التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
الاستبراء)
1911 - ومن اشترى أمة مستحاضة - يعلم ذلك - استبرأها بثلاثة أشهر، إلا أن
لا يبرئها ذلك وتشك، فيرتفع بها إلى تسعة أشهر، والتي رفعتها حيضتها
بمنزلتها، إلا أن ترى المستحاضة دماً توقن هي والنساء أنه دم حيض، فتحل
[به]
(2/455)
متى ما رأته، كالمستحاضة ترى دماً وهي في
عدتها من موت أو طلاق توقن هي والنساء أنه دم حيض فيكون ذلك قرءاً تحتسب
به.
1912 - ومن كاتب أمته ثم عجزت، أحببت له الاستبراء إلا التي في يديه لا
تخرج فلا شيء عليه، [وعليه] في المغصوبة ترجع إليه الاستبراء إن غاب عليها
الغاصب، ولو اشتراها الغاصب بعد أن وطئها فليستبرئها من مائه الفاسد.
1913 - ومن اشترى أمة فغاب عليها ثم استحقت بحريّة، لم تنكح إلا بعد ثلاث
حيض وإن تقارّا أنه لم يطأ.
ولو وطئها فلا صداق عليه، لأنه وطئ بالملك إلا أن يطأها عالماً بحريتها
فعليه الصداق ويحد.
1914 - وإذا استبى العدو أمة أو أم ولد أو مدبرة أو حرة ثم رجعن، لم توطأ
الحرة إلا بعد ثلاث حيض، وأولئك بعد حيضة، ولا يصدقن كلهن في نفي الوطء،
وقد حزن بمعنى الملك لا على وجه الوديعة.
(2/456)
1907 - ومن رهن جارية أو ودعها فلا يستبرئ
إذا ارتجعها، ولو ابتاعها منه المودع بعد أن حاضت عنده أجزأه من الاستبراء
إن كانت فيه بيته ولا تخرج، ولو كانت تخرج إلى السوق لم يجزه.
1908 - ومن وهب أمة لرجل ثم ارتجعها بعد غيبة الموهوب عليها فليستبرء
لنفسه، لأنها قبضت على الحوز.
وأما من باع أمة على المواضعة ثم رجعت إليه في المواضعة قبل أن تحيض أو
يذهب معظم حيضتها فلا استبراء عليه، ولو قبضها المبتاع لنفسه على الحوز لا
على الأمانة في المواضعة ثم أقاله فليستبرء لنفسه، وإن أقاله بعد يوم من
مغيبه عليها، والهبة كذلك.
1909 - ومن وهب لابنه الصغير أو الكبير الذي في عياله جارية ثم اعتصرها،
فإن لم تكن تخرج وهي في يد الأب ولم يغب الكبير عليها لم يستبرئ، وإلا فذلك
عليه، وإن وطئها الابن فلا اعتصار للأب فيها. (1)
1910 - وكل من انتقل إلى ملكه ملك أمة كانت في حوز غيره بأي وجه ملكها
فليستبرئها
_________
(1) انظر: شرح الزرقاني (3/195) ، والفواكه الدواني (2/157) ، ومواهب
الجليل (6/63) ، والموطأ (2/539) ، والكافي (1/532) .
(2/457)
بحيضة إن كانت ممن تحيض، ملكها ببيع أو إرث
أو هبة أو صدقة أو وصية أو من مغنم أو بغير ذلك.
1915 - ومن باع على ابنه الصغير من نفسه أمة، أو رجل ابتاع أمة زوجته، أو
خالعها عليها، أو وهبتها له فإن كانت عنده لا تخرج لم يستبرئ، وذلك عليه إن
كانت تخرج.
وأما إن ابتاعها ومثلها يوطأ، من رجل لم يطأ أومن صبي أو من امرأة، فلا بد
من مواضعتها، ومن أبضع مع رجل في شراء جارية فبعث بها إليه فحاضت في الطريق
فلا يقربها حتى يستبرئ.
1916 - ومن باع أمة ثم حبسها بالثمن، أو لم يمنع المشتري من قبضها ولا سأله
هو في ذلك وذهب ليأتي بالثمن فأتى فألفاها طامثاً، ففي أول الدم يجزئه، وإن
ألفاها آخره، أو بعد الطهر فلا، وليتواضعاها إلا في الوحش فليقبضها
وليستبرئ لنفسه.
(2/458)
ولو أمكنه البائع من الرائعة فتركها عنده
فإن حيضتها استبراء للمشتري، لأن ضمانها كان معه، لنه استودعه إياها بمنزلة
أن لو وضعها عند غيره.
ومن ابتاع أمة في أول الدم أجزأه من الاستبراء، وأما في آخره وقد بقي منه
يوم أو يومان فلا، وله المواضعة، فإن ابتاعها فرأت عنده دماً لخمسة أيام من
حيضتها عند البائع لم يجزه من الاستبراء، وهو كدم واحد وتدع له الصلاة، وإن
رأته بعد أيام كثيرة يكون لها هذا حيضاً مؤتنفاً، فرأته يوماً أو بعض يوم
أو يومين ثم انقطع فإن قال النساء: إن [مثل] ذلك حيضة، أجزتها، [وإلا لم
يكن استبراء، وغن لم تصل فيه حتى تقيم في الدم ما يعرف ويستيقن أنه استبراء
لرحمها. قال مالك:] الثلاثة الأيام والأربعة والخمسة إذا طهرت فيهن ثم رأت
الدم بعد ذلك فهو من الحيضة الأولى، قال: ويسأل النساء من عدد أيام الطهر،
فإن قلن: إن هذه الأيام تكون طهراً فيما بين الحيضتين، وجاء هذه الأمة بعد
هذه الأيام من الدم ما يقول النساء إنه دم حيض ولا يشككن فيه، أجزأ ذلك من
الاستبراء وإلا فلا.
1917 - ومن باع أمة رائعة ثم تقابلا قبل التفرق فلا استبراء عليه، وإن
أقاله وقد غاب
(2/459)
عليها المبتاع فإن أقامت عنده أياماً لا
يمكن فيها استبراء فلا يطأها البائع إلا بعد حيضة، ولا مواضعة على المبتاع
فيها إذ لم تخرج عن ضمان البائع بعد.
ولو كانت وخشاً فقبضها على ثبات البيع والحوز ثم أقاله قبل مدة الاستبراء
فليستبرئ البائع لنفسه أيضاً.
وإن كان إنما دفع الرائعة إليه ائتماناً له على استبرائها فلا يستبرئ
البائع إذا ارتجعها قبل أن تحيض أو يذهب عُظم حيضتها.
ولو كانت عند أمين فلا استبراء عليه في الإقالة قبل الحيضة، ولو بعد طول
المدة عند الأمين، ولو تقابلا بعد حيضة عند الأمين أو في آخرها، فللبائع
على المبتاع فيها المواضعة لضمانه إياها، غلا أن يقيله في أول دمها أو في
عظمه فلا استبراء عليه ولا مواضعة فيها كبيع مؤتنف من غيره، وكذلك في بيع
الشقص [منها] والإقالة منه.
1918 - ومن ابتاع شقصاً من رائعة فله المواضعة. (1)
1919 - ومن باع أم ولده أو مدبرته ففسخ البيع وردّت، فليستبرئ إذا كان قد
دفعها على الحوز وترك المواضعة.
1920 - ومن اشترى من عبده جارية أو انتزعها منه فليستبرئ.
_________
(1) انظر: منح الجليل للشيخ عليش (4/461) .
(2/460)
1921 - ومن ابتاع جارية بالخيار ثلاثاً
فتواضعاها، أو كانت وخشاً فقبضها فاختار الرد من له الخيار، فلا استبراء
على البائع، لأن البيع لم يتم فيها.
1922 - فإن أحب البائع أن يستبرئ التي غاب المشتري عليها وكان الخيار له
خاصة فذلك حسن، إذ لو وطئها المبتاع لكان بذلك مختاراً، وإن كان منهياً عن
ذلك كما استحب استبراء التي غاب عليها الغاصب.
1923 - ومن ابتاع جارية فردها بعيب فعلى البائع أن يستبرئ إذا كانت قد خرجت
من الحيضة وضمانها من المبتاع، وإن لم تكن خرجت من الحيضة فلا استبراء
عليه، يريد ألا مواضعة للبائع على الذي يرد البيع بالعيب، لأنها لو هلكت
قبل أن تحيض كانت المصيبة فيها من البائع، وقال أشهب: لا مواضعة على الذي
يرد بالعيب، خرجت من الحيضة أم لا، لأنه نقض بيع.
(2/461)
1924 - ومن اشترى جارية حاملاً فلا
يتواضعاها حتى تلد، وليقبضها المبتاع وينقد ثمنها ولا يطأها حتى تلد.
فإن ألقت دماً أو مضغة أو شيئاً يستيقن النساء أنه ولد فاستبراؤها ينقضي به
كما تنقضي بذلك عدة الحرة، وتكون به الأمة أم ولد.
1925 - وإن ادعت الأمة أنها قد أسقطت فالسقط لا يخفى دمه وينظر إليها
النساء، فإن كان بها من ذلك ما يُعلم أنها قد أسقطت أجزأه ذلك إذا طهرت
وإلا لم تصدق، خوفاً من أن يكون كان ريحاً فانفشّ، وكذلك إن قالت: أسقطت
منذ عشرة أيام وانقطع الدم عني فلا تصدق، ولا يطؤها المبتاع حتى يستبرئ
لنفسه بحيضة، ولا حجة له في رد الثمن وطلب المواضعة، لأن البائع يقول له:
بعتكها وهي ظاهرة الحمل يعرفها النساء ويشهدن عليه والنقد فيها جائز، ولا
أدري ما صار إليه الحمل.
1926 - وإذا كانت الأمة وخش الرقيق ولم يطاها البائع، جاز بيعها بالبراءة
من حمل غير ظاهر، كان البائع قد استبرأها أم لا، ويجوز فيها اشتراط ترك
المواضعة وانتقاد الثمن، ويقال للمبتاع: استبرئ لنفسك بحيضة مستقبلة قبل أن
تطأ، ثم لا رد للمبتاع أن ظهر بها حمل، لأن البائع قد تبرأ منه. (1)
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/168) ، والمدونة الكبرى (6/124) .
(2/462)
وإن كانت رائعة ولم يطأها البائع فلا يجوز
بيعها بالبراءة من حمل غير ظاهر، وإن كان البائع قد استبرأها، ويفسخ البيه
ولا بد فيها من المواضعة، وإن كانت بينة الحمل جاز تبري البائع من الحمل إن
لم يكن منه، وجاز فيها النقد.
1927 - ولا تصدق الأمة في حيض الاستبراء إن ادعت الحيض، ولا في السقط حتى
يراها النساء، ولا أزيل ما ثبت من العهدة بقولها، والحرة في ذلك مصدقة ولا
ينظر إليها [أحد] ، لأن الله سبحانه ائتمنها عليه.
1928 - وأحب المواضعة على يدي النساء، أو رجل له أهل ينظرونها.
وأكره ترك المواضعة وائتمان المبتاع على الاستبراء، فإن فعلا أجزأهما إن
قبضها على الأمانة، وهي من البائع حتى تدخل في أول دمها، فإن قبضها على شرط
الحيازة وسقوط المواضعة كالوخش ولم يشترط الاستبراء في المواضعة، أو جهلا
وجه المواضعة فقبضها كالوخش ولم يتبرأ البائع من حمل، لم يفسد البيع
ولزمهما حكم المواضعة، فإن هلكت في أمد لا يكون فيه استبراء فهي من البائع،
وإن هلكت بعد مدة يكون فيها استبراء فهي من المبتاع.
(2/463)
1929 - وإن تبرأ البائع في العقدة من الحمل
وليس بظاهر وشرط قبضها كوخش الرقيق وزعم أنه لم يطأ وهي رائعة فسد البيع،
وهي من المبتاع من يوم قبضها، وترد إلا أن يفوت فيلزم المبتاع قيمتها يوم
القبض أقامت عنده مدة الاستبراء أو يوماً أو يومين.
1930 - ولو أقر البائع بوطئها ولم يدّع الاستبراء وتبرأ من الحمل وشرط ترك
المواضعة، فهذا أيضاً فاسد، فإن هلكت في مدة لا يكون فيها استبراء فهي من
البائع، وما ولدت فهو به لاحق ولا ينفعه شرطه.
1931 - وإن هلكت بعد مدة يكون فيها استبراء فهي من المبتاع، وعليه قيمتها
يوم [جعلناها] تحيض في مثله، لأن من ذلك اليوم وجب عليه ضمانها، ولا ينفعه
إن ادعى أنها لم تحض.
1932 -[ومن] اشترى زوجته قبل البناء أو بعده لم يستبرئ، وإن ابتاعها قبل
البناء ثم باعها قبل أن يطأها أو بعد أن وطئ فليستبرئ المبتاع بحيضة، وكذلك
إن ابتاعها بعد البناء ثم باعها بعد أن وطئها، لأن وطأه فسخ لعدتها منه.
(2/464)
1933 - ولو باعها قبل الوطء هاهنا لم تحل
له إلا بحيضتين عدة فسخ النكاح، وكذلك لو طلقها بعد البناء واحدة ثم
ابتاعها في العدة [فوطئها بعد الشراء] ثم باعها، [فإن كان قد وطئها بعد
الشراء استبرأها مشتريها منه بحيضة] ، وأما إن باعها ولم يطأها فحيضتان من
يوم طلاقه يحلها.
وإن باعها بعد حيضة لم تحل إلا بعد حيضة ثانية، ولو باعها بعد انقضاء العدة
فاستبراؤها حيضة، كان الطلاق واحدة أو ثلاثاً.
1934 - وإن تزوجت [أمة] بغير إذن سيدها ففسخ النكاح بعد البناء لم يمسها
إلا بعد حيضتين، لنه استبراء من نكاح يلحق فيه الولد ولا عدة.
1935 - ومن باع أمة بغير أمر ربها، ثم أجاز البيع بعد أن حاضت عند المبتاع
أجزأه كالمودعة.
(2/465)
1936 - ومن وطئ جارية ابنه فقومت عليه،
فليستبرئها إن لم يكن الأب قد عزلها عنده فاستبرأها.
وقال غيره: لا بد أن يستبرئها لفساد وطئه، وإن كانت مستبرأة عند الأب.
1937 - قال ابن القاسم: وكل وطء فاسد فلا يطأ فيه حتى يستبرئ.
1938 - وللرجل أن يزوج أمته التي لا يطؤها بغير استبراء، ولا يزوج أمة قد
وطئها إلا بعد حيضة. (1)
قيل لمالك: أفلا يزوجها ويكف عنها زوجها حتى تحيض؟ قال: لا.
فإن زوجها وقد وطئها قبل أن تحيض حيضة ثم لم يطأها الزوج حتى حاضت، فالنكاح
مفسوخ.
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/168) ، والشرح الكبير (2/493) ، ومنح الجليل
(4/358) .
(2/466)
1939 - ولا يجوز نكاح إلا حيث يجوز الوطء،
إلا في دم النفاس أو دم حيض من غير معتدة أو من دخلت من المعتدات في الحيضة
الثالثة في الحرة، أو الثانية في الأمة، فإن النكاح يجوز في ذلك ولا توطأ
حتى تطهر.
1940 - ومن زنت أمته لم يطأها ولم يزوجها إلا بعد حيضة.
1941 - ومن ابتاع أمة رائعة أقرّ بوطئها أو لم يقر ولم يجحد، [لم يزوجها]
حتى تخرج من الاستبراء، إذ يلحق بالبائع ما تأتي به من ولد إن ادعاه، ومن
باع أمة من وخش الرقيق ولم يطأها وتبرأ من الحمل إن كان بها، فلا يطأها
المبتاع حتى تحيض، وله أن يزوجها قبل أن تحيض إن لم يكن بها حمل ظاهر كما
كان لبائعها.
1942 - وإذا جاز للبائع أن يزوج أمته قبل أن يستبرئها جاز ذلك للمبتاع إذا
قبضها وقبلها بعد الشراء، وإن لم يكن ذلك للبائع كان المبتاع مثله.
قيل [لمالك:] فإن كانت رائعة فابتاعتها وتواضعاها أيجوز للمبتاع أن يزوجها؟
قال: إذا قال البائع: لم أطأها، فإن [كان] حمل فليس مني، ولم يتبرأ
(2/467)
من الحمل جاز البيع، وللمبتاع قبولها في
المواضعة قبل محيضها على الرضا بالحمل إن كان بها، ولا يجوز ذلك في أصل
التبايع، وله أن يزوجها مكانه قبل أن يستبرئها كما كان للبائع، ويحل للزوج
وطؤها مكانه.
1943 - ومن باع أمة رائعة مثلها يتواضع للاستبراء، فظهر بها حمل فقبلها
المبتاع به، فذلك له، وهو كعيب حدث بها، وليس للبائع ردها إلا أن يدعي أن
الحمل منه.
1944 - ومن ابتاع أمة ذات زوج فطلقت قبل البناء فلا بد من حيضة. ومن اشترى
أمة معتدة من وفاة زوج فحاضت قبل تمام شهرين وخمس ليال لم يطأها حتى تتم
عدتها، فإن انقضت عدتها أجزتها من العدة والاستبراء.
1945 - وإن تمت عدتها ولم تحض بعد البيع انتظرت الحيضة، فإن رفعتها حتى مضت
ثلاثة أشهر وأحست من نفسها [ريبة] انتظرت تمام تسعة أشهر من يوم الشراء،
فإن زالت الريبة قبلها حلت، وإن ارتابت بعدها بحس البطن لم توطأ حتى تذهب
الريبة.
(2/468)
قال سحنون: وقد روي عن مالك اختلاف في التي
تُشترى وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها بعد الشراء. فروى عنه ابن وهب: أنها
تستبرأ بتسعة أشهر، وروى عنه ابن غانم: أنها إذا مضى لها ثلاثة أشهر دعي
لها القوابل، فإن قلن: لا حمل بها، فقد حلّت.
قال أشهب: وهذا أحب إلي، لأن رحمها يبرأ بثلاثة أشهر كما يبرأ بتسعة أشهر،
لأن الحمل يتبين في ثلاثة أشهر.
1946 - قال ابن القاسم: ومن اشترى [أمة] معتدة من طلاق وهي ممن تحيض،
فارتفعت حيضتها فإذا مضت سنة من يوم الطلاق وليوم الشراء ثلاثة أشهر فأكثر
حلت.
1947 - ومن وطئ أمة بالملك ثم ابتاع أختها أو عمتها أو خالتها، لم يطأ
الثانية حتى
(2/469)
يحرم فرج الأولى، فإن وطئها وقف عن معاودة
كل واحدة منهما حتى يحرم فرج واحدة، فإن حرم فرج الثانية أقام على وطء
الأولى، فإن حرم فرج الأولى لم يطأ الثانية حتى تستبرئ لفساد وطئه، وليحرم
إحداهما ببيع أو نكاح أو عتق إلى أجل، أو بما تحرم به عليه.
وإن ظاهر منها لم تحل له أختها إذ له الكفارة، وكذلك إن باعها من عبده أو
ابنه [الصغير] أو يتيم في حجره إذ له الاعتصار والانتزاع بالبيع، وكذلك إن
زوجها تزويجاً لا يقران عليه، أو باعها من أجنبي بيعاً فاسداً، إلا أن تفوت
في البيع الفاسد فتحل له أختها.
وإن باعها وبها عيب حلت له أختها، وهو بيع تام حتى تُردّ به. فإن أُسرت أو
أبقت إباق إياس حلت له أختها، وإن اشترى أختين وطئ أيتهما شاء، فإن وطئهما
ثم باعها ثم اشتراهما في صفقة [واحدة] ، وطئ أيتهما شاء.
وإن وطئهما ثم باع واحدة أو زوجها فلم يمس الباقية حتى رجعت تلك إليه، فلا
يطأ إلا الباقية لا الراجعة.
(2/470)
وإن وطئ إحداهما ثم باعها ثم وطئ الباقية،
أو باع أمة وطئها ثم اشترى أختها فوطئها، ثم اشترى في الوجهين تلك
[المبيعة] ، فلا يطؤها حتى يحرم فرج الأخرى، ولو لم يكن وطئ الباقية حتى
اشترى المبيعة وطئ أيتهما شاء. وفي كتاب النكاح [الثالث] من هذا المعنى.
1948 - ومن وطئ أمته فلا يبيعها حتى يستبرئها، ثم لا بد إن باع الرائعة من
المواضعة كان قد استبرأها أم لا، والحيضة فيها تجزي المتبايعين.
ولو أن من وضعت على يديه تولاها بعد أن حاضت [عنده] تلك الحيضة ولم تخرج من
يديه أجزته ووطئ مكانه، كالمودعة أو الشريك تحيض عنده ثم يبتاع حصة شريكه.
ولو وطئها ولم يدع استبراء لم يجز له بيعها بالبراءة من الحمل، كانت رائعة
أم لا، ولا بد فيها من المواضعة وقد تقدم هذا.
1949 - ومن ابتاع جارية وهي ممن تستبرأ لم يجز اشتراط النقد في عقدة البيع
فيها، وضعت
(2/471)
على يدي المبتاع أو على يدي أجنبي، واشتراط
النقد فيها يفسد البيع، فإن لم يشترط النقد في العقد ثم تبرع المبتاع بعقد
الثمن في المواضعة جاز ذلك، ولا بأس أن يشترطا مواضعة الثمن، فإن هلك قبل
محيضها ارتقبت، فإن خرجت من الاستبراء فهو من البائع، وإن لم تخرج حتى هلكت
أو ظهر بها حمل فهو من المبتاع.
1950 - قال مالك: وأحب ما سمعت [إلي] في التي لم تحض أو اليائسة من المحيض
إذا بيعت، أن تستبرأ بثلاثة أشهر إذ لا يبرأ رحم في أقل من ذلك.
وإن كانت ممن تحيض استبرأها بحيضة، فإن رفعتها حيضتها انتظرت ثلاثة أشهر
إلا أن ترتاب فتسعة أشهر، فإن زالت الريبة قبل التسعة حلت، وإن تمادت بعدها
لم توطأ حتى تذهب الريبة.
وإن تأخر حيض الأمة في البيع لمرض حدث بها بعد البيع فرضيه المبتاع أجزتها
ثلاثة أشهر.
وكلما حدث بها في المواضعة من مرض أو هلاك أو داء أو عيب أو غيره فمن
البائع حتى ترى حيضة مسقيمة، والمبتاع بالخيار في حدوث العيب في قبولها به
بجميع الثمن أوردها، فإن قبلها المبتاع فلا حجة للبائع.
(2/472)
1951 - ولا ينبغي للمبتاع أن يطأ في
الاستبراء أو يقبل أو يجس أو ينظر للذة، ولا بأس أن ينظر لغير لذة.
وإن وطئ المبتاع الأمة في الاستبراء قبل الحيضة نكل إن لم يعذر بجهل، حاضت
بعد ذلك أو لم تحض.
وإن افتضها وهي بكر في الاستبراء ثم حدث بها عيب قبل الحيضة بذهاب جارحة أو
حمى أو داء، فله ردها بذلك، فإن ردها به رد ما نقصها الافتضاض، وإن لم
ينقصها فلا غرم عليه ولا صداق إلا في الحرة.
وأما الأمة فهي كسلعة، فعلى واطئها غصباً ما نقصها الوطء كانت ثيباً أو
بكراً.
وإن وطئها المبتاع في الاستبراء فوضعت لستة أشهر من يوم وطئها، فإن كان
البائع يطؤها دُعي للولد القافة، فإن ألحقته بالمبتاع كانت له أم ولد.
ولو وضعته لأقل من ذلك فسخ البيع وأُلحق بالبائع إذا أقر بالوطء، وينكل
المبتاع حين وطئ في الاستبراء، وإن أنكر البائع الوطء كان الولد لِغَيّة.
(2/473)
وكذلك إن كانت بكراً والبائع ينفي الولد
فإنه يكون لِغَيّة، [ويخير] المبتاع في قبولها وردها مع ما نقص وطؤه للبكر
أو الثيب إن نقصها شيء، وإلا فلا غرم عليه، وعليه العقوبة إن لم يعذر بجهل.
ولو استلحقه البائع لحق به وفسخ البيع، وصارت له أم ولد.
وإن قال البائع: كنت أفخذ ولا أنزل وولدها ليس مني، لم يلزمه.
وإن قال: كنت أطأ في الفرج وأعزل، فأتت لمثل ما يجيء به من النساء من يوم
وطئها لزمه الولد. (1)
* * *
"تم كتاب الاستبراء"
* * *
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (8/316) ، ومنح الجليل (3/408) .
(2/474)
|