وُجُودَ
الْحَمْلِ عِنْدَهُ بِانْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ
مُطْلَقًا أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُوطَأَ
وَطْئًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، وَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ
يَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فَيَكُونُ هُنَا
كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ الصِّحَّةِ؛
لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ
فَوْتَ الثَّمَنِ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ الْقَبْضِ. .
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ شَرَطَ) الْأَوْلَى أَوْ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ الْعَبْدِ
كَاتِبًا) .
[فَائِدَةٌ] لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَبِيعِ عَالِمًا هَلْ يَكْفِي مَا
يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ أَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَالِمًا عُرْفًا؟
فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ صِدْقِ الْعَالِمِ
عَلَى مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَدْرًا يُسَمَّى
بِهِ عَالِمًا عُرْفًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَنْطَلِقُ
عَلَيْهِ اسْمُ الْعَالِمِ فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْعُلُومُ الَّتِي
يَشْتَغِلُونَ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ
الثَّانِي، وَيُكْتَفَى بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ فِي عُرْفِ أَهْلِ
بَلَدِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ. وَبَقِيَ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ قَارِئًا
وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِأَنْ
يَكُونَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَلَوْ فِي الْمُصْحَفِ مَا
لَمْ يَشْرِطْ حِفْظَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ)
كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَثْرَةَ لَبَنِهَا لَمْ
يَصِحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ
وَيُحْمَلُ عَلَى الْكَثْرَةِ عُرْفًا كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ كَاتِبًا
كِتَابَةً حَسَنَةً فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُسْنِ الْعُرْفِيِّ،
بَلْ قَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي إلَّا إنْ شَرَطَ
الْحُسْنَ إلَخْ، قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: لَوْ شَرَطَ
كَوْنَهُ كَاتِبًا فَهَلْ يَجِبُ كَوْنُ تِلْكَ الْكِتَابَةِ عَرَبِيَّةً
أَوْ غَيْرَهَا أَوْ لَا؟ وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى
الْكِتَابَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ يُكْتَفَى بِكَوْنِهِ يُحْسِنُ
الْكِتَابَةَ بِأَيِّ قَلَمٍ كَانَ؟ أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى
الْمُتَعَارَفِ الْآتِي فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ؟ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ،
وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ وَيَكُونُ يُحْسِنُ
الْكِتَابَةَ بِأَيِّ قَلَمٍ كَانَ مَا لَمْ تَكُنْ الْأَغْرَاضُ فِي
مَحَلِّ الْعَقْدِ مُخْتَلِفَةً لِاخْتِلَافِ الْأَقْلَامِ فَيَجِبُ
التَّعْيِينُ (قَوْلُهُ: مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) وَقَضِيَّتُهُ
أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا ذَاتَ لَبَنٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَذَلِكَ
لَكِنْ مَا تَحْلِبُهُ قَلِيلٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِأَمْثَالِهَا مِنْ
جِنْسِهَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ مِثْلَ
هَذَا يُعَدُّ عَيْبًا، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ حَجّ فِي شَرْحِ
الْعُبَابِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَدْرٍ مِنْهُ: أَيْ اللَّبَنِ
يُقْصَدُ بِالشَّرْطِ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعَمَلِ
وَالزَّمَانِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بِإِمْكَانِ فِعْلِهِ عَادَةً
صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ ثَمَّ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ)
أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ اخْتِبَارِهِ) أَيْ وَلَا طَرِيقَ
إلَى إمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي
بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَمْلِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:
مُطْلَقًا) أَيْ تُوطَأُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ) أَيْ
فَلَوْ فُقِدُوا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/460)
وَيَكْتَفِي بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ
وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ (وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ أُخْلِفَ)
الشَّرْطُ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ لَوْ لَمْ نُخَيِّرْهُ، أَمَّا مَا لَا
يُقْصَدُ كَالسَّرِقَةِ فَلَا خِيَارَ بِفَوَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ
الْبَائِعِ إعْلَامٌ بِعَيْبِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي رِضًا بِهِ، وَأَمَّا
إذَا أُخْلِفَ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى كَأَنْ شَرَطَ ثُيُوبَتَهَا
فَخَرَجَتْ بِكْرًا فَلَا خِيَارَ أَصْلًا وَلَا أَثَرَ لِفَوَاتِ غَرَضِهِ
لِنَحْوِ ضَعْفِ آلَتِهِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْأَعْلَى وَضِدُّهُ
بِالْعُرْفِ لَا يُغَيِّرُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ
خَصِيًّا فَبَانَ فَحْلًا تَخَيَّرَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى الْحُرَمِ
وَمُرَادُهُمْ الْمَمْسُوحُ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ
فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ الْبَدْرِ بْنِ شُهْبَةَ فِيهِ (وَفِي قَوْلٍ
يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) إذَا شُرِطَ فِيهَا مَا ذُكِرَ؛
لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ أَعْطَوْهُ حُكْمَ الْمَعْلُومِ
عَلَى أَنَّهُ تَابِعٌ، إذْ الْقَصْدُ الْوَصْفُ بِذَلِكَ لَا إدْخَالُهُ
فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
(وَلَوْ) (قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا) أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ
حَمْلِهَا (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَلَبَنَ
ضَرْعِهَا.
وَالثَّانِي يَجُوزُ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ
يَضُرَّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الْبُطْلَانُ الصِّحَّةَ
فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْجِدَارَ وَأُسَّهُ أَوْ بِأُسِّهِ أَوْ
مَعَ أُسِّهِ بِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهُ لَفْظًا فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى
ذِكْرِهِ مَحْذُورٌ وَالْحَمْلُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لِمَا عُلِّلَ بِهِ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ الْوَصْفِ
فِي الْمَبِيعِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِفَقْدِهِمْ فَقْدُهُمْ فِي
مَحَلِّ الْعَقْدِ فَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرُ لَهُمْ لَوْ وُجِدُوا فِي
غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ مَحَلِّ الْعَقْدِ مَا دُونَ مَسَافَةِ
الْعَدْوَى؛ لِأَنَّ مَنْ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ
حُضُورِهِ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعِ
نِسْوَةٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ، أَمَّا الْبَهِيمَةُ فَقَدْ
يُقَالُ لَا يَثْبُتُ حَمْلُهَا بِالنِّسَاءِ الْخُلَّصِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا
تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا.
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: فَرْعٌ: اخْتَلَفَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِيمَنْ
اشْتَرَى حَبًّا لِلْبَذْرِ بِشَرْطِ أَنَّهُ يَنْبُتُ، وَاَلَّذِي
يَتَّجِهُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ قَبْلَ بَذْرِهِ بِعَدَمِ إنْبَاتِهِ
خَبِيرَانِ تَخَيَّرَ فِي رَدِّهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ عِلْمِ عَدَمِ
إنْبَاتِهِ بِبَذْرٍ قَلِيلٍ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِدُونِهِ،
وَلَيْسَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا فَغَرَزَ إبْرَةً فِي وَاحِدَةٍ
مِنْهَا فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً يَرُدُّ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ
يَتْلَفْ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي
أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي
فَقْدِ الشَّرْطِ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ كُلُّهُ بِأَنْ بَذَرَهُ كُلَّهُ
فَلَمْ يَنْبُتْ شَيْئًا مَعَ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ وَتَعَذَّرَ
إخْرَاجُهُ مِنْهَا أَوْ صَارَ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ
فَلَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَبًّا نَابِتًا وَحَبًّا
غَيْرَ نَابِتٍ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا لَبُونٌ
فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَبُونٌ وَحَلَفَ عَلَى
أَنَّهَا غَيْرُ لَبُونٍ لَهُ الْأَرْشُ وَالْمَبِيعُ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ
الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ
يَلْزَمُ الْبَائِعَ جَمِيعُ مَا خَسِرَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ
كَأُجْرَةِ الْبَاذِرِ وَنَحْوِ الْحِرَاثَةِ وَبَعْضِهِمْ أُجْرَةِ
الْبَاذِرِ فَقَطْ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَالْوَجْهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ
لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُجَرَّدُ شَرْطِ
الْإِنْبَاتِ تَغْرِيرًا مُوجِبًا لِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
فِي بَابِ خِيَارِ النِّكَاحِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَفْتَى فِي بَيْعِ
بَذْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَذْرُ قِثَّاءٍ فَزَرَعَهُ الْمُشْتَرِي فَأَوْرَقَ
وَلَمْ يُثْمِرْ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَيَّرُ وَإِنْ أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ
الْقِثَّاءِ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَقَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ
بِدُونِهِ: أَيْ فَلَوْ بَذَرَ قَلِيلًا مِنْهُ لِيَخْتَبِرَهُ فَلَمْ
يَنْبُتْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ قَهْرًا.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْخِيَارُ) قَالَ حَجّ فَوْرًا اهـ قَالَ سم عَلَيْهِ:
لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا حَامِلًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ
الْعَقْدِ غَيْرَ حَامِلٍ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ
يَسْقُطُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ دَرَّ اللَّبَنُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي
أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ بِجَامِعِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ؟ فِيهِ
نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ السُّقُوطُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ
عَدَمُ سُقُوطِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَمْلِ قَدْ يُنْقِصُ
الرَّغْبَةَ فِي الْحَامِلِ بِتَأْخِيرِ الْوَضْعِ فَيَفُوتُ غَرَضُ
الْمُشْتَرِي، وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَرَّاةُ فَإِنَّهُ حَيْثُ دَرَّ
اللَّبَنُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ حَصَلَ
بِهِ غَرَضُ الْمُشْتَرِي، وَقِيَاسُ مَا فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّ
الْعَبْدَ لَوْ تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ الصِّحَّةُ
لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ
مَفْهُومُهُ الضَّرَرُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ
وَيُقَالُ الْأَقْرَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا
بَعْدَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فَبِهِمَا أَوْ بِعَدَمِهِ
فِيهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ
كَوْنَ الْعَبْدِ نَصْرَانِيًّا فَتَبَيَّنَ إسْلَامُهُ فَلَهُ الْخِيَارُ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْخَصِيَّ. .
(قَوْلُهُ: بِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهُ لَفْظًا إلَخْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/461)
الْبَهِيمَةِ، كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ مِنْ
ذِكْرِهِ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَإِعْطَاؤُهُ
حُكْمَ الْمَعْلُومِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ كَوْنِهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا
وَكَالْجِدَارِ وَأُسِّهِ الْجُبَّةُ وَحَشْوُهَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ
بُطْلَانِ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ، وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ تَوْطِئَةٌ
لِقَوْلِهِ (وَلَا) بَيْعُ (الْحَامِلِ دُونَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ
إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ اسْتِئْذَانِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ
مِنْهَا، وَمَا أَوْرَدَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ
أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا
دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ
بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ ظَاهِرُ الْفَسَادِ
بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْحَامِلِ بِحُرٍّ) أَوْ رَقِيقٍ لِغَيْرِ
مَالِكِ الْأُمِّ إلْحَاقًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ بِالْحِسِّيِّ،
وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ؛ لِأَنَّ
الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا مُسْتَثْنَاةً وَالْحَمْلُ جُزْءٌ
مُتَّصِلٌ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَأَيْضًا فَالْمَنْفَعَةُ
يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا
بِخِلَافِ الْحَمْلِ.
(وَلَوْ) (بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِدُخُولٍ
وَعَدَمِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) إنْ كَانَ مَالِكُهُمَا
مُتَّحِدًا وَإِلَّا بَطَلَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي
حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَالِكِهَا أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ
قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا أُخْرَى،
وَلَوْ وَضَعَتْ ثُمَّ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي
لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي
لِانْفِصَالِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْكِتَابَةِ
وَإِنْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ
وَاحِدٌ، إذْ الْمَدَارُ فِي الِاسْتِتْبَاعِ عَلَى حَالَةِ الْبَيْعِ
وَمَا انْفَصَلَ لَا اسْتِتْبَاعَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا اتَّصَلَ
فَأُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ
مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ اسْتَثْنَاهَا فَقَدْ
وَهِمَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُسِّ طَرَفُهُ النَّابِتُ فِي
الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مَعَ أُسِّهِ الْحَامِلِ لَهُ مِنْ
الْأَرْضِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا
مِنْهُمَا مَعْلُومٌ يُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُغْتَفَرُ
عَدَمُ رُؤْيَةِ الْأُسِّ لِتَعَذُّرِ رُؤْيَتِهِ حَيْثُ بِيعَ مَعَ
الْجِدَارِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ بِالنِّسْبَةِ لِجُمْلَةِ
الْمَبِيعِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَحَشْوُهَا) أَيْ أَوْ بِحَشْوِهَا
أَوْ مَعَ حَشْوِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ
الْحَشْوِ، وَهَذَا بِخِلَافِ اللُّحُفِ وَالْفُرُشِ فَلَا بُدَّ مِنْ
رُؤْيَةِ الْبَعْضِ مِنْ الْبَاطِنِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ الْمُجَوَّزَةُ وَحَشْوُهَا فَيَصِحُّ.
(قَوْلُهُ: لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ) أَيْ كَأَنْ
أَوْصَى بِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ: بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ) وَكَانَ وَجْهُ
فَسَادِهِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ
فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ
فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَقِيقٍ) أَيْ أَوْ مُغَلَّظٍ اهـ حَجّ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ
لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ فَهُوَ كَالْحُرِّ وَاعْتَمَدَ الشِّهَابُ
الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ فِيهِ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ. أَقُولُ:
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُهُ اقْتِصَارُ الشَّارِحِ فِي الْبُطْلَانِ
عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لِغَيْرِ مَالِكِ
الْأُمِّ، وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا
لِوَالِدِهِ مِنْ الصِّحَّةِ بِمَا يَأْتِي فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ
أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ كَانَ
الْبَيْعُ فِي الْحَالِ صَحِيحًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَيَلْغُو ذِكْرُ
غَيْرِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ
مَقْصُودًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ
الْبَيْعِ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ بَعْدَ
مَوْتِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ
وَوَلَدِهَا حَتَّى يُمَيِّزَ أَوْ بَاعَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ
لِلْمُشْتَرِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ) أَيْ
لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ
الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ
فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْفَسَادِ بِأَدْنَى
تَأَمُّلٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَكَانَ وَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّ هَذَا
الْمَفْهُومَ قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ
قَالَ بِعْتُكهَا وَحَمَلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى سَمَكَةً إلَخْ) فِي شُمُولِ كَلَامِ
الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ السَّمَكَةَ الَّتِي
ابْتَلَعَتْهَا لَيْسَتْ حَمْلَهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي السَّمَكِ حَمْلٌ.
(3/462)
فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ
الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ
(وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا) أَيُّ نَوْعٍ أَوْ بَيْعٍ يُغَايِرُ
الْأَوَّلَ (لَا يَبْطُلُ) بِفَتْحٍ ثُمَّ ضَمٍّ كَمَا نُقِلَ عَنْ
ضَبْطِهِ: أَيْ بَيْعُهُ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ أَنْ
يَكُونَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ ضَبْطِهِ أَيْضًا أَيْ
يُبْطِلُهُ النَّهْيُ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَنْهِيِّ وَمِنْ ثَمَّ أَعَادَ
عَلَيْهِ ضَمِيرَ رُجُوعِهِ، وَيَصِحُّ عَلَى بَعْدِ الضَّمِّ ثُمَّ
الْفَتْحِ (لِرُجُوعِهِ) أَيْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (إلَى مَعْنًى) خَارِجٍ
عَنْ ذَاتِهِ وَلَازِمِهَا غَيْرَ أَنَّهُ (يَقْتَرِنُ بِهِ) نَظِيرُ
الْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِذَاتِهِ وَلَا
لَازِمِهَا بَلْ لِخَشْيَةِ تَفْوِيتِهَا.
(كَبَيْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(فَصْلٌ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ (قَوْلُهُ: الَّتِي
لَا يَقْتَضِي النَّهْيَ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي لَا يَقْتَضِي
النَّهْيُ فَسَادَهُ لِيَكُونَ وَصْفًا لِلْقِسْمِ الثَّانِي لَا مُطْلَقَ
الْمَنْهِيَّاتِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِمَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهُ
وَلِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ
مِنْ بَيَانِيَّةٌ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ الَّتِي إلَخْ صِفَةً لِلْقِسْمِ
وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْهِيَّاتٍ
مَخْصُوصَةٍ هِيَ بَعْضُ مُطْلَقِ الْمَنْهِيَّاتِ (قَوْلُهُ: فَسَادَهَا)
صِفَةٌ لَازِمَةٌ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ:
نَوْعٌ) أَيْ مِنْ الْبُيُوعِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٌ يُغَايِرُ) رَاجِعٌ
لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ نَوْعٌ وَقَوْلِهِ بَيْعٌ وَمَقْصُودُهُمَا وَاحِدٌ
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) قَدَّمَ الْمَحَلِّيُّ هَذَا.
وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ الْأَوَّلَ الَّذِي
سَلَكَهُ الشَّارِحُ أَحْسَنُ مِنْ الثَّانِي وَمِنْ ضَمِّ الْيَاءِ
وَفَتْحِ الطَّاءِ مِنْ حَيْثُ شُمُولِ الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ مَا لَا
يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ وَلَا بِعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِعَدَمِ
الْإِبْطَالِ كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي
الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْفَتْحُ) هُوَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا
لَكِنَّهُ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى لِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ؛
لِأَنَّهُ حَيْثُ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ كَانَ الْمَعْنَى لَا يُبْطِلُهُ
النَّهْيُ فَحُذِفَ الْفَاعِلُ وَأُقِيمَ الْمَفْعُولُ مَقَامَهُ،
وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ الْبُعْدِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ فِيهِ
ارْتِكَابَ خِلَافِ الْأَصْلِ بِلَا مُقْتَضٍ لَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ
نِدَاءِ الْجُمُعَةِ) جَعَلَهُ نَظِيرًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ هَذَا
الْقِسْمِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ، لَعَلَّهُ أَنَّهُ أَرَادَ
بِالْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا نَهْيٌ بِخُصُوصِهَا،
وَالْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ النِّدَاءُ بَيْنَ يَدِي الْخَطِيبِ،
وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ ثَمَّ وَشَرْحُهُ لِلشَّارِحِ: وَيَحْرُمُ عَلَى
ذِي الْجُمُعَةِ التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ
فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدِي الْخَطِيبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ،
وَقِيسَ بِالْبَيْعِ نَحْوُهُ مِنْ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ:
أَيْ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَشْغَلَ بِجَامِعِ التَّفْوِيتِ وَتَقْيِيدُ
الْأَذَانِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ فَانْصَرَفَ النِّدَاءُ فِي
الْآيَةِ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: تَفْوِيتُهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعِ حَاضِرٍ) فِي تَسْمِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا
يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ]
(فَصْلٌ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَيْ
بَيْعُهُ) هَذَا التَّفْسِيرُ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ مَا بِالنَّوْعِ:
أَيْ نَوْعٌ لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ: أَيْ الْبَيْعُ الْمُتَرَتِّبُ
عَلَيْهِ كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ مَثَلًا وَلَكِنْ فِيهِ تَسَمُّحٌ
بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ وَنَحْوِهِ، إذْ هَذَا
النَّوْعُ لَا يَصِحُّ إضَافَةُ بَيْعٍ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِهَا بِبَيْعٍ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا
التَّفْسِيرُ، وَالشِّهَابُ حَجّ اقْتَصَرَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ عَلَى
التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَدَّرَ لَهُ هَذَا الْمُضَافَ وَفِيهِ
التَّسَمُّحُ الَّذِي ذَكَرْته. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَصِحُّ أَنْ
تَكُونَ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى بَيْعٍ فَالْفَاعِلُ مَذْكُورٌ اهـ.
وَقَوْلُهُ فَالْفَاعِلُ مَذْكُورٌ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، أَيْ فَمَرْجِعُ
الْفَاعِلِ مَذْكُورٌ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْفَاعِلِ الْفَاعِلُ
(3/463)
حَاضِرٍ لِبَادٍ) ذَكَرَهُمَا لِلْغَالِبِ،
وَالْحَاضِرَةُ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا
زَرْعٌ وَخِصْبٌ، وَالْبَادِيَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ (بِأَنْ يَقْدَمَ
غَرِيبٌ) أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ كُلُّ جَالِبٍ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يَكُونُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّاخِلِ إلَى
وَطَنِهِ (بِمَتَاعٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (تَعُمُّ الْحَاجَةُ
إلَيْهِ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَثَلًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ
شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ بِالْبَلَدِ
لِقِلَّتِهِ أَوْ عُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ كِبَرِ
الْبَلَدِ (لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ) لَهُ (بَلَدِي)
مَثَلًا (اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ) أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي
لَك (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) مِنْ
بَيْعِهِ حَالًّا لِخَبَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا ذُكِرَ بَيْعًا تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْإِرْشَادُ
لَا الْبَيْعُ، لَكِنَّهُ سَمَّاهُ بَيْعًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ فَهُوَ
مَجَازٌ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ:
وَهُوَ) أَيْ الرِّيفُ (قَوْلُهُ: وَخِصْبٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ،
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْخِصْبُ وِزَانُ حِمْلٍ النَّمَاءُ
وَالْبَرَكَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْجَدْبِ، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَخْصَبَ
الْمَكَانُ بِالْأَلِفِ فَهُوَ مُخْصَبٌ. وَفِي لُغَةٍ خَصِبَ يَخْصَبُ
مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ خَصِيبٌ، وَأَخْصَبَ اللَّهُ الْمَوْضِعَ إذَا
أَنْبَتَ بِهِ الْعُشْبَ وَالْكَلَأَ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ
الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ (قَوْلُهُ:
وَالْمُرَادُ كُلُّ جَالِبٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ
لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ مَخْزُونٌ فَأَخْرَجَهُ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ
يَوْمِهِ فَتَعَرَّضَ لَهُ مَنْ يُفَوِّضُهُ لَهُ لِيَبِيعَهُ لَهُ
تَدْرِيجًا بِأَغْلَى حَرُمَ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْآتِيَةِ انْتَهَى
حَجّ.
وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ. قَالَ بَعْضُهُمْ:
وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ، لَكِنْ كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ
الشَّوْبَرِيُّ بِهَامِشِ حَجّ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا عَدَمُ
الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَهَا تَشَوُّفٌ لِمَا يُقْدَمُ بِهِ
بِخِلَافِ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: احْتَرَزَ بِهِ) أَيْ الْغَرِيبِ
(قَوْلُهُ: تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ تَكْثُرُ، وَقَدْ يَشْمَلُ
النَّقْدَ خِلَافًا لِقَوْلِ حَجّ إنَّ النَّقْدَ مِمَّا لَا تَعُمُّ
الْحَاجَةُ إلَيْهِ اهـ حَلَبِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِذَلِكَ
الِاخْتِصَاصَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ
فِيهَا، وَأَنَّ مِثْلَ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ، فَلَوْ أَرَادَ شَخْصٌ
أَنْ يُؤَجِّرَ مَحَلًّا حَالًا فَأَرْشَدَهُ شَخْصٌ إلَى تَأْخِيرِ
الْإِجَارَةِ لِوَقْتِ كَذَا كَزَمَنِ النِّيلِ مَثَلًا حَرُمَ ذَلِكَ
لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: حَاجَةُ أَهْلِ
الْبَلَدِ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ
طَائِفَةٌ مِنْ الْبَلَدِ لِاعْتِيَادِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ
غَيْرِهِمْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ مِثْلَهُ فِي احْتِيَاجِ عَامَّةِ
أَهْلِ الْبَلَدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ
عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّائِفَةِ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا لَمْ
يَحْتَجْ إلَيْهِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُهُ غَيْرُهُمْ
كَالْوَدَعِ، الْمَعْرُوفُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ مَثَلًا) نَبَّهَ
بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ
الْبَلَدِ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا وَسَوَاءٌ احْتَاجُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ
أَوْ دَوَابِّهِمْ حَالًا أَوْ مَآلًا.
(قَوْلُهُ: بِسِعْرِ يَوْمِهِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ، فَلَوْ قَدِمَ
لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ
لِأَبِيعَهُ لَك بِسِعْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا حَرُمَ عَلَيْهِ
ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْآتِي فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِمَا دَلَّ
عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنْ يُرِيدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ الْوَقْتِ
الْحَاضِرِ فَسَأَلَهُ تَأْخِيرَهُ عَنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا
يَتَحَقَّقُ التَّضْيِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ إنَّمَا
تَتَشَوَّفُ لِلشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ اهـ حَجّ. وَالْأَقْرَبُ
الْأَوَّلُ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَبِيعَهُ
فُلَانٌ مَعِي) أَيْ أَوْ بِنَظَرِي فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ
خِلَافُهُ اهـ حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِمَا جَرَى عَلَى
الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ قَالَ اُتْرُكْهُ لِيَبِيعَهُ لَك فُلَانٌ فَقَطْ
كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَك) أَيْ لِأَجْلِك (قَوْلُهُ:
شَيْئًا فَشَيْئًا) أَيْ فَهُوَ كَالصَّاعِدِ فِي دَرَجٍ شَيْخُنَا اهـ سم
عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَغْلَى) لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ وَلَا شَيْخُ
الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ قَيْدًا مُعْتَبَرًا أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ
الْأَوَّلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الدَّاخِلِ إلَى وَطَنِهِ)
اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ مَعَ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ
لِيَبِيعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ إلَخْ) صَرِيحُ
هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ بَيْعِ الْحَاضِرِ الْبَادِي
شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَيْعٌ بِالْفِعْلِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ
الشَّيْخِ مِنْ جَعْلِهِ مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى
السَّبَبِ نَظَرَ فِيهِ إلَى حَقِيقَةِ اللُّغَةِ
(3/464)
الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ
لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ
مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِي التَّحْرِيمِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ،
فَإِنْ الْتَمَسَهُ الْبَادِي مِنْهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً
أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ أَوْ انْتَفَى عُمُومُ
الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَصْلًا أَوْ إلَّا
نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَدْوِيُّ بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ
فَسَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ
بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ
لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى
مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ، وَلِهَذَا
اخْتَصَّ الْإِثْمُ بِالْحَضَرِيِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ
الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ، وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى
الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّهُ
إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هُنَا
مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْإِرْشَادِ إلَى
التَّأْخِيرِ فَقَطْ وَقَدْ انْقَضَتْ، لَا الْإِرْشَادُ مَعَ الْبَيْعِ
الَّذِي هُوَ الْإِيجَابُ الصَّادِرُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمَبِيعُ فَلَا
تَضْيِيقَ فِيهِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ
بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بَاشَرَهُ
غَيْرُهُ، بِخِلَافِ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ الْحَلَالِ الْمُحْرِمَ مِنْ
الْوَطْءِ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ بِنَفْسِ الْوَطْءِ وَلَوْ اسْتَشَارَهُ
الْبَدْوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ لِمَا فِيهِ
مِنْ النَّصِيحَةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ:
إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَمِيلُ إلَيْهِ.
وَثَانِيهِمَا لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْكُتُ
لَا أَنَّهُ يُخْبِرُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ.
وَلَوْ قَدِمَ الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ
يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ
فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَاخْتَارَ
الْبُخَارِيُّ الْمَنْعَ: أَيْ التَّحْرِيمَ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ
الرَّاوِي، وَتَفْسِيرُهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ
الْجَزْمَ بِالْإِثْمِ كَالْبَيْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَظْهَرُ
تَقْيِيدُهُ أَخْذًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ إلَخْ، وَذَلِكَ؛
لِأَنَّهُ إذَا سَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ بَيْعَهُ
بِسِعْرِ يَوْمِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لَمْ يَحْمِلْهُ ذَلِكَ عَلَى
مُوَافَقَتِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلتَّضْيِيقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا
سَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَغْلَى فَالزِّيَادَةُ رُبَّمَا حَمَلَتْهُ
عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّضْيِيقِ. وَكَتَبَ سم عَلَى
حَجّ قَوْلُهُ بِأَغْلَى قَضِيَّةِ الْعِلَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ
تَصْوِيرٌ وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ)
يَصِحُّ عَرَبِيَّةً قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ، لَكِنْ قَالَ
بَعْضُهُمْ: إنَّ الرِّوَايَةَ بِالْجَزْمِ وَيُوَافِقُهُ الرَّسْمُ.
(قَوْلُهُ: زَادَ مُسْلِمٌ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي غَفَلَاتِهِمْ. قَالَ
النَّوَوِيُّ: وَلَمْ تُرَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: يَرْزُقُ)
هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَمْنَعُ الْكَسْرَ فَسَادُ
الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ إنْ تَدَعُوا يَرْزُقُ اللَّهُ
إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ تَدَعُوا لَا يَرْزُقْ، وَكُلٌّ غَيْرُ
صَحِيحٍ: لِأَنَّ رِزْقَ اللَّهِ النَّاسَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى
أَمْرٍ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ، وَأَمَّا إذَا
عُلِمَتْ فَتَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَعْنَاهَا عَلَى الْجَزْمِ إنْ
تَدْعُوهُمْ يَرْزُقْهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ
مَنَعْتُمُوهُمْ جَازَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ
وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ إلَّا نَادِرًا) اُنْظُرْ
مَا مَعْنَى النُّدْرَةِ هَلْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِ النَّاسِ أَوْ
بِاعْتِبَارِ الْأَوْقَاتِ كَأَنْ تَعُمَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ
دُونَ وَقْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي،
فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ طَائِفَةٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي
أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَأَكْثَرُ أَهْلِهَا فِي غُنْيَةً عَنْهُ كَانَ
مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِسِعْرِ
يَوْمِهِ وَلَوْ عَلَى التَّدْرِيجِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُضَرَّ) بِضَمِّ
الْيَاءِ مِنْ أَضَرَّ (قَوْلُهُ: بِالْحَضَرِيِّ) أَيْ دُونَ صَاحِبِ
الْمَتَاعِ (قَوْلُهُ بِنَفْسِ الْوَطْءِ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ
أَنَّهُ لَوْ تَبَايَعَ شَافِعِيٌّ وَمَالِكِيٌّ بِالْمُعَاطَاةِ أَثِمَ
الْمَالِكِيُّ لِإِعَانَتِهِ الشَّافِعِيَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ
الْمُعَاطَاةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَهُوَ حَرَامٌ، لَكِنْ
نُقِلَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ إثْمِ الْمَالِكِيِّ فَلْيُرَاجَعْ اهـ
سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا لَا) أَيْ لَا يَجِبُ وَقَضِيَّتُهُ
الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عَمِيرَةَ حَيْثُ قَالَ
وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ: لَا يُرْشِدُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ
امْتِنَاعُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ) أَيْ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَارَهُ
الْبُخَارِيُّ فَلَعَلَّهُ بَحَثَهُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا
قَالَهُ الْبُخَارِيُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ) لَعَلَّهُ سَقَطَ
قَبْلَهُ لَفْظُ دُونَ هَذَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْمَعِيَّةُ
الْمَذْكُورَةُ لَا تُنَاسِبُ
(3/465)
مِمَّا مَرَّ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ
مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.
(وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ) جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ،
وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ وَلَوْ وَاحِدًا مَاشِيًا لِلشِّرَاءِ
مِنْهُمْ (بِأَنْ) يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ فَيُصَادِفُهُمْ فَيَشْتَرِي
مِنْهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لِلتَّلَقِّي عَلَى الْأَصَحِّ
لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
أَوْ بِأَنْ (يَتَلَقَّى طَائِفَةً) وَهِيَ تَشْمَلُ الْوَاحِدَ خِلَافًا
لِمَنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ (يَحْمِلُونَ مَتَاعًا) وَإِنْ
نَدَرَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (إلَى الْبَلَدِ) يَعْنِي إلَى الْمَحَلِّ
الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ الْمُتَلَقِّي أَوْ إلَى غَيْرِهِ (فَيَشْتَرِيه)
مِنْهُمْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ) الْبَلَدَ مَثَلًا
(وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ) فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَيَصِحُّ لِخَبَرِ
«لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ،
فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى
فِيهِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ كَاذِبًا أَوْ لَمْ يُخْبِرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَإِنْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ
لَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ لِلْبَيْعِ مِنْ
غَيْرِهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ مَرَّ اهـ سم عَلَى
مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ) بَيَانٌ لِحِكْمَةِ قَوْلِهِ
وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخْرُجَ) مِنْهُ يُعْلِمُ أَنَّ
قَوْلَهُ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ رَاجِعٌ لِلتَّلَقِّي (قَوْلُهُ يَحْمِلُونَ)
عَلَامَةُ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ
مِنْ طَائِفَةٍ الْجَمْعُ لَا الْوَاحِدُ، وَقَدْ يُقَالُ أَعَادَ
الضَّمِيرَ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولِ الطَّائِفَةِ، هَذَا وَوَقَعَ
السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ
الْعُرْبَانِ يَقْدَمُ إلَى مِصْرَ وَيُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ
الْعِلَّةِ فَيَمْنَعُهُمْ حُكَّامُ مِصْرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالشِّرَاءِ
خَوْفًا مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ
فَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ إلَيْهِمْ وَالْبَيْعُ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ
يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا الشِّرَاءُ مِنْ الْمَارِّينَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ
قُدُومِهِمْ إلَى مِصْرَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ سِعْرَ مِصْرَ
فَتَنْتَفِي الْعِلَّةُ فِيهِمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ
عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ
فِيهِمْ. إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَقْدَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ سِعْرَ
الْبَلَدِ، وَأَنَّ الْعَرَبَ إذَا أَرَادُوا الشِّرَاءَ يَأْخُذُونَ
بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلَدِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ. نَعَمْ
إنْ مَنَعَ الْحَاكِمُ مِنْ الْبَيْعِ عَلَيْهِمْ حَرُمَ لِمُخَالَفَةِ
الْحَاكِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِيه مِنْهُمْ) أَيْ وَلَوْ بِصُورَةِ اسْتِفْهَامٍ
عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قُدُومِهِمْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِيدُوا
دُخُولَ الْبَلَدِ بَلْ اجْتَازُوا بِهَا فَيَحْرُمُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ
فِي الْحَالِ جَوَازَهُمْ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ اعْتَمَدَهُ مَرَّ
قَالَ: وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ قَصَدَ بَلَدًا بِبِضَاعَةٍ فَلَقِيَ
فِي طَرِيقِهِ إلَيْهَا رَكْبًا قَاصِدِينَ الْبَلَدَ الَّتِي خَرَجَ
مِنْهَا لِلْبَيْعِ فِيهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ) مِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ
شِرَاءُ بَعْضِ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ قَبْلَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ
حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ تَعْبِيرَ غَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ
الْجَالِبِ بَلْ يَشْمَلُ شِرَاءَ بَعْضِ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ اهـ.
أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ
يَكُنْ بَعِيدًا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ
مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالسِّعْرِ السِّعْرُ
الْغَالِبُ فِي الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ لِلْمُسَافِرِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ
السِّعْرُ فِي أَسْوَاقِ الْبَلَدِ الْمَقْصُودَةِ (قَوْلُهُ: فَيَعْصِي
بِالشِّرَاءِ) أَفْهَمَ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيبُوهُ لِلْبَيْعِ لَا
يَعْصِي وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) التَّعْلِيلُ بِهِ
يَقْتَضِي حُرْمَةَ الشِّرَاءِ وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْحُرْمَةَ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ» ) لَا وَجْهَ لِذِكْرِ
هَذَا هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الْخَبَرِ الَّذِي سَاقَهُ
بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ
وَإِلَّا فَمَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ تَلَقٍّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ
غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ عَقِبَ هَذَا
نَظَرًا لِمَا يُخَصِّصُهَا لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ لَهَا عَلَى بَعْضِ
مَاصَدَقَاتِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْمِلُونَ مَتَاعًا اهـ: أَيْ فَفِيهِ
شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ حَيْثُ أَرَادَ بِلَفْظِ الطَّائِفَةِ مَعْنًى هُوَ
الْمَعْنَى الشَّامِلُ لِلْوَاحِدِ، ثُمَّ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا
بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْغَيْرِ الشَّامِلِ لِلْوَاحِدِ فَانْدَفَعَ
قَوْلُ الشِّهَابِ سم قَوْلُهُ نَظَرًا لِمَا لَا يُخَصِّصُهَا إلَخْ فِيهِ
مَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ جَمْعَ ضَمِيرِ الطَّائِفَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ
عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْجَمَاعَةَ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ
الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ إلَّا هَذَا
فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
(3/466)
عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ
عَدَمَ الْإِثْمِ وَانْتِفَاءَ الْخِيَارِ بِتَلَقِّيهمْ فِي الْبَلَدِ
قَبْلَ الدُّخُولِ لِلسُّوقِ وَإِنْ غَبَنَهُمْ وَقَدْ صَرَّحُوا
بِالثَّانِي، وَيُقَاسُ بِهِ الْأَوَّلُ، وَوَجْهُ تَقْصِيرِهِمْ
حِينَئِذٍ، وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ
الْحُرْمَةِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ
مَعْرِفَةِ السِّعْرِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ، وَلَا خِيَارَ أَيْضًا
فِيمَا لَوْ عَرَفُوا سِعْرَ الْبَلَدِ الْمَقْصُودِ وَلَوْ بِخَبَرِهِ إنْ
صَدَّقُوهُ فِيهِ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ بِهِ أَوْ بِدُونِهِ وَلَوْ قَبْلَ
قُدُومِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْغَبْنِ، وَلَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ
بِطَلَبِهِمْ وَلَوْ غَبَنَهُمْ، وَفِيمَا لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا السِّعْرَ
وَلَكِنْ اشْتَرَى بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ لَا خِيَارَ لِانْتِفَاءِ
الْمَعْنَى السَّابِقِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْإِثْمِ
وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا تَغْرِيرَ (وَلَهُمْ الْخِيَارُ) فَوْرًا (إذَا
عَرَفُوا الْغَبْنَ) وَلَوْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ،
وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى
مَا بَاعُوا بِهِ، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا
عَدَمُهُ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَإِنْ قِيلَ بِالْفَرْقِ
بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ ثُبُوتَهُ لَهُمْ غَيْرُ
مُتَوَقِّفٍ عَلَى وُصُولِهِمْ الْبَلَدَ وَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ
الرَّوْضَةِ مِنْ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ جَرَى
عَلَى الْغَالِبِ، وَلَوْ تَلَقَّاهُمْ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ كَانَ
كَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا
لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِالْخِيَارِ
أَوْ كَوْنَهُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ صُدِّقَ
وَعُذِرَ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى
الْغَبْنِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ فَكَعِلْمِهِ بِالْغَبْنِ فَيَبْطُلُ
خِيَارُهُ بِتَأْخِيرِ الْفَسْخِ.
(وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا لِخَبَرِ «لَا
يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى
النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ، وَذِكْرُ الرَّجُلِ وَالْأَخِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ بِسِعْرِ الْبَلَدِ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ لِلسُّوقِ) أَيْ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ
مَعْرِفَةِ السِّعْرِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِالثَّانِي وَهُوَ مَا لَوْ
غَبِنَهُمْ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا لَوْ لَمْ يَغْبِنْهُمْ، وَهُمَا
مُسْتَفَادَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ غَبَنَهُمْ فَإِنَّ تَقْدِيرَهُ
سَوَاءٌ لَمْ يَغْبِنْهُمْ أَوْ غَبَنَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ
بِالثَّانِي قَوْلُ انْتِفَاءِ الْخِيَارِ وَالْأَوَّلُ عَدَمُ الْإِثْمِ،
وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ تَقْصِيرُهُمْ) قَضِيَّتُهُ
أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ مَعْرِفَةِ
السِّعْرِ حَرُمَ وَثَبَتَ الْخِيَارُ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ وَالِدُ
الشَّارِحِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَبْلَ
قُدُومِهِمْ الْبَلَدَ، لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ
مَرَّ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ مَرَّاتُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ
الْخِيَارِ، وَقَدْ يُوَافِقُهُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ
الْمُنْذِرِ الْآتِي حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْخِيَارَ اهـ.
وَالْأَقْرَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ فَأَشْبَهَ مَا
لَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ)
أَيْ عَدَمُ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قِيلَ) مِمَّنْ قَالَ بِهِ شَيْخُ
الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ)
حَيْثُ ذَكَرَ فِيهِ فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ
(قَوْلُهُ: كَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ) أَقُولُ: لَعَلَّهُ شَرَطَهُ أَنْ
يَبِيعَهُمْ بِأَزْيَدَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ عَلَى قِيَاسِ أَنَّهُ
يُشْتَرَطُ فِي حُرْمَةِ التَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ
بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَزْيَدَ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ مَلَاقِي
الْحُجَّاجِ بِالنُّزُولِ فِيهَا كَالْعَقَبَةِ مَثَلًا تُعَدُّ بَلَدًا
لِلْقَادِمِينَ فَتَحْرُمُ مُجَاوَزَتُهَا وَتَلَقِّي الْحُجَّاجِ
لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ لِمَا
اُعْتِيدَ النُّزُولُ فِيهِ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا
عُلِمَ مِمَّا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَطْلُبْ الْقَادِمُ الشِّرَاءَ مِنْ
أَصْحَابِ الْبِضَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالسَّوْمِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَبَيْعِ
حَاضِرٍ إلَخْ وَسَمَّاهُ بَيْعًا لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لَهُ (قَوْلُهُ:
وَلَوْ ذِمِّيًّا) مِثْلُهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَخَرَجَ بِهِ
الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُهُمَا الزَّانِي
الْمُحْصَنُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ
أَمْرِ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ
لَهُمَا احْتِرَامًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ خَبَرٌ) أَيْ فَلَا
يُقَالُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ خَبَرٌ
ظَاهِرُهُ مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ،
لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَعْرِفَتُهُمْ
بِالسِّعْرِ قَوْلَهُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ تَلَقِّيهمْ الْبَيْعَ
مَعَ إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُمْ إذَا أَتَوْا السُّوقَ اهـ. وَمُرَادُهُ
بِذَلِكَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ»
زَادَ مُسْلِمٌ «فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ»
(3/467)
لِلْغَالِبِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلْعَطْفِ
وَالرَّأْفَةِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا فِي
ذَلِكَ (وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ)
بِتَصْرِيحِهِمَا بِالتَّوَافُقِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ
أَنْقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَقَعْ عَقْدٌ كَقَوْلِهِ لِمُرِيدِ
شِرَاءِ شَيْءٍ بِكَذَا لَا تَأْخُذْهُ وَأَنَا أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهُ
بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ، أَوْ
يَقُولُ لِمَالِكِهِ اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ أَوْ
يُعْرِضُ عَلَى مُرِيدِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ مِثْلَ
السِّلْعَةِ بِأَنْقَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ،
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا فِي عَرْضِ عَيْنٍ تُغْنِي عَنْ
الْمَبِيعِ عَادَةً لِمُشَابَهَتِهَا لَهُ فِي الْغَرَضِ الْمَقْصُودَةِ
لِأَجْلِهِ وَأَنَّهُ لَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ
رَدِّهَا لَا حُرْمَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ
يُطَافُ بِهِ رَغْبَةً فِي الزِّيَادَةِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ، لَا
بِقَصْدِ إضْرَارِ أَحَدٍ لَكِنْ يُكْرَهُ فِيمَا لَوْ عَرَّضَ لَهُ
بِالْإِجَابَةِ.
(وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ الْبَيْعِ
بِأَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ لِتَمَكُّنِهِ
مِنْ الْفَسْخِ أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَإِنْ
تَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَالَةِ بِتَخْوِيفٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ
خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ.
نَعَمْ لَوْ اطَّلَعَ بَعْدَ اللُّزُومِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يَكُنْ
التَّأْخِيرُ مُضِرًّا كَأَنْ كَانَ فِي لَيْلٍ فَالْمُتَّجِهُ كَمَا
قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ التَّحْرِيمُ لِمَا ذُكِرَ (بِأَنْ يَأْمُرَ
الْمُشْتَرِيَ) وَإِنْ كَانَ مَغْبُونًا، وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ
تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ
مِثْلَهُ) أَوْ خَيْرًا مِنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
السَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ يَقَعُ مِنْ النَّاسِ كَثِيرًا وَعَلَيْهِ
فَيَلْزَمُ الْخَلْفُ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ
أَخِيهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي
الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا بِأَسْوَاقِ مِصْرَ مِنْ أَنَّ مُرِيدَ
الْبَيْعِ يَدْفَعُ مَتَاعَهُ لِلدَّلَّالِ فَيَطُوفُ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ
إلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ اسْتَقَرَّ سِعْرُ مَتَاعِك عَلَى كَذَا فَيَأْذَنُ
لَهُ فِي الْبَيْعِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ
شِرَاؤُهُ بِذَلِكَ السِّعْرِ أَوْ بِأَزْيَدَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ
يَتَحَقَّقْ قَصْدُ الضَّرَرِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ، بَلْ
لَا يَبْعُدُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَإِنْ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ
لَيْسَ تَصْرِيحًا بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى الْبَيْعِ لِعَدَمِ
الْمُخَاطَبَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَالْوَاسِطَةُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ:
وَلَمْ يَقَعْ عَقْدٌ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ
الْعَقْدِ لَا يَكُونُ مِنْ السَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ (قَوْلُهُ:
لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ) مِثْلُهُ كُلُّ مَا يُحْمَلُ عَلَى
الِاسْتِرْدَادِ كَنَقْدٍ آخَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا
يَأْتِي، وَعَلَيْهِ فَالْإِشَارَةُ هُنَا وَلَوْ مِنْ النَّاطِقِ
كَاللَّفْظِ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إشَارَةَ
النَّاطِقِ لَغْوٌ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ
بِالْعَقْدِ أَوْ الْحَلِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِهَا بَيْعٌ
وَلَا شِرَاءٌ وَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَمَا هُنَا لَيْسَ
مِنْ ذَلِكَ، قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَلَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى صَحَّ اهـ.
وَظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ مَعَ الْحُرْمَةِ وَيُوَجَّهُ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ
فِيهِ وَهِيَ الْإِيذَاءُ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ تَحْرِيمَ
الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ انْتَفَى ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِقْرَارُ
(قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُرِيدُ
الشِّرَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا
مِنْ النَّجْشِ الْآتِي، بَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الشِّرَاءَ
أَخْذُ الْمَتَاعِ الَّذِي يُطَافُ بِهِ لِمُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ
عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ إنَّمَا يَأْذَنُ عَادَةً فِي تَقْلِيبِهِ
لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ حَتَّى
لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ
غَاصِبٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ
كَثِيرًا (قَوْلُهُ لَا بِقَصْدِ إضْرَارِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ
عَلَى نِيَّةِ أَخْذِهَا لَا لِغَرَضٍ بَلْ لِإِضْرَارِ غَيْرِهِ حَرُمَ
فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِ بَيْعُ
الطَّالِبِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ أَمَّا لَوْ زَادَ عَلَى نِيَّةِ
الْأَخْذِ بَلْ لِمُجَرَّدِ إضْرَارِ الْغَيْرِ فَهُوَ مِنْ النَّجْشِ
الْآتِي.
(قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ
الْإِجَارَةُ بَعْدَ عَقْدِهَا فَلَا حُرْمَةَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ
فِيهَا وَلَوْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا
الْعَارِيَّةُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ طَلَبِهَا مِنْ الْمُعِيرِ
سَوَاءٌ بَعْدَ عَقْدِهَا أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَا
يَحْمِلُ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا
عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهَا قَبْلَهُ إلَّا مُجَرَّدُ السُّؤَالِ وَقَدْ
لَا يُجِيبُهُ إلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ
الْمُسْتَعِيرَ الثَّانِي يَرُدُّ مَعَ الْعَارِيَّةِ شَيْئًا هَدِيَّةً
أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ مَوَدَّةٌ مَثَلًا تَحْمِلُهُ
عَلَى الرُّجُوعِ احْتَمَلَ الْحُرْمَةَ (قَوْلُهُ وَالنَّصِيحَةُ
الْوَاجِبَةُ إلَخْ) وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/468)
بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ
يُعْرِضُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بَلْ قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ: يَحْرُمُ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي
بِأَكْثَرَ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ قَبْلَ اللُّزُومِ: أَيْ لِأَدَائِهِ إلَى
الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ.
(وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ) قَبْلَ
اللُّزُومِ (بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ) بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ
لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ
بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي
مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا
الْإِيذَاءُ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَأْذَنْ مَنْ يَلْحَقُهُ
الضَّرَرُ، فَإِنْ أَذِنَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي
حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَلَغَ قِيمَتَهُ أَوْ
نَقَصَ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ.
نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ
مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَمَوْضِعُ الْجَوَازِ مَعَ الْإِذْنِ
إذَا دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الرِّضَا بَاطِنًا، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى
عَدَمِهِ وَإِنَّمَا أَذِنَ ضَجَرًا وَحَنَقًا فَلَا، قَالَهُ
الْأَذْرَعِيُّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ
اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الشِّرَاءِ لِلتَّحْرِيمِ
لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ خِلَافًا لِابْنِ النَّقِيبِ فِي
اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي
كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَصْوِيرٌ.
(وَالنَّجْشُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِسِلْعَةٍ مُعْرَضَةٍ
لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
«دَعُوا النَّاسَ» لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ
الْحَاضِرِ لِلْبَادِي دُونَ هَذَا (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ
أَقَلَّ) إنْ كَانَ نَشْرًا غَيْرَ مُرَتَّبٍ فَوَاضِحٌ، وَكَذَا إنْ
رَجَعَ الثَّانِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ أَقَلُّ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ
مُخَالِفٌ لِعِبَارَتِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ
إذَا قَالَ لَهُ افْسَخْ لِأَبِيعَك مِثْلَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ يَحْرُمُ،
وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ
كَتَخَلُّصِهِ مِنْ يَمِينٍ أَوْ لِرِفْقٍ بِهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ
مَثَلًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى
الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ عَدَمِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ
قَالَ بِأَكْثَرَ لَا يَحْرُمُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمَدَارُ
عَلَى مَا يَحْمِلُ عَلَى الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْرِضُهُ عَلَيْهِ)
مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْرَجَ مَتَاعًا مِنْ جِنْسِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ
وَقَلَّبَهُ عَلَى وَجْهٍ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا خَيْرٌ
مِمَّا يُرِيدُ شِرَاءَهُ. .
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) أَيْ يَخْتَارَ لُزُومَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ:
أَوْ يَذَرَ) أَيْ يَتْرُكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ إلَخْ) عِبَارَةُ
شَرْحِ الرَّوْضِ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَوَّلِ
وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي. هَذَا إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا، فَإِنْ
كَانَ وَالِيًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ
بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ. ذَكَرَهُ
الْأَذْرَعِيُّ اهـ الْمَقْصُودُ نَقَلَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ
جَازَ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَكِنَّهُ عَقَدَ عَلَى مُقْتَضَى
الزِّيَادَةِ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَضِيَّتُهُ
الْإِثْمُ بِالْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ
ظَنَّ أَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ يَتْرُكُهَا لِلْأَوَّلِ إذَا لَمْ
يَشْتَرِهَا مَنْ دَفَعَ لَهُ الزِّيَادَةَ، فَلَوْ عَلِمَ مِنْ حَالِ
الْمَالِكِ أَنَّهُ لَا يَسْمَحُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا وَقَعَ
الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ الْعَقْدِ؛
لِأَنَّهُ وَإِنْ تَرَكَهُ لَا يَصِلُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا
تَوَافَقَا عَلَيْهِ.
[فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ فَتْحُ بَابِ السِّلَعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ،
وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لِلْعَارِفِ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ
أَنْ يُنْقِصَ شَيْئًا عَنْ قِيمَتِهَا لِتَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ
(قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْهَا) وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ لِيَتِيمٍ أَوْ
غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَحْذُورَ فِيهِ) بَلْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ
وُجُوبُهُ وَإِنْ نَشَأَ الْغَبْنُ مِنْ مُجَرَّدِ تَقْصِيرِ الْمَغْبُونِ
لِعَدَمِ بَحْثِهِ، وَيُوَافِقُهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَوْلُهُ
السَّابِقُ وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ إلَخْ
لَكِنْ قَالَ حَجّ: نَعَمْ تَعْرِيفُ الْمَغْبُونِ بِغَبْنِهِ لَا
مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَيَظْهَرُ
أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَبْنٍ نَشَأَ عَنْ غِشٍّ لِإِثْمِهِ حِينَئِذٍ فَلَمْ
يُبَالِ بِإِضْرَارِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَشَأَ لَا عَنْ تَقْصِيرٍ؛
لِأَنَّ الْفَسْخَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ
اهـ. وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ
اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ وَحَنَقًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ
(قَوْلُهُ: لِلتَّحْرِيمِ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتِرَاطٍ: أَيْ لَا يُشْتَرَطُ
لِلتَّحْرِيمِ تَحَقُّقُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا
قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّجْشُ) فِعْلُهُ نَجَشَ كَنَصَرَ مُخْتَارٌ، وَفِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ: وَأَمَّا النَّجْشُ فَبِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ
جِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَأَصْلُ النَّجْشِ
الِاسْتِثَارَةُ، وَمِنْهُ نَجَشْتُ الصَّيْدَ أَنْجُشُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ
إذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/469)
فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ)
مِثَالٌ لَا قَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَنَفَعَ الْبَائِعَ وَلَمْ
يَقْصِدْ خَدِيعَةَ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ
بَيْنَ بُلُوغِ السِّلْعَةِ قِيمَتَهَا أَوْ لَا وَكَوْنِهَا لِيَتِيمٍ
أَوْ غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي
الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ ارْتَضَاهُ الشَّارِحُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ
الْمُشْتَرِي إيذَاءٌ وَلِعُمُومِ النَّهْيِ، وَالْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُ
الْإِثْمِ بِالْعَالِمِ بِالْحُرْمَةِ فِي هَذَا كَبَقِيَّةِ الْمَنَاهِي
سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ: مَنْ نَجَشَ فَهُوَ
عَاصٍ بِالنَّجْشِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي نُسْخَةٍ لِلرَّوْضِ لَمْ يَشْرَحْ
عَلَيْهَا شَارِحُهُ: وَالتَّحْرِيمُ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي شَرْطُهُ
الْعِلْمُ حَتَّى النَّجْشُ، وَيُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَا
أَثَرَ لِلْجَهْلِ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ
بِخُصُوصِ تَحْرِيمِ النَّجْشِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ أَشَارَ السُّبْكِيُّ
إلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُرْمَةَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ عِنْدَ
اللَّهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الظَّاهِرِ لِلْقُضَاةِ، فَمَا
اشْتَهَرَ تَحْرِيمُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اعْتِرَافِ مُتَعَاطِيه
بِالْعِلْمِ، بِخِلَافِ الْخَفِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إثْمَ
عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ،
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَمَدْحُ السِّلْعَةِ لِيُرَغِّبَ
فِيهَا بِالْكَذِبِ كَالنَّجْشِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ (وَالْأَصَحُّ
أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ مُرَاجَعَةِ
أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَتَأَمَّلْهُ.
وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ لِلتَّدْلِيسِ كَالتَّصْيِرَةِ، وَمَحَلُّ
الْخِلَافِ عِنْدَ مُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لِلنَّاجِشِ وَإِلَّا فَلَا
خِيَارَ جَزْمًا وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ:
أَعْطَيْت فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ وَكَذَا لَوْ
أَخْبَرَهُ بِأَنَّ هَذَا عَقِيقٌ أَوْ فَيْرُوزَجُ بِمُوَاطَأَةٍ
فَاشْتَرَاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ وَيُفَارِقُ التَّصْرِيَةَ بِأَنَّهَا
تَغْرِيرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
اسْتَثَرْته. سُمِّيَ النَّاجِشُ فِي الْبَيْعِ نَاجِشًا؛ لِأَنَّهُ
يُثِيرُ الرَّغْبَةَ فِيهَا: أَيْ السِّلْعَةِ وَيَرْفَعُ الثَّمَنَ. قَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَأَصْلُ النَّجْشِ الْخَتْلُ وَهُوَ الْخِدَاعُ،
وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّائِدِ نَاجِشٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتُلُ الصَّيْدَ
وَيَحْتَالُ لَهُ، وَكُلُّ مَنْ اسْتَثَارَ شَيْئًا فَهُوَ نَاجِشٌ،
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: النَّجْشُ أَصْلُهُ
الْإِطْرَاءُ وَالْمَدْحُ، وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ «لَا يَمْدَحُ
أَحَدُكُمْ السِّلْعَةَ وَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا بِلَا رَغْبَةٍ» ،
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالنَّجْشُ) فِعْلُهُ نَجَشَ كَضَرَبَ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ) أَيْ كَالْإِيذَاءِ أَمْ
خُصُوصٍ كَالنَّهْيِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ عَيْنًا (قَوْلُهُ: فِي
اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ) اسْمُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا
قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ أَمْ
خُصُوصٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى النَّجْشُ إلَخْ) بِالرَّفْعِ: أَيْ حُكْمُهُ
كَذَلِكَ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى جَمِيعِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ) أَيْ فِي دَفْعِ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) أَيْ بَلْ مَتَى قَصَّرَ فِي
التَّعَلُّمِ حَرُمَ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْرُمُ التَّقْصِيرُ فِي
عَدَمِ التَّعَلُّمِ دُونَ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَنَحْوِهِ
حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ حُرْمَتَهُ، إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ فِي
أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ حُرْمَةِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ مِنْ
الْجَاهِلِ الْمُقَصِّرِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: لِيُرَغِّبَ فِيهَا
بِالْكَذِبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي الْوَصْفِ لَمْ
يَكُنْ مِثْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدْحَ بِمُجَرَّدِهِ لَا
يَحْمِلُ الْمَالِكَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دَفَعَ
فِيهَا أَوَّلًا، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا عَلِمَ
بِهَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ مِنْ الْبَيْعِ بِمَا دُفِعَ لَهُ
أَوَّلًا (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَعْطَيْت) وَمِثْلُهُ
الْإِخْبَارُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ كَاذِبًا حَيْثُ لَمْ يَبِعْ
مُرَابَحَةً. أَمَّا إذَا بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَثَبَتَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ
يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: فَبَانَ خِلَافُهُ)
وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ،
أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَقِيقَ أَوْ الْفَيْرُوزَجَ فَبَانَ
خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّى جِنْسًا
فَبَانَ خِلَافُهُ فَسَدَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى نَوْعًا وَتَبَيَّنَ
مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ اعْتِرَاضًا عَلَى حَجّ فِي
قَوْلِهِ لَوْ اشْتَرَى بَذْرَ قِثَّاءٍ فَأَوْرَقَ غَيْرَهُ مِنْ أَنَّهُ
يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ نَصُّهَا: قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ،
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ سَوَاءٌ
أَكَانَ ذَلِكَ بِعُمُومٍ أَمْ خُصُوصٍ إذْ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ
بِالْعَالِمِ: أَيْ فَمَنْ هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ
لَمْ يَعْلَمْ الْحُرْمَةَ مِنْ خُصُوصِ كَوْنِهِ نَجْشًا فَهُوَ
يَعْلَمُهَا مِنْ عُمُومِ كَوْنِهِ إيذَاءً
(3/470)
فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَهَذَا خَارِجٌ
عَنْهُ.
(وَبَيْعُ) نَحْوِ (الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ) وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
(لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ أَيْ لِمَنْ يُظَنُّ مِنْهُ عَصْرُهُ
خَمْرًا أَوْ مُسْكِرًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ رَبْطُ الْحُرْمَةِ الَّتِي
أَفَادَهَا الْعَطْفُ بِوَصْفِ عَصْرِهِ لِلْخَمْرِ فَلَا اعْتِرَاضَ
عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَاخْتِصَاصُ الْخَمْرِ بِمَا عُصِرَ
مِنْ الْعِنَبِ غَيْرُ مُنَافٍ لِعِبَارَتِهِ هَذِهِ خِلَافًا لِمَنْ
زَعَمَهُ أَيْضًا إذْ عَصْرُهُ لِلْخَمْرِ قَرِينَةٌ عَلَى عَصْرِهِ
لِلنَّبِيذِ الصَّادِقِ بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الرُّطَبِ فَذِكْرُهُ فِيهِ
لِلْقَرِينَةِ لَا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ
يَسُمَّاهُ مَجَازًا شَائِعًا أَوْ تَغْلِيبًا وَدَلِيلُ ذَلِكَ لَعْنُهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا
وَمُعْتَصِرَهَا الْحَدِيثُ الدَّالُّ عَلَى حُرْمَةِ كُلِّ تَسَبُّبٍ فِي
مَعْصِيَةٍ وَإِعَانَةٍ عَلَيْهَا وَمَنْ نَسَبَ لِلْأَكْثَرَيْنِ الْحِلَّ
هُنَا أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي عَصْرِهِ
لَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ، كَبَيْعِ
أَمْرَدَ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ وَأَمَةٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا
لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ وَخَشَبٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ آلَةَ لَهْوٍ وَثَوْبٍ
حَرِيرٍ لِلُبْسِ رَجُلٍ بِلَا نَحْوِ ضَرُورَةٍ وَسِلَاحٍ مِنْ نَحْوِ
بَاغٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إطْعَامُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ
كَافِرًا مُكَلَّفًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَكَذَا بَيْعُهُ طَعَامًا
عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ نَهَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ
الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ
تَسَبُّبٌ فِي الْمَعْصِيَةِ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى
تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ،
وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَإِذْنِهِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ
أَنَّهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي
تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَبَانَ كَتَّانًا بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو
حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ الْعُبَابُ وَغَيْرُهُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ،
وَقِيَاسُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا
أَوْرَقَ غَيْرَ وَرَقِ الْقِثَّاءِ فَقَدْ بَانَ غَيْرَ قِثَّاءٍ فَقَدْ
بَانَ غَيْرَ جِنْسِ الْمَبِيعِ.
وَسُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَمَّا لَوْ بِيعَ بُرْدٌ عَلَى أَنَّ
حَوَاشِيه حَرِيرٌ فَبَانَتْ غَيْرَهُ هَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَمَا فِي
مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ؟ فَأَجَابَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ،
وَفَرَّقَ بِأَنَّ الَّذِي بَانَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَعْضُ
الْمَبِيعِ لَا كُلُّهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) أَيْ وَلَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ ذَلِكَ
عَلَيْهِ وَإِنْ كُنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَرْطِهِ، وَهَلْ يَحْرُمُ
بَيْعُ الزَّبِيبِ لِحَنَفِيٍّ يَتَّخِذُهُ مُسْكِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ
إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّ النَّبِيذِ
بِشَرْطِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِاعْتِقَادِ
الْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَبْطُ الْحُرْمَةِ) أَيْ؛
لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّبْطَ يُشْعِرُ بِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ الْعَصْرُ؛
لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ
مَبْدَإِ الِاشْتِقَاقِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ صَادِقٌ مَعَ عَدَمِ
الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا بَلْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا
يَعْصِرُ خَمْرًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ عَصْرُهُ لِلْخَمْرِ) أَيْ
إقْدَامُهُ عَلَى عَصْرِ الْعِنَبِ لِاِتِّخَاذِهِ خَمْرًا قَرِينَةٌ عَلَى
عَصْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْحَدِيث) وَلَفْظُهُ عَلَى مَا فِي عَمِيرَةَ
«لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَةَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا
وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا
وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» اهـ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ
أَمْرَدَ) وَمِنْهُ بَيْعُ الدَّابَّةِ لِمَنْ يُكَلِّفُهَا فَوْقَ
طَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: لِغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ اهـ
مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ
الْوَرَقِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى نَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ
يَتَّخِذُهُ كَاغِدًا لِلدَّرَاهِمِ أَوْ يَجْعَلُهُ فِي الْأَقْبَاعِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ امْتِهَانٌ مَرَّ وَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ
وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لِنَحْوِ صَبِيٍّ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْغَبُ
فِيهِ بِذَلِكَ غَيْرُ الْمُتَّخِذِ الْمَذْكُورِ مَرَّ اهـ سم عَلَى
مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَإِذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ
ثَمَّ حَاجَةٌ يَتَوَقَّفُ قَضَاؤُهَا عَلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْكَافِرَ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ الصَّوْمِ)
يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ عَدَمُ حُرْمَةِ بَيْعِ الْعِنَبِ
لِلْكَافِرِ وَإِنْ عَلِمَ اتِّخَاذُهُ خَمْرًا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ
حُرْمَتَهُ، وَقَدَّمْنَا عَنْ سم عَلَى حَجّ خِلَافَهُ فَتَأَمَّلْهُ،
عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الْفَرْقِ بِمَا ذُكِرَ جَعْلُهُ
التَّحْرِيمَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ
كُلَّ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُ) يَعْنِي النَّجْشَ
[بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ]
(قَوْلُهُ: إذْ عَصْرُهُ) أَيْ الْعَاصِرُ (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهُ) أَيْ
الْعَاصِرُ
(3/471)
وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهُ
وَيَمْكُثَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَمَ
عَلَيْهِ وَفْدُ قَيْسٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ
إسْلَامِهِمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِمْ الْجُنُبَ، لَا يُقَالُ: هُوَ فِي
هَذِهِ الصُّوَرِ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَلِمَ صَحَّ
الْبَيْعُ.
لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ بِوَصْفٍ
لَازِمٍ فِي الْمَبِيعِ بَلْ فِي الْبَائِعِ خَارِجٌ عَمَّا يَتَعَلَّقُ
بِالْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبُطْلَانَ الْآتِي فِي
التَّفْرِيقِ وَالسَّابِقِ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ لِلْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ
لِوَصْفٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْبَيْعِ وَلَا يُشْكِلُ
عَلَيْهِ صِحَّةُ بَيْعِ السِّلَاحِ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ مَعَ وُجُودِ
ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ، وَهُوَ أَنَّ وَصْفَ
الْحِرَابَةِ الْمُقْتَضِي لِتَقْوِيَتِهِمْ عَلَيْنَا بِهِ مَوْجُودٌ
حَالَ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ وَصْفِ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ
مُتَرَقَّبٌ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا مَضَى مِنْهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ
انْدَفَعَ مَا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ
وَأَقَرُّوهُ فِيمَنْ حَمَلَتْ أَمَتَهَا عَلَى فَسَادٍ بِأَنَّهَا تُبَاعُ
عَلَيْهَا قَهْرًا إذَا تَعَيَّنَ الْبَيْعُ طَرِيقًا إلَى خَلَاصِهَا،
كَمَا أَفْتَى الْقَاضِي فِيمَنْ يُكَلِّفُ قِنَّهُ مَا لَا يُطِيقُهُ
بِأَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ الذُّلِّ، وَيُؤْخَذُ
مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا كَمَا يُشِيرُ
إلَيْهِ كَلَامُهُ. .
وَمِمَّا نَهَى عَنْهُ أَيْضًا احْتِكَارُ الْقُوتِ لِخَبَرِ «لَا
يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ: أَيْ
عُرْفًا لِيُمْسِكَهُ وَيَبِيعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ
لِلتَّضْيِيقِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ
عَلَيْهِ، وَهَلْ يُكْرَهُ إمْسَاكُ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ
وَمُمَوِّنِهِ سَنَةً؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهَا، نَعَمْ
الْأَوْلَى بَيْعُهُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَيُجْبَرُ مَنْ عِنْدَهُ زَائِدٌ
عَلَى ذَلِكَ عَلَى بَيْعِهِ فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ، وَعُلِمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
حُرْمَتَهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا تَعَاطِي مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي
فِعْلِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا،
وَهِيَ أَنَّ ذِمِّيًّا اسْتَعْمَلَ الْوَشْمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ بِلَا
حَاجَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ
الْوَشْمِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إزَالَتِهِ
أَمْ لَا؟ كَمَنْ فَعَلَ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَيْثُ
لَمْ يُكَلَّفْ إزَالَتَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ تَعَدِّيه فِي
الْأَصْلِ وَيُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ وَلَا يُنَجِّسُ
مَاءً قَلِيلًا بِمُلَاقَاةِ مَحَلِّ الْوَشْمِ لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ
مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ الْعَفْوُ لِعَدَمِ
اعْتِقَادِهِ حُرْمَتَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا تَعَدِّي مِنْهُ حَالَ
الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ:
وَلِهَذَا كَانَ لَهُ) أَيْ جَازَ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ هُوَ) أَيْ
الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْبَائِعِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ قَدْ
يُقَالُ مَنْعُ الشَّرْعِ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ يُصَيِّرُهُ عَاجِزًا
وَهُوَ مَعْنَى انْتِفَاءِ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ شَرْعًا فَلَا يَظْهَرُ
وَجْهُ قَوْلِهِ بَلْ فِي الْبَائِعِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصْفِ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ
أُرِيدَ بِوَصْفِ الْحِرَابَةِ الْمَعْنَى الْقَائِمُ الَّذِي يَنْشَأُ
عَنْهُ التَّعَرُّضُ لَنَا فَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ حَالَ الْبَيْعِ فِي
قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَوْ نَفْسُ التَّعَرُّضِ لَنَا بِالْفِعْلِ فَهُوَ
غَيْرُ مَوْجُودٍ حَالَ الْبَيْعِ اهـ سم. أَقُولُ: قَدْ يَمْنَعُ قَوْلُهُ
فَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ حَالَ الْبَيْعِ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ
الْحِرَابَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُسْتَدَامُ فِي صَاحِبِهِ حَتَّى
يَلْتَزِمَ الْجِزْيَةَ أَوْ يُسْلِمَ، بِخِلَافِ قَطْعِ الطَّرِيقِ
فَإِنَّهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُ وَصْفٌ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ
الْقَطْعِ وَقَتْلُهُ وَصَلْبُهُ وَنَحْوُهُمَا إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا
صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ)
وَالْبَائِعُ هُوَ الْحَاكِمُ.
(قَوْلُهُ: وَمَا نُهِيَ عَنْهُ أَيْضًا) أَيْ نَهْيُ تَحْرِيمٍ (قَوْلُهُ:
احْتِكَارُ الْقُوتِ) لَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ دَلَّتْ
قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْقُوتُ خَاصَّةً وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ
شَامِلٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ زَمَنٍ
يُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ مَنْ عِنْدَهُ)
أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، قَالَ حَجّ: وَاَلَّذِي
يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ الْقَاضِي وَعِبَارَتُهُ: وَعَلَى الْقَاضِي
حَيْثُ لَمْ يُعْتَدْ تَوْلِيَةُ الْحِسْبَةِ لِغَيْرِهِ لِخُرُوجِهَا عَنْ
مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ اُعْتِيدَ مَعَ ذَلِكَ بَقَاءُ
نَظَرِ الْقَاضِي عَلَى الْحِسْبَةِ وَمُتَوَلِّيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ جَبَرَ مَنْ عِنْدَهُ إلَخْ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى
ذَلِكَ) أَيْ السُّنَّةُ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الضَّرُورَةِ) قَالَ سم
عَلَى حَجّ: وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اشْتَدَّتْ ضَرُورَةُ النَّاسِ إلَخْ
قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ
الِاضْطِرَارِ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ لَمْ يَبْقَ لِلْمَالِكِ كِفَايَةُ
سَنَةٍ، فَكَلَامُهُمْ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَتَأَمَّلْ
ذَلِكَ وَاسْتَحْضِرْ مَا قَالُوهُ ثَمَّ مَعَ مَا قَالُوهُ هُنَا تَعْلَمْ
أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرْته اهـ. وَقَوْلَةُ قَبْلَ كِفَايَتِهِ سَنَةً.
أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الِاضْطِرَارُ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/472)
مِمَّا تَقَرَّرَ اخْتِصَاصُ تَحْرِيمِ
الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ وَلَوْ تَمْرًا وَزَبِيبًا فَلَا يَعُمُّ
جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ.
وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَوْ قَاضِيًا التَّسْعِيرُ
فِي قُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعْذَرُ مُخَالِفُهُ
لِلِاقْتِيَاتِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ إذْ الْحَجْرُ عَلَى شَخْصٍ فِي مِلْكِ
نَفْسِهِ غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ
التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ
ابْنُ الْمُقْرِي لِمَا مَرَّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ
وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالُوا بِتَفْرِيعِهِ عَلَى جَوَازِهِ وَالْأَوْجَهُ
الْأَوَّلُ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى مَنْ مَلَكَ جَارِيَةً وَوَلَدَهَا وَلَوْ مِنْ
مُسْتَوْلَدَةٍ حَدَثَ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ
(التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ) الرَّقِيقَةِ وَإِنْ رَضِيَتْ أَوْ كَانَتْ
كَافِرَةً أَوْ مَجْنُونَةً لَهَا شُعُورٌ تَتَضَرَّرُ مَعَهُ
بِالتَّفْرِيقِ أَوْ آبِقَةٌ فَمَا يَظْهَرُ (وَالْوَلَدُ) الرَّقِيقُ
الصَّغِيرُ الْمَمْلُوكَيْنِ لِوَاحِدٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَوْ مِنْ
نَفْسِهِ لِطِفْلِهِ مَثَلًا وَقَبِلَهُ لَهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ؛
لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَهَا عَنْ وَلَدِهِ فَيَحْصُلُ
التَّفْرِيقُ أَوْ هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ قِسْمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ
لِخَبَرِ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَخَبَرِ «مَلْعُونٌ
مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ
أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا جَازَ كَمَا يَجُوزُ بِعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ
إذْ الْمُعْتِقُ مُحْسِنٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لَهُ كِفَايَةُ سَنَةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ. وَانْظُرْ
مِقْدَارَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَتْرُكُ لَهُ مَا يَكْفِيه فِيهَا
(قَوْلُهُ: بِالْأَقْوَاتِ) وَكَذَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا
كَالْأُدْمِ وَالْفَوَاكِهِ عُبَابٌ اهـ سم. وَخَرَجَ بِالْأَقْوَاتِ
الْأَمْتِعَةُ فَلَا يَحْرُمُ احْتِكَارُهَا مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا
ضَرُورَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِلِاقْتِيَاتِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ بَاطِنًا وَأَنَّ
الْحُرْمَةَ لِمُجَرَّدِ الِاقْتِيَاتِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ
فِي الِاسْتِسْقَاءِ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ) أَيْ
وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ) يَعْنِي
أَنَّ التَّعْزِيرَ الْمُخَالِفَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى الْجَوَازِ
خَاصَّةً بَلْ حُكْمُهُ أَنَّهُ حَيْثُ خَالَفَ مَا أَمَرَ بِهِ الْإِمَامُ
عُزِّرَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ الْجَوَازِ، وَلَيْسَ
مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ إنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ
التَّسْعِيرِ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِجَوَازِهِ.
(قَوْلُهُ: حَدَثَ قَبْلَ اسْتِيلَادِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَكِبَتْ
الدُّيُونُ السَّيِّدَ قَالَ سم: وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَيُبَاعُ
الْفَرْعُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّفْرِيقِ
اهـ.
وَالْأَقْرَبُ الْحُرْمَةُ. وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ
بِالدَّرْسِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ
(قَوْلُهُ: التَّفْرِيقُ) وَيَكُونُ كَبِيرَةً اهـ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ
(قَوْلُهُ: أَوْ آبِقَةً) أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ عَوْدِهَا
اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ قِسْمَةٌ) أَيْ وَلَوْ إفْرَازًا بِسَائِرِ
أَنْوَاعِهَا (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ تَعْذِيبٌ
وَالْجَنَّةُ لَا تَعْذِيبَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْقِفِ فَكُلٌّ
مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَضُرُّهُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيقِ.
وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ أَنَّهُ فِي الْمَوْقِفِ وَأَنَّ النَّاسَ لَيْسُوا
مَشْغُولِينَ فِي جَمِيعِ أَزْمِنَةِ الْمَوْقِفِ بَلْ فِيهَا أَحْوَالٌ
يَجْتَمِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالتَّفْرِيقُ فِيهَا تَعْذِيبٌ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا جَازَ) قَدْ يُقَالُ لَا مَعْنَى
لَهُ إذْ التَّفْرِيقُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمَةِ وَفَرْعِهَا حَيْثُ
كَانَا فِي تَصَرُّفِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَالِكَيْنِ
كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، فَمَا مَعْنَى
حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ
الْمَالِكَيْنِ اخْتِلَاطٌ وَاتِّحَادٌ كَأَخَوَيْنِ فِي مَحَلَّةٍ
وَاحِدَةٍ، فَالْمَالِكُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ لَا يَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِهِ
بُعْدُ الْأَمَةِ عَنْ فَرْعِهَا وَلَا عَكْسُهُ، فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ
أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا بَيْعَ مَا يَمْلِكُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ
ذَلِكَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الرَّقِيقُ الصَّغِيرُ) أَيْ أَوْ الْمَجْنُونُ كَمَا يَأْتِي
بِمَا فِيهِ وَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ الْمَمْلُوكَيْنِ
لِوَاحِدٍ) هَذَا أَشْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى مَنْ مَلَكَ
جَارِيَةً وَوَلَدَهَا لِشُمُولِهِ مَا إذَا كَانَا مَمْلُوكَيْنِ
لِمَحْجُورِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا، ثُمَّ إنَّ
كُلًّا مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ مُخْرِجٌ لِمَا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ
إلَّا بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِيهِ (قَوْلُهُ:
أَوْ قِسْمَةً) وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَكُونُ هُنَا إلَّا بَيْعًا،
وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ «مَنْ
فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَنَدُ
الْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَهَا)
(3/473)
وَالْوَصِيَّةُ لَا تَقْتَضِي التَّفْرِيقَ
بِوَضْعِهَا فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ زَمَانِ التَّحْرِيمِ،
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ التَّمْيِيزِ
تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ
مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ إنْ اتَّحَدَ لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ
الْأَزْمِنَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ،
وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ دُونَ بَيْعِهِ
بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ
وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ
لِلْكَافِرِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ، وَيَمْتَنِعُ بِنَحْوِ إقَالَةٍ وَرَدٍّ
بِعَيْبٍ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمْعٌ
مُتَأَخِّرُونَ.
وَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُ التَّفْرِيقِ
بِرُجُوعِ الْمُقْرِضِ وَمَالِكِ اللُّقَطَةِ دُونَ الْأَصْلِ الْوَاهِبِ؛
لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ،
وَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهَا،
بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّا لَوْ مَنَعْنَاهُ فِيهَا الرُّجُوعَ
لَمْ يَرْجِعْ الْوَاهِبُ بِشَيْءٍ، وَكَالْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِهَا الْأَبَ
وَالْجَدَّةَ لِأُمٍّ أَوْ أَبٍ وَإِنْ عَلَيَا، أَمَّا الْجَدُّ لِلْأُمِّ
فَالْأَوْجَهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْجَدِّ
لِلْأَبِ لِعَدِّهِمْ لَهُ مِنْ الْأُصُولِ فِي النَّفَقَةِ وَالْإِعْفَافِ
وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ رَجَّحَ جَمْعٌ أَنَّهُ كَبَقِيَّةِ
الْمَحَارِمِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ أَبٌ وَأُمٌّ حَرُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا
وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ أَوْ أَبٍ وَجَدَّةٍ وَلَوْ مِنْ
الْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ التَّفْرِيقِ فَدَفَعَهُ بِبَيَانِ الْحُكْمِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: بِوَضْعِهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَوْتَ
إلَخْ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا) أَيْ وَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى
لَهُ الْوَصِيَّةَ، وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُوصَى
لَهُ تَأْخِيرَ الْقَبُولِ إلَى تَمْيِيزِ الْوَلَدِ، وَفِي بَعْضِ
الْهَوَامِشِ خِلَافُهُ وَالْأَقْرَبُ الْقَضِيَّةُ (قَوْلُهُ إنْ
اتَّحَدَ) أَيْ الْجُزْءُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ) أَيْ
أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِمَنْ يُعْتَقُ) أَيْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ
عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ بَاعَهُ لِمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ
شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ) أَيْ
التَّفْرِيقُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَصْلِ) أَيْ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي
الْأُمِّ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَهَبَهُ الْأُمَّ حَائِلًا
ثُمَّ حَبِلَتْ فِي يَدِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَاهِبُ لَا تَعَلُّقَ
لَهُ بِالْوَلَدِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُمَا لَهُ مَعًا فَلَا يَجُوزُ
لَهُ الرُّجُوعُ فِي أَحَدِهِمَا لِعَدَمِ تَأَتِّي الْعِلَّةِ فِيهِ،
وَيَدُلُّ عَلَى التَّصْوِيرِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ
نَقْلًا عَنْ مَرَّ: وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَقُّهُ إلَّا
بِالتَّفْرِيقِ كَرُجُوعِ الْوَاهِبِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مُنِعَ مِنْ
الرُّجُوعِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ اهـ. وَحَيْثُ حَمَلَ عَلَى مَا
ذُكِرَ لَا يُرَدُّ قَوْلُ سم عَلَى حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا
ضَرُورَةَ لِلرُّجُوعِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ
الرُّجُوعِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا وَهَبَهُمَا
مَعًا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى مَا
ذُكِرَ مِنْ التَّصْوِيرِ فَلَيْسَ الْمَرْجُوعُ فِيهِ إلَّا الْأُمَّ
(قَوْلُهُ: وَكَالْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِهَا الْأَبَ) قَالَ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ: وَإِنْ عَلَا، وَقَوْلُهُ وَالْجَدَّةُ قَالَ فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ: وَإِنْ عَلَتْ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنْ عَلَيَا
وَلَوْ وُجِدَ أَبٌ وَجَدٌّ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
أَحَدِهِمَا لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَبِ
فَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ وَلَوْ مَعَ الْجَدِّ
اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم: وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا هَذَا هُوَ
الظَّاهِرُ لِانْدِفَاعِ ضَرَرِهِ بِبَقَائِهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْجَدُّ) مُحْتَرِزٌ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ
عَلَيَا: أَيْ الْأَبُ وَالْجَدَّةُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجَدَّةُ
لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَبِيعَةَ: أَيْ وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يَبِيعَهُ
إنْ كَانَ هُوَ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ فِي
بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ) أَيْ بِالْمُهَايَأَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ،
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجُزْءِ يَجِبُ فِي
الْمُهَايَأَةِ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي يَكُونُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ
يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِيهِ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ وَيَمْتَنِعُ
أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فِي زَمَنٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ
الْآخَرِ فِيهِ. وَلَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِيهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ
فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ مُزِيلِ الْمِلْكِ، وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى
الْمُشْتَرِي حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْبَعْضِ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ
الْأُمِّ دُونَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ لَا؟ وَقَضِيَّةُ
الْعِبَارَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ لَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ كَمَا
نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَيَا) أَيْ
الْأَبُ وَالْجَدَّةُ بِقِسْمَيْهِمَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ
(3/474)
فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا كَانَ
وَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَجُوزُ
التَّفْرِيقُ بِسَبَبِ ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا
وَأَبَوَيْهِ فَأَسْلَمَ الْأَبُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ وَيُبَاعَانِ
دُونَهَا، بَلْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ بِيعَ الصَّغِيرُ وَحْدَهُ كَمَا
قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَالثَّانِي
لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ
لَوْ سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا فَتَبِعَهُ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ
جَازَ لَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مَمْنُوعٌ إذْ لَا ضَرُورَةَ هُنَا
لِلْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى، وَالْأَصْحَابُ لَمْ يُفَرِّقُوا
فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ كَمَا مَرَّ،
وَالتَّفْرِقَةُ وَجْهٌ لِلدَّارِمِيِّ وَتَسْتَمِرُّ حُرْمَةُ
التَّفْرِيقِ (حَتَّى يُمَيِّزَ) الْوَلَدُ بِأَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ
يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ،
وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَقْدِيرِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ لِاسْتِغْنَائِهِ
حِينَئِذٍ عَنْ التَّعَهُّدِ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ حَيْثُ لَمْ
يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّمْيِيزُ قَبْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ نَوْعُ
تَكْلِيفٍ وَعُقُوبَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ (وَفِي قَوْلِ حَتَّى يَبْلُغَ)
لِخَبَرٍ فِيهِ وَلِنَقْصِ تَمْيِيزِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلِهَذَا حَلَّ
الْتِقَاطُهُ، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ النَّقْصِ وَبِأَنَّ
الْخَبَرَ ضَعِيفٌ وَحِلُّ الْتِقَاطِهِ لَيْسَ لِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ
مِنْ بَابِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَنْعُ التَّفْرِيقِ فِي
الْمَجْنُونِ وَإِنْ بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى
يُمَيِّزَ وَلَا يُعَارِضُ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ إذْ
لَا مَانِعَ مِنْ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ وَحِكَايَةِ قَوْلٍ فِي أَحَدِهِمَا،
وَيُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا
لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَأَفْتَى
الْغَزَالِيُّ بِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ بِالْمُسَافَرَةِ أَيْ مَعَ
الرِّقِّ وَطَرْدُهُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، بِخِلَافِ
الْأَمَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَأَفْهَمَ فَرْضُهُ الْكَلَامَ فِيمَا
يُتَوَقَّعُ تَمْيِيزُهُ عَدَمَ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ لِقُوَّةِ شَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُمَا) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ: فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ
وَجَدَّةٌ مَثَلًا فَبَاعَهُ مَعَ أُمِّهِ فَمَاتَتْ فِي الْمَجْلِسِ
مَثَلًا فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْمَبِيعُ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ
كَأَنَّهُ بَيْعٌ وَالْأُمُّ بِهِ بِدُونِ جَدَّتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ،
وَيَظْهَرُ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا
يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ
قَوْلِهِ الْوَاقِعُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ
الِانْفِسَاخُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ
لَوْ أُبْرِأَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَطَلَ الشِّرَاءُ؛
لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (قَوْلُهُ فِي الشِّقِّ
الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَيُبَاعَانِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ
قَوْلُهُ بَلْ لَوْ مَاتَ الْأَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ
الْكَافِرَةَ) فَلَا يُقَالُ حُكْمُ هَذِهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا
وَكَانَتْ كَافِرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى) هِيَ
قَوْلُهُ كَمَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا (قَوْلُهُ وَالْأَصْحَابُ)
مِنْ تَتِمَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَائِهِ
حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ مَيَّزَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ.
(قَوْلُهُ: قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ السَّبْعِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِذَلِكَ)
أَيْ نَقْصُ تَمْيِيزِهِ بَلْ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فَاحْتَاجَ
لِمَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ (قَوْلُهُ: يُعَارِضُهُ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ
قَوْلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ) أَيْ فِيمَا
لَوْ مَيَّزَ أَوْ بَلَغَ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ بِالْمُسَافَرَةِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ (قَوْلُهُ:
أَيْ مَعَ الرِّقِّ) وَالْمُرَادُ سَفَرٌ يَحْصُلُ مَعَهُ تَضَرُّرٌ
وَإِلَّا كَنَحْوِ فَرْسَخٍ لِحَاجَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْتَنِعَ،
ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بِالسَّفَرِ مَعَ الرِّقِّ
عَلَى مَا تَقَرَّرَ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبَيْنَ زَوْجَةٍ
حُرَّةٍ إلَخْ بِالسَّفَرِ أَيْضًا فَمَمْنُوعٌ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَطَرْدِهِ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ) وَكَذَا يَحْرُمُ أَنْ
يَنْزِعَ وَلَدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَيَدْفَعَهُ لِمُرْضِعَةٍ أُخْرَى اهـ سم
عَلَى مَنْهَجٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ
ضَرَرٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَمَةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ التَّمْيِيزُ) عِبَارَةُ
التُّحْفَةِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ بِأَنَّهُ
لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّمْيِيزُ قَبْلَ السَّبْعِ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذِكْرِ شَيْئَيْنِ) وَهُمَا هُنَا
الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ: يَعْنِي حُكْمَهُمَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ:
حَتَّى يُمَيِّزَ كُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَفِي قَوْلٍ: فِي
الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ (قَوْلُهُ: وَطَرْدُهُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ
الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّ عَدَمَ
الظُّهُورِ رَاجِعٌ إلَى تَفْرِقَةِ الْغَزَالِيِّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ
الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي
التَّفْرِيقِ
(3/475)
كَذَلِكَ بِالذَّبْحِ لَهُمَا أَوْ
لِأَحَدِهِمَا وَالْمَذْبُوحُ الْوَلَدُ أَوْ الْأُمُّ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ
عَنْهَا وَيُكْرَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا حَرُمَ، وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ
فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ، وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ
بِأَنَّ بَيْعَهُ لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَذْبَحُهُ
كَذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى بَاعَ الْوَلَدَ قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ
وَحْدَهُ أَوْ الْأُمَّ كَذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ فَقَدْ لَا يَقَعُ
الذَّبْحُ حَالًّا أَوْ أَصْلًا فَيُوجَدُ الْمَحْذُورُ، وَشَرْطُ
الذَّبْحِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ لِمَا
مَرَّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ أَوْ بِالْعَكْسِ
قَبْلَ التَّمْيِيزِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَإِذَا) (فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ
تَفْصِيلُهُ، وَالْأَوْجُهُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ
مَنْهَجِهِ مِنْ إلْحَاقِ الْوَقْفِ بِالْعِتْقِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ
يَنْظُرْ إلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَشْغَلُهُ فِي اسْتِيفَاءِ
مَنْفَعَتِهِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ رَقِيقَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ وَلَدِهِ بِالْإِعْتَاقِ فَيَجُوزُ وَلَا نَظَرَ لِمَا يَحْصُلُ
مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ
عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمَنْعُ مِنْ
التَّفْرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَا لِلْخَلَلِ فِي الْبَيْعِ،
أَمَّا هُوَ قَبْلَ سَقْيِهِ اللِّبَأَ فَبَاطِلٌ قَطْعًا، وَتَثْنِيَةُ
الضَّمِيرِ مَعَ الْعَطْفِ بِأَوْ صَحِيحٌ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛
لِأَنَّهَا بَيْنَ ضِدَّيْنِ كَمَا فِي {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}
[النساء: 135] فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ هُنَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَهُوَ
الْأَفْصَحُ وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَيُقَالُ لَهُ الْعُرْبَانُ بِضَمٍّ
فَسُكُونٍ وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيفُ ثُمَّ
اُسْتُعْمِلَ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُمْ
(بِأَنْ يَشْتَرِيَ) سِلْعَةً (وَيُعْطِيه دَرَاهِمَ) مَثَلًا وَقَدْ
وَقَعَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا
(لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَطَرْدُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الذَّبْحِ) وَهَذَا
مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُشْتَرِي أَنَّ
الْبَائِعَ نَذَرَ ذَبْحَهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ
افْتِدَاءً وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي ذَبْحُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ
ذَبَحَهُ الْقَاضِي وَفَرَّقَهُ الذَّابِحُ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ إلَخْ وَلَوْ قَالَ
مَنْ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مِنْ إلْحَاقِ الْوَقْفِ) أَيْ فَيَجُوزُ
(قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَخْ) وَوَجْهُ عَدَمِ النَّظَرِ
إلَى ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ كَالْعِتْقِ
(قَوْلُهُ: فِي اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ مِنْ شَغْلِهِ الرَّقِيقَ
فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَاَللَّه) تَقَدَّمَ
لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمَعْطُوفَ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ: أَيْ إنْ يَكُنْ
غَنِيًّا أَوْ يَكُنْ فَقِيرًا فَالضَّمِيرُ لَيْسَ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ
بَلْ لِمَعْمُولِهِمَا فَفِي التَّشْبِيهِ مُسَامَحَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ التَّقْدِيمُ وَالتَّسْلِيفُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ:
السِّلْعَةُ خُرَّاجٌ كَهَيْئَةِ الْغُدَّةِ تَتَحَرَّكُ بِالتَّحْرِيكِ،
ثُمَّ قَالَ: وَالسِّلْعَةُ الْبِضَاعَةُ وَالْجَمْعُ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَذْكُورِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا فِي
الْحَاشِيَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الطَّرْدِ، ثُمَّ
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ مِنْ
التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ
الرَّوْضِ عَنْهُ. وَعِبَارَتُهُ: وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ
التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالتَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ
وَطَرَدَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَوَلَدِهَا وَإِنْ
كَانَتْ حُرَّةً انْتَهَى. فَصَرِيحُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً
أَنَّ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ كُلٍّ
مِنْ الشِّهَابِ حَجّ كَالْأَذْرَعِيِّ تُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ،
وَيُمْكِنُ تَرْجِيعُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ إلَى عِبَارَةِ شَرْحِ
الرَّوْضِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَاهَا: وَطَرْدُ الْغَزَالِيِّ الْحُكْمَ
فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِخِلَافِ طَرْدِهِ فِي
الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ، فَالطَّرْدُ فِي كِلَيْهِمَا
حِينَئِذٍ مَنْسُوبٌ لِلْغَزَالِيِّ لَكِنَّ هَذَا تَأْبَاهُ عِبَارَةُ
كُلٍّ مِنْ الشِّهَابِ حَجّ وَالْأَذْرَعِيِّ فَلْيُرَاجَعْ كَلَامُ
الْغَزَالِيِّ وَلْيُحَرَّرْ مُعْتَمَدُ الشَّارِحِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ سم التَّصْرِيحُ بِأَنَّ طَرْدَ
الْغَزَالِيِّ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ
وَوَلَدِهَا مَمْنُوعٌ، وَهُوَ يُوَافِقُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ
الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَكَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ آخِرًا فِي عِبَارَةِ
الشَّارِحِ فِي تَرْجِيعِهَا لِعِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُوَافِقُ
الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ آجَرَ رَقِيقَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
وَلَدِهِ بِالْإِعْتَاقِ) أَيْ لِلَّذِي آجَرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ
لِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَلَا يَخْفَى
مَا فِيهِ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ دَائِمٌ بِخِلَافِ
الْمُسْتَأْجِرِ.
(3/476)
بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ لِلنَّهْيِ
عَنْهُ لَكِنَّ إسْنَادَهُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ
شَرْطَيْنِ مُفْسِدَيْنِ شَرْطُ الْهِبَةِ وَشَرْطُ رَدِّ الْبَيْعِ
بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْضَى وَتَأْخِيرُ الْمُصَنِّفِ هَذَا.
وَمَسْأَلَةُ التَّفْرِيقِ إلَى هُنَا، وَلَمْ يُقَدِّمْهُمَا فِي فَصْلِ
الْمُبْطِلِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَائِدَةً، وَهِيَ الْإِشَارَةُ إلَى
أَنَّ التَّفْرِيقَ لَمَّا اُخْتُلِفَ فِي إبْطَالِهِ وَهَذَا لَمَّا لَمْ
يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ كَانَا بِمَنْزِلَةِ مَا غَايَرَ مَا
ذُكِرَ فِي الْفَصْلَيْنِ فَأَخَّرَهُمَا لِإِفَادَةِ هَذَا، وَلَوْ
قَدَّمَهُمَا لَفَاتَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا قُدِّمَ إجْمَالًا فِي
بَيْعٍ وَشَرْطٍ.
وَالْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَقَدْ يَجِبُ كَمَا
لَوْ تَعَيَّنَ كَمَالِ اللَّاوِي أَوْ الْمُفْلِسِ أَوْ لِاضْطِرَارِ
الْمُشْتَرِي وَالْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ
مُطْلَقُ التَّمْلِيكِ، وَقَدْ يُنْدَبُ كَبَيْعٍ بِمُحَابَاةٍ.
أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا لَمْ يُثِبْ،
وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ خَبَرُ «الْمَغْبُونُ لَا مَأْجُورٌ وَلَا مَحْمُودٌ»
وَفِي زَمَنِ نَحْوِ غَلَاءٍ، وَقَدْ يُكْرَهُ كَبَيْعِ الْعِينَةِ وَكُلِّ
بَيْعٍ اُخْتُلِفَ فِي حِلِّهِ كَالْحِيَلِ الْمُخْرِجَةِ مِنْ الرِّبَا،
وَكَبَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِ الْمُصْحَفِ لَا شِرَاؤُهُ كَمَا مَرَّ،
وَكَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ،
وَمُخَالَفَةُ الْغَزَالِيِّ فِيهِ فِي الْإِحْيَاءِ شَاذَّةٌ كَمَا فِي
الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا سَائِرُ مُعَامَلَتِهِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ
الشِّرَاءُ مَثَلًا مِنْ سُوقٍ غَلَبَ فِيهِ اخْتِلَاطُ الْحَرَامِ
بِغَيْرِهِ، وَلَا حُرْمَةَ وَلَا بُطْلَانَ إلَّا إنْ تَيَقَّنَ فِي
شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مُوجِبَهُمَا، وَالْحَرَامُ مَرَّ أَكْثَرُ مَسَائِلِهِ
وَالْجَائِزُ مَا بَقِيَ، وَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ عَدُّهُ مِنْ فُرُوضِ
الْكِفَايَاتِ إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ جَائِزُ التَّرْكِ بِالنِّسْبَةِ
لِلْإِفْرَادِ.
فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا وَتَفْرِيقُهَا: إمَّا
فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الدَّوَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
سِلَعٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، وَالسَّلْعَةُ الشَّجَّةُ وَالْجَمْعُ
سَلَعَاتٍ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهَا
بِالْكَسْرَةِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَبِالْفَتْحِ خَاصَّةً
بِالشَّجَّةِ. وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: السِّلْعَةُ بِالْكَسْرِ
الْمَتَاعُ وَمَا تَحْوِيه جَمْعُهُ كَعِنَبٍ وَكَالْغُدَّةِ فِي الْجَسَدِ
وَيُفْتَحُ وَيُحَرَّكُ، وَكَعِنَبَةٍ أَوْ خُرَّاجٍ فِي الْعُنُقِ أَوْ
غُدَّةٍ فِيهَا أَوْ زِيَادَةٍ فِي الْبَدَنِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِالْفَتْحِ
الشَّجَّةُ كَائِنَةً مَا كَانَتْ وَتُحَرَّكُ أَوْ الَّتِي تَشُقُّ
الْجِلْدَ اهـ (قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) أَيْ خَبَرٌ لِيَكُونَ (قَوْلُهُ
وَشَرْطُ رَدِّ الْمَبِيعِ) أَيْ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: كَمَالُ اللَّاوِي) أَيْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ تَوْفِيَةِ
الْحَقِّ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ بِمُحَابَاةٍ) قَدْ يُقَالُ الْمَطْلُوبُ
الْمُحَابَاةُ لَا نَفْسُ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اشْتَمَلَ
عَلَيْهَا وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ كَانَ مَطْلُوبًا. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ
فِي الْمُعْتَلِّ: وَحَابَى فِي الْمَبِيعِ مُحَابَاةً اهـ (قَوْلُهُ:
كَبَيْعِ الْعِينَةِ) وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا بِثَمَنٍ
كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ
حَالٍّ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعَلْقَمِيِّ فِي حَوَاشِي الْجَامِعِ عِنْدَ
قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَبَايَعْتُمْ
بِالْعِينَةِ» إلَخْ مَا نَصُّهُ: الْعِينَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ
الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالنُّونِ هُوَ أَنْ
يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمَهَا لَهُ ثُمَّ
يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِنَقْدٍ يَسِيرٍ يَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ،
أَوْ يَبِيعُهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ نَقْدًا وَيُسَلِّمُهَا لَهُ
ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ قَبَضَ
الثَّمَنَ الْأَوَّلَ أَوْ لَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ)
أَيْ جَوَازَ الْبَيْعِ.
[فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]
(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ الصَّفْقَةِ) أَيْ
الْعَقْدِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَضْرِبُ يَدَهُ
فِي يَدِ صَاحِبِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: اعْلَمْ
أَنَّ الصَّفْقَةَ هِيَ الْعَقْدُ، فَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ فِي
النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ
مِنْهُمَا قَوْلًا بِأَنَّ الصَّفْقَةَ تُفَرِّقُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ
فَيَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ وَيَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا الثَّالِثُ
فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الصِّحَّةُ فِيهِمَا أَوْ الْبُطْلَانُ فِيهِمَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[بَيْعُ الْعَرَبُونِ]
(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
(3/477)
أَوْ فِي الْأَحْكَامِ، وَسَيَأْتِي
هَكَذَا وَضَابِطُ الْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَمِلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَصِحُّ
بَيْعُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ فَإِذَا (بَاعَ) فِي صَفْقَةٍ مُتَّحِدَةٍ
(خَلًّا وَخَمْرًا) أَوْ خِنْزِيرًا وَشَاةً (أَوْ) بَاعَ (عَبْدَهُ
وَحُرًّا أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ) (أَوْ) بَاعَ (مُشْتَرَكًا
بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) أَيْ الشَّرِيكِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ،
وَإِنَّمَا قَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى
مَسْأَلَةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ
رُجُوعِهِ لَهُمَا أَيْضًا لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِيهِمَا بِإِذْنِ
الْآخَرِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ
تَعَدَّدَ الْعَقْدُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي الْمَفْهُومِ، فَإِنْ لَمْ
يُفَصِّلْهُ لَمْ يَصِحَّ فِي شَيْءٍ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا
مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ (صَحَّ فِي مِلْكِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَبَطَلَ
فِي الْآخَرِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ سَوَاءٌ أَقَالَ
هَذَيْنِ أَمْ هَذَيْنِ الْخَلَّيْنِ أَمْ الْقِنَّيْنِ أَمْ الْخَلُّ
وَالْخَمْرُ وَالْقِنُّ وَالْحُرُّ، أَمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ
لِأَجْلِ افْتِرَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ قَوْلَانِ عَبَّرَ عَنْهُمَا
بِقَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَفِيهِ أَنَّ
مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى مَنْ جَعَلَ
التَّفْرِيقَ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدُهُمَا بِالصِّحَّةِ، وَالْآخَرُ بِالْفَسَادِ. وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ
هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَقَدْ يُقَالُ: لَا يُرَدُّ مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ
مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ يَصْدُقُ
عَلَيْهِ أَنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ إمَّا بِصِحَّةِ أَحَدِ
الْعَقْدَيْنِ وَبُطْلَانِ الْآخَرِ، أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا يَتَرَتَّبُ
عَلَى الْعَقْدَيْنِ الْمَشْمُولَيْنِ لِلْعَقْدِ الَّذِي أَتَى بِهِ
الْمُتَعَاقِدَانِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَلِفَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْأَحْكَامِ) أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ، وَلَوْ
عَبَّرَ بِهِ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ كَانَ أَوْضَحَ لِمَا عَبَّرَ بِهِ
الْمُصَنِّفُ بَعْدُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِهِ إلَى
أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَفَرَّقُ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْحُكْمِ
كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَوْ فِي
اخْتِلَافٍ، وَعَلَيْهَا فَلَا يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ:
وَضَابِطُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ:
أَوْ بَاعَ مُشْتَرِكًا) شَامِلٌ لِمَا إذَا جَهِلَ قَدْرَ حِصَّتِهِ حَالَ
الْبَيْعِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ اهـ سم
عَلَى حَجّ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ بَاعَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ، وَهُوَ
بِعُمُومِهِ مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
الْخَامِسِ الْعِلْمُ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ لَوْ بَاعَ حِصَّةً فَبَانَ
أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ صَحَّ فِي حِصَّتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ
كُلَّهَا إلَخْ حَيْثُ اسْتَقْرَبَ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، بِخِلَافِ مَا
لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّهَا فِي صُورَةِ الْجَهْلِ، وَقَدْ يُحْمَلُ مَا
هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ الْكُلِّ دُونَ
الْبَعْضِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، وَعِبَارَةُ سم فِي أَثْنَاءِ
كَلَامٍ طَوِيلٍ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الرُّويَانِيِّ الَّتِي أَحَالَ
عَلَيْهَا نَصُّهَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ لَا
بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ
فِيهِ الْبَيْعُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ
بَعْدَ ذَلِكَ، فَالشَّرْطُ فِيهِ إمْكَانُ عِلْمِهِ وَلَوْ بَعُدَ
فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَصَرَ) أَيْ الْمَحَلِّيُّ
(قَوْلَهُ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ
الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ) هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا
إذَا لَمْ يَأْذَنْ مَعَ أَنَّهُ صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ
يُفَرِّقَ بِشِدَّةِ الْجَهْلِ إذَا أَذِنَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي
ثَمَنَيْنِ وَهُنَا فِي وَاحِدٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ
إذْ الْجَهْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) وَبَقِيَ مِمَّا يَقْتَضِيه
التَّعْمِيمُ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ الْخَمْرَيْنِ أَوْ
الْحُرَّيْنِ وَأَشَارَ إلَى الْخَلِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَمْرِ أَوْ
إلَى الْخَمْرِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْخَلِّ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ
الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَوْ
لَا، وَظَاهِرُ قَوْلِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ أَوْ
وَصْفِهِ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الصِّحَّةَ، وَتُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ
بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذِكْرِ الْمُبْطِلِ فِي اللَّفْظِ حَيْثُ
خَالَفَهُ مُلْغًى، لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ بِالْهَامِشِ فِي
الشَّرْطِ الْخَامِسِ عَنْ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى
الْمَبِيعَ بِغَيْرِ اسْمِ جِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ:
لَمَّا كَانَ مَا هُنَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا
بِصِيغَةِ الْحُرِّيَّةِ وَالرَّقَبَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخَلِّ مَعَ
اتِّحَادِ الْأَصْلِ وَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ
غَيْرِهِ) أَيْ وَالْمَفْهُومُ لَا يَصِحُّ فِيهَا بِإِطْلَاقِهِ
بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ
لَهُمَا) كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ،
وَلَعَلَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ فِي
بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي الْأُولَى
(3/478)
عَكْسُهُ كَبِعْتُكَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ
فَبَاطِلٌ فِي الْكُلِّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى
الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعٌ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا
زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ لِعَطْفِهَا عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ، قَالَ
الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَيْسَ هَذَا الْقِيَاسُ
بِصَحِيحٍ وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْحُرُّ مَبِيعٌ مِنْك
وَعَبْدِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ
فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ إذْ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ عَامِلٌ
فِي الثَّانِي، وَقِيَاسُهُ فِي الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ طَلَّقْت نِسَاءَ
الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ،
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالٌ وَإِلَّا فَهُوَ جَارٍ فِي الْجَمْعِ
بَيْنَ كُلِّ مَا يَصِحُّ فِيهِ الْعَقْدُ وَمَا لَا يَصِحُّ، لَكِنْ
بِشَرْطِ الْعِلْمِ فِي نَحْوِ الْمَبِيعِ لِيَأْتِيَ التَّوْزِيعُ الْآتِي
فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي
بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ بَذْرِهَا، وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي
غَيْرِ الْبَيْعِ كَإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّ
وَاحِدٍ قَابِلًا لِلْعَقْدِ لَكِنْ امْتَنَعَ لِأَجْلِ الْجَمْعِ
كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَجْرِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا
بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ
مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ أَوْ النَّاظِرُ الْوَقْفَ
أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ اسْتَعَارَ
شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ فَزَادَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ
بِالزِّيَادَةِ عَنْ الْوِلَايَةِ عَلَى الْعَقْدِ فَلَمْ يُمْكِنْ
التَّبْعِيضُ، وَفِيمَا إذَا فَاضَلَ فِي الرِّبَوِيِّ كَمُدَبَّرٍ
بِمَدِينٍ مِنْهُ أَوْ زَادَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ
أَيَّامٍ لِمَا يَأْتِي فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الْإِنْسَانُ وَالْعَصِيرُ نَزَلَا مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ النَّوْعَيْنِ
فَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا سَمَّى الْخَلَّ
وَالْعَبْدَ بِمَا لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ عَلَى مُسَمَّاهُ أَصْلًا جُعِلَ
لَغْوًا، بِخِلَافِ الْقُطْنِ مَثَلًا إذَا سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ
كَالْحَرِيرِ أَخْرَجَهُ إلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدًا
لِلْبَيْعِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فِي الْخَارِجِ أُبْطِلَ
الْعَقْدُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ إمْكَانِهِ
(قَوْلُهُ: وَالْخَمْرُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ
اسْمِهَا (قَوْلُهُ: فَبَاطِلٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْتِ يَا
زَوْجَتِي) وَكَذَا بِدُونِ أَنْتِ كَمَا يَقْتَضِيه قَوْلُهُ بَعْد
وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ) هُوَ قَوْلُهُ كَبِعْتُكَ
الْحُرَّ وَالْعَبْدَ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ
الْأَمْثِلَةِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْمَبِيعِ) هُوَ بِمَعْنَى الْبَاءِ
وَالْمُرَادُ بِنَحْوِ الْمَبِيعِ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الْحَرَامِ
بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِهِ لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ (قَوْلُهُ:
وَنَحْوُهَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا أُورِدَ فِيهِ الْعَقْدُ عَلَى مَا
يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ كَأَنْ أَجَّرَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ أَوْ أَعَارَ أَوْ وَهَبَ مُشْتَرِكًا
بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا
مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جُمِعَ فِي صَفْقَةٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجْرِي) أَيْ التَّفْرِيقُ فَيَبْطُلُ فِي كُلٍّ
مِنْهُمَا الْعَقْدُ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى
اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا
وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُسْتَعِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ
الْبُطْلَانِ فِي الرَّهْنِ إذَا أَجَّرَهُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ
أَجَّرَهُ لَهُ صَحَّ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ صَحَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ:
أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ) أَيْ ثَمَّ إنْ وَضَعَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَهُ
عَلَى الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُدَّةَ
اسْتِيلَائِهِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَمْ لَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ
مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ دَعَتْ
جَازَ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ
إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ النَّاظِرُ عَالِمًا أَمْ
جَاهِلًا خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ اهـ مُؤَلِّفٌ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ سم
عَلَى حَجّ: أَيْ وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةُ حَيْثُ كَانَتْ
الْحَاجَةُ نَاجِزَةً كَأَنْ انْهَدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ يَسْتَأْجِرُهُ
بِمَا يَفِي بِعِمَارَتِهِ إلَّا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَا شَرَطَ
الْوَاقِفُ، أَمَّا إجَارَتُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً زِيَادَةٌ عَلَى شَرْطِ
الْوَاقِفِ لِغَرَضِ إصْلَاحِ الْمَحَلِّ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ خَلَلٍ فِيهِ
بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ حَالَ
الْعَقْدِ وَالْأُمُورُ الْمُسْتَقْبَلَةُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَمِنْ
الضَّرُورَةِ مَا لَوْ صُرِفَتْ الْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ ثُمَّ
انْهَدَمَ الْمَوْقُوفُ وَاحْتِيجَ فِي إعَادَتِهِ إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً
وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ مَا يَعْمُرُ بِهِ غَيْرُ الْغَلَّةِ فَإِنَّ
ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ
مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْغَلَّةَ عَنْ الْمُسْتَحَقِّينَ ثُمَّ
يَدَّخِرُهَا لِلْعِمَارَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَبِعْتُك الْحُرَّ وَالْعَبْدَ) أَيْ أَوْ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ التَّمْثِيلِ
بِالْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالْعَبْدِ وَالْحُرِّ إلَخْ، فَهُوَ غَيْرُ
قَوْلِهِ الْآتِي. وَيَجْرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ
كَإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا إلَخْ
(3/479)
أَوْ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ
الْجَائِزِ لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ لَا
يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَرْضٌ
مُنَاصَفَةً فَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا قِطْعَةً مَحْفُوفَةً
بِجَمِيعِهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا يَصِحُّ فِي
شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ
وَأَقَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا
الضَّرَرُ الْعَظِيمُ لِلشَّرِيكِ بِمُرُورِ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّتِهِ
إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَبِيعِ اهـ.
وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ الضَّرَرُ طَرِيقًا،
وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ ذَلِكَ
بِالشِّرَاءِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمَمَرِّ أَوْ الْقِسْمَةِ فَلَمْ
يَتَعَيَّنْ الْإِضْرَارُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ مَا
يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ، وَلَا يُنَافِيه مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ
بَيْعِ مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ مُطْلَقًا لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَى
الْمَمَرِّ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ
الْآخَرِ بَيْعُهُ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ جَزْمًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا
ذُكِرَ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَلَا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ
الصِّحَّةَ فِي الْحِلِّ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ
قِيمَتِهِمَا قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ
يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ
التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَهَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا هُنَا إذْ نَحْوُ
عَبْدِهِ الَّذِي صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ
الْعَقْدِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، إذْ الْجَهْلُ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ
عَلَيْهِ مَحْذُورٌ وَهُوَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ لِانْدِفَاعِ
الضَّرَرِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ
فَإِنَّ صِحَّتَهُ فِيهِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَحْذُورُ.
لَا يُقَالُ: قَدْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِسَبَبِ
كَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمُفْسِدِ كَمَا يَأْتِي فَلِمَ صَحَّ الْمَبِيعُ
فِي الْحِلِّ حِينَئِذٍ مَعَ الْجَهْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ
الثَّمَنِ وَوُقُوعُ التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا لَا إلَى غَايَةٍ
وَانْقِطَاعُهُ بِقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا
فَرْقٍ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ
عَلَيْهِمَا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَرَامِ نَادِرٌ فَأَعْطَوْهُ حُكْمَ
الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْحَرَامِ إعْطَاءً لِكُلٍّ
مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ،
وَلَمْ يُبَالُوا بِتَخَلُّفِ عِلَّتِهِمْ فِيهِ لِنُدُورِهِ،
وَالتَّعَالِيلُ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَأَوْضَحَ
مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّنَازُعَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُؤَدِّي
إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ بِالتَّحَالُفِ
الْمُؤَدِّي لِلْفَسْخِ وَثَمَّ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ وَلَا
تَخَالُفَ فِيهِ فَيَدُومُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْبُطْلَانُ فِي
الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ.
قَالَ الرَّبِيعُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَرُدَّ
بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ آخِرَهُمَا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْفَتْوَى،
وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى
بِهِ، أَمَّا إذَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّرْجِيحِ
وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا، وَالْقَوْلَانِ
بِالْأَصَالَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَطَرْدًا فِي
بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَالصِّحَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْعَرَايَا) أَيْ أَوْ زَادَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى
الْقَدْرِ الْجَائِزِ) أَيْ وَهُوَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ:
لِوُقُوعِهِ فِي الْعَقْدِ) يُتَأَمَّلُ فَقَدْ تُوجَدُ هَذِهِ الْعِلَّةُ
فِي صُورَةِ التَّفْرِيقِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُهُ
بِالنَّهْيِ عَنْهُ تَأْدِيَتُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ
عِنْدَ إرَادَةِ التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ
فِيهِ) وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الزِّيَادَةِ فِي
عَقْدِ الْهُدْنَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ
تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِحَمْلِهِ عَلَى
صُورَةٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الضَّرَرُ بَعْدَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي
الْمَحْفُوفَةِ بِمِلْكِهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَإِمْكَانُ
الشِّرَاءِ عَارِضٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ لَا نَظَرَ
إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْحَمْلَ مَا مَرَّ أَرَادَ بِهِ
مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا مِنْ أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ
تَضَيَّقَتْ بِالْمَرَافِقِ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ بِرَفْعِ
الْعَلَامَةِ، وَقَدْ يَمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّ
الضَّرَرَ يَنْدَفِعُ فِيهِ بِرَفْعِ الْعَلَامَةِ مَعَ بَقَاءِ الْأَرْضِ
عَلَى حَالِهَا مِنْ الشَّرِكَةِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ بَيْعُهُ)
أَيْ الْمُشْتَرَكِ دُونَ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ: قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ)
أَيْ الْوَكِيلُ وَعِبَارَةُ حَجّ لَوْ بَاعَا إلَخْ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ
الْمَحْذُورُ) وَهُوَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا
نَحْنُ فِيهِ) هُوَ قَوْلُهُ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ:
وَثَمَّ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ) تَكَفَّلَ
الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ بِرَدِّهِ (قَوْلُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ
عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ بِوَكَالَةِ الشَّرِيكِ كَمَا نَبَّهَ
عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لَوْ بَاعَا
عَبْدَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ
الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ مَذْهَبَ
الشَّافِعِيِّ إذَا أَفْتَى بِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ
(3/480)
فِي الْأُولَى دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ،
وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ
دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا مَرَّ فِي التَّقْدِيرِ فِي
الْأَوَّلَيْنِ مَعَ فَرْضِ تَغْيِيرِ الْخِلْقَةِ فِي الْأُولَى، وَلِمَا
فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ عَبْدَ الْبَائِعِ
بِخِلَافِ مَا يَخُصُّهُ فِي الرَّابِعَةِ. .
وَإِذَا صَحَّ فِي مِلْكِهِ فَقَطْ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا
كَمَا فِي الْمَطْلَبِ لِكَوْنِهِ خِيَارَ نَقْصٍ (إنْ جَهِلَ) ذَلِكَ
لِضَرَرِهِ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْذُورًا
لِجَهْلِهِ فَهُوَ كَعَيْبٍ ظَهَرَ فَلَوْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ
لَهُ لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْعَقْدَ أَوْ كَانَ عَالِمًا
بِالْحَرَامِ عِنْدَهُ (فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ (مِنْ
الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) لِإِيقَاعِهِمَا الثَّمَنَ فِي
مُقَابَلَتِهِمَا جَمِيعًا فَلَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِهِمَا إلَّا
بِقِسْطِهِ، فَلَوْ كَانَ قِيمَتُهُمَا ثَلَثَمِائَةٍ وَالْمُسَمَّى
مِائَةً وَخَمْسِينَ وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ مِائَةٌ فَحِصَّتُهُ مِنْ
الْمُسَمَّى خَمْسُونَ وَمَحَلُّ التَّقْسِيطِ إذَا كَانَ الْحَرَامُ
مَقْصُودًا وَإِلَّا كَالدَّمِ فَيَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ
تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا
يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ
قَوْلِهِمْ يُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا
وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ قِنًّا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا
لَا عَصِيرًا وَالْخِنْزِيرُ عَنْزًا بِقَدْرِهِ كِبَرًا وَصِغَرًا لَا
بَقَرَةً لَكِنْ قَالَا فِي الصَّدَاقِ: إنَّهُ يُقَدَّرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ عَبْدَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي
الْأُولَيَيْنِ.
(قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ ذَلِكَ) وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ
ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
الْإِقْدَامِ عَلَى مَا عُلِمَ فِيهِ الْفَسَادُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ
الْعَقْدَ) أَيْ أَوْ قَصَرَ بَعْدَ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ
الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا
يُكْتَفَى فِي التَّقْوِيمِ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ
وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ
كَالْوِلَايَةِ وَهِيَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ:
جَمِيعًا مَعًا) أَيْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ:
أَنَّ الصِّحَّةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا
يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ
لِلْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا اهـ.
مُؤَلِّفٌ. وَنَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا
الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ
بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الشَّرْحِ
الْكَبِيرِ لَهُ عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ سم - رَحِمَهُ
اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: وَفِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ نَظَرٌ لِلُحُوقِ
الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ عَلَى
الْبَهْجَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرُوا إلَخْ: نَعَمْ إنْ
كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ اُتُّجِهَ عَدَمُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ
غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ اهـ. أَقُولُ:
وَيُوَجَّهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِلُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ
رَأَيْته فِي سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ يُوَزِّعُ
إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ
بِالصِّحَّةِ لَوُزِّعَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ فَرْضِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ
مَالًا كَفَرْضِ الدَّمِ مَغَرَّةً مَثَلًا كَمَا فُرِضَ الْخِنْزِيرُ
شَاةً (قَوْلُهُ: وَالْخَمْرُ خَلًّا) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ:
وَلَا يُنَافِيه مَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَقْوِيمِهِ عِنْدَ مَنْ
يَرَى لَهُ قِيمَةً لِظُهُورِ الْفَرْقِ فَإِنَّهُمَا ثَمَّ فِي حَالَةِ
الْعَقْدِ كَانَا يَرَيَانِ لَهُ قِيمَةً فَعُومِلَا بِاعْتِقَادِهِمَا
بِخِلَافِهِ هُنَا. فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ هُنَا
لَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ قُوِّمَ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً. قُلْت:
يُمْكِنُ أَنْ يَلْتَزِمَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ
الْبَيْعَ يَحْتَاطُ لَهُ لِكَوْنِهِ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ
أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاطُ لِلصَّدَاقِ إذْ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهِ.
[فَرْعٌ] سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا
لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ كِتَابٍ فَبَاعَهُ مَعَ كِتَابٍ آخَرَ لِلْوَكِيلِ
فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ هَلْ يَصِحُّ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَبْطُلُ فِي
الْجَمِيعِ وَلَا يَدْخُلُهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ
مَأْذُونٍ فِيهِ، ذَكَرَهُ فِي التِّبْيَانِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ
كَلَامِهِمْ صِحَّةُ بَيْعِهِ لِكِتَابِهِ وَأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ
يَدْخُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ مَا فِي
التِّبْيَانِ مِنْ الْبُطْلَانِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَبْدَهُ وَعَبْدَ
غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَبَيْعُ الْوَكِيلِ لِكِتَابِهِ كَبَيْعِ عَبْدِ
نَفْسِهِ وَلِكِتَابِ الْمُوَكِّلِ كَبَيْعِ عَبْدِ غَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
مَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ فَرُبَّمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا
مُخَالَفَةٌ (قَوْلُهُ: دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا مَرَّ) صَوَابُهُ
لِمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ فِي مُتَقَوِّمَيْنِ،
بِخِلَافِ مِثْلِيَّيْنِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي
التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ
(3/481)
الْخَمْرُ بِالْعَصِيرِ، ثُمَّ قَالَا:
وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُقَدَّرُ خَلًّا، هَذَا
حَاصِلُ مَا فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَقَدْ تَمَحَّلَ
بَعْضُهُمْ لِمَنْعِ التَّنَاقُضِ وَأَجْرَى مَا فِي كُلِّ بَابٍ عَلَى مَا
فِيهِ بِمَا حَاصِلُهُ إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ هُنَا لِلتَّقْوِيمِ عِنْدَ
مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ:
أَيْ وَالْبَيْعُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ
يَجْهَلُونَ قِيمَةَ الْخَمْرِ عِنْدَ أَهْلِهَا مِنْ الْكُفَّارِ،
وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِصِحَّتِهَا بِالنَّجَسِ فَلَمْ
يَحْتَجْ إلَيْهَا لِبَيَانِ الْقِسْمَةِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَهِيَ
تَابِعَةٌ، وَفِي الصَّدَاقِ لِعِلْمِهِمَا بِهَا إذْ هُمَا كَافِرَانِ
(وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدِ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى
مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فَكَانَ الْآخَرُ كَالْمَعْدُومِ (وَلَا خِيَارَ
لِلْبَائِعِ) وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحَالِ لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ مَا لَا
يَمْلِكُهُ وَعُذْرُهُ بِالْجَهْلِ نَادِرٌ.
(وَ) ضَابِطُ الْقِسْمِ الثَّانِي أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْضٌ
مِنْ الْمَبِيعِ يَقْبَلُ الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ: أَيْ إيرَادُ
الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَ) مِنْ ذَلِكَ (مَا لَوْ) (بَاعَ
عَبْدَيْهِ) مَثَلًا (فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا) أَوْ كَانَ دَارًا فَتَلِفَ
سَقْفُهَا (قَبْلَ قَبْضِهِ) فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَتَسْتَمِرُّ
صِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ عَلَى
قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ
الْمِثْلِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ مُتَقَوِّمًا حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ
مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ
كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَوْزِيعُ الثَّمَنِ فِي الْمِثْلِيِّ:
أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ، وَفِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى
الْأَجْزَاءِ، وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ بِاعْتِبَارِ
الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا (لَمْ يَنْفَسِخْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
بِإِذْنِهِ مَعَ عَبْدِهِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَ بَيْعِ الْعَبْدَيْنِ
فَكَذَا بَيْعُ الْكِتَابَيْنِ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ:
مِنْ الِاخْتِلَافِ) الْمُتَبَادَرِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ
الِاخْتِلَافِ هُوَ تَقْدِيرُ الْخَمْرِ خَلًّا هُنَا وَعَصِيرًا فِي
الصَّدَاقِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ دَفْعِ التَّنَاقُضِ الَّذِي
ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ:
لِتَقْصِيرِهِ بِبَيْعِهِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مَغْرُورًا
كَأَنْ ظَنَّهُمَا مِلْكَهُ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُقَصِّرٌ اهـ سم عَلَى
مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ) وَكَذَا
الْمِثْلِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا
أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: أَيْ الْمُتَّفِقِ الْقِيمَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: جَمِيعًا مَعًا) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ:
وَرَجَعَ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْوَصِيَّةِ ذِكْرٌ
فِي تَقْرِيرِ التَّنَاقُضِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا) يَعْنِي
الْقِيمَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمَا
بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الَّذِي مَرَّ فِي
كَلَامِهِ فِي تَقْرِيرِ التَّنَاقُضِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ اعْتَبَرَا
الْخَمْرَ فِي الصَّدَاقِ عَصِيرًا وَلَا ذِكْرَ لِلْقِيمَةِ فِيهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَشَارَ فِي التُّحْفَةِ إلَى أَنَّهُ
وَقَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَنَاقُضٌ لِلشَّيْخَيْنِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ
بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فِي التُّحْفَةِ
اكْتِفَاءً بِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَحَمَّلَهُ
بَعْضُهُمْ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَفَهِمَ الشَّارِحُ أَنَّ
التَّنَاقُضَ الَّذِي بَيَّنَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي شَرْحِهِ
لِلْإِرْشَادِ هُوَ التَّنَاقُضُ الَّذِي فِي الْمُهِمَّاتِ فَنَسَبَهُ
إلَيْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ هَذَا التَّمَحُّلَ فَلَمْ يُوَافِقْهُ
عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ حَاصِلُ
مَا فِي الْمُهِمَّاتِ مَمْنُوعٌ، بَلْ حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّ
الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَ
كِلَابًا وَأَوْصَى بِأَحَدِهَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِهِ مِنْ
الثُّلُثِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ
الرُّءُوسِ وَتَنْفُذُ فِي وَاحِدٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ،
وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ مَنَافِعُهَا فَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا كَلْبًا
وَطَبْلَ لَهْوٍ وَزِقَّ خَمْرٍ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ.
وَذَكَرَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا
تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ إذَا أَصْدَقَهَا زَوْجُهَا الْمُشْرِكُ
صَدَاقًا فَاسِدًا فَقَبَضَتْ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَنَّهُمَا إنْ
سَمَّيَا جِنْسًا وَاحِدًا مُتَعَدِّدًا كَخِنْزِيرٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ
عَدَدُهُمَا أَوْ قِيمَتُهُمَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، إنْ
سَمَّيَا جِنْسَيْنِ فَأَكْثَرَ وَقَبَضَتْ أَحَدَ الْأَجْنَاسِ فَهَلْ
يُنْظَرُ إلَى الْأَجْنَاسِ فَكُلُّ جِنْسٍ فِيمَا لَوْ سَمَّيَا ثَلَاثَةَ
أَجْنَاسٍ ثُلُثٌ أَمْ إلَى الْأَعْدَادِ أَمْ إلَى الْقِيمَةِ؟ ثَلَاثَةُ
أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الثَّالِثُ، وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ
أَصَحُّهَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَالثَّانِي
يُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. وَقَالَ فِي
أَوَائِلِ الصَّدَاقِ: وَلَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا
(3/482)
فِي الْآخَرِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ
(عَلَى الْمَذْهَبِ) مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ
فَلَمْ تَضُرَّ كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ لِأَرْشِ الْعَيْبِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ
بَاعَ مَا يَمْلِكُهُ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْفَسَادِ
الْمَقْرُونِ بِالْعَقْدِ وَالْفَسَادِ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفِي
مَعْنَى صُورَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ بَاعَ عَصِيرًا فَصَارَ بَعْضُهُ
خَمْرًا قَبْلَ قَبْضِهِ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، وَخَرَجَ بِتَلَفِ مَا
يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ سُقُوطُ يَدِ الْمَبِيعِ وَعَمَى عَيْنَيْهِ
وَاضْطِرَابُ سَقْفِ الدَّارِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُفْرَدُ
بِالْعَقْدِ، فَفَوَاتُهَا لَا يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ بَلْ الْخِيَارَ
لِيَرْضَى بِالْمَبِيعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَفْسَخُ وَيَسْتَرِدُّ
الثَّمَنَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ مَا يَقْبَلُ
الْإِفْرَادَ بِالْعَقْدِ وَإِنْ أَوْجَبَ الِانْفِسَاخَ فِيهِ فَلَا
يُوجِبُ الْإِجَازَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ (بَلْ يَتَخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي
فَوْرًا كَمَا مَرَّ بَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالْإِجَارَةِ لِتَبْعِيضِ
الصِّفَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْحِصَّةِ) كَنَظِيرِ مَا مَرَّ
(قَطْعًا) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ
الثَّمَنِ وَضَعُفَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ
مَا حَدَثَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ فِيهِ
عَلَيْهِمَا ابْتِدَاءً.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ
كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مَنْظُورٍ
إلَيْهِ أَصَالَةً فَاغْتُفِرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ
فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ الْمُثَمَّنِ
فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ فَأَثَّرَ تَفْرِيقُهُ دَوَامًا
أَيْضًا. .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ (وَلَوْ) (جُمِعَ)
الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ (فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ
كَإِجَارَةِ وَبَيْعٍ) كَأَجَّرْتُكَ دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك ثَوْبِي
هَذَا بِدِينَارٍ، وَوَجْهُ اخْتِلَافِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْعٌ] بَاعَهُ زَوْجَيْ خُفٍّ مَثَلًا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ
قَبْضِهِ فَهَلْ يُقَوَّمُ الْبَاقِي عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ مَضْمُومًا
لِلتَّالِفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ
لَمْ يَقَعْ بِاخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَمَكِّنٌ بَعْدَ
التَّلَفِ مِنْ النَّسْخِ بِالْخِيَارِ فَيُفْرَضُ أَنَّ الْبَاقِي كَأَنَّ
الْعَقْدَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ مُنْفَرِدًا فَيُقَوَّمُ كَذَلِكَ. وَنُقِلَ
بِالدَّرْسِ عَنْ طب مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ مِنْ تَقْوِيمِهِ مُنْفَرِدًا
(قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَضُرُّ سُقُوطُ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ الثَّمَنِ
فِيمَا إذَا وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ
(قَوْلُهُ: فَصَارَ بَعْضُهُ خَمْرًا) أَيْ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ أَمَّا إذَا
تَخَلَّلَ فَلَا انْفِسَاخَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) هُوَ تَلَفُ مَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ أَصَالَةً) يَتَأَمَّلُ مَعْنَى
الْأَصَالَةِ فِي الثَّمَنِ سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ
نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ، فَإِنَّ الثَّمَنَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ
الْبَاءُ مِنْهُمَا وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ
غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ
بِهَذَا الدِّينَارِ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذَا الثَّوْبِ، اللَّهُمَّ
إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْأَصَالَةِ مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ
أَنَّ الثَّمَنَ نَقْدٌ وَالْمُثَمَّنَ عَرَضٌ، وَالْمَقْصُودُ غَالِبًا
تَحْصِيلُ الْعُرُوضِ بِالثَّمَنِ لِلِانْتِفَاعِ بِذَوَاتِهَا كَلُبْسِ
الثِّيَابِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ، وَالنَّقْدُ لَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ بَلْ
لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِهِ، وَقَدْ يُقْصَدُ لِذَاتِهِ كَأَنْ يُرِيدَ
تَحْصِيلَهُ لِاِتِّخَاذِهِ حُلِيًّا أَوْ إنَاءً لِلتَّدَاوِي لِلشُّرْبِ
فِيهِ أَوْ مِيلًا لِلِاكْتِحَالِ بِهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِجَلَاءِ
غِشَاوَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ الْعَاقِدُ) هُوَ الْأَوْلَى لِلْمُغَايَرَةِ
بَيْنَ الْمُفَاعِلِ وَمَحَلِّ الْجَمْعِ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ فَإِنَّ
التَّقْدِيرَ عَلَيْهِ وَلَوْ جُمِعَ عَقْدٌ فِي عَقْدٍ مُخْتَلِفَيْ إلَخْ
فَيَتَّحِدُ الْفَاعِلُ لِلْجَمْعِ وَمَحَلُّهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا
عَقْدٌ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَوْ مَيْتَةً، فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ،
وَالثَّانِي يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْمُسَمَّى، فَعَلَى هَذَا تُقَدَّرُ
الْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً، إلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا الْخَمْرُ فَيُقَدَّرُ
عَصِيرًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حَكَيْنَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ
وَجْهًا أَنَّهُ يُقَدَّرُ خَلًّا وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَاكَ اخْتِيَارَ
الْعَصِيرِ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْ
الْمُهِمَّاتِ. وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَلْخِيصِ الشَّارِحِ لَهُ وَمَا
فِي قَوْلِهِ لَكِنْ قَالَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ الْخَمْرُ
بِالْعَصِيرِ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا إلَّا تَفْرِيعًا
عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا عَرَفْت
(قَوْلُهُ: بَعْضُ مَا يُقْبَلُ) الْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ، لَكِنَّ
الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ بَعْضٍ أَوْ لَفْظِ مَا لِمَا فِي الْجَمْعِ
بَيْنَهُمَا مِنْ الْإِيهَامِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنَّ أَفْرَادَ
التَّالِفِ بِالْعَقْدِ وَإِنْ وَجَبَ الِانْفِسَاخُ فِيهِ لَا يُوجِبُ
الْإِجَازَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ انْتَهَتْ
(3/483)
اشْتِرَاطُ التَّأْقِيتِ فِيهَا غَالِبًا
وَبُطْلَانُهُ بِهِ وَانْفِسَاخُهَا بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْقَبْضِ دُونَهُ
(أَوْ) إجَارَةُ عَيْنٍ (وَسَلَمٍ) كَأَجَّرْتُكَ دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك
صَاعَ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِي سَلَمًا بِكَذَا لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ الْعِوَضِ
فِي الْمَجْلِسِ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِهِ بِخِلَافِهَا (صَحَّا فِي
الْأَظْهَرِ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى إذَا وُزِّعَ
عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأُجْرَةُ الدَّارِ
كَمَا قَالَ (وَيُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) وَتَسْمِيَةُ
الْأُجْرَةِ قِيمَةً صَحِيحٌ إذْ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ قِيمَةُ
الْمَنْفَعَةِ.
وَوَجْهُ صِحَّتِهِمَا أَنَّ كُلًّا يَصِحُّ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَضُرَّ
الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا أَثَرَ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ
حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ
الْمُحْوِجَيْنِ إلَى التَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْجَهْلِ عِنْدَ
الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَارٍ
كَبَيْعِ ثَوْبٍ وَشِقْصٍ صَفْقَةً وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الشُّفْعَةِ
وَاحْتِيجَ لِلتَّوْزِيعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِمَا ذُكِرَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ
لَيْسَ الْمُرَادُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ هُنَا مُطْلَقُ
اخْتِلَافِهَا، بَلْ اخْتِلَافُهَا فِيمَا يَرْجِعُ لِلْفَسْخِ
وَالِانْفِسَاخِ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهِمَا تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا
تُرَدُّ مَسْأَلَةُ الشِّقْصِ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّهُ وَالثَّوْبَ
دَخَلَا تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ هُوَ الْبَيْعُ، وَمَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ
مِنْ بَيْعِ عَبْدَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ
الْآخَرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ؛ وَلِهَذَا
قَالَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَلَمْ يَقُلْ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ
عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ يُرَدُّ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا
لِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
صَرَّحَ بِذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فِيهَا
غَالِبًا) وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ كَأَنْ قُدِّرَتْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ
بِمَحَلِّ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَانْفِسَاخُهَا) عَطْفٌ عَلَى اشْتِرَاطٍ
فَهُوَ تَوْجِيهٌ ثَانٍ لِلِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةُ عَيْنٍ)
لَعَلَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْعَيْنِ لِيَتَأَتَّى اخْتِلَافُ
الْأَحْكَامِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّلَمِ فِي وُجُوبِ قَبْضِ عِوَضِهِ
دُونَهَا، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي
إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَالسَّلَمِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُطْلِقَ فِيهَا
لَصَحَّ ذَلِكَ، وَكَفَى فِي الْفَرْقِ أَنَّ السَّلَمَ يُعْتَبَرُ
الْقَبْضُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ
الْأُجْرَةَ يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا إذَا وَرَدَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى
مَا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ (قَوْلُهُ:
بِخِلَافِهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَارٍّ) أَيْ
لِاغْتِفَارِهِمْ لَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَسْأَلَةِ الشِّقْصِ
الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِمَا
قَدْ يَعْرِضُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهِمَا) أَيْ
الْعَيْنَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ
وَالثَّوْبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ
إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهِمَا قَطْعًا، لَكِنَّ
عِبَارَةَ حَجّ: نَعَمْ أُورِدَ عَلَيْهِ بَيْعُ عَبْدَيْنِ بِشَرْطِ
الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ
فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[جُمِعَ الْعَاقِدُ أَوْ الْعَقْدُ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ]
قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ التَّأْقِيتِ فِيهَا غَالِبًا وَبُطْلَانُهُ بِهِ)
لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ
بِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ مُطْلَقُ اخْتِلَافِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ:
وَوَجْهُ صِحَّتُهُمَا أَنَّ كُلًّا يَصِحُّ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَضُرَّ
الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) هَذَا مَوْجُودٌ فِي كُلِّ الْعُقُودِ فَيَقْتَضِي
أَنَّ كُلَّ عَقْدَيْنِ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ (قَوْلُهُ:
لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يَعْرِضُ، وَمَا فِي
قَوْلِهِ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ وَاقِعٌ عَلَى الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ
الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ عِبَارَتِهِ
الْآتِيَةِ فِي تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَمَا أُورِدَ
عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا فِي الضَّابِطِ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ عَدَمِ
دُخُولِهِمَا تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي
أَحَدِهِمَا) أَيْ مُعَيَّنًا حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَيَصِحَّ
الْبَيْعُ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَهَذَا غَيْرُ مَا فِي التُّحْفَةِ
مِنْ بَيْعِ عَبْدَيْنِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى
الْإِبْهَامِ حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيهِمَا لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا
أَوْرَدَ هَذَا عَلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ
فِيهِ، وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ مَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي
أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.
وَحَاصِلُ إيرَادِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ أُجْرِي
فِيهَا الْخِلَافَ: أَيْ أَجْرَاهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ مَعَ عَدَمِ
دُخُولِهَا فِي الضَّابِطِ السَّابِقِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ
إنَّمَا أَجْرَى الْخِلَافَ فِيهَا مَعَ عَدَمِ دُخُولِهَا فِي الضَّابِطِ
لِقُرْبِهَا مِنْ الْقَاعِدَةِ بِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ الْمُوجِبِ
لِلْفَسْخِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ جَرَيَانُ
الْخِلَافِ فِيهِ
(3/484)
كَأَنْ أَفْضَى إلَى جَرَيَانِ الْخِلَافِ
فِيهِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالْقَاعِدَةِ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ
الشِّقْصِ وَتَمَلُّكُهُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ آخَرَ يَقَعُ
بَعْدُ فَلَا يُؤَثِّرُ وَالتَّقْيِيدُ بِمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِبَيَانِ
مَحَلِّ الْخِلَافِ.
فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُتَّفِقَيْنِ كَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ كَأَنْ خَلَطَ
أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ وَشَارَكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا
وَقَارَضَهُ عَلَى الْآخَرِ فَقَبِلَ صَحَّ جَزْمًا لِرُجُوعِهِمَا إلَى
الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا
جَائِزًا كَالْبَيْعِ: أَيْ الَّذِي يَشْتَرِطُ قَبْضَ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ
بِدَلَالَةِ مَا يَأْتِي وَالْجَعَالَةَ فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ
الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إذْ الْجَمْعُ بَيْنَ جَعَالَةٍ لَا تَلْزَمُ
وَبَيْعٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِمَا فِيهِ مِنْ
تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَلْزَمُ
تَسْلِيمُهُ إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ، وَمِنْ جِهَةِ صَرْفٍ يَجِبُ
تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى قَبْضِ مَا يَخُصُّ
الصَّرْفَ مِنْهَا، وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَقْتَضِي تَنَافِي
الْمَلْزُومَاتِ كَمَا عُلِمَ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ
إجَارَةِ ذِمَّةٍ أَوْ سَلَمٍ وَجَعَالَةٍ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ
الْبَيْعِ وَالْجَعَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي
الْمَجْلِسِ، كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمُقَابِلُ
الْأَظْهَرِ بِبُطْلَانٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِاخْتِلَافِ
حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخُ مَا
يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ، وَيَلْزَمُ
الْجَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ
وَذَلِكَ مَحْذُورٌ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِنَا وَلَا أَثَرَ لِمَا قَدْ
يَعْرِضُ إلَى آخِرِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اشْتَمَلَ
الْعَقْدُ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ
كَصَاعِ بُرٍّ وَثَوْبٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ كَمَا فِي بَيْعٍ وَسَلَمٍ.
(أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَاتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ فَزَوَّجْتُك ابْنَتِي
وَبِعْتُك عَبْدَهَا بِأَلْفٍ وَهِيَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ بِعْتُك ثَوْبِي
وَزَوَّجْتُك أَمَتِي (صَحَّ النِّكَاحُ) لِانْتِفَاءِ تَأَثُّرِهِ
بِفَسَادِ الصَّدَاقِ بَلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الَّتِي جَرَى فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيهَا الْقَوْلَانِ مَعَ
الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ:
لِرُجُوعِهِمَا) أَيْ الْعَقْدَيْنِ (قَوْلُهُ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ)
بِأَنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ رِبَوِيًّا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ
بِقَوْلِهِ وَمِنْ جِهَةِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ)
وَهِيَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لُزُومُ قَبْضِ الْعِوَضِ فِي أَحَدِهِمَا
وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي تَنَافِي
الْمَلْزُومَاتِ) أَيْ مَعَ الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ: أَيْ فَيُحْكَمُ
بِبُطْلَانِ الْعَقْدَيْنِ لِتَنَافِيهِمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجَمْعِ
بَيْنَ الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ لِمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ
الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ، وَظَاهِرُهُ،
وَإِنْ اُشْتُرِطَ قَبْضُ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ كَسَلَمٍ
وَجَعَالَةٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
وَيُقَاسُ بِذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ مَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ
عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ الْجَعَالَةِ وَبَيْنَ مَا
يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ مَعَ الْجَعَالَةِ
أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْضُ عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ
وَالرِّبَوِيَّاتُ يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ فَكَانَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ
قَبْضِ الْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ مُنَافِيًا لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ
الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا غَايَةَ الْبُعْدِ،
بِخِلَافِ مَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ
حَيْثُ جَازَ مَعَهُ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ فِيهِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَمْ
يَعُدْ مُنَافِيًا لِلْجَعَالَةِ، هَذَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ سم عَلَى
مَنْهَجٍ جَوَازَ الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَالسَّلَمِ فِي
عَقْدٍ بِمَا نَصُّهُ.
أَقُولُ: اُنْظُرْ هَذَا أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُنَافَاةِ
الْأَحْكَامِ مَعَ تَنَافِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ
رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْبَيْعِ وَهُنَا
تَنَافٍ فِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ صَحَّا وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ
تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفَادَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ:
وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِرُجُوعِهِمَا إلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ) هَذَا
تَعْلِيلٌ لِأَصْلِ الصِّحَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ،
وَالْجَوَابُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَالتَّقْيِيدُ
بِمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ.
وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ
أَوْرَدَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَيَّدَ
بِمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ
التَّقْيِيدَ لِبَيَانِ مَحَلِّ الِاخْتِلَافِ: أَيْ لَا لِلِاحْتِرَازِ
وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْعُقُودُ
اللَّازِمَةُ، قَالَ: وَأَمَّا الْجَائِزَةُ فَبَابُهَا وَاسِعٌ (قَوْلُهُ:
بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَائِزًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ
الرَّوْضِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ
جَائِزًا إلَخْ (قَوْلُهُ كَصَاعِ بُرٍّ وَثَوْبٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ) فِي
شُمُولِ الْمَتْنِ لِهَذِهِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ عَدَمِ
الدُّخُولِ تَحْتَ عَقْدٍ وَاحِدٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ إنَّهُ يُعَكِّرُ
(3/485)
وَلَا بِأَكْثَرِ الشُّرُوط الْفَاسِدَةِ
(وَفِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ أَظْهَرُهُمَا
صِحَّتُهُمَا وَيُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ
الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُخْتَلِفًا كَزَوَّجْتُك
ابْنَتِي وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا فَلَا يَصِحّ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ
وَالصَّدَاقِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ جَمَعَ
بَيْنَ بَيْعٍ وَخُلْعٍ صَحَّ الْخُلْعُ، وَفِي الْبَيْعِ وَالْمُسَمَّى
الْقَوْلَانِ.
وَشَرْطُ التَّوْزِيعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنَّفِ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ
النِّكَاحِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرُ، فَلَوْ كَانَ أَقَلَّ وَجَبَ
مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا لَمْ تَأْذَنْ الرَّشِيدَةُ
فِي قَدْرِ الْمُسَمَّى فَيُعْتَبَرُ التَّوْزِيعُ مُطْلَقًا.
(وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) مِمَّنْ ابْتَدَأَ
بِالْعَقْدِ لِتَرَتُّبِ كَلَامِ الْآخِرِ عَلَيْهِ (كَبِعْتُكَ ذَا
بِكَذَا وَذَا بِكَذَا) وَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُفَصِّلْ،
فَلَوْ قَالَ بِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ وَجَارِيَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ
فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي
تَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ
الصِّحَّةِ فَرَّعَهُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ إذْ الْقَبُولُ غَيْرُ
مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ وَالْعَدَدِ، وَالْكَثِيرُ فِي تَعَدُّدِ
الصَّفْقَةِ بِحَسَبِهِ كَالْقَلِيلِ، وَمَا قُيِّدَ بِهِ فِي الْخَادِمِ
مِنْ عَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ فَإِنْ طَالَ صَحَّ فِيمَا لَمْ يُطِلْ
بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ رُدَّ بِأَنَّ الْمُتَّجِهَ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا
يَضُرُّ الطُّولُ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ
ذِكْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) كَبِعْنَاكَ
هَذَا بِكَذَا فَتُعْطَى حِصَّةُ كُلٍّ حُكْمَهَا.
نَعَمْ لَوْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ
لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي جَوَابَهُمَا جَمِيعًا (وَ)
كَذَا تَتَعَدَّدُ (بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) كَبِعْتُكُمَا هَذَا بِكَذَا
(فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى الْبَائِعِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ
الْمُشْتَرِي يَبْنِي عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ وَاقْتَصَرَ
عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ فِيهِمَا وَإِلَّا فَهِيَ تَتَعَدَّدُ
بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَاعَهُمَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ
فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بَاعَاهُ عَبْدًا
بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نِصْفَ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ كَمَا
جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَالْمَجْمُوعُ هُنَا
وَهُوَ الْأَوْجَهُ، إذْ الْقَبُولُ هُنَا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ
وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَعَدِّدَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي رَدِّ
كَلَامِ الْقَاضِي فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ
كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعِ عُقُودٍ.
وَمِنْ فَوَائِدِ التَّعَدُّدِ جَوَازُ إفْرَادِ كُلِّ حِصَّةٍ بِالرَّدِّ
كَمَا يَأْتِي وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا حُرًّا مَثَلًا
صَحَّ فِي الْبَاقِي قَطْعًا.
(وَلَوْ وَكَّلَاهُ أَوْ وَكَّلَهُمَا) فِيهِ إعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَى
مَعْلُومٍ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَهُوَ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ (فَالْأَصَحُّ
اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ) إذْ أَحْكَامُ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ،
فَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ وَكِيلِ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْ
وَاحِدٍ أَوْ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُ اثْنَيْنِ أَوْ وَكِيلًا وَاحِدًا
مَعِيبًا جَازَ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِي الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ) مُحْتَرَزٌ، قَوْلُهُ وَاتَّحَدَ
الْمُسْتَحَقُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْقَوْلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الصِّحَّةُ،
(قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ النِّكَاحِ) أَيْ الْوَاقِعَةُ فِي
الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ
الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ.
(قَوْلُهُ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ كَأَنْ بَاعَهُ
عَبْدًا وَجَارِيَةً وَدَارًا مَثَلًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فَصَّلَ) أَيْ
فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ كَأَنْ
قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِمَا فِيهَا مِنْ الرُّفُوفِ
وَالسَّلَالِمِ وَالْإِجَّانَاتِ الْمُثَبَّتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا
يَدْخُلُ فِي مُسَمَّاهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَتَعَدَّدُ الْمُشْتَرِي)
ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ
الْمُشْتَرِي، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبْنِي
عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِمَا إذَا
تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ مِنْ الْبَائِعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَّلَهُ حَجّ
بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ: أَيْ بَيْنَ الْقَطْعِ بِتَعَدُّدِهَا
بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ مَقْصُودٌ
فَنَظَرُوا كُلُّهُمْ إلَى تَعَدُّدِ مَالِكِهِ وَالثَّمَنُ تَابِعٌ
فَجَازَ أَنْ لَا يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ لِتَعَدُّدِ مَالِكِهِ، وَقَوْلُهُ
فَجَازَ أَنْ لَا إلَخْ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ أَوْ
تَأَخَّرَ (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ لِلْبَائِعِ
وَالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَحَدِهِمَا بِخَمْسِمِائَةٍ) هَذِهِ عُلِمَتْ
مِنْ قَوْلِهِ كَبِعْنَاكَ هَذَا بِكَذَا إلَخْ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهَا
هُنَا مَعَ مَا قَبْلَهَا لِوُقُوعِ جُمْلَةِ ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ
الْمُقْرِي (قَوْلُهُ فِي رَدِّ كَلَامِ الْقَاضِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ
الْقَبُولُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْإِيجَابِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُ اثْنَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ:
فَلَوْ اشْتَرَى لِرَجُلَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي تَعْلِيلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجِعَالَةِ
وَالصَّرْفِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فَقِبَل أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ) أَيْ أَوْ مُبْهَمًا
بِالْأَوْلَى
(3/486)
فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ دُونَ
أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، نَعَمْ الْعِبْرَةُ
فِي الرَّهْنِ بِالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى اتِّحَادِ
الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدُ عُهْدَةٍ حَتَّى يُنْظَرَ
فِيهِ إلَى الْمُبَاشَرَةِ، وَمِثْلُهُ الشُّفْعَةُ إذْ مَدَارُهَا عَلَى
اتِّحَادِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اعْتِبَارُ
الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَسَكَتُوا عَمَّا كَمَا لَوْ بَاعَ
الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ عَلَى
الْمَحْجُورِينَ شَيْئًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
كَالْوَكِيلِ فَيُعْتَبَرُ الْعَاقِدُ لَا الْمَبِيعُ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الرَّدُّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ لَمْ
يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَلَوْ اشْتَرَيَا لَهُ رُدَّ
عَقْدُ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ بَاعَ لَهُمَا: أَيْ وَكَالَةً لَمْ يُرَدَّ
نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَا لَهُ وَحَيْثُ لَا يُرَدُّ فَلِكُلٍّ
الْأَرْشُ وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّ صَاحِبِهِ: أَيْ لِظُهُورِ
تَعَذُّرِ الرَّدِّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الشُّفْعَةُ)
فَلَوْ وَكَّلَ وَاحِدٌ اثْنَيْنِ فِي شِرَاءِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ فَلَيْسَ
لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الْمُشْتَرَى نَظَرًا لِلْوَكِيلَيْنِ
بَلْ يَأْخُذُ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكُ الْكُلَّ انْتَهَى.
شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ)
قَالَ سم عَلَى حَجّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ كَالْوَكِيلِ،
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، فَلَوْ بَاعَ وَلِيٌّ لِمَوْلَيَيْنِ
أَوْ وَلِيَّانِ لِمَوْلًى فَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ فِي الثَّانِي
وَتَتَّحِدُ فِي الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَلِلْمُشْتَرِي فِي
الثَّانِي رَدُّ حِصَّةِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ
إذَا كَانَ خِلَافَ الْمَصْلَحَةِ وَيَدْفَعُهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ
عَقْدَيْنِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ
الْمُسْتَقِلِّينَ مَثَلًا عَيْنًا وَالْآخَرُ أُخْرَى لِلْمُشْتَرِي رَدُّ
إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَصْلَحَةِ الْوَلِيِّ
فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا الْمَبِيعُ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصُ
الَّذِي تَصَرَّفَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ عَنْهُ
كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ شَرْعًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ) لَعَلَّهُ
إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفَاءً بِاصْطِلَاحِ
الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِلَّا
فَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.
(3/487)
|