التهذيب في اختصار المدونة

 (كتاب المرابحة)
2664 - ومن اشترى بزاً من بلد، فحمله إلى بلد آخر، فلا يحسب في راس المال جُعْل السمسار ولا أجر الشد والطي، ولا كراء البيت، ولا نفقة نفسه ذاهباً وراجعاً، كان المال له أو قراضاً، ويحسب كراء المحمولة والنفقة على الرقيق والحيوان في أصل الثمن، ولا يحسب له ربح، إلا أن يُربحوه في ذلك [بعد العلم] ،

(3/201)


فيجوز، فإن ضرب الربح على الحمولة ولم يبين ذلك وقد فات المتاع بتغير سوق أو بدن، حسب ذلك في الثمن ولم يحسب له ربح، وإن لم يفت رد البيع، إلا أن يتراضيا على ما يجوز، والصبغ والخياطة والقصارة تحسب في أصل الثمن ويضرب له الربح. (1)
2665 - وتجوز المرابحة للعشرة أحد عشر أو أقل أو أكثر، أو بوضيعة للعشرة أحد عشر، ويقسم الثمن على أحد عشر جزءاً، فيحط عنه جزء منها.
2666 - ومن رقم على متاع ورثه أو اشتراه، فلا يبيعه مرابحة على ما رقم.
2667 - ومن ابتاع أمة بالبراءة من ذهاب ضرس أو عيب، أو حدث بها ذلك عنده، فلا يبيعها مساومة ولا مرابحة حتى يبينه، [قال سحنون: فإن لم يذكر ذلك فهي مسألة تدليس] ، ولو ظهر على عيب بها بعد أن ابتاعها فرضيه لم يجزه، ذكره في المرابحة حتى يبين أنه ابتاعها سليمة ثم رأى العيب فرضيه، لأن له ردها إن شاء.
_________
(1) انظر: المدونة (10/239) ، والشرح الكبير (3/161) ، والتاج والإكليل (4/490) .

(3/202)


ومن ابتاع حيواناً أو غنماً أو حوائط أو رباعاً فاغتلها وحلب الغنم، فليس عليه أن يبين ذلك في المرابحة، لأن الغلة بالضمان إلا أن يطول الزمان، أو تحول الأسواق، ولا يثبت الحيوان على حال، وأما إن جز صوف الغنم فليبينه كان عليها يوم الشراء أم لا، لأنه إن كان يومئذ تاماً فقد صار له حصة من الثمن، وإن لم يكن تاماً فلم ينبت إلا بعد مدة يتغير فيها.
فإن توالدت الغنم لم يبع مرابحة حتى يبين، ولو باعها بأولادها.
ولو ولدت الأمة عنده لم يبع الأم مرابحة ويحبس الولد، إلا أن يبين.
ومن ابتاع سلعة أو عروضاً أو حيواناً فحالت أسواقها بزيادة أو نقصان أو تقادم مكثها عنده، فلا يبعها مرابحة حتى يبين، لأن الناس في الطَّريّ أرغب منهم في الذي تقادم مكثه في أيديهم.
2668 - ومن ابتاع سلعة بثمن إلى أجل فليبين ذلك [في المرابحة] ، فإن باعها بالنقد ولم يبين فالبيع مردود، وإن قبلها المبتاع بالثمن إلى ذلك الأجل إلا أن يفوت فيأخذ البائع قيمتها يوم قبضها المبتاع، ولا يضرب له الربح على القيمة، فإن كانت القيمة أكثر مما باعها به فليس له إلا ذلك معجلاً.

(3/203)


ومن ابتاع سلعة بدراهم نقداً، ثم أخر الثمن، أو نقد وحط عنه ما يشبه حطيطة البيع، أو تجاوز عنه درهماً زائفاً، فلا يبع مرابحة حتى يبين ذلك.
2669 - ومن ابتاع سلعة بألف درهم فأعطى فيها مائة دينار أو ما يوزن أو يكال من عرض أو طعام، أو ابتاع بذلك ثم نقد عيناً أو جنساً سواه مما يكال أو يوزن من عرض أو طعام، فليبين ذلك كله في المرابحة، ويضربان الربح على ما أحبا مما عقدا عليه أو ما نقدا إذا وصف ذلك، وكذلك إن نقد في العين ثياباً جاز أن يربح على الثياب إذا وصفها لا على قيمتها، كما أجزنا لمن ابتاع [سلعة] بطعام أو عرض أن يبيع مرابحة عليها إذا وصف.
ولم يجز أشهب المرابحة على عرض أو طعام، لأنه من بيع ما ليس عندك إلى غير أجل السلم. (1)
2670 - قال ابن القاسم: وكل من ابتاع بعين أو بعرض يكال أو يوزن فنقد خلافه من عين أو عرض، مما يكال أو يوزن وباع ولم يبين رد ذلك إلا أن يتماسك المبتاع ببيعه.
_________
(1) انظر: مواهب الجليل (4/491) .

(3/204)


وإن فاتت السلعة بتغير سوق أو بدن أو بوجه من وجوه الفوت، ضرب المشتري الربح على ما نقد البائع على الجزء الذي ربحه في كل مكيل أو موزون، إن كان ذلك خير للمبتاع، وإلا فله التماسك بما عقد به البيع.
2671 - ومن ابتاع سلعة بمائة فنقدها وافترقا ثم وهبت له المائة فله أن يبيع مرابحة.
وإن ابتاع سلعة فوهبها لرجل ثم ورثها عنه فلا يبيعها مرابحة.
2672 - وإن ورث نصف سلعة ثم ابتاع نصفها فلا يبيع نصفها مرابحة حتى يبين، لأنه إذا لم يبين دخل في ذلك ما ابتاع وما ورث، وإذا بين فإنما يقع البيع على ما ابتاع.
2673 - وما ابتعت من موزون أو مكيل من طعام أو غيره، فلك بيع نصفه أو ما شئت من أجزائه مرابحة، أو بيع عشرة أقفزة من مائة، إن كان ذلك كله غير مختلف.

(3/205)


وإن ابتعت ثوبين بأعيانهما فلا تبع أحدهما مرابحة أو تولية بحصته من الثمن غير مسمى وإن اتفقت الصفة، ولو كانا من سلم جاز ذلك قبل قبضهما أو بعد، إذا اتفقت الصفة ولم تتجاوز عنه فيهما، إذ لو استحق أحدهما لرجعت بمثله، والمعين إنما يرجع بحصته من الثمن.
2674 - وإذا بعت جزءاً شائعاً مرابحة من عروض ابتعتها معينة جاز، كنصف الجميع أو ثلثه، وكذلك الرقيق، لأنه بثمن معلوم.
2675 - وإن بعت رأساً من الرقيق بما يقع عليه من الثمن لم يجز، ولو ابتاع رجلان عروضاً ثم اقتسماها فلا يبع أحدهما حصته مرابحة [حتى يبين، ومن باع سلعة مرابحة، ثم ابتاعها بأقل مما باعها به أو أكثر، فليبع مرابحة] على الثمن الآخر، لأن هذا ملك حادث. (1)
2676 - ومن ابتاع نصف عبد بمائة ثم ابتاع غيره نصفه بمائتين ثم باعاه مرابحة بربح، فلكل واحد منهما ما نقد، والربح بينهما بقدر ذلك، [وإن باعاه بوضيعة من رأس
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (10/237) .

(3/206)


المال، فالوضيعة بينهما بقدر رؤوس أموالهما] . وإن باعاه مساومة فالثمن بينهما نصفان.
2677 - ومن ابتاع سلعة بعشرين ديناراً ثم باعها بثلاثين ثم أقال منها، لم يبع مرابحة إلا على عشرين، لأن البيع لم يتم بينهما حين استقاله.
وإن اشتركت في سلعة أو وليتها رجلاً، ثم حطك بائعك من الثمن ما يشبه استصلاح البيع، فإنك مجبور أن تضع عن من أشركته خاصة نصف ما حط عنك، ولا يلزمك ذلك فيمن وليته إلا أن تشاء أن تحط عنه ذلك الحطاط فيلزمه البيع، فإن لم تحط شيئاً خُيّر في أخذها بجميع الثمن أو ردها عليك، وكذلك إن بعتها مرابحة.
ولو حطك بائعك جميع الثمن أو نصفه مما يعلم أنه لغير البيع، لم يلزمك أن تحط لمن ذكرنا شيئاً، ولا خيار لهم. (1)
2678 - ومن باع سلعة مرابحة فزاد في الثمن ولم تفت خُيّر المبتاع بين أخذها بجميع الثمن أو ردها، غلا أن يحط البائع الكذب وربحه، فتلزم المبتاع، فإن فاتت السلعة - ويفيتها ما يفيت البيع الفاسد - فعلى المبتاع قيمتها يوم قبضها، إلا أن يكون ذلك أكثر من
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/492) .

(3/207)


الثمن بالكذب وربحه فلا يزاد عليه، أو يكون أقل من الثمن الصحيح وما قابله من الربح فلا ينقص منه.
ولو كانت السلعة مما يكال أو يوزن فلا فوت فيهان ويرد المبتاع المثل صفةً ومقداراً، وله الرضا بها بجميع الثمن [أورد مثلها، إلا أن يحط عنه البائع الكذب وما قابله من الربح، فيلزمه] .
وروى علي عن مالك [أن السلعة إذا كانت قائمة خُير المبتاع في قبولها بجميع الثمن، أو ردها، إلا أن يحط عنه البائع الكذب وربحه فيلزم المبتاع، فإن فاتت بنماء أو نقصان، خير البائع بين أخذ الربح على ثمن الصحة أو ردها، إلا أن يحط عنه البائع الكذب وما قابله من الربح فيلزمه] .
وفي رواية عن مالك في فوت السلعة أن البائع مخير بين أخذ الربح على المال، فالوضيعة بينهما بقدر رؤوس أموالهما] . وإن باعاه مساومة فالثمن بينهما نصفان.
2677 - ومن ابتاع سلعة بعشرين ديناراً ثم باعها بثلاثين ثم أقال منها، لم يبع مرابحة إلا على عشرين، لأن البيع لم يتم بينهما حين استقاله.
وإن اشتركت في سلعة أو وليتها رجلاً، ثم حطك بائعك من الثمن ما يشبه استصلاح البيع، فإنك مجبور أن تضع عن من أشركته خاصة نصف ما حط عنك، ولا يلزمك ذلك فيمن وليته إلا أن تشاء أن تحط عنه ذلك الحطاط فيلزمه البيع، فإن لم تحط شيئاً خُيّر في أخذها بجميع الثمن أو ردها عليك، وكذلك إن بعتها مرابحة.
ولو حطك بائعك جميع الثمن أو نصفه مما يعلم أنه لغير البيع، لم يلزمك أن تحط لنم ذكرنا شيئاً، ولا خيار لهم. (1)
2678 - ومن باع سلعة مرابحة فزاد في الثمن ولم تفت خُيّر المبتاع بين أخذها بجميع الثمن أو ردها، إلا أن يحط البائع الكذب وربحه، فتلزم المبتاع، فإن فاتت السلعة - ويفيتها ما يفيت البيع الفاسد - فعلى المبتاع قيمتها يوم قبضها، إلا أن يكون ذلك أكثر من الثمن بالكذب وربحه فلا يزاد عليه، أو يكون أقل من الثمن الصحيح وما قابله من الربح فلا ينقص منه.
ولو كانت السلعة مما يكال أو يوزن فلا فوت فيها، ويرد المبتاع المثل صفةً ومقداراً، وله الرضا بها بجميع الثمن [أورد مثلها، إلا أن يحط عنه البائع الكذب وما قابله من الربح، فيلزمه] .
وروى علي عن مالك [أن السلعة إذا كانت قائمة خُير المبتاع في قبولها بجميع الثمن، أو ردها، إلا أن يحط عنه البائع الكذب وربحه فيلزم المبتاع، فإن فاتت بنماء أو نقصان، خير البائع بين أخذ الربح على ثمن الصحة أو ردها، إلا أن يحط عنه البائع الكذب وما قابله من الربح فيلزمه] .
وفي رواية عن مالك في فوت السلعة أن البائع مخير بين أخذ الربح على
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/492) .

(3/208)


ثمن الصحة، وإلا فله قيمتها، إلا أن يشاء أن يثبت على ما اشتراها به، فإن أبى فعليه قيمتها يوم ابتاعها، إلا أن يكون أقل أو أكثر على نحو ما ذكر ابن القاسم.
2679 - وقال مالك فيمن باع سلعة مرابحة، وقال: قامت علي بمائة فأربح عشرة، ثم ثبت أنها قامت عليه بعشرين ومائة، فإن لم تفت خُيّر المشتري بين ردها أو يرضب له الربح على عشرين ومائة، وإن فاتت بنماء أو نقص فالمشتري مخير إن شاء لزمته قيمتها يوم التبايع، إلا أن تكون القيمة أقل من عشرة ومائة فلا ينقص منه، أو تكون أكثر من عشرين ومائة وربحها فلا يزاد عليه. قال ابن القاسم: فإن علم المبتاع أن البائع كذبه في الثمن فرضي بذلك لم يبع مرابحة حتى يبين ذلك.
2680 - ومن ابتاع من عبده أو مكاتبه سلعة بغير محاباة فليبع مرابحة ولا يبين. وكذلك في شراء العبد من سيده، [لأن للسيد محاصّة غرماء العبد بما داينه به من غير محاباة] ، إذ له أن يطأ بملك يمينه، وإن جنى أسلم بماله.

(3/209)


2681 - ومن ابتاع ثوباً فلبسه، أو دابة فركبها في سفر، فليبين ذلك في بيع المرابحة (1) ، ولو كانت أمة فوطئها لم يبين إلا أن تكون عذراء افتضها - وهي ممن ينقصها ذلك - فليبينه، وأما الوخش من [الرقيق] التي ربما كان ذلك أزيد لثمنها، فلا تبيين عليه [في ذلك] ، قال غيره: وليس عليه أن يبين ما خفّ من ركوب أو لباس إذا لم يتغير بذلك.
2682 - ومن ابتاع أمة فزوجها لم يبع مرابحة أو مساومة حتى يبين، لأنه عيب [حدث بها] .
وإن باع ولم يبين وهي بحالها خُير المبتاع في قبولها بجميع الثمن أوردها، وليس
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/493) .

(3/210)


للبائع أن يلزمه إياها على أن يحط عنه قيمة العيب، ولا يفيت رد هذه حوالة الأسواق أو نقص خفيف ولا زيادة، لأنه من معنى الرد بالعيب، بخلاف من اطلع على زيادة في الثمن، فإن فاتت بعتق أو تدبير أو كتابة، فعلى البائع حصة العيب من الثمن بما يقع لذلك من رأس المال وربحه. (1)
* * *
_________
(1) انظر: منح الجليل (5/276) .

(3/211)