نهاية
المحتاج إلى شرح المنهاج كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ خَتَمَ
الْمُصَنِّفُ كِتَابَهُ بِأَبْوَابِ الْعِتْقِ رَجَاءَ أَنْ يُعْتِقَهُ
اللَّهُ مِنْ النَّارِ، وَأَخَّرَ عَنْهَا هَذَا الْكِتَابَ لِأَنَّ
الْعِتْقَ فِيهِ يَسْتَعْقِبُ الْمَوْتَ الَّذِي هُوَ خَاتِمَةُ أَمْرِ
الْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ فِيهِ عَلَى عَمَلٍ
عَمِلَهُ الْعَبْدُ فِي حَيَاتِهِ، وَالْعِتْقُ فِيهِ قَهْرِيٌّ مَشُوبُ
بِقَضَاءِ أَوْطَارٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِمَا) أَيْ الْوَلَاءُ
(قَوْلُهُ لَكِنْ لَمَّا أَثْبَتَ السِّرَايَةَ فِي هَذِهِ) أَيْ فِي
قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِي
مَسْأَلَتِنَا) هِيَ قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ إنَّمَا
تَثْبُتُ) هِيَ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ) أَيْ الْقَائِلَ وَيُحْكَمُ
بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا
أَتْلَفَهُ) أَيْ فَوَّتَهُ الْعِتْقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ الْإِسْنَادِ
الْمَجَازِيِّ، وَالْأَصْلُ مَا فَوَّتَهُ الْمُصَدِّقُ عَلَى الْمُكَذِّبِ
بِالْعِتْقِ.
كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ يَسْتَعْقِبُ) الْأَوْلَى يُعْقِبُ
إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْعِتْقُ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ:
أَوْطَارٍ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ أُجِيبَ عَنْهُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مَحْضُ تَكْرِيرٍ لِمَا
مَرَّ قُبَيْلَهُ فَتَأَمَّلْ.
[كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ عَنْهَا) الْأَنْسَبُ وَأَخَّرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ:
وَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ فِيهِ عَلَى عَمَلٍ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ
دُخُولِ هَذَا فِي مُنَاسَبَةِ الْخَتْمِ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ فِيهِ
قَهْرِيٌّ) هَذَا هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ فِي التُّحْفَةِ مُنَاسَبَةَ
الْخَتْمِ، أَيْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ قَهْرِيَّتِهِ أَقْوَى مِنْ
(8/426)
وَهُوَ قُرْبَةٌ فِي حَقِّ مَنْ قَصَدَ
بِهِ حُصُولَ وَلَدٍ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ،
وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْقُرُبَاتِ
سَوَاءٌ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ. وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ فَإِنْ قُصِدَ
بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ
وَإِلَّا فَهُوَ قُرْبَةٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ
أَقْوَى مِنْ الِاسْتِيلَادِ لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ فِي
الْحَالِ وَتَأَخُّرِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ وَلِحُصُولِ السَّبَبِ
بِالْقَوْلِ قَطْعًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ مَوْتِ
الْمُسْتَوْلَدَةِ أَوَّلًا وَلِأَنَّ الْعِتْقَ بِالْقَوْلِ مَجْمَعٌ
عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ. وَأُمَّهَاتٌ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ
وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا جَمْعُ أُمَّهَةٍ أَصْلُ
أُمٍّ أَوْ جَمْعُ أُمٍّ، وَأَصْلُهَا أَمْهَةٌ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى
ذَلِكَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأُمَّهَاتُ
لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ
فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ
وَالثَّانِي أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَأَنْشَدَ الزَّمَخْشَرِيّ
لِلْمَأْمُونِ بْنِ الرَّشِيدِ:
وَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ
وَلِلْآبَاءِ أَبْنَاءُ
وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ مَجْمُوعُ أَحَادِيثَ عَضَّدَ بَعْضُهَا بَعْضًا،
كَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي
مَارِيَةَ أُمِّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا وَلَدَتْ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» أَيْ
أَثْبَتَ لَهَا حَقَّ الْحُرِّيَّةِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: إنَّهُ
صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ أَيْضًا، وَرَوَاهُ ابْنُ
مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَذَكَرَ ابْنُ
الْقَطَّانِ لَهُ إسْنَادًا آخَرَ وَقَالَ إنَّهُ جَيِّدٌ اهـ.
وَقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «مَا تَرَكَ رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا
وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةَ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ
وَالْبَيْهَقِيُّ. وَكَانَتْ مَارِيَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ،
وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا عَلَّقَ
عِتْقَهَا بِوَفَاتِهِ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
«قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا وَنُحِبُّ
أَثْمَانَهُنَّ فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَغْرَاضٍ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ قُصِدَ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ
الْمُؤَدِّي لِلْإِحْبَالِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ
بِاللَّفْظِ أَقْوَى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الثَّوَابِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ
هَذَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عِتْقِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مَا
يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِعْتَاقِ الْمُنَجَّزِ بِاللَّفْظِ، وَمِنْهُ أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى يُعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْعَتِيقِ عُضْوًا مِنْ
الْمُعْتِقِ (قَوْلُهُ أَوْ جَمْعُ أُمٍّ) أَيْ أَوْ هُوَ جَمْعُ أُمٍّ
بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ) وَهُوَ
أُمَّهَاتٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَأَنْشَدَ) هَذَا يَجْرِي
عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلْمَأْمُونِ) أَيْ مِنْ كَلَامِ
الْمَأْمُونِ لَا أَنَّهُ خَاطَبَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ مَارِيَةُ
مِنْ جُمْلَةِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ) أَيْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عِتْقِهَا
بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
غَيْرِهِ، وَلَا دَخْلَ لِقَوْلِهِ مَشُوبٌ إلَخْ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا
هُوَ مُجَرَّدُ فَائِدَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ، لَكِنْ
سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ
أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ قُرْبَةٌ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِقَضَاءِ
أَوْطَارٍ (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ)
الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ
بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ) اُنْظُرْ
الْإِيلَادَ مِنْ أَيِّهِمَا (قَوْلُهُ وَالْمُعَلَّقُ) شَمَلَ مَا إذَا
كَانَ التَّعْلِيقُ لِحَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَحْقِيقِ خَبَرٍ، وَفِيهِ
وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ
أَقْوَى) أَيْ الْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ (قَوْلُهُ:
وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ) أَيْ الْمُنَجَّزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: جَمْعُ أُمَّهَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَوْهَرِيِّ:
الْأُمَّهَةُ أَصْلُ قَوْلِهِمْ أُمٌّ، وَالْجَمْعُ أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ
انْتَهَتْ. وَالشَّارِحُ أَوْهَمَ بِقَوْلِهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ
ذَلِكَ كُلَّهُ مَقُولُ الْجَوْهَرِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ جَمْعِهَا) أَيْ وَالْجَمْعُ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ
إلَى أُصُولِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْشَدَ الزَّمَخْشَرِيّ لِلْمَأْمُونِ)
أَيْ أَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ الْمَأْمُونِ، وَإِلَّا فَالْمَأْمُونُ مَاتَ
قَبْلَهُ بِأَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ فَقَدْ مَاتَ الشَّافِعِيُّ فِي زَمَنِهِ
(قَوْلُهُ: عَضَّدَ بَعْضُهَا بَعْضًا) أَيْ إنَّ الدَّلِيلَ لَا
يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِهَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْهَا
لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمُرَادِ، وَالصَّرِيحُ فِيهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ
(قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ «فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ» ) ظَاهِرُ هَذَا
اللَّفْظِ أَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِ الْعَزْلِ وَعَدَمِهِ لَا
أَنَّهُ يَسْأَلُهُ عَنْ الْحُكْمِ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَيَدُلُّ
لَهُ الْجَوَابُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا
عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا» مَعْنَاهُ: أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا
سَأَلْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْعَزْلِ بِأَنْ تَنْزِلُوا فِيهِنَّ إذْ لَا
يَلْزَمُ مِنْ الْإِنْزَالِ الْإِحْبَالُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ
(8/427)
فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا
تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا
وَهِيَ كَائِنَةٌ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ «فَكَانَ مِنَّا مَنْ
يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ أَهْلًا وَمِنَّا مَنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ
فَتَرَاجَعْنَا فِي الْعَزْلِ» الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ
«فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْغُرْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ وَأَرَدْنَا
أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَوْلَا أَنَّ
الِاسْتِيلَادَ يَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ
لِعَزْلِهِمْ لِأَجْلِ مَحَبَّةِ الْأَثْمَانِ فَائِدَةٌ. وَخَبَرِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ أَيُّمَا
أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ»
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ،
وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَهُ طُرُقٌ. وَفِي رِوَايَةٍ
لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا
«أُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ سِقْطًا» وَخَبَرُ «أُمَّهَاتُ
الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ
مِنْهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ»
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَا وَقْفَهُ عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَخَالَفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فَصَحَّحَ
رَفْعَهُ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ
الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» وَفِي رِوَايَةٍ " رَبَّهَا " أَيْ سَيِّدَهَا،
فَأَقَامَ الْوَلَدَ مَقَامَ أَبِيهِ وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ، وَقَدْ
اسْتَنْبَطَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - امْتِنَاعَ بَيْعِ أُمِّ
الْوَلَدِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ
أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]
فَقَالَ: وَأَيُّ قَطِيعَةٍ أَقْطَعُ مِنْ أَنْ تُبَاعَ أُمُّ امْرِئٍ
مِنْكُمْ. وَكَتَبَ إلَى الْآفَاقِ: لَا تُبَاعُ أُمُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ
فَإِنَّهُ قَطِيعَةٌ وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
مُطَوَّلًا، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُ ذِكْرَ الْأَدِلَّةِ لِأَنَّ رُتْبَةَ
الدَّلِيلِ الْعَامِّ التَّقْدِيمُ، وَقَدْ قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ:
إنَّ الْمُحَقِّقِينَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ أَوَّلَ
الْبَابِ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْقَاعِدَةُ ثُمَّ يُخَرِّجُونَ عَلَيْهِ
الْمَسَائِلَ.
(إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَا يَجِبُ
فِيهِ غُرَّةٌ) كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ ظَاهِرَةٌ أَوْ
خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ وَيُعْتَبَرُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ
أَوْ رَجُلَانِ خَبِيرَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (عَتَقَتْ بِمَوْتِ
السَّيِّدِ) لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ وَلَدَهَا كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَقَدْ
انْعَقَدَ حُرًّا فَاسْتَتْبَعَ الْبَاقِيَ كَالْعِتْقِ، لَكِنَّ الْعِتْقَ
فِيهِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ صَرَاحَةِ اللَّفْظِ فَأَثَّرَ فِي الْحَالِ
وَهَذَا فِيهِ ضَعْفٌ فَأَثَّرَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِمَا رَوَى
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ " أُمُّ الْوَلَدِ
أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَلَيْكُمْ)
أَيْ مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي عَدَمِ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ» ) أَيْ فِي
عِلْمِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ: أَيْ مَخْلُوقَةٌ
مُصَوَّرَةٌ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّمَا
أَمَةٍ» مُبْتَدَأٌ وَمَا زَائِدَةٌ.
(قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ
دُبُرٍ) أَيْ بَعْدَ آخَرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ:
الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِآخِرِ الْأَمْرِ دُبُرٌ، وَأَصْلُهُ مَا
أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ اهـ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أُمُّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ) أَيْ آيِلَةٌ لِلْحُرِّيَّةِ
(قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا)
أَيْ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِ
السَّاعَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ
وَكَثْرَةِ الْجَوَارِي بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ
السَّاعَةِ، وَقِيلَ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا لِأَنَّ
السَّيِّدَ قَدْ يَطَأُ أَمَتَهُ فَتَحْبَلُ مِنْهُ أَوْ تَلِدُ ثُمَّ
يَبِيعُهَا رَغْبَةً فِي ثَمَنِهَا، فَإِذَا كَبِرَ وَلَدُهَا اشْتَرَاهَا
وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهَا أُمُّهُ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا وَلَدَتْ
سَيِّدَهَا الْمَالِكَ لَهَا صُورَةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَنْبَطَ عُمَرُ
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ) لَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ
مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُخَالِفُ فِي
ذَلِكَ قَدْ يُؤَوِّلُ الْأَحَادِيثَ بِأَنَّ مَارِيَةَ إنَّمَا حَرُمَ
بَيْعُهَا احْتِرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا
حُرِّمَتْ زَوْجَاتُهُ عَلَى غَيْرِهِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَكَتَبَ إلَى الْآفَاقِ) أَيْ النَّوَاحِي (قَوْلُهُ
وَالْقَاعِدَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ
إلَخْ) وَفِي خَصَائِصِ الْخَيْضَرِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَرَتَّبَ
عَلَى الِاسْتِيلَادِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ)
أَيْ مِنْ الْأَدِلَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْجَوَابِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ)
لَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ بِهِ الشَّارِحُ
الْمُرَادَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَأَبُوهُ حُرٌّ فَكَذَا هُوَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ دَلَالَتِهِ
عَلَى حُرِّيَّتِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ رَجُلَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى
الْقَوَابِلِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ وَلَدَهَا) أَيْ مِمَّنْ لَهُ
الْإِعْتَاقُ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْمَوْطُوءَةِ بِظَنِّ الْحُرِّيَّةِ
تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ صَرَاحَةُ اللَّفْظِ)
(8/428)
وَإِنْ كَانَ سِقْطًا " وَصَرَّحَ ابْنُ
عَبَّاسٍ بِرِوَايَتِهِ عَنْ عُمَرَ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْفِصَالِ
بَعْضِهِ ثُمَّ انْفَصَلَ بَاقِيهِ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِتَمَامِ
انْفِصَالِهِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ أَحْبَلَ إحْبَالَهُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ
أَوْ حَرَامٍ بِسَبَبِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ فَرْضِ
صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، أَوْ
لِكَوْنِهِ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ مَلَكَهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَوْ
لِكَوْنِهَا مَحْرَمًا لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، أَوْ
لِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ
وَثَنِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ لِكَوْنِهَا
مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِحْبَالِ جَرَى عَلَى
الْغَالِبِ، فَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ أَوْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ
وَعَلِقَتْ مِنْهُ ثَبَتَ إيلَادُهَا وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، وَعُلِمَ مِنْ
تَعْبِيرِهِ بِالْإِحْبَالِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ
يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَاقِلًا
وَمَجْنُونًا وَمُخْتَارًا وَمُكْرَهًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ،
وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا وَأَتَتْ
بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ وَطْئِهِ فِي النِّكَاحِ وَمِنْ وَطْئِهِ
فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ
بِالْأَمَةِ حَقُّ الْغَيْرِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ كَمَا
لَوْ أَوْلَدَ رَاهِنٌ مُعْسِرٌ مَرْهُونَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ
إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ
انْفَكَّ الرَّهْنُ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ مَالِكٌ
مُعْسِرٌ أَمَتَهُ الْجَانِيَةَ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ،
وَإِلَّا إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعُ مَالِكِهَا، وَكَمَا لَوْ
أَوْلَدَ مَحْجُورُ فَلَسٍ أَمَتَهُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ
وَالْأَذْرَعِيُّ الدَّمِيرِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَإِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى النُّفُوذِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ
الْقَطْعُ بِهِ لِأَنَّ حَجْرَ الْفَلَسِ دَائِرٌ بَيْنَ حَجْرِ السَّفَهِ
وَالْمَرَضِ وَكِلَاهُمَا يَنْفُذُ مَعَهُ الْإِيلَادُ، فَقَدْ رُدَّ
بِأَنَّهُ امْتَازَ عَنْ حَجْرِ الْمَرَضِ بِعُمُومِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ
فِيمَا مَعَهُ وَعَنْ حَجْرِ السَّفَهِ بِكَوْنِهِ لِحَقِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سِقْطًا) تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ فَيَجُوزُ أَنَّهُ قَالَهُ ثُمَّ لِعِلْمِهِ بِهِ عَنْ عُمَرَ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ أَنَّهُ قَالَهُ اجْتِهَادًا مِنْهُ أَوْ
لِرِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ مَاتَ) أَيْ
السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: لَمْ تَعْتِقْ) أَيْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عِتْقُهَا
إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) وَمِنْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ
مَا لَوْ سَاحَقَتْ زَوْجَتُهُ أَمَتَهُ أَوْ إحْدَى أَمَتَيْهِ الْأُخْرَى
فَنَزَلَ مَا بِفَرْجِ الْمُسَاحَقَةِ فَحَصَلَ مِنْهُ حَمْلٌ فَتَعْتِقُ
بِمَوْتِهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ)
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِتِسْعِ سِنِينَ وَمُدَّةِ إمْكَانِ
الْحَمْلِ حُكِمَ بِاسْتِيلَادِهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ،
وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ
لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ)
لَعَلَّ وَجْهَ الشُّمُولِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَحْبَلَ
الْأَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ أَحْبَلَهَا فِي الْمِلْكِ يَقِينًا أَوْ
احْتِمَالًا، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِيلَادِ مِنْ
أَصْلِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ الْعُلُوقَ قَبْلَ الْمِلْكِ، وَالْأَصْلُ
عَدَمُ الِاسْتِيلَادِ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَثْبُتَ مَعَ الشَّكِّ إلَّا
أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَانٍ فَإِضَافَتُهُ
إلَى مَا بَعْدَ الْمِلْكِ أَقْرَبُ لَكِنْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا
يَأْتِي عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا
تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا مِنْ قَوْلِهِ قَالَ
الصَّيْدَلَانِيُّ، وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ قَبْلَ
سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي
الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا (قَوْلُهُ: فَرْعُ مَالِكِهَا) وَيَنْبَغِي
أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرِثَ الْجَانِيَةَ فَرْعُ مَالِكِهَا
فَيَنْفُذُ إيلَادُ الْمَالِكِ كَمَا لَوْ أَحْبَلَ مِلْكَ فَرْعِهِ
فَلْيُرَاجَعْ أَوْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا فِي هَذِهِ
الصُّورَةِ حَيْثُ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْأَصْلِ وَلَمْ يُحْكَمْ
بِاسْتِيلَادِهَا عُدَّتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا
مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ قَوْلُهُ الْآتِي قُبَيْلُ
وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا
ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ
لِمِلْكِهِ إيَّاهَا حَالَةَ عُلُوقِهَا فِي الْأُولَى بِخِلَافِ
الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ رُدَّ) أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ
الْغَزَالِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالصَّرَاحَةِ اللَّفْظُ
الْمُؤَدِّي لِلْعِتْقِ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ النِّيَّةِ وَإِلَّا وَرَدَتْ
الْكِنَايَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ)
سَيَأْتِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تَضَعْ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ أَنَّهُ
يَتَبَيَّنُ عِتْقُهَا بِالْمَوْتِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِثْلُهُ هُنَا
وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَلَكَهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ) أَيْ ثُمَّ وَطِئَهَا
حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ)
اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ
الْمُرَادُ بِأَنْ بَلَغَ مَظِنَّةَ الْبُلُوغِ الَّذِي هُوَ تِسْعُ
سِنِينَ نَاقَضَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ
اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ أَمَتَهُ إلَخْ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا
بِيُولَدُ لِمِثْلِهِ بِأَنْ ثَبَتَ بُلُوغُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ
وَشَمَلَ كَلَامُهُ إلَخْ) فِيهِ وَقْفَةٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ
بِقَوْلِهِ أَحْبَلَ وَلَوْ احْتِمَالًا (قَوْلُهُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ
عَلَيْهِ) يَعْنِي الْمَرِيضَ، وَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ لَفْظِ عَدَمِ
(8/429)
الْغَيْرِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ
مُعْسِرٌ جَارِيَةً تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِ الْمَدْيُونِ وَكَمَا لَوْ
أَقَرَّ مَحْجُورُ سَفَهٍ بِإِيلَادِ أَمَتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا
فِرَاشًا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَتُبَاعُ إنْ اخْتَارَهُ
الْوَلِيُّ، فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهَا فِرَاشًا لَهُ وَوَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ
الْإِمْكَانِ ثَبَتَ الْإِيلَادُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبِهِ
ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتُهُ وَأَنْفَقَ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ
مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ مُعْسِرٌ جَارِيَةَ تِجَارَةِ
عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ
وَالْغُرَمَاءِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةً نَذَرَ التَّصَدُّقَ
بِثَمَنِهَا أَوْ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَهَا، وَيُجَابُ
بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ نَذْرِهِ
التَّصَدُّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ
أَمَةً نَذَرَ مُوَرِّثُهُ إعْتَاقَهَا وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ
أَمَةً اشْتَرَاهَا مُوَرِّثُهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا لِأَنَّ نُفُوذَهُ
مَانِعٌ مِنْ الْوَفَاءِ بِالْعِتْقِ عَنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ، وَقَالَ
الزَّرْكَشِيُّ لَوْ اشْتَرَى الِابْنُ أَمَةً بِشَرْطِ الْعِتْقِ
فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُ إيلَادِهِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ
الْقِيمَةُ وَتَكُونُ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْعِتْقِ
إذَا قُتِلَ.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي فَكَذَا هُنَا تَكُونُ لِلْوَلَدِ،
رُدَّ بِأَنَّهَا لَمَّا مَنَعَ الشَّارِعُ مِنْ بَيْعِهَا وَسَدَّ بَابَ
نَقْلِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي أَشْبَهَتْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ فَلَا
تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ، فَلَا يُقَالُ إنَّ إيلَادَ الْمُشْتَرِي
إيَّاهَا نَافِذٌ فَكَذَا إيلَادُ أَبِيهِ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالشَّرْطِ
مَعَ إيلَادِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنٌ وَلَا كَذَلِكَ إيلَادُ أَبِيهِ،
وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ وَارِثٌ أَمَةً أَوْ أَوْصَى مُوَرِّثُهُ
بِإِعْتَاقِهَا، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثُ فَلَا يَنْفُذُ
لِإِفْضَائِهِ إلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ، وَكَمَا لَوْ أَوْلَدَ
مُكَاتَبٌ أَمَتَهُ فَلَا يَنْفُذُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَإِنْ
أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَلَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ
أَمَةً مَلَكَهَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نَفَذَ إيلَادُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ
إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ
بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ غَيْرَ أَهْلٍ
لِلْوَلَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ بِمَوْتِهِ، فَإِنْ عَتَقَ
قَبْلَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ
بِمَوْتِهِ، وَلَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ
أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ وَلَمْ
يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ إيلَادُهُ لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي
فِيهِ الْإِمْكَانُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ صِغَرِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ
تَصَرُّفِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ
الْأَمَةِ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَتَهُ، إيلَادُ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ
مَوْقُوفٌ كَمِلْكِهِ وَإِيلَادُ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ، وَمَا لَوْ
اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ سَيِّدِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَتُبَاعُ إنْ اخْتَارَهُ) أَيْ الْبَيْعَ الْوَلِيُّ بِأَنْ
رَآهُ مَصْلَحَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهَا فِرَاشًا لَهُ) أَيْ
بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِوَطْئِهَا لِإِقْرَارِهِ بِهِ (قَوْلُهُ:
وَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ السَّفِيهُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ،
وَقَوْلُهُ بِنَسَبِهِ: أَيْ بِنَسَبٍ مَجْهُولٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا) أَيْ مِنْ كَلَامِ
الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا تَصِيرُ
مُسْتَوْلَدَةً (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْعِتْقِ) أَيْ أَوْ نَذَرَ
إعْتَاقَهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ) صَوَابُهُ
اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ
النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ، فَإِنَّ مَا دُونَ التِّسْعِ لَا
يُمْكِنُ فِيهِ الْإِحْبَالُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَأَنْ وَطِئَ صَبِيٌّ
لَهُ تِسْعُ سِنِينَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
فَيَلْحَقُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ
يُقَالَ: لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى التَّحْدِيدِ وَقَدْ
قَارَبَهَا بِحَيْثُ يَكُونُ وَطْؤُهُ قَبْلَ كَمَالِ التِّسْعِ بِمَا لَا
يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التِّسْعَ تَقْرِيبِيَّةٌ
فِي الْمَنِيِّ كَالْحَيْضِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي
الْمَنِيِّ أَنَّهَا فِيهِ تَحْدِيدِيَّةٌ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ حَجّ
قَوْلُهُ السَّابِقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُولَدُ
لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ) وَانْظُرْ هَلْ الْوَلَدُ
حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ أَوْ رَقِيقٌ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ عَلَيْهِمْ، فِيهِ
نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ رَقِيقٌ فِي الْمَسَائِلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
وَإِدْخَالَ الْبَاءِ عَلَى الْحَجْرِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ لِلْمُفْلِسِ،
وَفِي نُسْخَةٍ بِعُمُومِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهِيَ الْأَصْوَبُ،
وَلَعَلَّ عَدَمَ مُحَرَّفٌ عَنْ عُمُومٍ (قَوْلُهُ: لَوْ أَقَرَّ
مَحْجُورُ سَفَهٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا تَرِدُ عَلَيْهِ لِأَنَّ
الْإِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ إذَا
ثَبَتَ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ
أَقَرَّ بِنَسَبِهِ) اُنْظُرْ الضَّمِيرَ لِمَنْ يَرْجِعُ (قَوْلُهُ
لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهُ لَهَا إذَا
كَانَ نَذَرَ لِثَمَنِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ لَهُ وِلَايَةَ
ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالشَّرْطِ مَعَ إيلَادِ
الْمُشْتَرِي مُمْكِنٌ وَلَا كَذَلِكَ إيلَادُ أَبِيهِ) أَيْ لِأَنَّا لَوْ
قُلْنَا بِهِ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فَيَتَعَذَّرُ عَلَى الِابْنِ
الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ
إلَيْهِ هُنَا وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَكْمِلْ تِسْعَ سِنِينَ)
صَوَابُهُ اسْتَكْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ)
الْمُنَاسِبِ،
(8/430)
الْمُحْتَرَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا
لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حَالَ عُلُوقِهَا
وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَوَرِثَ مِنْهُ لِكَوْنِ
الْمَنِيِّ مُحْتَرَمًا، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا حَالَ
اسْتِدْخَالِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ
بِأَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَه فَحَبِلَتْ
مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ
إنْزَالِهِ فِي زَوْجَتِهِ فَاسْتَجْمَرَتْ بِهِ أَجْنَبِيَّةٌ فَحَبِلَتْ
مِنْهُ، وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ مَسَائِلَ يَثْبُتُ فِيهَا
الْإِيلَادُ: الْأُولَى إذَا أَحْبَلَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ. الثَّانِيَةُ
إذَا أَحْبَلَ أَصْلُ حُرٍّ أَمَةَ فَرْعِهِ الَّتِي لَمْ يُولِدْهَا
وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَكَذَا مَهْرُهَا
إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ.
الثَّالِثَةُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ
لِلْبَائِعِ بِإِذْنِهِ لِحُصُولِ الْإِجَازَةِ حِينَئِذٍ. الرَّابِعَةُ
جَارِيَةُ الْمَغْنَمِ إذَا وَطِئَهَا بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَأَحْبَلَهَا
قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ فَقَدْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ
مِلْكِهِ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ إنْ كَانَ
الْوَاطِئُ مُوسِرًا، وَكَذَا مُعْسِرًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ
الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَيَنْفُذُ
الْإِيلَادُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَيَسْرِي إلَى
بَاقِيهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ
الْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ تَبَعًا
لِقَوْلِ الْعَزِيزِ الظَّاهِرُ الْمَنْصُوصُ نُفُوذُهُ، وَرَجَّحَهُ
الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ، لَكِنَّهُ نَقَلَ عَدَمَ نُفُوذِهِ
عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَكَثِيرٍ مِنْ غَيْرِهِمْ وَجَعَلَهُ فِي أَصْلِ
الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبَ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا
بَعْدُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ هَلْ يَنْفُذُ الْإِيلَادُ؟ فِيهِ
قَوْلَانِ كَنَظَائِرِهِ فِي مَرْهُونَةٍ وَجَانِيَةٍ وَنَحْوِهِمَا
أَظْهَرُهُمَا النُّفُوذُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِنَظَائِرِهِ
إيلَادَ أَمَةِ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ، وَلَا يُنَافِيهِ
تَرْجِيحُ النُّفُوذِ هُنَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ
الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَيُفَرَّقُ بِقُوَّةِ حَقِّ الْغَانِمِ.
الْخَامِسَةُ الَّتِي يَمْلِكُ بَعْضَهَا إذَا أَحْبَلَهَا سَرَّى
الْإِيلَادُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَالْعِتْقِ،
فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا إلَّا إذَا كَانَ شَرِيكُ الْمُوَلِّدِ
فَرْعًا لَهُ كَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي كُلُّهَا لِفَرْعِهِ،
وَحَيْثُ سَرَّى الْإِيلَادُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ كُلُّهُ وَإِلَّا
فَالْمَحْكِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَلَا
يَتَبَعَّضُ. وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي السِّيَرِ فِي أَمَةِ الْمَغْنَمِ
تَصْحِيحَهُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ
وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ
الرَّوْضَةِ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي آخَرِ الْكِتَابَةِ الْقَوْلَ
بِالتَّبْعِيضِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ إنَّهُ
الْأَصَحُّ، وَجَعَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ لَيْسَتْ أَمَتَهُ وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ
ضَعِيفَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَوَرِثَ مِنْهُ) لَعَلَّ حِكْمَةَ الْإِرْثِ مَعَ كَوْنِهِ
لَمْ يَكُنْ حَمْلًا حِينَ الْمَوْتِ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِوُجُودِهِ
مَنِيًّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَحَيْثُ انْعَقَدَ الْوَلَدُ مِنْهُ بَعْدُ
نَزَلَ مَنْزِلَةَ وُجُودِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ
مَسَحَ ذَكَرَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَتْ امْرَأَةٌ مُضْغَةً أَوْ
عَلَقَةً فَاسْتَدْخَلَتْهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ
فَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى وَضَعَتْهَا الْمَرْأَةُ
وَلَدًا لَا يَكُونُ ابْنًا لِلثَّانِيَةِ، وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً
لِلْوَاطِئِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ
مَنِيِّ الْوَاطِئِ وَمَنِيِّهَا بَلْ مِنْ مَنِيِّ الْوَاطِئِ
وَالْمَوْطُوءَةِ فَهُوَ وَلَدٌ لَهُمَا. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ
الْأُولَى مُسْتَوْلَدَةً بِهِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا
مُصَوَّرًا (قَوْلُهُ: الثَّالِثَةُ لَوْ وَطِئَ) قَدْ يُمْنَعُ
اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَعَ الْإِجَازَةِ دَخَلَتْ فِي
مِلْكِهِ فَلَمْ تَحْبَلْ إلَّا أَمَتُهُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ)
مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَوْ وَطِئَ أَمَةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعْسِرًا)
مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي مُعْتَمَدٌ: أَيْ أَنَّهُ
يَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَالَ إنَّهُ الْأَصَحُّ) أَيْ التَّبْعِيضُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حَالَ اسْتِدْخَالِهَا) أَيْ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الْإِنْزَالِ
فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهٍ مُحْتَرَمٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ:
ثَبَتَ فِيهَا الْإِيلَادُ) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ كَوْنِهَا أَمَتَهُ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا
وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ)
اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقَّ
الْغَانِمِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا كَانَ مُقْتَضَاهُ نُفُوذَ
الْإِيلَادِ فِي جَمِيعِهَا مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا فِي
الْحَاوِي الصَّغِيرِ) يَعْنِي أَصْلَ الْحُكْمِ لَا مَا ذَكَرَ مَعَهُ
(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِقَوْلِ الْعَزِيزِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي
نَقَلَهُ عَنْ الْعَزِيزِ إطْلَاقُ النُّفُوذِ لَا التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ
لَكِنَّهُ) لَعَلَّهُ الْعَزِيزُ (قَوْلُهُ: فَالْوَلَدُ حُرٌّ كُلُّهُ)
أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْرِ
(8/431)
الْأَصَحَّ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي
الْكَلَامِ عَلَى وَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يَكُونُ الْوَلَدُ
حُرًّا كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي. وَقَالَ
فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ: وَلَوْ قُدِّرَ عَلَى نِكَاحٍ
مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ فَهَلْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمَحْضَةِ،
تَرَدَّدَ فِيهِ الْإِمَامُ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ
مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ اهـ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: فَالتَّبْعِيضُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي وَلَدِ
أَمَةِ الْمَغْنَمِ إذَا أَحْبَلَهَا بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَإِنْ كَانَ
مُعْسِرًا، لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ،
وَكَذَا وَلَدُ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُبَعَّضِ وَسَيِّدِهِ لِأَنَّ
الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ فِي الْحَالِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، فَإِذَا زَالَ
بِعِتْقِهِ عَمِلَ الْمُقْتَضَى عَمَلَهُ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ
الْإِحْبَالِ فَيَثْبُتُ الْإِيلَادُ. السَّادِسَةُ الْأَمَةُ الَّتِي
يَمْلِكُ فَرْعُهُ بَعْضَهَا إذَا أَوْلَدَهَا الْأَبُ الْمُوسِرُ سَرَّى
الْإِيلَادُ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَ
مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ. وَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّ
الْأَصَحَّ فِيهَا تَقْدِيرُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ
فَلَمْ يَقَعْ الْإِيلَادُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوْ
مَا تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ مَا لَوْ قُلْنَ إنَّهُ أَصْلُ آدَمِيٍّ وَلَوْ
بَقِيَ لِتَصَوُّرٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْإِيلَادُ كَمَا لَا تَجِبُ
بِهِ الْغُرَّةُ وَإِنْ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، وَأَفَادَ كَلَامُهُ
أَنَّ أُمَّ وَلَدِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى
إعْتَاقِهَا بَلْ يُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ سُبِيَتْ مُسْتَوْلَدَةُ
كَافِرٍ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَلَمْ تَعْتِقْ بِمَوْتِهِ وَكَذَا
مُسْتَوْلَدَةُ الْحَرْبِيِّ إذَا أُرِقَّ، وَلَوْ قَهَرَتْ مُسْتَوْلَدَةُ
الْحَرْبِيِّ سَيِّدَهَا عَتَقَتْ فِي الْحَالِ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ
عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مَا لَوْ قَتَلَتْهُ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ
وَإِنْ اسْتَعْجَلَتْ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ لِأَنَّ الْإِحْبَالَ
كَالْإِعْتَاقِ، وَلِهَذَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَلَا يَقْدَحُ
الْقَتْلُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ أَعْتَقَهُ وَتَجِبُ دِيَتُهُ فِي
ذِمَّتِهَا.
وَمَا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ وَضْعِهَا ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ
يُحْكَمُ فِيهَا بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ
عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ وَلَهَا أَكْسَابُهَا بَعْدَهُ، وَإِسْنَادُ أَحْبَلَ
إلَى الضَّمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَيُسَمَّى مَجَازًا حُكْمِيًّا
وَمَجَازًا فِي الْإِثْبَاتِ وَإِسْنَادًا مَجَازِيًّا نَحْوُ أَنْبَتَ
الرَّبِيعُ الْبَقْلَ، وَأَنَّثَ الْمُصَنِّفُ وَلَدَتْ وَعَتَقَتْ
لِأَنَّهُ يَجِبُ تَأْنِيثُ الْفِعْلِ بِتَاءٍ سَاكِنَةٍ فِي آخَرِ
الْمَاضِي وَبِتَاءِ الْمُضَارَعَةِ فِي أَوَّلِ الْمُضَارِعِ إذَا كَانَ
فَاعِلُهُ مُؤَنَّثًا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ
ضَمِيرًا مُتَّصِلًا. وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا حَقِيقِيَّ
التَّأْنِيثِ، وَإِنَّمَا قَالَ قَالَ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي وَلَدِ
أَمَةٍ) أَيْ فَإِنَّ الْوَلَدَ كُلَّهُ حُرٌّ وَلَمْ يَنْفُذْ
الِاسْتِيلَادُ إلَّا فِي النِّصْفِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا عَلَى مَا مَرَّ
عَنْ الْحَاوِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ)
الْأَوْلَى إعْتَاقُهُ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ إيلَادَهُ
نَافِذٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ
كَلَامُهُ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَفْهَمَ، بِخِلَافِ سَابِقِهِ لِأَنَّ
إفَادَةَ الْمَتْنِ لَهُ بِدَلَالَةِ الْمَنْطُوقِ دُونَ الْمَفْهُومِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَهَرَتْ) أَيْ بِحَيْثُ تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ
وَإِنْ تَخَلَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَتَقَتْ فِي الْحَالِ) أَيْ
لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهَا بِذَلِكَ وَبِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا
خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَتَعْتِقُ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لِمَالِكٍ
فَتَصِيرُ حُرَّةً (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ دِيَتُهُ فِي ذِمَّتِهَا) أَيْ
حَيْثُ لَمْ يُوجِبْ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِسْنَادُ أَحْبَلَ إلَى الضَّمِيرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ)
لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ عُلُوقَ الْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ نُسِبَ الْوَطْءُ لِلسَّيِّدِ وَنُزُولُ
الْمَنِيِّ فَالْوَطْءُ سَبَبٌ وَالْعُلُوقُ مِنْ اللَّهِ وَالْإِحْبَالُ
هُوَ الْعُلُوقُ، وَقَدْ يُمْنَعُ لِكَوْنِهِ عَقْلِيًّا بِهَذَا
الطَّرِيقِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ الْحَقِيقِيَّ اصْطِلَاحًا هُوَ مَنْ قَامَ
بِهِ الْفِعْلُ، وَمِنْهُ مَاتَ عَمْرٌو مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ الْقَائِمَ
بِهِ بِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ. إلَّا أَنْ
يُقَالَ الْمَنْسُوبُ لِلْوَاطِئِ وَالْقَائِمِ بِهِ الْوَطْءُ. وَأَمَّا
تَخَلُّقُ الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ فَبِمَحْضِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا
دَخْلَ لِلْوَاطِئِ فِيهِ وَلَا قَامَ بِهِ التَّخَلُّقُ. وَكَثِيرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ وَكَذَا
وَلَدُ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُبَعَّضِ وَسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ حُرٌّ
كُلُّهُ) وَإِنَّمَا مَنَعَ نُفُوذَ الْإِيلَادِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَلَا
يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ الْإِيلَادِ عَدَمُ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ
(قَوْلُهُ: وَأَفَادَ كَلَامُهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْإِفَادَةِ
(قَوْلُهُ: مَجَازٌ عَقْلِيٌّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِحْبَالَ إنَّمَا
هُوَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ إلَى
السَّيِّدِ، فَقَوْلُهُ إلَى الْمُضْمَرِ: أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ
مُضْمَرًا وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَتَحْقِيقُ الْمَجَازِ
الْعَقْلِيِّ هُنَا ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ خِلَافًا لِمَا فِي
حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ) يَعْنِي
مَرْفُوعَهُ.
(قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا) يَعْنِي اسْمًا
ظَاهِرًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَاصِلٌ:
(8/432)
يَقُلْ بِمَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ
لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهُ
لِمَانِعٍ لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَالْحَيَاةُ ضِدُّ الْمَوْتِ وَهُوَ
عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارِقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ،
وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةَ وَقِيلَ عَرْضٌ
يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك:
2] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ
(أَوْ) أَحْبَلَ (أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) لَا غُرُورَ فِيهِ
بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ زِنًا (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ
فَيَكُونُ لِمَالِكِ أُمِّهِ بِالْإِجْمَاعِ، إذْ الْفَرْعُ يَتْبَعُ
الْأَبَ فِي النَّسَبِ وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ
وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَتَقْرِيرِ
الْجِزْيَةِ وَأَخَفَّهُمَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَأَخَسَّهُمَا
فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ، وَيُطْلَقُ
الرَّقِيقُ عَلَى نَقِيضِ الْغَلِيظِ وَالثَّخِينِ (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ
وَلَدٍ) لَهُ (إذَا مَلَكَهَا) لِانْتِفَاءِ الْعُلُوقِ بِحُرٍّ إذْ
ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ فَرْعُ ثُبُوتِهَا لِلْوَلَدِ، فَإِذَا
انْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ مَلَكَهَا
حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ كَمَا فِي
الْمُحَرَّرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ انْعَقَدَ حُرًّا.
قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ
قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا، أَوْ لَا يَطَؤُهَا بَعْدَ
الْمِلْكِ وَتَلِدُهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُ
الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ لِكَوْنِهِ
بَعْضًا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا، وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً غُرَّ
بِحُرِّيَّتِهَا فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ حُرٌّ كَمَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ، أَوْ نَكَحَ حُرٌّ جَارِيَةَ
أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ أَوْ عَبْدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ ثُمَّ
عَتَقَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ.
فَلَوْ أَوْلَدَهَا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيلَادُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ
أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ
وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ
ابْنُ الْمُقْرِي وَالْحِجَازِيُّ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ
نَكَحَهَا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا
بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ
نِكَاحٌ، وَقِيلَ يَثْبُتُ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَمَالَ
إلَيْهِ الْإِمَامُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ نَزَعَ أَمَةً
بِحُجَّةٍ ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَافَقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا
أَوْ قِيمَتَهَا وَالْمَهْرَ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَيُوقَفُ وَلَاؤُهَا،
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حُجَّةً فَحَلَفَ الْمُنْكِرُ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ
أَكْذَبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يُوجَدُ الْوَطْءُ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ حَبَلٌ فَكَانَ الْإِسْنَادُ
مَجَازًا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ إلَخْ)
لَعَلَّ وَجْهَ الْإِفَادَةِ أَنَّهُ حَيْثُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ
يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سِيَادَةٌ حَالَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ الرَّقِيقُ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ
مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ الْحَامِلَ
مِنْهُ مِنْ زِنًا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ لَهُ
شَرْعًا (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ) أَيْ وَلَا تَصِيرُ بِهِ
أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا) أَيْ عَلَى وَجْهٍ
يَعْتِقُ فِيهِ الْوَلَدُ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ
بَعْضًا لَهُ) بِأَنْ تَزَوَّجَ شَخْصٌ بِأَمَةِ أَبِيهِ مَثَلًا
فَأَحْبَلَهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهَا لِأَنَّهُ
وَلَدُ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا) أَيْ
لِلْمُقِرِّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ) أَيْ الَّذِي أَكْذَبَ
نَفْسَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَرْفُوعُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ بِنَحْوِ
الْمَفْعُولِ: نَحْوُ أَتَى الْقَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ:
لِيُفِيدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ
الْإِفَادَةِ مِنْ هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ
الْمَانِعُ خُصُوصَ انْتِقَالِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ
تَنْبِيهُ الْقِيَاسِ بِمَوْتِهِ، لَكِنْ لَمَّا أَوْهَمَ الْعِتْقَ وَإِنْ
انْتَقَلَتْ عَنْهُ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ أَظْهَرَ الضَّمِيرَ لِيُبَيِّنَ
أَنَّهَا إنَّمَا تَعْتِقُ إنْ كَانَ سَيِّدَهَا وَقْتَ الْمَوْتِ
انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: ضِدُّ الْحَيَاةِ) الْمُنَاسِبُ لِتَفْسِيرِهِ
الْمَذْكُورِ أَنْ يَقُولَ نَقِيضُ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ
عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ
الْمُفَارَقَةَ فَرْعُ الْوُجُودِ فَهُوَ مِنْ تَقَابُلِ الْعَدَمِ
وَالْمَلَكَةِ لَا مِنْ تَقَابُلِ النَّقِيضَيْنِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا
أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ إلَخْ) هَذَا لَا
تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْظُرْ مَا وَجْهُ
إيرَادِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ مِلْكِهَا حَامِلًا أَنْ تَضَعَهُ
إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ لَا تَخْفَى وَالْمَقْصُودُ
مِنْهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ) أَيْ
فَالْوَلَدُ الْحَادِثُ قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ: أَيْ بِخِلَافِ الْحَادِثِ
بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَثْبُتُ) أَيْ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَغْرَمُ نَقْصَهَا وَقِيمَتَهَا) أَيْ لِلْمَقَرِّ
لَهُ وَمِثْلُ هَذَا فِي التُّحْفَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالنَّقْصِ
الْمَغْرُومِ مَعَ الْقِيمَةِ، وَسَيَأْتِي آخِرَ مَسْأَلَةٍ فِي
الْكِتَابِ نَقْلًا عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا
وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَالْمَهْرَ، وَسَيَأْتِي ثُمَّ أَنَّهُ
(8/433)
نَفْسَهُ وَأَقَرَّ بِهَا لَهُ فَكَمَا
مَرَّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَوْلَدَهَا الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ
أَكْذَبَ الثَّانِي نَفْسَهُ وَالْأَقْرَبُ ثُبُوتُ إيلَادِهَا لِلْأَوَّلِ
لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ آخِرًا وَيَلْزَمُ الثَّانِي لَهُ قِيمَةُ
الْوَلَدِ وَالْمَهْرُ وَالنَّقْصُ (أَوْ بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ ظَنَّهَا
زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَعَلَّهُ
حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا خَرَجَ بِهِ وَهُوَ مَا لَوْ ظَنَّهَا
زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَإِنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا
بِنِكَاحٍ، لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ
أَمَةَ فَرْعِهِ أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ فَرْعِهِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا
لِبَعْضِهِمْ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) عَمَلًا بِظَنِّهِ أَمَّا لَوْ ظَنَّهَا
زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ
حُرًّا أَمْ رَقِيقًا، وَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ زَوْجَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ
فَوَطِئَ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا الْحُرَّةُ فَالْأَشْبَهُ كَمَا
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ كَمَا فِي أَمَةِ الْغَيْرِ
إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الشُّبْهَةَ
وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إرَادَةُ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ فَتَخْرُجُ
شُبْهَةُ الطَّرِيقِ وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْءَ بِهَا
عَالِمٌ فَيَكُونُ الْوَلَدُ فِيهَا رَقِيقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْتِفَاءِ
ظَنِّ الزَّوْجِيَّةِ وَالْمِلْكِ، وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ بَيْتِ
الْمَالِ حُدَّ فَلَوْ أَوْلَدَهَا فَلَا نَسَبَ وَلَا إيلَادَ سَوَاءٌ
الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الْإِعْفَافُ، أَوْ
وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ظَانًّا حِلَّهَا لَهُ، أَوْ
أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ
الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ.
(وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (إذَا مَلَكَهَا فِي الْأَظْهَرِ)
لِأَنَّ الْوَلَدَ وَإِنْ انْعَقَدَ حُرًّا لَكِنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي
غَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِي
النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَالِ،
فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ الْغَيْرِ ثُمَّ
مَلَكَهُ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يَثْبُتَانِ فِي
مِثْلِ ذَلِكَ حَالًا وَلَا مَآلًا فَكَذَلِكَ الْإِيلَادُ. وَالثَّانِي
تَصِيرُ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِحُرٍّ وَهُوَ سَبَبٌ فِي الْحُرِّيَّةِ
بَعْدَ الْمَوْتِ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ غُرَّ
بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ شَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ
مَلَكَهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحُرِّ، فَلَوْ وَطِئَ الْعَبْدُ
أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ فَأَحْبَلَهَا ثُمَّ عَتَقَ وَمَلَكَهَا لَمْ
تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْ حُرٍّ
(وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ) مِنْهُ لِمَا مَرَّ
وَلِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ فِيهِ
الْإِجْمَاعَ وَاسْتَثْنَى مَسَائِلَ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا فِيهَا كَأُمِّ
وَلَدِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةِ وَأُمِّ وَلَدِهِ الْمُحَرَّمِ كَأُخْتِهِ
مِنْ رَضَاعٍ وَأُمِّ وَلَدِ مَوْطُوءَةٍ لِفَرْعِهِ وَأُمِّ وَلَدِ
مُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدٍ مُبَعَّضٍ وَإِنْ أَذِنَ مَالِكُ بَعْضِهِ
وَأَمَةٍ لَمْ يَنْفُذْ إيلَادُهَا لِرَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ
لِجِنَايَةٍ وَأَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ وَثَنِيَّةٍ وَأَمَةٍ مُوصًى
بِمَنَافِعِهَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ فَاسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ
فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ
مِثْلُهَا رَقَبَتَهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَةً لِلْمُوصَى لَهُ
وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ قَوْلَهُ (قَوْلُهُ:
لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ آخِرًا) أَيْ بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ:
أَوْ مُشْتَرَكَةً) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَهِيَ
الْجِهَةُ الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْءَ إلَخْ) كَأَنْ أَبَاحَهُ سَيِّدُ
الْأَمَةِ وَطْأَهَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهِ بِإِبَاحَةِ
السَّيِّدِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا (قَوْلُهُ:
فَلَا نَسَبَ وَلَا إيلَادَ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ حَيْثُ لَمْ
تُطَاوِعْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ) أَيْ
وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ ظَانًّا
ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ) أَيْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ
إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلشُّبْهَةِ وَهَلْ يَثْبُتُ
نَسَبُهُ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ،
وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى نَفْيِ الْحُرِّيَّةِ فِي هَذِهِ دُونَ
نَفْيِ النَّسَبِ وَالتَّصْرِيحُ بِنَفْيِهِ فِيمَا قَبْلَهَا ثُبُوتُهُ
فِي الثَّلَاثِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِرْثُ إذَا عَتَقَ وَعَدَمُ
الْقَتْلِ بِقَتْلِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَ الْغَيْرِ) أَيْ تَعَدِّيًا أَوْ
لِظَنِّهِ مِلْكَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ شَرْعِيٍّ) أَيْ كَأَمَةِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ:
فَاسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِحُرْمَةِ الْوَطْءِ
أَمْ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ الْمُنْتَزَعَةِ
مِنْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي
إكْذَابِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: فَكَمَا مَرَّ) أَيْ فَيُجْرَى فِي
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ:
وَسَكَتَ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الثَّانِيَ
لَهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ
بِحُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً) هُوَ مَعْطُوفٌ
عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحَرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ: أَيْ
وَإِلَّا فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ كَمَا رَجَّحَهُ
وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ شُبْهَةُ
الطَّرِيقِ) أَيْ أَمَّا شُبْهَةُ الْمِلْكِ كَالْمُشْتَرَكَةِ فَقَدْ
مَرَّتْ فِي كَلَامِهِ آنِفًا
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ الْأَدِلَّةُ الْمَارَّةُ
أَوَّلَ الْبَابِ
(8/434)
وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتَعْتِقُ
بِمَوْتِهِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا
بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا تَحْبَلُ
فَيَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ،
وَكَأَمَةِ تِجَارَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ لَا يَجُوزُ لَهُ
وَطْؤُهَا إلَّا بِإِذْنِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ
أَحْبَلَهَا وَكَانَ مُعْسِرًا ثَبَتَ الْإِيلَادُ بِالنِّسْبَةِ إلَى
السَّيِّدِ فَيَنْفُذُ إذَا مَلَكَهَا بَعْدُ أَنْ بِيعَتْ
كَالْمَرْهُونَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ بَيْعِهَا إلَّا
بِالْإِذْنِ، وَكَأُمِّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا
فِي حَالِ رِدَّتِهِ، وَكَأُمِّ وَلَدٍ ارْتَدَّتْ وَأُمِّ وَلَدٍ
كَاتَبَهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ
الْمَسَائِلِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْوَطْءِ فِيهَا لِمُعَارِضَةِ أَمْرٍ
آخَرَ كَمَا تَقَرَّرَ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ
(وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا) لَا مِنْ نَفْسِهَا لِمَا مَرَّ
وَلِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا، وَإِنَّمَا
امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَنَحْوُهُ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْعِتْقِ فِيهَا
وَخَالَفَتْ الْمُكَاتَبَ حَيْثُ امْتَنَعَ اسْتِخْدَامُهُ وَإِنْ كَانَ
مِلْكُهُ عَلَيْهِ بَاقِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَقْصُودِ عَقْدِ
الْكِتَابَةِ وَهُوَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ لِيُؤَدِّيَ
النُّجُومَ فَيَعْتِقُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ مُكَاتَبَةً
بِأَنْ سَبَقَتْ الْكِتَابَةُ الِاسْتِيلَادَ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَكُنْ
لَهُ اسْتِخْدَامُهَا وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَلَهُ أَيْضًا
كِتَابَتُهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَسْبَهَا، فَإِذَا أَعْتَقَ عَلَى صِفَةٍ
جَازَ، وَفَارَقَ جَوَازًا إجَارَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا
لِمَنَافِعِهَا مُنِعَ إجَارَةُ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَبَيْعِهَا
بِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ،
وَعُلِمَ مِنْ جَوَازِ إجَارَتِهَا جَوَازُ إعَارَتِهَا بِالْأَوْلَى
وَلَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَتَقَتْ
وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَمِثْلُهَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ
وَالْمُدَبَّرُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ
فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ، وَالْفَرْقُ تَقَدَّمَ سَبَبُ
الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ أَوْ الصِّفَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ فِيهِنَّ
بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ، وَلِهَذَا لَوْ سَبَقَ الْإِيجَارُ الِاسْتِيلَادَ
ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخُ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ
الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ
(وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) لِمَا مَرَّ مِنْ بَقَاءِ مِلْكِهِ
عَلَيْهَا، فَلَوْ قَتَلَهَا جَانٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَكَذَا لَوْ
غَصَبَهَا غَاصِبٌ وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ، وَلَوْ أَبْقَتْ فِي يَدِهِ
غَرِمَ قِيمَتَهَا، ثُمَّ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا اسْتَرَدَّهَا مِنْ
تَرِكَتِهِ لِعِتْقِهَا، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ وَغَرِمَ
قِيمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ جَانٍ
يَدَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَرِمَ أَرْشَهَا ثُمَّ عَتَقَتْ بِمَوْتِ
السَّيِّدِ لَا يَسْتَرِدُّ الْأَرْشَ لِأَنَّهُ بَدَلُ الطَّرَفِ
الْفَائِتِ وَلَمْ يَشْمَلْهُ الْعِتْقُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ
فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَهَا، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ
عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْإِيلَادِ وَحُكِمَ بِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا
لَمْ يَغْرَمَا لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهَا وَلَمْ يُفَوِّتَا إلَّا
سَلْطَنَةَ الْبَيْعِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا بِانْفِرَادِهَا، فَإِذَا مَاتَ
سَيِّدُهَا غَرِمَا قِيمَتَهَا لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي
أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ
شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا
قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَشْهُودُ
بِعِتْقِهِ قِنًّا أَمْ مُدَبَّرًا أَمْ مُكَاتَبًا أَمْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ
اهـ، لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْعِتْقِ النَّاشِئِ عَمَّا ذُكِرَ
(وَكَذَا تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ
وَلِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ كَالْمُدَبَّرَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَانْفَسَخَتْ) أَيْ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ
الْمُسَمَّى عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ
لَهُ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ)
أَيْ الْإِجَارَةُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ مُنِعَ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ
الْمُسْلِمِينَ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْتَزِعْهَا السَّيِّدُ
سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ انْتِزَاعِهِ لِمَانِعٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ
أَبِقَتْ فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا مَاتَ
سَيِّدُهَا) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ الْقِيمَةَ، وَقَوْلُهُ اسْتَرَدَّهَا:
أَيْ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ أَوْ
تَنْجِيزِهِ عِتْقَهَا (قَوْلُهُ: عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الِاسْتِيلَادِ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهَا) أَيْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا كَأَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ
الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْبَلَهَا) أَيْ فِيمَا إذَا
وَطِئَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ
بَيْعِهَا) قَدْ يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ إلَى هَذَا إلَّا أَنْ يُقَالَ:
إنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ بَعْدَ الْإِيلَادِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ
مَعْلُومًا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ
وَكَأُمِّ وَلَدٍ كَاتَبَهَا) قَدْ مَرَّ هَذَا آنِفًا (قَوْلُهُ كَمَا
تَقَرَّرَ) أَيْ فِي بَعْضِهَا لَا فِي كُلِّهَا أَوْ الْمُرَادُ كَمَا
تَقَرَّرَ فِي أَبْوَابِهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى صِفَةٍ جَازَ) يُتَأَمَّلُ
(قَوْلُهُ: بِالْمَوْتِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعِتْقِ: أَيْ تَقَدَّمَ
سَبَبُ الْعِتْقِ الْحَاصِلِ بِالْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ
(8/435)
وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهَا
لِأَنَّهَا ثَبَتَ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ بِسَبَبٍ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ
إبْطَالَهُ. وَالثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَتْ لِأَنَّهَا
نَاقِصَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَوِلَايَةُ الْوَلِيِّ عَلَيْهَا نَاقِصَةٌ
فَأَشْبَهَتْ الصَّغِيرَةَ فَلَا يُزَوِّجُهَا أَحَدٌ بِرِضَاهَا،
وَظَاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْإِيلَادُ فِي بَعْضِهَا زَوَّجَهَا
السَّيِّدَانِ بِغَيْرِ إذْنِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَالْخِلَافُ أَقْوَالٌ
كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهَا
مُبَعَّضًا لَمْ يُزَوِّجْ أَمَتَهُ بِحَالٍ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ:
لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ الْعَقْدَ مُمْتَنِعَةٌ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مَا
لَمْ تَكْمُلْ الْحُرِّيَّةُ، وَإِذَا امْتَنَعَتْ مُبَاشَرَتُهُ
بِنَفْسِهِ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ غَيْرَهُ، وَتَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ
إذْنِهِ مُمْتَنِعٌ فَانْسَدَّ بَابُ تَزْوِيجِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ:
وَتَعْلِيلُهُ دَالٌّ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ
بِالْوِلَايَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ
فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهُ، وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ
الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ
وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَالْكَافِرُ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ،
بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَهِيَ كَافِرَةٌ وَلَوْ
وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي الْوِلَايَةِ
آكِدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا
بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ وَحَضَانَةُ
وَلَدِهَا لَهَا وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا فِي
الْإِسْلَامِ
(وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا) لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَأَجْمَعَ
التَّابِعُونَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ
الْمُهَذَّبِ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ إنْ قُلْنَا
الْإِجْمَاعُ بَعْدَ الْخِلَافِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَحِينَئِذٍ
فَيُسْتَدَلُّ بِالْأَحَادِيثِ وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى نَسْخِ
الْأَحَادِيثِ فِي بَيْعِهَا.
قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ إذَا
كَانَتْ حَامِلًا بِحُرٍّ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا بَعْدَ الْوِلَادَةِ
وَلِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي الْوَدَائِعِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى
أَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي حَالِ الْحَبَلِ قَالَ: فَدَلَالَةُ
اتِّفَاقِهِمْ قَاضِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدَ
الْوِلَادَةِ، وَنُقِضَ هَذَا الِاسْتِدْلَال بِالْحَامِلِ بِحُرٍّ مِنْ
وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي حَالِ الْحَبَلِ وَتُبَاعُ
بَعْدَ الْوَضْعِ. وَأُجِيبَ عَنْهَا بِقِيَامِ الدَّلِيلِ فِيهَا
بِجَوَازِ الْبَيْعِ بَعْدَ الْوَضْعِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَنَصَّ
الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَنْعِ بَيْعِهَا فِي
خَمْسَةَ عَشَرَ كِتَابًا، وَلَوْ حَكَمَ قَاضٍ بِجَوَازِ بَيْعِهَا نُقِضَ
قَضَاؤُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا مِنْ
خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ مُجْمَعًا
عَلَى مَنْعِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرٍ
«كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا»
فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا
وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا
وَهُوَ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْلِمُ بِذَلِكَ كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ
الْمُخَابَرَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُخَابِرُ لَا نَرَى بِذَلِكَ
بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ «أَنَّهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَتَرَكْنَاهَا» .
وَزَادَ الْحَاكِمُ فِيهِ: لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي زَمَنِ أَبِي
بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا. وَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ،
وَيُحْتَمَل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
صَاقَلَهَا فَدَخَلَ مَنِيُّهُ فِي فَرْجِهَا بِلَا إيلَاجٍ فَهِيَ
بَاقِيَةٌ عَلَى بَكَارَتِهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ وَزَالَتْ الْجِلْدَةُ
فَهِيَ بِكْرٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِوَطْءٍ فِي قُبُلِهَا
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ إيلَادُهَا فِي بَعْضِهَا) أَيْ بِأَنْ
كَانَتْ مُشْتَرَكَةً عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهُ)
أَيْ الْمُبَعَّضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ
كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَهِيَ كَافِرَةٌ) أَيْ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا
(قَوْلُهُ: يُرْفَعُ الْخِلَافُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً) أَيْ بِخِلَافِ
الْمُرْتَدَّةِ إذْ لَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ كَمَا مَرَّ بَسْطُ ذَلِكَ فِي
النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ الْكَافِرِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يُغْنِي
عَنْهُ مَا مَرَّ عَقِبَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: اسْتِدْلَالًا
وَاجْتِهَادًا) أَيْ مِنَّا أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِ جَابِرٍ وَالنَّبِيُّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا
(قَوْلُهُ: كَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْمُخَابَرَةِ) غَرَضُهُ مِنْ سِيَاقِ
هَذَا بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ لَا نَرَى
بِذَلِكَ بَأْسًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
اطَّلَعَ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ
لِأَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِخِلَافِ خَبَرِ جَابِرٍ عَلَى
أَنَّ جَزْمَ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَاسْتِنَادِهِ فِيهِ إلَى مُجَرَّدِ مَا ذَكَرَهُ
فِيهِ مَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَزَادَ الْحَاكِمُ) يَعْنِي فِي
أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ
(8/436)
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ
قَبْلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عِتْقِهِنَّ، وَمَنْ فَعَلَهُ
مِنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ
لَا نَرَى بِالنُّونِ لَا بِالْيَاءِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي
شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ اهـ. وَكَمَا يَحْرُمُ
بَيْعُهَا لَا يَصِحُّ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لَمْ
يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً
وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً صَحَّ جَمِيعُ ذَلِكَ،
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ يَجُوزُ بَيْعُهَا: الْأُولَى
الْمَرْهُونَةُ رَهْنًا وَضْعِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا حَيْثُ كَانَ
الْمُسْتَوْلِدُ مُعْسِرًا حَالَ الْإِيلَادِ. الثَّانِيَةُ: الْجَانِيَةُ
وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ، الثَّالِثَةُ: مُسْتَوْلَدَةُ الْمُفْلِسِ.
الرَّابِعَةُ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ
عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا
صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ
بِهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ
الْمَوْتِ وَالْعِتْقُ يَقَعُ عَقِبَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَدِدْت
لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِقَرَابَةٍ.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ
عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا أَوْ فَرْعِهَا أَيْ وَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا
اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ. الْخَامِسَةُ إذَا سُبِيَ سَيِّدُ
الْمُسْتَوْلَدَةِ وَاسْتَرَقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا تَعْتِقُ
بِمَوْتِهِ. السَّادِسَةُ إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً وَقَهَرَهَا حَرْبِيٌّ
آخَرُ مَلَكَهَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ تَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ
(وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا) أَمَّا الْهِبَةُ فَلِأَنَّهَا نَقْلُ مِلْكٍ
إلَى الْغَيْرِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَلِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ عَلَى ذَلِكَ
فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ أُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ
الْقِنَّةِ إلَّا فِيمَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ أَوْ يُؤَدِّي إلَى
انْتِقَالِهِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِرَهْنِهَا مَعَ فَهْمِهِ
مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ
الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْمَقْصُودُ كَمَا نَصَّ
عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ،
وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَا وَقْفُهَا وَلَا تَدْبِيرُهَا.
وَظَاهِرٌ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا لِعَلَقَةِ
رَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا تَمْتَنِعُ
هِبَتُهَا
(وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَالْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ يَعْتِقُ
بِمَوْتِهِ كَهِيَ) لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ
وَالْحُرِّيَّةِ وَكَذَا فِي سَبَبِهَا اللَّازِمِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً
أَمْ لَا، فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ بَقِيَ حُكْمُ
الِاسْتِيلَادِ فِي حَقِّ الْوَلَدِ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّذِي
يَزُولُ فِيهَا حُكْمُ الْمَتْبُوعِ وَيَبْقَى حُكْمُ التَّابِعِ كَمَا فِي
نِتَاجِ الْمَاشِيَةِ فِي الزَّكَاةِ، وَالْوَلَدُ الْحَادِثُ بَيْنَ
أَبَوَيْنِ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ
مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْأَكْلِ وَحِلِّ
الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالزَّكَاةِ وَالتَّضْحِيَةِ بِهِ
وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ سَهْمَ الْغَنِيمَةِ. وَالثَّانِي
مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَبِ خَاصَّةً وَذَلِكَ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ:
النَّسَبِ وَتَوَابِعِهِ، وَالْحُرِّيَّةِ إذَا كَانَ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ
مِنْ أَمَةٍ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ
أَوْ أَمَتَهُ أَوْ مِنْ أَمَةِ فَرْعِهِ، وَالْكَفَاءَةِ وَالْوَلَاءِ
فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأَبِ، وَقَدْرِ
الْجِزْيَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى.
وَالثَّالِثُ مَا يُعْتَبَرُ بِالْأُمِّ خَاصَّةً وَهُوَ شَيْئَانِ.
وَالْحُرِّيَّةُ إذَا كَانَ أَبُوهُ رَقِيقًا، وَالرِّقُّ إذَا كَانَ
أَبُوهُ حُرًّا وَأُمَّهُ رَقِيقَةً إلَّا فِي صُوَرٍ وَلَدِ أَمَتِهِ
وَمَنْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا وَمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ
أَمَتَهُ وَوَلَدِ أَمَةِ فَرْعِهِ وَحَمْلِ حَرْبِيَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ
وَقَدْ سَبَقَتْ، وَالرَّابِعُ مَا يُعْتَبَرُ بِأَحَدِهِمَا غَيْرَ
مُعَيَّنٍ وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يُعْتَبَرُ بِأَشْرَفِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: رَهْنًا وَضْعِيًّا) أَيْ بِأَنْ رَهَنَهَا
الْمَالِكُ فِي حَيَاتِهِ وَالشَّرْعِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
فَالتَّرِكَةُ مَرْهُونَةٌ بِهِ رَهْنًا شَرْعِيًّا (قَوْلُهُ:
وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ) أَيْ مُعْسِرًا حَالَ الْإِيلَادِ (قَوْلُهُ:
وَهُوَ مَرْدُودٌ) أَيْ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ)
وَنُقِلَ عَنْ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ فَلْيُرَاجَعْ،
لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: عَلَى عِتْقِهِنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَدَلَّ وَانْظُرْ مَا
الْمُرَادُ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ:
الْأَوْلَى الْمَرْهُونَةُ إلَخْ) هَذِهِ وَالْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ
بَعْدَهَا لَا تُسْتَثْنَى لِأَنَّ صِحَّةَ بَيْعِهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ
إيلَادِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا) أَيْ
لِنَفْسِهَا: أَيْ فَتَحْرُمُ: أَيْ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ.
(قَوْلُهُ: وَجَزَاءُ الصَّيْدِ) أَيْ مَا يُجْعَلُ جَزَاءً لِصَيْدٍ
فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَجْزِي فِي الْجَزَاءِ وَالْآخَرُ
لَا يَجْزِي (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ) أَيْ
بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْكُوبِ كَمَا إذَا كَانَ مُتَوَلِّدًا بَيْنَ مَا
يُسْهَمُ لَهُ وَمَا يُرْضَخُ لَهُ (قَوْلُهُ: لِمَوَالِي الْأَبِ) أَيْ
حَيْثُ أَمْكَنَ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِمَوَالِي الْأُمِّ
قَبْلَ عِتْقِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْرِ الْجِزْيَةِ) يُتَأَمَّلُ
(8/437)
كَمَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ
يَتْبَعُ مَنْ لَهُ كِتَابٌ، وَثَانِيهِمَا مَا يَتْبَعُ فِيهِ
أَغْلَظَهُمَا كَمَا فِي ضَمَانِ الصَّيْدِ وَالدِّيَةِ وَالْغُرَّةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا يُعْتَبَرُ بِأَخَسِّهِمَا كَالْمُنَاكَحَةِ
وَالذَّبِيحَةِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ
وَاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ
وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ إلَّا
إنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ وَوَلَدُ
الْمُكَاتَبَةِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا رِقًّا
وَعِتْقًا بِالْكِتَابَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ، وَوَلَدُ
الْأُضْحِيَّةَ وَالْهَدْيِ الْوَاجِبَيْنِ بِالتَّعْيِينِ لَهُ أَكْلُ
جَمِيعِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْكِتَابِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَجَرَى
جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ وَهَدْيٌ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ
مِنْهُ بَلْ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ، وَوَلَدُ الْمَبِيعَةِ
يَتْبَعُهَا وَيُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ.
وَوَلَدُ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ وَالْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُعَارَةِ
وَالْمُوصَى بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا، وَقَدْ حَمَلَتْ بِهِ فِي
الصُّورَتَيْنِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَمَوْتِ الْمُوصِي سَوَاءٌ
أَوَلَدَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَمْ بَعْدَهُ، وَوَلَدُ الْمَوْقُوفَةِ
وَوَلَدُ مَالِ الْقِرَاضِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهَا، وَالْمَوْهُوبَةُ
إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتْبَعُهَا، أَمَّا إذَا كَانَتْ
الْمُوصَى بِهَا أَوْ بِمَنْفَعَتِهَا حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ
فَإِنَّهُ وَصِيُّهُ، أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ
وَوَلَدَتْهُ الْمَوْهُوبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ
الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا، لِحُصُولِ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْقَابِلِ
حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْهُوبَةُ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْهِبَةِ
فَهُوَ هِبَةٌ، وَلَوْ رَجَعَ الْأَصْلُ فِي الْمَوْهُوبَةِ لَا يَرْجِعُ
فِي الْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْهِبَةِ وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ
الْقَبْضِ وَوَلَدُ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُعَارَةِ وَالْمَقْبُوضَةِ بَيْعٍ
فَاسِدٍ أَوْ بِسَوْمٍ، وَالْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَتْبَعُهَا فِي
الضَّمَانِ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَيْهِ تَابِعٌ لِوَضْعِ الْيَدِ
عَلَيْهَا، وَمَحْمَلُ الضَّمَانِ فِي وَلَدِ الْمُعَارَةِ إذَا كَانَ
مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَارِيَّةِ أَوْ حَادِثًا وَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ
فَلَمْ يَرُدَّهُ وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ فِي الرِّدَّةِ
وَأَبَوَاهُ مُرْتَدَّانِ فَمُرْتَدٌّ.
وَإِنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا أَوْ فِيهَا أَوْ أَحَدُ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ
فَمُسْلِمٌ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ نُجِّزَ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ
أَوْ الْمُدَبَّرَةِ لَمْ يَتْبَعْهَا وَلَدُهَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ،
وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ أُنْثَى لَمْ يَجُزْ
لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا شَبَّهَهُ بِهَا فِي الْعِتْقِ
بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لَمْ
تُبَعْ، فَإِنْ بِيعَتْ فِي رَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ فِي
جِنَايَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُسْتَوْلِدُ هِيَ وَأَوْلَادَهَا فَإِنَّهَا
تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا أَوْلَادُهَا
فَأَرِقَّاءُ لَا يُعْطَوْنَ حُكْمَهَا لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا قَبْلَ
الْحُكْمِ بِاسْتِيلَادِهَا، أَمَّا الْحَادِثُونَ بَعْدَ إيلَادِهَا
وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُمْ وَإِنْ بِيعَتْ
أُمُّهُمْ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ
عَلَيْهِ مَثَلًا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِمْ فَيَعْتِقُونَ بِمَوْتِهِ
دُونَ أُمِّهِمْ، بِخِلَافِ الْحَادِثِينَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِحُدُوثِهِمْ
فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَفِي قَوْلِهِ كَهِيَ جَرُّ ضَمِيرِ الْغَائِبَةِ
بِالْكَافِ وَهُوَ شَاذٌّ
(وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ لَا
يَعْتِقُونَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَهُ بَيْعُهُمْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فِي النَّجَاسَةِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمَبِيعَةِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَنْفَصِلْ (قَوْلُهُ
لَا يَرْجِعُ فِي الْوَلَدِ) أَيْ لَا يَنْفُذُ رُجُوعُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ:
وَأَمَّا أَوْلَادُهَا) أَيْ الَّذِينَ وُجِدُوا مِنْهَا بَعْدَ الْبَيْعِ
وَقَبْلَ عَوْدِهَا إلَى مِلْكِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَثَانِيهِمَا) ظَاهِرُهُ ثَانِي الضَّرْبَيْنِ وَلَيْسَ
كَذَلِكَ فَإِنَّ الضَّرْبَ الثَّانِي سَيَأْتِي وَلَعَلَّ فِي
الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَأَنَّهُ قَسَمَ الضَّرْبَ الْأَوَّلَ إلَى
قِسْمَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مَثَلًا فَسَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ
أَوَّلُهُمَا وَهَذَا ثَانِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا
يُعْتَبَرُ بِأَخَسِّهِمَا إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ فِي
الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يُعْتَبَرُ بِالْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا
لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ فِي حِلِّهِ أَوْ فِي إجْزَائِهِ كُلٌّ مِنْ
الْأَبَوَيْنِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَوْ لَا يَجْزِي إذَا كَانَ
أَحَدُهُمَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَدْ زَادَ هُنَا النَّجَاسَةَ
وَالْعَقِيقَةَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ هُنَاكَ الطَّهَارَةَ
وَالْعَقِيقَةَ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ يُغْنِي
عَنْهُ الْقَاعِدَةُ الَّتِي قَدَّمَهَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ
أَمَةِ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ (قَوْلُهُ: فِي
النَّجَاسَةِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ
الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ التَّدْبِيرِ. وَقَوْلُهُ أَوْ وُجُودُ الصِّفَةِ:
أَيْ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ
(قَوْلُهُ وَوَلَدُ الْمَبِيعَةِ) يَعْنِي حَمْلَهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا
بَعْدَهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ (قَوْلُهُ:
وَوَلَدُ مَالِ الْقِرَاضِ) يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ
الْمَوْهُوبَةُ) يَعْنِي الَّتِي قُبِضَتْ، فَقَوْلُهُ وَالْمَوْهُوبَةُ
إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتْبَعُهَا عَلَى إطْلَاقِهِ،
وَانْظُرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُكْمِ بِكَوْنِ وَلَدِهَا مَوْهُوبًا
أَوْ تَابِعًا (قَوْلُهُ: وَأَبَوَاهُ مُرْتَدَّانِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ
أَصْلٌ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا شَبَهُهُ إلَخْ) يَرِدُ
عَلَيْهِ نَحْوُ حُرْمَةِ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: هِيَ وَأَوْلَادُهَا) أَيْ
(8/438)
لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ
سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْحَادِثِينَ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ
فَلَوْ لَمْ يَنْفُذْ الِاسْتِيلَادُ لِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ ثُمَّ
اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا
مَوْضِعُ نَظَرٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَتَعَدَّى أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ
إلَى الْحَمْلِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا
تَأَكَّدَتْ تَأَكُّدًا لَا يَرْتَفِعُ وَالْوَلَدُ مُتَّصِلٌ، بِخِلَافِ
حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ عُرْضَةٌ لِلِارْتِفَاعِ،
وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ
إلَى الْحَمْلِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ
ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَقَالَ: لَوْ
وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ فَأَحْبَلَهَا وَقُلْنَا لَوْ
مَلَكَهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ
زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَهَلْ يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ حَتَّى
يَعْتِقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْمِلْكِ؟ أَجَابَ لَا
بَلْ يَكُونُ قِنًّا، لِلْمُشْتَرِي لَهُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ
بِحَالَةِ الْعُلُوقِ اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ
فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيِّدِ لِمِلْكِهِ إيَّاهَا حَالَةَ
عُلُوقِهَا الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ
(وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) مُقَدَّمًا عَلَى
الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ كَخَبَرِ «أَعْتَقَهَا
وَلَدُهَا» وَسَوَاءٌ اسْتَوْلَدَهَا فِي الصِّحَّةِ أَمْ الْمَرَضِ أَمْ
نَجَّزَ عِتْقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا فَوَّتَهُ
مِنْ مَنَافِعِهَا الَّتِي كَانَ يَسْتَحِقُّهَا إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّ
هَذَا إتْلَافٌ فِي مَرَضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي طَعَامِهِ
وَشَرَابِهِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَكْثَرَ
مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي
أَوْلَادِهَا الْحَادِثِينَ الْأَرِقَّاءِ لَهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِهَا مِنْ
الثُّلُثِ لِقَصْدِ الرِّفْقِ بِالْوَرَثَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ كَمَا تَصِحُّ
الْوَصِيَّةُ بِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ، قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ
كَالْمَالِ الَّذِي يُتْلِفُهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِالْأَكْلِ
وَالشُّرْبِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَهِيَ تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ
الْمَالِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لِلْوَصِيَّةِ هُنَا مَعْنًى.
وَجَزَمَ بِذَلِكَ الدَّمِيرِيِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ
مُحَصِّلُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ قَدْرَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ
الْمُتْلَفَةِ تُزَاحِمُ وَصَايَاهُ رِفْقًا بِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ
عَيْنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا
مَحْسُوبَةً مِنْ ثُلُثِهِ رِفْقًا بِوَرَثَتِهِ لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا
الصِّحَّةِ اهـ. وَمَا قَاسَهُ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ، وَلَوْ جَنَتْ
أُمُّ الْوَلَدِ لَزِمَ السَّيِّدَ فِدَاؤُهَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ
مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ
مَاتَتْ عَقِبَهَا لِمَنْعِهِ مِنْ بَيْعِهَا بِإِحْبَالِهَا
وَجِنَايَتِهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنَّمَا قَالَ وَعِتْقُ
الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَقُلْ وَعِتْقُهَا مَعَ
أَنَّهُ أَخْصَرُ لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ
مَذْكُورٍ وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، وَالْحُكْمُ
الْمَذْكُورُ شَامِلٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا
وَلَوْ أَتَتْ أَمَةُ شَرِيكَيْنِ بِوَلَدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَى
كُلٌّ سَبْقَ إيلَادِهِ فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ
السَّابِقُ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُؤْمَرَانِ
بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ كُلُّهَا لِلِاتِّفَاقِ
عَلَى ثُبُوتِ اسْتِيلَادِهَا وَوُقِفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَتَعَدَّى إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فِي
سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا الصِّحَّةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَمَا
قَاسَهُ) مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الثُّلُثِ،
وَقَاسَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ عَيْنًا وَأَوْصَى بِقِيمَتِهَا
مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَتْ أَمَةُ شَرِيكَيْنِ بِوَلَدٍ) أَيْ بِوَلَدٍ
حَدَثَ بَعْدَ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَا عَتَقَ
كُلُّهَا) أَيْ وَأَمَّا الْوَلَدُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَحُكْمُهُ
أَنَّهُ يَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ حَيْثُ أَمْكَنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ
وَالصُّورَةُ أَنَّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِمْ إذْ مَسْأَلَةُ الْحَمْلِ
سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: الْغَائِبَةُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَوْلَى
حَذْفُهُ لِإِيهَامِهِ.
(قَوْلُهُ: لِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مُسَاهَلَةٌ
لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا) يَعْنِي ذَكَرَ نَظِيرَهَا (قَوْلُهُ:
وَالْفَرْقُ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ فِي
دَعْوَاهُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ صُورَةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ
الثَّانِي) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْغَرَضَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّا قُلْنَا
بِثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فَكَانَ الْكَافِي فِي الْفَرْقِ مِلْكُهُ
إيَّاهَا حَالَ الْعُلُوقِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: كَخَبَرِ «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» ) أَيْ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ
الْعِتْقَ. إذْ لَوْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَى عِتْقٍ لَمْ يَصْدُقْ
ظَاهِرُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: يُزَاحِمُ وَصَايَاهُ) لَعَلَّهُ ثَمَّ إنْ
لَمْ يَفِ الثُّلُثَ بِجَمِيعِهَا عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ يُحْكَمُ بِعِتْقِ
بَاقِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَاسَ
عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَتْلَفَ عَيْنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ
إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِوَلَدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ أَوْلَدَهَا كُلٌّ
(8/439)
الْوَلَاءُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا حَتَّى
يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ
مِنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَا
مُعْسِرَيْنِ ثَبَتَ إيلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ،
فَإِذَا مَاتَا فَالْوَلَاءُ بَيْنَ عَصَبَتَيْهِمَا كَذَلِكَ، وَإِنْ
كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا ثَبَتَ الْإِيلَادُ فِي
نَصِيبِ الْمُوسِرِ إذْ لَا نِزَاعَ لِلْمُعْسَرِ فِيهِ وَالنِّزَاعُ فِي
نَصِيبِ الْمُعْسِرِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ، فَإِذَا مَاتَ
الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ لِوَرَثَتِهِ، فَإِذَا
مَاتَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ،
وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهَا. فَإِذَا
مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُوسِرِ
لِوَرَثَتِهِ وَوَلَاءُ الْآخَرِ مَوْقُوفٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ
الِاخْتِلَافُ عَكْسَهُ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنْتَ وَطِئْتَ
أَوَّلًا فَسَرَى إلَى نَصِيبِي وَهُمَا مُوسِرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا
فَقَطْ فَقَالَ الْبَغَوِيّ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُنْفِقَانِ عَلَيْهَا،
فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةِ يَسَارِهِمَا لَمْ يَعْتِقْ
نَصِيبُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ أَنَّ الْآخَرَ سَبَقَهُ وَعَتَقَ نَصِيبُ
الْحَيِّ لِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ وَلَاؤُهُ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ
كُلُّهَا وَوُقِفَ وَلَاءُ الْكُلِّ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ فِي
الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوَّلًا عَتَقَتْ كُلُّهَا نَصِيبُهُ بِمَوْتِهِ
وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ وَنَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِإِقْرَارِهِ وَوُقِفَ
وَلَاؤُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا
شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْمُوسِرِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ عَتَقَتْ
كُلُّهَا وَوَلَاءُ نَصِيبِهِ لِعَصَبَتِهِ وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْسِرِ
مَوْقُوفٌ، وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ
مِنْهُمَا أَنَّهُ أَوْلَدَهَا قَبْلَ إيلَادِ الْآخَرِ لَهَا وَقَدْ مَرَّ
حُكْمُهُ وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ بِوَقْفِ الْإِحْبَالِ
وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فِي أَيْدِيهِمْ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا
وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا
وَالِابْنُ أَخُونَا، وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ أُمُّ وَلَدِي وَوَلَدُهَا
مِنِّي، وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ جَارِيَتِي وَوَلَدُهَا عَبْدِي لَمْ
يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِمْ وَيَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي،
وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَيَعْتِقُ عَلَى
الثَّانِي نَصِيبُ مُدَّعِي الرِّقِّ مِنْ الْوَلَدِ وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ
فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ وَيَسْرِي إلَى حَقِّ مُدَّعِي الْمِلْكِ إنْ
كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا، وَذَلِكَ بَعْدَ
التَّحَالُفِ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَقَطْ لِأَنَّ الْقَائِلَ
هِيَ أُمُّ وَلَدِ أَبِينَا لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا عَلَى
الْآخَرَيْنِ فَلَا يُحَلِّفُهُمَا، نَعَمْ إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ ذَلِكَ
وَأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ حَلَّفَتْهُمَا عَلَى نَفْيِ
عِلْمِهِمَا بِأَنَّ أَبَاهُمَا أَوْلَدَهَا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَكُلٌّ
مِنْهُمَا يَدَّعِي مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ هَذَا يَقُولُ هِيَ
مُسْتَوْلَدَتِي وَهَذَا يَقُولُ هِيَ مِلْكِي فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا
عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ فِي الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِهِ. قَالَ
فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ: وَالْقَائِلُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ
أَبِينَا لَا غُرْمَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي شَيْئًا وَلَا عَلَيْهِ،
وَاَلَّذِي يَدَّعِي الْإِيلَادَ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِمُدَّعِي
الْمِلْكِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ
الْأَمَةِ وَالْوَلَدِ، كَذَا عَلَّلُوهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ
الصُّورَةُ فِيمَا إذَا سَلِمَ أَنَّهُ كَانَ لِمُدَّعِي الرِّقَّ فِيهَا
نَصِيبٌ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ
مُسْتَوْلَدَةٌ كَوْنُهَا مُشْتَرَكَةً مِنْ قَبْلُ، وَيَغْرَمُ
لِلثَّالِثِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا فِي يَدِ
الثَّلَاثَةِ حُكْمًا، قَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِالْيَدِ
عَنْ تَسَلُّمِ نَصِيبِ مُدَّعِي الرِّقِّ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
لُحُوقُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا
وَوِلَادَتِهِ فَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَدَّعِي الْإِيلَادَ يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
مِنْهُمَا وَلَدًا: أَيْ وَاشْتَبَهَا كَأَنْ مَاتَا، وَهَذَا هُوَ صَرِيحُ
الْعِبَارَةِ، وَالتَّفْصِيلُ الْآتِي لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِيهِ كَمَا
هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ:
أَنْتِ وُطِئْت) يَعْنِي أَحَبَلْت (قَوْلُهُ: فَسَرَى إلَى نَصِيبِي)
فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْمُوسِرُ أَحَدَهُمَا
فَقَطْ، إذْ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ لِلْآخَرِ فَسَرَى إلَى نَصِيبِي،
وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ الْآتِي
إذْ هَذَا مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) يَعْنِي مِنْ
الْمُعْسِرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِمْ) أَيْ لِأَنَّ
الْمُقِرَّ بِهِ غَيْرُ جَائِزٍ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَيْهِ) مَعْطُوفٌ
عَلَى لَهُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ لِمُدَّعِي
الْمِلْكِ) وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَغْرَمُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ
الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَالِدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ
قَوْلِهِ الْمَارِّ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ فَوَّتَ إلَخْ (قَوْلُهُ
لِأَنَّهَا فِي يَدِ الثَّلَاثَةِ حُكْمًا) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ دَعْوَى
الْأَوَّلِ أَنَّهَا عَتِيقَةٌ هِيَ وَوَلَدُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَا لَهُ مِنْ الْوَلَاءِ، لَكِنْ قَدْ يُنَافِي
هَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا
فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُنْظَرْ حُكْمُ الْوَلَاءِ عَلَى الْأُمِّ (قَوْلُهُ:
قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ جَوَابًا
(8/440)
فَالْيَدُ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ بَعْدَ
تَحَالُفِهِمَا فَيَغْرَمُ مُدَّعِي الْإِيلَادِ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ
وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ كَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا نَصِيبًا اهـ.
وَلَوْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً لَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَيَا
الِاسْتِبْرَاءَ وَحَلَفَا فَلَا نَسَبَ وَلَا إيلَادَ، وَإِنْ لَمْ
يَدَّعِيَاهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْ
أَحَدِهِمَا بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ
وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ
الثَّانِي أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ آخِرِهِمَا وَطْئًا
فَكَمَا لَوْ ادَّعَيَا الِاسْتِبْرَاءَ. الثَّانِي أَنْ يُمْكِنَ مِنْ
الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ أَقَلِّ
مُدَّةِ الْحَمْلِ وَأَكْثَرِهَا مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِمَا بَيْنَ
دُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَيَلْحَقُ
الْأَوَّلَ وَيَثْبُتُ الْإِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ، وَلَا سِرَايَةَ إنْ
كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَّى. الثَّالِثُ: أَنْ يُمْكِنَ
مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ
أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَلِمَا بَيْنَ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَيَلْحَقُهُ
وَيَثْبُتُ إيلَادُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَلَا سِرَايَةَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا
وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَّى. الرَّابِعُ أَنْ يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْ
كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَيَاهُ أَوْ
أَحَدُهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُمِرَ
بِالِانْتِسَابِ إذَا بَلَغَ
وَلَوْ كَانَ لَهُ أَمَةٌ خَلِيَّةٌ ذَاتُ وَلَدٍ فَقَالَ هَذَا وَلَدِي
مِنْ هَذِهِ لَحِقَهُ إنْ أَمْكَنَ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ،
فَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتهَا بِهِ فِي مِلْكِي أَوْ عَلِقَتْ بِهِ فِي
مِلْكِي أَوْ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِي مِنْ عَشْرِ
سِنِينَ وَالْوَلَدُ ابْنُ سَنَةٍ مَثَلًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ كَمَا
مَرَّ فِي بَابِهِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْعُلُوقُ فِي الْمِلْكِ
مُقْتَضٍ لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ
وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَمُجَرَّدُ احْتِمَالِ الْمَانِعِ لَيْسَ مَانِعًا،
وَلَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ وَلَا أَثَرَ
لِإِلْحَاقِ السَّيِّدِ، وَلَوْ كَانَتْ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا
لِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِالْفِرَاشِ وَلَا حَاجَةَ
إلَى الْإِقْرَارِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا الْإِمْكَانُ وَسَوَاءٌ أَجْرَى
الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ الْمَرَضِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ
قُبَيْلَ التَّدْبِيرِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ
أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُضْغَةُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ: أَيْ أَمَتُهُ حُرَّةٌ
فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْوَلَدَ انْعَقَدَ حُرًّا وَتَصِيرُ الْأُمُّ
بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ
حَتَّى يُقِرَّ بِوَطْئِهَا: أَيْ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ
أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ انْتَهَى، وَهُوَ
ظَاهِرٌ. وَفِي فُرُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ: لَوْ قَالَتْ الْأَمَةُ الَّتِي
وَطِئَهَا السَّيِّدُ أَلْقَيْتُ سِقْطًا صِرْتُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ
فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ إلْقَاءَهَا ذَلِكَ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ:
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ السَّيِّدِ
لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ لَا سِيَّمَا إذَا أَنْكَرَ الْإِسْقَاطَ
وَالْعُلُوقَ مُطْلَقًا، وَفِيمَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ احْتِمَالٌ،
وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَا
يَبْقَى الْحَمْلُ مُنْتَسِبًا إلَيْهَا اهـ. وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى
أَنَّهَا أَسْقَطَتْ وَادَّعَتْ أَنَّهُ سَقَطَ مُصَوَّرٌ وَقَالَ بَلْ لَا
صُورَةَ فِيهِ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ
مَعَهُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ.
وَإِذَا صَارَتْ الْأَمَةُ فِرَاشًا لِرَجُلٍ وَمَعَهَا وَلَدٌ فَأَقَرَّتْ
بِأَنَّهُ وَلَدٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا بَلْ الْقَوْلُ
قَوْلُ صَاحِبِ الْفِرَاشِ، وَلَوْ تَنَازَعَ السَّيِّدُ
وَالْمُسْتَوْلَدَةُ فِي أَنَّ وَلَدَهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ
أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَهُوَ الثُّلُثُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً لَهُمَا) أَيْ عَلَى خِلَافِ
مَنْعِنَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْوَطْءِ
(قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا) أَيْ أَوْ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ
(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ السَّيِّدِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ لَا يَبْقَى الْحَمْلُ إلَخْ) أَيْ
لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ
فَتُصَدَّقُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ
الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
عَمَّا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ.
(قَوْلُهُ: فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ أَلْحَقَهُ
الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ انْتَسَبَ هُوَ بَعْدَ بُلُوغِهِ هَلْ
يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِيلَادِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي مِلْكِي مِنْ عَشْرِ سِنِينَ) اُنْظُرْ هَلْ
مِثْلُهُ مَا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ
وَلَمْ يَذْكُرْهُ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ ابْنُ سَنَةٍ مَثَلًا) اُنْظُرْ
هَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ ابْنَ سَبْعَةٍ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ
أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ قَبْلَ الْمِلْكِ وَحَمَلَتْ أَكْثَرَ مُدَّةِ
الْحَمْلِ يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) لَا حَاجَةَ
إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَرَّ (قَوْلُهُ: احْتِمَالِ الْمَانِعِ) أَيْ كَرَهْنٍ
مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْأَمَةُ غَيْرُ الْمُزَوَّجَةِ
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فِي
حَوَاشِيهِ: وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي بَطْنِهَا لِأَنَّ
الْأَصْلَ عَدَمُهُ
(قَوْلُهُ: بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْفِرَاشِ) بَلْ قَضِيَّةُ مَا
مَرَّ لُحُوقُهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَلْيُرَاجَعْ
(8/441)
السَّيِّدِ وَالْوَارِثِ وَتُسْمَعُ
دَعْوَاهَا لِوَلَدِهَا حِسْبَةً
وَلَوْ كَانَ لِأَمَتِهِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لَهُ
وَلَا مُزَوَّجَةً فَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي، فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ
لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ يَقْتَضِي الِاسْتِيلَادَ فَالْآخَرَانِ رَقِيقَانِ
وَإِنْ اقْتَضَاهُ بِأَنْ اعْتَرَفَ بِإِيلَادِهَا فِي مِلْكِهِ لَحِقَهُ
الْأَصْغَرُ أَيْضًا لِلْفِرَاشِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ
عَيَّنَ الْوَارِثُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقَائِفُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ
فَالْقُرْعَةُ، ثُمَّ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ لَا يَقْتَضِي إيلَادًا
وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ
نَسَبُهُ، وَلَا يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ فَالصَّغِيرُ
نَسِيبٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَيَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ لِيَرِقَّ
غَيْرُهُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ، فَإِنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ
عَتَقَ مَعَهُ. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: اخْتَلَفَ أَهْلُ
الْعِلْمِ فِي النُّطْفَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَرْبَعِينَ عَلَى
قَوْلَيْنِ: قِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ السِّقْطِ وَالْوَأْدِ،
وَقِيلَ لَهَا حُرْمَةٌ وَلَا يُبَاحُ إفْسَادُهَا وَلَا التَّسَبُّبُ فِي
إخْرَاجِهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الرَّحِمِ، بِخِلَافِ الْعَزْلِ
فَإِنَّهُ قَبْلَ حُصُولِهَا فِيهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِي
تَعَالِيقِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ قَالَ الْكَرَابِيسِيُّ: سَأَلَتْ أَبَا
بَكْرِ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْفُرَاتِيَّ عَنْ رَجُلٍ سَقَى جَارِيَتَهُ
شَرَابًا لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا فَقَالَ: مَا دَامَتْ نُطْفَةً أَوْ
عَلَقَةً فَوَاسِعٌ لَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.
وَقَدْ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِحْيَاءِ
فَقَالَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْعَزْلَ خِلَافُ الْأَوْلَى مَا
حَاصِلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا كَالِاسْتِجْهَاضِ وَالْوَأْدِ لِأَنَّهُ
جِنَايَةٌ عَلَى مَوْجُودٍ حَاصِلٍ، فَأَوَّلُ مَرَاتِبِ الْوُجُودِ وَقْعُ
النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ فَيَخْتَلِطُ بِمَاءِ الْمَرْأَةِ
فَإِفْسَادُهَا جِنَايَةٌ، فَإِنْ صَارَتْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً
فَالْجِنَايَةُ أَفْحَشُ، فَإِنْ نُفِخَتْ الرُّوحُ وَاسْتَقَرَّتْ
الْخِلْقَةُ زَادَتْ الْجِنَايَةُ تَفَاحُشًا، ثُمَّ قَالَ: وَيَبْعُدُ
الْحُكْمُ بِعَدَمِ تَحْرِيمِهِ.
وَقَدْ يُقَالُ: أَمَّا حَالَةُ نَفْخِ الرُّوحِ فَمَا بَعْدَهُ إلَى
الْوَضْعِ فَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُقَالُ
إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى بَلْ مُحْتَمِلٌ لِلتَّنْزِيهِ وَالتَّحْرِيمِ،
وَيَقْوَى التَّحْرِيمُ فِيمَا قَرُبَ مِنْ زَمَنِ النَّفْخِ لِأَنَّهُ
حَرِيمُهُ، ثُمَّ إنْ تَشَكَّلَ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ وَأَدْرَكَتْهُ
الْقَوَابِلُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ النُّطْفَةُ مِنْ
زِنًا فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْجَوَازُ. فَلَوْ تُرِكَتْ حَتَّى نُفِخَ
فِيهَا فَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا
وَالْمَوْطُوءَةُ حَرْبِيَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ مِنْ
الْجِهَتَيْنِ.
وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ اللَّبَّانِ عَنْ مُسْلِمٍ زَنَى بِذِمِّيَّةٍ مَا
حُكْمُ الْوَلَدِ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَلَمْ يُجِبْ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَقَالَ
لَهُ السَّائِلُ: إنَّ ابْنَ حَزْمٍ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّ
الْوَلَدَ مُسْلِمٌ اعْتِبَارًا بِالدَّارِ، وَعِنْدَ هَذَا فَلَا شَكَّ
فِي احْتِرَامِهِ لَا سِيَّمَا إذَا قَصَدَ بِالْوَطْءِ قَهْرَهَا
فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ اهـ
مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَا يَخْفَى أَنَّ
الْمَرْأَةَ قَدْ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِحَمْلِ زِنًا وَغَيْرِهِ، ثُمَّ هِيَ
إمَّا أَمَةٌ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا الْوَاطِئِ لَهَا وَهِيَ
مَسْأَلَةُ الْفُرَاتِيِّ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَيْسَ هُوَ الْوَاطِئُ.
وَهِيَ صُورَةٌ لَا تَخْفَى، وَالنَّقْلُ فِيهَا عَزِيزٌ، وَفِي مَذْهَبِ
أَبِي حَنِيفَةَ شَهِيرٌ.
فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ، وَقَدْ
تَكَلَّمَ الْغَزَالِيُّ عَلَيْهَا فِي الْإِحْيَاءِ بِكَلَامٍ مَتِينٍ
غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْرِيمِ اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي) أَيْ فَقَالَ السَّيِّدُ أَحَدُهُمْ
إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْوَأْدُ) أَيْ قَتْلُ الْأَطْفَالِ (قَوْلُهُ:
فَوَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ
(قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالدَّارِ) ضَعِيفٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ) وَمِثْلُهُ هُنَا مَا لَوْ عَيَّنَ
غَيْرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي
قَوْلِهِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ
التَّعْيِينِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْأَوْسَطَ،
وَسَكَتَ عَمَّا إذَا عَيَّنَ الْأَكْبَرَ أَوْ الْأَصْغَرَ وَالْحُكْمُ
فِيهِمَا ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: عَتَقَ وَحْدَهُ) أَيْ حُكِمَ
بِعِتْقِهِ: أَيْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ هَذَا ابْنِي إذْ هُوَ مِنْ صِيَغِ
الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ:
أَيْ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي النَّسَبِ (قَوْلُهُ:
وَيَبْعُدُ الْحُكْمُ بِعَدَمِ تَحْرِيمِهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ
(قَوْلُهُ: وَيَقْوَى التَّحْرِيمُ) أَيْ احْتِمَالُ التَّحْرِيمِ
(قَوْلُهُ: فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْجَوَازُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ
بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْجِهَتَيْنِ) لَعَلَّ مَحَلَّ
هَذَا قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ وَإِلَّا فَيُنَافِي مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: زَنَى بِذِمِّيَّةٍ) لَعَلَّ صَوَابَهُ بِحَرْبِيَّةٍ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَصَدَ بِالْوَطْءِ
قَهْرَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مُسْلِم بِاعْتِبَارِ الدَّارِ) اُنْظُرْ هَلْ
الصُّورَةُ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ
مَسْأَلَةُ الْفُرَاتِيِّ) الَّذِي مَرَّ عَنْ الْفُرَاتِيِّ أَنَّ
السَّيِّدَ سَقَى جَارِيَتَهُ
(8/442)
وَالرَّاجِحُ تَحْرِيمُهُ بَعْدَ نَفْخِ
الرُّوحِ مُطْلَقًا وَجَوَازُهُ قَبْلَهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ابْنِ
حَزْمٍ فَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا بِأَنَّ
الْوَلَدَ كَافِرٌ، وَبَيَّنَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ مَرْدُودٌ،
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا كُلُّهُ فِي اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ بَعْدَ
الْإِنْزَالِ، فَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ، أَمَّا اسْتِعْمَالُ
الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ دَوَاءً لِمَنْعِ الْحَبَلِ فَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا
الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ
وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ، وَبِهِ أَفْتَى الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ،
فَسُئِلَ عَمَّا إذَا تَرَاضَى الزَّوْجَانِ الْحُرَّانِ عَلَى تَرْكِ
الْحَبَلِ هَلْ يَجُوزُ التَّدَاوِي لِمَنْعِهِ بَعْدَ طُهْرِ الْحَيْضِ.
أَجَابَ لَا يَجُوزُ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى
الْعَزْلِ، وَلَيْسَ فِيهِ سِوَى سَدُّ بَابِ النَّسْلِ ظَنًّا وَإِنَّ
الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا، وَعَلَى الْقَوْلِ
بِالْمَنْعِ فَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَ مَا يَمْنَعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَبَيْنَ
مَا يَمْنَعُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَيَكُونُ كَالْعَزْلِ لَكَانَ
مُتَّجِهًا. وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْبَالِسِيِّ نَحْوُ هَذَا اهـ
كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ قَالَ الْأَصْحَابُ: فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ أُهْبَةَ
النِّكَاحِ يَكْسِرُهَا بِالصَّوْمِ وَلَا يَكْسِرُهَا بِالْكَافُورِ
وَنَحْوِهِ، وَعَبَّرَ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ
فِي قَطْعِ شَهْوَتِهِ اهـ. وَفَهِمَ جَمْعٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ
وَالْمُصَنِّفِ تَحْرِيمَ الْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ
الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ. وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى
مَا يُفَتِّرُ الشَّهْوَةَ فَقَطْ وَلَا يَقْطَعُهَا، وَلَوْ أَرَادَ
إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ،
وَالْحُرْمَةُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ
مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ
أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَالْقَفَّالُ فِي
فَتَاوِيهِ: أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مُتَظَافِرَةٌ
عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ
الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يُنَصِّبَ الْإِمَامُ مَنْ
يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ.
وَعَارَضَهُمْ الْفَزَارِيّ فَأَفْتَى بِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجِبُ
عَلَيْهِ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ بِحَالٍ وَلَا تَخْمِيسُهَا وَلَا
تَفْضِيلُ بَعْضِ الْغَانِمِينَ وَحِرْمَانُ بَعْضِهِمْ، وَزَعَمَ أَنَّ
سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْتَضِي
ذَلِكَ. وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ خَارِقٌ
لِلْإِجْمَاعِ فِيهِ هَذَا إنْ كَانَ مَأْخُوذًا بِالْقَهْرِ، فَإِنْ كَانَ
مَسْرُوقًا أَوْ مُخْتَلَسًا خُمِّسَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا
لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ
الْحَرْبِيُّ مِنْ مِثْلِهِ يَمْلِكُهُ وَأَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا قَهَرَ
حَرْبِيًّا مَلَكَهُ.
وَالنَّصُّ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ
بِقِتَالٍ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ، فَمَحَلُّ مَا
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ
غَنِيمَةٍ لَمْ تُخَمَّسْ، وَإِلَّا فَمَا يُبَاعُ مِنْ السَّرَارِي وَلَمْ
يُعْلَمْ حَالُهُ وَالْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْ
هَذَا الْقَبِيلِ، وَكَانَ بَعْضُ الْمُتَوَرِّعِينَ إذَا أَرَادَ
التَّسَرِّيَ بِأَمَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ،
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَجُوزُ لَهُ
تَمَلُّكُ الْأَمَةِ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا
حِينَئِذٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِلْجَهْلِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ.
وَفِي كَلَامِ التَّاجِ ابْنِ الْفِرْكَاحِ أَنَّ الْغَلُولَ فِي
الْغَنِيمَةِ يَحْرُمُ مَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ عَلَى الْوَجْهِ
الْمَشْرُوعِ، فَإِذَا تَغَيَّرَ الْحَالُ جَازَ لِمَنْ ظَفِرَ بِقَدْرِ
حَقِّهِ وَبِمَا دُونَهُ أَنْ يَخْتَزِلَهُ وَيَكْتُمَهُ اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ الْأَخْذِ ظَفَرًا فِي الْغَنِيمَةِ فَضْلًا عَنْ
بَيْتِ الْمَالِ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ
الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ السُّلْطَانُ إلَى
كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ
لِأَحَدِهِمْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ قَالَ فِيهِ أَرْبَعَةُ
مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا، لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ اسْتِعْمَالِ مَا يَمْنَعُ الْحَبَلَ
قَبْلَ إنْزَالِ الْمَنِيِّ حَالَةَ الْجِمَاعِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ
يُقَالُ هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَزْلِ) مُعْتَمَدٌ أَيْ وَالْعَزْلُ
مَكْرُوهٌ فَيَكُونُ هَذَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فُرِّقَ إلَخْ)
مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ مَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ) أَيْ مُدَّةَ
كَوْنِ الْغَنِيمَةِ تُقَسَّمُ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخْتَزِلَهُ)
أَيْ يَأْخُذَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ) مُعْتَمَدٌ،
وَقَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ مُطْلَقًا) اُنْظُرْ وَلَوْ كَانَ مِنْ
حَرْبِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ
مِنْ الْإِجْهَاضِ. وَصُورَتُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الْإِنْزَالِ
أَنْ تَسْتَعْمِلَ دَوَاءً يُوجِبُ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ أَجْهَضَتْ،
وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الدَّوَاءِ الْمَانِعِ لِلْحَبَلِ فَسَيَأْتِي
بَعْدُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طُهْرِ الْحَيْضِ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ
إلَيْهِ وَلَعَلَّ صُورَةَ السُّؤَالِ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أُصُولُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ) الْإِضَافَةُ
إلَيْهَا بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَعَارَضَهُمْ) كَانَ الظَّاهِرُ
وَعَارَضَهُمَا (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُ الْأَمَةِ) أَيْ وَلَا
يَحْتَاجُ إلَى
(8/443)
يُدْرَى حِصَّتُهُ مِنْهُ حَبَّةٌ أَوْ دَانِقٌ أَوْ غَيْرُهُمَا قَالَ
الْغَزَالِيُّ وَهَذَا غُلُوٌّ لَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي: يَأْخُذُ كُلَّ
يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ. وَالثَّالِثُ كِفَايَةَ سَنَةٍ. وَالرَّابِعُ: مَا
يُعْطَى وَهُوَ حَقُّهُ وَالْبَاقُونَ مَظْلُومُونَ قَالَ وَهَذَا هُوَ
الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَكًا كَالْغَنِيمَةِ وَالْمِيرَاثِ
لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُمْ، حَتَّى لَوْ مَاتُوا قُسِّمَ بَيْنَ
وَرَثَتِهِمْ وَهُنَا لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ شَيْئًا، وَهَذَا إذَا
صُرِفَ إلَيْهِ مَا يَلِيقُ صَرْفُهُ إلَيْهِ اهـ. وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ، وَمُقْتَضَاهُ إلْحَاقُ ذَلِكَ
بِالْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَنَّ الْأَخْذَ ظَفَرًا مِمَّا
يَسْتَحِقُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ مُنِعَ
الْمُتَكَلَّمُ فِي أَمْرِهِ الْمُسْتَحَقَّ. وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ
ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْعَ ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا سَبَقَ
عَنْهُ مِنْ مَنْعِ الْأَخْذِ حَيْثُ لَمْ يَدْفَعْ السُّلْطَانُ إلَى
كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ.
وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَعْطَى رَجُلًا
مِنْ الْجُنْدِ مِنْ الْمَغْنَمِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ
خَمَّسَهُ وَلَمْ يُقَسِّمْ الْبَاقِي قِسْمَةً شَرْعِيَّةً وَجَبَ
الْخُمُسُ فِي الَّذِي صَارَ إلَى هَذَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ
بِالْبَاقِي حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْ الْغَانِمِينَ
قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْ هَذَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ صَرْفُ مَا صَارَ
إلَيْهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى الْقَاضِي كَسَائِرِ
الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ
النَّفْلِ بِشَرْطِهِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَبَقَ عَنْ الْمَجْمُوعِ
نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَ مَالِ الْغَنِيمَةِ وَبَيْنَ
مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ
الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ قَالَ كَذَبْتُ فِي دَعْوَايَ
وَحَلِفِي وَالْجَارِيَةُ لِمَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يُقْبَلْ
قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَا اسْتِيلَادِهَا لِأَنَّ
إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرُهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ
وَالْأُمِّ مَعَ الْمَهْرِ، وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا
لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ، فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ،
فَإِنْ وَافَقَتْهُ الْجَارِيَةُ عَلَى الرُّجُوعِ لَمْ يَبْطُلْ
الْإِيلَادُ، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَنْكَرَ وَحَلَفَ وَأَوْلَدَ
الْجَارِيَةَ ثُمَّ عَادَ وَقَالَ كُنْتُ مُبْطِلًا فِي إقْرَارِي
وَالْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعِي فَالْحُكْمُ فِي الْمَهْرِ وَقِيمَةِ
الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةِ وَالِاسْتِيلَادِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي طَرَفِ
الْمُدَّعِي قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ
كِفَايَةٌ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ
لِسُؤَالِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ لَنَا فِي ذَلِكَ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لَهُ
(وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ) هُوَ خَلَقَ الْقُدْرَةَ وَالدَّاعِيَةَ إلَى
الطَّاعَةِ كَمَا مَرَّ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: خَلَقَ الطَّاعَةَ
وَالْخِذْلَانُ ضِدُّهُ.
وَلَمَّا كَانَ تَأْلِيفُ كِتَابِهِ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ
أَشَارَ إلَى التَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ لِاخْتِصَاصِ
التَّوْفِيقِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْدِيمِهِ
الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فَالتَّوْفِيقُ بِهِ تَعَالَى لَا بِغَيْرِهِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنُهْدَى
لَوْلَا أَنْ هُدَانَا اللَّهُ) أَتَى بِهِ اقْتِدَاءً بِأَهْلِ الْجَنَّةِ
حَيْثُ قَالُوا ذَلِكَ فِي دَارِ الْجَزَاءِ الْمَجْعُولَةِ خَاتِمَةَ
أَمْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ
الْقُشَيْرِيُّ: هَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ وَإِقْرَارٌ بِأَنَّهُمْ لَمْ
يَصِلُوا إلَى مَا وَصَلُوا إلَيْهِ مِنْ حُسْنِ تِلْكَ الْعَطِيَّاتِ
وَعَظِيمِ تِلْكَ الْمَرَاتِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ حَقُّهُ أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ
يَفْعَلَ فِي الْعَدُوِّ نِكَايَةً تَقْتَضِي تَمْيِيزَهُ عَنْ غَيْرِهِ
بِمَا دَفَعَهُ لَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ) هَذِهِ عُلِمَتْ
مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ نَزَعَ أَمَةً بِحُجَّةٍ ثُمَّ
أَحْبَلَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَخْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرشيدي]
الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ وَانْظُرْهُ، مَعَ أَنَّ الظَّافِرَ إذَا ظَفِرَ
بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَبِيعُهُ وَيَتَمَلَّكُ بِهِ
جِنْسَ حَقِّهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ جَارِيَةِ
بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ حَقُّهُ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَهُوَ قَيْدٌ
يَخْرُجُ بِهِ مَا زَادَ عَلَى حَقِّهِ، لَكِنْ قَدْ يُغْنِي عَنْ هَذَا
قَوْلُهُ الْآتِي وَهَذَا إذَا صُرِفَ إلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ إلَخْ)
قَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ آنِفًا مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ:
وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إلَخْ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ كَمَا لَا
يَخْفَى وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ أَيْضًا بِمَا فِيهَا. |