نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج

كِتَابُ اللُّقَطَةِ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَقَدْ تُسَكَّنُ، وَهِيَ لُغَةً: الشَّيْءُ الْمَلْقُوطُ، وَشَرْعًا: مَالٌ أَوْ اخْتِصَاصٌ مُحْتَرَمٌ ضَاعَ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ بِمَحِلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لَمْ يَجُزْ وَلَا عَرَفَ الْوَاجِدُ مُسْتَحِقَّهُ وَلَا امْتَنَعَ بِقُوَّتِهِ، فَمَا وُجِدَ فِي مَمْلُوكٍ فَلِذِي الْيَدِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبْلَهُ إلَى الْمُحْيِي ثُمَّ يَكُونُ لُقَطَةً.
نَعَمْ مَا وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ وَقَدْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ غَنِيمَةٌ، أَوْ بِهِ فَلُقَطَةٌ، وَمَا أَلْقَاهُ نَحْوُ رِيحٍ أَوْ هَارِبٍ لَا يَعْرِفُهُ بِنَحْوِ دَارِهِ أَوْ حِجْرِهِ وَوَدَائِعُ مَاتَ عَنْهَا مُوَرِّثُهُ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكَهَا مَالٌ ضَائِعٌ لَا لُقَطَةٌ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْأُولَى أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ فَيَحْفَظُهُ أَوْ ثَمَنَهُ إنْ رَأَى بَيْعَهُ أَوْ يُقْرِضُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ إنْ تَوَقَّعَهُ وَإِلَّا صُرِفَ لِمَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ جَائِرًا فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَلَوْ وُجِدَ لُؤْلُؤٌ بِالْبَحْرِ خَارِجَ صَدَفِهِ فَلُقَطَةٌ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ خِلْقَةً فِي الْبَحْرِ إلَّا دَاخِلَ صَدَفِهِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَثْقُوبِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي غَيْرِ الْمَثْقُوبِ إنَّهُ لِوَاجِدِهِ، وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ عَنْبَرٍ فِي مَعْدِنِهِ كَالْبَحْرِ وَقُرْبِهِ، وَسَمَكَةٍ أُخِذَتْ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ وَمَا أَعْرَضَ عَنْهُ مِنْ حَبٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَفَتْحُ الْقَافِ) وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَيُقَالُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَلَقَطٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَالِ وَالِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: ضَاعَ) أَيْ وَوُجِدَ بِمَحِلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا امْتَنَعَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْقَيْدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ الْتِقَاطِ الْمُمْتَنِعِ لِلْحِفْظِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي أَفْرَادِ اللُّقَطَةِ.
(قَوْلُهُ: فَلِمَنْ قَبْلَهُ إلَى الْمُحْيِي) أَيْ فَيَكُونُ لَهُ إنْ ادَّعَاهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَجّ وَإِلَّا لَمْ يَدَّعِهِ بِأَنْ نَفَاهُ أَوْ سَكَتَ فَلُقَطَةٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِذِي الْيَدِ إلَّا إنْ ادَّعَاهُ، وَعَلَيْهِ فَيَسْتَوِي حَالُ ذِي الْيَدِ وَحَالُ الْمُحْيِي فِيمَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ لَا يَرَى هَذَا الْقَيْدَ فِي الْمُحْيِي.
وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَقُولُ: يُفَارِقُ هَذَا حَيْثُ شَرَطَ فِي كَوْنِهِ لِأَوَّلِ مَالِكٍ أَنْ يَدَّعِيَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي رِكَازٍ حَيْثُ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ مَا لَمْ يَنْفِهِ بِأَنَّ الرِّكَازَ يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمِلْكِ الْأَرْضِ بِالْإِحْيَاءِ، بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ لَا يُمْلَكُ بِذَلِكَ اهـ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ سم مَبْنِيٌّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَهُمَا قَبْلَ الْإِحْيَاءِ لَمْ يَمْلِكْهُمَا وَلَا بُقْعَتَهُمَا وَإِلَّا مَلَكَهُمَا وَبُقْعَتَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُ مَا ذَكَرَهُ عَلَى كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَفْرُوضٌ فِي مَعْدِنٍ يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَوْ بَاطِنِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ سم فِي مَنْقُولٍ يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْأَرْضِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِهِ) أَيْ أَوْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ أَمْ لَا عَلَى مَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا لَيْسَ بِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ ذَلِكَ) أَيْ مَا عَدَا الْقَرْضَ لِبَيْتِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: وَقُرْبِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
كِتَابُ اللُّقَطَةِ (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ وَصْفٌ لِلْمَالِ وَالِاخْتِصَاصِ، وَانْظُرْ احْتَرَزَ بِهِ فِي الْمَالِ عَنْ مَاذَا؟ (قَوْلُهُ: فَلِمَالِكِهِ) فِي نُسْخَةٍ: فَلِذِي الْيَدِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلِمَنْ قَبِلَهُ إلَى الْمُحْيِي ثُمَّ يَكُونُ لُقَطَةً. (قَوْلُهُ: وَقَرَّبَهُ) الظَّاهِرُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِمَعْدِنِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَسَمَكَةً أُخِذَتْ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْبَحْرِ

(5/426)


فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَنَبَتَ يَمْلِكُهُ مَالِكُهَا، قَالَهُ جَمْعٌ.
وَمِنْ اللُّقَطَةِ أَنْ يُبَدِّلَ نَعْلَهُ بِغَيْرِهِ فَيَأْخُذَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا بِشَرْطِهِ أَوْ تَحَقَّقَ إعْرَاضَ الْمَالِكِ عَنْهَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ أَخْذَ نَعْلِهِ جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ ظَفَرًا بِشَرْطِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا فِي الْجُمْلَةِ لِأَحَادِيثَ فِيهَا يَأْتِي بَعْضُهَا مَعَ أَنَّ الْآيَاتِ الشَّامِلَةَ لِلْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ تَشْمَلُهَا، وَعَقَّبَهَا لِلْهِبَةِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَغَيْرُهُ لِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَيَصِحُّ تَعْقِيبُهَا لِلْقَرْضِ لِأَنَّ تَمَلُّكَهَا اقْتِرَاضٌ مِنْ الشَّارِعِ.
وَأَرْكَانُهَا: لَاقِطٌ، وَمَلْقُوطٌ، وَلَقْطٌ.
وَسَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَفِي اللَّقْطِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ، إذْ لَا يَضْمَنُهَا، وَالْوِلَايَةُ عَلَى حِفْظِهَا كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ وَالِاكْتِسَابُ بِتَمَلُّكِهَا بِشَرْطِهِ، وَهُوَ الْمُغَلَّبُ فِيهَا.

(يُسْتَحَبُّ الِالْتِقَاطُ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ، بَلْ قَالَ جَمْعٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي يَدِ خَائِنٍ (وَقِيلَ يَجِبُ) حِفْظُ الْمَالِ الْآدَمِيِّ كَنَفْسِهِ.
وَرُدَّ بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ كَسْبٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ ابْتِدَاءً، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا تَلِفَتْ صَحِيحٌ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مَالِكَهَا مَوْجُودٌ يَنْظُرُ لَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِيهَا أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا أَنْ يَبْذُلَ لَهَا الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْمَالِكِ مِنْ بَذْلِ ذَلِكَ مَعَ حُضُورِهِ يُعَدُّ بِهِ مُضَيِّعًا لِمَالِهِ فَانْتَفَى الْحَرَجُ عَنْ غَيْرِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ فِيمَا لَوْ مَاتَ رَفِيقُهُ وَتَرَكَ مَالًا وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ طَرِيقًا لِحِفْظِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ تَفْرِيعَهُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَهْمٌ، إذْ فَرْقٌ بَعِيدٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهَا وَقَوْلِنَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا طَرِيقًا لِحِفْظِهَا.
نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعَبٌ فِي حِفْظِهَا وَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَثِمَ بِالتَّرْكِ (وَلَا يُسْتَحَبُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ وَقَوْلُهُ وَسَمَكَةٍ عَطْفٌ عَلَى الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُبَدِّلَ نَعْلَهُ بِغَيْرِهِ) عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالْأَوْلَى بِغَيْرِهَا لِأَنَّ النَّعْلَ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ) أَيْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ حَيْثُ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ) أَيْ وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا (قَوْلُهُ: ظَفَرًا بِشَرْطِهِ) وَهُوَ تَعَذُّرُ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ، ثُمَّ إنْ وَفَّى بِقَدْرِ حَقِّهِ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكٌ وَلَيْسَ مِنْ الْمَالِكِ فِيهَا تَمْلِيكٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّمْلِيكِ نَظَرًا لِأَنَّ الشَّرْعَ أَقْرَضَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهَا اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي يَدِ خَائِنٍ) أَيْ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا.
(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا) الْأَوْلَى تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ اسْمٌ لِلْعَيْنِ وَالْمُرَادُ هُنَا اللَّقْطُ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ أَوْ كَانَ وَخَشِيَ ضَيَاعَهَا إذَا تَرَكَهَا.
(قَوْلُهُ: صَحِيحٌ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ ثَمَّ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ الْمَالِكُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَحِرْزِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالِكَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ طَرِيقًا لِحِفْظِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ مَجَّانًا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَلَّفَ تَرِكَةً وَوَرَثَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَمِنْ الْإِشْهَادِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ.
بِأَنَّ لَهُ مُرَاجَعَةَ الْحَاكِمِ أَوْ الْإِشْهَادَ وَالرُّجُوعَ بِمَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْحَمْلِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْمُضْطَرِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ لَهُ بِلَا مُقَابِلٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا) إذْ مَعْنَى الْأَوَّلِ عَدَمُ الْحَرَجِ فِي التَّرْكِ وَمَعْنَى الثَّانِي وُجُوبُ الْأَخْذِ وَتَرْكُ الْوَاجِبِ مَا تَمَّ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعَبٌ: أَيْ عَادَةً، وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ: أَيْ اللُّقَطَةَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إنْ تَبَدَّلَ نَعْلُهُ بِغَيْرِهِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِنَعْلِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالنَّعْلُ مُؤَنَّثَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ

(قَوْلُهُ: إذْ فَرْقٌ بَعِيدٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُنَا بِالْوُجُوبِ إذَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا طَرِيقًا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْقَائِلِينَ بِالصَّحِيحِ لَا يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِنْ خَافَ إلَخْ إذْ التَّعْيِينُ الْمَذْكُورُ أَخَصُّ مِنْ خَوْفِ الضَّيَاعِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ خَصَّ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ)

(5/427)


لِغَيْرِ وَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ) مَعَ عَدَمِ فِسْقِهِ خَشْيَةَ الضَّيَاعِ أَوْ طُرُوُّ الْخِيَانَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِخَائِفٍ عَلَى نَفْسِهِ يُفَارِقُ هَذَا لِأَنَّ الْخَوْفَ أَقْوَى فِي التَّوَقُّعِ، رَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا: أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَدَارَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَوْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ عَنْ قُرْبٍ وَلَوْ احْتِمَالًا ضَيَاعُهَا (وَيَجُوزُ لَهُ) مَعَ ذَلِكَ الِالْتِقَاطُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ خِيَانَتَهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ وَعَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ، أَمَّا إذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا كَالْوَدِيعَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ سُرَاقَةَ.
وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ خَشْيَةَ اسْتِهْلَاكِهَا.

(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا لَا تَحْرِيمًا الِالْتِقَاطُ (لِفَاسِقٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَخُونُ فِيهَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الِالْتِقَاطِ) كَالْوَدِيعَةِ إذَا قَبِلَهَا.
نَعَمْ يُسْتَحَبُّ وَلَوْ لِعَدْلٍ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ الْخِيَانَةِ وَوَارِثُهُ مِنْ أَخْذِهَا اعْتِمَادًا لِظَاهِرِ الْيَدِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي خَبَرِ زَيْدٍ، وَأَمْرُهُ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْوَدِيعَةِ أَوْجَبَ حَمْلَهُ عَلَى النَّدْبِ، لَا سِيَّمَا وَصَرَفَهُ عَلَى الْوُجُوبِ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهَا ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ» فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْعَدْلَيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ الْعَدْلُ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ وَيَذْكُرُ فِي الْإِشْهَادِ بَعْضَ صِفَاتِهَا وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.
وَلَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْهُ عِلْمَ ظَالِمٍ بِهَا وَأَخْذَهُ لَهَا امْتَنَعَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي اللَّقِيطِ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ أَهَمُّ، وَيُسَنُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهَا أَنَّهَا لُقَطَةٌ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ يَصِحُّ) (الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ) وَالْمُرْتَدِّ إنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ مِلْكُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالسَّفِيهُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي وَقَوْلِهِ وَيُكْرَهُ لِفَاسِقٍ إذْ مُرَادُهُ بِالصِّحَّةِ هُنَا أَنَّ أَحْكَامَ اللُّقْطَةِ هَلْ تَثْبُتُ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لِغَيْرِ وَاثِقٍ بِأَمَانَةٍ) أَيْ وَيَكُونُ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ.
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا ضَاعَتْ عَلَى مَالِكِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ وَكَانَ وَاثِقًا بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ أَخْذِهَا لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِي الْأَمِينِ وَهَذَا فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ وَحُرْمَةِ الْخِيَانَةِ فِيهَا لَمْ يَبْعُدْ.
(قَوْلُهُ: قَبُولُهَا) أَيْ بِمَعْنَى أَخْذِهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَنْسَبَ، وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ.

(قَوْلُهُ لِفَاسِقٍ) أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ تَرْكِ صَلَاةٍ وَإِنْ عُلِمَتْ أَمَانَتُهُ فِي الْأَمْوَالِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ حَجّ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَابَ لَا يُكْرَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْخِيَانَةِ حَالَ الْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعَدْلٍ) أَيْ وَلَوْ لِمُلْتَقِطٍ عَدْلٍ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِيمَنْ يُشْهِدُهُ بِالْمَسْتُورِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَالنِّكَاحِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَشْتَهِرُ غَالِبًا بَيْنَ النَّاسِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِالْمَسْتُورِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْإِشْهَادِ هُنَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْخِيَانَةِ فِيهَا وَجَحْدِ الْوَارِثِ لَهَا فَلَمْ تَكْتَفِ بِالْمَسْتُورِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْخَصْلَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا فِي الْخَبَرِ الثَّانِي وَهِيَ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ كُرِهَ) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَوْعَبَ الْأَوْصَافَ فِي التَّعْرِيفِ حَيْثُ يَضْمَنُ بِحَصْرِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ تُهْمَتِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْهُ) أَيْ الْإِشْهَادِ.
(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ) أَيْ وَضَمِنَ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ م ر: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ اسْتِيعَابَهَا لِلشُّهُودِ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهَا حَرُمَ وَضَمِنَ، وَيُحْمَلُ الْكَلَامُ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
اعْلَمْ أَنَّ الْوُجُوبَ الَّذِي خَصَّهُ الْغَزَالِيُّ لَيْسَ مَذْكُورًا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، وَعِبَارَتِهَا: وَقَالَ جَمْعٌ: بَلْ نُقِلَ عَنْ الْجُمْهُورِ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا لَوْ تَرَكَهَا وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَخَصَّهُ الْغَزَالِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعِبَ فِي حِفْظِهَا إلَخْ.
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ الَّذِي خَصَّهُ الْغَزَالِيُّ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهَا إلَخْ إذْ الْبَعْضُ هُوَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ بِكَثِيرٍ

(قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَهُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ

(5/428)


وَإِنْ مَنَعْنَاهُ الْأَخْذَ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

(وَ) الْتِقَاطُ (الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ حَيْثُ كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ لَا الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ رَدُّ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ الْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ لَا يُوجِبُ فِسْقُهُ حَجْرًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ.

(وَ) الْتِقَاطُ (الذِّمِّيِّ) وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُؤْمِنِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِي دِينِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ فَيَصِحُّ أَوْ الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ فَلَا، وَخَرَجَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ دَارُ الْحَرْبِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ مَرَّ (ثُمَّ الْأَظْهَرُ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَأْتِي الْكَافِرُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا الْعَدْلَ فِي دِينِهِ (أَنَّهُ يُنْزَعُ) الْمُلْتَقَطُ (مِنْ الْفَاسِقِ) وَإِنْ لَمْ يُخْشَ ذَهَابُهُ مِنْهُ (وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ) لِأَنَّهُ لَا تُقَرُّ يَدُهُ عَلَى مَالِ وَلَدِهِ فَمَالُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَالْمُتَوَلِّي لِلنَّزْعِ وَالْوَضْعِ الْحَاكِمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَالثَّانِي لَا يُنْزَعُ وَلَكِنْ يُضَمُّ إلَيْهِ عَدْلٌ مُشْرِفٌ (وَ) الْأَظْهَرُ لَهُ (أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) كَالْكَافِرِ (بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ) عَدْلٌ (رَقِيبٌ) عِنْدَ تَعْرِيفِهِ لِئَلَّا يَخُونَ فِيهِ وَالثَّانِي يُعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ رَقِيبٍ، ثُمَّ إذَا أَتَمَّ التَّعْرِيفَ فَلَهُ التَّمَلُّكُ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِغُرْمِهَا إذَا جَاءَ مَالِكُهَا وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْمَضْمُونِ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، وَلَوْ ضَعُفَ الْأَمِينُ عَنْهَا عَضَّدَهُ الْحَاكِمُ بِأَمِينٍ يَقْوَى بِهِ عَلَى حِفْظِهَا وَتَعْرِيفِهَا وَلَا يَنْزِعُهَا مِنْهُ.

(وَيَنْزِعُ) حَتْمًا (الْوَلِيُّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ حِفْظًا لِحَقِّهِ وَحَقِّ الْمَالِكِ وَتَكُونُ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْهُ، وَيَسْتَقِلُّ بِذَلِكَ وَيُعْرَفُ وَيُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ لِيَقْتَرِضَ أَوْ يَبِيعَ لَهُ جُزْءًا مِنْهَا، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ كَوْنِ مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ بِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ لِمَالِ نَحْوِ الصَّبِيِّ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَيُحْمَلُ الْكَلَامُ: أَيْ يُسَنُّ الْإِشْهَادُ.

(قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِي) أَيْ الْمَجْنُونِ.

(قَوْلُهُ: وَالْتِقَاطُ الذِّمِّيِّ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الذِّمِّيِّ لِلْمُصْحَفِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالثَّانِي لِأَنَّ صِحَّةَ الْتِقَاطِهِ تَسْتَدْعِي جَوَازَ تَمَلُّكِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْتِقَاطِ الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الذِّمِّيُّ.
(قَوْلُهُ: فَفِيهَا تَفْصِيلٌ مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ مَا وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْعَدْلَ فِي دِينِهِ) أَيْ فَلَا تُنْزَعُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَثِمَ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَثِمَ بِالتَّرْكِ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ ضَمَانِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ حَيْثُ لَمْ يُنْتَزَعْ مِنْهُ وَلَوْ حَاكِمًا الضَّمَانَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِ الْفَاسِقِ، وَكَوْنِهِ أَهْلًا لِلضَّمَانِ وَعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ فَكَأَنَّ مَا فِي يَدِ الصَّبِيِّ فِي يَدِ وَلِيِّهِ فَيَضْمَنُ بِعَدَمِ مُرَاعَاةِ حِفْظِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ، وَيَصَّدَّقُ فِي بَيَانِ قِيَمِهَا إذَا ذَكَرَهَا وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ رُؤْيَتُهُ لَهَا وَلَكِنَّهُ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَنْتَزِعْهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) أَيْ مُسْتَقِلًّا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّمَلُّكُ) أَيْ الْفَاسِقُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا تَمَّ التَّعْرِيفُ تَمَلَّكَهَا هَذَا يُشْكِلُ فِي الْمُرْتَدِّ، بَلْ يَنْبَغِي تَوَقُّفُ تَمَلُّكِهِ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَلْتُرَاجَعْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ وَمُؤْنَتُهُ أَيْ التَّعْرِيفُ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الْمُلْتَقَطِ وَلَوْ غَيْرَ فَاسِقٍ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ) قَيْدٌ فِي أُجْرَةِ الْمَضْمُومِ إلَى الْمُلْتَقِطِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فَصْلُهُ عَمَّا قَبْلَهُ بِكَذَا، وَقَوْلُهُ عَضَّدَهُ الْحَاكِمُ: أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ بِأَمِينٍ يَقْوَى بِهِ: أَيْ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أُجْرَةِ الرَّقِيبِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ أَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: حِفْظًا لِحَقِّهِ) أَيْ الثَّابِتِ لَهُ شَرْعًا بِمُجَرَّدِ الِالْتِقَاطِ حَيْثُ كَانَ مُمَيِّزًا لِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَفِيهَا تَفْصِيلٌ مَرَّ) الَّذِي مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُ بِدَارِ حَرْبٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَقَدْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَغَنِيمَةٌ أَوْ بِأَمَانٍ فَلُقَطَةٌ فَانْظُرْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ وَرَاجِعْ بَابَ قَسْمَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

(5/429)


نَعَمْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِصِحَّةِ تَعْرِيفِ الصَّبِيِّ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَاسِقِ مَعَ الْمُشْرِفِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ صِحَّةِ تَعْرِيفِ الْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ كَذِبُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ، بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِقَوْلِهِ دُونَهُمَا (وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ (إذَا رَأَى ذَلِكَ) مَصْلَحَةً لَهُ وَذَلِكَ (حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ) لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ إيَّاهَا فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حَفِظَهَا أَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ وَلِلْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَخْذُهَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّمَانِ (وَيَضْمَنُ) فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ حَاكِمًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ (إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْمَحْجُورِ (حَتَّى تَلِفَ) أَوْ أُتْلِفَ (فِي يَدِ الصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِ مَا احْتَطَبَهُ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا الْوَلِيَّ فَأَتْلَفَهَا نَحْوُ الصَّبِيِّ ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ دُونَ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهَا لَمْ يَضْمَنْهَا أَحَدٌ، وَإِنَّ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِهَا حَتَّى كَمُلَ الْأَخْذُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَهَا حَالَ كَمَالِهِ سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فَأَقَرَّهَا فِي يَدِهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لِلصَّيْمَرِيِّ يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ.

(وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ) (الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ الْقِنِّ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَنْهَهُ، وَإِنْ نَوَى سَيِّدُهُ لِأَنَّهُ يَعْرِضُهُ لِلْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهَا لِوُقُوعِ الْمِلْكِ لَهُ وَلِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ وِلَايَةٍ وَتَمَلُّكٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ انْتَفَتْ عَنْهُ الشَّائِبَةُ الْأُولَى فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّائِبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ عَنْ نَفْسِك فِيمَا يَظْهَرُ، وَالثَّانِي صِحَّتُهُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ.
أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلَوْ فِي مُطْلَقِ الِاكْتِسَابِ فَيَصِحُّ وَإِنْ نَهَاهُ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا (وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) إذَا بَطَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
يَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَاحِقٌ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ صِحَّةِ تَعْرِيفِ الْمُرَاهِقِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ أَحَدٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ) أَيْ الَّذِي سَبَبُ سَفَهِهِ التَّبْذِيرُ، بِخِلَافِ مَنْ سَبَبُ سَفَهِهِ عَدَمُ صَلَاحِ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ إنْ فَسَقَ بِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ خَطِيبٌ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ إذْنَ الْوَلِيِّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا فِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى السَّفِيهِ، وَمُجَرَّدُ تَعْرِيفِهِ لَا تَفْوِيتَ فِيهِ وَهُوَ طَرِيقٌ إلَى تَمَلُّكِهِ فَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ لِلِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِوَلِيِّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الصَّبِيِّ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُ: أَيْ الْوَلِيُّ.
(قَوْلُهُ: مَا احْتَطَبَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلصَّبِيِّ.
(قَوْلُهُ: ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ) أَيْ فَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا وَادَّعَى أَنَّ الْوَلِيَّ عَلِمَ بِهَا وَقَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهَا حَتَّى أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ صُدِّقَ الْوَلِيُّ فِي عَدَمِ التَّقْصِيرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: بِتَقْصِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُمَيِّزًا.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّمَانِ خِلَافُهُ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ حَيْثُ انْتَزَعَهَا الْوَلِيُّ يُشْعِرُ بِضَمَانِهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ الضَّمَانُ الْمُتَوَقَّعُ بِإِتْلَافِهِ لَهَا لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ أَوْ نَفْيُ الضَّمَانِ الْمُتَعَلِّقِ بِوَلِيِّهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ) أَيْ الصَّبِيُّ بَعْدَ كَمَالِهِ.

(قَوْلُهُ: بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ، وَقَوْلُهُ: يَعْرِضُهُ: أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ: أَيْ الِالْتِقَاطِ، وَقَوْلُهُ الشَّائِبَةُ الْأُولَى: أَيْ الْوِلَايَةُ، وَقَوْلُهُ الشَّائِبَةُ الثَّانِيَةُ: أَيْ التَّمَلُّكُ، وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ: أَيْ فِي بُطْلَانِ الِالْتِقَاطِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لِلشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمَا الْآذِنُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُبَعَّضَ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيَّ يُعَرِّفُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ

(5/430)


الْتِقَاطُهُ لِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلَوْ لِسَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ (فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (سَيِّدُهُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُ (كَانَ الْتِقَاطًا) مِنْ الْآخِذِ فَيُعَرِّفُهُ وَيَتَمَلَّكُهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَبْدِ الضَّمَانُ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِرَّهُ فِي يَدِهِ وَيَسْتَحْفِظَهُ إيَّاهُ إنْ كَانَ أَمِينًا وَإِلَّا ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِإِقْرَارِهِ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ، وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَمِنْهَا رَقَبَةُ الْعَبْدِ فَيُقَدَّمُ صَاحِبُهَا بِرَقَبَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ، وَلَوْ عَتَقَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهُوَ كَسْبُ قِنِّهِ فَلَهُ أَخْذُهُ ثُمَّ تَعْرِيفُهُ ثُمَّ تَمَلُّكُهُ (قُلْت: الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ فَيُعَرِّفُ وَيَتَمَلَّكُ مَا لَمْ يَعْجَزْ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَإِلَّا أَخَذَهَا الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ وَحَفِظَهَا لِمَالِكِهَا، أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَكَالْقِنِّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ وَالْحِفْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ فَهُوَ كَالْقِنِّ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ كَالْحُرِّ وَلَوْ عَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهَا وَتَلِفَتْ فَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَهَلْ يُقَدَّمُ بِهَا مَالِكُهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا لَا، وَأَجْرَاهُمَا الزَّرْكَشِيُّ فِي الْحُرِّ الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ.

(وَ) الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ (مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَهِيَ) أَيْ اللُّقَطَةُ (لَهُ وَلِسَيِّدِهِ) يُعَرِّفَانِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ (فَإِنْ كَانَتْ) بَيْنَهُمَا (مُهَايَأَةٌ) بِالْهَمْزِ: أَيْ مُنَاوَبَةٌ (فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ) مِنْهُمَا الَّتِي وُجِدَتْ اللُّقَطَةُ فِيهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَتَمَلُّكِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَالثَّانِي تَكُونُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ فِيهَا، وَلَوْ تَخَلَّلَ مُدَّةَ تَعْرِيفِ الْمُبَعَّضِ نَوْبَةُ السَّيِّدِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ أَنَابَ مَنْ يُعَرِّفُ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ صُدِّقَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ لِلْآخَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي يَوْمِ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ وَفِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ اتَّجَهَ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى إذْنٍ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ (وَكَذَا حُكْمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ) أَيْ فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِسَائِرِ أَمْوَالِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّعَلُّقِ بِأَمْوَالِ السَّيِّدِ أَنَّهُ يُطَالَبُ فَيُؤَدِّي مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّعَلُّقَ بِأَعْيَانِهَا حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ الْحَجْرِ، وَقَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ صَاحِبُهَا بِرَقَبَتِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ: إنْ بَطَلَ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: أَخَذَهَا الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ اكْتِسَابٌ وَاكْتِسَابُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ زَكَرِيَّا اهـ.
وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَصِحَّ الْتِقَاطُهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُ مَا بِيَدِهِ وَيَكُونُ لُقَطَةً بِيَدِ الْآخِذِ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَّفَهَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ، وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَقْدُمُ بِهَا أَيْ اللُّقَطَةِ.

(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ) الْمُتَبَادِرِ تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ قَبْلَهُ، وَعَلَيْهِ فَيُعَرِّفُ السَّيِّدُ نِصْفَ سَنَةٍ وَالْمُبَعَّضُ نِصْفًا، وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ.
قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْمُبَعَّضِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى السَّيِّدِ فَإِقْرَارُهَا فِي يَدِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَخَلَّلَ مُدَّةَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ كَانَ يَخْدُمُ سَيِّدَهُ جُمُعَةً مَثَلًا وَيَشْتَغِلُ لِنَفْسِهِ مِثْلَهَا فَاتَّفَقَ وُقُوعُ نَوْبَةِ السَّيِّدِ فِي زَمَنِ التَّعْرِيفِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ) لَعَلَّهُ فِي نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ) أَيْ حَتَّى لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَا تَصِحُّ لَا لِلسَّيِّدِ وَلَا لَهُ، وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ

(5/431)


سَائِرِ النَّادِرِ) أَيْ بَاقِيهِ (مِنْ الْأَكْسَابِ) الْحَاصِلَةِ لِلْمُبَعَّضِ كَالْهِبَةِ بِأَنْوَاعِهَا وَالْوَصِيَّةِ وَالرِّكَازِ وَالصَّدَقَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُهَايَأَةِ اخْتِصَاصُ كُلٍّ بِمَا وَقَعَ فِي نَوْبَتِهِ (وَ) مِنْ (الْمُؤَنِ) كَأُجْرَةِ حَجَّامٍ وَطَبِيبٍ إلْحَاقًا لِلْغُرْمِ بِالْغُنْمِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ وَالْمُؤَنِ بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ لِلْمُؤَنِ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكَسْبِ بِوَقْتِ وُجُودِهِ وَفِي الْمُؤَنِ بِوَقْتِ وُجُودِ سَبَبِهَا كَالْمَرَضِ (إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ) مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ الْوَاقِعَةِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا تَدْخُلُ لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَاعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الثَّانِيَةِ بِأَنَّهَا مَبْحُوثَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ فَكَيْفَ تَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَهُ حَيْثُ صَلَحَ لَهَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُ مَبْحُوثَةٍ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَتَعْرِيفِهَا (الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ) وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مَوْسُومًا أَوْ مُقَرَّطًا مَثَلًا (الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ وَذِئْبٍ وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ كَوْنِ هَذِهِ مِنْ كِبَارِهَا.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهَا عَلَى صِغَارِهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الصِّغَرَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، فَهَذِهِ وَإِنْ كَبُرَتْ فِي نَفْسِهَا هِيَ صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَسَدِ وَنَحْوِهِ (بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ) وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَبَقَرٍ (أَوْ بِعَدْوٍ كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ) وَهُوَ كُلّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ كَقَمَرِيٍّ وَيَمَامٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
نَوَى نَفْسَهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي نَوْبَتِهِ فِي أَنْ يَلْتَقِطَ لِنَفْسِهِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ لِتَنْزِيلِهِ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ مَنْزِلَةَ كَامِلِ الرِّقِّ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّدَقَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ) الْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ أَنَّ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ بِشَرْطِ النِّصَابِ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ إذَا وَقَعَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَلَهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مِمَّا مَلَكَهُ وَلَهُ قَبُولُهَا، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَقْبَلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ لِأَنَّ شَرْطَ قَبُولِ الزَّكَاةِ الْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ: بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ) رَاجِعٌ لِلْمُؤَنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْكَسْبُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِوَقْتِ وُجُودِهِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ إنْ كَانَ ظَاهِرُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي رُجُوعِهِ لَهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعْنَى وَقْتِ الِاحْتِيَاجِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَسْبِ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ نُصِبَتْ شَبَكَةٌ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ هَيَّأَ مَجْرَى الْمَاءِ أَوْ وَحَّلَ أَرْضَهُ لِصَيْدٍ وَدَخَلَ الصَّيْدُ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مَبْحُوثَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لقط الْحَيَوَانِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْرِيفُهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَدَفْعِهَا لِلْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: مَوْسُومًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْعَلَامَةِ فِي نَحْوِ الطَّيْرِ دُونَ الْمَاشِيَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مَمْلُوكَةً اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم فِي نَحْوِ الطَّيْرِ: أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْوُحُوشِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُقَرَّطًا) أَيْ فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ، وَهُوَ هُنَا: الْحَلْقَةُ مُطْلَقًا لَا مَا يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ خَاصَّةً الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْقُرْطُ الَّذِي يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَالْجَمْعُ قِرَطَةٌ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ وَقِرَاطٌ بِالْكَسْرِ كَرُمْحٍ وَرِمَاحٍ.
(قَوْلُهُ: كَبَعِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْقُولًا، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ فَكُّ عِقَالِهِ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ لِيَرِدَ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ وُرُودِ الْمَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَزَكَاةِ الْفِطْرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَائِرِ النَّادِرِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ لُقَطُ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ]

(5/432)


(إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) وَلَوْ آمِنَةٌ، وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ.
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى الْقَلْبِ تَفَاؤُلًا كَمَا قِيلَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ.
بَلْ مِنْ فَازَ هَلَكَ وَنَجَا فَهُوَ ضِدٌّ فَهِيَ مُفْعِلَةٌ مِنْ الْهَلَاكِ (فَلِلْقَاضِي) أَوْ نَائِبِهِ (الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ خَشِيَ ضَيَاعَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا لَمْ يَخْشَ ضَيَاعَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ، وَالْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ الْجَزْمُ بِتَرْكِهِ عِنْدَ اكْتِفَائِهِ بِالرَّعْيِ وَالْأَمْنِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَهُ احْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَرْضًا عَلَى مَالِكِهِ وَاحْتَاجَ مَالِكُهُ لِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حِمًى، قَالَ الْقَاضِي: بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِأَنَّهُ الْأَنْفَعُ، نَعَمْ يَنْتَظِرُ صَاحِبَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ إنْ جَوَّزَ حُضُورَهُ، وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مَعَ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ أَخْذًا مِنْ إلْزَامِهِ بِالْعَمَلِ بِهِ فِي مَالِ الْغَائِبِ (وَكَذَا لِغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ أَخْذُهُ لِلْحِفْظِ مِنْ الْمَفَازَةِ (فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لَهُ مِنْ أَخْذِ خَائِنٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ قَطْعًا.
وَالثَّانِي لَا إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ.
أَمَّا إذَا أَمِنَ عَلَيْهِ: أَيْ يَقِينًا امْتَنَعَ أَخْذُهُ قَطْعًا كَمَا فِي الْوَسِيطِ، وَمَحِلُّهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ وَإِلَّا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ قَطْعًا وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الْكُلِّ (الْتِقَاطُهُ) زَمَنَ الْأَمْنِ مِنْ الْمَفَازَةِ (لِلتَّمَلُّكِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ، وَقِيسَ بِهَا غَيْرُهَا بِجَامِعِ إمْكَانِ عَيْشِهَا مِنْ غَيْرِ رَاعٍ إلَى وُجُودِ مَالِكِهَا لَهَا لِتَطَلُّبِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْحَاكِمِ.
أَمَّا زَمَنُ النَّهْبِ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الصَّحْرَاءِ وَغَيْرِهَا.
وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا إلَّا بِأَخْذِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذَهُ لِلتَّمَلُّكِ تَبَعًا لَهَا، وَلِأَنَّ وُجُودَهَا عَلَيْهِ وَهِيَ ثَقِيلَةٌ يَمْنَعُهُ مِنْ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْفِرَارِ مِنْ السِّبَاعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَمْتِعَةِ الْخَفِيفَةِ وَالثَّقِيلَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَأَخْذِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا وَهِيَ عَلَيْهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا بَيْنَ التَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ وَهُوَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا لِلْحِفْظِ، وَدَعْوَى أَنَّ وُجُودَهَا ثَقِيلَةً عَلَيْهِ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ مَمْنُوعَةٌ، وَخَرَجَ بِالْمَمْلُوكِ غَيْرُهُ كَكَلْبٍ يُقْتَنَى فَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ، وَلَهُ الِاخْتِصَاصُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالشَّجَرِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ عَلِمَ ضَيَاعَهَا لَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا وُجُوبُهُ عَلَى الْقَاضِي إنْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ) أَيْ الْأَخْذَ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَإِذَا اخْتَارَ حِفْظَهُ وَتَعْرِيفَهُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ احْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَرْضًا عَلَى مَالِكِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ: أَيْ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ بِهِ) أَيْ الْأَصْلَحُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَسِيطِ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا لَوْ اكْتَفَى بِالرَّعْيِ، وَانْظُرْ هَلْ مَا هُنَا يُغْنِي عَنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَمْ لَا، وَقَدْ يُقَالُ بِالثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ الْأَمْنِ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي مَحِلِّهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهُ) أَيْ لِلتَّمَلُّكِ.
وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِرَدِّهِ لِلْحَاكِمِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ الْحَاكِمَ فَهَلْ يَكْفِي فِي زَوَالِ الضَّمَانِ عَنْهُ جَعْلُ يَدِهِ لِلْحِفْظِ مِنْ الْآنَ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى قَاضٍ وَلَوْ نَائِبَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهُوَ كَسْبُ قِنِّهِ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ) وَمِنْ الْأَمْتِعَةِ الَّتِي عَلَيْهِ أَيْضًا الْبَرْذَعَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ) أَيْ لِأَنَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَلْ مَنْ فَازَ هَلَكَ وَنَجَا) كَانَ الْأَوْلَى بَلْ مَنْ فَازَ هَلَكَ إذْ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ كَنَجَا فَهُوَ ضِدٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْهَلَاكِ) كَانَ الْأَوْلَى مِنْ الْفَوْزِ بِمَعْنَى الْهَلَاكِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: الِالْتِقَاطِ وَالتَّرْكِ وَالْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِفَسَادِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَمِنَ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِغَيْرِ أَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ، لِيَكُونَ مَا سَيَحْكِيهِ

(5/433)


بَعْدَ تَعْرِيفِهِ سَنَةً، وَالْبَعِيرُ الْمُقَلَّدُ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ يَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ فِي أَيَّامِ مِنًى وَيُعَرِّفُهُ، فَإِنْ خَافَ خُرُوجَ وَقْتِ النَّحْرِ نَحَرَهُ وَفَرَّقَهُ.
وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَجْوِيزِهِمْ ذَلِكَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ مَعَ كَوْنِ الْمِلْكِ لَا يَزُولُ بِهِ مَعَ قُوَّةِ الْقَرِينَةِ الْمُغَلَّبَةِ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ هَدْيٌ مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَدَمِ تُهْمَةِ الْوَاجِدِ فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ لَهُمْ لَا لَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ هُنَا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ هَدْيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الذَّابِحِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَوَّتَهُ بِذَبْحِهِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْآكِلِينَ بَدَلُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مَوْقُوفٍ لَمْ يُعْلَمْ مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ حَيِّزِ الْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ، وَجَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مُوصًى بِهَا كَذَلِكَ كَرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ، الرَّقَبَةُ لِلْوَارِثِ وَالْمَنْفَعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ وَإِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ عَدَمُ جَوَازِ تَمَلُّكِهِمَا (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ (بِقَرْيَةٍ) مَثَلًا أَوْ مَا يُقَارِبُهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ فِي مُهْلِكَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ) فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَالْأَخْذِ بِقَصْدِ الْخِيَانَةِ (لِلتَّمَلُّكِ) لِتَطَرُّقِ أَيْدِي الْمُجْتَازِينَ عَلَيْهِ هُنَا دُونَ الْمَفَازَةِ لِنُدْرَةِ طُرُوقِهَا وَلِاعْتِيَادِ إرْسَالِهَا فِيهَا بِلَا رَاعٍ فَلَا يَكُونُ ضَالَّةً، بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ سِيَاقَهُ يَقْتَضِي الْمَفَازَةَ بِدَلِيلِ " دَعْهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ "، وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا عَنْهَا ثُمَّ عَادَ لِإِعْرَاضِهِ الْمُسْقِطِ لِحَقِّهِ (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ صِغَارُ السِّبَاعِ (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ وَكَثِيرِ إبِلٍ وَخَيْلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) لِلْحِفْظِ وَ (لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) زَمَنَ أَمْنٍ وَنَهْبٍ وَلَوْ لِغَيْرِ الْقَاضِي كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْخَبَرِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ) أَيْ الْمَأْكُولِ لِلتَّمَلُّكِ (مِنْ مَفَازَةٍ) بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ) وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ (وَتَمَلُّكُهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَغَيْرِهِ (أَوْ بَاعَهُ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ) كَالْآكِلِ بَلْ أَوْلَى (وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الَّتِي بَاعَهَا لَا الثَّمَنَ وَلِذَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ هُنَا لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدَهُ إلَى الثَّمَنِ وَذَكَرَهُ فِي أَكْلِهِ لِعَدَمِ الْإِيهَامِ فِيهِ (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَوْنَهَا عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الرَّعْيِ وَوُرُودِ الْمَاءِ وَدَفْعِ السِّبَاعِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَيْضًا فَلَا يَمْنَعُهُ فَقْرُهُ مِنْ ذَبْحِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَامِلَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ مِنْهُ بِالْفَقْرِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ صَدَقَةٍ لِلْفُقَرَاءِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا يَأْخُذُهُ مِنْهَا فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ الدَّفْعَ لَهُ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ قَدْرًا وَيَدْفَعَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْآكِلِينَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ عَادَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ حَالَ الذَّابِحِ كَحَالِ مَنْ غَصَبَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ ثُمَّ غَصَبَ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ انْتِزَاعُهُ فَإِنَّهُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْآخِذُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: مَنْفَعَةُ مَوْقُوفٍ) أَيْ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ.
أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا لِعَدَمِ انْطِبَاقِ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ عَلَيْهَا إذْ هِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُحْرَزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمْرَهَا لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: الرَّقَبَةُ) بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ أَوْ مُبْتَدَأٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْذُ) أَيْ وَغَيْرُ الْأَخْذِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا اهـ مَحَلِّيٌّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِشْهَادِ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ وَأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
عَنْهُ مَقُولَ الْقَوْلِ إذْ لَيْسَ كُلُّهُ تَقْيِيدًا وَيَزِيدُ لَفْظُ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا الْآتِي. (قَوْلُهُ: قُوَّةُ الْقَرِينَةِ) خَبَرُ لَعَلَّ قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَظِيرُهُ بِمَا فِيهِ مُرَادُهُ بِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِذَا أَكَلَ لَزِمَهُ تَعْرِيفُ الْمَأْكُولِ إنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ لَا صَحْرَاءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِلشِّهَابِ حَجّ، وَذَاكَ نَسَبُ مَا سَيَأْتِي لِلْإِمَامِ وَعَقَّبَهُ بِمُنَازَعَةٍ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَهِيَ الَّتِي أَرَادَهَا بِقَوْلِهِ هُنَا بِمَا فِيهِ وَأَهْمَلَهُ الشَّارِحُ ثَمَّ وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ ثُمَّ إنَّهُ يَعْتَمِدُ كَلَامَ الْإِمَامِ. .

(5/434)


تَمَلَّكَهُ حَالًا ثُمَّ (أَكَلَهُ) إنْ شَاءَ إجْمَاعًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) يَوْمَ تَمَلُّكِهِ لَا أَكْلِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ آخِرَ الْبَابِ (إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ تَعْرِيفُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَظِيرُهُ بِمَا فِيهِ، وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يُرَادُ لِلتَّمَلُّكِ وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ الْأَكْلِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ بَدَلُهُ فِي الذِّمَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إفْرَازُهُ بَلْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِذِمَّتِهِ أَحْفَظُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ لِلْإِنْفَاقِ لِئَلَّا تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ بَاقِيَهُ وَلَا الِاسْتِقْرَاضُ عَلَى الْمَالِكِ لِذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ أَنَّهُ ثَمَّ يَتَعَذَّرُ بَيْعُ الْعَيْنِ ابْتِدَاءً لِتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِهَا وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهَا غَالِبًا حِينَئِذٍ وَلَا كَذَلِكَ اللُّقَطَةُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ إمْكَانِ مُرَاجَعَتِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ خَافَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِحِفْظِ الْعَيْنِ بِهَا عَلَى مَالِكِهَا، ثُمَّ الثَّانِيَةُ لِتَوَقُّفِ اسْتِبَاحَةِ الثَّمَنِ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهَا أَحْظَ لِلْمَالِكِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَمَا قَالَهُ الْمَالِكُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي، وَزَادَ أَيْضًا رَابِعَةً وَهِيَ تَمَلُّكُهَا حَالًا لِيَسْتَبْقِيَهَا حَيَّةٌ لِدَرٍّ وَنَسْلٍ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِمَالِكِهِ أَمَانَةً إنْ تَبَرَّعَ بِإِنْفَاقِهِ وَلَوْ أَعْيَا بَعِيرٌ مَثَلًا فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ كَحَالِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا إنْ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُغَلَّبَ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْكَسْبُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْخَصْلَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ تَمْلِكُهُ حَالًا.
(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْهُ) أَيْ فِي الْمَفَازَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ) لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا تُؤَجَّرُ لِحِمْلٍ مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ إيجَارُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمَالِكِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ عَبْدًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ اللَّاقِطُ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حُرٌّ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى السَّيِّدِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ، وَالْعَبْدُ نَفْسُهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ مَا إذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهُ وَقَالَ لَهُ كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ مَثَلًا قَبْلَ تَصَرُّفِهِ صُدِّقَ وَبَانَ فَسَادُهُ ثُمَّ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِبَقَاءِ الرِّقِّ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ وَجْهَانِ اهـ.
أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَبُولِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَأَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي إنْفَاقِهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ثُمَّ بِالْإِشْهَادِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى م ر فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ الْقَرْضُ عَلَى الْمَالِكِ فَرُبَّمَا يَقْتَرِضُ وَيَتْلَفُ الْحَيَوَانُ أَوْ مَا اقْتَرَضَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ فَيَبْقَى الْقَرْضُ دَيْنًا عَلَى الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ فِي إنْفَاقِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْحَالِ شَيْئًا فَشَيْئًا اهـ.
أَقُولُ: هَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اقْتَرَضَ جُمْلَةً لِيَصْرِفَهَا عَلَى الْحَيَوَانِ.
أَمَّا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ كَانَ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ إمْكَانِ مُرَاجَعَتِهِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، وَهِيَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بِحَدِّ الْقُرْبِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَالِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ.
(قَوْلُهُ: أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ) أَيْ فَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَانِ دُونَ الْمَفَازَةِ.
(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) عِبَارَةُ حَجّ: أَوْ نَوَاهُ عِنْدَ فَقْدِ الشُّهُودِ لِأَنَّ فَقْدَهُمْ هُنَا غَيْرُ نَادِرٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ الْإِجَارَةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى: أَيْ مِنْ الْخِصَالِ.
(قَوْلُهُ: وَنَسْلٌ) فَإِنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا فَازَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْلَى) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ هَذِهِ الْخَصْلَةِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَيَكَادُ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ جَوَازُ تَمَلُّكِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلِاسْتِبْقَاءِ أَيْضًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي
جَوَازِ أَكْلِ الْمَأْكُولِ فِي الصَّحْرَاءِ عَدَمُ تَيَسُّرِ مَنْ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ غَالِبًا، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ فَظَاهِرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(5/435)


خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَاللَّيْثِ فِي كَوْنِهِ يَمْلِكُهُ وَلِمَالِكٍ فِي الرُّجُوعِ بِمَا صَرَفَهُ، وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ مِلْكِهِ لَهُ رُدَّ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ (فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُمْرَانِ) أَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ لَا الثَّالِثَةُ) وَهِيَ الْأَكْلُ (فِي الْأَصَحِّ) لِسُهُولَةِ الْبَيْعِ هُنَا لَا ثَمَّ وَالْمَشَقَّةُ نَقْلُهَا إلَى الْعُمْرَانِ، وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الْأَكْلِ فِيمَا مَرَّ لَوْ نَقَلَهَا إلَى الْعُمْرَانِ. وَالثَّانِي لَهُ الْأَكْلُ أَيْضًا كَمَا فِي الصَّحْرَاءِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ فِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِيهِ بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ، وَمُرَادُهُ بِالْعِمْرَانِ الشَّارِعُ وَالْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا مَعَ الْمَوَاتِ مُحَالُ اللُّقَطَةِ.

(وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ) فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ (عَبْدًا) أَيْ قِنًّا (لَا يُمَيِّزُ) وَمُمَيِّزًا فِي زَمَنِ الْخَوْفِ لَا الْأَمْنِ لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ عَلَى سَيِّدِهِ.
نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أَمَةً يَحِلُّ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا امْتَنَعَ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ وَيَجُوزُ لِلْحِفْظِ، فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِنَحْوِ تَمَجُّسٍ أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ جَازَ مُطْلَقًا، وَحَيْثُ جَازَ الْتِقَاطُ الْقِنِّ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَيُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ وَصَوَّرَ الْفَارِقِيُّ مَعْرِفَةَ رِقِّهِ دُونَ مَالِكِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ عَلَامَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الرِّقِّ كَعَلَامَةِ الْحَبَشَةِ وَالزِّنْجِ، وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ ثُمَّ صَوَّرَهُ بِمَا إذَا عَرَفَ رِقَّهُ أَوَّلًا وَجَهِلَ مَالِكُهُ ثُمَّ وَجَدَهُ ضَالًّا، وَلَوْ تَمَلَّكَهُ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهِ فَظَهَرَ مَالِكُهُ وَادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ نَحْوَ بَيْعِهِ قَبْلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَ التَّصَرُّفُ.

(وَيُلْتَقَطُ غَيْرُ الْحَيَوَانِ) مِنْ الْجَمَادِ كَالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ حَتَّى الِاخْتِصَاصِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ) وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ تَخَيَّرَ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ فَقَطْ (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَإِلَّا اسْتَقَلَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَعَرَّفَهُ) بَعْدَ بَيْعِهِ لَا ثَمَنَهُ (لِيَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ) وَهَذِهِ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ) بِاللَّفْظِ لَا النِّيَّةِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ) لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْهَلَاكِ، وَتَعَيَّنَ فِعْلُ الْأَحَظِّ مِنْهُمَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
وَإِلَّا فَهَلْ يَكُونُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ) أَيْ وَيَكُونُ لِمَالِكِهِ إنْ رُجِيَتْ مَعْرِفَتُهُ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَقِطْعَةِ الْعَنْبَرِ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: هَلْ يَلْتَقِطُ الْمُبَعَّضُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الْأَكْلِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ أَنَّ الْعُمْرَانَ مَظِنَّةٌ لِلِاتِّهَامِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالْمَقْبَرَةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ.

(قَوْلُهُ: جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ لِلتَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ، ثُمَّ لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لِمِلْكِهِ لَهَا أَوْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْتِقَاطِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ بَابِ الْقَرْضِ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ فِي بَابِ الْقَرْضِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَنَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ إلَخْ لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ بَعْدَ اقْتِرَاضِهَا فَهَلْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا أَمْ يَمْتَنِعُ لِوُجُودِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ احْتِمَالُ رَدِّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَيُشْبِهُ إعَارَتَهَا لِلْوَطْءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ: لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ وَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ) أَيْ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ كَسْبِهِ إنْ كَانَ، هَلَّا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ أَيْضًا بِأَنْ يُؤَجَّرَ وَيُنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي يُلْتَقَطُ عَدَمُ تَأَتِّي إيجَارِهِ فَلَوْ فُرِضَ إمْكَانُ إيجَارِهِ كَانَ كَالْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَرَفَ رِقَّهُ) أَيْ أَوْ أُخْبِرَ بِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ إذَا كَانَ بَالِغًا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ التَّصَرُّفُ) هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عِتْقَهُ أَوْ وَقَفَهُ.
أَمَّا إذَا ادَّعَى بَيْعَهُ فَقَدْ يُقَالُ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُلْتَقِطِ فِيهِ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِمُشْتَرِيهِ مِنْ الْمَالِكِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ ثَمَنِهِ.

(قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَلَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَأَكْلُهُ) قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ إذَا تَمَلَّكَهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَكْلُهُ بَلْ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ وَإِنْ شَاءَ جَفَّفَهُ وَادَّخَرَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ بَيْعِهِ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ مَا الصُّورَةُ مَعَ أَنَّ بَيْعَهُ لَا يَمْنَعُ بَيْعَ الْمُلْتَقَطِ؛ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ عَلَى مَالِكِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعَ أَمْ الْمُشْتَرِي

(قَوْلُهُ:: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ هُنَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ

(5/436)


أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِعَمَلِ الْأَحَظِّ فِي ظَنِّهِ بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ وَيَمْتَنِعُ إمْسَاكُهُ لِتَعَذُّرِهِ (وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ) لِتَيَسُّرِهِ وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ هَذَا يَفْسُدُ قَبْلَ وُجُودِ مُشْتَرٍ، وَإِذَا أَكَلَ لَزِمَهُ تَعْرِيفُ الْمَأْكُولِ إنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ لَا صَحْرَاءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَجِبُ إفْرَازُ الْقِيمَةِ الْمَغْرُومَةِ مِنْ مَالِهِ.
نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا لِأَنَّ تَمَلُّكَ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ، قَالَهُ الْقَاضِي (وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ) أَيْ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَلَبَنٍ يَصِيرُ أَقِطًا وَجَبَ رِعَايَةُ الْأَغْبَطِ لِلْمَالِكِ (فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ) جَمِيعُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ (أَوْ) كَانَتْ الْغِبْطَةُ (فِي تَجْفِيفِهِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ) أَوْ غَيْرُهُ (جَفَّفَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ أَحَدٌ (بِيعَ بَعْضُهُ) بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفَ (لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) طَلَبًا لِلْأَحَظِّ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا بَاعَ كُلَّ الْحَيَوَانِ لِئَلَّا يَأْكُلَ كُلَّهُ كَمَا مَرَّ.

(وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا) وَهُوَ أَهْلٌ لِلِالْتِقَاطِ لِذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ بِأَنْ كَانَ ثِقَةً (فَهِيَ) كَدَرِّهَا وَنَسْلِهَا (أَمَانَةٌ بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَهَا لَوْ قَصَّرَ كَأَنْ تَرَكَ تَعْرِيفَهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَمَحِلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَسَيَأْتِي عَنْ النُّكَتِ وَغَيْرِهَا مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي تَرْكِهِ: أَيْ كَأَنْ خَشِيَ مِنْ ظَالِمٍ أَخْذَهَا أَوْ جَهِلَ وُجُوبَهُ وَعُذِرَ فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) حِفْظًا لَهَا عَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ لِإِمْكَانِ رَدِّهَا لِمَالِكِهَا مَعَ الْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَرَدَّهَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَمَعْلُومٌ عَدَمُ جَوَازِ دَفْعِهَا لِقَاضٍ غَيْرِ أَمِينٍ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَأَنَّ الدَّافِعَ لَهُ يَضْمَنُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ (وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ بِعَمَلِ الْأَحَظِّ حَيْثُ عَرَفَهُ وَإِلَّا رَاجَعَ مَنْ يَعْرِفُ الْأَحَظَّ وَعَمِلَ بِخَبَرِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُخْبِرَانِ قَدَّمَ أَعْلَمَهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ كَذَا أَحَظُّ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ وَجْهِ الْأَحَظِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ) وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ هُنَا نَحْوُ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ إذْ هُمَا وَالْمَوَاتُ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ لَا غَيْرُ كَمَا مَرَّ اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مَظِنَّةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ كَالْحَمَّامِ وَالْقَهْوَةِ وَالْمَرْكَبِ.
(قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَخَفْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى التَّجْفِيفِ لِيَرْجِعَ بِشَرْطِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلْزَامُ ذِمَّةِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ حَيْثُ أَمْكَنَ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ فَرْضِ مَا ذَكَرَ فِيمَنْ أَخَذَ لِلْحِفْظِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ لَا لِذَلِكَ لَمْ يُعْذَرْ فِي تَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا فِي اعْتِقَادِ حَمْلِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ، بَلْ يَنْبَغِي كُفْرُ مَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لِلُّقَطَةِ وَقَعَ، فَإِنَّ وُجُوبَ تَعْرِيفِهَا مِمَّا لَا يَخْفَى فَلَا يُعْذَرُ مَنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ، فَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَامَّةِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ شَيْئًا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا لَا يُعْذَرُ فِيهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ السُّؤَالِ عَنْ مِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ دَفَعَهَا) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَعَ الْتِزَامِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ حُرْمَتُهُ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الدَّافِعَ لَهُ يَضْمَنُهَا) أَيْ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ) ضَعِيفٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْأَذْرَعِيِّ، وَكَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ فِي تِلْكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا أَخَذَ لِلْحِفْظِ إلَّا أَنَّ مِثْلَهُ الْمَأْخُوذَ لِلتَّمْلِيكِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى) يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْقَاضِي إذْ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِاللُّزُومِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى وَهُوَ مُسْتَوْدَعُ الشَّرْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُلْتَقِطِ: أَيْ إنَّمَا لَزِمَ الْقَاضِيَ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَنْقُلُهَا

(5/437)


فِي غَيْرِ لُقَطَةِ الْحَرَمِ (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ كَوْنُهُ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إمَّا أَوْجَبَهُ لِأَجْلِ أَنَّ لَهُ التَّمَلُّكَ بَعْدَهُ، وَقَالَ الْأَقَلُّونَ يَجِبُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّ الْمَالِكِ بِكَتْمِهَا، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَقَوَّاهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ إنْشَادُهَا لِنَحْوِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، وَيُمْكِنُ الْمُلْتَقِطَ التَّخَلُّصُ عَنْ الْوُجُوبِ بِالدَّفْعِ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا يَرْتَفِعُ بِهِ ضَمَانُهَا لَوْ بَدَا لَهُ بَعْدُ، قَالَ: وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ فِي مَالِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ نَقَلَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ الْمُؤْنَةَ تَابِعَةٌ لِلْوُجُوبِ، وَلَوْ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ عَرَّفَهَا سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَهُ قَبْلَهُ.
أَمَّا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ فَيَلْزَمُهُ التَّعْرِيفُ جَزْمًا (فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ أَخْذَهَا لِلْحِفْظِ وَكَذَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلتَّمَلُّكِ (خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ (فِي الْأَصَحِّ) فَإِنْ انْضَمَّ لِذَلِكَ الْقَصْدِ اسْتِعْمَالٌ أَوْ نَقْلٌ مِنْ مَحِلٍّ لِآخَرَ ضَمِنَ كَالْمُودَعِ فِيهِمَا.
وَالثَّانِي يَصِيرُ ضَامِنًا بِذَلِكَ، وَإِذَا ضَمِنَ فِي الْأَثْنَاءِ بِخِيَانَةٍ ثُمَّ أَقْلَعَ وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ جَازَ وَخَرَجَ بِالْأَثْنَاءِ مَا فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ فَضَامِنٌ) لِقَصْدِهِ الْمُقَارِنِ لَأَخْذِهِ وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِحَاكِمٍ أَمِينٍ (وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) أَوْ يَخْتَصَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) نَظَرًا لِلِابْتِدَاءِ كَالْغَاصِبِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ (وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ (فَأَمَانَةٌ) بِيَدِهِ (مُدَّةَ التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا قَبْلَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ.
وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَزَمَ التَّمَلُّكَ مُطَّرِدًا كَالْمُسْتَامِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسْتَامَ مَأْخُوذٌ لَحَظِّ آخِذِهِ حَالَ الْأَخْذِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ، وَلَوْ أَخَذَهُ لَا بِقَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ أَوْ لَا بِقَصْدِ خِيَانَةٍ وَلَا أَمَانَةٍ أَوْ بِقَصْدِ أَحَدِهِمَا وَنَسِيَهُ فَأَمَانَةٌ وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بِشَرْطِهِ اتِّفَاقًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الِاخْتِصَاصِ أَمِينًا مَا لَمْ يَتْلَفْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَ) عَقِبَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (يَعْرِفُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ نَدْبًا كَمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ) أَيْ بَلْ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ عَرَّفَهَا سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ مِنْ الْآنَ، ثُمَّ إنْ كَانَ اقْتَرَضَ عَلَى مَالِكِهَا مُؤْنَةَ تَعْرِيفِ مَا مَضَى فَهَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَرَضَ لِغَرَضِ الْمَالِكِ أَوْ لَا لِرُجُوعِهَا إلَيْهِ آخِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِتَعْرِيفِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يُرَتِّبُوا الْحُكْمَ عَلَيْهِ مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بَلْ أَوْجَبُوا اسْتِئْنَافَ التَّعْرِيفِ فَابْتِدَاءُ أَخْذِهِ لِلتَّمَلُّكِ كَأَنَّهُ مِنْ الْآنَ أَوْ لَا نَظَرَ إلَى مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَلَوْ وَقَعَتْ الْخِيَانَةُ فِي أَثْنَاءِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ أَقْلَعَ فَهَلْ يُبْنَى أَوْ يُسْتَأْنَفُ اهـ؟ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَصْدَ الْخِيَانَةِ لَمْ يُبْطِلْ أَصْلَ اللُّقَطَةِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: مُطَّرِدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا (قَوْلُهُ: يَكُونُ فِي الِاخْتِصَاصِ أَمِينًا) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ كَلْبًا فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَعَدَمِهِ وَفِي جَوَازِ التَّقْصِيرِ فِي حِفْظِهِ وَعَدَمِهِ فَقَبْلَ اخْتِصَاصِهِ بِهِ لَا يَجُوزُ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَلَا التَّقْصِيرُ فِي حِفْظِهِ وَيَجُوزَانِ بَعْدَ الِاخْتِصَاصِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى فَلَزِمَ الْقَاضِيَ مُرَافَقَتُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ حِفْظًا لِمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظَائِفِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتْلَفْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْمَنْطُوقِ وَمَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ وَاحِدٌ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا ذُكِرَ نَصُّهَا: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ شَارِحٍ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَمِينًا فِي الِاخْتِصَاصِ مَا لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ فَيَضْمَنُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي التَّمَلُّكِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ يُحَرِّمُ غَصْبَهُ وَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ انْتَهَتْ.
وَحَمَلَ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ لِمَا

(5/438)


قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ مَحِلَّ الْتِقَاطِهَا وَ (جِنْسَهَا وَصِفَتَهَا) الشَّامِلَ لِنَوْعِهَا (وَقَدْرَهَا) بِعَدٍّ أَوْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ ذَرْعٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا تَوَسُّعًا إذْ أَصْلُهُ جِلْدٌ يَلْبِسُ رَأْسَ الْقَارُورَةِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْقَامُوسِ مُصَرِّحَةٌ بِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ جِلْدًا أَوْ خِرْقَةً وَغِلَافِ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدِ الَّذِي يُغَطَّى رَأْسُهَا بِهِ (وَوِكَاءَهَا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ: أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَ بِهِ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْرِفَةِ هَذَيْنِ وَقِيسَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِغَيْرِهَا وَلِيُعْرَفَ صِدْقُ وَاصِفِهَا، وَيُسْتَحَبُّ تَقْيِيدُهَا بِالْكِتَابَةِ كَمَا مَرَّ خَوْفَ النِّسْيَانِ، أَمَّا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ (ثُمَّ) بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ (يُعَرِّفُهَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا كَمَا مَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ، وَيَكُونُ الْمُعَرِّفُ عَاقِلًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ وُثِقَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُمْ ثُمَّ عَدَمُ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ التَّعْرِيفِ وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ، لَكِنْ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ الْغَزَالِيُّ.
قِيلَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ جَوَازُ التَّعْرِيفِ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ كَعِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ عَدَمُ الْفَوْرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالِالْتِقَاطِ انْتَهَى.
وَالْأَوْجَهُ مَا تَوَسَّطَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ تَأْخِيرِهِ عَنْ زَمَنٍ تُطْلَبُ فِيهِ عَادَةً وَيَخْتَلِفُ بِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا، وَوَافَقَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ فَوَاتُ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ بِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ انْتَهَى.
وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فِي النِّهَايَةِ بِمَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَفِي نُكَتِ الْمُصَنِّفِ كَالْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَخْذُ ظَالِمٍ لَهَا حَرُمَ التَّعْرِيفُ وَكَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ أَبَدًا: أَيْ فَلَا يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ التَّعْرِيفِ اسْتِئْصَالَ مَالِهِ عُذِرَ فِي تَرْكِهِ وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ (فِي الْأَسْوَاقِ) عِنْدَ قِيَامِهَا (وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وُجْدَانِهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْمَصَاغِ فِي عُشِّ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَنَحْوِهِمَا مَا حُكْمُهُ؟ وَالْجَوَابُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لُقَطَةٌ فَيُعَرِّفُهُ وَاجِدُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالِكَ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ أَوْ غَيْرَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَاَلَّذِي أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي دَارِهِ أَوْ حِجْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَيْسَ بِلُقَطَةٍ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ فَيَكُونُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي يُغَطِّي رَأْسَهَا) أَيْ فَإِطْلَاقُ الْعِفَاصِ عَلَى الْوِعَاءِ حَقِيقَةٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ كَالْوَدِيعِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ: الْمُجُونُ أَنْ لَا يُبَالِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا صَنَعَ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا تَوَسَّطَ الْأَذْرَعِيُّ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: بِمَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ أَيْ صَرِيحًا.
(قَوْلُهُ: وَكَانَتْ أَمَانَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا وَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِي مُؤْنَتِهِ هَلْ تَكُونُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْمَالِ الضَّائِعِ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَدْفَعُهُ لَهُ لِيَحْفَظَهُ إنْ رَجَا مَعْرِفَةَ صَاحِبِهِ، وَيُصْرَفُ مَصْرِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُرْجَ، وَهَذَا إنْ كَانَ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ أَمِينًا وَإِلَّا دَفَعَهُ لِثِقَةٍ يَصْرِفُهُ مَصَارِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمُلْتَقِطُ مَصَارِفَهُ وَإِلَّا صَرَفَهُ بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ) أَيْ وَلَوْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
رَأَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ لَا يُضْمَنُ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا فِيهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أَصْلِ مَأْخَذِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عِبَارَةُ الْقَامُوسِ إلَخْ) قَصْدُهُ بِذَلِكَ تَعَقُّبُ حَصْرِ الْخَطَّابِيِّ لِمَعْنَى الْعِفَاصِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ قَصْدُهُ أَنَّ الْعِفَاصَ فِيمَا فَسَّرَهُ هُوَ بِهِ مِنْ الْوِعَاءِ حَقِيقِيٌّ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِغَيْرِهَا) كَأَنَّهُ عِلَّةٌ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلْيَعْرِفْ صِدْقَ وَاصِفِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَمْرِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ) يَعْنِي الْمُصَنِّفَ

(5/439)


وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا تَحْرِيمًا خِلَافًا لِجَمْعٍ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِمَسْجِدٍ كَإِنْشَادِهَا فِيهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُ لُقَطَةِ الْحَرَمِ، فَالتَّعْرِيفُ فِيهِ مَحْضُ عِبَادَةٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُعَرِّفَ فِيهِ مُتَّهَمٌ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ، وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَلْحَقَ بِهِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَعَلَى تَنْظِيرِ الْأَذْرَعِيِّ فِي تَعْمِيمِ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَيَّامِ الْمَوْسِمِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ الْمَحَافِلِ وَالْمَجَامِعِ وَمَحَالِّ الرِّجَالِ وَلِيَكُنْ أَكْثَرُهُ بِمَحِلِّ وُجُودِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا بَلْ يَدْفَعُهَا لِمَنْ يُعَرِّفُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا ضَمِنَ.
نَعَمْ لِمَنْ وَجَدَهَا بِالصَّحْرَاءِ تَعْرِيفُهَا لِمَقْصِدِهِ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ اسْتَمَرَّ أَمْ تَغَيَّرَ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ أَقْرَبُ الْبِلَادِ لِمَحِلِّهَا وَاخْتِيرَ وَإِنْ جَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَهَا، وَلَوْ وَجَدَ بِبَيْتِهِ دِرْهَمًا مَثَلًا وَجَوَّزَ كَوْنَهُ لِمَنْ يَدْخُلُهُ عَرَّفَهُ لَهُمْ لِلْمُقَرِّ، قَالَهُ الْقَفَّالُ.
وَيَجِبُ فِي غَيْرِ الْحَقِيرِ الَّذِي لَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ أَنْ يُعَرَّفَ (سَنَةً) مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ تَحْدِيدًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ لِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ غَالِبًا كَالذِّمِّيِّ فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَرِّفْ سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَوْ جَعَلَ التَّعْرِيفَ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا فَكَانَتْ السُّنَّةُ مَصْلَحَةً لِلْفَرِيقَيْنِ، وَلَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ سَنَةٍ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ التَّمَلُّكِ لَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُعَرِّفُهَا كُلٌّ سَنَةً لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ كَلُقَطَةٍ كَامِلَةٍ، وَقَدْ يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَنَتَيْنِ بِأَنْ يُعَرِّفَ سَنَةً قَاصِدًا حِفْظَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ ثُمَّ يُرِيدُ التَّمَلُّكَ فَيَلْزَمُهُ مِنْ حِينَئِذٍ سَنَةٌ أُخْرَى، وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُ السَّنَةِ بَلْ يَكُونُ (عَلَى الْعَادَةِ) زَمَنًا وَمَحِلًّا وَقَدْرًا (يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ) أُسْبُوعًا (ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً) طَرَفَهُ إلَى أَنْ يُتِمَّ أُسْبُوعًا آخَرَ (ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ: أَيْ إلَى أَنْ يُتِمَّ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (ثُمَّ) فِي كُلِّ (شَهْرٍ) مَرَّةً بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّ الْأَخِيرَ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ وَزِيدَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْأُوَلِ؛ لِأَنَّ تَطَلُّبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ وَتَحْدِيدَ الْمَرَّتَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا بِمَا ذُكِرَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ، مُرَادُهُمْ أَنَّهُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ يُعَرِّفُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَفِي مِثْلِهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَفِي مِثْلِهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً وَفِي مِثْلِهَا كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً،
وَالْأَقْرَبُ أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ كُلَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا الْوُجُوبِ كَمَا يُفْهِمُهُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ تَكْفِي سَنَةٌ مُفَرَّقَةٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ التَّفْرِيقُ بِقَيْدِهِ الْآتِي (وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ) كَأَنْ يُعَرِّفَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ السَّنَةِ فِي الْخَبَرِ التَّوَالِي، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا سَنَةً (قُلْت: الْأَصَحُّ يَكْفِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَكَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْحَلِفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الِامْتِنَاعُ وَالزَّجْرُ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِدُونِ التَّوَالِي، وَمَحِلُّ هَذَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ لَا يُفْحِشَ التَّأْخِيرَ بِحَيْثُ يَنْسَى التَّعْرِيفَ الْأَوَّلَ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَاعْتَبَرَ الْإِمَامُ وُجُوبَ بَيَانِ مَحِلِّ وُجْدَانِهَا فِي التَّعْرِيفِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ أَثْنَاءَ التَّعْرِيفِ بَنَى وَارِثُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا: أَيْ التَّعْرِيفُ.
(قَوْلُهُ: لُقَطَةِ الْحَرَمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَهَا قَبْلَ وُصُولِهِ الْحَرَمَ وَأَرَادَ تَعْرِيفَهَا فِيهِ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: مَحْضُ عِبَادَةٍ) أَيْ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْحَاكِمِ) أَيْ فِي الدَّفْعِ.
(قَوْلُهُ: بِمَقْصِدِهِ) أَيْ بَلَدِهِ، وَقَوْلُهُ قَرُبَ أَمْ بَعُدَ مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا سَنَةً) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ بِتَرْكِ تَكْلِيمِهِ سَنَةً مُتَفَرِّقَةً بَلْ لَا بُدَّ لِعَدَمِ الْحِنْثِ مِنْ تَرْكِ تَكْلِيمِهِ سَنَةً كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ: بَيَانُ مَحِلِّ وُجْدَانِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ زَمَانُ بَدَلَ مَحِلٍّ: أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فِي تَعْرِيفِهِ مَنْ ضَاعَتْ لَهُ لُقَطَةٌ بِمَحِلِّ كَذَا.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلْيَكُنْ أَكْثَرُهُ بِمَحِلِّ وُجُودِهَا، وَقَوْلُهُ رَادًّا قَوْلَ شَيْخِهِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) أَيْ: فِي لُقَطَتِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَنْ يُعَرِّفَ، (قَوْلُهُ: وَمَحَلًّا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يُتِمَّ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ) التَّعْبِيرُ بِيُتِمَّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ الْأُسْبُوعَانِ الْأَوَّلَانِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّ الْأَخِيرَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْثِيَّةَ هُنَا

(5/440)


رَادًّا قَوْلَ شَيْخِهِ إنَّ الْأَقْرَبَ الِاسْتِئْنَافُ، كَمَا لَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِ مُوَرِّثِهِ فِي الزَّكَاةِ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ هُنَا لَا ثَمَّ لِانْقِطَاعِ حَوْلِ اسْتَرْقِهِ بِخُرُوجِ الْمِلْكِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ الْحَوْلَ لِابْتِدَاءِ مِلْكِهِ (وَيَذْكُرُ) نَدْبًا (بَعْضَ أَوْصَافِهَا) فِي التَّعْرِيفِ جِنْسَهَا أَوْ عِفَاصَهَا أَوْ وِكَائِهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ إلَى حَاكِمٍ يُلْزِمُ الدَّفْعَ بِالصِّفَاتِ وَيُفَارِقُ جَوَازَ اسْتِيفَائِهَا فِي الْإِشْهَادِ بِحَصْرِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ تُهْمَتِهِمْ (وَلَا يَلْزَمُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ أَخَذَ لِحِفْظٍ) أَوْ لَا لِحِفْظٍ وَلَا لِتَمَلُّكٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لِلْمَالِكِ (بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَرْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا أَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (أَوْ يَقْتَرِضُ) مِنْ الْمُلْتَقِطِ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا إنْ رَآهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ فَيَجْتَهِدُ، وَيُلْزِمُهُ فِعْلَ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فَمُتَبَرِّعٌ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَوْجَبْنَا التَّعْرِيفَ أَمْ لَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَالْعِرَاقِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمْعٍ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنْ أَوْجَبْنَاهُ فَعَلَيْهِ الْمُؤْنَةُ وَإِلَّا فَلَا
(وَإِنْ أَخَذَهَا) غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ الِاخْتِصَاصِ ابْتِدَاءً أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَوْ بَعْدَ لَقْطِهِ لِحِفْظٍ (لَزِمَهُ) مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحِفْظَ لَهُ فِي ظَنِّهِ وَقْتَ التَّعْرِيفِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ فَعَلَى الْمَالِكِ) لِعَوْدِ الْفَائِدَةِ لَهُ، وَعَبَّرَ عَنْ حِكَايَةِ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: إنْ ظَهَرَ الْمَالِكُ فَعَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِيَشْمَلَ ظُهُورَهُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَلَا يُخْرِجُ وَلِيُّهُ مُؤْنَتَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ رَأَى التَّمَلُّكَ يَسْتَرْقِيَهُ لَهُ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لِمُؤْنَتِهِ وَإِنْ نَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَقِيرَ) قِيلَ هُوَ دِينَارٌ وَقِيلَ دِرْهَمٌ وَقِيلَ وَزْنُهُ وَقِيلَ دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمَا عَدَمُ تَقْرِيرِهِ بَلْ مَا يُظَنُّ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُكْثِرُ أَسَفَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَطُولُ طَلَبُهُ لَهُ غَالِبًا (لَا يُعَرِّفُ سَنَةً) لِأَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَتَأَسَّفُ عَلَيْهِ سَنَةً.
وَالثَّانِي يُعَرِّفُ سَنَةً لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَأَطَالَ جَمْعٌ فِي تَرْجِيحِهِ بِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمَا بِتَعْرِيفِ الِاخْتِصَاصِ سَنَةً ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْكَلَامَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي اخْتِصَاصِ عَظِيمِ الْمَنْفَعَةِ يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ عَلَيْهِ سَنَةً غَالِبًا (بَلْ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ إلَّا (زَمَنًا يَظُنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ) بَعْدَهُ (غَالِبًا) وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ فَدَانِقُ الْفِضَّةِ حَالًا وَالذَّهَبُ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ الدَّالَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا يُعْرِضُ عَنْهُ أَوْ إلَى زَمَنٍ يَظُنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ الزَّمَنَ غَايَةً لِتَرْكِ التَّعْرِيفِ لَا ظَرْفًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبُلْقِينِيِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لِلْمَالِكِ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا لِحِفْظٍ إلَخْ فَإِنَّ لَهُ فِيهَا التَّمَلُّكَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بِشَرْطِهِ اتِّفَاقًا، لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَيُقَرِّبُ شَبَهَهَا بِمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ سم عَنْ م ر.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ الْمَالِكُ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ فَيَبِيعُهَا وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: فَمُتَبَرِّعٌ) أَيْ إنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ بَدَلَ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: بَلْ مَا يَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَهُ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ يَكُونُ شَدِيدَ الْبُخْلِ فَيَدُومُ أَسَفُهُ عَلَى التَّافِهِ (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ إلَخْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
حَيْثِيَّةُ تَعْلِيلٍ لَا حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ (قَوْلُهُ: رَادًّا) أَيْ الْعِرَاقِيَّ وَشَيْخَهُ الْبُلْقِينِيَّ (قَوْلُهُ: بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَادًا (قَوْلُهُ: فَيَجْتَهِدُ) أَيْ: الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْفَقَ) أَيْ: الْمُلْتَقِطُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ مِنْ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْأَوْلَى إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَدْفَعُ دَعْوَى الْفَسَادِ لَا الْأَوْلَوِيَّةِ

(5/441)


لِلتَّعْرِيفِ، وَلِهَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُتَمَوَّلِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَحَبَّةِ زَبِيبٍ فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ بِهِ وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ يَنْشُدُ فِي الطَّوَافِ زَبِيبَةً: فَقَالَ: إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ، وَرَأَى «تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتهَا» وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَالِ الضَّائِعِ لِحِفْظِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إعْرَاضَ مَالِكِهَا عَنْهَا وَخُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَهِيَ الْآنَ مُبَاحَةٌ فَتَرَكَهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا مُشِيرًا بِهِ إلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَخْذُ سَنَابِلِ الْحَصَّادِينَ الَّتِي اُعْتِيدَ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ كَالْفَقِيرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ اغْتِفَارُ ذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْكَسْرِ مِمَّا قَدْ يُقْصَدُ وَسَبَقَتْ الْيَدُ إلَيْهِ بِخِلَافِ السَّنَابِلِ، وَأُلْحِقَ بِهَا أَخْذُ مَاءٍ مَمْلُوكٍ آبِقَا بِهِ عَادَةً كَمَا مَرَّ.

(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا (إذَا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ) بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا (سَنَةً) أَوْ دُونَهَا فِي الْحَقِيرِ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا وَلَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ فَقِيرًا إلَّا فِي صُوَرٍ مَرَّتْ كَأَنْ أَخَذَ لِلْخِيَانَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا ثُمَّ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ مَرْدُودٌ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا مَانِعُهُ عَرَضِيٌّ وَهِيَ مَانِعُهَا ذَاتِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْبِضْعِ فَاخْتَصَّ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَإِذَا أَرَادَهُ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ بِلَفْظٍ) مِنْ نَاطِقٍ صَرِيحٍ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ) هَلْ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ أَوْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَوْ عَلَى لَفْظٍ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى تَمَلُّكٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ وَمَا يُعْرَضُ عَنْهُ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: اغْتِفَارُ ذَلِكَ) أَيْ اغْتِفَارُ أَخْذِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّنَابِلِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بَلْ أَرْبَابُهَا يُعْرِضُونَ عَنْهَا وَيَقْصِدُهَا غَيْرُهُمْ بِالْأَخْذِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ جَمْعُهَا لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وَكَانَ لَهَا وَقْعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ وَسَهُلَ جَمْعُهَا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَنْ يَجْمَعُهَا كَانَ لِلْبَاقِي بَعْدَ الْأُجْرَةِ وَقْعٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.

(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ لَا بِقَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ ثُمَّ عَرَّفَ قَبْلَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ وَتَرَكَ تَعْرِيفَهَا وَتَمَلُّكَهَا ثُمَّ اسْتَقَالَ: أَيْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ إقَالَتَهُ مِنْهَا لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَاشِمِيًّا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ صَدَقَةِ فَرْضٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فَقِيرًا: أَيْ وَلَا يُقَالُ

(5/442)


(كَتَمَلَّكْتُ) أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ سَائِرِ الْأَبْوَابِ (وَنَحْوِهِ) كَأَخَذْتُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ النَّجْمُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ (وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ تَجْدِيدُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ اكْتِفَاءً بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ السَّابِقِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَ مِنْ قَبْلُ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَوْ عَرَّفَهُ مُدَّةً قَبْلَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ ثُمَّ قَصَدَهُ اعْتَدَّ بِمَا مَضَى، وَبَنَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِئْنَافُ فِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهَا فَلَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوْ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) أَوْ بَدَلِهَا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ إذْ الْحَقُّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا إذَا عَلِمَهُ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: كَتَمَلَّكْتُ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مَعْرِفَتُهَا حَتَّى لَوْ جُهِلَتْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ وَهِيَ نَظِيرُ الْقَرْضِ بَلْ قَالُوا إنَّ مِلْكَهَا مِلْكُ قَرْضٍ فَلْيُنْظَرْ هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ م ر.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَلَدَ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَمْلِكُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لِأُمِّهِ: أَيْ وَيَتَمَلَّكُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: قَوْلُ سم وَلَا يَبْعُدُ الِاشْتِرَاطُ قَدْ يُسْتَفَادُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَمَّا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا هَلْ يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ الْمَجْهُولُ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَانْفَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا أَنَّهَا لَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِتَمَلُّكِ أُمِّهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَلُّكٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي التَّمَلُّكِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُلَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ نَقَلْت الِاخْتِصَاصَ بِهِ إلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا مُطَالَبَةَ إلَخْ) لَوْ تَمَلَّكَ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ الْقِيمَةَ هَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ أَيْضًا فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الثَّانِي اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا غَرِمَ عَلَى رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَتَمَلَّكَ صَارَتْ عَنْ جُمْلَةِ أَكْسَابِهِ، وَعَدَمُ نِيَّتِهِ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ رَدًّا وَلَا عَدَمَهُ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا) لَوْ كَانَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا ثُمَّ عَادَ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَزُلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهَا) هَلْ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ بِالْقِيَاسِ الِاشْتِرَاطُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ، وَيَدُلُّ عَلَى انْتِقَاضِ الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْمَالِكِ وُجُوبُ الرَّدِّ لِلْمَالِكِ حَيْثُ عَلِمَ قَبْلَ طَلَبِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمِلْكُ يُنْتَقَضُ إلَخْ إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
إنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَدَلِهَا عِنْدَ ظُهُورِ مَالِكِهَا هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُلَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِلَفْظٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَبَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الِاخْتِصَاصِ كَكَلْبٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى نَقْلِ الِاخْتِصَاصِ، الَّذِي كَانَ لِغَيْرِهِ لِنَفْسِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ) يَعْنِي كَلَامَهُ الْأَخِيرَ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهِ الْحُكْمَ بِمَا إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ

(5/443)


قَبْلَ طَلَبِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا فَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَالِكِهَا كَمَا قَالَهُ.
الْمَاوَرْدِيُّ، وَيَرُدُّهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ إنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، وَإِلَّا رَجَعَ فِيهَا لِحُدُوثِهَا بِمِلْكِهِ (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ تَعَيَّنَ الْبَدَلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا وَرَدَّهَا سَلِيمَةً لَزِمَهُ الْقَبُولُ.
وَالثَّانِي يُجَابُ الْمُلْتَقِطُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْقَرْضِ، فَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا بَعْدَ بَيْعِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَقَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي فَلَهُ الْفَسْخُ وَأَخْذُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الْمَبِيعِ (إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَحَجَرَ عَلَيْهِ آبِقِيٌّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَجْرَ ثَمَّ مُقْتَضٍ لِلتَّفْوِيتِ بِخِلَافِهِ هُنَا غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفَسْخِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ انْفِسَاخِهِ إنْ لَمْ يَفْسَخْهُ.

(وَإِنْ) (تَلِفَتْ) اللُّقَطَةُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بَعْدَ تَمَلُّكِهَا (غَرِمَ مِثْلَهَا) إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (أَوْ قِيمَتَهَا) إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالْقَرْضِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ صُورِيٌّ رَدُّ الْمِثْلِ الصُّورِيِّ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ الْفَرْقُ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ذَاكَ يَمْلِكُ بِرِضَا الْمَالِكِ وَاخْتِيَارِهِ فَرُوعِيَ وَهَذَا قَهْرِيٌّ عَلَيْهِ، فَكَانَ بِضَمَانِ الْيَدِ أَشْبَهَ أَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا بَدَلَ لَهَا وَلَا لِمَنْفَعَتِهَا كَالْكَلْبِ (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) أَيْ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ (وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ طَرَأَ بَعْدَ التَّمَلُّكِ (فَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مَالِكُهَا بَدَلَهَا وَالْمُلْتَقِطُ رَدَّهَا مَعَ أَرْشِهَا (أَخَذَهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا طَلِقَتْ جَمِيعُهُ عِنْدَ التَّلَفِ طَلِقَتْ بَعْضُهُ عِنْدَ النَّقْصِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى وَهُوَ الْمُعَجَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَرْشُهُ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا أَرْشَ لَهُ، وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً.

(وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا) بِصِفَاتِهَا السَّابِقَةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ لِخَبَرِ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْبَيِّنَةِ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْحَاكِمِ لَهَا وَقَضَائِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالدَّفْعِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ: نَعَمْ لَوْ خَشِيَ مِنْهُ انْتِزَاعَهَا لِشِدَّةِ جَوْرِهِ، فَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِهَا لِلْمُلْتَقِطِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا يُحَكِّمَانِ مَنْ يَسْمَعُهَا وَيُقْضَى لِلْمَالِكِ بِهَا، إذْ الْحَاكِمُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَإِنْ وَصَفَهَا) وَصْفًا أَحَاطَ بِجَمِيعِ صِفَاتِهَا (وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ قَطْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَلَعَلَّهُ لَا يُنْتَقَضُ (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بَلْ لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَتْ رَدَّهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ اهـ.
[تَنْبِيهٌ] هَلْ يَجِبُ تَعْرِيفُ هَذَا الْوَلَدِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مَعَ الْأُمِّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَقِطْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَكْفِي مَا بَقِيَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: نَعَمْ يَكْفِي مَا بَقِيَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَبَقِيَ مَا لَوْ انْفَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ فَهَلْ يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ سُقُوطُهُ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَ) أَيْ الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ: أَيْ الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي: أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ فَلَهُ: أَيْ الْمَالِكِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ اللُّقَطَةُ) الْمَمْلُوكَةُ اهـ حَجّ.
وَقَوْلُهُ حِسًّا: أَيْ بِأَنْ مَاتَتْ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَرْعًا كَأَنْ أَعْتَقَهَا الْمُلْتَقِطُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُخْتَصَّةُ) قَسِيمٌ لِلْمَمْلُوكَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْأَرْشِ) هُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، لَكِنْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهَا وَقْتَ الِالْتِقَاطِ، أَوْ وَقْتَ التَّمَلُّكِ، أَوْ وَقْتَ طُرُوِّ الْعَيْبِ، وَلَوْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا قُبَيْلَ طُرُوُّ الْعَيْبِ لَوَجَبَ رَدُّهَا كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: إخْبَارِهَا) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: قَبْلَ طَلَبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَدَّهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعَجَّلُ) أَيْ: فِي الزَّكَاةِ

(5/444)


عَمَلًا بِظَنِّهِ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ: أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْوَاصِفُ، وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَاهَا كُلٌّ لِنَفْسِهِ وَوَصَفَهَا لَمْ تُسَلَّمْ لِأَحَدٍ إلَّا بِحُجَّةٍ كَبَيِّنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْمُعَارِضِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا قَدْ تَعْسُرُ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّ صِدْقِهِ فَيَمْتَنِعُ دَفْعُهَا لَهُ، فَإِنْ قَالَ مُدَّعِيهَا إنَّك تَعْلَمُ كَوْنَهَا لِي حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَلْزَمُك تَسْلِيمُهَا إلَيَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَ الدَّفْعِ بِالْوَصْفِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ وَلَمْ يَكُنْ تَمَلَّكَهَا فَهَلْ تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ كَغَيْرِهَا أَوْ لَا لِأَنَّ الرَّدَّ كَالْإِقْرَارِ، وَإِقْرَارُ الْمُلْتَقِطِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى مَالِكِهَا بِفَرْضِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَاصِفِ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَلَوْ تَلِفَتْ فَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوَصْفِهَا ثَبَتَتْ وَلَزِمَهُ بَدَلُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْوَصْفِ هُوَ وَصْفُهَا.

(فَإِنْ) (دَفَعَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ لِشَخْصٍ بِالْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارِ حَاكِمٍ يَرَاهُ (وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهَا لَا يُعْلَمُ انْتِقَالُهَا مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ (حُوِّلَتْ) مِنْ الْأَوَّلِ (إلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُجَّةَ تُوجِبُ الدَّفْعَ بِخِلَافِ الْوَصْفِ الْمُجَرَّدِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ الْوَاصِفِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ (فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ حَاكِمٌ بِالدَّفْعِ يَرَى وُجُوبَهُ بِالْوَصْفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَخَرَجَ بِدَفْعِ اللُّقَطَةِ مَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ غَرِمَ لِلْوَاصِفِ قِيمَتَهَا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ لَا الْمُدَّعِي (وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لَتَلَفِهِ فِي يَدِهِ فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَزْعُمُ أَنَّ الظَّالِمَ هُوَ ذُو الْبَيِّنَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِظَاهِرِ الْيَدِ بِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ شَرَفًا فَعُذِرَ بِالِاعْتِرَافِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهَا، بِخِلَافِ الْوَصْفِ فَكَانَ مُقَصِّرًا بِالِاعْتِرَافِ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ (قُلْت: لَا تَحِلُّ) (لُقَطَةُ الْحَرَمِ) الْمَكِّيِّ (لِلتَّمَلُّكِ) وَلَوْ بِلَا قَصْدِ تَمَلُّكٍ وَلَا حِفْظٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) بَلْ لَا تَحِلُّ إلَّا لِلْحِفْظِ أَبَدًا لِخَبَرِ «لَا تَحِلُّ لُقْطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ، وَادِّعَاءُ أَنَّهَا دَفْعُ إيهَامِ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِهَا فِي الْمَوْسِمِ بِمَنْعِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ لَبَيَّنَهُ، وَإِلَّا فَإِيهَامُ مَا قُلْنَاهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَشَدُّ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِ عَوْدِ النَّاسِ لَهُ فَرُبَّمَا عَادَ مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ فَغَلُظَ عَلَى آخِذِهَا بِتَعَيُّنِ حِفْظِهَا كَمَا غَلُظَ عَلَى الْقَاتِلِ فِيهِ خَطَأً بِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إسَاءَتِهِ.
وَالثَّانِي تَحِلُّ وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ تَأْكِيدُ التَّعْرِيفِ لَهَا سَنَةً، وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْحِلُّ وَلَوْ عَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْحَرَمِ وَبِالْمَكِّيِّ حَرَمُ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَيِّنَةَ.
(قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ) أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لَهُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا بِالْوَصْفِ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بَلْ يُطَالِبُهُ بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ قَوْلُهُ فَهَلْ تُرَدُّ هَذِهِ الْيَمِينُ كَغَيْرِهَا وَفَائِدَةُ الرَّدِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُدَّعِي.

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ) أَيْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُلْتَقِطُ بَدَلَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِمُعَرِّفٍ) هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَادِّعَاءُ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَبَيِّنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْمُعَارِضِ) مِثَالٌ لِلْحُجَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ تَمَلَّكَهَا) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ تَمَلَّكَهَا فَتُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ

(قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ) أَيْ: فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ جَازَ فِي الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ.

(5/445)


اللَّقْطَةِ فِيهِ لِلْحِفْظِ (قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ فَتَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ لَهُ أَوْ دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ: أَيْ إنْ كَانَ أَمِينًا، فَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا وَلَا حَاكِمَ أَمِينٌ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ دَفْعِهَا لِأَمِينٍ، وَلَوْ الْتَقَطَ مَالًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَقَيَّدَهُ الْغَزِّيِّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُنَازَعٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَ صَغِيرًا ثُمَّ ادَّعَى مِلْكَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، وَلَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ ثُمَّ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ، وَلَا تَارِيخَ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا، وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ مُلْتَقِطِهَا فَالْتَقَطَهَا آخَرُ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ لِسَبْقِهِ، وَلَوْ أَمَرَ آخَرَ بِالْتِقَاطِ شَيْءٍ رَآهُ فَأَخَذَهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ إنْ قَصَدَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ قَصَدَ الْآمِرَ وَنَفْسَهُ فَلَهُمَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الِالْتِقَاطِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي عُمُومِهِ، وَهَذَا فِي خُصُوصِ لُقَطَةٍ، وَإِنْ رَآهَا مَطْرُوحَةً عَلَى الْأَرْضِ فَدَفَعَهَا بِرِجْلِهِ وَتَرَكَهَا حَتَّى ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا.

. كِتَابُ اللَّقِيطِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَهُوَ مَنْ يَأْتِي، سُمِّيَ لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ، وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُنْبَذُ وَتَسْمِيَتُهُ بِذَيْنِك قَبْلَ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً، وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ مَنْبُوذًا بَعْدَ أَخْذِهِ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ الْحَقِيقَةِ بِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَيُسَمَّى أَيْضًا دَعِيًّا وَهُوَ شَرْعًا طِفْلٌ نَبِيذٌ بِنَحْوِ شَارِعٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُدَّعٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: قَطْعًا) أَيْ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَالًا ضَائِعًا أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ دَفْعِهَا لِأَمِينٍ) أَيْ غَيْرِ الْحَاكِمِ، فَلَوْ بَانَ عَدَمُ أَمَانَتِهِ فَيَحْتَمِلُ تَضْمِينَ الْمُلْتَقِطِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ فَبَانَا فَاسِقَيْنِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْكِفَايَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لُقَطَةٌ وَتَعْرِيفُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْغَزِّيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْمُلْتَقِطُ.
(قَوْلُهُ: وَتَسَاقَطَتَا) أَيْ فَتَبْقَى فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ كُلٌّ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَقُّهُ، فَإِنْ حَلَفَ لِكُلٍّ تُرِكَتْ فِي يَدِهِ، وَإِنْ نَكَلَ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا سُلِّمَتْ لَهُ أَوْ حَلَفَا جُعِلَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَكَذَا لَوْ تَنَازَعَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ الْمُلْتَقِطِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ الْآخَرُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ حَمْلًا لَهُ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: فَدَفَعَهَا بِرِجْلِهِ) أَيْ وَلَمْ تَنْفَصِلْ عَنْ الْأَرْضِ.