التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
الوصايا)
3630 - وإذا شهد ولدان للميت أن أباهما أعتق هذا العبد، وشهد أجنبيان أنه
أوصى بالثلث لرجل، والعبد هو الثلث، فإن كان عبداً يتهمان في جر ولائه، لم
تجز شهادتهما وجازت الشهادة بالوصية، وإن لم يتهما، فهي جائزة، وهذا
كشهادتهما بذلك ومعهما من الورثة نساء، فما يتهمان فيه مع النساء يتهمان
فيه مع الموصى له.
[ابن القاسم:] ومن قال في وصيته: يخدم عبدي فلاناً سنة ثم هو حر، ولم يدع
سواه، فإن لم يجز الورثة، بُدئ بالعتق، فعتق ثلث العبد بتلاً وتسقط الخدمة.
[قال سحنون: وعلى هذا أكثر الرواة] .
3631 - ويفسخ البيع الفاسد في الدور وغيرها إذا لم يفت، ولا شفعة فيه، ولو
علم به بعد أخذ الشفيع [بالشفعة] فسخ بيع الشفعة والبيع الأول، لأن الشفيع
دخل مدخل المشتري، وكذلك لو باعها المبتاع من غيره بيعاً فاسداً لرد البيع
الأول والآخر جميعاً إلا أن يفوت، وتجب في ذلك القيمة فلا يرد.
وإذا لم يفسخ البيع الأول حتى فات ولزمت المبتاع قيمته يوم قبضه، ففيه
حينئذ الشفعة بتلك القيمة.
ويفيت الرَّبع في البيع الفاسد، الهدم والبناء والغرس وبناء البيوت أو عطب
الغرس، وليس تغير سوق الرباع فوتاً، ولا أعرف أن تغير البناء فوت أو طول
المدة السنتين والثلاثة.
وإذا فاتت الدار ببنيان زاده المبتاع فيها، لم يأخذها الشفيع حتى يدفع إلى
المبتاع قيمة ما أنفق مع القيمة التي لزمته، وإن انهدمت الدار لم ينقص
الشفيع الهدم شيئاً وقيل له: خذها بجميع القيمة التي لزمت [المبتاع] أو دع.
(4/142)
وإن باعها المشتري من غيره بيعاً صحيحاً
فذلك فوت أيضاً، وللشفيع الأخذ بثمن البيع الصحيح ويتراد الأولان القيمة.
وكذلك من ابتاع شيئاً من جميع الأشياء بيعاً فاسداً، ثم باعه بيعاً صحيحاً
قبل أن يفوت عنده، نفذ البيع الثاني، ويتراد الأولان القيمة.
قال: وليس للشفيع الأخذ بالبيع الأول الفاسد، لأنا نُزيل البيع الذي أفاته،
ويعود بيعاً فاسداً لا فوت فيه، وهذا إذا لم يفت ببناء أو هدم، فأما إن
فاتت بذلك فليأخذ الشفيع إن شاء بالثمن الصحيح أو بالقيمة في الفاسد، وإن
لم يفت بهذا إلا أن المتبايعين يترادان القيمة بعد البيع الثاني، فللشفيع
أن يأخذ بأي ذلك شاء لتمام البيع بأخذ القيمة، ترادّاها بقضية أو بغير
قضية، لأن مبتاع الصحة لو ردّ ذلك بعيب وجده بعد أن تراد الأولان القيمة،
لم يكن له الرد بالعيب، ويأخذ القيمة التي دفع.
(4/143)
وقد قال مالك في المكتري يتعدى الموضع
فيتلف الدابة فيغرم القيمة ثم توجد بحالها، فليس لربها أخذها، لأنه قد أخذ
قيمتها.
3632 - ولا تجوز التولية في البيع الفاسد وترد، لأن المبتاع إن كان ابتاع
على أن أسلف فقد دخل الثاني مدخله.
ولو قال له: هذه السلعة قامت عليّ بمائة دينار وأنا أبيعكها بذلك، كان
كاذباً، لأنه إن كان اشتراها بمائة [دينار] على أن أسلفه عشرة دنانير،
وقيمة السلعة خمسون ديناراً، فلم تقم عليه بمائة، ويخير المبتاع في أخذ
السلعة بمائة أو ردها. فإن فاتت بيده قبل أن يختار، لزمه الأقل من قيمتها
أو من المائة.
3633 - ومن ابتاع شقصاً فيه فضل فقام غرماؤه في فَلَسه أو موته، فللشفيع إن
قام أخذ الشقص دونهم.
وإن ترك من أحاط الدين بماله القيام بشفعته، فليس لغرمائه أخذها ولا أن
يجبروه على أخذها، وذلك إليه أخذ أو سلم.
(4/144)
3634 - ولا يجوز للشفيع أن يعطيه أجنبي
مالاً، على أن يقوم الشفيع بشفعته ويربحه ذلك المال.
ولا يجوز بيع الشقص قبل أخذه إياه بشفعته، ولا يجوز له أن يأخذ شفعته
لغيره. (1)
ومن وكل رجلاً يبيع له شقصاً أو يشتريه له والوكيل شفيعه، ففعل، لم يقطع
ذلك شفعته، وإذا كانت دار بيد أحد رجلين، فأقام كل واحد منهما بينة أنه
ابتاعها من الآخر، قضيت بأعدلهما، فإن تكافأتا، بقيت الدار لمن هي في يديه.
3635 - ومن ابتاع داراً وأخذ من البائع كفيلاً بما أدركه من درك، فبنى في
الدار، ثم استحقت، لم يلزم الكفيل من قيمة البناء شيء، ولكن يقال للمستحق:
ادفع إلى المبتاع قيمة ما بنى أو خذ قيمة دارك، فإن دفع ذلك وأخذ الدار،
رجع المبتاع بالثمن على البائع، فإن كان غائباً أو عديماً، رجع به على
الحميل.
_________
(1) انظر: حاشية الدسوقي (3/479) ، والتاج والإكليل (5/331) ، والمدونة
الكبرى (14/407) .
(4/145)
3636 - ومن ابتاع شقصاً من دار بعبد بعينه،
فمات بيده قبل دفعه، فمصيبته من البائع، وللشفيع الأخذ بقيمة العبد، وعهدته
على المبتاع، لأن الشفعة وجبت له بعقد البيع.
3637 - وإن أخذ الشفيع بقيمة العبد، ثم وجد بائع الشقص بالعبد عيباً، فله
رده ويأخذ من المبتاع قيمة الشقص وقد مضى الشقص للشفيع بشفعته، بخلاف البيع
الفاسد الذي تبطل فيه الشفعة في ذلك، لأن البيع فسد بعيبه، وفي العيب لو
رضيه البائع لزمه، فإن استحق العبد قبل قيام الشفيع، بطل البيع ولا شفعة في
ذلك.
فإن استحق [العبد] بعد أن أخذ الشفيع، فقد مضت الدار للشفيع، ويرجع بائع
الشقص على مبتاعه بقيمة الشقص كاملاً، كان ذلك أكثر مما أخذ [فيه] من
الشفيع أو أقل، ثم لا تراجع بينه وبين الشفيع، إذ الشفعة كبيع ثانٍ.
(4/146)
3638 - ومن ابتاع شقصاً بحنطة بعينها،
فاستحقت الحنطة قبل أخذ الشفيع، فسخ البيع، ولا شفعة في ذلك.
وكذلك إن ابتاع الحنطة بثمن فاستحقت، بطل البيع ويرجع بالثمن، وليس على
البائع أن يأتي بمثلها.
3639 - ومن ابتاع شقصاً من دار بعرض، فاختلف المبتاع مع الشفيع في قيمته،
وقد فات في يد البائع أو لم يفت، فإنما ينظر إلى قيمته يوم الصفقة لا
اليوم، فإن كان مستهلكاً صُدّق المبتاع في قيمته مع يمينه، فإن جاء بما لا
يشبه، صدق الشفيع فيما يشبه، فإن جاء بما لا يشبه، وصفه المبتاع وحلف على
صفته، وأخذ الشفيع بقيمة تلك الصفة يوم الصفقة أو ترك، فإن نكل المبتاع حلف
الشفيع على ما يصف هو، وأخذ بقيمة صفته.
وإذا أنكر المشتري الشراء وادعاه البائع تحالفا وتفاسخا، وليس للشفيع أن
يأخذ بالشفعة بإقرار البائع، لأن عهدته على المشتري، فإذا لم يثبت للمشتري
شراء، فلا شفعة للشفيع.
(4/147)
3640 - ومن باع عبداً قيمته ألف درهم، بألف
درهم وبشقص قيمته ألف درهم، ففي الشقص الشفعة بنصف قيمة العبد، وذلك
خمسمائة.
3641 - ومن كان بينه وبين رجل عرض مما لا ينقسم، فأراد بيع حصته، قيل
لشريكه: بِعْ معه أو خذها بما يعطى، فإن رضي فباع حصته مشاعة، فلا شفعة
لشريكه.
3642 - وإن كانت بينهما أرض ونخل ولها عين، فاقتسما الأرض والنخل خاصة، ثم
باع أحدهما نصيبه من العين، فلا شفعة فيه، وهو الذي جاء فيه ما جاء: "لا
شفعة في بئر". (1)
وإن لم يقتسموا ولكن باع أحدهم حصته من العين، أو البئر خاصة، أو باع حظه
من الأرض والعين جميعاً، ففي ذلك الشفعة، ويقسم شرب العين بالقِلد، وهو
القدر.
_________
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (4/454، 520) ، وعبد الرزاق في المصنف
(8/88) ، والبيهقي في الكبرى (6/105) ، وانظر: بداية المجتهد (2/194) ،
والتحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي (2/217) ، والمحلي (9/83) ،
والمدونة الكبرى (14/424) ، والفواكه الدواني (2/151) ، والتاج والإكليل
(5/319) .
(4/148)
وإن كان بينهما أرض ونخل فاقتسما النخل
خاصة، فلا شفعة لأحدهما فيما باع الآخر من النخل، [لأن ما قسم عند مالك،
فلا شفعة فيه] .
3643 - ومن باع نخلة في جنان رجل، فلا شفعة لرب الجنان فيها.
ومن اشترى شقصاً من أرض فزرعها، فللشفيع أخذها بالشفعة ولا كراء له، والزرع
للزارعز
ولو غرسها المبتاع شجراً أو نخلاً، فإما أدى الشفيع قيمة ذلك قائماً مع ثمن
الأرض، وإلا فلا شفعة له.
3644 - ومن ابتاع أرضاً فزرعها، ثم استحقها رجل، فلا شيء له في الزرع ولا
كراء له، إلا أن يقوم في إبان الزراعة على ما [وصفنا] ، فيكون له كراء
مثلها، وإن استحق نصف الأرض خاصة واستشفع، فله كراء ما استحق إن قام في
إبان الزراعة على ما وصفنا، ولا كراء له فيما استشفع.
(4/149)
ومن ابتاع أرضاً بزرعها الأخضر، فاستحق رجل
نصف الأرض [خاصة] واستشفع، فالبيع في النصف المستحق باطل، ويبطل في نصف
الزرع خاصة، لانفراده بالأرض، [لأنه صار بيع الزرع قبل بدو صلاحه] ، ويرد
البائع نصف الثمن، ويصير له نصف الزرع وللمستحق نصف الأرض، ثم يبتدئ الشفيع
بالخيار في نصف الأرض الباقي، فإن أحب، أخذه بالشفعة، ولم يكن له في نصف
الزرع شفعة.
[قال ابن القاسم:] فإن لم يستشفع خُيّر المبتاع بين رد ما بقي في يديه من
الصفقة وأخذ جميع الثمن، لأنه قد استحق من صفقته ما له بال وعليه فيه
الضرر، وبين أن يتماسك بنصف الأرض ونصف الزرع، ويرجع بنصف الثمن.
3645 - ومن ابتاع أرضاً ذات زرع أخضر دون زرعها، ثم ابتاع الزرع في صفقة
أخرى، أو ابتاع الجميع في صفقة ثم استحق رجل جميع الأرض خاصة، بطل البيع في
الزرع لانفراده، وإنما أجيز بيعه أخضر مع أرضه في صفقة [واحدة] ، أو
ابتياعه بعد ابتياعه الأرض، فيبقيه فيها ويحل محل البائع، ثم له بيع الأرض
دون الزرع، ولا يبطل البيع في الزرع، لأن شراءه الأرض لم ينتقض، وفي
الاستحقاق قد انتقض.
(4/150)
وإذا كان بين قوم ثمر في شجرة قد أزهى،
فباع أحدهم حصته منه قبل قسمته، والأصل لهم أو بأيديهم في مساقاة أو حبس،
فاستحسن مالك لشركائه فيه الشفعة ما لم ييبس قبل قيام الشفيع، أو تباع وهي
يابسة، وقال: ما علمت أن أحداً قاله قبلي.
وأما الزرع يبيع أحدهم حصته منه بعد يبسه فلا شفعة فيه، وهذا لا يباع حتى
ييبس.
وكل ما بيع من سائر الثمار قبل يبسه مما فيه الشفعة، مثل التمر والعنب مما
ييبس في شجره، فبيع بعد اليبس في شجره، فلا شفعة فيه كالزرع، كما لا جائحة
فيه حينئذ ولا في زرع.
ومن ابتاع نخلاً لا تمر فيها، أو فيها تمر لم يؤبر، ثم استحق رجل نصفها
(4/151)
واستشفع، فإن قام [المستحق] يوم البيع أخذ
النصف بملكه والنصف بشفعته، بنصف الثمن، ورجع المبتاع على بائعه بنصف
الثمن، وإن لم يقم حتى عمل فيها المبتاع، فأبرت وفيها الآن بلح أو فهيا
ثمرة قد أزهت، ولم تيبس، فكما ذكرنا ويأخذ الأصل بثمره، و [يكون] عليه
للمبتاع [قدر] قيمة ما سقى وعالج، فيما استحق واستشفع، وإن لم يستشفع، فذلك
عليه يما استحق فقط، فإن أبى أن يغرم ذلك فيما استحق، فليس له أخذه وليرجع
بالثمن إن شاء على البائع ويجيز البيع، فإن قام بعد يبس الثمرة أو جذاذها
لم يكن له في الثمرة شفعة، وله أن يأخذ نصف الأصول بالشفعة بنصف الثمن، ولا
يحط عنه للثمر شيء، إذ لم يقع عليها من الثمن يوم البيع حصة.
وقال بعض المدنيين: إذا قام الشفيع وقد أبرت النخل، فهي للمبتاع دونه،
وأباه مالك وقال: وإذا ابتاع النخل والثمرة مأبورة أو مزهية فاشترطها، ثم
استحق رجل نصفها واستشفع، فله نصف النخل ونصف الثمرة باستحقاقه، [يريد في
هذا: وإن جزت] .
(4/152)
[قال ابن القاسم:] وعليه للمبتاع في ذلك
قيمة ما سقى وعالج، ويرجع المبتاع بنصف الثمن على بائعه، فإن شاء المستحق
الشفعة في النصف الباقي، فذلك له ويكون له أخذ الثمرة بالشفعة مع الأصل ما
لم تجذ أو تيبس، ويغرم قيمة العلاج أيضاً.
وإن قام بعد اليبس أو الجذاذ، فلا شفعة له في الثمرة، كما لو بيعت حينئذ،
ويأخذ الأصل بالشفعة بحصته من الثمن بقيمته من قيمة الثمرة يوم الصفقة، لأن
الثمرة وقع لها حصة من الثمن.
3646 - وأما من ابتاع نخلاً لا ثمر فيها، أو فيها ثمر قد أبر أو لم يؤبر،
ثم فلس وفي النخل ثمرة قد حل بيعها، فالبائع أحق بالأصل والثمرة ما لم تجذ،
إلا أن يعطيه الغرماء الثمن [بخلاف البيع.
3647 - ومن ابتاع أرضاً بزرعها الأخضر ثم قام شفيع بعد طيبه، فإنما له
الشفعة في الأرض] دون الزرع بما ينوبها من الثمن بقيمتها من قيمة الزرع على
غرره يوم الصفقة، لأن الزرع وقعت له حصة من الثمن في الصفقة، وليس كنخل
بيعت وفيها ثمر لم يؤبر، ثم قام شفيع بعد يبس الثمرة، هذا لا شيء له من
الثمرة، ولا ينقص لذلك من الثمن شيء، لأن الثمرة لم يقع لها حصة من الثمن،
ولأن النخل إذا بيعت وفيها طلع لم يؤبر فاستثناه البائع، لم يجز استثناؤه،
والأرض إذا بيعت وفيها زرع لم يبد صلاحه، كان الزرع للبائع فافترقا.
(4/153)
ولو كانت الثمرة يوم البيع مأبورة وقام بعد
يبسها لسقط عنه حصاصها من الثمن، فظهور الزرع من الأرض كإبار الثمرة في
النخل في هذا، وفي أن ذلك للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، فيصير له
بالاشتراط حصة من الثمن، ولم يكن للشفيع في الزرع شفعة، لأنه غير ولادة،
وليس له منه شيء، والثمرة ولادة وللشفيع نصفها، فإذا قام قبل يبسها كانت له
الشفعة.
ومن ابتاع نخلاً لا ثمر فيها فاغتلها سنين، فلا شيء للشفيع إن قام من
الغلة، ومن ابتاع ودياً صغاراً، ثم قام شفيع بعد أن صارت بواسق، فإنه
يأخذها ويدفع إلى المبتاع قيمة ما عمل.
وفي كتاب المرابحة مسألة من ابتاع نخلاً فاغتلها، هل تباع مرابحة [أم لا]
؟.
3648 - وليس في رحا الماء شفعة، وليست من البناء، وهي كحجر ملقى، ولو بيعت
(4/154)
معها الأرض أو البيت التي نصبت فيه ففيهما
الشفعة دون الرحا بحصة ذلك، وسواء أجراها الماء أو الدواب. وفي الحمام
الشفعة. (1)
ولا شفعة في بئر لا بياض لها، ولا نخل لها وإن سُقي بها زرع أو نخل، والنهر
والعين مثلها، ولو أن لها أرضاً أو نخلاً لم تقسم، فباع [أحدهما] حصته من
البئر أو العين خاصة، ففيه الشفعة، بخلاف بيعه [لمشاع] البئر بعد قسم
الأصول أو الأرض.
3650 - ولا بأس بشراء شرب يوم، أو شهر، أو شهرين، يسقي به زرعه في أرضه دون
شراء [أصل] العين.
قال مالك - رحمه الله -: فإن غار الماء فنقص قدر ثلث الشرب الذي ابتاع، وضع
عنه كجوائح الثمار.
قال ابن القاسم: وأنا أرى أنه مثل ما أصاب الثمرة من قبل الماء فإنه، يوضع
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (4/424) ، والفواكه الدواني (2/151) ، والتاج
والإكليل (5/320) .
(4/155)
عنه إن نقص شربه ما عليه فيه ضرر بين، وإن
كان أقل من الثلث، إلا ما قل مما لا خطب له، فلا يوضع لذلك شيء.
ومن ابتاع أرضاً ولم يذكر شجرها، فهي داخلة في البيع كبناء الدار، إلا أن
يقول البائع: أبيعك الأرض بلا شجر، وأما إن كان فيها زرع، فهو للبائع إلا
أن يشترطه المبتاع.
ولو تصدق بالشجر ولم يذكر الأرض، أو تصدق بالأرض ولم يذكر الشجر كانت الأرض
داخلة مع الشجر في الصدقة.
ومن ابتاع أرضاً بعبد فاستحق نصف الأرض قبل تغير سوق العبد فله رد بقية
الأرض وأخذ عبده، فإن شاء المستحق أن يأخذ بقيتها بالشفعة بنصف قيمة العبد
فذلك له، وعهدته على المبتاع.
3651 - ومن ابتاع نخلاً ليقلعها ثم ابتاع الأرض فأقر النخل فيها، ثم استحق
رجل نصف جميع ذلك، فله أ×ذ نصف النخل والأرض بنصف ثمنها، لا بالقيمة في
أحدهما.
(4/156)
وليس للمبتاع حجة في النخل أنه ابتاعها
للقلع، فإن لم يستشفع خير المبتاع بين التماسك بما بقي أو رده.
3652 - وقال في باب بعد هذا، فيمن اشترى عرصة [بشقص] من دار فيها بنيان،
على أن النقض لرب الدار، ثم اشترى بعد ذلك النقض، أو اشترى التقض أولاً، ثم
اشترى العرصة بعد ذلك، فقام شفيع، فله أخذ العرصة والنقض جميعاً بشفعته
يأخذ العرصة بالثمن، والنقض بقيمته قائماً.
[قال ابن القاسم:] ومن ابتاع نقض شقص شائع من رجل أو حصته من نخل على أن
يقلع ذلك المبتاع وشريك البائع غائب، لم يجز، إذ لا يقدر هذا البائع على
القلع إلا بعد القسم، وإذ لو شاء البائع أن يقاسم شريكه النخل خاصة
ليقلعها، لم يكن ذلك له إلا مع الأرض.
3653 - ومن ابتاع نقض دار قائماً على أن يقلعه، ثم استحق رجل نصف الدار،
فللمبتاع رد بقية النقض، ولا شفعة فيه للمستحق، لأنه بيع على القلع، ولم
يبع الأرض، وأما إن استحق جميع الأرض دون النقض، أو كانت نخلاً بيعت
(4/157)
للقلع فاستحق رجل الأرض دون النخل، كان
البيع تاماً في النقض والنخل، وكان للمستحق أخذ ذلك من المبتاع [بقيمته
مقلوعاً لا بالثمن، لأنه ليس بمعنى الشفعة، ولكن للضرر، وليس للمبتاع أن
يمنعه من ذلك،] لأنه في امتناعه من ذلك مضار، فإن أبى المستحق من أخذ ذلك
بقيمته، قيل للمبتاع: اقلعه.
وكذلك من غرس في أرض اكتراها فانقضت المدة.
3654 - ومن بنى أو غرس في أرض يظنها له فاستحقت، فعلى المستحق في هذه قيمة
ذلك قائماً للشبهة فإن أبى دفع إليه الذي عمر قيمة أرضه، فإن أبيا كانا
شريكين على القيم بخلاف المكتري، لأنه غرس إلى مدة.
ومن ابتاع عبداً فوهبه لرجل ثم استحق، قيل للمستحق: إن شئت فاتبع البائع
بالثمن، وإلا فاطلب العبد، فإن وجدته أخذته، ولا شيء لك على الواهب.
3655 - ومن وهب شقصاً من دار لثواب، أو تصدق به على عوض، أو أوصى به على
عوض، فهو بيع وفيه الشفعة، فإن سمى العوض فالشفعة بقيمة العوض إن كان مما
له قيمة من العروض، أو بمثله في المقدار والصفة إن كان عيناً، أو طعاماً،
أو إداماً، كانت الهبة بيد الواهب أو قد دفعها. (1)
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (14/437) .
(4/158)
وإن وهبه على عوض يرجوه لم يسمه، فلا قيام
للشفيع إلا بعد العوض، ولا يجبر الموهوب على ثواب إذا لم تتغير الهبة في
بدن، وللواهب ردها إن لم يثبه الموهوب فإن أثابه مثل القيمة لزم الواهب،
وإن أثابه أقل، لم يلزمه إلا أن يشاء، وله أخذ هبته، إلا أن تتغير في
البدن، فلا يأخذها، ويقضى له على الموهوب [بقيمتها يوم قبضها، ويقال
للشفيع: خذه الآن أو دع، إذا قضي على الموهوب] بالقيمة.
ولو أثابه بعد تغيرها أضعاف القيمة قبل قيام الشفيع، ثم قام، لم يأخذها
الشفيع إلا بذلك، كالثمن الغالي، وإنما يهب الناس ليعاضوا أكثر، ومن أوصى
أن يباع شقصه من فلان بكذا، فلم يقبل، فليس للشفيع أخذه بذلك.
وكذلك إن قال: اشهدوا أني بعت شقصي من فلان بكذا وكذا إن قبل فإن لم يقبل،
فلا شفعة للشفيع، ومن باع شقصاً على خيار له أو للمبتاع، فلا شفعة فيه حتى
يتم البيع.
3656 - ومن وهب شقصاً لغير ثواب، فعُوض فيه فقبل، فإن رأى أنه لصداقة أو
صلة رحم، فلا شفعة فيه.
ومن عوض من صدقة وقال: ظننته يلزمني، فليرجع في العوض إن كان قائماً، فإن
فات، فلا شيء له.
(4/159)
ومن وهب شقصاً من دار لابنه الصغير على
عوض، جاز وفيه الشفعة.
ولا تجوز محاباة في قبول الثواب، ولا ما وهب، أو أعتق، أو تصدق من مال ابنه
الصغير، ويرد ذلك كله، إلا أن يكون الأب موسراً فيجوز ذلك على الابن [في
العتق] ، ويضمن قيمته في ماله، ولا تجوز في الهبة وإن كان موسراً، وإنما
يجوز بيع الأب مال ابنه [الصغير] على وجه النظر.
3657 - وهبة الوصي لشقص اليتيم، كبيع ربعه، لا يجوز ذلك إلا لنظر كثمن
يرغبه فيه، [مثل] ملك يجاوره، أو ملي يصاقبه، وليس في غلته ما يكفيه، أو
لوجه نظر، فيجوز، وفيه الشفعة، وهبة المكاتب والمأذون على عوض تجوز بلا
محاباة، وفي ذلك الشفعة.
(4/160)
3658 - ومن ابتاع شقصاً بخيار وله شفيع،
فباع الشفيع شقصه قبل تمام الخيار بيعاً بتلاً فإن تم بيع الخيار، فالشفعة
للمبتاع، وإن رُدّ، فهو لبائعه، ومن ابتاع شقصاً على خيار له فانهدم [قبل
أن يختار] ، فله رده ولا شيء عليه، كما كان له الرد وهو قائم، ولا شفعة فيه
حتى يتم البيع.
3659 - ومن نكح، أو خالع، أو صالح من دم عمد على شقص، ففيه الشفعة بقيمته،
إذ لا ثمن معلوم لعوضه.
وإن أخذه من دم خطأ، ففيه الشفعة بالدية. فإن كانت العاقلة أهل إبل، أخذه
بقيمة الإبل، أو أهل ورق أو ذهب، فبذهب أو ورق، ينجم ذلك على الشفيع
كالتنجيم على العاقلة، الدية في ثلاثة أعوام: ثلثها في عام، وثلثاها في
عامين، والنصف [قال مرة: يؤجل عامين، وقال] مرة: يجتهد فيه الإمام [على قدر
ما يرى، ولم يحد فيه حداً.
(4/161)
قال ابن القاسم:] ثم كذلك يؤجل به الشفيع،
ويأول قوله - إن نصف الدية يقطع في عامين - أقول.
3660 - ومن اكترى إبلاً إلى مكة بشقص، ففيه الشفعة بمثل كراء الإبل إلى
مكة، ولو آجر به أجيراً سنة فبقيمة الإجارة. ولو اكترى به داراً، فبقيمة
كرائها.
ومن تمفل بنفس رجل فغاب، فصالح الطالب الكفيل على شقص، فجائز إن عرفا مبلغ
الدين، وفيه الشفعة بمثل الدين، ويرجع الكفيل على المطلوب بالأقل من المال
الذي عليه، أو قيمة الشقص. وإن لم يعرف كم الدين، فلا يجوز الصلح فيه.
3661 - ومن تكفل بنفس رجل ولم يذكر ما عليه، جاز، فإن غاب المطلوب، قيل
للطالب: أثبت حقك ببينة وخذه من الكفيل، فإن لم تقم بينة وادعى أن له على
المطلوب ألف درهم، فله أن يُحلِّف الكفيل على علمه، فإن نكل حلف الطالب
واستحق.
(4/162)
3662 - ومن صالح من قذف على شقص أو مال، لم
يجز، ورد ولا شفعة فيه، بلغ الإمام أو لا، وللمقذوف أن يعفو ما لم يبلغ
الإمام، فإذا بلغه أقيم الحد [إلا أن يريد ستراً] .
3663 - ومن قتل قتيلاً في حرابة، ثم أخذ قبل أن يتوب، لم يجز فيه عفو
الأولياء وإن بلغوا الإمام، ولا صلح لهم على مال، وذلك مردود.
ومسألة الصلح من الموضحتين على شقص، مذكورة في كتاب الصلح.
3664 - والشفعة في الغياض والآجام إن كانت الأرض بينهما.
ومن ابتاع داراً فهدمها وبناها، ثم استحق رجل نصفها واستشفع، فإن دفع إليه
في حصة الشفعة قيمة نصف بنيانه وإلا فلا شفعة له، ويقال له في النصف الذي
استحق: ادفع إليه قيمة نصف بنيانه أيضاً، فإن أبى، قيل للآخر: ادفع إليه
قيمة نصف الأرض بغير بنيان إن
(4/163)
كان قد هدم جميع بنيانها أيضاً، فإن أبيا
كانا شريكين بقيمة ما لكل واحد منهما.
قال مالك: ومن ابتاع داراً فاستحق رجل منها شقصاً، فله أن يأخذ بقية الدار
بالشفعة، فإن اصطلحوا على أن يأخذ المستحق بالشفعة بيتاً ن الدار بما يصيبه
من الثمن بعد تقويم جميع الدار، فذلك جائز. (1)
3665 - وليس لأحد المتفاوضين فيما باع الآخر شفعة، لأن بيع أحدهما يلزم
صاحبه. قيل: فإن تفاوضا في الدور؟ قال: ما أعرف المفاوضة في الدور، فإن نزل
ذلك فلا شفعة للآخر. وليس لرب المال أن يبيع شيئاً مما بيد العامل بغير
أمره.
3666 - وإذا اشترى المقارض من المال شقصاً هو شفيعه، فله الشفعة، ولا يمنعه
رب المال، ولو كان رب المال هو الشفيع، فله القيام أيضاً.
3667 - ولأم الولد والمكاتب الشفعة، وللعبد المأذون [الشفعة] ، وإن لم يكن
مأذوناً فذلك لسيده، إن أحب أخذ الشفعة لعبده أو ترك، وإن سلّمها المأذون،
فلا قيام
_________
(1) انظر: التقييد للزرويلي (6/81) .
(4/164)
لسيده، ولو أراد أخذها المأذون وسلمها
السيد، فإن لم يكن العبد مدياناً، جاز تسليم السيد، [وإن كان مدياناً وله
فيه فضل، فلا تسليم للسيد] ، ولو سلمها المكاتب لزمه ولا أخذ للسيد.
ولذات الزوج تسليم شفعتها ولها الشراء والبيع، ولا يمنعها الزوج من ذلك،
ولا من أن تتجر، فإن حابت في الشراء والبيع، فذلك في ثلثها، فإن جاوزته،
بطل جميعه إن لم يجزه الزوج، وليس لأحد رد محاباتها إذا لم تكن سفيهة في
عقلها ولم يول عليها غير الزوج. وفي كتاب الكفالة [شيء] من هذا. وتورث
الشفعة عن الميت.
3668 - ومن أعمر عمرى على عوض، لم يجز، ورُدّ ولا شفعة فيه، لأنه كراء
فاسد،
(4/165)
ويرد المعمر الدار [الذي أُعمرها] ، وإن
استغلها رد غلتها، وعليه إجارة ما سكن، لأن ضمانها من ربها، ويأخذ عوضه.
ومن تصدق على رجل بدار على أن ينفق عليه حياته، فهذا بيع فاسد، والغلة
للمتصدق عليه، لأنها في ضمانه، ويرجع بما أنفق ويرد الدار.
ولو هلكت الدار بيده بغرق أو غيره، ضمن قيمتها يوم قبضها، وتجوز الهبة غير
مقسومة.
3669 - والشفعة في دور القرى، كهي في دور المدائن.
وإن أقر رجل أنه ابتاع هذا الشقص من فلان الغائب، فقام الشفيع، فلا يقضى له
بالشفعة بإقرار هذا حتى تقوم بينة على الشراء، لأن الغائب إذا قدم فأنكر
البيع [كان له] أن يأخذ داره ويرجع على مدعي الشراء إذا قدم بكراء ما سكن،
وإذا قضى بها قاض للشفيع بإقرار [هذا] ، لم يرجع عليه الغائب بذلك، ولا على
مدعي الشراء، فيبطل حق الغائب في الغلة [والدار] بلا بينة.
(4/166)
3670 - ومن لا تجوز شهادته من القرابة
لقريبه، فلا يجوز [له] أن يشهد له أن فلاناً وكله على شيء، ويجوز أن يشهد
أنه وكل غيره.
وما لا تجوز فيه شهادة النساء من عتق، أو طلاق، أو قتل، فلا تجوز شهادتهن
على الوكالة فيه. وتجوز شهادتهن في الأموال أو في الوكالة عليها.
وتجوز شهادتهن في الوكالة على أخذ الشفعة، أو تسليمها، أو على أنه شفيع، أو
يشهدن على المبتاع أنه أقر بأن فلاناً شفيع هذه الدار، فذلك جائز، لأنه
مال، فكل ما جازت فيه شهادتهن، جاز أن يشهدن على الوكالة فيه.
ولا تجوز تزكيتهن على حال للرجال ولا للنساء في شهادة مال ولا غيره.
3671 - ولا يأخذ الوصي للحمل بالشفعة حتى يولد ويستهل، إذ لا ميراث له حتى
يولد ويستهل. وفي كتاب التجارة بأرض الحرب، ذكر العبد يسلم والزوجة والسيد
والزوج غائب.
3672 - ومن بنى مسجداً على ظهر بيته، أو في أرضه على وجه الصدقة، والإباحة،
أو حبس عرصة له، أو بيتاً في المساكين، أو على المسلمين، لم يجز له بيع
ذلك.
(4/167)
3673 - وإذا كان حائط بين رجلين فباع
أحدهما حظه منه، فالشفعة [فيه] لشريكه، وإن ملكه أحدهما وللآخر فيه حمل
خشب، فلا شفعة فيه لمن له الحمل. ومن له علو دار ولآخر سفلها فلا شفعة
لأحدهما فيما باع الآخر منها. ولا شفعة في أرض العنوة ولا يجوز بيعها.
وأما أرض الصلح تباع، فإن كان على أن خراج الأرض باق على الذمي البائع،
فجائز وفيه الشفعة إن شركه مسلم، فإن شرط الخراج على المبتاع المسلم، لم
يجز، إذ بإسلام الذمي ينقطع الخراج عنه وعن الأرض، فهذا غرر مجهول.
3674 - ولا ينبغي لرجل أن يبيع أرضاً من رجل، على أن على المبتاع كل عام
شيئاً يدفعه.
3675 - ومن اشترى أرضاً ونخلاً في صفقة، والأرض أرض النخل فاستُحق من النخل
شيء [يسير] ، وضع عنه حصته من الثمن، ولزمه البيع في الباقي.
(4/168)
وإن استُحق من النخل كثير، فله رد جميع
ذلك، أو التماسك بما بقي في يديه، ويأخذ من الثمن بقدر ما استحق، وإن كانت
الأرض على حدة، والنخل على حدة فابتاعهما في صفقة [واحدة] ، ثم استحق بعض
النخل، فإن كان ما استحق منها وجه صفقته، وفيه رجاء الفضل، فله رد جميع
ذلك، وإن لم يكن وجه الصفقة، كان له رد جميع النخل خاصة إن كان المستحق
منها أكثرها، وإن كان تافهاً فإنما ينتقض من الصفقة [بقدر] حصة ذلك، ويرجع
بما يصيبه من الثمن، وتصح بقية الصفقة.
وإن ابتاع دارين في صفقة، فاستحق بعض واحدة، وهي ليست بوجه ما اشترى، فإن
كان ما استحق من هذه الدار تافهاً منها، رجع بحصته من الثمن فقط، وإن كان
أكثر تلك الدار وهو ضرر، رد تلك الدار فقط بحصتها من الثمن، ولا يرد
الأخرى، فإن كانت وجه الدارين فاستحق جلها أو ما فيه ضرر، رد الدارين بذلك،
وإن استحق منها تافهاً لا ضرر فيه، رجع بحصته من ثمن الدارين فقط. (1)
3676 - ومن ادعى حقاً في دار بيد رجل فصالحه منه، فإن جهلاه جميعاً جاز
ذلك.
_________
(1) انظر: مواهب الجليل (5/327) .
(4/169)
وإن عرف المدعي دعواه منها فليسمه، فإن لم
يسمه بطل الصلح ولا شفعة فيه، [لأن الصلح لا يجوز فيه المجهول] .
[وكذلك] الزوجة إذا صالحت الورثة على ميراثها، فإن عرفت هي وجميع الورثة
مبلغ التركة، جاز الصلح، وإن لم يعرفوه، لم يجز.
وإن ادعيت سدس دار بيد رجل فأنكر، فصالحك منه على شقص من دار له أخرى دفعه
إليك، فالشفعة في الشقص الذي دعوى فيه بقيمة المدعى فيه، لأن قابضه مقر أنه
اشتراه، ودفع في ثمنه السدس المدعى فيه.
ولا شفعة في الشقص المدعى فيه، لأن قابضه يقول: إنما أخذت حقي وافتديته بما
دفعت فيه، ولم أشتره.
3677 - ومن ادعيت عليه أنه قتل دابتك، فصالحك على شقص، ففيه الشفعة بقيمة
الدابة، والقول قولك في قيمتها ولا تكلف صفتها، لأن مالكاً قال في الذي
يشتري داراً بعرض فيفوت العرض: إن القول فيه قول المشتري، ويقال للشفيع: خذ
بذلك أو دع، ولم يقل مالك: يقال له: صف، فإن ادعى في قيمة ذلك العرض ما لا
يشبه، صدق الشفيع فيما يشبه.
(4/170)
3678 - قيل: فما وُهِب للقيط أو تُصدق به
عليه، أيكون الذي [هو] في حجره قابضاً له ولم يجعله له السلطان ناظراً ولا
وصياً؟ قال: نعم، لأن مالكاً قال: من تصدق على غائب بصدقة ودفعها إلى أجنبي
ليحوزها له والغائب غير عالم بالصدقة، إن ذلك جائز.
3679 - ومن غصب عبداً فابتاع [به] شقصاً، فلا قيام للشفيع ما دام العبد لم
يفت، فإن فات فوتاً يجب به على الغاصب قيمته فللشفيع الأخذ بقيمة العبد يوم
اشترى به الدار.
3680 - ولو غصب ألف درهم، فابتاع بها شقصاً، فالشراء جائز، وللشفيع الشفعة
مكانه وعلى الغاصب مثلها، وإن وجدها المغصوب منه بعينها بيد البائع وأقام
عليها بينة أخذها ورجع البائع على المبتاع بمثلها، والبيع تام. (1)
3681 - وإذا ادعى المبتاع أنه بنى في الدار [بناءً] ، فأكذبه الشفيع،
فالمبتاع مدع، وعليه البينة.
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/326) .
(4/171)
والموهوب له الشقص والمتصدق به عليه يقول
له الشفيع: أخاف أنك ابتعته منه أو عاوضته فيه سراً، وأردتما قطع الشفعة
بما أظهرتما، فاحلف، فإن كان ممن يتهم أحلفه وإلا لم يحلفه.
3682 - وإذا كانت دار بين رجلين بنصفين، فباع أحدهما نصفاً منها بعينه قبل
القسم بغير أمر شريكه، ثم قدم الشرك، فله نصف المبيع، إما أجاز بيعه وإلا
أخذ منه حصته وأخذ باقيه بشفعته إن شاء، ودفع نصف الثمن إلى المشتري، ويرجع
المشتري بنصف الثمن الباقي إن شاء على البائع، ثم يقاسم الشفيع شريكه النصف
الباقي إن شاء، قيل: فلم لا يقاسم هذا الذي لم يبع شريكه الذي باع، فإن وقع
النصف المبيع في حصة بائعه مضى عليه؟ قال: لا، ولكن يفعل كما ذكرنا.
والنخلة بين الرجلين يبيع أحدهما حصته منها، فلا شفعة لصاحبه فيها.
(4/172)
3683 - ومن تزوج امرأة على امرأة له أخرى،
فحلف للأولى بطلاق الثانية إن آثر الثانية عليها، ثم طلق الأولى، فإن
الثانية تطلق عليه، لأنه لما طلق الأولى فقد آثر الثانية عليها.
3684 - وقال مالك في دار بين رجلين، حبس أحدهما نصيبه على رجل، وولده [وولد
ولده] ، فباع شريكه في الدار نصيبه، فليس للذي حبس ولا للمحبس عليهم أخذه
بالشفعة، إلا أن يأخذه المحبس فيجعله في مثل ما جعل نصيبه الأول.
* * *
(4/173)
|