نهاية
المحتاج إلى شرح المنهاج [كِتَابُ الْعِدَدِ وَهُوَ ضَرْبَانِ]
[الضَّرْبَ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ
فَسْخٍ]
كِتَابُ الْعِدَدِ جَمْعُ عِدَّةٍ مِنْ الْعِدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى
أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ غَالِبًا، وَهِيَ شَرْعًا: مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ
فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَوْ
لِلتَّعَبُّدِ، وَهُوَ اصْطِلَاحًا: مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ عِبَادَةً
كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَا يُقَالُ فِيهَا
تَعَبُّدٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ غَيْرُ
ظَاهِرٍ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ مَاتَ، وَأُخِّرَتْ إلَى هُنَا
لِتَرَتُّبِهَا غَالِبًا عَلَى الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ، وَأُلْحِقَ
الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا كَانَا طَلَاقًا
وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ
وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَهِيَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مَعْلُومَةٌ
مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.
وَقَوْلُهُمْ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ
يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِ تَفَاصِيلِهَا، وَشُرِعَتْ أَصَالَةً
صَوْنًا لِلنَّسَبِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَكُرِّرَتْ الْأَقْرَاءُ
الْمُلْحَقُ بِهَا الْأَشْهُرِ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِوَاحِدٍ
اسْتِظْهَارًا، وَاكْتَفَى بِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ يَقِينَ
الْبَرَاءَةِ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ لِكَوْنِهِ نَادِرًا (عِدَّةُ
النِّكَاحِ ضَرْبَانِ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ) زَوْجٍ (حَيٍّ
بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ) بِنَحْوِ عَيْبٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِنَحْوِ لِعَانٍ
لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ
بِالنِّكَاحِ الزِّنَا فَلَا عِدَّةَ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَوَطْءُ
الشُّبْهَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى ضَرْبَيْنِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا
فُرْقَةَ حَيٍّ وَهُوَ مَا لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ وَإِنْ
أَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَوَطْءِ مَجْنُونٍ أَوْ مُرَاهِقٍ
كَامِلَةً وَلَوْ زِنًا مِنْهَا فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ لِاحْتِرَامِ
الْمَاءِ، وَفِي مَعْنَى الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
كِتَابُ الْعُدَدِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ أَنْ
يَكُونَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: عِبَادَةً كَانَ) أَيْ كَصَلَاةٍ،
وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا كَعِدَّةٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا (قَوْلُهُ:
لَا يُقَالُ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ
بِهِمَا) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْإِيلَاءِ
وَلَمْ يُطَالِبْ طُولِبَ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ
يَفْعَلْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَلَى مَا مَرَّ، وَإِذَا ظَاهَرَ
ثُمَّ طَلَّقَ فَوْرًا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَلَا كَفَّارَةً (قَوْلُهُ:
اسْتِظْهَارًا) أَيْ طَلَبًا لِظُهُورِ مَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ وَهُوَ
بَرَاءَةُ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى بِهَا) أَيْ الْأَقْرَاءِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَامِلَ) تَعْلِيلٌ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ:
لِكَوْنِهِ) أَيْ حَيْضُ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: عِدَّةُ النِّكَاحِ) أَيْ
الصَّحِيحَ اهـ حَجّ وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِيهِ وَطْءٌ
فَلَا شَيْء فِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ لَيْسَ
ضَرْبَيْنِ بَلْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا فِي فُرْقَةِ الْحَيِّ كَمَا
يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يُوصَفُ بِحَلٍّ) وَفِي نُسْخَةٍ:
وَهُوَ كُلُّ مَا لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْوَاطِئِ حَدًّا وَإِنْ أَوْجَبَهُ
عَلَى الْمَوْطُوءَةِ كَوَطْءِ مَجْنُونٍ إلَخْ، وَهَذَا الْحَدُّ أَوْلَى
لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ وَطْءٌ نَحْوُ الْمُشْتَرَكَةِ
وَالْمُكَاتَبَةِ وَأَمَةِ وَلَدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ أُخْرَى مَعَ
الْحُرْمَةِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا
فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَعَ ذَلِكَ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِهِ اهـ
سم عَلَى حَجّ.
لَكِنْ فِي حَجّ بَعْدَ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مُرَاهِقٍ أَوْ مُكْرَهٍ
كَامِلَةً اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ
بِوَطْءِ الْمُكْرَهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ:
لِاحْتِرَامِ الْمَاءِ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
كِتَابُ الْعِدَدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اصْطِلَاحًا مَا لَا يُعْقَلُ
مَعْنَاهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَعَلَّ فِي حَدِّهِ مُسَامَحَةٌ. اهـ.
أَيْ لِأَنَّ الَّذِي لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فِي عِبَارَتِهِمْ هُوَ
الْمُتَعَبَّدُ بِهِ لَا نَفْسُ التَّعَبُّدِ (قَوْلُهُ: فَلَا عِدَّةَ
فِيهِ) هَذَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ كَمَا لَا
يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ مَا لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْوَاطِئِ حَدًّا
إلَخْ.) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُكْرَهُ عَلَى الزِّنَا الْآتِي، وَبِمِثْلِ
هَذَا عَبَّرَ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ يَخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ
كَالْمَجْنُونِ وَالْمُرَاهِقِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَدَلَ
هَذَا مَا نَصُّهُ: وَهُوَ مَا لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا
(7/126)
وَنَحْوِهِ مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ
حَيَوَانًا.
(وَإِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ وَطْءٍ) بِذَكَرٍ مُتَّصِلٍ وَإِنْ كَانَ
زَائِدًا وَهُوَ عَلَى سُنَنٍ الْأَصْلِيِّ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ
الِاحْتِيَاطُ لِاحْتِمَالِ الْإِحْبَالِ مِنْهُ كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ
وَلَوْ فِي دُبُرٍ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ تَهَيَّأَ لِلْوَطْءِ كَمَا أَفْتَى
بِهِ الْغَزَالِيُّ وَخَصِيٍّ وَإِنْ كَانَ الذَّكَرُ أَشَلَّ خِلَافًا
لِلْبَغَوِيِّ، أَوْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ
كَأَنْ عَلَّقَهُ بِهَا، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا عِدَّةَ لِلْآيَةِ
كَزَوْجَةِ مَجْبُوبٍ لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَنِيَّهُ وَمَمْسُوحٍ مُطْلَقًا
إذْ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ (أَوْ) بَعْدَ (اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) أَيْ
الزَّوْجِ الْمُحْتَرَمِ وَقْتَ إنْزَالِهِ وَلَا أَثَرَ لِوَقْتِ
اسْتِدْخَالِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
-، وَإِنْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارَ حَالَةِ
الْإِنْزَالِ وَالِاسْتِدْخَالِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ
اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ فَأَمْنَى ثُمَّ اسْتَدْخَلَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ
عَالِمَةٌ بِالْحَالِ أَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه
مَثَلًا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ
أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ
الْوَلَدُ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ، وَالشَّرْعُ مَنَعَ
نَسَبَهُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَلِأَنَّهُ
وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَيُفَارِقُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَ
النَّسَبِ فِيهِ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ ظَنِّ الْوَاطِئِ وَلَا ظَنَّ
هَهُنَا، وَوَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ
شُبْهَةَ الْمَلِكِ فِيهَا قَامَتْ مَقَامَ الظَّنِّ وَمَا ذَكَرَهُ
الْمُتَوَلِّي مِنْ لُحُوقِهِ بِهِ ضَعِيفٌ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
مَنِيَّ الْمَجْبُوبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ
إيلَاجٍ قَطَعَ فِيهِ بِعَدَمِ الْإِنْزَالِ، وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ
الْهَوَاءُ يُفْسِدُهُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ وَلَدٌ ظَنُّ لَا يُنَافِي
الْإِمْكَانَ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي الْمَجْنُونِ حَقِيقَةً وَفِي الْمُرَاهِقِ حُكْمًا لِكَوْنِهِ
مَظِنَّةَ الْإِنْزَالِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا)
أَيْ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى سُنَنِ
الْأَصْلِيِّ) أَيْ بِخِلَافِ الزَّائِدِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا
تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ (قَوْلُهُ:
تَهَيَّأَ لِلْوَطْءِ) وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَوْطُوءَةِ أَيْضًا
تَهَيُّؤُهَا لِلْوَطْءِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وَسْم عَلَى مَنْهَجٍ
عَنْ م ر، وَقَالَ: إنَّ م ر عَبَّرَ عَمَّنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ مِنْهُمَا
بِابْنِ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الشَّارِحِ
بِالصَّبِيِّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي الصَّبِيَّةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ:
أَرَادَ بِالصَّبِيِّ مَا يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ:
كَأَنْ عَلَّقَهُ بِهَا) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: أَمَّا
قَبْلَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَنِيَّهُ) أَيْ
عَلِمَ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ اسْتِدْخَالِهِ كَأَنْ
سَاحَقَهَا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ دَخَلَ فَرْجَهَا أَوْ
لَا فَتَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ وَيَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ وَتَنْقَضِي
عِدَّتُهَا بِالْحَمْلِ الْحَاصِلِ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
لِلشَّارِحِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ
يَكُنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَصَبِيٍّ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ (قَوْلُهُ:
وَمَمْسُوحٍ) أَيْ وَكَزَوْجَةٍ مَمْسُوحٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا:
أَيْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ سَاحَقَهَا
حَتَّى نَزَلَ مَاؤُهُ فِي فَرْجِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ)
أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا وَقْتَ الْإِنْزَالِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي
الْأَخْذِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ بِلُحُوقِ النَّسَبِ
يَجْعَلُ ذَلِكَ الْمَنِيَّ مُحْتَرَمًا لِعَدَمِ إيجَابِ الْوَطْءِ
الْمُحَصِّلِ لَهُ الْحَدُّ (قَوْلُهُ فَحَمَلَتْ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ
يُعْلَمْ وَطْؤُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْوَلَدِ
مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَا
عِدَّةَ سم عَنْ م ر عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ وَطْءَ
الشُّبْهَةِ) أَيْ حَيْثُ لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ
(قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ أَوْ وَطْءُ
الشَّخْصِ أَمَتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ
الْمُبَعَّضَةَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ
الْمُتَوَلِّي مِنْ لُحُوقِهِ) أَيْ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ: أَيْ
وَمَعَ ضَعْفِهِ هُوَ مُقْتَضَى تَعْرِيفِ الشُّبْهَةِ بِأَنَّهَا كُلُّ
وَطْءٍ لَا حَدَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ) رَاجِعٌ
لِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
حُرْمَةٍ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ. اهـ.
وَالْأُولَى أَوْلَى، وَإِنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ:
بِذِكْرٍ مُتَّصِلٍ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا) وَفِي نُسْخَةٍ بِذِكْرٍ
مُتَّصِلٍ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الزَّرْكَشِيُّ،
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ الِاحْتِيَاطُ لِاحْتِمَالِ الْإِحْبَالِ مِنْهُ
كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي دُبُرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ
مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَخْذِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ كَوْنَهُ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ
لَوْ عُلِمَ كَوْنُهُ مِنْهُ يَلْحَقُهُ وَيُنَافِيهِ قَضِيَّةُ
التَّعْلِيلِ الثَّانِي، عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا الْكَلَامُ فِيهِ
مِنْ الِاسْتِدْخَالِ (قَوْلُهُ: وَوَطْءَ الْأَبِ) هُوَ بِالنَّصْبِ
عَطْفًا عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ
(7/127)
قِيلَ بِأَنَّهُ مَتَى حَمَلَتْ مِنْهُ
تَبَيَّنَّا عَدَمَ تَأْثِيرِ الْهَوَاءِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ وَمِنْ ثَمَّ
لَحِقَ بِهِ النَّسَبُ أَيْضًا، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ عِنْدَ
إنْزَالِهِ بِأَنْ أَنْزَلَهُ مِنْ زِنًا فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ
فَلَا عِدَّةَ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ.
وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدٍ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ
احْتِرَامِهِ، وَتَجِبُ عِدَّةُ الْفِرَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ (وَإِنْ
تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) لِكَوْنِهِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهَا
فَوُجِدَتْ أَوْ لِكَوْنِ الْوَاطِئِ صَغِيرًا أَوْ الْمَوْطُوءَةِ
صَغِيرَةً لِعُمُومِ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] وَتَعْوِيلًا عَلَى الْإِيلَاجِ لِظُهُورِهِ
دُونَ الْمَنِيِّ الْمُسَبِّبِ عَنْهُ الْعُلُوقُ لِخَفَائِهِ فَأَعْرَضَ
الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ أَوْ دُخُولُ
الْمَنِيِّ، كَمَا أَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ وَاكْتَفَى
بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا (لَا بِخَلْوَةٍ) مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَطْءٍ
وَاسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ مُحْتَرَمٍ وَمَرَّ بَيَانُهَا فِي الصَّدَاقِ
فَلَا عِدَّةَ فِيهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ، وَمَا جَاءَ
عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ وُجُوبِهَا
مُنْقَطِعٌ وَالْقَدِيمُ تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ
(وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَتَطَاوَلَ مَا
بَيْنَهَا (ثَلَاثَةٌ) أَيْ مِنْ الْأَقْرَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ
حَامِلًا مِنْ زِنًا إذْ حَمْلُ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَلَوْ جَهِلَ
حَالَ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ حُمِلَ عَلَى
أَنَّهُ مِنْ زِنًا كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ
صِحَّةُ نِكَاحِهَا مَعَهُ وَجَوَازُ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا، أَمَّا مِنْ
حَيْثُ عَدَمُ عُقُوبَتِهَا بِسَبَبِهِ فَيُحْمَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) لَكِنْ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَطِبَّاءِ
لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ بَلْ يَزْعُمُونَ
أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ كَزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ يَرَى
حُرْمَتَهُ) كَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ
احْتِرَامِهِ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ
كَانَ ذَلِكَ لِخَوْفِ الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي سم عَلَى حَجّ مَا
نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إلَخْ، وَيُفَارِقُ
اسْتِنْزَالُهُ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِنَحْوِ الْحَائِضِ بِأَنَّهَا مَحَلُّ
الِاسْتِمْتَاعِ وَتَحْرِيمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا عَارِضٌ، بِخِلَافِ
الِاسْتِنْزَالِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ كَالزِّنَا،
وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ حَرَامًا فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ، إذَا
اُضْطُرَّ لَهُ بِحَيْثُ لَوْلَاهُ وَقَعَ فِي الزِّنَا لِأَنَّ الْحِلَّ
حِينَئِذٍ بِتَسْلِيمِهِ عَارِضٌ م ر اهـ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ عَلَّقَ
الطَّلَاقَ بِمَا) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: فَوُجِدَتْ) أَيْ
بِأَنْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْوَاطِئِ
صَغِيرًا) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْطُوءَةِ صَغِيرَةً)
أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: لَا بِخَلْوَةٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ
اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ
لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ
الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ
الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ
عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ،
وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا
بِالْوَطْءِ، وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْإِيلَاءِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي
كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ دُونَ
ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ فَلِي الرَّجْعَةَ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ
بِيَمِينِهَا أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا
(قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ حُرَّةٍ) مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ
كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ) أَيْ بِأَنْ وُلِدَ
لِأَكْثَر مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ وَطْءِ الزَّوْجِ
لَهَا كَأَنْ كَانَ مُسَافِرًا بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ
لَوْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ
حُكِمَ بِلُحُوقِهِ لِلْأَوَّلِ وَبِبُطْلَانِ نِكَاحِ الثَّانِي،
وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ
الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ
تُنْكَحْ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ نِكَاحِهَا) صَرِيحٌ فِي
أَنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ، وَقَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ
مَا مَرَّ فِي فَصْلٌ: الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ مِنْ قَوْلِهِ
وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَطِئَهَا
لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَفِيهِ
تَطْوِيلٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا كَذَا قَالَاهُ، وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ
تَحِضْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا مَنْ تَحِيضُ حَامِلًا فَنَقْضِي
عِدَّتَهَا بِالْأَقْرَاءِ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ
طَلَاقُهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ إذْ لَا تَطْوِيلَ حِينَئِذٍ،
فَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التَّوْشِيحِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ
عَلَيْهِمَا اهـ.
وَقَدَّمْنَا ثَمَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى حَمْلٍ
مِنْ زِنًا مَا لَمْ يَسْبِقْهُ حَيْضٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْآيَةِ) الظَّاهِرُ لِمَنْطُوقِهَا كَمَا لَا
يَخْفَى
(7/128)
عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ، فَإِنْ
أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ
وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ إلَّا
بِلِعَانٍ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ
كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لَمْ
يُقْبَلْ لِأَنَّ قَوْلَهَا الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ عِدَّتَهَا لَا
تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا فِيهِ، بِخِلَافِ مَا
لَوْ قَالَتْ لَا أَحِيضُ زَمَنَ الرَّضَاعِ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا
وَقَالَتْ أَحِيضُ زَمَنَهُ فَيُقْبَلُ كَمَا أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ
الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَضَمَّنٌ
لَدَعْوَاهَا الْحَيْضَ فِي زَمَنِ إمْكَانِهِ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ فِيهِ
وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا، وَلَوْ الْتَحَقَتْ حُرَّةٌ ذِمِّيَّةٌ
بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّتْ كَمَّلْت عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي
أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ (وَالْقُرْءُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَهُوَ
أَكْثَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ كَمَا حُكِيَ عَنْ
إجْمَاعِ اللُّغَوِيِّينَ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا (الطُّهْرُ)
الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إذْ الْقُرْءُ الْجَمْعُ وَهُوَ فِي زَمَنِ
الطُّهْرِ أَظْهَرُ (فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ
الطُّهْرِ لَحْظَةٌ (انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ)
لِإِطْلَاقِ الْقُرْءِ عَلَى أَقَلِّ لَحْظَةِ مِنْ الطُّهْرِ وَإِنْ
وَطِئَ فِيهِ وَلِأَنَّ إطْلَاقَ الثَّلَاثَةِ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْضِ
الثَّالِثِ شَائِعٌ كَمَا فِي {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:
197] .
أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ ذَلِكَ كَأَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ طُهْرِكِ
فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ كَوَامِلَ (أَوْ) طَلُقَتْ
(حَائِضًا) وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الْحَيْضِ شَيْءٌ فَتَنْقَضِي
عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ (فِي) حَيْضَةٍ (رَابِعَةٍ) إذْ مَا بَقِيَ مِنْ
الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ قُرْءًا قَطْعًا لِأَنَّ الطُّهْرَ الْأَخِيرَ
إنَّمَا يَتَبَيَّنُ كَمَالُهُ بِالشُّرُوعِ فِيمَا يَعْقُبهُ وَهُوَ
الْحَيْضَةُ الرَّابِعَةُ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ)
بَعْدَ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْأُولَى وَفِي
الرَّابِعَةِ فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ دَمَ حَيْضٍ
بِدُونِ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَهُمَا لَيْسَا مِنْ الْعِدَّةِ كَزَمَنِ
الطَّعْنِ عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا كَمَالُهَا فَلَا
تَصِحُّ فِيهِمَا رَجْعَةٌ وَيَنْكِحُ نَحْوَ أُخْتِهَا وَقِيلَ مِنْهَا
وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ الطَّلَاقِ فِي النِّفَاسِ، وَظَاهِرُ
كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ عَدَمُ حُسْبَانِهِ مِنْ
الْعِدَّةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَيْضًا فِي الْحَالِ الثَّانِي فِي
اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ (وَهَلْ يُحْسَبُ) زَمَنُ (طُهْرِ مَنْ لَمْ
تَحِضْ) أَصْلًا (قُرْءًا) أَوْ لَا يُحْسَبُ (قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى
أَنَّ الْقُرْءَ) هَلْ هُوَ (انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ)
فَيُحْسَبُ (أَمْ) الْأَفْصَحُ أَوْ (طُهْرٍ مُحْتَوَشٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ
(بِدَمَيْنِ) حَيْضَتَيْنِ أَوْ نِفَاسَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَلَا
يُحْسَبُ.
(وَالثَّانِي) مِنْ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ (أَظْهَرُ) فَيَكُونُ
الْأَظْهَرُ فِي الْمَبْنِيِّ عَدَمَ حُسْبَانِهِ قُرْءًا، فَإِذَا حَاضَتْ
بَعْدَهُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِالطَّعْنِ فِي الرَّابِعَةِ
كَمَنْ طَلُقَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ) أَيْ مِنْهَا
(قَوْلُهُ: وَزَعَمَتْ) أَيْ ادَّعَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَتْ
عَادَتَهَا) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهَا أَنَا لَا أَحِيضُ فِي زَمَنِ
الرَّضَاعِ بَنَتْهُ عَلَى عَادَتْهَا السَّابِقَةِ، وَدَعْوَاهَا الْآنَ
أَنَّهَا تَحِيضُ لَيْسَ مُتَضَمِّنًا لِنَفْيِهَا الْحَيْضَ فِي زَمَنِ
الرَّضَاعِ السَّابِقِ لِجَوَازِ تَغَيُّرِ عَادَتِهَا فَتَكُونُ صَادِقَةً
فِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَوْ
أَقَرَّتْ بِكَوْنِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ كَذَّبَتْ
نَفْسَهَا مُنَافٍ لَدَعْوَاهَا الْأُولَى، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا
أَنَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ أَنَّهُ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ، وَقَوْلُهَا
أَنَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا
حَيْضٌ وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَحَقَتْ) أَيْ وَهِيَ
مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَرَقَتْ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ أَظْهَرُ) أَيْ فَرَجَحَ الْقَوْلُ
بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيْضُ (قَوْلُهُ أَمَّا
إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ لَحْظَةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ مِنْهَا)
أَيْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ إلَخْ)
مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ حُسْبَانِهِ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ فَلَا
بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَقْرَاءٍ بَعْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ إلَخْ.)
هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ
ثُمَّ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي
الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَقِبَ هَذِهِ أَنَّهَا تُقْبَلُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ بِنَاءً
عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: الْمُحْتَوِشُ،
وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ لَفْظِ الْمُحْتَوِشِ لِيَتَأَتَّى كَلَامُ
الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ أَظْهَرُ)
وَسَيَأْتِي وَجْهُهُ فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ
انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَخْ.) فِيهِ
(7/129)
فِي الْحَيْضِ، وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ
فِي الْقُرْءِ الْجَمْعَ وَالدَّمُ زَمَنُ الطُّهْرِ يَنْجَمِعُ فِي
الرَّحِمِ وَزَمَنُ الْحَيْضِ يَنْجَمِعُ بَعْضُهُ وَيَسْتَرْسِلُ بَعْضُهُ
إلَى أَنْ يَنْدَفِعَ الْكُلُّ وَهُنَا لَا جَمْعَ وَلَا ضَمَّ، وَلَا
يُنَافِي مَا رُجِّحَ هُنَا تَرْجِيحُهُمْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَالًا
فِيمَا لَوْ قَالَ لِمَنْ لَمْ تَحِضْ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ
طَلْقَةٌ لِأَنَّ الْقُرْءَ اسْمٌ لِلطُّهْرِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِصِدْقِ
الِاسْمِ وَأَمَّا الِاحْتِوَاشُ هُنَا فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ
لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِيَغْلِبَ ظَنُّ الْبَرَاءَةِ
(وَعِدَّةُ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (مُسْتَحَاضَةٍ) غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ
(بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ) هِيَ (إلَيْهَا) حَيْضًا وَطُهْرًا
فَتُرَدُّ مُعْتَادَةٌ لِعَادَتِهَا فِيهِمَا وَمُمَيِّزَةٌ لِتَمْيِيزِهَا
كَذَلِكَ وَمُبْتَدَأَةٌ لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْحَيْضِ وَتِسْعٍ
وَعِشْرِينَ فِي الطُّهْرِ.
فَعِدَّتُهَا تِسْعُونَ يَوْمًا مِنْ ابْتِدَاءِ دَمِهَا إنْ كَانَتْ
حُرَّةً لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا
(وَ) عِدَّةُ حُرَّةٍ (مُتَحَيِّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) هِلَالِيَّةٍ،
نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْفِرَاقُ أَثْنَاءَ شَهْرٍ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ
أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى
طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ فَتُعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ وَإِلَّا
أُلْغِيَ وَاعْتُدَّتْ مِنْ انْقِضَائِهِ بِثَلَاثَةِ أَهِلَّةٍ،
وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْأَكْثَرِ
أَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ (فِي الْحَالِ) لِاشْتِمَالِ
كُلِّ شَهْرٍ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَصَبْرُهَا لِسِنِّ الْيَأْسِ مَشَقَّةٌ
عَظِيمَةٌ وَبِهِ فَارَقَ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَةِ إذْ لَا تَعْظُمُ
مَشَقَّتُهُ (وَقِيلَ) عِدَّتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ
لَا لِرَجْعَةٍ وَسُكْنَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (بَعْدَ الْيَأْسِ)
لِأَنَّهَا قَبْلَهُ مُتَوَقِّعَةٌ لِلْحَيْضِ الْمُتَيَقَّنِ، هَذَا
كُلُّهُ إنْ لَمْ تَحْفَظْ قَدْرَ دَوْرِهَا، وَإِلَّا اُعْتُدَّتْ
بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ
أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي
قَدْرِ أَدْوَارِهَا، وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ
سِتَّةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السِّتَّةَ دَوْرَهَا
ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي
بَابِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي
حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَلَكِنْ يَحْسُبُ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا
قُرْءًا، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ حَيْثُ يُكْمِلَانِ
الْمُنْكَسِرَ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا مَنْ فِيهَا رِقٌّ فَقَالَ
الْبَارِزِيُّ تُعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا
قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا وَلَيْسَ
بِمُعْتَمَدٍ، فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ أَوَّلَ
الشَّهْرِ اُعْتُدَّتْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ
فَبِبَاقِيهِ.
وَالثَّانِي أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ
الْبَقِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ
الْمَجْنُونَةَ الَّتِي تَرَى الدَّمَ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بَلْ
بِالْأَقْرَاءِ كَالْعَاقِلَةِ، وَقَدْ أَطْلَقُوا الْكَلَامَ عَلَى
الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ
كَالصَّغِيرَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى
حَالَةِ انْبِهَامِ زَمَنِ حَيْضِهَا وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إذْ غَايَتُهَا
أَنْ تَكُونَ حِينَئِذٍ كَالْمُتَحَيِّرَةِ.
أَمَّا إذَا عُرِفَ حَيْضُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهِ
عَلَى طُهْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ هَذَا الْأَخْذَ وَفِي أَخْذِ ذَلِكَ
مِنْ التَّعْلِيلِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ
يَوْمًا وَلَحْظَةً عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ طُهْرٌ إذْ لَوْ
فُرِضَ فِيهِ حَيْضٌ فَغَايَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمَا زَادَ
عَلَيْهَا طُهْرٌ وَخُصُوصُ كَوْنِ الْحَيْضِ يَوْمًا وَلَيْلَةً
بِتَقْدِيرِهِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ الْمُصَاحِبُ لَهُ
هَذِهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ لَا يَتِمُّ
إلَّا بِمُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا
تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي
حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَلُقَتْ وَقَدْ بَقِيَ
دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَلْغَتْ مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ
وَاعْتَدَّتْ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي
الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ
سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي
قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي هَذَا
الْأَكْثَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ وَالشَّهْرُ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقُوا الْكَلَامَ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى
الْمُتَحَيِّرَةِ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ إلَخْ فَالْبَاءُ زَائِدَةٌ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) أَيْ وَإِنْ
لَمْ تَكُنْ مُتَحَيِّرَةً (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عُرِفَ حَيْضُهَا) أَيْ
الْمَجْنُونَةِ زَمَنَ الْجُنُونِ: أَيْ بِأَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
تَسَمُّحٌ وَالْمُرَادُ طُهْرٌ تَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى حَيْضٍ كَمَا
بَيَّنَهُ الْجَلَالُ
(قَوْلُهُ: فَعِدَّتُهَا تِسْعُونَ يَوْمًا) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ
الدَّمَ لَمْ يَبْتَدِئْهَا إلَّا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَزِمَ
عَلَيْهِ قُصُورٌ، إذْ لَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ
أَشْكَلَ فِيمَا إذَا طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ كَانَ الدَّمُ
عَلَيْهَا مِنْ أَوَّلِهِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ مُطَلَّقَةٌ فِي طُهْرٍ
احْتَوَشَهُ دَمَانِ، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ حُسْبَانُ مَا بَقِيَ مِنْهُ
بِقُرْءٍ، ثُمَّ رَأَيْت
(7/130)
فَتُعْتَدُّ بِهِ
(وَ) عِدَّةَ أَمَةٍ حَتَّى (أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمَنْ فِيهَا
رِقٌّ) وَإِنْ قَلَّ (بِقُرْأَيْنِ) لِأَنَّ الْقِنَّ عَلَى نِصْفِ مَا
لِلْحُرِّ وَكَمُلَ الْقُرْءُ لِتَعَذُّرِ تَنْصِيفِهِ كَالطَّلَاقِ،
وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي تَتَسَاوَيَانِ
فِيهَا لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقُرْءِ هُنَا لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ
وَالِاسْتِظْهَارِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْحُرَّةِ أَكْثَرَ فَخُصَّتْ
بِثَلَاثَةٍ، نَعَمْ لَوْ تَزَوَّجَ لَقِيطَةً ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ
ثُمَّ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِحَقِّهِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا
اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ) (عَتَقَتْ)
أَمَةٌ بِسَائِرِ أَحْوَالِهَا (فِي عَدَّةِ رَجْعَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ
بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ (كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ
الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ
قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالثَّانِي تُتِمُّ عِدَّةَ أَمَةٍ نَظَرًا لِوَقْتِ
الْوُجُوبِ (أَوْ) عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ (بَيْنُونَةٍ) أَوْ وَفَاةٍ
(فَأَمَةٌ) أَيْ فَلْتُكْمِلْ عِدَّةَ أَمَةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ
الْبَائِنَ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ.
وَالثَّانِي تُتِمُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ اعْتِبَارًا بِوُجُودِ الْعِدَّةِ
الْكَامِلَةِ قَبْلَ تَمَامِ النَّاقِصَةِ.
أَمَّا لَوْ عَتَقَتْ مَعَ الْعِدَّةِ كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا
وَعِتْقَهَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَتَعْتَدُّ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ قَطْعًا،
وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِظَنِّ الْوَاطِئِ لَا
بِمَا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا
زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ حُرَّةً
ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ أَوْ أَمَتَهُ فَكَذَلِكَ فِيمَا
يَظْهَرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وَهُوَ الْوَجْهُ.
وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ وَإِنْ
جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ
يَزْنِي بِهَا اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ لِحَقِّهِ وَلَا أَثَرَ لَظَنِّهِ هُنَا
لِفَسَادِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ تَحَقُّقِ
الْمَفْسَدَةِ بَلْ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الزَّانِي بَلْ
دُونَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ
يَفْسُقُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ
أَقْدَمَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا:
أَيْ وَهُوَ مِمَّا يَفْسُقُ بِهِ لَوْ ارْتَكَبَهُ حَقِيقَةً
(وَ) عِدَّةُ (حُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
اُطُّلِعَ عَلَى حَيْضِهَا فِي زَمَنِهِ وَعُرِفَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ
بِعَلَامَاتِ تَظْهَرُ لِمَنْ رَآهُ
(قَوْلُهُ: تَتَسَاوَيَانِ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ (قَوْلُهُ
فَخُصَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ وَقَوْلُهُ لَحِقَهُ أَيْ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ
بِفَتْحِ الْعَيْنِ) إنَّمَا ضَبَطَهَا بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ
هَذِهِ النُّسْخَةَ أَوْضَحُ مِنْ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا رَجْعِيَّةٌ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي حُكْمِهَا) أَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ
أَمَتُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ إلَّا أَنَّ
هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِظَنِّ
الْوَاطِئِ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ مُسْتَأْنِفًا كَأَنْ يَقُولُ
لَكِنْ لَوْ وَطِئَ حُرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ إلَخْ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحُرِّيَّةِ إمَّا فِي نَفْسِ
الْأَمْرِ أَوْ بِظَنِّ الْوَاطِئِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: وَطِئَ
أَمَةً لِغَيْرِهِ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ رَوْضٌ
اهـ وَقَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ اعْتَدَّتْ أَيْ اسْتَبْرَأَتْ بِقُرْءٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّهَا أَمَتُهُ
فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَزْنِيٌّ بِهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَكُلٌّ
مِنْهُمَا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ عِدَّةٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا
تَعْتَدُّ بِذَلِكَ لِحَقِّهِ إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَيَحْرُمُ عَلَى
زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ
تَزْوِيجُهَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا،
وَانْظُرْ أَيْضًا مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْقُرْءِ مَعَ أَنَّ عِدَّةَ
الْأَمَةِ قُرْآنِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْعِدَّةِ هُنَا
الِاسْتِبْرَاءَ (قَوْلُهُ: عِقَابُ الزَّانِي) أَيْ لِأَنَّهَا أَمَتُهُ
فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ أَثِمَ بِالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا
كُلُّ فِعْلٍ) أَيْ يَفْسُقُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ غَيْرُهَا)
هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا
حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى
الْعَقْدِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ
إذْنِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ
كَبِيرَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا
تَزْوِيجَهُ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَمَا لَوْ زَوَّجَ
مُوَلِّيَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الشِّهَابَ سم اسْتَوْجَهَ حُسْبَانَهُ بِقُرْءٍ قَالَ: إلَّا أَنْ
يَمْنَعَ مِنْهُ نَقْلٌ
(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً) سَيَأْتِي
أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ فِي كَوْنِهَا أَمَةً، فَالصَّوَابُ
إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ أَمَةً، وَهُوَ تَابَعَ فِيهِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ
يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الظَّنَّ يُؤَثِّرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا
يَظْهَرُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لَإِغْنَاءِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي:
وَهُوَ الْوَجْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ) أَيْ لِزَوْجٍ
مَثَلًا سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ:
وَلَحِقَهُ) يَعْنِي: الْوَلَدُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي
التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ
(7/131)
لِصِغَرِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ أَوْ حِيلَةٍ
مَنَعَتْهَا رُؤْيَةَ الدَّمِ أَصْلًا أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا
(أَوْ يَئِسَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) بِالْأَهِلَّةِ لِلْآيَةِ، هَذَا إنْ
انْطَبَقَ الْفِرَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ بِتَعْلِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ
إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ
يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ، فَحُذِفَ
الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ
عَلَيْهِ، وَمَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ
الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ كَصَفَرٍ وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ
مَثَلًا فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى أَوْ جُمَادَى فَقَطْ حَلَّ
الْأَجَلُ بِمُضِيِّهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى تَكْمِيلِ الْعَدَدِ
بِشَيْءٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَمِثْلُهُ يَجِيءُ هُنَا (فَإِنْ
طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكْمِلُ)
الْأَوَّلَ (الْمُنْكَسِرَ) وَإِنْ نَقَصَ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ
الرَّابِعِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ التَّكْمِيلَ
ثَمَّ لَا يُحَصِّلُ الْغَرَضَ وَهُوَ تَيَقُّنُ الطُّهْرَ بِخِلَافِهِ
هُنَا لِأَنَّ الْأَشْهُرَ مُتَأَصِّلَةٌ فِي حَقِّ هَذِهِ (فَإِنْ حَاضَتْ
فِيهَا) أَيْ أَثْنَاءَ الْأَشْهُرِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) إجْمَاعًا
لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَمْ يُتِمَّ الْبَدَلَ وَلَا يَحْسِبُ مَا مَضَى
لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا قُرْءًا كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِفِيهَا
بَعْدَهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَيْضُ
(وَ) عِدَّةُ (أَمَةٍ) يَعْنِي مَنْ فِيهَا رِقٌّ لَمْ تَحِضْ أَوْ
يَئِسَتْ (بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ) لِإِمْكَانِ التَّبْعِيضِ هُنَا بِخِلَافِ
الْقُرْءِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَوَجَبَ
انْتِظَارُ عَدَمِ الدَّمِ (وَفِي قَوْلٍ) عِدَّتُهَا (شَهْرَانِ)
لِأَنَّهُمَا بَدَلُ الْقُرْأَيْنِ (وَ) فِي (قَوْلٍ) عِدَّتُهَا
(ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ
(وَمَنْ) (انْقَطَعَ دَمُهَا) (لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ)
وَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا
اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) فَتَعْتَدَّ
بِالْأَقْرَاءِ (أَوْ) حَتَّى (تَيْأَسَ فَ) تَعْتَدَّ (بِالْأَشْهُرِ)
وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَطَالَ ضَرَرُهَا بِالِانْتِظَارِ لِأَنَّ
عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَكَمَ بِذَلِكَ فِي الْمُرْضِعِ،
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، بَلْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ
مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
بَعْدَ إذْنِهَا ظَانًّا أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَأَنْ زَوَّجَ
أُخْتَهُ ظَانًّا حَيَاةَ وَالِدِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا
أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ تَعَاطِيَهُ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ فَلَا يَفْسُقُ بِهِ،
عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ
لَيْسَ كَبِيرَةً خِلَافًا لحج، لَكِنْ هَذَا لَا يُرَدُّ لِأَنَّ
الْقَائِلَ بِفِسْقِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِقْدَامِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا
يَعْتَقِدُهُ لِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا) أَيْ قَبْلَ الْحَمْلِ اهـ سم
عَلَى حَجّ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يَشْمَلُ مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَفِي
ع مَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الشَّارِحِ وَعِبَارَتَهُ: قَوْلُهُ لَمْ تَحِضْ
هُوَ شَامِلٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ
لِمَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا وَلَا حَيْضًا سَابِقًا فَإِنَّهَا
تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حَيْثُ طَلُقَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَشْهُرَ مُتَأَصِّلَةٌ) أَيْ أَصِيلَةٌ لَا يَدُلُّ
عَنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ مَا مَضَى لِلْأُولَى) أَيْ مَنْ
لَمْ تَحِضْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَيْضُ) بِالنِّسْبَةِ
لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا بِخِلَافِ الْآيِسَةِ كَمَا يَأْتِي اهـ حَجّ
وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ فَعَلَى الْجَدِيدِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ فِيهَا رِقٌّ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ) لَعَلَّهُ يَقُولُ
إنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلْحَاقًا لَهَا بِالْآيِسَةِ
(قَوْلُهُ: فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) اُنْظُرْ عَلَيْهِ هَلْ يَمْتَدُّ
زَمَنُ الرَّجْعَةِ إلَى الْيَأْسِ أَمْ يَنْقَضِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعْطُوفٌ
عَلَى أَيِّ شَيْءٍ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى تَحِضْ لِأَنَّهُ
يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا حَاضَتْ وَوَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا تَعْتَدُّ
بِالْأَشْهُرِ لِأَنَّ أَوْ يُقَدَّرُ بَعْدَهَا نَقِيضُ مَا قَبْلَهَا،
وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا إذَا رَأَتْ دَمَ النِّفَاسِ
يُخَالِفُ مَا إذَا لَمْ تَرَهُ، وَفِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: لَوْ
وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ حَيْضًا قَطُّ وَلَا نِفَاسًا فَفِي عِدَّتِهَا
وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا بِالْأَشْهُرِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْكِتَابِ
وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ
الْأَقْرَاءِ، وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ فَعَلَى هَذَا هِيَ كَمَنْ
انْقَطَعَ دَمُهَا بِلَا سَبَبٍ ظَاهِرٍ. اهـ.
فَالشَّارِحُ مِمَّنْ يَخْتَارُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ لَكِنْ يَبْقَى
الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ الْعَطْفِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ
مَا مَضَى لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا) أَيْ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ
لِوُجُودِ الِاحْتِوَاشِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَالْأُولَى مَنْ لَمْ
تَحِضْ وَالثَّانِيَةُ مَنْ أَيِسَتْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ
الْحَيْضُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى بِأَقْسَامِهَا بِخِلَافِ
الثَّانِيَةِ كَمَا يَأْتِي كَذَا فِي التُّحْفَةِ فَكَانَ عَلَى
الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ
(قَوْلُهُ: فَوَجَبَ انْتِظَارُ عَدَمِ الدَّمِ) لَعَلَّ عَدَمِ مُحَرَّفٌ
عَنْ عَوْدِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ إلَخْ.)
(7/132)
(أَوْ) انْقَطَعَ (لَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ
(فَكَذَا) تَصْبِرُ لِسِنِّ الْيَأْسِ إنْ لَمْ تَحِضْ (فِي الْجَدِيدِ)
لِأَنَّهَا لِرَجَائِهَا الْعَوْدَ كَالْأُولَى وَلِهَذِهِ وَلِمَنْ لَمْ
تَحِضْ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً
بِاسْتِعْجَالِ الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ
اسْتِعْجَالٌ لِلتَّكْلِيفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا
لَا يَخْفَى (وَفِي الْقَدِيمِ) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ
(تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ
لِتَعْرِفَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ إذْ هِيَ غَالِبُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (وَفِي
قَوْلٍ) قَدِيمٍ أَيْضًا تَتَرَبَّصُ (أَرْبَعَ سِنِينَ) لِأَنَّهَا
أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَتَتَيَقَّنُ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، ثُمَّ إنْ
لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ (تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) كَمَا تَعْتَدُّ
بِالْأَقْرَاءِ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا بِالْوِلَادَةِ مَعَ تَيَقُّنِ
بَرَاءَةِ رَحِمِهَا (فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ
فِي الْأَشْهُرِ) الثَّلَاثَةِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) لِأَنَّهَا
الْأَصْلُ وَلَمْ يُتِمَّ الْبَدَلُ وَيَحْسِبُ مَا مَضَى قُرْءًا قَطْعًا
لِاحْتِوَاشِهِ بِدَمَيْنِ (أَوْ) حَاضَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ الْأَشْهُرِ
الثَّلَاثَةِ (فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نَكَحَتْ) زَوْجًا آخَرَ (فَلَا
شَيْءَ) عَلَيْهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ ظَاهِرًا وَلَا رِيبَةَ
مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَنْكِحْ
غَيْرَهُ (فَالْأَقْرَاءُ) وَاجِبَةٌ فِي عِدَّتِهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ
يَأْسِهَا وَأَنَّهَا مِمَّنْ يَحِضْنَ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقٍّ بِهَا.
وَالثَّانِي تَنْتَقِلُ إلَى الْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا لِمَا ذُكِرَ.
وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا.
وَلَوْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ قُرْءًا أَوْ
قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ،
قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا،
وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ
الْبَابِ الثَّانِي.
وَأَجَابَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنَّمَا
اعْتَدَّ هُنَاكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ
الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ عَمِيرَةُ وَهَلْ مِثْلُ الرَّجْعَةِ
النَّفَقَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ
لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَابِعَةٌ لِلْعِدَّةِ وَقُلْنَا بِبَقَائِهَا،
وَطَرِيقُهُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَقِيَّةَ
الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا) أَفْهَمَ
تَخْصِيصُ جَوَازِ الِاسْتِعْجَالِ بِهَاتَيْنِ حُرْمَةَ اسْتِعْجَالِ
الْحَيْضِ عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَنْ تَحِيضُ كُلَّ شَهْرَيْنِ مَثَلًا
فَأَرَادَتْ اسْتِعْجَالَ الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا
فِيمَا دُونَ الْأَقْرَاءِ الْمُعْتَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَعَلَّهُ
غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ
هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى وَلِيِّهَا تَمْكِينُهَا مِنْهُ
وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِطَابٌ (قَوْلُهُ:
إذْ هِيَ) أَيْ التِّسْعَةُ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَنْتَقِلُ
إلَى الْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ نُكِحَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: قَالَ
ابْنُ الْمُقْرِي) أَيْ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَائِلِ
الْبَابِ) أَيْ مِنْ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا اعْتَدَّ هُنَاكَ) أَيْ
فِي أَوَائِلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
اُنْظُرْ هَذَا الْإِضْرَابَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ إلَّا
بِمَضْمُونِهِ، إذْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَنَا إلَّا
إنْ سَكَتَ عَلَيْهِ الْبَاقُونَ بِشَرْطِهِ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا
سُكُوتِيًّا (قَوْلُهُ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالٌ
لِلتَّكْلِيفِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَزَعَمَ أَنَّ اسْتِعْجَالَ
التَّكْلِيفِ مَمْنُوعٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ
طَلَاقُهَا) هُوَ بِرَفْعِ الْمُعَلَّقِ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ:
أَوْ قُرْأَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا حَيْضٌ أَصْلًا،
وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهَا مَا مَضَى قُرْءٌ،
وَعَلَيْهِ فَقَدْ تَمَّتْ الْعِدَّةُ بِهَذَيْنِ الْقُرْأَيْنِ فَلَا
تَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ
هُنَا بِالْقُرْءِ الْحَيْضُ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي
الْبَابِ الثَّانِي) أَيْ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي وَهُوَ قَوْلُهُ:،
وَإِنْ نَكَحَتْ: أَيْ فَاسِدًا بَعْدَ قُرْأَيْنِ وَوُطِئَتْ وَلَمْ
يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَى مُضِيِّ سِنِّ الْيَأْسِ أَتَمَّتْ الْأُولَى:
أَيْ عِدَّةَ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ بِشَهْرٍ
وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ: أَيْ لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ:
وَأَجَابَ الْوَالِدُ إلَخْ.) وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ
الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّهُ تَبَيَّنَ
بِبُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ وَانْقِطَاعِ حَيْضِهَا قَبْلَ فَرَاغِ
الْعِدَّةِ أَنَّمَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، بِخِلَافِهَا
ثُمَّ فَإِنَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ الْقُرْأَيْنِ،
وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ حُسْبَانِ الْأَقْرَاءِ مَانِعٌ خَارِجِيٌّ هُوَ
قِيَامُ النِّكَاحِ أَوْ الشُّبْهَةِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا
أَوْلَى مِنْ جَوَابِ وَلَدِ الشَّارِحِ، إذْ قَوْلُهُ: فِيهِ لِصُدُورِ
عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ أَيِسَتْ عَقِبَ
النِّكَاحِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا قُرْءٌ ثَالِثٌ أَنَّهَا تُكْمِلُ
بِشَهْرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
(7/133)
بِمَا وَجَدَ مِنْ الْأَقْرَاءِ لِصُدُورِ
عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا، وَالنِّكَاحُ مُقْتَضٍ
لِلِاعْتِدَادِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ
(وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْيَأْسِ عَلَى الْجَدِيدِ (يَأْسُ عَشِيرَتِهَا)
أَيْ نِسَاءِ أَقَارِبِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ الْأَقْرَبِ إلَيْهَا
فَالْأَقْرَبِ لِتَقَارُبِهِنَّ طَبْعًا وَخَلْقًا، وَبِهِ اعْتِبَارُ
نِسَاءِ الْعَصَبَةِ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لِشَرَفِ النَّسَبِ
وَخِسَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ أَقَلَّهُنَّ عَادَةً وَقِيلَ أَكْثَرُهُنَّ
وَرَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَمَنْ لَا قَرِيبَةَ لَهَا تُعْتَبَرُ بِمَا
فِي قَوْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ) يَأْسِ (كُلِّ النِّسَاءِ) فِي كُلِّ
الْأَزْمِنَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ وَيُعْرَفُ (قُلْت:
ذَا الْقَوْلِ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِبِنَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى
الِاحْتِيَاطِ وَطَلَبِ الْيَقِينِ وَحَدَّدُوهُ بِاعْتِبَارِ مَا
بَلَغَهُمْ بِاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ
أَقْصَاهَا خَمْسٌ وَثَمَانُونَ وَأَدْنَاهَا خَمْسُونَ، وَتَفْصِيلُ
طُرُوُّ الْحَيْضِ الْمَذْكُورِ يَجْرِي نَظِيرُهُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا،
وَلَوْ رَأَتْ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ دَمًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا
صَارَ أَعْلَى سِنِّ الْيَأْسِ زَمَنَ انْقِطَاعِهِ الَّذِي لَا عَوْدَ
بَعْدَهُ وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا كَمَا قَالُوهُ
لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ هُنَا غَيْرُ تَامٍّ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي
الْحَيْضِ فِي أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ فَإِنَّهُ تَامٌّ، وَلَوْ ادَّعَتْ
بُلُوغَهَا سِنَّ الْيَأْسِ لِتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ صُدِّقَتْ فِي
ذَلِكَ وَلَا تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُقْبَلُ
قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِي بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
لِتَيَسُّرِهَا: أَيْ غَالِبًا لِأَنَّ مَا هُنَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى سَبْقِ
حَيْضٍ وَانْقِطَاعِهِ وَدَعْوَى السِّنِّ وَقَعَ تَبَعًا وَكَلَامُهُمْ
فِي دَعْوَاهُ اسْتِقْلَالًا
(فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (عِدَّةُ الْحَامِلِ) حُرَّةً
أَوْ أَمَةً عَنْ فِرَاقِ حَيٍّ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ أَوْ
مَيِّتٍ (بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ
الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ
مُخَصِّصٌ لِآيَةِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ الْعِدَّةِ
بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ (بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ
إلَى ذِي الْعِدَّةِ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ (وَلَوْ
احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) وَهُوَ حَمْلٌ لِأَنَّ نَفْيَهُ عَنْهُ
غَيْرُ قَطْعِيٍّ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ
لَحِقَهُ، أَمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَابِ: يَعْنِي أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ إذَا
أَيِسَتْ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ أَقْرَائِهَا مَحَلُّهُ إذَا
تَعَلَّقَ بِهَا نِكَاحٌ وَلَوْ فَاسِدًا وَإِلَّا فَتَسْتَأْنِفُ فَمَا
ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِمْ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ فِيمَنْ لَمْ تُنْكَحْ
وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ لَا يَرِدُ
لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ نُكِحَتْ (قَوْلُهُ: وَحَدَّدُوهُ
بِاعْتِبَارِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ طُرُوُّ الْحَيْضِ)
أَيْ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا
غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ مُعَاصِرِيهَا وَمَنْ بَعْدَهُمْ (قَوْلُهُ:
صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ
عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ مَا قَالَتْهُ (قَوْلُهُ: وَانْقِطَاعُهُ)
أَيْ وَذَلِكَ لَا يُعْلَمْ إلَّا مِنْهَا وَهُوَ الْمَقْصُودُ
بِالدَّعْوَى وَالسِّنِّ وَقَعَ تَبَعًا فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيهِ.
(فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ)
أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ
نُكِحَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ
الْآدَمِيِّ كَمَا يَأْتِي عَنْ سم. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ:
يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي وَضْعِ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ،
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ كِبَرِ بَطْنِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رِيحٌ م ر،
وَلَوْ مَاتَ الْحَمْلُ فِي بَطْنِهَا وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهُ لَمْ تَنْقَضِ
عِدَّتُهَا وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا اهـ.
وَكَالنَّفَقَةِ السُّكْنَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ]
ِ (قَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ
لِيَشْمَلَ الْفَسْخَ وَالِانْفِسَاخَ، عَلَى أَنَّ قَصْرَهُ عَلَى هَذَا
لَا يُلَاقَى قَوْلُهُ:
(7/134)
إذَا لَمْ يَكُنْ كَوْنُهُ مِنْهُ
كَصَبِيٍّ لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ وَمَمْسُوحٍ ذَكَرُهُ
وَأُنْثَيَاهُ مُطْلَقًا أَوْ ذَكَرُهُ فَقَطْ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ
تَسْتَدْخِلَ مَنِيَّهُ وَإِلَّا لَحِقَهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ
الِاسْتِدْخَالُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ بَحْثُ
الْبُلْقِينِيِّ اللُّحُوقَ، وَغَيْرُهُ عَدَمَهُ، وَمَوْلُودٍ لِدُونِ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَلَا تَنْقَضِيَ بِهِ، وَقَوْلُ
الشَّارِحِ: فَإِذَا لَاعَنَ الْحَامِلَ وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ
عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، أَيْ لِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ
لَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ (وَ) بِشَرْطِ (انْفِصَالِ كُلِّهِ) فَلَا
أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ وَاحْتَاجَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا
بِوَضْعِهِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي وَضْعِ كُلِّهِ لِاحْتِمَالِهِ
لِلشَّرْطِيَّةِ وَمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ، وَزَعْمُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ
وَضَعَتْ إلَّا إذَا انْفَصَلَ كُلُّهُ مَرْدُودٌ (حَتَّى ثَانِي
تَوْأَمَيْنِ) لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ (وَمَتَى تَخَلَّلَ
دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَوْأَمَانِ) أَوْ سِتَّةً فَلَا بَلْ هُمَا
حَمْلَانِ، فَإِلْحَاقُ الْغَزَالِيِّ السِّتَّةَ بِمَا دُونَهَا نَسَبَهُ
فِيهِ الرَّافِعِيُّ إلَى خَلَلٍ فِي ذَلِكَ وَلِمُدَّعٍ ادِّعَاءُ نَفْيِ
الْخَلَلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَحْظَةٍ لِلْوَطْءِ أَوْ
الِاسْتِدْخَالِ عَقِبَ وَضْعِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ هَذَا
الْحَمْلُ الثَّانِي وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَلَحْظَةً،
فَحَيْثُ انْتَفَتْ اللَّحْظَةُ لَزِمَ نَقْصُ السِّتَّةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ
نَقْصِهَا لُحُوقُ الثَّانِي بِذِي الْعِدَّةِ وَتَوَقُّفُ انْقِضَائِهَا
عَلَيْهِ.
لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ مُقَارَنَةُ الْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِدْخَالِ
لِلْوَضْعِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ تِلْكَ اللَّحْظَةِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ فِي غَايَةِ النُّدُورِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ
عَلَيْهِ انْتِفَاءُ الثَّانِي عَنْ ذِي الْعِدَّةِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ
مِنْهُ الْمَصْحُوبَ بِالْغَالِبِ كَمَا عُلِمَ، فَامْتَنَعَ نَفْيُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَمْسُوحٌ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ مُطْلَقًا)
أَيْ أَمْكَنَ اسْتِدْخَالُهَا مَنِيَّهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ
يُمْكِنْ أَنْ تَسْتَدْخِلَ مَنِيَّهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا
لَمْ تَعْتَرِفْ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ بِأَنْ سَاحَقَهَا فَنَزَلَ
مَنِيُّهُ بِفَرْجِهَا (قَوْلُهُ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ
لِاعْتِبَارِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ وَضْعُ الْحَمْلِ بَلْ تَنْقَضِي
الْعِدَّةُ مَعَ وُجُودِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَلَا حَدَّ
عَلَيْهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ زِنَاهَا (قَوْلُهُ: أَيْ لِفُرْقَةِ
الْحَيَاةِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ
حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّهُ
أَرَادَ التَّعْرِيضَ بِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ فِي فَصْلِ عِدَّةِ حُرَّةٍ
إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ (قَوْلُهُ:
وَانْفِصَالِ كُلِّهِ) لَوْ انْفَصَلَ كُلُّهُ إلَّا شَعْرًا انْفَصَلَ
عَنْهُ وَبَقِيَ فِي الْجَوْفِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ،
بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الشَّعْرُ مُتَّصِلًا وَقَدْ انْفَصَلَ كُلُّهُ
مَا عَدَا ذَلِكَ الشَّعْرَ، وَكَالشَّعَرِ فِيمَا ذُكِرَ الظُّفْرُ كَذَا
أَفْتَى بِذَلِكَ م ر، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ
فَالظَّاهِرُ انْقِضَاؤُهَا بِوَضْعِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم غَيْرَ آدَمِيٍّ: أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجِهَا وَخُلِقَ
عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ وَطِئَهَا غَيْرُ آدَمِيٍّ
وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ انْقِضَاءِ
الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ نِسْبَتُهُ إلَى ذِي الْعِدَّةِ
وَلَوْ احْتِمَالًا وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ
لِلشَّرْطِيَّةِ) أَيْ لَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بِشَرْطِ انْفِصَالِ
كُلِّهِ، وَقَوْلُهُ وَمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ يُرِيدُ أَنَّ ذِكْرَ
الْكُلِّ صُورَةٌ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْوَضْعُ (قَوْلُهُ: حَتَّى
ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ التُّومَ بِلَا هَمْزٍ اسْمٌ
لِمَجْمُوعِ الْوَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ
الْحَيَوَانِ، وَبِهَمْزٍ كَرَجُلٍ تَوْأَمٍ وَامْرَأَةٍ تَوْأَمَةٍ
مُفْرَدًا وَتَثْنِيَتُهُ تَوْأَمَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْآتِي مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ
إلَخْ.) اُنْظُرْ وَجْهَ تَخْصِيصِ التَّقْيِيدِ الْآتِي بِكَلَامِ
الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مُسَاوٍ لِكَلَامِهِ نَفْسِهِ،
بَلْ كَلَامُهُ هُوَ أَحْوَجُ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ لِتَصْرِيحِهِ
أَوَّلًا بِشُمُولِ الْمَتْنِ لِلْمَيِّتِ، عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ
الْجَلَالَ لَمْ يَزِدْ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَتْنِ فَكَانَ اللَّائِقُ
جَعْلَ التَّقْيِيدِ لِلْمَتْنِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا
يُقَالُ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم: اُنْظُرْ مَوْقِعَهُ مِمَّا قَبْلَهُ
مَعَ قَوْلِهِ الصَّرِيحِ إلَخْ. ثُمَّ قَالَ: وَيُجَابُ بِأَنَّ
مَوْقِعَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى وُقُوعِ هَذَا الزَّعْمِ وَأَنَّهُ
مَرْدُودٌ اهـ.
وَفِيهِ مَا فِيهِ، إذْ كَيْفَ يُسَوَّغُ لَهُ رَدُّهُ مَعَ جَزْمِهِ بِهِ
أَوَّلًا (قَوْلُهُ: غَلَّطَهُ فِيهِ الرَّافِعِيُّ) قَدْ شَنَّعَ
الشِّهَابُ سم عَلَى الشِّهَابِ حَجّ فِي نِسْبَتِهِ التَّغْلِيطَ
لِلرَّافِعِيِّ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَغْلِيطٍ، وَإِنَّمَا
قَالَ إنَّ فِيهِ خَلَلًا، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِنِسْبَةِ
التَّغْلِيطِ لِلرَّافِعِيِّ بَلْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ
وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلِمُدَّعٍ ادِّعَاءَ نَفْيِ الْغَلَطِ) وَعِبَارَة
حَجّ: وَلِقَائِلِ أَنْ يَقُول وَكُلّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ يُوهَم عَدَم
السَّبْق إلَى هَذَا الْجَوَاب وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِابْنِ
الرِّفْعَة مَعَ مَزِيد بَسَطَ
(7/135)
عَنْهُ مُرَاعَاةً لِذَلِكَ الْأَمْرِ
النَّادِرِ لِلِاحْتِيَاطِ لِلنَّسَبِ وَالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ
الْإِمْكَانِ، وَحِينَئِذٍ يَلْحَقُ الثَّانِي بِذِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ
يَكْتَفِي فِي الْإِلْحَاقِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَيَلْزَمُ مِنْ
لُحُوقُهُ بِهِ تَوَقُّفُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى وَضْعِهِ، وَفِي
بَعْضِ الشُّرُوحِ هُنَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (وَتَنْقَضِي) الْعِدَّةُ
(بِمَيِّتٍ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا
وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَنْقَضِ إلَّا
بِوَضْعِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا مُبَالَاةَ بِتَضَرُّرِهَا بِذَلِكَ (لَا
عَلَقَةَ) لِأَنَّهَا تُسَمَّى دَمًا لَا حَمْلًا وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهَا
أَصْلٌ آدَمِيٌّ (وَ) تَنْقَضِي (بِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ
خِفْيَةً) عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِلِ (أَخْبَرَ بِهَا) بِطَرِيقِ الْجَزْمِ
أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَمِنْهُمْ (الْقَوَابِلُ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ
تُسَمَّى حَمْلًا وَعَبِّرُوا بِأَخْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ
شَهَادَةٍ إلَّا إذَا وُجِدَتْ دَعْوَى عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ
وَإِذَا اكْتَفَى بِالْإِخْبَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَلْيَكْتَفِ
بِقَابِلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ
زَوْجُهَا فَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهَا (صُورَةٌ) خِفْيَةً (وَ) لَكِنْ (قُلْنَ) أَيْ
الْقَوَابِلُ مَثَلًا لَا مَعَ تَرَدُّدٍ (هِيَ أَصْلٌ آدَمِيٌّ) وَلَوْ
بَقِيَتْ تَخَلَّقَتْ (انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ بِوَضْعِهَا أَيْضًا (عَلَى
الْمَذْهَبِ) لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهَا كَالدَّمِ بَلْ
أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا فِي الْغُرَّةِ وَأُمِّيَّةِ
الْوَلَدِ لِأَنَّ مَدَارَهُمَا عَلَى مَا يُسَمَّى وَلَدًا، وَتُسَمَّى
هَذِهِ مَسْأَلَةَ النُّصُوصِ لِأَنَّهُ نَصَّ هُنَا عَلَى انْقِضَاءِ
الْعِدَّةِ بِهَا وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا وَعَدَمِ
الِاسْتِيلَادِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ
(وَلَوْ) (ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ) أَوْ بَعْدَهَا
كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ (حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ)
لِأَنَّهُ أَقْوَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
كَمَا فِي الْمَتْنِ، فَاعْتِرَاضُهُ بِأَنَّهُ لَا تَثْنِيَةَ لَهُ وَهْمٌ
لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التُّومِ بِلَا هَمْزٍ وَالتَّوْأَمِ
بِالْهَمْزِ، وَأَنَّ تَثْنِيَةَ الْمَتْنِ إنَّمَا هِيَ لِلْمَهْمُوزِ لَا
غَيْرُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْقَضِ إلَّا بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَوْ
خَافَتْ الزِّنَا: قَالَ سم: وَلَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا اهـ.
وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ اسْتَمَرَّ فِي بَطْنِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً
وَتَضَرَّرَتْ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ
حَيًّا فِي بَطْنِهَا وَزَادَ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ حَيْثُ ثَبَتَ
وُجُودُهُ وَلَمْ يُحْتَمَلُ وَضْعٌ وَلَا وَطْءٌ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ
قَوْلَهُمْ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ لِأَنَّهُ فِي
مَجْهُولِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى لَا يَلْحَقَ
نَحْوُ الْمُطَلِّقِ إذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَكَلَامُنَا فِي
مَعْلُومِ الْبَقَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ هَذَا هُوَ الَّذِي
يَظْهَرُ وَهُوَ حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ ثَبَتَ وُجُودُهُ كَمَا فَرَضَهُ، لَكِنْ يَبْقَى
الْكَلَامُ فِي الثُّبُوتِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ
أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا كَانَ
الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءَ الْحَمْلِ، وَأَنَّ مَا تَجِدُهُ فِي
بَطْنِهَا مِنْ الْحَرَكَةِ مَثَلًا لَيْسَ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِهِ
حَمْلًا. نَعَمْ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلٍ مَعْصُومٍ كَعِيسَى وَجَبَ
الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلْيَكْتَفِ بِقَابِلَةٍ) أَيْ امْرَأَةٍ
وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ
أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالْقَابِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ،
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِظَاهِرِ الْحَالِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعٍ
مِنْ النِّسَاءِ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، ثُمَّ
رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعِ بِالنِّسْبَةِ
لِلظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ: بِدَلَالَتِهِ) أَيْ بِسَبَبِ دَلَالَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ
وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَالْأَقْرَبُ مَا
قَالَهُ حَجّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي
نَفْسِ الْأَمْرِ. [فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ] مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ قَبْلَ انْقِضَاءِ
عِدَّتِهَا، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى فِي الْفَصْلِ
الثَّالِثِ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ رَغِبَ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ خَلِيَّةٍ
لَزِمَهَا الْإِجَابَةُ وَأُجْبِرَتْ وَحُرِّمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا
بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ، أَوْ زَوْجَةٍ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا
لِيَنْكِحَهَا.
قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَهُ حِينَئِذٍ نِكَاحُهَا مِنْ
غَيْرِ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ
غَيْرِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَأَطَالَ فِيهِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي خَصَائِصِ الْخَيْضَرِيِّ مَا نَصُّهُ: هَلْ كَانَ
يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا
الْجَوَازُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ
وَهُوَ غَلَطٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَغَلَّطُوا مَنْ
ذَكَرَهُ " بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِامْتِنَاعِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ
مِنْ غَيْرِهِ اهـ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُ ذَلِكَ
وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ السَّابِقِ
أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى أُمِّ سَلِيمٍ، وَفِيهِ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ
تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا.
وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا أَنَّهَا لَمَّا بَلَغَتْ سَدَدَ الصَّهْبَاءِ
حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا فَبَطَلَ هَذَا الْوَجْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَيْفَ
يَكُونُ ذَلِكَ وَالْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وُضِعَا فِي الشَّرْعِ
لِدَفْعِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، وَإِذَا كَانَ فِعْلُ ذَلِكَ فِي
الْمَسْبِيَّةِ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَكَيْفَ بِمَنْ عَلَيْهَا
عِدَّةٌ لِزَوْجٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ يَطَّرِدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي
الْمُسْتَبْرَأَةِ.
وَوَقَعَ فِي خُلَاصَةِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ
مَنْ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا إذَا رَغِبَ فِيهَا النَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ،
وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْوَجْهِ فِي نِكَاحِ
الْمُعْتَدَّةِ وَجَزْمُهُ بِذَلِكَ عَجِيبٌ وَأَنَّى لَهُ بِذَلِكَ لَا
جُرْمَ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ عَنْهُ: وَهُوَ
غَلَطٌ مُنْكَرٌ وَدِدْت مَحْوَهُ مِنْهُ وَتَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ
مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ، وَمُنْشَؤُهُ مِنْ تَضْعِيفِ كَلَامٍ أَتَى
بِهِ الْمَزْنِيُّ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا.
قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ بَلْ طَلَاقُ زَيْدٍ زَيْنَبَ
بِنْتَ جَحْشٍ اتِّفَاقِيٌّ بِإِلْقَاءِ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ لَا
اضْطِرَارِيٌّ بِحُكْمِ الْوُجُوبِ، وَزَوَّجَهَا اللَّهُ مِنْ النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَلَّتْ لَهُ بِلَا لَفْظٍ
(قَوْلُهُ: فَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْوَاطِئَ بِالشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ
وَقَفَتْ الرَّجْعَةُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قُرْبَانُهَا وَغَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِذَلِكَ) هُوَ مَعْمُولٌ لِنَفْيِهِ
1 -
وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: اخْتَلَفُوا فِي التَّسَبُّبِ لِإِسْقَاطِ مَا لَمْ
يَصِلْ لَحَدِّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ
يَوْمًا، وَاَلَّذِي يُتَّجَه وِفَاقًا لِابْنِ الْعِمَادِ وَغَيْرِهِ
الْحُرْمَةُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ جَوَازُ الْعَزْلِ لِوُضُوحِ
الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ حَالَ نُزُولِهِ مَحْضُ جَمَادٍ
لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلْحَيَاةِ بِوَجْهِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ
فِي الرَّحِمِ وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئِ التَّخَلُّقِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ
بِالْأَمَارَاتِ.
وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ
لَيْلَةً» أَيْ ابْتِدَاؤُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّجْعَةِ، وَيَحْرُمُ
اسْتِعْمَالُ مَا يَقْطَعُ الْحَبَلَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
كَثِيرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَقَوْلُ حَجّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر فِي
أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ خِلَافُهُ، وَقَوْلُهُ وَأَخْذِهِ فِي مَبَادِئ
التَّخَلُّقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعُمُومُ
كَلَامِهِ الْأَوَّلَ يُخَالِفُهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَصْلِهِ: أَيْ أَمَّا
مَا يُبْطِلُ الْحَمْلَ مُدَّةً وَلَا يَقْطَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا
يَحْرُمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ
كَتَرْبِيَةِ وَلَدٍ لَمْ يُكْرَهْ
(7/136)
بِدَلَالَتِهِ عَلَى الْبَرَاءَةِ قَطْعًا
بِخِلَافِهِمَا (وَلَوْ) (ارْتَابَتْ) أَيْ شَكَّتْ فِي أَنَّهَا حَامِلٌ
لِوُجُودِ ثِقْلٍ أَوْ حَرَكَةِ (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ بِأَقْرَاءٍ أَوْ
أَشْهُرٍ (لَمْ تَنْكِحْ) آخَرَ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ
(حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) بِأَمَارَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى عَدَمِ
الْحَمْلِ، وَيَرْجِعُ فِيهَا لِلْقَوَابِلِ، إذْ الْعِدَّةُ لَزِمَتْهَا
بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، فَإِنْ نَكَحَتْ
مُرْتَابَةً فَبَاطِلٌ وَإِنْ بَانَ أَنَّ لَا حَمْلَ، وَفَارَقَ
نَظَائِرَهُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلشَّكِّ فِي حَلِّ الْمَنْكُوحَةِ
لِكَوْنِهَا الْمَقْصُودَةَ بِالذَّاتِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهَا،
وَسَيَأْتِي فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ مَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَعَ
الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (أَوْ) ارْتَابَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ
(وَبَعْدَ نِكَاحٍ) لِآخَرَ (اسْتَمَرَّ) النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا
ظَاهِرًا فَلَا يَبْطُلُ إلَّا بِيَقِينٍ (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ) إمْكَانِ عُلُوقٍ بَعْدَ (عَقْدِهِ) فَلَا
يَسْتَمِرُّ لِتَحَقُّقِ الْمُبْطِلِ حِينَئِذٍ فَيُحْكَمُ بِبُطْلَانِهِ،
وَبِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ.
أَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ
لِلثَّانِي لِأَنَّ فِرَاشَهُ نَاجِزٌ وَنِكَاحَهُ قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا
فَلَمْ يُنْظَرْ لِإِمْكَانِهِ مِنْ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَا
صَحَّ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ، وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ بَعْدَ
الْعِدَّةِ فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَإِنْ
أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ
عَنْهُ ظَاهِرًا (أَوْ) ارْتَابَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (قَبْلَ
نِكَاحٍ فَلْتَصْبِرْ) نَدْبًا وَإِلَّا كُرِهَ.
وَقِيلَ وُجُوبًا (لِتَزُولَ الرِّيبَةُ) احْتِيَاطًا (فَإِنْ نَكَحَتْ)
وَلَمْ تَصْبِرْ لِذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ إبْطَالِهِ) أَيْ
النِّكَاحِ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ الْمُبْطِلَ (فَإِنْ
عَلِمَ مُقْتَضِيَهُ) أَيْ الْبُطْلَانِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ مِمَّا مَرَّ (أَبْطَلْنَاهُ) أَيْ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِهِ
لِتَبَيُّنِ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ رَاجَعَهَا وَقْتَ
الرِّيبَةِ وَقَفَتْ الرَّجْعَةُ، فَإِنْ بَانَ حَمْلٌ صَحَّتْ وَإِلَّا
فَلَا.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْضًا وَإِلَّا كُرِهَ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلشَّكِّ إلَخْ.) الْأَوْلَى طَرْحُ
لَفْظِ الشَّكِّ، وَإِنْ جَازَ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ
أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ
(7/137)
فِي إبْطَالِهِ قَوْلَانِ لِلتَّرَدُّدِ
فِي انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ لَمْ نُبْطِلْهُ
وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِالثَّانِي
(وَلَوْ) (أَبَانَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَلَمْ
يَنْفِ الْحَمْلَ (فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَأَقَلَّ وَلَمْ
تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي
(لَحِقَهُ) وَبَانَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ
بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِقِيَامِ الْإِمْكَانِ، إذْ أَكْثَرُ مُدَّةِ
الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ
مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْوَطْءِ قَبْلَ الْفِرَاقِ، فَإِطْلَاقُهُمْ
الْحَمْلَ أَنَّهُ مِنْ الطَّلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَارَنَهُ
الْوَطْءُ بِتَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْبَعَ مَتَى حُسِبَ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَضْعِ
أَوْ لَحْظَةُ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا دُونَهَا، وَمَتَى زَادَ
عَلَيْهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا، وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا
لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ عَلَى النِّسَاءِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَرِينَةٌ
ظَاهِرَةٌ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ انْقِطَاعُهُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ
لِلْأَنْسَابِ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالْإِمْكَانِ (أَوْ) وَلَدَتْ
(لِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِمَّا ذُكِرَ (فَلَا) يَلْحَقُهُ
لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَذُكِرَتْ تَتْمِيمًا لِلتَّقْسِيمِ فَلَا
تَكْرَارَ فِي تَقَدُّمِهَا فِي اللِّعَانِ (وَلَوْ) (طَلَّقَ) هَا
(رَجْعِيًّا) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ لَحِقَهُ وَبَانَ
وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا أَوْ لِأَكْثَرَ (وَحُسِبَتْ الْمُدَّةُ
مِنْ الطَّلَاقِ) وَحُذِفَ هَذَا مِنْ الْبَائِنِ لِعِلْمِهِ مِمَّا هُنَا
بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا حُسِبَ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهَا فِي
حُكْمِ الزَّوْجَةِ فَالْبَائِنُ أَوْلَى، وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ خِلَافٌ فِي
الرَّجْعِيَّةِ كَمَا قَالَ (وَفِي قَوْلٍ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ انْصِرَامِ
الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا كَالْمَنْكُوحَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي
عِبَارَتِهِ انْدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا مِنْ
مَحَاسِنِ عِبَارَتِهِ الْبَلِيغَةِ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ
الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَمِنْ
الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ هَاتَيْنِ
الدَّلَالَتَيْنِ مِنْ دَلَالَةِ الْفَحْوَى الَّتِي هِيَ مِنْ أَقْوَى
الدَّلَالَاتِ، وَفِي الرَّجْعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مِنْ
غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، وَيُؤْخَذُ رَدُّهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
الْمُدَّةُ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ الْأَرْبَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَبَانَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا) فِي التُّحْفَةِ
عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا، وَحَذَفَ هَذَا
لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ
فِي الْبَائِنِ فَفِي الرَّجْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ زَوْجَةٌ فِي أَكْثَرِ
الْأَحْكَامِ أَوْلَى اهـ.
وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِيَتَّضِحَ قَوْلُهُ الْآتِي:
وَبِمَا تَقَرَّرَ فِي عِبَارَتِهِ انْدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهَا
إلَخْ، نَعَمْ قَالَ الشِّهَابُ سم: إنَّ قَوْلَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا
قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا
اهـ.
فَلَعَلَّ الشَّارِحَ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ لِأَكْثَرَ إلَخْ لِذَلِكَ
لَكِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ
إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ حُسِبَتْ
الْمُدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ:
إنْ قَارَنَهُ الْوَطْءُ وَإِلَّا فَمِنْ إمْكَانِ الْوَطْءِ قَبْلَهُ
وَحَذَفَ هَذَا مِنْ الْبَائِنِ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ
كَمَا ذَكَرَ نَظِيرَهُ فِيمَا مَرَّ فِي الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا
مِنْ مَحَاسِنِ عِبَارَتِهِ) لَعَلَّ الْوَاوَ فِيهِ لِلْحَالِ أَوْ
اسْتِئْنَافِيَّةٌ فَتَكُونُ هَمْزَةَ إنَّهَا مَكْسُورَةً فِيهَا وَإِلَّا
فَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ
التُّحْفَةِ: وَبِمَا قَرَّرَتْهُ فِي عِبَارَتِهِ يُعْلَمُ زَيْفُ مَا
اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي
الرَّجْعِيَّةِ وَجْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ قُلْت فِي
الرَّجْعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ
فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ رَدُّ هَذَا؟ قُلْت: مِنْ قَوْلِهِ الْمُدَّةُ
بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ الْأَرْبَعَ تُعْتَبَرُ
فِيهَا أَيْضًا اهـ.
وَغَرَضُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ دَفْعُ مَا يُقَالُ إنَّ الْمَتْنَ أُطْلِقَ
فِي الْمُدَّةِ فَلَمْ يُقَدِّرْهَا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ وَجْهَ ضَعِيفٌ.
قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ إنَّ رَدَّ الْوَجْهِ يُؤْخَذُ مِنْ
ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَقَطْ إذْ لَا مُدَّةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ رَدُّهُ) هُوَ وَصْفٌ لِوَجْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا) أَيْ وَعَلِمَ أَنَّهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ
هَاتَيْنِ الدَّلَالَتَيْنِ) أَيْ قَوْلُهُ: لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ
إلَخْ. وَقَوْلُهُ: وَمِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: مِنْ دَلَالَةِ الْفَحْوَى) أَيْ مِنْ دَلَالَةِ مَفْهُومِ
الْمُوَافَقَةِ، وَهُوَ
(7/138)
تُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا
(وَلَوْ) (نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) آخَرَ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ
(فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ بَعْدَ
الْعَقْدِ وَمِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (فَكَأَنَّهَا لَمْ تُنْكَحْ) وَلَمْ
تُوطَأْ، أَوْ يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ
فَأَقَلَّ مِنْ طَلَاقِهِ أَوْ إمْكَانِ وَطْئِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ
لِانْحِصَارِ الْإِمْكَانِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ) وَضْعُ الْوَلَدِ
(لِسِتَّةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِمَّا ذُكِرَ (فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي)
لِقِيَامِ فِرَاشِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ
(وَلَوْ) (نَكَحَتْ) آخَرَ (فِي الْعِدَّةِ) نِكَاحًا (فَاسِدًا) وَهُوَ
جَاهِلٌ بِالْعِدَّةِ أَوْ بِالتَّحْرِيمِ وَعُذِرَ لِنَحْوِ بُعْدِهِ عَنْ
الْعُلَمَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ مُطْلَقًا،
وَكَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي تَفْصِيلِهِ الْآتِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ
(فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْأَوَّلِ) وَحْدَهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ
لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهُ (بِوَضْعِهِ ثُمَّ
تَعْتَدُّ) ثَانِيًا (لِلثَّانِي) لِأَنَّ وَطْأَهُ شُبْهَةٌ (أَوْ)
وَلَدَتْ (لِلْإِمْكَانِ مِنْ الثَّانِي) وَحْدَهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ
لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ
الْفِرَاقِ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ
الثَّانِي (لَحِقَهُ) وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا كَمَا
هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ وَنَقَلَهُ
عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا يُعْرَضُ
عَلَى الْقَائِفِ (أَوْ) أَتَتْ بِهِ لِلْإِمْكَانِ (مِنْهُمَا) بِأَنْ
كَانَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ
مِنْ الثَّانِي (عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا
فَكَالْإِمْكَانِ مِنْهُ فَقَطْ) وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ أَوْ بِهِمَا أَوْ
تَوَقَّفَ أَوْ فَقَدَ انْتَظَرَ بُلُوغَ الْوَلَدِ وَانْتِسَابَهُ
بِنَفْسِهِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ
سِتَّةٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَفَوْقَ أَرْبَعٍ مِنْ نَحْوِ طَلَاقِ
الْأَوَّلِ فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُمَا، وَقَدْ بَانَ أَنَّ الثَّانِيَ
نَكَحَهَا حَامِلًا، وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ حَمْلًا عَلَى
أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ حَمْلًا عَلَى
أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَقَدْ جَرَى النِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى
الصِّحَّةِ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِي، وَجَزَمَ
بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَفِيهِ الْجَمْعُ الْمَارُّ، وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ
نِكَاحُ الْكُفَّارِ إذَا اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ، فَإِذَا أَمْكَنَ
مِنْهُمَا فَهُوَ لِلثَّانِي بِلَا قَائِفٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ مُوَافِقًا لِلْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ: أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ:
وَإِنْ أَمْكَنَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ بُعْدِهِ) أَفْهَمَ أَنَّ
عَامَّةَ أَهْلِ مِصْرَ الَّذِينَ هُمْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لَا
يُعْذَرُونَ فِي دَعْوَاهُمْ الْجَهْلَ بِالْمُفْسِدِ فَيَكُونُونَ
زُنَاةً، وَمِنْهُ اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْعِدَّةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا
مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَطْءُ الشُّبْهَةِ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ:
وَإِنْ كَانَ) غَايَةً
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ:
وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْتَسِبْ بَعْدَ الْبُلُوغِ
لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَمِلْ طَبْعُهُ لِوَاحِدٍ
مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: حَامِلًا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ
حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ بِكْرٌ وُجِدَتْ حَامِلًا
وَكَشَفَ عَلَيْهَا الْقَوَابِلُ فَرَأَيْنَهَا بِكْرًا هَلْ يَجُوزُ
لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا
أَمْ لَا؟ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا
بِالْإِجْبَارِ وَهِيَ حَامِلٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ شَخْصًا حَكَّ ذَكَرَهُ
عَلَى فَرْجِهَا فَأَمْنَى وَدَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجِهَا فَحَمَلَتْ
مِنْهُ مِنْ غَيْرِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ
فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ،
وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا زَنَتْ وَأَنَّ الْبَكَارَةَ عَادَتْ وَالْتَحَمَتْ
فِيهِ إسَاءَةُ ظَنٍّ بِهَا فَعَمِلْنَا بِالظَّاهِرِ مِنْ أَنَّهَا بِكْرٌ
مُجْبَرَةٌ وَأَنَّ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِالْإِجْبَارِ
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ الْجَمْعُ الْمَارُّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ
السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ إلَخْ وَلَوْ
جَهِلَ حَالَ الْحَمْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ إلَخْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ الْجَمْعُ الْمَارُّ) أَيْ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ
بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ إلَخْ.
(7/139)
فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ إذَا
(لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ (بِأَنْ) هُوَ بِمَعْنَى
كَأَنْ (طَلَّقَ ثُمَّ وَطِئَ) رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا (فِي عِدَّةِ)
غَيْرِ حَمْلٍ مِنْ (أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ) وَلَمْ تَحْبَلْ مِنْ
وَطْئِهِ (جَاهِلًا) بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ أَوْ بِتَحْرِيمِ وَطْءِ
الْمُعْتَدَّةِ وَعُذِرَ لِنَحْوِ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَوْ
عَالِمًا) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لَا بَائِنٍ لِأَنَّهُ زَانٍ
(تَدَاخَلَتَا) أَيْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْوَطْءِ (فَتَبْتَدِئُ
عِدَّةً) بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ (مِنْ) فَرَاغِ (الْوَطْءِ وَتَدْخُلُ
فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) وَهَذِهِ الْبَقِيَّةُ وَاقِعَةٌ
عَنْ الْجِهَتَيْنِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الرَّجْعِيِّ فِيهَا دُونَ مَا
بَعْدَهَا (فَإِنْ) كَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَأَنْ (كَانَتْ إحْدَاهُمَا
حَمْلًا وَالْأُخْرَى أَقْرَاءً) كَأَنْ حَبِلَتْ مِنْ وَطْئِهِ فِي
الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ طَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا
قَبْلَ الْوَضْعِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ حَامِلًا (تَدَاخَلَتَا فِي
الْأَصَحِّ) أَيْ دَخَلَتْ الْأَقْرَاءُ فِي الْحَمْلِ (فَتَنْقَضِيَانِ
بِوَضْعِهِ) وَيَكُونُ وَاقِعًا عَنْهُمَا سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ
الْحَمْلِ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَقْرَاءَ قَبْلَ الْوَضْعِ
لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا يَعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةَ
الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَقَدْ انْتَفَى هُنَا لِلْعِلْمِ
بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ، وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ
وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ
عِنْدَ انْتِفَاءِ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَوْ رُؤْيَتِهِ وَتَمَّتْ
الْأَقْرَاءُ عَلَى الْوَضْعِ وَإِلَّا فَتَنْقَضِي مَعَ الْحَمْلِ
الْعِدَّةُ الْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ مَنَعَهُ النَّشَائِيُّ وَابْنُ
النَّقِيبِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا:
وَكَأَنَّهُمْ اغْتَرُّوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ
مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلَيْ التَّدَاخُلِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ
مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ كَمَا صَرَّحَ
بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ
الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ ابْنُ
الْمُقْرِي حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ،
وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيلُهُ فِي
الْكَبِيرِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مَعَ الْحَمْلِ بِأَنَّ
الْحُكْمَ بَعْدَ التَّدَاخُلِ لَيْسَ إلَّا لِرِعَايَةِ صُورَةِ
الْعِدَّتَيْنِ تَعَبُّدًا وَقَدْ حَصَلَتْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (وَ) مِنْ
ثَمَّ جَازَ لَهُ أَنَّهُ (يُرَاجِعُ قَبْلَهُ) فِي الرَّجْعِيِّ وَإِنْ
كَانَ الْحَمْلُ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فِي تَدَاخُلِ
الْعِدَّتَيْنِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُهُ مِنْ نَحْوِ عَدَمِ صِحَّةِ
الرَّجْعَةِ زَمَنَ وَطْءِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَالِمًا) أَيْ أَوْ
جَاهِلًا لَمْ يُعْذَرْ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ وَعُذِرَ
لِنَحْوِ بُعْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الرَّجْعِيِّ)
أَيْ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ
مِمَّنْ تَحِيضُ) قَضِيَّتُهُ الِاعْتِدَادُ بِالْحَيْضِ مَعَ الْحَمْلِ
لَكِنَّهُ حُكِمَ بِدُخُولِهِ فِي الْحَمْلِ اسْتِغْنَاءً بِهِ، وَفِيهِ
أَنَّ الْحَيْضَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ مَعَ الْحَمْلِ إذَا كَانَ الْحَمْلُ
مِنْ زِنًا، فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ عَدَمُ النَّظَرِ لِلْأَقْرَاءِ
لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ الْحَمْلِ لَا أَنَّ وُجُوبَهَا
مُسْتَمِرٌّ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْحَمْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ
كَلَامِهِ الْآتِي، فَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً
بِالْأَقْرَاءِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ مَنَعَهُ النَّشَائِيُّ
إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَالنَّشَائِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ إلَى النَّشَاءِ
الْمَعْرُوفِ اهـ أَنْسَابُ السُّيُوطِيّ.
وَفِي الْمُخْتَارِ: وَالنَّشَاءُ هُوَ النَّشَاسْتَجُ فَارِسِيٌّ
مُعَرَّبٌ حُذِفَ شَطْرُهُ تَخْفِيفًا كَمَا قَالُوا لِلْمَنَازِلِ مَنَى
اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالنَّشَاءُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِمَّا يُوجَدُ مَمْدُودًا وَالْعَامَّةُ تَقْصُرُهُ
النَّشَاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ]
فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِمَّنْ
تَحِيضُ حَامِلًا) عِبَارَةُ الْجَلَالِ: وَهِيَ تَرَى الدَّمَ مَعَ
الْحَمْلِ، وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ إنَّهُ حَيْضٌ انْتَهَتْ. وَكَأَنَّهُ
قَيَّدَ بِهِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي قَوْلُ
الشَّارِحِ: سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا، وَإِنْ
كَانَ ذَكَرَهُ لَا يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ
مَنْ لَا يُرَاعِي الْخِلَافَ كَشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُمْ
الشَّارِحُ) فِيهِ وَقْفَةٌ تُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ:
وَإِلَّا فَتَنْقَضِي مَعَ الْحَمْلِ إلَخْ.) فِي الْعِبَارَةِ قَلَاقَةٌ
لَا تَخْفَى، وَالْمُرَادُ، وَإِلَّا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّةُ غَيْرِ
(7/140)
الْوَطْءِ الَّذِي فِي الْعِدَّةِ (وَقِيلَ
إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا) يُرَاجِعُ لِوُقُوعِهِ عَنْهُ
فَقَطْ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ
(أَوْ) لَزِمَهَا عِدَّتَانِ (لِشَخْصَيْنِ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (كَانَتْ
فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ) مِنْ آخَرَ
(بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ
شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ) (فَلَا) تَدَاخَلَ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحَقِّ بَلْ
تَعْتَدُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِدَّةً كَامِلَةً كَمَا جَاءَ عَنْ
الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمَا مُخَالِفٌ
مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ.
نَعَمْ إنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ فَأَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي أَوْ
أُمِّنَا فَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَغَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ عَلَى
الْأَصَحِّ وَتَكْفِيهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ حِينِ وَطْءِ الثَّانِي
لِضَعْفِ حَقِّ الْحَرْبِيِّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ
كَانَ) أَيْ وُجِدَ (حَمْلٌ) مِنْ أَحَدِهِمَا (قُدِّمَتْ عِدَّتُهُ)
وَإِنْ تَأَخَّرَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ
التَّأْخِيرَ فَفِيمَا إذَا كَانَ مِنْ الْمُطَلَّقِ ثُمَّ وُطِئَتْ
بِشُبْهَةٍ تَنْقَضِي عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ بَعْدَ زَمَنِ
النِّفَاسِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِلشُّبْهَةِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ
قَبْلَ الْوَضْعِ لَا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ
كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ: أَيْ لَا فِي حَالِ
إبْقَاءِ فِرَاشِ وَاطِئِهَا بِأَنْ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَكَذَا
فِيمَا يَأْتِي وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ عَدَمِ
الْعَوْدِ إلَيْهَا كَالتَّفْرِيقِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا بِهِ صَارَتْ
فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ فَخَرَجَتْ عَنْ عِدَّةِ الْمُطَلِّقِ وَاسْتِشْكَالُ
الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَزِيدَ عَلَى مَا يَأْتِي أَنَّ حَمْلَ
وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ مَمْنُوعٌ بَلْ يَزِيدُ
عَلَيْهِ.
إذْ مُجَرَّدُ وُجُودِ الْحَمْلِ أَثَرٌ عَنْ وُجُودِ الِاسْتِفْرَاشِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ أَقْوَى فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ مَنْعِهِ
الرَّجْعَةَ مَنْعُ أَثَرِهِ لَهَا لِضَعْفِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ،
وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ تَنْقَضِي عِدَّةُ الشُّبْهَةِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ
تَعْتَدُّ أَوْ تُكْمِلُ لِلطَّلَاقِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ وَضْعٍ
عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ
الْمُقْرِي وَبَعْدَهُ لَا تَجْدِيدَ قَبْلَ وَضْعٍ عَلَى أَصَحِّ
الْوَجْهَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَفَارَقَ الرَّجْعَةَ بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ فَلَمْ يَصِحَّ فِي
عِدَّةِ الْغَيْرِ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ فَاحْتُمِلَ
وُقُوعُهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ، وَلَوْ اشْتَبَهَ الْحَمْلُ فَلَمْ
يَدْرِ أَمِنَ الزَّوْجِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مِثْلُ سَلَامٍ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَقْصُورٌ
فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ الْعَرَبَ
تَكَلَّمُوا بِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَقْصُورِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا
زِيَادَةَ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي
قَوْلِهِ وَيَكُونُ وَاقِعًا عَنْهُمَا
(قَوْلُهُ: مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ هِيَ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ
نَعَمْ إنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ) أَيْ صَاحِبُ الْعِدَّتَيْنِ
حَرْبِيَّيْنِ كَأَنْ زُوِّجَتْ بِحَرْبِيٍّ ثُمَّ وَطِئَهَا آخَرُ
بِصُورَةِ النِّكَاحِ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ.
وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعِدَّتَيْنِ بَيْنَ أَنْ
تَكُونَ إحْدَاهُمَا حَامِلًا أَمْ لَا.
وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: فَإِنْ حَمَلَتْ
مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي لَمْ تَكْفِهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ
فَنَعْتَدَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْوَضْعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ
مِنْ الثَّانِي فَيَكْفِيهَا وَضْعُ الْحَمْلِ اهـ.
وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لَغَتْ بَقِيَّةُ
عِدَّةِ الْأَوَّلِ إلَخْ، فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ حَمْلًا وَقُلْنَا
بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا وَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةً كَامِلَةً
لِلثَّانِي وَلَا يَتَأَتَّى إلَّا بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: لَا
وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ) لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي
أَنَّ الرَّجْعَةَ قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ وَقْتِهِ فَادَّعَى
الزَّوْجُ الْأَوَّلَ لِتَصِحَّ الرَّجْعَةُ وَالزَّوْجَةُ الثَّانِيَ
لِتَبْطُلَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ،
وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا فِي حَالِ بَقَاءِ فِرَاشٍ) أَيْ كَأَنْ نَكَحَهَا
فَاسِدًا وَاسْتَمَرَّ مَعَهَا مُدَّةً قَبْلَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا
لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ زَمَنِ الْوَطْءِ، وَكَالتَّفْرِيقِ مَا لَوْ
عَلِمَ بِالْحَالِ وَعَزَمَ عَلَى التَّرْكِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَنَّ
نِيَّتَهُ) أَيْ الْوَاطِئِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ
لَا وَقْتِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ)
أَيْ الْوَطْءَ، وَقَوْلُهُ أَقْوَى: أَيْ مِنْ الْأَثَرِ وَهُوَ الْحَمْلُ
(قَوْلُهُ: وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ
وَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرَّجْعَةُ) فِي صُورَةِ الْعَكْسِ
(قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ لَا تَجْدِيدَ) أَيْ
لِلرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وَضْعٍ) أَيْ أَمَّا بَعْدَهُ فَيُجَدَّدُ
وَلَوْ فِي زَمَنِ النِّفَاسِ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ التَّجْدِيدَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ
الرَّجْعَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْحَمْلِ إلَّا بِالْأَقْرَاءِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الْحَمْلِ بِوَضْعِهِ
(قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ لَا تَجْدِيدَ) أَيْ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهِ
(قَوْلُهُ: فَاحْتَمَلَ وُقُوعَهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ) قَالَ فِي
التُّحْفَةِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ التَّجْدِيدَ بَعْدَ
الْوَضْعِ فِي زَمَنِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّهُ فِي غَيْرِ
(7/141)
أَمْ مِنْ الشُّبْهَةِ جُدِّدَ النِّكَاحُ
مَرَّتَيْنِ قَبْلَ وَضْعِ مَرَّةٍ وَبَعْدَهُ أُخْرَى لِيُصَادِفَ
التَّجْدِيدُ عِدَّتَهُ يَقِينًا فَلَا يَكْفِي تَجْدِيدُهُ مَرَّةً
لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَانَ بِإِلْحَاقِ
الْقَائِفِ وُقُوعُهُ فِي عِدَّتِهِ كَفَى، وَلِلْحَامِلِ الْمُشْتَبَهِ
حَمْلُهَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَلْحَقَ
الْقَائِفُ الْوَلَدَ بِهِ مَا لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ بِنِكَاحٍ
فَاسِدٍ فَتَسْقُطْ نَفَقَتُهَا إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا
لِنُشُوزِهَا وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا قَبْلَ اللُّحُوقِ إذْ لَا وُجُوبَ
لِلشَّكِّ، فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ فَلَا
نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَلَا لِلرَّجْعِيَّةِ مُدَّةَ كَوْنِهَا فِرَاشًا
لِلْوَاطِئِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ (فَإِنْ سَبَقَ
الطَّلَاقُ) وَطْأَهَا بِشُبْهَةٍ (أَتَمَّتْ عِدَّتَهُ) لِتَقَدُّمِهَا
وَقُوَّتِهَا لِاسْتِنَادِهَا لِعَقْدٍ جَائِزٍ (ثُمَّ) عَقِبَ عِدَّةِ
الطَّلَاقِ (اسْتَأْنَفَتْ) الْعِدَّةَ (الْأُخْرَى) الَّتِي لِلشُّبْهَةِ
(وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا
وَتَجْدِيدٌ إنْ كَانَ بَائِنًا لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقِهِ لَا
وَقْتِ الشُّبْهَةِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (فَإِذَا رَاجَعَ) فِيهَا أَوْ
جُدِّدَ (انْقَطَعَتْ) عِدَّتُهُ (وَشَرَعَتْ) حِينَئِذٍ (فِي عِدَّةِ
الشُّبْهَةِ) عَقِبَ الرَّجْعَةِ حَيْثُ لَا حَمْلَ مِنْهُ وَإِلَّا
فَعَقِبَ النِّفَاسِ، وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا قَبْلَ شُرُوعِهَا فِيهَا
بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا إنْ سَبَقَهَا الطَّلَاقُ وَتُتِمَّهَا إنْ
سَبَقَتْهُ (وَ) مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا (لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا)
الزَّوْجُ بِوَطْءٍ جَزْمًا وَبِغَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهَا
مُعْتَدَّةٌ عَنْ غَيْرِهِ حَمْلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ (حَتَّى
تَقْضِيَهَا) بِوَضْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ بِتَعَلُّقِ
حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَظَرِهِ إلَيْهَا
وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ وَالْخَلْوَةِ بِهَا (وَإِنْ سَبَقَتْ الشُّبْهَةُ)
الطَّلَاقَ (قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ) لِقُوَّتِهَا كَمَا مَرَّ
(وَقِيلَ) تَقَدَّمَ عِدَّةُ (الشُّبْهَةِ) لِسَبْقِهَا، وَفِي وَطْءٍ
بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أُخْرَى، وَلَا حَمْلَ يُقَدَّمُ
الْأَسْبَقُ مِنْ التَّفْرِيقِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ
بِالنِّسْبَةِ لِلشُّبْهَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ جَدَّدَ النِّكَاحَ مَرَّتَيْنِ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ
التَّجْدِيدَ فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَلَهُ الصَّبْرُ إلَى انْقِضَاءِ
الْعِدَّتَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى لِانْتِفَاءِ الشَّكِّ حَالَ الْعَقْدِ فِي
صِحَّةِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اللُّحُوقِ) أَيْ فَطَرِيقُهَا أَنْ
تَقْتَرِضَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ
بِإِذْنِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ كَوْنِهَا فِرَاشًا) وَهُوَ
مُدَّةُ عَدَمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَعَدَمِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ
الرُّجُوعِ لَهَا (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا
دَامَ الْفِرَاشُ قَائِمًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ قَبْلَ شُرُوعِهَا) قَالَ
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ لَزِمَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ عِدَّةُ
شُبْهَةٍ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ فَرَاجَعَهَا وَالْحَمْلُ لَهُ فَلَهُ
وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ
لِلْوَاطِئِ فَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ اَ هـ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْوَطْءِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا
يَسْتَمْتِعُ بِهَا إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ)
أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ، وَقَوْلُهُ حُرْمَةُ نَظَرِهِ هَذَا
يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ قُبَيْلَ الْخِطْبَةِ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ
لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ
شُبْهَةٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَخَرَجَ بِاَلَّتِي تَحِلُّ زَوْجَتُهُ
الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ وَنَحْوُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَلَا يَحِلُّ
لَهُ إلَّا نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا اهـ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا مُجَرَّدُ
بَيَانِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَلْزَمُ
مِنْ ذَلِكَ اعْتِمَادُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّهُ
قَدْ يُمْنَعُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ لِأَنَّ النَّظَرَ بِلَا
شَهْوَةٍ لَا يُعَدُّ تَمَتُّعًا وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ
فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ، أَمَّا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِقَوْلِ
الشَّارِحِ لِاخْتِلَالِ النِّكَاحِ إلَخْ لَمْ يُبْعَدْ الْأَخْذُ
(قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا
تُبْنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَوَطْءٍ
بِشُبْهَةٍ أُخْرَى) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ
الْفَاسِدِ شُبْهَةٌ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ) يَعْنِي
أَنَّهُ إنْ كَانَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ سَابِقًا عَلَى النِّكَاحِ قُدِّمَتْ
عِدَّتُهُ وَإِنْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ
سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ قُدِّمَتْ عِدَّتُهُ، فَالسَّابِقُ مِنْ
التَّفْرِيقِ وَالْوَطْءِ عِدَّتُهُ مُقَدَّمَةٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
عِدَّتِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَحْذُورَ كَوْنُهَا فِي عِدَّةِ
الْغَيْرِ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَسْتَأْنِفَهَا
إلَخْ.) هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْمَتْنِ.
(7/142)
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ
الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ (عَاشَرَهَا) أَيْ الْمُفَارَقَةَ بِطَلَاقٍ
أَوْ فَسْخِ مُعَاشَرَةٍ (ك) مُعَاشَرَةِ (زَوْجٍ) لِزَوْجَتِهِ بِأَنْ
كَانَ يَخْتَلِي بِهَا وَيَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَلَوْ فِي بَعْضِ الزَّمَنِ
(بِلَا وَطْءٍ) أَوْ مَعَهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ
لِجَرَيَانِ الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ عِلَلُهَا (فِي
عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ فَأَوْجُهٌ) ثَلَاثَةٌ: أَوَّلُهَا
تَنْقَضِي مُطْلَقًا، ثَانِيهَا لَا مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا وَهُوَ
(أَصَحُّهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا مَعَ ذَلِكَ
لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ فِرَاشِهِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ بِأَنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَعُذِرَ لَمْ تَنْقَضِ
كَالرَّجْعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ بَائِنًا
(فَلَا) تَنْقَضِي، لَكِنْ إذَا زَالَتْ الْمُعَاشَرَةُ أَتَمَّتْ عَلَى
مَا مَضَى وَذَلِكَ لِشُبْهَةِ الْفِرَاشِ، كَمَا لَوْ نَكَحَهَا جَاهِلًا
فِي الْعِدَّةِ لَا يُحْسَبُ زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهِ عَنْهَا بَلْ
تَنْقَطِعُ مِنْ حِينِ الْخَلْوَةِ وَلَا يَبْطُلُ بِهَا مَا مَضَى
فَتَبْنِي عَلَيْهِ إذَا زَالَتْ وَلَا تُحْسَبُ الْأَوْقَاتُ
الْمُتَخَلَّلَةُ بَيْنَ الْخَلَوَاتِ (وَ) فِي هَذِهِ (لَا رَجْعَةَ) لَهُ
عَلَيْهَا (بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ) وَإِنْ لَمْ
تَنْقَضِ عِدَّتُهَا (قُلْت: وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ إلَى انْقِضَاءِ
الْعِدَّةِ) احْتِيَاطًا فِيهِمَا وَتَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ
وَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَهِيَ كَالْبَائِنِ بَعْدَ
مُضِيِّ عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً
فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ:
فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَحُكْمِ
لُحُوقِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) وَمَعْلُومٌ حُرْمَةُ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ عِلَلُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةُ فِي
كَلَامِهِمْ وَإِلَّا فَالشَّارِحُ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا مِنْهَا شَيْئًا
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ) أَيْ الشُّبْهَةُ (قَوْلُهُ:
أَتَمَّتْ عَلَى مَا مَضَى) أَيْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا قَبْلَ
الْمُعَاشَرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ:
بَلْ يَنْقَطِعُ) أَيْ الْفِرَاشُ أَوْ الْعِدَّةُ وَالثَّانِي أَوْلَى
(قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْخَلْوَةِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي
قَوْلِهِ وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً يَظُنُّ إلَخْ الْوَطْءَ اهـ.
إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ هُنَا لَمَّا كَانَ
مِنْ الزَّوْجِ وَتَقَدَّمَ فِرَاشُهُ اكْتَفَى فِي حَقِّهِ بِالْخَلْوَةِ
بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) أَيْ صُورَةِ
مُعَاشَرَةِ الرَّجْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ
(قَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا،
وَيَلْزَمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّفْرِيقِ عِدَّةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ
اتَّصَلَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِالْفُرْقَةِ الْأُولَى أَوْ لَمْ تَتَّصِلْ،
وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ طَلَاقٍ قَبْلَهُ مِنْ الْفُرْقَةِ
الْأُولَى أَوْ بَعْدَهَا إنْ وَجَدَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ
فِيهَا كَمَا قَبْلَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا فِيهَا
وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ أُخْتِهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ
فَرَاجِعْ ذَلِكَ اهـ قَلْيُوبِيٌّ.
وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَتَبِعَهُ عَلَى
التَّعْبِيرِ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ)
أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً)
فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى
وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ:
قَوْلُهُ إلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ]
ِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ
عَلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ
بِمُعَاشَرَتِهِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ
فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمُعَاشَرَتِهِ حُكْمٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ
يَخْتَلِي بِهَا إلَخْ.) عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ بِالْمُوَاكَلَةِ
وَالْمُبَاشَرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي بَعْضِ الزَّمَنِ)
صَادِقٌ بِمَا إذَا قَلَّ الزَّمَنُ جِدًّا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ،
وَأَنَّهُ إنَّمَا احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُعَاشَرَةِ
فِي كُلِّ الْأَزْمِنَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ)
يَتَعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِنِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ،
وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ يَقْطَعُ عِدَّةَ
الْبَائِنِ.
وَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنَّ
التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ الْوَطْءِ لِتَأَتِّي الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ لَا
لِتَأَتِّي الْأَوْجُهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ
وُجِدَتْ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءٌ، لَكِنَّ عِبَارَةَ
شَرْحِ الْمَنْهَجِ: نَعَمْ إنْ عَاشَرَهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ
فَكَالرَّجْعِيَّةِ انْتَهَتْ وَهِيَ الَّتِي تُلَائِمُ مَا يَأْتِي
فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خَاصَّةً) يُرَدُّ عَلَيْهِ عَدَمُ حَدِّهِ
بِوَطْئِهَا
(7/143)
يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ
وَلَا لِعَانٌ وَلَا نَفَقَةٌ، وَلَا كِسْوَةَ لَهَا، وَتَجِبُ لَهَا
السُّكْنَى، وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَمَا مَرَّ، وَرَجَّحَهُ
الْبُلْقِينِيُّ فِي النَّفَقَةِ، وَأَفْتَى بِجَمِيعِهِ الْوَالِدُ -
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ) فِيهَا بِلَا
وَطْءٍ كَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ (انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ.
أَمَّا إذَا عَاشَرَهَا بِشُبْهَةٍ كَكَوْنِهِ سَيِّدَهَا كَانَ
كَمُعَاشَرَةِ الرَّجْعِيَّةِ.
وَأَمَّا مُعَاشَرَتُهَا بِوَطْءٍ، فَإِنْ كَانَ زِنًا لَمْ تُؤَثِّرْ أَوْ
بِشُبْهَةٍ فَهُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً
إلَى آخِرِهِ، وَخَرَجَ بِأَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ عِدَّةَ الْحَمْلِ
فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ قَطْعِهَا (وَلَوْ نَكَحَ
مُعْتَدَّةً) لِغَيْرِهِ (بِظَنِّ الصِّحَّةِ وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ)
عِدَّتُهَا لِغَيْرِهِ (مِنْ حِينِ وَطْءٍ) لِحُصُولِ الْفِرَاشِ
بِوَطْئِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ وَإِنْ عَاشَرَهَا
لِانْتِفَاءِ الْفِرَاشِ، إذْ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَا حُرْمَةَ
لَهُ (وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ) وَهُوَ الْأَثْبَتُ، وَمِنْ ثَمَّ جُزِمَ
بِهِ فِي الرَّوْضَةِ يَنْقَطِعُ (مِنْ) حِينَ (الْعَقْدِ) لِإِعْرَاضِهَا
بِهِ عَنْ الْأُولَى (وَلَوْ) (رَاجَعَ حَائِلًا ثُمَّ طَلَّقَ) هَا
(اسْتَأْنَفَتْ) الْعِدَّةَ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ
لِعَوْدِهَا بِهَا لِلنِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ (وَفِي الْقَدِيمِ)
وَحُكِيَ جَدِيدًا (تَبْنِي إنْ لَمْ يَطَأْ) هَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ،
وَخَرَجَ بِرَاجِعٍ ثُمَّ طَلَّقَ طَلَاقَهُ الرَّجْعِيَّةَ فِي عِدَّتِهَا
فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى (أَوْ) رَاجَعَ (حَامِلًا)
ثُمَّ طَلَّقَهَا (فَبِالْوَضْعِ) تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَإِنْ وَطِئَ
بَعْدَ الرَّجْعَةِ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ (فَلَوْ وَضَعَتْ) بَعْدَ
الرَّجْعَةِ (ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً وَإِنْ لَمْ يَطَأْ
بَعْدَ الرَّجْعَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا بِهَا عَادَتْ لِمَا وُطِئَتْ
فِيهِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ) وَلَا قَبْلَهُ
(فَلَا عِدَّةَ وَلَوْ) (خَالَعَ مَوْطُوءَةً ثُمَّ نَكَحَهَا) فِي
الْعِدَّةِ (ثُمَّ وَطِئَ ثُمَّ طَلَّقَ) (اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً لِأَجْلِ
الْوَطْءِ (وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى لَوْ
فُرِضَ بَقِيَّةٌ مِنْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ قَدْ ارْتَفَعَتْ مِنْ
أَصْلِهَا بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ
يُوجَدْ وَطْءٌ بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْأُولَى وَكَمَّلَتْهَا
وَلَا عِدَّةَ لِهَذَا الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً: أَيْ فَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ
(قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ
إلَى أَنَّهَا لَا يَجُوزُ رَجْعَتُهَا.
قَالَ يَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ: وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لِبَذْلِهَا
الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ.
قَالَ: وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يَصِحُّ
خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ.
قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا
خَالَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَلْزَمُ الْعِوَضُ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ زِنًا) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الطَّلَاقُ
بَائِنًا وَعَلِمَ بِهِ الزَّوْجُ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَوْ
وَطِئَ الزَّوْجُ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ الْبَائِنَ عَالِمًا انْقَضَتْ
لِأَنَّهُ وَطْءُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ
مُعْتَدَّةً) عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ
الْأَثْبَتُ) أَيْ كَوْنُهُ وَجْهًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْنِي) أَيْ
فَيَكْتَفِي بِمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ كَقُرْءٍ عَنْ الطَّلَاقِ
الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى) وَهِيَ
عِدَّةُ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءُ
بِنْتٍ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ
مُنْكِرُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي أَنَّ مُنْكِرَ الْوَطْءِ يُصَدَّقُ
إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْآتِي مَعَ أَنَّهُ فِي عَبَّارَةِ وَالِدِهِ مُسْتَثْنًى مَعَ
الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِلَا وَطْءٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِغَيْرِ
شُبْهَةٍ وَلَا وَطْءٍ انْتَهَتْ وَهِيَ الَّتِي تُنَاسِبُ قَوْلَهُ
الْآتِي أَمَّا إذَا عَاشَرَهَا بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَاشَرَهَا
إلَخْ.) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمَارِّ أَمَّا إذَا عَاشَرَهَا
بِشُبْهَةٍ كَكَوْنِهِ سَيِّدَهَا، وَانْظُرْ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ
ثُمَّ، وَلَعَلَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ:
وَمُعَاشَرَةُ سَيِّدِ الْأَمَةِ وَأَجْنَبِيٍّ لِمُعْتَدَّةٍ وَطِئَهَا
بِالشُّبْهَةِ يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَمَّا غَيْرُ الْمُفَارِقِ، فَإِنْ كَانَ
سَيِّدًا فَهُوَ فِي أَمَتِهِ كَالْمُفَارِقِ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ
غَيْرِهِ فَكَالْمُفَارِقِ فِي الْبَائِنِ انْتَهَتْ.
وَهُمَا صَرِيحَتَانِ فِي أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ.
(7/144)
(فَصْلٌ) فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ
الضَّرْبَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ،
وَاكْتَفَى عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَبِوُجُوبِهِ بِالِاشْتِهَارِ
وَالْوُضُوحِ وَفِي الْمَفْقُودِ وَفِي الْإِحْدَادِ (عِدَّةُ حُرَّةِ
حَائِلٍ) أَوْ حَامِلٍ بِحَمْلٍ غَيْرِ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ كَمَا
يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لِوَفَاةٍ) لِزَوْجٍ (وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ)
لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ (أَرْبَعَةُ
أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وَالْإِجْمَاعِ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ
عَشْرًا إنَّمَا تَكُونُ لِلْمُؤَنَّثِ وَهُوَ اللَّيَالِي لَا غَيْرُ.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا وَحَذْفُ التَّاءِ إنَّمَا هُوَ
لِتَغْلِيبٍ اللَّيَالِي: أَيْ لِسَبْقِهَا وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا
التَّفَجُّعُ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ بِهَا
يَتَحَرَّكُ الْحَمْلُ وَيُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي
ظُهُورَ حَمْلٍ إنْ كَانَ وَزِيدَتْ الْعَشَرَةُ اسْتِظْهَارًا وَلِأَنَّ
النِّسَاءَ لَا يَصْبِرْنَ عَنْ الزَّوْجِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ
أَشْهُرٍ فَجُعِلَتْ مُدَّةَ تَفَجُّعِهِنَّ، وَتُعْتَبَرُ الْأَرْبَعَةُ
بِالْأَهِلَّةِ مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ
أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامِ فَحِينَئِذٍ ثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الضَّرْبَيْنِ السَّابِقِينَ
(قَوْلُهُ: غَيْرِ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ زِنًا
أَوْ شُبْهَةٍ، فَالْأَوَّلُ تَنْقَضِي مَعَهُ الْعِدَّةُ وَالثَّانِي
تُؤَخَّرُ مَعَهُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَتَشْرَعُ
فِيهَا بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ. [فَرْعٌ] مُسِخَ الزَّوْجُ حَجَرًا
اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَوْ حَيَوَانًا اعْتَدَّتْ
عِدَّةَ الطَّلَاقِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ
بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ صَارَ جَمَادًا فَالْتَحَقَ
بِالْأَمْوَاتِ، وَفِي الثَّانِي بِبَقَاءِ الْحَيَاةِ فِيهِ كَانَ
بِصِفَةِ الْمُطَلِّقِ حَيْثُ صَارَ بِصِفَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ فِيهَا
الْمَرْأَةُ فَكَانَ إلْحَاقُهُ بِالْمُطَلِّقِ أَوْلَى (قَوْلُهُ:
لِوَفَاةِ الزَّوْجِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَتْ
الزَّوْجَةُ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَالزَّوْجُ حَيٌّ ثُمَّ حَيِيَتْ هَلْ
تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ حَالًا لِأَنَّهَا بِالْمَوْتِ سَقَطَتْ عَنْهَا
سَائِرُ الْأَحْكَامِ وَهَذِهِ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ أَمْ لَا فَلَا
تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ مَا دَامَ حَيًّا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُطَلِّقَهَا
وَتَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فِي الْأَوَّلِ وَالطَّلَاقِ فِي
الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ
الْمَذْكُورَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عَوْدِهَا لِزَوْجِهَا
الْأَوَّلِ وَبَيْنَ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِصِغَرٍ) أَيْ
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَهَيِّئَةً لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ
إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرَّدِّ لَا يُصْلَحُ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ
الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَإِنْ كَفَى فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ لَمْ
يُوجِبْهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْعَاشِرُ
لِكَذَا، وَلَعَلَّ الْمُوجِبَ لِلْعَاشِرِ الِاحْتِيَاطُ وَإِلَّا
فَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ عَلَى مَا وُجِّهَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ
الْقَصْدَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْكِتَابِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِنْ
عَشَرَةِ أَيَّامٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي وَهُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ]
فَصْلٌ) فِي الضَّرْبِ الثَّانِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى أَنَّ
عَشْرًا إلَخْ.) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْيَوْمِ
الْعَاشِرِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ
قَوْلِهِ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ لَا لِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى
الْيَوْمِ الْعَاشِرِ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ.
وَتَحْرِيرُ الْعِبَارَةَ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَقَدْ قِيلَ:
بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ نَظَرًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَذْفُ التَّاءِ
إنَّمَا هُوَ لِتَغْلِيبِ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا
مَعَ أَنَّ عَشْرًا يُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا إلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ، وَإِنْ
اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْأَيَّامِ عَلَى
خِلَافِ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا
التَّفَجُّعُ) هُوَ عِلَّةٌ أُخْرَى لِلْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى
لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ أَصْلُ ثُبُوتِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَا مِنْ
حَيْثُ كَوْنُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَلْ مِنْ حَيْثُ
اسْتِوَاءُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِيهَا (قَوْلُهُ:
وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ
(7/145)
وَتُكْمِلُ مِنْ الرَّابِعِ مَا يُكْمِلُ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَوْ جَهِلَتْ الْأَهِلَّةَ حَسِبَتْهَا كَامِلَةً
(وَ) عِدَّةُ (أَمَةٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ بِمَنْ لَا يَلْحَقُهُ: أَيْ
مَنْ فِيهَا رِقٌّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ (نِصْفُهَا)
وَهُوَ شَهْرَانِ فِي هَذَا الْبَابِ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ وَخَمْسَةُ
أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا عَلَى النِّصْفِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي
الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ
قِيَاسَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ
لَزِمَتْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرٌ: صَحِيحٌ، إذْ صُورَتُهُ أَنْ
يَطَأَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ
وَيَسْتَمِرُّ ظَنَّهُ إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ عِدَّةَ
حُرَّةٍ إذْ الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا مِنْ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ
فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا فِي الْمَوْتِ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ
بِأَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى
الْوَطْءِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ وَبِهِ يُفَرَّقُ
بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ (وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ انْتَقَلَتْ
إلَى) عِدَّةِ (وَفَاةٍ) وَسَقَطَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ
فَتُحِدُّ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (أَوْ) عَنْ (بَائِنٍ فَلَا) تَنْتَقِلُ
إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ (وَ) عِدَّةُ
(حَامِلٍ) لِوَفَاةٍ (بِوَضْعِهِ) لِلْآيَةِ (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ)
وَهُوَ انْفِصَالُ كُلِّهِ وَنِسْبَتُهُ إلَى صَاحِبِ الْعِدَّةِ وَلَوْ
احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ، كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
وَصُورَتُهُ أَنَّهُ لَاعَنَهَا لِنَفْيِ حَمْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَ زَوْجَةً
لَهُ أُخْرَى ثُمَّ اشْتَبَهَتْ الْمُطَلَّقَةُ الْحَامِلُ
بِالْمُلَاعَنَةِ الْحَامِلِ أَيْضًا أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا
(فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ عَنْ حَامِلٍ فَبِالْأَشْهُرِ) عِدَّتُهَا لَا
بِالْوَضْعِ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ عَنْهُ (وَكَذَا مَمْسُوحٌ)
ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لَا بِالْحَمْلِ (إذْ
لَا يَلْحَقُهُ) الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَعَذُّرِ إنْزَالِهِ
لِفَقْدِ أُنْثَيَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ لِمِثْلِهِ وِلَادَةٌ.
وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ فَتَعْتَدُّ
بِأَرْبَعَةِ أَهِلَّةٍ بَعْدَهَا وَلَوْ نَوَاقِصَ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ
السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَمُتْ أَثْنَاءَ شَهْرٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَعَشْرٌ صَحِيحٌ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَيُرَدُّ: أَيْ
بَحْثُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى
الْوَطْءِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ
بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ اهـ.
وَمَا قَالَهُ حَجّ الْأَقْرَبُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ:
وَيَسْتَمِرُّ ظَنُّهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبْعِضَةَ كَالْقِنَّةِ
وَأَنَّ الْأَمَةَ لَوْ عَتَقَتْ مَعَ مَوْتِهِ اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ
اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَحُكْمُ الْمُبْعِضَةِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: أَيْ مَنْ فِيهَا
رِقٌّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ
وَطِئَ أَمَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ
أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: فَتُحِدُّ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ
مِنْ أَحَدَّ وَبِفَتْحِ التَّاءِ مَعَ كَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا مِنْ
حَدَّ (قَوْلُهُ بَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ) وَلَهَا النَّفَقَةُ
إنْ كَانَتْ حَامِلًا اهـ سم (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ) أَيْ الْمَنْفِيِّ
بِلِعَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا) أَيْ نَظِيرَ مَا
قِيلَ فِي الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: لِلْقَطْعِ
بِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَا
يُمْكِنُ إحْبَالُهُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي
قَوْلِهِ هَذَا إنْ لَمْ يُولَدْ إلَخْ فَإِنَّهُ قَيْدٌ فِي الصَّبِيِّ
لَا الْمَمْسُوحِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْحَقُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ
فُرِضَ أَنَّهُ نَزَلَ مِنْهُ مَاءٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْمَنِيِّ
فِي نَحْوِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
يُنَافِي كَوْنَهَا لِلتَّفَجُّعِ الْمُسْتَوِي فِيهِ الْمَدْخُولُ بِهَا
وَغَيْرُهَا.
(قَوْلُهُ: وَتَكْمُلُ مِنْ الرَّابِعِ) مِنْ فِيهِ ابْتِدَائِيَّةٌ
(قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْبَابِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ هُنَا
وَلَيْسَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: إذْ صُورَتُهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ
إلَخْ.) هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَيْسَتْ تَعْلِيلًا
لِلصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا تَعْلِيلُ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ: بَعْدُ إذْ
الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ
إلَخْ.) قَالَ سم: هَذَا عَجِيبٌ مَعَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ:
يَعْنِي: حَجّ الَّذِي قَصَدَ الشَّارِحُ الرَّدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْقِ
بِأَنَّ عِدَّةَ الْحَيَاةِ لَمَّا تَوَقَّفَتْ عَنْ الْوَطْءِ اخْتَلَفَتْ
بِاخْتِلَافِ الظَّنِّ فِيهِ، بِخِلَافِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَا
تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ
يُفَرَّقُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ الْمَرْدُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ
يَكُونُ ذَلِكَ تَنْظِيرًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَوْ احْتِمَالًا
نَظِيرُ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إلَى النَّافِي
احْتِمَالًا لَكِنْ يُنْظَرُ مَا صُورَةُ الْمَنْسُوبِ لِلْمَيِّتِ فِي
مَسْأَلَتِنَا احْتِمَالًا (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ) أَيْ
دُونَ تِسْعِ سِنِينَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ
الْحَجْرِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ
أُنْثَيَيْهِ) سَيَأْتِي
(7/146)
بِاللُّحُوقِ لِأَنَّ مَعْدِنَ الْمَاءِ
الصُّلْبِ وَهُوَ يَنْفُذُ مِنْ ثُقْبَةٍ إلَى الظَّاهِرِ وَهُمَا
بَاقِيَانِ، وَيَحْكِي ذَلِكَ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ هَذَا إنْ لَمْ يُولَدْ لِمِثْلِهِ
(وَيَلْحَقُ) الْوَلَدُ (مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ) لِبَقَاءِ
أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (فَتَعْتَدُّ)
زَوْجَتُهُ (بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ لِوَفَاتِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا
عِدَّةَ عَلَيْهَا لِطَلَاقِهِ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَلَمْ
تَسْتَدْخِلْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (وَكَذَا مَسْلُولٌ) خُصْيَتَاهُ
(بَقِيَ ذَكَرَهُ) فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ
بِوَضْعِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ
فَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا، وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُ لِأَنَّهُ لَا مَاءَ
لَهُ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُمْ الْخُصْيَةُ الْيُمْنَى لِلْمَاءِ
وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا
فَقَدْ وُجِدَ مَنْ لَهُ الْيُسْرَى وَلَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ وَشَعْرٌ
كَذَلِكَ
(وَلَوْ) (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) كَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَى
مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ)
لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ (فَإِنْ كَانَ لَمْ
يَطَأْ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَقَطْ وَهِيَ ذَاتُ
أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي رَجْعِيٍّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ
(اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ) احْتِيَاطًا، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ
كَوْنُهَا مُفَارِقَةً بِطَلَاقٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِ
الْمَوْطُوءَةِ أَوْ مَوْتٍ فَتَجِبُ عِدَّتُهُ (وَكَذَا إنْ وَطِئَ)
كُلًّا مِنْهُمَا (وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ) وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ أَوْ
رَجْعِيُّ (أَوْ) ذَوَاتَا (أَقْرَاءٍ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ) فَتَعْتَدُّ
كُلٌّ مِنْهُمَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ خِلَافُهَا
لِأَنَّهَا الْأَحْوَطُ هُنَا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ
تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ كَانَ) الطَّلَاقُ
فِي ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ (بَائِنًا) وَقَدْ وَطِئَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا
(اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا فِي الْأُولَى وَالْمَوْطُوءَةُ
مِنْهُمَا فِي الثَّانِيَةِ (بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ
وَثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَائِهَا) لِوُجُوبِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهَا يَقِينًا
وَقَدْ اشْتَبَهَ فَوَجَبَ الْأَحْوَطُ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَنْ
لَزِمَهُ إحْدَى صَلَاتَيْنِ وَشَكَّ فِي عَيْنِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ
يَأْتِيَ بِهِمَا، وَتَعْتَدُّ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ فِي الثَّانِيَةِ
لِوَفَاةٍ (وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) حِينِ (الْمَوْتِ
وَالْأَقْرَاءُ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) حِينِ (الطَّلَاقِ) وَلَا نَظَرَ
إلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمُبْهَمَةِ مِنْ حِينِ التَّعْيِينِ لِأَنَّهُ
لَمَّا أُيِسَ مِنْهُ لِمَوْتِهِ اُعْتُبِرَ السَّبَبُ الَّذِي هُوَ
الطَّلَاقُ، وَلَوْ مَضَى قُرْءَانِ مَثَلًا قَبْلَ الْمَوْتِ اعْتَدَّتْ
بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْقُرْءِ الثَّالِثِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ
(وَمَنْ) (غَابَ) لِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَانْقَطَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الْغُسْلِ وَإِلَّا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِإِمْكَانِ الِاسْتِدْخَالِ
حِينَئِذٍ، وَقَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ لِتَعَذُّرِ
إنْزَالِهِ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ إنْزَالٌ وَجَبَ الْغُسْلُ وَلَحِقَ
الْوَلَدُ إذَا اُحْتُمِلَ الِاسْتِدْخَالُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ
إنْزَالِهِ وَقَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ إلَخْ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ
وَالْحُكْمُ يَبْقَى بِبَقَاءِ عِلَّتِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ
لِفَسَادِ مَنِيِّهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِوُجُودِ الْمَنِيِّ
وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْهُ الْوَلَدُ (قَوْلُهُ: وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ)
أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا
فَقَدْ وُجِدَ) هَذَا يَقْتَضِي قُوَّةُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ
الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ لُحُوقِ الْوَلَدِ لِلْمَمْسُوحِ لِبَقَاءِ مَعْدِنِ
الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ كَذَلِكَ) ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ لَا
يُصْلَحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَحَلِّ الرَّدِّ لِوُجُودِ مَادَّةِ الشَّعْرِ
عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ، وَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ
بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ: وَمَنْ لَهُ الْيُمْنَى فَقَطْ
وَلَهُ شَعْرٌ كَثِيرٌ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا) أَيْ بَائِنًا أَوْ
رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: ابْتِدَاؤُهَا) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ
وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ مُبْتَدَأَةُ حُذِفَ خَبَرُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ
يُقَالَ الْأَصْلُ وَابْتِدَاءُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ إلَخْ حُذِفَ
الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَأُعْطِيَ حُكْمُهُ،
وَيَجُوزُ جَرُّهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِبْقَاءِ
عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) وَلَوْ مَضَى جَمِيعُ
الْأَقْرَاءِ قَبْلَ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِدَّةَ
الْوَفَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْمَسْلُولِ أَنْ يَلْحَقَهُ الْوَلَدُ مَعَ فَقْدِ أُنْثَيَيْهِ
فَلَعَلَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وَاَلَّذِي
بَعْدَهُ إنْ سَلِمَ أَنَّ الْمَسْلُولَ عَهْدٌ لِمِثْلِهِ وِلَادَةً
(قَوْلُهُ: هَذَا إنْ لَمْ يُولَدْ لِمِثْلِهِ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى
الصَّبِيِّ فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ أَنَّ الْمَمْسُوحَ لَمْ يُعْهَدْ
لَهُ وِلَادَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ إلَخْ.) قَدْ
يُقَالُ: إنَّ هَذَا يَتَأَتَّى فِي الْمَمْسُوحِ بِالْمُسَاحَقَةِ إذْ
الذَّكَرُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ طَرِيقٌ
كَالثُّقْبَةِ
(7/147)
خَبَرُهُ) (لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ نِكَاحٌ
حَتَّى يَتَيَقَّنَ) أَيْ يُظَنَّ بِحُجَّةٍ كَاسْتِفَاضَةٍ وَحُكْمٍ
بِمَوْتِهِ (مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ) أَوْ نَحْوُهُمَا كَرِدَّتِهِ قَبْلَ
الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ
بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَالنِّكَاحِ مَعَ ثُبُوتِهِ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَزُلْ
إلَّا بِهِ أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَلِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يُورَثْ،
وَأُمَّ وَلَدِهِ لَا تُعْتَقْ فَكَذَا زَوْجَتُهُ.
نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ بِأَحَدِهِمَا
حَلَّ لَهَا بَاطِنًا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ.
وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ
فَقْدُ الزَّوْجَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا أَوْ
خَامِسَةٍ إذَا لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا (وَفِي الْقَدِيمِ: تَتَرَبَّصُ
أَرْبَعَ سِنِينَ) مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي فَلَا يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى
قَبْلَهُ، وَقِيلَ مِنْ حِينِ فَقْدِهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ لِوَفَاةِ
وَتُنْكَحُ) بَعْدَهَا اتِّبَاعًا لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
تَعَالَى عَنْهُ - بِذَلِكَ وَاعْتُبِرَتْ الْأَرْبَعُ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ
مُدَّةِ الْحَمْلِ (فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ قَاضٍ نُقِضَ) حُكْمُهُ
(عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ
لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ قِسْمَةِ الْمَالِ
الَّذِي هُوَ دُونَ النِّكَاحِ فِي طَلَبِ الِاحْتِيَاطِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا ذُكِرَ لِاخْتِلَافِ
الْمُجْتَهِدِينَ وَلِأَنَّ الْمَالَ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَارِثِ
بِتَأْخِيرِ قِسْمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّ وُجُودَهُ لَا
يَمْنَعُهُ مِنْ تَحْصِيلِ غَيْرِهِ بِكَسْبٍ أَوْ اقْتِرَاضٍ مَثَلًا
فَيُمْكِنُ دَفْعُ ضَرَرِهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا لَا
تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِ فَقْدِ الزَّوْجِ بِوَجْهٍ فَجَازَ فِيهَا
ذَلِكَ دَفْعًا لِعِظَمِ الضَّرَرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ وَمَا
صَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ نُفُوذِ الْقَضَاءِ بِهِ ظَاهِرًا
وَبَاطِنًا كَسَائِرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ
بِعَدَمِ النَّقْضِ، أَمَّا عَلَى النَّقْضِ فَلَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا
لِقَوْلِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ بِمَنْعِ التَّقْلِيدِ فِيمَا يَنْقُضُ
(وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ) هُوَ تَصْوِيرٌ
لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّحَّةِ عَلَى نِكَاحِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ
(فَبَانَ) الزَّوْجُ (مَيِّتًا) قَبْلَ نِكَاحِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ
(صَحَّ) النِّكَاحُ (عَلَى الْجَدِيدِ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ)
اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ
فِي الْمُرْتَابَةِ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا شَكًّا فِي حِلِّ
الْمَنْكُوحَةِ لِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ لِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فَكَانَ أَقْوَى،
أَمَّا إذَا بَانَ حَيًّا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ
وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَكِنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ
لِلثَّانِي لِأَنَّ وَطْأَهُ بِشُبْهَةٍ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِفَقْدِ الْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ حَالَ الْعَقْدِ
(وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) بِأَيِّ وَصْفٍ كَانَتْ
لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ
بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ
ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لِأَنَّ كُلًّا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا وَأَنَّهَا
مُطَلَّقَةٌ مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ إصْرَارِهِ عَلَى الرِّدَّةِ
إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِهِ) أَيْ
الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الظَّنُّ
الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ) يَنْبَغِي أَوْ
فَاسِقٌ اعْتَقَدَتْ صِدْقَهُ أَوْ بَلَغَ الْمُخْبِرُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ
وَلَوْ مِنْ صِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لِأَنَّ خَبَرَهُمْ يُفِيدُ الْيَقِينَ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ) أَيْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَا
يُوَافِقُ الْقَدِيمَ عِنْدَنَا نُقِضَ إلَخْ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ
رَفَعَتْ أَمَرَهَا لِقَاضٍ فَفَسَخَتْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ
فَسْخُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ وَقَاضٍ) أَيْ غَيْرُ شَافِعِيٍّ
(قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى النَّقْضِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا
يُنْقَضُ) أَيْ فِيمَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَا
مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نُكِحَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ قَاضٍ) أَيْ مُخَالِفٌ كَمَا
هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ لِاخْتِلَافِ
الْمُجْتَهِدِينَ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ مُسْتَنِدًا انْقِضَاءَ مُجَرَّدِ
الْقَدِيمِ وَالْقَاضِي شَافِعِيٌّ لَمْ يَصِحَّ الْقَضَاءُ إذْ لَا
يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِالضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: وَمَا صَحَّحَهُ
الْإِسْنَوِيُّ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ
يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ إذَا
عَادَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَكَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ فَإِنْ
قُلْنَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ قُلْنَا
يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَهِيَ لِلثَّانِي لِبُطْلَانِ نِكَاحِ
الْأَوَّلِ بِالْحُكْمِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْقَدِيمِ وَمِنْ
تَفَارِيعِهِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ فَهِمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْجَدِيدِ
فَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا تَرَاهُ إذْ لَوْ فَهِمَ أَنَّهُمَا مِنْ
الْقَدِيمِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ
بَعْدَ النَّقْصِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ
يَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ إلَخْ.) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ أَنَّهُ لَا
يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بِهِ بِالتَّقْلِيدِ بَلْ قَدْ يَكُونُ
بِالِاجْتِهَادِ
(7/148)
وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا
الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ: أَيْ يَجِبُ لِأَنَّ مَا جَازَ
بَعْدَ امْتِنَاعِهِ وَجَبَ غَالِبًا وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ
إلَّا مَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَذِكْرُ الْإِيمَانِ جَرَى
عَلَى الْغَالِبِ أَوْ لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ وَإِلَّا
فَمَنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ
أَمْرَ مُوَلِّيَتِهِ بِهِ.
وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِيَشْمَلَ
حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ
حَالَةَ الْحَمْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ،
وَلَوْ أَحَبْلهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ
بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ.
وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا بَقِيَ
أَنَّهُ عِدَّةُ وَفَاةٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيهَا وَإِنْ
شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ (لَا) عَلَى (رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ مُعْظَمِ
أَحْكَامِ النِّكَاحِ لَهَا وَعَلَيْهَا، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ:
الْأَوْلَى لَهَا التَّزَيُّنُ بِمَا يَدْعُوهُ إلَى رَجْعَتِهَا، لَكِنَّ
الْمَنْقُولَ عَنْ الشَّافِعِيِّ سَنُّ الْإِحْدَادِ لَهَا فَمَحَلُّ
الْأَوَّلِ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ حَيْثُ رَجَتْ عَوْدَهُ بِالتَّزَيُّنِ
أَوْ مُشَبَّهِهِ وَلَمْ يُتَوَهَّمْ أَنَّهُ لِفَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ
(وَيُسْتَحَبُّ) الْإِحْدَادُ (لِبَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لِئَلَّا
تُفْضِيَ زِينَتُهَا لِفَسَادِهَا (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) عَلَيْهَا
كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ
بِالْفِرَاقِ فَلَمْ يُنَاسِبْ حَالُهَا وُجُوبَهُ بِخِلَافِ تِلْكَ، وَمَا
قِيلَ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ الْخَبَرِ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهَا وَلَمْ
يَقُولُوا بِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّتَهُ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ مِنْ جَعْلِ الْمُقْسِمِ الْإِحْدَادَ عَلَى الْمَيِّتِ
[كَيْفِيَّةُ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمَيِّتِ]
(وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ أَحَدَّ، وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ
حَدَّ لُغَةً: الْمَنْعُ.
وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ) بِمَا يُقْصَدُ (لِزِينَةٍ وَإِنْ
خَشُنَ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ كَالِاكْتِحَالِ وَالتَّطَيُّبِ
وَالِاخْتِضَابِ وَالتَّحَلِّي، وَذَكَرَ الْمُعَصْفَرَ وَالْمَصْبُوغَ
بِالْمَغْرَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِي رِوَايَةٍ مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ
أَفْرَادِ الْعَامِّ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ الصَّبْغَ لَا بُدَّ
أَنْ يَكُونَ لِزِينَةٍ (وَقِيلَ يَحِلُّ) لُبْسُ (مَا صُبِغَ غَزْلُهُ
ثُمَّ نُسِجَ) لِلْإِذْنِ فِي ثَوْبِ الْعَصْبِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ
بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ نَوْعٌ مِنْ الْبُرُودِ يُصْبَغُ
غَزْلُهُ ثُمَّ يُنْسَجُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَهَى عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مَعَ الرِّيبَةِ ثُمَّ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ وَأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ
انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا
(قَوْلُهُ: إلَّا مَا نُقِلَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ
وَإِلَّا فَمَنْ لَهَا أَمَانٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا م ر
بَلْ يَلْزَمُ مَنْ لَا أَمَانَ لَهَا لُزُومُ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ
بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ
الشَّرِيعَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ
حَامِلًا (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا) ثُمَّ قَوْلُهُ
وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ عِدَّةِ
الشُّبْهَةِ بِالتَّزَوُّجِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ
لِلْمُتَزَوِّجِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ
بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ
اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ عَنْ الْوَفَاةِ وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ وَطْءِ
الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ
التَّزَوُّجِ اعْتَدَّتْ عَنْ الْوَفَاةِ بِوَضْعِهِ وَدَخَلَ فِيهَا
عِدَّةُ الشُّبْهَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْمُعَصْفَرِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مِنْ بَابِ ذِكْرِ
إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ) وَهُوَ لِلنَّهْيِ عَنْ
الْمَصْبُوغِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
[وُجُوبُ الْإِحْدَادِ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْوَفَاة]
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ) بِمَعْنَى
أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ يَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا
أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنَّ لُزُومَ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى
الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ
(قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ) أَيْ قَوْلَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا
يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ إلَخْ.) هَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ
عُدُولِ الْمُصَنِّفِ
[اسْتِحْبَابُ الْإِحْدَادُ لِلْبَائِنِ]
(قَوْلُهُ: بِمَا يُقْصَدُ) إنَّمَا قَدَّرَ هَذَا فِي الْمَتْنِ لِأَنَّهُ
يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا لُبْسُ الْمَصْبُوغِ
بِقَصْدِ الزِّينَةِ لَا مَا صُبِغَ لَا بِقَصْدِ الزِّينَةِ، وَإِنْ كَانَ
الصَّبْغُ فِي نَفْسِهِ زِينَةً، فَأَشَارَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إلَى
امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ، وَإِنْ
لَمْ يُقْصَدْ بِصَبْغٍ خُصُوصُهُ زِينَةٌ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ
مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ:
كَالِاكْتِحَالِ إلَخْ.) أَيْ كَمَا نَهَى عَنْ الِاكْتِحَالِ إلَخْ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا هُنَا مَقِيسٌ عَلَى الِاكْتِحَالِ وَمَا
بَعْدَهُ،، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا
سَيَأْتِي عِنْدَ ذِكْرِ الِاكْتِحَالِ وَمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ النَّهْيَ
عَنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى النَّهْيِ عَمَّا
هُنَا (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْمُعَصْفَرَ وَالْمَصْبُوغَ بِالْمَغْرَةِ)
أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ
الصَّبْغَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِزِينَةٍ) يَعْنِي: أَنَّهُ أُشِيرَ
بِذِكْرِ هَذَيْنِ فِي الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ الصَّبْغَ الْمُمْتَنِعَ
(7/149)
أُخْرَى فَتَعَارَضَتَا، وَالْمَعْنَى
يُرَجِّحُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَلْ هَذَا أَبْلَغُ فِي الزِّينَةِ لِأَنَّهُ
لَا يُصْبَغُ أَوَّلًا إلَّا رَفِيعُ الثِّيَابِ (وَيُبَاحُ غَيْرُ
مَصْبُوغٍ) لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ زِينَةٌ كَنَقْشٍ (مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ
وَكَتَّانٍ) عَلَى اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا الْخِلْقِيَّةِ وَإِنْ نَعُمَتْ
(وَكَذَا إبْرَيْسَمَ) لَمْ يُصْبَغْ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ ذَلِكَ أَيْ
حَرِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ حُدُوثِ زِينَةٍ فِيهِ وَإِنْ صُقِلَ
وَبُرِقَ.
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةِ
النِّسَاءِ، وَبِذَلِكَ يُرَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ
وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ نَحْوِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ
الْخِلْقِيِّ يَرْبُو لِصَفَاءِ ثِقَلِهِ وَشِدَّةِ بِرِيقِهِ عَلَى
كَثِيرٍ مِنْ الْمَصْبُوغِ.
وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِأَنَّ لُبْسَهُ تَزْيِينٌ فَعَلَى هَذَا لَا
تَلْبَسُ الْعَتَّابِيَّ الَّذِي أَكْثَرُهُ حَرِيرٌ وَيُبَاحُ الْخَزُّ
قَطْعًا لِاسْتِتَارِ الْإِبْرَيْسَمِ فِيهِ بِالصُّوفِ الَّذِي هُوَ
سَدَاهُ (وَ) يُبَاحُ (مَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ) أَصْلًا بَلْ
لِنَحْوِ احْتِمَالِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ كَأَسْوَدَ وَمَا يَقْرُبُ
مِنْهُ كَالْأَخْضَرِ الْمُشَبَّعِ وَالْكُحْلِيِّ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ
كَالْأَزْرَقِ الْمُشَبَّعِ.
وَلَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِهِ مَصْبُوغٌ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ
وَغَيْرِهَا لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْنُهُ
بَرَّاقًا حُرِّمَ، وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى قَدْ تَشْمَلُهُ لِأَنَّ
الْغَالِبَ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ وَإِلَّا فَلَا،
وَعِبَارَتُهُ هَذِهِ شَامِلَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ
حِينَئِذٍ زِينَةٌ (وَيَحْرُمُ) طِرَازٌ رُكِّبَ عَلَى ثَوْبٍ لَا
مَنْسُوجَ مَعَهُ مَا لَمْ يَكْثُرُ: أَيْ بِأَنْ عُدَّ الثَّوْبُ مَعَهُ
ثَوْبَ زِينَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَ (حُلِيُّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) وَلَوْ
نَحْوَ خَاتَمٍ وَقُرْطٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمِنْهُ مَا مَوَّهَ
بِأَحَدِهِمَا إنْ سُتِرَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ كَمَا
قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي بِأَنَّ الْمَدَارَ
هُنَا عَلَى مُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَثَمَّ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ
الْخُيَلَاءِ، وَكَذَا نَحْوُ نُحَاسٍ وَوَدَعٍ وَعَاجٍ وَذَبْلٍ
وَدُمْلَجٍ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَحَلَّوْنَ بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مُطْلَقًا الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لِلنَّهْيِ إلَخْ، وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ
أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقْصَدُ
لِزِينَةِ النِّسَاءِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ فِي بَعْضِ
الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ
الْخَزُّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخَزُّ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ
عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا وَالْجَمْعُ خُزُوزٌ مِثْلُ
فُلُوسٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ سَدَاهُ) هُوَ صِفَةٌ لِلْإِبْرَيْسَمِ
فَلَا يُقَالُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ هُوَ اللُّحْمَةُ لَا
السَّدَى (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَيُبَاحُ
غَيْرُ مَصْبُوغٍ (قَوْلُهُ: وَقُرْطٌ) اسْمٌ لِمَا يُلْبَسُ فِي شَحْمَةِ
الْأُذُنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَلَقُ لَا بِقَيْدٍ، وَيَنْبَغِي
أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَتَضَرَّرْ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ
تَضَرَّرَتْ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً جَازَ لَهَا اللُّبْسُ،
وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْكُحْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الضَّرَرِ مِنْ
إبَاحَتِهِ لِلتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشَبَّهِهِ) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ
لَهُ شِدَّةُ صِقَالَةٍ مَثَلًا بِأَنْ صَارَ يُظَنُّ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا
(قَوْلُهُ: وَذَبْلٍ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الذَّبْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ
الْمُعْجَمَةِ شَيْءٌ كَالْعَاجِ وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ يُتَّخَذُ
مِنْهُ السِّوَارُ اهـ.
ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ:
الذَّبْلُ وِزَانُ فَلْسٍ شَيْءٌ كَالْعَاجِ، وَقِيلَ هُوَ ظَهْرُ
السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَدُمْلُجٍ) بِضَمِّ الدَّالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
إنَّمَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِلزِّينَةِ لَا كُلُّ صَبْغٍ مِنْ بَابِ
بَيَانِ الشَّيْءِ بِذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ
الْخَزُّ قَطْعًا) لَا خَفَاءَ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ صَرِيحَةٌ فِي
أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَزِّ هُنَا نَفْسُ الثَّوْبِ الَّذِي سُدَاهُ صُوفٌ
وَلُحْمَتُهُ إبْرَيْسَمٌ إذَا كَانَ الْإِبْرَيْسَمُ مُسْتَتِرًا
بِالصُّوفِ، فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْمُخْتَارِ
مِنْ أَنَّ الْخَزَّ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى وَبَرِهِ
إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ اللُّغَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ
بِهِ الْخَزُّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَمَا
قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي
لِلْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ تَحَلَّتْ بِرَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ، فَإِنْ كَانَ
مُوِّهَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُشَابِهًا لَهُمَا بِحَيْثُ لَا
يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ
قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَحَلَالٌ
انْتَهَتْ.
وَعَلَيْهِ، فَيَتَعَيَّنُ قِرَاءَةُ مُشَبَّهُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا
عَلَى مَا مُوِّهَ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا، وَالتَّقْدِيرُ
وَمِنْهُ مَا مُوِّهَ بِأَحَدِهِمَا وَمِنْهُ مُشَبَّهُ أَحَدِهِمَا،
وَقَوْلُهُ: إنْ سَتَرَهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ
الْمَاوَرْدِيِّ كَمَا تَرَى، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ بِهِ
الْمُمَوَّهَ بِأَحَدِهِمَا لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى
قَوْلِهِ أَوْ مُشَبَّهُهُ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ
بِأَنْ يَقُولَ: أَيْ إنْ سَتَرَهُ، وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ
إلَّا بِتَأَمُّلٍ قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ قَيْدٌ فِي مُشَبَّهِ أَحَدِهِمَا
فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَذَبَلَ) هُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ
(7/150)
نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا مَعَ
الْكَرَاهَةِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَإِحْرَازِهِ، وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ
وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا
وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (لُؤْلُؤٌ) وَنَحْوُهُ مِنْ
الْجَوَاهِرِ الَّتِي يُتَحَلَّى بِهَا وَمِنْهَا الْعَقِيقُ (فِي
الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ
تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ
لِلرَّجُلِ (وَ) يَحْرُمُ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ كَمَا يَأْتِي (طِيبٌ)
ابْتِدَاءً وَاسْتِدَامَةً، فَإِذَا طَرَأَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهِ
لَزِمَهَا إزَالَتُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (فِي بَدَنٍ) نَعَمْ رَخَّصَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا أَنْ
تَتْبَعَ لِنَحْوِ حَيْضٍ قَلِيلَ قِسْطٍ وَأَظْفَارٍ نَوْعَيْنِ مِنْ
الْبَخُورِ، وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمَةَ
وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَ)
فِي (كُحْلٍ) وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ مِنْ
الطِّيبِ وَالدَّهْنِ لِنَحْوِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ حُرِّمَ هُنَا
لَكِنْ لَا فِدْيَةَ لِعَدَمِ النَّصِّ، وَلَيْسَ لِلْقِيَاسِ مَدْخَلٌ
هُنَا وَكُلُّ مَا حَلَّ لَهُ ثَمَّ حَلَّ هُنَا (و) يَحْرُمُ (اكْتِحَالٌ
بِإِثْمِدٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ وَإِنْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلنَّهْيِ
عَنْهُ وَهُوَ الْأَسْوَدُ، وَمِثْلُهُ نَصًّا الْأَصْفَرُ وَهُوَ
الصَّبْرُ بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ وَلَوْ عَلَى بَيْضَاءَ لَا
الْأَبْيَضَ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ
كَرَمَدٍ) فَتَجْعَلُهُ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا إلَّا إنْ
أَضَرَّهَا مَسْحُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ
جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟
فَقَالَتْ: هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَشُبُّ
الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا
بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» وَقَدْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا
كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ لَيْلًا
بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.
وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا
أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ
يَقُولُ لَا» فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفَ عَلَى
عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
وَاللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَإِنَّهُ
قَالَ دُمْلُجٌ كَجُنْدُبٍ فِي لُغَتَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحِلُّ
لُبْسُهُ لَيْلًا) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ اللَّيْلِ مَا لَوْ
عَرَضَ لَهَا اجْتِمَاعٌ فِيهِ بِالنِّسَاءِ لِوَلِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا
فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ:
وَطِيبٌ) أَيْ بِأَنْ تَسْتَعْمِلَهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ
حِرْفَتُهَا عَمَلَ الطِّيبِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ:
لَزِمَهَا إزَالَتُهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ
نَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَلَا
كَذَلِكَ هُنَا، وَبِأَنَّهُ يُشَدَّدُ عَلَيْهَا هُنَا أَكْثَرَ بِدَلِيلِ
حُرْمَةِ نَحْوِ الْحِنَّاءِ وَالْمُعَصْفَرِ عَلَيْهَا هُنَا لَا ثَمَّ
(قَوْلُهُ قِسْطٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ اهـ
مِصْبَاحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمَةِ أَنْ تَتْبَعَ
حَيْضَهَا شَيْئًا مِنْهُمَا خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَاكْتِحَالٌ) هَلْ
يَشْمَلُ الْعَمْيَاءَ الْبَاقِيَةَ الْحَدَقَةِ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ
لِأَنَّهُ مُزَيِّنٌ فِي الْعَيْنِ الْمَفْتُوحَةِ وَإِنْ فُقِدَ بَصَرُهَا
اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ) وَبِفَتْحٍ فَكَسْرٍ
اهـ حَجّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ
أَضَرَّهَا مَسْحُهُ) الْأَوْلَى أَضَرَّ بِهَا إلَخْ لِمَا قَدَّمَهُ فِي
الطَّرِيقِ النَّافِذِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ
(قَوْلُهُ: فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ) تَمَسَّكَ بِهَذَا
الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ
الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ.
وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ
يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ
فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ (قَوْلُهُ يَشُبُّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ
مُخْتَارٌ (قَوْله وَقَدْ حَمَلُوهُ) قَالَ حَجّ: وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ فِي
سَنَدِهِ مَجْهُولًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا) يَعْنِي: جَمِيعَ مَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ) أَيْ لُبْسَ الثِّيَابِ
(قَوْلُهُ: بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ) وَكَذَا بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ
كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ) هُوَ
عَطْفُ تَفْسِيرٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْمُرَادُ مِنْ تَحْسِينِ
الْوَجْهِ بِوَضْعِ الصَّبْرِ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ يُحَسِّنُ الْعَيْنَ،
فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ رَوْنَقٌ فِي الْوَجْهِ، وَإِلَّا فَمَا فِي الْعَيْنِ
لَا يَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْوَجْهِ يُوجِبُ حُسْنَهُ فِي نَفْسِهِ
كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا)
قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهَا الِاكْتِحَالُ إلَّا عِنْدَ
التَّحَقُّقِ لِلضَّرَرِ، وَانْظُرْ بِمَ
(7/151)
بِدُونِهِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ زَادَهَا
عَبْدُ الْحَقِّ " قَالَتْ: إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا
بِدُونِهِ قَالَ لَا وَإِنْ انْفَقَأَتْ " وَأَجَابَ الشَّيْخُ عَنْهَا
بِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك لِأَنِّي
أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَوْ احْتَاجَتْ
لَهُ نَهَارًا جَازَ فِيهِ، وَالدَّهْنُ لِلْحَاجَةِ كَالِاكْتِحَالِ
لِلرَّمَدِ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْحَاجَةِ هُنَا بِخَشْيَةِ مُبِيحِ
تَيَمُّمٍ، وَحَيْثُ زَالَتْ وَجَبَ مَسْحُهُ أَوْ غَسْلُهُ فَوْرًا
كَالْمُحْرِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) يَحْرُمُ (إسْفِيذَاجٌ) بِذَالِ
مُعْجَمَةٍ (وَدُمَامٌ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى
بِالْحُمْرَةِ فَإِنَّ الْوَجْهَ يَبْرُقُ وَيَرْبُو بِالْأَوَّلِ
وَيَتَزَيَّنُ مَعَ الثَّانِي، وَيَحْرُمُ الْإِثْمِدُ فِي الْحَاجِبِ
كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الطَّبَرِيُّ كُلَّ مَا
يَتَزَيَّنُ بِهِ كَالشَّفَةِ وَاللِّثَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَالذَّقَنِ
فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَ) يَحْرُمُ (خِضَابُ حِنَّاءٍ
وَنَحْوِهِ) لِخَبَرِ «وَلَا تَخْتَضِبُ بِحِنَّاءٍ» وَمَحَلُّ ذَلِكَ
فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ،
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ
مِنْهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ
كَالرِّجْلَيْنِ، فَانْدَفَعَ بِهِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا،
أَمَّا مَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَلَا، وَالْغَالِيَةُ وَإِنْ ذَهَبَ
رِيحُهَا كَالْخِضَابِ، وَيَحْرُمُ تَصْفِيفُ شَعْرِ الطُّرَّةِ
وَتَجْعِيدُ شَعْرِ الْأَصْدَاغِ وَتَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا وَنَقْشُ
وَجْهِهَا.
(وَيَحِلُّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ وَأَثَاثٍ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ وَهُوَ مَتَاعُ
الْبَيْتِ بِأَنْ تُزَيِّنَ بَيْتَهَا بِأَنْوَاعِ الْمَلَابِسِ
وَالْأَوَانِي وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي
الْفُرُشِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ
ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ: أَيْ وَلَوْ
لَيْلًا كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (وَ) يَحِلُّ
لَهَا (تَنْظِيفٌ بِغَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمِ) ظُفْرٍ وَإِزَالَةِ نَحْوِ
شَعْرِ عَانَةٍ (وَإِزَالَةِ وَسَخٍ) وَلَوْ ظَاهِرًا بِسِدْرٍ أَوْ
نَحْوِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزِّينَةِ: أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى
الْجِمَاعِ فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ
الْجُمُعَةِ، أَمَّا إزَالَةُ شَعْرٍ يَتَضَمَّنُ زِينَةً كَأَخْذِ مَا
حَوْلَ الْحَاجِبِينَ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا
بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، بَلْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ
بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحِدَّةِ، وَمَرَّ فِي شُرُوطِ
الصَّلَاةِ سَنُّ إزَالَةِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ شَارِبٍ نَبَتَ
لِلْمَرْأَةِ (قُلْت: وَيَحِلُّ) لَهَا (امْتِشَاطٌ) بِلَا تَرْجِيلٍ
بِدَهْنٍ، وَيَجُوزُ بِنَحْوِ سِدْرٍ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ
الِامْتِشَاطِ مَحْمُولٌ عَلَى تَمَشُّطٍ بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ (وَ) يَحِلُّ
لَهَا (حَمَّامٌ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ دُخُولِهَا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ
(إنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ (خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ) فَإِنْ كَانَ حُرِّمَ
(وَلَوْ) (تَرَكَتْ) الْمُحِدَّةُ الْمُكَلَّفَةُ (الْإِحْدَادَ)
الْوَاجِبَ عَلَيْهَا كُلَّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا (عَصَتْ) إنْ
عَلِمَتْ حُرْمَةَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَغَيْرُ
الْمُكَلَّفَةِ وَلِيُّهَا قَائِمٌ مَقَامَهَا (وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ)
مَعَ الْعِصْيَانِ (كَمَا لَوْ فَارَقَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (الْمَسْكَنَ)
الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنَّهَا تَعْصِي
وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا (وَلَوْ بَلَغَتْهَا الْوَفَاةُ) أَيْ مَوْتُ
زَوْجِهَا وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ طَلَاقُهَا (بَعْدَ الْمُدَّةِ) لِلْعِدَّةِ
(كَانَتْ مُنْقَضِيَةً) فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْهَا لِأَنَّ
الصَّغِيرَةَ تَعْتَدُّ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهَا
(وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَهَا (إحْدَادٌ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: جَازَ فِيهِ) لَعَلَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْمَتْنَ عَلَى مَا
يَشْمَلُهُ ابْتِدَاءً نَظَرًا لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ
قَيَّدُوهُ بِاللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْحَاجَةِ هُنَا
إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَوِّلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إخْبَارُ
طَبِيبٍ عَدْلٍ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِيَةُ) هِيَ عَنْبَرٌ وَمِسْكٌ
وَكَافُورٌ (قَوْلُهُ: كَالثِّيَابِ) أَيْ فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ: بَلْ
صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ
الْمُحِدَّةِ) أَيْ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ
مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ لَا كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى
جَوَازِ دُخُولِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ) أَيْ بِأَنْ
كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ جَازَ
(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَتْ حُرْمَةَ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ
عَهْدُهَا بِالْإِسْلَامِ وَنَشَأَتْ بَيْنَ أَظْهَرِ الْعُلَمَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
يَحْصُلُ التَّحَقُّقُ، بَلْ هَذَا الْجَوَابُ قَدْ لَا يَصِحُّ إذْ كَيْفَ
يَمْنَعُهَا مِمَّا تَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ بِعَدَمِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ
لَهُ، وَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ عَدَمَ الضَّرَرِ كَانَ
وَاضِحًا (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ بِالْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ: كُلُّ
مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ هُوَ بِبِنَاءٍ يَتَزَيَّنُ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ:
ظُفْرٍ) كَانَ يَنْبَغِي قَبْلَهُ لَامٌ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ حَتَّى لَا
يَضِيعَ تَنْوِينُ قَلَمٌ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِنَحْوِ
سِدْرٍ)
(7/152)
غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا بِقَصْدِ
الْإِحْدَادِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ
لَمْ تَأْثَمْ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقِينَ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ
عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ
بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا
لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي
الثَّلَاثِ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ
وَلِذَلِكَ سُنَّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَتَنْكَسِرُ بَعْدَهَا أَعْلَامُ
الْحُزْنِ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ إشَارَةِ
الْقَاضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ فَيَمْتَنِعُ
عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا
وَلَوْ سَاعَةً، وَأَلْحَقَ الْغَزِّيِّ بَحْثًا بِالْقَرِيبِ الصَّدِيقَ
وَالْعَالِمَ وَالصَّالِحَ وَالسَّيِّدَ وَالْمَمْلُوكَ وَالصِّهْرِ، كَمَا
أَلْحَقُوا مَنْ ذُكِرَ بِهِ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ
ثَلَاثَةً وَمَنْ لَا فَلَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ
وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا
مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ، وَأَفْهَمَ
كَلَامُ الْمُصَنِّفِ امْتِنَاعَ الْإِحْدَادِ عَلَى الرَّجُلِ ثَلَاثَةً
عَلَى قَرِيبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ التَّحَزُّنَ
فِي الْمُدَّةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالنِّسَاءِ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ
ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ
الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ
الْإِحْدَادَ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ.
(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا
(تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ (وَلَوْ
بَائِنٍ) بِجَرِّهِ كَمَا بِخَطِّهِ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ وَنَصْبُهُ
أَوْلَى: أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ
مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَلَوْ هِيَ بَائِنٌ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا
إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ
بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) أَيْ تَرَكَتْ التَّزَيُّنَ وَكَانَتْ
عَلَى صُورَةِ الْمُحَدَّةِ لَمْ تَأْثَمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ:
التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْجِلْبَابُ
الْمِلْحَفَةُ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَاسْتِعَارَةٌ
تَخْيِيلِيَّةٌ فَتُشَبِّهُ الصَّبْرَ بِإِنْسَانٍ مُسْتَتِرٍ بِمَا
يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْجِلْبَابِ
لَهُ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُخِّصَ
لِلْمُعْتَدَّةِ) قَدْ يُمْنَعُ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ رُخْصَةً لِأَنَّ
الرُّخْصَةَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ
قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَالْإِحْدَادُ عَلَى
الْمُعْتَدَّةِ وَاجِبٌ فَلَمْ تَنْتَقِلْ لِسَهْلٍ بَلْ لِصَعْبٍ،
وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَدَّةِ لِحَثِّهَا
إلَخْ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَاعَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ
لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَخَالَفَ حَجّ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ
عَلَيْهَا فِعْلُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ
عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ
لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى
فِعْلِهِ، وَمُجَرَّدُ النَّهْي إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ
الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ، وَفِي الزَّوَاجِرِ إنَّهُ
كَبِيرَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: وَمُلَازَمَتُهَا
إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَخُرُوجِهَا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ
(قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ) هُوَ قَوْلُهُ طَلَاقٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السِّدْرِ
وَنَحْوِهِ فِي إزَالَةِ الْوَسَخِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) يَعْنِي: التَّزَيُّنَ (قَوْلُهُ:
لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ
لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ خَبَرَيْنِ فَصَحَّتْ إحَالَتُهُ عَلَيْهِمَا
بِخِلَافِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ
السَّابِقِ انْتَهَتْ.
يَعْنِي: خَبَرَ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَنْ حَزِنَتْ
لِمَوْتِهِ) أَيْ مِمَّنْ شَأْنُهَا أَنْ تَحْزَنَ لَهُ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ.
[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]
(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ
(7/153)
إلَيْهِنَّ لِلسُّكْنَى إذْ لَوْ كَانَتْ
إضَافَةَ مِلْكٍ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ، وَلَوْ أَسْقَطَتْ
مُؤْنَةَ الْمَسْكَنِ عَنْ الزَّوْجِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ
الْمُصَنِّفُ لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ
لَاغٍ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ بِالْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ عَدَمَهَا
لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلِأُمِّ
وَلَدٍ عَتَقَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ (إلَّا نَاشِزَةً) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ
قَبْلَ طَلَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَمْ فِي
أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهَا لَا
سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَ حَقُّ
السُّكْنَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَفِي مُدَّةِ النُّشُوزِ
يَرْجِعُ عَلَيْهَا مُسْتَحِقُّ الْمَسْكَنِ بِأُجْرَتِهِ.
وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا
بِذَلِكَ وَإِلَّا صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ بِأَنْ
اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ فَلَا سُكْنَى لَهَا كَالنَّفَقَةِ
وَإِلَّا أَمَةً لَمْ تُسَلَّمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِلَّا مَنْ وَجَبَتْ
الْعِدَّةُ بِقَوْلِهَا بِأَنْ طَلُقَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالْإِصَابَةِ
وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَعَلَيْهَا
الْعِدَّةُ
(وَ) تَجِبُ سُكْنَى (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) أَيْضًا حَيْثُ وُجِدَتْ
تَرِكَةٌ وَتَقَدَّمَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ (فِي
الْأَظْهَرِ) " لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فُرَيْعَةَ " بِضَمِّ الْفَاءِ " بِنْتَ مَالِكٍ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ لَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى
يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا " صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ السُّكْنَى لِصِيَانَةِ مَائِهِ وَهِيَ
مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ
عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَبِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَسَقَطَتْ
إلَى الْمِيرَاثِ وَالسُّكْنَى حَقٌّ لَهُ تَعَالَى فَلَمْ تَسْقُطْ،
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا
لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ
قَطْعًا لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لِوُجُوبِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ فِي
الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ
بِطُلُوعِ فَجْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأُمِّ وَلَدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ
لِمُعْتَدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ
عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا
الزِّيَادِيُّ، وَقَوْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهَا: أَيْ الْمُعْتَدَّةِ
لِشُبْهَةٍ اهـ حَجّ.
قَالَ: وَأَمَّا الْوُجُوبُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فَفِيهِ نَظَرٌ،
وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ
الْمُلَازَمَةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ
قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت وَلَهَا الْخُرُوجُ إلَخْ حَيْثُ قَالَ
وَشُبْهَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَادَ حَقُّ السُّكْنَى) أَيْ مِنْ وَقْتِ
الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ) وَصُورَةُ ذَلِكَ
أَنْ تُعَدَّ بِسُكْنَاهَا غَاصِبَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا
الزَّوْجُ سَاكِنَةً وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِخُرُوجٍ وَلَا غَيْرِهِ
فَإِنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ اخْتِيَارًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ اهـ سم
عَلَى حَجّ.
وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً
لِلسُّكْنَى بِرِضَا الزَّوْجِ اُسْتُصْحِبَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ
عَلَى الْأَزْوَاجِ أَنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْبَيْتِ
بِسَبَبِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَغِيرَةً إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ
هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَوَّلَ الْعِدَدِ حَيْثُ
قَيَّدَ وُجُوبَ الْعِدَّةِ بِوَطْءِ الصَّغِيرِ بِتَهَيُّئِهِ لِلْوَطْءِ
وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ
بَيْنَ تَهَيُّئِهَا لِلْوَطْءِ وَعَدَمِهِ، لَكِنَّ تَقَدَّمَ عَنْ
شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وسم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ،
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّهَيُّؤِ لِلْوَطْءِ
إطَاقَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ التَّصْوِيرُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ
اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي عِدَّةِ
الطَّلَاقِ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ الْعِدَّةِ قَدْ يُوجَدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ
كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا
(قَوْلُهُ: وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ مَاتَ
زَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ
تَسْقُطْ الْعِدَّةُ عَنْهَا وَلَمْ تَرِثْ: أَيْ لِإِقْرَارِهَا.
قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ
بِالرَّجْعِيَّةِ، فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا
يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ.
قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ
بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا وَأَنَّهَا تَرِثُ
فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ
الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ الْإِبَانَة اِ هـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:
وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ) فِيهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ
يُخْرِجَ زَوْجَتَهُ مِنْ مِلْكِهَا لِمَحَلِّ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ:
أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ) يَعْنِي: لَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا
لَهُ
(7/154)
بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ،
لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيُّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ
إطْلَاقُ الْكِتَابِ هُنَا
(وَ) يَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (فَسْخٌ) بِعَيْبٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ
أَوْ رِضَاعٍ أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ
نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةِ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ
تَحْصِينًا لِلْمَاءِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ
كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اسْتِثْنَاءِ
النَّاشِزَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْفَسْخِ لِلْعِلْمِ مِمَّا
ذَكَرَهُ فِي الطَّلَاقِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا صَرَّحَ
بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِيمَنْ مَاتَ عَنْهَا نَاشِزًا، وَتَجِبُ
السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ كَمَا نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ
الْقَطْعُ بِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الزَّوْجُ إسْكَانَ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ
سُكْنَاهَا لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ حِفْظًا لِمَائِهِ وَيَقُومُ
وَارِثُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ وَارِثِهِ بَلْ
غَيْرُ الْوَارِثِ فِي ذَلِكَ كَالْوَارِثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ
تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: أَيْ حَيْثُ لَا رِيبَةَ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ
لُزُومِ إجَابَةِ أَجْنَبِيٍّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ أَوْ مُفْلِسٍ
بِخِلَافِ الْوَارِثِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلسُّكْنَى
حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلٌ لَهُ فَلَزِمَ الْقَبُولُ لِئَلَّا
يَتَعَطَّلَ وَبِأَنَّ حِفْظَ الْأَنْسَابِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ
الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ
كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَى الْمَيِّتِ،
فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ سُنَّ لِلْإِمَامِ إسْكَانُهَا مِنْ
بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اتِّهَامِهَا
بِرِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ
(وَ) إنَّمَا (تُسَكَّنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا بِخَطِّهِ: أَيْ
الْمُعْتَدَّةَ حَيْثُ وَجَبَ سُكْنَاهَا (فِي مَسْكَنٍ) مُسْتَحَقٍّ
لِلزَّوْجِ لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) بِمَوْتٍ
أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ فُرَيْعَةَ الْمَارَّيْنِ (وَلَيْسَ
لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ وَإِنْ
رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ حَيْثُ لَا عُذْرَ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ فِي
الْعِدَّةِ حَقًّا لَهُ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا
يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وَشَمِلَ كَلَامُهُ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ
صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ السُّكْنَى، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَتَسْقُطُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ
بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ إلَخْ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ السُّكْنَى
لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً لِحِفْظِ مَائِهِ كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا
عَائِدَةً فَاحْتِيطَ فِيهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ بِمِثْلِهِ فِي وُجُوبِ
النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ وَفَسْخٌ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ:
لَمْ تَجِبْ) كَأَنْ كَانَتْ نَاشِزَةً (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ)
وَهَلْ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مُبَاحٌ أَوْ مَسْنُونٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَيَنْبَغِي
أَنْ يُتَحَرَّى الْأَقْرَبَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ مَا
أَمْكَنَ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسَكَّنُ) وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا
وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ،
بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا
فِي صُلْبِ النِّكَاحِ اهـ أَيْ وَمِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ لِوَفَاةٍ إذَا
مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى فِي
أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا لِلْمَنْكُوحَةِ إذَا فَاتَ السُّكْنَى فِي
حَالَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ تُطَالِبْ بِهَا (قَوْلُهُ: كَانَتْ فِيهِ
عِنْدَ الْفُرْقَةِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤْنَةِ
التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ
هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ
هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ
عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَهَا فِي بَيْتٍ
مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تَقَدُّمُ
بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنٍ التَّجْهِيزِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ
وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةٍ يَوْمَ الْمَوْتِ فَقَطْ
لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَلَمْ يُزَاحِمْ
مُؤَنَ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ
مُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ
الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ، وَإِنْ صَحَّ تَنْزِيلُهُ عَلَى
مَسْأَلَةِ طَلَبِ الزَّوْجِ الْإِسْكَانَ الْمَذْكُورَةَ قُبَيْلَ هَذَا
إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا كَلَامُ
الرُّويَانِيِّ كَالْمَاوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ
وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَنْ الْمَيِّتِ) هَذَا
لَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنْ الِاسْتِشْكَالِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ
الْمَذْكُورِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ وَفَاءِ
الدَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ
إشْكَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَلْزَمُهَا إجَابَةُ الْأَجْنَبِيِّ
مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا
مُلَازَمَةُ مَا سَكَنَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامَهُ)
(7/155)
وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا
قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ
أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ
الْمَشْهُورُ، وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَلِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ
عَلَى الْمُطَلِّقِ الْخَلْوَةُ بِهَا فَضْلًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ
فَلَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ، لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ
وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لَهُ
أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ
(قُلْت: وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَشُبْهَةٍ وَنِكَاحٍ
فَاسِدٍ (وَكَذَا بَائِنٌ) وَمَفْسُوخٌ نِكَاحُهَا، وَضَابِطُهُ كُلُّ
مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا وَفَقَدَتْ مَنْ يَتَعَاطَى
حَاجَتَهَا لَهَا الْخُرُوجُ (فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَ) بَيْعٍ
أَوْ شِرَاءِ (غَزْلٍ وَنَحْوِهِ) كَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ لِحَاجَتِهَا
لِذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «طَلُقَتْ خَالَتِي
سَلْمَى فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُذَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ
تَخْرُجَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: جُذِّي عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» قَالَ
الشَّافِعِيُّ: وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ
وَالْجُذَاذُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا، وَرُدَّ ذَلِكَ فِي الْبَائِنِ،
وَيُقَاسُ بِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْوَاوُ فِي
كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ (وَكَذَا) لَهَا الْخُرُوجُ (لَيْلًا إلَى دَارِ
جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثِ وَنَحْوِهِمَا) لِلتَّأَنُّسِ (بِشَرْطِ أَنْ
تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ
وَالْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى «أَنَّ رِجَالًا
اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ، فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا، فَأَذِنَ
لَهُنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ
إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى
بَيْتِهَا» أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا
بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِالنَّفَقَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ
حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ
بِإِذْنِهِ، وَكَذَا لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا كَشِرَاءِ قُطْنٍ كَمَا
قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِنِ مَنْ يَقْضِي حَوَائِجَهَا
لَمْ تَخْرُجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيَجُوزُ الْخُرُوجُ لَيْلًا لِمَنْ
احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا نَهَارًا، وَالْأَشْبَهُ كَمَا
بَحَثَهُ ابْنُ شُهْبَةَ فِي الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّهَا الْعَادَةُ،
وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا أَمْنُهَا، وَيَظْهَرُ
أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ هُنَا الْمُلَاصِقُ أَوْ مُلَاصِقُهُ
وَنَحْوُهُ لَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ
(وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: قَالَ طَلُقَتْ خَالَتِي) أَيْ ثَلَاثًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ
قَوْلِ حَجّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا أَنْ تَخْرُجَ لِجَذَاذِ
نَخْلِهَا» وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَرَدَ ذَلِكَ
فِي الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُجَذَّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ مُخْتَارٌ
(قَوْلُهُ: لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا
مَنْ يُحَدِّثُهَا وَتَأْنِسُ بِهِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: بِشَرْطِ أَنْ لَا
يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَيُؤْنِسُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ
(قَوْلُهُ: وَتَبِيتُ فِي بَيْتِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا صِنَاعَةٌ
تَقْتَضِي خُرُوجَهَا بِاللَّيْلِ كَالْمُسَمَّاةِ بَيْنَ الْعَامَّةِ
بِالْعَالِمَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى
الْخُرُوجِ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ
(قَوْلُهُ: فَنَبِيتُ) أَيْ أَفَنَبِيتُ (قَوْلُهُ: تَأْوِي) أَيْ تَرْجِعُ
(قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ
بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ يُسْكِنُهَا حَيْثُ
شَاءَتْ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِنُهَا فِي
غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ لِأَنَّ
مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ
قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَسَامَحُوا فِيهِ لِعَدَمِ
الْمُفَارَقَةِ لِلْمَسْكَنِ بِالْمَرَّةِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ
عُرْفًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا
ذُكِرَ أَنَّهَا لَوْ احْتَاجَتْ لِلْخُرُوجِ لِغَيْرِ النَّفَقَةِ
كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَتَأَنُّسِهَا بِجَارَتِهَا لَيْلًا
جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْعَادَةُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
يَعْنِي: فِي مَسْأَلَةِ الْإِخْرَاجِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ
التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ
الْآيَةِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْآيَةِ
إنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْحُكْمِ لَا الْأَوْلَوِيَّةِ
(قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهَا لِذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي
الْمَتْنِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَلَيْسَ عِلَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ
لَمْ يُعْطَفْ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُخَرَّجُ
إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ أَوْ لِضَرُورَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ:
وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ وَهِيَ بَائِنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ
لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا
عَنْ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُخَرَّجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ أَوْ
بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ
(7/156)
أَوْ غَرَقٍ) عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ
مَالِهَا وَإِنْ قَلَّ أَوْ اخْتِصَاصِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ عَلَى
نَفْسِهَا) مِنْ فُسَّاقٍ لِجِوَارِهَا، فَقَدْ أَرْخَصَ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الِانْتِقَالِ حَيْثُ
كَانَتْ فِي مَكَان مُخِيفٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (أَوْ تَأَذَّتْ
بِالْجِيرَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (أَوْ) تَأَذَّوْا (هُمْ بِهَا أَذًى
شَدِيدًا) لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}
[الطلاق: 1] بِالْبَذَاءَةِ عَلَى الْأَحْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَفِي
رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ كَانَتْ تَبْذُو
عَلَى أَحْمَائِهَا فَنَقَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .
وَمَا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ
سَبْقُ قَلَمٍ، وَحَيْثُ نُقِلَتْ سَكَنَتْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَى
الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ
الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الزَّوْجَ يُحْصِنُهَا
حَيْثُ رَضِيَ لَا حَيْثُ شَاءَتْ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ الْأَذَى
بِالشَّدِيدِ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْقَلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا
يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ
الزَّوْجِ.
نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ
ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ
لَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِدَارِ أَبَوَيْهَا وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ
نُقِلُوا دُونَهَا لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِدَارِ أَبَوَيْهَا كَمَا قَالَاهُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ
دُونَهَا، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا
وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ إذْ الْوَحْشَةُ لَا
تَطُولُ بَيْنَهُمْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا
إذَا كَانَ تَأَذِّيهمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ تَتَعَدَّ هِيَ بِهِ وَإِلَّا
أُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا الِانْتِقَالُ
حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَخْتَصُّ الْخُرُوجُ بِمَا ذُكِرَ
بَلْ لَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ فِي دَعْوَى خَرَجَتْ لَهُ إنْ
كَانَتْ بَرْزَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي
مَسْكَنِهَا بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ لَهَا أَوْ يَبْعَثَ نَائِبَهُ
إلَيْهَا أَوْ لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ مِنْهَا
لِدَارِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا
مِمَّا مَرَّ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى تَعْتَدَّ، أَوْ زَنَتْ
الْمُعْتَدَّةُ وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى
انْقِضَائِهَا، وَلَا تُعَذَّرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ
وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ إسْلَامٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
يَنْبَغِي الْغَالِبَةُ، حَتَّى لَوْ اُعْتِيدَ الْحَدِيثُ جَمِيعَ
اللَّيْلِ فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَادَةِ اهـ
سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهَا) وَمِثْلُ مَالِهَا مَالُ غَيْرِهَا اهـ حَجّ.
وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَالِهَا بِجَعْلِ
الْإِضَافَةِ لِمُجَرَّدِ أَنَّ لَهَا يَدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ
اخْتِصَاصِهَا) كَذَلِكَ اهـ حَجّ.
قَالَ سم عَلَيْهِ: قَوْلُهُ كَذَلِكَ إطْلَاقُ الْقِلَّةِ هُنَا فِيهِ
نَظَرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلْخَوْفِ عَلَى كَفٍّ مِنْ
سِرْجِينٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ قَوْلُهُ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ
أَيْضًا وَإِنْ قَلَّ فَتَأَمَّلْ اهـ.
وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ إسْقَاطِ الشَّارِحِ لِهَذَا التَّشْبِيهِ
(قَوْلُهُ: إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ) عِبَارَةُ حَجّ: ابْنِ أُمِّ
مَكْتُومٍ.
ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَذَتْ
عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحْمَاءِ، وَقَوْلُهُ نُقِلُوا دُونَهَا أَيْ
الْأَحْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: فَلَا نَقْلَ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ
بَرْزَةً) أَيْ كَثِيرَةَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْضُرَ
الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ
الْإِسْلَامِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَاهَا
فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَتْ فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ أَنْ
تَسْكُنَ هُنَا فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ يَلِي بِلَادَ الْحَرْبِ مِنْ بِلَادِ
الْإِسْلَامِ حَيْثُ أَمِنَتْ فِيهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ
أَمِنَتْ فِي مَحَلٍّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ
وَجَبَ اعْتِدَادُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَتَعْجِيلُ حَجَّةِ إسْلَامٍ)
خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ) لَعَلَّهُ مَعَ اعْتِبَارِ
الْقُرْبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً)
اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً،
فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ هِيَ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ
مَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ هِيَ وَلَا هُمْ
فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ:
وَبَذَّتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ
أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ هَذَا:
وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ السُّكْنَى مُسْتَحَقَّةً لَهَا
فَالْخِيَرَةُ فِي النَّقْلِ إلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْمَالِكِ
مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: يُنَافِي هَذَا الْحَمْلَ مَا فُسِّرَتْ بِهِ
الْآيَةُ السَّابِقَةُ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا مَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ
(7/157)
الْمُعَدَّةِ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ
الْمُهِمَّاتِ
(وَلَوْ) (انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ) فِي الْبَلَدِ (بِإِذْنِ الزَّوْجِ
فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ) فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ
أَوْ مَوْتٍ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ) أَيْ الْمَسْكَنِ (اعْتَدَّتْ
فِيهِ) لَا فِي الْأَوَّلِ (عَلَى النَّصِّ) فِي الْأُمِّ لِأَنَّهَا
مَأْمُورَةٌ بِالْمَقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ
تَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي
الثَّانِي، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ
الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا فَتَعْتَدُّ فِيهِ جَزْمًا وَالْعِبْرَةُ فِي
النَّقْلَةِ بِبَدَنِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ وَالْخَدَمَ
وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ عَادَتْ لِنَقْلِ مَتَاعِهَا
أَوْ خَدَمِهَا فَطَلَّقَهَا فِيهِ اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي (أَوْ)
انْتَقَلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ
الْعِدَّةُ وَلَوْ بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا
فِي الْمَقَامِ فِيهِ (فَفِي الْأَوَّلِ) يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ وَإِنْ
لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا
بِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ فِي
الْمَقَامِ فِيهِ كَانَ كَالنَّقْلَةِ بِإِذْنِهِ (وَكَذَا) تَعْتَدُّ
أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ (لَوْ أَذِنَ) لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْهُ
(ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا (قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ وَإِنْ بَعَثَتْ
أَمْتِعَتَهَا وَخَدَمَهَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَنْزِلُ الَّذِي
وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ (وَلَوْ أَذِنَ) لَهَا (فِي الِانْتِقَالِ إلَى
بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ) فِيمَا ذُكِرَ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ
مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُتَّجَهُ
اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (أَوْ) أَذِنَ لَهَا فِي (سَفَرِ حَجٍّ)
أَوْ عِمَارَةٍ (أَوْ تِجَارَةٍ) أَوْ اسْتِحْلَالِ مَظْلِمَةٍ أَوْ
نَحْوِهَا (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (فِي) أَثْنَاءِ
(الطَّرِيقِ) (فَلَهَا الرُّجُوعُ) إلَى الْأَوَّلِ (وَالْمُضِيُّ) فِي
السَّفَرِ لِأَنَّ فِي قَطْعِهَا عَنْ السَّفَرِ مَشَقَّةً لَا سِيَّمَا
إذَا بَعُدَتْ عَنْ الْبَلَدِ وَخَافَتْ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ،
وَالْأَفْضَلُ لَهَا الرُّجُوعُ لِتَعْتَدَّ فِي مَنْزِلِهَا كَمَا
نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ
فِي سَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِالطَّرِيقِ مَا لَوْ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ
مِنْ الْمَنْزِلِ فَلَا تَخْرُجُ قَطْعًا، وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ
وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ فَيَجِبُ الْعَوْدُ فِي الْأَصَحِّ
عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إذْ لَمْ تُشْرِعْ فِي
السَّفَرِ (فَإِنْ مَضَتْ) لِمَقْصِدِهَا وَبَلَغَتْهُ (أَقَامَتْ) فِيهِ
(لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ
وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا شَمِلَهُ
كَلَامُهُمْ، وَأَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ
أَيَّامٍ امْتَنَعَ عَلَيْهَا اسْتِكْمَالُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي
زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَبِهِ قُطِعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ اقْتَضَى
كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهَا
(يَجِبُ الرُّجُوعُ) حَالًا (لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ) مِنْهَا (فِي
الْمَسْكَنِ) الَّذِي فَارَقَتْهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ لَمْ تَمْضِ اعْتَدَّتْ الْبَقِيَّةَ فِي مَسْكَنِهَا، وَسَوَاءٌ
فِي وُجُوبِ رُجُوعِهَا أَدْرَكَتْ شَيْئًا مِنْهَا فِيهِ أَمْ كَانَتْ
تَنْقَضِي فِي الرُّجُوعِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لِعَدَمِ
إذْنِهِ فِي إقَامَتِهَا وَعَوْدُهَا مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَتِهِ،
أَمَّا سَفَرُهَا لِنُزْهَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ، أَوْ سَافَرَ بِهَا الزَّوْجُ
لِحَاجَتِهِ فَلَا تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ ثُمَّ
تَعُودُ، فَإِنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً فِي نَقْلِهِ أَوْ سَفَرِ حَاجَةٍ
أَوْ فِي غَيْرِهِ كَاعْتِكَافٍ اسْتَوْفَتْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي وَقْتِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَخْبَرَهَا طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا إنْ
أَخَّرَتْ عَضَبَتْ فَتَخْرُجُ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ
خُرُوجِهَا لِلْحَاجَةِ الْمَارَّةِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ:
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ
إنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَضَبَتْ هَلْ تُقَدِّمُ
الْحَجَّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الرَّبِّ الْمَحْضِ وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ
نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا
فَحَصَلَ الْفَوْتُ فِيهِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ
(قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا) أَيْ إلَى الثَّانِي
(قَوْلُهُ: مَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِلظُّلْمِ، أَمَّا
بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا ظُلِمَ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى
(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَجَبَتْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ
وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ
اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهَا
تُكْمِلُهَا (قَوْلُهُ: وَعَوْدُهَا) أَيْ بَلْ وَفِيهِ قُرْبٌ مِنْ
الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ حَقُّهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَا
تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ) وَهِيَ أَرْبَعَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لَهَا الرُّجُوعُ) هَذَا شَامِلٌ كَمَا تَرَى
لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لِاسْتِحْلَالٍ أَوْ لِحَجٍّ وَلَوْ مَضِيقًا
وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ مَعَ
عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُضِيِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا
لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ إلَخْ.) كَانَ الْمُرَادُ
(7/158)
وَعَادَتْ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ وَإِنْ
انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ كَمَا مَرَّ وَتَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ بِغَيْرِ
عُذْرٍ كَخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ وَعَدَمِ رُفْقَةٍ، وَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ
سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً
وَلَا إقَامَةً وَلَا رُجُوعًا حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النُّقْلَةِ كَمَا
قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ
قِرَانٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ وَخَافَتْ
فَوْتَهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ خَرَجَتْ وُجُوبًا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ
لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَمِنَتْ الْفَوَاتَ لَسَعَةِ الْوَقْتِ
جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ لِمَا فِي تَعْيِينِ التَّأْخِيرِ مِنْ
مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا
أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَهُ وَقَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَلَدِ بَطَلَ
الْإِذْنُ فَلَا تُسَافِرُ، فَإِنْ أَحْرَمَتْ لَمْ تَخْرُجْ قَبْلَ
انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ، فَإِذَا انْقَضَتْ
عِدَّتُهَا أَتَمَّتْ نُسُكَهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ
بِأَعْمَالِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ
(وَلَوْ) (خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ) لَهَا
لِلسُّكْنَى فِيهَا (فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت لَك) فِي الْخُرُوجِ
وَادَّعَتْ هِيَ بِإِذْنِهِ فِيهِ (صُدِّقَ) هُوَ وَكَذَا وَارِثُهُ
(بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا
الرُّجُوعُ حَالًا إلَى الْمَأْلُوفَةِ، فَإِنْ وَافَقَهَا عَلَى الْإِذْنِ
فِي الْخُرُوجِ لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي
إذْنِهِ فِي الْخُرُوجِ لِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمَأْلُوفَةِ كَالدَّارِ
(وَلَوْ قَالَتْ نَقَلْتَنِي) أَيْ أَذِنْت لِي فِي النَّقْلَةِ إلَى
مَحَلِّ كَذَا فَالْعِدَّةُ فِيهِ (فَقَالَ) لَهَا (بَلْ أَذِنْت) لَك فِي
الْخُرُوجِ إلَيْهِ (لِحَاجَةِ) عَيْنِهَا فَتَلْزَمُك الْعِدَّةُ فِي
الْأَوَّلِ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ
بِقَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ
الْإِذْنِ، فَكَذَا فِي صِفَتِهِ وَمُقَابِلُهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا
لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا بِكَوْنِهَا فِي الثَّانِي وَلِأَنَّهَا
تَدَّعِي سَفَرًا وَاحِدًا وَهُوَ يَدَّعِي سَفَرَيْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ
الثَّانِي، وَهُمَا قَوْلَانِ مَحْكِيَّانِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ هِيَ
وَوَارِثُ الزَّوْجِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ، وَالْمَذْهَبُ
تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي
يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَرُجِّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ دُونَ
الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا
وَلِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ
(وَمَنْزِلُ بَدَوِيَّةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ نِسْبَةً لِسُكَّانِ
الْبَادِيَةِ وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ كَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ
(وَبَيْتُهَا مِنْ) نَحْوِ (شَعْرٍ) كَصُوفٍ (كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فِي
لُزُومِ مُلَازَمَتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَائِهَا
كُلُّ الْحَيِّ ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ بَعْضُهُمْ وَفِي
الْمُقِيمِينَ قُوَّةٌ وَمَنْعَةٌ امْتَنَعَ ارْتِحَالُهَا وَإِنْ
ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ خُيِّرَتْ
بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ
عُسْرَةٌ مُوحِشَةٌ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْبَدْوِيَّةُ
الْحَضَرِيَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا لَوْ ارْتَحَلُوا لَمْ تَرْتَحِلْ
مَعَهُمْ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَقَوْلُ
الْبُلْقِينِيِّ: مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَفَّى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى
سَفَرِ النُّقْلَةِ) أَيْ فَتَعْتَدُّ فِيمَا سَافَرَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ:
وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسَافِرُ)
أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا) أَيْ بَلْ تُقِيمُ لِتَمَامِ
قَضَاءِ مَا خَرَجَتْ إلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ
عَبْدِ الْحَقِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لَا
لِحَاجَةٍ كَالْخُرُوجِ لِلنُّزْهَةِ هَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ حَالًا أَمْ
لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا
سَفَرٌ لَهُ مُدَّةٌ تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ
هُوَ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدَّعِي سَفَرَيْنِ) أَيْ
ذَهَابَهَا وَعَوْدَهَا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ) أَيْ إذْ الْقِيَاسُ بَادِيَةٌ
بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى "
قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ " بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ تُسْكَنُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ:
فَإِنَّ أَهْلَهَا) أَيْ الْحَضَرِيَّةِ وَقَوْلُهُ لَوْ ارْتَحَلُوا
لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ ارْتَحَلُوا أَنَّهُ ارْتَحَلَ
بَعْضُهُمْ وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي جَوَازُ
الِارْتِحَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ تُفَارِقْ الْعُمْرَانَ
تَعْتَدُّ فِي الْمَنْزِلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَا فِي تَعْيِينِ
التَّأْخِيرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ
فِي الْحَجِّ وَالْقِرَانِ اللَّذَيْنِ الْكَلَامُ فِيهِمَا كَمَا لَا
يَخْفَى، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنْ ذَاكَ
جَعَلَ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ
فَصَحَّ لَهُ ذَلِكَ، وَانْظُرْ لِمَ قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْحَجِّ أَوْ
الْقِرَانِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَفَرَيْنِ) يَعْنِي: الذَّهَابَ
وَالْإِيَابَ
(قَوْلُهُ: نِسْبَةً لِسُكَّانِ الْبَادِيَةِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ:
نِسْبَةً لِسَاكِنِ الْبَادِيَةِ
(7/159)
عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْبَائِنِ
بِالطَّلَاقِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِمُطَلِّقِهَا طَلَبُ إقَامَتِهَا
إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ
تَوَقُّفٌ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ
أَنْ يُسْكِنَ الرَّجْعِيَّةَ حَيْثُ شَاءَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا
كَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَهَا فِي
حَالَةِ ارْتِحَالِهَا مَعَهُمْ الْإِقَامَةُ مُتَخَلِّفَةً دُونَهُمْ فِي
نَحْوِ قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ
الْمُعْتَدَّةِ مِنْ سَيْرِهَا، وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ
عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْهَرَبُ لَعَوْدِهِمْ بَعْدَ
أَمْنِهِمْ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْبَدْوِيَّةِ بِالْحَضَرِيَّةِ مَجِيءُ
مَا مَرَّ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ
بَيْتٍ فِي الْحِلَّةِ إلَى آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَصِلْ
إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ، أَوْ
أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ تِلْكَ الْحِلَّةِ إلَى حِلَّةٍ
أُخْرَى فَوُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ بَيْنَ
الْحِلَّتَيْنِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهِ وَقَبْلَ
مُفَارَقَةِ حِلَّتِهَا فَهَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ عَلَى التَّفْصِيلِ
السَّابِقِ فِي الْحَضَرِيَّةِ، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ
جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ وَكَانَ
مَسْكَنُهَا السَّفِينَةَ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ
مُطَلِّقِهَا بِمَسْكَنٍ بِمَرَافِقِهِ فِيهَا لِاتِّسَاعِهَا مَعَ
اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ لِأَنَّ ذَلِكَ
كَبَيْتٍ مِنْ خَانٍ وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَحِبَهَا
مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَخْرَجَ
الزَّوْجَ مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا.
وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مُتَّصِفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ
الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهَا
تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا) (كَانَ
الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا) بِأَنْ يَسْكُنَ مِثْلُهَا
فِي مِثْلِهِ (تَعَيَّنَ) اسْتَدَامَتْهَا فِيهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ
إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ رَهْنَهُ
عَلَى دَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ طَلَاقِهَا
وَتَعَيَّنَ بَيْعُهُ فِي وَفَائِهِ جَازَ وَنُقِلَتْ إنْ لَمْ يَرْضَ
الْمُشْتَرِي بِإِقَامَتِهَا فِيهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ
الْأَذْرَعِيُّ، وَأَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ بِهَا فَلَا يُكَلِّفُهُ
كَالزَّوْجَةِ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ اللَّائِقِ بِهَا فِي الْمَسْكَنِ لَا بِهِ كَمَا
فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يُرَاعِي حَالَ
الزَّوْجَةِ لَا حَالَ الزَّوْجِ مُعْتَرَضٌ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ
لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مَا لَمْ
تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَيْثُ كَانَتْ بِأَقْرَاءٍ أَوْ حَمْلٍ لِأَنَّ
الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَآخِرُ الْمُدَّةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ (إلَّا
فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَصِحُّ
فِي الْأَظْهَرِ.
(وَقِيلَ) بَيْعُ مَسْكَنِهَا (بَاطِلٌ) أَيْ قَطْعًا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ
الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَا تَمْلِكُهَا
فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ
لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ
حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ هِيَ الْمُسْتَأْجَرَةُ وَإِلَّا صَحَّ
جَزْمًا (أَوْ) كَانَ (مُسْتَعَارًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لَهَا إذَا ارْتَحَلَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا
كَغَيْرِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةِ
(قَوْلُهُ السَّابِقُ فِي الْحَضَرِيَّةِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ
لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَارُبِ الْحِلَلِ جِدًّا أَوْ تَبَاعُدُهَا وَأَنَّ
الْمَدَارَ عَلَى وُصُولِهَا إلَى حَدٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لَوْ
قَصَدَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ الزَّوْجَ) أَيْ وَهَلْ
تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى تَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ
نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ) أَيْ أَخْذًا
مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ)
مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ) أَيْ بَيْنَ حَالِ
الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي اعْتِبَارِ حَالِهَا.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّةَ
مَعْلُومَةٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ هَلْ يَتَبَيَّنُ
بُطْلَانُهُ لِصَيْرُورَتِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ لَا،
وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا
يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي:
ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ) الضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلزَّوْجِ
(قَوْلُهُ: مِلْكًا) إنَّمَا قَيَّدَ الْمَتْنَ بِهِ لِأَنَّهُ فَرْضُ
كَلَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ
كَوْنُهُ مُسْتَحَقًّا لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ
نَظَرًا إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْ
الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ بِأُجْرَةِ
الْمَثَلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ
الْمُعْتَدَّةُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَالْكَلَامُ فِي
صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِهَا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُعْتَدَّةِ بِهِ
كَالْمُسْتَأْجَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا) أَيْ
وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ
(7/160)
لَزِمَتْهَا) الْعِدَّةُ (فِيهِ) لِأَنَّ
السُّكْنَى ثَابِتَةٌ فِي الْمُسْتَعَارِ كَالْمَمْلُوكِ فَشَمِلَتْهَا
الْآيَةُ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ نَقْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى
بِذَلِكَ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ) فِيهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ)
لِمِثْلِ مَسْكَنِهَا بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ
إجَارَتِهِ (نُقِلَتْ) إلَى أَقْرَبِ مَا يُوجَدُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ
امْتِنَاعَ النَّقْلِ مَعَ رِضَاهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُجْبَرُ
الزَّوْجُ عَلَى بَذْلِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي
وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ قَدَرَ
عَلَى مَسْكَنٍ مَجَّانًا بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا،
وَخُرُوجُ الْمُعِيرِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ بِجُنُونٍ وَسَفَهٍ
أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ كَرُجُوعِهِ.
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ
قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا
وَعَلِمَ بِالْحَالِ لَزِمَتْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَلْزَمُ فِي
نَحْوِ دَفْنِ مَيِّتٍ.
وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ لُزُومِهَا فِي نَحْوِ الْإِعَارَةِ
لِلْبِنَاءِ وَعَدَمِهَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرُورَةَ
فِي انْتِقَالِهَا هُنَا لَوْ رَجَعَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْهَدْمِ ثَمَّ
فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا.
وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ الْمُعْتَدَّةَ
مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا
تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ، فَدَعْوَى تَصْرِيحِهِمْ بِمَا قَالَهُ
فِي الْمَطْلَبِ خَلْطٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعِيرَ الرَّاجِعَ لَوْ
رَضِيَ بِسُكْنَاهَا إعَارَةً بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمُعَارٍ أَوْ
مُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ
آمِنَةٍ مِنْ رُجُوعِهِ بَعْدُ (وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ)
فَلْتَنْتَقِلْ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَجْدِيدِ إجَارَةٍ
بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ فَلَا تَنْتَقِلُ،
وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرِ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةً
وَانْقَضَتْ (أَوْ) لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ وَهِيَ بِمَسْكَنٍ مُسْتَحَقٍّ
(لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ وُجُوبًا إنْ تَطَلَّبَ النَّقْلَةَ لِغَيْرِهِ
وَإِلَّا فَجَوَازًا (وَ) إذَا اخْتَارَتْ الْإِقَامَةَ فِيهِ (طَلَبَتْ
الْأُجْرَةَ) مِنْهُ أَوْ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ شَاءَتْ لِأَنَّ السُّكْنَى
عَلَيْهِ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةً قَبْلَ طَلَبِهَا سَقَطَتْ كَمَا لَوْ
سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى
النَّصِّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ.
وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَنْزِلُ
عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
فَإِنْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ لَمْ
تَنْفَسِخْ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ
مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ)
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ
مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ أُجْرَةً حَيْثُ
أُجِيبَ الزَّوْجُ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الرَّضَاعِ عَلَى الْقِيَامِ
بِأَمْرِ الْوَلَدِ وَقَدْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ، وَالْمَدَارُ هُنَا
عَلَى صِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ مَعَ مُرَاعَاةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
فِي الْأُمِّ بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَالِ
اسْتِحْقَاقٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ يَسْتَحِقُّهُ
الزَّوْجُ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَوْ مَشْرُوطًا لِنَحْوِ
الْإِمَامِ وَكَانَ إمَامًا (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا) أَيْ وَحْدَهَا
فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ مَنْزِلِهَا مَنْزِلُ أَهْلِهَا
بِإِذْنِهِمْ، وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَذْكُورُ هُنَا، وَإِلَّا فَفِيهِ أَصْلُ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ
الْمُسْتَأْجَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ.) عِبَارَةُ
الْأَذْرَعِيِّ: قَطَعُوا بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَمْ
يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْعِدَّةِ أَوْ
بَعْدَهَا، وَعَلِمَ الْمُعِيرُ بِالْحَالِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعَارَ بَعْدَ
وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعِلْمُهُ بِالْحَالِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي
الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُلَازَمَةِ
الْمَسْكَنِ كَمَا تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ
وَغَيْرِهِ وَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ، وَتَعَرَّضَ فِي الْبَحْرِ لِذَلِكَ
فَقَالَ: إنْ قِيلَ: الْعَارِيَّةُ تَلْزَمُ إذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ
لِوَضْعِ الْجُذُوعِ فَهَلَّا قِيلَ: كَذَلِكَ.
وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرَرَ فِي انْتِقَالِ
الْمُعْتَدَّةِ وَفِي نَقْلِ الْبِنَاءِ وَالْجُذُوعِ إفْسَادٌ وَهَدْمٌ
وَضَرَرٌ. اهـ. انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ؟ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا
فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ، فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ ابْنِ
الرِّفْعَةِ الْجَزْمُ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي
كَلَامِهِ مُجَرَّدَ تَجْوِيزٍ، وَأَوْهَمَ أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ
مَبْنِيٌّ عَلَى صَحِيحٍ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ
الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ:
فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا) أَيْ فَيُقَالُ بِمِثْلِ مَا فَرَّقَ بِهِ
الرُّويَانِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ
فِي قِيَاسِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا هُنَا عَلَى الْإِعَارَةِ لِدَفْنِ
الْمَيِّتِ وَالرَّهْنِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ
(7/161)
أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَهَا فِي
السُّكْنَى، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُطْلَقَةَ
التَّصَرُّفِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ
لَمْ تَتَمَيَّزْ أَمْتِعَتُهُ بِمَحَلٍّ مِنْهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ
أُجْرَتُهُ فَلَمْ تُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِبَاحَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ
كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ
(فَإِنْ) (كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا) لَا يَلِيقُ بِهَا (فَلَهُ
النَّقْلُ) لَهَا مِنْهُ (إلَى) مَسْكَنٍ آخَرَ (لَائِقٍ بِهَا) لِأَنَّ
ذَلِكَ النَّفِيسَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ صَالِحٍ
إلَيْهِ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ
قِيَاسُ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَتَقْلِيلًا لِزَمَنِ الْخُرُوجِ مَا أَمْكَنَ
وَإِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى النَّدْبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ
الْحَقُّ (أَوْ) كَانَ (خَسِيسًا) غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا (فَلَهَا
الِامْتِنَاعُ) لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهَا
(وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) أَيْ دُخُولُ مَحَلٍّ
هِيَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْمُسَاكَنَةِ مَعَ
انْتِفَاءِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ
أَعْمَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَرَضِيَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ
يَجُرُّ لِلْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِهَا، وَالْكَلَامُ هُنَا حَيْثُ
لَمْ يَزِدْ مَسْكَنُهَا عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا سَيُذْكَرُ فِي
الدَّارِ وَالْحُجْرَةِ وَالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ (فَإِنْ كَانَ فِي
الدَّارِ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا سِوَى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ (مَحْرَمٌ لَهَا)
بَصِيرٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (مُمَيِّزٌ) بِأَنْ كَانَ يَحْتَشِمُ
وَيَمْنَعُ وُجُودُهُ وُقُوعَ خَلْوَةٍ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ
الْغَالِبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ
مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ
فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَظِنَّةِ عَدَمِ الْخَلْوَةِ وَلَا
تَحْصُلُ إلَّا حِينَئِذٍ (ذَكَرٌ) أَوْ أُنْثَى، وَحَذْفُهُ لِلْعِلْمِ
بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ بِالْأَوْلَى (أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ)
مُمَيِّزٌ بَصِيرٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى)
كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ) أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَكُلٌّ
مِنْهُنَّ ثِقَةٌ يَحْتَشِمُهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ وُجُودُهَا وُقُوعَ
فَاحِشَةٍ بِحَضْرَتِهَا وَكَالْأَجْنَبِيَّةِ مَمْسُوحٌ أَوْ عَبْدُهَا
بِشَرْطِ التَّمْيِيزِ وَالْبَصَرِ وَالْعَدَالَةِ.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ مُلْحَقٌ بِالْبَصِيرِ حَيْثُ
أَدَّتْ فِطْنَتُهُ لِمَنْعِ وُقُوعِ رِيبَةٍ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِنْ
الْمُمَيِّزِ السَّابِقِ (جَازَ) مَعَ كَرَاهَةِ كُلٍّ مِنْ مُسَاكَنَتِهَا
إنْ وَسِعَتْهُمَا الدَّارُ وَإِلَّا وَجَبَ انْتِقَالُهَا
وَمُدَاخَلَتِهَا إنْ كَانَتْ ثِقَةً لِلْأَمْنِ مِنْ الْمَحْذُورِ
حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا
حَلَّتْ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا،
بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِمَا فِي وُقُوعِ فَاحِشَةٍ مِنْ امْرَأَةٍ بِحُضُورِ
مِثْلِهَا مِنْ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا تَحْتَشِمُهَا وَلَا كَذَلِكَ
الرَّجُلُ مَعَ مِثْلِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ خَلْوَةِ رَجُلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهَا وَلَا مِنْهُمْ فَتَلْزَمُهُمْ الْأُجْرَةُ
حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ سَفِينَةً وَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا وَهُوَ
سَاكِتٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمَرْكَبِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى
الْمَنْفَعَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّمِيرِيِّ فِي مَنْظُومَتِهِ حَيْثُ
قَالَ:
أَمَّا إذَا أَقَامَ وَهِيَ سَاكِتَهْ ... فَأُجْرَةُ النِّصْفِ عَلَيْهِ
ثَابِتَهْ
فِي مَوْضِعٍ شَارَكَ فِيهِ المالكة ... وَأُجْرَةُ الْعَارِي عَلَى
الْمُشَارَكَة
كَحُجْرَةٍ مِفْتَاحُهَا بِهِ انْفَرِدْ ... فَفِيهِ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ لَا
تُرَدْ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) تَمَيَّزَتْ
أَمْتِعَتُهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) يُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ
لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ إلَيْهَا لِيَمْنَعَ
مِنْ خَلْوَتِهَا بِالزَّوْجِ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ
فِيهَا وَامْتَنَعَ مِنْ دَوَامِ السُّكْنَى إلَّا بِأُجْرَةٍ لَهُ عَلَى
مُكْثِهِ لِيَمْنَعَ الْخَلْوَةَ لَمْ يَجِبْ أَيْضًا (قَوْلُهُ
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي
ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعٌ) عِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْهُ
يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ خَلْوَةٌ إلَخْ، وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ
قَوْلَهُ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ نَظَرَ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
مَا فِي حَوَاشِي الْفِقْهِ لسم (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا
إلَخْ.) هَذَا لَيْسَ قَيْدًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَكَأَنَّهُ
إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَمَتَى وُجِدَ
الْإِذْنُ فَلَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي
بَابِ الْإِجَارَةِ
(قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ
مِنْ التَّنَاقُضِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ
عِبَارَةُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ إلَخْ. أَيْ فَالتَّنَاقُضُ
الْمُتَوَهَّمُ وَاقِعٌ بَيْنَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَبَيْنَ عِبَارَةِ
الرَّوْضَةِ، وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوهِمُ
تَنَاقُضًا، فَالصَّوَابُ إبْدَالُ
(7/162)
بِمُرْدٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ بَلْ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَمْتَنِعُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِغَيْرِ ثِقَاتٍ وَإِنْ
كَثُرْنَ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ) وَهِيَ كُلِّ بِنَاءٍ
مُحَوَّطٍ أَوْ نَحْوِهَا كَطَبَقَةٍ (فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ
الزَّوْجَيْنِ (وَ) سَكَنَ (الْآخَرُ) الْحُجْرَةَ (الْأُخْرَى) مِنْ
الدَّارِ (فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ) لَهَا وَهِيَ مَا يَرْتَفِقُ
بِهِ فِيهَا (كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمَصَبِّ مَاءٍ وَمَرْقَى سَطْحٍ
وَنَحْوِ ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ.
وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي حُجْرَتَيْنِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي
الدَّارِ إلَّا الْبَيْتُ وَصُفَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ
يُسَاكِنَهَا وَلَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ
الْمَسْكَنِ بِمَوْضِعِ نَعَمْ إنْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا حَائِلُ وَبَقِيَ
لَهَا مَا يَلِيقُ بِهَا سُكْنَى جَازَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَتَّحِدْ
الْمَرَافِقُ بَلْ اخْتَصَّتْ كُلٌّ مِنْ الْحُجْرَتَيْنِ بِمَرَافِقَ
(فَلَا) يُشْتَرَطُ نَحْوُ مَحْرَمٍ إذْ لَا خَلْوَةَ (وَ) لَكِنْ
(يَنْبَغِي) أَنْ يُشْتَرَطَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ
فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْبَغَوِيّ (أَنْ يُغْلَقَ) قَالَ
الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ: وَيُسَمَّرُ (مَا
بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ) وَأَوْلَى مِنْ إغْلَاقِهِ سَدُّهُ وَ (أَنْ لَا
يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا) يَمُرُّ بِهِ (عَلَى الْأُخْرَى) حَذَرًا
مِنْ وُقُوعِ خَلْوَةٍ (وَسُفْلٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ وَيَجُوزُ
كَسْرِهِ (وَعُلُوٍّ) بِضَمِّ أَوَّله بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهُ
وَكَسْرُهُ (كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَالْأَوْلَى أَنْ
تَكُونَ فِي الْعُلُوِّ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا
قَالَهُ فِي التَّجْرِيدِ.
بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ.
وَشَرْعًا تَرَبُّصٌ بِمَنْ فِيهَا رِقٌّ مُدَّةً عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ
مِمَّا يَأْتِي لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ،
سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَقْدِيرِهِ بِأَقَلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ،
كَمَا سُمِّيَ مَا مَرَّ بِالْعِدَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ
وَلِتَشَارُكِهِمَا فِي أَصْلِ الْبَرَاءَةِ ذُيِّلَتْ بِهِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْأَخْبَارِ وَغَيْرِهِ (يَجِبُ)
الِاسْتِبْرَاءُ لِحِلِّ التَّمَتُّعِ أَوْ التَّزْوِيجِ كَمَا يُعْلَمُ
مِمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الشَّارِحُ لِلْمَعْنَى لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ
الْحِلِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَحِلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمُرْدٍ)
ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرْنَ) وَفِي
التَّوَسُّطِ عَنْ الْقَفَّالِ لَوْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ الْمَسْجِدَ عَلَى
رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ خَلْوَةً لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ كُلُّ أَحَدٍ اهـ حَجّ.
وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ لَا يَنْقَطِعُ
طَارِقُوهُ عَادَةً، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقُ أَوْ غَيْرُهُ
الْمَطْرُوقُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مَطْرُوقًا كَذَلِكَ اهـ حَجّ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْخَلْوَةِ عَلَى اجْتِمَاعٍ لَا
تُؤْمَنُ مَعَهُ الرِّيبَةُ عَادَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَ
بِانْتِفَائِهَا فِي الْعَادَةِ فَلَا يُعَدُّ خَلْوَةً (قَوْلُهُ: يَمُرُّ
بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلُوٌّ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ:
وَعُلُوُّ الدَّارِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا ضِدُّ سُفْلِهَا بِضَمِّ
السِّينِ وَكَسْرِهَا اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ، وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: وَعُلُوُّ
الشَّيْءِ مُثَلَّثُهُ اهـ. |