التلقين
في الفقة المالكي
كتاب العتق والولاء وما يتصل به من عقوده
ولا يجوز تبعيض العتق ابتداء ومن بعض العتق
باختياره له أو بسبب لزمه تكميله كان باقي
المعتق له أو لغيره بشرطين:
أحدهما: وجود ثمنه والآخر بقاء ملكه وقيل في
هذا يلزم في ثلاثة سواء كان أحد الثلاثة مسلما
أو ذميا ولا يعتق نصيب شريكه بالسراية ولكن
بعد أن يقوم عليه ويدفع القيمة إلى الشريك
وتكون القيمة يوم الحكم.
والولاء لمن أعتق عليه ولا يراعى في ذلك
اختيار الشريك أو العبد أو إباؤهما إلا أن
يبدل الشريك إعتاق نصيبه فيكون له ذلك ويسقط
حينئذ عن المبتدي بالإعتاق والتكميل.
وإن كان باقية له فقيل بالسراية وقيل بالحكم
وإن كان مريضا قوم عليه نصيب الشريك في ثلثه
وعتق باقيه إن كان له في الثلث.
ومن لم يجد ثمن حصة الشريك كاملة قوم عليه
بقدر ما يجده منها وبقي الباقي رقا وإن مات
العبد قبل تقويمه مات عبدا وسقطت المطالبة عن
العتق وإذا بعض العتق عدة الشركاء في لفظ متفق
زمانه قوم باقية على عدد رؤوسهم فإن كان بعضهم
بعد بعض ألزم الأول دون من بعده.
وإذا أعتق المريض المحجور عليه عبيدا له هم
جميع ماله أقرع بينهم بعد موته فاعتق ثلثهم
ممن وقع عليه السهم ورق باقيهم ولو أعتق جزءا
منهم فذلك على ضربين أن نسب الجزء إلى جميعهم
أقرع بينهم كأنه قال ثلث عبيدي أحرار أو ربعهم
وإن نسب إلى كل واحدة عتق ذلك القدر من كل
واحد بغير قرعة.
ومن مثل بعبده مثلة بينة ظاهرة قاصدا لذلك عتق
قيل بنفس المثلة وقيل بالحكم وله ولاؤه وإن
كان ذلك عن غير قصد وإنما جر إليه غيره لم
يعتق عليه ويعتق الحمل بإعتاق الحامل ولا تعتق
الحامل بعتق الحمل ولا يجوز إعتاق دون البالغ
ولا غير العاقل ولا المولى عليه وإن كان بالغا
عاقلا ولا المديان إلا بإجازة غرمائه
ولاالراهن إلا بيساره.
(2/203)
ويعتق بالقرابة
ثلاثة أصناف عمود النسب علوا أو سفلا والإخوة
نفسها من غير مجأوزة إلى ولدها وعتقهم بنفس
الملك من غير حاجة إلى حكم.
فصل
والولاء للمعتق إذا كان عنه فإن كان عن غيره
فلمعتق عنه بإذنه كان أو بغير إذنه وولاء
السائبة للمسلمين ولا يحل بيع الولاء ولا هبته
وهو لعصبته المعتق الذكور ولا شيء للإناث
وأولاهم به الابن ثم ابنه ثم الأب ثم ولد الأب
والأم ثم ولد الأب ثم بنوهم على ترتيب آبائهم
ثم الجد ثم العمومة على ترتيب الإخوة ثم بنوهم
على ترتيب آبائهم ثم الجد ثم العمومة على
ترتيب الإخوة ثم بنوهم آبائهم ثم الموالي
ذكورهم دون إناثهم بخلاف النسب.
ويستحق الولاء بالكبر لا يصل إلى البطن الثاني
إلا بعد انقراض البطن الذي قبله وصورة ذلك أن
يترك الرجل ثلاثة بنين وله ولاء فيموت أثنان
عن ولد ثم يموت المولي فيكون ميراثه للباقي
دون ولد أخويه.
ولا ولاء بموالات ولا على منبوذ لملتقطه ولا
لغيره ولا على من أسلم على يدي رجل ولا ولاء
لعبد فيما يعتقه وإن كان بإذن سيده إلا أن
يعتق قبل علم سيده ولا لمن فيه بقية رق أو عقد
من عقود العتق والولاء لسادتهم ولا يرجع إليهم
بعد عتقهم إلا المكاتب وحده وكذلك المسلم يعتق
الكافر.
وجر الولاء ثابت ولا يجره إلا الأب أو الجد
وصفته أن يتزوج عبد معتقة لقوم فيولدها فإن
ولاء ولده منها لموالي أمه ما دام الأب رقا
فإن عتق جر ولاء ولده إلى معتقه.
ولو كان للعبد أب عبد فأعتق قبل ابنه جر ولاء
ابنه إلى من أعتقه ما دام ابنه رقيقا فإن أعتق
الابن جر ولاء ولده إلى مواليه وانتقل عن
موالي أبيه الذي هو الجد فإن تزوج العبد حرة
لا ولاء عليها ورث من يموت من ولدها بعد نصيب
أمه المسلمون.
وإن أعتق العبد قبل موت الولد جر ولاءهم إلى
معتقه ولا يكون جر الولاء فيمن مسه رق.
(2/204)
وولد الملاعنة
العربية لا ولاء عليه وإن كانت معتقة كان
لمواليها فإن اعترف به الأب عاد إليه أو إلى
مواليه ولا ولاء لامرأة إلا في ثلاثة مواضع:
أحدها: أن تعتق مباشرة.
والثاني: أن تعتق معتقها.
والثالث: أن يموت معتقها عن ولد من أمته أو من
معتقته.
فأما عتقها بالمباشرة فإنها إذا أعتقت عبدا أو
أمة فماتا عن غير وارث فميراثه لها وما يعتقه
معتقها فمثل أن يعتق هذا العبد الذي أعتقه
عبدا ويموت المعتق الأول عن غير وارث فيكون
ولاء الثاني لها. والقسم الثالث أن يتزوج
عبدها أمة فيولد له ثم تعتقه أو يتزوج بعد
عتقه فيكون الولاء لها إما ابتداء أو جرا على
الترتيب الذي قدرناه.
(2/205)
فصل
الكتابة جائزة لا يجبر السيد عليها إن طلبها
العبد بقيمته أو بأكثر أو بأقل وفي إجبار
السيد إياه عليها خلاف وهي جائزة بما يتراضيان
عليه من القليل والكثير بكل ما يجوز أن يكون
عوضا في بيع أو إجازة أو نكاح كالوصفاء وإن لم
يوصفوا ويلزم الوسط منهم ولا تكون إلا منجمة
أو مؤجلة فإن كانت حالة جاز وتكون قطاعه وهي
عتق بصفة أداء جميعها.
ويرق بالعجز عن بعضها قل أم كثر ويستحب للسيد
وضع شيء من آخرها قل أو كثر من غير إيجاب
وللمكاتب تعجيلها ويعتق لوقته وليس للسيد
الامتناع عليه وبيع رقبة المكاتب غير جائز
وبيع كتابته جائز من المكاتب وغيره وجوازها
منه على الإطلاق بكل ما كمان يجوز ابتداؤها به
ومن غيره بعرض معجل إن كانت ذهبا أو ورقا وإن
كانت بعرض فيذهب أو ورق بعرض مخالف له معجل كل
ذلك جائز.
فإذا أدى إلى المشتري كتابته عتق وكان ولاؤه
لمكاتبه دون مشترى كتابته وإن عجز رق وكانت
رقبته ملكا للمشتري كتابته.
ولا تجوز بيع نجم منها وفي بيع الجزء خلاف.
وإذا أعتق المكاتب تبعه ماله وولده الذين
حدثوا من أمته بعد عقد كتابته دون من كان
قبلها بولادة أو حمل أو من زوجة إلا أن
يشترطهم في كتابته فيعتقون بعتقه وإذا مات
المكاتب عن ولد معه في كتابته إما بالشرط أو
بمقتضى العقد لم تنفسخ الكتابة بموته وتؤدى
الكتابة حالة إن ترك وفاء ثم لهم ما بقي إرثا
دون ولده الأحرار الذين لم يدخلوا معه في
كتابة وإن لم يترك وفاء وقوى ولده على السعي
سعوا وأدوا باقي الكتابة وإن كانوا صغارا أدي
عنهم إن كان في المال وفاء وإلا أتجر لهم به
وأدى على نجومه إلى بلوغهم فإن قدروا على
السعي وإلا رقوا.
(2/206)
ويجوز الجمع
بين عدة عبيد في كتابة واحدة ويلزم كل واحد
منهم بقدر قوته وبعضهم حملاء عن بعض.
وليس للعبد تعجيز نفسه مع قدرته على الأداء
ولا للسيد تعجيزه وفي اتفاقهما على ذلك خلاف
إلا أن يكون له ولد فلا يجوز.
وإذا أوصى السيد لمكاتبه بكتابته كلها وضع في
الثلث الأقل من قيمتها أو قيمة رقبته فإن حمل
الثلث ذلك وإلا بقدر ما يحمله.
وليس للمكاتب أن يتصرف في ماله بإتلاف ولا
غيره إلا بما يؤدى إلى مصلحته وتنميته ولا
ينكح ولا يسافر إلا بإذن سيده وحاله في جراحه
وحدوده وشهادته وطلاقه وقذفه وغير ذلك حال
العبد.
ولا يجوز للسيد وطء مكاتبه ولا انتزاع مال
مكاتبه وعقل ما يخرح به المكاتب له يحتسب به
من كتابته.
فصل
والتدبير إيجاب وإلزام وهو أن يقول السيد
لعبده أنت مدبر أو قد دبرتك أو أنت حر عن دبر
مني أو إذا مت فأنت حر بالتدبير أو لفظ يفيد
تعليق عتقه بموته على الإطلاق لا على وجه
الوصية فإن قيد ذلك بوجه مخصوص كقوله إن مت من
مرضي هذا كان وصية ولم يكن تدبيرا أو إن قال
أنت حر بعد موتي فقيل يكون وصية وقيل: يكون
تدبيرا.
ولا يجوز بيع المدبر ولا إبطال تدبيره ويكمل
بتبعيض التدبير كالعتق.
وللسيد انتزاع مال مدبره واستخدامه واجارته
ووطؤها إن كانت أمة وجنايته في خدمته.
وإذا مات سيده عتق في ثلثه أو ما يحمله الثلث
وإن كان عليه دين يستغرق تركته رق وبطل وبطل
تدبيره وإن لم يترك غيره عتق ثلثه ورق باقية
للورثة.
وللسيد مقاطعته على مال يتعجل به إعتاقه وحاله
في جراحه وحدوده وطلاقه وشهادته حال عبد.
(2/207)
فصل
حمل الأمة من سيدها الحر يوجب لها حرمة يمنع
بيعها وهبتها وإجارتها وإسلامها في جناية
وعتقها عن سبب موجب للعتق ولا يبقى للسيد فيها
إلا الاستمتاع وما يقرب من الاستخدام الذي لا
يشق مثله فإذا مات عتقت من رأس ماله لا يردها
دين قبل حملها أو بعده ولا يراعى وضع ولد كامل
الخلقة بل مااستحال عن النطفة إلى علقة أو
مضغة فتثبت لها به حرمة الاستيلاد وإن ولدت
منه قبل ملكه وهي زوجة لم تكن بذلك أم ولد فإن
ملكها حاملا ففيها روايتان وليس له مكاتبتها
وله انتزاع مالها وولد كل من وجبت له عقد عتق
من مدبر ومكاتب وأم ولد ومعتق إلى أجل فإن كان
عن وطء بزوجيه أو زنا فهو تابع في الحرية
والرق لأمه وإن كان عن وطء بملك يمين فهو تابع
لأبيه.
وللسيد إجارة ولد أم ولده بخلاف أمهم ولا يجوز
إسلامها في جناية ويلزم السيد افتكاكها بأقل
من الأرش أو قيمتها وحكمها في الحدود
والشهادات والعدة حكم الأمة.
(2/208)
|